تقارير....نفط كردستان الذهبي يزيد حدة التوتر بين حكومتي الاقليم وبغداد....«الإخوان المسلمون» في الخليج: توقعات بالتوتر.....لا تغفلوا الانتخابات الإيرانية.....فن الجمهورية الإسلامية في البقاء: تحييد التهديدات الداخلية والخارجية......إسرائيل في عين العاصفة: حكومة جديدة تواجه بيئة أمنية متغيرة....رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد يُعد انتصاراً لحركة «فتح»

أردوغان يؤكد أن حكومته «قوية جداً» بعد سيطرة الشرطة على «ساحة تقسيم»....14 قتيلاً بهجوم ثانٍ شنّته «طالبان» خلال يومين وسط كابول

تاريخ الإضافة الخميس 13 حزيران 2013 - 6:32 ص    عدد الزيارات 1777    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

أردوغان يؤكد أن حكومته «قوية جداً» بعد سيطرة الشرطة على «ساحة تقسيم»
إسطنبول - «الحياة»
في اجراء عكس محاولة قوات الأمن التركية جس نبض المعتصمين منذ 12 يوماً في حديقة «غازي بارك» بـ «ساحة تقسيم» وسط اسطنبول، للمطالبة باستقالة الحكومة، وحساب قوتهم وعددهم قبل تنفيذ تدخل حاسم لفض الاعتصام، دهمت الشرطة الساحة وأزالت شعارات ورايات مرفوعة. كما طردت، بعد اشتباكات محدودة، معتصمين من جماعات شيوعية ويسارية وكردية وعلوية من الساحة، مشددة حصارها للحديقة التي قال معتصمون فيها إن «رجال الشرطة حاولوا دخولها، لكنهم واجهوا قوة كبيرة أجبرتهم على التراجع».
وأعقب ذلك قول رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، في خطاب ألقاه امام نواب من حزب «العدالة والتنمية»: «ليعلم الراغبون في مواصلة الأحداث والترهيب ان القضية انتهت، ولن نتسامح بعد الآن مع المتطرفين او الإرهابيين، وسنحاسبهم». وتحدث عن سقوط 4 قتلى منذ بدء الأزمة، علماً ان الشرطة اعتقلت 50 محامياً لدى احتجاجهم على تدخل قوات الأمن ضد متظاهري تقسيم في حرم قصر العدل بإسطنبول، وهتفوا «تقسيم في كل مكان» و»المقاومة أينما كان».
وكرر اردوغان، ولو بلهجة اكثر هدوءاً، رفض مطالب المعتصمين تغيير مشروع بناء ثكنة عسكرية عثمانية في موقع الحديقة، وكذلك المحيطين به بإظهار مرونة في موقفه، وقال: «لن اتغير، والأفضل أن يغير من يتهمني بالقسوة رأيه». وزاد: «حديقة غازي ليست منطقة احتلال، وستنتهي هذه الأحداث لأن حكومتنا قوية جداً ومستعدة للحوار».
وحذر من رغبة اشخاص في إلحاق أذى باقتصاد تركيا ومكانتها الدولية عبر الاحتجاجات، علماً انه يلتقي اليوم مع ممثلين للمتظاهرين.
في المقابل، شكر حسين عوني موتلو، محافظ اسطنبول، المعتصمين في حديقة «غازي بارك» لـ «عدم تدخلهم في الدفاع عن الجماعات المتطرفة والإرهابية التي احتلت ساحة تقسيم»، ملمحاً الى «وجود تفاهم غير معلن بين مسؤولي الأمن والمعتصمين على ضرورة التخلص من جماعات متطرفة اساءت الى الاحتجاجات، عبر الانضمام اليها وجلب اسلحة بيضاء وقنابل مولوتوف عثر عليها بين أغراض معتصمي الساحة وخيمهم».
وصرح وزير الداخلية معمر غولار بأن «معتصمي تقسيم متطرفون تجاوزوا حدود القانون والاعتصام السلمي، عبر رفع رايات لشتم رئيس الوزراء، واحتلال مبان حكومية وتشويه الساحة وقطع الطرق المؤدية اليها».
لكن معتصمي «غازي بارك» انتقدوا في بيان اقتحام رجال الأمن ساحة تقسيم في شكل مفاجئ، وبالتزامن مع دعوة أردوغان الى الحوار. واعتبروا ما حدث اشارة واضحة الى النيات الحقيقية للحكومة، مؤكدين انهم لن يبارحوا أماكنهم.
ورأى مراقبون ان أردوغان يحاول «تفكيك» جماعات المعتصمين من اجل اضعافهم، وأنه خضع لنصائح قيادات في حزبه بضرورة الابتعاد عن التصريحات الاستفزازية والعمل بهدوء لحل المشكلة، خصوصاً أن استطلاعات للرأي أجريت في اليومين الماضيين أكدت أن شعبية الحزب الحاكم لم تتراجع كثيراً، وأن معظم المحتجين لم يصوتوا لأردوغان في الانتخابات الأخيرة.
 
14  قتيلاً بهجوم ثانٍ شنّته «طالبان» خلال يومين وسط كابول
كابول، واشنطن - يو بي أي، أ ف ب
قتل 14 شخصاً على الاقل وجرح 38 آخرون في هجوم نفذه انتحاري عبر تفجير سيارة مفخخة قادها امام مقر المحكمة العليا في العاصمة الافغانية كابول.
وأوضحت وزارة الداخلية ان الانتحاري صدم سيارته بباص نقل موظفين في المحكمة التي تقع على طريق مطار كابول الدولي الذي استهدفه اول من امس هجوم شنّه 7 من مسلحي حركة «طالبان»، ونجحت الشرطة الأفغانية في احباطه عبر قتل جميع المسلحين.
وأشادت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي بإحباط الشرطة الأفغانية هجوم المطار، مؤكدة ان جنود الحلف الأطلسي «ناتو» اضطلعوا بدور استشاري في العملية.
ورأت ساكي ان نجاح الشرطة في حماية أمن المطار «نقطة ايجابية، في وقت لا نزال نركز على العمل مع نظرائنا الأفغان لمناقشة خطط مرحلة ما بعد 2014، وكيفية تحسين التنسيق في هذا المجال».
الى ذلك، اعلن «الناتو» ان قواته اعتقلت بالتعاون مع نظيرتها الحكومية قيادياً بارزاً في حركة «طالبان» و3 متشددين آخرين في مدينة قندهار (جنوب).
وأوضح الحلف ان القيادي يشرف على عمليات اغتيال وهجمات بعبوات ناسفة تستهدف قوات حكومية وأجنبية، ويجمع خوّات لتمويل نشاطات المتشددين وتسهيل نقل اسلحة.
وقتلت قوات مشتركة 5 متشددين خلال عمليات دهم نفذتها في ولاية ننغرهار، بحثاً عن قيادي في «طالبان» يضطلع بدور اساسي في نقل مقاتلين إلى المنطقة.
وأفاد بيان اصدرته وزارة الداخلية بأن 23 من مسلحي «طالبان» قتلوا في عمليات مشتركة للقوات الأفغانية والأجنبية خلال الساعات الـ24 الأخيرة في ولايات قندوز وقندهار وخوست وباكتيا وزابول وهلمند ولقمان وبروان وأروزجان وهيرات.
على صعيد آخر، اطلقت الحركة مواطناً قيرغيزياً كانت خطفته ضمن مجموعة من 11 أجنبياً، بينهم مهندسون أتراك وروسي وأفغاني، في 21 نيسان (ابريل) الماضي، بعد هبوط مروحيتهم اضطرارياً في ولاية لوغار (وسط).
وصرح الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد بأن «المخطوف القيرغيزي أًطلق بموجب قرار من زعيم الحركة كإجراء حسن نية»، من دون ان يذكر شيئاً حول مصير باقي الرهائن.
 
نفط كردستان الذهبي يزيد حدة التوتر بين حكومتي الاقليم وبغداد
إيلاف....عبدالاله مجيد         
نفط كردستان مميز بأنه الأفضل، وكأنه الذهب الخالص، ولهذا يلعب دورًا في رفع وتيرة الخلاف بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد، وفي دفع العالم إلى التلميح لإمكانية تفكك العراق في المستقبل.
لندن: تجمع المهندسون بقبعاتهم الصلبة على هضبة ترابية حارة في كردستان العراق، متحلقين حول انبوب جديد للتوثق من نتائج الاختبار النهائي قبل أن يبدأ النفط بالتدفق لأول مرة مباشرة من المنطقة إلى تركيا. وتشير رائحة الكبريت النفاذة إلى نوعية النفط الكامن في باطن الأرض. وقال مدير العمليات جو ستاين عن النفط المتدفق: "إنه شمبانيا كردستان". واضاف ستاين الذي يعمل للشركة التركية-الصينية التي تستثمر حقل طق طق: "انه نفط خفيف جدًا، وجيد جدًا للمصافي، وهو ذو درجة عالية وسهل الانتاج، انه نفط ذهبي".
باحتياطات تبلغ نحو 45 مليار برميل، هي رابع اكبر احتياطات في العالم، وباحتياطات من الغاز يمكن الاستمرار في انتاجها قرنًا كاملًا، أصبحت حكومة اقليم كردستان لاعبًا كبيرًا في سوق مثيرة جيولوجيًا وحساسة سياسيًا. وفي غضون اسابيع قليلة، سيرتبط المقطع الأخير من أنبوب النفط الممتد من حقل طق طق بمحطة القياس في فيشخابور، ما سيتيح تدفق 300 الف برميل يوميًا عبر الانبوب إلى تركيا. ويُخطط لزيادة الانتاج إلى مليون برميل يوميًا بحلول العام 2015، ومليوني برميل في العام 2019.
سلطوية المالكي
مما له مغزاه أن هذه المشاريع تُنفذ من دون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد، التي تشتبك في نزاع مرير مع حكومة اقليم كردستان حول تفسير الدستور العراقي وتقاسم الثروة النفطية. ويرى مراقبون أن استقلال الاقليم الاقتصادي، وربما أكثر من ذلك، أصبح فجأة في متناول جزء من الشعب الكردي، الذي يعتبر أكبر مجموعة بشرية في العالم بلا دولة. وقال وزير الموارد الطبيعية في حكومة اقليم كردستان آشتي هورامي: "إن تقاسم الثروة أداة أساسية من أدوات السلطة، وإن بغداد بعدم تنفيذها الدستور تشجع على تقويض الاستقرار والتفكك".
ونقلت صحيفة غاردين عن هورامي قوله: "طريقنا الوحيد للبقاء هو التطور الاقتصادي، فالشعارات عن الديمقراطية لا تكفي".
ويشكو المسؤولون في اربيل من أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يتشبث بالأساليب السلطوية والادارة المركزية نفسها التي ظن الأكراد أنها انتهت مع صدام حسين. وقال رئيس ديوان رئاسة اقليم كردستان فؤاد حسين: "هناك فجوة هائلة بين هذا العراق والعراق الآخر، فإن جيلي نشأ في العراق وكنا جزءًا من المقاومة الكردية، أما الجيل الجديد فيتمتع بالحرية، ولن يقبل بالخسارة مرة أخرى".
مشكلات عديدة
من القضايا العالقة الأخرى بين بغداد واربيل إلى جانب العقود النفطية، رواتب قوات البشمركة، بوصفها من مكونات المنظومة الدفاعية العراقية، وتعويض ضحايا حملات الابادة التي شنها صدام حسين ضدهم، والمناطق المتنازع عليها مثل كركوك التي هُجر منها الأكراد. لكن النفط والعلاقة الجديدة مع تركيا تمنحان حكومة اقليم كردستان اوراقا قوية في لعبة الأمم. وكان المالكي زار اربيل الأحد لأول مرة منذ عامين، في محاولة لترميم العلاقات، لكن محادثاته مع رئيس الاقليم مسعود بارزاني كانت رمزية لم تعالج ايًا من القضايا الرئيسية العالقة. وقال المالكي: "لا أنا ولا الرئيس بارزاني نملك عصًا سحرية".
وحذر بارزاني من أن الجولة الجديدة من الاتصالات مع بغداد هي الفرصة الأخيرة، مشيرًا إلى دور الشركات العالمية المتزايد في الاقليم. وكانت شركة إكسون موبل العملاقة توصلت إلى اتفاق مع حكومة الاقليم وتركيا، مغامرة بتعريض مصالحها للخطر في جنوب العراق. واستنكر المالكي الاتفاق ووصفه بغير القانوني، لكن شركات أخرى مثل شيفرون وتوتال وغازبروم تقدم على مخاطر هي ايضًا، واستثمرت 50 شركة ما مجموعه 20 مليار دولار في اقليم كردستان. وقال مسؤول في حكومة الاقليم لصحيفة غارديان: "هذا كله نفط لم يعرف العراق انه يملكه". ولاحظ الصحفي الكردي هيوا عثمان أن الخلاف حول عائدات النفط وتقاسم الثروة النفطية يعيد التذكير بصفحات سوداء من الماضي. وقال: "بالنسبة لحكومة اقليم كردستان، فانها تشعر وكأنها ما زالت تتعامل مع بغداد القديمة، التي عقوباتها مستلة من كتاب صدام نفسه".
النار في بيت الجار
يشكل الاستقرار في اقليم كردستان قوة جذب كبيرة للمستثمرين الأجانب. وتتولى مسؤولية الأمن في حقل طق طق شركة بريطانية توظف قوات خاصة سابقة من جنوب افريقيا، فيما تحمي محيط الحقل قوات كردية بمشاركة جهاز الأمن الداخلي الكردي (اسايش) المدرب على يد وكالة المخابرات الاميركية، بحسب صحيفة غارديان، مشيرة إلى أن اربيل اصبحت عاصمة العالم في التنقيب عن النفط. وقال آسوس هردي، رئيس تحرير صحيفة آوينة الكردية، إن النفط في كردستان لا يهم العراق وحده، بل يمتد إلى العلاقات مع سوريا وايران ومع الولايات المتحدة التي تعارض ما تفعله حكومة اقليم كردستان، "فالجميع يستخدم كردستان، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يريد أن يلعب الورقة الكردية، فهذه هي لعبته وليس كردستان مستقلة.
وكان الغموض بشأن مستقبل الأكراد جزءًا من حياتهم على امتداد عقود. ولكن استثمار حقل طق طق وحقول اخرى والوضع السياسي المضطرب في تركيا وعطش العالم الصناعي الذي لا يرتوي إلى النفط وطموحات شركات النفط الكبرى كلها تعمل على إيجاد خيارات جديدة. وفي الوقت الحاضر يبدو أن موقف أكراد العراق التفاوضي يزداد قوة لحمل بغداد على التسليم بالنظام الفيدرالي الذي ينص عليه الدستور.
وقال حسين: "إذا لم نتمكن من التعايش فعلينا أن نتحدث عن شيء آخر، فنحن لسنا طرفًا في النزاع بين الشيعة والسنة ولكن إذا شب حريق في بيت جارك فانه سيحرق دارك ايضا في النهاية، وليس هناك رجل اطفاء".
العراق يتفكك
سمع الأجانب الرسالة وهم يميلون إلى الاتفاق معها. ونقلت صحيفة غارديان عن دبلوماسي يقيم في اربيل قوله: "إن العراق يتفكك ببطء، وخلال العامين الماضيين دُفع الأكراد إلى الزاوية، ولم تعد بغداد مرجعيتهم، فبدأوا يبحثون في أماكن غيرها، والآن تتيح لهم تركيا امكانية تحقيق عائدات مالية من النفط، لكن النفط يمكن أن يكون فتيل تقسيم العراق، وإذا لم يكن هناك اتفاق على النفط لن يكون هناك عراق".
ويعيش أكراد العراق، البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة، في وضع مستقر نسبيًا منذ نهاية حرب الخليج في العام 1991، عندما طُرد صدام حسين من الكويت، وفُرضت منطقة حظر جوي لحماية الأكراد.
وبعد أن شاع عنهم أنهم شعب لا صديق له سوى الجبال، تحالفوا مع القوة العظمى الوحيدة التي برزت في نهاية الحرب الباردة. ومنح دستور العراق الذي أُقر في العام 2005 حكومة اقليم كردستان قدرا غير مسبوق من الحكم الذاتي.
 
«الإخوان المسلمون» في الخليج: توقعات بالتوتر
لوري بلوتكين بوغارت... لوري بلوتكين بوغارت هي زميلة في برنامج سياسة الخليج في معهد واشنطن
من المقرر خلال ثلاثة أسابيع أن تُصدر محكمة أمن الدولة الإماراتية أحكاماً بحق نحو 100 مواطن منتسبين إلى جماعة محلية تابعة لـ «الإخوان المسلمين» وُجهت إليهم تهمة التخريب. وقد جسدت هذه المحاكمة التصورات بشأن احتمال أن تشكل المنظمات التابعة لـ «الإخوان» تهديداً أمنياً في الخليج الفارسي بالنسبة لحكام هذه المنطقة، أما قرارات المحكمة -- والتي يُتوقع أن تشمل في أجزاء منها على عقوبات قاسية -- فسوف تسهم هي الأخرى في تشكيل تلك التصورات على الأرجح. ولكن لا توجد صيغة "واحدة" نفهم من خلالها مصالح ومشاريع «الإخوان» من أهالي بلدان الخليج على المدى القريب إلى المتوسط. وتنتظم نقاط القوة والحظوظ والأنشطة السياسية لهذه الجماعات بشكل مباشر في سياق علاقاتها المحددة مع الحكام وهي مرآة تعكس المجتمعات المتمايزة التي تمارس أعمالها فيها.
بذور للتعبئة السياسية في الإمارات العربية المتحدة
عند الحديث عن مجابهة «الإخوان»، نرى أن الإمارات العربية المتحدة هي أكثر استباقاً من بقية حكومات الخليج الأخرى ولها أسبابها. فقد ظلت "جماعة الإصلاح" «الإخوانية» هي الأكثر تنظيماً في البلاد من بين الفاعلين المُنظمين غير الحكوميين طيلة عقود، وكان الإماراتيون المنتسبون إليها مشاركين أساسيين في إطلاق دعاوى الإصلاح السياسي رغم إخراج الحكومة للمنظمات السياسية عن مظلة الحماية القانونية وعدم تشجيعها للجدل السياسي. وفي آذار/مارس 2011، قدَّم مؤيدو "الإصلاح" الذين مثلوا عشرات من الـ 130 شخصاً الموقعين على عريضة استثنائية، طلباَ بإجراء انتخابات شاملة و[إقامة] سلطة تشريعية خاصة بـ "المجلس الوطني الاتحادي" الاستشاري. ومنذ ذلك الحين، احتجزت السلطات الإماراتية بعض الموقعين وحاكمتهم وأصدرت أحكاماً بحقهم، حتى وإن كان ذلك عن تهم ليست ذات صلة؛ ويُذكر أن عدداً كبيراً من الذي يُحاكمون حالياً كانوا من هؤلاء الموقعين.
وبشكل عام، يشعر الإماراتيون بارتياح من جراء ارتفاع مستوى معيشتهم وهم ليسوا ناشطين من الناحية السياسية، ولهذا فإن الدعم الشعبي لأهداف «الإخوان» الانتقالية يبدو محدوداً. ويظل مؤيدو "حزب الإصلاح" متمركزين في الإمارات الشمالية الأكثر فقراً والأكثر محافظة من الناحية الدينية. وليس من قبيل الصدفة أن تعلن الحكومة عن خطة استثمار في البنية التحتية في هذه الإمارات ولعدة سنوات بمبلغ 1.6 مليار دولار بُعيد ظهور عريضة في آذار/مارس 2011. ورغم أن أعضاء "حزب الإصلاح" يعتبرون من أكثر النشطاء احتمالاً في المطالبة بالتغيير السياسي وأنهم الأكثر استعداداً وتهيئة لجني المكاسب عن ثمة عملية محدودة للتحرير، إلا إنهم ما زالوا بصدد مواجهة معركة شاقة لحشد الرأي العام حول قضيتهم. ومع ذلك، ربما تصب المشاركة الانتخابية على نطاق أوسع وزيادة الوعي السياسي والنقاش حول القضايا القومية بين بني الإمارات في مصلحة هذه الجماعة في وقت لاحق.
تحالف تكتيكي مع الأسر الحاكمة في البحرين وقطر
لقد استوعبت العائلات الحاكمة في البحرين وقطر المنظمات «الإخوانية» المحلية، وإن كان ذلك بطرق مختلفة. وتعتبر "جمعية المنبر الإسلامي" في البحرين -- الذراع السياسي لـ "جماعة الإصلاح" «الإخوانية» المحلية -- واحدة من هذه المنظمات القليلة المسموح لها بالعمل داخل دولة يٌحظر فيها عمل الأحزاب السياسية. ويعتقد الكثيرون أن الديوان الملكي والقطاع المصرفي الإسلامي في البحرين يقومان بتمويل هذه الجماعة.
ويعكس الدعم الحكومي لـ "جمعية المنبر" السنية المصلحة الجوهرية للعائلة المالكة السنية في موازنة الكفة مع الأغلبية الشيعية في البلاد -- التي لها تمثيل جيد في البرلمان. وقد حازت "المنبر" على مقاعد في البرلمان في جميع الدورات الانتخابية الثلاث التي عُقدت منذ 2002، وهي تدعم الأجندة السياسية والاقتصادية للمملكة بشكل عام بينما تتابع السير في أهدافها الاجتماعية الإسلامية بالتوازي مع "جماعة الإصلاح" الإسلامية السنية. وفي شباط/فبراير الماضي، على سبيل المثال، أعلنت "المنبر" أنها ستقاطع الحوار الوطني -- وكان الغرض الواضح من ذلك هو معالجة الاستياء السياسي الشيعي. وادعت هذه الجماعة بأنها كانت تحتج على "صمت" المعارضة الشيعية تجاه أعمال العنف التي اندلعت إبان الذكرى السنوية الثانية للانتفاضة التي حدثت في البلاد عام 2011.
ورغم دعم "المنبر" لمصالح الحكومة، إلا أنها تشكل مخاطر معينة لحكام البحرين. ويكمن أحدها في احتمال تأييدها لفصيل ملَكي دون غيره بشأن قضايا مثل العلاقات السنية الشيعية والإصلاح السياسي.
في قطر، حل فرع جماعة «الإخوان» نفسه منذ ما يزيد عن عشر سنوات، وكان من بين الأسباب تلافي توتر العلاقة مع حكام البلاد في وقت كانت فيه حكومات خليجية أخرى تعتقل مؤيدي «الإخوان». واليوم، لا يرى معظم الأعضاء السابقين سبباً وجيهاً لإثارة المعارضة لحكومة دولة أصبحت مُضيفاً وسكناً لبعض من أشهر رموز «الإخوان» في المنطقة والتي وفرت المنصات العامة لهؤلاء الأشخاص وتركزت سياستها الخارجية منذ عام 2011 على دعم الجماعات الإسلامية. وكنتيجة لذلك، فليس هناك ما يُشير إلى نشاط سياسي لـ «الإخوان» على الأراضي القطرية. إلا أن العناصر الأصغر سناً في ذلك الفرع القديم لـ «الإخوان المسلمين» في قطر ممن لم يوافقوا على قرار حل الجماعة قد تكون مشتركة في ثمة نشاط سري.
التعاون مع المعارضة في الكويت والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان
تُمثل جماعة «الإخوان المسلمين» في الكويت كتلة على أعلى درجات التنظيم والثراء الفاحش وقد عملت مع العائلة الحاكمة وضدها في أوقات مختلفة. وقد زادت حظوتها السياسية بشكل كبير عقب قيام العراق باحتلال الكويت عام 1990-1991-- عندما تولت المنظمات والرموز الإسلامية في البلاد تنظيم نشاطات للمقاومة وخدمات مجتمعية. وفي الآونة الأخيرة، انضم الذراع السياسي لـ «الإخوان» -- "الحركة الدستورية الإسلامية"، المعروفة أيضاً باسمها المختصر ("حدس") -- إلى بقية جماعات المعارضة في أواخر العام الماضي وذلك في احتجاجات كبرى ضد حكم صادر من قبل الحكومة بشأن الإجراءات الانتخابية. إن عزم "حدس" الواضح على العمل مع فصائل المعارضة إلى جانب احتمال استفادتها من القوة المتزايدة للعناصر القبلية الأكثر محافظة في المجتمع الكويتي يُشير إلى أن هذه الجماعة سوف تشكل تحدياً متزايداً لاحتكار العائلة المالكة للسلطة من الآن فصاعداً.
في المملكة العربية السعودية، كانت علاقة العائلة المالكة مع «الإخوان» مزيجاً من الدعم والاستيعاب، هذا إلى جانب القلق والنفور من الأجندة السياسية لهذه الجماعة. ولا تحظى معظم الرموز «الإخوانية» السعودية بظهور بارز -- فهي تتحاشى توجيه النقد للقصر أو الدعوة للتغيير بشكل علني. ومع ذلك، فقد واجهت بعضها العائلة المالكة بشأن قضايا سياسية. ففي أوائل التسعينات، انضم رموز «الإخوان» لانتفاضة "الصحوة الإسلامية" وهي حركة تركزت أهدافها حول معارضة نشر قوات أجنبية على الأراضي السعودية لتحرير الكويت من العراق وشملت أيضاً احتجاجات وتقديم عرائض مطالبة بإجراء إصلاحات سياسية مثل تأسيس مجلس استشاري مستقل. وفي مطلع العام 2011، حث العديد من رموز «الإخوان» وعلى نحو غير موفق المنظمة على دعم بقية السعوديين الذين يطالبون بإصلاحات سياسية واسعة النطاق. إن هذه الحلقات تبين المصالح الانتقائية لهذه الجماعة في مشاركة فصائل أخرى تطالب بالتغيير السياسي -- وهي مصلحة تدفعها فيما يبدو حسابات حذرة من أن يصبح موقف «الإخوان» في المملكة على المحك.
في عُمان، يعتبر تأثير «الإخوان» محدوداً نظراً للأصول السنية لهذه الجماعة. وخلافاً لما حدث في معظم دول الخليج الأخرى، يشكل السنة أقلية (15-20 في المائة) من مواطني عُمان، الذين يتبعون في معظمهم العقيدة الإسلامية الإباضية. ومع ذلك، يعمل «الإخوان» هناك في السر، وقد سبق وأن اتخذت الحكومة إجراءات ضدهم في الماضي. ففي عام 1994، اعتقلت السلطات المئات من المشتبه باتصالهم بـ «الإخوان» متهمة إياهم بالقيام بأعمال تخريب. وكان من بين الذين جرت محاكمتهم سفير سابق لدى الولايات المتحدة وقائد سابق لسلاح الجو واثنين من وكلاء الوزراء في الحكومة -- مما يدعونا إلى القول بأن رموزاً «إخوانية» كبيرة اخترقت المستويات الحكومية. ومع ذلك، فنظراً لعدم اكتراث معظم العُمانيين بـ «الإخوان»، ينبغي أن يُنظر إليهم كتهديد للحكومة على نطاق أوسع إذا ما حصل التعاون بينهم وبين الجماعات الأخرى. وسوف يتعزز الزخم المحتمل الناجم عن مثل هذا التعاون بالرحيل غير المتوقع للسلطان قابوس بن سعيد -- الذي ظل يحكم البلاد قرابة ثلاثة وأربعين عاماً دون أن يُعلن عن هوية من يعقبه -- وما يلحق ذلك من إعادة لفتح الانشقاقات السياسية القديمة.
الخاتمة
على المدى القريب إلى المتوسط، تعتبر التحديات الأمنية التي تمثلها المنظمات «الإخوانية» التي تعمل في الملَكيات الخليجية بعيدة عن أن توضع في إطار واحد بالنسبة لهذه الأنظمة الملكية. إذ أن لهذه الجماعات ركائز مختلفة في النظام السياسي في كل بلد وتحشد مستويات وصور مختلفة من الدعم المقدم من المواطنين الذين يتبعونها. ومن ثم فلا تمثل رؤية الإمارات العربية المتحدة ولا النموذج المصري لتهديد «الإخوان» عدسات نافذة بشكل خاص نفهم من خلالها نشاط «الإخوان» في الخليج. وبدلاً من ذلك، ينبغي على صانعي السياسة الأمريكية المتابعة في نهج متدرج بشكل جيد في مواجهة المنظمات «الإخوانية» الأهلية في كل دولة خليجية بناء على الطبيعة السياسية الداخلية لهذه البلدان.
 
لا تغفلوا الانتخابات الإيرانية
دينيس روس... دينيس روس هو مستشار في معهد واشنطن، وشغل سابقاً منصب المساعد الخاص للرئيس أوباما ومدير أقدم لشؤون المنطقة الوسطى في مجلس الأمن القومي الأمريكي.
أغفل العديد من المحللين السياسيين الحديث عن الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة، مرجئين السبب في ذلك إلى أن المرشد الأعلى هو الذي يتخذ جميع القرارات السياسية الهامة على أي حال -- وقبل كل شيء تلك المتعلقة بالبرنامج النووي. لكن يبدو أن الانتخابات الرئاسية تمثل أهمية لعلي خامنئي -- ولهذا السبب تحديداً ينبغي أن تمثل أهمية بالنسبة للمراقبين في الغرب. ينبغي النظر إلى الانتخابات بوصفها إحدى المنتديات التي تبرز النوايا السياسية للمرشد الأعلى، بما فيها تلك المتعلقة بالمسألة النووية.
وعلى الرغم من أن المرشد الأعلى قد بذل العديد من المحاولات لكي ينأى بنفسه عن الخلافات السياسية المحتدمة، إلا أنه كثيراً ما وجد نفسه على خلاف مع الرؤساء الإيرانيين الذين كانوا يتطلعون إلى ممارسة سلطتهم التنفيذية ويحاولون انتهاج سياسات كانت تتعارض مع رؤيته. وقد انطبق ذلك بكل تأكيد على الرئيس محمد خاتمي، الذي سعى بكل قوة إلى إلقاء بذور الإصلاح على الصعيد المحلي ومد جسور للعلاقات على الصعيد الدولي. وربما لم يتملك الرئيس أحمدي نجاد الحرص على مد جسور للعلاقات على الصعيد الدولي، إلا أنه تبنى نهجاً شعبوياً وسعى نحو بناء قاعدة قوة مستقلة بالإضافة إلى نجاحه في إيجاد حالة من التنافر الشديد داخل النخبة عن طريق توجيه اتهامات متكررة بالفساد.
وعلى الرغم من رغبة علي خامنئي في رأب الصدع المستفحل داخل النخبة، إلا أنه أراد القيام بذلك على طريقته الخاصة. ودائماً ما كان خامنئي يتشكك في إبرام صفقات مع واشنطن -- إذ أنه يرى أن الغرب يفسر التنازلات على أنها دليل على الضعف -- وقد كان خامنئي بوجه عام يفضل تشديد الرقابة على النخبة السياسية، من أجل خدمة قيم المحافظين، وكان ذلك مقدماً لديه على التوصل إلى توافق عام في الآراء. وفي الواقع، منذ اعتلاء خامنئي لمنصب المرشد الأعلى، سعى جاهداً إلى تشكيل إجماع سياسي جديد يعكس فلسفته الخاصة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي اقتصادياً وإظهار العداء للولايات المتحدة.
وخلال انتخابات 2009، كان خامنئي على استعداد للتخلي عن كافة مظاهر الادعاء بأنه فوق الصراع السياسي الداخلي؛ ويبدو أنه كان يعتقد أنه بتدخله لضمان فوز محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية سوف يحول دون معاودة ظهور المزيد من الإصلاحيين والقوى البراغماتية التي يمكن أن تمثل تحدياً لتوجهاته السياسية بشكل أكثر مباشرةً. ولم يشك المرشد الأعلى كثيراً في أنه بعد إنقاذه للرئيس الإيراني أحمدي نجاد من الهزيمة فإنه سوف يتحداه ويصبح أحد مصادر التوتر الدائم -- وهو الأمر الذي قد لا يهدأ حتى بعد مغادرة أحمدي نجاد منصبه الرئاسي.
لذا فقد قرر آية الله خامنئي الآن عدم ترك أي شيء للصدفة. فبعد استبعاد "مجلس الأوصياء" لكل من أكبر هاشمي رفسنجاني واسفنديار رحيم مشائي -- لا شك أن ذلك يعكس رغبات المرشد الأعلى -- قضى خامنئي على أية احتمالية لظهور مرشح مستقل. ولو كان هناك أي أمل في أن تمهد انتخابات الرئاسة الإيرانية طريقاً نحو مناهج سياسية مختلفة للتعامل مع الولايات المتحدة، فقد أكد خامنئي الآن وبكل وضوح بأن الأمر لن يعدو إلى ذلك. ينبغي النظر إلى ما يقوم به خامنئي على ما هو عليه ألا وهو: رغبته المتأصلة في منع المزيد من التحرر على الصعيد الداخلي وتسوية الخلافات على الصعيد الخارجي. وسوف يقدم الرئيس الإيراني المقبل فروض الولاء والطاعة له، ومن المفضل أن يعمل بمثابة نائبه الإداري.
وعلى وجه الخصوص، لاقى استبعاد رفسنجاني، أحد مؤسسي الجمهورية الإسلامية، أصداءً واسعة. إن استبعاد مشائي -- المدعوم من أحمدي نجاد، الذي كان على استعداد لتحدي مؤسسة الملالي وبناء نظام قومي شعبوي -- أمر يعكس على الأرجح توافقاً عاماً في الآراء فيما بين المؤسسات التقليدية للجمهورية الاسلامية. لكن استبعاد رفسنجاني يمثل أمراً آخر تماماً. إن دعم رفسنجاني لأولئك الذين طعنوا في شرعية انتخابات 2009 قد أثار غضب المحافظين المتشددين بكل وضوح. ومع ذلك، فإن تاريخه دائماً ما كان يضمن له في السابق مكاناً ضمن النخبة السياسية.
إن استبعاد رفسنجاني يسمح للمرشد الأعلى بتجنب عدم اليقين فيما يتعلق بإجراء انتخابات رئاسية تشهد مرة أخرى إقبالاً واهتماماً كبيرين من الشعب الإيراني. وبوضوح، يريد المرشد الأعلى تجنب هذا النوع من الإثارة التي قد يحدثها رفسنجاني إذا ما واصل الإدلاء بتصريحات عامة، كما كان يفعل على مدار العامين الماضيين، حول حاجة إيران إلى إجراء إصلاحات اقتصادية والحد مما تعانيه البلاد من عزلة دولية (وهذا من ضمن الأفكار التي أكد عليها في السنوات الأخيرة). بيد أن إقصاء رفسنجاني من سباق الانتخابات الرئاسية يبعث إشارة مهمة إلى أي شخص يشعر بالقلق إزاء البرنامج النووي الإيراني. ولو كان المرشد الأعلى يرغب في إبرام اتفاق مع الغرب بشأن البرنامج النووي الإيراني، لكان قد أراد أن يصبح رفسنجاني رئيساً.
وأقول ذلك ليس لأن رفسنجاني كان قادراً على إبرام أي اتفاق من تلقاء نفسه -- إذ كان يتحتم أن يحظى أي اتفاق يمكنه التوصل إليه بقبول المرشد الأعلى -- ولكن لأنه إذا كان المرشد الأعلى مهتماً بالتوصل إلى اتفاق، فإنه على الأرجح سيرغب في خلق صورة بالقبول الواسع لها مسبقاً. وبدلاً من وضع بصمته عليها فقط، كان سيرغب في توسيع دائرة صنع القرار لتقاسم المسؤولية. كما كان سيمهد الطريق من خلال وجود شخص مثل رفسنجاني يترأس مجموعة من شأنها إيضاح الأمور بشكل مفصل للتوصل إلى تفاهم. إن تاريخ رفسنجاني كمساعد للخميني ورئيس سابق، يقيم علاقات مع "الحرس الثوري" والنخبة بشكل عام، سوف يصب في صالحه للاضطلاع بهذا الدور.
ولم يكن استبعاد رفسنجاني هو الإشارة الوحيدة التي تنذر بوجود مشاكل بشأن اتفاق نووي. فهناك أربع مرشحين من بين الثمانية المتبقين يتمتعون بصلات قوية مع المرشد الأعلى ومقربين منه وربما يتمتعون بمصداقية أكثر في المفاوضات وهم: علي أكبر ولايتي، مستشار خامنئي لشؤون السياسة الخارجية؛ محمد باقر قاليباف، رئيس بلدية طهران وقائد سابق في "الحرس الثوري"؛ حسن روحاني، رجل الدين والمفاوض الإيراني السابق مع الأوروبيين بشأن البرنامج النووي الإيراني؛ وسعيد جليلي، ممثل خامنئي الحالي في المحادثات النووية مع مجموعة الخمسة + 1 -- الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا. وفي حين أن أي من هؤلاء المرشحين يمكن -- من الناحية النظرية -- أن يفوز في الانتخابات، إلا أن حقيقة تركيز وسائل الإعلام الاهتمام على جليلي توحي بأنه مرشح خامنئي المفضل، على الرغم من تضاؤل ما يتمتع به من أوراق اعتماد مقارنة بالآخرين.
وإذا أصبح جليلي الرئيس الإيراني في نهاية المطاف، سيضحى من الصعب تجنب الاستنتاج بأن المرشد الأعلى ليس لديه سوى النذر اليسير من الاهتمام بالتوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني. وقد استمر جليلي، وفقاً لكل الروايات، في التعامل مع جميع المحادثات بحماس عقائدي والتزام تام بتوجيهات المرشد الأعلى، إلى جانب الاستعداد للحديث إلى الأبد دون التوصل إلى نتائج ملموسة. كما تدور حملته الانتخابية في هذه الآونة حول موضوع المقاومة -- وقد بلغ الأمر به مبلغاً لدرجة أنه لا يتحدث كثيراً فقط عن المقاومة ضد "القوى المتعجرفة" على الصعيد الدولي وبصورة ضمنية عن القضية النووية بل إنه يتحدث أيضاً عن بناء "اقتصاد مقاومة". وقد لا يثلج الشعار الأخير صدور الشعب الإيراني، إلا أنه يأتي عذباً حلواً على مسامع علي خامنئي.
ولو أصبح جليلي الرئيس الإيراني المقبل -- وكونه أداة طيعة في يد المرشد الأعلى يجعله المرشح المثالي لشغل ذلك المنصب من ناحية خامنئي -- فلن نحتاج إلى التكهن حول نوايا خامنئي وأهدافه في المفاوضات النووية. فهو من سيخبرنا بها.
 
فن الجمهورية الإسلامية في البقاء: تحييد التهديدات الداخلية والخارجية
معهد واشنطن..سعيد جولكار
سعيد جولكار هو زميل في "مركز روبرتا بافيت للدراسات الدولية والمقارنة" في جامعة نورث وسترن. وقد شغل سابقاً منصب زميل بحوث ما بعد الدكتوراه في "مركز الديمقراطية والتنمية وسيادة القانون" في جامعة ستانفورد (CDDRL). وقد ظهرت أحدث تحليلاته في "السياسة والدين والإيديولوجيا"، و"القوات المسلحة والمجتمع"، و"ملخص لدراسات الشرق الأوسط"، ودورية "الشرق الأوسط الفصلية"، من بين غيرها من المطبوعات.
جاء ظهور المتشددين في إيران من جديد وتصدرهم للمشهد في عام 2005 بعد انتصار واضح للإصلاحيين قبلها بسنوات بمثابة صدمة للعديد من المراقبين، الذين اقتنعوا بأن الجمهورية الإسلامية تتحول إلى دولة أكثر ديمقراطية. إلا أن النظام تمكن من تهميش الإصلاحيين الذين جاءوا إلى سدة الحكم عقب الانتخابات الرئاسية عام 1997، حتى في خضم تعامله مع التحديات الخارجية مثل التهديد بشن هجوم أمريكي عقب غزو العراق وأفغانستان. كما أنه نجح في نزع فتيل أزمة أخرى في 2009، حيث سحق تدريجياً حركة المعارضة التي اندلعت عقب الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها وتمكن من السيطرة وبسط نفوذه على تلك المعارضة. وعندما اجتاحت الانتفاضات العربية المنطقة في بداية عام 2011، وأطاحت بالعديد من الأنظمة السلطوية القائمة منذ فترة طويلة، سيطرت طهران بفاعلية على سكانها. ولم تقع أية مظاهرات في المدن الإيرانية أثناء هذه الفترة، ويبدو أن النظام صامد في مواجهة تغيير إقليمي كبير.
كيف نجحت الجمهورية الإسلامية الصمود في مواجهة العديد من الأزمات منذ عام 1997، بما في ذلك الأزمة المستمرة مع المجتمع الدولي بشأن البرنامج النووي؟ كيف واجه النظام تهديدات لسلطته؟ إن تحليل استراتيجيات البقاء المعقدة التي اتبعتها طهران يسلط بعض الضوء على كلا السؤالين. ومثلما هو الحال مع أنظمة مماثلة، فقد استخدم النظام مجموعة من التكتيكات والعوامل لتحييد التهديدات، بما في ذلك استدعاء أيديولوجيته الثورية وشرعيته الدينية التي لا تزال تحظى بالقبول، إلى جانب اتباع أساليب أكثر مباشرة مثل الدعاية والسياسات الاجتماعية التقييدية والمراقبة الموسعة والعنف الموزون والتحصين ضد الانقلابات والاستمالة.
وفي سبيل التعامل مع التهديدات الواردة من المستوى الأدنى (على سبيل المثال، ثورة)، اعتمد النظام في المقام الأول على "قوات الباسيج"، وهو شبكة إدارية جماهيرية من الجماعات الاجتماعية والمهنية والميليشيات التي تأسست لحشد الموالين وتسريح الحركات المستقلة وتهميش الإصلاحيين. إن زيادة الاستثمار في "الباسيج" وغيرها من أجهزة الأمن الاجتماعي كان عاملاً رئيسياً في قدرة طهران على تفكيك "الحركة الخضراء" المعارضة في عام 2009 وخلق مناخ من الخوف في أعقاب ذلك. وقد أصبح من شاركوا في هذه الأجهزة معتمدين على النظام وعرضة للتأثير على عقيدتهم بينما من ظلوا "خارج" تلك الأجهزة يواجهون تهديدات مستمرة إلى جانب التدخل والقمع، سواء في الشوارع أو على الإنترنت.
ومن أجل إبطال مفعول التهديدات الواردة من المستوى الأعلى (على سبيل المثال، انقلاب)، أنشأ النظام بنية عسكرية موازية، وهو "فيلق الحرس الثوري الإسلامي"، إلى جانب الجيش النظامي. ثم أحكم قبضته على هذا الجهاز من خلال عملية غرس المبادئ العقائدية (على سبيل المثال، إرسال الملالي إلى كافة أرجاء الفيلق) وإحكام المراقبة الموسعة (على سبيل المثال، غرس أفراد مستقلين من المخابرات الداخلية داخل الوحدات) والاستقطاب الاقتصادي. واليوم، وسع "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" وبسط نفوذه على جميع قطاعات الاقتصاد الإيراني، على نحو يتجاوز بقوة نفوذ الجيش النظامي. إن ذلك يمنح أفراد "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" حافزاً قوياً لمواصلة دعم النظام من أجل تأمين امتيازاتهم [والحفاظ عليها].
وفي سبيل التعامل مع التهديدات الخارجية، وسعت الجمهورية الإسلامية وجودها في جميع أنحاء العالم، لا سيما في الفناء الخلفي لأعدائها المفترضين. كما أن "قوة القدس" التابعة لـ "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" تمثل أداة هامة في هذا المسعى، الذي يهدف إلى تشكيل محور مقاومة يمكنه أن يتحدى الولايات المتحدة وإسرائيل مع ردعهما أيضاً عن مهاجمة إيران. إن عوامل الجذب الأيديولوجية والحوافز الاقتصادية الممولة بأموال النفط تمثل عاملاً رئيسياً لتجنيد الأنصار في الخارج، سواء بشكل فردي أو في شكل وكلاء كبار مثل «حزب الله».
وعلى الرغم من نجاح هذا النهج حتى الآن، فإن محاولات النظام العلنية لإحداث خلل في البنية الطبيعية للمجتمع الإيراني قد تُعرِّض بقاء النظام على المدى الطويل إلى الخطر. كما أن طبيعة السكان تغيرت بشكل كبير على مدار السنوات حيث تعمل أعداد متزايدة من الشباب المتعلمين على إحباط أعمال القمع التي تمارسها الحكومة من خلال الوصول إلى المعلومات وتقنيات الاتصال. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع معدلات البطالة والتضخم وسوء الإدارة والفساد السياسي والاقتصادي المتفشي أضعف شرعية الجمهورية الإسلامية وخلق حالة من الاستياء الشعبي العميق.
وفي ظل هذا المناخ، سيتعين على النظام الاختيار بين قبول التغييرات الاجتماعية المستمرة أو الاستعداد لانتفاضة أخرى. ورغم استحالة التيقن من احتمالية وقوع تلك الانتفاضات وتوقيتها، يؤمن العديد من المفكرين برجحان وقوع أعمال الشغب إذا لم تبدأ طهران في تطبيق إصلاحات جوهرية في المستقبل القريب.
 
 إسرائيل في عين العاصفة: حكومة جديدة تواجه بيئة أمنية متغيرة
دان شيفتان و شاي فيلدمان
أعد هذا الملخص المقرر غابرييل تودين.
"في 3 حزيران/يونيو 2013، خاطب شاي فيلدمان ودان شيفتان منتدى سياسي في معهد واشنطن. والدكتور شيفتان هو مدير "مركز دراسات الأمن القومي" في جامعة حيفا وأستاذ زائر للشؤون الحكومية في زمالة غولدمان في جامعة جورج تاون. والدكتور فيلدمان هو مدير في زمالة جوديث وسيدني شوارتز في "مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط" في جامعة برانديز. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهما."
شاي فيلدمان
تُبرز حالة الاضطراب والتقلب الأخيرة التي تجتاح الشرق الأوسط تحديات خطيرة وتكشف عن فرص هامة للحكومة الإسرائيلية الجديدة. لقد تجنبت إسرائيل حتى الآن ارتكاب أي خطأ فادح في العامين الماضيين منذ بدء الصحوة العربية. وفي الواقع أنها تعاملت مع آثار الانتفاضات في المنطقة بقرارات واعية ووضوح يكاد يكون منقطع النظير. وينطبق ذلك خصوصاً على سوريا، حيث رفضت إسرائيل التحيز إلى جانب على حساب آخر في الحرب الأهلية، وركزت بدلاً من ذلك على منع نقل الأسلحة إلى «حزب الله». ومن شأن هذه النجاحات أن تُسهل للحكومة الجديدة التعامل مع القرارات الأكثر صعوبة المطلوبة لضمان مستقبل إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية.
ومن بين تلك القرارات ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. إذ لا يزال الجدل محتدماً في إسرائيل حول هذه المسألة، حيث إن جميع الخيارات تفضي على ما يبدو إلى تبعات خطيرة.
وتكمن المسألة الجوهرية الأخرى في علاقة إسرائيل مع تركيا. فقد اتخذ كلا البلدين بالفعل خطوات لرأب الصدع، لكن لم يتضح بعد إلى أي مدى ستصل هذه الجهود، وإلى متى ستستمر. وعلى كل حال، ستبقى هذه المسألة جوهرية في ضوء طموح تركيا وعلو شأنها في المنطقة وقوة اقتصادها ومهارتها في استخدام قوتها الناعمة.
كما أن الصحوة العربية سوف تؤثر على عملية صنع القرارات في إسرائيل. فرغم أنها لا تزال صحوة عربية داخلية، إلا أن صعود الإسلام السياسي ونمو حالة عدم الاستقرار الإقليمي يؤثران بشكل مباشر على إسرائيل. وعلى وجه الخصوص، فإن الدور المحتمل للجهاديين في سوريا والوضع غير الواضح بالنسبة لاستقرار الأردن سوف يشكلان المشهد الأمني المستقبلي لإسرائيل.
وعلى الرغم من هذه التحديات، طورت إسرائيل العديد من الأصول الاستراتيجية الهامة خلال السنوات الأخيرة. أولاً، وصلت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية إلى مرحلة فريدة من التقارب، لا سيما في مجال الدفاع.
ثانياً، لا تواجه إسرائيل حالياً أي تهديد عسكري تقليدي. كما أن سوريا والعراق منهمكتان في صراعاتهما الداخلية؛ وبشكل أوسع نطاقاً، أصبحت المنطقة منقسمة بشكل متزايد بين الشيعة في إيران والعراق و«حزب الله» من جهة، والسنة في الأردن ومصر والمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأصغر حجماً من جهة أخرى. ويحظى الإسرائيليون بميزة استراتيجية فريدة في ظل تلك البيئة، لا سيما نظراً لأن بعض دول الخليج ربما تكون في الواقع أكثر ميلاً للتحالف معهم ضد إيران.
أما الأصل الثالث فهو إعادة التأكيد مؤخراً على "مبادرة السلام العربية"، وهي عبارة عن مقترح سعودي لإرساء السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين طُرح للمرة الأولى في عام 2002. ويشير ظهور هذا المقترح مجدداً إلى أن الدول العربية هي أكثر ميلاً لإجراء مناقشات مثمرة عما كان عليه الوضع في السنوات السابقة.
والأصل الرابع هو قوة الردع الكبيرة لإسرائيل ضد الفاعلين من غير الدول مثل «حزب الله» و«حماس». فلم تُطلق أي صواريخ من لبنان منذ صيف 2006، كما أن «حزب الله» أصبح منهمكا حالياً في الحرب الأهلية السورية، مما زاد تشتيته بعيداً عن الصراع مع إسرائيل.
خامساً، تشهد إسرائيل طفرة في النمو الاقتصادي نتيجة الإدارة المسؤولة لنظمها المالية والمصرفية، حيث يقارب مستوى الفرد من إجمالي الدخل المحلي في الوقت الحالي المستويات الأوروبية. وفضلاً عن ذلك، تتجه الدولة نحو الاستقلال في مجال الطاقة ويرجع ذلك جزئياً إلى اكتشافات الهيدروكربونات الجديدة.
ومع ذلك، فعلى الرغم من الفائدة الواضحة لهذه المزايا الاستراتيجية، إلا أنها تجعل الحكومة الإسرائيلية غير راغبة في المخاطرة إلى جانب إرجائها اتخاذ القرارات الصعبة بشأن إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية. وإذا واصلت الحكومة الإسرائيلية حالة اللافعل، فإنها بحكم الأمر الواقع تخاطر بالانزلاق إلى دولة ثنائية القومية بدلاً من أن تكون هناك دولتين لشعبين. وأية محاولة لحل المسألة بشكل أحادي الجانب سوف تبوء بالفشل؛ لذا يجب على رئيس الوزراء نتنياهو أن يعمل مع السلطة الفلسطينية لتحقيق نجاح حقيقي استراتيجي ونزع فتيل التهديد الوجودي الكامن في استمرار غياب السلام في المنطقة. وفي الوقت الذي تعمل فيه واشنطن مرة أخرى على مساندة إجراء مفاوضات مثمرة مع الفلسطينيين، يجب على إسرائيل أن تُظهر رغبتها في اتخاذ خطوات قوية ومؤثرة تؤدي إلى إحداث تقدم ملموس.
وفي الواقع أن مستقبل مشاركة الولايات المتحدة في المنطقة هو في حد ذاته عامل هام وحاسم في المعادلة الأمنية لإسرائيل. فدون وجود اهتمام أمريكي نشط ومشاركة أمريكية فعالة في المنطقة، سوف تكون إسرائيل معزولة ومن ثم ستواجه تهديدات عميقة. ورغم أن الانتفاضات العربية شتتت انتباه بعض الدول بعيداً عن صراعاتها مع إسرائيل، إلا أنها زادت أيضاً من دور الرأي العام في هذه البلدان. وقد تسبب ذلك في بعض الأحيان في تصدر المتطرفين للمشهد، مما أدى إلى تحديد قدرة إسرائيل على التعامل الظاهري مع العديد من الدول العربية. ومن شأن هذه الديناميكيات أن تضر بوضع إسرائيل الاستراتيجي، لا سيما إذا انفصلت واشنطن عن المنطقة وأرجأ قادة إسرائيل القضايا الهامة لفترة طويلة جداً.
دان شيفتان
لقد شهد المجتمع الإسرائيلي على مدار العقد الماضي تغيراً جذرياً سيؤثر على عملية صنع القرارات الحكومية لسنوات قادمة. وبداية من الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000، فإن مفهوم الدولة بشأن السلام قد تحول بشكل جذري، حيث أصبح العديد من الإسرائيليين يؤمنون بأن الجزء العملي من طموحاتهم نحو السلام ينبغي إهماله، إن لم يكن التخلي عنه كلية. وبخلاف منع الحرب وردع الأعداء المباشرين، بدا أن إسرائيل لا تعطي أولوية لأي جهود نشطة للتوصل إلى سلام مع العرب. وفي الماضي، افترض العديدون أن هذا الجدار الرادع وحده سوف يقنع العرب في النهاية بالتوقف عن تقويض [أمن] إسرائيل. ولكن على الرغم من العمليات المتكررة لإظهار قوتها الاجتماعية والعسكرية والسياسية، فإن إسرائيل تواجه الآن صراعاً لم تخبت جذوته، لكنه أخذ شكلاً جديداً.
ولا شك أن إسرائيل لا تزال تحظى بالتفوق العسكري التقليدي في المنطقة. لكن معظم أعدائها قد ابتعدوا عن ميدان القتال، وتحولوا إلى أساليب تثير حقد الشعوب ضد الشعوب بشكل فعال (على سبيل المثال، إطلاق الصواريخ العشوائية ضد القرى الإسرائيلية). وعلى نحو مماثل، فإن بعض جوانب عملية صنع القرار في الدول العربية ابتعدت عن القادة الحكوميين لتصل إلى الشارع، حيث يغلب أن ينظر المواطنون المتطرفون إلى إسرائيل على أنها عدو. ورغم أن العديد من الدول العربية تتشارك في مصالحها الاستراتيجية مع إسرائيل، إلا أن النفوذ المتنامي لآراء الجمهور المتطرفة حالت إلى حد بعيد دون التعاون بينهم.
وتشير هذه العوامل مجتمعة إلى أن إسرائيل دخلت عهد "ما بعد عملية السلام" مع الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة أكثر ميلاً إلى الوسط، إلا أن الإسرائيليين لا يجدون أي شريك فلسطيني للسلام. كما أنهم يرون أن الظروف الإقليمية غير المستقرة لا تسمح لهم بتقديم تنازلات كبيرة أو الدخول في مفاوضات مكثفة. وعلى وجه الخصوص، فإن شكوكهم حول الكيفية التي ستؤثر فيها الانتفاضات العربية على الأردن يعني أنه لا يمكن التوصل إلى أي اتفاق نهائي مع الفلسطينيين حول قضايا الحدود والقضايا ذات الصلة. ومن جانبهم، لن يقبل الفلسطينيون أي اتفاق سلام لا يشمل غزة، حيث تسيطر «حماس» على القطاع بينما لا يزال موقفها المناهض بشدة لإسرائيل هو السياسة المتحكمة التي تتبعها الحركة.
ورغم هذا المشهد البائس حول احتمالات التوصل إلى سلام دائم، إلا أنه لا يزال يتعين على إسرائيل أن تنفصل عن الضفة الغربية -- ليس لأن تلك الخطوة سوف تؤدي إلى التوصل إلى اتفاق، لكن لأنها ضرورية للحفاظ على الهوية اليهودية للدولة. وفي ظل الظروف الراهنة، لا تستطيع إسرائيل إنجاز ذلك الهدف بأية طريقة بخلاف النهج الأحادي. وعلاوة على ذلك، فمن خلال النقل الثابت للسيطرة إلى السلطة الفلسطينية -- وتحويل أراضي من المنطقة (ج) إلى المنطقة (ب)، ومن المنطقة (ب) إلى المنطقة (أ) -- تستطيع إسرائيل أن تظهر للمجتمع الدولي أنها ملتزمة بالانسحاب من المناطق الفلسطينية. وفي سبيل تعزيز تلك الخطوات، تستطيع الولايات المتحدة أن تساعد إسرائيل على تطوير حاجزها لمقاومة الإرهاب حول الضفة الغربية. إن موافقة الولايات المتحدة على تصرفات إسرائيل في الضفة الغربية من شأنها أن تحمي البلاد أيضاً من ضغط الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وبدون ذلك القبول الدولي، فإن إسرائيل تخاطر بإرغامها على أن تكون دولة ثنائية القومية.
 
رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد يُعد انتصاراً لحركة «فتح»
ديفيد ماكوفسكي... ديفيد ماكوفسكي هو زميل زيغلر المميز ومدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن.
في بداية هذا الأسبوع، كلف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأستاذ الجامعي رامي حمد الله بتشكيل حكومة جديدة خلفاً لتلك التي ترأسها الاقتصادي المحترم دولياً سلام فياض، الذي استقال من منصبه في نيسان/أبريل. إن حداثة حمد الله بالسياسة، تجعله يفتقد ذلك القدر من الاستقلالية في السلطة الذي يتمتع به فياض، الأمر الذي من المرجح أن يسمح لعباس وحركة «فتح» الحاكمة بالتمتع بمزيد من السيطرة على الكثير من تحركاته. غير أن بُعده عن الأضواء قد يساعده أيضاً في الاحتذاء حذو المبادرات الاقتصادية والأمنية لسلفه في ظل وجود عوائق سياسية أقل من تلك القائمة أمام حكومة فياض.
نصر لـ حركة «فتح»
عمل حمد الله، المولود في مدينة طولكرم بالضفة الغربية في عام 1958، رئيساً لـ "جامعة النجاح الوطنية" في نابلس منذ عام 1998. وهو عالم لغويات في اختصاصه، وكان قد حصل على شهادة الدكتوراه من "جامعة لانكستر" في بريطانيا. ولم يشترك حمد الله حتى الآن في الحياة السياسية داخل السلطة الفلسطينية على الرغم من أنه ترأس في وقت سابق البورصة الفلسطينية وشغل منصب الأمين العام لـ "لجنة الانتخابات المركزية في السلطة الفلسطينية" منذ عام 2005.
ويبدو أن عباس قد اختاره بسبب صحيفته البيضاء في المجال السياسي. وكونه بعيداً عن الساحة السياسية فإن حمد الله لا يمتلك أعداء سياسيين، بيد أنه يفتقر أيضاً إلى قاعدة شعبية، لذا فمن غير المرجح أن يسلك مساراً مستقلاً عن الرئيس عباس. ووفقاً لذلك، فمن الواضح أن تعيينه يبدو انتصاراَ لحركة «فتح» الحاكمة بقيادة عباس التي واجهت بعض الصعوبات جراء استقلالية فياض التي كانت تتزايد يوماً بعد يوم وتداعياتها على مرحلة ما بعد خلافة عباس.
وكما هو الحال بالنسبة لحمد الله، اعتُبِر فياض من التكنوقراط عند توليه منصبه في عام 2007. بيد أن الأربعة عشر عاماً التي قضاها في "صندوق النقد الدولي" أتاحت [له الفصة لإقامة] علاقات دولية جيدة على كافة المستويات وأن عمله في وظيفته السابقة كوزير للمالية في السلطة الفلسطينية قد عززت بشكل كبير من سمعته كأحد الإصلاحيين الاقتصاديين. ومنذ ذلك الوقت، أشار فياض بشكل علني أنه سيرشح نفسه للرئاسة في الانتخابات المقبلة. والآن وبعد أن تخلى عن دور الرجل الثاني برحيله عن رئاسة الوزارة، يمكن للمرء أن يتخيل أن فياض سيصبح أكثر صوتاً وصخباً في الدعوة لإجراء انتخابات جديدة.
وتشير مسألة تعيين رجل يفتقر إلى سمعة دولية وقاعدة شعبية داخلية مقارنة بتلك التي يتمتع بها فياض إلى أن عباس ودائرته المقربة سيكونون قادرين على إحكام سيطرتهم على رئاسة الوزراء. وفي الوقت نفسه إذا اختار عباس عضواً من "اللجنة المركزية لحركة «فتح»" أو من "المجلس الثوري"-- شخص يتمتع بالإمكانية لأن يخلفه كرئيس -- فإنه بذلك يبتعد على الأرجح عن بعض اللاعبين على الساحة الفلسطينية. ويعتبر حمد الله بمثابة الخيار الوسط وذلك على النحو التالي: من غير المرجح أن يعارض «فتح»، كما أنه غير مرتبط بـ «حماس»، لذا فلا يمكن للولايات المتحدة وإسرائيل أن يعترضا عليه على هذه الأسس.
وعلاوة على ذلك، فمن خلال قيام عباس بتعيين أكاديمي، قد يعتقد رئيس السلطة الفلسطينية أنه يمكن أن ينجو من الإدعاءات الخاصة باتّباعه لنظام المحسوبية في اختياراته. وفي وقت سابق، تكهن بعض المراقبين الغربيين أن عباس سيعين مساعده في الشؤون الاقتصادية محمد مصطفى لكي يحل محل فياض الذي رأوه أنه إشارة إلى نظام المحسوبية الاقتصادية (ولكن دون توجيه اتهامات محددة ضد مصطفى). ومع ذلك، ففي الوقت الحالي، وردت بعض التقارير أن عباس يخطط لتعيين مصطفى كنائب جديد لرئيس الوزراء، مشيرة إلى أنه يريد أن يضع مراقبة وثيقة على حمد الله، في الوقت الذي يتفادى فيه مثل هذه الانتقادات.
وعلى الرغم من عدم وجود أي إشارة علنية في واشنطن حول موضوع تعيين حمد الله وتقييم [قابلياته وأعماله السابقة]، إلا أن مسألة التوقيت تبدو لافتة للنظر. فعندما استقال فياض في 13 نيسان/أبريل، لم يبدو عباس في عجلة من أمره بوجه خاص لتعيين من يحل محله. وبدلاً من ذلك، جاء القرار بعد أيام قليلة من اجتماع "المنتدى الاقتصادي العالمي" في الأردن في 26 أيار/مايو، والذي أعلن فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري -- عندما كان عباس واقفاً إلى جانبه -- أن الولايات المتحدة ستتزعم خطة تنموية اقتصادية بقيمة 4 مليارات دولار من أجل السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.
عدم تحقيق مصالحة بين «فتح» و «حماس»
في عام 2011، التزم عباس بتعيين رئيس وزراء جديد بالاشتراك مع «حماس» كجزء من اتفاق المصالحة المبدئي مع "حركة المقاومة الإسلامية". وعندما أكدت الأطراف مجدداً على رغبتها في المصالحة العام الماضي، أشارت أن عباس نفسه سيكون رئيس الوزراء المقبل. بيد أنه على الرغم من مرور عامين من المباحثات، إلا أن المفاوضات بين «فتح» و «حماس» قد تعثرت ويعتبر تعيين حمد الله إشارة إلى أن المصالحة لن تحدث في أي وقت قريب.
وفي الواقع، وبدلاً من الموافقة بشكل مشترك على قرار التعيين، أعلنت «حماس» رفضها له. فقد قال المتحدث الرسمي باسم حركة «حماس» فوزي برهوم "كان ينبغي على عباس تنفيذ المصالحة [الاتفاق]،" واصفاً قرار الرئيس أحادي الجانب بتصعيد حمد الله بأنه "غير شرعي". بيد أنه من الصعب على «حماس» أن تعتبر حمد الله مسؤولاً عن تعطل المصالحة. ففي شباط/فبراير 2013، أقامت "لجنة الانتخابات المركزية" -- تحت رئاسة حمد الله -- 257 مركزاً لتسجيل الناخبين في غزة للمساعدة في بدء الانتخابات الوطنية، التي لم تُجرى منذ الانتخابات البرلمانية عام 2006.
الاختبارات التي تنتظر حمد الله
في المرحلة القادمة سيركز المانحون الدوليون على تقدم رئيس الوزراء الجديد في ثلاث مجالات رئيسية: شفافية الميزانية، والإدارة الرشيدة للاقتصاد، واستمرار التعاون الأمني مع إسرائيل. وفيما يتعلق بالمسألة الأولى فإن الاختبار الجوهري يكمن فيما إذا كان حمد الله سيواصل الإعلان عن بنود ميزانية السلطة الفلسطينية، وهو النهج المميز الذي اتبعه فياض لتحسين الإدارة والوصول إلى الحوكمة الرشيدة. ومن خلال قيام فياض بوضع الحساب الرئيسي للسلطة الفلسطينية تحت المراقبة الدولية، فإن رئيس الوزراء المستقيل قد جعل من المستحيل من الناحية العملية انحراف مسار المساعدات. فإذا اتخذ حمد الله مساراً مختلفاً، فإن أوروبا وواشنطن سيضطران إلى تخفيض إسهاماتهما.
كما اكتشف فياض أن حالة المد والجزر التي اتسمت بها مفاوضات السلام قد أثرت على جهوده الرامية لاستقرار الميزانية وإضفاء الصفة الاحترافية عليها. إن محاولة عباس أحادية الجانب للحصول على العضوية في الأمم المتحدة في عامي 2011 و 2012 قد عطلت كل من المساعدات الأمريكية ونقل إسرائيل للإيرادات الضريبية التي تحصلها بالنيابة عن الفلسطينيين. ونتيجة لذلك، كان على السلطة الفلسطينية الاقتطاع من الرواتب الشهرية لـ 150,000 من موظفيها، كما أن قيادة «فتح» قد جعلت من فياض كبش فداء رغم معارضته الشديدة لتوجه عباس إلى الأمم المتحدة.
ويعتبر الملف الاقتصادي إحدى القضايا الرئيسية الأخرى. وبفضل الاستراتيجية التي يتبعها فياض إلى حد كبير والمتمثلة بمهاجمة العجز في الميزانية والتركيز على مشروعات البنية التحتية، فقد سجل "الناتج المحلي الإجمالي" في الضفة الغربية نمواً بمعدل 11 في المائة في عامي 2010-2011 -- وفقاً لـ "لجنة الاتصال المخصصة"، التي تنسق مساعدات المانحين. ومع ذلك انخفض هذا الرقم إلى 6 في المائة في عام 2012، في الوقت الذي زاد العجز في الميزانية وزادت نسبة البطالة خاصة بين الشباب. وعلى الرغم من استئناف المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة وقيام إسرائيل بتسليم الإيرادات الضريبية، يبدو من غير الواضح كيف سيعيد حمد الله النمو الاقتصادي للمستويات السابقة. وعلى وجه الخصوص، سيكون من الشيق رؤية ما إذا كان سيستطيع تكرار النجاح الإقليمي الذي حققه في جمع الأموال عندما كان مسؤولاً عن إحدى الجامعات، حيث أفادت التقارير أنه كان قد جمع ما قدره 300 مليون دولار، أغلبها من الدول العربية.
وبالنسبة للتعاون الأمني مع إسرائيل، عُرف فياض بالتزامه بهذه الأنشطة كوسيلة لتحسين الوضع الأمني والقانوني داخل الضفة الغربية. وعلى وجه التحديد، ركز فياض على تعزيز الخدمات الأمنية، وإضفاء الطابع المؤسسي على التعاون مع الخدمات الإسرائيلية، ومتابعة نشطاء «حماس» المتورطين في البنية التحتية للإرهاب في الضفة الغربية. وقد فضل عباس هذه التعاون أيضاً إلا أنه غالباً ما كان يسافر إلى الخارج تاركاً إدارة هذه المسألة لفياض والمسؤولين المعنيين. وعلى الرغم من أن التواصل والتنسيق الأمني بين الإسرائيليين والفلسطينيين يبدو الآن أمراً روتينياً ولا يتطلب نفس المستوي من التدخل كما كان الحال في الأيام الأولى من ولاية فياض، فمع ذلك يتساءل المراقبون ما إذا كان التزام حمد الله بهذه المسألة سيضاهي سلفه أم لا.
وفي هذا الصدد هناك أسباب تدعو إلى التفاؤل. فعلى الرغم من أن "جامعة النجاح" قد قدمت عدداً من الانتحاريين خلال الانتفاضة الثانية (2000-2004)، إلا أن حمد الله قد أدان علنياً وبشكل قاطع تلك الهجمات مصرحاً: "أن الغالبية العظمى من الطلاب والمدرسين في هذه المؤسسة ضد قتل أي نفس بشرية. إنها من الفظاعة بمكان أن تقدم على قتل طفل برئ، سواء في فلسطين أو في إسرائيل أو في أي مكان آخر." وفي ذلك الوقت، ألقى اللوم على التطرف المتزايد إلى عدم إحراز تقدم نحو تحقيق عملية السلام.
الخاتمة
يبدو أن عباس قد عثر على رئيس الوزراء الذي سيعمل تبعاً لمكتب الرئيس. إن هذا الأمر بالإضافة إلى عدم وجود أعداء سياسيين لحمد الله قد يساعد رئيس الوزراء الجديد على تحقيق النجاح في هذا المنصب. وعلى الرغم من أن حمد الله لا يتوقع أن يحافظ على شعور الاستقلالية التي كان يتمتع بها فياض، فإنه لا شك سيكون محل نقد وتحليل من جانب المانحين وفقاً للمعايير المالية والاقتصادية والأمنية التي وضعها سلفه. كما أنه من السهل قياس هذه المعايير، لذا ينبغي على المجتمع الدولي أن يعرف قريباً ما إذا كان رئيس الوزراء الجديد سيسير على طريق فياض أو سيتخلى عنه.
 
 
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,170,546

عدد الزوار: 7,057,844

المتواجدون الآن: 81