ليخرج نصرالله من دماء الأبرياء ...فدى من يسقط ابناء الضاحية؟

انتحاريان يقتلان العشرات في معقل حزب الله..لبنان يتضامن مع الضاحية ويُدين الإرهاب والتشريع يُنعش السياسة والإقتصاد

تاريخ الإضافة السبت 14 تشرين الثاني 2015 - 6:22 ص    عدد الزيارات 2162    التعليقات 0    القسم محلية

        


 

لبنان يتضامن مع الضاحية ويُدين الإرهاب والتشريع يُنعش السياسة والإقتصاد
الجمهورية..
من السيارات المفخّخة إلى الأجساد المفخّخة بدّلَ الإرهاب أساليبه الإجرامية ليخترق أمن الضاحية الجنوبية لبيروت ويرتكب مجزرة مروّعة فيها، ذهبَ ضحيتها 43 شهيداً و239 جريحاً، في الوقت الذي تحرّكت الحياة السياسية إيجاباً عبر عودة التشريع إلى المجلس النيابي ليبنى عليها لاحقاً وعلى الحوار الجاري بين قادة الكتل النيابية، كذلك بين حزب الله وتيار «المستقبل» للوصول إلى «تسوية سياسية شاملة» نادى بها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، وتتجسّد بنودها بجدول أعمال الحوار.
إمتدّت يد الإرهاب مجدّداً إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، وارتكبَت مجزرة مروّعة سَقط فيها 43 شهيداً و239 جريحاً، حسب إحصاء أوّلي، وذلك بتفجير مزدوج تبنّاه تنظيم «داعش» الإرهابي، ونفّذه انتحاريّان بحزامين ناسفين وبفارقِ دقائق، في محلّة برج البراجنة المكتظّة بالسكّان، ما استدعى من رئيس الحكومة تمّام سلام الدعوة إلى حداد وطنيّ عام اليوم على الشهداء.

وجاءت هذه المجزرة في وقتٍ بدأت الحياة السياسية تستعيد أنفاسها من البوّابة التشريعية، وتُحدِث خرقاً نسبياً في الطريق إلى إنهاء الشغور الرئاسي والتعطيل الحكومي. كذلك جاءَت بعد أقلّ من 24 ساعة على دعوة الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله في مناسبة «يوم الشهيد» إلى تسوية سياسية شاملة.

وكانت أولى نتائج هذا التفجير انقلاب الصورة رأساً على عقب وانتقال الأولويات من ساحة النجمة، حيث كانت تُعقد جلسة «تشريع الضرورة»، إلى برج البراجنة حيث سالت دماء غزيرة، فرَفع رئيس مجلس النواب الجلسة ودعا الجميع إلى الوقوف دقيقة صمت حداداً على الشهداء.

وأفاد مصدر أمني أنّ «انتحاريَين يضعان حزامين ناسفين دخَلا سيراً إلى شارع (في منطقة برج البراجنة) وفجَّرا نفسَيهما قرب مركز تجاري، بفارق سبع دقائق بينهما». فيما أكدت قيادة الجيش في بيان لها العثورَ في موقع الانفجار الثاني على جثّة إرهابي ثالث لم يتمكّن من تفجير نفسه.

وخرجَت مراجع مطّلعة من قراءة أوّلية للجريمة بالملاحظات الآتية:

ـ يُعدّ التفجير المزدوج أوّل اختراق كبير لأمن الضاحية الجنوبية لبيروت بهذا المستوى، إذ تمكّنَ أربعة انتحاريين من تخطّي كلّ الحواجز الأمنية بأحزمتهم الناسفة.

ـ خِلافاً لكلّ أساليب التفجيرات السابقة التي كانت تحمل طابَع الإعداد الفردي، ظهرَ جليّاً أنّ العملية الأمنية أمس أعِدّ لها بإتقان وحِرفية عاليَين.

ـ تمكّنَ الإرهابيون من تحديد نقطة الضعف الامنية للنفاذ منها الى الضاحية، ونفّذوا جريمتهم في مكان حدّدوه سَلفاً بعد رصدٍ مسبَق.

ـ إختار المنفّذون بدقّة توقيت تنفيذ عمليتهم بحيث يكون عصراً، وهو وقتُ الذروة في الازدحام.

ـ تبيّن من التحقيقات الأوّلية أنّ الأحزمة الناسفة التي استُعملت في التفجير مغايِرة لتلك التي استُعملت في عمليات سابقة، بحيث تبيّن انّها تحتوي مادة الـ «سي. فور»ممزوجة بكرات حديد لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا.

ـ بعدما تبين انّ الانتحاري الثالث لاقى حتفه على يد «حزب الله» تمكّن انتحاري رابع من الفرار، ما يدل الى انّه يدرك جيداً المخارج التي يمكنه النفاد منها.

ـ تبنّي «داعش» التفجير جاء على طريقة تبني هذا التنظيم تفجير الطائرة الروسية في سماء سيناء، وهو الامر الذي يبعث على الاعتقاد بأنّ تهديد «داعش» وخطرها اصبح مباشراً.

تدابير وتعاميم

وأعقبت التفجير المزدوج تدابير امنية استثنائية اتخذتها وحدات الجيش والأجهزة الأمنية على مداخل الضاحية الجنوبية التي تقيم حواجز فيها منذ أكثر
من سنتين.

وإلى ذلك عمّم الحزب رسائل قصيرة على كوادره جاء في إحداها: «نطلب من المواطنين عدم التجمّع، خصوصاً في المقاهي، وأي شخص يحدث ريبةً لا تتهاونوا معه، فهناك معلومات عن وجود عدد من الانتحاريين، ونطلب عدم الركض امام الاخوة اثناء توقيفهم لهؤلاء تحت طائلة المسؤولية».

إستنكار عارم

وقوبلَ هذا التفجير المزدوج بموجة استنكار عارمة دولياً ومحلياً. ودانته السفارة الأميركية في بيروت بشدّة وقدمت التعازي لعائلات الضحايا، متمنّية الشفاء العاجل للجرحى. كذلك ندّدت فرنسا بالتفجير وأعلن الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية والتنمية الدولية رومان نادال وقوفَ بلاده إلى جانب لبنان في معركته ضد الإرهاب.

واتّصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس برئيس مجلس النواب نبيه بري مستنكراً ومعزّياً، مؤكّداً وقوفَ الشعب الفلسطيني وقيادته مع وحدة وسلامة لبنان وشعبه، مستنكراً أيّ محاولات لخلق الفتنة، كذلك اتصل عباس برئيس الحكومة تمام سلام.

ودان بري التفجير، ورفع جلسة التشريع حتى الخامسة بعد ظهر اليوم، وقال: «إنهم يريدون تعطيل لبنان، ونحن يجب الّا نوافقهم في هذا التعطيل».
امّا سلام فدعا اللبنانيين الى «مزيد من اليقظة والوحدة والتضامن في وجه مخططات الفتنة التي تريد إيقاع الأذى ببلدنا»، آملا «ان تكون هذه الفاجعة حافزاً لجميع المسؤولين إلى تخطّي الخلافات والعمل على دعم المؤسسات الدستورية والامنية لكي نتمكن معاً من حماية جبهتنا الداخلية وتحصينها في مواجه هجمة الارهاب الذي يستهدف لبنان».

وبدوره، رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون سأل «كم من الانفجارات يجب ان تحدث بعد ليقتنع الجميع بوجوب اقتلاع الإرهاب التكفيري»؟ وقال: «انّ هذه المرحلة خطرة جداً، والانتصارات على الجبهة أوصلت المقاتلين الى مرحلة اليأس، واعتبر انّهم نفّذوا هذا التفجير لرفع معنويات الإرهابيين بعد هزائمهم في الميدان».

واتصل الرئيس سعد الحريري ببري معزياً بالشهداء ومستنكراً «الاعتداء الإرهابي الآثم على أهلنا في برج البراجنة». وقال: «إنّ استهداف المدنيين عمل دنيء وغير مبرر، لا تخفف من وطأته اي ادّعاءات. إنّ قتل الأبرياء جريمة موصوفة بكل المعايير من برج البراجنة الى كل مكان».

واستنكر حزب «القوات اللبنانية» بشدة التفجير ودعا الحكومة الى عقد «إجتماع طارئ واستثنائي لاتخاذ مزيد من التدابير والاجراءات للحفاظ على لبنان واللبنانيين». ودعا رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الى «رصّ الصفوف والترفّع عن الخلافات والتجاذبات السياسية لقطع الطريق على التفجيرات الارهابية».

من جهته، قال وزير الداخلية نهاد المشنوق: «لن نتوانى عن ملاحقة المجرمين أينما وجدوا». وإستنكرت سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت التفجير وقالت في بيان لها انّه «يفضح مرّة جديدة مدى وحشية وإجرام هذه المجموعات الارهابية الغاشمة».

وقالت: «يأتي هذا الحادث الارهابي اليوم في وقت تنعَم البلاد بأجواء داخلية إيجابية جرّاء التوافق السياسي بين الأفرقاء والأحزاب اللبنانية كافة، وفيما نشهد إنجازات أمنية لافتة وكبيرة للجيش والأجهزة الأمنية في مواجهتها للمجموعات الإرهابية، ليصبّ بشكل لا لبسَ فيه في مصلحة الكيان الصهيوني والداعمين لهذه المجموعات التكفيرية وليسدّد ضربة للاستقرار الأمني اللبناني وليختبر جهوزية المقاومة».

تشريع الضرورة

وكان مجلس النواب استأنف امس عمله التشريعي إثر تعطيل لنحو عام، بعدما اتفق السياسيون على تسوية تضمّنت إقرار قانون استعادة الجنسية وتحرير أموال البلديات، وإدراج قانون الانتخاب على رأس جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة.

ومرّت الجلسة بسلاسة بعدما فعلت التسوية السياسية فعلها وترجمت بحضور كتلتي «التغيير والاصلاح» و«القوات اللبنانية». إلّا انّ رياح هذه التسوية لم تلفَح كتلة نواب حزب الكتائب التي شاركت في بداية الجلسة فقط، قبل أن تنسحب بعد رفض طلبها تحويلها «جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية».

وأقرّ المجلس اتفاقات والتزامات مالية للبنان لدى الخارج، مُجنّباً لبنان خطر الإفلاس. ومن ابرز القوانين التي اقرّت: قانون سلامة الغذاء، اقتراح قانون استعادة الجنسية بمادة وحيدة من دون ايّ تعديل، تجهيز الجيش، اقتراح قانون بفتح اعتماد اضافي في الموازنة لتغطية العجز في الرواتب والاجور وملحقاتها.

قانون الانتخاب

وخلال الجلسة، وعد بري بتشكيل لجنة للبحث في قانون الانتخاب خلال مدة أقصاها شهران، فإذا لم تتوصل الى نتيجة حاسمة يُصار الى إحالة مشاريع قوانين الانتخاب المطروحة الى اللجان النيابية المشتركة لإعادة درسها.

«
الكتائب»

وكان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل تحدّث بعد خروجه من الجلسة في تظاهرة كتائبية، فشدّد على «ضرورة الشروع حالاً في انتخاب الرئيس تطبيقاً للمادة 75 من الدستور»، داعياً الى «تحويل الجلسة التشريعية جلسة انتخاب رئيس للجمهورية».

تفاؤل اقتصادي

إلى ذلك، انعكسَت أجواء التفاؤل الناجمة من الجلسة التشريعية إيجاباً على الاسواق المالية في بيروت. فارتفعَت اسهم شركة «سوليدير» بين 12 و15 في المئة، وتنفّسَت الهيئات الاقتصادية والمصرفية الصعداء مع انضمام لبنان الى الاتفاقات الدولية رسمياً، ما أزاح عن النظام المالي اللبناني القلقَ الكبير من أيّ ضغوطات دولية محتملة كانت لتلحق الأذى والضرر الكبيرين بلبنان واللبنانيين. علماً انّه بإقرار هذه القوانين يوجّه لبنان رسائل إيجابية الى الخارج تؤكّد تمسّك الأفرقاء كافة بإيجاد المخارج للأزمات المختلفة التي تواجهها البلاد.
أكثر من 40 شهيداً و200 جريح في هجوم انتحاري مزدوج تبنّاه «داعش»..لبنان يتّحد في مواجهة مجزرة «البرج»
المستقبل..
هو الإرهاب الأعمى عينه يضرب مجدداً حاصداً مزيداً من المدنيين في رصيد مجازره النازفة على مذبح بلاد الشام. بالأمس كانت بيروت على موعد مع مجزرة دموية مدوية استهدفت حيّاً تجارياً مكتظاً في برج البراجنة إثر هجوم انتحاري مزدوج ذهب ضحيته أكثر من 40 شهيداً و200 جريح في محصلة هي الأكبر من نوعها منذ دخول لبنان في دوامة الانفجار والانتحار ربطاً بالحرب السورية. ولأنّ المصيبة تجمع، بدا الوطن متّحداً في مواجهة مجزرة «البرج» قطعاً للطرق الفتنوية ودرءاً للمخططات التخريبية الرامية إلى زجّ اللبنانيين في أتون النيران المستعرة في المنطقة. فعلى المستوى الرسمي، ينكّس لبنان اليوم الأعلام معلناً الحداد العام على ضحايا التفجيرين الإرهابيين، أما على المستوى السياسي والحزبي، وبغض النظر عن الهتافات الطائفية والمذهبية التي أطلقها بعض صبية «حزب الله» عبر شاشات التلفزة، فقد سادت لغة العقل على ألسنة السواد الأعظم من المسؤولين والقيادات من مختلف الانتماءات السياسية والحزبية والطائفية توكيداً على أهمية الاتحاد اللبناني في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة من تاريخ المنطقة والوطن.

وبينما تتالت الإدانات والاستنكارات محلياً منذ لحظات التفجير الأولى، على أمل من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في أن تشكل «هذه الفاجعة حافزاً لجميع المسؤولين لتخطي الخلافات والعمل على دعم المؤسسات الدستورية والأمنية لكي نتمكن معاً من حماية جبهتنا الداخلية وتحصينها»، برزت على المستوى الدولي إدانة فرنسية شديدة اللهجة أبدى فيها الرئيس فرنسوا هولاند «صدمته وسخطه» جراء هذا «العمل الدنيء« وفق ما جاء في بيان صادر عن الأليزيه أكد أنّ «الفرنسيين يشاطرون اللبنانيين الحداد الوطني» مع التشديد على كون «فرنسا ملتزمة أكثر من أي وقت مضى (العمل) من أجل السلام في لبنان ووحدته واستقراره». في حين أعربت السفارة الأميركية في بيروت عن إدانتها هذا «الهجوم الحاقد» متوجهةً إلى عائلات الضحايا بالتعزية.

وفي تفاصيل الاعتداء الإرهابي، أنّ ثلاثة انتحاريين كانوا قد تسللوا مشياً على الأقدام إلى محلة «حيّ السكة» في منطقة برج البراجنة حيث سرعان ما أقدم أحدهم على تفجير نفسه وسط حشد من المواطنين قبيل نحو 5 دقائق من تفجير انتحاري ثانٍ نفسه على مقربة من الانفجار الأول إلى جانب إحدى حسينيات المنطقة، الأمر الذي ضاعف أعداد الشهداء والجرحى وأدى إلى مقتل الانتحاري الثالث قبل التمكن من إتمام مهمته الإرهابية. وفي حين سرت شائعات في اللحظات الأولى للاعتداء تتحدث عن استشهاد نجل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان عادت مصادر المجلس لتنفي صحة هذه الشائعات، بينما أوضحت مصادر ميدانية أنّ قبلان كان بالفعل يصلي داخل الحسينية لحظة وقوع الانفجار إلا أنه شوهد أثناء خروجه سليماً ليستقل سيارته قبل مغادرته المنطقة.

وبحسب المحصلة شبه النهائية التي أعلنتها وزارة الصحة قبيل منتصف الليل، فقد أسفر الهجوم الانتحاري المزدوج عن استشهاد 43 شخصاً بالإضافة إلى إصابة 249 آخرين بجروح جرى نقلهم للمعالجة في مستشفيات بهمن والساحل والرسول الأعظم والبرج والزهراء ورفيق الحريري الجامعي والسان جورج.

على الأثر كلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الشرطة العسكرية ومديرية المخابرات في الجيش إجراء التحقيقات الأولية وفرض طوق أمني في مكان الانفجارين، في وقت أوضحت قيادة الجيش في بيان أنّه «حوالى الساعة 18:00 أقدم أحد الإرهابيين على تفجير نفسه بواسطة أحزمة ناسفة في محلة عين السكة- برج البراجنة، تلاه إقدام إرهابي آخر على تفجير نفسه بالقرب من موقع الانفجار الأول»، مؤكدةً «العثور في موقع الانفجار الثاني على جثة إرهابي ثالث لم يتمكن من تفجير نفسه» مع الإشارة إلى أنّ الخبراء العسكريين حضروا إلى ساحة الجريمة وباشرت الشرطة العسكرية بعملية رفع الأدلة لتحديد حجم الانفجارين وهوية الفاعلين.

ولاحقاً، تبنّى تنظيم «داعش» عبر موقعه الرسمي تفجيري الضاحية الجنوبية ونعى ثلاثة من منفذي ما أسماها «الغزوة»، وهم الفلسطينيان حامد رشيد البالغ وعمار سالم الريس، والسوري خالد أحمد الخالد.
 
ليخرج نصرالله من دماء الأبرياء ...فدى من يسقط ابناء الضاحية؟
موقع 14 آذار.. سلام حرب
أربعون بريء وبريئة وربما أكثر سقطوا بالأمس، مئات الجرحى سالت دماؤهم على أسفلت تلك الأزقة التي تحيط بساحة عين السكة التي خبرنا زحمتها بشكل شبه يومي. البارحة لم يتسن للمؤمنين أن يكملوا صلاتهم في مسجد برج البراجنة ولا سمحت التفجيرات الغادرة للعائلات أن تتلاقى مساء كما هو متوقع. ولن تكفي كلمات التعزية بالشهداء وتمنيات الشفاء للجرحى من أهلنا في الضاحية كي نتجاوز حالة الإدانة والقهر والألم من عودة التفجيرات الإرهابية الى قلب أحيائنا. لا مكان اليوم وفي هذه اللحظة للتحليلات السياسية ولا للمعلومات الأمنية ولا للقراءات الاستراتيجية ببعديها الدولي والاقليمي، فأمام دماء من سقطوا في برج البراجنة ومن فقدوا ذويهم في ساحة عين السكة ومن ملأوا مستشفيات الضاحية بجراحهم وآلامهم، تتقلص المساحات البيضاء فلا تتوسع المجالات سوى للوقفات الوجدانية وللـتأملات الانسانية التي لا تنفي ضرورة وضع الأصبع على الجرح وتحميل من المسؤولية لمن يجب أن يتحملها.
لا نأتي بجديد حين نقول أنّ حلقة التعصب الجهنمية التي اطلق العنان لها سيد الممانعة واساطين النووي الإيراني لم ولن تولد إلا العنف المضاد، وما تلك النار إلا من تلك الشرار، ومن يزرع العواصف لن يحصد سوى الأعاصير. وبقراءة بسيطة لمسار الأحداث التي ولدها التدخل السافر لحزب الولي الفقيه بنسخته اللبنانية الى ما وراء الحدود وإسباغه على نفسه لقب اللاعب الإقليمي، لا يمكن إلا أن نسجل أنه استجلب إرهاباً كنا بغنى عنه في لبنان، وأزهق مئات الأرواح اللبنانية بامتياز على محراب طاغية يتسكع وراء الحدود. فتعبئة الجماهير الحزبية حول الدعوات الطائفية للقتال، سيعبىء جهات مقابلة وجمهرة من تجار الدين وإدعياء الخلافة الباطلة، والأنكى أنها ستحوّل الأرض اللبنانية الى ميدان صراع، برغم أنف الممانعة وعنجهية سيدها ووليها.
إن الخطاب الآلهي الذي انتهجه نصرالله ورهطه انما يخلق أجيالاً جاهزة لتحميل ملامة أي عمل عنيف يحيق بها لخصوم سياسيين ولحلفاء طبيعيين. ففي هذه الساعات المشحونة بالألم الأعمى والحقد الذي يبحث عن متنفس، ترتفع الهتافات المطالبة مثلاً بالنيل من آل سعود وهذا منتهى الجنون وقلة التفكير وانعدام المنطق، الذي يأتي كمحصلة لتعبئة رخيصة. ومن ناحية أخرى، تعالت الأصوات التي تدعو للاقتصاص من السوريين الساكنيين للضاحية في وقت سقطت بينهم هم اصابات في التفجيرات. كما أن الدعوات المقيتة لم توفر اللاجئين الفلسطينيين باعتبار أن اثنين من المنفذين انطلقا من مخيم برج البراجنة، فوصل الأمر ببعض الرؤوس الحامية المطالبة بازالة المخيم، في استذكار لما حصل قبل نحو ثلاثة عقود في مجازر حرب المخيمات التي جاءت بناء على طلب مباشر من حافظ الأسد. لن يوفر حزب الله جهداً لاستخدام كل قدراته من أجل دفع تقصيره الأمني أمام من تعهد بالدفاع عنهم. وبالتالي، سيقوم من دون أدنى شك باستغلال الحدث الدرامي للتفجير الارهابي الذي ضرب المجتمع اللبناني لإعادة التأكيد على ان الضربة واستهداف لبنان هو بسبب صحة سياسته.
كما تساوت دماء من سقطوا في البرج البراجنة البارحة بدماء الأبرياء الذي يسقطون يومياً بين دوما ودير الزور وحلب، كذلك يتحمل نصرالله وداعش المسؤولية عينها من دماء هؤلاء، فالأبرياء هم هم أينما كان وكذلك المجرمون. يحق لأحدهم أن يقول: كم من التفجيرات يجب أن تحدث كي يقتنع البعض بوجوب التصدّي للارهاب التكفيري؟ لا خلاف حول التصدي للارهاب بأي شكل من الأشطال. ولكن هذا السؤال يفسح المجال أمام سؤال يوازيه في الأهمية والأحرى أن يسأل قبل الآخر: كم من الضحايا يجب أن تسقط في لبنان وسوريّا قبل أن يقتنع "حزب الله" بضرورة الخروج من جنون الدماء السوريّة؟
إن كان قدر أبناء الضاحية الجنوبية أن يسكنوا في ظل الولي الفقيه وحزبه وفي مربعه الأمني وبين مقاره الحزبية، فإنّهم تقبلوا قدرهم في العام 2006 ورفعوا صوتاً قالوا فيه "فدى السيد" حينما شنت اسرائيل حربها ووزعت دمارها...الآن، ووسط عاصفة السوخوي البوتينية، واستشراس النظام الأسدي المتداعي، وبراغماتية الملالي الخامنئية،... فدى من يسقط أبناء الضاحية والوطن !؟
انتحاريان يقتلان العشرات في معقل «حزب الله»
بيروت - «الحياة» 
عاد مسلسل التفجيرات الإرهابية ليضرب في لبنان، وفجر انتحاريان نفسيهما أمس، وأوقعا العديد من القتلى والجرحى في صفوف المواطنين الأبرياء عند أحد مداخل ضاحية بيروت الجنوبية وتحديداً منطقة برج البراجنة. وأفادت المعلومات الأولية وفق الصليب الأحمر بأن زهاء 41 شهيداً سقطوا نتيجة العمليتين الإرهابيتين فضلاً عن زهاء 200 جريح بعضهم حاله خطرة، توزعوا على مستشفيات الرسول الأعظم، الساحل، بهمن والحريري. وأعلن تنظيم «داعش» ليلاً مسؤوليته عن العملية.
ودوى الانفجاران قبيل السادسة مساء أمس في شارع عين السكة الذي يؤدي الى برج البراجنة وهو شارع مكتظ بالمارة لوقوعه قرب سوق تجارية وليس بعيداً من مبنى حسينية. وأصيب بعض الجرحى في منازلهم في الشارع الضيق.
وقال شهود عيان ومراسلون انتقلوا الى المنطقة فور وقوع الانفجارين، إن الانتحاري الأول فجّر نفسه قرب الحسينية، وإن الثاني فجّر نفسه على بعد 20- 30 متراً بعد زهاء 5 دقائق، قرب أحد الأفران، وعلم لاحقاً أن إحدى العبوات المتفجرة التي كانت في حزام الثاني الناسف لم تنفجر. وفيما تناثرت أشلاء الانتحاري الأول ظهرت جثة الانتحاري الثاني وهو ممدد على الأرض مقتولاً وعلى خاصرته حزامه الناسف الذي لم تنفجر إحدى عبواته، وبدت ملامحه واضحة وهو شاب ملتحٍ وشعره أسود.
وكانت موجة التفجيرات الانتحارية وبالسيارات المفخخة التي ضربت لبنان عام 2014 تراجعت بدءاً من حزيران (يونيو) من العام نفسه بعد نجاح الأجهزة الأمنية في ملاحقة خلايا إرهابية نائمة وتفكيكها على مدى السنة الماضية.
وضرب الجيش اللبناني والقوى الأمنية طوقاً أمنياً حول مكان الانفجارين، بعدما هرع المواطنون الى مسرح الجريمة لتفقد أقارب أو لإنقاذ الجرحى، كما هرعت فرق الصليب الأحمر والهيئة الصحية الإسلامية والدفاع المدني لنقل الجثث والجرحى. ونادى المسعفون ورجال الأمن على المواطنين بالابتعاد من مكان الانفجار بعد اكتشاف العبوة الناسفة غير المنفجرة على جسد الانتحاري الثاني. وقال مصدر أمني أن الانتحاري الثالث قتل بضغط الانفجار الثاني.
ويبعد مكان الانفجارين زهاء 200 متر عن مستشفى «الرسول الأعظم» الذي يقع على مفترق الطريق الذي يؤدي الى شارع عين السكة. وكان انفجاران وقعا في بلدة عرسال في الخامس من الشهر الجاري استهدف أحدهما مقراً لـ «هيئة علماء القلمون»، واستهدف الثاني في السادس منه آلية للجيش ما أدى الى جرح خمسة جنود.
وألقى الجيش والقوى الأمنية أمس القبض على مشتبه بانتمائهم الى مجموعات إرهابية.
وصدر عن قيادة الجيش بيان أشار إلى أنه حوالى الساعة 18,00، «أقدم أحد الإرهابيين على تفجير نفسه بواسطة أحزمة ناسفة في محلة عين السكّة- برج البراجنة، تلاه إقدام إرهابي آخر على تفجير نفسه بالقرب من موقع الانفجار الأول، ما أدّى إلى وقوع عدد كبير من الإصابات في صفوف المواطنين.
وعلى الأثر نفّذت قوى الجيش انتشاراً واسعاً في المنطقة وفرضت طوقاً أمنياً حول موقعي الانفجارين، و حضر عدد من الخبراء العسكريين وباشرت الشرطة العسكرية رفع الأدلّة لتحديد حجم الانفجارين وهوية الفاعلين. وتمّ العثور في موقع الانفجار الثاني على جثّة إرهابي ثالث لم يتمكن من تفجير نفسه».
ودان رئيس الحكومة تمام سلام العمل الإجرامي الجبان الذي لا يمكن تبريره بأي منطق ، ودعا اللبنانيين إلى مزيد من اليقظة والوحدة والتضامن في وجه مخططات الفتنة. وأمل أن تكون هذه الفاجعة حافزاً لجميع المسؤولين على تخطي الخلافات و دعم المؤسسات الدستورية والأمنية لنتمكن من حماية جبهتنا الداخلية في مواجهه الإرهاب».
ووصف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان التفجيرين الانتحاريين بالإرهاب «الذي لا دين له ولا وطن، بل هو إجرام موصوف يودي بحياة الأبرياء والآمنين، وهذا أمر محرم شرعاً ولا يمت إلى الإنسانية بصلة ولا إلى الإسلام ولا إلى أي ديانة أخرى». وقال: «في هذا الحدث المفجع والمؤلم الذي ذهب ضحيته الأبرياء، لا يسعنا إلا أن نستشهد بقول الله تعالى في القران الكريم: «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً».
ودعا دريان إلى «مكافحة هذا الإرهاب الأسود بنبذ التفرقة والتمسك بالوحدة الإسلامية في إطار الوحدة الوطنية الشاملة وتحصين الساحة الداخلية بمزيد من الوعي والتكاتف ورص الصفوف».
ودان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري باسمه وباسم تيار المستقبل «الاعتداء الإرهابي الآثم على أهلنا»، وقال إن «استهداف المدنيين عمل دنيء وغير مبرر، لا يخفف من وطأته أي ادعاءات»، مشدداً على أن «قتل الأبرياء جريمة موصوفة بكل المعايير من برج البراجنة إلى كل مكان».
واعتبر رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس السابق فؤاد السنيورة أنه عمل غادر أصاب كل اللبنانيين، وهذا الإرهاب الأعمى الذي عاد ليضرب لبنان لن ينال من وحدتنا الوطنية، والتي كان آخر تجلياتها التوافق في مجلس النواب». ودعا إلى «تعزيز الوحدة الوطنية والابتعاد من التطرف الطائفي والمذهبي البغيض، وإلى انتخاب رئيس الجمهورية، والتمسك بالطائف والدستور».
وقال العماد عون إن «الانفجارين جريمة اليأس بعد الهزيمة، وعلينا أن نقاتل بكل ثقة بالنفس لينتصر الخير على الشر». وسأل: «كم من الانفجارت يجب أن تحدث بعد ليقتنع الجميع بوجوب اقتلاع الإرهاب التكفيري».
ودان رئيس «اللقاء الديموقراطي» وليد جنبلاط «التفجيرين الإرهابيين الرهيبين اللذين استهدفا الآمنين الأبرياء. ودعا «إلى رص الصفوف والترفع عن التجاذبات الفئوية الضيقة لتحصين الساحة وقطع الطريق على عودة مسلسل التفجيرات الإرهابية التي لم تميز يوماً بين منطقة أو بلدة».وشدد على حفظ السلم الأهلي في هذه اللحظة الإقليمية الملتهبة والمعقدة.
وقال رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية: « الاستنكار لم يعد مجديا أمام مشهد الشهداء الأبرياء. نجّى الله وطننا من شر الإرهاب».
ودعا الرئيس نجيب ميقاتي الى «اليقظة والوحدة».
ودانت «قوى 14 آذار» التفجيرين، مطالبة بـ «الانسحاب من سورية لمن تورط فيها».
وأوردت وسائل إعلام ليلا أن تنظيم «داعش» تبنى التفجيرين وأن فلسطينيين وسوريا نفذوهما.
وخطف الانفجاران الإرهابيان الأضواء من الجلسة النيابية التي عُقدت أمس نتيجة تسوية على التئام البرلمان بعد تجميد اجتماعاته لأكثر من سنة نتيجة التأزم السياسي والشغور في رئاسة الجمهورية.
وأعلن رئيس البرلمان نبيه بري رفع الجلسة المسائية نتيجة التطورات الأمنية، مشيراً الى معلومات عن سقوط قرابة الـ30 شهيداً بعد أن أقر في الجلسة الصباحية 20 قانوناً، بينها 12 قانوناً تتضمن اتفاقات قروض مع البنك الدولي وهيئات وصناديق مالية وإقليمية أخرى، فضلاً عن قوانين فتح اعتمادات إضافية في الموازنة لتغطية رواتب القطاع العام خلال العام المقبل، وتأمين نفقات إقامة بنى تحتية للجيش تتعلق بجوانب طبية وصحية.
وأقر البرلمان قبل رفع جلسته المسائية قانون استعادة الجنسية الذي كان شرطاً لكتلتي «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» لحضور الجلسة، فيما أعلن بري أنه سيشكل لجنة لبدء البحث في قانون الانتخاب الذي هو مطلب لهما أيضاً.
وجاء انعقاد الجلسة بعد تسوية اقترحها زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري ووافق عليها الحزبان.
انتحاريان فجّرا نفسيهما في «عين السكة» ومقتل ثالث..الإرهاب يعود إلى الضاحية ويحصد 43 شهيداً و239 جريحاً
المستقبل..علي الحسيني
اتشح لبنان بالحزن أمس، إثر عودة موجة التفجيرات لتضرب مجدداً الضاحية الجنوبية التي كانت على موعد مع الرعب والموت بعدما استهدفها تفجيران انتحاريان حصدا أكثر من 43 شهيداً وما يقارب الـ 239 جريحاً من المواطنين، واللافت أن التفجيرين وقعا في مكان عادة ما يشهد في مثل هذا التوقيت زحمة سير خانقة تترافق مع خروج الناس للتبضع أو عودة البعض من اعمالهم وأرزاقهم الى منازلهم وهو عبارة أيضا عن سوق كبير يتوسطه مركز تجاري عادة ما يكتظ بالزائرين من داخل الضاحية وخارجها.

على مقربة من الحسينية في شارع عين السكة في برج البراجنة كان الحدث. هناك سار بالأمس انتحاريان مشياً على الأقدام ليفجرا نفسيهما وسط زحمة السير ليرسما مشهداً متجدداً من مظاهر الموت والألم والقهر في منطقة حاولت أن تلملم أشلاء أبنائها ونقل جرحاها إلى المستشفيات على وقع تعاطف شعبي امتد على مساحة الوطن، ليمدها بجرعة زائدة من القوة والارداة الصلبة عبرت عنها دعوات التبرع بالدماء للجرحى.

المعلومات عن الطريقة التي وقع فيها التفجيران يشرحها أحد أبناء منطقة «برج البراجنة» في حديث لـ»المستقبل» إذ يقول «إن إنتحارياً قدم من جهة مستشفى الرسول الأعظم عند الساعة السادسة من مساء أمس، نزولاً باتجاه منطقة «عين السكة» ولدى وصوله إلى منتصف الشارع المحاذي للمستشفى والذي يعتبر نقطة تجارية معروفة في المنطقة قام بتفجير نفسه بواسطة حزام ناسف، ما أدى الى استشهاد وجرح عدد كبير من المارة. وبعدها بأقل من دقيقتين وصل إلى نقطة تبعد خمسة عشر متراً تقريباً عن مكان التفجير الأول انتحاري ثانٍ وقام بتفجير نفسه ما أدى إلى وقوع إصابات إضافية خصوصاً أن الناس كانت في ذلك الوقت بدأت تفد إلى حيث وقع الانفجار الأول وهو ما أدى إلى سقوط مزيد من الضحايا». وكشف أن «انتحارياً ثالثاً جرى قتله على يد أحد العناصر الامنية الحزبية قبل أن ينفذ مهمته بعدما التف حوله العديد من الشبان وأسقطوه ارضاً».

التضامن السياسي والشعبي مع الضاحية الجنوبية كان العنوان الأبرز أمس، إذ لم يكن قد مضى اكثر من نصف ساعة على وقوع التفجيرين، حتى تداعى معظم اللبنانيين في كل المناطق، الى القيام بحملات تبرع بالدم للجرحى الذين توزعوا على مستشفيات الضاحية والعاصمة الأمر الذي فوّت الفرصة على المصطادين في الماء العكر ومحاولاتهم صبغ الجريمة بلون طائفي أو مذهبي خصوصاً بعد المشاهد الموجعة والمؤلمة التي بثتها شاشات التلفزة والتي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي. جثث ممددة على الطرقات وتوزعت بين السيارات والمحال التجارية. أشلاء نزعت عن جدران المباني القريبة من مكان التفجيرين. صورة عادت لتحتل ذاكرة اللبنانيين وتحديداً سكان الضاحية، وتلازم حياتهم في الحلم واليقظة وتمنع عنهم الانشغال بتأمين قوتهم اليومي أو مجرد التفكير حتّى بنهار لا يسقط من رزنامة عمر بدأ يبتعد عنهم ويهجرهم منذ سنوات أربع.

في الضاحية تجدد الموعد يوم أمس مع الصرخات والبكاء ومشاعر الغضب. أصوات اختنقت بعدما يُتم أصحابها لحظة التفجير كانت تسأل عن أشخاص كانوا قبل وقوع الجريمة معهم وبينهم قبل أن يُفارقوهم في رحلة أبدية لن يبقى منها سوى ارقام لجثث ظلّت حتى الساعة مجهولة الاسم والملامح بانتظار ان تخضع اليوم إلى فحوص الحمض النووي. ووسط حالات الذعر والخوف التي سيطرت على المواطنين أمس، حاول مسؤول حزبي ان يخفف على الناس من هول الفاجعة فإذ به يقول «ان سبب هذين التفجيرين يعود الى الحصار الذي بدأ يشتد حول رقبة الإرهابيين في سوريا».

في اللحظات الأولى لوقوع التفجيرين، قامت القوى الأمنية بمحاولات عدة لتحييد المدنيين عن المكان خوفاً من وقوع تفجير ثالث في وقت كانت فيه سيارات الاسعاف تنقل الشهداء والجرحى إلى مستشفيات «بهمن» و»الساحل» و»الرسول الاعظم» والذين توزعوا على الشكل الآتي: مستشفى «الساحل» 11 شهيداً عرف منهم ثمانية: محمد على هاشم، محمد سعيد، محمد علي مزهر، عادل ترمس، حسين علي حجيج، حسن صافي حمود، هنادي جمعة، محمد سويد، و3 شهداء لم تعرف هويتهم بعد. أما الجرحى فهم : محمد اسماعيل، رسوان حمدان، هشام متيرك، أحمد العزير، علي يونس، حسين حسن، علي سلمان، علي هاشم ناصر، فارس كسار، إيمان متيرك، عباس حلاوي، رقية حجازي، بلال حسين شناوي، محمد عباس، أحمد المنهاوي، عباس الزين، تهاني غازي موسى، فاطمة مبارك، سماح رغدة، علي معطي، حسن عبود، ميلاد شناوي، أحمد الغزاوي، عفيف اسماعيل، صابر المولى، عامر عبد القادر قسوم، غصون حمدان ونوال بيضون.

أما في مستشفى «بهمن» فقد عرف من الشهداء: كاظم سعيد خرفان، حسام ناصر، عبد الله عطوي، غازي بيضون، حسين مصطفى، سامي حوحو وليلى مظلوم، وستة شهداء آخرين لم تعرف اسماؤهم بعد، أما الجرحى فهم: فاتن منذر، محمد شحادة، جنات توليس، علي سويد، كريم محمد المصري، محمد عدنان عدنان، حسين علي عوالي، وينا حايك، نمر حسين عوض، سلوى قصاب، انيس غلاييني، فاطمة شحادة، علي محمد سويد، لورا عبد طه، بلال زعيتر، يحيى شحادة، هيثم مزرعاني، محمد الموسوي، نرجس عوض، فاطمة قطيش، حسن شاهين، محمد حسن، لوريتا حديد، لورا قاعي، حسين مرسل، محمد الضر، بتول بركات واسامة الكيدي.

قيادة الجيش مديرية التوجيه أصدرت بعد التفجيرين بياناً جاء فيه « بتاريخه وحوالى الساعة 18:00، أقدم أحد الإرهابيين على تفجير نفسه بواسطة أحزمة ناسفة في محلة عين السكة- برج البراجنة، تلاه إقدام إرهابي آخر على تفجير نفسه بالقرب من موقع الانفجار الأول، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الإصابات في صفوف المواطنين«، لافتاً إلى أنه «وعلى الأثر نفذت قوى الجيش انتشارا واسعا في المنطقة وفرضت طوقا أمنيا حول موقعي الانفجارين، كما حضر عدد من الخبراء العسكريين وباشرت الشرطة العسكرية رفع الأدلة من مسرح الجريمتين لتحديد حجم الانفجارين وهوية الفاعلين. وقد تم العثور في موقع الانفجار الثاني على جثة إرهابي ثالث لم يتمكن من تفجير نفسه«.

ولاحقاً تبنى تنظيم «داعش« عبر موقعه الرسمي «التفجيرين في الضاحية الجنوبية«، ناعياً «ثلاثة من منفذي ما أسماها «الغزوة» وهم المدعو حامد رشيد البالغ فلسطيني الجنسية، عمار سالم الريس فلسطيني الجنسية، وخالد أحمد الخالد سوري الجنسية«.

إلى ذلك أصدر رئيس الحكومة تمام سلام مذكرة قضت بـ»إعلان الحداد العام على شهداء التفجير الارهابي في برج البراجنة، اليوم الجمعة وتنكيس الأعلام على جميع الادارات الرسمية والمؤسسات العامة والبلديات«.

وفي السياق اعلن وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب «انه وبعد التشاور مع دولة رئيس مجلس الوزراء قرر اقفال كل المدارس الرسمية والخاصة والمعاهد التقنية والمهنية والجامعات وذلك تضامناً مع ارواح الشهداء الابرياء بمن فيهم الاطفال«، مؤكداً «ضرورة التزام جميع المؤسسات المعنية بهذا القرار، تعبيراً عن التضامن الوطني فتكون رسالة واحدة الى الارهابيين انهم لم يتمكنوا من ضرب وحدة اللبنانيين وتضامنهم«.

وتفقد وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، يرافقه النائب علي المقداد موقعي الانفجارين في الضاحية الجنوبية، وأشار إلى أن «هذه المصيبة الأليمة قد أصابت اللبنانيين جميعا، وتحتم علينا المسؤولية الوطنية أن نرفع شعار الوحدة الوطنية كي لا تصيب وطننا لبنان المزيد من الفتن والإشكالات«، لافتاً إلى «أننا تجاوزنا الـ200 جريح، والبعض استشهد نتيجة جروحه البالغة في المستشفيات. وهناك ايضاً أشلاء لانتحاريين مفترضين. ونحن ربما قد نجونا من كارثة كبيرة، لا سيما أن أحد الانتحاريين لم ينفجر حزامه الناسف«.

ودعا إلى «مزيد من التنسيق بين الأجهزة الأمنية، لا سيما أن هذا التنسيق هو أكثر من ممتاز، وهو الذي حمى لبنان من هزات أكبر«، مشدداً على انه «يجب ان يكون هناك وفاق سياسي شامل وإخراج لبنان من كل الإشكالات السياسية، للتصدي لهذا الخطر الارهابي«.

ومن موقع التفجيرين قدم وزير العمل سجعان قزي «التعازي لكل عوائل الشهداء«، متمنياً «الشفاء العاجل للمصابين». وقال «اليوم انا متواجد مع شركائي في الوطن للتضامن مع ذوي الشهداء، وهذا واجبي كوزير كتائبي ووزير في حكومة الائتلاف الوطني والوحدة الوطنية«.

كما زار الموقع عضو كتلة «التنمية والتحرير« النائب علي بزي الذي أكد أن «الرسالة اليوم يجب أن نفهمها كشعب لبناني، وهي أن نتوحد، رغم كل سجالاتنا السياسية«، مشدداً على أنه «ليس فقط بالاستنكار نواجه التحديات، لأن لا الإدانات ولا الاستنكارات تعوض دماء الشهداء الأبرار الأبرياء. وآن لنا أن نتوحد ضد كل آلات الإجرام التي تستهدف الجميع من دون تفريق بين مذهب أو آخر«.

من جهته أعلن المعاون السياسي للامين العام لـ»حزب الله« الحاج حسين الخليل من مكان التفجيرين أن «هذه الجريمة ليست موجهة ضد حزب او ضد منطقة او ضد فئة، انما هي جريمة ضد الانسانية جمعاء، ومن قام بهذه الجريمة هم وحوش لا ينتمون للبشرية«، مشيراً إلى انه «ليس مستبعدا على «داعش» وكل من ينتمي لهؤلاء الوحوش الكاسرة ان يتبنوا مثل هذه العمليات الاجرامية، وهؤلاء ليس لديهم اي توقيت ويستغلون اي فرصة ليتكالبوا على نهش المجتمع«، مؤكداً أن «مواجهتنا ضد هذه القوى الارهابية مستمرة، ونحن في الطريق الصحيح، وسنمضي في محاربتنا لهذه المجموعات التكفيرية«.

وفي محصلة شبه نهائية لأعداد شهداء وجرحى التفجيرين، اعلنت وزارة الصحة العامة انها وصلت الى 43 شهيدا و239 جريحا. وفي المقابل أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني في «الهيئة الصحية الاسلامية« التابعة لـ»حزب الله» ان الحصيلة النهائية لتفجيري برج البراجنة وصلت الى 38 شهيداً و141 جريحاً وقد توزعوا على الشكل الآتي:4 شهداء في مستشفى الرسول الاعظم مجهولو الهوية، شهيدان في مستشفى بهمن مجهولي الهوية .اما الجرحى: 73 جريحاً في مستشفى الرسول الاعظم، 41 جريحاً في مستشفى الساحل، 18 جريحاً في مستشفى بهمن، 5 جرحى في مستشفى السان جورج، 3 جرحى في مستشفى الزهراء وجريح واحد في مستشفى بيروت الحكومي.
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,249,277

عدد الزوار: 7,626,003

المتواجدون الآن: 0