أخبار وتقارير...تحذير من مخاطر الصراع في اليمن: حان وقت التسوية..موسكو تحذر من «النبرة العسكرية» ... وتدخل أوباما في أوكرانيا...هل انتهت فترة الهدوء على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية؟...ماذا بعد فوز حزب اليسار الراديكالي في اليونان

إيران تطلب «ضمانات سيادية» لمواصلة دعم النظام السوري....الانفصاليون يحشدون 100 ألف مقاتل في شرق أوكرانيا...4 مليارات دولار لمكافحة "داعش" وتسليح المعارضة السورية المعتدلة

تاريخ الإضافة الأربعاء 4 شباط 2015 - 7:40 ص    عدد الزيارات 2200    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

تحذير من مخاطر الصراع في اليمن: حان وقت التسوية
كانون الثاني/يناير   |   28 يناير 2015
مجموعة الازمات الدولية
لقد تداعت المرحلة الانتقالية المدعومة من الأمم المتحدة في اليمن ودخلت البلاد مرحلة جديدة وخطيرة من عدم الاستقرار. في 22 كانون الثاني/يناير قدّم الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء استقالتهما بعد أن استولى المقاتلون الحوثيون على القصر الرئاسي وعززوا سيطرتهم على العاصمة. أدى هذا إلى تقوّيض المرحلة الانتقالية الحافلة بالمشاكل أصلاً وعزّز الاحتمال الواقعي جداً لتقسيم البلاد، والتدهور الاقتصادي وانتشار العنف على نطاق واسع ما لم يتم التوصل إلى تسوية قريباً. في هذا الوقت، ليس هناك الكثير مما يستطيع اللاعبون الخارجيون فعله، ربما باستثناء السعودية وإيران، للتأثير في حسابات القوى اليمنية. والخيار بالنسبة لليمنيين بالغ الوضوح: إما الموافقة على تسوية سياسية شاملة تستند إلى حل وسط، أو أن ينزلقوا إلى صراع عنيف على النموذج الليبي وإلى الانقسام الوطني. وليس في مصلحة أي طرف، باستثناء القاعدة في شبه جزيرة العرب، وإلى حدّ أقل، بعض مكوّنات الحراك الجنوبي، ترك الأمور تمضي إلى ذلك المآل.
لقد كان السبب المباشر للأزمة الأخيرة نزاع بين الحوثيين، وهم حركة زيدية/شيعية إجمالاً تُعرَف أيضاً بـ "أنصار الله"، من جهة، والرئيس هادي، من جهة أخرى، حول مسودة الدستور التي صيغت بلغة إشكالية فيما يتعلق بقضية الترتيبات الفيدرالية المستقبلية للبلاد والتي لم تتم تسويتها. بدأت الأزمة عندما اختطف الحوثيون مدير مكتب الرئيس، أحمد بن مبارك، في وقت سابق من هذا الشهر، ما بعث برسالة إلى هادي بأن الحوثيين لن يقبلوا بدستور قائم على اتحاد فيدرالي يتكون من ستة أقاليم، وهو تقسيم كان مبارك يدعمه وكانت تساور الحوثيين الشكوك في أنه يحاول أن يدفع به قُدماً دون موافقتهم. إلاّ أن التحدّي السياسي سرعان ما تحوّل إلى مواجهة عسكرية بين المقاتلين الحوثيين، الذين كانوا قد سيطروا على أجزاء واسعة من العاصمة منذ أيلول/سبتمبر 2014، والحرس الخاص بهادي. انتصر الحوثيون بسهولة، واستكملوا سيطرتهم العسكرية ووضعوا الرئيس فعلياً قيد الإقامة الجبرية.
وقّع الطرفان اتفاقاً في 20 كانون الثاني/يناير أذعن بموجبه الرئيس للمطالب الحوثية، التي تركزت جميعها على التنفيذ السريع لاتفاق السلم والشراكة الوطنية، وهو اتفاق تم توقيعه في أعقاب استيلاء الحوثيين في أيلول/سبتمبر على صنعاء وبنى على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي اختُتم في كانون الثاني/يناير 2014. من الناحية النظرية، فإن مطالبهم كانت معقولة، إلاّ أننها بددت أي مبرر للعملية السياسية. أعطى الزعيم الحوثي، عبد الملك الحوثي، الرئيس هادي أسبوعاً لتنفيذ الاتفاق، وإلاّ فإن "جميع الخيارات ستكون على الطاولة"، وهو تهديد مبطّن باستخدام العنف. وبدلاً من تنفيذ مطالب الحوثيين تحت تهديد السلاح، استقال هادي ورئيس الوزراء، ما وضع النظام السياسي في أزمة.
حتى الآن، دفع الحوثيون عملياً باباً سياسياً وعسكرياً مفتوحاً، حيث لم يواجهوا سوى جيوباً من المقاومة مع انتشارهم جنوباً. استغلوا الإحباط واسع الانتشار حيال العملية الانتقالية وكذلك ضعف الدولة ليحققوا توسيعاً سريعاً للدعم السياسي الذي يحظون به ومزيداً من السيطرة على الأراضي تجاوزت بكثير معاقلهم في الشمال. يلقى خطابهم المعادي للفساد والمعادي للنظام القديم صدى واسعاً؛ وبشكل ما فإن الحوثيين غيّروا ديناميكيات القوة أكثر بكثير من انتفاضة عام 2011 التي سرّعت في نهاية نظام علي عبد الله صالح. في الواقع، وبما يشكل مفارقة، فقد تحالفوا مع رجال القبائل الناقمين وأنصار صالح في عامي 2013 و2014 لإلحاق الهزيمة بأعدائهم المشتركين في الشمال ـ بما في ذلك العناصر القبلية المتحالفة مع الحزب الإسلامي السني، الإصلاح، وعائلة الأحمر واللواء علي محسن الأحمر، وهو الضابط الذي قاد المعارك ضد الحوثيين في ظل حكم صالح لكنه تحوّل ضد رئيسه خلال الانتفاضة. في أيلول/سبتمبر 2014، استولى المقاتلون الحوثيون على صنعاء بسهولة. أعداد كبيرة من قوات الأمن ـ كثيرون منهم مرتبطون بصالح وجميعهم محبطون من الرئيس هادي والعملية الانتقالية ـ إما انضموا إلى الحوثيين أو رفضوا مقاتلتهم.
أما الآن فقد يكون الحوثيون قد اندفعوا أبعد بكثير مما ينبغي وباتوا ضحية انتصارهم غير المتوقع. لقد أدى تعزيزهم لقوتهم في صنعاء بعد أيلول/سبتمبر وتوسعهم السريع على ساحل البحر الأحمر إلى مناطق جنوبي العاصمة، إلى ظهور مقاومة، خصوصاً في المناطق ذات الأغلبية الشافعية (السنية) مثل تعز ومأرب. في مأرب، حيث يتحالف رجال القبائل الموالون للإصلاح مع القاعدة في شبه جزيرة العرب للدفاع عن مناطقهم ضد التقدم الحوثي، فإن الصراع بات يتخذ منحى طائفياً خطيراً لم يكن موجوداً سابقاً في اليمن. الانفصاليون الجنوبيون، القلقون حيال مصيرهم في ظل شمال يسيطر عليه الحوثيون وشعورهم بإمكانية اغتنام فرصة سياسية لتوحيد صفوفهم المنقسمة تحت مظلة الحراك وربما الحصول على دعم إقليمي من السعودية، ضاعفوا من دعواتهم للاستقلال.
لقد وضع الفراغ الراهن في القيادة الحوثيين والبلاد في مأزق. الرئيس وأعضاء الحكومة قيد الإقامة الجبرية، وليس هناك إجماع بين القوى السياسية حول كيفية الخروج من الأزمة. حدد مجلس النواب جلسة في 25 كانون الثاني/يناير إما لقبول أو رفض استقالة هادي، إلاّ أنه أُجبر على تأجيلها، جزئياً بسبب مقاطعة أعضائه الجنوبيين، وبذلك تتعمق الأزمة الدستورية والشلل السائد في البلاد. أضف إلى ذلك، وبعد ساعات من إعلان هادي استقالته، أن المجلس الأمني لمحافظة عدن، وهو هيئة حكومية تضم المحافظ والمسؤولين الأمنيين، أعلن بأنه لن ينفّذ من الآن فصاعداً الأوامر الصادرة عن صنعاء.
وثمة ردود أفعال مشابهة صادرة عن المناطق الوسطى في اليمن، حيث يجد الخصم السياسي الرئيسي للحوثيين، الإصلاح، فرصة جديدة للمقاومة وذلك من خلال تنظيم مظاهرات شعبية. حتى صالح، الذي استفاد من انتصارات الحوثيين ضد أعداء مشتركين، فإنه يبعث برسائل تفيد بأنه قد يستغل الظرف الراهن للتحرّك ضدهم وتنظيم عودة حلفائه إلى السلطة من خلال الانتخابات.
الوضع الراهن بالغ السوء، إلاّ أنه يوفّر فرصاً أيضاً. كل المجموعات السياسية، إضافة إلى أغلبية المواطنين العاديين، غير راضين عن إدارة هادي للمرحلة الانتقالية. منذ استيلاء الحوثيين على العاصمة في أيلول/سبتمبر، بات يُنظَر إليه على أنه ضعيف وغير قادر على إعادة العملية السياسية إلى سكّتها الصحيحة. إن رحيله، رغم زعزعة الاستقرار التي يسببها، يوفر فرصة لليمنيين لاختيار قيادة أكثر فعالية وتحظى بقبول واسع. وهذا بدوره سيمكّن من التوصل إلى الإجماع السياسي غير الرسمي لكن الضروري لتنفيذ وتوضيح الاتفاقيات الانتقالية القائمة.
حتى الآن، لم يكن لدى الحوثيين أي حافز للتوصل إلى تسوية. بوصفهم المنتصرين، فإنهم باتوا يفرضون بشكل متزايد تفسيرهم للاتفاقيات القائمة، وفي الآن ذاته يدّعون بأنهم يتحدثون نيابة عن جميع اليمنيين. إلاّ أنهم، وبفعلهم ذلك، ينفّرون خصومهم ويدفعونهم إلى التطرف، خصوصاً الإصلاح والانفصاليين الجنوبيين. في الظروف الراهنة، فإن أي محاولة من قبل الحوثيين (أنصار الله كما يفضلون أن يُسموا) لتشكيل مجلس عسكري أو رئاسي دون مشاركة حقيقية من الأطراف الأخرى سيؤدي إلى رد فعل محلي ودولي قوي ضدهم.
إنهم لا يستطيعون إدارة الحكومة دون مشاركة الأحزاب السياسية. المهم أيضاً، فإنهم بحاجة لدعم الجهات المانحة لمنع الانهيار المالي وحدوث كارثة إنسانية. السعودية، التي حافظت على بقاء الحكومة اليمنية بتقديمها أكثر من 4 مليار دولار منذ عام 2011، أوقفت الدعم المباشر للحكومة أصلاً رداً على استيلاء الحوثيين على العاصمة في أيلول/سبتمبر. إذا أصر الحوثيين على السيطرة الأحادية الآن، فإن ذلك سيقوي الموقف السعودي وسيشجع أطرافاً مانحة أخرى على أن تحذو حذوه. محلياً، فإن ذلك سيعزز تصميم الجنوب على الانفصال ويمكن أن يوفر حافزاً للسعودية لدعم استقلاله ضد الشمال الذي يهيمن عليه الحوثيون. كما يمكن للأجزاء الوسطى من البلاد أن تنقسم، خصوصاً مأرب الغنية بالنفط. إن أياً من ذلك لا يخدم مصالح الحوثيين. يقول ممثلو الحوثيين بأنهم يريدون حلاً شاملاً، إلاّ أن أفعالهم هي المهمة الآن.
إن الحل السلمي الوحيد الذي يمكن أن يوقف القوى الانفصالية والانهيار الاقتصادي يتمثل في تسوية سياسية حقيقية وشاملة بين جميع الأطراف المعنيين، بما في ذلك أنصار الله، وحزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة صالح، وكتلة أحزاب اللقاء المشترك (الذي يشكل الإصلاح طرفاً رئيسياً فيها) وأكبر عدد ممكن من مكوّنات الحراك الجنوبي. حتى الآن، فإن للحوثيين اليد العليا دون منازع. إلاّ أن توسّعهم المفرط يوفّر فرصة لمجموعات أخرى لمقاومتهم وتقديم مطالب مقابل مشاركتهم.
تتمثل القضية الأكثر إلحاحاً الآن في وجود السلطة التنفيذية، حيث يترك الفراغ في البلد الذي يترنّح أصلاً على شفير الهاوية الاقتصادية دون موجّه وعرضة لانهيار خطير. ثمة عدداً من الخيارات المتاحة، أهمها إقناع هادي بسحب استقالته، وتشكيل لجنة رئاسية لتوجيه المرحلة الانتقالية إلى أن تجرى الانتخابات، أو بدلاً من ذلك، الالتزام بالدستور من خلال إجراء انتخابات رئاسية خلال 60 يوماً بعد اجتماع مجلس النواب الذي يصبح رئيسه مكلّفاً بأعمال الرئيس. من بين هذه الخيارات، فإن العودة إلى هادي، بعد كل ما حصل، قد تكون الأقل جاذبية، حيث إن من غير المرجح أن يوقف ذلك ترنّح وسقوط المرحلة الانتقالية. كما أنه من الصعب الاختيار بين الخيارين الآخرين، حيث إن لكل منهما محاسنه ومساوئه. ثم أن هناك تباينات بين هذه المواقف الثلاثة التي يجري نقاشها. الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لليمنيين هو الاتفاق معاً على أفضل الطرق وضمان أن أي حل يتم التوصل إليه يفضي إلى وجود سلطة تنفيذية مقبولة على نطاق واسع من جميع الأطراف. كما يفضَّل، إلى أقصى درجة ممكنة، أن يكون الحل الذي يتم اختياره في إطار الدستور.
إن الاتفاق على السلطة التنفيذية سيكون الخطوة الأولى. أما التسوية الدائمة فينبغي أن تتصدى للقضايا التي لم يتم حلها، خصوصاً تقاسم السلطة قبل الانتخابات إضافة إلى المسألة الإشكالية المتعلقة ببنية الدولة ومستقبل الجنوب. كما ينبغي أن تعكس التسوية، إلى أقصى درجة ممكنة، مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، الذي استفاد من المشاركة الواسعة التي لم تقتصر على الذين يحملون السلاح. لقد كانت هذه القضايا مصدراً دائماً للصراع وستستمر في إلقاء ظلالها على أي عملية سياسية إلى أن تتم معالجتها. إذا لم يؤدِ التهديد المتصاعد بالتقسيم والصراع الخطير إلى إقناع جميع الأطراف بتقديم تنازلات أكبر، من المرجّح أن ينزلق البلد إلى صراع طائفي تراهن عليه القوتان الإقليميتان السعودية وإيران.
إن التوصل إلى تسوية أمر منوط باليمنيين. لا يتمتع اللاعبون الخارجيون، باستثناء السعودية وإيران ربما، بدرجة كبيرة من النفوذ للتأثير على حسابات اللاعبين الداخليين الرئيسيين. تتمتع السعودية نظرياً بالنفوذ المالي والعلاقات مع جميع الأطراف بحيث يمكن أن تشجع تسوية شاملة حيال القضايا العالقة، إلاّ أنها اختارت حتى الآن عدم القيام بذلك. يبدو أن الرياض غاضبة مما تعتقد أنه دور إيراني في انتصار الحوثيين، ولذلك تبدو عازمة على إفشال هذا الانتصار بأي وسيلة. ربما تبالغ السعودية بالدور الإيراني، وقد تكون أكثر نجاحاً في الاحتفاظ باليمن في فلكها الجيو-استراتيجي إذا دفعت إلى التفاوض مع الحوثيين، باستعمال قوة المال. إن تشجيع الحوثيين على أن يكونوا مكوّناً بناءً في إطار حكومة وطنية جامعة سيسهم أيضاً في مقاومة القاعدة، وهي مجموعة مكروهة من قبل السعودية والحوثيين على حد سواء.
حتى الآن، حقق الحوثيون نجاحاً ملحوظاً في محاربة القاعدة. إلاّ أن استعدادهم لقيادة المعركة أدى أيضاً إلى ارتفاع عدد المنضمين إلى خصمهم، الذي يتحالف مع القبائل التي تعتبر الحوثيين غزاة وتستعمل لغة طائفية صريحة ضد الشيعة بشكل عام للتشجيع على القتال. سيكون من مصلحة الولايات المتحدة تشجيع السعوديين على التواصل مع الحوثيين وتحفيز اندماجهم في حكومة شاملة يمكن أن تحارب القاعدة. كما ينبغي على مجموعة أصدقاء اليمن (التي تضم مجلس التعاون الخليجي، وأعضاء مجموعة الثماني، وممثلين عن الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والجامعة العربية، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي) أن تحث السعوديين على دعم اليمن اقتصادياً كوسيلة لمنع الانهيار الاقتصادي وربط الحوثيين بالدولة لتجنب انقسامها.
كما يمكن لإيران أيضاً أن تلعب دوراً بناءً من خلال تقديم النصيحة للحوثيين بأن لا يتوسعوا أكثر من اللازم وألاّ يقصوا الأطراف الأخرى، وهي الأشياء التي تهدد بتقويض المكاسب السياسية الكبيرة التي حققوها. بصرف النظر عن العلاقة الفعلية مع أنصار الله، فإن إيران تتمتع بنفوذ سياسي ودعائي كبير على المستوى الإقليمي نتيجة للانتصارات التي حققها الحوثيون. إلاّ أن لا إيران ولا الحوثيين سيستفيدون من الانهيار الاقتصادي والصراع الذي لا شك سيحدث ما لم يتم التوصل إلى تسوية وطنية شاملة قريباً.
ويمكن أيضاً للمبعوث الخاص للأمم المتحدة أن يساعد في جمع اللاعبين الرئيسيين، إلاّ أن القرار النهائي إما بالقتال أو بالتوصل إلى تسوية هو بشكل رئيسي قرار اليمنيين. ينبغي على الحوثيين، أولاً وقبل كل شيء، أن يقتنعوا بأن مصلحتهم بعيدة المدى تكمن في التوصل إلى حل تفاوضي. إذا اقتنعوا بذلك، فإنه من المحتمل أن تحذو حذوهم في ذلك الأحزاب السياسية الأخرى وبعض مكونات الحراك. أما إذا مضى الحوثيون في مسارهم الحالي الخطير، فإن الوضع الحالي سيستمر، وسيمضي خصومهم في الحشد لخوض صراع لا يمكن لأحد أن يكسبه.
 
إيران تطلب «ضمانات سيادية» لمواصلة دعم النظام السوري
الحياة...لندن - إبراهيم حميدي
كشفت مصادر متطابقة لـ «الحياة» أن إيران طلبت «ضمانات سيادية» قد تصل قيمتها الى 20 بليون دولار أميركي لتلبية طلب الحكومة السورية تقديم خط ائتمان جديد بقيمة ٤.٧ بليون دولار أميركي، ما استدعى قيام مسؤولين سوريين بزيارات سرية إلى طهران للقاء المرشد الأعلى لـ «الثورة الإسلامية» علي خامنئي لـ «تليين الشروط الإيرانية» ومعالجة تراجع المساعدات بسبب تدني أسعار النفط.
ووفق المعلومات، فإن رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي طلب خلال زيارته طهران في كانون الأول (ديسمبر) الماضي «خط ائتمان» جديداً يغطي ثلاثة بلايين دولار من المشتقات النفطية و١.٧ بليون من المواد الغذائية والأدوية، حيث كان البند الرئيسي في قائمة مشتريات الحلقي، كميات أكبر من واردات مشتقات البترول والمواد الغذائية. غير أن الجانب الإيراني أشار إلى أن مجلس الشورى الإيراني لن يوافق على تقديم خط ائتمان جديد، من دون ضمانات سيادية سورية بقيمة ٢٠ بليون دولار.
ويُعتقد أن هذا المبلغ يغطي قروضاً وخطوطاً ائتمانية قدمتها طهران سابقاً. ووفق خبير سوري، فإن «ضمانات سيادية» تعني التزام الحكومة السورية سداد المبلغ مستقبلاً من خزينتها أو أملاكها، واحتمال رهن ممتلكات وتوقيع وزير المال على التزامات مالية. واقترح مسؤولون إيرانيون مقربون من الرئيس حسن روحاني إصدار تشريع من مجلس الشعب (البرلمان) السوري يضمن مصالح إيران في السنوات المقبلة. وأوضحت المصادر: «أعقبت هذه المحادثات زيارة سرية إلى طهران، إحداها للحلقي وأخرى لمسؤول أمني سابق له علاقة جيدة مع خامنئي، ما أدى إلى حصول دمشق على بعض المساعدات».
وفي بداية العام الحالي، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن الرئيس بشار الأسد استقبل رستم قاسمي رئيس لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية الإيرانية - السورية لبحث «الجهود المبذولة لتمتين العلاقات الاقتصادية وضرورة الاستثمار الأمثل للفرص المتاحة في الكثير من القطاعات الحيوية بما يعود بالمنفعة على البلدين». وتبلغ قاسمي من الحلقي أنه ستكون لإيران «الفرص الكبرى في إقامة مشاريع تنموية مشتركة في سورية».
وفي تموز (يوليو) عام 2013، منحت إيران الحكومة السورية تسهيلات ائتمانية مقدارها 3.6 بليون دولار لشراء منتجات نفطية. وجرى تخصيص بليون دولار أخرى لشراء منتجات غير نفطية. وسعت دمشق إلى الحصول على تطمينات بأن طهران ستحافظ على الوضع الراهن للمساعدات بعد انخفاض أسعار النفط في الأشهر الماضية.
وقال جهاد يازجي ناشر «التقرير السوري» المختص بالشؤون الاقتصادية لـ «الحياة» أن خط الائتمان البالغ ٣.٦ بليون «نفذ حيث قدمت إيران النفط بدلاً من الدفع نقداً، لكن الثاني البالغ بليون دولار هناك الكثير من التأخير من الجانب الإيراني ولم ينفق تماماً». وزاد أنه منذ منتصف 2013، «لم يعلن عن أي قرض رسمي أو مرفق آخر. كانت هناك زيارات عدة للتشديد على وجود علاقات اقتصادية قوية، لكن لم يعلن عن اتفاق رسمي».
وأدت سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) والمعارضة على معظم حقول النفط والغاز في شمال شرقي البلاد إلى تراجع الإنتاج من ٣٧٠ إلى ٢٠ ألف برميل يومياً وإلى توقف عمل محطات الكهرباء والاعتماد أكثر على المشتقات النفطية من الخارج وعقد صفقات بين ممثلي النظام وممثلي فصائل متشددة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال شرقي البلاد. كما أن سيطرة «داعش» على جانبي الحدود السورية - العراقية رفع الاعتماد على الموانئ السورية لإيصال المشتقات النفطية الإيرانية.
وكان مسؤول معارض قال أن المعارضة المسلحة رفضت وساطات من النظام لإعادة فتح طريق دمشق - بغداد الذي تعتبره الحكومة «شرايين الحياة» للحصول على المساعدات من إيران والعراق، لافتاً إلى أن دمشق حولت خط الإمداد إلى حمص في وسط البلاد. واقترح الحلقي قيام خط نقل مباشر بين إيران والموانئ السورية، حيث كانت تفرغ ناقلات النفط الإيرانية حمولتها. كما وعد بـ «فتح آفاق واعدة في مجال استثمار الطاقة والتنقيب عن النفط وإعادة الإعمار وفتح مشاريع جديدة».
وقالت مصادر أن تمسك طهران بـ «ضمانات سيادية» يستند إلى فتح خيارات سياسية للمستقبل والإفادة من تجربة الثمانينات عندما قدمت نفطاً إلى الحكومة السورية، وبقيت أزمة الديون عالقة إلى نهاية التسعينات وورقة تفاوضية خلال عقد التسعينات عندما تحسنت العلاقة بين دمشق وكل من دول الخليج والغرب. وفي نهاية ١٩٩٩، اتفقت طهران ودمشق على حل مشكلة الديون الإيرانية البالغة 500 مليون دولار ستستثمرها إيران في سورية لإقامة مصنع إسمنت بكلفة 189 مليون دولار وصوامع حبوب بقيمة 180 مليوناً، إضافة إلى مشاريع خيرية ودينية في سورية، كان بينها توسيع مزارات شيعية وبناء مبنى جديد للسفارة الإيرانية في حي المزة على أرض قدمتها الحكومة.
وقبل عام ٢٠١١، بلغت قيمة الديون السورية الخارجية حوالى ثلاثة بلايين دولار أميركي، إضافة إلى وجود حوالى ٢٢بليون دولار في «المصرف المركزي»، لكن هذه المبالغ صرفت، بحيث قال خبراء سوريون إن الحكومة صرفت ١٥ بليون دولار من ودائعها بالقطع الأجنبي حتى نهاية ٢٠١٣، فيما قال مصرفيون أن إيران أودعت في «المصرف المركزي» حوالى ٧٥٠مليوناً لدعم استقرار الليرة السورية.
لكن الخبراء يشيرون إلى أن انخفاض أسعار النفط بدأ ينعكس تراجعاً في المساعدات المالية الإيرانية إلى النظام وحلفاء إيران من اللبنانيين والفلسطينيين. وكان عضو بارز في غرفة الصناعة في دمشق طلب عدم نشر اسمه أبلغ «رويترز»: «بأن الهبوط الشديد في أسعار النفط سيقصم ظهر إيران وليس فقط مستوى دعم النظام».
وبالنسبة إلى روسيا، قال يازجي ومصادر أخرى أن موسكو رفضت طلباً سورياً بتقديم قرض بقيمة بليون دولار أميركي في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. كما أشارت المصادر إلى أن زيارة وزير الخارجية وليد المعلم في نهاية العام لم تؤدِّ إلى تحريك هذا الملف.
وكانت اللجنة الروسية - السورية توصلت في اجتماعها في أيار (مايو) الماضي في دمشق إلى اتفاق لتخصيص 240 مليون يورو لدمشق لحل الصعوبات الاجتماعية، تم خصمها من ديون سابقة مترتبة على دمشق. وأوضح يازجي: «من المرجح أن سورية استخدمت تسهيلات ائتمانية قدمتها روسيا بعد أن جرى في 2007، حل مشكلة الديون التي يرجع تاريخها إلى أيام الاتحاد السوفياتي».
وأمام تراجع المساعدات الروسية والإيرانية، رفعت الحكومة الدعم عن مادة المازوت. وأصدرت قراراً برفع سعر المازوت، للمرة الثانية خلال ستة أشهر، للقطاعين العام والخاص من 80 ليرة سورية إلى 125 ليرة، ورفع سعر أسطوانة الغاز المنزلي من 1100 إلى 1500 ليرة، وربطة الخبز من 25 إلى 35 ليرة.
ووفق اعتمادات الموازنة للعام الحالي، فإن الحكومة لن تستطيع توفير حوالى خمسة بلايين دولار لدعم المواد الغذائية والمشتقات النفطية بينها 1.6 بليون دولار للمشتقات النفطية وبليونا دولار للكهرباء وحوالى بليون دولار للمواد الغذائية. وأشار يازجي إلى أن رفع الدعم جاء «نتيجة للصعوبات المالية المتزايدة التي تواجهها الحكومة في الأشهر القليلة الماضية».
وإذ قال يازجي أن «الاعتماد على المساعدات الخارجية بات مطلوباً أكثر من أي وقت مضى»، أشار إلى قول الأسد في خطابه بعد «الانتخابات» منتصف العام الماضي إلى ضرورة أن يدفع السوريون الضرائب، حيث تمت منذ ذلك الوقت إلى الآن زيادة أسعار الكثير من المنتجات مثل الخبز والرز والسكر والمياه والكهرباء.
وقدرت مصادر زيادة الأسعار بنحو 14 ضعفاً عما كانت عليه قبل الأزمة مع تراجع القوة الشرائية لليرة السورية. وانخفضت قيمة الليرة إلى أكثر من ٢٢٠ ليرة سورية مقابل الدولار. وأدى ارتفاع الأسعار إلى احتجاجات في مناطق سيطرة النظام في دمشق والساحل السوري غرباً.
وحاول «المصرف المركزي» قبل أيام احتواء تدهور سعر الليرة، وأعلن أنه سيضخ 500 مليون في سوق الصرف حتى نهاية الربع الأول من العام الحالي. وكان مصرفي أبلغ «الحياة» بأن الحكومة طلبت من المصارف الخاصة زيادة رأسمالها من ٦٠ إلى ٢٠٠ مليون دولار في «خطوة يائسة للحصول على العملة الأجنبية، ما أدى إلى صعوبة وصول الشخص العادي إلى الإقراض والاقتراض».
وكتب موقع «اقتصاد سورية» أن «المصرف المركزي» يتوقع أن تمويل جميع العمليات التجارية خلال الشهرين المقبلين لن يتجاوز الـ500 مليون دولار، «ما يعني أنه سيركز على تمويل المستوردات فقط، وأن اتجاهه السابق بتمويل رغبات المواطنين غير التجارية لشراء الدولار، عاد إلى التقييد من جديد»، بالتالي لن يسمح بشراء الدولار، «ما أدى إلى رفع سعر الدولار في دمشق إلى حدود 230 ليرة»، بعدما كان ٤٦ ليرة في بداية ٢٠١١.
وكانت «اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا» التابعة للأمم المتحدة (إسكوا) قدرت خسارة الاقتصاد منذ اندلاع النزاع إلى الآن، بحوالى 237 بليون دولار، مشيرة إلى أن الناتج المحلي تراجع إلى أقل من 33 بليوناً بعدما كان 60 بليوناً في 2010.
 
الانفصاليون يحشدون 100 ألف مقاتل في شرق أوكرانيا
استولوا على جزء من فوليريسك وأسقطوا مقاتلة حكومية
الرأي..عواصم - وكالات - أعلن زعيم الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، ألكسندر زاخارشينكو، امس، التعبئة الشاملة، وذلك بعد انهيار محادثات السلام بين الطرفين مطلع الأسبوع الحالي، في مينسك، عاصمة روسيا البيضاء.
ولفت إلى إجراءات تعبئة للقوات في منطقة دونباس، قائلا إنه «من المقرر أن يتم تسليح مئة ألف مقاتل جديد في المنطقة خلال الأسبوع المقبل».
وفي أول ردة فعل، حث وزراء خارجية روسيا والصين والهند، امس، جميع الأطراف المتورطة في الصراع في أوكرانيا على ضبط النفس، في الوقت الذي عقدوا فيه اجتماعات على المستوى الثنائي في بكين.
وذكرت وكالة الأنباء الروسية «ايتار تاس» أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف قال إن «وزراء خارجية الدول الثلاث دعوا جميع أطراف النزاع الداخلي في أوكرانيا إلى ممارسة ضبط النفس والالتزام باتفاقات مينسك».
الى ذلك، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن «الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يدرسان توريد أسلحة للقوات المسلحة الأوكرانية».
ونقلت الصحيفة ان الرئيس الأميركي باراك اوباما قوله انه «لم يتخذ حتى الان قرارا في شأن ارسال (مساعدة فتاكة)، لكن ادارته تناقش الموضوع بسبب تصاعد وتيرة المعارك بين كييف والانفصاليين».
وأضافت أن «مسؤولين رفيعي المستوى في الجيش الأميركي والحكومة، بينهم القائد العام الأميركي لحلف شمال الأطلسي، فيليب إم. بريدلاف، أبدوا انفتاحهم تجاه توريد أسلحة لأوكرانيا». وأن «وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الذي سيتوجه إلى كييف الخميس المقبل، منفتح أيضا مثل رئيس أركان الجيش الأميركي، مارتن ديمبسي، تجاه النقاش حول توريد أسلحة لأوكرانيا».
وبحسب تقرير الصحيفة، «ستتسلم الحكومة الأميركية تقريرا مستقلا يتضمن عرض أسلحة دفاعية وعتاد بقيمة 3 مليارات دولار على أوكرانيا لدعمها في معركتها ضد الانفصاليين الموالين لروسيا شرق البلاد». وتتضمن تلك الواردات صواريخ مضادة للدبابات وطائرات استطلاع بدون طيار ومركبات «هامفي» العسكرية متعددة المهام. وقام بوضع التقرير8 موظفين بارزين في الحكومة الأميركية والجيش.
ميدانيا، ذكرت تقارير إخبارية، امس، أن «قوات الدفاع الشعبي التابعة لجمهورية دونيتسك الشعبية (المعلنة من جانب واحد)، تمكنت من إسقاط طائرة تابعة للقوات الجوية الأوكرانية. وأفادت إذاعة «صوت روسيا» بأن الطائرة التي تم إسقاطها «شاركت في الحرب التي يخوضها النظام الحاكم في أوكرانيا ضد معارضيه الذين أعلنوا قيام جمهوريتين شعبيتين في منطقة الدونباس: جمهورية دونيتسك وجمهورية لوغانسك».
وقتل، أمس، ما لا يقل عن 25 شخصا، مع استخدام الانفصاليين نيران المدفعية لمحاولة طرد القوات الأوكرانية من محيط بلدة ديبالتسيف، المركز الإستراتيجي لحركة القطارات.
كما قتل 13 مدنيا على الأقل في معاقل الانفصاليين في منطقتيْ دونيتسك ولوغانسك، فضلا عن إصابة نحو 50 آخرين بجروح. وأعلن الناطق باسم الانفصاليين، إدوارد باسورين، سقوط 7 قتلى و23 جريحا بين صفوفهم.
وفي المقابل، أوضح ناطق باسم الجيش الأوكراني في كييف، فولوديمير بوليوفي، أن «ما لا يقل عن 5 جنود قتلوا إثر المعارك الناشبة في شرق أوكرانيا، فضلا عن إصابة 29 آخرين بجروح».
وتابع: «القتال مستمر في كل القطاعات على خط الجبهة». وأضاف ان «الانفصاليين نجحوا في الاستيلاء على جزء من فوليريسك القريبة».
 
موسكو تحذر من «النبرة العسكرية» ... وتدخل أوباما في أوكرانيا
الحياة..موسكو – رائد جبر
انتقدت موسكو ما وصفته بـ «اعتراف واشنطن بالمساهمة في تنفيذ انقلاب في أوكرانيا»، بعد تصريح الرئيس الأميركي باراك أوباما في مقابلة تلفزيونية بأن إدارته اضطلعت بوساطة في تغيير نظام أوكرانيا لدى إطاحة الرئيس السابق الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش في شباط (فبراير) 2014، وأن العقوبات المفروضة على روسيا هدفها إضعاف اقتصادها.
وبعد يومين على انهيار مفاوضات سلام عقدتها في مينسك «مجموعة الاتصال» حول أوكرانيا، التي تضم ممثلي كييف وموسكو وانفصاليي شرق أوكرانيا ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، والتي أعقبها سقوط أكثر من 30 قتيلاً، أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن الإدارة الأميركية بدأت تدرس جدياً تزويد كييف أسلحة فتاكة، خصوصاً بعد الإخفاقات التي مُني بها الجيش الأوكراني أخيراً في شرق البلاد.
لكن المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أكدت أن بلادها لا تنوي تزويد أوكرانيا بسلاح، مكررة موقفها بأن لا حل عسكرياً لأزمة أوكرانيا. ودعت الى وقف فوري للنار والعودة إلى طاولة الحوار لتنفيذ اتفاقات مينسك الموقعة في أيلول (سبتمبر) الماضي. وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي سيُناقش أزمة أوكرانيا خلال لقائه مركل في واشنطن في 9 الشهر الجاري.
وخلال اجتماع وزاري لبلدان مجموعة «ريك» (روسيا والهند والصين)، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «أقرّ الرئيس الأميركي أوباما للمرة الأولى بالعمل على نقل السلطة في أوكرانيا، ما يؤكد تورط الولايات المتحدة مباشرة منذ البداية في الانقلاب الذي حصل ضد الحكومة». وحذر من أن «النبرة العسكرية لأوباما تدل على عزم واشنطن مواصلة دعم نهج كييف الرامي إلى حل الأزمة عبر استخدام القوة»، معتبراً أن «الغرب لا يتحدث عن تسوية الوضع في أوكرانيا، بل يدعم الخطوات السلبية لكييف»، وهو أمر مستغرب، لأن قادة الغرب يدعون إلى حوار بين السلطة والمعارضة في كل الأزمات، وبينها في اليمن والعراق وأفغانستان وجنوب السودان، فيما يعتبرون أوكرانيا استثناءً».
الى ذلك، أبلغت مصادر روسية «الحياة»، أن «السبب الرئيس لفشل محادثات مينسك السبت الماضي كان إصرار كييف على العودة إلى خطوط التماس التي حددها اتفاق مينسك للتهدئة، في حين تغير الواقع الميداني كثيراً منذ تلك الفترة»، بعدما نجحت القوات الانفصالية في توسيع الرقعة الجغرافية للمناطق الخاضعة لسيطرتها.
ومع استمرار التدهور الأمني في منطقة دونيتسك، أعلن ألكسندر زخارتشنكو «رئيس جمهورية دونيتسك الانفصالية»، أنه يأمل في تعبئة مئة ألف رجل خلال 10 أيام لمحاربة القوات الحكومية، علماً أن كييف وجهت نهاية كانون الثاني (يناير) نداءً لجمع حوالى 50 ألف رجل.
 
هل انتهت فترة الهدوء على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية؟
النهار...المصدر: إيال زيسر، "إسرائيل اليوم"، 2/2/2015
العملية التي نفّذها "حزب الله" الأسبوع الماضي على الحدود الشمالية تبشّر بنهاية الهدوء الذي ساد هذه الحدود طوال عقد من الزمن، منذ حرب لبنان الثانية [حرب تموز 2006].
خلال السنة الماضية برز اكثر من مؤشر يدلّ على ذلك، عندما زرع مقاتلو الحزب عبوات ضد الجيش الإسرائيلي على طول الحدود في مزراع شبعا. وسارع نصر الله الى تحمل مسؤولية هذه العمليات التي كانت الاولى من نوعها منذ حرب لبنان الثانية. ونظراً لعدم سقوط قتلى فضلت إسرائيل تجاهل الامر.
لكن مما لا شك فيه ان العملية الاخيرة تشكل تصعيداً أكبر، ليس بسبب القتلى فحسب بل لأنها تعتبر خرقاً صريحاً وواضحاً للهدوء على الحدود. لم يعد الامر يقتصر على عبوات ناسفة يمكن التنصل عن تحمل مسؤوليتها، بل هو كمين نصبته خلية تابعة للحزب لجنودنا في الجانب الآخر من الحدود.
ما تزال قوة الردع التي حقّقتها إسرائيل في حرب تموز موجودة، والدليل على ذلك ان نصر الله اختار بعناية مكان العملية التي كانت محدودة كي لا يجرّ رداً واسعاً ويشعل ناراً كبيرة على الحدود الشمالية. كما سارع الى نقل رسالة لإسرائيل تقول ان جولة التصعيد قد انتهت.
لكن رغم ذلك فقرار نصر الله الردّ بأي ثمن على اغتيال جهاد مغنية ومرافقيه والضابط في الحرس الثوري الإيراني يبرهن على انه مستعد للمخاطرة بإشعال حرب شاملة، وهنا تكمن اهمية هذه الحادثة.
ان مغزى ما جرى واضح وهو انه لا يمكن الاعتماد على الضرر الذيتكبّده نصر الله في حرب لبنان الثانية، كما لا يمكن الاعتماد على قوة الردع الإسرائيلية فعملية الاسبوع الماضي علّمتنا أنه لا وجود لمثل هذا الردع.
ومهما آلت اليه الامور، فان فترة الهدوء التي عرفتها إسرائيل في التسع سنوات الاخيرة على الحدود الشمالية قد انتهت، وبدأ العد التنازلي لجولة جديدة من المواجهة بين إسرائيل و"حزب الله". صحيح ان لا احد يرغب في مثل هذه المواجهة لا في إسرائيل ولا في لبنان، لكن استعداد نصر الله للمجازفة في مواجهة إسرائيل من شأنه ان يؤدي الى وقوع المواجهة في وقت أقرب مما نتوقّعه.
 
4 مليارات دولار لمكافحة "داعش" وتسليح المعارضة السورية المعتدلة
النهار..المصدر: واشنطن- هشام ملحم
شملت الموازنة العسكرية الاميركية للسنة المالية 2016 تخصيص أكثر من 4 مليارات دولار لمكافحة تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) في العراق وسوريا، بما في ذلك تسليح وتدريب المعارضة السورية المعتدلة " لتحسين الظروف التي تؤدي الى حل تفاوضي للانتقال السياسي".
وبلغ اجمالي الموازنة 4 تريليونات دولار كانت حصة وزارة الدفاع منها 585 مليار دولار بزيادة 38 مليار عن السنة الحالية. وتم تخصيص اكثر من 50 مليار دولار لتمويل العمليات العسكرية الخارجية الطارئة بما فيها نفقات العملية الانتقالية في افغانستان وتدريب القوات المسلحة تلك البلاد.
وشملت موازنة وزارة الدفاع تخصيص 3ر1 مليار دولار لدعم العمليات ضد "داعش"، بما في ذلك تدريب وتسليح القوات العراقية، وعناصر المعارضة السورية المعتدلة الذين يتم التحقق من خلفياتهم. كما تشمل موازنة وزارة الخارجية 5ر3 مليارات دولار لدعم شركاء واشنطن في الائتلاف الدولي الذي يقوم باضعاف "داعش" تمهيدا لهزيمته ولمواجهة الازمة في سوريا. وسوف تستخدم هذه الموازنة " تعزيز الشركاء الاقليميين، ومواجهة داعش، وتوفير المساعدات الانسانية " الى تقوية المعارضة السورية المعتدلة. والى ذلك تم تخصيص 1.1 مليار دولار لدعم التعاون الديبلوماسي مع العراق وصون الشركة الاستراتيجية بين البلدين.
وفي هذا السياق، رفض الرئيس اوباما الاتهامات الموجهة اليه بان نفوذ "داعش" قد ازداد قوة على رغم استمرار العمليات العسكرية ضده، وقال لشبكة التلفزيون "أن بي سي" ان القوات العراقية وقوات البشمركة الكردية يواصلون تقدمهم ضد قوات "داعش"، وكرر ان نشر قوات اميركية برية كبيرة لن يحل المشكلة وان دحر التنظيم المتطرف يتطلب وجود ارادة سياسية محلية، وشدد على انه يقوم بكل ما هو مطلوب في هذه المواجهة. كما رفض اوباما الطرح القائل ان هاجسه بسحب القوات الاميركية من العراق وافغانستان، ساهم في تأخره في اتخاذ القرارات السريعة، وقال ان قراراته سليمة وتهدف الى تفادي تأزيم الاوضاع اكثر. وحول ارتفاع خطر التنظيمات الاسلامية المتطرفة وانهيار الحكومة الصديقة لواشنطن في اليمن، قال اوباما ان "اليمن هي وضع صعب، هذه دولة كانت دائمة هشة، وحكوماتها لم تكن ابدا قوية..." لكنه اضاف ان ذلك لم يمنع واشنطن من مواصلة حربها ضد "تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية".
وفي مقابلة اخرى مع شبكة "سي أن أن" كرر اولاما رفضه استخدام عبارات مثل "الارهابيون الاسلاميون" او "الاسلام المتطرف". وقال ان هناك عناصر في مجتمعات مسلمة قامت بتشويه دينها واعتنقت تفسيرا عبثيا وعنيفا وقرون وسطي تقريبا، وسوف يقومون بالحاق اضرار كبيرة بدول في انحاء العالم ... وانا ارفض بالمطلق الطرح القائل بان ذلك يخلق حربا دينية لان الغالبية الساحقة من المسلمين يرفضون هذا التفسير للاسلام، وهم لا يعترفون بذلك على انه اسلام ... وكي ننجح في مكافحة هذا الوباء من المهم ان نقيم تحالفا مع 9.99 من المسلمين الذين يتطلعون الى ما نتطلع اليه نحن : النظام والسلام والازدهار..."
 
ماذا بعد فوز حزب اليسار الراديكالي في اليونان
المستقبل...توفيق المديني
دخلت اليونان في مرحلة سياسية جديدة، عبر الفوز الذي حققه حزب «سيريزا« اليساري الراديكالي بزعامة اليكسيس تسيبراس، الذي أصبح الحزب الأول في اليونان من خلال فوزه في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وحصوله على 149 مقعداً من أصل 300 مقعد في البرلمان اليوناني، وهو ما ينقصه سوى مقعدين لكي يحصل على الأغلبية المطلقة. ومع ذلك يعتبر فوز حزب «سيريزا« تاريخياًـ بالنظر إلى تراجع الحزبين التقليديين الكبيرين في اليونان، وهما: المحافظون من حزب الديمقراطية الجديدة الذي حصل على 76 مقعداً، بينما احتل المرتبة الأولى في انتخابات 2012 بحصوله على 108 مقاعد، لكن تلك المرتبة الأولى في نظر المحللين اعتبرت هزيمة في حينها، لأن هذا الحزب لم يتجاوز سقف 19 في المئة من الأصوات مقابل 33.5 في المئة في عام 2009.

ومني حزب «الباسوك« الاشتراكي بهزيمة نكراء، إذ حصل على 13 مقعداً، أي على نسبة 4.88%، مقابل 41 مقعداً وعلى نسبة 13.22 في المئة من الأصوات في انتخابات 2012.. وقد عاقب الناخبون اليونانيون هذا الحزب بسبب قبول زعيمه السابق جورج باباندريو شروط التقشف السابقة التي فرضت عليه من أجل الحصول على قرض من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في مايو 2011 .وفي المحصلة النهائية وضع فوز حزب «سيريزا« حداً لنظام الثنائية الحزبية المتكون من الحزبين التقليديين اللذين شكلا دعامة النظام السياسي القائم في اليونان منذ سقوط الديكتاتورية العسكرية في عام 1974.

وفي ظل حصول حزب «سيريزا« على 149 مقعداً، فإنه كان بحاجة إلى مقعدين آخرين فقط، ليحكم اليونان وحده(151 مقعدا).. لذلك كان الخيار السياسي لقيادة حزب «سيريزا« هو الذهاب إلى التحالف مع حزب صغير من اليمين الوسطي، يتفق معه على أولوية رفض التقشف وشروط الإنقاذ ويختلف معه على قضايا أخرى. هكذا تحالف تسيبراس مع يانوس كامينوس، زعيم حزب «اليونانيون المستقلون« الذي فاز بـ13 مقعدًا. هذا التحالف سيمكن «سيريزا« من موقف تفاوضي قوي مع بروكسل وبرلين، من دون أن يعطي للحزب الصغير قدرة تأثير جوهري في السياسات الأخرى.

يتفق المحللون في أوروبا أن سياسة التقشف المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي هي التي أطاحت بالحزبين الرئيسيين في اليونان، وهما حزب الديمقراطية الجديدة، وحزب «الباسوك« الاشتراكي، وبالمقابل فإن النجاح الكبير الذي حققه حزب «سيريزا« اليساري المتطرف بزعامة اليكسيس تسيبراس، يعود في جزء أساس منه إلى برنامجه الراديكالي الذي تقدم به إلى الناخبين، والمتمثل بشكل رئيس في مطالبته بتجميد خدمة الدين العام، وإلغاء قسم من الدين العام وإضافة بند في الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي يتعلق بالنمو، وطرحه معالجة الوضع الاقتصادي المتردّي لبلد يعيش أزمة بطالة خانقة، والتفرغ لمعارك شرسة مع برلين وبروكسل رفضاً للتقشف وشروط الدائنين الدوليين، إضافة إلى مطالبته على رأس أولوياته في السياسة الخارجية: «فك الارتباط مع الناتو وإغلاق القواعد العسكرية الأجنبية على التراب اليوناني«، في إشارة إلى القاعدة البحرية الأميركية في جزيرة كريت، و«إنهاء التعاون العسكري مع إسرائيل«.

أما المفاجأة الثانية في الانتخابات اليونانية الأخيرة، فتمثلت في حصول حزب «خريسي أفغي« (الفجر المذهب) على 17 مقعدًا، علماً أن هذا الحزب النازي الجديد دخل البرلمان للمرة الأولى في تاريخ اليونان الحديث، بعد حصوله على نسبة ما بين 6 إلى 8 في المئة من الأصوات في انتخابات 2012. وقد احتفل زعماؤه من زنزاناتهم بفوز حزبهم في الانتخابات الأخيرة، وهم ينتظرون محاكمتهم بتهمة تشكيل «عصابة إجرامية«. ومن المعروف عن هذا الحزب النازي الجديد، أنه يعادي المهاجرين، ويرفض إيفاء الدين العام من جانب اليونان طبقاً للمذكرة التي وقعتها مع الجهات الدائنة. ويشكل دخوله إلى البرلمان صدمة كبيرة في بلد عانى كثيرا من الاحتلال النازي، ومن الديكتاتوريات العسكرية التي حكمت اليونان من سنة 1967 ولغاية 1974.

وإذا كان زعيم حزب «سيريزا« السيد اليكسيس تسيبراس وعد بإبقاء اليونان في منطقة اليورو، وقدم خطابا معتدلاً خلال الأسابيع القليلة الماضية، فإن تعيينه رئيساً للحكومة الجديدة يمثل التشكيك الأكثر وضوحا فى طريقة ادارة الازمات التي اعتمدها الاتحاد الاوروبى منذ سنوات عديدة. ويمثل الملف الكبير الذي سيكون على جدول المحادثات مع «الترويكا« من الدائنين تسديد الديون العامة اليونانية التى بلغت 321.7مليار يورو (175 من الناتج المحلى الاجمالى)، وحول شروط الدفع لأكثر من 7 مليار يورو من المساعدات المالية التي تحتاجها اليونان خلال الاشهر القادمة لأنها لا تزال غير قادرة بمفردها على جمع الاموال في الاسواق.

ورغم أن القياديين الأوروبيين من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أكدا على رغبة البلدين الأوروبيين الكبيرين بقاء اليونان في منطقة اليورو، فإن الأوروبيين ينظرون إلى تداعيات أزمة الديون اليونانية بكثير من القلق، مع انتشار المخاوف في أسواق المال العالمية من مواجهة أعضاء في منطقة اليورو، ولاسيما البرتغال واسبانيا، مشكلات مالية مشابهة لليونان، وباتت معرضة لاضطرابات اجتماعية واسعة، وهو ما أرخى بثقله على اليورو نفسه الذي خسر نحو ستة في المئة من قيمته منذ يناير 2011 بعد خفض وكالات التصنيف العالمية التصنيف الائتماني لليونان. ويظل خطر خروج اليونان من منطقة اليورو خياراً مفتوحا، لا يمكن تجنبه، لتدخل البلاد التي لا تملك هامش مناورة يسمح لها بعدم احترام التزاماتها، فيما بعد في أراض مجهولة.

ومن أجل تجنب إفلاس اليونان المرادف للأزمة البنيوية لمنطقة اليورو، عقد وزراء المال لدول منطقة اليورو اجتماعاً في اللوكسمبورغ أخيرا، في ظل انقسام واضح بين الشركاء الأوروبيين حول الاستراتيجية التي يجب اتباعها في مواجهة أزمة الديون اليونانية الضخمة. وزير مالية ألمانيا وولفغانغ شوبل، الذي يُعَدُّ العقل المدبر لخطط الإنقاذ وشروطها، قال بإصرار رافضًا أي تفاوض حول الاتفاقات السابقة: «لا أحد يفرض أي شيء على اليونان، التعهدات تبقى سارية المفعول. وكان الموقف الألماني عبرت عنه أيضاً المستشارة أنجيلا ميركل، والذي يقوم على تخصيص بعض المؤسسات العامة في اليونان، ومشاركة المصارف الخاصة في تمديد آجال تسديد مديونية اليونان وتحمل جزء من تبعات الصعوبات التي تواجهها البلاد. وتواجه ميركل معارضة شديدة من أحزاب الوسط في ألمانيا التي تصف اليونان بأنها «بئر من دون قاع« نظراً للقروض التي حصلت عليها في سنة 2010(110 مليار يورو) لكنها عجزت عن تصحيح أوضاع الخلل في الموازنة واضطرت في الفترة الأخيرة إلى طلب تمديد القروض.

المستشارة الألمانية وتحت ضغط الرأي العام الألماني أكدت في تصريحاتها الأخيرة للصحافة بأن على الحكومة اليونانية الجديدة الإلتزام بتعهداتها، لكن حكومة ميركل تجنبت التصريحات الصدامية، مع تأكيد على خط أحمر بأنها لن تقبل شطب ديون اليونان، وهي التي تملك قسمًا معتبرًا منها. وتمثل قضية شطب الدين مسألة بالغة الحساسية لبرلين، ولمجمل حكومات اليورو التي تملك 60 في المئة من ديون اليونان المقدرة بنحو 322 مليار يورو. أما صندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي اللذان يملكان 16 في المئة من هذه الديون، فقد أكدا أنه «من المستحيل، من الناحية القانونية»، أن يشطبا أي جزء من حصتهم.

وهناك الموقف المعارض للموقف الألماني الذي يدافع عنه البنك المركزي الأوروبي وتدعمه فرنسا، حيث يملك الأول جزءاً كبيراً من السندات اليونانية، كما أن البنوك الفرنسية الخاصة تعد الأكثر عرضة للتضرر من عجز اليونان عن تسديد ديونها، فهي التي تملك الجزء الأكبر من الأصول اليونانية، مقارنة بنظيراتها من الدول الأوروبية الأخرى. فالبنك المركزي الأوروبي يرى أن ترك اليونان يتخلف عن الدفع سيقود إلى إحداث صدمة مشابهة لتلك التي قادت إلى انهيار بنك ليمان براذرز في سنة 2008، بوصفه «الإفلاس الأكثر كلفة في التاريخ«. والحال هذه، فإن الموقف يتطلب منا الاستمرار في تمويل اليونان، وتجنب أية إعادة هيكلة لديونها.

فالخطر يكمن في انتقال عدوى أزمة الديون اليونانية إلى البرتغال في مرحلة أولى، ثم إلى أيرلندا، وإيطاليا وبلجيكيا وإسبانيا في مرحلة لاحقة. فحسب حسابات الخبراء، فإن حاجيات التمويل المتراكمة لليونان، والبرتغال وأيرلندا بلغت قيمة 201 مليار يورو في مايو 2013. وهذا يمثل إسهام البلدان المساعدة مثل فرنسا وألمانيا، بنحو 5.2 نقطة من ناتجها المحلي الإجمالي.

إن اللعب بالكبريت يعتبر مسألة خطيرة حين نكون جالسين على برميل من البارود، هذا ما يتفق عليه الخبراء، الذين يعتقدون أن إعادة هيكلة الديون اليونانية بالنظر إلى ديناميكيات العمل في الأسواق، ستقود حتما إلى العدوى في أيرلندا، والبرتغال. وستتجه الأنظار إلى البلدان التي تقيمها الأسواق المالية بأن خطرها متوسط المدى، مثل أسبانيا، ولكن أيضا إيطاليا وبلجيكيا. ومن خلال إضافة إسبانيا، إلى البرتغال، واليونان، يقدر الخبراء أن على دول منطقة اليورو ان تجمع ماقيمته 523 مليار يورو لمواجهة حالات الإفلاس هذه.

وقد أدت الأزمة اليونانية بالأوروبيين إلى مناقشة مسألة الحاكمية الاقتصادية في منطقة اليورو، فالأزمة اليونانية كشفت مكامن خلل كثيرة في النظام الذي وضع عقب إطلاق العملة الأوروبية.

هناك خللان يجب معالجتهما بسرعة:

الأول: ويتعلق بمراقبة العجوزات في الموازنات، فمنذ سنوات لم تقل اليونان الحقيقة عن وضعها المالي كما أن الأوروبيين تظاهروا بعدم رؤية الوضع المالي في هذا البلد الأوروبي. والثاني، وهو الأخطر: إن الاتحاد الأوروبي لم يضع أي آلية في حال اندلاع أزمة أو إفلاس بلد أوروبي سواء من أجل دعمه أم من أجل معاقبته (باستثناء بعض المخالفات التي لم تطبق أبداً).

ويجد هذان الخللان مصدرهما في التفسير التالي: لقد كان خلق العملة الأوروبية ناجماً عن إرادة سياسية لرؤساء دول وحكومات عدة بلدان أوروبية ولاسيما ألمانيا عندما قبلت التضحية بعملتها الوطنية المارك الذي كان يمثل الرمز الحي لقوتها الاقتصادية التي وجدتها في النصف الثاني من القرن العشرين. فاللجوء إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي لإنقاذ العملة الموحدة هو إهانة لأوروبا التي عجزت عن معالجة أزمتها بمفردها ولا سيما أن الولايات المتحدة الأميركية هي المساهم الأول في صندوق النقد الدولي وها هي تسرع لنجدة هذه العملة الأوروبية التي كانت المنافس القوي للدولار، وكانت تهدد بإسقاط إمبراطوريته.
 
هزيمة «داعش» في كوباني: تركيا الخاسر الأكبر
الحياة...زانا عمر
معركة (القلعة) كوباني انتهت. تحالف دولي من ستين دولة، وقوات كردية متخاصمة سياسياً، اتّفقت عسكرياً، جميعهم خاضوا المعركة. منذ اليوم الأول حين توجّه الإعلام العالمي نحو الاهتمام بمعركة كوباني، كان ثمة سؤال يُطرح دائماً، لماذا كوباني؟ ولمَ هذا الاهتمام كله؟ إلا أنّ الجواب البديهي لهذا السؤال، هو تلاقي مصالح الجميع في كوباني بمن فيهم «داعش».
دعاية مجانية
تسليط الضوء على كوباني كان يُساهم، وبطريقة غير مباشرة، في دعم إعلامي منقطعَ النظير لـ»داعش»، كدعاية مجانية له وفّرت عليه أموالاً طائلة، حيث كان هذا الإعلام يُظهر ما يريده «داعش»؛ وهو أنّه يحاربُ في مواجهة تحالف دولي مكوّن من ستّين دولة. لم يستطع صدام حسين الوقوف في وجه التحالف كما يقفُ «داعش» اليوم! إذن، هي فعلاً «دولة الخلافة التي تتمدد وتصمد»! وكان الإعلام الغربي والعالمي – من دون أن يعي هذه الحقيقة تماماً - يُترجم هذه الحقيقة إلى جميع لغات العالم، مخاطباً إلى جانب الجمهور المستهدف الحقيقي من شعوبه ومناصري الحريات في العالم، المتشددين الإسلاميين في العالم كله، وباللغات كافة، فاستحوذ «داعش» بذلك على مزيد من التعاطف، وبالتالي استفاد من هذه الدعاية مرتين، الأولى؛ أنّه استطاع بالفعل استقدام المقاتلين الأجانب، والثانية، وهي الأهمّ أنّه تمكّن من زرع خلايا نائمة في بلدان العالم كافة، وبخاصة في أوروبا وأميركا، مستعدة بالوحشية نفسها للقيام بعمليات إرهابية في أي بقعة من العالم.
بارزاني ومعركة كوباني
لم تسمح الولايات المتحدة الأميركية بسقوط كردستان العراق، إلا أنّها لم تستطع منع هروب البيشمركة من شنكال/ سنجار، وسقوط وانكسار صورة المقاتل الكردي «الذي لا يحتاج إلا الى تبغ وصخرة وبندقية، وليأتِ بعدها العالم، كلّ العالم».
كان لا بدّ من رأب هذه الصورة في أذهان الكرد والعالم، فكانت كوباني. مسعود البارزاني دفع حليفته الولايات المتحدة الأميركية إلى قبول الضغط على تركيا، لعبور البيشمركة إلى كوباني، في سابقة ليست على صعيد كردستان العراق فقط، بل على صعيد الأزمة السورية، إذ إن دخول قوات نظامية أجنبية الى سورية والقيام بعمليات عسكرية فيها كانا ضرباً من الخيال، قبل سنجار.
نجح البارزاني في الحفاظ على صورته التي تظهرهُ بصورة القائد القومي للأمة الكردية، وأنّه الحليف القوي للولايات المتحدة الأميركية، فكان دخول قواته رغماً عن الإرادة السياسية الخارجية التركية، التي فشلت في إدخال الجيش الحر!
التحالف الدولي
إعلان التحالف الدولي بقيادة أميركية، وقوة ستين دولة، لمحاربة «داعش»، وأخواته في سورية والعراق، ومن دون توجيه ضربات مباشرة إلى الرقة، هي رسائل من هذه القوى، فقد بدأت أولى ضرباتها في العراق، ومن ثمّ توجهت نحو كوباني السورية.
تقول الإحصاءات إنّ 428 غارة جويـــة استهدفـــت مواقع «داعش» في مدينة كوباني، بينما نفّذ التحالف 21 غارة على مواقع التنظيم في محافـــظة حلب، من أصل 559 غارة شنّها التحالف منذ الأول من أيلول (سبتمبر) حتى 30 كانون الأول (ديســــمبر) الماضي، أي أنّ ما نسبته 76 في المئة من الغارات الجوية استهدفت مدينة كوباني وحدها.
ألقت الطائرات الأميركية السلاحَ إلى المقاتلين الكرد، هذا كله من دون أن تحسم المعركة مباشرة! ماذا استفاد الأميركيون والحلفاء والعرب من معركة كوباني ومن إطالة أمدها؟؟ وجود مقاتلين أيديولوجيين يستطيعون مقارعة «داعش» الأيديولوجي أيضاً على الأرض، ليبدو التحالف الدولي أنّه يسعى بالفعل لمحاربة «داعش»، بل وينتصر عليه. كوباني كانت مكاناً نموذجياً للانتصار.
«لو أنّ معركة كوباني كانت قُبيل الانتخابات الأميركية، لكانت حُسمت في غضون أسبوع»، هذا ما قاله أحد القادة الميدانيين للقوات الكردية. ولنفترض أن الدولة الإسلامية بهذه القوة لتصمد في وجه مقاتلين محترفين كمقاتلي الوحدات الكردية، وزاد من قوتهم مقاتلو البيشمركة بسلاحهم المتفوّق، فلماذا تأخّر الحسم إذن؟
لماذا لم تُقصف «المبروكة» ليُفتح الطريق إلى «تل أبيض» أمام المقاتلين الأكراد المنطلقين من جبهة «رأس العين»؟ لماذا لم تُقصف قواعد «داعش» بشكلٍ جدي في «تل حميس»، أقوى القواعد العسكرية للتنظيم في ريف قامشلي؟ لماذا لا يتم تسليح الوحدات الكردية، مرفقة ببضع الضربات كالتي في كوباني فتسقط تل أبيض ومبروكة، وليكون الحسمُ سريعاً من جانب المقاتلين القادمين من رأس العين.
استفاد التحالف من استقطاب «داعش» إلى كوباني، فهو يحتاج إلى أهداف سهلة للقصف عليها، وهذا بالطبع أسهل من شنّ غارات على اتساع «الأرض الداعشية»، ويجنّب وقوع ضحايا مدنيين، أضف إلى ذلك، تحوّل الحدود التركية المتاخمة لكوباني إلى استديوات للبثّ المباشر للضربات الجوية، والسبب الآخر لاختيار كوباني نابعٌ من قناعة التحالف بأنّه لن يحسم المعركة بضربات جوية، ما يلزم وجود مقاتلين مصممين على الانتصار على الأرض.
الأسد أيضاً كان له نصيبٌ
توجُّه أنظار العالم نحو كوباني، وتركيز التحالف الدولي عليها، ساعدا بشار الأسد في الهروب من ضربات التحالف، وهذا ما دفع حليف الأسد الروسي، إلى عقد مؤتمر موسكو للحوار بين المعارضة والنظام، أي صرف الأنظار عن الحلّ العسكري بعد كوباني. ربما استفاد بشار من معركة كوباني، إلا أن الكرد خرجوا من هذه المعركة أقوى من ذي قبل، ويقول قائد ميداني في الوحدات الكردية «إنّ الكرد لن ينسوا أنّ جحافل «داعش» كانت تسير تحت أنظار الطائرات السورية، التي لم تحرّك ساكناً»، ربما ستشهد الأشهر المقبلة مواجهات بين النظام والكرد، وقد بدأت بوادرها بالفعل في مدينة الحسكة.
الخاسر الأوحد
تركيا أكدت مراراً أنّها لا تعادي الكرد في سورية، لكنّها تنظرُ بعين الريبة الى «الفرع السوري» لحزب العمال الكردستاني «الإرهابي»، ووحدات حماية الشعب YPG. وعلى رغم أنّها استقبلت الآلاف من أهالي كوباني الفارّين من ويلات الحرب، إلا أنّ الناس لن ينسوا كيف قضوا برصاصاتِ الحرب الطائشة وهم عالقون على الحدود.
كان كل رد فعل تقوم به تركيا، ينعكس سلباً على سياستها الخارجية والداخلية على حد سواء. وصرّح أردوغان أنّ حزب الاتحاد الديموقراطي PYD هو حزب إرهابي، في وقتٍ خرجت فيه الناطقة باسم الوزارة الخارجية الأميركية لتقول بأنّ أميركا لا تعتبرُ الحزب إرهابياً. بل إنّ تركيا فتحت حدودها أمام النازحين من جانب، وغضّت الطرف من جانب آخر، عن تسلل المتشددين الإسلاميين إلى كوباني للقتال مع «داعش» ضدّ «الكفرة» الكرد.
تحاول الحكومة التركية أن تُحجّم الانتصار في كوباني، والقول إنه لا يساوي شيئاً أمام الدمار الناجم عن الحرب! الوجه الآخر لهذه المقولة، يتمثل في أنّ تسليم كوباني إلى «داعش» أفضل من انتصار حلفاء «العمال الكردستاني» فيها.
 

المصدر: مصادر مختلفة


السابق

أجواء مشدودة تُحاصر جولة الحوار الخامسة وجيرو في بيروت وتطمينات سعودية للبنانيين....مواكب تشييع حاشدة لضحايا حافلة دمشق "حزب الله" حذّر قبل أشهر من رحلات إلى سوريا...بروجردي: إسرائيل أبلغت إيران عدم نيتها التصعيد بعد عملية القنيطرة...«الراي» تنشر القصة الكاملة لاغتيال عماد مغنية

التالي

الجيش الأردني يتوعد بالانتقام والملك عبدالله يدعو إلى وحدة الصف و«داعش» يعدم الكساسبة حرقاً...«الائتلاف»: النظام يصعد القصف لـ «الانتقام ونشر الإرهاب»

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,283,236

عدد الزوار: 7,626,823

المتواجدون الآن: 0