الملفات الخلافية على طاولة مجلس الوزراء اليوم.. وكسرُ جليد بين عون وفرنجية

لبنان يستعيد اليوم جدول أعماله المأزوم..هولاند يعاين معاناة النازحين: لا توطين ولفرنسا مرشح واحد هو لبنان والمهم انتخاب رئيس

تاريخ الإضافة الإثنين 18 نيسان 2016 - 5:39 ص    عدد الزيارات 2158    التعليقات 0    القسم محلية

        


 

الملفات الخلافية على طاولة مجلس الوزراء اليوم.. وكسرُ جليد بين عون وفرنجية
الجمهورية...
مع مغادرة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لبنانَ أمس منهياً زيارته كما بدأها، بالتشديد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، رامياً الكرة الرئاسية في ملعب النواب، يُستأنف الخلاف في جلسة مجلس الوزراء الرابعة بعد ظهر اليوم حول ملفّ المديرية العامة لأمن الدولة، والتي سيَسبقها تكريس جديد للشغور الرئاسي في جلسة انتخاب الرئيس الثامنة والثلاثين قبل الظهر، بفِعل عدم اكتمال النصاب النيابي، حسب ما دلّت المؤشّرات ومواقف الأطراف السياسية كافة. وفي هذه الأثناء ستعود فضيحة الإنترنت غير الشرعي إلى طاولة لجنة الاتصالات النيابية في اجتماعها غداً، على أن تنعقد طاولة الحوار بين قادة الكتل النيابية بعد غدٍ الأربعاء في عين التينة، وعلى جدول أعمالها تفعيل عمل المجلس النيابي وتقرير اللجنة النيابية الفرعية في شأن قانون الانتخاب العتيد. غادر الرئيس الفرنسي بيروت عصر أمس إلى القاهرة مختتماً زيارةً للبنان بدأها بعد ظهر السبت، والتقى خلالها رئيس مجلس النواب نبيه بري في المجلس، ورئيس الحكومة تمام سلام في السراي الحكومي الكبير.
وأقام استقبالاً في قصر الصنوبر، ومأدبة عشاء تخلّلتها لقاءات له مع عدد من الشخصيات السياسية، وأبرزهم: الرئيسان السابقان أمين الجميّل وميشال سليمان، الرئيس سعد الحريري، النائب وليد جنبلاط وعقيلته نورا ونجله تيمور، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وزير الخارجية جبران باسيل. كذلك التقى رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية وزار مخيّماً للنازحين السوريين في بلدة الدلهمية البقاعية. وخلال هذا العشاء الرئاسي الفرنسي التقى رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب ميشال عون ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية اللذين كانا مدعوّين إليه، فتبادلا القبَل والتحيات وبدت الابتسامات على محيَّيهما، علماً أنّ لقاءً كان عقِد بين هولاند وفرنجية. وكان هولاند كشفَ عن العمل لـ«تقديم مساعدات فورية لتعزيز القدرات العسكرية اللبنانية لمواجهة الارهاب»، كذلك وعد بالاستمرار في المطالبة بأن يدخل الاتفاق بين فرنسا والسعودية لمساعدة الجيش حيّز التنفيذ. وأعلن انّ المساعدة الفرنسية للّاجئين في لبنان ستصل إلى خمسين مليون يورو هذه السَنة ومئة مليون يورو في السنوات الثلاث المقبلة. ولم يحمل هولاند أيّ مبادرة رئاسية، لكنّه شدد على انّ انتخابَ رئيس الجمهورية هو في يد النوّاب الذين عليهم حلّ هذه الأزمة، مشيراً إلى أنّه عبّر لمن التقاهم عن أملِه في «ان يجد اللبنانيون الحلّ وأن يتمكّنوا من انتخاب رئيس في أسرع وقت، ووضع قانون انتخابي يمكنهم من الانتخاب»، مؤكداً «أنّ لفرنسا مرشّحاً واحداً هو لبنان الذي يجب أن يكون المستفيد الوحيد من الحل اللبناني، ويجب تلافي التدخّلات الخارجية، ومِن المهم للبنان والمنطقة ان ينتخب رئيس جمهورية، والميثاق الوطني يقضي بأن يكون الرئيس مسيحياً، ما هو مهمّ للشرق الاوسط». وأمل في أن يكون هناك رئيس للجمهورية في زيارته المقبلة للبنان.

برّي

وفي هذا الإطار قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس إنّ زيارة هولاند للبنان «كانت زيارة واقعية لم تتجاوز السقف الذي رسَمه الفرنسيون أصلاً لها، وعبّرَ عنه سفيرهم في بيروت، بحيث إنّ الرئيس الفرنسي لم يطرح مبادرة في شأن الاستحقاق الرئاسي، واكتفى بحضّ اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأكّد مساعدة لبنان في ملف اللاجئين السوريين». واستغربَ بري الملاحظات التي طرَحها البعض حول طريقة استقباله الضيف الفرنسي وأكّد أنّه طبّق الاصول البروتوكولية لا أكثر ولا أقلّ. وإذ أكّد بري أنّه قال للرئيس الفرنسي خلال الخلوة التي عقداها إنّه كان يأمل ان يتمّ استقباله في القصر الجمهوري، تساءل من جهة أخرى: «هل كان المطلوب ان نتعاطى مع الرئيس الفرنسي على طريقة استقبال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في المطار».
ومن جهة ثانية قال برّي «إنّ البند الاوّل والاساسي على جدول اعمال هيئة الحوار الوطني في جلستها المقبلة هو تفعيل عمل مجلس النواب» وردّاً على سؤال عن ملفّات الفساد المفتوحة، قال برّي: «المعركة ضد الفساد في قضية الانترنت وقوى الامن الداخلي ستستمرّ حتى النهاية ولا غطاء لأحد سواءٌ كان مدنياً أم عسكرياً، وكلّ من يتعرّض للضغط سواء من القضاة أو غيرهم فليُعلمني ويترك الباقي عليّ».

إستياء ماروني

وفي هذه الأجواء، برز استياء ماروني عارم من عدم زيارة هولاند مقرَّ البطريركيّة المارونية في بكركي، كما درجَ العرف التاريخي بين رؤساء فرنسا وبكركي، واكتفائه بلقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في قصر الصنوبر، خصوصاً في ظلّ غياب رئيس الجمهورية الماروني.

صيّاح لـ«الجمهورية»

وفي هذا السياق، أكّد النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح لـ«الجمهورية» أنّ «الإستياء الماروني الذي تُرجم بردّات فعل عفويّة لا يمكن إخفاؤه، فالعلاقات تاريخيّة بين الموارنة وفرنسا، لكن يبدو أنّ كلّ شيء تغيّر، وفرنسا لم تعُد مهتمّة كما في السابق، ولا يمكننا إلّا أنّ نتفهّم ردّات الفعل المارونية التي حصلت». ولفتَ صيّاح الى أنّ «البطريرك فضّلَ لقاء الرئيس هولاند في قصر الصنوبر على أن لا يلتقيَه نهائياً، ردّاً على عدم زيارته بكركي»، موضحاً أنّ «اللقاء دامَ نحو 45 دقيقة تقريباً سَلّم الراعي خلاله مذكّرة تضمّنَت الهواجس اللبنانية من قضية النازحين السوريين وإمكانية توطينهم في لبنان، إضافةً الى الاوضاع المحيطة بالاستحقاق الرئاسي حيث أكّد هولاند أنّه مستمرّ في سعيه لانتخاب رئيس للجمهورية، كذلك وضع المسيحيين في لبنان والشرق والمخاطر التي يتعرّضون لها، وطلبَ مساعدة فرنسا للبنان وجيشه».

الراعي

وكان الراعي أوضَح أنّه سلّم الى هولاند مذكّرة خطّية حول الشأن الوطني والإقليمي، ودعا السياسيين الى «الإفادة من هذا الكمّ من الزيارات الرسمية التي يقوم بها في هذه الأيام مسؤولون من مختلف الدول الصديقة، وكلّهم حريصون على خير لبنان، دولةً وكيانًا، شعبًا وقيمة ورسالة». وأكّد أنّه «آنَ الأوان للخروج من التصلّب في المواقف وحالة اللاثقة ورهن البلاد للمصالح الشخصية والفئوية». وكرّر دعوتَه النواب الى «القيام بواجبهم الدستوري الأساسي والأول لانتخاب رئيس للجمهورية، لكي تعود الحياة إلى المؤسسات العامة وتدخل الدولة في خطّ النهوض من معاناتها».

عريجي

وقال وزير الثقافة روني عريجي لـ«الجمهورية»: «كما جميع اللبنانيين، كنّا نتمنى ان يكون للبنان رئيس جمهورية يستقبل الرئيس الفرنسي الذي أكّد خلال كلّ محادثاته الدعمَ الفرنسي، لا سيّما على صعيد دعم الجيش ومؤازرته في التصدّي للارهاب، في ظلّ وجود هاجس مشترك بين لبنان والدول الاوروبية، إضافةً الى دعم لبنان في تحمّل أعباء اللاجئين. وقد ترجَم هولاند هذه النيّات إلى أفعال محدودة أعلنَ عنها شخصياً. المحادثات كانت جيّدة ومعمّقة وأثبَتت مرّةً جديدة عمقَ العلاقة اللبنانية ـ الفرنسية، وزيارتُه حملت عنوان «أمن وثقافة»، لأنه وإلى جانب أولوية الأمن، تُولي فرنسا تقليدياً أهمّية خاصة للثقافة ولترويج الثقافة الفرنسية واللغة، ومِن هنا كان اصطحابه وزيرةَ الثقافة الفرنسية التي اتفقتُ معها على تفعيل الاتفاق القائم مع المركز الوطني للسينما الفرنسية ووزارة الثقافة، لأنّ التركيز الأكبر خلال المحادثات كان على دعم قطاع الإنتاج السينمائي».

سعَيد

وفي المواقف، قال منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ«الجمهورية»: «إنّ الايجابية في زيارة الرئيس الفرنسي للبنان هي حصولها، فزيارةُ رئيس دولة للبنان كيفما كانت هي زيارة لتأكيد شرعية هذا البلد على رغمِ غياب رئيس الجمهورية، والخطأ في الزيارة لم ينجم من الرئيس هولاند، بل هو خطأ لبناني، بمعنى انّ اللبنانيين يستقبلون الرئيس الفرنسي وهم مقطوعو الرأس». وأضاف: «لقد تأكّد أنّ هدف الزيارة النازح السوري، بدليل التقديمات المالية التي وعد بها الرئيس هولاند وجاءت في سياق الاحداث التي تشهدها اوروبا وجزء من معالجة هذه الأحداث وضبط النزوح السوري وإبقاء النازحين حيث هم، وطبعاً في لبنان في هذه المرحلة». وعن عدم انعقاد أيّ لقاء بين الرئيس هولاند و»حزب الله»، قال سعَيد: «خلافاً لِما يُحكى، نؤكّد أنّه كان هناك لقاء بين الطرَفين، لكنّه تَعدّلَ لاحقاً لأسباب نَجهلها، لكن من المؤكّد أنّ الإشارات التي يرسلها «حزب الله»هي إشارات غير مشجّعة له، فالحزب أصبح في دائرة الاختناق الكامل، بدليل أنّ إيران تنفتح على فرنسا وتشتري منها 118 طائرة ركّاب من شركة «إيرباص»، بينما الحزب يلغي موعدَه مع رئيسها».

«8
آذار»

وقال مصدر قيادي بارز في قوى 8 آذار لـ«الجمهورية»: «كنّا ندرك في الأساس أنّ هدفَ زيارة هولاند الاوّل هو النازحون السوريون، بدليل إعلانه أنّ بلاده «ستدعم لبنان بـ 50 مليون يورو لمساعدة اللاجئين»، وذلك في محاولة لتوطينهم فيه. أمّا رئاسياً فلا جديد حَمله ولم نكن نتوقّع أصلاً أن تحمل الزيارة أيّ شيء على مستوى الرئاسة، ففي الماضي حاولَ الفرنسيون فتحَ ثغرة في هذا الملف من خلال اتصالاتهم مع إيران لكنّ جوابها لهم كان وما زال أنّه عليكم مراجعة اللبنانيين، فانتخابات الرئاسة في لبنان شأن لبناني، وإيران لن تتدخّل فيه».

«
أمن الدولة»

ومع انتهاء زيارة هولاند تعود الملفّات الخلافية الداخلية الى الواجهة. ويستأنف مجلس الوزراء البحثَ في ملف المديرية العامة لأمن الدولة بنداً أوّلاً على جدول اعماله، بعدما تمّ التفاهم في الجلسة السابقة على إعطائه الأولوية على بقيّة بنود جدول الأعمال.
وأكّدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» أنّ أيّ جديد لم يطرأ في ملف مديرية أمن الدولة وأنّ الأمور تُراوح مكانَها. وكشفَت أنّه على رغم كلّ الكلام الكثير الذي دار في مقاربة إشكالية هذه المديرية لن تكون هناك تسوية ولا حلول على الطريقة اللبنانية إلّا بالقانون». وعليه، توقّعت المصادر أن تبقى الأمور معلّقة وعلى حالها إلى حين اقتناع الجميع بضرورة تطبيق ما ينصّ عليه القانون والمراسيم المتعلقة بإنشاء مديرية أمن الدولة». وأوضَحت أنّ اللقاء الوحيد الذي حصل عشية الجلسة في هذه الشأن، كان بين رئيس الحكومة تمّام سلام والوزير ميشال فرعون مساء السبت ولم يفضِ إلى تفاهم. وفي الوقت نفسه، استبعدت المصادر أن يؤدي هذا الخلاف إلى قلب الطاولة، خصوصاً أنّ المعنيين بالملف مباشرةً وصَلوا إلى نقطة لم يريدوها، ولسوء الحظ استُثمرت، كلّ بحسَب مصلحته، وعليه فإنّ الأمور متروكة لجلسة مجلس الوزراء وطريقة إدارة سلام للجلسة وتعاطيه مع هذا البند الذي تعهّد أن يكون في أولوية جدول الأعمال».
توازياً، قال أحد الوزراء لـ«الجمهورية» إنّ «من المبكر الحديث عن حلّ لملفّ أمن الدولة، فحركة الاتّصالات الجارية ولم تنتهِ بعد إلى أيّ صيغة توافقية تشكّل مخرجاً ممكناً للمشكلة القائمة والتي تفاقمت في الفترة الأخيرة ووضَعت رئيسَ الحكومة ووزير المال علي حسن خليل في مواجهة وزراء حزب الكتائب و»التيار الوطني الحر» وفرعون. وأكّد أحد المعنيين بالملف لـ«الجمهورية» أنّ «استمرار الخلاف لن يؤدي إلى تعطيل أعمال مجلس الوزراء، فالوزراء سيتجاوزون الملفّ بتأجيل البحث فيه الى مرحلة لاحقة، بحيث سيَنتقل البحث إلى العناوين الأخرى ومنها موضوعا: قطعُ البثّ عن قناة «المنار» عبر القمر الصناعي المصري «نايل سات» الذي يتابعه وزير الإعلام رمزي جريج ويسعى الى حلّه، وملفّ الإنترنت غير الشرعي، حيث من المتوقع أن يُطلع وزير الاتصالات بطرس حرب مجلس الوزراء على ما آلت إليه التحقيقات الجارية وأعمال اللجان المتخصّصة التي تبحث في كواليس القضية عن الحقائق المفقودة التي أضاعت ملايين الدولارات على خزينة الدولة». إلى ذلك أمام مجلس الوزراء أكثر من 80 بنداً متبقّياً من جدول أعمال الجلسة السابقة، إضافةَ إلى محتوى ملحق جديد بالجدول يتضمّن 50 بنداً.

باسيل في معراب

وعلى الصعيد السياسي، استقبلَ جعجع في معراب بعد ظهر أمس رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، وأمين سرّ تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب إيراهيم كنعان وعضو الهيئة التأسيسية في «التيار الوطني الحر» الدكتور ناجي حايك، بحضور مدير مكتب جعجع إيلي براغيد ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» ملحم الرياشي. وعقبَ اللقاء الذي استغرقَ ثلاث ساعات، اكتفى باسيل بالقول، ردّاً على أسئلة الصحافيين: «الاجتماع طال لأنّ اجتماعاتنا هي للعمل والإنتاج، وكان اللقاء مثمراً». بدوره، أثنى جعجع على اللقاء قائلاً: «هذا هو الوضع الطبيعي للعمل السياسي، فالمرحلة السابقة كانت شاذّة».
لبنان يستعيد اليوم جدول أعماله المأزوم
بيروت، القاهرة - «الحياة» 
اختتم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زيارته لبنان أمس، وتفقد قبل أن يتوجه إلى القاهرة، مخيماً للنازحين السوريين في البقاع واطلع على أوضاعهم في حضور ممثلين عن المنظمات الدولية المعنية بهذا الملف، واعداً بمزيد من المساعدات لهم للتخفيف من معاناتهم.
وأجمعت مصادر وزارية ونيابية مواكبة لأجواء المحادثات التي عقدها هولاند مع أركان الدولة ورؤساء الكتل النيابية والمرجعيات الروحية، في غياب رئيس للجمهورية بسبب استمرار الشغور في سدة الرئاسة، على التأكيد أنها زيارة تضامنية مع لبنان لإشعار من يعنيهم الأمر في الداخل والخارج بأن العلاقات التاريخية بين لبنان وفرنسا تتجاوز أحياناً الجانب البروتوكولي وأن باريس تولي اهتماماً بالحفاظ على استقرار لبنان وتدعيمه بتقديم المساعدات العسكرية للجيش والقوى الأمنية، خصوصاً في ظل استمرار الحرائق المشتعلة في دول الجوار له، ليبقى واقفاً إلى حين انتخاب رئيس جديد، متعهداً زيارة لبنان فور انتخابه.
ولفتت المصادر نفسها إلى أنه كان في مقدور هولاند أن لا يشمل لبنان في جولته على المنطقة بذريعة غياب نظيره اللبناني، لكنه أراد من خلال زيارته توجيه رسالة سياسية بأن فرنسا ليست في وارد إهمال هذا البلد الذي تربطها به علاقات تاريخية وبالتالي فهو موجود في بال فرنسا حكومة وشعباً.
وقالت إن لبنان يحتل موقعاً مميزاً في خريطة الاهتمام الفرنسي بدول المنطقة، وأكدت أن هولاند يحبذ استمرار الحوار اللبناني - اللبناني ليكون في وسع هذا البلد البقاء على أهبة الاستعداد ما أن تسمح له الظروف باستعادة عمل المؤسسات الدستورية كافة مع انتخاب الرئيس.
ومع مغادرة هولاند لبنان، فإن الأخير، يستعيد جدول أعماله المثقل بالمشكلات وأولها إعادة البحث في جلسة مجلس الوزراء اليوم برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام في أزمة «جهاز أمن الدولة» التي ما زالت تراوح في مكانها من دون الوصول إلى حد أدنى من التفاهم لإعادة الحيوية إليه، وهي الأزمة العالقة بسبب خلاف رئيسه اللواء جورج قرعة مع نائبه العميد محمد الطفيلي وأدت إلى تجميد الاعتمادات المالية المخصصة له لتغطية المصاريف السرية وبدل مهمات السفر إلى الخارج والمجمدة بسبب هذا الخلاف ولا تحل إلا بتوقيعهما معاً على كل المعاملات المالية في هذين المجالين.
وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية بأن سلام التقى ليل أول من أمس، وقبل أن يشارك في مأدبة العشاء التي أقامها هولاند، بدعوة شخصية منه وزير السياحة ميشال فرعون ومن ثم وزير المال علي حسن خليل.
ولم تتسرب أي معلومات عن نتائج هذين الاجتماعين على رغم أن «أمن الدولة» سيحضر بامتياز بنداً أول على جدول أعمال الجلسة.
من جهة ثانية، يلتئم البرلمان اليوم بدعوة من رئيسه نبيه بري، وهي الجلسة الثامنة والثلاثين لانتخاب رئيس جديد من دون الرهان على حصول أي تقدم بسبب تعذر تأمين النصاب القانوني - ثلثي أعضاء البرلمان. وبالتالي فإن مصيرها سيكون مثل سابقاتها بصرف النظر عن حجم الحضور النيابي إلى مبنى البرلمان.
وفي القاهرة اجتمع الرئيسي عبدالفتاح السيسي وهولاند عقب وصوله في زيارته الرسمية الأولى إلى مصر وتستمر يومين، يهيمن عليها ملف التعاون الاقتصادي.
وعقد الرئيسان اجتماعاً، قبل انضمام وفدي البلدين إلى محادثاتهما، ركز على تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين، كما بحثا في الأوضاع الإقليمية ومكافحة الإرهاب، وأكدا دعم الجهود للتوصل إلى تسويات سياسية في الأزمات التي تعاني منها سورية واليمن وليبيا. وعقب المحادثات شهد الرئيسان توقيع عدد من اتفاقات التعاون في المجالين الاقتصادي والعسكري، قبل أن يعقدا مؤتمراً صحافياً تحدث فيه الرئيسان عن التعاون بين البلدين. ومن المقرر أن يلتقي هولاند اليوم رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ويزور البرلمان، قبل أن يختتم زيارته بجولة سياحية.
تسلّم من الراعي مذكرة وطنية ـ إقليمية.. وأوفد إكليلاً رئاسياً «تحيةً للحريري ورفاقه الشهداء»..هولاند يعاين معاناة النازحين: لا توطين
المستقبل..
«لفرنسا مرشح واحد للانتخابات الرئاسية هو لبنان»، بهذه العبارة - الرسالة اختتم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زيارته «جمهورية الفراغ» بعدما كان قد استهلها برسالة مباشرة أخرى للنواب حمّلهم فيها مسؤولية «الجواب» عن السبيل الوحيد لإنهاء الشغور بإقدامهم على انتخاب الرئيس. أما في ملف النزوح السوري، فشكلت المعاينة الميدانية التي قام بها أمس لمعاناة النازحين في مخيم الدلهمية في البقاع مناسبة رئاسية فرنسية لتأكيد التزام مساندة لبنان في تحمّل ورفع أعباء النزوح عن كاهله، مع التشديد في الوقت نفسه على «أولوية» عودة النازحين إلى وطنهم بالتوازي مع نفي أي نية لفرض توطينهم على اللبنانيين.

إذاً، على وقع الرسالة الرئاسية المؤكدة أهمية إسراع اللبنانيين أنفسهم في انتخاب «الرئيس المسيحي (الوحيد) في الشرق الأوسط»، وتلك السيادية المبددة لكل محاولات وحملات الإيحاء بوجود مؤامرة كونية توطينية على لبنان، أنهى الرئيس الفرنسي يوم زيارته الثاني والأخير باستكمال سلسلة لقاءاته في قصر الصنوبر حيث استقبل عند مدخل القصر البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي وعقد معه جلسة عمل تسلم منه خلالها «مذكرة خطية حول الشأن الوطني والإقليمي أسوة بأسلافي البطاركة«، كما أوضح الراعي في قداس الأحد من بكركي، مشدداً في الملف الرئاسي على أنّ «الأوان آن لطرح السؤال حول الأسباب التي تحول دون اكتمال النصاب وانتخاب الرئيس«.

ومن قصر الصنوبر، انتقل هولاند جواً إلى مخيم الدلهمية في البقاع حيث تفقد أوضاع اللاجئين السوريين واستمع إلى مطالبهم. وجدد خلال الجولة التزام فرنسا دعم لبنان ومساندته لتحسين شروط استقبال النازحين على المستويات التعليمية والصحية، وأردف: «العودة هي الأولوية وهذا ما يتمناه أيضاً اللبنانيون الذين أظهروا كرماً كبيراً في الضيافة لكنهم لا يريدون توطين هذه العائلات ولا يريدون أن يروا بعد عدة سنوات المخيمات في بلدهم«، مضيفاً: «من مسؤوليات فرنسا أن نرى إنهاءً للأزمة في سوريا وعملية انتقال سياسية، وهذا ما أفعله منذ أربع سنوات تقريباً من مكافحة الإرهاب والإعلان أنه لا يمكن القبول بالابتزاز الذي يمارسه النظام السوري (...) وعند حلول السلام الذي هو ممكن ستعود هذه العائلات الى بلدها«.

هولاند الذي كان قد التقى مساء أمس الأول في قصر الصنوبر الرئيس سعد الحريري، أوفد أمس السفير الفرنسي ايمانويل بون يرافقه المستشار الأول أرنو بيشو والمستشار الثاني جان كريستوف أوجي وعدد من أركان السفارة الفرنسية لزيارة ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في وسط بيروت، حيث وضع بون إكليلاً من الزهر باسم الرئيس الفرنسي عند الضريح تحية للرئيس الشهيد، ثم زار الوفد الفرنسي الذي كان في استقباله الحريري على رأس وفد وزاري ونيابي، أضرحة الشهداء الوزير محمد شطح واللواء وسام الحسن ورفاق الرئيس الشهيد. ولدى مغادرته دوّن بون كلمة بالفرنسية في سجل الزوار، جاء فيها: «أنحني باسم رئيس الجمهورية أمام ذكرى الشهداء وأوّلهم الرئيس رفيق الحريري ورفاقه. هذا يؤكد أن فرنسا وفيّة للبنان سيد، حر، متنوع ومنفتح، وعلى أنها تريد أن تدعمه قدر المستطاع. عاشت الصداقة اللبنانية الفرنسية».
اختتم زيارته بلقاء قيادات سياسية وروحية وزيارة النازحين في الدلهمية
هولاند: لفرنسا مرشح واحد هو لبنان والمهم انتخاب رئيس
المستقبل...
شدد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان «لفرنسا مرشحا واحدا هو لبنان الذي يجب أن يكون المستفيد الوحيد من الحل اللبناني«، داعيا الى «تلافي التدخلات الخارجية«، واعتبر انه من «المهم للبنان والمنطقة ان ينتخب رئيس جمهورية، والميثاق الوطني يقضي أن يكون الرئيس مسيحيا، ما هو مهم للشرق الاوسط». واعلن ان بلاده «ستستمر في المطالبة باستعادة الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وفرنسا من اجل مساعدة الجيش اللبناني فعاليته، وبالانتظار ستقدم مساعدات عسكرية للبنان». واعلن عن زيادة الدعم الفرنسي للنازحين في لبنان، موضحا ان «عودة النازحين لا تكون عبر ذهابهم الى اوروبا، بل في العودة الى ديارهم واعادة بناء وطنهم وهذا ما يريده اللبنانيين والسوريين«.

وكان الرئيس الفرنسي غادر، بعيد الخامسة من عصر امس، مطار رياق في البقاع، إلى العاصمة المصرية القاهرة، مختتما بذلك زيارة للبنان استمرت يومين، التقى خلالها اول من امس رئيس مجلس النواب نبيه بري في المجلس، ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام في السرايا الكبيرة، والرئيس سعد الحريري وعددا من الشخصيات والمرجعيات الدينية في قصر الصنوبر، فيما زار امس، مخيما للنازحين السوريين في الدلهمية ـ قضاء زحلة.

وكان هولاند انتقل الى البقاع على متن طوافة فرنسية من مطار رفيق الحريري الدولي الى مطار رياق العسكري ورافقه نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل، ورافقته ممثلة الصليب الاحمر الدولي في لبنان ميراي جيرار الى مخيم للنازحين السوريين في منطقة الدلهمية، واستمع من نازحين سوريين فروا من منطقة ادلب الى البقاع طلبا للامن والاستقرار وهربا من الحرب الدائرة هناك منذ سنوات خمس شن خلالها النظام السوري وحليفه الايراني ما يشبه حرب ابادة ضد شعبه تحت ذرائع وحجج كثيرة.

وأفاد مراسل المستقبل في البقاع احمد كموني انه «كان من الواضح تأثر الرئيس الفرنسي بالوضع المأساوي لاكثر من مائة عائلة نازحة تعيش وسط ظروف صعبة في خيم بلاستيكية غير مناسبة للسكن، لاسيما بالنسبة خاصة للاطفال والرضع وهذا ما وجد صداه في كلمته خلال الجولة«، اذ اشار الى أن زيارته «تأتي في إطار التعبير عن المساندة والتضامن مع لبنان ومع اللاجئين والمنظمات الانسانية». وأثنى على «استضافة اللبنانيين للنازحين السوريين وتضامنهم معهم«.

وتطرق الى الوضع التربوي والصحي للأولاد النازحين، فقال: «هناك الكثير من الأولاد مضطرون للعمل في عمر ثماني سنوات لإعالة اهاليهم، وهذا امر غير مقبول. ان فرنسا يجب ان تلتزم بمساندة لبنان، ولهذا السبب وضعنا مبلغ خمسين مليون يورو في تصرف لبنان والمؤسسات الإنسانية فيه لتحسين شروط الإستقبال على المستويات التعليمية والصحية ولإعطاء الأمل لهؤلاء الأولاد«.

وأعلن ان «فرنسا استقبلت نحو الف نازح عام 2015، وستستقبل الفين هذه السنة وفي السنة المقبلة». وقال: «ان ما تطلبه هذه العائلات النازخة ليس السفر الى الخارج انما العودة السريعة الى ديارها، واعمار بلدها. العودة هي الأولوية وهذا ما يتمناه اللبنانيون ايضا، انهم لا يريدون توطين هذه العائلات، اللبنانيون اظهروا كرما كبيرا في الضيافة لكنهم لا يريدون ان يروا بعد عدة سنوات المخيمات في بلدهم«.

أضاف: «من مسؤوليات فرنسا ان نرى انهاء للأزمة في سوريا وعملية انتقال سياسية، وهذا ما افعله منذ اربع سنوات تقريبا، من مكافحة الإرهاب والإعلان انه لا يمكن القبول بالإبتزاز الذي يمارسه النظام السوري. يجب ان تجلس كل القوى المعنية في سوريا الى طاولة المفاوضات لإيجاد حل سياسي. وعند حلول السلام الذي هو ممكن، ستعود هذه العائلات الى بلدها، ولكن يجب مرافقة الأطفال الذين شهدوا العنف والمجازر، وهذا ما يحصل الآن، وانا احيي العمل الذي يقوم به اللبنانيون، لتنشئة وتعليم هؤلاء الأطفال الذين سيتمكنون من اعادة اعمار بلدهم عند عودتهم اليه«.

ووجه رسالة الى اللاجئين والمنظمات الإنسانية واللبنانيين، بأن من واجبه الإعلان عن «مساعدة فرنسية اضافية مخصصة للاجئين للمساهمة في تخفيف العبء عنهم وايجاد الحل السياسي». وقال: «من واجبنا ايضا ضمان الامن للبنانيين، ولذلك اعلنت بالامس عن مساعدة فرنسية للجيش، تعلمون انه كان هناك اتفاق بين المملكة العربية السعودية وفرنسا من اجل مساعدة الجيش وقد تم تعليقه، لكن فرنسا ستستمر في المطالبة بأن يستعيد هذا الإتفاق فعاليته، وبالانتظار ستقدم مساعدات عسكرية للبنان«.

وردا على سؤال عن لقائه المسؤولين اللبنانيين اول من أمس، قال: «كان اللقاء استثنائيا، التقيت كل ممثلي الاحزاب وعبرت لهم عن موقفي وتمنياتي بان يجد اللبنانيون الحل وأن يتمكنوا من انتخاب رئيس بأسرع وقت، ووضع قانون انتخابي يمكن اللبنانيين من الانتخاب، وقلت لهم ان لفرنسا مرشحا واحدا لهذه الإنتخابات وهو لبنان الذي يجب أن يكون المستفيد الوحيد من الحل اللبناني، ويجب تلافي التدخلات الخارجية، ولهذا لا اسمح لنفسي ان اتدخل ولكن اقول ببساطة انه من المهم للبنان والمنطقة ان ينتخب رئيس جمهورية، والإتفاق يقضي بأن يكون الرئيس مسيحيا، ومن المهم ان يكون هناك رئيس مسيحي في منطقة الشرق الاوسط«.

بعد ذلك تناول هولاند الغداء مع ممثلي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الفرنسية غير الحكومية العاملة مع اللاجئين، والتقى مدربين فرنسيين في الجيش الفرنسي وجنودا لبنانيين.

وترافقت زيارة هولاند الى البقاع مع اجراءات امنية مشددة على طول الطريق التي سلكها موكب الاعلاميين من بيروت وصولا الى البقاع فمدخل المخيم، حيث تولت القوى الامنية التفتيش الدقيق.

وكان هولاند قبيل انطلاقته الى البقاع، استقبل في قصر الصنوبر البطريرك الماروني الكاردينال بشاره بطرس الراعي وقيادات روحية أبرزها: مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان، والنائب السابق سمير فرنجية والوزير السابق زياد بارود وعددا من الشخصيات السياسية والناشطين في منظمات المجتمع المدني. ووضع اكليلا من الزهر على ضريح الجندي المجهول داخل المبنى.
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,291,597

عدد الزوار: 7,627,038

المتواجدون الآن: 0