إلى متى تستطيع أوروبا المحافظة على سياسة «أميركا أولاً»؟...

تاريخ الإضافة الإثنين 7 تشرين الثاني 2022 - 5:30 ص    عدد الزيارات 941    التعليقات 0

        

إلى متى تستطيع أوروبا المحافظة على سياسة «أميركا أولاً»؟...

الراي... | بقلم - إيليا ج. مغناير |.... لن تستطيع أميركا إكمال معركتها مع روسيا وفتْح جبهةِ مواجهةٍ جديدة ضد الصين، من دون المحافظة على أسعار الطاقة ومنْع وصولها إلى أرقام خيالية، كما يحدث عادةً عندما تُشن الحروب الكبيرة، وكما هي الحال اليوم في الحرب الأوكرانية. تسعى الولايات المتحدة للسيطرة على أسعار الطاقة، حتى في دول حلفائها الغربيين... وهكذا دفعت القارة الأوروبية خلفها في الحرب من دون التحضير المسبق لنتائجها القاسية على «القارة العجوز» والعالم. إلا أن الإدارة الأميركية لا تملك اليوم المكانةَ التي تتيح لها فرْض شروطها على كل أصدقائها. وتالياً، فإن من المتوقع أن تفشل في طمأنة أوروبا إلى أن الطاقة موجودة ومتوافرة، وسط ازدياد الخشية من تفرُّق القادة الغربيين وتفرُّدهم بقرارات - مثل المجر - التي تحافظ على علاقات تجارية مع روسيا. لا تستطيع أوروبا المحافظة على سياسة «أميركا أولاً»، وقد لا تنتظر طويلاً حتى تتحول إلى سياسة «أوروبا أولاً»، وتلتفت إلى نتائج السياسات التي انعكست سلباً على شعوبها. وظهرت ألمانيا كأول مَن يدفع الثمن الباهظ. فقد كشفت شركة الطاقة العملاقة Uniper النقاب عن خسارة قياسية بلغت 40 مليار دولار بسبب القرار الأوروبي بوقف استيراد الغاز (الروسي). وأقرّت الحكومة بأنها تحتاج لاقتراض 200 مليار يورو لتعويض بعض جوانب ارتفاع الأسعار، بينما أعلنت فرنسا أنها تحتاج إلى 100 مليار للهدف نفسه، وإيطاليا إلى 150 ملياراً. من خلال المبالغة في تقدير قدراته وقوّته المالية، يعتقد الغرب أنه أكثر أهمية من روسيا، وتالياً فهو غير قادر على الاستماع لمَخاوف الرئيس فلاديمير بوتين. ويضع الغرب شروطَه ويريد فرض العقوبات على موسكو، ويطالبها في الوقت نفسه، بتلبية حاجة الأسواق النفطية (أوروبا ما زالت تستورد 1.7 مليون برميل من النفط يومياً) بدل إقامة شراكة متكافئة والتفاوض مع الكرملين. إن تَجاهُلَ روسيا كشريكٍ على قدم المساواة، يمنع الأوروبيين من مقاربة الوضع على حقيقته ويعزز السيرَ وراء المصالح الأميركية... لكن الثمنَ الاقتصادي أصبح غالياً. وينبع ردُّ الفعل غير المتوقَّع للقادة الأوروبيين من «أيديولوجيا الاستعمار» المتأصلة، معتقدين أن قارتهم أكثر أهمية من روسيا. ومع ذلك، تملك أوروبا قوةً ماليةً جبّارة، إلا أنها تعتمد في شكل كبير على الموارد الطبيعية غير الموجودة لديها. وإعتُبر قرار الدول الـ 23 داخل «أوبك+» بخفْض إنتاج الطاقة بواقع مليوني برميل يومياً (2 في المئة من إنتاج الطاقة العالمي) اعتباراً من نوفمبر الجاري، تطوراً بارزاً لم يتوقّعه الغرب. ويقول مستشار رئيس وزراء أوروبي لـ «الراي»، إن «تدمير أوروبا واقتصادها وانخفاض أسعار النفط بما يضرّ بمصالح الدول المُنْتِجة، هي نتائج مقبولة لدى واشنطن إذا كان ذلك سيؤدي إلى تدمير الاقتصاد الروسي وهزيمة موسكو في الحرب الدائرة على السيطرة والأحادية القطبية في أوكرانيا». وتعتقد أوروبا أنها ارتكبت خطأ بالاعتماد بنسبة 40 في المئة على استيراد الطاقة الروسية الرخيصة. لكن مشكلة هذه الرؤية هي عدم دقتها. إذ لم تقل روسيا أبداً أنها ستقطع تدفُّق الغاز لأنها تحتاج إلى مئات المليارات المدفوعة من الدول الأوروبية سنوياً مقابل الطاقة والموارد الطبيعية. لكن قرار الإعلان خرج من البيت الأبيض - وليس موسكو - بتعليق خط أنابيب «نورد ستريم -2» الذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات. بعد بضعة أشهر من الحرب، حدث الذعر الحقيقي في سوق الطاقة وحصل نقصٌ حاد في الغاز في أوروبا، عندما أعلنت دول الاتحاد الأوروبي قرارها بوقف شراء الغاز من روسيا. علاوة على ذلك، تَعَرَّضَ خط «نورد ستريم -1» الروسي لأعمال التخريب في بحر البلطيق، ما قطع الطريق أمام القادة الأوروبيين للعودة إلى تجارة الطاقة مع موسكو. ولكن ما زالت أكثر من 12 دولة أوروبية، بما فيها أعضاء الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، تتمتع بالنفط الروسي وتعتمد عليه (ما بين 100 في المئة إلى 60 في المئة)، متجاهلة العقوبات الغربية. لقد عَرَضَ بوتين على أوروبا شراء الغاز من تركيا عبر خط الأنابيب الروسي «تركستريم»، إذا كانت القارة مستعدة لتقليل النقص الحاد في الغاز هذا الشتاء. ولم يلق هذا العرض آذاناً صاغية، إذ أصر العديد من القادة الأوروبيين على الإبقاء على عقوباتهم وأعلنوا بفخر الحدّ من الاعتماد على الغاز الروسي. وقرر هؤلاء القادة شراء غاز أغلى بكثير من الولايات المتحدة والنرويج والجزائر وكازاخستان وإغراق مواطنيهم في تَضَخُّمٍ حاد لهدف لم يتم تحقيقه: شل الاقتصاد الروسي. وحذّرت وكالة الطاقة الدولية، من أن أوروبا قد تواجه عجزاً في الغاز بمقدار 30 مليار متر مكعب خلال الصيف المقبل. وتالياً، يجب أن تتخذ إجراءات فورية قبل شتاء 2023 - 2024. وقد يكون ذلك ممكناً فقط إذا استأنفت أوروبا استئناف بعض العلاقات مع روسيا. ومع ذلك، يمكن أن تُرفع العقوبات الأكثر ضرراً على الأوروبيين إذا كانت موسكو راضية عن إقامة «أعمال تجارية فقط» مع القارة. الحرب في أوكرانيا... حرب أميركا وليس أوروبا. ومع ذلك، يتصرف الأوروبيون بطريقةٍ مغايرة. وتالياً، يتوجب عليهم تَحَمُّل تبعاتها.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,169,987

عدد الزوار: 6,758,636

المتواجدون الآن: 124