اخبار وتقارير...مصر… القمع كعقيدة رسمية..الاقتراض مشكلة وليس الحل...حين يعتذر الغرب عن دعم للديمقراطية لم يقدمه...أنقرة تقرّ بخلاف مع موسكو حول مصير الأسد..انتقدت الاستراتيجية الأميركية وبنت «آلية قوية» مع موسكو بشأن سوريا وأنقرة تلوّح للغرب بخيارات دفاعية أخرى...لائحة أهداف!

الصراع الفكري يدخل ساحة المعركة مدججاً بالسلاح؟..عناصر «داعش» الأجانب وعالمية الإرهاب...التحالف: مقتل ٤٥ ألفاً من داعش العامين الماضيين..بوتين يتّهم كييف بـ«الإرهاب» إثر الإعلان عن إحباط هجمات في القرم

تاريخ الإضافة الخميس 11 آب 2016 - 6:50 ص    عدد الزيارات 2126    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

مصر… القمع كعقيدة رسمية
كارنيغي...المصدر: Getty.. عمرو حمزاوي..     مقال تحليلي09 آب/أغسطس 2016القدس العربي
ملخّص: 
بات الحكم السلطوي في مصر يعتمد بشكلٍ شبه أحادي على القدرات القمعية، وعلى ممارسات الضبط والتعقب الأمني التي يتجاوز نطاقها المعارضين الفعليين والمحتملين ويتّسع ليشمل عامّة الناس.
ليس بغريب أن ينكر الحكم في مصر وضعية الأزمة المستحكمة التي يرتبها الإخفاق الاقتصادي والاجتماعي وينتجها إطلاق اليد القمعية باتجاه المواطن والمجتمع. ليس بغريب أن يراوح الحكم فيما خص المظالم وانتهاكات الحقوق والحريات المتراكمة بين نفي حدوثها وبين توصيفها كحالات فردية «جاري التعامل معها» من قبل السلطات العامة.
ليس بغريب أن يتورط بعض الرسميين في التحريض على العقاب الجماعي لمعارضي الحكم وفي الترويج لغرائز الانتقام دون أن يتوقف أحد في دولاب الدولة أمام هذه الكارثة أو يبدي شيئا من الاهتمام بتداعياتها السلبية على القليل المتبقي من ثقة الناس في المؤسسات والأجهزة العامة وكذلك في إمكانية العدل في بر مصر. ليس بغريب أن تستنزف الموارد العامة المحدودة بين الكلفة الباهظة «للمشروعات الكبرى» التي يعلن عنها دون دراسات علمية جادة وبين تضخم موازنات الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وأن تتواصل من ثم عمليات الاقتراض والاستدانة من الخارج وتتراجع بشدة فرص التنمية المستدامة.
ليس أي من ذلك بغريب. فنظم الحكم السلطوية يندر أن تنجح اقتصاديا واجتماعيا، وهي تمعن عادة في إنكار القمع ونفي الظلم، وبعضها يعتاش بالفعل على صناعة متجددة باستمرار «للأعداء» الذين تستطيل قوائمهم وتبرر ممارسات العقاب الجماعي بحقهم. ومن الطبيعي هنا أيضا أن يكون الوجه الآخر لجمهوريات القمع والخوف التي تنتجها السلطوية هو سطوة الأجهزة الأمنية وتهميش كل ما عداها داخل بنية الدولة وسلطاتها ومؤسساتها العامة، وأن تمسك بالحكام بارانويا الخوف من المواطن والمجتمع على الرغم من أسوار القمع العالية التي يشيدونها لإخضاعهما والموارد التي يهدرونها في تزييف الوعي العام لمقايضة الناس بالخبز والأمن على الحق والحرية. لا يأمن حكام النظم السلطوية أبدا جانب المواطن، ويجعلون من «الاشتباه» فيه أساسا لتعقبه وتهديده بالقمع وتعريضه له. لا يأمنون أبدا جانب المجتمع الذي قد لا تنطلي عليه طويلا ألاعيب تزييف الوعي، وسرعان ما يظهر التململ من الظلم فالاستياء من المظالم متبوعا بالمطالبة بمحاسبة المتورطين والبحث عن بدائل أفضل لإدارة شؤون البلاد.
لكل ذلك، يتصاعد انتقال الحكم السلطوي في مصر إلى اعتماد شبه أحادي على القدرات القمعية، وعلى ممارسات الضبط والتعقب الأمني التي يتجاوز نطاقها المعارضين الفعليين والمحتملين ويتسع ليشمل عموم الناس.
القمع هو عقيدة الحكم الرسمية، والحاكم وأعوانه تسيطر عليهم بارانويا «الأخطار الخفية والمؤامرات السرية»، والأجهزة العسكرية والأمنية والاستخباراتية تقصي جميع منافسيها بعيدا عن دوائر الحكم وتستتبع السلطات العامة وتفرض على النخب الاقتصادية والمالية شراكة «الربح نظير التأييد» وشراكة «الحماية نظير الامتناع عن المعارضة» وتهيمن على الفضاء العام على نحو يغتال حريته وموضوعيته.
لكل ذلك، يوظف الحكم السلطوي في مصر استراتيجية إضافية سبقته إلى توظيفها نظم استبدادية وسلطوية أخرى هي إماتة السياسة وإلغاء البدائل عبر التسفيه. والمعني هنا هو المحاولات الممنهجة من قبل دوائر الحكم لتشويه الحياة السياسية المدنية في مجملها، وتعزيز الاعتقاد بأن فقط الجنرالات وأصحاب الخلفيات العسكرية والأمنية والاستخباراتية هم القادرون على إدارة شؤون البلاد وتحقيق الصالح العام.
لكي تموت السياسة وتلغى البدائل بتسفيهها، تختزل الدولة بكامل مؤسساتها وأجهزتها إلى المكون العسكري-الأمني، أما المكون المدني للدولة فيوصم بأمراض العجز والقصور وعدم الانضباط التي تتطلب هيمنة العسكريين والأمنيين عليه ووصايتهم على عمليات صنع القرار في سياقاته ودوائره المتنوعة. تلغى أيضا ممارسة القدرة الفعلية للهيئات التشريعية والقضائية والإدارية الرقابية المنوط بها (دستوريا وقانونيا) إخضاع المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية والاستخباراتية للمساءلة والمحاسبة على ممارسة مهامها. ولنا، من بين وقائع كثيرة ومتكررة أخرى، في غوغائية «إعلانات الولاء والعرفان والتقدير» للمؤسسة العسكرية التي وجهت بها قبل أيام محاولة نائب برلماني التساؤل داخل البرلمان صاحب اختصاص التشريع والرقابة بشأن رواتب العسكريين وإعفاءاتهم الضريبية دلائل مريرة على وضعية ممثلي الدولة فوق الدولة التي بلغها (أو عاد إليها) الجنرالات ومن يليهم في الهيراركيات العسكرية والأمنية والاستخباراتية. لكي تموت السياسة بتسفيهها يظل رأس السلطة التنفيذية دون بديل، تظل السلطوية الحاكمة بهيمنة العسكريين والأمنيين دون بديل، تظل النخب المدنية التي ارتضت التبعية للمكون العسكري-الأمني عاجزة بالمطلق عن الابتعاد عن استدعاءات الجنرالات، يظل الإعلام العام والخاص مسخرا للاغتيال المعنوي لكل فكرة بديلة أو رمز بديل أو شخصية عامة بديلة.
لكل ذلك، يضرب الفشل ومعه الملل مفاصل الحكم السلطوي في مصر. فممارسة المزيد من القمع والضبط والتعقب الأمني لا تحتاج أبدا إلى إجتهاد استثنائي من قبل الحاكم وأعوانه، والرتابة المرتبطة بإماتة السياسة وإلغاء البدائل يصعب التقليل من تداعياتها على عموم الناس الذين يتوالى انصرافهم عن وعود «المشروعات الكبرى والإنجازات القادمة» ويخيم العزوف وفقدان الأمل على علاقتهم بالشأن العام. وهنا، حين ينقلب القمع إلى سيطرة فاشلة وتنقلب إماتة السياسة إلى استراتيجية رتيبة، تشرع معاول هدم السلطوية في العمل وحتما ستزج بمصر إلى صراعات مجتمعية تتجدد وعمليات انتقال ستحمل فرص البناء الديمقراطي مثلما ستأتي بأخطار عجز الدولة والانفجارات الأهلية.
الاقتراض مشكلة وليس الحل
كارنيغي...المصدر: Getty.. عمرو عادلي..     مقال تحليلي03 آب/أغسطس 2016الشروق
ملخّص: 
قد لا يكون هناك اعتراض مبدئي على الاقتراض من الخارج ولا على التعامل مع صندوق النقد الدولي، لكن ثمة حتماً تحفظات على حجم التمويل الذي تسعى إليه الحكومة المصرية، وعلى أوجه الإنفاق التي ستذهب إليها هذه القروض.
قد لا يكون هناك اعتراض مبدئى على الاقتراض من الخارج ولا على التعامل مع صندوق النقد الدولى، ولكن حتما هناك تحفظات على حجم التمويل الذى تسعى إليه الحكومة كما جاء على لسان وزير ماليتها «٢١ مليار دولار على ثلاث سنوات»، وعلى أوجه الإنفاق التى ستذهب إليها هذه القروض نتيجة مخاوف حقيقية من عدم قدرة الاقتصاد المصرى على خدمتها عندما تستحق فى السنوات القليلة القادمة.
يعانى الاقتصاد المصرى من فجوة تمويلية دولارية تقدر بنحو ٨ إلى ١٠ مليارات دولار سنويا هى مجموع ما يحتاجه الاقتصاد لتمويل التزاماته الخارجية ووارداته، والتى لا يولدها الاقتصاد فى ظل تراجع معدلات النمو، خاصة القطاعات المولدة للعملة الصعبة مثل التصدير وقناة السويس والسياحة وضعف الاستثمارات الأجنبية، وقد جرى سد هذه الفجوة بين ٢٠١٣ و٢٠١٥ من خلال تدفقات لمعونات وودائع وتسهيلات من بلدان الخليج العربى قدرت بنحو ٢٣ مليار دولار، ولكن نظرا لعدم قدرة الحكومة وقتها على إتخاذ أى إجراءات فعالة لإعادة هيكلة مالية الدولة أو لإعادة إطلاق معدلات النمو، فقد ذهبت هذه الأموال الطائلة حرفيا فى بلاعة تمويل الواردات، ونجحت بشكل مؤقت للغاية فى بناء الاحتياطيات الدولارية، ولكن حالما توقفت فى مطلع ٢٠١٥ عادت الاحتياطيات لما كانت عليه عند ديسمبر ٢٠١٢ «نحو ١٥ مليار دولار أى بما يغطى ثلاثة أشهر فقط من الواردات مقارنة بـ٣٥ مليار فى يناير ٢٠١١ بما كان يغطى تسعة أشهر».
حاولت الحكومة مع مؤتمر شرم الشيخ فى مارس ٢٠١٥، جذب تدفقات رأسمالية دولارية ضخمة من خلال الاستثمارات المباشرة، والتى كان يؤمل أن تسهم فى علاج العجز فى ميزان المدفوعات، وفى إعادة بناء الاحتياطى النقدى الأجنبى، وفى الوقت ذاته تدعم جهود رفع معدلات النمو والتشغيل، وتمكن الحكومة من تخفيض العجز فى الموازنة دون آثار انكماشية كبيرة على الاقتصاد، ولكن الظروف العالمية والإقليمية والمحلية تآلفت على الحيلولة دون تحقيق أية انفراجة تذكر فى هذا الملف، ودخلت البلاد طيلة السنة الماضية فى أزمة نقص الدولار بما خنق من فرص التعافى، وأصبح يضع ضغوطا هو نفسه على استعادة النمو، ودفع الاقتصاد إلى حالة قريبة من الركود التضخمى، حيث ترتفع الأسعار فى ظل نمو ضعيف. والآن تطرق الحكومة الباب الثالث لتحقيق هذا التدفق، وهو الاقتراض من الخارج.
قد يكون من المبكر الحديث عن تفاصيل الاتفاق مع صندوق النقد الدولى وما سيحمله من شروط تقشفية كخفض الدعم ورفع الضرائب أو عن حجم التمويل تحديدا، ولكن يبدو أن المخطط الحكومى هو سد الفجوة التمويلية السنوية فى السنوات القليلة القادمة من خلال الاقتراض الخارجى من مؤسسات مالية عالمية كالصندوق والبنك الدوليين وربما اللجوء بعد هذا لطرح سندات دولارية بالاعتماد على ما سيحدثه الاتفاق مع هذه المؤسسات من تخفيض فى تكلفة الاقتراض ومخاطره، وستذهب هذه الأموال المقترضة لسد العجز فى الموازنة أى تمويل جهود إعادة هيكلة مالية الدولة، تبعا لتصريحات مسئولين مصريين، وفى ظل هيكل الإنفاق الحالى فإن المصروفات كلها تقريبا جارية وليست استثمارية، أى من غير المرجح أن تولد عائدا فى المستقبل يفى بخدمة الديون هذه عند استحقاقها، وفى المقابل فإن الرهان الحكومى هو على تحسين أوضاع الاقتصاد الكلى ومؤشراته، وإيجاد حل ــ مؤقت بالطبع لأزمة العملة، والحصول على ما يسميه المسئولون «شهادة ثقة» من صندوق النقد على أمل جذب الاستثمارات الأجنبية ورفع معدلات النمو بما يمكن من خدمة ما عليها من ديون خارجية.
وهذا الرهان ينطوى على مخاطر بالغة الارتفاع خاصة فى ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية التى تظهر مؤشرات واضحة للانكماش ما يعنى أن فرص نمو الاقتصاد المصرى بمعدلات مرتفعة ضعيفة سواء من خلال التصدير «مع الركود فى منطقة اليورو أكبر شريك تجارى لمصر» أو بجذب رءوس أموال «فى ظل تركز الاستثمارات الأجنبية فى مصر فى قطاعى البترول والغاز واللذين تضررا كثيرا من انخفاض الأسعار العالمية منذ ٢٠١٤» ومع ارتباط السياحة بالظروف الأمنية المحلية والإقليمية بالغة التوتر، ولذا قد لا يكون من المناسب أن تستهدف الحكومة تمويلا خارجيا ضخما لإطلاق النمو الاقتصادى خاصة أن الاقتصاد المصرى ليس لديه قطاع صادرات صناعى أو خدمى قوى يمكن التعويل عليه لتحقيق التدفق الدولارى اللازم فى حال استعادة النمو لخدمة الديون الخارجية، وهو النموذج الذى اعتمدت عليه تركيا منذ ٢٠٠٢، ونجح جزئيا، فعلى الرغم من ضخامة الديون الخارجية «نحو ٦٠٪ من الناتج القومى الإجمالى مقارنة بـ١٤٪ فى مصر» إلا أن قطاع الصادرات التركى الصناعى مع السياحة قد نجحا فى توليد ما يكفى لخدمة هذه الديون، والتى هى فى أغلبها ديون قطاع خاص «نحو ثلثى الإجمالى»، أما فى مصر فهذا من غير المرجح حدوثه فى ظل استمرار الاعتماد على الصناعات الاستخراجية.
ما البديل إذن؟ ستقوم الحكومة بتطبيق إجراءات تقشفية فى جميع الأحوال، وسيكون لهذه آثار اقتصادية واجتماعية مؤلمة تترجم التدهور الاقتصادى منذ ٢٠١١، ولكن سعى الحكومة للاستفادة من هذه الإجراءات عن طريق الاقتراض من الخارج هو رهان فى غير محله، لأنه سيعرض البلاد لا فحسب لآلام التقشف والانكماش، إنما سيخاطر بأن تواجه البلاد بعد عدة سنوات دينا خارجيا بالغ الضخامة تئن تحت ثقل خدمته دون أن يحقق نموا مستداما، فالأفضل أن يتم تجنب الاقتراض من أجل تمويل الاستهلاك، وأن يكون فى المقابل التركيز على بناء اتفاقات سياسية لتحمل إجراءات تخفيض العجز «ربما حتى باتفاق مع صندوق النقد ولكن بدون مبالغ الاقتراض الضخمة»، على أساس أن السياق الاقتصادى العالمى هو فترة تخفيف التكلفة الاجتماعية للتباطؤ وليس فترة إطلاق النمو والتوسع.
 
حين يعتذر الغرب عن دعم للديمقراطية لم يقدمه
كارنيغي...المصدر: Getty.. عمرو حمزاوي..     مقال تحليلي05 آب/أغسطس 2016الشروق
ملخّص: 
لم تنتظر الدوائر الرسمية والأكاديمية في الغرب طويلاً لكي تستدعي حديث «الاستثناء العربي»، ما إن اتّضح تعثّر عمليات الانتقال الديمقراطي في البلدان التي شهدت ثورات في العام ٢٠١١.
لم تنتظر الدوائر الرسمية والأكاديمية فى الغرب طويلا لكى تستدعى حديث «الاستثناء العربى» ما إن اتضح تعثر عمليات الانتقال الديمقراطى فى بلدان ثورات ٢٠١١.
تدهورت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية فى تونس ومصر بين ٢٠١١ و٢٠١٣، فعلل العديد من الرسميين والأكاديميين الغربيين ذلك بعدم أهلية البلدين لتجاوز الحكومات السلطوية. أما حقيقة أن السنوات الأولى للانتقال الديمقراطى عادة ما يصحبها تراجعات وأزمات مجتمعية خانقة كما بينت خبرات بلدان أوروبا الشرقية والوسطى وأمريكا اللاتينية منذ تسعينيات القرن العشرين فتم تجاهلها.
خلال السنوات الماضية، اشتدت فى تونس ومصر صراعات النفوذ والمصالح بين المؤسسات الرسمية القوية وبين المجموعات الاقتصادية والمالية المحسوبة مع النظام القديم وبين المجموعات المناوئة التى كانت تبحث عن الاستحواذ على النظام الجديد.
وعلى الرغم من كون صراعات كهذه تكررت دون استثناء فى جميع البلدان التى حاولت الانتقال من السلطوية إلى الحكم الديمقراطى شرقا وجنوبا، اعتبرها الغربيون دليلا قاطعا على الفشل المحتوم للتجربتين التونسية والمصرية وربطوا دون تحليل موضوعى بينها وبين الخصوصيات المتوهمة لطغيان دور الدين فى الحياة العامة أو للهيمنة المستمرة لثقافة سياسية سلطوية الطابع أو لصراعات «الإسلاميين والعلمانيين» التى حتما ودوما ستقضى على التجارب الديمقراطية.
وعندما حملت الفترة الممتدة بين عامين ٢٠١٢ و٢٠١٣ انهيار تجربة الانتقال الديمقراطى فى مصر، لم يبحث الكثير من الغربيين فى الأسباب المحددة لإخفاق القوى السياسية والمجتمعية فى بناء توافق عريض حول خطة محددة لإدارة الانتقال والتفاوض بشأنها مع المؤسسات الأمنية التى كان طبيعيا أن تقاوم بناء الديمقراطية ومع المصالح المرتبطة بالنظام القديم التى تخوفت بشدة من الإقصاء والتجريد من امتيازات الثروة والنفوذ والمكانة.
تجاهلوا كل هذه التفاصيل، ووقفوا يصرحون فى اللقاءات السياسية وفى المنتديات الأكاديمية أن فشل الانتقال الديمقراطى فى مصر كان قدرا محتوما وأن الخيار الأفضل «للمصريين» هو العودة إلى الحكم السلطوى المتسق مع خصوصياتنا التى لا يريدون التوقف عن توهمها.
وحين تجاوزت تونس خطر انهيار مشابه للانهيار المصرى وتمكنت الأطراف المشاركة فى الحياة السياسية بمساعدة المجتمع المدنى من صياغة رؤية توافقية لإدارة الانتقال الديمقراطى وإدارة تفاوض هادئ مع قوى النظام القديم ودمجها دون خطيئة الإقصاء، صنف الغربيون الحالة التونسية كاستثناء على الاستثناء العربى. ولم ينظر بموضوعية فى دلالات عدم انهيار تجربة الانتقال الديمقراطى فى تونس وفى الدروس الواجب استخلاصها لجوار تونس العربى. فالأصل لدى الغربيين هو استحالة بناء الديمقراطية فى بلادنا، وتونس يمكن تصنيفها كحالة خاصة يحتفى بها لبعض الوقت بجائزة نوبل للسلام وبإشادات عالمية متكررة ثم تلقى جانبا دون نظر فى إمكانية استنساخها عربيا.
فخانات الظواهر القابلة للاستنساخ عربيا غلقت أبوابها فقط على استمرارية السلطوية وتوابعها: ١. الأزمات المجتمعية التى تدفع دولنا ومجتمعاتنا إلى مصائر الانهيار إن نحن تخلينا عن تأييد الحكومات السلطوية، ٢. الحروب الأهلية وحروب الكل ضد الكل فى بلدان كالعراق وسوريا وليبيا واليمن إن نحن حاولنا إزاحة حكام مستبدين، ٣. الإرهاب المتجاوز لحدود الدول الوطنية ومآسى النزوح والتهجير واللجوء. أما البحث عن حاضر عربى تصان به الحقوق والحريات وسيادة القانون وتديره حكومات منتخبة ديمقراطيا أو مجرد الأمل فى قدومه، فخيالات واهمين.
ولأن نفرا محدودا من الرسميين والأكاديميين الغربيين تناسى قائمة المستنسخات العربية واندفع للدعم الرمزى الانتقال الديمقراطى فى بلاد العرب بعد ٢٠١١، أصبح لزاما على الغرب اليوم إبداء آيات الاعتذار الجماعى والندم المطلق على تهور بعضهم باسم الديمقراطية، وممارسة طقس جلد الذات فى المؤتمرات وورش العمل والحوارات المعنية بشئون العرب لكون بعضهم توهموا أهلية العرب للديمقراطية. وبعدها يعودون رسميا وأكاديميا إلى دعم الحكومات السلطوية بين البحرين والمغرب، وإلى التركيز على قضايا السلام والحرب على الإرهاب والتنمية الاقتصادية وتطوير القطاع الخاص وتشجيع الاستثمارات. وبعدها يعودون إلى نسيان ما كان من أمر حقوق الإنسان والحريات والانتخابات الحرة والسياسة التعددية، نسيان لا تقطع استمراريته سوى بعض البيانات «القلق الرسمى» على تدهور الأوضاع وبعض الأصوات الأكاديمية المتفرقة التى يرتب دفاعها عن الحق العربى فى الديمقراطية تصنيفها كأصوات حالمين أو مجاذيب لا طائل من وراء الإنصات إليها.
الصراع الفكري يدخل ساحة المعركة مدججاً بالسلاح؟
الحياة..عادل يازجي ..* كاتب وإعلامي سوري
يبدو أن الربيع العربي لم يعد في ذكراه الخامسة قيد التداول في سياسات الدول الكبرى، إما لأنها اكتفت بما حققته من فوضى وصراعات لا ضفاف لها، أو لأنها عدَّلت سلم أولوياتها مرحلياً، لحماية أنفسها من شر ما ينتج عنه حتى الآن.
المجتمع السوري لم يكن ليصدق مطلقاً أن التطرف كان نائماً بين ظهرانيه، بل صنعته الأزمة بضراوتها وشيطنتها وتشعباتها وتشابكاتها، لكن انتعاشه وتمدده وتطاوله أظهرت أن خلايا منه إما كانت نائمة واستيقظت، أو أنها ولدت في خضم الأزمة بكامل وعيها وأدواتها، وكبر حجمها واستفحل خطر استيطانها الأرضية الثقافية، سواء انتهت الأزمة بتنفيذ القرار الأممي 2254 أو لم تنتهِ؟ لذلك يتلقف السوري أي بادرة تهدف إلى تحصين الأرضيات الثقافية، وتأهيلها (عربياً وإسلامياً ودولياً) لتجفيف بؤر التطرف فكرياً وعملياً.
صحيح أن الحرب على الإرهاب ليست جديدة، لكنها تطورت خلال الأعوام الخمسة المنصرمة من حرب وقائية أمنية مدعومة عسكرياً، إلى حرب هجومية عسكرية بكل أنواع الأسلحة، مدعومة بشبكات أمنية دولية عابرة للقارات. والجديد في هذه الحرب هو رفد العمل العسكري بالعمل الفكري والإعلامي، من خلال المؤسسات العسكرية ذاتها، في تطور براغماتي لخدمة الخط القتالي مرحلياً، والخط الفكري استراتيجياً لسد الذرائع، وتجفيف منابع التطرف.
وهذا ما رشح عن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، في اجتماع رؤساء أركان دول التحالف الإسلامي في الرياض (27/3/2016)، إذ تقرر إحداث مركز العمليات المشتركة لمكافحة التطرف والإرهاب، الذي يوحي اسمه بأنه عسكري محض لكنه فعلياً شمل الإعلام والفكر والمال والعمل العسكري.
وتكمن خصوصية المركز في كونه داخل المعطف العسكري، أي وضع في التنفيذ بمحاوره الأربعة، ولأن المحور الفكري هو الأكثر أهمية في تجفيف منابع الإرهاب وانتقاله من التأمل النظري المزمن إلى التطبيق العملياتي في التخطيط والتنفيذ، فإنه يُعتبر عملاً استراتيجياً في تقويم اعوجاج الأرضيات الثقافية المولدة للتطرف في كل أرجاء العالمين العربي والإسلامي.
إذا أريد للمحور الفكري أن يكون فاعلاً في وضع أسس معرفية لأرضيات ثقافية بديلة لا تخترقها بؤر التطرف والانغلاق والانحراف، فلا بد له من فتح الطريق للحكمة والفكر الحر باعتبارهما المعارضة العقلانية التاريخية التي لم يكتفِ صانعو التطرف بإقصائها عن مواقع القرار والسيطرة، بل شُنَّت عليها حربٌ إقصائية امتدت إلى المناهج التربوية والتعليمية للحفاظ على الأرضية الانغلاقية التي «ننعم» اليوم بهول نتائج سيطرتها، وإبعادها العقلانية عن العمل حتى كمعارضة، منذ ابن رشد حتى أيامنا.
والتحدي الحقيقي لفاعلية المحور الفكري في مركز عمليات عسكرية تشارك فيه 38 دولة عربية وإسلامية، هو إعطاء المعارضة العقلانية دوراً أساسياً في مراجعة المناهج التربوية والتعليمية والتثقيفية، وإشراكها في مواقع إقرار هذه المناهج، أو تعديلها أو تطويرها، على الأقل في الدول العربية، إن لم يكن في دول التحالف الإسلامي كلها. ولتفعيل عمل معارضة كهذه، لا يُكتفى بقرار حكومي يغيّر الوجوه، بل يجب إيجاد توجُّه سياسي فكري بحثي يقرأ ويحلل، ويقدر على اقتحام الأرضيات المغلقة، وتفكيكها وتغييرها، على المستويين الرسمي والبحثي. ومعركة الاقتحام هذه أشرس المعارك وأصعبها، لأنها معركة ضد الأنظمة الشمولية، والعادات والتقاليد، وتاريخٍ من تراكم القراءات التي ألغت العقل على امتداد العصور.
المحور الفكري حقل مليء بالألغام لا مفر من اقتحامه في ميدانيه الأساسيين: السياسة والدين، إذ فيهما تولد الأزمات الكبرى، وتنطلق في كل الاتجاهات، علماً أنهما خُلقا أو وُجدا أو وُضعا لهندسة الحياة البشرية وحلِّ الأزمات، وحققا هذا الهدف الحضاري في أماكن عديدة، ونقيضه في أماكن أخرى، معظمها يرزح حالياً تحت نير الأزمات المستعصية المدمرة.
أفلاطون (428-347 ق.م.) باستنتاجه السياسة من العدالة، أقام منها علماً قوامه دراسة معيارية للمبادئ النظرية لحكم البشر، ووثقها بمنظومة قيم لا تهزها تقلبات السيرورة. وبأفكاره السياسية المثالية التأسيسية، عبَّد الطريق أمام الفكر السياسي، وفتح الأبواب أمام السلاطين ومنظّريهم لاستـــنباط وسائل السيطرة على الشعوب والحفاظ على السلطة. وفي المقابل، ومن الأفكار ذاتها فتحت نوافذ الأفكار السياسية للتمرد، تمرد الحكام وتمرد الشعــوب. وكـــتاب «الأمير» لماكيـــافــيللي (1469-1527) أطنب في وصف الأمير، «من الأسلم للحاكم أن يكون مهاباً من أن يكون محبوباً، فإذا نجــح في أن يحفظ حــياته وسلــطـــته، فإن كـــل الوسائل التي استخدمها يُحكم عليها بأنها مشرِّفة».
ولم يكن الحكم والحكام قبل ماكيافيللي وبعده إلا ترجمة لهذه الآراء، وهو أساساً وصـــف من الواقع وليس من الخيال، وكأنه فتح الشهية لانتشار الديكتاتوريات التي هي سبب رئيس من أسباب انتعاش التطرف، وانطلاقه إلى دول العالم الديموقراطية منها والشمولية.
أما عنصر الدين، فهو الأرضية الأهم والأخطر في وجود التطرف ونموه، برغم أنه أهم مصادر الأسس والركائز لهندسة الحياة البشرية، إذاً المشكلة فيه وليست فيه، باعتـــباره حمَّال أوجه تتيح لمن يريد أن يقرأ فيه محتويات دلالية، يوظفها لخدمة أيديولوجيته، وليست فيه من حيث تكوينه والــــهدف الذي وُجد من أجله أساساً. وفي كل من الرأيين سيل من الاجتهادات والاجتهادات المضادة، فلعل المحور الفكري يفض الاشتباكات ويكون حكماً عقلياً عادلاً تطاع أحكامه وتنفذ.
على امتداد التاريخ، استطاع السلاطين توظيف محتويات دلالية للدين في خدمة سلطانهم، اعتماداً على قراءات علمائهم. واستند التطرف إلى طغيان الحكام لتوظيف محتويات دلالية أخرى في الدين، لخدمة طموحهم السياسي. أما عامة الناس فهم بين هذا وذاك، كمن يستجير من الرمضاء بالنار.
السوريون لا يريدون أن يفقدوا الأمل بإمكان إرساء حل سياسي بإشراف الأسرة الدولية، لكن يساورهم القلق على الأرضية الثقافية التي تُخترق سواء نجح الحل السياسي أو فشل، لذلك يترقبون عملاً جدياً في المحور الفكري، لأن تأثيره قد يتجاوز الحدود بين الدول العربية والإسلامية إذا كُتب له النجاح.
عناصر «داعش» الأجانب وعالمية الإرهاب
الحياة..عزيزة عبدالعزيز منير. * كاتبة مصرية. 
رسَّخ الإعلام الغربي في الأذهان صورة الإرهابي بأنه حتماً عربي، مسلم، حنطي اللون، نما وترعرع في الشرق الأوسط، عنيف ومتعطش لدماء الغربي المسيحي أو اليهودي. ويجدر الذكر أن إدوارد سعيد في كتابه الأيقونة «الاستشراق»، أشار إلى أن هذه الصورة لم يكرسها الإعلام الغربي فحسب، بل المستشرقون الذين أسهبوا في وصف العربي المسلم بأوصاف فظَّة. على سبيل المثال، اعتبر كثير من المستشرقين، أمثال غرونبام وبيرغر، أن الإسلام دين ضد الإنسانية، عاجز عن التطور ومعرفة الذات والموضوعية، إضافة إلى كونه لا علمياً وسلطوياً، ووصفوا العرب المسلمين بالغدر، الخيانة، الخديعة، والبؤس. وخلف هذه الصور يتربص خطر الأصولية، والعاقبة هي الخوف من أن المسلمين العرب سيحتلون العالم.
إلا أن الأحداث الإرهابية المتتالية التي هزت أرجاء العالم أخيراً، كان بعض مرتكبيها من الأجانب الذين انضموا إلى صفوف «داعش» وقاتلوا تحت لوائه في سورية. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه ما بين عامي 2013 و2015 أسَّس «داعش» وجوداً فاعلاً له في 19 دولة خارج نطاق سورية والعراق وجذب حوالى 25 ألف مقاتل أجنبي، منهم 4500 من أوروبا و250 من أميركا. والرقم يتضاعف إذا أخذنا في الاعتبار المقاتلين من آسيا ودول القوقاز. ولكن ما السر وراء تفاقم هذه الظاهرة وكيف يمكن التعامل معها؟
من المثير للعجب أن هؤلاء المقاتلين ولدوا وترعرعوا في بلاد مثل ألمانيا، النمسا، بلجيكا، بريطانيا وحتى أميركا. وهم متعلمون وينتمي كثير منهم إلى الطبقة الوسطى في مجتمعاتهم ما يدحض الإدعاء أنهم انضموا إلى «داعش» بدافع التخلص من الفقر. وتشير الكاتبة الألمانية كريستينا إيكوهرست في تحليلها عن عولمة الإرهاب إلى أن الحرب في سورية هي السبب الرئيس الذي دفع هؤلاء الشباب إلى أن يتركوا حياتهم الآمنة في مجتمعاتهم المتقدمة اقتصادياً ويتطوعوا في «داعش» لمحاربة النظام السوري.
كذلك، فإن تقاعس المجتمع الدولي عن التدخل إثر حوادث مأسوية مثل قصف الغوطة بالأسلحة الكيماوية عام 2013 سهَّل تجنيد هؤلاء الشباب الذين رغبوا في إنقاذ المدنيين الأبرياء من وحشية النظام السوري. إلا أن نجاح «داعش» في العراق واستيلاءه في حزيران (يونيو) 2014 على الموصل –ثانية أكبر مدن العراق- وإعلان أبو بكر البغدادي إنشاء الخلافة الإسلامية في سورية والعراق، عجّل بطريقة مذهلة في تدفق المقاتلين الأجانب على المنطقة للمشاركة في حرب «نهاية العالم» بين الإسلام والغرب وتحقيق الانتصار الأخير للمسلمين على الكفار، كما يروج «داعش» عبر وسائل إعلامه المختلفة وخصوصاً «الإنترنت».
بالنظر إلى الإجراءات التي اتخذتها الدول الأوروبية للحد من تدفق مواطنيها إلى سورية وانضمامهم إلى «داعش»، نجد أن هذه الدول ركَّزت على الإجراءات التشريعية والقانونية وحدها، من دون الالتفات إلى أزمة الهوية والانسلاخ الثقافي التي يعانيها هؤلاء الشباب الذين ينتمون إلى الجيل الثاني أو الثالث للمهاجرين إلى هذه البلاد. فمثلاً، سنَّت كل من فرنسا والدنمارك والسويد قوانين ضد الإرهاب تخُول سلطاتها مصادرة جواز السفر لأي مشتبه به قبيل مغادرته البلاد للمشاركة في أي نشاط إرهابي. أما بريطانيا فتروج لقانون جديد يسمح لأولياء الأمور بمصادرة جواز سفر أبنائهم في حال معرفتهم برغبتهم في السفر إلى الشرق الأوسط للقتال في صفوف «داعش».
هذا الخطر لن يتلاشى بواسطة هذه الإجراءات الاحترازية التي تقوم على التنصت على المواطنين أو أن يشي الأب بابنه أو يمنعه من السفر، بل يحتاج الأمر إلى أن يأخذ المسلمون أنفسهم زمام المبادرة لمواجهة خطر التطرف في مجتمعاتهم. بالفعل اتخذ بعض الحكومات خطوات في هذا الاتجاه من طريق تدريب الأئمة الأجانب في المعاهد الدينية الرسمية وتعديل المناهج الدراسية وحذف النصوص التي قد يُفهم أنها تدعو إلى التشدد. إلا أن سياسة الرقابة على المناهج وحذف ما قد يثير الالتباس وسوء الفهم، ليست هي الوسيلة المثلى لاجتثاث الفكر المتطرف من المجتمعات الإسلامية. المعركة الحقيقية مع «داعش» هي أيديولوجية بالدرجة الأولى، وهدفها إقناع عامة المسلمين بالتفسير الصحيح والمعتدل للنصوص الدينية وربط الجهود لتوضيح التفسيرات المعتدلة للنصوص الإسلامية بالرغبة الصادقة في توضيح حقيقة الإسلام كدين سمح يدعو إلى السلام ويؤكد أن «لا إكراه في الدين». ولا يجوز ربط تلك الجهود بدوافع سياسية أو اختزالها في رغبة حاكم أو نظام سياسي بعينه.
أيضاً يجب تفعيل دور علماء الدين، خصوصاً أولئك الذين ينتمون إلى مؤسسات دينية عريقة مثل الأزهر في مصر، في دحض التفسيرات الفقهية المختزلة والمشوهة والضيقة للنصوص الدينية الإسلامية من جانب «داعش» واستخدامها لخدمة أغراضهم الشخصية (مثل مسألة الرق في الإسلام).
كذلك يجب استيعاب المنشقين عن «داعش» من جانب حكوماتهم وأسرهم خصوصاً أن كثيراً منهم عبروا عن خيبة أملهم من الوحشية التي يعامل بها التنظيم خصومه وهوسه بالتنكيل بالأسرى و «الخونة». بينما أولئك الذين ثبتت مشاركتهم في جرائم «داعش» لا بد من ملاحقتهم ومعاقبتهم في إطار القانون.
أنقرة تقرّ بخلاف مع موسكو حول مصير الأسد
موسكو – رائد جبر أنقرة – «الحياة»، أ ب، رويترز، أ ف ب 
كثّفت أنقرة وموسكو أمس محادثاتهما من أجل تسوية الأزمة السورية، بعد لقاء الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في سان بطرسبورغ الثلثاء. وأشارت أنقرة إلى توافق بين الجانبين في شأن وقف النار والحلّ السياسي، مستدركة أن هناك خلافاً حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد وكيفية إنجاز عملية الانتقال السياسي. واعتبرت أن «مستقبل نظام الأسد» بات «قضية ثانوية» بالنسبة إلى الولايات المتحدة.
وفي مقابل مهادنة أنقرة موسكو، صعّدت لهجتها إزاء الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، اذ شكت من انتقادات تعرّضت لها بسبب شنّها حملة لتصفية جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، بعدما اتهمته بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف الشهر الماضي.
ورأى إبراهيم كالن، الناطق باسم أردوغان، أن بحث تركيا عن «خيارات أخرى» في شأن التعاون الدفاعي، هو أمر طبيعي، إذ لم تتلقَ دعماً تتوقّعه من أصدقائها الغربيين وشركائها في «الأطلسي»، بعد المحاولة الانقلابية.
أما وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، فاعتبر أن الاتحاد الأوروبي «رسب في اختبار» المحاولة الفاشلة، محذراً من أنه قد «يخسر» تركيا. وشدد على أن إصلاح أنقرة علاقاتها بموسكو «لا يوجّه رسالة للغرب»، مضيفاً: «اعتبرنا دوماً علاقاتنا بروسيا مكمّلة، لا بديلاً» للغرب. لكن سليم ينيل، المبعوث التركي لدى الاتحاد، نبّه إلى أن العلاقات بين الجانبين مرّت بمراحل «أسوأ بكثير». وأكد «الأطلسي» أن تركيا «حليف يحظى بتقدير»، مشدداً على أن عضويتها في الحلف «ليست مطروحة لنقاش».
وتكتّمت موسكو أمس على نتائج الجولة الثانية من محادثات بوتين – أردوغان، والتي ركّزت على الوضع في سورية، فيما أعلن جاويش أوغلو توجّه مدير جهاز الاستخبارات التركية وممثّلين عن وزارة الخارجية والجيش إلى موسكو، لإجراء محادثات حول سبل تسوية الأزمة السورية. وأشار إلى رفع مستوى التمثيل مستقبلاً، ليصبح على مستوى وزيرَي الخارجية، علماً أن صحيفة «فيدوموستي» الروسية أوردت أن النزاع السوري يبقى «المشكلة الوحيدة التي لم تُسوّ» بين الجانبين.
ورأى جاويش أوغلو أن تركيا وروسيا تستطيعان أن تجدا أرضية مشتركة في شأن سورية، مضيفاً: «نتشابه في التفكير في ما يتعلّق بوقف النار والمساعدات الإنسانية والحاجة إلى حلّ سياسي»، ومستدركاً: «ربما نفكّر في شكل مختلف في ما يتعلّق بكيفية تنفيذ وقف النار. لا نريد أن تؤذي الهجمات المدنيين، ونعتقد بأن شنّ هجوم على المعارضة المعتدلة ليس مناسباً. ولا نجد حصار حلب مناسباً». وأعلن أن قمة بوتين- أردوغان نجحت في التوصل إلى اتفاق لإقامة «آلية مشتركة» لمحاولة إنجاز تسوية في سورية.
وأشار جاويش أوغلو إلى «توقيف طيارين أتراك شاركوا في إسقاط المقاتلة الروسية» فوق الحدود السورية الخريف الماضي، لافتاً إلى أن «القضاء سيدرس المسألة ويقوّمها بكل أبعادها».
أما كالن، فذكر أن «مسألة إسقاط القاذفة لم تُبحث» خلال القمة، مشيراً إلى أن الروس «تصرّفوا بنضج حيال هذه المسألة». واعلن إن أنقرة وموسكو اتفقتا على إنشاء صندوق استثماري مشترك، في إطار استعادة الروابط بين الجانبين.
ولفت إلى أن القمة «ركّزت على وقف الاشتباكات» في سورية، و»إيصال المساعدات الإنسانية إلى حلب، وتحقيق مرحلة الانتقال السياسي، والحفاظ على وحدة التراب السوري». وأضاف أن أردوغان وبوتين «قررا أن يشكّل كل طرف آلية ثلاثية تضمّ موظفين في الاستخبارات والجيش والسلك الديبلوماسي، تعملان معاً من أجل تسوية الأزمة السورية»، مشيراً إلى أن اللقاء الأول بين الآليتين سيُعقد اليوم. ولفت إلى «خلاف في الرأي بين الجانبين حول مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، وكيفية تحقيق عملية الانتقال السياسي، ووقف الاشتباكات وحماية وحدة الأراضي السورية».
وأسِف لأن «نظام الأسد ومستقبله والهجمات ومقتل المدنيين، باتت قضية ثانوية بالنسبة إلى الولايات المتحدة»، وزاد: «عند النظر في عموم سورية، ومقارنتها مع أولوية الولايات المتحدة في مكافحة (تنظيم) داعش، تمكن رؤية أن الاستراتيجية الأميركية ليست نهجاً في حلّ مشكلة الإرهاب». وتابع: «بقاء النظام يُغذّي داعش والمجازر في سورية، لذلك فإن تجاهل النظام والتركيز على داعش فقط استراتيجية خاطئة».
على صعيد آخر، أفادت وكالة «تاس» الرسمية الروسية للأنباء، بأن اختيار أردوغان روسيا لتكون أول محطة يزورها بعد المحاولة الانقلابية، عكست رغبته في إظهار امتنانه لموسكو بعدما حذرت أنقرة قبل ساعات من وقوع المحاولة الفاشلة.
وأضافت أن الجيش الروسي التقط مكالمات لاسلكية بين مدبري الانقلاب، وأبلغ جهاز الاستخبارات الروسية بفحواها، فنقل هذه المعطيات الى نظيره التركي. وكشفت المعلومات التي رصدتها الاستخبارات الروسية أن خطط الانقلابيين تضمّنت إرسال مروحيات إلى مرمريس، حيث كان أردوغان في إجازة عائلية، واعتقاله أو قتله.
 انتقدت الاستراتيجية الأميركية وبنت «آلية قوية» مع موسكو بشأن سوريا وأنقرة تلوّح للغرب بخيارات دفاعية أخرى
المستقبل.. (الأناضول، أ ف ب، رويترز)
صعّدت تركيا لهجتها إزاء حلفائها الغربيين على خلفية مواقفهم من محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز الماضي، ملوّحة بعد لقاء الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخيراً، بخيارات دفاعية أخرى، ومنتقدة استراتيجية الولايات المتحدة في سوريا، مع تأكيدها بناء «آلية قوية» مع موسكو في هذا الشأن.

ففي تصريح لإبراهيم قالن المتحدث باسم الرئاسة التركية لمجموعة من الصحافيين في أنقرة أمس، أكد أنه من الطبيعي لتركيا أن تبحث «خيارات أخرى» بشأن التعاون الدفاعي بعدما لم تتلقَ الدعم المتوقع من أصدقائها الغربيين وشركائها في حلف شمال الأطلسي عقب الانقلاب الفاشل في الشهر الماضي، مضيفاً أن بلاده ما زالت تتوقع خطوات إيجابية من الاتحاد الأوروبي بشأن حرية السفر للمواطنين الأتراك من دون تأشيرة، لكن من المستبعد حدوث أي تغيير في توجهها بشأن الإرهاب.

وقال قالن أيضاً إن من الخطأ أن يصف الإعلام الغربي الإجراءات التركية عقب محاولة الانقلاب بأنها «تطهير»، وإن بلاده تتخذ خطوات طبيعية لضمان عدم تكرار الانقلاب مجدداً.

وأعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية أن أنقرة وموسكو اتفقتا على إنشاء صندوق استثماري مشترك في إطار استعادة الروابط بين البلدين. وقال إن من المتوقع أن يتخذ البلدان خطوات لزيادة السياحة الروسية الى تركيا في الأجل القصير، بما في ذلك رحلات الطيران العارض.

وقال قالن في مقابلة مع قناة «أي» التركية الإخبارية أمس، إن الرئيسين التركي والروسي قررا أن يقوم كل طرف بإنشاء آلية ثلاثية مؤلفة من موظفين في الاستخبارات والجيش والسلك الديبلوماسي، يعملون معاً من أجل تسوية الأزمة السورية، مؤكداً أن اللقاء الأول بين الآليتين سيبدأ اليوم.

ورداً على سؤال «عما إذا كانت موسكو طلبت من أنقرة دفع تعويضات على خلفية إسقاط المقاتلة الروسية»، أجاب قالن «إن مسألة إسقاط الطائرة لم تُبحث في لقاء اردوغان وبوتين (أول من) أمس، وإن الجانب الروسي تصرف بنضج حيال هذه المسألة»، مؤكداً أن البلدين فتحا صفحة جديدة في العلاقات.

وأردف قالن أن الجانبين أكدا على تعزيز التعاون بين الطرفين للحيولة دون تكرار حادثة إسقاط الطائرة، مشيراً الى أن رئاستي هيئة أركان البلدين أعادتا خط الاتصال المباشر بينهما.

وأكد قالن الأهمية الكبيرة للقاءات وفدي البلدين، للحيولة دون وقوع حادثة 24 تشرين الثاني الماضي (إسقاط مقاتلات تركية لأخرى روسية اخترقت المجال الجوي التركي)، ومن أجل وقف الاشتباكات في سوريا، ومنع سقوط ضحايا مدنيين.

ولفت إلى أن المسألة السورية كانت حاضرة في لقاء اردوغان وبوتين، مبيناً أن الزعيمين بحثا مجدداً المسألة السورية بشكل مفصل عقب عقدهما مؤتمراً صحافياً مشتركاً أمس.

وأوضح قالن أن اللقاء تركز على وقف الاشتباكات وإيصال المساعدات الإنسانية إلى حلب، وتحقيق مرحلة الانتقال السياسي، والحفاظ على وحدة التراب السوري، مبيناً أن الجانبين توافقا حول الأخذ في الاعتبار الموقف التركي تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي السوري و«وحدات حماية الشعب» التي وصفها قالن بأنها جناح منظمة «حزب العمال الكردستاني» التركي «الإرهابية« في سوريا، خلال اتخاذ الخطوات المذكورة أعلاه.

وأشار قالن الى أن هناك اختلافاً في الآراء بين الجانبين حول مصير بشار الأسد، وفي كيفية تحقيق عملية الانتقال السياسي، وإيقاف الاشتباكات، وحماية وحدة الأراضي السورية، مؤكداً أن وفدي البلدين سيبحثان تلك المسائل بالتفصيل.

وبيّن قالن أن الرئيس التركي طرح لبوتين مسألة فتح الاتحاد الديمقراطي الكردستاني مكتباً له في موسكو، مشيراً الى أن الجانب الروسي تفهم حساسية تركيا في هذا الشأن.

ولفت قالن إلى أن البلدين متفقان على مكافحة المنظمات الإرهابية وعلى رأسها «داعش» و»حزب العمال الكردستاني«، موضحاً أن الجانب الروسي يدرك تماماً المساعي التركية في مكافحة الإرهاب.

وفي ما يتعلق بالرؤية الأميركية في سوريا، أفاد قالن أن الولايات المتحدة تمتلك رؤية تقليص مكافحة الإرهاب في سوريا على تنظيم «داعش» الإرهابي فقط، مضيفا أًن «نظام الأسد ومستقبله والهجمات ومقتل المدنيين غدت قضية ثانوية بالنسبة للولايات المتحدة«.

وأضاف «عند النظر في عموم سوريا ومقارنتها مع أولوية الولايات المتحدة بمكافحة داعش يمكن رؤية أن الاستراتيجية الأميركية ليست نهجاً في حل مشكلة الإرهاب«.

ومضى قائلاً إن «الذي يغذي داعش الإرهابي والمجازر في سوريا هو استمرار بقاء النظام، لذلك فإن تجاهل النظام والتركيز على داعش فقط استراتيجية خاطئة«.

وشدد على أن تركيا تدعم مرحلة مكافحة «داعش« ولن تتراجع عن ذلك، مضيفاً «البعض (لم يسمهم) يعتقدون أن الأتراك يولون مكافحة منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية أهمية أكبر من مكافحة داعش الإرهابي. إن مكافحتنا للأخير لا تعني تراجعنا عن مكافحة بي كا كا، حيث لا يوجد فرق بين التنظيمات الإرهابية«.

وأضاف أن السؤال الذي يجب أن يُطرح هنا «لماذا الغرب لا يولي أهمية لمكافحة العمال الكردستاني بقدر داعش؟»، مضيفاً «نحن كعضو في التحالف الدولي لمكافحة داعش نقاتل هذا التنظيم، واستخبارات بلادنا أرسلت أسماء إرهابيين إلى فرنسا في هذا الإطار، وثبت أنهم نفذوا في فرنسا وبلجيكا عمليات إرهابية في ما بعد«. وفي ما يتعلق بمحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، أوضح قالن أن اردوغان أطلع بوتين بالتفصيل على حيثيات الانقلاب الفاشل، مشدداً أن بوتين من بين الأوائل الذي اتصلوا بتركيا وأعربوا عن تضامنهم معها ضد الانقلاب.

ولفت الى أن الشعب التركي الذي وقف ضد الانقلاب، لم يلقَ الدعم اللازم من الإعلام الغربي ومن سياسييه مما شكل خيبة أمل في نفوس الأتراك. وأضاف «إن غفل الغرب عن رؤية خيبة الأمل هذه، يدل على وجود مشكلة أكبر في نيته تجاه تركيا»، موجهاً انتقاداته للغرب في هذا الإطار.

وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس إن الاتحاد الأوروبي يرتكب أخطاء فادحة في ما يتعلق برده على محاولة الانقلاب في تركيا، وإنه يخسر نتيجة لذلك دعم الأتراك لسعي بلادهم لنيل عضوية الاتحاد. وأضاف في مقابلة مع وكالة الأناضول الرسمية للأنباء «للأسف يرتكب الاتحاد الأوروبي بعض الأخطاء الفادحة. لقد رسبوا في اختبار ما بعد محاولة الانقلاب«. وأضاف «دعم (الأتراك) لعضوية الاتحاد الأوروبي الذي كان يصل إلى نحو 50 في المئة من السكان أعتقد أنه يبلغ الآن نحو 20 في المئة«. وتابع الغرب الزيارة عن كثب إذ يخشى البعض من أن يستغل بوتين واردوغان هذا التقارب في ممارسة ضغوط على واشنطن والاتحاد الأوروبي وإثارة التوترات داخل حلف شمال الأطلسي الذي تحظى تركيا بعضويته.

وقال جاويش أوغلو إن التقارب بين تركيا وروسيا لا يهدف إلى إزعاج أوروبا أو الولايات المتحدة، لكنه حذر الغرب من احتمال «خسارة» تركيا يوماً ما. وقال الوزير «إننا لا نصلح علاقاتنا بروسيا لإرسال رسالة للغرب«.

وبشأن سوريا قال جاويش أوغلو إنه يمكن لتركيا أن تجد أرضية مشتركة مع موسكو بشأن سوريا حيث يؤيد كل بلد الطرف الآخر في الصراع. وأوضح «نتشابه في التفكير في ما يخص وقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية والحاجة إلى حل سياسي سوريا، وربما نفكر بشكل مختلف في ما يخص كيفية تنفيذ وقف إطلاق النار«. وتابع أن تركيا تبني «آلية قوية» مع روسيا للوصول إلى حل في سوريا وأن وفداً يضم مسؤولين من وزارة الخارجية والجيش والمخابرات يزور روسيا لإجراء محادثات.

وفي بروكسل، شددت المتحدثة باسم حلف شمال الأطلسي أوانا لونغسكو في بيان أمس على أن «انتماء تركيا الى حلف شمال الأطلسي ليس مطروحاً للنقاش»  وأكدت أن أنقرة «حليف ثمين يقدم مساهمات أساسية في الجهود المشتركة» للحلف.
واشنطن تندِّد بإبادة المسيحيين والأقليات.. التحالف: مقتل ٤٥ ألفاً من داعش العامين الماضيين
اللواء.. (ا.ف.ب)
صرّح الجنرال الاميركي شون ماكفارلاند قائد الحملة التي يشنها التحالف بقيادة واشنطن ضد تنظيم الدولة الاسلامية بأنّ قرابة 45 الف جهادي قتلوا في العراق وسوريا منذ بدء الحملة التي يشنها التحالف لهزيمة التنظيم المتطرف قبل عامين.
وأضاف: «تشير تقديراتنا الى أنه خلال الاشهر الـ 11 الماضية قتلنا نحو 25 الفا من مقاتلي العدو. وعندما نضيف ذلك العدد الى 20 الفا قتلوا بحسب تقديرات (سابقة) فقد تم القضاء على 45 الفا من مقاتلي العدو وازالتهم من ارض المعركة».
واشار ماكفارلاند الى ان التقديرات بشأن الاعداد المتبقية من مقاتلي التنظيم تتراوح بين 15 الف الى 30 الف مقاتل، لكنه قال ان الجهاديين يواجهون صعوبات متزايدة في تعزيز صفوفهم.
وصرّح لصحافيي البنتاغون من بغداد عبر الفيديو بأنّ «عدد المقاتلين على خط الجبهة انخفض. وقد تقلّصت قوتهم ليس فقط من حيث العدد بل كذلك من حيث النوعية - فلم نعد نراهم يعملون بنفس الفعالية التي كانت لهم في السابق ما يجعل منهم هدفا اسهل بالنسبة لنا».
وأضاف: «نتيجة لذلك فقد تزايد انهاكهم مؤخرا». ويقدر مسؤولون كذلك ان التنظيم خسر 25 الف كلم مربع من الاراضي التي كانوا يسيطرون عليها في العراق وسوريا او نحو 50٪ و 20٪ على التوالي في كل بلد.
 وبدأت العمليات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد التنظيم المتطرف قبل عامين تحديدا بهدف وقف الجهاديين اثناء اجتياحهم العراق وسوريا.
وأعرب ماكفارلاند عن تفاؤله بشأن استعادة السيطرة على الموصل في العراق والرقة في سوريا، وقال ان ذلك سيؤشر الى «بداية نهاية» الحملة العسكرية.
من جهة ثانية، ندّدت الولايات المتحدة بجرائم «الابادة» التي يرتكبها تنظيم الدولة الاسلامية ضد الاقليات المسيحية والايزيدية والشيعية وذلك في التقرير السنوي المفصل لوزارة الخارجية حول الحرية الدينية في العالم.
وذكر التقرير الذي اعده مساعد وزير الخارجية انتوني بلينكن ان «الاطراف غير التابعين لدول مثل داعش وبوكو حرام لا يزالون الاكثر وحشية في ارتكاب التجاوزات بحق الحرية الدينية في العالم».
وأضاف الرجل الثاني في الدبلوماسية الاميركية: «في آذار، اكد وزير الخارجية جون كيري بوضوح ان داعش مسؤول عن جرائم الابادة الجماعية ضد الطوائف الدينية في المناطق الخاضعة لسيطرته»، موضحا ان «داعش يقتل الايزيديين لانهم ايزيديون والمسيحيين لانهم مسيحيون والمسلمين الشيعة لانهم شيعة». كما اتهم بلينكن التنظيم المتطرف بأنه «مسؤول عن جرائم ضد الانسانية والتطهير الاتني».
ولمصطلح «الابادة» مضامين قانونية وفق التشريع الاميركي، سبق ان استخدمها كيري والامم المتحدة في الاشهر الاخيرة لتوصيف الجرائم التي ارتكبها جهاديو التنظيم المتطرف في العراق وسوريا.
وأضافت الخارجية انه في البلدين المذكورين حيث يسيطر الجهاديون على مناطق واسعة، فان هؤلاء «مسؤولون عن اعمال همجية مثل المجازر وعمليات تعذيب البشر واغتصابهم وجرائم جنسية اخرى بحق اقليات دينية واتنية».
وعلى صعيد آخر، صرّح مسؤولون اميركيون بأنّ طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حذرت سائقي صهاريج كانت تنقل النفط لحساب تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا قبل ان تقصفها. وشاركت عدة طائرات في عملية القصف التي ادت الى تدمير 83 صهريجا لتنظيم الدولة الاسلامية كانت تنقل نفطا شرق سوريا الاحد.
وصرّح الجيش الاميركي في بيان بأنّه عند بداية الهجوم اطلق الطيارون «عدة طلقات تحذيرية لدفع سائقي الصهاريج على مغادرة المنطقة». وأضاف: «العديد من صهاريج النفط غادرت المنطقة بعد الطلقات التحذيرية ولم نلاحقها».
وأوضح ان الصهاريج المتبقية «كانت متوقفة وقت الضربة بناء على تقديراتنا ولم يكن فيها سائقون». وكانت قوات التحالف استهدفت العام الماضي مرتين صهاريج نفط تابعة للتنظيم ما ادى الى تدمير 400 منها.
وألقت الولايات المتحدة يومها مناشير تحذر السائقين من ان القصف وشيك جدا، واوضح البنتاغون ان السائقين لم يكونوا عناصر من التنظيم الجهادي.
بوتين يتّهم كييف بـ«الإرهاب» إثر الإعلان عن إحباط هجمات في القرم
اللواء.. (ا.ف.ب-رويترز)
اتهم الرئيس فلاديمير بوتين امس السلطات الاوكرانية بممارسة «الارهاب» بعد اعلان اجهزة الاستخبارات الروسية احباط «اعتداءات ارهابية» في شبه جزيرة القرم خططت لها اوكرانيا بحسب موسكو.
واكدت الاستخبارات الروسية انها «افشلت في القرم اعتداءات ارهابية ترمي الى استهداف اماكن اساسية في البنى التحتية للقرم» التي ضمتها روسيا في 2014 وترمي الى «زعزعة الاستقرار».
واتهمت الاستخبارات الروسية كييف بالتحضير لمحاولات تغلغل «مخربين ارهابيين» مطلع آب في القرم ادت الى مواجهات مسلحة اسفرت عن مقتل عميل في الاستخبارات الروسية وعسكري روسي.
ونفت كييف هذه الاتهامات ووصفتها بانها «استفزازات» لكن بالنسبة لبوتين «ان الاشخاص الذين استولوا على السلطة في كييف يمارسون الارهاب».
وقال بوتين خلال مؤتمر صحافي في الكرملين «محاولة التسبب بدوامة عنف جديدة لعبة خطيرة جدا» مشيرا الى اتخاذ «تدابير مهمة اضافية» قريباً لضمان امن شبه الجزيرة.
واضاف «في هذه الظروف، فان لقاء على غرار النورمندي (فرنسا والمانيا وروسيا واوكرانيا) في الصين (خلال مجموعة العشرين في الرابع والخامس من ايلول لا معنى له».
ودعا الغربيين الى «ممارسة الضغوط اللازمة على سلطات كييف اذا ارادوا فعلا ايجاد حل سلمي» للنزاع الاوكراني.
وبحسب الاستخبارات الروسية، تم رصد اول مجموعة من «المخربين-الارهابيين» قرب مدينة ارميانسك في القرم ليل السادس الى السابع من اب .
واضاف ان «عنصرا في الاستخبارات الروسية قتل في تبادل لاطلاق النار في عملية كانت تهدف لتوقيف هؤلاء الارهابيين» لافتا الى ضبط 20 عبوة يدوية الصنع واكثر من 40 كلغ من مادة تي ان تي في المكان. واكدت الاستخبارات انها منعت مجموعتين اخريين من «المخربين الارهابيين» مدعومتين ب»نيران كثيفة ودبابات تابعة للقوات المسلحة الاوكرانية» من دخول القرم ليل السابع الى الثامن من اب .
واكد بيان ان «عسكريا روسيا قتل» في المواجهات. من جهتها، قالت منظمة الامن والتعاون في اوروبا التي تراقب عناصرها الحدود الروسية-الاوكرانية، انها لم تسجل في هذه التواريخ اي حوادث.
لكن المنظمة اكدت في بيان الثلاثاء ان حركة السير عبر خط التماس بين اوكرانيا والقرم كانت معلقة في الايام الاخيرة وان حرس الحدود كان «في حال تأهب».
ورفض سكرتير مجلس الامن القومي الاوكراني اولكسندر تورتشينوف هذه الاتهامات «الخاطئة والهستيرية» في حين وصفتها رئاسة الاركان الاوكرانية بانها «استفزاز».
 ودانت وزارة الدفاع الاوكرانية «محاولة لتبرير اعادة نشر القوات الروسية على اراضي شبه الجزيرة التي تم ضمها واعمالها العدائية».
واكد يوري تانديت مستشار رئيس جهاز الامن الاوكراني لوكالة انترفاكس اوكرانيا ان «اوكرانيا لا تحاول الاستيلاء او استرجاع اراضيها بالقوة. لن تفعل ذلك».
 وضمت روسيا شبه جزيرة القرم في اذار 2014 بعد تدخل عسكري اعقبه استفتاء اعتبرته كييف والغرب غير شرعي.
لائحة أهداف!
المستقبل..علي نون
كان لافتاً الإعلان من سان بطرسبورغ وفي سياق زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان، أن الجانب المضيف طلب من الأتراك تزويده بخريطة عسكرية لاعتمادها في غارات الطيران الحربي الروسي في سوريا!

الافتراض البديهي هو أن موسكو تعطي إشارة إيجابية إلى أنقرة، طالما أنها تطلب رأيها في الأهداف المطلوب قصفها! وطالما أن أنقرة مثلما هو واضح لا ترى أهدافاً عسكرية تستحق القصف سوى الجماعات الإرهابية الكردية.. ثم «داعش»... ثم، لو عاد الأمر إليها، لما عوّفت بقايا السلطة الأسدية من جهودها! باعتبار أن سقفها هو حماية المعارضة السورية من جهة وتأكيد موقفها المبدئي، الذي لم يتغير، الداعم لكل سوري قال لا لسلطة الأسد من جهة ثانية!

لكن الذي سُجّل، حتى خلال القمة الاستثنائية بين أردوغان وبوتين، هو أن الطيران الروسي استمر في الإغارة على بنك الأهداف الذي يشمل تقريباً كل شيء، باستثناء «داعش»! والذي ركّز ويركّز حملاته أكثر من السابق، على منطقة إدلب عموماً وسراقب خصوصاً، حيث سقطت المروحية العسكرية الروسية وقتل من كان فيها وعددهم خمسة عسكريين!

طبيعي أن يُسأل الجانب التركي عن كيفية المساعدة في إعادة جثث هؤلاء إلى موسكو.. وطبيعي في المقابل أن يُسأل الجانب الروسي عن معنى استهداف الطيران الحربي للأسواق الشعبية في إدلب وغيرها! وللمستشفيات التابعة للمعارضة في كل الشمال؟ وللأحياء السكنية في أكثر من مدينة وبلدة وقرية! ثم قبل ذلك، عن «المعنى الأخير» لمشاركة روسيا في الفتك بمكوّنات الأكثرية السورية وفق أجندة الأسد وأتباعه طالما أنها تتحدث وتلتزم سقفاً هو «الحل السلمي»؟ وطالما أنها تسعى إلى المحافظة على «وجودها» الاستراتيجي في منطقة لا يمكن أن يبقى الميزان السلطوي فيها مختلاً إلى الأبد؟

محظوظ وخطير من يدّعي أنه صار يعرف «تفاصيل» المحادثات الروسية التركية في شأن سوريا! وهؤلاء في كل حال كثر، وخصوصاً في الجانب الممانع من ديارنا! لكن تحت ذلك السقف بكثير! يمكن الافتراض سلفاً أن المعنى الوحيد لتطوّر العلاقات وإعادة بناء «الصداقة» ومقوّمات الثقة بين الطرفين، لا يمكن أن يستثني القضية السورية. وفي ذلك ليس صعباً، القول، منطقياً، أن الذي سيدفع هو الجانب الروسي والذي سيقبض هو الجانب التركي!

روسيا هي التي جاءت إلى الجوار التركي وليس تركيا من ذهب إلى الجوار الروسي! وروسيا هي التي تبادر عسكرياً وليس تركيا! وروسيا هي التي تصدّت (وليس تركيا) لـ«معالجة» تخلى عنها الأميركيون تقول في خطوطها العريضة إن المطلوب حل يقوم على معادلة إنهاء السلطة الأسدية والحفاظ على مؤسسات النظام، وضرب الإرهاب بما لا يكسر كل المعارضة وصولاً إلى إنتاج صيغة سلطوية تتضمن عدالة في تركيبتها!

وليس صعباً الافتراض أن موسكو سلّفت أنقرة مواقف لا تخرج عن خط طمأنتها، أكان ذلك من خلال تأكيد السعي إلى «حل سياسي» بما يعني كسراً لمنطق الأسد والإيرانيين القائل بـ«الحل العسكري» أو التزام «وحدة» الكيان السوري بما يعني كسراً لجموح أو طموح «الكيان الكردي».. أو من خلال بعض مجريات واقعة الراموسة الحلبية وصولاً إلى طلب «الخريطة العسكرية» للأهداف التي «ترى» تركيا أن على الطيران الروسي استهدافها!

وهذه وقائع وليست تحليلاً ولا أحلام ليلة صيف! وهي في جملتها تؤكد المعادلة المنطقية التي تفيد في بداياتها وخواتيمها أن «المصالح» الروسية مع تركيا ومع العالم العربي في مجمله، أكبر بكثير من أن تُهدّد من أجل بشّار الأسد وبقايا سلطته! أما على الجانب الآخر، فالواضح أن تركيا التي لم تترك المعارضة السورية ولا شعب سوريا في أصعب مراحل التوتر مع روسيا، لن تفعل ذلك في ظل عودة انتظام العلاقات معها! وعدا ذلك، يمكن السؤال ببراءة ناشفة عن مدى حصافة أي رجل دولة في هذا العالم، لا يزال يفترض أن بشّار الأسد يمكنه أن يضمن أي شيء! وأي مصالح! وأي علاقات! وأي أمن! وأي استقرار!

الأكيد أن رجب طيّب أردوغان أظهر ما يكفي من الكفاءة والحصافة والذكاء كي لا يكون موهوماً بأي «قدرات» أسدية! أما من جهة بوتين فالمنطق يقول إنه ليس بعيداً عن هذه الحقيقة حتى لو أظهرت تكتيكاته عكس ذلك!
 

المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,310,336

عدد الزوار: 7,627,454

المتواجدون الآن: 0