لحظة الحقيقة: الخطاب الذي حدّد جوهرنا
حاييم شاين
الخطاب الذي القاه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أثار انفعالي إلى درجة ذرف الدموع، نعم إلى هذه الدرجة. ففي القاعة الفاخرة للكونغرس الأميركي، بالقرب جدا من المكان الذي فيه تمثال " موشيه رابينو" ( حاخامنا موسى)، وأمام ممثلي القوى العظمى في العالم، وقف رئيس حكومة إسرائيل، دولة صغيرة التي لا تزال تكافح من أجل حقها في الوجود بالشرق الأوسط، وحظي بتصفيق عاصف ومتواصل. لقد حظي بتصفيق تزايد في كل مرة ذكر فيها انجازات دولة إسرائيل، أهدافها وحلمها. فأعضاء مجلسي الشيوخ والنواب ليسوا أشخاصا انفعاليين، هم سياسيون محنكون نجحوا في أن يُنتخبوا مرة تلو اخرى في مناطقهم الانتخابية. وعليه فإن رؤيتهم جميعا يقومون، مرة تلو آُخرى، وقفة رجل واحد، وهم يهتفون دقائق عديدة لرئيس حكومة إسرائيل ليس أمرا بسيطا وبديهيا.
بعد سنوات طويلة من الصمت والشلل القيمي والأخلاقي، قام أخيرا رئيس حكومة إسرائيلي، ومن دون وجل، وبقناعة داخلية عميقة، ودافع بحماسة ومنطق حازم عن الحقوق التاريخية لليهود في وطنهم القديم. ومن دون الاعتذار ومن دون مماحكة، ذكر رئيس الحكومة الصلة الأبدية التي تربط اليهود بأرض إسرائيل، بالقدس، بمستوطنتي بيت إيل وشيلو. والأميركيون، الذين يعرف كثيرون منهم "التاناخ"، يعرفون الحقيقة البسيطة التي تجاهلها زعماء إسرائيل لسنين طويلة: اليهود في أرض إسرائيل ليسوا محتلين، ليسوا غزاة أو صليبيين. إسرائيليون بالذات، ممن تعرضوا لغسل دماغ من هراء اليسار الكاذب والمزيف منذ قرابة 40 عاما، نسوا صلتنا بالوطن التاريخي وبحقوقنا فيه.
الاحترام الذي شهدناه والتصفيق لم يُقدما إلى رئيس الحكومة شخصيا. فالتصفيق كان احتراما لدولة اليهود التي قامت من رماد المحرقة ووصلت إلى انجازات لا مثيل لها على امتداد التاريخ البشري. فمنذ أكثر من 60 عاما ونحن نضع يدا على السلاح بينما نستخدم اليد الثانية للبناء، للتطوير، للتربية ولحث القيم الأساسية للديمقراطية المتنورة.
كان التصفيق تعبيرا عن التأييد المطلق لحق دولة إسرائيل في العيش بأمن وسلام، ضمن حدود قابلة للدفاع ولا سيما كوطن قومي لأبناء الشعب اليهودي حيث يتواجدون، بمن فيهم أولئك الذين لا يزالون يعيشون مؤقتا في الولايات المتحدة.
بعد الخطاب رأيت إسرائيليين فخورين، يبتسمون ويعترفون بالجميل. فقد انتظروا لسنوات طويلة اللحظة التي تُقال فيها الحقيقة الواحدة والوحيدة. الحقيقة التي هي بديهية لكل مواطن أميركي. الحقيقة التي بموجبها عدنا إلى الوطن ليس كسكان ثانويين مؤقتين، بل كأصحاب البيت الذي طُردنا منه قبل ألفي سنة والذي كنّا نتوق إليه بكل كياننا.
الوحيدون الذين لم يُدركوا ولم يستوعبوا جوهر الرد في الكونغرس على خطاب نتنياهو كانوا زعماء حزب كديما، الدكتور أحمد الطيبي، ومحللون موضوعيون من قبل اليسار الراديكالي. ومن شدة الكراهية لرئاسة الحكومة، الكراهية التي لامست حد المرض، ارتبكوا واعتقدوا أن الاحترام أُعطي لنتنياهو وليس لدولة إسرائيل.
ثمة لحظات في حياة الأمة يتعين فيها معرفة كيفية التعالي فوق الحسابات الشخصية الصغيرة. من المهم جدا أن تكون هناك معارضة للسلطة، لكن ممنوع أن تكون هناك معارضة للدولة. لكن ربما يكون هذا توقعا مبالغا فيه ممن يريدون أن يروا دولة إسرائيل كدولة كل مواطنيها في حدود 1947.
)إسرائيل اليوم 27/5/2011(