ما لم يقله نجاد عن الأموال
طارق الحميد (الشرق الأوسط)
ألقى الرئيس الإيراني باللائمة في الأزمة المالية العالمية على الغرب، متهما إياه بالسعي إلى تصويرها على أنها عالمية! وذهب نجاد أبعد من ذلك حين يقول، إن دولا أخرى استقطبت للمساعدة لحل مشاكل الغرب، مضيفا أن قادة الغرب «يرسلون وفودا مختلفة إلى دول أخرى ويعقدون اجتماعات ومؤتمرات اقليمية لإجبار حكومات أخرى على الدخول في هذه الأزمة لتغطية بعض من خسائرهم».
حديث نجاد يفسر لنا عمق أزمة الاقتصاد الإيراني، إذ يبدو أن الرئيس الإيراني لم يستوعب بعد طبيعة النظام الاقتصادي العالمي، والدليل أن اقتصاد إيران أصيب بالوعكة حتى قبل انخفاض أسعار البترول.
لكن المهم هنا هو أن اسقاطة نجاد بأن قادة الغرب يرسلون وفودا ويعقدون اجتماعات ومؤتمرات لاجبار حكومات أخرى لتغطية بعض خسائر الغرب، لا تختلف كثيرا عن قول فاروق الشرع، إن الصورة التي رأيناها في قمة العشرين لا تمثلنا نحن العرب.
فالمقصود من كل ذلك هو السعودية ودول الخليج، في عملية ابتزاز سياسي واضحة، على الرغم من أن الرياض قالت «لا» قبل قمة العشرين، وثبت انها قالت «لا» بعد القمة.
لكن الأهم من كل ما سبق هو ما لم يقله الرئيس الإيراني، فأحمدي نجاد الذي يقول إن نظام بلاده الاقتصادي قادر على البقاء حتى لو وصل سعر برميل البترول إلى 5 دولارات، يطالب دول الخليج العربي بانشاء بنك اقليمي للمساعدات!
نعم، بنك اقليمي للمساعدات، يتكون من عضوية دول مجلس تعاون الخليج العربي، اضافة إلى ايران، ويقوم بتمويل المشاريع والدول التي تحتاج إلى مساعدة بدلا من أن تلجأ إلى صندوق النقد الدولي أو غيره.
وقبل الاسترسال لا بد أن نقول إن دول الخليج على وشك تنظيم يكفل لها انجاز مشروع خاص بها، ويضمن استقرارها المالي، وغيره.
لكن على القارئ هنا أن يسأل: من مِن دول الخليج العربي تلك التي تطالب بمساعدات مالية اليوم من المجتمع الدولي؟ قطعا السعودية ليست في حاجة إلى ذلك، واعلنت مرارا أنها قادرة على مواجهة مشاكلها إن وجدت، والأمر نفسه تفعله الإمارات. والكويت تتصدى بأموالها لاحتياجاتها، ولم تشك البحرين، ولم نسمع شيئا عن سلطنة عمان، ولن تضطر قطر لطلب المساعدة المالية الدولية. إذاً فإن أبرز المستفيدين من البنك الاقليمي الذي يقترحه نجاد هو إيران.
فعندما كان برميل البترول بسعر 120 دولارا وجه حسن روحاني المستشار الأمني للمرشد الأعلى الإيراني، انتقادات حادة وقاسية لنجاد اتهمه فيها بأنه «ضيع فرصا ذهبية» لتنمية إيران، وتساءل روحاني يومها «لماذا جيوب الناس خاوية.. وكرامتهم ضائعة»؟
فكيف يستطيع نجاد القول الآن إن بلاده قادرة على المحافظة على نظامها الاقتصادي وأسعار البترول تنخفض، وفي الوقت نفسه يقول إن الأزمة المالية العالمية هي خاصة بالغرب فقط، وإنهم يريدون النجاة منها بأموالنا؟
وفوق هذا وذاك يريد نجاد بنكا اقليميا تستفيد منه إيران من أموال الخليج العربي، الذي يهدد الحرس الثوري الإيراني بحرقه كل صباح ومساء ردا على تهديدات إسرائيل؟ متناقضات، لكنها تثبت أن أزمة طهران المالية كبيرة مهما قال نجاد.