رسم "ثلاثي البعد" متطور للتحقيق في اغتيال الحريري

القرار الظني بين العوامل السياسية والمعطيات الأمنية

تاريخ الإضافة الجمعة 29 كانون الثاني 2010 - 5:58 ص    عدد الزيارات 3090    التعليقات 0    القسم محلية

        


كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ"النهار" ان المدعي العام للمحكمة الدولية دانيال بلمار في صدد رسم "ثلاثي البعد" للتحقيق الذي يجريه في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ولكل ما يمت الى الجريمة زمانا ومكانا ومعلومات. وتصف المصادر هذا العمل بانه فريد من نوعه، ويعرف اهميته كل من خبر "البعد الثلاثي"، ويعد تقدما لافتا في التحقيق لاستناده الى خبرات علمية حديثة في علم الجريمة. وتشير الى ان بلمار استند ايضا الى تقنيات جديدة ومفاهيم مختلفة عن تلك التي كانت تعتمد في أي تحقيق جنائي، وهذا يعني ان ما يتم تحضيره امر لا سابق له، ويوفّر معطيات تظهر للمرة الاولى في التحقيق.
وتشير المصادر الى ان هذه المعلومات تتزامن مع زيارة رئيس المحكمة الدولية انطونيو كاسيزي لبيروت الاسبوع المقبل، والتي تعطي بعدا جديدا في استمرار عمل المحكمة بعد الاستقالات التي قدّمت على دفعات وطالت اداريين في المحكمة. ويهدف كاسيزي في زيارته الاولى الى استكشاف مسرح الجريمة بكل الابعاد التي تحملها الكلمة، والتعرف الى الواقع اللبناني عبر لقائه المسؤولين اللبنانيين والاجتماع بخبراء قانونيين واعلاميين. وتحمل الزيارة ابعادا بالنسبة الى لبنان عشية الاحتفال بالذكرى السنوية الاولى لانطلاقة عمل المحكمة مطلع آذار المقبل، وهي تأتي بعد شهر ونصف شهر على زيارة بلمار لبيروت في كانون الاول الفائت، والتي اكد خلالها لعائلات ضحايا سقطت في اربع عمليات اغتيال "ضمان ألا تبقى الجرائم الشنيعة التي ارتكبت ضد احبائكم من دون عقاب".
ووفقا لهذه التأكيدات، تلفت المصادر الى ان الاجراءت الجديدة التي يعتمدها بلمار تحتاج الى وقت اكثر من المعتاد من اجل التوصل الى تحقيق شامل وشفاف. وخصوصاً ان التحقيق لا يزال يستكمل المسح الشامل للجرائم التي وقعت في لبنان بعد 14 شباط 2005، واستمعت في هذا الاطار خلال الشهرين الماضيين الى نحو ثلاثين شخصا. ووفقا لذلك، من المتوقع ألا يكون صدور القرار الظني في وقت قريب، وهذا امر طبيعي بحسب المصادر، لان بلمار يريد قرارا ظنيا متكاملا سيشكل القاعدة الاساسية لعمل المحكمة الذي يمكن ان يستمر سنوات.

 

فاضل

لكن تأخر القرار لا يمكن إلا ان يثير اسئلة بين اللبنانين الذين كانوا ينتظرونه كل سنة مع اقتراب 14 شباط. ويقول استاذ القانون الدولي الاب فادي فاضل الذي يتابع ملف المحكمة الدولية، وكانت له اخيرا لقاءات حول هذا الملف في كندا المهتمة بعمل مواطنها بلمار، "إن تأخير صدور القرار الظني بعد خمسة اعوام على بدء لجنة التحقيق الدولية امر لا سابقة له في المحاكم الدولية. ومن شأنه ان يطرح تساؤلات حول ملاءمة عمل الادعاء مع الوضع السياسي القائم في لبنان والمنطقة".
حين اعلن البدء بعمل المحكمة الدولية في آذار الفائت قال بلمار إن "انشاء هذه المحكمة كان بقرار سياسي، لكن عملها يجب ان يبقى أرفع من السياسة، تحكمه فقط مبادئ حيادية وتستند الى حكم القانون".
لكن فاضل يطرح اسئلة عن الهدف من اعلان بدء العمل في المحكمة والتأخير في صدور القرار الظني، ويقول: "تبدي المصادر الديبلوماسية الكندية الرفيعة تساؤلات عن التأخير في صدور هذا القرار، والا فلماذا اعلن بدء العمل في آذار 2009 اذا لم تكن ثمة نية دولية في اصداره؟ مع العلم ان التقارير السابقة للجنة التحقيق تشير في كل معطياتها الى بلوغ خلاصات ما حول عملية الاغتيال".
وتطرح هذه المصادر وفق فاضل امكان وجود "نية لانتظار نضج الوضع السياسي اللبناني والاقليمي، من اجل صدور التقرير على غرار ما حصل لدى توقيف الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش عام 2001 بعدما اتهم بجرائم الحرب عام 1999، ونتيجة ارساء اتفاق دايتون للسلام ووعود اقتصادية قدمتها الولايات المتحدة الى صربيا واخرى قدمتها الدول الاوروبية الفاعلة لتقديم تسهيلات من اجل دخول الاتحاد الاوروبي.
ويشير فاضل الى ان المحكمة صارت منذ آذار الفائت على عاتق لبنان والدول المانحة، في حين ان تمويل لجنة التحقيق كان طوال الاربعة اعوام الاخيرة على حساب الجمعية العمومية، وهذا يشكل في ذاته موضوعا جديرا بالبحث والتوقف عنده اذا تأخر اكثر فاكثر صدور القرار الظني".
في كتابها الاخير "المطاردة ومجرمو الحرب وانا"  La traque, les criminels, guerre et moi تتحدث المدعية العامة كارلا دل بونتي عن اهمية التوقيت في التوقيفات التي جرت خلال عملها مدعية عامة في المحكمة الدولية ليوغوسلافيا ورواندا، ولا سيما لجهة توقيف ميلوسيفيتش ورادوفان كرادزيتش والمتهمين الآخرين في كرواتيا ورواندا وملاءمة التوقيفات مع الوضع السياسي لهذه الدول وتطورات المواقف الاميركية والاوروبية والضغوط التي كانت تمارس على انظمتها لتحويل مذكرات التوقيف امرا واقعا.
ويقول فاضل: "لا احد يشكك في نزاهة عمل المحكمة الدولية ولا في عمل القضاة والمدعي العام الذين يعتبرون من افضل الاشخاص الذين تعاملت معهم المحاكم الدولية. ولا احد يشكك في ما يمكن ان يتضمنه القرار الظني. لكن طرح الاسئلة عن توقيت صدور القرار الظني بات مشروعا، وخصوصا ان صدور القرار لا يلغي استمرار عمل لجنة التحقيق، فهما امران منفصلان".
ويشير الى ان اللغط الحاصل والتركيز اللبناني تم على اساس اعطاء القرار الظني الاهمية على حساب عمل المحكمة، وهذا خطأ قانوني. فستون في المئة من الذين طالهم القرار الظني في محاكم دولية اخرى برّئوا من التهم الموجهة اليهم. لذلك يجب عدم التركيز على اهمية القرار في ذاته وما يمكن ان يصدر عنه، بل ضرورة الشروع في عمل المحكمة. فزيارة كاسيزي على اهميتها لن تقدم اجوبة واضحة يريدها اللبنانيون، لان مهمته لم تبدأ فعليا بعد، ولن يكون في قدرته تاليا الاجابة عن سؤال ينتظره اللبنانيون: اين القرار الظني؟".

هيام القصيفي     


المصدر: جريدة النهار

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 161,999,651

عدد الزوار: 7,223,783

المتواجدون الآن: 67