الانتخابات الإسرائيلية كان يمكن أن تكون أسوأ...

تاريخ الإضافة الخميس 18 نيسان 2019 - 6:20 ص    عدد الزيارات 1208    التعليقات 0

        

الانتخابات الإسرائيلية كان يمكن أن تكون أسوأ...

داليا شيندلين..

مركز كارنيغي...داليا شيندلين خبيرة في شؤون الرأي العام ومحللة سياسية تُقدّم المشورة للحملات الانتخابية والاجتماعية في إسرائيل ودول أخرى...

* تُرجم هذا المقال من اللغة الإنكليزية..

فيما يبدو أن اليمين الإسرائيلي خرج منتصراً في انتخابات 9 نيسان/أبريل، ربما بلغت الأحزاب اليمينية طاقتها الانتخابية القصوى..

في 16 نيسان/أبريل، تحدّث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أحد التجمّعات احتفالاً بالفوز في الانتخابات في تل أبيب، معلناً: "هذه الليلة، كل شيء مذاقه حلو، ولا شيء مرير"، مقتبساً بتصرّف عن مقطع شهير يُتلى في عيد الفصح الذي يحلّ قريباً. لا بد من أن النصر يبدو حلو المذاق لنتنياهو، فقد فاز حزب الليكود بقيادته في الانتخابات الوطنية التي أجريَت في التاسع من نيسان/أبريل بحصوله على 35 مقعداً وفقاً لتعداد الأصوات النهائي. إنها أفضل نتيجة يُحقّقها الحزب منذ العام 2003. وقد أُعيدَ انتخاب نتنياهو لولاية خامسة بعد عشر سنوات أمضاها في منصبه، ومن شأنه أن يصبح في تموز/يوليو المقبل، رئيس الوزراء الأطول عهداً في تاريخ إسرائيل.

حاول المحللون الذين يمثّلون المعارضة النظر إلى الأمور من زاوية مختلفة: فقد أشارت مبادرة جنيف، وهي عبارة عن منظمة أهلية يسارية الميول تدعم حل الدولتَين مع الفلسطينيين، إلى أن تكتّل الأحزاب اليمينية والدينية تقلّصَ بواقع مقعدَين (فاز بـ65 مقعداً من أصل 120 في الكنيست، مقارنةً بـ67 مقعداً في انتخابات 2015). لقد خاض المنافس الأساسي، حزب أزرق أبيض، معركة جيدة. فالحزب الذي أُنشئ على عجل لخوض الانتخابات والذي عجز عن دفع فصائله المتباينة إلى اعتماد مواقف واضحة، تمكّنَ، على الرغم من ذلك، من استقطاب جميع المصمّمين على إسقاط نتنياهو. على غرار الليكود، فاز حزب أزرق أبيض بـ35 مقعداً – متأخِّراً عن عدد الأصوات التي نالها الليكود بنسبة أقل من 1 في المئة – ما يجعل منه المنافِس الأشد شراسة لنتنياهو منذ تسلّمه رئاسة الوزراء من جديد في العام 2009.

بيد أن السياق الأوسع يميل بقوّة لصالح نتنياهو واليمين عموماً. فالحصّة الأكبر من الأصوات التي نالها حزب أزرق أبيض مصدرها أحزاب وسطية ويسارية أخرى. لقد نال حزب العمل ستة مقاعد، وهو أدنى رقمٍ يُسجّله في تاريخه. وحصل حزب ميرتس اليساري الأصغر حجماً على أربعة مقاعد، ونال تحالفان انتخابيان عربيان-فلسطينيان عشرة مقاعد مجتمعَين. فقد اختار خمسة وخمسون في المئة من مجموع الناخبين الأحزاب اليمينية (بينها حزبان لم يتمكّنا من بلوغ العتبة الانتخابية المطلوبة، وهما حزب زهوت التحرري القومي بقيادة موشيه فيغلين، وحزب اليمين الجديد بقيادة الوزيرَين الكاريزماتييين المنتهية ولايتهما نفتالي بينيت وأيليت شاكيد).

يشتكي المواطنون الذين صوّتوا للمعارضة من أن إسرائيل تسير بخطى متسارعة على طريق التطرف اليميني، من خلال السياسات التوسّعية في الضفة الغربية والسياسات العنصرية في الداخل، فيما تتزعزع ركائز البنية الديمقراطية الإسرائيلية. هم يعتبرون أن النزعة الانتصارية القومية اليهودية والتراجع الديمقراطي غير الليبرالي يُعيثان خراباً في المجتمع، لكن الأكثرية اليمينية هي قوةٌ ماحقة يتعذّر وقفها.

غير أن هذه الانتخابات لا تعني بالضرورة نهاية الديمقراطية الليبرالية في إسرائيل. فالقراءة الأكثر دقة لنتائج الانتخابات هي أنه لم يتغير الكثير في السياسة الإسرائيلية. خسارة اليمين مقعدَين لصالح "المعارضة" هي خسارةٌ لا تُذكَر. فبعد انسحاب أورلي ليفي من حزب إسرائيل بيتنا الذي كان جزءاً من التحالف السابق، أصبح للحكومة الأخيرة 66 مقعداً في الكنيست – أي أكثر بمقعد واحد فقط من عدد المقاعد (65 مقعداً) التي نالها التكتّل يوم الثلاثاء. في السياق الأوسع للمجتمع الإسرائيلي، ثمة بارقة أمل للمعارضة. فعلى الرغم من أن الوسط واليسار لم يحصدا مكاسب كبرى، إلا أنه كان بإمكان اليمين أن يحقق أداء أفضل. فقد بدأ الشباب في إسرائيل، منذ نحو عقدٍ من الزمن، التحوّل بأعداد كبيرة وثباتٍ نحو اليمين. وبحلول نهاية الحملات الانتخابية الأخيرة، أصدر المعهد الإسرائيلي للديمقراطية دراسةً أظهرت أن نحو ثلثَي المجيبين الشباب يُفضّلون نتنياهو رئيساً للوزراء لولاية جديدة. ووفقاً للاستطلاعات، يُعرِّف حوالى ثلثَي الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم من 18 إلى 34 عاماً، عن أنفسهم بأنهم ينتمون إلى اليمين. لكن على الرغم من أن الأمور تسير على هذا النحو منذ حوالى عقدٍ من الزمن، إلا أنه يبدو أن عدد المقاعد قد بلغ حدّه الأقصى. فقد دخلت ستة أحزاب يمينية الكنيست في العام 2019، كما في العام 2015. ربما يحدث أمرٌ ما للشباب اليمينيين مع تقدّمهم في السن؛ فمن الممكن أن اليمين بلغَ، ككتلة ناخبة، طاقته القصوى. لعل الأحزاب المعارِضة تستمد شعوراً بالارتياح من هذا التحليل بأن اليمين بلغَ الحد الأقصى لطاقته على مستوى الكمّية – والتي تُعتبَر النقطة المهمة في الانتخابات. غير أن ما يحدث بعد الانتخابات ليس أقل أهمية. فعلى المستوى النوعي، تكتسب الأحزاب اليمينية في إسرائيل معنى أشد تطرفاً. وهذه مسألة مهمة في ما يتعلق بالسياسات التي يمكن توقّعها من الحكومة الائتلافية التي يجري راهناً التفاوض على تشكيلها.

إذا لم تحصل مفاجآت، يُتوقَّع أن تضم الحكومة العتيدة جميع الأحزاب اليمينية. وسوف تسعى، على أقل تقدير، إلى توسيع المستوطنات، بما يؤدّي إلى تسارع وتيرة ضم الأراضي في نزعةٍ قائمة منذ سنوات طويلة. فقد أعرب حزبان على الأقل – حزب اليمين المتحد المتطرف وحزب الليكود الحاكم على ضوء تصريحات نتنياهو عن المسألة قبل أيام من الانتخابات – عن دعمهما العلني لضم أجزاء من الضفة الغربية. إنما لم يصدر عن أي منهما مؤشرٌ بأنهما ينويان العمل على تحديد وضع ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون هناك، والذين تحكمهم إسرائيل بصورة مباشرة أو غير مباشرة. تشهد غزة كارثة إنسانية تتصاعد سريعاً بسبب استمرار المأزق السياسي الذي لم يلقَ له حلاً بعد. لا تتكبّد الأحزاب اليمينية عناء تقديم أجوبة لمعرفة كيف ستواجه إسرائيل الردود الدولية غير المحبِّذة لهذا الأسلوب الأكثر وضوحاً في ممارسة الحكم العسكري الإسرائيلي الدائم على الملايين من الأشخاص الذين ليسوا مواطنين إسرائيليين. فهم يعتبرون أنه في أفضل الأحوال، سيفقد المجتمع الدولي اهتمامه بالمسألة، وفي مختلف الأحوال لم يكن "العالم" يوماً إلى جانب إسرائيل. لكن في ظل قيادة نتنياهو المستمرة منذ عقدٍ من الزمن، بُذِلت جهود أكبر لتغيير المؤسسات والمعايير الديمقراطية الإسرائيلية بطرقٍ تجعل مثل هذا الوضع مقبولاً بصورة متزايدة. لم تشهد إسرائيل انزلاقاً تاماً نحو السلطوية أو الفاشية أو كل ما من شأنه أن يولّد ثورة حقيقية في صفوف مواطنيها الذين يتألفون بأكثريتهم من اليهود. فقد اقتصرت التغييرات، حتى تاريخه، على شنّ هجوم استهدافي على بعض العناصر في الديمقراطية الليبرالية. ويشتمل ذلك على تآكل القضاء الذي تلجأ إليه الأقليات لحمايتها من حكم الأكثرية في الهيئة التشريعية. وهذا بدوره يؤدّي إلى ترسيخ الهوية الإثنية-القومية، ما يُثبّت إسرائيل في موقع الدولة اليهودية، ويُثير استياء الأقلية الراهنة من المدنيين العرب-الفلسطينيين، وقد يؤدّي إلى استمرار الضم، رسمياً أو في الخفاء. كذلك يُتوقَّع أن يطالب أعضاء الائتلاف الجديد بالحماية من الضوابط المؤسسية على سلطة الكنيست أو السلطة التنفيذية. فعلى سبيل المثال، يُتوقَّع أن تطالب أحزاب يمينية عدّة الحكومة الجديدة بإقرار مشروع القانون الذي يهدف إلى الحد من قدرة المحكمة العليا على إبطال قوانين أو سياسات يقرّها البرلمان. ومن الاحتمالات الأخرى التي تتم مناقشتها على نطاق واسع أن الحكومة العتيدة ستدفع باتجاه إقرار "القانون الفرنسي" الذي من شأنه أن يمنح حصانةً لرئيس الوزراء – بما يُتيح له التقدّم بخطى ثابتة على المسار اليميني المتشدّد القائم على الديمقراطية غير الليبرالية والضم الدائم، حتى في الوقت الذي يواجه فيه احتمال صدور قرار اتهامي بحقه في قضايا فساد. يوم الثلاثاء، أبلغت بعض الأحزاب الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين رفضها القاطع لتشكيل حكومة وحدة وطنية كان من شأنها التصدّي لمثل هذه الجهود. السبيل الوحيد للحؤول دون تطبيق النسخة الأكثر تطرفاً لهذه السياسات هو أن ترصّ المعارضة صفوفها بطريقة ناشطة ومبتكرة وفاعلة. لقد أبدى نحو 44 في المئة من الناخبين دعمهم لأحزاب الوسط أو اليسار (بما في ذلك حزب غيشر الوسطي بقيادة أورلي ليفي والذي نال 1.73 في المئة من الأصوات لكنه لم يتخطَّ العتبة الانتخابية المحدَّدة بـ3.25 في المئة).

فعلى الرغم من أن الشباب الإسرائيليين اليهود يتحولون نحو اليمين منذ عقدٍ من الزمن، إلا أن مجموع الناخبين ليس يمينياً بالقدر نفسه، ما يعني أن هناك ما يؤدّي إلى إرساء توازن معيّن في المجتمع مع مرور الوقت. يقع على عاتق المعارضة أن تُظهر التزاماً تجاه القواعد الشعبية، وتعمل مع الشباب، وتساهم في التسريع في فعل "التوازن" هذا. تضم إسرائيل أيضاً أقلية من المواطنين العرب-الفلسطينيين الذين يشكّلون 20 في المئة من السكان، والذين يشعرون بالاستياء الشديد بسبب الهجمات التشريعية والخطاب العنصري اللاذع. كان يمكن أن تُحدث أصواتهم تحولاً في ميزان التكتلات، لكن نصفهم فقط توجّه إلى صناديق الاقتراع. ينبغي على المعارضة، إذا كانت ترغب في الفوز، أن تتعهّد بضم المواطنين العرب إلى المجتمع والسياسة الإسرائيليَّين، وجعلهم جزءاً من الحوار الوطني في إطار عملية مستمرة ممتدّة على سنوات، وليس فقط على مشارف الانتخابات. وإلا ستظل المعارضة عاجزة لفترة طويلة عن الحصول على أعداد كافية من المناصرين لتحقيق الفوز، هذا إذا تمكّنت يوماً من حشد هذه الأعداد.

المهمة الأصعب التي سوف تواجهها المعارضة هي اقتراح مسار بديل حقيقي لإسرائيل. لم يتمكن حزب أزرق أبيض من تحقيق ذلك بطريقة جدّية، ومع ذلك حصل على 35 مقعداً. ربما إذا تمكّن الحزب المعارِض الأساسي المقبل من انتقاء بعض المقترحات الأساسية – ومن البديهي أن تكون البداية مع الديمقراطية والمساواة وإنهاء الحكم العسكري على الفلسطينيين المستمر منذ 52 عاماً – فقد يُثير حماسة الناخبين بدلاً من التعويل على مشاعر الكره لنتنياهو. لا شك في أن هذا الكره لم يكن كافياً كي تتمكّن المعارضة من تحقيق الفوز. وفي حال عجزت هذه المعارضة عن الوفاء بتعهداتها، فقد تكون الانتخابات المقبلة أشدّ سوءاً.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,533,182

عدد الزوار: 6,899,443

المتواجدون الآن: 93