ثلاثة محاور في قضية المعتقلين المزمنة هل تؤدي زيارة عون إلى معطيات مختلفة؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 3 كانون الأول 2008 - 9:47 ص    عدد الزيارات 5384    التعليقات 0    القسم محلية

        


المعتقلون في السجون السورية هم العنوان الابرز غير المعلن لزيارة رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون للعاصمة السورية، وينتظر اهالي المعتقلين ومنظمات حقوق الانسان على احر من الجمر عودته من سوريا علها تحمل معطيات جديدة تساعد في انهاء هذا الملف.
ولملف المعتقلين ثلاثة محاور رئيسية: من اختطفوا قبل 1990، معتقلو 13 تشرين 1990 والمعتقلون في مرحلة ما بعد السيطرة السورية الكاملة على لبنان. والمفارقة ان جميع هذه المراحل التصقت بإسم الكتائب اللبنانية و"القوات اللبنانية" بداية عندما كانت القوات السورية العاملة تحت اسم "قوات الردع العربية" تقبض على مناوئي السياسة السورية في لبنان وكان الكتائبيون وذراعهم العسكرية "القوات" في طليعة المستهدفين بالاعتقال التعسفي. وكان معيار الافراج عن هؤلاء محاولات التقارب او الحوار بين زعماء الكتائب والقيادة السورية وهكذا عاد الشيخ بيار الجميل (الجد) من احدى زياراته لسوريا بأعداد من محازبيه المعتقلين، ولاحقاً عاد رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات" آنذاك ايلي حبيقة من زيارته للعاصمة السورية بمجموعة اخرى من المحازبين، من غير ان يقفل الملف نهائياً، وبقيت للكتائبيين في ذمة السوريين اعداد من المعتقلين منهم يوسف داود عون الذي خطف في منطقة بر الياس عام 1982 واستمر اهله في زيارته في سجن تدمر حتى عام 1999 ثم منعت الزيارات عنه، وهناك ايضاً يوسف حنا يمين الذي خطف من زحلة عام 1987 وزارته والدته في "فرع فلسطين" عام 1988 وزاره والده في سجن تدمر عام 1989 وزارته اخته لاحقاً عام 1994. وبشارة روميه المتهم بالانتماء الى حزب الوطنيين الاحرار والذي اقتيد من بلدته رياق الى المصنع لتختفي آثاره. وثمة امثلة كثيرة تشبه حالة عون ويمين تشمل لبنانيين من جميع الفئات والاحزاب والطوائف جمعتهم معارضة السياسة السورية في لبنان. لاحقاً وخلال فترة حكومة العسكريين التي ترأسها العماد عون افتتح "المكتب المركزي للتنسيق الوطني" مكتباً له في قصر بعبدا اوطلب من جميع اهالي المعتقلين في سوريا تعبئة استمارات عن حالة انسبائهم. فتجمعت لدى غازي عاد الذي كان يشرف شخصياً على تجميع الملفات، مئات حالات الاعتقال. وتمكن عاد من انقاذ هذه الملفات من القصر لتشكل مادة رئيسية للعمل عليها لاحقاً.


 معتقلو 13 تشرين

ادى الاجتياح السوري في 13 تشرين الاول 1990 الى ملف آخر هو ملف العسكريين والمدنيين الذين اعتقلهم الجيش السوري غداة الهجوم على مواقع الجيش في المناطق الشرقية. واستمر العماد عون في المطالبة بمعرفة مصير هؤلاء الجنود في كل مناسبة على قاعدة متابعة مصير من كانوا يقاتلون بجانبه، وشكل هذا الموضوع مادة دسمة لخطاب عون ضد ما كان يصفه بأنه "الاحتلال السوري للبنان". واستمر عون على هذا المنوال خلال سني نفيه وكان يبرز لائحة المعتقلين العسكريين في كل مناسبة مطالباً بمعرفة مصيرهم ولم يتردد في المطالبة بذلك ايضاً في خطابه الاول في البرلمان اللبناني عندما اصبح نائباً.
لكن زوال اسباب الخوف ادى الى الكشف عن المقبرة الجماعية في ملعب وزارة الدفاع وحيث تبين بعد اجراء فحوص الحمض النووي انها تضم رفات مجموعة من العسكريين والضباط الذين وردت اسماؤهم في لوائح العسكريين المفقودين في 13 تشرين. وادى هذا الامر الى سحب مجموعة من اسماء العسكريين الشهداء عن لائحة المعتقلين. لكن ذلك لم يحل قضية العسكريين الذين لم يعثر لا على رفاتهم ولا على اي شيء يثبت استشهادهم، بل هناك عسكريون يصر اهاليهم على الشهادة بأنهم رأوهم في المعتقلات السورية ومنهم جهاد عيد، الجندي في "لواء الانصار" الذي تعرض والدته سونيا اذن زيارة استحصلت عليه، وتؤكد انها شاهدته مكبلاً في سوريا وكانت تلك المرة الاولى والاخيرة. اما المجند جوني ناصيف فقضيته مشابهة لرواية عيد.
تبقى المسألة الاكثر غموضا في ملف 13 تشرين، وهي المتعلقة بها جرى في دير القلعة في بيت مري، حيث اختفت مجموعة من العسكريين الى الراهبين الانطونيين البر شرفان وسليمان ابي خليل الذي اكد العماد عون تكراراً مسؤولية القيادة السورية عن كشف مصيرهم، وقد سعت قيادة الجيش الى العثور على اي اثر لرفاتهم في جوار دير القلعة على افتراض انهم اعدموا او قتلوا لكنها لم تتوصل الى اي نتيجة على رغم استخدامها التقنيات الحديثة في البحث، مما يترك الباب مفتوحاً امام رواية اهالي المعتقلين ولجان حقوق الانسان التي تفترض اعتقال العسكريين والراهبين ونقلهم الى السجون السورية، او في ابسط الاحوال معرفة مصيرهم اسوة بالعسكريين الشهداء الذين عثر على رفاتهم قرب وزارة الدفاع. ومن الملح في هذا الاطار ان يحصل رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" على اجوبة واضحة في هذا الملف تحديداً وهو صاحب هذه النظرية في الكثير من تصريحاته وكلماته عن قدرة القيادة السورية على تحديد مصير العسكريين والراهبين اللبنانيين الذين وقعوا في الاسر بعد انتهاء الاعمال العسكرية.
واستناداً الى متابعين لهذا الملف فإن قضية المفقودين او المعتقلين في 13 تشرين سهلة وصعبة في آن واحد. تكمن سهولتها في قدرة قيادة الجيش السوري على العودة الى الارشيف لتحديد قادة الهجوم على المحاور وسؤالهم عن مصير عسكريي الجيش اللبناني والراهبين اما صعوبتها ففي ان كشف هذه المسألة قد يؤدي الى استعمالها دليلا على ارتكاب جريمة حرب كاملة وموصوفة اذا ثبتت تصفية العسكريين والراهبين.
المحور الثالث ويضم اعداداً لا بأس بها من اللبنانيين الذين اعتقلوا خلال زمن الوجود العسكري السوري في لبنان، وفي مقدم هؤلاء عضو المكتب السياسي الكتائبي بطرس خوند الذي تتقاطع المعلومات لدى عائلته وهيئات حقوق الانسان المعنية واللجنة المكلفة جمع المعلومات عن المعتقلين عن وجوده في سوريا، وتحديدا لدى "الامن السياسي السوري"، وآخرها ما اورده احد المفرج عنهم حديثاً من معتقل تدمر، وقد روى انه ضرب على حائط زنزانته وسمع من جيرانه ان هناك 120 لبنانياً من "قدامى المعتقلين". ويضاف الى خوند العشرات من اللبنانيين من مختلف الطوائف يراوح عددهم من 260 الى 670 معتقلاً استناداً الى تقارير المؤسسات المعنية، كان اهاليهم عرضة للابتزاز من الضباط السوريين في سعيهم الى الحصول على اذن زيارة لرؤيتهم او محاولة الافراج عنهم.


المعتقلون والشراكة الاوروبية

في 4 اذار 1998 ونتيجة المساعي الكبيرة التي قامت بها مؤسسات حقوق الانسان، طالب البرلمان الاوروبي في خطوة لافتة حكومات الدول الاعضاء في الاتحاد بإدراج قضية المعتقلين اللبنانيين في مفاوضات اتفاق الشراكة الاوروبية – المتوسطية مع الحكومة السورية. وجاء في توصية صادرة عن البرلمان الاوروبي انه استناداً الى القرارات السابقة الصادرة عن سوريا وتقارير منظمات حقوق الانسان العالمية عن اعتقال اكثر من 100 لبناني في شكل تعسفي وجائر بواسطة القوات السورية في لبنان واحتجازهم في السجون السورية من دون توجيه اتهامات اليهم وعدم اطلاع عائلاتهم على اي معلومات حولهم. ولما كانت المفاوضات لا تزال مستمرة بين الاتحاد الاوروبي وسوريا حول اتفاق الشراكة يدعو البرلمان الاوروبي الحكومة السورية الى تقديم لائحة كاملة بأسماء المواطنين اللبنانيين المعتقلين لديها واطلاق الابرياء منهم واحالة الآخرين على القضاء اللبناني.
والسؤال اليوم مع زيارة النائب عون للعاصمة السورية هل سيطلب من مضيفيه اطلاق المعتقلين والكشف عن مصيرهم بكل شفافية ام سيدفنون احياء وموتى في المعتقلات السورية ليقفل الملف على صرخات امهاتهم ودموع عائلاتهم ؟


المصدر: جريدة النهار - السنة 76 - العدد 23549

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,066,183

عدد الزوار: 6,751,054

المتواجدون الآن: 103