سلطة فلسطينية أم نواة الدولة المستقلة؟

تاريخ الإضافة السبت 7 آذار 2015 - 7:24 ص    عدد الزيارات 376    التعليقات 0

        

 

سلطة فلسطينية أم نواة الدولة المستقلة؟
إياد مسعود
الحديث عن حل السلطة الفلسطينية، أو انهيارها، تحت تأثير الحجب الإسرائيلي لأموال الضرائب، لا ينتمي إلى السياسة بصلة. فالسلطة، أقيمت، في سياق سياسي معين، وبقرار سياسي إقليمي ودولي، جندت لتأسيسها وتغذيتها وتطوير آليات عملها، جهود وأموال يصعب تقديرها بدقة. وما زالت تشكل هماً دولياً، أميركياً، وأوروبياً، وعربياً، إلى جانب كونها هماً فلسطينياً. أما حلها، فهو الآخر قرار سياسي، ليس محصوراً في شقه الفلسطيني بل له امتداداته العربية والدولية. لذلك نعتقد أن الحديث بين فترة وأخرى، عن حل السلطة الفلسطينية، أوعن احتمال انهيارها، هدفه توليد الضغط الدولي على الجانب الإسرائيلي ليخفف قيوده على السلطة، ويفتح أفقاً جديداً لمزيد من الصلاحيات، كما في ذلك توسيع مساحة ولايتها الإدارية والقانونية في الضفة الفلسطينية المحتلة.

ولسنا في كل الأحوال، ضد هذه الضغوط، لكننا ضد أن يتحول همّ انهيار السلطة، أو حلها إلى الهم الرئيسي مقابل الانشغال عن قضايا أكثر أهمية تحتاج إلى وقفات جدية، نرى ضرورة إثارتها، عشية انعقاد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله، في 4/3/ 2015.

ولعل ّ القضية الأبرز التي نرى ضرورة بحثها، على ضوء السياسات التضييقية الإسرائيلية، هي إعادة تعريف السلطة الفلسطينية وتعريف واجباتها.

لا خلاف أن من أسباب قيام السلطة، رغبة العدو الإسرائيلي في إعفاء نفسه من مسؤولية إدارة شؤون الفلسطينيين في المناطق المحتلة، وإحالة هذه الأمور إلى الفلسطينيين أنفسهم، وكذلك إعادة الانتشار خارج المدن، لتخفيف الاحتكاك بينه وبين المدنيين الفلسطينيين.

مثل هذا الهدف الإسرائيلي، جرت محاولات لتجاوزه، لتحويل السلطة إلى نواة للدولة الفلسطينية، واعتبار قيامها، مكسباً سياسياً يجب تطويره، بما يخدم المشروع التحرري الفلسطيني، نحو تأسيس الوزارات والدوائر والمؤسسات التي سوف تقوم على أكتافها الدولة الفلسطينية المستقلة.

مثل هذا المشروع تبناه على سبيل المثال، رئيس الحكومة السابق الدكتور سلام فياض. ويعيد الدكتور رامي الحمد الله، الرئيس الحالي للسلطة التأكيد عليه.

مثل هذا المشروع تبنته كذلك فصائل العمل الوطني الفلسطيني المعارضة، لاتفاق أوسلو، من قوى اليسار إلى الإسلام السياسي من دون استثناء (ما عدا تحفظ حركة الجهاد الإسلامي لأسباب إيديولوجية بحتة وليس لأسباب سياسية). وهذا ما يفسر، على سبيل المثال، أن كل القوى الفلسطينية شاركت في انتخابات المجلس التشريعي الثاني، والانتخابات البلدية، وكذلك في معركة انتخاب رئيس جديد للسلطة خلفاً للرئيس الراحل ياسر عرفات.

إذن، هناك إجماع فلسطيني على أن السلطة، التي أدخل على وظيفتها تطويرات سياسية، بالدرجة الأولى، باعتبارها نواة الدولة الفلسطينية المستقلة، هي مكسب لكل الفلسطينيين، عليهم الحفاظ عليها، ومنع التفريط بها، والتصدي لمحاولات حلها أو تدميرها، أو العودة بها إلى الوراء.

مثل هذه الخلاصة، تضع الفلسطينيين أمام استحقاقات لا بد من توفير أدوات التصدي لها وتوفير إجابات عليها. أهم هذه الاستحقاقات هي كيف يمكن بناء سياسات فلسطينية تمكن السلطة، في بنيانها الحالي، من أن تتجاوز المعوقات التي تزرعها في طريقها حكومة نتنياهو، بغية إضعافها، وتدمير جدواها السياسي فلسطينياً.

نعتقد أن المدخل، لمواجهة مثل هذا الاستحقاق هو في إعادة رسم السياسات الاقتصادية ـ المالية ـ الاجتماعية، للسلطة على خلفية إعادة رسم سياساتها إزاء الاحتلال.

فقد صرح أكثر من مسؤول فلسطيني رفيع، في قمة السلطة الفلسطينية، مؤكداً نية نتنياهو تعطيل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. وأن سياساته الاستيطانية هدفها تعطيل المشروع الوطني الفلسطيني.

هذا يملي، برأينا، وقف الرهان على التفاوض مع نتنياهو (العائد حسب التقديرات على رأس الحكومة الإسرائيلية القادمة) كسبيل للظفر بالدولة، والبحث عن استراتيجية جديدة. ولعل المجلس المركزي الفلسطيني الذي سينعقد في 4/3/2015، هو المطالب بتقديم الإجابة على هذا الأمر، خصوصاً وأن على جدول أعماله بند يدعو إلى «مناقشة تحديد طبيعة العلاقات مع إسرائيل في ضوء التطورات الراهنة بما في ذلك وقف التنسيق الأمني (رقم 8 من جدول الأعمال» وبناءً عليه يصبح مطلوباً بناء سياسة اقتصادية تخدم الاستراتيجية السياسية الجديدة. وهو ما يفترض أن يجيب عليه أيضاً المجلس المركزي، عملاً بما جاء في البند التاسع من جدول أعماله الداعي إلى «مراجعة العلاقة الاقتصادية مع إسرائيل في ضوء مصادرتها أموال الضرائب الفلسطينية».

ونعتقد أن أولى الخطوات الواجب اتخاذها، هي إعادة صياغة ميزانيات السلطة الفلسطينية، لتتحول من ميزانية إدارية عادية إلى «ميزانية حرب» يخوض من خلالها الشعب الفلسطيني معركة الاستقلال. الأمر الذي يتطلب إعادة النظر بالمرتبات العالية لكبار المسؤولين من أعضاء اللجنة التنفيذية والمجلس التشريعي، والوزراء وكبار المدراء ورؤساء الدوائر والأقسام في الوزارات والمؤسسات المختلفة، وإلغاء الحجم الأكبر من الامتيازات، بما يحول الموظف والمدير والوزير وعضو المجلس التشريعي إلى مناضل متطوع في خدمة قضية شعبه، وتحويل أموال السلطة لدعم صمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال والاستيطان، وبخاصة الشرائح الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود، واستعادة التقاليد والقيم الثورية التي انتجتها الانتفاضة الأولى من أعمال تطوعية، وبناء الاقتصاد المنزلي، ومقاطعة الاقتصاد الإسرائيلي. بما يلحق أفدح الضرر به، خاصة وأن أكثر من 85% من مستوردات الضفة والقطاع هي من إسرائيل.

مثل هذه السياسة تحتاج لدراسة وخطط وبرامج، وتحتاج في مقدمة ما تحتاجه إلى وحدة في الموقف السياسي الوطني الفلسطيني، وإنهاء الانقسام القائم بين الضفة والقطاع، وبحيث تصبح خطط السلطة خططاً وطنية من الطراز الأول، تتبناها القوى الفلسطينية على اختلاف اتجاهاتها، ما دامت هذه القوى ستكون شريكة في تنفيذ هذه الخطط والبرامج والسياسات.

مثل هذه السياسات تحرر الشعب الفلسطيني من حالة التبعية الاقتصادي التي فرضها عليها العدو الإسرائيلي منذ العام 1967. وتتيح للقيادات الفلسطينية أن تتجاوز الاتفاقات التي قيدت حركتها لسنوات طويلة، خصوصاً إذا ما توفرت لمثل هذه السياسات مساعدات عربية، سياسية ومعنوية، على المستوى العالمي، ومالية سخية، تمكن الفلسطينيين من أن يؤسسوا لمستقبلهم الجديد، وأن يقلبوا الطاولة في وجه حكومات إسرائيل وتعنتها.
 

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,850,112

عدد الزوار: 7,647,841

المتواجدون الآن: 0