100 عائلة حَكَمَتْ لبنان و... نافستْ أحزابه...

تاريخ الإضافة الأحد 26 أيلول 2021 - 1:42 م    عدد الزيارات 276    التعليقات 0

        

العدّ التنازُلي للانتخابات يعيد تسليط الضوء على الوراثة السياسية...

100 عائلة حَكَمَتْ لبنان و... نافستْ أحزابه...

بيروت – «الراي»:... الأحزاب لم تستطع التفلّت من سطوة العائلات السياسية • الوراثة السياسية ليست حكراً على لبنان بدليل نماذج غربية كثيرة • البرلمان، لا الوزارة، ميدان تكريس الزعامات المتوارَثة • بعض العائلات السياسية قدّمت أربعة أجيال للمجالس النيابية

يشير المُدافِعون عن الوراثة السياسية في لبنان إلى بعض تجارب أميركية أو أوروبية وكندية في نطاق هذه الظاهرة، من عائلة كينيدي التي قدّمت رئيساً للولايات المتحدة ومرشّحاً للرئاسة ونائباً، وعائلة بوش التي جاءت برئيسيْن، وعائلة كلينتون التي خرج منها رئيس ووزيرة خارجية.

في كندا.. رئيس الوزراء الحالي جاستن ترودو وريث والده السياسي الراحل بيار ترودو، وفي بعض المدن الفرنسية والألمانية والبلجيكية نواب أو رؤساء مقاطعات يرثون عائلاتهم السياسية. لكن هذا التسلسل العائلي السياسي، كما في قطاع الأعمال والمحاماة والطب، يأخذ في لبنان طابعاً أكثر بروزاً منذ ما قبل الإستقلال.

لأن وراثةَ العائلة السياسية في لبنان لا تتمّ، كما في دول أوروبية، عبر الإنتظام في العمل داخل الأحزاب وعبر ترشيحات ديموقراطية في إنتخاباتٍ حزبية أو على مستوى المقاطعات والمجالس المحلية، فإنها تُتخذ عبر قرارات عائلية تورّث الزعامة من جيل إلى جيل فتطوّع الحزبية لمصلحة العائلية.

وثمة أحزاب، قديمة أو حديثة، لا ترشّح حزبياً إلا من باب العائلة التي تختار الوريث عائلياً قبل ان تقدّمه إلى الحزب. وبذلك لا يكون الإنتخاب عملياً إلا عن طريق العائلة التي ترشّح والحزب الذي يبصم على الترشيح.

أكثر من مئة عائلة سياسية حكمت لبنان ومجالسه النيابية، منذ ما قبل الاستقلال، وأخرى على طريق أن تتحوّل عائلات سياسية بالوراثة أو بالمصاهرة أحياناً أخرى. وفي البرلمانات النيابية المتتالية، تفرض العائلات حضوراً مزمناً منذ ان تكوّنت هذه المجالس. وفي مقابل إنحسار بعض العائلات وغيابها عن المسرح النيابي، إستمرت عائلاتٌ أخرى مُهَيْمِنَةً عليه لسنوات طويلة، في حين تَحَكَّمَتْ عائلاتٌ بالمقعد النيابي وظلّت حاضرةً لسنوات بفعل نائب واحد تَرَكَ أثره على الحياة البرلمانية كالراحل ريمون إده.

رغم أنه هو إبن عائلة إده التاريخية التي قدّمت رئيساً للجمهورية قبل الإاستقلال هو إميل إده، إلا ان ريمون إده الذي طبع الحياة السياسية لأكثر من نصف قرن، كان نائباً لدورات متتالية، وظل منفرداً يمثّل إرث عائلته السياسية.

تُمَثِّلُ الكرسي النيابي للعائلات اللبنانية نوعاً من الحصانة المعنوية بقدر ما تمثل إستمرارية لحياتها السياسية والحضور المتلازم مع المظهر الإجتماعي العام. وقد يكون الطموح النيابي في العمل السياسي أكثر حضوراً من الطموحات الوزارية. ورغم أن كثراً من النواب والمرشّحين ينفون الإفادة المالية في كونهم نواباً، إن للرواتب أو المخصصات أو ما يستتبع ذلك وخصوصاً أن النواب كانوا يتقاضون مخصصات ورواتب لمدى الحياة ولو لم يُعَد إنتخابهم، فإن العائلات السياسية حوّلت الكرسي النيابي شأناً عائلياً بحت ومظهراً من مظاهر الوراثة التقليدية.

ويقول أحمد بيضون في كتابه «الجمهورية المتقطّعة» إن «العائلة تتخذ من الطموح إلى النيابة أو من وجود النائب قطباً ووسيلة رئيسية للتمثّل في صورة الوحدة السياسية. وليس حتماً أن يكون في العائلة نفسها نائب أو طامح إلى النيابة. إنما يكفي عادةً أن تتخذ العائلة نفسها موقعاً في هرم عائلات تمده القبلة النيابية الواحدة بقسط وافر من أسباب تماسكه».

من هنا يمكن فهْم الترابط بين العائلات السياسية اللبنانية لا سيما التقليدية منها، التي تجعل العائلات على تَواصُل وتَفاهُم رغم الحساسيات الحزبية وأحياناً الطائفية. كما حصل مثلاً في علاقة الراحليْن كميل شمعون وكمال جنبلاط، أو صائب سلام وبيار الجميل ووارثيهما السياسيين، أو علاقة عائلتيْ فرنجية وكرامي. كما يمكن إستخلاص معنى عدم تخطي هذه العائلات بعضها البعض حتى في المنافسات الإنتخابية ومراعاة دور العائلات في إختيار النواب.

ويعطي الأستاذ في علم الإجتماع ملحم شاوول في كتاب «الإنتخابات الأولى في لبنان ما بعد الحرب» مثلاً عن قضاء زحلة ما قبل عام 1975 «المثل الشائع أن زحلة مقبرة الأحزاب، والمقصود أن الأحزاب السياسية التي كانت موجودة لم تفلح في محاولتها خرق البنية العائلية ونظم الولاءات التابع لها». وهذا إن دل على شيء فعلى أن العائلات السياسية ظلت تفرض إيقاعها الخاص مهما كانت قوة الأحزاب السياسية. وحتى بعد الحرب لم تستطع الأحزاب أن تتفلت من سطوة العائلات فكانت تضطر إضافة إلى مراعاة العوامل الطائفية في توزيع المقاعد، إلى التعامل بحذر مع سطوتها على الناخبين.

في الانتخابات التي سبقت الحرب العام 1975، بقي التنوع العائلي شبه معدوم في المحافظات كالشمال والجنوب والبقاع، في مقابل تنوع أكثر في جبل لبنان وبيروت، من دون غياب التأثير العائلي. لكن الزعامات العائلية في المحافظات ظلت إلى حد كبير هي التي تتوارث المقاعد النيابية، كما هي حال عائلة حماده والحسيني وسكاف والهراوي في البقاع، الأسعد وعسيران والخليل في الجنوب، وعائلات فرنجية ومعوض والدويهي والصمد وكرامي والعلي في الشمال، إضافة إلى الصلح وسلام وفرعون في بيروت. ورغم ذلك بدأت تتسلل إلى هذه العائلات عائلاتٌ تدور في فلكها تحاول بناء زعامات موازية أقل شمولية من الزعامة الكبيرة كعائلات العلي والقادري والداوود وتقي الدين والخليل وبيضون والزين. في المقابل تنوعت الزعامات العائلية في أقضية جبل لبنان ولا سيما لدى الموارنة.

بعد الحرب دخلت عائلات جديدة إلى مجلس النواب، واستعادت بعض العائلات التي كان تَراجَعَ حضورُها بفعل الحرب ودخول الأحزاب بقوة إلى الساحة السياسية، دورَها ولكن من خلال الأحزاب التي إستعانت بها لتنشيط دورها وتعزيز حضورها في البرلمان. ومن هنا شهدنا مثلاً دخول عائلة المر ومحاولتها تشكيل زعامة عبر تحالفات حزبية مع الطاشناق والحزب السوري القومي الاجتماعي ومع «التيار الوطني الحر» لاحقاً. كما سعى بعض الورثة السياسيين إلى تأكيد حضورهم بالإنضواء في لوائح حزبية كما حال شخصيات من آل الخليل وعسيران في لوائح حركة «أمل» و«حزب الله».

من أبرز العائلات التي ما زالت تشكل منذ الاستقلال حضوراً في مجلس النواب بدرجاتٍ متفاوتة عائلات جنبلاط والجميل وإرسلان وفرنجيه وسلام وشمعون. وقد تكون عائلة الجميل في هذا المجال أبرز العائلات في تاريخ لبنان الحديث التي دخلتْ الندوة البرلمانية من خلال الجد بيار الجميل ونجليْه: بشير الذي إنتُخب رئيساً للجمهورية (اغتيل في 14 سبتمبر 1982 بعد 20 يوماً من انتخابه رئيساً)، وإنتُخبت زوجته صولانج نائبة في 2005 قبل أن تورث النيابة لنجلها نديم (2009)، مع إحتمال ترشحه مع شقيقته يمنى في الدورة المقبلة في مايو 2022. وأمين النائب الذي انتُخب للمرة الأولى العام 1970 في الانتخابات الفرعية النيابية بدائرة المتن الشمالي بعد وفاة خاله الشيخ موريس الجميّل (قدّمته عائلة الجميل كأحد أبرز الوجود البرلمانية)، وأعيد انتخابه نائباً العام 1972 وظل نائباً بحُكْمِ قوانين التمديد للبرلمان خلال الحرب حتى انتخابه رئيساً للجمهورية خلَفاً لشقيقه بشير (استمرت ولايته بين سبتمبر 1982 وسبتمبر 1988)، ونجله النائب الراحل بيار (اغتيل في 2006) ومن ثم نجله النائب المستقيل سامي.

أما عائلة جنبلاط فقدّمت إلى الآن ثلاثة أجيال من النواب كمال (اغتيل في 16 مارس 1977) ووليد وتيمور النائب الحالي، فيما قدمت عائلة إرسلان الأمير مجيد إرسلان ونجله طلال. وقدمت عائلة فرنجية كذلك أربعة أجيال الرئيس سليمان فرنجية والنائب طوني (اغتيل وزوجته وطفلته في 13 يونيو 1978) ونجله سليمان ونجله طوني النائب الحالي، كما النائب حميد فرنجية الذي كان أول من دخل الندوة البرلمانية عام 1934، ليرثه شقيقه سليمان 1960، قبل أن يصبح نجله النائب سمير فرنجية نائباً عام 2005. وما زالت عائلة سلام حاضرة بفعل وراثة النائب تمام سلام لوالده صائب سلام في المجلس النيابي منذ عام 1943، وعائلة معوض التي إستقال أخيراً وريثها ميشال بعد إنفجار 4 أغسطس، ما زالت في مجلس النواب منذ عام 1957، مع إنتخاب رينيه معوض الذي عاد وانتُخب رئيساً في 5 نوفمبر 1989 واغتيل بعد 17 يوماً، وورثته زوجته النائبة نايلة ابتداءً من 1991 وحتى 2009. وما زالت عائلة كرامي في المجلس النيابي منذ 1943 تاريخ إنتخاب عبد الحميد كرامي نائباً ومن ثم نجله رشيد كرامي (اغتيل وكان رئيس حكومة في 1 يونيو 1987) ومن ثم شقيقه عمر كرامي وأخيراً نجله فيصل.

ثمة عائلات أكثر بروزاً من عائلات أخرى في الندوة البرلمانية ولو قدّمتْها الأحزاب، كعائلة أبو شرف في حزب الكتائب أو حنين وعائلة الخازن في كسروان التي لا تستطيع الأحزاب إلا التحالف معها من أجل تأمين الأصوات اللازمة. وهناك عائلات حديثة تحاول فرض وراثتها السياسية، من خلال الأحزاب كما يفعل رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أورث صهره النائب جبران باسيل وابن شقيقته النائب آلان عون. وكما يفعل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من خلال نيابة زوجته ستريدا طوق. علماً أن عائلة طوق هي عائلة سياسية قديمة في مجلس النواب. وكما فعلت عائلة الحريري الحديثة العهد في الوراثة السياسية، بين الرئيس رفيق الحريري (اغتيل في 14 فبراير 2005) ونجله سعد وشقيقته بهية الحريري. واللافت أن من بين الزعامات الحالية ما زال الرئيس نبيه بري خارجاً من التوريث السياسي، رغم كل الكلام عن إعداد ورَثة له، لكن حتى الآن بدت زعامته محصورة بشخصه، في حين أن تركيبة «حزب الله»، لا صلة لها بالوراثة السياسية.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,041,916

عدد الزوار: 6,749,042

المتواجدون الآن: 82