أوساط قيادية في «المستقبل»: الحريري متمسك بمبادرته....و«حزب الله» تصدّى لـ «المبادرة» تجنّباً لعودة «الحريرية السياسية»

قانون الانتخاب: العودة إلى نقطة الصفر و «التواصل النيابية» أمام مأزق تعدد المشاريع

تاريخ الإضافة السبت 2 كانون الثاني 2016 - 6:10 ص    عدد الزيارات 2180    التعليقات 0    القسم محلية

        


 

أوساط قيادية في «المستقبل»: الحريري متمسك بمبادرته
بيروت – «السياسة»:
يطل العام 2016 على لبنان مثقلاً بخيبات السنة المنصرمة وعجز الطبقة السياسية عن تحمل أدنى مسؤولياتها الوطنية، من أزمة النفايات التي تفوح منها روائح الصفقات والسمسرات، مروراً بسياسة النكد والعناد التي شلت مجلس النواب والحكومة، وصولاً إلى الفضيحة المتمثلة بغياب أدنى حس بالمسؤولية من جانب عدد من النواب الذين يرفضون تأمين النصاب المطلوب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لملء الشغور المستمر منذ نحو عام وثامنية أشهر.
وبرز بصيص أمل، في الأسابيع الأخيرة من العام الماضي، تمثل بالمبادرة التي أطلقها رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري بدعمه انتخاب رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية سعياً منه لاحداث خرق في جدار الازمة، لكن مشروع التسوية تثر بعد بروز عقبات داخلية تمثلت بـ»الفيتو» الذي وضعه مسيحيو «8 و14 آذار» على فرنجية، وخارجية تمثلت بعدم الحماسة الايرانية لهذه التسوية في ضوء استمرار الصراع في سورية.
وفي حين يجمع مراقبون على أن التسوية لم تسقط نهائياً وأنه تم إرجاؤها لبعض الوقت بانتظار نضوج الظروف الداخلية والخارجية، أكدت أوساط قيادية بارزة في «تيار المستقبل» لـ»السياسة» أن مبادرة الحريري «مازالت مطروحة بدليل أن النقاش بشأنها مازال مستمرا وكل القيادات السياسية تنظر إليها على أنها جدية وجديرة بالاهتمام، ولابد تالياً من التعامل معها بواقعية، باعتباره قادرة على إخراج لبنان من أزمته إذا جرى تبنيها من الكتل السياسية».
لكن الأوساط استدركت بالقول ان «موقف «حزب الله» الاخير من بكركي كشف الحقائق وأثبت بالدليل القاطع ان حلفاء ايران في لبنان لا يريدون رئيساً للجمهورية، وإلا لماذا رفضوا فرنجية حليفهم والأكثر التصاقاً بمشروعهم؟، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ان الحسابات الايرانية تختلف عن حسابات بعض اللبنانين الساعين الى الخروج من المأزق، ما جعل «حزب الله» يرفض السير بهذه التسوية متذرعاً باستمرار دعمه النائب ميشال عون، طالما استمرار الأخير في ترشحه للرئاسة».
وتوقعت الأوساط أن يعلن الحريري في اطلالته التلفزيونية القريبة تمكسه بمبادرته طالما انه ليس هناك بديل منها وسعيه الى مواصلة جهوده لازالة العقاب من امامها، في مقابل تأكيده أنه لن يسمح بحصول انقسامات في صفوف قوى «14 آذار» التي تبقى حاجة وطنية ضرورية لحماية لبنان، بالرغم من الاختلافات الموجودة في داخلها.
من جهته، أكد البطريرك بشارة الراعي أن ذروة اللامبالاة هي عناد الكتل السياسية والنيابية في الاحجام عن انتخاب رئيس للجمهورية الذي هو المحرك الوحيد والاساسي للمؤسستين الدستوريتين، المجلس النيابي كسلطة للتشريع والمساءلة والمحاسبة والحكومة كسلطة للاجراء والتنفيذ، مبدياً أسفه لمرور شهر على اعلان المبادرة العملية الجدية المدعومة دولياً بشأن انتخاب رئيس للجمهورية من دون مقاربتها جدياً من جانب الكتل، ومجدداً التميز بين مبادرة انتخاب الرئيس والاسم المطروح.
وفي السياق، شددت أوساط قريبة من البطريرك لـ»السياسة» على أن فرصة التسويه المطرحة قد لا تصح في كل مرة، وبالتالي فإن على القيادات السياسية وخاصة المارونية أن تناقشها بمسؤولية للاستفادة منها وإنهاء الفراغ الرئاسي، مشيرة الى ان بكركي تنظر الى التسوية على انها ايجابية وينبغي استغلالها بغض النظر عن الاسم المطروح، سيما أنها مدعومة دوليا وهناك تأييد خارجي لها.
قانون الانتخاب: العودة إلى نقطة الصفر و «التواصل النيابية» أمام مأزق تعدد المشاريع
الحياة...بيروت - محمد شقير 
لم تحقق لجنة التواصل النيابية المكلفة إعداد قانون انتخاب جديد أي تقدم وأوشكت على السقوط في مأزق المراوحة وهذا ما يعزز الاعتقاد السائد لدى أطراف سياسيين أساسييين بأن ربط انتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان بالتوافق على القانون يدفع في اتجاه تمديد الشغور في الرئاسة الأولى، خصوصاً أن إدراج إنجاز الاستحقاق الرئاسي يكون من ضمن سلة متكاملة يعني أن من يتبنّى مثل هذا الربط يبحث عن عذر تلو الآخر للهروب إلى الأمام مع أنه غير دستوري.
ويسعى فريق أساسي في «قوى 8 آذار» الى تحقيق مثل هذا الربط وإن كان يحاول أن يلقي المسؤولية في هذا الخصوص على لقاء باريس الذي جمع زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري بزعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية والذي يفترض أن يؤسس لخريطة طريق لانتخاب الرئيس.
وتؤكد مصادر نيابية ان بعض الأطراف في «8 آذار» وعلى رأسهم «التيار الوطني الحر» برئاسة العماد ميشال عون أبدوا انزعاجهم من اللقاء في ضوء اعلان الحريري عن رغبته في اطلاق مبادرة لإنهاء الشغور في الرئاسة الأولى بدعم ترشح فرنجية لرئاسة الجمهورية.
وتقول المصادر ذاتها إن اللقاء أحدث إرباكاً داخل «التيار الوطني الحر» وأوقعه في حيرة من أمره، وهذا ما انعكس على مجريات النقاش في لجنة التواصل النيابية المكلّفة إعداد قانون انتخاب جديد وإلا لماذا بادر الى شن حملة اعلامية منظمة ضد فرنجية ومن خلاله ضد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي.
وتكشف ان الفريق المعترض على ترشح فرنجية يراهن على كسب الوقت لعل الظروف تتغير وتصب في مصلحة انتخاب عون رئيساً للجمهورية، وتقول إن المراوحة التي ترزح تحت وطأتها لجنة التواصل النيابية تكمن في أن «التيار الوطني» لا يعترض على التمديد للفراغ في الرئاسة الأولى ظناً منه انه سيدخل تعديلاً على جدول الأولويات.
وبكلام آخر، فإن عون - وفق المصادر ذاتها - يعتبر ان تأخير انتخاب الرئيس سيفرض الانصراف الى اعداد قانون انتخاب جديد يدفع في اتجاه تدعيم وجهة نظره القديمة - الجديدة القائمة على اجراء الانتخابات النيابية أولاً على ان توكل مهمة انتخاب الرئيس الجديد الى البرلمان المنتخب لا الى البرلمان الممدد له والذي تنتهي ولايته في 20 حزيران (يونيو) 2017.
لكن عون في رهانه لن يصل الى مبتغاه لأن لبنان - كما تقول المصادر النيابية - لا يحتمل استمرار الفراغ الرئاسي في ظل وجود برلمان يعاني من الشلل وأيضاً حكومة معطلة، على رغم استعداد البعض للقيام بعملية إنعاش لها من خلال تفعيل عملها الذي سيصطدم كما في السابق بالاختلاف على آلية إصدار القرارات في مجلس الوزراء.
كما أن عون سيفتقد لمن يناصره في أن تكون الأولوية لانتخاب مجلس نيابي جديد اضافة الى انه لن يكون في منأى عن الضغوط الدولية والإقليمية التي تدعم الإسراع في انتخاب الرئيس من خلال تحييد لبنان عن الصراعات الدائرة في المنطقة وعدم ادراجه على طاولة المفاوضات التي ما زلت تتعثر.
وعون يدرك جيداً ان الحراك الدولي والإقليمي لقطع الطريق على ربط انتخاب الرئيس بالأزمات المشتعلة في المنطقة سيقول كلمته في الوقت المناسب ومن اعلى المنابر الدولية بعد ان تبرّع عدد من السفراء الأجانب المعتمدين لدى لبنان بمكاشفته بأن البلد اقترب من حافة الانهيار الاقتصادي والمالي وأن صمام الأمان لمنعه من الغرق في الفوضى والفلتان هو بيد القوى الأمنية الشرعية وعلى رأسها مؤسسة الجيش والإدارة المالية المتمثلة بحاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف.
حكومة إدارة أزمة
وفي هذا السياق تقول المصادر النيابية ان حكومة النأي بالنفس تشرف على ادارة الأزمة السياسية ولا دور لها في توفير الحماية لشبكة الأمان المالية والأمنية نظراً الى انها تحولت الى مربعات سياسية وأن الشعار الذي اختارته لنفسها بأن تكون حكومة مصلحة وطنية لا يصرف في مكان طالما انها عاجزة عن توفير النصاب السياسي لعقد جلسات مجلس الوزراء.
ولم يتسن للحكومة - وفق المصادر - التوصل الى مقاربة لإعادة تفعيلها ووقف تعطيل جلسات مجلس الوزراء. لأن «التيار الوطني» يصرّ على ممارسة الضغط عليها ولن يسلّم بآلية اتخاذ القرارات أي بالنصف زائداً واحداً للتصويت على العادية منها وبثلثي عدد الوزراء لاتخاذ القرارات الكبرى.
وبالعودة إلى لجنة التواصل النيابية لإعداد قانون انتخاب جديد، علمت «الحياة» من مصادر في داخل اللجنة أن بعض الأعضاء فيها لا يتقيّدون بحصر النقاش في قانون يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي.
وتؤكد المصادر أنه كان يفترض بلجنة التواصل ان تناقش في هذا الخصوص مشروعين، الأول مقدم من رئيس المجلس النيابي نبيه بري وينص على المناصفة بين هذين النظامين - أي انتخاب 64 نائباً على أساس الأكثري مقابل 64 آخرين استناداً الى النسبي.
أما المشروع الثاني فقد تقدم به تيار «المستقبل» و «اللقاء النيابي» الديموقراطي برئاسة وليد جنبلاط وحزب «القوات اللبنانية» وينص على انتخاب 68 نائباً على أساس الأكثري و60 وفق النظام النسبي.
وتقول ان أصحاب المشروع الثاني يلتزمون به وإن الاختلاف بين الحريري وسمير جعجع حول ترشيح الأول لفرنجية لم ينعكس سلباً على موقفي ممثليهما في لجنة التواصل (أحمد فتفت وجورج عدوان). وكأنهما توافقا على تحييد قانون الانتخاب عن الاستحقاق الرئاسي.
وتضيف أن المداخلات التي أدلى بها عدوان لم تحمل أي تبدّل في موقف حزب «القوات» في خصوص مشاركته و «المستقبل» و «اللقاء الديموقراطي» في وضع مشروع موحد... بينما يصرّ ممثل «حزب الكتائب» على تقسيم لبنان الى دوائر انتخابية صغيرة.
وبالنسبة الى الضفة الأخرى أي 8 آذار و «التيار الوطني» فإن ممثل رئيس المجلس النائب ميشال موسى لا يزال يلتزم المشروع الذي أعدته كتلة «التنمية والتحرير» بينما يدعم ممثل «حزب الله» في اللجنة النائب علي فياض موقف حليفه عون، من خلال ممثله النائب ألن عون الذي يطرح تقسيم لبنان الى 15 دائرة انتخابية على ان تجرى الانتخابت على أساس النظام النسبي.
ويقترح فياض - كما تقول المصادر - اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحد تأخذ بالنظام النسبي، هذا في حال قوبل اقتراح «التيار الوطني» بالرفض.
«حزب الله» يريد صيدا
لكن الجديد في موقف فياض يكمن في إصراره على ان تكون دائرة صيدا الانتخابية خاضعة للنظام النسبي ما يعني ان «حزب الله» يصرّ على عدم إخلاء الساحة لـ «المستقبل» وبالتالي يريد أن يتمثل بمقعد نيابي من خلال النائب السابق أسامة سعد.
وتنقل المصادر النيابية عن فياض قوله: «خلينا نرمي حبل الغسيل ويقوم كل واحد بنشر غسيله عليه، ونحن من جانبنا سننتقي المشروع الذي نرتاح إليه»... وتقول إن المقصود بكلامه أنه «يطحش» لمصلحة إقرار قانون انتخاب يضعف تمثيل «المستقبل» في مناطق نفوذه، وهذا يعني ان بعضهم يستخدم نفوذه لإقرار قانون هدفه إضعاف خصومه لا تحقيق التمثيل النيابي المتوازن.
وعلى كل حال، فإن أي مشروع يمكن أن تتوصل إليه لجنة التواصل، مع أن هذا لا يزال يواجه صعوبة، لن يكون ملزماً للهيئة العامة في البرلمان التي يعود لها أن تقول كلمة الفصل في أي مشروع انتخابي، ناهيك بأن لجنة التواصل لم تعد قادرة على القيام بالمهمة التي أوكلها إليها الرئيس بري بوضع قانون انتخاب جديد بعد مشاوراته التي أجراها مع الكتل النيابية وبالتالي أصبحت في مأزق الآن خصوصاً أن «المستقبل» و «اللقاء الديموقراطي» لا يحبذان اعتماد النظام النسبي إذا كان يستهدف تقليص نفوذهما في البرلمان، وإلا ما هو التفسير المنطقي لإصرار بعضهم على ان ينتخب النائب الكاثوليكي عن الشوف على أساس النظام النسبي.
كما ان جنبلاط لا يؤيد أي قانون لا يجمع قضاءي الشوف وعالية في دائرة واحدة اضافة الى اصرار «المستقبل» على ان تبقى الدوائر الانتخابية التي تضم مقعدين خاضعة للنظام الأكثري وهذا ما يلقى معارضة من «التيار الوطني» و «حزب الله».
لذلك تغرق لجنة التواصل، كما تقول المصادر، في طبخة بحص ولن تصل إلى برّ الأمان في ضوء استمرار «الكباش السياسي» حول الرئاسة الأولى وتعامل الأطراف مع أي قانون على قاعدة حصد المزيد من المقاعد النيابية.
وعليه، تسأل هذه المصادر في ظل اجماع الأطراف على تمسكهم باتفاق الطائف، عن الموانع التي ما زالت تؤخر البحث في استحداث مجلس شيوخ على أساس طائفي في مقابل مجلس نيابي لا يخضع للشروط أو المواصفات ذاتها، كما تسأل أيضاً عن الجدوى من استمرار لجنة التواصل التي تبحث الآن في مشاريع أقل ما يقال فيها إنها من كل واد عصا؟ وبالتالي تدفع في اتجاه العودة إلى نقطة الصفر.
الراعي: ذروة اللامبالاة عناد الكتل عن انتخاب رئيس
بيروت - «الحياة» 
رأى البطريرك الماروني بشارة الراعي أن اللامبالاة اصبحت في لبنان سافرة من الجماعة السياسية في الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية وحياتها الاقتصادية، بشعبها وحقوقه ومصيره، وبشبابه ومستقبلهم على أرض الوطن ومصيرهم.
وإذ لفت الراعي خلال ترؤسه قداس رأس السنة في كنيسة السيدة في بكركي، الى ان البابا فرنسيس يربط «اكتساب السلام الحق بالانتصار على اللامبالاة. ويؤكد أن فقدان السلام اليوم، الظاهر في الحروب والنزاعات والاستبداد والظلم وقهر المواطنين وإفقارهم وسلب حقوقهم، إنما سببه اللامبالاة بالله»، اعتبر «ان ذروة هذه اللامبالاة القتّالة هي عناد الكتل السياسية والنيابية في الإحجام عن انتخاب رئيس للجمهورية، الذي هو المحرّك الوحيد والأساس للمؤسستين الدستوريتين: المجلس النيابي كسلطة للتشريع والمساءلة والمحاسبة، والحكومة كسلطة للإجراء والتنفيذ. ومن المؤسف حقاً أن يمر شهر على إعلان المبادرة العملية الجدية المدعومة دولياً في شأن انتخاب رئيس من دون مقاربتها جدياً من قبل هذه الكتل». وقال: «إننا نعود ونكرّر التمييز بين مبادرة انتخاب الرئيس والاسم المطروح. المقاربة تقتضي أولاً الالتزام بانتخاب الرئيس، وثانياً التشاور في شأن الاسم الذي يحظى بالغالبية المطلوبة في الدستور كمرشح للرئاسة».
ورأى الراعي ان «من الأفضل والأسلم ديموقراطياً الوصول إلى الجلسات الانتخابية بمرشحين، كما تصنع الدول الراقية. وبالطبع ينبغي أن يتحلى المرشح بالحكمة والمهارة والتجرد، وبإيمانه بالمؤسسات الدستورية التي تصنع الجمهورية، وبمعرفته المتمرسة في شؤونها، اذ في غياب الرئيس تدب الفوضى، وتفشل المؤسسات، فيغيب السلام الداخلي، وتكثر الأزمات الاجتماعية والأمنية».
وأشار الراعي إلى أن «هذه اللامبالاة بانتخاب رأس لجسم الوطن تنبسط إلى لامبالاة بالحياة الاقتصادية التي من شأنها أن توفر للشعب إمكانية العيش بكرامة، ولقواه الحية فرص العمل اللازمة»، موضحاً أن «الإنماء الاقتصادي هو الاسم الجديد للسلام. ذلك أنه يفتح أبواب الإنماء الثقافي والاجتماعي الشامل للإنسان وللمجتمع». وسأل: «كيف يتوافر هذا الإنماء وتتعطل عندنا قدرات القطاع العام وواجب تعاون الدولة مع القطاعات الخاصة والمجتمع المدني، وتشل المبادرات الخاصة بالتسلط وفرض الخوات والمبالغ المالية؟ كيف يمكن القبول بإهمال واجب وضع سياسة اقتصادية واجتماعية واضحة، وإهمال المسنين والمرضى الذين يحرمون مما يجب لهم من اهتمام وعناية من قبل الدولة لكي يعيشوا شيخوختهم بكرامة، وإهمال تأمين فرص عمل لمواجهة حالة البطالة الآخذة بالتزايد والمتسببة بآفة الهجرة القاتلة التي تقتضي تعاوناً وثيقاً بين الدولة والقطاعات المصرفية والإنتاجية الخاصة والمدنية للوقوف إلى جانب العاطلين من العمل حتى لا ييأسوا من الحياة في وطنهم؟».
ولفت الراعي إلى أن «في كل سنة كان يوجّه البابوات رسالة في موضوع السلام. ولهذه السنة الجديدة 2016، وجه البابا فرنسيس رسالة موضوعها: انتصر على اللامبالاة واكسب السلام». ورأى ان «سلام العالم مصالح آنية ومال وجاه وسلطة، واستبداد القوي على الضعيف، واستكبار وقمع وظلم وكمّ الأفواه وحرمان الناس من إمكان التعبير عن وجعهم والمطالبة بحقوقهم الأساسية».
البطريرك الراعي كسر صقيع «فلاديمير» اللبناني... بحماوة رئاسية
«حزب الله» تصدّى لـ «المبادرة» تجنّباً لعودة «الحريرية السياسية»
الرأي.. بيروت - من وسام أبو حرفوش
حجب «فلاديمير» إشراقة شمس الـ 2016 عن لبنان، واقتحم بضبابه الكثيف وأبيضه المترامي وأمطاره التي لم تهدأ سهول «الوطن الصعب» كما جباله وسواحله، في عاصفة مناخية، جعلتْها المصادفات اللغوية تستقوي، باسم المجاور في سورية فلاديمير بوتين، الذي تمطر طائراته وماكينته الديبلوماسية جبهات الأزمة السورية بسيناريوات غامضة لتسويات لم تتضح آفاقها بعد، ويصيب وهجها اللاهب وجه لبنان ومخاضه.
لم يكن الأبيض الذي تربّع على جبال لبنان وسفوحها مع التسليم والتسلّم بين الـ 2015 والـ 2016 إشارةً كافية الى ان بلاد الأرز المسكونة بكوابيس السياسة والأمن والاقتصاد، دخلت السنة الجديدة «على بياض». فالوقائع المتوارَثة عن أعوام خلت، تشي بأن البلاد المحكومة بواقع سوداوي، على موعد مع سنة «كبيسة» جديدة تتوالى فيها فصول الصراع المزدوج على السلطة وعلى الموقع الإقليمي للبنان.
«سوء الرؤية» الذي تَسبّب به «فلاديمير» العاصِف أمس، يشبه الى حدّ بعيد «سوء الانقشاع» الذي يخيّم على الواقع السياسي اللبناني، الذي يستهلّ سنته الجديدة بـ «فحص يومي» لمنسوب التفاؤل والتشاؤم حيال المساعي التي بدأت، لكسر المأزق الوطني، الناجم عن تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية منذ 20 شهراً، وترْك البلاد في فم المجهول، في لحظة حروب «الفرز والضمّ» في المنطقة وساحاتها المشتعلة.
آخر هذه المساعي وأهمّها على الإطلاق، كانت المبادرة التي ارتبطت بترشح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية للرئاسة، مدعوماً من زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري، وهي المبادرة التي وصفها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بـ «الجدية والمدعومة دولياً»، وذلك في معرض استهجانه لـ «ذروة اللا مبالاة القتّالة المتمثّلة بعناد الكتل السياسية والنيابية في الإحجام عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية رغم مرور شهر على المبادرة العملية والجدية».
وإذ ميّز البطريرك الراعي بين المبادرة والاسم المطروح، أي فرنجية، فإن موقفه الضاغط لا يعدو كونه «صراخاً في البرية» بعدما كان «حزب الله» أعلن، ومن على بوابة الصرح البطريركي الأسبوع الماضي، أن «أخلاقه السياسية» تجعله غير معنيّ بالعمل على إقناع حليفه المسيحي الأبرز، زعيم «التيار الوطني الحر» ميشال عون بسحب ترشيحه للرئاسة لمصلحة حليفه الآخر النائب فرنجية، الأوفر حظاً، وهو الموقف الذي اعتُبر أكثر الإشارات علنية لقرار الحزب بعدم «الإفراج» عن الاستحقاق الرئاسي في ظلّ الوقائع السياسية الراهنة.
ومع تدشين رأس الكنيسة المارونية السنة الجديدة برفْع الصوت من أجل الإسراع في انتخاب رئيس جديد، تستمرّ «التحريات السياسية» عن مغزى تطوريْن هما الأبرز في الملف الرئاسي، الأول يتعلق بالدوافع التي حدت بالقطب الأبرز في «14 آذار»، اي الحريري لترشيح أحد أقطاب «8 آذار» اي فرنجية. والثاني يرتبط بأهداف «حزب الله» من جراء إسقاط خيار فرنجية (كان مرشحه الفعلي) وإنْ بذريعة التمسّك بدعم ترشح عون، الذي يسود اعتقاد بأن الحزب لا يريد «ضمناً» وصوله الى الرئاسة.
أوساط محايدة في بيروت، تعتقد انه بمعزل عن مفاضلة «حزب الله» بين فرنجية وعون، فإن «القطبة المخفية في الملفّ الرئاسي هي ان الحزب لا يريد عودة (الحريرية السياسية) الى سابق عهدها في إدارة الحكم، عاد الحريري الى الحكومة أو لم يعد، فالمسألة بالنسبة الى (حزب الله) هي: القرار لمَن؟ وتالياً فإن الحزب الذي لم يَرُق له تفاهم فرنجية - الحريري، لا يستهدف في إحباطه تفاهُمهما فرصة فرنجية بالوصول الى الرئاسة بقدر ما يريد قطع الطريق على عودة (وازنة) للحريري الى السلطة».
وتذكّر هذه الأوساط بالكلام الكثير الذي قيل عن «اجتثاث الحريرية السياسية» يوم أٌقصى «حزب الله» زعيم «تيار المستقبل» عن الحكم في الـ 2011 وجاء بحكومة يترأسها نجيب ميقاتي للإعداد لانتخابات نيابية كانت مقرَّرة في الـ 2013، وسط خريطة طريق محكومة بهدف مركزي يتمثّل في الإتيان بغالبية برلمانية لمصلحة «حزب الله» وفريقه وبمعزل عن الكتلة الوسطية الترجيحية للزعيم الدرزي وليد جنبلاط.
وفي تقدير الأوساط عيْنها ان «(حزب الله) كان يعتزم يومها الإمساك بغالبية برلمانية تتيح له إحداث تعديلات جوهرية في إدارة الحكم على النحو الذي يجعله صاحب الإمرة في تحديد الخيارات الداخلية والإقليمية للبنان في إطار مشروعه الإستراتيجي كقوّة متقدمة في المحور السوري - الإيراني، وخصوصاً انه كان يدرك ان لبنان مرشّح لمكانة أهمّ في ضوء الثروة النفطية الواعدة».
ورغم انكسار شوكة هذا التوجه مع انفجار الصراع في سورية وترنُّح سلطة الرئيس بشار الأسد، واستقالة حكومة ميقاتي، فإن المشروع الإستراتيجي لـ «حزب الله» لم يتبدّل، في رأي تلك الأوساط، التي رأت ان «الحزب الذي ذهب للقتال في ساحات مترامية دفاعاً عن محوره، من سورية الى اليمن مروراً بالعراق، لن يسلّم بعودة الحريري ومحوره الى السلطة، وكأن شيئاً لم يكن».
ومَن يدقّق في المعطيات التي رشحت عن «الأسباب الموجبة» التي دفعت الحريري الى ترشيح فرنجية بـ «مبادرة جدية وغير رسمية»، واعتبار زعيم «المردة» التفاهم مع القطب الأبرز في «14 آذار» فرصة ثمينة لوصوله الى الرئاسة، يكتشف ان «براغماتية» الطرفيْن التي قامت على محاولة اجتراح تسوية لا تضمر إحداث تغييرات في التوازنات التي تدير الحكم، اصطدمت بـ «لا» شبه حاسمة من «حزب الله» الذي بدا من الواضح أنه يربط عملية الإفراج عن الرئاسة بالاتفاق المسبق على سلّة متكاملة من الحلول تشمل إضافة الى الرئاسة، الحكومة (رئاسةً وتوازنات وتركيبة) وقانون الانتخاب الذي تتحكّم طبيعته بما سيكون عليه البرلمان المقبل.

المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,171,693

عدد الزوار: 7,622,746

المتواجدون الآن: 0