بين المزايدات والتناقضات... تظاهرة المجتمع المدني أضاعت البوصلة....سلام يحذّر من انهيار الدولة والتظاهـــرات بدأت بالأوادم وانتهت بالزعران

سلام يلوّح بقرار «مناسب» والحريري يحذّر من إسقاط «آخر معقل شرعي» والراعي وجعجع لانتخاب رئيس والفوضى تملأ الفراغ

تاريخ الإضافة الثلاثاء 25 آب 2015 - 6:54 ص    عدد الزيارات 2109    التعليقات 0    القسم محلية

        


 

بين المزايدات والتناقضات... تظاهرة المجتمع المدني أضاعت البوصلة
 المصدر : خاص موقع 14 آذار... غسان عبدالقادر
من جون لوك الى انطونيو غرامشي مروراً بفريدريك هيغل، نال مفهوم "المجتمع المدني" حظوة لدى منظري علمي السياسة والاجتماع، وكان الاجماع على تعريف المجتمع المدني بأنّه جملة المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تعمل نسبياً بشكل بعيد عن النفوذ الدولتي للمنظومات الحاكمة. هذه المؤسسات عادة ما تحمل مطالب اجتماعية اقتصادية بامتياز من دون أن تمارس السلطة السياسية أو أن تطمح للوصول الى هذه السلطة وبطبيعة الحال من دون غايات للكسب المالي أو المصالح الخاصة. لا بأس أن يعرض المجتمع المدني مشروعه على بساط البحث العملي خصوصاً آزاء التوحش الذي اجتاح الإقليم والوطن، علّ المجتمع المدني يستطيع تعزيز استقرار الكيان اللبناني وحمل القضايا العامة بل ويعزز ما سماه بورديو برأس المال الاجتماعي والذي يمثّل الموارد والطاقات الكامنة في البنى الاجتماعية، بل وتدافع عن مصالح المواطنين. غير أن واقع هذا المجتمع المدني في لبنان يعيش وسط جملة من الاعتبارات الخاصة بهذا الوضع.
وتلافياً للمزيد من التنظير في هذا الإطار، يأتي حراك المجتمع المدني في لبنان ليعكس "تناقضاً" بين المجتمع من جهة وبين الدولة من جهة أخرى يتمثل في إهمال المطالب القطاعية والاقتصادية والحياتية المعيشية من قبل الحكومات المتعاقبة والتسويف بتحقيق أي من هذا المطالب. وقد جاء المجتمع المدني كحاجة شعبية وليؤكد على أهمية التجمعات المدنية الديمقراطية التي تشكّل قوة موازنة للدولة أو للنظام السياسي، ويركز على اللاعبين الاجتماعيين الذين تتم تعبئتهم سياسياً، خارج الأحزاب السياسية التي أثبتت عقم طروحاتها ومشاركتها بحلقات الفساد العام.
من هنا، فإنّ التظاهرة الاجتماعية التي حملت عنوان "طلعت ريحكتم" التي حملت نفس المواطن العادي وهمومه اليومية انطلاقاً من أزمة النفايات، قد حادت أو تكاد عن وجهتها الأولى. فقد اكتسبت الحملة دون شك بطابع سياسي عندما رفعت شعار استقالة الرئيس تمام سلام. فمع هذه الخطوة واصرار منظمي الاحتجاج المدني على هذه المطالبة، تكون الحملة قد بلغت ذروة التسييس والتحيّز لفئة دون أخرى، وبالتحديد بالمعنى السلبي للإنحياز وما يرافقه مع استعداء لفئات أخرى. الحيثيات الميدانية قد تفرض نفسها في كثير من الأحيان، لكن تبني مطالب فريق سياسي دون الآخر في ظل عدم توفر خطة عمل واحدة اقلّه تطرح فكرة عن الخطوة التالية لما بعد الإستقالة المطالب بها.
ثالثاً، إنّ استقالة وزير واحد أو أكثر أو الإطاحة برئيس الحكومة لن تحقق أي من مطالب المتظاهرين بل على العكس سيرسخ الجمود الحاصل بحيث تتحول الحكومة القائمة الى حكومة تصريف أعمال، في وقت ترتفع العقبات الدستورية والقانونية والسياسية أكثر لجهة تشكيل حكومة بديلة، تبدأ من الاستشارات النيابية مع رئيس جمهورية غير موجود الى البزارات السياسية التي ستتعالى حولها الأصوات والمزايدات ما يعني فترات زمنية قد تمتد الى أمد غير معروف قبل الوصول الى المطالبة بالثقة من مجلس نواب يستكنف أكثر أعضائه عن الحضور للمشاركة بجلسات تشريعية وانتخابية.
وأخيراً، يبدو أنّ مناداة المجتمع المدني باستقالة كل من مجلسي النواب والوزراء يعكس عدم نضج سياسي لدى هذا الشباب إن أخذنا الأمر عن حسن نيّة. إنّ تفريغ الدولة من بقايا المؤسسات الدستورية القائمة هو أمر غير مقبول، وإن كانت هذه المؤسسات قد مددت لذاتها ولنفسها بطريقة مخالفة للمنطق وتمت من خلال صفقات تحاصصية معروفة بغية الالتفاف أصلاً على المطالب الجماهيرية. فتعزيز الفراغ أمر لا يخدم الإنتظام العام في ظل وجود قوى كامنة أقلّ ما توصف به أنّها قوى ميليشياوية ومتطرفة، سعت على مستوى ضيق لاستغلال تظاهرة قوى المجتمع المدني خلال اليومين الماضيين، وستسعى أكثر لاحقاً لتجيير الحراك على الأرض لتعزيز مكتسباتها وحصصها، وتعود بأشكال أخرى، خصوصاً أن الكثير من هذه القوى قد فقد شرعيته الوطنية، وهمه الحفاظ على وجوده. وقد رأينا الكثير من هذه الوجوه السياسية والشعبية وربما الفنية تنزل تباعاً الى ساحة رياض الصلح بأسلوب المزايدات المفضوحة، ما أساء إلى الحراك الاجتماعي أكثر مما افاده خصوصاً أن غالبيتها وجوه محسوبة على معسكر سياسي دون آخر، وكان لها ولا زالت مواقف متطرفة وداعمة لهذا المعسكر.
 
سلام يحذّر من انهيار الدولة والتظاهـــرات بدأت بالأوادم وانتهت بالزعران
الجمهورية...
ثورة «الغضب الشعبي» التي تفجَّرت على مدى يومين في عطلة نهاية الأسبوع مواجهاتٍ بين القوى الأمنية والعسكرية، والمتظاهرين والمستمرّة فصولاً في وسط بيروت، فاجأت الجميع على كُلّ المستويات وطرَحت تساؤلات كبيرة وكثيرة حولَ أبعادِها والخلفيّات، ووضعَت البلاد أمامَ مرحلة جديدة ربّما تكون محفوفة بالمخاطر، وربّما بالمفاجآت، خصوصاً أنّ «عنف» المشاركين فيها دفَعَ البعض إلى الاعتقاد بأنَّ المتظاهرين والمعتصمين يستنِدون في «عُنفِهم» إلى جهاتٍ كبيرة، ما أعادَ إلى الأذهان التظاهرات في بعض الميادين العربيّة التي أدّت إلى سقوط أنظمة وتبيّنَ أنّ بعضها وقفَت وراءه دولٌ وإرادات إقليميّة ودوليّة فاعلة وأُلبِسَت لبوسَ ما سُمّيَ «الربيع العربي».
فيما تنوَعّت التقديرات حولَ الجهات المنخرطة في التظاهُر وهوّياتها السياسيّة، وإنْ كانَ المعروف منها بدايةً حركة «طِلعت ريحتكُم»، فإنَّ أوساطاً سياسية، بعضُها رسميّ، قالت لـ«الجمهورية»، إنّ هذا التحرُّك، إنْ صَحَّ وجود جهة أو جهات سياسيّة، مَحلّية أو خارجيّة، منخرطة فيه، ربّما ينطوي على الاحتمالات الآتية:

-
أوّلاً: وجود إرادةٍ خارجيةٍ ما فاعلة، تهدف إلى إسقاط حكومة الرئيس تمّام سلام، عبرَ الضغط والتصعيد في الشارع لإرغامه على الاستقالة وإيقاع البلاد في فراغ دستوري كامل، بُغية الضغط على فريقَي 8 و14 آذار، وإرغامهما على النزول إلى مجلس النوّاب وانتخاب رئيس جديد للجمهورية يشرع فورَ انتخابه بإجراء الاستشارات النيابيّة الملزمة، لتسمية شخصيّة سياسيّة يُكلّفها تأليف حكومة جديدة.

-
ثانياً: تخوُّف فريق «14 آذار» مِن أن يكون هدف التحرُّك إسقاط الحكومة التي يرأسها سلام المنتمي إليه، وما يدلّ على هذا التخوُّف هو مسارعة الرئيس سعد الحريري إلى الدفاع عن سلام وحكومته، في وقتٍ تميَّز رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع عنه في الموقف بأنْ دعا المتظاهرين إلى البقاء في ساحة رياض الصلح وإلى أن تبقى حكومة سلام حتّى انتخاب رئيس جمهورية جديد.

لكنّ أوساطاً سياسية أُخرى قالت لـ«الجمهورية» إنَّ من المبكر جلاء المشهد النهائي واكتشاف القطَب المخفيّة في التحرُّك الجاري لمعرفة أهدافه الحقيقية، خصوصاً أنّ المتظاهرين نسوا موضوع النفايات الذي دفَعَهم الى التحرّك، وذهبوا إلى إطلاق شعار إسقاط النظام.

وأضافت هذه الأوساط أنّ «معرفة الأبعاد السياسيّة للتحرُّك تحتاج إلى تمَهُّل، على رغم وجود ديناميّات محلّية تُعبّر عن نفسها في ملفّات متفجّرة، منها ملفّ النفايات، لكنّ الأكيد أنّ حكومة سلام هي في مرمى التصويب».

بيدَ أنّ قطباً نيابيّاً بارزاً قالَ لـ«الجمهورية» إنّ «ما يجري في وسط بيروت هو مشاهد معيبة، لا يُمكن «تقريشها» في السياسة شيئاً، وبالتالي لا داعي لحديث البعض عن سيناريوهات دوليّة وإقليميّة لفرض انتخاب رئيس جمهوريّة، فالضغوط المُمارَسة من خلال هذا التحرُّك لا قيمة لها».

وإزاءَ البحث في هوّية الجهات السياسيّة التي ربّما تكون ركبَت موجة هذا التحرّك، كشفَ القطب إيّاه أنّ هناك اتّصالات على مستويات عدّة بهدف إعادة فتح مطمر الناعمة لنقل النفايات إليه، أوّلاً لأنّ فضّ العروض المتعلّقة بالنفايات الذي سيتّم اليوم لن يؤدّي إلى المباشرة بنقلها ومعالجتها في اليوم التالي وإنّما يحتاج 6 أشهر حتّى تتمكّن الشركات المشاركة في المناقصات من البدء بعملها، وثانياً لأنّ البدء برفع النفايات سيؤدّي إلى انكشاف ما إذا كانَ هدف المتظاهرين هوَ الوصول إلى هذا الأمر، أو أنّهم يتحرّكون لغايات وأهداف سياسيّة، قد يكون منها إسقاط الحكومة أو إسقاط النظام، خصوصاً أنّ البعض «لعِبَ تحتَ الطاولة».

وفي انتظار ما ستتمخّض عنه جلسة مجلس الوزراء التي دعا سلام الى انعقادها عند العاشرة صباح الخميس وأمامها رواتب الموظفين في القطاع العام والنفايات والقروض والهبات، ملوّحاً بالاستقالة مجدداً ما لم تكن الجلسة منتجة، انتقل الحدث الى ساحة رياض الصلح التي تقاطرَت الوفود الشعبية اليها امس تلبيةً لدعوة مجموعة «طِلعت ريحتكم» التي نظّمت تحرّكاً شعبياً قبل ان تنفضَ يدَها منه وتتحوّل الى حركة غير سلمية مع دخول مندسّين بين المتظاهرين حرَفوا التحرك عن مساره السلمي وحاولوا إزالة الأسلاك الشائكة للاقتراب من السراي الحكومي وحطّموا عدداً من السيارات وواجهات بعض المحال التجارية،

وأضرَموا النار بالعوائق والأسلاك الشائكة ورموا قنابل صوتية واعتدوا على القوى الامنية المولجة حماية السراي الحكومي والمؤسسات العامة وأملاك الناس، ما استدعى طرحَ سؤال كبير: مَن حلّ مكانَ النائب وليد جنبلاط الداعم الأكبر لحركة «طِلعت ريحتكن» بعدما أعلنَ انسحابَه من الاعتصام؟ ولماذا انحرفَت التظاهرة أمس عن مسارها السلمي؟ ومَن أحرقَ دراجة نارية لقوى الامن الداخلي، ومَن حطّمَ إشارات السير في وسط بيروت وأضرَم النار في خيَم المعتصمين؟ ومَن اعتدى على آليّات قوى الأمن؟

مصدر وزاري

وقال مصدر وزاري لـ«الجمهورية»: «إنّ التظاهرات اليوم ضربَت نفسها وأفسحَت المجال لعناصر غير منضبطة للإندساس في صفوفها، حتى إنّ بعض الذين كانوا يرعونها من خلف الستار كالنائب جنبلاط، لم يتجرّأ على المتابعة فيها فانسحبَ منها».

ولفتَ الى «أن جزءاً من المعتصمين يُمثّل المجتمع المدني، لكنّ الجزء الاكبر متعدّد الهويات السياسية والطائفية والمذهبية، وما جرى تعدَّى موضوع النفايات وأدخلَ البلد في الفوضى الشاملة».

ورأى المصدر: «أنّ ما يحصل هو محاولة لإدخال لبنان في الفوضى العربية، في نمط الثورات التي جرت في كل من تونس وسوريا واليمن وليبيا والعراق ومصر، مع فارق أنّ النظام اللبناني هو خلاف انظمة تلك الدوَل، ومطالب المتظاهرين، عدا ملفّ النفايات، هي أمام حائط مسدود، فحتى لو استقالت الحكومة والمجلس النيابي، فرئيس جمهورية لبنان غائب.

ففي مصر ذهبَ الرئيس حسني مبارك وجاء الجيش، وفي تونس ذهب الرئيس زين العابدين بن علي وجاء «الإخوان المسلمون»، وفي ليبيا ذهب العقيد معمّر القذافي وجاء «الإخوان المسلمون»، وفي العراق ذهب صدام حسين وجاءت القيادات الشيعية.

أمّا لبنان فوضعه مختلف نظامُه ديموقراطي، والعالم العربي يتغير ليصبحَ مثلنا، فهل سنصبح مثلَ العالم العربي بجزأيه الفوضوي والديكتاتوري»؟ ونبَّه المصدر «من أنّ المتضرر الأكبر من إسقاط الحكومة سيكون المجتمع المدني لأنه عندئذ لن يكون له دور في دولة لا سلطة فيها».

إتصالات ديبلوماسية

وعلمت «الجمهورية» أنّ اتصالات حثيثة حصلت في الساعات الماضية شاركَ فيها سفَراء دوَل كبرى، للمحافظة على الحكومة وثنيِ رئيسها عن أيّ تفكير في الاستقالة. كذلك طلبَ عدد من السفراء العرب في اتصالات بقيادات لبنانية المحافظة على الحكومة، محَمّلين أيّ فريق يُقدّم استقالته منها المسؤولية عن أيّ شيء يحصل في لبنان. كذلك تلقّى سلام اتصالاً مِن الرئيس سعد الحريري وآخَر من جنبلاط تأييداً لمواقفه ووضعَا إمكاناتهما بتصرّفه للخروج من الأزمة القائمة.

...
ومحلية

في الموازاة، علمت «الجمهورية» أنّ اتّصالات مكّوكية جرت منذ بعد ظهر أمس بين أطراف فريق 14 آذار، قاد جزءاً منها منسّق الأمانة العامة النائب السابق الدكتور فارس سعيد في اتّجاه معراب والحريري لبَلوَرة تحرّك مضاد يهدف الى منع إسقاط الحكومة.

وقالت مصادر هذا الفريق «إنّ بعض أركانه يرى أنّ قوى 8 آذار باتت تتصرّف وكأنّ اتفاق الطائف «طِلعت ريحتو»، وأنّ الساعة قد دقّت لدخول لبنان الفراغَ الشامل تمهيداً لنسفِ الطائف والدخول في مؤتمر تأسيسي جديد، ما يشَكّل بداية انقلاب حقيقي يقف وراءَه «حزب الله».

«
الكتائب»

وعلمت «الجمهورية» انّ المكتب السياسي الكتائبي الذي اجتمع استثنائياً امس، ناقشَ التطورات وأكّد بقاء الحزب في الحكومة، نظراً لخطورة الموقف وللخلفيات المشبوهة من وراء التظاهرات. وسيَعقب إجتماعَه الاسبوعي بعد ظهر اليوم مؤتمرٌ صحافي يعقَده رئيس الحزب النائب سامي الجميّل يعلن فيه الموقف من هذه التطورات.

فضّ العروض

وفيما تَعقد لجنة فضّ عروض المناقصات للنفايات اجتماعَها بعد ظهر اليوم، بعدما قدّم وزير البيئة محمد المشنوق موعدَه من مساء غد إلى اليوم، قالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية»: «إنّه عند كلّ اجتماع لفضّ العروض يتعاظم الضغط وتُزخّم التظاهرات والاعتصامات بالناس وبالشعارات وبالوسائل ذات الكلفة، ما يترك مجالاً للارتياب المشروع». واستغربَت وجود بعض الذين قدّموا العروض بين المشاركين في التظاهرات والاعتصامات. وقالت: «إنّهم معروفون، فبعض القوى السياسية تأكل من الزبالة».

إلّا أنّ الأوساط نفسَها لفتت الى أنّ التحرك على الارض خرجَ هذه المرّة عن السيطرة، فبعدما كان تحت عنوان: إيجاد حلّ للنفايات، تحوّلَ شعارات سياسية واضحة، منها «إسقاط» الحكومة ومجلس النواب، ما يَعني الذهاب الى الفوضى العامة واللعب بالنار.

برّي

قال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زوّاره امس تعليقاً على التظاهر والاعتصام: «عندما يغيب المجلس النيابي ولا يستطيع القيام بدوريه التشريعي والمحاسبة فمِن الطبيعي ان يطالب الشعب بوكالته، وهذا لا أقوله اليوم، بل قلته في السابق ايضاً، ومِن حقّ الناس ان تصرخَ، وما يحصل هو حركة مشروعة، لكن في الوقت نفسه فإنّ المحظور هو أنّه لا يوجد بديل عن الحكومة، خصوصاً في ظلّ الشغور الرئاسي».

وعُلم أنّ برّي اتصلَ بسلام قبَيل مؤتمره الصحافي واقترح عليه تقديمَ موعد فض العروض في شأن النفايات الى امس، وإذ تبيّن انّ ذلك متعذّر، تمّ تقديمه الى اليوم. كذلك اقترحَ تقديم موعد جلسة مجلس الوزراء المقرّرة الخميس المقبل، وشدّد على وجوب خروج المجلس بـ»قرارات الضرورة».

سلام: للصبر حدود

وكان سلام أكّد أنّه «لا يمكن السماح بأن تمرّ أحداث وسط بيروت بلا محاسبة»، واعتبَر أنّ ما حصل السبت «ليس ابن ساعته، والقول إنّه مفتعل غير صحيح، بل هو نتيجة تراكُم»، مشيراً إلى أنّ «قصة النفايات في لبنان هي قصة النفايات السياسيّة والتي تلبسها كلّ المرجعيات السياسيّة».

وقال: «لا يجوز أن تستمر حكومة بلا مساءلة السلطة التشريعية»، ولفت إلى أنّ «الأمور تحتاج إلى علاج جذريّ وسريع»، مضيفاً: «قرّرت الدعوة إلى جلسة الخميس المقبل لتأمين الحد الأدنى من القرارات التي نحتاج إليها».

وقال سلام: «للصبر حدود» وصبري مرتبط بصبر المواطنين، وإحراجي لإخراجي ليس بجديد، فهو يمارس منذ فترة، وإذا لم تكن جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل مثمرة لا لزوم لجلسات أخرى». وحذر من «أننا ذاهبون الى الانهيار اذا استمرت الامور على ما عليه».

درباس

وقال الوزير رشيد درباس لـ«الجمهورية» إنّ كلام سلام «لا يَحتمل التأويل، فنحن ذاهبون الى الجلسة الخميس، لمناقشة وإقرار البنود. ونأمل أن تكون منتجة، وإذا كانت خلافَ ذلك فسنترك الحكومة، فنحن حرّاس على هذا الهيكل بكرَم أخلاق منّا، لأنّ مهمّتنا قد انتهت بتاريخ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية في 24 أيار 2014.

ولمسَ درباس انّ «حزب الله» قلِقٌ من الاستقالة وحريص على بقاء الحكومة». وحذّر من مخاطر الإستقالة وقال: «إستقالة الحكومة معناها الجمود الكلّي والشَلل القاتل وعدم دفع الرواتب». وكشفَ أنّه قرّر في حال توقّفَ دفع الرواتب رفضَ قبضِ راتبه «إذ لا يُعقل ان أقبضَ راتبي وموظفو وزارتي لا يقبضون».

تأييد وتنديد

ولم تجد كلمة سلام آذاناً صاغية في صفوف المعتصمين الذين طالبوه بالرحيل، فيما جدّد الحريري وجنبلاط دعمهما له، واعتبر الأول «انّ إسقاط الحكومة يعني إسقاط آخر معقل شرعي ودخول لبنان في المجهول». فيما أعلن الثاني تأييده سلام الذي أكّد في مؤتمره الصحافي مدى تحليه بالحكمة والصبر والمسؤولية»، لافتاً إلى أنّ هذه صفات «نحن أحوَج ما نكون إليها في هذه اللحظات العصيبة التي يمرّ بها لبنان».

أمّا تكتل «التغيير والإصلاح» فهاجَم سلام ودعاه الى الاستقالة، وقال رئيسُه النائب ميشال عون «إنّ مؤتمر العجز المقيم وكلام الاحتواء العقيم ومحاولة الابتزاز المهين لن يمرّ بلا ردّ مناسب في مجلس الوزراء وخارجه، خصوصاً على مستوى الشعب».

أمّا الوزير جبران باسيل فاعتبر أنّ أحسنَ ردّ على سلام «هو النزول إلى الشارع من أجل النفايات والكهرباء والمياه والقانون والشراكة، لأنّ الكلام لم يعُد ينفع».

جعجع و14 آذار

في هذا الوقت، دعا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع سلام الى عدم الاستقالة، وأكّد أنّ مسؤوليته مَسك الشرعية الى حين انتخاب رئيس للجمهورية، وطالبَه بالدعوة الى جلسة استثنائية لمجلس الوزراء لإيجاد حل للنفايات ومعرفة مطلِق النار في ساحة رياض الصلح.

وإذ أعلنَ تضامنه مع المعتصمين سأل:»هل يا ترى هذا التحرك يحَلّ بـ «فشّة خلق؟». ودعا المعتصمين الى «المضيّ في الاعتصام حتى ينزل النواب الى المجلس النيابي وينتخبوا رئيس للجمهورية».

بدورها، أكّدت الأمانة العامة لقوى 14 آذار «وقوفَها الواضح والصريح في وجه كلّ مَن يريد إدخال لبنان في مجهول دستوري وسياسي وأمني، من خلال إسقاط الحكومة التي تمثّل آخرَ مَعلم للشرعية اللبنانية».

أمنياً وقضائياً

أمنياً ترأّسَ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في العاشرة مساء أمس اجتماعاً امنياً في مقر المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، حضرَه المدير العام اللواء ابراهيم بصبوص وعدد من الضباط الكبار، وذلك في ضوء أعمال الشغب التي حصلت في وسط بيروت، والتي طاولت العسكريين والمدنيين والمحالّ التجارية، وحُرِقت خلالها خيَم اهالي العسكريين المخطوفين على يد بعض مثيري الشغَب، الذين اندسّوا بين المتظاهرين.

وأعطى المشنوق توجيهاته بـ«ضرورة ضبط الوضع وحِفظ الامن والمحافظة على امن المواطنين وممتلكاتهم، وعلى حق المتظاهرين في التعبير عن آرائهم تحت سقف القوانين المرعيّة الإجراء».

وكانت مجموعات من الشبان خرجَت عن معايير التظاهر السلمي واعتدت على رجال الأمن وآلياتهم ورمتهم بالحجارة والآلات الحادة وأصابت عدداً من العسكريين بجروح نُقلوا على إثرها الى المستشفيات، ما اضطرّ عناصر قوى الامن إلى استخدام الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لرد المعتدين والمشاغبين وإبعادهم عن محيط السراي الحكومي. وأوقعت هذه المواجهات جرحى في صفوف الطرفين.

وليلاً أوقفت دوريات مشتركة لقوى الأمن الداخلي والجيش، المخلين بالأمن في المناطق المضطربة، وذلك بعد اتصالات بين سلام والمشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي، وعلى الأثر بدأ الهدوء يعود إلى تلك المناطق.

وقد تبيّن في التحقيقات انّ القوى الامنية لم تتجاوز حدودها، عِلماً انّ هذه التحقيقات كانت بدأت امس الاوّل ويفترض ان تنتهي غداً ليرفع مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي داني الزعني صورة كاملة عن التحقيق بناءً على: إفادات المتصررين من قوى الامن والمدنيين، تقارير الاطبّاء الشرعيين، تقارير الأدلّة الجنائية ـ تقارير الكاميرات ونتيجة دراستها فنّياً، تحليل أفلام عرضَت على مواقع التواصل الاجتماعي، ليصار بعدها إلى توقيف كلّ من تثبت إدانته.

وسيُركّز التحقيق اليوم على درس الأفلام لتبيان مَن أطلقَ النار ومَن اعتدى على مَن، قبلَ استدعائهم والاستماع الى إفاداتهم.
وكانت شعبة المعلومات اجرَت دراسة فنّية امس على أشرطة التسجيل التي تمّ الاستحصال عليها من كاميرات المراقبة في رياض الصلح لتبيان مَن تجاوز مِن قوى الأمن حدودَ الأوامر الامنية في الدفاع عن السراي الحكومي، ومَن تجاوزَ مِن المدنيين معاييرَ التظاهر السلمي.

إلى ذلك، أوضحَت مصادر قضائية انّ التحقيق الذي يجريه المفتش العام لقوى الامن الداخلي العميد جوزف كلاس، بتكليف من وزير الداخلية نهاد المشنوق «هو تحقيق مسلكي وعقوبتُه مسلكية ولا علاقة له بالتحقيق القضائي الذي له الصفة العدلية.

تسجيل وقوعات المخالفات

إلى ذلك، قالت مصادر امنية لـ«الجمهورية» انّ القوى الأمنية تُحصي المخالفات المرتكبة وهويّات مرتكبي الشغب الذين قيل إنّهم جاؤوا منذ ظهر امس من منطقة الخندق الغميق ومحيطها للتخريب على المعتصمين كما قال منظّمو الإعتصام من حملة «طِلعت ريحتكن».

ونفَت حركة «أمل» في بيان، «ما يُرَوّجه بعض وسائل الإعلام من دسّ أخبار عارية من الصحّة عن الحركة، في محاولةٍ مكشوفة لإثارة الفتنة، متّهماً عناصرَ من الحركة بمحاولات افتعال شغَب لزَجّها في أعمال الشغب الحاصلة».

وفي معلومات «الجمهورية» أنّ صوَراً فوتوغرافية وأفلاماً تمّ تسجيلها لأحداث الشغب، وتركّزت على إحصاء وجوه المعتصمين وتحديد هوياتهم تمهيداً لملاحقتهم لاحقاً، خصوصاً عندما استخدموا في فترات متفاوتة قنابلَ مولوتوف قبالة حديقة سمير قصير وعند بوّابات رياض الصلح المؤدية الى طلعة السراي الحكومي، وقد واجهَتهم القوى الأمنية بخراطيم المياه وتحديداً عندما حاولوا تفكيك الجدار الحديدي الذي بنَته القوى الأمنية للمرّة الأولى في اوّل شارع المصارف وبوّابات رياض الصلح المؤدية الى ساحة النجمة وإزالة الشريط الشائك قبل ان يساهم منظّمو الحملة بإعادتها الى مكانها.

وإلى هذه الإجراءات على الأرض، قالت المراجع المعنية لـ «الجمهورية» إنّ القوى الأمنية باشرَت منذ اللحظة الأولى بتسجيل الوقائع التي تشكّل مخالفة وخروجاً على القوانين لرفعِها في تقارير مفصّلة الى المفتّشية العامة لقوى الأمن الداخلي التي كلّفت بالتحقيق في كلّ ما رافق التظاهرات منذ عصر السبت الماضي الى منتصف ليل امس.

وفي هذا السياق، دعا النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر وقائد الشرطة القضائية وضباط التحقيق الى اجتماع في مكتبه اليوم للاطّلاع منهم على نتائج التحقيق.

«
عين الحلوة»

من جهة ثانية شهدَ مخيّم عين الحلوة أمس هدوءاً حذراً بَعد الاشتباكات التي شهدها السبت وأوقعَت قتلى وجرحى. وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنّ اتّصالات جرت بين السلطة الفلسطينية وحركة «فتح» في لبنان ركّزت على تجميع الفتحاويين الموجودين في بقيّة المخيمات اللبنانية ونقلِهم الى مخيّم عين الحلوة لحسمِ المعركة ضد «جند الشام» والمجموعات التكفيرية الخمس المنضوية تحت «لواء الشباب المسلِم» بزعامة الأمير أسامه الشهابي.
وفي المعلومات أيضاً أنّ قرار بَدء المعركة ضد التكفيريين لم يُتّخَذ بعد، وأنّ المجال قد أُفسِح للّجنة الأمنية المشتركة الفلسطينية لتسوية الوضع سلمياً.
سلام يلوّح بقرار «مناسب» والحريري يحذّر من إسقاط «آخر معقل شرعي» والراعي وجعجع لانتخاب رئيس والفوضى تملأ الفراغ
المستقبل..
خرجت الحركة الاحتجاجية على قضية النفايات أمس، عن مسارها، كما عن السيطرة، بما في ذلك سيطرة الداعين إليها، وأُخليت ساحة رياض الصلح للمندسّين والمجموعات «المخرّبة» والفوضى التي ملأت الفراغ السياسي الناجم عن سياسة التعطيل المتواصلة منذ شغور موقع رئاسة الجمهورية، قبل أن يتدخّل الجيش قبيل منتصف الليل لصدّ المشاغبين (وليس المتظاهرين). وأثارت عمليات الشغب التي عاثت في وسط بيروت سرقات وتكسيراً للمحال وإشارات السير، علامات استفهام سياسية كبرى حول الهوية السياسية لهؤلاء «المندسّين» الذين حضر معظمهم من منطقة الخندق الغميق، وحول الغايات السياسية من وراء هذا الشغب الذي استهدف استقرار لبنان واللبنانيين، بمن فيهم منظّمو تحرّك «طلعت ريحتكم» الذين سارعوا الى تمييز أدائهم ومطالبهم عن أداء ومطالب «المندسّين».

انتخاب رئيس

وفيما غاب «حزب الله»، وحده، عن السّمع وعن اتخاذ أيّ موقف إزاء ما شهدته العاصمة على مدى يومين، أجمعت القوى الرسمية والسياسية على أن ملف النفايات هو «القشّة التي قصمت ظهر البعير»، على حدّ تعبير رئيس الحكومة تمام سلام، بعد انعكاس الشغور الرئاسي المستمرّ «منذ أكثر من عام» كما قال الرئيس سعد الحريري» سلباً على مسار الدولة ككلّ وعلى عمل الحكومة ومهمّاتها». وهذا ما دفع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى التأكيد أمس أن الفوضى العارمة هي «نتيجة الامتناع عن انتخاب رئيس»، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع وأعضاء كتلته النيابية الى الاتصال برؤساء الكتل النيابية، كما كشف مصدر رفيع في «القوات» لـ»المستقبل»، ودعوتهم الى الاعتصام في المجلس النيابي «الى حين انتخاب رئيس».

اتصالات

اليوم الماراتوني تخلّلته اتصالات سياسية متسارعة شملت الرؤساء برّي وسلام والحريري ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط وقائد الجيش العماد جان قهوجي انتهت حسب مصادر وزارية متابعة الى مجموعة من النتائج أبرزها:

1 انتشار الجيش ليلاً في مناطق الاضطراب في وسط بيروت لصدّ المشاغبين، بعد اتصالات بين الرئيس سلام والوزير المشنوق وقائد الجيش.

2 تقديم موعد فض عروض المناقصات بشأن النفايات من مساء غدٍ الثلثاء الى بعد ظهر اليوم.

3 تقديم موعد جلسة مجلس الوزراء من الخميس المقبل الى يوم غدٍ الثلثاء أو الأربعاء وفقاً لنتائج اجتماع فض العروض.

4 استعادة «التماسك» بين مكوّنات الحكومة المتوافقة على إقرار مجموعة من البنود الضرورية في جلسة مجلس الوزراء المقبلة، وفي مقدّمها بند النفايات، حتى ولو اضطرّت الى التصويت.

برّي

ونقل زوّار الرئيس برّي عنه تأكيده أمس أنه متمسك بتصويت وزرائه في الحكومة على أي قرار حتى «لو صوّتوا لوحدهم»، وأنه أبلغ الرئيس سلام أمس هذا الموقف، آملاً منه تقديم موعد الجلسة وكذلك اجتماع فض العروض، مستنكراً الدعوات الى إسقاط الحكومة.

ووصف برّي حسب الزوّار ما جرى في ساحة رياض الصلح بـ»الخطير»، داعياً الى استيعاب الوضع قبل انفلاته «في وجه الجميع». وإذ نفى انتماء «المندسين» الى حركة «أمل»، أكد أن خارطة الحلّ تنطلق من فتح أبواب المجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية من جهة، والسّعي من جهة ثانية الى إعادة فتح مطمر الناعمة لمدة ستة شهور فقط بانتظار ترجمة نتائج فض العروض.

سلام

وكان الرئيس سلام أعلن في مؤتمر صحافي أمس أن ما حدث «لا نستطيع إلا أن نتحمّل مسؤوليته خصوصاً في ما يتعلّق باستعمال القوة المفرطة مع هيئات المجتمع المدني»، جازماً أن ذلك لن يمرّ من دون محاسبة»، مؤكداً أن ما جرى «ليس ابن ساعته بل هو تراكم لقصور ولتعثّر ولغياب نعيشه ونتحمّله». ودعا الشعب «لمساعدتنا لأن هناك غياباً للقوى السياسية التي لا تقوم بواجباتها في السلطة التشريعية وفي العجز عن انتخاب رئيس وصولاً الى تعطيل مجلس الوزراء». وأكد سلام أن «أمامنا جلسة (للحكومة) الخميس، فإذا لم تكن منتجة لا لزوم لمجلس الوزراء من بعدها»، ملوّحاً بقرار «مناسب».

الحريري

ومن جهته أكّد الرئيس الحريري دعمه لموقف الرئيس سلام، ودان أي شكل من أشكال «الإفراط الأمني في مواجهة التظاهرات السلمية»، منبّهاً من استدراج البلاد الى «الفوضى والمجهول».

وقال: «الاعتراض على مشكلة النفايات والمطالبة بحلّها وبسرعة شيء، والمطالبة بإسقاط الحكومة والنظام شيء آخر»، معتبراً ان إسقاط الحكومة يعني «إسقاط آخر معقل شرعي ودخول لبنان في المجهول».

جنبلاط

وكذلك جدّد النائب جنبلاط التأييد والدعم للرئيس سلام ولموقفه «الحازم لناحية حتمية أن تكون جلسة مجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن منتجة»، معتبراً أن الاستمرار بسياسة التعطيل «لم يعد مقبولاً تحت أي ذريعة وفي أي ظرف من الظروف».

جعجع

أما رئيس حزب «القوات» جعجع فدعا النواب الى «النزول الى البرلمان وانتخاب رئيس للجمهورية»، مناشداً رئيس الحكومة بعدم الاستقالة «إذ تترتّب عليه مسؤولية الإمساك بالشرعية لحين التوصّل الى شاطئ أمان ما». وطالبه بدعوة الحكومة الى اجتماع «فوري واستثنائي يقتصر جدول أعماله على نقطتين أساسيّتين: جمع النفايات فوراً والإشراف على التحقيقات لتبيان مَنْ أطلق النار على المتظاهرين».
 
إندساس سياسي يحوِّل غضب الشارع إلى شغب!
قتيل وعشرات الجرحى ليلاً.. وسلام: لن نغطي المرتكبين.. والمشنوق يستعجل التحقيق
اللواء...
التدافع بين المتظاهرين وعناصر قوى الأمن الداخلي المولجة بحماية السراي الكبير قبل فض الاعتصام في ساحة رياض الصلح
23 آب 2015: لم يقتصر الغضب الشعبي الذي عبّر عن نفسه في ساحة رياض الصلح، منذ مساء السبت، على الشبان والمواطنين الذين لبّوا دعوة حملة «طلعت ريحتكن» للتجمّع والاعتصام وسط العاصمة، بل شملت السراي الكبير، حيث عبّر الرئيس تمام سلام عن بالغ انزعاجه وغضبه عمّا آلت إليه الأوضاع في البلاد، محذراً من «إنهيار عام لن يكون شريكاً فيه»، داعياً القوى السياسية إلى «مراجعة حساباتها بعيداً عن المزيدات»، مشيراً إلى أن «خيار الإستقالة» ما زال إمامه، وكاشفاً أنه كاد يُقدم عليه قبل ثلاثة أسابيع، ومؤكداً أنه «إذا لم تكن جلسة مجلس الوزراء منتجة الخميس، فلا لزوم لمجلس الوزراء بعد ذلك».
وإذا كان الرئيس سلام أكد أن لا حلول سحرية، معتبراً أن التظاهر السلمي حق دستوري، متعهداً حمايته ومواكبته، وأن يكون جزءاً منه وليس في الضفة الأخرى أو خارجه، فإن ما توقعه حصل مساء مع هبوط ساعات الليل الأولى، عندما أشار إلى أن محاسبة القوى الأمنية ربما تخضع بدورها لما أسماه «بالتجاذبات والصراعات السياسية التي تتحكّم بكل كبيرة وصغيرة». (راجع ص 2)
ولاقت مواقف الرئيس سلام التي وجهها للمعتصمين قبالة السراي الكبير في ساحة رياض الصلح والساحات المحيطة بها ارتياحاً في أوساط هؤلاء ما لبث أن دخلت عليه قوى أخرى لا تريد التوصّل إلى تسوية، مع أن الرجل كان واضحاً، سواء في حماية الاعتصام والتظاهر أو التعهد بخطوة كبيرة إذا لم تسفر جلسة مجلس الوزراء وقبلها اجتماع مناقصات ملف النفايات عن نتائج حاسمة لمصلحة المواطنين.
وفي خضم خلافات داخل حملة «طلعت ريحتكن» المتأثرة بالغايات السياسية غير المعلنة للأطراف التي دخلت على خط استثمار التحرّك المشروع، والذي بدأ عفوياً وشعبياً تهاوت سائر الاقتراحات التي قدّمت، ولم يلق موفد الرئيس سلام اللواء محمّد خير أي تجاوب مع المعتصمين لتشكيل وفد والتحاور معه حول أهدافهم واقتراحاتهم، لا سيما بعد أن اعتبر أن الأزمة تتحمّل القوى السياسية مسؤوليتها وليس فريقاً بعينه.
ودلّت التطورات اللاحقة أن التحرّك الذي ارتبط بملف النفايات واندلع على خلفية تأجيل فض العروض الثلاثاء الماضي، لم يكن سوى واجهة، وأن وراء الأكمة ما وراءها، وسط أسئلة سياسية ومتابعات محلية وإقليمية في الغرف المغلقة وتساؤلات شبه رسمية عن الأطراف الحقيقية المحرّكة للشارع والذي رتب أعماله ونشاطاته وهتافاته قبالة السراي مطالباً باستقالة الحكومة، والشروع بانتخاب رئيس للجمهورية، ثم إجراء انتخابات نيابية.
ولعلّ الأجندة السياسية للتحرك، الذي تولّت محطة CNN الأميركية نقل وقائعه على غرار ما فعلت محطات التلفزة اللبنانية، أعادت إلى الذاكرة سيناريوهات 2008 التي قادت إلى اتفاق الدوحة، ثم انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد فراغ رئاسي أعقب انتهاء ولاية الرئيس السابق إميل لحود.
وعلى هذا الصعيد، تحدثت الأوساط الديبلوماسية عن أن سيناريو حملة «طلعت ريحتكن» وسط بيروت والحشد الشعبي إلى الساحة بالمئات، دلّ على أن هناك جهات نافذة تقف وراء التحرّك تنظيماً ومتابعة واستمراراً، لفرض سيناريو رئاسي يمثّل تعديلاً في الخسائر والمتغيّرات الجارية في الدول الملتهبة من اليمن إلى سوريا مروراً بالعراق.
ولم يمض نهار أمس على خير، إذ تمكنت، باعتراف نشطاء حملة «طلعت ريحتكن» قوى أخرى كانت في الساحة، من هزّ الأجواء الصافية وتحويل ساعات المساء إلى ساعات كرّ وفرّ واشتباكات بالقنابل المسيلة للدموع والحجارة وخراطيم المياه، فضلاً عن الرصاص المجهول الذي أدى إلى مقتل أحد المشاركين في الاحتجاجات في مستشفى الجامعة الأميركية، وإصابة 37 آخرين باختناقات ومعالجة 200 ميدانياً، قبل أن تتمكن القوى الأمنية من إخراج المعتصمين من ساحة رياض الصلح إلى الشوارع المحيطة به، وإعلان نشطاء حركة الاحتجاج على النفايات عن إنهاء التحرّك ليلاً إلى السادسة من مساء اليوم الاثنين.
ومع مطالبات عديدة صدرت بإخراج ما وصف بالمجموعة المندسة من ساحات الاعتصام، إلا أن هذه المجموعة واصلت تحركها بعد ترك منظمي التحرّك رياض الصلح إلى ساحة الشهداء، في محاولة لإثبات أن لا علاقة لهم بالعنف الممارس.
وليلاً، سيّرت القوى المولجة بحماية وسط بيروت، دوريات مشتركة من قوى الأمن الداخلي والجيش للحفاظ على الأمن في الوسط التجاري بعد تعرضه لعمليات شغب وتخريب طالت المدنيين والعسكريين والمحلات التجارية بما في ذلك حرق خيم أهالي العسكريين المخطوفين. وذلك غداة ترؤس وزير الداخلية نهاد المشنوق اجتماعاً أمنياً في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في حضور المدير العام اللواء إبراهيم بصبوص والقادة الأمنيين لضبط الوضع الأمني والمحافظة على ممتلكات المواطنين وأملاكهم مع حق المتظاهرين بالتعبير عن آرائهم تحت سقف القانون.
وكلف المشنوق الذي كان خارج لبنان لدى وقوع المواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية السبت، وعاد فجر أمس، المفتش العام لقوى الأمن الداخلي العميد جوزيف كلاس اجراء تحقيق حول ما جرى مساء السبت «بين المتظاهرين وقوى الامن وغيرها من القوى العسكرية» على أن يكون «التحقيق جاهزاً خلال 24 ساعة»، كما كلفه زيارة الجرحى والمصابين من المواطنين والقوى الأمنية والعسكرية والاستماع إلى كل واحد منهم. فيما طلب النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية اجراء تحقيق بشأن ما حصل و«تكليف أطباء شرعيين بالكشف على المصابين تمهيداً لوضع تقارير مفصلة عن هذه الاصابات ولتحديد نوعية القذائف التي اصيب بها المدنيون لمعرفة ما اذا كانت من نوع المطاط أو الرصاص وتحديد من أطلق هذه القذائف ومن أعطى الأمر بإطلاقها والتحقيق معهم».
مجلس الوزراء
ويتزامن التحرّك الجديد لحملة «طلعت ريحتكن» في السادسة من مساء اليوم، مع موعد اجتماع اللجنة الوزارية لفض العروض الخاصة بالنفايات التي تمكن وزير البيئة محمّد المشنوق من تقريب موعد الاجتماع إلى اليوم بدلاً من الغد.
وإذا نجحت اللجنة في فض العروض، فان هناك احتمالاً لتقريب موعد جلسة مجلس الوزراء من الخميس إلى الثلاثاء أو الأربعاء، بحسب مصادر وزارية التي أوضحت ان المجلس سيناقش جدول أعمال من 39 بنداً أبرزها ملف النفايات والرواتب والأجور لموظفي القطاع العام والعسكريين، إضافة إلى القروض والهبات والدعوى المقامة ضد الدولة اللبنانية من قبل إحدى شركات الطيران والتي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، مع 90 مرسوماً عادياً بحاجة الى تواقيع.
 
أيّد موقف سلام وأكد أن استمرار التعطيل لم يعد مقبولاً وجنبلاط يحذّر من استغلال التحرك لضرب الاستقرار
المستقبل..
جدد رئيس «اللقاء الديموقراطي« النائب وليد جنبلاط «التأييد والدعم الكامل لرئيس الحكومة تمام سلام الذي أكد مرة جديدة في مؤتمره الصحافي مدى تحليه بالحكمة والروية والصبر والمسؤولية، وهي صفات نحن أحوج ما نكون إليها في هذه اللحظات العصيبة التي يمر بها لبنان وتمر بها المنطقة بأكملها«، مؤيداً «موقفه الحازم لناحية حتمية أن تكون جلسة مجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن منتجة، ذلك أن الإستمرار بسياسة التعطيل لم يعد مقبولاً تحت أي ذريعة وفي أي ظرف من الظروف«.

ورأى في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» امس، أن «صرخة المواطنين صرخة محقة ومشروعة، ومعالجة أسبابها لا تكون بمصادرة التحركات الشعبية لتحويلها عن أهدافها الفعلية بل بمحاكاة تلك المطالب الحياتية والمعيشية البديهية لتأمين العيش اللائق والكريم«، موضحاً أن «إنحراف هذا التحرك عن مساره الأساسي ودخول بعض القوى السياسية عليه في محاولة لركوب الموجة الشعبية هو الذي دفع الحزب التقدمي الإشتراكي الى إعلان إنسحابه منه رغم تأييده أحقية المطالب المطروحة، إلا أنه يرفض إستغلال التحرك لتوسيع قاعدة الشلل والتعطيل وضرب أسس ومرتكزات النظام والإستقرار«.

وقال: «يحق لمجموعة «طلعت ريحتكم» أن ترفع الصوت إزاء تفاقم الأزمات السياسية والإجتماعية والمعيشية، ولكن حذار من إستغلال قوى التعطيل لهذا التحرك خصوصاً القوى التي عطلت إنتخابات الرئاسة ثم عطلت مجلس النواب وصولاً إلى تعطيلها لمجلس الوزراء. فهذا الإستغلال سوف يسيء إلى الإستقرار الداخلي وإلى التحرك المطلبي على حد سواء«.

وأكد أن «موقف الرئيس سلام الحاسم لناحية محاسبة كل المسؤولين عن إطلاق النار وعدم تغطية أحد هو موقف مسؤول يستحق التقدير. وهذه المحاسبة الضرورية لا يجوز أن تخضع لأي شكل من أشكال اللفلفة لا سيما أن ما حدث في ساحة رياض الصلح يمس بصلب النظام الديموقراطي خصوصاً لناحية حرية التظاهر والتعبير التي كانت علامة مميزة للبنان في محيطه العربي والإقليمي ويجب المحافظة عليها مهما كان الثمن«.

واذ شدد على أن «حرية التظاهر مقدسة«، أشار الى أنها «يفترض أن تبقى تحت سقف القانون، فالتعرض للممتلكات العامة والعبث بها أمر مرفوض ومسؤولية القوى الأمنية المحافظة عليها وحمايتها«، داعياً الى «محاسبة من أطلق النار من رجال الأمن، وأيضاً محاسبة من تعرض للقوى الأمنية وتسبب بسقوط جرحى منهم«.

ولفت الى أن «الأجهزة الأمنية بذلت وتبذل جهوداً إستثنائية وجبارة في حماية الإستقرار وهي تحقق الإنجازات تلو الإنجازات وآخرها كان توقيف أحمد الأسير والشبكات التابعة له فضلاً عما كشفته من مخططات إرهابية ومتفجرات وأحزمة ناسفة كان تعد للتنفيذ بهدف تخريب الوضع «، معتبراً أن «من الواجب أيضاً التنبه للأخطار المحدقة بلبنان من كل حدب وصوب وليس التفجير الذي يشهده مخيم عين الحلوة سوى أحد الأمثلة الخطيرة على تلك التحديات الصعبة«.

وأوضح أن «التحذير من خطر الإنهيار الإقتصادي والمالي الذي أطلقه الرئيس سلام يتقاطع مع موقفنا الذي أعلناه الأسبوع الفائت ونبهنا فيه على حراجة الوضع الذي يمر به لبنان، وهو ما يتطلب مراجعة من كل القوى السياسية كي لا تغرق السفينة بنا جميعاً«، مشدداً على أن «عمق الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان في هذه الحقبة وحرصنا على إستمرارية المؤسسات، وإصرارنا على حماية الإستقرار الداخلي والسلم الأهلي بأي ثمن تجعل الدخول في مناكفات وسجالات وردود مع هذا الوزير أو ذاك غير ذات جدوى«.

وكان الحزب «التقدمي الإشتراكي« أعبن في بيان، إنسحابه من التظاهرة في وسط بيروت «بسبب تحولها من تحرك شعبي شبابي مطلبي محق إلى محاولة لإسقاط ما تبقى من مؤسسات وحكم وهو ما سيعرض الإستقرار الداخلي والسلم الأهلي للإهتزاز والخطر«.

وإذ جدد «تفهمه للمطالب الشعبية المشروعة التي كانت خلف الدعوة لهذا التحرك«، حذر من «دفع الأمور في إتجاه الفوضى وإستغلال هذا التحرك لتحقيق أهداف أخرى هي أبعد ما تكون عن أهدافه الحقيقية«.
عون يدين التعرض للمتظاهرين: مؤتمر العجز لن يمر
المستقبل..
هنأ رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون «الشباب اللبناني الذين تظاهروا بالامس سلمياً وحضارياً». ودان «التعرض للمتظاهرين بالعنف واطلاق الرصاص الحي»، مطالباً بـ «تحديد المسؤوليات السياسية والمسلكية فوراً والمساءلة والمحاكمة، وهو ما لن نتساهل فيه وسنبني عليه خطواتنا اللاحقة».

وحذر في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي امس، «الاكثرية الحاكمة وأجهزتها من استغلال هذه الحركة والاستحواذ على دلالاتها، والامعان في إنكار الشراكة الوطنية«، معتبراً أن «كل سلطة لا تملك شرعية الشعب الذي ينتخبها ولا تتقيد بقانونية القرارات الصادرة عنها، انما تعمم الفوضى وتضرب الاستقرار«.

ولاحقاً، صدر بيان ثان عن مكتبه الاعلامي خصص للرد على المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، أشار الى أن «البيان رقم 1 الصادر بصوت العماد عون قبل المؤتمر الصحافي لرئيس الحكومة يصلح تماماً لما بعده نصاً وروحاً«، معتبراً أن «الحكم ليس هيبة وحسب ولا سلطة فقط بل هو أولاً شرعية تنبثق من احترام المواثيق والدستور والقانون». وأكد أن «مؤتمر العجز المقيم وكلام الاحتواء العقيم ومحاولة الابتزاز المهين لن يمر من دون رد مناسب في مجلس الوزراء وخارجه خصوصاً على مستوى الشعب صاحب السيادة، ومصدر كل سلطة والذي منعه فريق الاكثرية الحكومية من أي محاسبة منذ الغاء حقه في الانتخاب الديموقراطي والدستوري. والشعب هو المدعو الى التعبير عن حقيقة تطلعاته في كل مجال وساحة».
 

المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,533,939

عدد الزوار: 7,636,874

المتواجدون الآن: 0