لبنان يتجه إلى الفوضى الشاملة..مجلس الوزراء اللبناني يلغي مناقصة النفايات...باسيل: سلام يستبيح صلاحيات الرئيس...نحاس وواكيم والخطيب ينضمون الى المتظاهرين وتجدّد الاعتصام والشغب: 3 جرحى لقوى الأمن وتوقيف معتدين

إلغاء المناقصات لم يُبدِّد الخوف على الحكومة... والتصعيد يبلُغ ذروته السبت

تاريخ الإضافة الخميس 27 آب 2015 - 6:15 ص    عدد الزيارات 2247    التعليقات 0    القسم محلية

        


 

لبنان يتجه إلى الفوضى الشاملة
بيروت - «الحياة» 
يتهيأ لبنان لدخول مرحلة جديدة من الفوضى السياسية والشارعية نتيجة التداخل بين تصاعد التأزم السياسي الناجم عن الشغور الرئاسي والخلاف على الصلاحيات في غياب رأس الدولة، وبين التحرك المطلبي الناقم على الطبقة السياسية والتردي الاجتماعي ومظاهر الفساد، والذي أخذت مطالبه تتعدد وتتشعب من دون قيادة موحدة له بعدما انطلق من الاحتجاج على أزمة النفايات المنزلية منذ أكثر من شهر.
وتعرض مجلس الوزراء برئاسة الرئيس تمام سلام، إلى خضة جديدة أمس بانسحاب وزراء تحالف «حزب الله» و «تكتل التغيير و الإصلاح» النيابي بزعامة العماد ميشال عون (6 وزراء من 24 ) من اجتماعه قبل ظهر أمس، احتجاجاً على اعتماد صيغة الأكثرية في إنفاذ مراسيم القرارات بدل الإجماع، في ظل إصرار عون على إجماع الوزراء، لا سيما المسيحيين، بالنيابة عن رئيس الجمهورية، بإصدار سلام 70 مرسوماً الأسبوع الماضي هي نتاج قرارات صدرت عن الحكومة، رفض الوزراء الستة توقيعها احتجاجاً على عدم الأخذ بمطلب تعيين قائد جديد للجيش بدل التمديد للقيادات العسكرية.
وشهدت الجلسة مناقشات حادة، حين طرح سلام حلاً موقتاً لمشكلة النفايات التي عادت تتراكم في بيروت ومناطق جبل لبنان، يقضي بتخصيص مبلغ 100 مليون دولار أميركي لإنماء منطقة عكار تنفق عبر الهيئة العليا للإغاثة، من أجل التفاوض مع فعالياتها على استخدام أحد المكبات فيها لنقل هذه النفايات، فرفض وزراء تكتل عون و «حزب الله» البحث بأي بند، مسجلين تحفظهم عن كل ما يجري في الحكومة. ورأى وزير الخارجية جبران باسيل أن رئيس الحكومة يمس بوكالة الوزراء المسيحيين عن رئيس الجمهورية. وحصل نقاش بين باسيل وبين وزراء «المستقبل» و «اللقاء النيابي الديموقراطي»، وتضامن وزير «حزب الله» حسين الحاج حسن مع باسيل، معتبرا أن إصدار المراسيم الـ70 «يسبب ثورة»، مؤكداً رفض المس بالشراكة التي يطالب بها ممثلو عون.
وأعقب انسحاب الوزراء الستة من الجلسة اجتماع لـ «تكتل التغيير والإصلاح» أعلن إثره الوزير باسيل، أن رئيس الحكومة «يستبيح صلاحيات الرئيس ونحن لدينا وكالة عنه...». ورأى أن «الوزراء المسيحيين المتبقين في الحكومة يتحملون مسؤولية المسّ بصلاحيات رئيس الجمهورية». وقال باسيل: «سننزل (إلى الشارع)، والساحات ساحاتنا، ونتضامن مع الحركة في الشارع، وننبه من أن تعميم (تهمة) الفساد أمر لا يفيد من يطالب بإزالته».
وفيما تلاقى عدد من الفرقاء السياسيين مع الحراك المدني والشعبي في رفض نتائج فض العروض لمناقصة تلزيم الشركات العارضة معالجة النفايات في 6 مناطق توزعت على مساحة لبنان، نظراً إلى ارتفاع أسعارها، قرر مجلس الوزراء إلغاء نتائج هذه المناقصات، بعدما كان الوزراء الستة انسحبوا من الجلسة، شهد الحراك المدني مساء أمس حشداً جديداً في ساحة رياض الصلح وسط بيروت، انضمت إليه قيادات سياسية معارضة ويسارية. ونظمت تحرك أمس مجموعة «بدنا نحاسب»، احتجاجاً على تعرض القوى الأمنية يوم السبت الماضي بالقمع للمتظاهرين الذين لبوا دعوة حملة «طلعت ريحتكم»، التي دعت إلى تجمع حاشد عصر السبت المقبل. وشارك في التجمع مواطنون عاديون لا ينتمون الى أحزاب، بعد أن بدأت القوى الأمنية إزالة المكعبات الأسمنتية التي كانت أقامتها أول من أمس بين ساحة الاعتصامات وبين مداخل السراي الحكومية بطلب من الرئيس سلام.
وأخذ التأزم الجديد في مجلس الوزراء بعداً جديداً بعدما كانت جلسة الحوار السابعة عشرة بين تيار «المستقبل» و «حزب الله» برعاية رئيس البرلمان نبيه بري شهدت خلافات حادة بين الجانبين لم يعكسها البيان الصادر عنها، إذ توخى تبريد الساحة بعد أعمال الشغب التي حصلت الأحد في وسط بيروت، فالمتحاورون أكدوا «حرصهم على حرية التعبير والتظاهر السلمي في إطار القوانين، ودعمهم مؤسسات الدولة في حماية الاستقرار والأمن والمؤسسات». كما شددوا على «أولوية الحوار والتفاهم بين مختلف الأطراف لمعالجة الأزمات، وعلى تحمل الدولة مسؤولياتها».
وعلمت «الحياة» أن ممثلي الحزب نفوا الاتهامات بعلاقته بالمجموعات التي مارست الشغب في وسط بيروت الأحد الماضي، ودعوا «المستقبل» إلى التفاهم مع العماد عون، في نقاش أخذ طابع المماحكة، وفق قول أحد المجتمعين حول سبل تفعيل عمل مجلس الوزراء، وحض العماد عون على عدم تعطيل أعماله. وقال المصدر إن ممثلي «المستقبل» طالبوا الحزب بأن «يعلن بوضوح أنه لم يعد يريد استمرار الحكومة فنحن دخلنا الحكومة وإياكم من أجل تمرير مرحلة الشغور الرئاسي بأقل الأضرار»، لكن ممثلي الحزب أشاروا إلى أنهم لا يريدون من سلام الاستقالة «لكننا متضامنون مع العماد عون ولن نقبل بكسره، وقد ننزل معه إلى الشارع لأن خياراتنا مفتوحة في هذا الصدد». وهو ما اعتبرته مصادر «المستقبل» تهديداً من الحزب بتصعيد الموقف. ولفت أحد المشاركين في الحوار إلى أن ممثل بري في الجلسة خاطب ممثلي «حزب الله» بالقول: «أنتم لا تريدون للعماد عون أن ينكسر لكن الذي يحصل هو أننا نحن الذين ننكسر بتعطيل مجلسي النواب والوزراء وحصول الشلل في المؤسسات».
وأصدرت كتلة «المستقبل» بياناً اعتبرت فيه أن «الحق في التعبير السلمي الذي بدأه ناشطون في المجتمع المدني سريعاً ما جرى استغلاله من قبل مجموعات اندست لترفع شعاراتها وعباراتها وأهدافها غير المؤتلفة مع الغايات الأساسية لهذا التحرك وترافق ذلك مع قيام مجموعات أخرى، مدفوعة لغاياتٍ سياسية وأهدافٍ حزبية، وبأساليب عنيفة، إلى حرف التعبير الديموقراطي والسلمي عن أهدافه وبالتالي إلى جرّ البلاد إلى المجهول المعلوم الذي يدخل لبنان في فوضى معروفة النتائج بهدف العمل على «إسقاط النظام» وتعطيل عمل الحكومة ومجلس النواب من أجل إسقاط المؤسسات الدستورية الأخيرة.
ورأت الكتلة أن» استعمال التظاهرات السلمية منصة من بعض الأحزاب للاعتداء على كرامات الناس والممتلكات العامة والخاصة وسط العاصمة والتعدي على مؤسسات الدولة والقوى الامنية، هو أمر مستنكر ومرفوض، ولا يمكن القبول به، إذ إنه في حقيقة الأمر يعتبر رسالة تهديد صريحة غير مقبولة ممن وقف وراء هذه التجاوزات».
وإذ شددت الكتلة على ضرورة التظاهر بترخيص من وزارة الداخلية واستنكرت التعرض لضريح الرئيس رفيق الحريري، أكدت «دعمها الكامل للحكومة واستمرارها في تحمل مسؤولياتها، وان عليها أن تجهد في العمل وفقاً للآلية الدستورية المنصوص عليها في المادة 65 من الدستور، والتي تنص على أن مجلس الوزراء يتخذ قراراته توافقياً وإذا تعذر ذلك فبالتصويت». وشددت على أنه ليس «للوكيل الذي هو مجلس الوزراء، الذي تناط به صلاحيات رئيس الجمهورية في حال خلو سدة الرئاسة، صلاحيات تفوق صلاحيات الأصيل وهو رئيس الجمهورية». وكررت دعمها الرئيس سلام.
ومساء رفضت فاعليات عكار مقايضة إنماء عكار بالمطامر، فيما تكرر مشهد محاولة بعض المتظاهرين اقتحام حاجز القوى الأمنية أمام السراي، برمي قنابل حارقة، وتبع ذلك مواجهات.
 
إلغاء المناقصات لم يُبدِّد الخوف على الحكومة... والتصعيد يبلُغ ذروته السبت
الجمهورية...
فَعَلَ اعتراض رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي على ما انتهى إليه فَضّ عروض المناقصات لمعالجة النفايات والنتائج التي أسفَرَ عنها فِعلَهُ، باستجابة مجلس الوزراء طلبَهُ إلغاءَها، ليوكَلَ الأمر مجدّداً إلى اللجنة الوزاريّة المختصّة، في ظلّ همسٍ عن احتمال ترك النفايات على همّة الاتّحادات البلديّة لتتولّى أمرَها. وإذ قالَ برّي أمام زوّاره أمس: «بموقفي رفعتُ الشبهة عنّي وعن البلد»، غامزاً من قناة الأسعار المرتفعة التي رَسَت عليها المناقصات، بما يُكبِّد الدولة تكاليف باهظة، أكّدَ أنّه لن يتحدّث في هذا الموضوع بعدَ الآن. وأشارَ إلى أن «يُمكِن البلديّات معالجة موضوع النفايات بتكاليف أقلّ بكثير». لكنّ هذا التطوّر لم يُغيِّر إيجاباً في الواقع السياسي المأزوم، بل إنّه استوَلد تصعيداً في الموقف وفي الشارع، ما أثارَ مخاوفَ على مستقبل الوضع الحكومي، ففي وقت انسحبَ وزراء «حزب الله» من الحكومة اعتراضاً على نَشر 70 مرسوماً لم يُوَقّعها جميع الوزراء، مُعتبرين أنّ ذلكَ مخالفٌ للدستور لجهة ممارسة الحكومة صلاحيّات رئيس الجمهوريّة، تجدّدَ التصعيد في الساحات ليبلُغَ ذروتَه السبت المقبل، في ظلّ مَخاوف بدأت تنتاب الأوساط السياسيّة على مستقبل الحكومة، خصوصاً إذا تطوَّرَ انسحابُ وزراء الحزب والتيّار إلى مقاطعة، وهو ما يُمكن تلمُّس مؤشّراته من «الموقف المهم» الذي سيُعلنه رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون اليوم.
لم يكن سهلاً على مجلس الوزراء أن يعقدَ جلسة أمس وسط الأجواء المشحونة، إنْ في الشارع أو بين القوى السياسية التي باتت الهوّة في ما بينها عصيّةً على الردم في القريب المنظور.

في الأساس الجلسة مخصّصة لاتّخاذ قرار بموضوع مناقصات النفايات، لكنّ القرار كان إلغاءَها كلّياً، ما فتحَ الباب على مجموعة أسئلة أصغرُها: هل ما حصَل فعلاً في كلّ الملف كان مسرحية لمصلحة شركة «سوكلين»؟ وأكبرها: هل أصبحَت النفايات المادة الأبرز للتراشق وتبادُل الرسائل حول عناوين كبرى تتعلق بالحكومة والنظام وبمشاريع إقليمية؟

وقائع الجلسة

وكانت الجلسة بدأت بكلمة لرئيس الحكومة تمام سلام أكّد فيها ضرورة حلّ هذا الملف كما وعَد، وأوعز الى المعنيين لإزالة جدار الفصل على حدود السراي الحكومي الذي أُعطي أبعاداً سياسية، مُذّكراً بأنّه سَبق له أن قال إنّه «مع الناس» وإنّ وجعَه «هو وجع الناس».

واقترحَ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن يتمّ نقل النفايات الى مطامر في أمكنة عدة في عكار مع مراعاة الظروف البيئية والصحية. وقال إنّه أجرى مروحة اتصالات ولقاءات اظهرَت موافقة فاعليات عكار على هذا الامر، مقابل رصد مشاريع انمائية تساعد المنطقة على الحد من الحرمان المزمِن الذي تعاني منه.

فتدخّل الوزير جبران باسيل وقال: «قبلَ الدخول في مناقشة ملف النفايات والذي نحن نؤيّد معالجته، نريد أن نسأل عن المراسيم، إذ كيف يُنشَر سبعون مرسوماً في الجريدة الرسمية من دون توقيع جميع الوزراء عليها؟.

وإذ آزَرَه الوزير حسين الحاج حسن في هذا الموقف، ردّ سلام قائلاً: «هذه مراسيم عاديّة لا علاقة للخلافات السياسية بها».
وتدخّلَ الوزير علي حسن خليل مؤيّداً موقفَي باسيل والحاج حسن، وقال: «إنّ هذه المسألة تحتاج الى مقاربة هادئة».

ورفضَ سلام البحث في أيّ موضوع آخر غير ملفّ النفايات، مؤكّداً أنّه سيَسمح بمناقشة كلّ المواضيع في الجلسة المقبلة، أمّا هذه الجلسة فهي مخصّصة للنفايات.

فعادَ باسيل الى الكلام دافعاً النقاشَ في اتّجاه المطالبة بالشراكة. ورأى الحاج حسن «أنّ هناك إصراراً على ضربِ التفاهمات». وقال: «نريد حلولاً لكلّ القضايا المطروحة، وخصوصاً لموضوع النفايات، لكن للأسف هناك كثيرٌ مِن الأفرقاء يصِرّون على عدم الاستماع الى مطلب الشراكة».

وأعادَ سلام بوصَلة النقاش الى ملف النفايات مقترحاً تخصيصَ مبلغ 100 مليون دولار لإنماء عكار «لعلّها تساعدنا في إيجاد مطمر وحلّ أزمة النفايات المتراكمة منذ 17 تموز الفائت».

وفيما لم يكن الربط بين هذين الأمرين ظاهراً مباشرةً، عَلمت «الجمهورية» أنّ هذا الاقتراح المتكامل تمّ الاتفاق عليه مع جميع المعنيين وتقرّر عدم مقاربته بهذا الوضوح تحسُّباً لردّات فعل شعبية في عكّار، وإفساحاً في المجال لتأمين الأرضية الأوسع له بعد التواصل مع فعاليات المنطقة».

وأبدى عدد كبير من الوزراء موافقتهم على هذا الاقتراح، ورفَعوا أيديَهم مؤيّدين. عندها وقفَ باسيل ومعه الوزراء آرتور نزاريان والحاج حسن ومحمد فنيش وغادروا الجلسة من دون أن يقولوا شيئاً ولم يبَلغوا إنسحابَهم الى مجلس الوزراء، الذي كان في صَدد إقرار اقتراح تخصيص عكّار بمبلغ 100 مليون دولار لإنمائها.

بعد ذلك تحدّث وزير المال عن شوائب كثيرة تَحوط بالمناقصات وفي مقدّمها الكلفة الباهظة التي ستتكبّدها الدولة لمعالجة ملف النفايات. وطالبَ بإلغائها وإعادة النظر فيها. وسانَده وزيرا الحزب التقدمي الاشتراكي.

كذلك كان لعدد من الوزراء ملاحظات وانتقادات لطريقة إجراء المناقصات. فاتُّفِق على إلغائها وتكليف اللجنة الوزارية إعادة إجرائها واستدراج عروض جديدة وإعداد دفتر شروط جديد. ولكن لم يُحدّد موعد لاجتماع هذه اللجنة.

وبعد ساعة على انتهاء الجلسة، عاد خليل الى السراي الحكومي واجتمع بسلام. وعَلمت «الجمهورية» أنه حملَ أفكاراً إليه تتعلق بمعالجة آلية توقيع المراسيم. وقال لدى دخوله الى السراي: «إنّ رواتب الموظفين مؤمّنة، وهي تحتاج الى قرار يتّخذه مجلس الوزراء بنقلِ الأموال من الاحتياط إلى بندِ الرواتب».

فنَيش

وقال فنيش لـ«الجمهورية: «موقفُنا الأساسي هو عدم تجاوُز آلية عمل مجلس الوزراء، لأنّ المسّ بها هو مسّ بالدستور وبمبدأ الشراكة، وعودةٌ إلى منطق الهيمنة والغَلبة وتجاهل مكوّنات أساسية مشاركة في الحكومة، في ظلّ الشغور الرئاسي، لأنّ صلاحيات رئيس الجمهورية انتقلَت إلى الحكومة، ولا أحد يستطيع القول:» أنا أحلّ في موقع الرئيس»، فهذا أمر مخالف للدستور وتجاوُز لدَور مكوّنات أساسية في الحكومة».

وهل سيشارك حزب الله في جلسة غد الخميس أم لا؟ أجاب فنَيش: «نتحدّث عن الجلسة التي عُقدت اليوم (امس)، فهناك مراسيم نشِرت لم نوَقّعها، وإصرار على اتّخاذ قرارات في معزل عن احترام آليّة عمل مجلس الوزراء، فاعترَضنا وانسَحبنا لأنّ البعض أصَرّ على التجاوز، أمّا بالنسبة الى الجلسات الأخرى فكلّ جلسة لها موقف».

ونبَّه فنيش الى «أنّنا في أزمة سياسية كبيرة، والمطلوب منّا معالجتها بتفعيل مجلس النواب ومعالجة مسألة الشراكة التي يتفرّع عنها قضية التعيينات وموضوع مجلس الوزراء». وقال: «المطلوب من القوى السياسية إرادة جدّية بالجلوس الى طاولة حوار لإيجاد حلول ومخارج لمشكلة كبيرة تتفاقم، ومعالجتُها لا تكون لا بالتحدّي ولا بالتجاهل ولا بالتهميش ولا بالإخلال بآليّة عمل متّفَق عليها وبتجاوزِ الدستور».

وهل سيكون للحزب مبادرة في هذا السياق؟ أجاب: «لم نتوقّف عن الدعوة الى الحوار من خلال لجنة وزارية أو حوار ثنائي، ومطالبة القوى السياسية بتحَمّل مسؤولياتها وأن تكون هناك إرادة جدية لإيجاد مخارج» .

ووصَف فنيش إتّهامات البعض لحزب الله بأنّه «يتلطّى» خلف رئيس تكتّل « التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون للوصول بالبلاد إلى مؤتمر تأسيسي بأنّها «اتّهامات لا تستحق النقاش، وأنّها تأتي في سياق حملة افتراءات وتمييع الأمور».

«
التكتّل»

وفيما يَعقد عون مؤتمراً صحافياً الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في الرابية يُعلن خلاله مواقفَ وُصِفت بأنّها «مهمّة جداً»، اتّهَم باسيل رئيسَ الحكومة بـ«استباحة صلاحية توقيع المراسيم العادية التي يوَقّعها رئيس الجمهوريّة»، مذكّراً بأنّ «المراسيم العادية تتطلّب توقيع 24 وزيراً أو كلّ الكتَل الوزارية في ظلّ غياب رئيس الجمهوريّة، ولا يمكن القبول باستغيابه لأخذِ آخِر صلاحية له».

وقال باسيل بعد اجتماع «التكتّل» إنّ «إدارة رئيس الحكومة لجلسات مجلس الوزراء متفرّداً مخالفةٌ للدستور، فالتوافق هو مقتضى دستوري، وكلّ ما هو غير ذلك يُعتبَر ضرباً للشراكة». وأوضحَ «أنّ الاستخفاف بعقول الناس وإسكاتَهم بالمال لا يليق بنا كحكومة، لذلك انسحبنا من الجلسة».

ولفتَ إلى أنّ «الأموال المقدّمة لعكّار هي بمثابة رشوة، وهو استخفاف بعقول الناس»، وأشار الى أنّ الوزراء المنسَحبين «ليسوا ضدّ مساعدة عكّار، ولكن يجب مساعدة كلّ المناطق وإجراء دراسة في شأن هذا الموضوع».

حكيم

ومِن جهته، قال الوزير آلان حكيم لـ«الجمهورية»: «إنّ حزب الكتائب يَعتبر أنّ مصالح الناس أولوية، ونحن مع إصدار المراسيم التي تَخدم هذه المصالح. وبالتالي، لا يمكن ان نمشي في فكرة إصدار المراسيم بتوقيع 24 وزيراً، لأنّنا لا نريد تعطيل مصالح الناس.

نحن اليوم نضَع النتائج التي وصلت اليها مناقصات النفايات برسم الرأي العام. لقد قلنا منذ البداية إنّ المشكلة هي في دفتر المناقصات، ولو أنّهم التزموا الملاحظات التي أوردناها في حينه لَما وصلنا اليوم الى ما وصلنا إليه».

وبالنسبة الى مستقبل انعقاد جلسات مجلس الوزراء بعد ما حصَل أمس، قال حكيم: «نحن مع انعقاد مجلس الوزراء واتّخاذ القرارات الضرورية بمن حضَر

«
المستقبل»

وأكّدت كتلة «المستقبل» دعمَها الكامل للحكومة، وشدّدَت على ضرورة استمرارها في تحَمّل مسؤولياتها، ودعَتها إلى» أن تجهد في العمل وفقاً للآلية الدستورية المنصوص عليها في المادة 65 من الدستور، والتي تنصّ على أنّ مجلس الوزراء يتّخذ قراراته توافقياً وإذا تعذّرَ ذلك فبالتصويت.

وشدّدَت «على مسألة قانونية ودستورية أساسية وهي أنّه لا تكون للوكيل الذي هو مجلس الوزراء، الذي تُناط به صلاحيات رئيس الجمهورية في حال خُلوّ سدّة الرئاسة لأيّ علّة، صلاحيات تَفوق صلاحيات الأصيل وهو رئيس الجمهورية». ونوَّهَت بمواقف سلام ودعَت الحكومة إلى «المضيّ في اتّخاذ القرارات التي تسَهِّل مصالح المواطنين وتَحميها».

النفايات إلى المربّع الأوّل

ومع إلغاء مجلس الوزراء نتائج مناقصات النفايات ورميِ الكرة في ملعب عكار التي رفضَت فعالياتُها وأهلها مقايضة النفايات بأموال الإنماء، تعود الأزمة إلى المربّع الأوّل. ومن المفارقات انّ وزير البيئة محمد المشنوق الذي برّر ليل امس الاوّل في بيان أسباب ارتفاع الاسعار التي اقترحَتها الشركات المتقدّمة الى المناقصات، عاد واقترَح في اليوم التالي على مجلس الوزراء إلغاءَ النتائج لأنّ الاسعار مرتفعة.

مصادر وزارية

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ المناقصات لم تعُد موضوعاً ملِحّاً، وكان الافضل مقاربته بهدوء بعيداً مِن الضغوط السياسية والشعبية، خصوصاً أنّ الشركات التي رسَت عليها المناقصات ليست لديها معالجات فوريّة، إذ كانت تحتاج الى وقت يراوح بين 6 أشهر وسَنة للبَدء بمعالجة النفايات وإيجاد المطامر. أمّا النفايات المتراكمة منذ 17 تموز في مكبّات عشوائية وفي الشوارع فسيَبدأ رفعُها خلال يومين.

على أنّ التخَبّط في الموقف الحكومي، يعكس تخبّطاً في مواقف جميع الأطراف السياسية التي اعترضَت علناً على ارتفاع الاسعار، وأوضَح خلفياتها عِلمياً رئيسُ جمعية الصناعيين السابق نعمة افرام الذي لفتَ في مؤتمر صحافي الى أنّ «المشروع الذي قدّمتُه فيه كنسُ وجمعُ وفرزُ ومعالجة وتوظيف في معامل بأكثر من 100 مليون دولار. وفيه طمرٌ بأقلّ من 10% وبلا أيّ أثر بيئي، وفيه توليدُ كهرباء، بينما كان الطمر في حدود 80%».

وأعلنَ أنّه قدّم «عرضاً هو الأكثر خَفضاً لمصلحة المال العام. فقد بَلغ السعر المقدّم منّا 123 دولاراً للطنّ في مقابل 160 دولاراً كانت تدفعها الدولة لشركة «سوكلين»، أي بتوفير يومي بقيمة 29 ألف دولار، بما يعني 870 ألف دولار شهرياً، وأيضاً 10 ملايين و440 ألف دولار في السَنة».

وأضاف: «سنحاول في مشروعنا المقدّم تحويلَ النفايات الى طاقة، فكلّ 3 طن مِن حبوب النفايات يمكن توليد طن من الفيول. وبعد إلغاء المناقصات نتساءَل لماذا ألغِيَت فعلاً؟ وماذا يَعني ذلك؟».

وبينما عزَت كتلة»المستقبل» سببَ تفاقم مشكلة النفايات الى» تقصير الإدارة الحكومية في معالجة هذه الأزمة الحياتية التي لم تأخذ في الاعتبار المهَل الزمنية المتبقّية على إقفال مطمر الناعمة، وهو ما تسبّبَ بحالة من الغضب المتصاعد لدى اللبنانيين عندما اجتاحَت النفايات شوارعهم ومنازلهم». دعا «حزب الله» من جهتِه الى «إيقاف مهزلة التداعيات السَلبية لأزمة النفايات لمصلحة الحلول المعقولة» و»إلى إيقاف مسارب الفساد في هذا الملف الخطير على صحّة ومستقبل أولادنا ومجتمعنا».

التظاهر مستمرّ

إلى ذلك، استمرّ الاعتصام في وسط بيروت ودخلت جمعيات عدّة على خطّ التظاهر. وليلاً تجَمّعَ المشاركون في حملة «بدنا نحاسب» في ساحة رياض الصلح، لكنّ مندسّين دخلوا بين المتظاهرين ورموا قنابل «المولوتوف» الحارقة والحجارة على قوى الأمن الداخلي.

وبعد عودة الهدوء الى الساحة، تفرّقَ المعتصمون ليلاً وقرّروا التظاهر اليوم. إلّا أنّ المندسّين استأنفوا لاحقاً إطلاقَ المفرقعات الكبيرة على قوى الأمن وافتعالَ حرائق في ساحة رياض الصلح.

وتفاقمَت المناوشات بعد استقدام تعزيزات من عناصر مكافحة الشغب الذين تمركزوا قبالة المدخل الرئيسي للبنك العربي. وأقدمَ المندسّون على تحطيم زجاج بعض المحالّ التجارية في شارع المصارف وتكسير لوحات إعلانية.

وقالت مصادر أمنية لـ«الجمهورية» إنّ مخابرات الجيش أوقفَت ليلاً أشخاصاً شارَكوا في الشغَب، ومنهم: ح. خ ، ا. ع و س. ج (فلسطيني). كذلك فرَض الجيش طوقاً أمنياً، مانعاً انتقالَ الشغب الى الطرق المؤدّية الى ساحة رياض الصلح، تاركاً مهمّة ضبط الساحة لقوات مكافحة الشغب.

مصدر عسكري

في غضون ذلك، جدّد مصدر عسكري لـ«الجمهورية» التزامَ الجيش اللبناني «صَونَ حرّية التعبير عن المطالب الحياتية المحِقّة من أيّ جهة أتت وفي أيّ ساحة كانت».

وقال: «بالمقدار الذي يصون فيه الجيش الحرية يَحرص على حماية المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة التي هي خسارة للمواطن وللشعب قبل ان تكون خسارة لأحدٍ سواه». وختمَ جازماً:»السِلم الأهلي والوحدة الوطنية وحماية الحدود لن يُسمح بتجاوزها مهما كلّف الأمر من تضحيات».

التحقيقات القضائية

وفي ملف التحقيقات القضائية واصَل مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي داني الزعني تحقيقاته مع المدنيين الموقوفين والعسكريين المكلّفين مهمّة حفظ الأمن في ساحتَي رياض الصلح والشهداء وحيث ما وقع إشتباك أو صِدام بين المعتصمين ومثيري الشغب يومَي السبت والأحد امتداداً إلى مساء يوم الإثنين، ومن المتوقع أن ينهيَ تحقيقاته مساء اليوم ويَرفع نتائجَها إلى المراجع المعنية.

وعَلمت «الجمهورية» أنّ ما أُنجِز من تحقيقات بالغُ الأهمّية ويَكشف كثيراً من الحقائق، خصوصاً عندما تقاطعَت حصيلة هذه التحقيقات مع محتويات أشرطة كاميرات المراقبة في المنطقة وأفلام البَثّ التلفزيوني المباشر على توضيح ما جرى وأسباب المواجهات التي استُدرِجت إليها القوى الأمنية وما لحقَ بأفرادها مِن إصابات تجاوزَت بأضعاف ما وقعَ في صفوف المشاغبين والمدنيين المعتصمين، بالإضافة الى كشفِ مَن نفّذ الاعتداءات على المنشآت والأملاك العامة والخاصة وسَرقة محتويات بعض المحالّ التجارية والمطاعم.

فرز «الزعران»

وكشفَت المعلومات أنّ عملية الفرز انتهَت ما بين «الزعران» مثيري الشغب وبين المعتصمين، وتمّ تحديد هويّات العشرات من الفئة الأولى وجَمعت الأجهزة الأمنية المعلومات حول مقارّ إقامتهم وأعمالهما وضَبطت هوياتهم الكاملة تمهيداً لملاحقتهم.

وفي معلومات «الجمهورية» أنّ مِن بين مثيري الشغب شبّان مِن الخندق الغميق وحيّ الِلجا والباشورة ومِن البقاع. ومِن بينهم أيضاً غيرُ لبنانيين، وتمّ التعرّف إلى سوريين وفلسطينيين وسودانيين، وسيُصار إلى فصلِ ملفّاتهم عن ملفّ ما باتَ يسمّى بـ «ملف طِلعت ريحتكم»، بغية ملاحقتهم بتُهمٍ مختلفة أبرزُها إثارة الشغب والتعامل مع قوى الأمن بالشدّة.

حمّود

إلى ذلك، أكّد النائب العام التمييزي القاضي سمير حمّود، لـ»الجمهورية» أنّ التحقيقات «أثبتَت أن لا إصابات بالرصاص الحيّ، وأنّ الإصابات التي وقعَت في اليوم الأوّل للتظاهر كانت جرّاء إطلاق عيارات مطّاطية». وأوضَح «أنّ التحقيقات لا تزال مستمرّة، وأنّ الجهات المعنية فيها تُفرغ كاميرات التصوير التي كانت موجودة في المكان، للاطّلاع على الجهات التي خَرّبت وشاغبَت».

وعن إصابة الشاب محمد قصير، لفتَ حمّود إلى أنّه تمّ تكليف طبيب شرعيّ ثانٍ لمعاينته والاطّلاع على ملفّه الطبّي لمعرفة ما إذا كان الأطبّاء قد استخرجوا أيّ موادّ خلال العملية الجراحية له، مؤكّداً «أنّ التحقيقات لم تثبِت إصابتَه بعيار ناريّ إنّما بجِسمٍ صلب لم تتّضِح بعد طبيعته».

وأشار إلى أنّه «تمّ الاستماع الى أحد الشهود الذين كانوا قرب قصير وسيتمّ الاستماع اليه مجدّداً لمعرفة الجهة التي انطلقَ منها الجسم الذي أصابه، وذلك بهدف التوصّل إلى تحديد المسؤول عن الإصابة».

وأكّد حمود «الإفراج عن عدد كبير من الموقوفين بعدما تبيّن أنّهم غير متورّطين في أعمال الشغب أو في الاعتداء على القوى الأمنية».
وهل اتّضحَت الجهة التي تقف خلف المشاغبين؟ أجابَ حمّود: «إنّ التحقيقات لا تزال مستمرّة مع الموقوفين وإنّ الكاميرات ستساعد في كشف هوية المتورّطين في أعمال الشغب».

ولفتَ إلى أنّه تمّ الاستماع أيضاً إلى إفادات عدد من العناصر الأمنية لاستكمال التحقيقات، وأنّ تقارير الأطبّاء الشرعيين أوضَحت أنّ إصابات الـ 65 عنصراً خلال الحوادث تراوحَت بين الكسور والرضوض في أنحاء مختلفة من أجسادهم.
 
مجلس الوزراء اللبناني يلغي مناقصة النفايات
بيروت - «الحياة» 
كشفت الجلسة الاستثنائية التي عقدها مجلس الوزراء اللبناني امس، والتي خصصت لمعالجة ازمة النفايات المستفحلة وما يرافقها من احتجاجات على الارض، عن عمق الانقسام بين المكونات السياسية، وحجم الارتباك الذي يرافق ادارة شؤون البلاد.
وترك انسحاب وزراء «التيار الوطني الحر» و «حزب الله» و «الطاشناق» من الجلسة، علامات استفهام حول مصير الجلسة العادية لمجلس الوزراء غداً، خصوصاً انه جاء على خلفية ما كشفه وزير «حزب الله» حسين الحاج حسن خلال انسحابه من الجلسة بأنه «تبين ان حوالى 70 مرسوماً موقعة وذاهبة باتجاه النشر»، ما يشير الى «اصرار الفريق الآخر على سلوك طريق الاستهتار والتفرد والتهميش».
لكن انسحاب هؤلاء لم يؤثر في اتخاذ قرارات بسبب وجود النصاب القانوني، اذ قرر مجلس الوزراء دعماً اقترحه رئيس الحكومة تمام سلام لمنطقة عكار بقيمة مئة مليون دولار توزع على 3 سنوات (اعترض عليه وزراء «التيار الوطني الحر» و «حزب الله»)، كما قرر اعتماد اقتراح وزير البيئة محمد المشنوق عدم الموافقة على نتائج المناقصات في خصوص معالجة النفايات المنزلية الصلبة وذلك بعد أقل من 24 ساعة على صدورها وذلك بسبب ارتفاع كلفتها مقارنة بما تتقاضاه الشركة المشغلة حالياً.
وبدأ سلام الجلسة بطرح أولوية إيجاد حل موقت لأزمة النفايات الراهنة بصرف النظر عن موضوع فض العروض لتلزيم الشركات معالجة النفايات، باعتبار أن المطلوب جمع نفايات بيروت وضواحيها قبل أن تبدأ الشركات التي سيقع عليها الاختيار في مجلس الوزراء عملها. واقترح تصوراً للحل يقضي باختيار مكب موقت لهذه النفايات في منطقة سرار في عكار، على أن يقترن مع قرار من الحكومة بتخصيص مبلغ 100 مليون دولار تنفق على 3 سنوات لمشاريع إنمائية لعكار. وكان هذا المخرج مدار اتصالات في الساعات الـ48 الماضية أجراها سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق مع فعاليات عكار لضمان قبولها باعتماد المكب الموقت لنفايات بيروت وضواحيها.
وقالت مصادر وزارية إن سلام قدم شرحاً مستفيضاً للوضعين السياسي والبيئي وكرر في مداخلته ما جاء في مؤتمره الصحافي الأحد الماضي عن الوضع السياسي المتأزم وتفاقم أزمة النفايات والنقمة الشعبية، مشدداً على أنه سعى الى مقاربة الأزمة بشفافية وصدق مبدياً تفهمه لمطالب المواطنين وتحركاتهم الاحتجاجية.
وقال: «أدعو زملائي الى أن نعالج أزمة النفايات الراهنة التي هي أزمة وطنية وزملائي جميعاً يعرفون طبيعتها التي لا أبعاد طائفية أو سياسية لها ولا بد من حل سريع لها، خصوصاً أن عبئها يلقى على كاهل البلاد والعباد»، وأوضحت المصادر الوزارية أن سلام أبلغ الوزراء أنه قبل الانتقال الى البت في ملف المناقصات العائدة للشركات التي تقدمت بعروض، «لا بد من أن يتجاوب مجلس الوزراء، بعيداً من الاعتبارات الطائفية والانقسامات مع اقتراح تخصيص الـ100 مليون دولار لمنطقة عكار العزيزة التي تشكو الحرمان والفقر، على أن تصرفها الهيئة العليا للإغاثة على مدى 3 سنوات متساوية، فتساعد أهالي المنطقة على الصمود وتمكننا من التواصل معهم كي يتجاوبوا مع استخدام المنطقة لجمع النفايات».
ورد وزيرا «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وإلياس بوصعب على سلام فقال الأول: «قبل البحث بالنفايات نحن لدينا اعتراض على صدور 70 مرسوماً لم نوقع عليها وفق صلاحياتنا بالنيابة عن رئيس الجمهورية وهذا ينم عن إصرار على عدم الوفاق وتغييب المشاركة المسيحية ونحن نسجل تحفظنا على كل ما يجري في مجلس الوزراء». وأشار الى أن إصدار هذه المراسيم يخالف التفاهم السابق على أن يوقع 24 وزيراً على المراسيم والقرارات في ظل الشغور الرئاسي. وكرر رفضه إصدار هذه المراسيم، وتبعه وزير «حزب الله» حسين الحاج حسن الذي رأى أن الأمور تتدحرج في اتجاه سلبي وإصدار المراسيم الـ70 يشكل تصعيداً سلبياً غير مناسب على الإطلاق وهو يؤدي الى ثورة، «ونحن نرى أن هذا يضرب الشراكة، خصوصاً أننا سبق أن قررنا أن يكون القرار في مجلس الوزراء بالإجماع ونرفض تجاهل الشراكة». وأكد التضامن الكامل مع «التيار الوطني الحر».
باسيل والحاج حسن ودرباس
وكرر باسيل رفضه «التعرض لحقوق المسيحيين» التي يمثلها تياره، إلا أن سلام طلب مواصلة البحث في موضوع الجمع الموقت للنفايات وتخصيص المبلغ الإنمائي لمنطقة عكار باعتباره ملحاً. وجرى نقاش بين وزيري «التيار الوطني» ووزيري «حزب الله» من جهة ووزراء آخرين في «المستقبل» و «اللقاء النيابي الديموقراطي» ومستقلين من جهة ثانية، أيدوا فيها موقف سلام داعين الى التوافق على معالجة مشكلة النفايات. وخلال هذا السجال قال باسيل إن الاستخفاف بحقوق المسيحيين بلغ حد التعرض للبابا من البعض، في إشارة الى مداخلة سابقة لوزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، الذي رد عليه مؤكداً «أنني تحدثت رداً على قولك إن البابا يحذر من هزيمة المسيحيين في الشرق الأوسط وإنك قلت إنهم إذا هزموا في لبنان يعني أنهم هزموا في كل العالم، وأنا أتحداك أن نعود الى التسجيلات فأنا أجبتك بالقول ليس صحيحاً أن المسيحيين مهزومون في لبنان. وإذا كنت أنت تقول ذلك بالنيابة عن البابا فلا أعتقد أن هذا موقف البابا. وإذا كان الأمر كذلك ليعلنه البابا. وهذا ليس تعرضاً للبابا، وأنا حين ألتقي القاصد الرسولي في لبنان (السفير البابوي) أسمع منه كل كلام جيد. ولا أحتاج الى شهادة منك». إلا أن باسيل لم يرد.
وتحدث الوزيران أكرم شهيب ووائل أبو فاعور فقالا: «إنكم تتحدثون عن حقوق المسيحيين، فيما نبحث بمعالجة مشكلة ملحة هي تفادي تراكم النفايات مجدداً في العاصمة، وأنتم تتناولون أموراً تظهر أنكم في واد والناس في واد آخر». وأيدا اقتراح سلام عن عكار.
وقال شهيب لوزراء «التيار الحر» و«حزب الله»: «إذا اعتقد أحد أن النزول الى الشارع هو حل فنحن نعتبر أن اللجوء الى الشارع يقود الى المجهول. وشاهدنا يوم الأحد كيف بدأ الأمر وكيف انتهى بالشغب وبنزول القبائل. إن قبائل الزنتان موجودة عندنا في البلد أيضاً. وما حصل، على رغم أن المطالب المطروحة نظيفة، يدل على أن لعبة الشارع خطيرة، خصوصاً أن هناك شارعاً مقابل كل شارع، وأضاف: «وإذا اعتقد أحد أن بالإمكان الوصول الى اتفاق دوحة آخر أو اتفاق طائف آخر ويريد إيصال الأمور الى هذا المستوى، فعلينا أ ن ندرك جميعاً أن لا أحد من الدول يهتم لنا أو سينشغل بنا».
وسأل: «إلى أين تأخذون البلد؟ في ظل هذا الوضع والتصعيد الذي يقود الى المجهول لا يعود الكلام عن الشراكة وجدول أعمال مجلس الوزراء صالحاً». وعلّق على أعمال الشغب التي حصلت الأحد الماضي في وسط بيروت، مؤكداً أن رجال القوى الأمنية هم أولاد الناس. وهم يجوعون ويعطشون مثل الناس. وإذا تفاقمت الأمور لاحقاً فإن كل واحد يلتحق بعشيرته، ولا يجوز إيصال الأمور الى هذا الحد من الخطورة.
«هذه كبيرة»
وأشار مصدر وزاري الى أن وزير العدل علّق على ما اعتبره تهديداً من الوزير الحاج حسن بالثورة بالقول: «تتحدثون بالشراكة وتزايدون ولو كنتم تريدونها لما كنتم افتعلتم 7 أيار 2008 وضربتم الشراكة بعرض الحائط».
وتدخل سلام أكثر من مرة مطالباً بالعودة الى مناقشة اقتراحه في شأن تخصيص المبالغ لعكار، مشيراً الى أن المراسيم الـ70 التي جرى إصدارها بعد رفض الوزراء الستة الآخرين إقرارها قبل أسابيع، «لا رائحة سياسية فيها وتمس مصالح الناس. ففيها ما يعود لأشخاص يحتاطون من فقدان جنسيتهم وفيها ما يتعلق بتعويضات لموظفين... إلخ».
وعندما أصر سلام على البت باقتراحه في شأن عكار، حاول باسيل رفض البحث بأي أمر قبل البت باعتراضه على إصدار المراسيم، ثم قال سلام للأمين العام لمجلس الوزراء: سجلْ اعتراضهم على هذا القرار (وافق عليه 17 وزيراً، وكان يمكن أن يكونوا 18 لولا وجود الوزير ميشال فرعون خارج البلاد)، فما كان من باسيل إلا أن قال: «لا يجوز أن يؤخذ اعتراضنا بهذه الطريقة. وهذه كبيرة جداً...». ثم انسحب الوزراء الخمسة الذين يمثلون تكتل التغيير (وبينهم وزير الطاشناق أرتور نظريان الذي لم يدل بأي مداخلة) و «حزب الله» (تغيب وزير المردة ريمون عريجي بداعي السفر).
وأعقب ذلك البحث بملف مناقصات شركات معالجة النفايات فقدم وزير البيئة محمد المشنوق مداخلة اعتبر فيها أسعار الشركات مرتفعة، فأقر مجلس الوزراء إلغاءها.
وأوضح وزير الاعلام رمزي جريج بعد الجلسة «ان وزراء «تكتل التغيير والاصلاح» و «حزب الله» تركوا الجلسة بعد إقرار موضوع الدعم لعكار، وبعد خروجهم تابع المجلس جلسته لأن النصاب متوافر، وتم عرض موضوع نتائج المناقصات في ملف النفايات، واتخذ المجلس بصدد نتائج المناقصات القرار الذي اتخذه بناء على اقتراح وزير البيئة».
وكان سلام طلب قبل عقد الجلسة في السراي الكبيرة والمحاطة بجدار اسمنتي نصب أول من أمس، للفصل بين المحتجين وبين السراي، بإزالة الجدار فوراً على اعتبار انه اجراء «غير مناسب». وغاب عن الجلسة الوزيران ميشال فرعون وريمون عريجي بداعي السفر. واستهل سلام الجلسة بـ «التذكير بضرورة تحمل الحكومة مسؤولياتها باعتبارها المؤسسة الدستورية الوحيدة الصامدة في ظل الشغور الرئاسي الذي شكل شللاً في السلطة التشريعية وتسرب الشلل الى السلطة التنفيذية».
وقال انه تم «طرح اقتراح سلام على المجلس الذي قرر بصدده إعطاء الهيئة العليا للإغاثة سلفة خزينة بقيمة ما يوازي 100 مليون دولار اميركي توزع على السنوات 1015 - 2017 لتنفيذ بعض المشارع التنموية ومشاريع البنى التحتية والخدمات العامة في محافظة عكار على ان تحدد هذه المشاريع والخدمات في قرارات تصدر عن رئيس مجلس الوزراء. وأعرب سلام عن أمله بأن يساهم هذا القرار بإيجاد حل فوري لأزمة تراكم النفايات المنتشرة».
وحين سئل جريج عما اذا كانت السلفة لعكار بمثابة رشوة للقبول بطمر نفايات بيروت وضواحيها، اكد «أهالي عكار لا يرتشون، نحن ننصفهم».
وكانت حماوة الخلاف داخل الجلسة رشحت الى الخارج بعد مغادرة باسيل الذي تحدث عن «مسرحية تستكمل في الداخل». وقال الحاج حسن: «انسحبنا ايضاً بسبب الانقلاب على الشراكة والتفاهم. هناك اصرار من الفريق الآخر على عدم الاستماع الى مطالبنا وتحديداً الى مطلب الشراكة الحقيقية».
وكان «تيار المرده» سارع الى تأكيد «التزامنا وتضامننا مع حلفائنا في الانسحاب من الجلسة».
مواقف من المناقصات
وكانت التصريحات التي سبقت الجلسة كشفت عما يمكن توقعه منها، فطلبت وزيرة المهجرين أليس شبطيني «تبريراً لأسعار المناقصات المرتفعة». ورأى وزير الصحة وائل أبو فاعور ان «المنــاقصات تستدعي إعادة النظر بالأمر ومطمر الناعمة غير مطروح للنقاش». ودعا وزير المال علي حسن خليل إلى «إعــادة النظر في أسعار الشركات والاعـتراض يكون في مجلس الوزراء». وأكد وزير العدل أشرف ريفي انه لن يكـــون «شريكاً في اتفاقات المحاصصة».
ورأى «حزب الله» في بيان أن «أزمة النفايات تشير بوضوح إلى المسؤولين عنها، فتفاصيلها غير خافية على أحد، وصدمنا بالأرقام المالية الفضيحة في العروض المقدمة، وندعو إلى إيقاف مهزلة التداعيات السلبية للأزمة». وأكد الحزب أن «حق التظاهر السلمي والاعتراض البناء مشروع، وأن الحلول المنصفة تهدئ النفوس».
أسعار المناقصات وانتماء الشركات الفائزة
وكانت نتائج المناقصات التي توصلت اليها اللجنة المعنية ونشرت في وسائل الاعلام كشفت عن حجم الفوارق بين أسعارها وبين أسعار الشركة المشغلة حالياً اي «سوكلين» والممدد لها حالياً بفعل الأمر الواقع. وتحدثت وسائل الاعلام المحلية عن «ارتباطات الفائزين في المناقصات مع نافذين سياسيين في المناطق التي تتوزع عليها الشركات الرابحة».
واستدعت هذه الاتهامات نفياً من سياسيين، فأكد باسيل ان «لا علاقة له بأي شكل من الأشكال بموضوع الشركات المتقدمة الى المناقصة».
وقال رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط «ان نتيجة فض عروض مناقصات النفايات بمثابة فضيحة كبرى، ووانا لست معنياً بالإشاعة المغلوطة التي تقول إنني أبحث عن حصة في مناقصات النفايات لا من قريب ولا من بعيد، وإن زج اسمي مراراً وتكراراً فيها إنما يهدف للتشويش أمام الرأي العام لا أكثر ولا أقل».
وسارع الرئيس التنفيذي لمجموعة «إندفكو» الصناعية نعمة افرام، الذي كانت مجموعته فازت بمناقصات النفايات، إلى التأكيد «أننا لا نجيد عقد الصفقات ولم نطلب من أي من أصدقائنا في الأحزاب السياسية مساعدتنا في المناقصات». ودافع عن الأسعار المقدمة.
 
باسيل: سلام يستبيح صلاحيات الرئيس
بيروت - «الحياة» 
وصف عضو «تكتل التغيير والإصلاح» الوزير جبران باسيل «الحل في مجلس الوزراء الذي يقضي بتقديم 100 مليون دولار لمنطقة عكار بالرشوة». وقال: «لا المناقصات مقبولة بنتائجها ولا هذا الحل الموقت مقبول».
وشجع بعد اجتماع التكتل برئاسة النائب ميشال عون أمس «الحركة التي تحصل في الشارع». وأشار إلى «استباحة لصلاحية توقيع المراسم العادية التي يوقعها رئيس الجمهوريّة من قبل رئيس الحكومة والوزراء الذين يسكتون عن هذا الأمر، هذه صلاحية مطلقة استنسابية لرئيس الجمهورية لا يحدها شيء».
وقال: «لا يمكن أن يأتي رئيس الحكومة ويستنسب مجموعة من المراسيم ويقول أنا صلاحيتي أن أوافق على هذه المراسيم... إن رئيس الجمهورية الغائب نحن لدينا وكالة عنه»، لافتا إلى أن «العماد ميشال عون اتصل أول من أمس بالبطريرك الماروني والرئيس أمين الجميل ورئيس حزب القوات ورئيس تيار المردة ورئيس الطاشناق ولفت نظر الكل الى هذا الموضوع وخطورته وأعتقد أن البطريرك يمكنه درس إمكان الطعن بالموضوع كونه المرجعية المارونية المعنية بالرئاسة».
 
100 مليون دولار لتنمية عكار.. ونواب المنطقة يحذّرون أهلها من الانجرار وراء الشائعات والحكومة مع الناس.. و«حزب الله» مع عون
المستقبل...
ما بين تسلّل وجوه سياسية وأحزاب يسارية ونواب ووزراء سابقين من فلول المغانم السلطوية البائدة إبان الوصاية السورية وممن لا يزالون يوالون هذه الوصاية حتى اليوم، وما بين اندساس مجموعات منظّمة من «الزعران» ممن يعرفون بانتمائهم العلني لخلايا «سرايا» الشغب على وقع تصريح لافت مباشر على الهواء من الوزير السابق شربل نحاس أبدى فيه تفهمه وتأييده لأعمال «الزعران» التخريبية واعتداءاتهم على القوى الأمنية، يخشى المواطنون المنخرطون في موجة الاحتجاجات المطلبية المحقة والسلمية المنزّهة من أي نوازع سياسية أن تتحوّل تحركاتهم إلى ما يشبه «حصان طروادة» تمتطيه جهات سياسية وحزبية معروفة وغير معروفة لحرفه عن مسار التعبير الديمقراطي باتجاه دهاليز الأجندات المشبوهة في ارتباطاتها وغاياتها المحلية والإقليمية. وفي حين بيّنت الوقائع أمس أنّ التعطيل الممنهج هو ما يجسد «جدار العزل» الحقيقي والوحيد بين السرايا الحكومية ومطالب الناس، أثبتت الحكومة أمس انحيازها التام إلى أحقية هذه المطالب بعد أن حزمت أمرها متجاوزةً «الجدار» التعطيلي فأقرت حزمة مالية بقيمة 100 مليون دولار مخصصة للتنمية في عكار، ثم تصدت لأزمة النفايات فرفضت نتائج عروض المناقصات لارتفاع أسعارها واتخذت قرار حل الأزمة مرحلياً بانتظار الحلول الجذرية. وفي المقابل جدد «حزب الله» أمس انحيازه التام والمطلق إلى حلفه المعمّد بالتعطيل مع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون فانسحب وزيراه مع وزراء التكتل من الجلسة رفضاً للقرارات المتخذة، على وقع التلويح العوني باستخدام «الشارع» وتهديد الوزيرين حسين الحاج حسن ومحمد فنيش بتداعيات و«مسؤوليات» ستترتب عن اتخاذ هذه القرارات.

وليلاً، توغلت عناصر معروفة أمنياً بأنها تابعة لـ«سرايا المقاومة» في شوارع وسط العاصمة، حيث شنّت «غارات» تخريبية على المنطقة المحيطة بالسرايا الحكومية تخللها رمي قنابل مولوتوف حارقة وسط حملة منظمة من أعمال التكسير الممنهجة التي طاولت الممتلكات الخاصة والعامة، قبل أن تتمكن وحدات مكافحة الشغب بمؤازرة القوى الأمنية والعسكرية من إعادة السيطرة على الوضع وصدّ المعتدين.

بري

وإذا كان يصحّ أن يُطلق على جلسة مجلس الوزراء أمس إسم جلسة «التحرير» والتنمية، ربطاً بتمكّنها من «تحرير» الحكومة من قيود التعطيل واتخاذ قرار تمويل تنمية عكار، لا بدّ كذلك من تسجيل وتثمين الموقف الوطني الذي اتخذه رئيس كتلة «التحرير والتنمية» رئيس مجلس النواب نبيه بري من خلال انحيازه العلني والفعلي إلى تأمين مصالح الوطن والمواطنين ومؤازرته الإقدام الحكومي على تعطيل التعطيل والتصويت إلى جانب أكثرية أعضاء مجلس الوزراء لصالح تسيير الشؤون التنموية والحياتية الملقاة على عاتق الدولة. ولعلّ ما قاله الوزير علي حسن خليل إثر انسحاب وزراء «حزب الله» و»التغيير والإصلاح» اختصر وجسّد القول بالفعل لناحية تأكيد وقوف الرئيس بري إلى جانب الرئيس سلام، فقال متوجهاً إلى رئيس الحكومة: «نحن سنبقى مشاركين في مجلس الوزراء وفق الآلية التي ترتئيها دولتكم».

تنمية عكار

وكانت جلسة الأمس الاستثنائية قد انطلقت باستهلالية سياسية أكد فيها سلام أن الغاية من عقدها هي «معالجة أزمة النفايات الكارثية والبحث في نتائج فضّ عروض المناقصات، إنطلاقاً من كون أضرار هذه الأزمة ليست محصورة بطائفة أو منطقة أو فئة أو حزب إنما هي حالة وطنية شاملة تتطلب علاجاً فورياً بعيداً عن كل الصراعات والاختلافات». ثم أثار رئيس مجلس الوزراء أولوية أخرى أمام أعضاء المجلس وهي تأمين تمويل مناسب لتنفيذ مشاريع تنموية ملحّة لمنطقة عكار بقيمة 100 مليون دولار، مع إشارته إلى ضرورة استكمال بحث الملفات ذات الأولوية الملحّة الأخرى، حياتياً ومالياً واجتماعياً، خلال جلسة مجلس الوزراء الدورية غداً.

شائعات.. وتحذيرات

وإذ سارع الوزيران جبران باسيل والياس بوصعب إلى محاولة تحوير أهداف التمويل الحكومي عن مساره التنموي بحجة أنه يأتي بمثابة «رشوة إلى عكار» فاعترضا مع وزيري «حزب الله» على صدور القرار ثم انسحبوا من الجلسة، توالت مساءً الشائعات المتقاطعة في غاياتها التحريضية لأهالي عكار ضد الحكومة، غير أنّ كتلة نواب المنطقة تداعت لتطويق هذه الشائعات معربةً عن تقديرها لقرار مجلس الوزراء الساعي إلى رفع الحرمان المزمن عن عكار، في مقابل دعوتها أهالي المنطقة إلى «عدم الانجرار وراء الشائعات التي تهدف إلى شق الصفوف» وفق ما نبّه النائب معين المرعبي.

وقائع الجلسة

وفي مجريات الجلسة، نقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنه حين فتح سلام المجال أمام المداخلات السياسية بادر باسيل وبوصعب كل بدوره إلى إبداء رفض ما جرى من توقيع رئيس الحكومة و18 وزيراً 70 مرسوماً عادياً، لاعتبارهما أن في ذلك «إساءة لصلاحيات رئيس الجمهورية ولحقوق المسيحيين». ثم انضم إليهما وزيرا «حزب الله»، الحاج حسن الذي رأى في الموضوع «تجاهلاً كلياً» قائلاً: «إذا كنتم تتجاهلوننا فليتحمّل الكل مسؤولياته»، وفنيش الذي تمنى «وقف هذه المراسيم لأنّ تمريرها سيضاعف الأزمة» محذراً: «إذا كنتم ستتجاوزون موقفنا فلا وجوب لبقائنا في مجلس الوزراء وسنتخذ الموقف المناسب».

من ناحيته، لفتت المصادر إلى أنّ الوزير رشيد درباس طالب المعترضين على صدور المراسيم العادية إلى الطعن قضائياً بصدورها أمام مجلس شورى الدولة، وهو طرح أيده فيه رئيس الحكومة مع إبداء استعداده إلى إلغائها إذا صدر حكم قضائي بذلك. ثم طلب باسيل الكلام فأعاد لازمة «انتهاك حقوق المسيحيين وصولاً إلى التعرّض لقداسة البابا خلال الجلسة الماضية» غامزاً من قناة ما قاله درباس حينها عن كونه لم يسمع من البابا ما يشير إلى أنّ حقوق المسيحيين تُنتهك إذا لم تتم الاستجابة للمطالب العونية، فأصر درباس على الرد على باسيل رغم محاولة رئيس الحكومة ثنيه عن ذلك فقال: «هناك تسجيلات في المجلس وأتحداك أن تجد في كلامي كلمة واحدة تتعرض لقداسة البابا.. وأنت (باسيل) لا تمثل المسيحيين ولا تهمني بركتك».

بدوره، توجّه الوزير أشرف ريفي إلى وزراء عون و«حزب الله» بالقول: «كفى كلاماً عن شوارع وأحجام فكل منا لديه شارعه وحجمه، وأنتم سبق أن أسقطتم حكومة الرئيس سعد الحريري أحد أكبر الأحجام الوطنية في البلد من دون أن يرفّ لكم جفن».

من جهته، حذر الوزير أكرم شهيب الوزراء المعترضين على تمرير قرارات مجلس الوزراء من أنّ استمرار النهج التعطيلي سيدفع الوضع في لبنان إلى ملاقاة «المصير القبائلي في ليبيا». فيما دعا الوزير وائل أبو فاعور إلى منح التسويات الجاري العمل على بلورتها «فرصة» لإنقاذ البلد.

إلغاء المناقصات

أما في ما يتعلق بالنقاش الذي حصل حول ملف المناقصات، فأشارت المصادر إلى أنّ عدداً من الوزراء أكد على شفافية المناقصات التي حصلت في ملف نفايات بيروت والمناطق، وتوافق مجمل أعضاء المجلس على كون المشكلة الأساس تكمن في أسعارها المرتفعة بسبب اقتصار مدة التعاقد مع الشركات مقدمة العروض على 7 سنوات، ما يضطر هذه الشركات إلى رفع الأسعار ربطاً بحاجتها الربحية إلى تعويض الأموال التي ستموّل بها استثماراتها من كلفة الأرض وتكاليف المطامر الصحية وإنشاء معامل الفرز.

ولفتت المصادر الانتباه إلى أنّ وزير البيئة محمد المشنوق هو من اقترح إلغاء نتائج فضّ المناقصات، مع تشديده في الوقت عينه على وجوب التوضيح أمام الرأي العام أنّ ذلك يعود حصراً إلى الأسعار المرتفعة منعاً لتسرّب إيحاءات وأجواء تدعي وجود صفقات وسمسرات معينة وراء قرار الإلغاء. الأمر الذي أيده معظم الوزراء الذين توافقوا على ضرورة محاولة تخفيض الأسعار لعدم تحميل خزينة الدولة أعباء مالية إضافية في هذا الملف، وسط إشارة المصادر إلى أنّ الاتجاه في سبيل تحقيق ذلك هو نحو رفع مدة التعاقد مع الشركات من 7 سنوات إلى نحو 15 سنة بغية تمكين الشركات المعنية من تخفيض السعر الذي ستتقدم به في المناقصات الجديدة المزمع إجراؤها.
 
نحاس وواكيم والخطيب ينضمون الى المتظاهرين وتجدّد الاعتصام والشغب: 3 جرحى لقوى الأمن وتوقيف معتدين
المستقبل..
 بالتزامن مع الحملات الداعية إلى التظاهر والعودة الى ساحة رياض الصلح، تجددت قرابة الساعة الثامنة من مساء أمس المواجهات بين المتظاهرين والقوى الامنية بعد محاولات متكررة للتقدم باتجاه السرايا الحكومية حيث عمدوا الى ازالة الاسلاك الشائكة بعد القائهم قنابل «مولوتوف» ورميهم الحجارة على القوى الامنية، ما أجبرها على التدخل لابعاد المتظاهرين من محيط السرايا، لكن الامور لم تقف عند هذا الحد، إذ عمد بعض المندسين إلى إلقاء مفرقعات بإتجاه هذه القوى وإشعال الشريط الشائك ببعض الاقمشة والحواجز البلاستيكية الموجودة في المكان.

ووسط حالات الفوضى وإنتشار الدخان والحرائق التي أشعلها المتظاهرون، لوحظ وجود أحدهم وهو يُدخن النرجيلة في مشهد غير مألوف ومسبوق وكأنه تحدٍّ للقوى الامنية.

وأصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بياناً اشارت فيه الى انه «عند حوالى الساعة 8,30 من مساء أمس خلال تظاهرة لبعض الناشطين في ساحة رياض الصلح، قامت مجموعة من المشاغبين بعمليات إستفزازية لعناصر قوى الأمن الداخلي من خلال رمي مولوتوف ومفرقعات وأحجار وغيرها...، ما اضطرها إلى التدخل لوقف هذه الأعمال«.

وذكرت أنه «حوالي الساعة التاسعة وبعد إنتهاء التجمع بقي في المكان حوالي 100 شخص بدأوا بأعمال حرق وتخريب وتعدٍ على الأملاك العامة والخاصة ومحاولتهم إزالة الشريط الشائك وضاعفت من عملها العدائي».

ولفتت الى انه «ازاء هذا الواقع ومنعاً لتفاقم الوضع قامت عناصر مكافحة الشغب بالتدخل لوقف هذه الممارسات والتعديات وتمكنت من توقيف عدد منهم، كما أصيب 3 عناصر من قوى الأمن الداخلي».

وكانت قوى الأمن الداخلي« أعلنت عبر «تويتر«، «تعرض عناصرها في ساحة رياض الصلح الى الرشق بالحجارة وزجاجات المياه«، معتبرة أن «من المحزن أن يقوم بعض الصحافيين بالتحريض على قوى الأمن الداخلي فيما نحن نقوم بحماية أهالينا رغم الإعتداءات من قبل المشاغبين».

وجزمت بأنها «لم تمنع أي قناة من التصوير والدليل أن جميع المواطنين يشاهدون البث الحيّ على شاشات التلفزة»، موضحة أنه تم رمي عناصرها بقنابل «مولوتوف« وحجارة من قبل بعض المشاغبين، فتدخلت على الفور لإبعادهم.

وقرابة التاسعة والنصف مساء، أعلنت حملة «بدنا نحاسب» انسحابها من مكان الاعتصام في رياض الصلح على ان تعود اليوم الى الساحة مجدداً. وشددت على «أننا لن نترك الساحات وسوف ندعو الى التظاهر

بشكل يومي حتى تحقيق مطالبنا وهي استقالة الحكومة وحل المجلس النيابي وإعادة ملف النفايات إلى البلديات».

وعن أعمال الشغب التي ارتكبها المتظاهرون، قالت الناطقة باسم الحملة: «هذه ليست أعمال شغب بل مطالب مشروعة. نعم هناك كر وفر وكلام القوى الامنية عن اعتداءات ضدها بقنابل المولوتوف والحجارة غير صحيح».

أما اللجنة المنظمة للتحرك الشعبي في ساحة رياض الصلح فقد أعلنت من جهتها «عدم مسؤوليتها عن أي شخص من المشاركين بعد الساعة التاسعة مساء في وسط بيروت«، مؤكدة أنها قامت «بطرد بعض المتظاهرين الذين لم يلتزموا بسلمية التظاهرة التي دعت اليها لجنة التنظيم«.

وكان «اتحاد الشباب الديموقراطي» و»حركة الشعب» وعدد من الناشطين المدنيين، اعتصموا في الساحة مساء، في إطار حملة «بدنا نحاسب»، وكان لافتاً إنضمام كل من الوزير السابق شربل نحاس والنائبين السابقين نجاح واكيم وزاهر الخطيب الى الاعتصام. ولفت نحاس الى «اننا أمام فرصة استثنائية وأساسية يوم السبت المقبل لبناء شرعية فعلية«، مطالباً بـ»التقدم بخطة ثابتة وواضحة المطالب«. ورأى أن «الغاء مناقصات النفايات بعدما كانوا قد اتفقوا عليها فيما بينهم دليل على تخبط السلطة وكل تحركاتها تفضحها وتؤكد ذلك«، مشيراً الى أن «التهويل والمناورات لن تثني المتظاهرين عن المشاركة في التحركات«.

بدوره، اعتبر الخطيب «أننا امام أوضاع متفجرة أكثر منها نفايات متفجرة، وأمام هذه الحالة ينبغي وضع ميثاق تأسيسي«، مشيراً الى «أن الخلل والشوائب يسلط عليها من قبل شباب حملة طلعت ريحتكم من الجوانب كافة «. ورأى أن «الاصلاحات التي تم تحقيقها باتفاق الطائف لم تحقق سلاماً واستقراراً ولكنها خدمت الى فترة محددة«.

أما واكيم فقال «اليوم هو بداية جديدة للبنان وهذه التظاهرات لا سابق لها، لأن الوضع في لبنان بلغ ذروته، ولا يمكن احتماله والطبقة السياسية الموجودة لا يمكن أن تبقى». وأشار الى أنه «لا يمكن للنظام السياسي الحالي أن يبقى أو أن يعيد نفسه«. أضاف: «الشعب لا يريد أن يسقط النظام لأن النظام ميت ولا يحتاج الى اسقاط»، وشدد على أن «الشعب يبحث عن طريقة لانتاج نظام جديد مختلف عن النظام السابق، ونحن نمر بمرحلة انتقالية بين نظام مات ونظام سيولد». معتبراً أن «المسيرة صعبة ولكن لا خيار أمام لبنان الا من خلال متابعة هذه المسيرة«.

وكانت الأنظار توجهت ظهر أمس إلى الجدار الفاصل الذي وضعته الحكومة مقابل ساحة رياض الصلح، حيث انصبّت ورشة العمل على إزالته تنفيذاً لقرار رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الذي أوعز خلال جلسة المجلس بإزالته فوراً، فانهمكت الرافعات برفع العوائق الاسمنتية التي ازدحمت بالشعارات و»الغرافيتي» من محيط السرايا وسط حالة من التصفيق والفرح سادت أعضاء حملة «طلعت ريحتكم» التي كانت وصفته بـ»جدار العار».

وإذ جدّدت الحملة الدعوة إلى التظاهر السبت المقبل في السادسة مساء بطريقة سلمية وعبر آلية جديدة تحدّ وتمنع إفساد التجمع بأعمال شغب، اعتصم عدد من الناشطين البيئيين أمام السرايا، تزامناً مع جلسة مجلس الوزراء احتجاجاً على فضّ عروض النفايات، وأكدوا بقاءهم في الساحة.

ولفتت نائب رئيس «الحركة البيئية اللبنانية« عفت ادريس، في حديث الى «المستقبل»، إلى أن «وجودنا هنا اليوم هو ردّ فعل على موضوع المناقصات«، مشددة على «أنّنا حركة سلمية ترفض المشاغبات والتعدّي على القوى الأمنية وتطلب تشكيل ادارة للنفايات، وهذا حق طبيعي، يؤدّي، لو طُبّق، إلى جني الأرباح من النفايات عوضاً عن أن ندفع الثمن«.

ولاحقاً، وانضمّت إلى المتظاهرين هيئة التنسيق النقابية، ورفعوا الأعلام اللبنانية ولافتات تعبّر عن غضبهم واستيائهم من أداء الحكومة تجاه العديد من الملفات، مردّدين هتافات تطالب بـ«اسقاط النظام والثورة على الفساد، نحن فجر الحرية...بدنا نحاسب، بدنا رواتب أعلى، بدنا يعاملونا كمواطنين ويتصرّفوا معنا بمسؤولية واحترام، بدنا حلول لا كذب، علّوا الصوت يا أحرار لا للمطمر في عكار، علّوا الصوت بالعالي بوجه «حكومة الزبالة«، بدنا نحاسب في موضوع المياه والكهرباء والنفايات والضمان والشيخوخة والطبابة«.

وتلا المجتمعون بياناً أعلنوا فيه أن «الفساد هو أصل كل المشكلات والازمات. بالفساد نهبوا الدولة ونهبوا الوطن ونهبوا الشعب، بالفساد جوّعونا وجوّعوا اطفالنا. صبرنا على الضيم، صبرنا طويلاً على الجوع والظلم والحرمان«.

ولوحظ خلال الاعتصام، إقدام أحد المتظاهرين على تخريب تمثال رياض الصلح عبر تسلقه التمثال والكتابة عليه ورشّه بالألوان.

وفي موازاة التحرك في العاصمة، نُفّذت تحركات أمام السرايا في النبطية وبعلبك والهرمل، وفي ساحة دير الأحمر، راشيا الساحة البقاع الغربي وساحة العبدة- عكار.

ففي بعلبك (المستقبل)، نفّذت مجموعة من أبناء المنطقة اعتصاماً خجولاً أمام السرايا الحكومية، رفعت خلاله لافتات كتب عليها «بدنا نحاسب». وألقى أحمد العرب كلمة باسم المجموعة، مطالباً بـ»محاسبة من أعطى الأوامر باطلاق النار على المعتصمين واستعمال العنف بحقهم، واطلاق سراح جميع المعتقلين، واحالة الملفات المتعلقة بالفساد والرشاوى إلى النيابة العامة المالية«.

وفي راشيا- (المستقبل)، تجمّع بضعة أشخاص عند مثلث ضهر الأحمر- راشيا، غالبيتهم من سائقي سيارات الأجرة العمومية الذين يركنون يومياً عند المثلث، واقتصر الأمر على توزيع بيان بالمطالب.
 

المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,524,224

عدد الزوار: 7,636,711

المتواجدون الآن: 0