مصيره "على المحك" وخطة بوتين "فشلت".. هل انتهى الروبل الروسي؟...
مصيره "على المحك" وخطة بوتين "فشلت".. هل انتهى الروبل الروسي؟...
الحرة / ترجمات – واشنطن.. محللون رأوا أن الحلول الروسية لمحاولة دعم العملة لن تنجح على المدى الطويل...
تدهورت العملة الروسية "الروبل" لتصل إلى مستويات قياسية منخفضة يوم الإثنين، ما يثير تساؤلات حول المصير المتوقع للعملة والفترة التي يمكن فيها أن تصمد في ظل العقوبات المفروضة حاليا على موسكو بسبب اجتياحها لأوكرانيا. وانخفض الروبل إلى 137 مقابل الدولار، ليصبح في وضع أسوأ من التدهور الذي سجله بأكثر من 10 في المئة عند إغلاق الأسواق يوم الجمعة. ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الإثنين، أن المتداولين يقولون إن القدرة على شراء وبيع العملة الروسية أصبحت محدودة مع تجنب عدد أكبر من البنوك تسوية المعاملات في السوق الخارجية. وتهدف الإجراءات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عدة أخرى إلى ضرب قدرة البنك المركزي الروسي لدعم الروبل. ومع انخفاض القوة الشرائية للروبل بشكل حاد، يجد المستهلكون الذين يحتفظون بالعملة أنهم يستطيعون شراء حاجيات أقل بأموالهم. ويشير تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنه بتحديد القيمة الحقيقية للعملة، فإن هؤلاء الأشخاص يصبحون أفقر. ويقول مايكل بيرنستام، الباحث في معهد هوفر بجامعة ستانفورد للصحيفة: "إذا كان الناس يثقون في العملة، فإن الدولة موجودة"، مضيفا "إذا لم يفعلوا ذلك، فسيتلاشى كل شيء كالدخان". في قلب التحرك لتقييد بنك روسيا توجد احتياطيات النقد الأجنبي، وهي كميات هائلة من الأصول القابلة للتحويل، عبارة عن عملات الدول الأخرى والذهب، التي خزنتها روسيا وبنت عليها إلى حد كبير من خلال الأموال التي تكسبها من بيع النفط والغاز إلى أوروبا ومستوردي الطاقة الآخرين. لكن "الضربة الأكثر تدميرا" تمثلت بإزالة روسيا عن نظام الدفع العالمي "سويفت"، وهي الخطوة التي تأمل دول الغرب أن تححب قدرة البنك المركزي من دعم الروبل، وفقا لما تراه رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين. وقالت إن هذه الخطوة "ستجمد كل التبادلات"، و"سيستحيل على البنك المركزي تصفية أصول" الاحتياطات. ويشرح بيرنستام، كيف يؤثر ذلك على النظام الاقتصادي ككل، ويقول إن بنك روسيا المركزي يملك حوالي 640 مليار دولار في احتياطات النقد الأجنبي، لكن المشكلة في ذلك هو أن تلك الأموال ليست في روسيا، بل في بنوك تجارية تقع في نيويورك ولندن وبرلين وباريس وطوكيو. ويضيف أن في دول مثل روسيا، حيث تتذبذب العملة المحلية، تكون هناك حاجة ملحة إلى القدرة على تحويلها إلى عملات قوية يمكن الوثوق باستقرارها، مثل الدولار، ويقول إن البنك المركزي يمكنه من خلال احتياطاته الأجنبية أن يسمح بدعم الروبل بضخ العملات الأجنبية في السوق وذلك من خلال توفير ضمان لأصحاب الأعمال والمنازل بأن الحكومة قادرة على تحويل الروبل لعملات أخرى في أي وقت. لكن المشكلة تأتي، وفقا للخبير عندما يقفد العمال والمدراء وأصحاب الأعمال والمستثمرون بعدم قدرتهم على بيع الروبل مقابل الدولار أو اليورو، ولأنهم لا يمكنهم الوصول للاحتياطات النقدية، فإن الثقة تزول باحتياطهم الأجنبي.
كم يملك الروبل من الوقت؟
هناك حل قد يتمثل أمام البنك المركزي الروسي بأن يحاول دعم قيمة الروبل، من خلال شراء العملة التي يعرضها الناس للبيع، لكن يمكنه فعل ذلك إن كانت لديه إمكانية في الوصول إلى احتياطاته الأجنبية. ووفقا للمعطيات التي منحها بيرنستام، فإن الأفراد والشركات الروسية أودعوا 268 مليار دولار من العملات الأجنبية في البنوك الروسية. لكن البنك المركزي الروسي لديه ما يقرب من 12 مليار دولار من النقد في متناول اليد، وهو مبلغ صغير بشكل مذهل، على حد قوله، أما بالنسبة لبقية احتياطيات روسيا من النقد الأجنبي، فقد تم استثمار ما يقرب من 400 مليار دولار في أصول تحتفظ بها روسيا خارج البلاد، إضافة إلى 84 مليار دولار مستثمرة في السندات الصينية، و139 مليار دولار في الذهب. وتشير الصحيفة الأميركية إلى أنه يمكن للبنك المركزي تداول بعض هذه السندات مقابل الرنمينبي، مما سيمكنه من شراء البضائع من الصين ولكن ليس من البلدان الأخرى. كما يمكن أن تبيع الذهب أيضا، على الرغم من أن بيرنستام، يرى أنه سيكون هناك عدد قليل من المشترين للأطنان التي تمتلكها روسيا.
بوتين "فشل" في خطته
وبعد عام 2014، عقب ضم روسيا لإقليم القرم الأوكراني، حاولت موسكو أن ترفع من مخزونها من الاحتياطات الأجنبية لدعم الروبل، لكن بوتين لم يتوقع أن يفقد القدرة على الوصول إلى أموال البلاد في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، وفقا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست". وقال ديفيد بيكوورث، الباحث في مركز ميركاتوس في جامعة "جورج ميسون" للصحيفة الأميركية: "في حين أن دولا أخرى مثل أفغانستان وإيران وليبيا قد تمت مصادرة أصول بنكها المركزي، إلا أن نطاق العقوبات المفروضة على البنك المركزي الروسي غير مسبوقة". وذكرت الصحيفة أنه في الأوقات العادية، أو في ظل عقوبات أقل شمولا، يمكن للبنك المركزي الروسي الحد من انخفاض العملة عن طريق مقايضة الروبل بالدولار بسعر مضمون، فمثلا يمكن أن يساوي 80 روبل دولارا واحدا، وسيسمح البنك في الحفاظ على ثبات تلك التسعيرة ضمن هذا المستوى وستظل كذلك طالما كانت احتياطيات البنك صامدة. وترى هاجر شمالي، الزميلة البارزة في مركز "GeoEconomics" التابع لـ "المجلس الأطلسي" والمتحدثة السابقة باسم وزارة الخزانة الأميركية في حديثها مع "واشنطن بوست": "حقيقة أن احتياطياتهم في الخارج تظهر أنهم لم يتوقعوا حقا أن تذهب الولايات المتحدة إلى هذا الحد". ويقول كلاي لوري، نائب الرئيس التنفيذي في "معهد التمويل الدولي" للصحيفة إن "استراتيجية بوتين أسست جدارا، لكن هذا الجدار فيه الكثير من الثقوب .. ما رأيته في الأيام القليلة الماضية هو هجوم دراماتيكي على تلك الثقوب". ولأن البنك المركزي لا يمكنه فعل ذلك، فإنه حشد موارده المتبقية لمحاولة احتواء الأزمة، على حد تعبير الصحيفة، حيث أمر البنك الشركات المصدّرة ببيع 80 في المئة من عائداتها من النقد الأجنبي لدعم الروبل، كما رفع سعر الفائدة على حسابات التوفير من 9.5 في المئة إلى 20 في المئة لتحفيز الروس على الاحتفاظ بأموالهم في البنك. ولا يعني الانخفاض الدراماتيكي للروبل في أسواق الصرف الأجنبي على الفور تدهور القوة الشرائية في شوارع موسكو، ولن يرتفع سعر الخبز فجأة خلال يوم وليلة. ولكن الصحيفة تقول إن تقييد البنك المركزي سيؤثر بلا شك على الروس العاديين في الفترة القادمة، بالأخص وأن المؤشرات على أرض الواقع، والتي تتمثل بإسراع الروس في سحب أموالهم وإقفال أسواق المال الروسية لأيام، تشير إلى "مستقبل مليء بالمشاكل".