تقارير..العدالة في ليبيا ما بعد القذافي...المعارضة السورية تصحح تاريخ سوريا في كتب يدرس فيها اللاجئون في تركيا

التعاون بين أذربيجان وإسرائيل يتجاوز التوترات الإيرانية......جيواستراتيجيا النفط والغاز في لبنان وشرق المتوسط

تاريخ الإضافة السبت 20 نيسان 2013 - 7:48 ص    عدد الزيارات 1898    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

التعاون بين أذربيجان وإسرائيل يتجاوز التوترات الإيرانية
معهد واشنطن...بريندا شيفر
في السنوات الأخيرة، كثفت إسرائيل وأذربيجان من تعاونهما على الصعيد الأمني والعسكري. كما شهد الوقت ذاته تصاعد حدة التوترات بين أذربيجان وإيران. ومع ذلك، فإن هذه المستجدات مستقلة إلى حد بعيد عن بعضها البعض على الرغم من جهود طهران الرامية إلى تعزيز المفاهيم الخاطئة التي تعكس خلاف ذلك.
العلاقات الإسرائيلية الأذربيجانية
اعترفت إسرائيل باستقلال أذربيجان في عام 1991، وفتحت سفارة في العاصمة باكو في 1993. ومنذ ذلك الحين، زار البلاد العديد من الوفود الإسرائيلية: ففي عام 1997، اجتمع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مع الرئيس آنذاك حيدر علييف؛ وفي عام 2009، انضم ثلاثة وزراء إسرائيليين وخمسون من رجال الأعمال إلى الرئيس شمعون بيريز في زيارته للقاء الرئيس الحالي إلهام علييف، الذي يحتفظ معه بيريز بعلاقات قريبة، كما زار وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق أفيغدور ليبرمان أذربيجان في شباط/فبراير 2010 ونيسان/أبريل 2012.
إلا أن باكو لم تقابل الخطوة الإسرائيلية بالمثل ولم تفتح سفارة في إسرائيل، مبررة ذلك بمخاوفها من إقدام الدول ذات الأغلبية المسلمة في الأمم المتحدة على التصويت ضدها بشأن صراعها مع أرمينيا حول إقليم "ناغورنو كاراباخ" المتنازع عليه. ومع ذلك، فقد قام عدة مسؤولين من أذربيجان بزيارات إلى إسرائيل، بما في ذلك وزير البيئة والموارد الطبيعية دعا حسين باغيروف (كانون الأول/ديسمبر 2002 و تشرين الثاني/نوفمبر 2006)، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات علي عباسوف (تشرين الثاني/نوفمبر 2003)، ووزير حالات الطوارئ كمال الدين حيدروف (آذار/مارس 2007)، ووزير النقل ضياء محمدوف (حزيران/يونيو 2007). وعلاوة على ذلك، تقوم شركة الطيران الأذربيجانية الوطنية "آزال" برحلات منتظمة إلى تل أبيب منذ عام 1993، كما أن الإسرائيليين هم من بين عدد قليل من حاملي جوازات السفر المؤهلين للحصول على تأشيرات الدخول في مطار باكو.
وعلى نطاق أوسع، تأتي إسرائيل ضمن أكبر خمس شركاء تجاريين لأذربيجان في السنوات الأخيرة. كما تُعد باكو أكبر مورد للنفط لإسرائيل، حيث تزودها بحوالي 40 بالمائة من استهلاكها السنوي، بينما تُعتبر إسرائيل سادس أكبر مستورد لصادرات النفط الأذربيجاني. ويصل النفط الأذري عن طريق خط أنابيب يمر عبر تركيا، واستمر في العمل حتى في ظل تدهور العلاقات الإسرائيلية التركية في السنوات الأخيرة. وبالإضافة إلى ذلك، تشارك إحدى المؤسسات التابعة لـ "شركة النفط الحكومية لجمهورية أذربيجان" ("سوكار") في أعمال التنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحل إسرائيل. وهذا المشروع هو الأول من نوعه لشركة "سوكار" خارج منطقة بحر قزوين والذي من شأنه أن يسهم في تحقيق أهداف المؤسسة بأن تصبح إحدى شركات النفط الدولية.
وفي الوقت ذاته، أصبحت أذربيجان إحدى المستهلكين الرئيسيين للأسلحة والخبرة العسكرية الإسرائيلية. وفي شباط/فبراير 2012، صدّق الجانبان على اتفاقية تم توقيعها سلفاً تبلغ قيمتها 1.6 مليار دولار، وتشمل طائرات اسرائيلية بدون طيار ونظم مضادة للطائرات /الدفاع الصاروخي. كما تشارك شركات إسرائيلية في نقل المعلومات التكنولوجية كجزء من جهود أذربيجان الرامية إلى إقامة صناعة أسلحة محلية؛ وتقوم بالفعل إحدى الشركات المشتركة بإنتاج آليات عسكرية بدون متحكم بشري في باكو.
وعلى الصعيد الثقافي، كانت أذربيجان وما زالت موطناً لجالية يهودية تتركز في باكو وشمال مدينة قباء، تعيش في البلاد فترة دامت أكثر من2,000 عام. ويبلغ عدد سكان هذه الطائفة حالياً ما يتراوح بين 20,000 - 25,000 نسمة، على غرار السكان اليهود في إيران وتركيا. ويتمتع اليهود الأذربيجانيين بالأمن وحرية العبادة والثقافة؛ ويقوم الرئيس علييف كل عام بزيارة مؤسسات الجالية في قباء ويوجه لهم برقيات التهنئة في الأعياد اليهودية، وبياناً تضامنياً في يوم ذكرى المحرقة.
العلاقات الإيرانية الأذربيجانية
قام المسؤولون الإيرانيون ووسائل الإعلام بمحاولات مضنية لوصف عداء طهران المتصاعد ضد أذربيجان كرد على علاقات باكو الوثيقة مع إسرائيل، حيث يصورون الجمهورية الإسلامية بأنها ضحية التعاون بين الدولتين. ومع ذلك، لا يدعم التاريخ هذا الادعاء -- فقد عملت طهران ضد أذربيجان المستقلة منذ إنشائها في عام 1991، قبل وقت طويل من إقامتها علاقات وثيقة مع اسرائيل.
ويُعد التفسير الأكثر قبولاً لهذا العداء هو الخوف من أن الرخاء والنزعة القومية الأذرية قد يثيران المجتمع الأذربيجاني في إيران الذين يشكل ثلث سكان البلاد. وأياً كان السبب، فقد دأبت طهران على تهديد أمن جارتها وتقدمها الاقتصادي، كما قدمت الدعم لأرمينيا في حرب "ناغورنو كاراباخ" في مطلع التسعينات فضلاً عن محاولتها إحباط مشروعات تصدير الطاقة في أذربيجان. وفي مؤتمر عقد مؤخراً في جامعة "جونز هوبكنز"، اعترف علناً دبلوماسيون أرمن بأن إيران قدمت مساعدات لبلادهم خلال الحرب.
كما تقدم طهران الرعاية للإسلاميين وغيرهم من الجماعات المناهضة للحكومة أو تحتفظ بعلاقات معهم في البلد المجاور. وقد نجحت باكو في إحباط عدد من المؤامرات الإرهابية الداخلية كادت أن تقوم بها جماعات ذات صلة بإيران كانت تستهدف السفارات الأمريكية والإسرائيلية فضلاً عن مؤسسات الطائفة اليهودية في العاصمة. ففي عام 2008، على سبيل المثال، أعلن مسؤولون عن نجاحهم في إحباط خطة لتفجير سيارات مفخخة بالقرب من السفارة الإسرائيلية؛ وفي وقت لاحق أُدانت محكمة أذربيجانية اثنين من المواطنين اللبنانيين لهما علاقات مع ايران، لتورطهما في تلك العملية الإرهابية. وفي عام 2011، حاول عملاء يرتبطون بعلاقات مع ايران اغتيال السفير الأمريكي في أذربيجان.
ومن جانبها، اتخذت باكو جوانب الحيطة والحذر إلى حد كبير في سياستها تجاه الأقلية الأذربيجانية في إيران. على سبيل المثال، يتم بشكل واضح استبعاد الوفود الايرانية من مؤتمرات الشتات التي يتم رعايتها رسمياً في باكو خلال عقدين من الزمن. ومع ذلك، فخلال فترات العداء الإيراني المكثفة كثيراً ما تستغل باكو قضية "جنوب أذربيجان"، لتذكير طهران بأن في جعبتها الوسائل التي تمكنها من تهديد استقرار إيران. ففي تموز/يوليو 2001، على سبيل المثال، هددت الزوارق الحربية الإيرانية إحدى سفن الاستكشاف التابعة لشركة "بي پي" في القطاع الخاضع للسيطرة الأذرية من بحر قزوين، كما خرقت الطائرات الحربية الإيرانية أجواء البلاد عدة مرات. وما كان من باكو إلا الرد بنشر كتب مدرسية تحتوي على خرائط لأذربيجان تضم شمال غرب إيران، بينما جددت منافذ التلفزيون بث سلسلة من البرامج حول ثقافة "جنوب أذربيجان.".
وفي الآونة الأخيرة، سمحت باكو لـ "حركة التحرير الوطني لجنوب أذربيجان" بعقد مؤتمر في العاصمة في 30 آذار/مارس، يهدف إلى تسليط الضوء على أحدث ما شهدته التوترات مع طهران. ورداً على ذلك، طالب حسين شريعتمداري -- ناشر صحيفة كيهان (أكبر صحف إيران) ومستشار مقرب من المرشد الأعلى علي خامنئي -- أذربيجان بإجراء استفتاء حول ما اذا كانت ستنضم إلى إيران.
ومع هذا، فكما هو موضح أعلاه، فإن أجواء التوتر الأخيرة على وجه التحديد ليست استثنائية على الإطلاق. وقد اصطدمت طهران مع باكو مرات عديدة على مدى العقدين الماضيين، ولم تكن طبيعة علاقتهما متأتية كنتيجة مباشرة لتعاملات أذربيجان مع إسرائيل. ومن المؤكد أن التقارب الأذري الإسرائيلي هو شكل من أشكال التحدي الاستراتيجي الأوسع نطاقاً الذي تواجهه باكو(بما في ذلك محاولات متكررة لزعزعة الاستقرار تقوم بها إيران وروسيا في محاولاتهما لاستعادة السيطرة على منطقة بحر قزوين)، ولكن طهران لا تشكل سوى جزء من هذه الحسابات.
وباختصار، لدى أذربيجان أسباب استراتيجية وجيهة ومستقلة وراء تعاونها مع إسرائيل وعلاقتها الضعيفة مع إيران. وعلى الرغم من تصريحات طهران التي تأتي على النقيض من ذلك، هناك توجهات إقليمية مشتركة تربط باكو وإسرائيل، كما يوجد تعاون استراتيجي قوي مع الولايات المتحدة، بينما تشكل إيران تهديداً أمنياً قوياً على البلاد.
بريندا شيفر هي باحثة زائرة في مركز الدراسات الأوروبية الشرقية والروسية والأوراسية في جامعة جورج تاون، وأستاذة للعلوم السياسية في جامعة حيفا. وقد عملت سابقاً أستاذة زائرة في "أكاديمية أذربيجان الدبلوماسية". وتشمل منشوراتها الكتاب "الحدود والاخوة: إيران وتحدي الهوية الأذربيجانية"، الذي صدر عام 2002.
 
جيواستراتيجيا النفط والغاز في لبنان وشرق المتوسط
مركز كارنيغي للسلام...بول سالم
على رغم استقالة الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي في 22 آذار (مارس)، أعلن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، في مؤتمر صحافي عقده في 28 آذار، أن 52 شركة عالمية طلبت تأهيلها بصورة أولية للمشاركة في أول جولة لمنح التراخيص الخاصة بموارد البلاد البحرية من الغاز والنفط. وقد سعى باسيل إلى طمأنة الشركات والمستثمرين بأن جولة منح التراخيص ستمضي قُدُماً على رغم حالة الغموض السياسي التي تكتنف لبنان. إذ لا تزال موارد الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط تشكل عاملاً رئيساً في الحسابات الإستراتيجية للأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة.
 من بين الشركات الـ 52 التي تقدمت بطلبات التأهل بصورة أولية، تطلب 14 شركة أن يتم تأهيلها بصفتها شركات مشغلة، أي أن تقوم بأنشطة الحفر والاستخراج. أما الشركات الـ 38 المتبقية فتطلب تأهيلها بصفتها شركات غير مشغلة، أي أن تتشارك مع الشركات المشغلة في الملكية ونفقات الحفر والتطوير والاستخراج، لكنها لن تكون مسؤولة عن العمليات. وقد قدمت شركات كبرى من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنروج وفرنسا وإيطاليا والبرازيل وروسيا والهند والصين طلبات تأهيل، بما فيها شركات إكسون موبيل وشيفرون وتوتال، وستات أويل النرويجية وإيني الإيطالية، ولوك أويل وروسنفت الروسيتين، والشركة الوطنية الصينية للنفط البحري.
 كما تقدمت شركات من تركيا وإيران والكويت والإمارات العربية المتحدة بطلبات للتأهل، على رغم أن من المثير للاهتمام أنه لم تتقدم شركات من المملكة العربية السعودية أو قطر.
 سوف تستعرض هيئة إدارة النفط اللبنانية، وهي لجنة استشارية فنية مكونة من ستة أشخاص، هذه الطلبات ومن ثم تعلن قائمة الشركات المؤهلة المعتمدة في النصف الثاني من هذا الشهر. وللمضي قُدُماً في جولة منح التراخيص، التي كان من المقرر أن تبدأ في أيار (مايو)، يتعين على الحكومة اللبنانية إصدار مرسومين يحدد أحدهما القطاعات البحرية المعروضة في المناقصات، فيما يتعلق الثاني بوضع معالم العقد النموذجي المطلوب لللتنقيب وتقاسم الإنتاج.
 وفي العادة ليس لدى حكومة تصريف الأعمال سلطة إصدار مثل هذه المراسيم، وبالتالي فإن هذه القرارات تنتظر جهود الرئيس تمام سلام لتشكيل حكومة جديدة. وإذا ما تعثرت هذه الجهود لفترة طويلة نظراً لتباعد المواقف بين الفرقاء السياسيين، ومنه الاختلاف على هوية وزير الطاقة المقبل، بالإمكان أن يُخلق توافق سياسي محدود ليسمح لحكومة تصريف الأعمال بإصدار المرسومين. وسبق أن حدث هذا الأمر في تاريخ لبنان السياسي، مع أنه كان نادراً. وأعرب الوزير باسيل عن ثقته في أن عملية استدراج العروض ستمضي قُدُماً، وأن جولة التراخيص ستبدأ في غضون الشهرين المقبلين وتستمر حتى نهاية العام، حيث سيتم الإعلان عن العقود ومنحها في ربيع عام 2014.
 يتعين على الشركات التي ترغب في تقديم طلبات للحصول على تراخيص أن تتجمع في تحالفات من ثلاث شركات على الأقل، وأن تطرح جداول زمنية واضحة لعمليات الحفر والاستخراج. الحكومة اللبنانية مهتمة بالتعاقد مع مجموعة واسعة من الشركات من دول إقليمية ودولية مؤثرة من الشرق والغرب، لتصبح هذه الدول صاحبة مصلحة في قطاع الطاقة البحرية في لبنان. وبهذه الطريقة، تأمل الحكومة في أن يسهر اللاعبون الإقليميون والدوليون على حسن تنمية القطاع والحفاظ على أمنه. ومن المثير للاهتمام أن شركة روسنفت الروسية أعلنت مؤخراً أنها عقدت شراكة مع شركة إكسون موبيل الأميركية لتقديم طلب مشترك في المناقصة اللبنانية.
 إذا سارت الأمور قدماً على رغم الغموض السياسي، يأمل لبنان في أن تبدأ عمليات استخراج الغاز ربما في عام 2016 أو 2017. ومع ذلك، ما زال يتعين على لبنان تمرير قانون إنشاء صندوق وطني للثروة السيادية تودع فيه الإيرادات المتوقعة من استخراج الغاز والنفط .
 وإذا ما تم التعاطي مع عملية استخراج الغاز بالشكل صحيح، فإنها يمكن أن تخفض بشكل كبير فاتورة توليد الكهرباء في لبنان، وتخلق طفرة في الصناعات والوظائف المرتبطة بالطاقة، وتؤثر في شكل إيجابي على المالية العامة المرهَقَة في البلاد وعلى تحديات إدارة الديون. أما إذا تمت إدارتها بطريقة غير سليمة، عندها يمكن لقطاع الطاقة أن يكون مدخلاً إلى فساد أوسع.
 لا تزال اكتشافات الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط تشكل عاملاً رئيساً في المشهد الجيوإستراتيجي. ومع وجود هذا العدد الكبير من المصالح المختلفة المعنية، يمكن لقطاع الطاقة أن يكون نقطة ساخنة للصراع. فهناك خلاف بين لبنان وإسرائيل حول حدودهما البحرية، وكذلك هي الحال أيضاً بالنسبة للشطرين اليوناني والتركي من قبرص. وقد تبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي التهديدات، وأبحرت السفن العسكرية التركية قبالة سواحل قبرص في استعراض للقوة. أو بدلاً من ذلك، يمكن لموارد هذا القطاع أن تكون حافزاً لتعزيز التعاون وتخفيف حدة الصراع.
 وينبغي أن يخلق التقارب الذي تم أخيراً بين إسرائيل وتركيا ظروفاً أفضل لنزع فتيل النزاع في شرق البحر المتوسط. في هذا الإطار، توسطت الولايات المتحدة للتوصل إلى تفاهم بين لبنان وإسرائيل يمتنع بموجبه الطرفان عن القيام بعمليات حفر في المنطقة البحرية المتنازع عليها في المستقبل القريب.
 بيد أن قطاع الطاقة يشكل أيضاً جزءاً من الصراع الجيوإستراتيجي الأوسع. إذ يرغب كل من روسيا وإيران، بدعم من الصين والهند، في أن يكون لهما تأثير قوي في هذا القطاع؛ حيث ترغب روسيا في الحفاظ على هيمنتها على إمدادات الغاز إلى أوروبا، وترغب الصين والهند في ضمان إمدادات الطاقة في المستقبل لاقتصاداتهما التي تنمو بسرعة. أما إيران فترعى مشروع خط أنابيب غاز من شأنه أن يربط لبنان وسورية مع إيران مروراً بالعراق، ولديها مشروع خط أنابيب آخر سيمر عبر باكستان إلى الصين. من ناحية أخرى، تريد الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، جنباً إلى جنب مع إسرائيل، توجيه موارد الطاقة هذه إلى الأيدي الغربية.
 ويبدو واضحاً الآن أن المعركة على سورية هي في جزء منها معركة من أجل السيطرة على مستقبل الطاقة. فإذا ما سقطت سورية تماماً في أيدي المعارضة، فمن شأن التعاون التركي – الإسرائيلي، بدعم من دول الخليج العربية والغرب، جر سورية الجديدة إلى الفلك الغربي، وإلحاق خسارة كبيرة بإيران وروسيا.
 أما إذا نجا نظام الأسد، أو تمكن على الأقل من البقاء على طول الساحل السوري الشمالي - الغربي، فإن المعركة على النفوذ في شرق البحر الأبيض المتوسط ستكون مرشحة للاستمرار.
 ومع استمرار الحرب في سورية، وازدياد حالة الغموض السياسي في لبنان، تزداد شهية العالم لموارد الطاقة في منطقتنا. فكلا البلدين بحاجة إلى هذه الموارد البحرية المكتشفة حديثاً لتمويل تكاليف إعادة الإعمار بعد الحرب. ولدى لبنان فرصة للمضي قُدُماً بسرعة في استغلال هذه الموارد، من خلال تشكيل حكومة جديدة وإطلاق جولة التراخيص الخاصة بها.
 وللأسف فإن سورية غارقة الآن، مثلما كان لبنان قبل ثلاثين عاماً، في أتون حرب أهلية مدمرة، مع عدم وجود نهاية سياسية أو عسكرية لها في الأفق. ومن هنا يتعين على القيادات في المجتمع الدولي والإقليمي أن يدركوا أن تأجيج الصراع في سورية لا يولد دماراً في سورية فحسب ولكنه يهدد الاستقرار في لبنان وشرق البحر الأبيض المتوسط بشكل عام، وأن أفضل وسيلة لكل الأطراف للاستفادة من هذه الموارد الثمينة، هو إيجاد طريق نحو السلام في سورية والمنطقة، ووضع أطر للتعاون الاقتصادي والأمني حول هذا القطاع الحساس والغني.
 
العدالة في ليبيا ما بعد القذافي
Middle East/North Africa Report N°140 17
مجموعة الأزمات الدولية...الملخص التنفيذي والتوصيات
هناك العديد من العلاجات الضرورية لانعدام الأمن المستشري في ليبيا، إلاّ أنه لا يوجد ما هو أكثر إلحاحاً من إصلاح النظام القضائي. ضحايا حقبة القذافي، الذين لا يثقون في جهاز يعتبرونه قديماً ومتهالكاً، يتولون زمام أمورهم بأنفسهم؛ فبعض الجماعات المسلحة، المتشككة في قدرة الدولة على تنفيذ العدالة، تقوم وبشكل اعتباطي باحتجاز وتعذيب أو اغتيال أشخاص تفترض أنهم موالون للقذافي؛ جماعات أخرى، تستغل انعدام النظام، وتمارس العنف لأهداف سياسية أو إجرامية. كل هذا يولّد مظالم جديدة، ويسهم في المزيد من تقويض الثقة بالدولة. إن كسر هذه الحلقة المفرغة يتطلب إجراءات على جبهات متعددة، مثل إحقاق العدالة لضحايا النظام السابق بإصلاح الجهاز القضائي والشروع في العدالة الانتقالية، وتحديد الموالين للنظام السابق الذين ارتكبوا جرائم، وفي نفس الوقت تجنّب المطاردات والمضايقات غير القانونية، ولجم الجماعات المسلّحة، بما في ذلك تلك التي تعمل تحت مظلة الدولة. ما لم يكن هناك رسالة واضحة مفادها أن ثمة عملية جارية لإصلاح النظام القضائي وأنه لن يتم التسامح بأي حالة من حالات العنف أو الإساءات التي ارتكبت في الماضي من قبل مسؤولين في حقبة القذافي أو في الوقت الراهن من قبل المجموعات المسلحة، ثمة مخاطرة حقيقية في تصاعد عمليات الاغتيال، والعنف في المدن والصراعات بين القبائل.
لقد مضى أكثر من عام على الإطاحة بنظام القذافي وحتى الآن ليس هناك نظام محاكم يعمل بشكل معقول في العديد من أنحاء البلاد، في حين أن الجماعات المسلحة تستمر في إدارة السجون وتطبيق الأشكال الخاصة بها من العدالة. إن العيوب والنواقص الحادة التي تعتري النظام القضائي الحالي لها جذور عميقة، أولاً وقبل كل شيء، في نواقص وعيوب النظام التي أتت من حيث المبدأ لتحل محله. في ظل حكم القذافي، كان النظام القضائي يعاني من تسييس التعيينات، واستشراء الفساد واستعمال الوسائل غير القانونية لاستهداف الخصوم السياسيين. إن أربعة عقود من ممارسة العدالة الاعتباطية تشكّل خلفية حافلة بالأعباء لجهود الحكومة الجديدة؛ التي تواجَه بالخيار بين الفصل الجماعي للمسؤولين القضائيين الذين عملوا في ظل حكم القذافي أو غربلتهم والتحقق من خلفياتهم وأدائهم واحداً بعد الآخر، وقد اختارت السلطات الجديدة حتى الآن الخيار الأخير. في حين أن هذا كان قراراً سليماً، إلاّ أنه أسهم في تشكك الجمهور في نطاق التغيير.
وقد أسهم في تعقيد الوضع انتشار وتكاثر الجماعات المسلّحة. نظراً لتشكك ما يسمى بكتائب الثوار ـ وفي بعض الأحيان العصابات الإجرامية التي تنكّرت في لباس الثوار ـ بالنظام القضائي الموروث من حقبة القذافي وبالشرطة، وبسبب الإحباط الذي تشعر به من الإيقاع البطيء للمحاكمات ضد المسؤولين السابقين، وفي مواجهة عناصر أمن في حالة من التشرذم، ونظراً لشعورها بالجرأة بسبب القوة الجديدة التي اكتسبتها، فإنها تعمل فوق القانون، وتعيق عمل المحققين والقضاة. جميعها تضطلع بدور الشرطة، والمدعين العامين، والقضاة والسجانين. الكتائب المسلحة تنشئ وحدات تحقيق واعتقال وتضع قوائم بالأشخاص المطلوبين؛ وتقيم نقاط التفتيش أو تقتحم بيوت الناس لاعتقال خارجين مفتَرضين عن القانون أو أشخاص يُشَك بأنهم يساعدون النظام القديم؛ وفي بعض الأحيان تدير مراكز اعتقال خاصة بها في مقراتها، وفي مزارع معزولة أو في مباني حكومية سابقة استولت عليها. هناك آلاف الأشخاص بين أيدي هذه الكتائب، خارج الإطار القانوني الرسمي ودون الاستعانة بمراجعة قضائية أو اتباع الإجراءات القضائية اللازمة. وقد ألقت الاغتيالات والهجمات المتصاعدة على قوات الأمن الحكومية ظلالاً قاتمة على هذه الصورة.
كل ما سبق ذكره يعتبر من العلامات المميزة للحلقة المفرغة: نفاد الصبر من إيقاع العدالة، والتشكك بشكل عام، يشجع الجماعات المسلحة ويزيدها جرأة؛ وفي نفس الوقت فإن زيادة نشاطها تقوض قدرة الدولة على العمل، بما في ذلك في مسائل القانون والنظام؛ وهذا بدوره يضفي مصداقية على مزاعم الجماعات المسلحة بأن من واجبها ملء الفراغ.
ثمة رؤيتان متعارضتان بشأن هذا الوضع سواء فيما يتعلق بمصدر المشكلة أو بطبيعة علاجها. البعض ـ ومن بينهم حكومة رئيس الوزراء علي زيدان ـ ينظرون إلى الجماعات المسلحة بوصفها سبباً رئيسياً من أسباب ارتفاع حدة العنف؛ ويدعون إلى تفككيها أو استيعابها في جهاز الأمن الرسمي ونقل المحتجزين لديها إلى سلطة الدولة. آخرون، بمن فيهم الكتائب نفسها، ينظرون إلى نشاط الجماعات المسلحة بوصفه ضرورياً في ضوء تعطل مؤسسات الدولة واستمرار نفوذ المسؤولين من حقبة القذافي. تتم ترجمة هاتين الروايتين المتعارضتين إلى مقاربات مختلفة حيال الجهاز القضائي: بين مقاربة الحكومة الحذرة لاستئصال المسؤولين السابقين على أساس كل حالة على حدى ودعوة الكتائب إلى طرد جميع الموالين وبالجملة. بالنسبة للعديد من الليبيين، الذين يشعرون بالإحباط من أن شيئاً كثيراً لم يتغير، فإن المقاربة الأخيرة تحظى بالدعم.
السياسات الحكومية المتناقضة حيال الجماعات المسلحة تفسر جزئياً وجود مثل هذا الاستقطاب في الآراء. المجلس الوطني الانتقالي، أول هيئة حاكمة بعد القذافي، تعهّد ببناء نظام قضائي جديد قائم على سيادة القانون. رغم ذلك، فإنه شجع في نفس الوقت تعزيز قوة الكتائب، ومنح الاعتراف الرسمي بعدد كبير من الجماعات المسلحة التي كانت تقوم بأعمال الشرطة بنفسها. كما وفر لهم الحصانة من الجرائم التي يمكن المجادلة بأنها ارتكبت دفاعاً عن الثورة. خليفة المجلس الوطني الانتقالي، أي المؤتمر الوطني العام ـ حذا حذوه جزئياً، وأقر الجهود التي تبذلها الجماعات المسلحة المرتبطة بالحكومة لاعتقال الأشخاص المشكوك فيهم دون اتباع الإجراءات المعتادة.
بالنظر إلى هذا الواقع، فإن حكومة زيدان، التي عُيّنت في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، تستحق الإشادة لأنها تحاول وقف هذا المد. لقد أعلن هو ووزير العدل في حكومته أنه لن يكون هناك أي تسامح مع حالات الحجز الاعتباطي أو الاغتيالات الانتقامية وجعلا من نقل الأشخاص المحتجزين عشوائياً إلى سلطة الدولة أولوية لهما. لقد أفرغت قوات أمن الدولة عدة مراكز اعتقال غير قانونية في العاصمة وأصدرت الهيئة التشريعية قانوناً يجرّم التعذيب والاختطاف.
إلا أن هذا لا يزال عملاً قيد الانجاز، كما أن ميزان القوى لا يميل بشكل حاسم لصالح الحكومة. إذا لم تتم معالجة هذه القضية بعناية، وخصوصاً إذا لم تعالج المظالم المشروعة فيما يتعلق ببطء محاكمة الجرائم المرتكبة في عهد القذافي، فإن مواجهة الكتائب يمكن أن تحدث أثراً عكسياً.
ثمة أدلة بدأت تظهر على ذلك، فقد تعرضت وزارة العدل ومكتب رئيس الوزراء للهجمات وتُهدد الجماعات المسلحة بالاستيلاء على السجون الواقعة حالياً تحت سيطرة الحكومة.
إن القيام بهذه العملية بشكل صحيح يتطلب القيام بعدة مهام سياسية متزامنة. ينبغي على الحكومة أن تظهر علامات واضحة على أنها تعالج مواطن الخلل والقصور الموروثة من الماضي من أجل استعادة الثقة في النظام القضائي وقوات الأمن. وتعتبر المتابعات القضائية الجنائية ضد المسؤولين رفيعي المستوى من حقبة القذافي خطوة هامة، إلا أنها لن تكون كافية. ما ينبغي القيام به هو عملية شاملة للعدالة الانتقالية تتضمن، إضافة إلى المحاكمات الجنائية، آليات دراسة وتدقيق سليمة للموالين السابقين للقذافي وتشكيل لجان حقيقة ومصالحة. وفي نفس الوقت، ينبغي أن تخضع الجماعات المسلحة ـ حتى تلك التي يعتبر أعضاءها من أبطال الثورة ـ للمساءلة عن أعمالهم أيضاً؛ ينبغي أن يسير تحقيق العدالة لضحايا جرائم الأمس يداً بيد مع تحقيق العدالة لضحايا اليوم.
التوصيات
لاستعادة الثقة في النظام القضائي وضمان المساءلة
إلى المجلس القضائي الأعلى:
1. مراجعة مشروع القانون المتعلق بالجهاز القضائي لضمان ألاّ تكون آليات الدراسة والتدقيق قائمة على الانتماء السياسي وذلك بتقديم الأمور الآتية، بين أمور أخرى:
    آ) تشكيل لجنة مستقلة تكون مهمتها دراسة خلفيات موظفي الجهاز القضائي والتدقيق في نزاهتهم؛
    ب) أن تكون العملية شفافة وأن يكون بوسع القضاة الذين يساء إليهم الاستئناف؛
    ج‌) يصرف القضاة من الخدمة على أساس مراجعة عادلة لأدائهم ومؤهلاتهم وليس فقط على أساس خدمتهم في "المحاكم الخاصة" في عهد القذافي.
إلى وزارة العدل:
2. إطلاق عملية دراسة وتحقيق، على وجه السرعة، لوضع حد لعمليات الاحتجاز العشوائي.
3. إعادة تفعيل المحاكم غير العاملة حالياً، وفي المناطق التي لا يزال يسود فيها انعدام الثقة حيال قضاء الدولة ما أدى إلى إغلاقها، التواصل مع الجماعات المسلحة المحلية، والوجهاء والمجالس المحلية للتشجيع على قدر أكبر من الحوار حول النظام القضائي للدولة.
4. التواصل مع المواطنين العاديين من خلال وسائل الإعلام وجماعات المجتمع المدني لشرح النظام القضائي الحالي واستعادة الثقة فيما لا يزال كثيرون يعتبرونه أحد رموز حقبة القذافي.
إلى المؤتمر الوطني العام:
5. وضع مشروع قانون حول الجهاز القضائي، كما وُصف أعلاه، بحيث تتم دراسة خلفيات وأداء القضاة من قبل لجنة مستقلة، واستعمال هذه العملية، وليس قانون الإقصاء الإداري والسياسي، كأداة رئيسية لاستئصال الأعضاء الفاسدين والملطخين في الجهاز القضائي.
6. الموافقة على مشاريع القوانين المتعلقة بالعدالة الانتقالية وقصر الصلاحيات العسكرية على أفراد القوات المسلحة.
إلى مكتب النائب العام:
7. ضمان احترام جميع التحقيقات والمحاكمات الجنائية، بما فيها محاكمات مسؤولي النظام السابق، للإجراءات المتّبعة وأن يتم القيام بها بشكل ينسجم مع قانون المحاكمات الجنائية.
إلى الحكومات التي تعهدت بدعم برامج سيادة القانون والعدالة الانتقالية في ليبيا، وبعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا، والاتحاد الأوروبي والمنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في البلاد:
8. تقديم المساعدة التقنية والتدريب للجنة المصالحة وتقصي الحقائق ولجانها الفرعية ودعم جهود منظمات المجتمع المدني لتوثيق الانتهاكات السابقة وحديثة العهد.
للمساعدة على لجم الجماعات المسلحة
إلى المؤتمر الوطني العام:
9. تعديل القانون 38/2012 لتوضيح أن مرتكبي جرائم مثل التعذيب، والقتل والاغتصاب المرتكبة أثناء وبعد حرب عام 2011 لن يمنحوا الحصانة القانونية.
إلى مكتب النائب العام:
10 إخضاع أفراد الجماعات المسلحة للمساءلة عن أعمالهم، خصوصاً تلك التي تنطوي على التعذيب والقتل اثناء الاعتقال.
إلى وزارة الداخلية ووزارة الدفاع:
11. منع الأفراد والجماعات المسلحة المسؤولة عن جرائم خطيرة من تسلّم المناصب القيادية في أجهزة أمن الدولة.
12. ضمان أن توقف وحدات اللجنة الأمنية العليا، ودرع ليبيا وغيرها من الجماعات المسلحة العاملة بموافقة الحكومة ممارسة اعتقال الأشخاص ومداهمة المنازل أو المكاتب دون إذن قضائي أو أدلة على انتهاك القانون.
13. ضمان أن تكون الوحدات الأمنية الرسمية وحدها مخوّلة باعتقال ما يسمى بالأشخاص المطلوبين وأن تلتزم تلك الوحدات بصرامة بالإجراءات المتبعة.
طرابلس/بروكسل، 17 نيسان/ابريل 2013

 

 

 

المعارضة السورية تصحح تاريخ سوريا في كتب يدرس فيها اللاجئون في تركيا
إيلاف....عبدالاله مجيد         
أجرى معارضون سوريون تعديلات على مناهج الدراسة السورية، فأزالوا كل أثر للبعث ولحافظ وبشار الأسد، واعترفوا بسيادة تركيا على هاتاي، لكن معارضون آخرون أكدوا أن المنتصر في الثورة هو من سيكتب النسخة النهائية من تاريخ سوريا المعاصر.
في الطبعة الجديدة للكتب المعتمدة في عشرات مدارس اللاجئين السوريين، أضيف تعديل بسيط إلى جغرافيا الشرق الأوسط. فتركيا كانت ضمّت قبل 75 عامًا منطقة هاتاي، الواقعة في شمال سوريا، ضد إرادة جارتها، لكن خرائط الكتب المدرسية السورية في زمن البعث وعهد أسرة الأسد استمرت في وضع هاتاي داخل الحدود السورية. وتبيّن خرائط الكتب المدرسية الجديدة في مخيمات اللاجئين السوريين داخل الأراضي التركية أن هاتاي الآن جزء من تركيا.
وكان حزب البعث بنى المجتمع السوري خلال العقود الماضية على أساس الولاء لفكره، الذي يمكن تلمّس أثره على أدنى مستويات العملية التربوية، إذ سخّرت الكتب المدرسية لتكون أدوات دعائية. وتشكل الكتب المدرسية الجديدة محاولة قام بها معارضون لإعادة كتابة تاريخ سوريا بعد ما يربو على 40 عامًا من الأكاذيب وأنصاف الحقائق، بنظر هؤلاء المعارضين.
أكثر من تنقيح
قال مصطفى شاكي، مدير إحدى مدارس اللاجئين، وكان أستاذًا للدراسات الإسلامية وخطيب مسجد في دمشق، لصحيفة لوس أنجيليس تايمز: "إذا استخدمنا الكتب نفسها، التي يستخدمها النظام، ستفقد الثورة كل معناها، فالثورة جاءت لمكافحة غسل الأدمغة الذي يقنع الطلاب بأن الأسد هو القائد".
وقال المعارض السوري عمرو العزم، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة شوني في ولاية أوهايو الأميركية، إن الكتب ستعاد كتابتها مرات عدة، مع توالي فصول المأساة. أضاف: "إنهم الآن يقومون بحذف بعض التفاصيل، لكنهم بمرور الزمن سيعيدون كتابة كتب التاريخ ما أن نرى من المنتصر".
الأرجح أن تعبّر النسخة التي ستُكتب حينذاك عن تفكير من سيحكم بعد الأسد، سواء أكانوا معتدلين أو علمانيين أو متشددين يحملون أفكارًا متطرفة. وستكون النتيجة أكبر من تنقيحات تجميلية أو صياغات لغوية في الكتب، التي توزّع داخل الأراضي التركية. ومن المرجّح أن تعتمد المراجعة التاريخية نظرة جديدة إلى انتفاضة الإخوان المسلمين في الثمانينات، التي سحقها النظام بعد مجزرة في مدينة حماه.
لا تحريرية ولا تصحيحية
كانت هيئة الشام الإسلامية، التي نشرت الكتب المدرسية الجديدة، وقامت بتوزيعها، عزمت في البداية توفير نسخ من الكتب الأصلية للمدارس الموجودة في مخيمات اللاجئين والمدن. لكن عندما وصلت الدفعة الأولى منها، واجهت الهيئة ردود أفعال رافضة من الذين هجّرهم قصف النظام، وينظرون إلى هذه الكتب اليوم على أنها دعاية مكشوفة.
وشُكلت عقب ذلك لجنة من أربعة أعضاء، راجعت عشرات الكتب المدرسية ونقحتها، في عملية أسفرت عن إزالة كل صور الأسد أو تسويدها، والاستعاضة عن العلم الرسمي بعلم المعارضة، وحذف أي إشارة إلى الأسد بوصفه "الخالد" أو "القائد".
ولم تعد الفترة العثمانية تُسمّى بالاحتلال العثماني، ولا انقلاب 1970 الذي قاده الأسد الأب بـ"الحركة التصحيحية". كما صارت "حرب تشرين التحريرية" مجرد "حرب تشرين"، بحسب صحيفة لوس أنجيليس تايمز، ناقلة عن جهاد خيتي، مسؤول التربية في هيئة الشام الإسلامية، قوله إن سوريا لم تحرّر شيئًا. وأُلغي كتاب التربية الوطنية، الذي يتضمن فلسفة البعث، من منهج الدراسة الثانوية.
اقتصرت الإشارات الوحيدة في الكتب المدرسية إلى الانتفاضة حتى الآن على صور احتجاجات وضحايا قُتلوا، بمن فيهم صبي في الثالثة عشرة من درعا، تقول المعارضة إنه مات تحت التعذيب.
الثورة بأقلام أبطالها
لكن هيئة الشام الإسلامية، ومقرها في السعودية، ليست المنظمة الوحيدة، التي تراجع الكتب المدرسية ومناهجها. ففي وقت سابق من العام الحالي، شكل تربيون في الخارج هيئة لدعم تجديد نظام التعليم السوري. ويعكف محمد يونس حربة، معلم التربية البدنية في بلدة القصير، على تأليف كتاب يجمع بين الذكريات والتاريخ.
وقال حربة للوس أنجيليس تايمز: "الهدف هو إعطاء الشعب السوري حق تخليد شهدائه، وتصحيح تاريخه بعدما زوّره حزب البعث، وتاريخ هذه الثورة يجب أن يُكتب بأقلام الأبطال الذين فجّروها".
وقالت وفاء محمد، وهي معلمة لغة انكليزية من دمشق، إن المعلمين كانوا قبل وصول الكتب المدرسية الجديدة يطلبون من التلاميذ أن يخربشوا بأقلامهم على صور الأسد، الابن والأب، أو أن ينتزعوها من الكتاب. وعندما وزّعت الكتب الجديدة فرح التلاميذ.
وأكدت وفاء، التي تستخدم اسمًا مستعارًا لحماية أفراد عائلتها الذين ما زالوا في دمشق: أن "وصول هذه الكتب مثّل سقوط النظام في أعين التلاميذ".
في هذه الأثناء، تعمل الهيئة على إعادة كتابة التاريخ بطريقتها الخاصة. وتلاحظ لوس أنجيليس تايمز أن صورة حافظ الأسد رافعًا العلم السوري بمناسبة ذكرى حرب تشرين، التي كانت في الصفحة 163 من كتاب علم الاجتماع لطلاب الصف الخامس، استبدلت بصورة مشهورة من الحرب العالمية الثانية، لمشاة البحرية الأميركيين وهم يرفعون العلم الأميركي خلال معركة أيو جيما. لكن بدلًا من العلم الأميركي، يرفع الجنود علم المعارضة السورية.

المصدر: مصادر مختلفة

تقييم المجهود الحربي الحوثي منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023....

 الإثنين 27 أيار 2024 - 6:13 م

تقييم المجهود الحربي الحوثي منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.... معهد واشنطن..بواسطة مايكل نايتس Al… تتمة »

عدد الزيارات: 158,460,597

عدد الزوار: 7,102,253

المتواجدون الآن: 162