أخبار العراق....الكاظمي يحذّر من «السلاح المنفلت» ويتحدث عن «تركة ثقيلة» ورثتها حكومته...ماكرون في بغداد: تفويض أميركي بمواجهة «ناعمة»؟...تحالف الحلبوسي - الخنجر: تحصين «الزعامة» ومغازلة واشنطن...«التيه السنّي» بين موت الدولة وولادة الأمة...

تاريخ الإضافة الجمعة 4 أيلول 2020 - 5:28 ص    عدد الزيارات 1923    التعليقات 0    القسم عربية

        


الكاظمي يحذّر من «السلاح المنفلت» ويتحدث عن «تركة ثقيلة» ورثتها حكومته... القضاء يستدعي وزيري الدفاع والداخلية السابقين على خلفية قتلى مظاهرات أكتوبر....

بغداد - لندن: «الشرق الأوسط».... شدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أمس (الخميس)، على ضرورة «فرض هيبة الدولة»، معتبراً أن حكومته «ورثت تركة ثقيلة» تتعلق بـ«السلاح المنفلت». وتزامن موقفه مع إعلان القضاء العراقي استدعاء وزيري الدفاع والداخلية في الحكومة السابقة على خلفية التحقيق في سقوط قتلى خلال التظاهرات التي شهدها البلد منذ أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي. وأفاد مكتب الكاظمي بأنه زار أمس مقر قيادة العمليات المشتركة في بغداد، حيث كان في استقباله رئيس أركان الجيش، ونائب قائد العمليات المشتركة، ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب. وأوضح المكتب في بيان أن الكاظمي «أكد أن الحكومة ورثت تركة ثقيلة من السلاح المنفلت والنزاعات العشائرية التي باتت تشكل خطراً حقيقياً على المجتمع وتهدد أفراده، كما تعمل على عرقلة جهود الإعمار والتنمية في البلاد». وتابع البيان أن رئيس الوزراء «وجه قادة الأجهزة الأمنية بمتابعة هذا الملف والتنسيق المشترك بين القوات الأمنية للعمل بكل الجهود المتاحة لإنهائه، وفرض هيبة الدولة، ومواجهة كل ما يهدد أمن واستقرار البلد». في غضون ذلك، سقط صاروخ كاتيوشا على شركة أمنية في العاصمة العراقية بغداد فجر أمس الخميس. ونقلت وكالة «السومرية نيوز» للأنباء عن مصدر أمني أن «شركة أمنية في منطقة القادسية ببغداد، تم استهدافها فجر اليوم (أمس) بصاروخ كاتيوشا». وأضاف المصدر أن ذلك «أدى إلى إلحاق أضرار مادية دون تسجيل أي خسائر بشرية»، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. وجاء ذلك غداة إجراء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء محادثات مع المسؤولين العراقيين في أول زيارة رسمية إلى بغداد بهدف مساعدة هذا البلد على تأكيد «سيادته». إلى ذلك، أعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق القاضي فائق زيدان، أمس (الخميس)، أن هيئة التحقيق بقضايا «أحداث التظاهرات» التي شهدتها البلاد على مدى الشهور الماضية، استدعت وزيري الداخلية (ياسين الياسري) والدفاع (حازم الشمري) في حكومة عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء السابق. وأفاد بيان لمجلس القضاء الأعلى بأن زيدان استقبل كلاً من مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي ورئيس جهاز الأمن الوطني عبد الغني الأسدي ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق أول ركن عبد الوهاب الساعدي»، موضحاً أن «المجتمعين ناقشوا الإجراءات القضائية بخصوص حوادث استشهاد وإصابة المتظاهرين ومنتسبي القوات الأمنية» خلال التظاهرات الكبرى التي اندلعت في العراق في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019. وأكد البيان أن «الهيئات التحقيقية المختصة بتلك القضايا أصدرت عدداً من مذكرات القبض بحق عدد من منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية، إلا أنه وبموجب قانون التبليغات العسكري وقانون تبليغات قوى الأمن الداخلي يجب استحصال موافقة القائد العام للقوات المسلحة ووزيري الداخلية والدفاع لتنفيذ تلك المذكرات». وأشار إلى أن «الهيئة التحقيقية القضائية في الرصافة (بغداد) استدعت كلاً من وزيري الدفاع والداخلية في الحكومة السابقة للاستيضاح منهما عن معلومات تتعلق بالتحقيق في تلك القضايا»، مبيناً أن «هناك عدداً من الموقوفين من الضباط على ذمة التحقيق في تلك القضايا وآخرين صدرت بحقهم أحكام من المحاكم المختصة تخضع حالياً للتدقيق من قبل محكمة التمييز». وفي هذا السياق، قال الدكتور فاضل الغراوي عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق لـ«الشرق الأوسط» إن مفوضية الانتخابات ولفترة طويلة من الزمن خلال فترة التظاهرات «عملت على توثيق كل ما يتعلق بالتظاهرات» بما في ذلك التحقق من حصول انتهاكات لحقوق الإنسان وأصدرت خمسة تقارير رسمية «وثقت كل التفاصيل التي حصلت ورافقت التظاهرات بكل ما لها وعليها من قضايا سلبية وإيجابية». وتابع أن هناك عدداً كبيراً من الإحصاءات والتوصيات رفعتها المفوضية إلى البرلمان والقضاء ومجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية وإلى بعثة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان في جنيف. وأضاف الغراوي أن «هذه العملية تعد عملية توثيقية كاملة، وعقدنا العديد من الاجتماعات مع الجهات الأمنية وقدمنا كل ما لدينا من ملاحظات، ومن جانبهم وعدونا بأخذ كل ما قدمناه من ملاحظات». وأوضح الغراوي: «في الفترة الأخيرة قدمت الحكومة رسالة رسمية للمفوضية وطالبت من خلالها بكل الوثائق والمعلومات المتوفرة لديها، وعقدنا بالفعل اجتماعات عدة مع الطاقم الخاص بمكتب رئيس الوزراء، وقدمت الوثائق بشكل رسمي، وتم اعتمادها عبر الإعلان الرسمي الذي أصدره مكتب رئيس الوزراء بالإحصائيات والأرقام». وأشار إلى أنه «لغاية الآن، وهذا مثبت بشكل رسمي، هناك 561 شهيداً من المتظاهرين والقوات الأمنية، مع كل الإثباتات التي تخص كل شخص وقع (ضحية) في تلك التظاهرات. أما عدد الجرحى من القوات الأمنية والمتظاهرين فقد بلغ 24 ألفاً بإصابات مختلفة بين خفيفة وبليغة». ولفت إلى أن «المفوضية طلبت من رئاسة الوزراء تكثيف إجراءاتها بشأن التحقيق في كل ما جرى، ووعدنا رئيس الوزراء بأنه سيشكل لجنة عالية المستوى، كما سيتحدث مع القضاء بهذا الشأن وإجراء التحقيقات الأصولية وإعلانها للرأي العام بكل شفافية». من جهته، أبدى الناشط والإعلامي منتظر ناصر رئيس تحرير جريدة «العالم الجديد» الإلكترونية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، شكوكه حيال لجان التحقيق في العراق. وقال ناصر إنه «دائماً ما تلتحق الكثير من المسائل الحساسة بالعديد من القضايا السابقة التي تم إهمالها ونسيانها، وبات الحديث عنها ضرباً من الترف أو سبباً للاستثمار السياسي من قبل الأطراف المتصارعة، من قبيل ما يعرف بملفات المغيبين والمفقودين وضحايا سبايكر، وقد يكون من بينها ملف قتلة المتظاهرين والتسبب بإصابة وجرح الآلاف منهم على مدار عام كامل». وأضاف أن «المعطيات لا تشجع، فمجلس القضاء كمفصل مهم من مفاصل البلاد المهمة خضع منذ فترة طويلة، للأسف الشديد، إلى التسييس، وأصبح التدخل السياسي واضحاً فيه من خلال التسويات القضائية التي شاهدناها ونشاهدها باستمرار». لكنه استدرك قائلاً: «مع ذلك، نتمنى أن تكون خطوته هذه المرة جادة وحقيقية، خصوصا أن هناك قضاة مهنيين ووطنيين، لا سيما في ظل تغير المزاج السياسي الذي قد ينعكس إيجاباً على ملاحقة مثل تلك القضايا».....

ماكرون في بغداد: تفويض أميركي بمواجهة «ناعمة»؟

الاخبار.... يُنتظر أن تستأنف باريس برنامج تدريب القوات العراقية بعد توقفه من جراء تفشّي «كورونا» ... بغداد | أكثر من دلالة تحملها زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للعاصمة العراقية بغداد. يشير بعض المصادر السياسية العراقية، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن ماكرون، وبتفويض أميركي - دولي (حتى إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل)، سيلعب «دوراً بارزاً» في عدد من ملفّات منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها الملفان اللبناني والعراقي (لترابطهما بشكل أو بآخر). وهذا الدور مردّه، بحسب المصادر، إلى انشغال الأميركيين بانتخاباتهم المرتقبة ومكافحة جائحة «كورونا»، وخفض مستوى التصعيد من قِبَل الإيرانيين على أكثر من مستوى، بُعيد اغتيال قائد "قوة القدس" في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني. هنا، تشير المصادر إلى أن الفرنسيين رفضوا تلك الخطوة الأميركية «المجنونة»، وسارعوا إلى الاتصال بالأميركيين للاستفسار عن دوافعها، مبدين رفضهم تبنّي «التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش» لها، ومهدّدين بالانسحاب منه وبسحب قواتهم المنتشرة في العراق، وهو ما عادوا وتراجعوا عنه تحت الضغوط الأميركية الهائلة. وبالعودة إلى زيارة ماكرون، فإن مصادر حكومية عراقية بارزة ترسم، في حديثها إلى "الأخبار"، أبرز معالمها على النحو الآتي:

1- توفير الدعم الدولي للحكومة ورئيسها مصطفى الكاظمي، بهدف تعزيز توجّه الأخير نحو "إبعاد العراق عن المحاور المتصارعة في المنطقة"، وهو ما جدّد تأكيده بقوله "إننا لا نريد أن نكون ساحة مواجهات، بل منطقة استقرار واعتدال"، فيما أشار ماكرون إلى أن «فرنسا تساند جهود الكاظمي لتعزيز السيادة العراقية... وقد ناقشت معه وقف التدخلات الخارجية في الشأن العراقي".

أُعلن خلال الزيارة عن مشروع «يمكنه التغلّب على النقص المزمن في الكهرباء»

2- توفير الدعم الاقتصادي اللازم للعراق في مختلف المجالات، وهو ما تُرجم بالإعلان عن تعاونٍ في مجال الطاقة، وتحديداً بالعمل على «مشروع نووي يمكنه التغلّب على النقص المزمن في الكهرباء»، التي تقول الحكومة الحالية إنها تريد تنويع مصادرها منها "بعيداً عن الحسابات السياسية"، بدءاً من إيران، مروراً بالسعودية (مجلس التعاون الخليجي)، وصولاً إلى مصر (مشروع «الشام الجديد»). أما المشروع الفرنسي فيعدّ، بحسبها، "خياراً جديداً وجدّياً يجب الوقوف عنده، والتمعّن فيه واستثماره والاستفادة منه".

3- دعوة المستثمرين الدوليين والمانحين للتوجّه إلى «بلاد الرافدين»، التي تعدّ ساحة خصبة للاستثمار، لا تزال كـ"الأرض البور" منذ الاحتلال الأميركي في نيسان/ أبريل 2003، وما أعقبه مذاك من أحداث كبرى تَوّجها سقوط مساحات شاسعة من البلاد بيد تنظيم «داعش» في حزيران/ يونيو 2014. هنا، يبرز الحديث الفرنسي عن دعم «مشروع مترو في بغداد، وتنفيذ مشاريع الطاقة ومشاريع أخرى في مجالات علمية وثقافية وصحية... خاصةً في المناطق الأكثر هشاشة».

4- تجديد الدعم الفرنسي للعراق في "الحرب على الإرهاب". وفي هذا الإطار، يُنتظر أن تستأنف باريس برنامج تدريب القوات العراقية بعد توقفه من جراء تفشي «كورونا». أما في شأن «الجهاديين» الفرنسيين المسجونين في العراق، فأشار ماكرون إلى أن «أولئك الذين اختاروا بحرية أن يذهبوا للقتال في ساحات خارجية، وأدينوا بارتكاب أعمال إرهابية في دولة ذات سيادة، فيجب أن يحاكموا في هذه الدولة» (يبلغ عدد المحتجزين الفرنسيين في العراق وسوريا 150 رجلاً، معظمهم محتجز في معسكرات ومراكز اعتقال تابعة لـ«الإدارة الكردية» في شمال شرق سوريا، في حين حكمت بغداد على 11 فرنسياً محتجزاً لديها بالإعدام).

وكان ماكرون أعلن - قبيل انطلاقه من بيروت إلى بغداد - إطلاقه مبادرة بالتعاون مع الأمم المتحدة لـ"دعم مسيرة السيادة" في العراق، وهو ما قُرِئ لدى المعنيّين على أنه ترحيب بمشروع «الشام الجديد»، القاضي بإنشاء سوق اقتصادي مشترك بين العراق والأردن ومصر، والذي يدور حديث عن أنه مدعوم أميركياً بهدف إبعاد بغداد عن طهران من بوابة الاقتصاد.

تحالف الحلبوسي - الخنجر: تحصين «الزعامة» ومغازلة واشنطن

الاخبار....أشرف كريم ... بغداد | أظهرت الانتخابات التشريعية الأخيرة (2018) في العراق وجود جيلَين سياسيَّين لدى «النخب السنّية»: أحدهما يملك أوراق الشباب والحداثة، والآخر يمثّل الحرس القديم المؤسِّس للنظام السياسي ما بعد عام 2003. وعلى رغم أن «الساحة السنّية» أفرزت كتلاً وزعامات عدّة، أبرزها «تحالف القوى العراقية» (أكبر تلك الكتل بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي)، و«جبهة الإنقاذ والتنمية» (بزعامة أسامة النجيفي)، فضلاً عن «تحالف المدن المحرّرة» (برئاسة الأمين العام لـ«المشروع العربي» رجل الأعمال خميس الخنجر)، إلّا أن كتلة الحلبوسي رأت أنها الأحقّ في تصدّر هذه الساحة؛ بوصفها الأكبر «سنّياً» تحت قبّة البرلمان.

ربما أراد الحلبوسي من تحالفه مع الخنجر تحصين نفسه من أيّ حراك ضده

على أنه في الـ20 من تموز/ يوليو الماضي، سُجّل تحوّل بارز في الخارطة السياسية لـ«القوى السنّية»، تَمثّل في تشكيل ائتلاف جديد برئاسة الخنجر (يُعدّ الأخير أحد أبرز وجوه «تحالف البناء»، إلى جانب هادي العامري ونوري المالكي وفالح الفيّاض). وضمّت الكتلة الجديدة بداية أعضاء كانوا في «تحالف القوى العراقية» (بزعامة الحلبوسي سابقاً)، قبل أن يرتفع عدد الملتحقين بها إلى 25 نائباً. وعن هذا التحالف الوليد تقول مصادر سياسيّة مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، إنه في مساء التاريخ المذكور آنفاً، عُقد اجتماعٌ في منزل الخنجر، حضره بعض النواب، فيما شارك فيه آخرون عبر «سكايب». وتضيف المصادر أن الاجتماع أفضى إلى اتّفاق على نقاط عدّة أبرزها:

1- العمل على توحيد «القوائم السنّية» في أيّ انتخابات تشريعية مبكرة.

2- حصر الترشيح لرئاسة «الوقف السنّي» بـ«المجمّع الفقهي العراقي»، لقطع الطريق أمام التنافس السياسي على هذا المنصب.

3- السعي لتوحيد كلمة «القيادات السنّية» في مناقشة ملفّ التوازن في التعيينات الأمنية وفي الهيئات والمؤسسات المدنية.

4- الاتفاق على مخاطبة الحكومة من أجل التسريع في عودة النازحين، واستغلال الموقف الدولي تجاه ما يُسمّى «السلاح المنفلت» من أجل معالجة الوضع في المحافظات المُحرّرة.

5- إلزام الحكومة إعادة دمج بعض عناصر «الصحوات» في المؤسسات الأمنية، مع إمكانية ربطهم بـ«الحشد العشائري»، أو إعادتهم إلى مواقعهم، لكن تحت قيادة القائد العام للقوات المسلّحة.

6- الضغط لحصر منصب نائب رئيس الجمهورية بـ«الكتل السُنّية».

7- تعهّد الحلبوسي بإيقاف حملة استهداف «القيادات السنّية»، وتوحيد الخطاب الإعلامي لتلك القيادات.

هذه التفاهمات جرى التوصّل إليها بغياب بعض نوّاب محافظة نينوى، وهو ما جعل الأخيرين يرون فيها محاولة لحصر «القيادة السنّية» بمحافظة الأنبار فقط، مسقط رأس الحلبوسي. ويشير هؤلاء إلى أن الاتفاق كان محصوراً بداية مع نوّاب «المشروع العربي»، بهدف تشكيل كتلة نيابية تحت اسم «نواب المحافظات المحرّرة»، لكنّهم فوجئوا بذهاب الخنجر إلى الحلبوسي، ومن ثمّ تحالفه معه من دون أيّ نقاش معهم. على أن هذا الرفض لن يحول، على ما يبدو، دون فتح قنوات تواصل مع القيادة الموحّدة الجديدة مُمثلّة، من جهة، بالخنجر المقرّب من طهران، ومن جهة ثانية بالحلبوسي المتناغم مع السعودية والإمارات. وبالعودة إلى بنود التفاهمات، يشير مصدر سياسي، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أنه إذا أوفى الحلبوسي بكلّ ما تقدّم من التزامات موقّعة مع الخنجر، فيجب على نواب كتلة الأخير «أن لا يكونوا جزءاً من أيّ إجراء يستهدف إبعاد الحلبوسي عن منصب رئاسة البرلمان مستقبلاً». وتنبئ خطوات الحلبوسي، ومن بينها انشقاقه عن «حزب الحلّ» (بزعامة جمال الكربولي)، بأنه على استعداد للمضيّ في مشروع تغيير «الخارطة السياسية السُنّية»، مع ما يقتضيه ذلك من إبعاد الوجوه القديمة التي تصطفّ غالبيتها خلف رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي. في المقابل، تنظر كتل سياسية، كـ«جبهة الإنقاذ والتنمية»، إلى الحلبوسي بوصفه «فاشلاً» في إدارة الهيئة التشريعية، ما يبرّر من وجهة نظرها الإطاحة به. ومن هنا، يسود اعتقاد بأن الحلبوسي بادر إلى التحالف مع الخنجر من أجل تحصين نفسه من أيّ حراك ضدّه.

«التيه السنّي» بين موت الدولة وولادة الأمة

الاخبار....خالد الناصر .... *باحث سياسي عراقي....

لا يمكن الحديث عن تلاشي معالم الدولة العراقية ما بعد عام 2003، من دون الحديث عن التيه السياسي والاجتماعي والقِيَمي الذي أصاب «المكوّن السنّي» على اختلاف مستوياته (الشعبي والنخبوي والسياسي). هنا، يجب أن نتوخّى الدقّة في فحص منظومة القيم السياسية والدينية والاجتماعية لدى هذا المكوّن، مع استخدام عدسة مكبّرة بمواصفات خاصّة لاكتشاف مكامن الاختلاف بين «العرب السنّة» و«العرب الشيعة» من جهة، وبين «السنّة العرب» و«السنّة الكرد» من جهة أخرى؛ إذ إن لكلّ من تلك المسمّيات دلالة خاصة، وتأثيرات مباشرة في استمرار التيه «السنّي» الحالي.

أوّلاً: التيه «المقاومي»

إن غياب «القضية السنّية»، وغياب ما يُعرف بـ«النضال السنّي التاريخي»، خلافاً لما هو الحال لدى «الشيعة» و«الأكراد»، ظهر واضحاً بعد سقوط البلاد في نيسان/ أبريل 2003 بيد الاحتلال الأميركي. هذا ما يمكن الاصطلاح عليه بـ«التيه المقاومي للعرب السُنّة». لقد تَشتت المقاوم «السُنّي» ما بين مقاوم إسلامي ومقاوم قومي ومقاوم «بعثي» ومقاوم عبثي. وهو ما أوجد حالة من الانفصام بين المقاومة والشارع «السُنّي» من جهة، وبين المقاوم والسياسي «السنّي» من جهة أخرى، وفتح الباب أمام دخول الأجندات الإقليمية والدولية إلى مضمار المقاومة «السنّية»، وتحويلها بشكل دراماتيكي إلى جماعات متطرّفة أنتجت تنظيم «القاعدة»، ولاحقاً «داعش». هذا التيه هو الذي حَوّل حالة المقاومة «السنّية» إلى حالة من الإرهاب والتطرف، وأفقد المكوّن قيمته الفخرية والتاريخية، بصفته أوّل من قاوم الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003. أمّا المقاومة «الشيعية» والتي كانت تتمتّع بهوية واضحة، فقد جاءت متأخّرة عن المقاومة «السنّية»، لكنها استطاعت أن تستحوذ على المشهد المقاوم في العراق، بل وأصبحت هي هوية المقاومة العراقية.

لا يزال الحديث مبكراً عن صحوة وطنية «سُنّية» تناظر الصحوة الوطنية «الشيعية»

ثانياً: التيه السياسي

لا يختلف التيه السياسي لدى «العرب السنّة» ما بعد 2003 عن التيه المقاومي؛ فالأسباب هي نفسها. بدا هذا التيه واضحاً في التوجّهات السياسية «السنّية»، والخطاب الذي تبنّاه أصحابها، وكذلك في طبيعة الأهداف والأساليب المنتهَجة. لقد كان التشرذم والتشتّت واضحين، سواءً في الموقف تجاه مقاومة المحتلّ، أو في الخطاب القومي ضدّ دعوات التقسيم، أو في الموقف من «الشيعة» و«الكرد»، أو في التعامل مع «حزب البعث» والنظام السابق. وهذا ما يعود، أيضاً، إلى غياب القضية والتاريخ والنضال. تَحوّل المشهد السياسي، بعد فترة، إلى حالة من الاتفاق المصلحي لدى الطبقة السياسية، والتي باتت تتمحور بشكل كامل حول المصالح الحزبية والشخصية فقط، من دون أيّ أهداف عليا تتعلّق بمصالح مَن تمثّل، ما جعلها تتفق على المغانم وتفترق على المغارم. هكذا، أضحى رجالات «السنّة» أدوات رخيصة، ليس بيد الدول الأخرى فحسب، بل أدوات أكثر رخصاً بيد شركائهم في الوطن.

ثالثاً: التيه الشعبي

ما أنتجته حالة التيه المقاومي والتي حَوّلت الجغرافيا «السنّية» إلى بيئة حاضنة للإرهاب، وما تبع ذلك من تيه سياسيّ حَوّل البيئة الاجتماعية «السنّية» إلى ساحة للفساد الحزبي والشخصي، جعل المواطن «السنّي» في درجة ثالثة، أي بعد المواطن «الشيعي» والمواطن «الكردي»، يفتقر إلى الأمن الشخصي والكرامة والاحترام في ظلّ غياب كامل للخدمات، وهو ما جعله يفكّر - بشكل واضح - بل ويعلن عدم رغبته في البقاء كجزء من الدولة والمجتمع العراقي، مطالِباً – في وقت لاحق - بالأقلمة التي قاتل ضدها، ورفض الدستور المشرعن لها. وحين شعرت الأحزاب السياسية أن المجتمع «السنّي» أصبح جاهزاً للاستغلال، اتجهت نحو تهييج الشارع ضدّ الدولة العراقية، مُستخدمةً الخطاب الهلامي نفسه، والمشتّت بين خطاب ديني ينطلق من المساجد تبنّاه التيار الإسلامي، وبين خطاب عشائري ينطلق من الدواوين تبنّته الشخصيات العشائرية ذات الطموحات السياسية، وبين خطاب بعثي يتغنّى بالكرامة والعزة السابقة إبان حقبة «البعث» وصدام حسين وتَبنّته شخصيات سياسية داخل العراق وخارجه. هذه الخطابات المتناقضة دفعت بالجمهور «السُنّي» اليائس إلى السير بشكل أعمى وراء تلك الجوقة الموسيقية الانتهازية، ليتحوّل الحراك الشعبي إلى حالة من التمرّد الذي خرج عن السيطرة، ويأتي التطرف مرّة أخرى متمثّلاً بـ«داعش»، ويقضي على ما تبقى من هذا «المكوّن»، مُحوِّلاً إيّاه إلى حالة من الضياع الكامل واللامحدود.

الصحوة الوطنية

لا يزال الحديث مبكراً عن صحوة وطنية «سُنّية»، تناظر الصحوة الوطنية «الشيعية»، والتي أحيتها «ثورة تشرين/ أكتوبر 2019». لكن هذا لا يعني أنّها لن تأتي، بل يمكن أن تكون هناك صحوة «سنّية» وطنية وصحوة «كردية» وطنية، تُتوّج نجاح الصحوة «الشيعية» الوطنية. لذلك ربما تشهد مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة تطوّرات من هذا النوع، تُمثّل استجابة طبيعية للتحوّل الوطني الواضح في الساحة «الشيعية»، والذي إذا ما تمّ سيساهم في صناعة خطاب وطني مؤسّساتي يمهّد لما يُعرف بـ«ولادة الأمّة العراقية».



السابق

أخبار سوريا.....سقوط 16 قتيلاً موالياً لإيران بضربات «جوية» على شرق سورية... «حزب الله» يسحب 2500 عنصر!..صور جوية تكشف أهداف الضربات الإسرائيلية الأخيرة في سوريا..قصف مجهول المصدر يفتك بفصائل عراقية موالية لطهران في سوريا...لافروف وبيدرسن يناقشان دفع الحوار السوري والوضع الإنساني...

التالي

أخبار اليمن ودول الخليج العربي.....الحوثيون يخسرون مئات من عناصرهم العقائديين.... جنازات يومية ومستشفيات تختنق بجرحى الجماعة...عبدالله بن زايد: علاقتنا مع الرياض تزداد قوّة....«الرباعية» العربية للنظام القطري: توقف عن دعم الجماعات الإرهابية...حظر شامل في عمّان والزرقاء اليوم... مطارات الأردن تفتح الثلاثاء المقبل...

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,344,831

عدد الزوار: 7,629,164

المتواجدون الآن: 0