اخبار وتقارير..هل سيتحوّل الحشد الشعبيّ إلى قوّة عسكريّة وطنيّة عراقيّة؟...قوات صينية إلى جيبوتي لافتتاح قاعدة عسكرية..تساؤلات حول مستقبل «المناطق الكردية» في سورية..أردوغان أسير الخوف...الاتحاد الأوروبي إمبراطورية ضرورة تنقذ البلقان وشرق أوروبا من أطياف الماضي..فصل جديد من النزاع في الشرق الأوسط..دراسة عن التوافق الطائفي في العراق ولبنان...ستراسبورغ تلقن جواسيس اللغتين الروسية والعربية قبل إرسالهم إلى مهام استخبارية ميدانية..صبر موسكو نفد مع توزيع ترامب أعباءه على العائلة الرئاسية...أردوغان يستبعد رفع الطوارىء قريباً والمعارضة تخشى ترسيخ «إهانة الجيش»..غولن باق في أميركا وتسليمه لأنقرة «بيد واشنطن»..

تاريخ الإضافة الخميس 13 تموز 2017 - 7:37 ص    عدد الزيارات 3061    التعليقات 0    القسم دولية

        


هل سيتحوّل الحشد الشعبيّ إلى قوّة عسكريّة وطنيّة عراقيّة؟

موقع المونيتور..بقلم حمدي ملك

بإختصار... يعاني رئيس الوزراء العراقيّ حيدر العبادي من ضغوط إيرانيّة للبقاء على قوّات الحشد الشعبيّ والابتعاد عن الولايات المتّحدة الأميركيّة.

قدّم المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي مجموعة من النصائح في لقاء جمعه مع رئيس الوزراء العراقيّ حيدر العبادي في ٢٠ حزيران/يونيو، ونصح علي خامنئي العراقيّين بأن يكونوا حذرين مع الولايات المتّحدة الأميركيّة، وألاّ يثقوا بها أبداً، مطالباً بـ"الوقوف في وجه دخول القوّات الأميركيّة بحجّة التدريب وأمور أخرى"، محذّراً من محاربة الحشد الشعبيّ من قبل "أميركا وأذنابها"، اللتين تريدان للعراق أن يخسر أحد أهمّ عوامل قوّته. وتأتي هذه النصائح على النقيض من توجّهات الحكومة العراقيّة ورغبتها في التعاون المستمرّ والمتواصل مع الولايات المتّحدة، كما صرّح بذلك المتحدّث باسم الحكومة العراقيّة سعد الحديثي. ولقد انعكس هذا التناقض على علاقة حيدر العبادي وقادة كبار في الحشد الشعبيّ، ومن أهمّ قادة الحشد الشعبيّ من لديهم علاقات قريبة جدّاً مع إيران ويعتبرون أنفسهم جزءاً مهمّاً من "محور المقاومة" بقيادة إيران. وفي الجولة الأخيرة من الخلافات ما بين هؤلاء القادة والعبادي، صرّح الأخير في ١٨ حزيران/يونيو بأنّه أمر قوّات الحشد الشعبيّ بتحرير مناطق أطراف تلّعفر قبل 4 أشهر، لكنّها لم تنفّذ أوامره. وعقب تصريحات العبادي الأخيرة، هاجم الأمين العام لمنظّمة "بدر" هادي العامري، حيدر العبادي في تصريحات تلفزيونيّة في ٢٦ حزيران/يونيو واتّهمه بالكيل بمكيالين وعرقلة عمليّات قوّات الحشد الشعبيّ، وقال العامري: "(رئيس الوزراء) أتعبنا جدّاً، فلا نستطيع أن نبدأ بعمليّة، إلاّ بعد أن نقنعه ونتوسّل إليه ونترجّاه، ولا أعلم لماذا؟". وعن أوامر العبادي المتعلّقة بتنظيف مناطق أطراف تلّعفر، قال هادي العامري: "قلنا لرئيس الوزراء، نحن مستعدّون (لتحرير تلّعفر)، فقال (رئيس الوزراء) لا أستطيع، (هناك) أسباب". أضاف العامري: "لا أعلم ما هي هذه الأسباب، (هل هي) الجنّ او الإنس؟... رئيس الوزراء وضع فيتو على دخول الحشد إلى تلّعفر". وأشار إلى أنّهم رفضوا الأوامر لأن إحكام الطوق حول تلّعفر من دون تحرير مركز المدينة سيضع أرواح مقاتلي الحشد الشعبيّ في خطر. وبدلاً من تحرير أطراف تلّعفر، اختارت القيادات في الحشد الشعبيّ التوجّه إلى مناطق جنوب سنجار، وصولاً إلى البعاج والحدود العراقيّة السوريّة. وهناك تحفّظات من قبل جهات داخليّة على دخول الحشد الشعبيّ إلى تلّعفر. كما أنّ الرئيس التركيّ رجب طيّب أردوغان قد حذّر في وقت سابق من مغبّة دخول الحشد الشعبيّ إلى هذه المدينة. ويتجنّب العبادي فتح معركة عسكريّة وسياسيّة مع تركيا، وفي الوقت نفسه يحاول أن يراعي وضع تلّعفر المعقّد، الذي شهد أعمق الانقسامات الطائفيّة منذ عام ٢٠٠٣، ولكن يبدو أنّ قادة الحشد الشعبيّ المقرّبين من إيران لا يؤيّدون سياسات العبادي هذه التي تهدف إلى عدم التصعيد. ولهذا، لا ينصاعون إلى كلّ أوامره، كما حصل قبل 4 أشهر، وأيضاً ينتقدونه علناً، الأمر الذي يتعارض مع الأنظمة والقوانين العسكريّة. وأعرب العباديّ عن استيائه من عدم إلتزام بعض الأطراف في الحشد الشعبيّ بأوامره في مؤتمره الصحافيّ الأسبوعيّ الذي أقيم في ٤ تمّوز/يوليو. وردّ العبادي على الجهات التابعة إلى الحشد الشعبيّ والتي تطلب بدخول الأراضي السوريّة وقال: "بعض هذه المطالبات هي موقف إقليميّ وليس موقف عراقيّ. أتمنّى إبعاد العراق عن الصراعات الإقليميّة... كما تعلمون في الحشد الشعبيّ هناك مقاتلون وهناك سياسيّون، هذه صيحات سياسيّة... سماحة السيد السيستاني لم يقل قاتلوا في سوريا والحكومة العراقية شكّلت هيئة الحشد الشعبيّ تحت قيادة القائد العام للقوّات المسلّحة عراقيّة ". وتبرز هذه السجالات والخلافات إشكاليّة كبيرة في بنية قوّات الحشد الشعبيّ، إذ يؤكّد قانون الحشد الشعبيّ ارتباط هذه القوّات بالقائد العام للقوّات المسلّحة، ولكن على أرض الواقع تدار هيئة الحشد الشعبيّ من قبل قادة وسياسيّين بعضهم ينافسون العبادي في الساحة السياسة ويحترمون أوامر القيادة الإيرانيّة أكثر من أوامر العبادي، فعلى سبيل المثال يفتخر أبو مهدي المهندس بأن يكون جنديّاً لقاسم سليماني، وهو قائد فيلق القدس الإيرانيّ. ورغم تأكيدات قادة الحشد المقرّبين من إيران احترامهم لأوامر العبادي، إلّا أنّه يعترف الكثير منهم بأنّهم يقلّدون المرشد الأعلى في إيران. وتشكّل هذه العلاقة العقائديّة بقائد سياسيّ- دينيّ غير عراقيّ العقدة التي تؤدّي إلى تقويض مؤسّسات الدولة العراقيّة. وتبرز أهميّة هذه العلاقة عندما ينحاز هؤلاء القادة إلى الحكم الشرعيّ على حساب أحكام الدولة، فهم يرون من الواجب أن يتّبعوا زعيمهم الدينيّ في الدرجة الأولى. وقال الأمين العام لعصائب أهل الحقّ قيس الخزعليّ في مقابلة بـ٨ حزيران/يونيو: "عندما يتعارض الحكم الدينيّ مع الحكم الوضعيّ، أقدّم الحكم الدينيّ على الحكم الوضعيّ". وبما أنّ قيس الخزعليّ يقلّد خامنئي، فهو سوف لن ينصاع إلى قوانين الدولة العراقيّة وأنظمتها في حال استلامه توجيهات من خامنئي تعارض هذه القوانين والأنظمة. وفي محاولة لإبعاد تهمة عدم وطنيّته، يستند الخزعلي على توجيهات خامنئي، التي تنصّ على اتباع رأي المرجع الدينيّ الأعلى السيّد علي السيستاني في كلّ ما يخصّ العراق، ولكنّ عمليّاً يرجّح رأي خامنئي على السيستاني. وأكّد الخزعلي في مقابلة أخرى بثّت في ٢٧ أيّار/مايو من عام ٢٠١٧ أنّ "بقاء أو عدم بقاء الحشد الشعبيّ سوف لن يعتمد على فتوى المرجعيّة (في النجف)، (وإنّما) سيعتمد على استمرار قانون الحشد الشعبيّ الذي سنّه البرلمان".

ومن الواضح أنّ الخزعلي يحاول هنا الانحياز إلى "القوانين الوضعيّة" على حساب الحكم الدينيّ، كونها تؤيّد رأي خامنئي في هذا المجال، الأمر الذي يتناقض مع مقولته حول تقديم الحكم الشرعيّ على الحكم الوضعي. وإنّ علاقة هذه الفصائل العقائديّة والسياسيّة بقادة دولة أخرى وارتباطها بمشاريع عابرة للحدود تقودها إيران، والتي ليست بالضرورة في تناسق مع سياسات الدولة العراقيّة، تحول دون تحويل قوّات الحشد الشعبيّ إلى قوّة عسكريّة وطنيّة، بمرجعيّة سياسيّة عراقيّة بحتة. وقالت الزميلة في المعهد الملكيّ للشؤون الدوليّة "تشاتام هاوس" والمديرة التنفيذيّة لمجموعة عمل مستقبل العراق نسيبة يونس في تصريح لـ"المونيتور": "هناك طريقة واحدة فقط لتحويل الحشد الشعبيّ إلى قوّات تنتمي إلى المنظومة الأمنيّة العراقيّة، وذلك عن طريق حلّ القيادة والسيطرة الحاليّة ودمج مقاتلي الحشد الشعبيّ في القوّات الرسميّة العراقيّة بشكل أفراد وليس مجموعات. ويجب أن تتمّ مقابلة هؤلاء المقاتلين للتأكّد من سجلّهم وجهوزيّتهم وتدريبهم الأصوليّ". ولكن لا يبدو أنّ هناك أيّ تحرّك باتّجاه دمج الحشد الشعبيّ في القوّات العراقيّة النظاميّة في هذه المرحلة.

قوات صينية إلى جيبوتي لافتتاح قاعدة عسكرية

الراي..(رويترز).... قالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن سفنا تحمل أفرادا من الجيش الصيني غادرت الصين في طريقها إلى جيبوتي بالقرن الأفريقي من أجل إقامة أول قاعدة عسكرية لبكين في الخارج. وأثار موقع جيبوتي على الطرق الشمالي الغربي للمحيط الهندي القلق في الهند من أن تصبح جزءا آخر من «سلسلة اللؤلؤ» الصينية التي تضم تحالفات عسكرية وعتادا يطوق الهند وأيضا بنغلاديش وميانمار وسريلانكا. وبدأت الصين في العام الماضي إقامة قاعدة لوجستية في جيبوتي التي تحتل موقعا استراتيجيا لإعادة تزويد السفن البحرية المشاركة في مهام حفظ السلام والمهام الإنسانية بالوقود قبالة سواحل اليمن والصومال على نحو خاص. وستكون هذه أول قاعدة بحرية للصين في الخارج رغم أن بكين تصفها بأنها منشأة لوجستية. وقالت شينخوا في تقرير مقتضب في وقت متأخر أمس الثلاثاء إن السفن غادرت من تشانجيانغ في جنوب الصين «لإقامة قاعدة دعم في جيبوتي».

تساؤلات حول مستقبل «المناطق الكردية» في سورية

الحياة...رستم محمود .. * كاتب سوري.

إذا صمدت هدنة الجنوب السوري المتوافق عليها دولياً وإقليمياً، واستقر مسارها، وإذا انتهت معركة الرقة خلال الأسابيع المنظورة، فإن المناطق التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديموقراطي شمال شرق سورية مرشحة بقوة لأن تكون محل نقاشٍ عام، سوري وإقليمي ودولي، لأن يحدد «مصيرها الموقت» بانتظار التسوية الشاملة. على أن التوازنات السياسية والأمنية بين القوى في تلك المناطق أكثر حساسية من بقية المناطق السورية، حتى من الجنوب السوري. لذا يحتاج التوافق إلى توازن دقيق بين جميع الفاعلين، لأنه بغير ذلك، يستطيع كل منهم تعكير أي توافق على تحديد شكل تلك المنطقة. وأيضاً لأن هذا التوافق سيؤثر بعمق في التسوية النهائية للمسألة السورية، فالمساحة المسيطَر عليها تقارب ثلث مساحة سورية، وتشتبك بها العديد من القضايا والتوازنات الإقليمية، لذا يجب أن يكون مصيرها المشترك محل أوسع مظلة توافق ممكنة. يشكل حزب الاتحاد الديموقراطي أكبر فاعل في هذه المعادلة. وهو الذي يتبع مشروعاً سياسياً يتمثل في إقرار الحقوق القومية للأكراد في تركيا أولاً، ويتحرك في فضاء حزب العمال الكردستاني، ويسعى في مجمل حركته لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لحزب العمال الكردستاني، وأن يعود الحزب فاعلاً متوازناً بين المحورين السياسيين الاستراتيجيين في المنطقة، تركيا وإيران. تتأتى قوة حزب الاتحاد الديموقراطي من هيمنته العسكرية والأمنية على هذه المناطق، وسعيه الدائم لرفد ذلك بالهيمنة السياسية التامة في تلك المنطقة، على حساب الأحزاب الكردية المناوئة له. من جانب آخر، يملك الاتحاد الديموقراطي علاقات عسكرية وثيقة مع الولايات المتحدة ودول أوروبية. وهو محل ثقة تفوق علاقة هذه الدول مع بقية القوى السورية. ومن عناصر قوته أيضاً توازن علاقته مع النظام السوري، ما يوفر له نوعاً من الشرعية، مع الكثير من الحماية من الضربات الجوية التي يوجهها النظام لسائر المعارضين السوريين. لا يقل دور النظام السوري عن دور حزب الاتحاد الديموقراطي في تلك الجغرافيا. فالنظام ما زال يملك شرعية الحكم، البيروقراطية والرمزية والسياسية، حتى بالنسبة إلى تركيا، أشد مناوئيه الإقليميين. فتركيا تعتبر النظام السوري حلاً أفضل من هيمنة حزب الاتحاد الديموقراطي، وقد تساعد النظام في مرحلة متقدمة في استعادة سيطرته المباشرة والكلية على تلك المناطق، فقط كي لا يسيطر الاتحاد الديموقراطي على أي شيء. والنظام السوري يعتبر الأكراد، وبالذات حزب الاتحاد الديموقراطي، حليفاً استراتيجياً في «تحالف الأقليات» السورية. لذا يسعى النظام السوري لتعزيز مكانة الاتحاد الديموقراطي على حساب الأكراد والعرب المناوئين له في الشمال السوري. لكنه في المقابل حذر من شكلين من التطورات التي يمكن أن تحدث: من جهة أن يتحول حكم الاتحاد الديموقراطي إلى أي شكل رسمي ومعترف به، فهو يقبل الاتحاد الديموقراطي وحكمه على قاعدة «غض النظر» من دون أي اعتراف رسمي به. من جهة أخرى، حذر النظام السوري من العلاقة المتنامية بين الاتحاد الديموقراطي والولايات المتحدة، وبقية دول التحالف.

غير أن القوى الإقليمية لا يمكن أن تترك تلك المنطقة للتفاهم والتوازن بين النظام وحزب الاتحاد الديموقراطي. فإيران تعتبر الجزيرة السورية جزءاً من استراتيجيتها الساعية لوصل سورية بالعراق. وهي لا تستأمن جانب حزب الاتحاد الديموقراطي، خصوصاً بعد تنامي علاقاته العسكرية مع الولايات المتحدة. كما أنها تتطابق مع تركيا في التضييق العسكري على هذه المنطقة، كي تخضع للتوازنات الإقليمية التقليدية التي لا تحتمل كياناً كردياً جديداً، يضاف إلى الفيديرالية في كردستان العراق. ثمة لاعب أخير ضمن التوازن الذي سيحدد مصير هذه المنطقة. فالحزب الديموقراطي الكردستاني-العراقي، وعلى رغم ترهل الحزب الكردي السوري الرديف له، يملك شعبية ما معقولة في أوساط الأكراد السوريين، ونفوذه الجماهيري يجب أن يحقق له ديناميكية للنفوذ ضمن سورية. ويدعم الديموقراطي الكردستاني-العراق مجموعة الأحزاب الكردية السورية المناوئة للاتحاد الديموقراطي الكردي، ومعها كل الوسائل والآليات التي لا تسمح للاتحاد الديموقراطي بالاستحواذ على الساحة والتمثيل السياسي للأكراد السوريين. ضمن هذه الديناميكيات الأربع الأكثر حيوية، تتحول التوازنات بين الفاعلين، وهي التي ستحدد مصير المناطق الشمالية الـــشرقية من ســورية، لكنها تنتظر بدورها ثلاثة تحولات قد تُجرى في الشهرين المقبلين:

1- رد الفعل الإيراني على تجربة التوافق الأولى بين الولايات المتحدة وروسيا في جنوب سورية. ومن الواضح هنا أن إيران خارج هذا التوافق تماماً، وهي تقرأه كجزء من الاستراتيجية الأميركية لإزالة نفوذها في سورية. وسيكون لإيران رد فعل سياسي وعسكري على هذا التوافق، وهو رد قد يكون ضمن سورية أو خارجها. وضمن هذا المسار، لا يمكن فصل التمدد الإيراني في المناطق الشرقية من سورية، فإيران ستسعى بكل قوتها لأن تتولى قيادة معركة دير الزور، لتزاحم الولايات المتحدة في منطقة نفوذها الأقوى في الجزيرة السورية.

2- ثاني التحولات المنتظرة يتعلق بمآل التهديدات التركية للمناطق التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديموقراطي، وخصوصاً إقليم عفرين. فهذه المنطقة التي ستستحوذ على هوية سياسية كردية ما، يمكن أن تلقى قبولاً وشرعية من أي طرف باستثناء تركيا التي ستستخدم كل قدراتها قبل تبلور أي شيء رسمي وحقيقي متوافق عليه في شأن مستقبل تلك المنطقة. تعرف تركيا أن أي دخولٍ عسكري مباشر إلى مناطق ذات شعبية وسيطرة كردية سيكون بمثابة مغامرة عسكرية وسياسية، لأنها يمكن أن تلقى مقاومة كردية عسكرية ولا تحقق أهدافها، وهذه ستكون نكسة عظمى لصورة الجيش والأمن القومي التركيين. من جهة أخرى، فإن ذلك قد يواجه برفضٍ أميركي وروسي، وحتى سوري، وهو ما سيفقد تركيا أقوى أوراقها: التهديد.

آخر التحولات يتعلق برد فعل الغالبية العربية في المناطق الجديدة التي سيسيطر عليها حزب الاتحاد الديموقراطي. فالمناطق الواسعة الممتدة بين مثلث منبج - الرقة - تل أبيض تكاد تكون ديموغرافياً عربية، وأغلب الظن أن الاتحاد الديموقراطي الكردي والمؤسسات الرديفة له لن تستطيع حكم تلك المناطق كما فعلت في المناطق ذات الغالبية الكردية. وسيكون لرد فعل السكان المحليين دور في تحديد شكل سلطة الاتحاد الديموقراطي سواء مع الأكراد أو عرب المنطقة. سيكون لتلك المنطقة شكل سياسي وعسكري ما، لأنها من دون ذلك ستدخل مرحلة «عطالة سياسية» بعد نهاية معركة الرقة، وسيكون في ذلك الشكل الذي تتخذه أكبر دلالة على شكل سورية المستقبلية.

أردوغان أسير الخوف

لفينت غولتكين.. * كاتب، عن «ديكان» التركية..جريدة الحياة..إعداد يوسف الشريف

يحكم تركيا سياسي أسير الخوف، وسياساته القمعية والتهديدية والمشاكسة في السياسة الداخلية كما في السياسة الخارجية، أحكمت طوق العزلة عليه في كثير من المحافل الدولية. ويحسِب الرئيس، رجب طيب أردوغان، أن القوى الخارجية تتعاون مع الداخل التركي من أجل الانقلاب عليه والإطاحة به، وساهم في تغذية هذا الخوف والقلق ألاعيب قذرة قامت وتقوم بها جماعة فتح الله غولن الى اليوم، كما يؤجج خوفه مصير قيادات وزعماء دول مثل العراق وليبيا ومصر. فهو يسأل في قرارة نفسه «هل جاء الدور علي؟ هل النظام العالمي سيستهدف تركيا بعد الربيع العربي؟»... لست من الذين يقولون إن هذه المخاوف كلها من بنات الخيال، لكن سياسات أردوغان تساهم في تيسير عمل المتربصين به. وهو يرى ان أصغر اعتراض على تصرفاته أو أصغر تظاهرة ضده، هي بداية خطة سرية خبيثة ضده. لذا، ينفث على العالم تصريحات غاضبة ويتوسل بالقمع. وعلى رغم أن تركيا تعاني مشاكل اقتصادية وسياسية، وتقيد استقلال القضاء، وتقمع الحريات والصحافة، أعتقد أن أكبر مشاكلها اليوم هو هذا الخوف الذي يتلبس بأردوغان. فينزلق الى مزيد من الأخطاء. وكلما حسِب أنه يخطو خطوة تطيح اسباب هذا الخوف، يخطو نحو تيسير مطامع الذين يخاف منهم. ففي السياسة الداخلية يزداد قمعاً وتعنتاً، وينفخ في الاحتجاج على سياساته. وفي الخارج نلقى سياسة خارجية تركية متخبطة الآراء تترافق مع تصريحات نارية ضد جميع السياسيين والدول. فأردوغان يرى ان العالم كله يكن له العداوة ويريد إطاحته. ويذكرني عهد الرئيس التركي اليوم بعهد الوصاية العسكرية التي جعلت من تركيا بلداً لا يطاق، ويصعب العيش فيه على وقع سياسات قمعية تذرعت بأن «الغرب يريد تقسيم تركيا». واليوم، نحن امام استقطاب خطير وقاتل في الشارع التركي، فنصفه يؤيد أردوغان ويريد ان يبقى في الحكم مهما كانت العواقب والسياسات والتبعات ونصفه الثاني يعارضه ويريد التخلص منه مهما كان الثمن وكانت العواقب. وأي محاولة لإسقاط أردوغان من طريق تدخل أو ضغط خارجي، ستدفع بأردوغان الى إحراق تركيا وتدميرها. فهو يرى انه وتركيا واحد، وأن انتقاده هو انتقاد لتركيا، وأي ضرر سيأتيه من الخارج هو ضرر لابد أن يصيب تركيا كلها. لكن الحق يقال إن أردوغان عاجز عن أن يكون تركيا، أي أن يمثل شعبها كله. فهو يمثل نصف الشعب هذا فحسب، ويعادي الأتراك غير المؤيدين له. وبقاء أردوغان في الحكم والسلطة مهما كانت التداعيات يودي بتركيا إلى مصير سورية جديدة أو عراق صدام حسين جديد. ولكن السعي الى رحيله وتنحيه مهما كان الثمن سيحولها إلى ليبيا جديدة أو سورية جديدة. ولا يخدم مصلحة الأتراك التخلص من أردوغان من طريق تدخل خارجي. وعلينا أن نقف موقفاً حازماً في وجه القوى الخارجية التي تريد العبث بأمن تركيا بذريعة التخلص من أردوغان، وأن نواجهه (أردوغان) وأن نبلغه أنه لا يمثل تركيا وأن نصف الشعب مستاء من سياساته ويرفضها.

وتخلى اليوم كثيرون ممن كانوا رفاق درب أردوغان عنه بسبب سياساته، ولم يبقَ إلى جانبه الا متملق لا يستطيع العيش في حال رحيله، وهؤلاء المتملقون يدفعون به إلى الهاوية بأيديهم حين يصفقون لكل قراراته وتصريحاته. لا يمكننا أن نستسلم لسياسات أردوغان، ولكن يجب أن نلتزم حذراً أكبر وألا ننقاد وراء تدخل خارجي قد يحيل تركيا إلى بلد تتعذر الحياة فيه أو تحرقه أتون حرب أهلية. ومع الأسف لم يبقِ أردوغان على صديق صدوق يقف إلى جانبه ويخلصه من هذا الخوف الذي يأسره ويهدد مستقبل تركيا وأمنها.

الاتحاد الأوروبي إمبراطورية ضرورة تنقذ البلقان وشرق أوروبا من أطياف الماضي

روبرت كابلن... الحياة..* صاحب «أطياف البلقان» و «في فيء أوروبا»، عن «نيويورك تايمز» الأميركية، إعداد منال نحاس.

يخلف تعاظم وهن الاتحاد الأوروبي أثراً عميقاً في شرق نواة الإمبراطورية الكارولنجية وجنوبها (هولندا وفرنسا وألمانيا) الآفلة. فعلى فالق الإمبراطورية النمساوية - الهنغارية والسلطنة العثمانية الآفلتين، تفتقر الدول الشيوعية السابقة الى طبقة وسطى قوية أو متينة تضاهي نظيرها في قلب أوروبا، وهي، الى اليوم بعد 25 عاماً على حصار ساراييفو، تنشغل بنزاعات اتنية وإقليمية (نزاعات على الأرض والحدود). وفي ليوبليانا، عاصمة سلوفينيا الواقعة بين اوروبا الوسطى والبلقان، يدور كلام المسؤولين والخبراء على ما يسمى شبح حدود أو حدود طيفية تسكن خيال الناس هناك. وهذه الحدود الشبح هي حدود «أنتيمورل كريستيانيتاتيس» (حصن المسيحية) على نحو ما سمى البابا ليو العاشر في 1519، الأراضي الواقعة في الجبهة الأمامية ضد السلطنة العثمانية. وكانت كراوتيا في الخطوط الدفاعية الأولى ضد السلطنة هذه، وتلتها سلوفينيا. وبلغ الناتج الفردي في 2016 في سلوفينيا 32 الف دولار. وكانت الإمبراطورية النمساوية الهنغارية حكمت السلوفينيين طوال مئات السنين. وتاريخ الكرواتيين يجمع في جزء منه إرث النسماوية الهنغارية الى إرث عثماني وإرث «بندقي» او «فينيسي» (نسبة الى مدينة البندقية)، وناتجهم الفردي بلغ في العام نفسه حوالى 22 الف دولار. وفي دول يوغوسلافيا السابقة، التي كانت في معظمها في ايدي السلطنة الثعمانية، الناتج الفردي ادنى مما هو عليه في سلوفينيا وكراوتيا. ففي مونتينغرو، الناتج المحلي 17 الف دولار، وفي صربيا 14 الف دولار، وفي مقدونيا وكوسوفو والأجزاء العثمانية السابقة من البوسنة الناتج المحلي على هذا القدر من التدني. فالفروق الاقتصادية والاجتماعية الموروثة من الانقسامات الإمبراطورية القديمة، على حالها. وهذه الفروق ليست حتمية عرقية أو اتنية لا مفر منها. فعلى سبيل المثل، يفوق أثر الإمبراطوريات الأجنبية- وهو أثر سياسي واقتصادي- في قوم السلاف في شرق جنوبي اوروبا أثرَ انتمائهم العرقي واللغوي. والأجزاء البيزنطية والعثمانية السابقة في اوروبا- وهي الأقرب الى الشرق الأوسط- هي، الى يومنا هذا، الأفقر، والأضعف استقراراً في القارة الأوروبية. وتمس حاجة الدول هذه الى دعم الاتحاد الأوروبي وتوجيهاته أو ارشاده. ويُكتب مصير القارة الأوروبية، سواء بقيت آمنة ومزدهرة أو تصدعت على حدود الفالق التقليدي بين الشرق والغرب، في البلقان. فأثر التطورات السياسية في باريس وبرلين وبروكسيل يتردد في المنطقة هذه.

ولا يكل الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، عن التدخل في وسط اوروبا وشرقها، وفي البلقان على وجه التحديد، ويتوسل هناك بالتخريب على انواعه المختلفة، من ادارة حلقات الجريمة المنظمة وتمويل الحركة الشعبوية القومية وصولاً الى التأثير في وسائل الإعلام المحلية. وعلى رغم ان مونتينغرو على قاب قوسين من الانضمام الى الناتو (انضمت الى الحلف هذا في حزيران- يونيو 2017)، يستوطن البلد هذا أوليغارشيون روس ومجموعات جرمية. وتشير تقارير الى ان روسيا أعدت انقلاباً هناك في العام الماضي، لكن الانقلاب فشل. ويُنظر الى صربيا وبلغاريا على انهما موطئ قدم النفوذ الروسي الإقليمي، على رغم ان النزعات الاستبداية تتعاظم الى الشمال في هنغاريا وبولندا. وسعي الحكومة الهنغارية الى وضع اليد على جامعة «اوروبا الوسطى» في بودابست التي أسسها البليونير الهنغاري – الأميركي، جورج سوروس إثر سقوط جدار برلين، هو حلقة من حلقات هذا التنازع الجغرافي – السياسي.

وصبيحة اليوم التالي على فوز الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان باستفتاء يمنحه صلاحيات شبه مُطلقة، لم يزر ضريح مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة، بل ضريح محمد الثاني، الفاتح، وهو السلطان العثماني في القرن الخامس عشر الذي مشت جيوشه نحو الغرب من القسطنطينية الى البوسنة. ويسعى اردوغان الى ملء الفراغ الذي يخلفه افول الاتحاد الأوروبي في بلغاريا ومقدونيا وكوسوفو. وانفلات الأمور على غاربها في مقدونيا، أي غياب الاحتكام الى القانون- ومنه العنف في البرلمان احتجاجاً على حكومة انتقالية- هو مرآة هشاشة جنوب شرقي اوروبا. ولكن القوة اليتيمة القادرة على ارساء استقرار البلقان هي الاتحاد الأوروبي. والسبيل الأوحد الى تذليل الخلافات الإتنية بين الصرب والألبان هو انضمام صربيا وألبانيا وكوسوفو الى الاتحاد هذا. ففي الاتحاد الأوروبي تنتفي حاجة ألبانيا وكوسوفو الى الاتحاد والاندماج. وترى صربيا ان اتحادهما قد يسوغ الحرب أو يشعل فتيلها. والتنافس بين كرواتيا وصربيا على النفوذ في البوسنة – الهرسك يذوي ويتبدد اذا انضمتا الى الاتحاد الأوروبي. فالأخير هو اطار دول غير اتنية تستمد مشروعيتها من الاحتكام الى قوانين غير شخصية، عوض الاحتكام الى فرمانات وأوامر متعسفة.

والحق يقال ان الاتحاد الأوروبي هو امبراطورية الضرورة. فهو مشروع طموح لأنه سعى الى ارساء اتحاد يجمع او يصهر اراضي امبراطوريات قديمة وآفلة من الكارولانجية الى البروسية والهابسبورغية والبيزنطية والعثمانية، على رغم تباين تاريخها (الأراضي هذه) والتباين في نموها الاقتصادي. ويتربع الاتحاد الأوروبي اليوم محل هذه الإمبراطوريات الآفلة. ففي منطقة شنغن المشرعة الحدود، وفيها لا قيد على حركة المواطنين الأوروبيين، يجمع الاتحاد مناطق مترامية الأطراف تحكمها من بعيد بيروقراطية ديموقراطية جزئياً، في وقت يطالب كثر برفع نسبة التمثيل المباشر. وهذه الحال من احوال الإمبراطوريات الآفلة. لذا، تمس الحاجة الى إنقاذ الاتحاد الأوروبي وتحسينه. وزرتُ، اخيراً، المرفأ الكرواتي، رييكا، على مقربة من الحدود السلوفينية والإيطالية، حيث يرفرف علم يحمل صورة نسر مزدوج الرأس، اعلى برج الكنيسة. و»هذا رمز هابسبورغي، وليس رمزاً كراوتياً ولا هنغارياً ولا ايطالياً... والعلم هذا سبق ان نكسه الفاشيون، فهو يرمز الى الحرية والإدارة الذاتية التي تمتعت بها المدينة في عهد سلالة آل هابسبورغ»، على نحو ما فسر لي كاتب ايطالي الإتنية، جياكومو سكوتي. واليوم، يعود الفضل في امكان رفع العلم هذا من جديد الى انضواء كرواتيا الدولة السيدة في الاتحاد الأوروبي، وهي تسعى الى الانضمام الى منطقتي شنغن واليورو. والانتساب الى الاتحاد هذا هو الجسر الى إشهار مشاعر الاعتزاز المحلي. والوقوف عند ما كانت عليه يوغوسلافيا مفيد. فالباحث العظيم من اوروبا الوسطى، كلاوديو ماغريس، يصف تيتو في كتاب ادب الرحلات الملحمي، «الدانوب»، بآخر امبراطوريي آل هابسبورغ. فهو يرى ان ثمة اوجه شبه بينه وبين فرانز جوزيف، ويكتب:»هو (تيتو) يدرك أنه وريث مشروعية عابرة للقوميات الدانوبية». فمثل فرانز جوزيف، شد تيتو أواصر يوغسلافيا بواسطة مزيج من القمع والتسامح، وهو تسامح قياساً على الدول الشيوعية الأخرى. واليوم، لن تجد دول يوغوسلافيا السابقة السلام والأمان إلا حين الاندراج في نظام امبراطوري حميد: الاتحاد الأوروبي.

 

فصل جديد من النزاع في الشرق الأوسط

شلومو بن عامي... الحياة...* وزير خارجية إسرائيل السابق، عن «بروجيكت سانديكايت» الدولي، 8/7/2017، إعداد منال نحاس.

مع طرد معارك الموصل والرقة «داعش» من معاقلها في سورية والعراق، وتحول الحرب الأهلية السورية الى حرب استنزاف، يتغير وجه أشد نزاعات الشرق الأوسط. ولكنها (النزاعات هذه) لن تطوى قريباً. ولم تكن خلافة «داعش» يوماً في مثابة دولة سيادية في المتناول حملها على الاستسلام من غير قيد أو شرط. لذا، ليست معارك الموصل والرقة حاسمة، على رغم إطاحة ملاذات «داعش» الآمنة. وتمدد «داعش» الى ليبيا وشبه جزيرة سيناء المصرية هو قرينة على أن ثمة بؤراً رخوة قد يتسلل اليها التنظيم. واليوم، عدّل «داعش» استراتيجيته، وتصدر أولوياته إلهام وإعداد هجمات في الشرق الاوسط وأوروبا وجنوب شرقي آسيا. وقد يقدم في خطوته المقبلة على زعزعة الأنظمة العربية من الداخل- وهذه استراتيجية يتعذر على ائتلاف دولي جبهها ومكافحتها. واليوم، ترص الدول العربية الصفوف في مواجهة «داعش» وإيران، في وقت واحد. وترى طهران أن حظوظ عودة الأقاليم المحررة من «داعش» الى أسيادها السابقين، ضعيفة. لذا، تسعى الى إحكام قبضتها على جنوب سورية على طول الحدود مع الأردن، لبسط نفوذها على هلال شيعي يمتد من إيران الى العراق وسورية ولبنان. ولن تقف إسرائيل مكتوفة اليدين في انتظار اكتمال الهلال هذا. وأعلنت أن انتشار الإيرانيين على حدود الجولان يفاقم خطر الحرب. وأميركا تسعى كذلك الى الحؤول من دون تكامل برّي بين إيران والمتوسط- وشن هجمات جوية على المناطق المحاذية للعراق والأردن وسورية يندرج في هذه المساعي. والقوات الأميركية اسقطت مقاتلة سورية وطائرتي درون يوجهها «حزب الله». وليست إيران البلد اليتيم الساعي الى رسم حدود المنطقة من جديد رسماً يخدم مصالحه. فالرئيس التركي دعم «داعش» في تحديها نظام سايكس– بيكو، وهو يعود الى قرن من الزمن وقسّم إرث السلطنة العثمانية. والأكراد كذلك، وهم أبرز حلفاء أميركا في الحرب على «داعش»، يسعون الى تغيير خريطة الشرق الأوسط. ويرغبون في دولة خاصة بهم، ويتوقعون بروزها جزاء مساهمتهم في هزيمة «داعش». ودعا مسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، الى استفتاء العراقيين الأكراد على الاستقلال في أيلول (سبتمبر) المقبل. وتولي تركيا الأولوية للحؤول دون استقلال أكراد العراق أكثر مما توليها لهزيمة «داعش» او إسقاط نظام بشار الأسد. فأردوغان يقلقه استقلال أكراد العراق، واحتذاء أكراد تركيا المتمردين والمنضوين في «حزب العمال الكردستاني» عليهم. وتسعى انقرة الى قمع الميليشيات الكردية السورية المتحدرة من «الكردستاني». فهي تخشى أن تحوز الميليشيات هذه مشروعية دولية بعد كسبها احترام العالم في ميدان المعارك. ويرجح أن تبقى القوات التركية المنتشرة في شمال سورية في مرابطها، حتى بعد سقوط الرقة، من إجل إنشاء منطقة عازلة بين أكراد سورية وأكراد تركيا. ولا يخفى أن مخاوف تركيا من التمرد الكردي في محلها. ولكن حظوظ دولة كردية في الحياة، ضعيفة، في وقت تقع بين 4 دول- إيران والعراق وتركيا وسورية - تعاديها وتعارض بروزها. وروسيا هي لاعب بارز في الشرق الأوسط، على رغم أن الكرملين غير معني بالمواجهة الحامية والحاسمة بين السنّة والإيرانيين، ولا بالتدخل في علاقة تركيا مع «الكردستاني». وتتفاطع أهدافه اليوم مع أهداف إيران في بقاء الرئيس السوري في منصبه. ولكن حين تستقر الأحوال، ينفرط عقد التحالف الروسي المضمر مع إيران وينزلق الى تنافس شرس على السيطرة السياسية على سورية.

دراسة عن التوافق الطائفي في العراق ولبنان

بيروت - «الحياة» .. قارنت دراسة أكاديمية لمركز «كارنيغي للشرق الأوسط» في بيروت، بين نظامي التوافق الطائفي في العراق ولبنان، والحراك المدني في البلدين، وخلصت إلى ان المواطنة ضعيفة والخدمات متردية تحت عنوان إرضاء مكونات للمجتمع. وشددت على فاعلية النشاط التنظيمي السلمي العابر للطوائف وعدم فاعلية التظاهرات. وتابعت الدراسة التي أعدتها مديرة المركز الدكتورة مهى يحي في عنوان «صيف الانتفاضتين»، أن النظامين السياسيين في العراق ولبنان، أعطيا الأولوية للمصالح الطائفية، على حساب تحقيق الحوكمة الفعالة وتوفير الخدمات الاجتماعية والفرص الاقتصادية لجميع المواطنين. وأدت هذه التركيبة المصلحية إلى تعزيز التنافس على السلطة والموارد وتجويف مؤسسات الدولة، وبالتالي تدهور البنى التحتية وعجز المؤسسات العامة عن توفير الخدمات اللازمة. لكن الدراسة نظرت أيضاً في تجربة الحراك المدني المستقل في بيروت ومدن عراقية في مقدمها بغداد، وفشله في تحقيق التغيير على رغم تسليطه الضوء على تبدل المزاج الشعبي. وأكدت أن «ثمة سؤالاً أساسياً برسم ناشطي المجتمع المدني في كلٍّ من لبنان والعراق، يتمحور حول الإستراتيجيات المتاحة أمامهم اليوم، وما الغايات المتوخاة منها، لا سيما على ضوء قدرة النظامين السياسيين في هاتين الدولتين على احتواء الصدمات». وتساءلت: «هل على الناشطين العمل من داخل النظام، على غرار «بيروت مدينتي»، أم الأجدى أن يكتفوا بالتظاهر في الشارع؟ وكيف سيتمكنون من التوفيق بين الانخراط في النظام السياسي من جهة ونبذهم الكامل السياسة من جهة أخرى؟ وكيف سيحوّلون مشاعرهم المناهضة للسلطة القائمة إلى قوة محفّزة على التغيير؟». ولمحت الدراسة الى أن التجارب الأكثر فاعلية لمواجهة هذه التحديات تكمن في بناء شبكات عابرة للطوائف هدفها تعزيز أسس المواطنة، وتُنافس في الانتخابات وتبني شبكات تكافل اجتماعي.

ستراسبورغ تلقن جواسيس اللغتين الروسية والعربية قبل إرسالهم إلى مهام استخبارية ميدانية

إيلاف- متابعة... إيلاف - متابعة: في مركز لتأهيل "الجواسيس" في ستراسبورغ، يردد عشرون طالبًا يرتدون البزات العسكرية وهم جالسون خلف أجهزة كومبيوتر أولى الكلمات العربية، على أمل إتقان هذه اللغة في غضون 24 شهرًا، قبل أن ينصرفوا إلى العمل الميداني. يستعد عملاء في ستراسبورغ يتدربون على إتقان لغات أجنبية لإرسالهم كجواسيس إلى مكان ما في منطقة الساحل أو الشرق الأوسط، وفقًا لعمليات الجيش الفرنسي، للتنصت على العدو واختراق معلوماته. إذاك يتعيّن عليهم فك الرسائل المرمزة أثناء الاتصالات والمساعدة على تحديد مواقع الأهداف وإحباط الكمائن والتحذير من اعتداءات. في الوقت الراهن، يتدرب بيار- أنطوان وكاترين وزملاؤهما في مركز التدريب المشترك على الاستخبارات في ستراسبورغ. بحماسة قالت كاترين (22 عامًا) إن ما يحتاجه المقاتل هو أن يتعلم بوتيرة سريعة لغة عمل جديدة، العربية أو الروسية في غضون 24 شهرًا، والصينية في 36 شهرًا. ويتدرب آخرون على مراقبة شبكات التواصل الاجتماعي". أضافت إن "ما يجذبني هو أن اتعلم لغات نادرة بسرعة فائقة، وأن اعرف أن مسؤوليات ستلقى على كواهلنا بعد ذلك، وهذا دور أساسي في شبكة الاستخبارات". من خلال ست ساعات يوميًا من التدريب، من دون احتساب العمل الشخصي في المساء أو في نهاية الأسبوع، يكتشف هؤلاء الطلاب قواعد اللغة ومختلف اللهجات. ثم يذهبون لتعلم اللغة في أستونيا أو مصر أو طاجيكستان.

خطط استباقية

قالت مدربتهم "حتى الآن، نتعلم من خلال السمع، بوساطة أجهزة الاستماع من خلال ترداد الكلمات. ويتوافر للمتدربين فقط الصوت والترجمة إلى الفرنسية. أما قواعد الكتابة فنتعلمها في وقت لاحق". لا يتم الكشف في هذا العالم الغامض عن أسماء العائلات والعلاقات الشخصية والتدريب أمام الزائرين القلائل الذين يسمح لهم بدخول باب مبنى "شتيرن" العسكري، الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر. وقال رئيس التدريب والمسؤول الثاني في المركز الليوتنانت كولونيل جيل "في التسعينات، درّبت المدرسة فرقًا لغوية باللغتين الصربية-الكرواتية والألبانية. وانتقل مركز الثقل إلى أماكن أخرى". وفي المشهد الجيوسياسي الجديد، تحتل اللغة العربية مركز الصدارة. واللغة الروسية لا تفقد أهميتها، فصفحة الحرب الباردة طويت إنما منذ 2014، ويقوم الروس بعملية عودة قوية إلى منطقة المتوسط وأبواب الاتحاد الأوروبي. وتجند الشبكات الجهادية عددًا كبيرًا من الناطقين باللغة الروسية من القوقاز أو آسيا الوسطى. هذه المدرسة العسكرية الفعلية التي تضطلع بدور ريادي في مكافحة الإرهاب، تدرب عددًا متزايدًا من العملاء "الجواسيس" لـ "حروب المستقبل". ويقول الكولونيل إيمانويل، قائد المركز إن "الاستعلام هو الاستباق، حتى يتاح لك الوقت لإحراز خطوة متقدمة على القوى المعادية".

شبكات عبر الأقمار

على صعيد التنصت، شهدت المهنة تطورًا عميقًا. وقال المايجور آلان الذي قام بخطواته الأولى على صعيد تعلم اللغة العربية خلال حرب الخليج في 1991، "من قبل، كان كل شيء أسهل. كنا نرى جيوشًا ونتابع تحركات القوات. ومن خلال 400 أو 500 كلمة، كنا نقوم بعملنا على ما يرام. واليوم، نضرب هذا الرقم بعشرة". بات كل شيء يجري على شبكات الأقمار الصناعية، حيث يمكن أن تخفي المناقشات التافهة معلومات ثمينة حول تحضير طائرة مسلحة بلا طيار أو زرع لغم، على سبيل المثال. أوجز رئيس المركز الوضع قائلًا "إضافة إلى الوسائل العسكرية المحضة، يتوافر كثير من المعلومات الضرورية في المصادر المتاحة. وتكمن المهارة في الاستفادة من هذه المعلومة مباشرة". يتعلم المتدربون التعامل مع "دفق المعلومات" لإحصاء عناوين آخر المعلومات التي يمكن الإطلاع عليها عبر الانترنت حسب الموضوعات. وعلى شريط فيديو يظهر فيه مقاتلون "جهاديون"، سيقاطعون ما يرون، مع جسر أو خط أشجار، أو لوحة لصور متوافرة على شبكة الانترنت، حتى تحديد موقع الخصم.

لا للعالم الافتراضي

يشدد رئيس المركز على منع الهويات المزورة والأشخاص الافتراضيين والممارسات الأخرى غير القانونية في الاستخبارات العسكرية. وقال المسؤول الثاني في المركز الليوتنانت-كولونيل جيل "لسنا مصنعًا لإعداد نسخ من جيمس بوند، وليس هناك أستون مارتن أمام الباب". وأوضح الكولونيل باتريك، المسؤول عن التدريب على البحث في شبكة الانترنت، "لا نتعلم كسر الرموز، ولن نقوم بعملية قرصنة ضد وزارة الدفاع الأميركية". أضاف "على شبكات التواصل الاجتماعي، إذا كان الشخص ثرثارًا في فرنسا، فسيكون كذلك في سوريا أيضًا". وقال مبتسمًا "حتى الروس المعروفون بصرامتهم على صعيد المعلومات، يروون وقائع من حياتهم على شبكات التواصل الاجتماعي". وبمجرد التقاط المعلومة، ينبغي تعلم تفسيرها وتوليفها واستخدامها لأغراض عسكرية. وللتدرب على ذلك، يعمل المتدربون على حالات حقيقية غالبًا ما تكون مصنفة سرية.

صبر موسكو نفد مع توزيع ترامب أعباءه على العائلة الرئاسية

الحياة...موسكو – رائد جبر.. يقول بعضهم في روسيا: كلما اقتربنا من تحقيق قفزة لتجاوز الحفرة التي وقعت فيها العلاقات مع الولايات المتحدة، وجدناها تتسع وتزداد عمقاً. هكذا حصل بعد الزيارة اليتيمة للوزير سيرغي لافروف البيت الأبيض في أيار (مايو) الماضي، وهذا ما حدث بعد اللقاء الأول للرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب. في الحالين، فتحت فجأة ملفات جديدة تؤجج الخلافات بدلاً من تقليصها. والأكيد أن ملف العلاقة مع واشنطن عموماً ومع الرئيس ترامب شخصياً، غدا مادة دسمة للتندر في روسيا، وبعضهم استحضر مقولة تشبه المثل العربي الذي يقول: «جبتك يا عبدالمعين تعين...»! النخب الروسية لم تكن تُعوّل كثيراً على تحقيق اختراق في هامبورغ التي دخلت إلى بورصة التندر بسبب أعمال الشغب التي رافقت قمة «العشرين»، حتى أن مغردين روساً اعتبروا أن الأمر «احتاج إلى أن تحترق هامبورغ كي يتمكن الرئيسان من الجلوس وجهاً لوجه لمدة ساعتين». لكن الحصيلة «صفر كبير» وفق تعبير مدوّن. حتى الاتفاق الجزئي المتعلق بالهدنة في الجنوب السوري، يبدو هشاً يحتاج إلى «تثبيت كثير من التفاصيل» على رغم أن موسكو بدأت الترويج للفكرة منذ زيارة لافروف واشنطن، وخاض الطرفان نقاشات مطولة في شأنها في عمان وآستانة. أما الاتفاق حول وحدة الأمن الإلكتروني الذي انقلب عليه ترامب سريعاً، بمجرد أن شعر بثقل الضغوط الداخلية، فكان القشة التي قصمت ظهر البعير. ولم يكن مفاجئاً بعد ذلك، أن تتفجر فضيحة محادثات ترامب الابن مع المحامية الروسية لتضع مزيداً من العراقيل، وتحشر الرئيس الأميركي مجدداً في زاوية محاولات الدفاع عن نفسه. أمام كل هذا، انفجر خزان السخرية الروسي من ترامب. فهو «يكلف ابنته شغل مقعده في قمة العشرين، ويرسل قبل ذلك ابنه لتجميع معلومات تلطخ هيلاري كلينتون، بينما ينشغل بمناقشة مسألة توجيه ضربة نووية إلى كوريا الشمالية مع حفيده». والسخرية الروسية اتخذت قبل القمة وبعدها مباشرة مساراً يتعلق بالتندر على الـ «شو مان» الذي يدير سياساته عبر تغريدات على «تويتر» خلافاً لـ «ضابط المخابرات السابق» الذي يفضل صناعة السياسة خلف الأبواب المغلقة، ويعرف جيداً بحكم إتقانه لعبة الجودو كيف يستخدم نقاط ضعف خصمه. ولم يوفر المتابعون الروس فرصة، للنيل من شخصية ترامب خلال لقاء هامبورغ، فاستحضرت وسائل إعلام رسمية «خبراء في علم الفراسة» المعروف بـ «سيكوغونومي» لتحليل إشارات برزت خلال اللقاء عندما «ربت على كتف بوتين عكس محاولة لإظهار الثقة في النفس، لكنه كان حذراً جداً، وحاول استشعار نظيره الروسي الذي بدا أكثر هدوءاً». لكن خيبة الأمل الروسية من ترامب، انعكست في شكل أكثر وضوحاً، بعد عودة الأخير إلى واشنطن، و «انقلابه» على الاتفاقات المحدودة مع بوتين. واعتبر بعضهم أن تلويح لافروف بإجراءات عقابية ضد واشنطن، بينها احتمال مصادرة عقارات أو طرد ديبلوماسيين، يعكس «نفاد صبر موسكو» التي كما قال معلقون ساخرون «منحت ترامب فرصة أخيرة لإثبات قدرته على مواجهة خصومه الداخليين». أما مروجو النكات، فوجدوها فرصة سانحة للإجهاز على «الحليف الذي فقد الثقة»، وتداولت شبكات التواصل في روسيا نكتة راجت كثيراً في الأيام الأخيرة، مفادها أن «نواباً في مجلس الدوما وجهوا رسالة إلى بوتين طالبوا فيها بسحب الثقة من الرئيس الأميركي، لأنه خالف تعهداته الانتخابية... لروسيا».

أردوغان يستبعد رفع الطوارىء قريباً والمعارضة تخشى ترسيخ «إهانة الجيش»

أنقرة – «الحياة» ... تستعد تركيا غداً لإحياء الذكرى الأولى للمحاولة الانقلابية الفاشلة التي تتهم الحكومة جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن بتدبيرها. وربط الرئيس رجب طيب أردوغان رفع حال الطوارئ المفروضة منذ المحاولة الانقلابية، بـ «القضاء على جماعة غولن»، فيما تخشى المعارضة محاولات حكومية لترسيخ صورة «مهينة» للجيش، وتحميله مسؤولية ما حصل، في شكل يفاقم تحجيم دوره وفاعليته. وطالبت الزعيمة القومية المعارضة ميرال أكشنار برفع كل اللوحات التي بدأ القصر الرئاسي نشرها في الشوارع والساحات، وتصوّر رسومات مقتبسة عن ليلة المحاولة الانقلابية في 15 - 16 تموز (يوليو) 2016. وتُظهِر كل اللوحات جنوداً يبكون ويفرّون، فيما يضربهم مواطنون ويلاحقونهم، في شكل يعكس «إهانة بالغة للجيش التركي»، وفق أكشنار. وهي حذرت من خروج فاعليات تلك الذكرى عن هدفها وتحوّلها دعاية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وإهانة للجيش وللمؤسسة العسكرية. ويدور سجال حاد بين الحكومة والمعارضة حول ما حصل ليلة المحاولة الانقلابية، إذ تصرّ السلطات على أن المحاولة استهدفت أردوغان وحكمه الشرعي، معتبرة أن الجيش استُخدِم من أجل خطط أجنبية وغربية. في المقابل، ترى المعارضة أن ما حصل كان نتيجة صراع على السلطة بين تيارَين إسلاميَين، أحدهما شرعي وهو حزب «العدالة والتنمية»، والآخر غير شرعي وهو جماعة غولن. وتشير إلى أن القيادات العسكرية العلمانية والأتاتوركية هي التي تصدّت للمحاولة الفاشلة، في غياب الرئيس ورئيس الوزراء. ومع إعلان يوم 15 تموز عطلة رسمية، أشارت بلدية إسطنبول إلى أن المواصلات العامة ستكون مجانية في ذلك اليوم، من أجل تسهيل نزول المواطنين إلى الشارع لإحياء ذكرى التصدي للمحاولة الانقلابية. وعرضت دور السينما مقاطع لأول فيلم عن تلك الليلة، أنتجه رجال أعمال مقربون من الحكومة، وأثار ردود فعل غاضبة، بعدما أظهر عائلة أردوغان مقتولة برصاص الجيش، وجنرالاً انقلابياً يدوس مواطنين، ويصوّب مسدسه إلى رأس أردوغان الذي يصلّي ويرفض أن ينهي صلاته، على رغم تهديده بالقتل. واستبعد الرئيس التركي رفع حال الطوارئ المفروضة منذ المحاولة الانقلابية، قائلاً: «حال الطوارئ لن ترفع إلا بعد القضاء على جماعة غولن نهائياً. لا مجال لرفعها في ظل كل ما يحدث. سنرفعها عندما لا تكون هناك حاجة إلى محاربة الإرهاب، وربما لا يكون ذلك في مستقبل بعيد». واعتبر أن حال الطوارئ أتاحت لزعيم المعارضة كمال كيليجدارأوغلو تنظيم مسيرة من أنقرة إلى إسطنبول «بأمان»، مؤكداً أن «الأتراك والمستثمرين الأجانب لم يتأثروا». أما رئيس الوزراء بن علي يلدريم فلفت إلى أن السلطات «اقتربت من تطهير الجيش بالكامل، بعد فصل عسكريين من كل الرتب». وزاد: «سيستمر هذا النضال إلى أن يدفع آخر عضو في منظمة غولن الإرهابية ثمن خيانته». وأضاف أن «الأحزاب التركية عملت على مرّ التاريخ السياسي للبلاد، للتأقلم مع وجود منظمة غولن، منذ تأسيسها عام 1966، باستثناء رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، وحكومة حزب العدالة والتنمية وأردوغان». في المقابل، كرّر غولن نفيه تورطه بالمحاولة الانقلابية، مؤكداً أنه لا يعتزم الفرار من الولايات المتحدة وسيقبل تسليمه إلى أنقرة، إذا وافقت واشنطن على طلب تركي في هذا الصدد. ووصف أردوغان بأنه «مستبد»، وحضّ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على إقناعه بتبديل سياساته. وأشاد بالمعارضة في تركيا، مستدركاً أن أي محاولة أخرى لإطاحة أردوغان يجب أن تكون من خلال احتجاج سلمي وانتخابات. على صعيد آخر، أعلنت السلطات التركية أن الشرطة قتلت خمسة من عناصر تنظيم «داعش»، خلال دهم منزل في مدينة قونية وسط الأناضول، مشيرة إلى جرح أربعة شرطيين.

غولن باق في أميركا وتسليمه لأنقرة «بيد واشنطن»

الحياة...بنسلفانيا (الولايات المتحدة)، أنقرة – رويترز .. قال فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة والذي تتهمه تركيا بالتحريض على محاولة الانقلاب العام الماضي، إنه لا ينوي الهروب من الولايات المتحدة وسيقبل بتسليمه إذا وافقت واشنطن على طلب أنقرة بتسليمه لها. ونفى غولن (79 سنة) في مقابلة أجريت معه في مجمعه السكني المحاط بأسوار وبوابات في جبال بوكونو في بنسلفانيا، ما قالته الحكومة التركية في شباط (فبراير) الماضي بأنه يستعد للرحيل إلى كندا لتجنب تسليمه، وقال إن «الإشاعات ليست صحيحة على الإطلاق». وأضاف غولن في غرفة اجتماعات مزخرفة وجدرانها مزينة بآيات قرآنية: «إذا كانت الولايات المتحدة ترى أن من الملائم تسليمي، سأغادر (إلى تركيا)». ويتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والحكومة التركية غولن بتدبير محاولة الانقلاب في تموز (يوليو) 2016، والتي قاد خلالها جنود دبابات ومقاتلات وقصفوا البرلمان وحاولوا خطف اردوغان أو قتله. ولقي أكثر من 240 شخصاً حتفهم في أعمال العنف. وقال أردوغان في أيار (مايو) الماضي إنه سيواصل «حتى النهاية» مطالبة واشنطن بتسليم غولن الذي ينفي أي تورط في محاولة الانقلاب. لكن لم يتحقق أي تقدم يذكر بخصوص الطلب التركي. ويقول المسؤولون الأميركيون في أحاديث خاصة إن تركيا لم تقدم بعد لوزارة العدل الأميركية ما يكفي من الأدلة لتتحرك، على رغم أن أردوغان ناشد ترامب مباشرة في هذا الأمر. وتعد القضية نقطة شائكة رئيسة في العلاقات بين الحليفتين في «حلف شمال الأطلسي» (ناتو). وقال غولن إنه يأمل في ألا تسمح إدارة ترامب للتسليم بأن يمضي قدماً، خصوصاً بعد استقالة مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين بعد أسابيع من تنصيب ترامب رئيساً. وفلين الذي استقال لرفضه الكشف عن حجم اتصالاته مع روسيا، قام بضغط مدفوع الأجر «يمكن أن يفسر على أنه أفاد بشكل أساسي» الحكومة التركية، وكان مؤيداً صريحاً لتسليم غولن. وقال غولن إنه شعر «بالشفقة» على فلين، لكنه أقر بأن رحيل مساعد ترامب السابق حسن قضيته. ويعيش غولن، وهو حليف سابق لأردوغان، في منفى اختياري منذ عام 1999 ويشرف على ما يصفها بأنها حركة دينية إنسانية. ويدير أنصاره شبكة عالمية من المدارس والشركات مرتبطة بالحركة التي يشرف عليها. وأعلن مجلس الأمن التركي أن الشبكة التي يشرف عليها غولن «جماعة إرهابية»، قبل شهرين من محاولة الانقلاب. وأصبح غولن منذ ذلك الحين شخصية هامشية في شكل متزايد في الوسط السياسي التركي. وقال الرئيس التركي اليوم في خطاب موجه للمستثمرين في أنقرة، إنه «لا يمكن في ظل الظروف الراهنة رفع حالة الطوارئ التي فرضتها أنقرة بعد محاولة انقلاب عسكري فاشلة»، مضيفاً «لا مجال لرفع حالة الطوارئ في ظل كل ما يحدث. هم يسألون متى تنتهي الطوارئ. ستنتهي عندما ينتهي كل هذا». وذكرت وسائل إعلام رسمية إن تركيا أصدرت اليوم أوامر لاعتقال 34 موظفا سابقا بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية، في إطار تحقيق يستهدف غولن. وقالت «وكالة الأناضول للأنباء» إن «السلطات تشتبه في أن الموظفين السابقين الذي صدرت بحقهم أوامر الاعتقال يستخدمون تطبيق باي لوك للرسائل المشفرة الذي تقول الحكومة إن أتباع غولن يستعملونه». وكان تم الإفراج عنهم من قبل بعد التحقيق معهم لصلتهم المزعومة بمحاولة الانقلاب. وقالت وكالة «دوجان» للأنباء إنه «في عملية منفصلة ألقت الشرطة القبض على 14 من ضباط الصف بالجيش في وقت مبكر اليوم، في ستة أقاليم في إطار التحقيق في محاولة الانقلاب». وندد غولن بإحكام أردوغان قبضته على السلطة وغلق منافذ إعلامية، ووصفه بأنه «مستبد»، وحض إدارة ترامب والحكومات الأوروبية على بذل المزيد لتشجيع إعادة الحريات السياسية في تركيا. وقال إنه إذا استمع أردوغان إلى «صوت قوي من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي وبروكسيل يقول له إن ما تفعله خطأ... وإن نظامك القانوني لا يصلح، فإنه قد يغير رأيه». وانتقد الزعماء الأوروبيون حملة أردوغان، لكن لم يصدر عن واشنطن رد مسموع. وقالت تركيا مراراً إن تحركاتها مبررة بقوة التهديد الذي شكله انقلاب العام الماضي للدولة، ورفضت تلميحات إلى أنها تقمع المعارضة. وأشاد غولن بالمعارضة في تركيا وأكد أن أي محاولة جديدة للإطاحة بأردوغان يجب أن تكون من خلال الاحتجاج السلمي والانتخابات، وليس من خلال الوسائل غير الديموقراطية. وقال: «لم أؤيد قط انقلاباً ولا طرداً». ويعتبر غولن اليوم شخصية معزولة في تركيا ومكروه من أنصار أردوغان، لكنه منبوذ أيضاً من قبل قطاع كبير من المعارضة التي ترى أن شبكته تآمرت على مدى عقود لتقويض أسس العلمانية في الجمهورية التركية الحديثة.

 

 

 

 

 



السابق

«الجمهورية» تنشر مسوَّدة باسيل لتقليص النزوح: لخطوات عكسيّة تُشجِّعهم على العودة...عرسال اللبنانية وجرودها إلى المعركة... في أقل من أسبوع.. قلقٌ وتوتر في البلدة ومخيماتها... ومخاوف من ارتدادات وأزمات....33 عائلة أخرى تعود إلى سورية بلا شباب..فرنجية: لا شيء تغير في العهد الجديد...مجلس الوزراء يرجئ بحث آلية التعيينات بعد انقسام على بقاء «القائمة» أو إلغائها...الانتخابات الفرعية في أيلول...قاسم: التنسيق مع سوريا ضروري لعودة النازحين...الحجيري: الدلائل تشير إلى اقتراب معركة الجرود..لجنة النازحين تحضِّر ورقة عمل لكيفية التعامل مع أزمة النزوح..

التالي

هدنة الجنوب السوري.. اختبار لنموذج سوريا ما بعد الأسد...مصدر عسكري يهاجم التحالف: أعطيتم الضوء الأخضر لتمدد إيران في البادية...جيش الإسلام يحدد موقفه من مبادرة التوحد ضمن جسم عسكري واحد...موسكو تخشى سيناريو العراق و «القضاء على الديكتاتور والبلد»...موسكو تعتبر أدلة واشنطن حول استخدام الكيماوي «فارغة»...هجوم انتحاري في إدلب... ونزوح من ريف دمشق وشرق السويداء..«وحدات حماية الشعب» الكردية تنفي مطالب روسية للانسحاب من عفرين...المعارضة نحو دعم مقترحات دي ميستورا ... وتقدم في بحث الدستور...100 يوم على مجزرة الأسد الكيماوية في خان شيخون والفشل يطوق دي ميستورا في جنيف 7...

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,505,570

عدد الزوار: 7,636,182

المتواجدون الآن: 0