في "الحجر الصحي"

توحي التحركات الأميركية في المنطقة وكأن وزير الخارجية جون كيري وضع السلطة الفلسطينية في "الحجر الصحي"؛ وبحيث بات يهاتف الرئيس عباس بشكل شبه يومي، يطمئن على أوضاع السلطة، ويتشاور معه في الخطوات اللاحقة.

فمنذ أن جمد نتنياهو أموال المقاصة وحجبها عن خزينة رام الله، وواشنطن تحذر من يعنيه الأمر، إسرائيلياً وأوروبياً وعربياً، حول خطورة انهيار السلطة الفلسطينية وضرورة مساندتها لأنها أصبحت ركناً أساسياً من أركان المشهد السياسي في المنطقة.

كيري بات حريصاً حتى على القضايا الحياتية لذلك لا يجد حرجاً في الاتصال بعباس، ليطمئن منه على تداعيات أزمة انقطاع الكهرباء في شمال الضفة، وليتدخل لدى إسرائيل، لإعادة التيار الكهربائي إلى مناطق السلطة، مقابل تسديد فاتورة الشركة الإسرائيلية من الأموال الفلسطينية المجمدة.

جينيفر ساكي، الناطقة بلسان الخارجية الأميركية تدعو الفلسطينيين للصبر، في انتظار ما ستسفر عنه "الخطوات المرتقبة في الأشهر المقبلة" أي بعد تبين طبيعة اللوحة السياسية التي ستسفر عنها الانتخابات الإسرائيلية التشريعية في النصف الثاني من الشهر الحالي. جينيفر ومعها كيري، يشددان، علناً، وهاتفياً على عباس، لعدم المساس بآليات التنسيق والتعاون الأمني مع سلطات الاحتلال.

وحده نتنياهو، يتصرف وكأن الأمور لا تشغل باله، وكأنه مطمئن إلى أن السلطة لن تنهار، في ظل حصاره المالي، وقد حوّل القضية الفلسطينية مجرد ورقة انتخابية، يتلاعب بها في وجه منافسيه، مطمئنا ًإلى أن الحلول الأميركية المقبلة لن تتجاوز صيغة "اللا تفاوض واللاحل".

ما جعل، وفقاً لهذا كله القيادة الفلسطينية، أمام حد فاصل بين مرحلتين، إما تطوي من خلاله مرحلة الرهان على التفاوض مع إسرائيل تحت الرعاية الأميركية، لمصلحة مرحلة جديدة، تجمع بين سياسة تدويل القضية الفلسطينية والحقوق السياسية لشعبها، وسياسة قلب الطاولة في وجه الاحتلال والعودة إلى المقاومة الشعبية في ظل إجماع وطني.

وإما تستسكين لسياسة "الحجر الصحي" باتخاذها سلسلة قرارات عامة وغامضة، بانتظار "حل ما" يأتي من واشنطن، بعد انتظار طال أكثر من عشرين عاماً من المفاوضات.