تقارير..سنّة العراق والدولة: فرصة كبرى أو خسارة فادحة

إذا أصابت القنابل دمشق، نظرت إسرائيل إلى طهران

تاريخ الإضافة الجمعة 6 أيلول 2013 - 7:36 ص    عدد الزيارات 2180    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

إذا أصابت القنابل دمشق، نظرت إسرائيل إلى طهران
ديفيد ماكوفسكي.
ديفيد ماكوفسكي هو زميل زيغلر المميز ومدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن .
وسط القتل الدائر في سوريا ولبنان ومصر - ثلاث من الدول الأربع التي تحيط بإسرائيل - شبّه مؤخراً مسؤول أمني رفيع المستوى إسرائيل بـ "مقهى كائن في وسط مذبح".
قامت الولايات المتحدة بحملة دعاية واسعة لهجماتها الصاروخية المُرتقبة ضد سوريا. بيد لا يزال نطاق هذه الهجمات غير معروف. ولكن من المحتمل أن يحكم الإسرائيليون على هذه الضربة العسكرية فيما إذا كانت مؤلمة بما فيها الكفاية - وما إذا كان هذا العمل بمثابة تحذير من القيام بالمزيد من الهجمات التصعيدية بحيث يتم ردع الرئيس السوري بشار الأسد بشكل مناسب عن استخدام الغاز القاتل ضد شعبه مرة أخرى.
وفي الوقت الذي يدور فيه النقاش الأمريكي حول ما إذا كان ينبغي توجيه هذه الضربة كوسيلة ردع ضد أي هجمات أخرى بالأسلحة الكيماوية، أو بشكل أوسع نطاقاً أن تكون تلك الضربة حاسمة من أجل تغيير قواعد اللعبة في الصراع السوري، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تركز على آثار هذه الضربة على القوة الرادعة للولايات المتحدة في المنطقة بأسرها. فالجرعة اليومية من الفيديوهات التي يتم عرضها في الأخبار الليلية والتي تظهر المأساة السورية البادية للعيان قد أثارت مخاوف بين الإسرائيليين من أن عدم التدخل الأمريكي في الصراع السوري يشير إلى أن هناك قوة عظمى تسعى جاهدة إلى أن تنأى بنفسها عن الشرق الأوسط.
وفي عقول الجماهير، فإن تردد الولايات المتحدة حيال التدخل في أزمة حصدت حتى الآن أرواح ما يربو على 100,000 شخص يثير تساؤلات حول مصداقية التعهدات الأمريكية في المستقبل على الرغم من الدعم الكبير الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل على مدار عقود من الزمن. وكلما أصبحت الولايات المتحدة أكثر انخراطاً في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين- بما في ذلك إمكانية التدخل العسكري الأميركي في الترتيبات الأمنية - فإن هذا يعد تصوراً خطيراً.
وكما قال لي أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين الأسبوع الماضي "عندما تضع الولايات المتحدة خطاً أحمر، فعليها أن تكون جادة فيه. وهذه المسألة تتعدى موضوع سوريا. إنها مسألة تتعلق بالمصداقية ولها تداعيات على السياسة الأمريكية تجاه إيران". وفي خضم التكهنات والشكوك بشأن عمق الالتزام الأمريكي بمنع حصول إيران على سلاح نووي، فإن إنفاذ الخطوط الحمراء في سوريا من شأنه أن يبعث على الأقل برسالة أوسع نطاقاً مفادها أن الكلمات لها بالفعل معنى.
ولا شك أن إسرائيل تتخذ احتياطاتها. ففي 28 آب/أغسطس أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن إسرائيل تضع دفاعاتها الصاروخية على أهبة الاستعداد بما في ذلك "القبة الحديدية" - نظام الاعتراض قصير المدى الذي لطالما افتخرت به. وفي الوقت نفسه، يبدو أن هناك هاجس بسيط من إمكانية تعرض إسرائيل لضربات انتقامية، لأنها لم تحرض الولايات المتحدة على العمل في سوريا ولأنه لا ينظر إلى مشكلة الأسلحة الكيماوية في أي مكان بأنها متصلة بإسرائيل بشكل مباشر. وحتى في الوقت الذي يتوقع العالم بأسره بشن ضربة وشيكة ضد سوريا، نرى رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو يكرر عباراته العامة المعتادة بأن إسرائيل "سوف تبقى بعيداً عن الحرب الأهلية الدائرة في سوريا". وعلاوة على ذلك، تتمتع إسرائيل بقدرات متفوقة وأن الأسد يعلم أن أي محاولة انتقام لن تنتهي عند هذا الحد بل سوف تدفع إسرائيل لشن هجوم عقابي مضاد أشد وطأة.
وفي الواقع، تعكس هذه العبارات عموماً نهج إسرائيل تجاه سوريا. فمن وجهة النظر الإسرائيلية، إن مسألة الأسلحة الكيماوية واتخاذ ما يلزم تجاه الخطوط الحمراء التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي أوباما ينبغي أن يُنظر إليها بشكل منفصل عن السياسة التي تنتهجها تجاه الموقف الأوسع نطاقاً في سوريا. ومن جانبها تسعى إسرائيل لتحديد مصالحها الخاصة في الصراع بشكل دقيق. فمنذ حرب لبنان عام 1982، عندما سعت إسرائيل لتتويج بشير الجميل رئيساً للبنان والذي ما لبث أن تعرض لعملية اغتيال، استوعبت درساً لا يُنسى وهو: أنه لا يمكنها القيام بالهندسة الاجتماعية في دولة شرق أوسطية أخرى. ورغم تبجحها بالـ "صبرا" [اليهود المولودين في إسرائيل] إلا أنه عندما يتطرق الأمر إلى الحديث عن قدرتها على إعادة تشكيل السياسات الداخلية العربية، نجد إسرائيل أشد تواضعاً عما يُنسب إليها من قدرات في هذا الصدد بين صفوف العرب أنفسهم.
ووفقاً لـ "استطلاع مؤشر السلام" الذي أجرته جامعة تل أبيب في شهر أيار/مايو الماضي، هناك نسبة كبيرة بين اليهود الإسرائيليين تبلغ 86 في المائة يريدون أن تبقى إسرائيل بعيداً عن سوريا. وتعي إسرائيل أنها مصد الصدمات المفضل في المحيط العربي في أفضل الأحوال، ولذلك فإن أي من النتائج التي تفضلها يواجه خطر فقد الشرعية لمجرد كونه مرتبطاً بإسرائيل. وعلاوة على ذلك، فإنها لا ترى أن الأمر سيكون حاسماً في سوريا، وبالتالي تريد البقاء خارج المشهد. وبدلاً من ذلك، قصرت إسرائيل مصالحها على اعتراض ما تسميه "الأسلحة الاستراتيجية" والتي تعتقد دمشق الضعيفة أنه يتعين أو ينبغي إعطاؤها لمن انضموا إليها في المعركة ضد الثوار وهم: مقاتلي «حزب الله».
لقد حقق هذا التعريف الضيق للمصالح في سوريا نجاحاً ملموساً. فلم تنتقم سوريا عندما ضربت إسرائيل في أوائل هذا العام أسلحة سورية كانت موجهة لـ «حزب الله». وظلت إسرائيل متخوفة من المجهول، ربما من تصريحات مسؤولين أمريكيين من المستوى المتوسط الذين أكدوا هجمات إسرائيل ضد صواريخ ياخونت المضادة للسفن أو صواريخ أ-17 جو - أرض. ولم تسع إسرائيل لإذلال الأسد من خلال الحصول على التقدير والثناء. وكان النموذج لذلك هو الهجوم الإسرائيلي على المفاعل النووي السوري عام 2007. وفي المحادثات مع الولايات المتحدة التي سبقت توجيه الضربة، كان هم إسرائيل الأكبر هو أنها إن لم تعلن مسؤوليتها عن الهجوم، فقد ينكر الأسد اساساً وجود مفاعل بلاتينيوم نووي. ووفقاً لتلك الاستراتيجية لم تتعرض إسرائيل للهجوم. وفي حين نشرت إسرائيل طائرات كثيرة على البحر المتوسط قبل توجيه ضربتها واستوردت المزيد من الذخائر من الولايات المتحدة في حال حدوث محاولة انتقام سورية وكتدابير احترازية في حال شن هجوم مضاد من قبل دمشق - إلا أن الأسد لم ينتقم.
ولكن حتى لو عرَّفت إسرائيل مصالحها بدقة، يفتقد الجدل السياسي الدائر على مستوى النخبة إلى الإجماع حول ما إذا كان يتعين على إسرائيل تشجيع اتخاذ إجراءات أمريكية أوسع نطاقا تعمل على تشكيل نتائج الحرب ذاتها. ويقول عاموس يادلين رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق والرئيس الحالي لـ "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي أنه فيما يتعلق بإسرائيل، فإن الأسد يظل "الشيطان الذي نعرف حقيقته". وهو يؤيد الرأي القائل بأنه ينبغي على إسرائيل أن تفضل أي بديل للأسد لأن أي حكومة بقيادة سنية من شأنها أن تفرق المحور الشيعي الذي يربط دمشق مع طهران و «حزب الله».
كما يعتقد العديد من المحللين الأمنيين أنه بإمكان الولايات المتحدة فعل المزيد مثل فرض مناطق حظر طيران أو التنسيق لتزويد الثوار بالأسلحة دون المخاطرة بالقوات الأمريكية. وتقول هذه الرؤية بأن سوريا قد تغيرت بشكل لا رجعة فيه ولا يمكن للمرء أن يفكر من وجهة نظر الفئات القديمة التي تقوم على الأسد مقابل الثوار. وعلى أي حال فقد فقد الأسد أكثر أراضي البلاد، وقد تكون أيامه في الحكم معدودة، حتى مع الدعم الروسي والإيراني ومساندة «حزب الله».
ومع ذلك، فقد انتصرت المدرسة المعارضة لأنها خاضعة لقيادة رئيس الوزراء ومعظم مؤسسة الدفاع الإسرائيلية. ويخشى نتنياهو الشيطان الذي لا تعرفه إسرائيل - فهو معروف بتجنبه للمخاطر في القضية الفلسطينية. ويبدو أنه قلق بشأن صعود الجماعات الجهادية السنية مثل "جبهة النصرة" التي تدور في فلك تنظيم «القاعدة».
وبينما تقول مدرسة يادلين إن هزيمة حاسمة للأسد سوف تردع إيران عندما يتعلق الأمر ببرنامجها النووي، إلا أن مدرسة نتنياهو تسلك مسلكاً آخر. ووفقاً لهذه الرؤية، إن صلة إيران بالبرنامج النووي تتجاوز سوريا بكثير. فإيران ستتابع جهودها النووية بغض النظر عن ذلك. أضف إلى هذا أن الموقف السوري يتسم بالفوضى يحيث أنه ليس من المؤكد أن اتخاذ إجراءات حاسمة سوف يمثل صفعة قوية لإيران، ناهيك عن إحداث تأثير في الوقت المناسب على البرنامج النووي على المدى القصير إلى المتوسط. ووفقاً لهذه المدرسة، فإن الأثر النهائي لهزيمة الأسد هو تفتيت سوريا إلى مجموعة من الدويلات الفاشلة التي لن تكون قادرة على ضبط حدودها مع إسرائيل.
وعلاوة على ذلك، إذا لم تنته حالة عدم الاستقرار في سوريا بسقوط الأسد، فستعني النتيجة حدوث زيادة كبيرة في أعداد اللاجئين السوريين في الأردن والتي تشير التقديرات إلى أنها تبلغ حالياً 540.000 لاجئ سوري؛ ويمثل الأردن أهمية حيوية للأمن القومي لإسرائيل.
وقد انضمت إلى نتنياهو عناصر من المؤسسة الأمنية الذين يرون أن الولايات المتحدة لا تستطيع التعامل سوى مع أزمة واحدة فقط مرتبطة بالسياسة الخارجية في وقت واحد. ونظراً لديناميكيات إدارة الأزمة في واشنطن فإن إسرائيل مقتنعة أنه كلما انخرطت الولايات المتحدة في الحرب السورية، كلما قل المجال السياسي المتاح لإدارة أوباما للتعامل مع المشكلة الأكبر بكثير والمتمثلة في إيران. بمعنى آخر أنه في حال فشل الدبلوماسية الحالية مع إيران، سوف يقل احتمال توجيه ضربة أمريكية أو إسرائيلية ضد إيران وفقاً لمدى عمق تدخل الولايات المتحدة في سوريا. وبعبارة أخرى، أن مسألة سوريا الفرعية سوف تعمل في نهاية المطاف على إبعاد الاهتمام عن التهديد الإقليمي الأكبر المتمثل في إيران. وهذا أمر خطير جداً بالنسبة لإسرائيل. وفي الخامس والعشرين من آب/أغسطس وعقب اجتماعه مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قال نتنياهو "إن العالم كله يراقب الآن. إيران تراقب وتريد أن ترى ماهية ردة الفعل على استخدام الأسلحة الكيماوية". وأضاف، "يجب عدم السماح لأخطر الأنظمة في العالم بحيازة أخطر الأسلحة في العالم".
والنتيجة هي استنتاج مزدوج للمدرسة التي يترأسها نتنياهو. فمن جهة، تحث إسرائيل على اتخاذ إجراء أمريكي من شأنه أن يعيد احترام الخطوط الحمراء التي تضعها الولايات المتحدة بشأن الأسلحة الكيماوية في دمشق، وتأمل بأن هذا المشهد سيجعل طهران تشعر بأن الولايات المتحدة جادة في التنفيذ عندما تقول إنها تسعى لمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية. ولكن وبتجاوزنا لمسألة الردع وعندما يأتي الحديث عن الأسلحة الكيماوية، تخشى مدرسة نتنياهو من أن تعميق تدخل أمريكا في سوريا يحمل في طياته مخاطر متعددة.
وبغض النظر عن وجهات نظر إسرائيل، فإنه من نافلة القول أن نذكر بأنه يتعين على الولايات المتحدة أن تجري حساباتها الخاصة لمصالحها الإقليمية تدفعها في ذلك عوامل متنوعة فضلاً عن القيم التي تؤمن بها عندما تتعاطى مع عمق المأساة الأخلاقية المستمرة. وسوف تتخذ واشنطن قرارها بنفسها من حيث متابعة تعميق التدخل في سوريا من عدمه. ولكن بغض النظر عن المصالح الإسرائيلية في الحيلولة دون استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية، لا يمكن لأحد القول أن إسرائيل هي التي تحث اتخاذ إجراءً أمريكياً.
 
سنّة العراق والدولة: فرصة كبرى أو خسارة فادحة
Middle East Report N°144 14 أغسطس 2013
مجموعة الأزمات الدولية..الملخص التنفيذي
لا تزال مسألة مشاركة العرب السُنّة في النظام السياسي العراقي الذي طغى على العملية الانتقالية منذ بدايتها حادة وانفجارية كما كانت دائماً. أفراد الطائفة، الذين سرعان ما همشتهم المحاصصة العرقية ـ الطائفية التي حشرتهم في خانة الأقلية في نظام يهيمن عليه الشيعة والأكراد، رفضوا التوزيع الجديد للحصص في البداية ومن ثم حاربوه. نظراً لتحوّلهم التدريجي من التمرد إلى الانخراط السياسي المتردد، فإن رهانهم لم يحقق لهم سوى تمثيل رمزي، بينما عزز مشاعر الظلم والتمييز لديهم. اليوم، مع وصول إحباطهم إلى درجة الغليان، ووصول الاستقطاب السُنِّي ـ الشيعي في المنطقة إلى مستويات غير مسبوقة ومع الارتفاع الكبير في عدد التفجيرات الناتجة عن السيارات المفخخة في سائر أنحاء البلاد منذ بداية رمضان في تموز/يوليو، فإن العودة إلى حرب أهلية مذهبية باتت تمثل خطراً جدياً. لتجنب هذا المآل، على الحكومة أن تتفاوض على عمليات وقف إطلاق نار محلية مع المسؤولين السُنّة، وإيجاد السُبُل لإدماج العرب السُنّة بطريقة أكثر عدالة في العملية السياسية والتعاون مع اللاعبين المحليين لبناء نظام أمني فعّال على طول الحدود مع سورية.
للأزمة جذور عميقة؛ فطوال فترة وجوده في منصبه، نفّذ رئيس الوزراء نوري المالكي استراتيجية فرِّق تَسُد أدت إلى تحييد أي قيادة عربية سُنيّة ذات مصداقية. كما أن السلطات اتخذت خطوات تعزز التصورات بوجود أجندة مذهبية. تم تهميش سياسيين بارزين ـ معظمهم من السُنّة ـ تطبيقاً لقانون المساءلة والعدالة على أساس ارتباطات مزعومة وعلى مستويات عليا بحزب البعث السابق. وانتشرت قوات الأمن الاتحادية بشكل غير متناسب في الأحياء السُنِّية من بغداد، وكذلك في المحافظات التي يسكنها السُنّة (الأنبار، وصلاح الدين، ونينوى، وكركوك وديالى). القائمة العراقية، الحركة السياسية التي شعر معظم العرب السُنّة بأنها تمثّلهم، تفككت ببطء بسبب الخلافات الداخلية، في نفس الوقت الذي لجأ فيه المالكي إلى وسائل قانونية وأيضاً إلى وسائل تقع خارج إطار النظام القضائي لتعزيز قوته.
لقد حفل العام الأخير بالتطورات الأكثر ضرراً في هذا السياق؛ فمع تغذية الأحداث في سورية لآمالهم بالعودة إلى المشهد السياسي، أطلق العرب السُنّة حركة احتجاجية سلمية غير مسبوقة في أواخر عام 2012 رداً على اعتقال الحراس الشخصيين لرافع العيساوي، العضو البارز في العراقية. كما أنها أخفقت في توفير معالجات للمظالم المتراكمة. بدلاً من ذلك، فإن المظاهرات وعمليات القمع التي أعقبتها فاقمت من الشعور بالإقصاء والاضطهاد في أوساط السُنّة.
اختارت الحكومة في البداية رداً تقنياً يفتقر إلى الجاذبية، وذلك بتشكيلها لجاناً لمعالجة مطالب المحتجين بشكل أحادي، ورفضت المفاوضات المباشرة وشددت الإجراءات الأمنية في المناطق التي يقطنها السُنّة. فاقمت التنازلات المتأخرة والمترددة من انعدام الثقة وعززت من قوة الفصائل الأكثر راديكالية. بعد مأزق استمر أربعة أشهر، تصاعدت الأزمة. في 23 نيسان/أبريل، داهمت قوات الحكومة مخيّماً للمحتجين في مدينة الحويجة، في محافظة كركوك، فقتلت أكثر من 50 وجرحت 110. أدى ذلك إلى موجة عنف فاقت في حدّتها أي شيء شهدته البلاد خلال السنوات الخمس الماضية. أعادت الهجمات ضد قوات الأمن، وضد المدنيين – وهو الأكثر إنذاراً بالخطر - إحياء المخاوف من العودة إلى حرب أهلية شاملة. الدولة الإسلامية في العراق، التي تمثّل التعبير المحلي عن القاعدة، عادت إلى أنشطتها المسلّحة. وقد ردت الميليشيات الشيعية بشن هجمات على السُنّة. من المرجّح أن يؤدي اعتزام الحكومة معالجة قضية سياسية بشكل رئيسي، وهي تمثيل العرب السُنّة في حكومة بغداد، من خلال إجراءات أمنية أكثر تشدّداً إلى تفاقم الوضع.
نظراً للتقليل من شأن الحراك الشعبي، وشيطنته ووقوعه عرضة لقمع الحكومة المركزية، فإنه يتحوّل بسرعة إلى صراع مسلح. في هذا الصدد، فإن غياب قيادة سُنيّة موحّدة ـ وهو أمر أسهمت فيه سياسات بغداد، وقد يكون المالكي اعتبره ميزة ـ تحوّل إلى عبء خطير. في المواجهة التي باتت تكتسب صبغة مذهبية على نحو متزايد، فإن أنصار الحراك يتطلعون غرباً إلى سورية بوصفها الحلبة التي يمكن أن يشنوا المعركة فيها على الحكومة العراقية وحلفائها الشيعة، وشرقاً إلى إيران، بوصفها مصدراً لكل مصائبهم.
نظراً لتعرّضهم لضغوط مكثّفة من القوات الحكومية وتراجع إيمانهم بالحل السياسي، فإن العديد من العرب السُنّة استنتجوا أن خيارهم الواقعي الوحيد يتمثل في صراع عنيف يتخذ على نحو متزايد صبغة مذهبية. بالمقابل، فإن الحكومة تجد في ذلك فرصة مناسبة لوضع كل المعارضة في خانة المجموعات الطائفية المسلحة التي تتطلب مواجهتها إجراءات أمنية أكثر تشدداً. وفي غياب تحولٍ دراماتيكي في المقاربة، ثمة مخاطرة في انهيار الدولة الهشة في العراق ووقوعها ضحية لمزيج انفجاري يتكون من عيوبها القديمة والمعروفة والتوترات الإقليمية المتنامية.
التوصيات لوقف تصاعد العنف على المدى القصير
إلى حكومة العراق والمجالس المحلية في الأنبار، ونينوى، وصلاح الدين، وديالى:
1. التفاوض على عمليات وقف إطلاق نار محليّة تشتمل على ضبط النفس من قبل قوات الحكومة والتعاون من قبل السلطات المحلية.
2. السعي لتأسيس هيكليات مشتركة للقيادة والتنسيق يشارك فيها الجيش الاتحادي والقوات المحلية (وحدات الشرطة والصحوات)، بهدف جعل الصراع ضد الدولة الإسلامية في العراق التابعة للقاعدة أولوية، وضمان عدم عبور أي مقاتلين عراقيين، سواء كانوا سُنَّة أو شيعة، إلى سورية.
3. إجراء عمليات تحقيق مشتركة في عمليات القتل في الفلوجة، والموصل والحويجة.
لمعالجة القضايا الأبعد مدى التي تساهم في عدم استقرار البلاد
إلى حكومة العراق:
4. تخفيف حدة التوترات المذهبية من خلال، بين أشياء أخرى:
    ‌أ. تخفيف الإجراءات الأمنية، بشكل أحادي أو في سياق عمليات وقف إطلاق النار التي يتم التفاوض عليها، مثل نشر وحدات الأسلحة والتكتيكات الخاصة وعمليات التفتيش الأمني المزعجة، وكذلك على القيود المفروضة على حرية الحركة والوصول إلى المواقع الدينية، إلى أبعد حد ممكن؛
    ‌ب. تقديم مزايا وفرص متساوية للقبائل الشمالية والجنوبية؛
    ‌ج. إطلاق حوار وطني للاتفاق على إصلاح قانون المساءلة والعدالة ووضع آلية للإشراف والاستئناف أمام هيئة المساءلة والعدالة وفي نفس الوقت وضع قيود زمنية لأنشطتها؛
    ‌د. توضيح دور ومسؤوليات وزراء الدفاع، والداخلية والعدل في الإجراءات المتعلقة باحتجاز واعتقال ومحاكمة الأفراد الذين يتم اعتقالهم تطبيقاً لقانون مكافحة الإرهاب؛
‌ه. الإحجام عن إطلاق تصريحات مذهبية تحريضية وفي نفس الوقت تنفيذ مبادرات تهدف إلى المصالحة الوطنية (مثل وضع مقامات سامراء تحت إشراف أوقاف سُنيّة - شيعية مشتركة).
5. السعي إلى عزل العراق عن الصراع في سورية من خلال، بين أشياء أخرى:
    آ. الامتناع عن إطلاق أي تصريح يلمح إلى دعم العراق لأي طرف في الصراع؛
    ب. منع المقاتلين، سواء كانوا سُنّة أو شيعة من العبور إلى سورية، خصوصاً من خلال التعاون مع اللاعبين المحليين في الأنبار ونينوى (القبائل والمسؤولين المحليين)؛ وقوات الأمن المعيّنة محلياً (مثل الشرطة والصحوات)؛ وحكومة إقليم كردستان.
إلى الزعماء السُنّة المحليّون والوطنيون:
6. الامتناع عن التحريض على الصراع المسلح أو الدعوة إلى تأسيس إقليم فيدرالي سُنّي.
إلى قادة الصحوات:
7. إعادة تأسيس قوة صحوة واحدة تحت قيادة موحّدة يمكنها تقديم مجموعة واضحة من المطالب للحكومة.
8. التعاون مع قوات الحكومة الاتحادية سواء في تأمين المحافظات ضد الدولة الإسلامية في العراق أو تأمين الحدود مع سورية.
إلى الوقف السُنِّي، وجمعيات رجال الدين ورجال الدين البارزين:
9. التفاوض مع الحكومة المركزية على مطالب محددة (وجود قوات الأمن؛ رواتب رجال الدين، تمويل المدارس الدينية)، والإدانة العلنية للعنف والامتناع عن الدعوات لتأسيس إقليم سُنّي.
بغداد/بروكسل، 14 آب/أغسطس 2013
 
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,253,024

عدد الزوار: 7,020,831

المتواجدون الآن: 54