أخبار وتقارير...لئلا تصل مشاريع التقسيم إلى تركيا..جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر هل تتمكّن من مراجعة أفكارها ؟

عن انحسار صورة جمهورية إيران ...إيديولوجية السلطة: خمسون عاما على التعليم في سورية..«اللاسامية» تهدد المؤيدين للعرب في حزب العمال البريطاني

تاريخ الإضافة الأحد 1 أيار 2016 - 7:14 ص    عدد الزيارات 2218    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

لئلا تصل مشاريع التقسيم إلى تركيا
الحياة...جورج رجّي... * كاتب لبناني مقيم في فرنسا
تفجيرات متلاحقة في أنقرة وإسطنبول وديار بكر وبورصة، حصدت حوالى مئة قتيل وثلاثمئة جريح، والمخطط الذي أفرزها وأطلقها مستمرّ في السعي إلى زعزعة الوضع السياسي والاجتماعي المتمثل بسياسة الرئيس رجب طيّب أردوغان، رئيس حزب «التنمية والعدالة»، وهو حزب إسلامي معتدل يحاول التوفيق بين النظام العلماني الديموقراطي الذي خلّفه مصطفى اتاتورك، والصحوات الدينية أو التوسّعية المتبقية بعد انتهاء عهد السلطنة العثمانية وقد دامت حوالى أربعمئة سنة، عرفت بلدان الشرق الأوسط في ظلها ما سمّي على صعيد الآداب والعلوم والفنون بعصور الانحطاط قبل أن تستفيق العروبة بأصوات روّادها الذين هاجر معظمهم إلى مصر بعيداً من تسلط الإمبراطورية.
هذا التمهيد الذي يرتبط بالسياسة التركية، أو العثمانية قبل مئة عام، ضروري لمعرفة ما يجري في جمهورية اتاتورك، حيث تحوّلت تركيا إلى عضو فعال في حلف بغداد، الذي سقط عام ١٩٥٨ مع سقوط الحكم الملكي، وكان رئيس وزرائها عدنان مندريس مسؤولاً أساسياً عمّا جرى للبنان عامي ١٩٥٧ و ١٩٥٨ خلال ولاية الرئيس كميل شمعون حين كانت تركيا تبعث بالمال والسلاح الى بيروت لمحاربة الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسورية أيام الثورة الناصرية، وحين تدخّلت الولايات المتحدة بإرسال الأسطول السادس الى مياه بيروت لمنع المزيد من تدهور الأوضاع إلى أن تم الإجماع الدولي والإقليمي والعربي واللبناني على انتخاب الجنرال فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية عام ١٩٥٨ لولاية ست سنوات تمكن خلالها من ضبط الأوضاع وتجديد الأمل بالدولة من طريق النزاهة التي عرفت عنه، ومن أبرز منجزاته مجلس الخدمة المدنية ومؤسسة الضمان الاجتماعي وذكراه تتجدد قيمة بالمقارنة مع ما خلفه من عهود رئاسية رافقها الفشل أكثر مما رافقها النجاح.
ومع التبسط في هذه المرحلة من أحداث الشرق الأوسط، يطل دور تركيا كعضو أساسي في حلف شمال الأطلسي، وهو الحلف الذي حماها من نفوذ الاتحاد السوفياتي قبل سقوط الاتحاد، والحرص على دعم إستقرارها مرة من طريق تدخل الجيش التركي بالسياسة وتسلم الأحكام، ومرات من طريق تشجيع المساعي المدنيّة والديموقراطية حيث نجح حزب الرئيس أردوغان في التوفيق بين توجهات العسكر ورغبات الشعب التركي، وإنما عبر صعوبات برزت بصورة خاصة في نضال أكراد الشرق الأوسط من العراق الى سورية، فتركيا من أجل إقامة دولة لهم، تمثل دولة كردستان طليعتها، بمعزل عمّا يمكن ان يتحقق من هذه الدولة، وعمّن يمكن ان يحكمها، لا سيما أن زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان لا يزال سجيناً لا يحاكم خشية ردود الفعل، ولا يخرج منه للتفاوض حول مستقبل الأكراد في تركيا وعددهم يبلغ ربع عدد السكان على الأقل حسب التقديرات غير الرسمية، من أصل ثمانين مليون تركي يعيشون جغرافياً ضمن مساحة تبلغ نحو مئة وثمانية آلاف كيلومتر مربع... وبالعودة الى التفجيرات الانتحارية التي شهدتها تركيا والتي قد تستمر ما بين مدينة وأخرى، وهي تفجيرات منسوبة الى حزب العمال الكردستاني، يصير التساؤل عن مغزى هذه الأحداث الشديد الأهمية، في مجرى التطورات السياسية المقبلة، من حيث قدرة حزب «العدالة والتنمية» على إحتواء الأزمات الأمنية ومنع اتساعها، أو من خلال خطة الجيش التركي الصامتة والدائمة للتدخل في شؤون الحكم بواسطة أي إنقلاب قد يساعد على استتباب الأمن موقتاً ولكنه يهدد مجمل التجربة الديموقراطية الدقيقة القائمة ويجعل التيارات المتصارعة داخل البلاد تنادي جميعاً بالعودة الى الديموقراطية التّي يتمسّك الحكم الحالي بالتركيز عليها في مساعيه لدخول الاتحاد الأوروبي على رغم معارضة الدول الأوروبية الثماني والعشرين أعضاء الاتحاد لهذا المطلب.
وأما على الصعيد الإقليمي حيال الجارة إيران، وحيال النكبة التاريخية التي وقعت بالعراق بعد إسقاط حكم البعث العربي الإشتراكي، وزعيمه صدام حسين عام ٢٠٠٣ بواسطة القوات الأميركية، فإن الدور التركي يتأرجح بين تدخّل وآخر في الشؤون العراقية، من ناحية ضرب النشاط الكردي، وفي الشؤون السورية، من ناحية التأثير بالحرب الدائرة منذ خمس سنوات، مرة من طريق إيواء اللاجئين السوريين، ومرات من طريق دعم المعارضة السورية في وجه نظام الرئيس بشار الأسد، وهي تقلبات ظهر أثرها حتى اليوم في تركيا على الصعيد الكردي، وقد يظهر قريباً على الصعيد العلوي لأن نسبة المواطنين الأتراك العلويين تصل الى الملايين وإن لم تبلغ نسبة عدد الأكراد.
تقف تركيا حالياً أمام نفسها وأمام مسؤولياتها الإقليمية والدولية محتاجة إلى رأي عام داخلي متماسك وراء حكم الإعتدال - إذا جازت تسميته بالاعتدال - حتى تمنع انفجار الأوضاع الداخلية والوصول الى ارتفاع أصوات التقسيم والإنفصال والشلل الذي يعانيه العراق العربي أو تعانيه سورية العربية بدورها بما هو أوسع وأخطر إذا لم تنجح محاولات المصالحة الوطنية.
ولئن صح أن أعضاء حلف شمال الأطلسي لن يتخلّوا عن دولة بحجم تركيا، فإن الأصح هو أن إرادة أكثرية الشعب التركي هي التي تفرض الحلول لتجنّب المزيد من الزعزعة الأمنية، ومن أخطارها الواضحة على وحدة البلاد، قبل أن تتفاقم الأوضاع وتخسر تركيا رصيدها المعنوي خارجياً، بانصرافها لملاحقة مدبري الإنفجارات، وهي تعرفهم وينبغي لها معرفة كيف تضع حداً لنشاطهم، سواء بالقمع الأمني أو بالحوار السياسي الذي لا بد منه.
والعلاقات التركية العربية بصورة خاصة تتطلب من أنقرة وضوحاً صريحاً يجعلها تحافظ على ما لها من تقدير وما يمكن أن تتعاون فيه مع العرب متحررة من رواسب التسلط العثماني البائدز
إن التطورات السلبية التي يعيشها العالم العربي منذ نحو خمسين عاماً، وفي مشرقه بخاصة، تتصل بالخلاف العربي- الإسرائيلي، وتمتد آثارها حتى الآن الى بعض بلدان المغرب العربي، تونس وليبيا على سبيل المثال - وبعض بلدان أفريقيا بالتالي، حيث يمكن القول إن ظاهرة «داعش»، أو «القاعدة» أو «طالبان» في أفغانستان وباكستان، من قبل، ما هي إلا حركات تمهيدية لهزات سياسية واجتماعية وأمنية عميقة وصلت إلى الدول الأوروبية، في طريقها الى الولايات المتحدة القادرة قبل سواها، من دول العالم على اعتماد سياسة واعية شاملة تحترم إرادة الشعوب وحريتهم في التعبير وتطلّعاتهم الى غد أفضل تحدده السيادة والكرامة بعدما قضت العولمة على أي استقلال حقيقي.
ولعل زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الرسمية لتركيا بعد زيارته مصر فضلاً عن ترؤسه وفد بلاده في مؤتمر الدول الاسلامية في إسطنبول، لعلها تساهم إيجابياً في تطوير العلاقات التركية - العربية وفي تدعيم الاستقرار الداخلي في تركيا نفسها.
جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر هل تتمكّن من مراجعة أفكارها ؟
الحياة...مختار شعيب ..* كاتب مصري
في الثلاثين عاماً الأخيرة، خضع مجتمع «الإخوان» المسلمين لجيل من القادة (ومنهم الحاليون) ممن تأثّروا جداً بأفكار سيد قطب؛ مفكر الجماعة في خمسينات وأوائل ستينات القرن المنصرم.
كان لسيد قطب دور أساسي في تعزيز مفهوم التنظيم أولاً، والذي يؤمن بأن مجتمع «الإخوان» هو تمثيل حصري للطليعة القرآنية المؤمنة، المنوط بها وحدها إعادة تأسيس الإسلام والتحدث باسمه في عالم اليوم، ومن ثم فإن كل شيء جائز إذا كان ضرورياً لجماعة الإخوان ومجتمعها.
وساهمت سمات التنظيم الشبكي في تماسك الجماعة ومواجهة ما تعرضت له من محن عبر تاريخها الطويل، خصوصاً أواصر العقيدة والهوية، مع سيطرة آليات التربية والتعبئة والتوظيف والترقية، فضلاً عن شبكات من المصالح المشتركة: المال والعلاقات الاقتصادية والعلاقات الشخصية والعائلية، والولاءات العابرة للحدود الوطنية، والتي شكلت منها طائفة اجتماعية مغلقة ومتماهية فقط مع نفسها داخل المجتمع المصري والعربي، تعاملت مع المختلفين معها إما بطردهم منها أو بدفعهم إلى الاستقالة، وهذه الأمور تفرض على قادة الإخوان المعتدلين عدم الشروع في أي مراجعات مع النظام أو داخل التنظيم.
كما أنشأت الجماعة التنظيم السري الخاص وجناحه العسكري، وأمعنت في استخدام العنف ضد المجتمع بنوعٍ من الاستعلاء والابتعاد عن الواقع وإنكار الحقائق، وحرص الإخوان طوال تاريخهم على استدعاء كل العناصر المنتمية إليهم أو الموالية لهم مع استبعاد ما دون ذلك من قوى سياسية أخرى.
وهذا المنهج ما زال مسيطراً على كل قيادات الجماعة بما يمنعها من احتواء غيرها والتوافق معه، وهذا ما أثبتته تجربتهم في مرحلة ما بعد الربيع العربي. فهي تعتبر نفسها مجتمعاً مضاداً ومؤهّلاً لتمثيل الشعب وقيادته إلى عالم جديد، بحيث تستبدل الدولة الحديثة القائمة بأخرى جديدة تسمى «دولة الإخوان»، وأظهرت الجماعة أنها حركة ملتزمة بأطر أيديولوجية متطرفة وليست معتدلة كما أشيع عنها، فلا تدعم جماعة الإخوان الخطاب المؤيد للديموقراطية، وبدلاً من ذلك بدت أكثر انحيازاً إلى التفسير والفهم السلفيين في هذه المسائل، خصوصاً الدينية منها، بالإضافة إلى التأطير الأيديولوجي لرسالة الجماعة كما عبّر عنها سيد قطب. وبالتالي فإن أعضاء جماعة الإخوان ليسوا تلك النسخة الشرق أوسطية من الديموقراطيين المسيحيين التي يتصوّرها بعض المحللين السياسيين الغربيين، فالإخوان ليسوا لاعبين من يمين الوسط يقتفون أثر نزعتهم الاجتماعية والثقافية المحافظة دينياً ضمن حدود الديموقراطية الليبرالية كما هي حال الأحزاب الديموقراطية المسيحية في أوروبا.
فالإخوان وجماعات الإسلام السياسي في مصر وبلاد أخرى كالجزائر وليبيا وسورية وأفغانستان، تتعامل في شكل انتقائي مع الديموقراطية الليبرالية كأدوات فقط، وأهمها العمليات الانتخابية، وهي لا تزال غير راغبة وغير قادرة على تحمّل مسؤولية إجراء تغييرات كبيرة في أيديولوجيتها، ولا سيّما مفاهيمها عن الهوية والمواطنة والحرية الدينية والحريات العامة والخاصة والمساواة بين الجنسين والسيادة الشعبية وحكم الشعب، خصوصاً أنهم لا يمتلكون نظرية واضحة عن الدولة يمكن ترجمتها إلى سياسة. إذ تلتزم جماعة الإخوان بإقامة دولة إسلامية تخضع إلى السيطرة الاستبدادية للجماعة التي احتكرت التعبير عن قيم الإسلام، نافية هذا الحق عن الآخرين. وهذه الميول السلطوية للجماعة هي الخطر الحقيقي على الهوية الوطنية والوحدة والأمن القومي والحريات والديموقراطية.
كما أن حال الإنكار للحقيقة التي يعيشها الإخوان وعدم قبول غير ما يعتقدونه صحيحاً، يجعل الجماعة متردّدة في الاعتراف بالأخطاء، وبسبب ذلك خسرت عبر تاريخها الطويل فرصاً لاحت لها في مصر والدول العربية الأخرى للاندماج في المجتمع والنظام السياسي الحاكم، أولها في أربعينات القرن المنصرم والثانية عقب 1952 والثالثة في بداية سبعينات القرن العشرين والرابعة بعد أحداث الربيع العربي، لإعادة تكييف وضعها القانوني أو إجراء إصلاحات تنظيمية وحركية عميقة. واتجهت إلى أساليب عنيفة مع الدولة والمجتمع وممارسة رسائل التحدي، كما يحدث حالياً.
لذا يبدو أن حدوث تحوُّل إيجابي عميق في الأيديولوجية والتكتيكات والأهداف بالنسبة إلى الجماعة مستبعد في ضوء الوضع الراهن، خصوصاً أن الصراع الحالي والتاريخي طرفاه الإخوان وأنصارهم من جهة والمجتمع ومؤسسات الدولة وتحديداً الجيش والشرطة، من جهة ثانية، وما يمثله ذلك من خلفيات تنافسية وثارات سياسية ممتدة من القرن الماضي، ما يمنع الإخوان من القيام بأية خطوة تراجعية إلى الخلف تؤكد انهزامهم السياسي واعترافهم بالخسارة أمام خصوم تاريخيين- الجيش والشرطة- طالما انتظر الإخوان الوقت المناسب والمرحلة المواتية لإزاحتهم من المشهد، خصوصاً أن الاتجاه الرئيس في الإخوان حالياً يعتبر العنف خياره الأفضل في مواجهة الجيش والشرطة.
علاوة على ذلك، قد يرى النظام الحالي- على غرار ما حدث في عهدي السادات ومبارك- أن له مصلحة فعلية في عدم دعم مثل هذه المراجعة وتصوير الإخوان كجماعة إرهابية، ومن ثم استمرار وجودهم كلاعب في الفضاء العام وخارج النظام كفزاعة للشعب والغرب معاً وعدواً للاستقرار والأمن، بما يساهم في صرف الأنظار عن الفشل الحكومي في إرساء الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية وغيرها من المواضيع المزعجة له، وجعل الصراع السياسي في إطار الجدل التاريخي حول العلمنة في مقابل الأسلمة، أكثر منه تجاه المناقشات حول الديمــوقراطــية، أو العلاقات بين المدنيين والعسكــريــين، أو المســاءلـــة العــامة والشفافية، أو التنمية الاقتصادية العادلة والمستدامة، أو تدابير مكافحة الفساد. وهو ما يجعل النظام الحالي مستفيداً من حالة إقصاء الإخوان وتقديمهم طوال الوقت كعدو للشعب ولأمنه واستقراره، لذا فسيناريو المراجعة إشكالي للغاية ومستبعد في المدى القصير على الأقل.
وعوضاً عن سيناريو المراجعة تراهن جماعة الإخوان من خلال تبني سياسة النفس الطويل وسيناريو الاحتجاجات المتواصلة، على نزع شرعية النظام الحالي وتحقيق مكاسب في المدى الطويل، مثل استنزاف النظام حتى يذعن لشروطها، فربما تزيد الأزمة الممتدّة امتعاض الناس من الطريقة التي يدير بها النظام الأمور، وبما تنزع الشرعية عنه في ظل الوضع الاقتصادي الصعب.
وبالإضافة لاستغراقها في سرديتها الخاصة عن الشرعية المغتصبة والطابع غير الشرعي للنظام الحالي، فإن آلة الدعاية الحربية الطابع للإخوان والدعم الذي يتلقونه من التنظيمات التكفيرية والمسلحة والتلاقح العابر للحدود مع الجماعات السلفية الجهادية خارج مصر، تصب المزيد من الزيت على النار مع عودة وانتشار الخطاب التكفيري في الأعوام الثلاثة الماضية.
لذا تراهن جماعة «الإخوان» على تكرار سيناريو 25 يناير وترفض أي دعوات للمراجعة أو تقدّيم أي تنازلات كما ترفض المشاركة في العملية السياسية الجديدة بهدف نزع الشرعية عنها وتصفها بأنها إقصائية وغير تعددية وغير ديموقراطية، والأهم من ذلك أنها معادية للإسلاميين بل للإسلام نفسه. لذا تلجأ الجماعة إلى الحرب الدعائية من خلال وسائل الإعلام وشبكات الإنترنت لتحقيق هذا الهدف.
ومن ثم يتجاوز نطاق الإصلاحات الضرورية قدرة الإخوان على القيام بها نظراً إلى طبيعة أيديولوجية الجماعة وهويتها ومهامها وتنظيمها وقيادتها في الوقت الحالي، وإذا ما وضعت هذه الإصلاحات موضع التنفيذ، سيكون الباب مفتوحاً أمام فرص ظهور حركات إسلامية جديدة تتجاوز جماعة الإخوان، وهذا تطوّر ترفضه الجماعة في شكل قاطع، وهنا تكمن المشكلة الرئيسة.
عن انحسار صورة جمهورية إيران
المستقبل..ماجد كيالي
عملت جمهورية إيران الإسلامية، منذ قيامها (أواخر سبعينيات القرن الماضي)، على تعزيز شرعيتها ونفوذها الإقليميين، لاسيما في المشرق العربي، بالاستناد إلى خطاب أيدلوجي شعبوي، هو خليط من خطاب ديني وثوري، مركزه القضية الفلسطينية، معطوف على مقاومة الامبريالية والمقاومة المسلحة ضد إسرائيل. وقد دعمت إيران كل ذلك بإنشاء قوّة عسكرية وازنة في لبنان (حزب الله)، ودعم اقامة جماعات ميليشياوية مسلحة في العراق، مع انشاء جمعيات في كل مناطق الجمهور «الشيعي» في البلدان العربية. وفي كل ذلك فقد سعى نظام «الولي الفقيه» في إيران، إلى اعتبار ذاته بمثابة المركز للعالم الإسلامي، ولتيارات الاسلام السياسي، ليس الـ»شيعية»، فحسب، بإقصاء أو تهميش المراكز الأخرى، لاسيما في النجف في العراق أو في جبل عامل في لبنان، وإنما الـ»سنّية» أيضاً.

معلوم أن نفوذ إيران الفعلي تصاعد كثيراً مع سقوط نظام صدام، وفي مناخات الاحتلال الأميركي للعراق (2003)، حيث بدا أن الولايات المتحدة عملت لإيران، ما لم تستطعه هذه لوحدها، إذ أضعفت العراق (تماما مثلما خدمها في أفغانستان)، لكأنّ الولايات المتحدة دفعت من كيسها ثمن احتلال العراق، في حين استطاعت إيران حصد نتائج كل ذلك بنفوذ وازن في العراق، بأقل أكلاف ممكنة.

مع كل ما ذكرناه فإن نفوذ إيران الإقليمي ظلّ موضع شكّ وشبهة، وظلّ في إطارات محدودة، لأسباب متعدّدة أهمها الطابع المذهبي للخطاب السياسي والإسلاموي لإيران، وبحكم أنها لم تستطع أن تقدم النموذج لدولة منفتحة، لا باعتبارها دولة إسلامية، ولا باعتبارها دولة ديمقراطية. فبالنسبة لكونها دولة إسلامية فقد اتّسم الخطاب الديني لإيران بالتشدّد، وبهيمنة آيات الله على كل مناحي السلطة في إيران، وبتبنّي نهج «الولي الفقيه»، فضلا عن الطابع المذهبي المكشوف؛ ما ارتدّ عليها سلباً، وحدّ من إمكانية توسيع نفوذها في الإطارات الشعبية في البلدان العربية، ذات الأغلبية المذهبية «السنية». أما بالنسبة لاعتبارها دولة ديمقراطية، فمن البديهي أن الاعتبارات السابقة تفيد بإضعاف المبنى الديمقراطي في نظام الحكم، وباختزال الديمقراطية إلى مجرد لعبة انتخابية (على أهميتها)، لاسيما بالنظر لتحكّم رجال الدين بالتشريع والقضاء وبأجهزة الدولة ومواردها.

فوق ذلك فإن دعم إيران لقوى حزبية مسلحة ليست موضع إجماع في بلدانها، بل تعتبر عامل تصدّع، على غرار حزب الله في لبنان، وإلى حد ما حركة حماس في فلسطين، وبعض القوى المذهبية الميليشيوية في العراق واليمن، أثار الشبهات حول خطاباتها وأدوارها الإقليمية.

على الصعيد الاقتصادي فإن إيران لم تستطع أن تشكّل أنموذجاً ناجحاً أو مناسباً يمكن تمثله، أو الاعتداد به، فهذه الدولة التي تمتلك ثروات هائلة من النفط والغاز يساوي ناتجها السنوي الناتج السنوي نفسه لتركيا، او حتى أقل منه، (نحو 1000 بليون دولار مقابل 1.300 بليون لتركيا)، وحجم صادراتها الصناعية (من دون الغاز والنفط) لايزيد عن 20 بليون دولار، أي أقل من تركيا بكثير، رغم ثروتها الطبيعية تلك ورغم أن مساحتها تبلغ ضعف مساحة تركيا؛ هذا فضلا عن ارتفاع نسبة الفساد والبطالة والفقر فيها.

أيضا، فقد بدت إيران، لاسيما بعد أن عزّزت نفوذها في العراق، أكثر استعداء واستفزازاً للنظام العربي الرسمي السائد، وهي كانت على الدوام تحرّض عليه، بدعوى خنوعه أمام إسرائيل، وخضوعه لإملاءات الولايات المتحدة، ما وضعها في مواجهته.

بيد أن أهم أسباب سرّعت في تقويض صورة إيران وانحسار نفوذها إنما تكمن، أولا، في انكشافها كدولة دينية، أو كالدولة الدينية الوحيدة في المنطقة، التي تحتكم لرجال الدين. وثانيا، في انكشافها كدولة تشتغل على اساس طائفي، وتعمل على شق وحدة مجتمعات المشرق العربي، على اسس مذهبية «سنية» و»شيعية»، وهو الأمر الذي اخفقت فيه إسرائيل. وثالثها، وقوفها مع نظام الأسد، القائم على الفساد والاستبداد. وفي كل ذلك، فعدا عن استعدائها للأنظمة العربية، فقد استعدت إيران قطاعات واسعة من المجتمعات في المشرق العربي، في لبنان وفلسطين والعراق والأردن وسورية.  هكذا فإن الثورات الشعبية العربية هي التي كشفت إيران ووضعتها في حجمها الحقيقي، وكشفت خواء ادعاءاتها بالثورية وبالديمقراطية.
 
إيديولوجية السلطة: خمسون عاما على التعليم في سورية
د. ريمون المعلولي، أستاذ جامعي وباحث في التربية من سورية.
معهد واشنطن.. منتدى فكرة
قبل عام 2011 كان المشهد السائد على مدى عقود في سورية هو اعتلاء عَلمُ حزب البعث الحاكم "للدولة والمجتمع"، وصورة الرئيس "القائد" ونُصبه على كل المنصات العامة، وفي أروقة مؤسسات الدولة وأجهزتها، وفي الساحات العامة، وحتى في المؤسسات غير الحكومية.
ونالت مؤسسات التعليم النصيب الأوفر من ذاك المشهد: الجامعات، والمدارس، مؤسسات المنظمات الطلابية. حيث طغى على كل عناصر المنظومة التعليمية، فعَلمُ البعث وصور الرئيس مطبوعة على الوثائق التعليمية: أغلفة الكتب التعليمية والسجلات الرسمية، وفي أركان الجامعات والمدارس وداخل حجرات وقاعات التعليم، وتم تشريب مضامين جميع المناهج تقريباً بأفكار الحزب والقائد، وبات على الطلاب حفظ أقواله وسيرته، ومؤتمرات الحزب ودور القائد فيها...
وبعد شهور قليلة على اندلاع الانتفاضة الشعبية في آذار عام 2011، وفي خضم التخبط والارتباك الذي أصاب أجهزة النظام الحاكم- اختفى عَلمُ الحزب من المشهد، وظهر العَلمُ الوطني في كل مكان، حتى على صدور الحزبيين وأنصارهم. خفتت نغمة نشيد الحزب، وارتفعت أنغام نشيد البلاد الوطني. حصل ذلك دفعة واحدة ما دعا للاعتقاد بأن ثمة توجيهاً بذلك من قيادة الحزب كان بمثابة رسالة للمعارضين مؤداها أن هذا النظام وطني، وأن ممارساته ضدهم هدفها حماية الوطن من المؤامرة.
لقد أولى حزب البعث منذ تسلمه السلطة اهتماماً خاصاً بالنظام التعليمي. ومنذ مطلع سبعينات القرن الماضي غدت السياسة التعليمية مرتبطة ارتباطا عضوياً بالسياسة، حيث جرى العمل على تطبيع المنظومة الثقافية- التربوية- الرسمية وغير الرسمية- وجعلها منظومة موجهه بأهداف سياسية حزبية غايتها إعادة إنتاج النظام السياسي - الاقتصادي المسيطر واستمراره. وذلك من خلال الدستور والقوانين، وآليات تنفيذ ملائمة.
فدستور البلاد (1973) نص على أن "حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة، ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية". (المادة الثامنة من الدستور، 1973). كما نصت المادة (21) من الدستور بأن غاية النظام التعليمي" إنشاء جيل قومي عربي اشتراكي علمي التفكير ومرتبط بتاريخه وأرضه، معتز بتراثه، مشبع بروح النضال
من أجل تحقيق أهداف أمته في الوحدة والحرية والاشتراكية، والإسهام في خدمة الإنسانية وتقدمها".
وتم استثناء قطاع التعليم من التنافس الحزبي في ميثاق الجبهة "على أطراف الجبهة غير البعثية أن تتعهد بالعمل على وقف نشاطاتها التنظيمية والتوجيهية في هذا القطاع". (ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية، 1972). وشكلت المنطلقات الفكرية لحزب البعث العربي الاشتراكي ورؤيته للمجتمع والدولة إطاراً مرجعياً للسياسة التعليمية، وباتت "الديموقراطية الشعبية" الأنموذج الذي يتم العمل في إطاره لإعداد المتعلمين. وتولت قيادة الحزب أمر توجيه العملية التعليمية من خلال مكتبين: مكتب التربية والطلائع لمرحلتي التعليم الأساسي والثانوي، تتبعه مكاتب تعمل في إطار فروع الحزب في المحافظات. ومكتب التعليم العالي لمرحلة التعليم الجامعي، وترتبط به فروع الحزب في الجامعات.
تصوغ المكاتب الحزبية السياسة التعليمية، وتُعيّن غاياتها، وتحدد بناها المؤسسية، وتصدر التعيينات للمناصب الرفيعة - بعد أن تنال الموافقات الأمنية اللازمة ومروراً بمكتب رئيس الجمهورية – وذلك لإدارة المؤسسات التعليمية.
وتوثيقاً لربط التعليم بالحزب تم إحداث "منظمات تربوية غير نظامية تعمل إلى جوار المنظومة التربوية الرسمية، وتكمل وظيفتها وهي: منظمة طلائع البعث، واتحاد شبيبة الثورة، والاتحاد الوطني لطلبة سورية، تتمتع بهياكل تنظيمية مستقلة وأطر قانونية ومالية، تعمل مع جمهور واسع من الطلبة من سن السادسة وحتى سن الرابعة والعشرين. أوكلت لها وظيفة دعم المؤسسات النظامية في تحقيق أهداف السياسة التربوية. فهي بمثابة منظمات " رديفة للحزب تسهم في تحقيق أهدافه في "الوحدة والحرية والاشتراكية".
لقد تأسس الاتحاد الوطني للطلبة عام 1963 باعتباره منظمة" تعمل على تنظيم الطلبة في الجامعات والمعاهد، ومنذ عام 1966 عُدَّ الممثل الوحيد الرسمي لجميع طلاب سورية في المرحلة الجامعية. ومن أهدافه: "الإيمان بأهداف الأمة العربية في الوحدة العربية والحرية الفكرية والعيش المشترك وتعزيز روح انتماء الجماهير الطلابية إلى الوطن، والولاء لقائده، وتعميق روح الوطنية والإسهام الكامل في تعزيز بناء الوحدة الوطنية."
وفي عام 1968 تم إنشاء اتحاد شبيبة الثورة باعتباره منظمة تربوية سياسية تعنى بتربية الفتية من عمر 12-18 سنة، ويشترط أن لا يكون الشاب المنتسب لها منتمياً لأي تنظيم سياسي غير حزب البعث. علماً بأن جميع الطلاب في المرحلتين الإعدادية والثانوية أعضاء طبيعيين فيه فهو الممثل الوحيد لهم.
وفى عام 1974، تم تأسيس منظمة طلائع البعث بقرار من القيادة القطرية للحزب وتضم كل أطفال المرحلة الابتدائية وقد عُرِّفت بأنها "منظمة تربوية سياسية تضم أطفال القطر العربي السوري في مرحلة التعليم الابتدائي، وتعمل على تربيتهم تربية قومية اشتراكية، مستمدة مضامينها الفكرية والعقائدية من فكر حزب البعث ومقررات مؤتمراته القومية والقطرية".
تمارس هذه التنظيمات نشاطاتها استناداً لبرامج تأخذ اهتمامات الفئات المستهدفة من الطلبة بعين الاعتبار من خلال تقديم أنشطة كثيرة ومتعددة: ثقافية، سياسية، صحية، اجتماعية علمية، تعليمية رياضية، فنية، بيئية، معلوماتية. تُمارس من خلال أشكال من الأنشطة: الندوات والمؤتمرات وورش العمل، والمسابقات والحوارات والمهرجانات وحفلات تكريم المتفوقين، والرحلات والمخيمات والأعمال التطوعية، والملتقيات الدولية. والأسابيع الثقافية والمنتديات الاقتصادية الاجتماعية، المحاضرات، والمعارض، والمعسكرات العلمية والإنتاجية، وتبادل الوفود الطلابية، والأعمال البيئية التطوعية.
وعلى مدى خمسة عقود انتشرت في المجتمع السوري وفي مؤسساته منظومة من القيم والسلوكيات كان للنظام التعليمي النصيب الأوفر في إنتاجها ورعايتها: الولاء للحزب، الطاعة للقائد والإيمان بقدراته، وخلود فكره، الانغلاق السياسي والثقافي، القمع كسبيل لحسم الاختلاف والصراع والتوتر، الدوغمائية، التزلف والتقرب من مراكز السلطة. وأصبح معيار الوطنية الموالاة للحزب والدولة، والافتخار والطاعة للقوانين والوعي بالواجبات، إنها "تربية وطنية" يصبح الفرد من خلالها منتمياً ومفتخراً بالوطن وبقيادته السياسية الحكيمة".
هكذا يمكن القول بأن ثمة مجموعة من السمات تطبع السياسة التعليمية في سورية منه: إطارها المرجعي هو مزيج من الثقافة المجتمعية العامة، والفكر القومي- الوطني وتجلى في مبادئ الحزب، وفكر القائد ورؤيته للمجتمع والدولة والفرد، والغاية هي تنشئة أجيال تتعايش مع مجتمع شمولي ذات نزعة وطنية - قومية متعالية، من خلال تكوين وعي جمعي يوحد أفراد المجتمع في بوتقة ثقافية واحدة، لأن ذلك شرط أساسي من شروط استقرار النظام الاجتماعي– السياسي. وعليه فإن الفرد- المتعلم- ليس أكثر من عنصر ضمن الجماعة، تتحقق مصالحه داخلها ومعها. ووفقاً لذلك، فالطالب ليس سوى عنصر داخل المجتمع تتحقق مصالحة بتحقق مصالح المجتمع ككل.
كما تتميز السياسة التعليمية أيضا بانها منفتحة على جمهور واسع من خلال تعميم إلزامية التعليم الأساسي ومجانيته، ومجانية التعليم الثانوي ولكن من دون إلزام، وسياسة استيعاب الشباب في التعليم الجامعي، مع ضعف في معايير القبول وتراخيها من خلال الامتيازات التي تمنح لبعض الفئات من الشباب – على أسس حزبية وسياسية.
وسيطرة النزعة المركزية عند صياغة الأهداف التربوية ووضع الخطط التعليمية. فعمليات التخطيط والإدارة والتوجيه تتم من خلال إدارة تربوية مركزية. وبالتالي يكون دور المواطن فيها كشريك معدوم تقريباً، مع وجود هامش ضئيل للمبادرة الفردية على مستوى التنفيذ.
وبالرغم من محاولات النظام الحاكم في السنوات الخمس الأخيرة العمل على إبراز النزعة الوطنية في الحياة العامة للبلاد وإخفاء النزعة الحزبية، إلا أن هذه المحاولات لم تتجاوز التغيير السطحي، فهي لم تبلغ الجذور العميقة لتبعية النظم المجتمعية ومعها النظام التربوي للنظام السياسي. فتحت ضغط النهوض الجماهيري الذي انطلق في سورية منذ مارس/ آذار 2011 ومراعاة لضغوط عالمية وإقليمية، يجري إدخال بعض التعديلات/ التكييفات على الحياة السياسية- والتربوية، من ذلك نذكر: إلغاء المادة الثامنة من النسخة المعدلة للدستور السماح لأحزاب الجبهة المشاركين في الحكم بالعمل في الجامعات مع الطلاب، تعديل عدد من المناهج التعليمية لناحية تضمينها بمفاهيم جديدة تعطيها صبغة ديموقراطية منفتحة، مع تقليص بعض المضامين ذات الصلة بالحزب ومؤتمراته، والقائد وأقواله، وغيرها من تعديلات/ تكييفات شكلية.
«اللاسامية» تهدد المؤيدين للعرب في حزب العمال البريطاني
لندن - «الحياة» 
غرق حزب العمال البريطاني أمس في تداعيات «أزمة اللاسامية»، والتي أطاحت بقياديين معروفين بتأييدهم للعرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً، مثل عمدة لندن السابق كن ليفنغستون الذي جُمّدت عضويته بسبب قوله إن هتلر كان مؤيداً للصهيونية في ثلاثينات القرن الماضي، ما أثار حملة شعواء ضده. وتهدد هذه الأزمة فرص العمال في تحقيق نتائج جيدة في الانتخابات المحلية المقررة الخميس، وسط مزاعم بأن تيار الزعيم السابق للحزب توني بلير يريد إفشاله في الاقتراع بهدف تحميل زعيمه الحالي جيريمي كوربن المسؤولية تمهيداً للتخلّص منه ومن سياساته اليسارية.
واندلعت الأزمة قبل أيام بعدما كشف تعليقات أدلت بها النائبة العمالية ناز شاه على موقع للتواصل الاجتماعي وأيّدت فيها «ترحيل» الإسرائيليين للعيش في الولايات المتحدة، ما أطلق اتهامات بأنها معادية للسامية. واعتذرت شاه لليهود ولزملائها في مجلس العموم، علماً أنها كتبت تعليقها المثير للجدل قبل انتخابها لعضوية البرلمان عن إحدى دوائر مدينة برادفورد الإنكليزية. وفي حين أعلن كوربن قبوله اعتذار شاه، انبرى أحد أقرب المقربين منه عمدة لندن السابق كين ليفنغستون للدفاع عنها رافضاً اتهامها باللاسامية والخلط بين اللاسامية وانتقاد سياسات حكومات إسرائيل. لكن ليفنغستون زاد الأزمة تعقيداً بدل أن يساهم في حلها، إذ أكد في معرض دفاعه عنها أن هتلر كان مؤيداً للصهيونية عندما جاء إلى سدة الحكم عام 1932، قبل أن «يصاب بالجنون» ويتبنى خيار ترحيلهم إلى معسكرات الإبادة النازية خلال الحرب العالمية.
وأطلقت تصريحات ليفنغستون ثورة غضب ليس فقط في الأوساط المؤيدة تقليدياً لليهود، ولكن داخل حزب العمال حيث هاجمه نواب محسوبون على تيار بلير. كما انتقده النائب المسلم صادق خان ودعا إلى تجميد عضويته، علماً أن خان بدوره يتعرض لحملة عنيفة تتهمه بالدفاع عن «إرهابيين». ويخشى خان، كما يبدو، أن يؤثر ذلك في فرص فوزه بمنصب عمدة لندن الخميس، علماً أن الاستطلاعات ما زالت تعطيه تقدماً على منافسه الرئيسي مرشح المحافظين زاك غولدسميث.
وفي ظل تصاعد حملة «اللاسامية»، تجرّع كوربن «كأس السم» وجمّد عضوية حليفه ليفنغستون، وشكّل «لجنة تحقيق» مستقلة تقودها الحقوقية شامي شكرباتي في شأن مزاعم اللاسامية والمواقف العنصرية الصادرة عن مسؤولي الحزب. ومن المفترض أن تنتهي اللجنة من عملها خلال شهرين، لكن كوربين سيستبق النتائج بإعلان «قواعد سلوكية» جديدة في شأن العنصرية أمام اللجنة التنفيذية الوطنية للحزب خلال أيار (مايو) الجاري. وستتضمن هذه القواعد إرشادات في شأن «التصرفات المقبولة» واللغة المسموح باستخدامها لضمان أن الحزب «لا يتهاون في قبول أي شكل من أشكال عنصرية، بما فيها اللاسامية».
وكرر ليفنغستون أمس تصريحه عن تأييد هتلر للصهيونية، على رغم معاقبته من قيادة حزبه. وقال لإذاعة «أل بي سي» اللندنية إنه «لا يأسف لقول الحقيقة»، وإنه تحدث عن «حقائق» تاريخية لا يمكن نكرانها، مستشهداً برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي «أدلى بتصريحات مماثلة»، في إشارة إلى قول الأخير إن هتلر أراد التخلص من اليهود بإرسالهم إلى فلسطين لكن الزعيم الفلسطيني الراحل الحاج أمين الحسيني أقنعه بـ «حرقهم»، وهو أمر يقول باحثون إنه غير صحيح. وكان لافتاً أن ليفنغستون غمز من قناه مؤيدي بلير في الحزب واتهمهم بالسعي بالوقوف وراء ضجة مزاعم اللاسامية للتأثير في فرص الحزب في انتخابات الخميس، ما يسمح لهم بتحميل كوربن مسؤولية الخسارة.
أردوغان يُعد وزير النقل لخلافة داوود أوغلو
الحياة...أنقرة – يوسف الشريف 
أصبح الخلاف علانية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو على رغم حرص الأخير على إخفائها، وذلك بسبب تصريحات وسياسات الرئيس أردوغان الذي لا يبدو على القدر نفسه من الحرص في إخفاء أي سجال يحدث بين الرجلين.
وفوجئت قواعد حزب «العدالة والتنمية» الحاكم بقرار اللجنة المركزية التي تتبع غالبيتها للرئيس أردوغان، تقليص صلاحيات زعيم الحزب داود أوغلو من دون سبب يذكر، ما يحرمه من حق تعيين ممثلي الحزب في المحافظات والمديريات، وينقل صلاحية تعيينهم إلى اللجنة المركزية المكونة من خمسين شخصاً.
وكانت أنباء إعلامية مقربة من الحزب سربت سابقاً أن داود أوغلو كان قد بدأ منذ بداية العام الجاري بتغيير مسؤولي مكاتب الحزب في عدد من المحافظات والمدن بهدوء، خصوصاً أولئك الموالين للرئيس أردوغان وتعيين آخرين موالين له، وأن الرئيس أردوغان أبدى انزعاجه من هذا الأمر. والمعروف أن اللجنة المركزية الحالية للحزب اختار معظم أسمائها الرئيس أردوغان وفرضها على داود أوغلو الذي حاول إدخال بعض الأسماء المقربة منه اليها لكنه فشل. كما لا يخفى على أحد أن قيادات الحزب في المحافظات تدين بالولاء للرئيس أكثر من زعيم الحزب، وهو وضع يقيد يدي داود أوغلو ويجعل الرئيس أردوغان القائد الفعلي.
وكثف صحافيون مقربون من القصر الرئاسي من كتاباتهم النقدية لداود أوغلو أخيراً، واتهموه بالعمل على تشويه سمعة وزير النقل والاتصالات بن علي يلدرم المقرب من أردوغان والمرشح لخلافة داود أوغلو في زعامة الحزب في حال انقطع حبل الود مع أردوغان، وذلك من خلال تسريب صورة لابن يلدرم يلعب القمار في إحدى الدول الآسيوية لإحدى وسائل المعارضة، وهدده صراحة عدد من الكتاب برد قاسٍ من القصر، بل إن الصحافي نصوحي غونغور قال عبر التلفزيون «إنه ليس سراً أن العمل يجري على استبدال داود أوغلو لأنه أثبت فشله في قيادة الحزب وتطبيق سياسات أردوغان».
ولفت الرئيس انتباه الكثيرين بتصريحات تقلل من شأن أي نجاح سياسي يحققه داود أوغلو، مثل انتقاده لاتفاقية تبادل اللاجئين السوريين مع دول الاتحاد الأوروبي، والتي يعتبرها داود أوغلو أهم نجاح سياسي خارجي حققه أخيراً، وكذلك إصراره على جمع مجلس الوزراء في قصره من وقت الى آخر، حيث أعلن أردوغان أنه سيجمع الوزراء الأسبوع المقبل من أجل مناقشة عدد من القضايا الأمنية.
ويختلف الرجلان في طريقة التعامل مع عدد من القضايا مثل الملف الكردي والسوري والنظام الجديد للدستور الذي يريده أردوغان رئاسياً، بينما يتردد داود أوغلو بين رأي أن انتخابات حزيران (يونيو) الماضي تشير إلى رفض الشارع للموضوع، لكن إصرار أردوغان يدفعه الى طرحه من جديد.
 

المصدر: مصادر مختلفة

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 172,207,677

عدد الزوار: 7,665,529

المتواجدون الآن: 0