أخبار وتقارير...«تعبئة» أمنية - فكرية لإسقاط نجم «داعش» وجنود التطرف....هل خسِر المتشددون المتطرفون في إيران؟...مسلمو فرنسا أول ضحايا مجزرة «شارلي إيبدو» والرئيس هولاند سارع إلى التحذير من الخلط بين الإرهاب والإسلام...بلجيكا: رعب بين أوساط الجالية المسلمة.. والمحجبات يتخوفن من الخروج إلى الشوارع

اجتماع أوروبي-أميركي حول الإرهاب في باريس الأحد المقبل...هل يُسرِّع إعتداء باريس إسقاط النظام السوري؟...أعلن مسؤوليته عن الاعتداء على شارلي إيبدو.. تنظيم القاعدة في اليمن للفرنسيين: لن تنعموا بالأمن !..من هو "المعلم" الملهم لطلابه الدمويين؟....قراءة أوروبية لمجزرة "شارلي ايبدو": استيعاب... والضربات لـ"داعش" ليست كافية...يوم رهائن وقتلى في باريس.. وكبار قادة أوروبا يشاركون في مسيرة ضد الإرهاب غدا.. ا

تاريخ الإضافة الأحد 11 كانون الثاني 2015 - 7:44 ص    عدد الزيارات 1913    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

«تعبئة» أمنية - فكرية لإسقاط نجم «داعش» وجنود التطرف
الحياة....الاسكندرية - زهير قصيباتي
وحش «داعش» هل يمكن أن يكون أقوى من كل المجتمعات والدول العربية والأوروبية على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، كما في سورية والعراق؟ الأمن أولاً أم الرغيف أم الحريات؟ بعيداً عن صخب شواطئ الإسكندرية، صاح أحدهم «نحن خط الدفاع الأخير عن الأمة العربية»، فاستفز السؤال «مَنْ نحن؟... أمة أم مجتمعات أم عشائر وقبائل»... كيف أصبح «داعش» وأمثاله أقوى؟
تضج عاصفة الكراهية والتعصب على ضفتي المتوسط، باريس ليست في منأى، وما تشهده شوارع ألمانيا تحوّل سريعاً من تنديد بوحشية «داعش» وأخواته إلى إدانة لجميع المسلمين والإسلام. العنف يستدرّ العنف، وحال التعبئة الأمنية في كل مكان، إنذار صاخب بوجود قنبلة الحقد.
تعبئة في المطارات، وقبضة أمنية عديدٌ من أصابعها غير مرئي في الشارع. بين الضفتين صخب الفتنة الكبرى أعلى، وقلما تجد أحداً لا يخشى أن يباغته «داعشي» أو تكفيري بطعنة من خلف، إن لم يكن ضحية «عابرة» لتفجير. أصابع الاتهام توجه الى «الدولة العربية» التي «استغلت» وباء الإرهاب لفترات، حتى توحَّش... قال أحد أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر (ياسر عبدالعزيز)، داعياً الى الاعتراف بأن «الإعلام لن يكون ولا ينبغي أن يكون رأس حربة في المعركة مع الإرهاب».
في الإسكندرية، لولا قبضة الأمن المشددة حول مكتبتها، لشعرتَ بأن المدينة المنفتحة على ثقافات «المتوسط» ساكنة، على بركان ضفة مضطربة. تسأل ما الذي تبدّل منذ 25 يناير، يلتف بعضهم على الإجابة، خصوصاً حول «الإخوان» ومصيرهم ونسبة مَنْ بقي مِنْ المتعاطفين معهم. في الغالب، الجواب أن «الأولوية للُقْمَة العيش، ومكافحة الركود في فرص العمل، وفحش الغلاء وتدنّي الأجور وموت السياحة».
في المكتبة التي نظّمت مع وزارة الخارجية المصرية مؤتمر «نحو استراتيجية عربية شاملة لمواجهة التطرف»، بدا الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي مزهوّاً بـ «إجماع نادر» لمَّ شملها، لمواجهة زلزال العنف الذي يضرب المنطقة بجنون. حرص على التذكير بقرارات المجلس الوزاري للجامعة (7/9/2014) الداعية الى مكافحة امتدادات «داعش» وتجفيف منابع الإرهاب الفكرية وتمويله، واتخاذ تدابير لمنع تجنيد الشباب. والحال أن عاصفة القتل والبطش والتنكيل، لا تحجب وسط عاصفة الرياح والثلوج على ضفتي المتوسط، حقيقة أن هؤلاء، من كل الجنسيات والطوائف والمذاهب، كانوا ضحايا الاستبداد وباتوا «رهائن» لـ «داعش» و «القاعدة»، وأدوات، أحياء وأمواتاً.
ولكن، كيف تترجم الجامعة قرارها اعتبار أي اعتداء على أي دولة عربية أو أكثر أو على قواتها، اعتداء على كل الأعضاء؟ هل ينطبق ذلك على قوات النظام السوري، وهل تصنّف «غزوات» الحوثيين في اليمن اعتداءً؟
في مؤتمر مكتبة الإسكندرية الذي شارك فيه حوالى 250 من السياسيين العرب ورجال الدين والمثقفين والإعلاميين وخلافاً لكل مؤتمراتها السابقة، لم يكن الهدف مجرد توصيات بأفكار عامة. طغت حماسة وجرأة في التنديد بـ «التكاذب العربي»، وقول ما كان يُعتبر محظوراً. بطاركة وجّهوا اتهامات، مشايخ غضبوا من اتهام الأزهر بالاحتكار لأنه سعى إلى توحيد خطبة الجمعة في مساجد مصر. البطريرك غريغوريوس الثالث سأل الحضور «هل يمكن ان يكون الخطاب الديني إيجابياً وأحدهم يقول لي أنت كافر»؟ التمييز يحرّض على العنف، والضحايا مسيحيون ومسلمون من كل المذاهب.
وبلا مواربة، وراء جدران المؤتمر، وقف مشارك ليعرض بالتفصيل «نموذج» داعية إسلامي (ذكر اسمه)، قال لمحدّثه عبر إحدى القنوات التلفزيونية: «إكرَه زوجتك المسيحية... فلتشعُر هي كل يوم بأنك تبغضها». سأله: «كيف أعاشر زوجتي وأنا أكرهها»، أجاب: «اعتبر أنك تغتصبها»! يسهل الإجماع على أن حال ذاك الداعية الذي يتكاثر نموذجه بالآلاف، أخطر على الجميع ممن يغتصبون سلطة ومجتمعات.
الجميع ضحايا، نساء ورجالاً وأطفالاً، لـ «داعش» والانفصام والتكاذب، والتلاعب بمفاهيم الدين. أما غول الفقر والبطالة فيمهد أرضاً خصبة للتطرف، وحال «جنود» الإرهاب المضلَّلين في الضفة الأخرى للمتوسط، أقرب ما تكون إلى انحراف منتفضين على «غيتوات» عزلة، ساهموا في رفع جدرانها في وجه الاندماج.
لم يعد الوقت كافياً لتشريح الوباء، لم يصبح جثة بعد، وللغرب نصيب في هواجس الهيمنة والنفخ مواربة في نار الفتنة. بعيداً عن السياحة على شاطئ الإسكندرية، كل مظاهر المحنة والفتنة كانت حاضرة، في توصيات المؤتمر الذي حاول وضع آلية لمواجهة التطرف، ستُحال على القمة المقبلة للقادة العرب.
 
اجتماع أوروبي-أميركي حول الإرهاب في باريس الأحد المقبل
واشنطن - أ ف ب 
يتوجه وزير العدل الأميركي إريك هولدر إلى العاصمة الفرنسية للمشاركة في اجتماع أوروبي-أميركي حول الإرهاب الأحد المقبل، وذلك بناءً على دعوة وزير الداخلية الفرنسي، بحسب ما أعلن مسؤول في وزارة العدل الأميركية اليوم (الخميس).
وقال المسؤول أنه «بعد الهجوم الإرهابي الوحشي على أسبوعية شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة، سيتوجه وزير العدل إريك هولدر إلى باريس من أجل حضور اجتماع وزاري دولي في 11 كانون الثاني (يناير) الجاري، تلبية لدعوة برنار كازنوف». وأضاف أن الاجتماع سيعقد في مقر وزارة الداخلية الفرنسية وسيتطرق إلى «سبل مواجهة التهديدات الإرهابية والمقاتلين الأجانب ومنع التطرف العنيف».
وكان مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) عرض خدماته أمس (الأربعاء) على الأجهزة الأمنية الفرنسية بعد ساعات من الاعتداء على «شارلي إيبدو»، في حين تستمر مطاردة مرتكبي الاعتداء في شمال فرنسا.
وقال الناطق باسم مكتب «إف بي آي»: «نحن على اتصال مستمر مع نظرائنا في أجهزة الأمن»، مشيراً إلى أن الملحق القانوني للمكتب الفدرالي «يعمل بالتنسيق مع السلطات الفرنسية، من أجل مثول مرتكبي هذه الجريمة البشعة أمام العدالة».
من جهة أخرى، أكد وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف انعقاد الاجتماع الوزاري الأوروبي - الأميركي الأحد المقبل.
 
هل يُسرِّع إعتداء باريس إسقاط النظام السوري؟
الجمهورية.. شارل جبور
إذا تمّ اعتبار الجريمة الإرهابية التي استهدفت «شارلي إيبدو» ١١ أيلول جديدة، فـ ١١ أيلول الأساسية أدّت إلى ردِّ فعلٍ أميركي تُرجِم بإسقاط نظامَي طالبان وصدام وإخراج الجيش السوري من لبنان تنفيذاً للقرار 1559 والتأسيس للربيع العربي، وبالتالي ما هي مفاعيل ١١ أيلول الجديدة؟
فرنسا اليومَ مجروحة وموجوعة، وتواجه خطراً داخلياً جدّياً في حال لم تتحرّك سريعاً وتثبت جدّيتها وقدرتها على مواجهة الإرهاب على أرضها وفي الخارج، وهذا الخطر يتمثل باليمين المتطرّف الذي سيستثمر ما حصل من أجل تعزيز رصيده والتأكيد على وجهة نظره لجهة وقف الهجرة، وتحديداً الإسلامية، واتخاذ إجراءاتٍ صارمة بحق الجاليات الأجنبية، والانسحاب من الاتحاد الأوروبي إلى داخل فرنسا وغيرها من الإجراءات التي تجعل فرنسا تنكفئ إلى داخل حدودها.
وأيّ متابعة لاستطلاعات الرأي تُظهر صعوداً ثابتاً ومتواصلاً لـ»الجبهة الوطنية» التي تضع نصبَ عينيها الانتخابات الرئاسية في العام ٢٠١٧، حيث إن أحداثاً من هذا النوع تعزّز فرصها، لأنها تضاعف مخاوفَ الفرنسيين وقلقَهم على مستقبل بلدهم.
ومع دخول الجبهة الوطنية للمرة الأولى إلى مجلس الشيوخ في الانتخابات الأخيرة في أيلول الماضي تصاعدت الأصوات الفرنسية المحذِّرة من التحوّلات الجَذرية في المجتمع الفرنسي الذي بدأ يميل تدريجاً نحو التطرّف، الأمر الذي يجعل الأكثرية الشعبية مع أيّ إجراء تتخذه الدولة لقطع الطريق أمام أيّ مزايدة يمينية متطرّفة، وقطع الطريق لا يكون بتغيير فرنسا سياستها الداخلية والخارجية، بل بالتأكيد على هذه السياسة وتفعيلها وتطويرها.
وفي موازاة الإجراءات السريعة التي ستتخذها الدولة لتهدئة روع الفرنسيين الذين بدأت ردود فعلهم تخرج عن الإطار السياسي وتنزلق إلى توسل العنف، تؤشر المواقف التي صدرت عن الرئيس الفرنسي والمسؤولين الفرنسيين أنّ الدولة ماضية في سياستها ولا توجد أيّ قوة يمكن أن تدفعها إلى التراجع عن هذه السياسة.
ومعلومٌ أنّ فرنسا لعبت دورَ رأس الحربة في حرب الخليج الثانية، وفي المواجهة النووية مع إيران، وأخيراً في التحالف الدولي ضدّ الإرهاب، فضلاً عن أنّ مواقفها كانت الأكثر تشدّداً حيالَ النظام السوري، وبالتالي على رغم أنّ القيادة كانت وما زالت أميركية بامتياز، فإنه لا يمكن التقليل من الدور الفرنسي الذي كان بمثابة الشريك-الحليف.
ولعلّ الفارق الأساس بين ١١ أيلول ٢٠٠١ واليوم هو التحوّل في النظرة الدولية حيال الإرهاب من توصيف هذا الإرهاب بانه سنّي وتحميل الدول السنّية المسؤولية، الأمر الذي أدّى إلى إسقاط نظامَين سنّيين وشرّع المنطقة أمام التدخل الإيراني، إلى التعامل مع أسباب هذا الإرهاب، وهذا ما برز تحديداً مع التحالف الدولي الذي رفض انضمامَ طهران، وعزا ذلك إلى تجنّبه تأجيجَ المشاعر المذهبية بإدخال مكوِّنٍ شيعي في مواجهة التطرّف السنّي، وإعلانه بوضوح انّ هذا التطرّف لا يُحارب إلّا بواسطة الاعتدال السنّي. كما رفضه بطبيعة الحال انضمامَ النظام السوري الذي حمَّله مسؤولية تفاقم البيئة الإرهابية، ورفضه كلّ ذرائع النظام بأنه يتقاطع مع المجتمع الدولي في وظيفة محاربة الإرهاب.
فأمام هذا التطوّر في العقل الغربي وتحديداً الفرنسي الذي يتمايز عن الولايات المتحدة في القضية الفلسطينية لجهة ضرورة منح الفلسطينيين حقهم في دولة سيدة على أرضهم، من المتوقع أن تُزخِّم باريس من الآن وصاعداً دورَ رأس الحربة في أربعة ملفات: الملف النووي من خلال التشدّد مع طهران، والملف السوري من خلال الإصرار على إسقاط النظام، والملف الفلسطيني من خلال التمسك بحق الفلسطينيين بدولتهم، وملف المحكمة الدولية للاقتصاص من اغتيال، الشهيد رفيق الحريري، أبرز شخصية سنّية في العقدَين الأخيرَين.
وفي الوقت الذي يُفترض فيه أن يؤدّي هذا المسار إلى تحصين الدور الفرنسي عربياً وإسلامياً باعتبارها تحمل لواءَ الدفاع عن قضايا العرب والسنّة، وهي كذلك أساساً، فيُرجَح أن تضع فرنسا كلّ ثقلها لحلّ هذه القضايا أو بعضٍ منها.
وإذا كانت المسألة الفلسطينية أعقدها وأصعبها في ظلّ الفيتو الأميركي، فإنّ المسألة السورية تُعتبر أسهلها، ما يعني أنّ باريس ستمارس كلّ الضغط اللازم لإسقاط النظام السوري، وذلك ليس فقط لتعزيز رصيدها داخل الشارع السنّي، بل لأنّ التصدي للإرهاب فعلياً يبدأ من سوريا، حيث تكفي مقارنة البيئة الإرهابية قبل الأزمة السورية وبعدها ليتبيّن بوضوح مدى أهمية إنهاء العنف في سوريا كمدخل لتطويق الإرهاب.
وما حصل في فرنسا كان نتيجة طبيعية في ظلّ التعبئة الإسلامية التي تمظهرت من خلال ترك المجاهدين أوروبا والغرب من أجل القتال في سوريا، وبالتالي من البديهي أن يكبر ويتفاعل هذا المناخ ويرتدّ على الغرب نفسه.
وقد يشكل الحدثُ الباريسي درساً للغرب من أجل الإسراع في إسقاط النظام السوري، وهذا ما حذّر منه الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز من أنّ عدم التدخل سريعاً لإنهاء الأزمة السورية ستكون له ارتدادات على كلّ العالم.
ولكن إذا كانت النتائج الأولوية لأحداث ١١ أيلول الأميركية تُرجمت بإسقاط نظامَي طالبان وصدام، فإنّ المفاعيل الأولية لأحداث ١١ أيلول الباريسية ستُتَرجم بإنهاء الأزمة السورية عبر إسقاط نظام الأسد.
 
هل خسِر المتشددون المتطرفون في إيران؟
النهار..سركيس نعوم
اتّهم رئيس الجمهورية الاسلامية الشيخ حسن روحاني في 28 كانون الأول الماضي، في معرض اثبات انتقاله من الدفاع الى الهجوم، "الحرس الثوري مباشرة" بالفساد وتكديس الثروات. وكانت خطوة غير مسبوقة رغم أن "الحرس" تعرّض في السابق لتحديات "داخلية" قليلة. وقد فعل روحاني أكثر وبكثير من الانخراط في مبارزة كلامية مع هذا الجسم العسكري – الأمني – السياسي – الاقتصادي الضخم في ايران. فهو خفّض ميزانيته واستهدف ذراعه الموجِّهة التي تقدَّر أموالها بنحو 20 مليار دولار أميركي. وفي 29 من الشهر نفسه وجّه الى "الحرس" لطمة بقوله أن قاعدة القوّة الوطنية الايرانية ليست الصواريخ. ذلك أن الاعتماد فقط عليها على أهميتها والتخلُّف في الصناعة والزراعة يعنيان أن القوة الوطنية العامة تبقى ناقصة. ولا يشك المتابعون الجدّيون أنفسهم لايران في أن ملاحظات روحاني كانت مقصودة بهدف هزّ توازن "الحرس" ودفعه الى الدفاع بعدما مارس الهجوم سنوات كثيرة. وفي تحرُّك مماثل انتقد رئيس الجمهورية موازنة المؤسسة الاعلامية الرسمية (اذاعة وتلفزيون) لدفعها الى الانخراط في عملية اصلاحية جدية. وفي الـ28 من الشهر اياه قال: "شكراً لله. التلفزيون والاذاعة استعملا قدرتهما بنسبة مئة في المئة لانتقاد الحكومة. طبعاً نحن نرحِّب بالانتقاد. وهو جيد ومفيد. ونشكرهما عليه. ولكن في عملية التغطية الاعلامية لنشاطات دوائر الحكومة لا يتحرك أحد لنشر ماذا فعلت الحكومة، وما هي الخدمات التي وفرّتها للشعب". وفي الفترة نفسها تحدّث روحاني عن الاستثمارات الأجنبية التي تحتاج اليها بلاده بنفس وكلام جديدين عن السابق اذ اعتبرها لا تمسّ الدولة وسيادتها في ظل نظام قوي.
هل هناك اشارات أخرى الى انتقال المحافظين البراغماتيين في ايران الى الهجوم بعد سنوات طويلة من الاكتفاء بالدفاع؟
طبعاً، يجيب المتابعون إياهم. وقد صدرت عن المجتمع المدني الايراني وتحديداً النخبة فيه وعلى نحو شكّل استفزازاً. حصل ذلك في ندوة غير مسبوقة تناولت الموضوع النووي استضافتها جامعة طهران في 17 كانون الأول الماضي. وقد جرى خلالها انتقاد مفتوح للتشديد الكبير وللتأكيد الأكبر لأهمية البرنامج النووي اللذين تقوم بهما ايران ومؤسساتها الرسمية المتنوعة... وكان ذلك عندما أقدم العالِم السياسي المعروف صادق زيباكلام والمهندس النووي أحمد شيرزاد، وهما أكاديميان من أصحاب العقل الاصلاحي، على كسر محظور أو محرّم منذ ثلاثة عقود بتساؤلهما عن جدوى وملائمة السلطة أو القوة النووية لايران وعن الحكمة منها. وقد شبّه شيرزاد البرنامج النووي بالبئر الذي لم يُستخرج منه شيء حتى الآن الا بعض المال لعدد من الأفراد. وأبدى أسفه لاحقاً لتحويل البعض هذا البرنامج شرفاً اصطناعياً أو فخراً اصطناعياً معرِّضاً البلاد الى خسائر اقتصادية ومالية ضخمة. أما زيباكلام فقد لاحظ أن الـ250 صناعة جديدة التي تقول الدولة أنها نتيجة التكنولوجيا النووية، ليست عملياً حصيلة البحث والتطوير النوويين. وفي 22 كانون الأول نفسه أيضاً دعا شيرزاد، في مقابلة مع وكالة الأنباء الرسمية في طهران، الايرانيين الى انتقاد الصناعة النووية مثلما ينتقدون صناعة السيارات "المعطوبة" وغير الشعبية.
كل هذه الاشارات تفيد بحسب المتابعين أنفسهم، أن ميزان القوة صار في مصلحة الرئيس روحاني. وتجدر الاشارة هنا الى أن زيباكلام كان قبل ستة أشهر من كلامه هذا قيد مساءلة قانونية لاثارته قضايا أقل أهمية. ولم يحصل ردّ فعل سلبي أو قضائي عليه أو على ندوة جامعة طهران من أي معارض لروحاني. ويعني ذلك أمراً من اثنين. امّا أن رأس القضاء الايراني صار متعاوناً أو أقرب الى التعاون مع فريق الحكومة. وامّا أن المحافظين المتشددين الذين سيطروا على القضاء 30 عاماً بدأ الضعف يصيبهم. وفي أي حال لا يمكن اغفال حقيقة مهمة هي أن معسكر المحافظين البراغماتيين برئاسة روحاني وقيادة حجة الاسلام هاشمي رفسنجاني حقّق مكاسب مهمة. وما كان ذلك ممكناً لولا استمرار توقُّع الوليّ الفقيه علي خامينئي نجاح روحاني في تنفيذ التزامه رفع العقوبات الدولية على ايران أو إضعافها على الأقل.
هل يعني ذلك أن روحاني انتصر وأن المحافظين المتشددين القوا السلاح؟ وما هي التحديات التي تواجه الأول؟
 
أعلن مسؤوليته عن الاعتداء على شارلي إيبدو.. تنظيم القاعدة في اليمن للفرنسيين: لن تنعموا بالأمن !
إيلاف..أ. ف. ب.
تبنى تنظيم القاعدة في اليمن بشكل صريح الاعتداء الارهابي على مجلة شارلي ايبدو، وقال المسؤول الشرعي في التنظيم حارث النظاري ان "بعض ابناء فرنسا اساء الادب مع انبياء الله فسار اليهم نفر من جند الله المؤمنين فعلموهم الادب وحدود حرية التعبير".
واشنطن: هدد المسؤول الشرعي في تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" حارث النظاري فرنسا بهجمات جديدة في شريط فيديو بثته الجمعة مواقع "جهادية" بعد الاعتداء الذي نفذه الشقيقان كواشي اللذين ينتميان الى هذه المجموعة ضد شارلي ايبدو.
وقال النظاري في الشريط "ايها الفرنسيون اولى بكم ان تكفوا عدوانكم عن المسلمين لعلكم تحييون في ايمان وان ابيتم الا الحرب فابشروا فوالله لن تنعموا بالامن ما دمتم تحاربون الله ورسوله والمؤمنون".
واضاف ان "فرنسا اليوم من ائمة الكفر تسب الانبياء وتطغى في الدين ولا رادع لها الا ما حكم الله فيها فضرب الرقاب (...) ايها الفرنسيون الى متى تحاربون الله ورسوله ان تسلموا فهو خير لكم".
وكان شريف كواشي، احد الشقيقين اللذين نفذا الاعتداء على الصحيفة الاسبوعية الساخرة ما اوقع 12 قتيلا و11 جريحا، قال لقناة تلفزيون فرنسية قبل مقتله الجمعة ان تنظيم "قاعدة الجهاد في اليمن" قام بتمويله وارسله للقيام بذلك.
وقام شريف وشقيقه سعيد بعد فرارهما اثر الهجوم الدامي باحتجاز شخص في مطبعة في بلدة تبعد مسافة 40 كم شمال باريس، في حين احتجز اميدي كوليبالي رهائن في متجر يهودي بباريس.
وانهت قوات الامن الفرنسية مساء الجمعة عمليتي الاحتجاز بقتل الشقيقين وكوليبالي الذي اكد لتلفزيون فرنسي قبيل مقتله انه ينتمي الى الدولة الاسلامية لكنه "نسق" تحركه مع الشقيقين كواشي.
واوقعت ثلاثة ايام من الرعب في باريس 17 قتيلا و 20 جريحا.
واكد شريف كواشي ان سفره الى اليمن في 2011 كان ممولا من الاسلامي الاميركي اليمني الاصل انور العولقي الذي قتل في اليمن في غارة لطائرة اميركية من دون طيار في 30 ايلول/سبتمبر 2011.
وقال ان القاعدة في اليمن وراء الهجوم في فرنسا.
وبعد مجزرة شارلي ايبدو قال احد الشقيقين لسائق بعد ان سلب منه سيارته "قل لهم اننا ننتمي الى القاعدة في اليمن".
وتابع النظاري ان "بعض ابناء فرنسا اساء الادب مع انبياء الله فسار اليهم نفر من جند الله المؤمنين فعلموهم الادب وحدود حرية التعبير".
وختم "جاءكم جند يحبون الله ورسله لا يهابون الموت ويعشقون الشهادة في سبيل الله ايها المجاهدون الابطال افلحت الوجوه وسلمت الايادي (...) كيف لا نقاتل من اذى النبي وطغى في الدين وقاتل المؤمنين"؟
مركز ويزنتال: الاعتداءات كارثة للمخابرات الفرنسية
اعتبر مركز سيمون ويزنتال الجمعة ان هجمات "الجهاديين" ضد صحيفة شارلي ايبدو ومتجر في باريس تعتبر "كارثة" بالنسبة لاجهزة المخابرات الفرنسية وتسلط الضوء على فشلها.
وقال الحاخام مارفين هيير، مؤسس ومدير المركز الذي يعنى خصوصا بمحاربة معاداة السامية واجراء ابحاث حول المحرقة اليهودية ومقره لوس انجليس، يتوجب على الاف الائمة في فرنسا ان يفعلوا المزيد من اجل التصدي للتطرف داخل الطائفة الاسلامية.
وكان يتحدث عن الضحايا الاربعة في متجر في باريس بالاضافة الى 12 ضحية في مقر صحيفة شارلي ايبدو والشرطية التي قتلت ايضا. وقال "حتما انها كارثة" بالنسبة للمخابرات الفرنسية.
وقال ايضا لوكالة فرانس برس "يتوجب على السلطات الفرنسية بوضوح ان تفعل المزيد لمعرفة من يدخل الى البلاد" مشيرا الى ان الكثير من "الجهاديين" يتدربون في الخارج خصوصا في سوريا والعراق واليمن.
واضاف ان هناك حوالى ستة الاف امام في فرنسا لهم تأثير كبير جدا على المسلمين في البلاد.
وقال ايضا "يجب ان يتحملوا مسؤولياتهم".
واشار الى ان العالم يقر بان الاصوليين الاسلاميين ليسوا فقط في خلايا معزولة.
واضاف "لسنا امام حوالى مئات من الجهاديين ولكن امام ملايين" من الاشخاص.
 
من هو "المعلم" الملهم لطلابه الدمويين؟
النهار...
أفادت محطة تلفزيون "BFM TV" الفرنسية ان أحد منفذي هجوم "شارلي ايبدو" شريف كواشي أجرى اتصالاً هاتفياً مع المحطة وصرح خلاله أنه "ينتمي الى "قاعدة اليمن" وانه تتلمذ على يد الامام اليمني أنور العولقي". وأضاف: "نحن ندافع عن النبي".
ونقلت صحيفة "الموند" عن صحافي في "BFM TV" أن التلفزيون أجرى مقابلة مختصرة مع شريف كواشي غير أنهم قرروا إجراء مقابلة ثانية لتسجيلها واعطائها الى الشرطة.
وعند الثالثة بعد الظهر، اتصل أميدي كوليبالي بالتلفيزيون ليطلب أن يتواصل مع الشرطة
وكان مصدر كبير في المخابرات اليمنية إن سعيد كواشي قابل خلال فترة قضاها في اليمن عام 2011 القيادي البارز في القاعدة رجل الدين الراحل أنور العولقي.
وكان العولقي المولود في الولايات المتحدة أحد أبرز الزعماء الروحيين والتنظيميين للقاعدة في جزيرة العرب أنشط فروع التنظيم ونقل رسالة الجماعة المتشددة إلى جمهور من الأوروبيين والمتحدثين بالانجليزية.
وقتل العولقي في أيلول 2011 في ضربة شنتها طائرة بدون طيار ينسبها كثيرون إلى وكالة المخابرات المركزية الأميركية.
وقالت مصادر أميركية وأوروبية قريبة من التحقيقات في الهجوم على مقر "شارلي إبدو" في باريس إن سعيد كواشي أحد الشقيقين اللذين يشتبه بتورطهما في الهجوم زار اليمن في 2011 للتدرب مع متشددين تابعين للقاعدة.
فروع التنظيم
وقال المصدر اليمني أن كواشي (34 عاما) كان من بين عدد من الأجانب جاءوا إلى اليمن من أجل تلقي دراسة دينية.
وأضاف "ليس لدينا معلومات مؤكدة عن تلقيه تدريبا من القاعدة لكن ما هو مؤكد أنه قابل العولقي في شبوة." وتابع أن من الممكن أن يكون تلقى تدريبا في واحدة من المناطق العديدة التي لا تخضع لسيطرة السلطات في اليمن منذ 2011.
ولا تخضع محافظة شبوة التي تقع في جنوب اليمن لسيطرة السلطات وتقع فيها اشتباكات بين قوات الأمن ومتشددي القاعدة منذ سنوات. وكانت المحافظة تحت سيطرة القاعدة عام 2011 خلال الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وبرزت القاعدة في جزيرة العرب باعتبارها واحداً من أكثر فروع التنظيم تشدداً على المستوى الدولي وكذلك باعتبارها خطراً على الولايات المتحدة عندما أعلنت مسؤوليتها عن محاولة النيجيري عمر فاروق عبد المطلب إسقاط طائرة ركاب متجهة إلى ديترويت يوم 25 كانون الأول 2009 بقنبلة خبأها في ملابسه الداخلية.
وقالت أيضا إنها وراء مؤامرة فاشلة لإرسال طردين بالجو يحتويان على قنابل إلى الولايات المتحدة في اكتوبر تشرين الأول 2010.
وهناك ملاحقة واسعة لسعيد وشقيقه شريف (32 عاما) في فرنسا بعد مقتل 12 شخصا في الهجوم على مقر الصحيفة الأسبوعية الساخرة في باريس يوم الأربعاء.
والمشتبه فيهما ولدا في فرنسا لأبوين ولدا في الجزائر. وكان الاثنان تحت مراقبة الشرطة. وقضى شريف في السجن 18 شهراً عن محاولة السفر إلى العراق قبل عشر سنوات للقتال مع خلية إسلامية.
وقالت مصادر حكومية أميريكية إن سعيد كواشي وشقيقه شريف وضعا في اثنتين من قواعد البيانات الأمنية الأميركية هما قاعدة بيانات شديدة السرية لمكافحة الإرهاب تحتوي على معلومات بشأن 1.2 مليون شخص مشتبه به محتمل وقائمة أصغر كثيرا "لحظر الطيران" يحتفظ بها مركز مراقبة الإرهابيين.
ويعتقد محققون أن مقتل العولقي ربما أسهم في قرار الشقيقين الابتعاد عن الأنظار لكن محققين آخرين يقولون إن من السابق لأوانه الوصول إلى مثل هذه النتيجة.
واعتبر العولقي الذي كان خبيراً في الإنترنت مؤثراً في مجال التجنيد الدولي للقاعدة.
وكانت مجلة (إنسباير) التي تديرها القاعدة في جزيرة العرب قد نشرت على الإنترنت قائمة بمطلوبين أحياء أو موتى بينهم شاربونييه باسمه وصورته. ولم يتأكد إلى الآن إن كان لهذه القائمة دور في التحريض على الهجوم.
 
قراءة أوروبية لمجزرة "شارلي ايبدو": استيعاب... والضربات لـ"داعش" ليست كافية
النهار...ريتا صفير
برويّة، تراجع مصادر ديبلوماسية اوروبية الاحداث الامنية لبنانيا واوروبيا. ويحضر ضمنها طبعا، اعتداء "شارلي ايبدو" الذي "دشن" العام الجديد. ليس الحادث الامني الاول الذي هزّ اوروبا، على قول مصادر ديبلوماسية. ففي المداولات تحضر اعتداءات لندن ومدريد وبلجيكا و"مرادفاتها". الاهم ان "الانخراط والالتزام" الاوروبي مع دول المنطقة ومن بينها لبنان سيبقيان على حالهما. "استيعاب" احداث مماثلة يكاد يختصر رد الفعل الاوروبي الاولي، ولو ان اجهزة الاستخبارات الاوروبية تأخذ ما حصل على محمل الجد، انطلاقا من "ايحاءات" محتملة قد تنتج من الحادث.
تقود المناقشات المعمقة عن تداعيات "تشارلي ايبدو" الى "عناوين" خطوات محتملة في الفترة المقبلة. تبدأ بمراجعة استراتيجية مكافحة الارهاب خلال اسابيع. دلّ على ذلك كلام رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود جونكر في لاتفيا الخميس، متحدثا عن مقاربة عدد من الاقتراحات لمكافحة الارهاب، ولو ان لا خيار محددا الى الآن. ولا تنتهي هذه الخطوات بسلسلة اجتماعات تستعد باريس لاحتضانها الاحد لوزراء الداخلية الاوروبيين ثم لاتفيا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد، فلقاء وزراء الخارجية الاوروبيين في بروكسيل في 21 من الجاري وبعده لوزراء الشؤون الداخلية في 29 منه. اوروبيا ايضا، تبقى العين على انتخابات منتظرة في عدد من الدول التي تشهد صعودا للاحزاب المتشددة والمناوئة للاسلام، فيما يبدو لبنانيا ان لا خطوات استثنائية اتخذها الاتحاد الاوروبي نتيجة الحادث، باستثناء تنكيس الاعلام.
عمليا، كيف سينعكس حادث "شارلي ايبدو" على المقاربة الاوروبية للجوار؟
السؤال يطرح بقوة في الاوساط السياسية والديبلوماسية، وقد لا يجد اجابة شافية على المدى القصير، وفقا للمصادر الاوروبية. فتقويم الحادث وتداعياته قد يتطلب اسابيع . الا ان ذلك لا يمنع المصادر من الحديث عن الحاجة الى تعزيز تبادل المعلومات بين الدول الاعضاء في الاتحاد كخطوة اولى، ولا سيما لجهة تنقل المقاتلين الاجانب. يعزز هذا التوجه ما اظهرته التحقيقات الاولية عن انتقال احد مرتكبي عملية "شارلي ايبدو" من اليمن والعراق. وفي الاحاديث الاوروبية لا تغيب قضايا الهجرة والنقل، وسط اقتناع اوروبي بضرورة ان يبقى هذا الحوار مع الجوار على الطاولة وفي مقدم الدول لبنان. وفي حين تتجدد الدعوات الى اعتماد مقاربة شمولية حيال الاطراف والمجموعات مع اهمية الحفاظ على الخطاب المعتدل، يبرز تشديد اوروبي على أهمية التمسك بالقيم الاوروبية التي تقوم على التعددية وقبول الآخر والحفاظ على حرية التعبير.
وفي شكل أشمل، تركز المقاربة الاوروبية الداعية الى "جوار آمن" على اهمية المضي قدما في ايجاد حلول سياسية لنزاعات المنطقة وفي مقدمها سوريا. وهي تنطلق في هذا المجال من كلام الممثلة العليا للشؤون الخارجية والامنية في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغريني من بيروت والتي شددت فيه على دعم مهمة الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا الهادفة الى ايجاد حل سياسي في سوريا. يضاف اليه تذكير باعلان موغريني ان مفوضين جددا يستعدون لزيارة العاصمة اللبنانية في الاسابيع المقبلة في خطوة اخرى لتجديد دعم الاتحاد الاوروبي بلبنان.
واللافت انه يضاف الى هذه المقاربة اقتناع اوروبي مؤداه ان الضربات ضد "داعش" في كل من العراق وسوريا "ليست كافية"، وهو ما قد يفرض تعديلات على الاستراتيجية المتبعة.
 
يوم رهائن وقتلى في باريس.. وكبار قادة أوروبا يشاركون في مسيرة ضد الإرهاب غدا.. انتهاء عمليتي احتجاز الرهائن في فرنسا ومقتل منفذي الاعتداء على «شارلي إيبدو» * الرئيس الفرنسي: الإرهابيون المتورطون في الهجمات ليست لهم علاقة بالإسلام

جريدة الشرق الاوسط.. باريس: ميشال أبو نجم ... تنفست باريس الصعداء بعد يوم عصيب عاشته، ووصل إلى أوجه مع حصول تطورات دراماتيكية، تمثلت بعمليتي أخذ رهائن شبه متزامنة؛ الأولى جاءت صباحية وقد حصلت في مقاطعة سين إيه مارن الواقعة شمال شرقي باريس، حيث قام الأخوان شريف وسعيد كواشي الهاربان من وجه القوى الأمنية، بعد ارتكابهما مجزرة مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة باحتجاز رجل في مطبعة تقع في محلة دامرتان أون غويل 40 كلم من باريس و20 كلم من مطار رواسي - شارل ديغول، والعملية الثانية حصلت في مخزن «سوبر ماركت» تابع لمواطن يهودي على مدخل العاصمة فيما يُسمى «بوابة فانسان»، وقام بها رجل يدعي أحمدي كاليبالي، هو على الأرجح الشخص الذي قتل شرطية وجرح عاملا بلديا في محلة «مون روج» الملاصقة لباريس من جهة الجنوب، أول من أمس.
وزادت الأمور خطورة، عندما أفرجت السلطات الأمنية عن معلومات تفيد بوجود علاقة بين مرتكبي مجزرة «شارلي إيبدو» أو بشكل أصح أحدهما وقاتل الشرطية اللذين كانا ينتميان في الماضي إلى خلية متطرفة واحدة، اسمها «خلية بوت شومون»، التي بسببها ذهب سعيد كواشي إلى السجن في عام 2008، بعد الحكم عليه بالحبس 3 سنوات.
كل هذه العناصر زادت الأجواء اكفهرارا، خصوصا أنها جاءت لتكمل معلومات أخرى، بعضها أميركي المصدر، يفيد بوجود علاقة بين الأخوين كواشي وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وتحديدا اليمن، الأمر الذي دفع إلى الاعتقاد بوجود «خطة» لضرب استقرار فرنسا، عبر إصابتها في الصميم، أي في العاصمة.
الكابوس انتهى، مساء أمس، عندما قامت القوى الأمنية الممثلة بفرقتي الكوماندوز التابعتين لجهاز الدرك الوطني والشرطة باقتحام مقري الاحتجاز في وقت واحد. ولم تدم العمليتان سوى دقائق محدودة، انتهت بقتل الأخوين كواشي، وبالقضاء على أحمدي كاليبالي. وإذا كان رهينة الأخوين كوشاني في مطبعة دامرتان قد خرج سالما، فإن رهائن السوبر ماركت على مدخل باريس لم يخرجوا سالمين، إذ قُتل منهم 3. بيد أن ظروف مقتلهم ليست واضحة، إذ أفادت شاهدة بأن الـ3 قتلوا عندما اقتحم كاليبالي المخزن في الساعة الواحدة من بعد ظهر أمس، ولم يُقتلوا خلال تبادل إطلاق النار.
في غضون ذلك، صرح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، مساء أمس، في باريس، بعد انتهاء العملية، بأن الإرهابيين الذين تورطوا في الهجمات الأخيرة في فرنسا ليس لهم علاقة بالإسلام.
وقال الرئيس الفرنسي في كلمة مقتضبة ألقاها، مساء أمس، في باريس في أعقاب يوم عصيب شهد هجومين منفصلين لقوات الشرطة، انتهيا بتحرير رهائن، إن فرنسا تعي أنها تواجه وضعا صعبا، وسنعمل على ألا تواجه البلاد عملية مماثلة في المستقبل. وطالب هولاند في كلمته بعدم الخلط بين الإرهابيين والمسلمين.
الغريب أن «عملية فانسان» الأكثر دموية جرت «على الهواء»، أي بمتابعة من كاميرات التلفزيون، التي أظهرت مجموعة من رجال الكوماندوز يقتربون من المخزن، ويحطمون مدخله، بينما أحاطت مجموعة ثانية بالمخزن من الجهة المقابلة. وفي حين سُمعت أصوات طلقات نارية كثيفة وانفجارات، ساد هرج ومرج في الخارج بين المسعفين ورجال الأمن والسيارات التابعة للدفاع المدني والإسعاف.. وخرج الرهائن سريعا جدا من المخزن، الذي كان في داخله كثير من الزبائن، خصوصا أن عملية احتجاز الرهائن حصلت عشية يوم السبت، وهو يوم العطلة اليهودية.
وجرح في «عملية فانسان» رجلا أمن تم إخلاؤهما سريعا، في حين انصرفت الأجهزة المختصة إلى التأكد من عدم وجود تفخيخات في المخزن.
وجاءت العمليتان بقرار من أعلى السلطات الفرنسية، التي يبدو أنها قررت وضع حد لحالة كانت تنذر بدفع آخرين ربما للاحتذاء بالأخوين كواشي وبأحمدي كاليبالي. ولذا كان القرار بالانتهاء من عمليتي الاحتجاز سريعا جدا بعد أكثر من 48 ساعة على وقوع مقتلة «شارلي إيبدو». وبحسب أحد الخبراء الأمنيين، فإن السلطات كانت تأخذ بالاعتبار 3 أمور، هي تحرير الرهائن وتحاشي وقوع ضحايا منهم والقبض على الخاطفين، إذا سمحت الظروف بذلك، لسوقهم أمام المحاكم، ومحاولة الحصول منهم على معلومات قد تفيد مستقبلا في تلافي عمليات من النوع نفسه.
وأمس، عرفت باريس يوما بالغ السوء ربما لم تعرف مثيلا له منذ عقود. وفي بعض ساعات النهار، بدا أن القوى الأمنية قد تجاوزتها الأحداث، ولم تعد قادرة على الإمساك بها، رغم نشر نحو 10 آلاف رجل أمن ودرك وجيش في العاصمة وضواحيها القريبة. وما بين إغلاق المنطقة المحيطة مباشرة بالقصر الرئاسي القريب من جادة الشانزلزيه، وتكثيف الحضور الأمني على مداخل العاصمة ثم إغلاق ساحة التروكاديرو المطلة على برج إيفل، واتخاذ تدابير أمنية استثنائية في شارع «لا روزيه» الذي تعيش فيه أكثرية يهودية، جاءت عملية احتجاز الرهائن الثانية في المخزن اليهودي «سوبر ماركت» لتزيد الوضع خطورة وتعقيدا. ويقع هذا المخزن المسمى «هيبر كاشير» في ساحة «باب فانسان»، وهو أحد مداخل باريس الجنوبية الشرقية، ويطل على الطريق الدائري السريع المحيط بباريس.
وتكمن خطورة العملية الثانية أن «بطلها» هو الشخص نفسه الذي قُتل، صباح أول من أمس (الخميس)، بدم بارد وبسلاح حربي، شرطية وجرح عاملا بلديا في ضاحية مون روج الملاصقة لباريس. ورغم الجهود الكبيرة وأعداد من رجال الأمن، والتعرف على هوية الجاني، فإن الأخير استمر طليقا، بل إنه نجح في الإفلات من الطوق الأمني الذي ضرب حوله.
وجاءت المفاجأة عندما كشفت مصادر الشرطة أن قاتل «مون روج» على علاقة بالأخوين شريف وسعيد كواشي. بيد أن نهار الأجهزة الأمنية بدأ سيئا عندما علمت صباحا أن الأخوين كواشي اللذين أمضيا الليلة في غابة في مقاطعة لواز، بعد أن اضطرا لترك سيارتهما والفرار سيرا على الأقدام نجحا في الاستيلاء على سيارة جديدة توجها بها إلى محلة «دامرتان أون غويل».
ويتظاهر كبار القادة الأوروبيين في باريس غدا تضامنا مع فرنسا التي شهدت هجوما داميا على أسبوعية «شارلي إيبدو» أعقبته عمليتا احتجاز رهائن في باريس انتهتا الجمعة بشكل مأساوي.
وسيشارك أيضا في هذه المسيرة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس مجلس أوروبا دونالد توسك ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ورؤساء حكومات الدنمارك وبلجيكا وهولندا ومالطا وفنلندا ولوكسمبورغ، تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
 
مسلمو فرنسا أول ضحايا مجزرة «شارلي إيبدو» والرئيس هولاند سارع إلى التحذير من الخلط بين الإرهاب والإسلام

باريس: «الشرق الأوسط» .... تعم النقمة أوساط المسلمين في فرنسا لأن الأحداث الإرهابية التي وقعت خلال الأيام الماضية أخذتهم رهائن بشكل جماعي رغم أن منفذيها من المتطرفين القلائل ومن ذوي السوابق. وفي حين سارع المسؤولون الرسميون، وأولهم الرئيس فرانسوا هولاند، إلى التحذير من الخلط بين الإرهاب والإسلام، فإن تطورات حادث الاعتداء الذي تعرضت له صحيفة «شارلي إيبدو» وما تلاها من اغتيال أفراد في الشرطة واحتجاز رهائن، وضعت التجمعات الإسلامية في حال من القلق الشديد والترقب، مع ظهور تصريحات تطالب برفع الحظر على الآراء المعادية للإسلام، بحجة «تسمية الأشياء بأسمائها» ونبذ سياسة ما يجوز قوله وما لا يجوز.
وبعد البيان الذي أصدره الدكتور دليل بو بكر، إمام مسجد باريس الكبير، وأدان فيه مجزرة «شارلي إيبدو» بشكل قاطع وحاسم، أصدر مجلس السفراء العرب في العاصمة الفرنسية بيانا مماثلا لإدانة العنف ضد الأبرياء، وكذلك نادي الصحافيين العرب الذي أعلن التضامن مع الوسط الإعلامي الفرنسي والوقوف مع حرية التعبير. كما أصدر مجموعة من المثقفين العرب في باريس، أمس، بيانا ضد الجريمة، جاء فيه: «ندين بشكل قاطع العمل الموغل في الوحشية الذي تعرضت له صحيفة (شارلي إيبدو) الذي لا يستهدف فقط حقوق الإنسان وحرياته وكرامته، وإنما يستهدف كذلك معنى الإنسانية والإنسان بوصفه إنسانا في أعمق ما يميزه عن بقية الكائنات». ومن الموقعين على البيان كل من الشاعر السوري أدونيس والأديب اللبناني صلاح ستيتية والكاتب المغربي الطاهر بن جلون والكاتب والمفكر الجزائري مالك شبل والشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي والرسام الجزائري عادل عبد الصمد والناقدة السورية خالدة سعيد والمفكر التونسي فتحي بن سلامة والمسرحي اللبناني نبيل الأظن.
وطوال اليومين الماضيين، لوحظت في ميدان «لا ريبوبليك (ساحة الجمهورية)»، وهي ساحة التجمعات السياسية في باريس، لافتات صغيرة مكتوبة باللغة العربية تحمل عبارة «أنا شارلي»، وكذلك في الشوارع المحيطة بمقر الصحيفة في الدائرة 11 من العاصمة، حيث أشعل آلاف المواطنين الشموع ووضعوا باقات الأزهار لإبداء التضامن مع عائلات الضحايا، وبينهم شرطي ورسام مسلمان من أصول عربية. كما ظهرت على شاشة التلفزيون الوزيرة السابقة الجزائرية الأصل جينات بوغراب، شريكة حياة الرسام القتيل شارب، رئيس تحرير «شارلي إيبدو». وقالت بوغراب، إنها فقدت شريك حياتها، لكن فرنسا كلها حزينة بسبب الجريمة التي استهدفت الحق في التعبير.
مثل غيرهم من الفرنسيين، وقف المسلمون بشكل واضح ضد الإرهاب. وحرصت مجاميع منهم على التظاهر مع المحتجين على الجريمة. كما خرج كثيرون منهم إلى الشوارع للالتزام بدقيقة الصمت التي دعا إليها الرئيس هولاند، في تمام ظهيرة الخميس الماضي، احتراما لأرواح الضحايا. ووقف عدد من المسلمين بصمت وخشوع أمام مبنى بلدية «أولناي»، بضاحية باريس التي تقطنها جالية كبيرة من المهاجرين، وغيرها من المراكز التي يشكل المسلمون نسبة كبيرة من سكانها. وقد عبر كثيرون منهم عن خشيتهم من الخلط بين الإسلام وما يبدر عن فئات من الإرهابيين، وأكدوا أنهم يلتزمون بتعاليم العقيدة السمحة التي ترفض قتل الأبرياء.
وفي حين يمارس عموم المسلمين حياتهم بشكل طبيعي في عموم المدن الفرنسية، فإن الأخبار عن اعتداءات تعرضت لها بعض المساجد في مدن البلاد أصابتهم بالقلق. كما أن التوتر يسود في الشوارع والأماكن العامة بسبب الانتشار الواسع لقوى الشرطة وانطلاق صفارات إنذارها من دون انقطاع وإغلاق عدد من المحاور والطرقات، خصوصا في أحياء شرق العاصمة. وعمدت فئة من الباريسيين، أمس، بعد حادثتي احتجاز الرهائن في منطقتين مختلفتين من العاصمة، ملازمة البيوت في انتظار انحسار موجة الإرهاب، فإن عرب فرنسا يتلقون سيلا من النداءات الهاتفية من أهاليهم وأقاربهم في الدول الأخرى للاطمئنان عليهم ونصحهم بتوخي الحذر. وإذا كانت الأمور تسير بشكلها المعتاد في أسواق بيع اللحوم والأطعمة الحلال والمقاهي التي تقدم «الشيشة»، فقد لوحظ تراجع «الجلابيات» الرجالية والحجاب في الأماكن العامة واستعاضة الفتيات عنها بتغطية الرأس بالأوشحة الصوفية الملونة والقبعات الصوفية.
وكيفما تطورت الأمور على الأرض وفي ميدان مطاردة الإرهابيين، فإن مسلمي فرنسا يشعرون، أكثر من أي وقت مضى، بأنهم سيمرون بأيام صعبة مقبلة، وأن ما حدث في باريس سيرفع من نشاط جماعات اليمين المتطرف والعصابات العنصرية التي كانت وما زالت تغذي موجة «الإسلاموفوبيا» في البلاد، أي الخوف من المسلمين. ففي ظروف التهديدات التي يشعر بها الفرنسي «الأبيض»، يصبح من الصعب على الكثيرين التمييز بين تطرف بعض الحركات السياسية التي تتخذ من الدين غطاء لممارساتها، وبين العقيدة الإسلامية ذاتها.
 
بلجيكا: رعب بين أوساط الجالية المسلمة.. والمحجبات يتخوفن من الخروج إلى الشوارع ورجال دين: ما حدث في فرنسا مصيبة كبرى.. ومخاوف من عود

جريدة الشرق الاوسط... بروكسل: عبد الله مصطفى .. «الناس خائفة، وخاصة النساء المحجبات اللاتي يخشين الاعتداء عليهن في شوارع بلجيكا، في أعقاب الهجوم الذي استهدف المجلة الأسبوعية الفرنسية الساخرة (شارلي إيبدو)». بهذه العبارة بدأ الشيخ محمد التمامي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، عقب إلقاء خطبة الجمعة في مسجد الحامدين بحي أندرلخت، أحد أحياء بروكسل التي يقطنها غالبية من الجالية المسلمة، وخلال الخطبة كان ما حدث في فرنسا هو الموضوع الرئيس، وأضاف الشيخ التمامي أن هناك علامات استفهام كثيرة وراء توقيت الحادث، وقال: «لماذا جرى الاعتداء في هذا التوقيت رغم أن نشر الرسوم المسيئة للإسلام كان منذ فترة؟ والمنفذون من خلال ما نشر من فيديوهات، واضح أنهم حصلوا على تدريبات لتنفيذ مثل هذه الأعمال، فمن قام بتدريبهم؟ ومن أين لهم بهذه الأسلحة التي كانت بحوزتهم؟ وخاصة أن الشرطة الفرنسية معروفة بقوتها وعملها الصارم». وحول المطلوب من الجالية المسلمة وقياداتها الدينية يقول الشيخ التمامي: «لا بد أن نكون على درجة عالية من اليقظة والوعي، وعلينا أن نوضح الأمور لأبناء الجالية، وهذا ما تناولته في خطبة الجمعة، وأيضا مساجد أخرى في بلجيكا تناولت هذا الأمر، وطالبنا بأن لا يكون هناك تسرع في اتخاذ القرارات والحكم على الأمور، وخاصة أن السلطات الفرنسية لم تعلن حتى الآن عن كل التفاصيل وملابسات الحادث». ويوضح الشيح التمامي أن الدين الإسلامي يدعو إلى التسامح والتعايش مع الآخر واحترامه، وأن مثل هذه الجرائم محرمة، كما أن كل الديانات تحرم قتل النفس، ويرى الشيخ التمامي أن «هناك ضرورة للعمل المشترك من الجميع على المستوى الشعبي والرسمي، وأيضا الإعلام له دور كبير لتوضيح الأمور، والخلاصة أننا نعيش في سفينة واحدة فإن نجت نجونا جميعا».
وحسب الكثير من المراقبين هنا في بروكسل، يخشى أبناء الجاليات الإسلامية والعربية في أوروبا، وخصوصا في بلجيكا، أن يضطروا لدفع ثمن تصرفات قلة متطرفة منهم لا تشعر بالانتماء إليها. ويتعزز هذا الشعور لدى الكثير منهم في ظل ارتفاع أصوات تطالبهم بالتحرك والنأي علنا بأنفسهم عما حدث في باريس.
ولكن بعض المثقفين البلجيكيين يرون عكس ذلك، ويؤكدون أن على أبناء الجالية المسلمة في البلاد التصرف والتعبير، ولكن ليس بشكل استثنائي أو مختلف. ويشير الفيلسوف إدوارد ديل روييل إلى ضرورة أن تنطلق تحركات المسلمين من مبدأ المواطنة وليس الانتماء الديني أو العرقي. وشدد المحاضر في جامعة لييج البلجيكية على أن ما حدث في باريس يطرح إشكالية مهمة، وهي «أين يتوقف الدين؟ وما حدوده؟ فإذا لم نطرح هذا السؤال، فسوف ندخل في منطق الحرب»، حسب قوله. ودعا ديل روييل إلى العمل على تقديم فكرة إسلام معتدل يقبل النقد والنقاش. ومن وجهة نظر الكثير من المراقبين في بروكسل فإنه بعد الهجوم الذي وقع في باريس استفاقت أوروبا على واقع طالما حرصت على تجاهله، فهناك شريحة، ولو قليلة، من الأجيال الشابة من المهاجرين ترفض الاندماج مع نمط الحياة الغربية، بمقابل حالة سخط واستياء متزايد من قبل الشعوب الأوروبية أمام ارتفاع معدلات الهجرة وتمدد النفوذ الإسلامي. ولكل هذا آثار وخيمة على التقاليد الخاصة بحرية التعبير والتسامح الديني وتماسك المجتمعات الأوروبية، وأيضا على أبناء الجاليات العربية والمسلمة خصوصا، التي ترغب في العيش وممارسة دينها بسلام في المجتمعات الأوروبية. وعن هذه الإشكالية، عبرت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، خلال أحدث تصريحاتها، بتأكيدها أنه يتوجب على دول الاتحاد ومؤسساته العمل على كل المستويات الداخلية والخارجية للمساهمة بشكل أنشط في مواجهة الخطر الإرهابي. وذكرت موغيريني أن للمشكلة أبعادا داخلية وخارجية، وقد يكون بعضها مرتبطا بالسياسة الخارجية والداخلية، وبعضها ثقافيا. ولعل إصرار المسؤولة الأوروبية، في أكثر من مناسبة، على البعد الثقافي والاجتماعي للظاهرة يعبر عن الاعتراف بأن أوروبا أهملت هذا الجانب لسنوات كثيرة، ما أوصل الأمور إلى ما هي فيه الآن، من وجهة نظر المحللين هنا في بروكسل.
وتسعى موغيريني، حسب مقربين منها، إلى «استخدام» واقعة «شارلي إيبدو» من أجل تحفيز بعض الدول غير المكترثة، وإقناعها بأن الوقت قد حان للمساهمة بشكل أكثر فعالية في العمل الجماعي والمتعدد الأطياف لحل مشكلة التطرف.
وتصر الأوساط الأوروبية على ربط فكرة التطرف والإرهاب بمشكلة ما بات يعرف بـ«المقاتلين الأجانب». ورغم عدم وجود تعبير أوروبي موحد لظاهرة المقاتلين الأجانب، فإن الربط يعني أن دول الاتحاد تعي أن الخطر لا يأتي فقط من الداخل، بل من الجوار الجنوبي الغارق في الصراعات والتطرف والفوضى. وكان الاتحاد الأوروبي اعتمد منذ 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ما سماها «استراتيجية» لمواجهة الإرهاب والتطرف والتصدي لمواجهة المقاتلين الأجانب، ولكن الدلائل تشير إلى أن رؤية المستقبل لا تزال غير واضحة تماما في بروكسل.
ومن غير المتوقع أن يرى العالم قرارات أوروبية قوية في وقت قريب: «لا نزال في مرحلة الألم والصدمة، ولكن علينا، رغم ذلك، التفكير جيدا لاتخاذ قرارات صائبة»، وفق تعبير المسؤولة الأوروبية. وتقول تقارير إعلامية في بروكسل: «تداعيات الحدث، الذي توج من ناحية عنفه سلسلة أحداث سابقة في فرنسا، لن تقتصر على المدى القصير؛ إذ هي انعكاس للنار التي تغلي تحت الرماد في المجتمعات الأوروبية؛ فالجاليات العربية وخاصة المسلمة في أوروبا ستدفع ثمن تطرف قلة من أفرادها تعاني من تأزم الهوية، وتعتقد أن الغرب يشن هجوما على المسلمين والإسلام». ويعتقد الكثير من المراقبين أن أووربا «العلمانية» تعيش موجة إرهاب خطيرة جديدة تنبع من المواجهة بين المسلمين أنفسهم، خاصة ما يجري في العراق وسوريا. ولكن الباحث في الشؤون الإسلامية في بلجيكا، محمود راموسي، يرى أن الدول الأوروبية تتحمل جزءا من المسؤولية؛ إذ تأخرت في التعامل مع الظاهرة في مهدها: «فقد تجاهل المسؤولون على مختلف المستويات، عمدا أو سهوا، أن هناك فئة من المجتمع على وشك الانفجار»، وفق كلامه.
ويقول الشيخ نور الدين الطويل الداعية الإسلامي، وهو أيضا عضو المجلس العام للهيئة التنفيذية التي ترعى شؤون المسلمين في بلجيكا: «إن ما حدث في فرنسا يعد مصيبة لكل المسلمين في أوروبا التي ستشدد رقابتها الآن على كل المسلمين، ومنهم المواطنون العاديون في الشارع».
وقال إن الهيئة التنفيذية للمسلمين في بلجيكا دانت الحادث وبشدة، ونددت بهذا الفعل، «ولكن من وجهة نظري التنديد فقط لا يكفي، لا بد من تحرك مشترك للجميع؛ لأن المؤتمرات والندوات هنا وهناك لن تحل المشكلات، بل لا بد من حلول ونتائج واستراتيجية واضحة للحفاظ على هؤلاء الشباب».
وأشار إلى أن الغرب والدول الإسلامية لديهما مسؤولية مشتركة لمواجهة انحراف الشباب إلى الفكر المتشدد؛ لأن البعض يرى أن عدم إيجاد حلول عادلة لمشكلات العالم العربي الإسلامي، ومنها مشكلات منطقة الشرق الأوسط، وخاصة ما يحدث على الأراضي الفلسطينية، سيزيد من أتباع الإرهاب، كما أن الدول العربية والإسلامية عليها أن تعمل من أجل نشر مزيد من العدالة الاجتماعية والحريات، وبالإضافة إلى ذلك فإن الجاليات المسلمة في أوروبا أيضا لها دور يجب أن تقوم به من أجل البناء، والتفاهم، وإعطاء صورة إيجابية عن الإسلام، وهناك دور مهم للآباء في مراقبة أبنائهم وتوجيههم، وأيضا للأئمة دور في نشر الفكر المعتدل.
 

المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,342,059

عدد الزوار: 7,628,995

المتواجدون الآن: 0