أخبار العراق.. قصّة الصرخي من "المهدي" إلى "الهدم"... الصّدر يهدي مآذن الصرخيّين للسيستاني.. "الواشنطن بوست" عن الكاظمي: يدعمه محور الاعتدال العربي... ولا يخجل من علاقته بواشنطن.. الحكيم يحذّر من «القفز على التوافقية» في العراق.. دعا إلى تشكيل حكومة أغلبية «متوازنة»..

تاريخ الإضافة السبت 16 نيسان 2022 - 4:22 ص    عدد الزيارات 1158    التعليقات 0    القسم عربية

        


قصّة الصرخي من "المهدي" إلى "الهدم"... الصّدر يهدي مآذن الصرخيّين للسيستاني...

المصدر: النهار العربي... محمد السلطاني.... في البدء كان "الإمام المهدي"، ثم تدحرجت الكرة، حتى لحظة هدم مآذن مساجد تابعة لجماعة مهدوية، بجرافات جماعات مهدوية أخرى. وقد يصعب فهم التطورات الأخيرة التي عصفت بمدن عراقية عدة، في شأن ملاحقة أتباع الحركة الصرخية، قبل المرور على جانب من أصل القصة.

3 اتجاهات إثني عشرية في شأن "المهدي"

يمكن تصنيف الاتجاهات الشيعية الإثني عشرية الرئيسية تِبعاً لطبيعة تعاطيها مع قضية الإمام المهدي، إلى ثلاثة مستويات، تؤثر وتتأثر بالاتجاهات السياسية الحاكمة في مناطق انتشار معتنقي المذهب. الأول تمثله الحوزة التقليدية التي تتبعها غالبية معتنقي المذهب الإثني عشري الشيعي، والمتمثلة بحوزات النجف وكربلاء، وإلى حد ما، قم الإيرانية. يرى التقليديون أن الإمام المهدي وُلِد ثم غاب مرّتين، ظهر بعد الأولى، واستمرت غيبته الثانية الكبرى حتى هذا اليوم، وأن واجب "المؤمنين" في "عصر الغيبة الكبرى" هو الانتظار والدعاء، والقيام بالأعمال الصالحة، وزيادة أعداد الخيّرين، ليتمكن "المهدي" عند ظهوره من الاستعانة بهم في مهمته لبسط العدل على كامل الكرة الأرضية. يرفض هذا الاتجاه أو يتحفظ عن دخول رجال الدين مباشرة في السياسة والحكم، كما في السلوك السياسي لمرجعيات مثل علي السيستاني وأبو القاسم الخوئي. على النقيض، يذهب اتجاه ولاية الفقيه المطلقة، الذي ينقل إلى"الفقيه الإثني عشري الأعلم"، كامل صلاحيات "الإمام المهدي الغائب"، كما في مرشدي الثورة الإيرانية، الذين يمنحون أنفسهم حقوق ولاية مطلقة على الأمة، وعلى رأسها السلطة، ومن بين ألقاب علي خامنئي على سبيل المثال "ولي أمر المسلمين". لكن تلك المدرسة أيضاً، لا تنشغل في الغالب بالغوص في شؤون "الإمام المهدي" إلا بما تقتضيه أغراض التعبئة الشعبية، كما في تكرار الحديث عن "اقتراب ظهور المهدي" بالتزامن مع الحروب التي تشنها الفصائل الإيرانية، وهو ما تجلى إبان حرب سوريا بعد عام 2011. أما الاتجاه الثالث، فهو ما يمكن وصفه بـ"الحركات المهدوية" التي تولي مسألة "الإمام المهدي" أولوية في حركتها، وتحاول التنقيب في أخباره، والتعرّف إلى السيناريوات المحتملة لظهوره، وما قد يرافقه ويسبقه، وتتولى مهمّة "التمهيد لظهور المهدي"، ومنها اشتقّت ألفاظ كـ"الممهدين"، ويمتاز هذا الاتجاه بالغموض، ويتناقل أتباعه قصصاً "باطنية"، كما في طائفة تُدعى "أصحاب القضية" تعتقد أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، هو "المهدي" شخصياً، وأن إنكاره لذلك، هو "جزء من الخطة".

6 ورثة لتركة الصّدر... أحدهم الصّرخي

برز في اتجاه الحركات المهدوية، خلال الحقبة الماضية، اسم المرجع محمد صادق الصدر، الملقّب بالصدر الثاني، إذ ألّف "الموسوعة المهدوية"، وهي سلسلة مجلدات تعنى بشؤون "الإمام المهدي"، وتقدم أطاريح حول ظهوره وحركته. بعد اغتيال الصدر الثاني، في شباط (فبراير) 1999، ثم سقوط نظام صدام حسين، ربيع 2003، انقسم أتباع الصدر إلى تيارات عدة. حصل نجله مقتدى محمد صادق الصدر على الجزء الأكبر من تركة أبيه، وأسس به فصيل "جيش المهدي"، الذي شنّ هجمات ضد القوات الأميركية، والقوات الحكومية الناشئة آنذاك، ثم تنقّل الفصيل بتسميات عدة، وصولاً إلى "الكتلة الصدرية" عام 2021، والتي تمكنت من حصد 73 من أصل 329 مقعداً في البرلمان، متصدرة الكتل الأخرى بفارق بعيد. استقطب المرجع المقيم في إيران كاظم الحائري جزءاً من أتباع الصدر الثاني، وانتزع مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي جزءاً من التركة، مثل حركة "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي التي بدأت "صدرية" ثم انشقت لتدين بالولاء لخامنئي، كما أسس المرجع محمد اليعقوبي - وهو أحد تلامذة الصدر الثاني والمطالبين بإرثه - تياراً باسم "الفضيلة"، حصل على بضعة مقاعد في البرلمان، وبقي نافذاً في محافظة البصرة، ومتهماً بالهيمنة على وزارة العدل، ومنشأة دينية ضخمة في أهم مناطق بغداد، لا يزال يحتفظ بها حتى مع فوزه بمقعد واحد في انتخابات 2021. ومن التيارات التي تغذّت على تركة الصدر الثاني، حركة مهدوية يقودها رجل دين يُدعى أحمد الحسن يقول إنه هو "اليماني" المذكور في الروايات، والذي يخرج قُبيل ظهور الإمام المهدي ويتولى تهيئة الأنصار قبل ظهور المهدي رسمياً. أما رجل الدين محمود الحسني الصرخي فيقول إنه أحد التلامذة الأشد قرباً من محمد صادق الصدر، وأنه بذلك يستحق الولاية على أتباع الصدر الثاني، وقد أخذت حركة الصرخي أيضاً طابعاً "مهدوياً"، إذ نشر عام 2002، رسالة بمفردات ملتبسة، فهم كثيرون من صيغتها، أن الرجل يدّعي اتصالاً مباشراً بالإمام المهدي الغائب، وكثيراً ما اعتبره بعض أتباعه المتحمسين "سفيراً" للمهدي. وبذلك تكون تركة الصدر الثاني، قد توزّعت على 6 اتجاهات على الأقل، هي نجله مقتدى، وخامنئي، والحائري، واليعقوبي، وأحمد الحسن، والصرخي.

خطاب الصّرخي

محمود الحسني الصرخي، مهندس، ورجل دين، يقول إنه المرجع الشيعي الأعلم بين أقرانه، وتأثراً بفكرة "أعلميته" أورد الصرخي إشكالات، حتى على أستاذه الصدر الثاني. يلفت في أنصاره وجود أعداد كبيرة من الأكاديميين، كالمهندسين والأطباء وغيرهم، وشارك أتباعه في استهداف القوات الأميركية في السنوات الأولى بعد عام 2003. ولاحقاً، افتتح ممثلية له في العاصمة السورية دمشق، التي كانت ترعى الجماعات المسلحة المناوئة للوجود الأميركي. تصفه الوثائق الأميركية المسرّبة بـ"رجل الدين المتطرف"، لكن خطابه قد لا ينتمي إلى الفكرة العراقية عن التطرف، والتي تعني اتخاذ موقف متشدد ضد الأديان والطوائف الأخرى، بل على العكس، فخطابات الصرخي تظهر تقارباً شديداً مع رموز المذهب السني، إلى الدرجة التي تدفع رجال دين في حوزة النجف إلى اعتباره "مبالغاً" في شأن الوئام الطائفي، ومفرطاً بأساسيات المذهب الإثني عشري. وقد عرفت المدرسة الصدرية في المذهب الشيعي، نماذج متعددة من رجال دين يخرقون الديباجة الكلاسيكية، ويشككون بالموروث، كما في تجربة المرجع اللبناني محمد حسين فضل الله، أحد ملهمي "حزب الدعوة الإسلامية"، الذي حاول "لململة" الطوائف الإسلامية، عبر التشكيك بصحة بعض الروايات التي تعتبر ركيزة في بناء الخلاف بين السنّة والشيعة، لكن خطاب الصرخي يأخذ منحىً "متطرفاً" في التشكيك، فبينما يستخدم المرجع فضل الله عبارات مخففة مثل "أنا لا أتفاعل مع بعض الروايات"، يصدر الصرخي بيانات شديدة اللهجة، في إنكارِ روايات يعتبرها الإثنا عشرية قضايا راسخة. ولذا فإن الطريقة الصرخية في معالجة ملفات "الوحدة الإسلامية" تسببت غالباً، بردود فعل عكسية داخل أتباع المذهب الشيعي. وعملياً، تمكّن خطاب الصرخي من إثارة إعجاب أبناء الطوائف الإسلامية الأخرى، بخاصة، لاستخدامه مفردات من قبيل "المرجع العربي"، لكنه في طريقه إلى ذلك، واجه متاعب في تسويق أطروحته داخل طائفته الأم.

الصرخيّة والسّيستاني

لا يشكل انتقاد المرجع السيستاني خطاً أحمرَ أو خطراً محكماً كما هي الحال بالنسبة إلى انتقاد الفصائل الإيرانية في العراق، غير أن الصرخي، ضرب على أكثر الأوتار حساسية، حين شنّ منتصف عام 2013، حملة للمطالبة بحوكمة الأموال التي تجبيها جهات تابعة لمرجعية السيستاني من المراقد الدينية في النجف وكربلاء وغيرهما، واقترح تشكيل لجنة تضم ممثلين عن مختلف وزارات الحكومة، ووجهاء وجهات أخرى، للإشراف على الأموال التي تديرها منذ عقدين العتبات الدينية التابعة للمرجع السيستاني. مثّل هذا واحدة من أكبر حالات الاستفزاز لمرجعية السيستاني وجمهورها، ثم عاد الصرخي ليهاجم إصدار السيستاني فتوى للجهاد الكفائي بعد سقوط محافظة نينوى بيد تنظيم "داعش"، ويمكن اعتبار خطاب الصرخي، الأكثر شدة في مواجهة مرجع النجف علي السيستاني. وخلال تظاهرات تشرين الأول (أكتوبر) 2019، المناهضة للفساد والهيمنة الإيرانية على العراق، حاولت أجهزة أمنية وجهات إعلامية استغلال العداء بين الصرخي والنجف، عبر "تخويف" السيستاني، وإقناعه بأن "الصرخيين" يهيمنون على تلك الاحتجاجات، وذلك لمنع السيستاني من إصدار مواقف رافضة للقمع الحكومي الدموي الذي رافق الاحتجاجات، لكن تلك المحاولات لم تقد إلى نتائج كبيرة، نظراً إلى تعدد مصادر استقاء المعلومات في حوزة النجف. واستمرت خطابات وكيل المرجع السيستاني شديدة اللهجة ضد القمع الحكومي، وصولاً إلى مطالبة رئيس الوزراء المقرب من الفصائل الإيرانية عادل عبد المهدي بالاستقالة.

الصّرخية من الغيبة إلى "الراب الإسلامي"

شهدت حركة الصرخيين تقلبات على مستوى الانتشار والانكفاء، وذلك تحت ضغط حملات الملاحقة الشديدة حيناً، والتراخي حيناً آخر. يقول مناوئو رئيس الوزراء الأسبق المقرب من إيران نوري المالكي، إنه تعمّد منح فسحة لأتباع الصرخي في بداية ولايته الثانية الممتدة بين 2010 و2014، وذلك رداً على الخطابات الشديدة اللهجة التي كانت تصدرها مرجعية السيستاني ضد حكومة المالكي. في مطلع تموز (يوليو) من عام 2014، أي أواخر عهد المالكي، هاجمت قوة جوية وبرية منزل الصرخي وسط كربلاء، بدعوى تخطيط الأخير لشن هجمات مسلحة، وتمكّن الصرخي من الفرار ولا يزال متوارياً منذ تلك اللحظة. وأشاعت السلطات ومقربوها حينها أنباءً كثيرة عن تورط جماعة الصرخي بالتفجيرات في مدن الوسط والجنوب، غير أن تلك الاتهامات لم تؤخذ شعبياً على محمل الجد، نظراً إلى استسهال السلطات إطلاق الاتهامات بدوافع سياسية، كما في قضية الزعيم السني رافع العيساوي الذي اتهم القضاءُ عناصرَ حمايتِه بشن هجمات إرهابية أواخر عام 2012، قبل أن يبرئه القضاء ذاته قبل يومين، أي بعد مرور 10 سنوات. ومع اختفاء الصرخي، صيف عام 2014، وحملة الملاحقات الحكومية، تلاشى أنصاره، قبل أن يعودوا تدريجياً خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، بحلّة جديدة، إذ أطلقوا ما يُعرف بـ"الراب الإسلامي" وظهروا بوضوح في شوارع بعض المدن العراقية، معلنين عن أنفسهم من جديد.

مقتدى الصدر "يسخّن" الخطبة

يوم الجمعة، الثامن من نيسان (أبريل) 2022، ألقى عدد من أتباع الصرخي خطبة تحدثوا فيها عن مباحث فقهية وعقائدية يجري تداولها منذ قرون، ولا جديد فيها، كالجدل حول جواز بناء المساجد فوق القبور، وهو أمر محل خلاف بين المذهبين الإسلاميين الرئيسيين السنّة والشيعة، كما أنه جزء من سلسلة ملفات خلافية داخل المذهب الشيعي، من بينها "العصمة، الإمامة، علم الأئمة، طريقة التوسّل بالأولياء، حدود ولاية الفقيه... وغيرها". تلا خطباء صرخيون نصوصاً منسوبة إلى الإمام علي، عن عدم جواز التشييد فوق القبور، وذلك في انتقاد لبناء المراقد الشيعية. بعد 3 أيام، أجرى مقتدى الصدر تعديلاً "تسخينياً" على ما جاء في الخطبة الصرخية التي لم تحظ بمتابعة خارج المجتمع الصرخي. وكتب الصدر رسالة قال فيها إن "بعض أتباع الصرخي يدعون إلى هدم قبور الأئمة"، رغم أن ذلك لم يرد بهذه الصيغة في الخطبة الصرخية. الصدر الذي يغرق في أزمة سياسية خانقة قرر على إثرها الصمت إعلامياً أربعين يوماً، ألّب أتباعه على الانتشار ومهاجمة مقار الحركة الصرخية، كما وجدت السلطات على نحو السرعة، مواد قانونية تسوّغ حملة اعتقالات بتهمة "الانتماء للحركة الصرخية". وأصدرت الحركة توضيحاً أكدت فيه أنها تعرضت لحملة تشويه وتغيير لمسار خطبها، لكن من دون جدوى. ولم تفلح محاولات رجال الدين المعتدلين في النجف وكربلاء، بالدعوة إلى إطلاق حوار حول القضية مثار الخلاف، أو التعامل وفق القانون مع "المتهمين"، فالجموع التي أطلقها الصدر انتشرت في محافظات عدة، على رأسها بابل، وشرعت بما تجيد فعله.

هديّة إلى السّيستاني؟

لا تمر العلاقة بين الصدر والسيستاني بأفضل أيامها، فزعيم التيار الصدري، أجرى أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي، حركة "دراماتيكية" استبدل خلالها محافظ النجف، بآخر من مقربيه، من دون التنسيق مع مرجعية السيستاني التي تتخذ من النجف مقراً لها. انعكس الفتور بين الصدر والسيستاني، على جلسة انتخاب الرئيس في 30 آذار (مارس)، حين قاطع نواب كثر على صلة بالعتبات الدينية ومرجعية النجف، جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وساهموا في إفشال مشروع الصدر وحلفائه من السنة والكرد بتمرير حكومة أغلبية لا تخضع للتوافق الشيعي. وربما اعتقد الصدر، أن القيام بحركة "تحريضية" تقود إلى مشهد هدم مآذن مساجد الصرخيين، ومحاولة استئصالهم، قد تكون مرضية لصناع القرار في منزل السيستاني، المنزعجين من ازدياد تفرد الصدر في قراراته كما في اختيار محافظ النجف.

ركلة الصّدر في العارضة

اطلق الصدر الحملة، وسدد الرمية، لكن افتقاره إلى الأدوات الإعلامية، أفقده منجز تسجيل الهدف باسمه، فجماعات "الإطار التنسيقي" المرتبطة بالفصائل و"الحشد الشعبي"، سارعت إلى ركوب الموجة، ورفع صوتها فوق صوت الصدر ضد الصرخيين، وإطلاق أتباعها للمساهمة في حملة الحرق والهدم. واستثمرت الفصائل مساحة العداء للصرخيين، المشتركة بينها وبين الصدر، لإعادة تذكيره بإمكان العمل سوية ضد "الأعداء" أياً كانوا، في سياق محاولات إيرانية حثيثة مستمرة منذ ستة أشهر، لمحاصرة الصدر عبر اتهامه بشق البيت الشيعي، ودعوته إلى إشراك الفصائل في الحكومة المقبلة، حفاظاً على "السلم الشيعي". سارع الصدر إلى وضع مسافة تفصله عن قوى "الإطار التنسيقي" الشيعي، وتمنعها من استغلال "الحفلة"، حين أدان هدم مساجد الصرخيين، فالصدر كان على الأرجح، بصدد اصطياد عصفورين فقط، الأول يمثّل رأب الصدع في العلاقة مع السيستاني عبر هدية "تأديب الصرخي"، والثاني، كبح "الاسترخاء" الذي بدأ الصرخيون يستعيدونه تدريجياً على مستوى علنية فعالياتهم، بينما لم يكن الصدر في وارد تأثيث مساحة مشتركة تجمعه بالقوى الأقرب إلى إيران في "الإطار التنسيقي". مشاهد هدم المآذن، وحرق المساجد، واعتقال المدنيين بتهمة الانتماء إلى جماعة دينية، كانت صادمة للرأي العام العراقي، وقد حاولت الخلايا الإعلامية المرتبطة بالفصائل، استكتاب مدوّنيها وإعلامييها لضخ منشورات تسوّغ ما يجري، عبر الاستشهاد بحوادث تاريخية كهدم مسجد ضرار في أول عهد الإسلام. ومنذ ظهور الحركة الصرخية، كانت في الغالب محط ارتياب بالنسبة إلى فئات شعبية واسعة ضمن المجتمعات الشيعية على الأقل، ولم يسبق أن كانت الحركة محور تعاطف، كما حصل بعد انتشار مشاهد الحرق وهدم المساجد والاعتقالات بتهمة الانتماء إلى جماعة يتجاوز تعدادها مئات الآلاف، ولا تكفيها كل زنازين البلاد، فيما لو قررت السلطات اعتقال كل منتمٍ الى الحركة.

"الواشنطن بوست" عن الكاظمي: يدعمه محور الاعتدال العربي... ولا يخجل من علاقته بواشنطن

النهار العربي.... عن "الواشنطن بوست"... ديفيد إغناثيوس.. يقف العراق دائماً على خط الصدع بين إيران والعالم العربي. يريد زعيمه الحالي، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، عراقاً متنوعاً وديموقراطياً ليكون بمثابة جسر. إنها رؤية نبيلة، لكنها الآن خطيرة. قال لي الكاظمي خلال مقابلة الأحد: "لا تستطيع منطقتنا خوض المزيد من الحروب". وهو يأمل في أن تتمكن الولايات المتحدة وإيران من التوصل إلى اتفاق نووي جديد كخطوة أولى نحو تخفيف التوترات، إذ "نحن بحاجة إلى اتفاق يحمل بعض الهدوء إلى المنطقة". وتحدث الكاظمي في مكتبه الأنيق في مبنى يمثل تحديثاً لبرج الزقورة القديم. من حوله كانت بغداد تبدو طبيعية تقريباً، حيث بدأت حرارة نيسان (أبريل) تنشر الصخب في المدينة. وبدا الغزو الأميركي عام 2003 الذي مزّق استقرار العراق، وإن يكن جلب الديموقراطية أيضاً، بعيداً جداً. يريد الكاظمي دعماً أميركياً مستمراً، بما فيه وجود عسكري غير قتالي صغير، للمساعدة في تحقيق الاستقرار لبلاده. وقال: "نحن نعتقد بحق بعلاقتنا مع الولايات المتحدة، كبلد ساعدنا على التخلص من الديكتاتورية وأيضاً... تطوير نظامنا الديموقراطي". من الصعب العثور على زعيم في الشرق الأوسط هذه الأيام يؤيد أميركا بلا خجل. ولكن في قاعدة عين الأسد الجوية، وسط رمال الصحراء البيضاء على بعد حوالي 100 ميل شمال غرب بغداد، يمكنك أن ترى مدى هشاشة التوازن العراقي. في الصباح الباكر من يوم 8 نيسان (أبريل)، قبل ثلاثة أيام من زيارتي إلى هناك، أسقطت طائرة بدون طيار إيرانية الصنع من طراز شاهد -131 عند دخولها منطقة القاعدة الأميركية. وكان يكمن الطائرة من دون طيار المليئة بالشظايا والمحملة بشحنة قوية، أن تقتل أو تصيب العديد من الأميركيين. أطلقتها إحدى الميليشيات المدعومة من إيران هنا مستهدفة الوجود الأميركي، وبشكل غير مباشر التحالف الأميركي مع الكاظمي وعراقيين آخرين يعارضون التدخل الإيراني. في المرة المقبلة، قد تصيب إحدى تلك الطائرات هدفها. التقى الجنرال الأميركي مايكل "إريك" كوريلا الكاظمي، وزار أيضاً موقع الهجوم خلال زيارة للعراق في نهاية الأسبوع الماضي رافقته فيها. كانت هذه هي المحطة الأولى لكوريلا في المنطقة منذ أصبح الرئيس الجديد للقيادة المركزية الأميركية (Centcom). قال كوريلا إنه تأثر بحرص الكاظمي على العمل مع الولايات المتحدة. لكن أكثر ما أثار اهتمامه هو التحدث مع قوات قاعدة عين الأسد الذين أسقطوا الطائرة الإيرانية بدون طيار واستمع إليهم يروون كيف قاموا بتشغيل أنظمة أسلحتهم وما يحتاجون إليه. مع مباشرة كوريلا مهماته، بدأ يختبر اللغز الأساسي للقيادة المركزية: ما هي المهام الأساسية التي يمكن أن تعزز المصالح الأميركية في المنطقة، حتى مع تقليص الوجود العام للقوات الأميركية؟ ويعرف الرجل الذي أصيب بجروح بالغة في الموصل عام 2005، التكاليف الضخمة للعقدين الماضيين من "الحروب التي لا نهاية لها" في العراق وأفغانستان. وهو يعلم أيضاً أن هذه المنطقة لا تزال هي المكان الذي تتعرض فيه القوات الأميركية لنيران منتظمة. لا يزال العراق الذي يقع في النقطة المحورية بين إيران والعرب التحدي المحيّر الأكبر، ولكن أيضاً الأكثر إحباطاً في المنطقة. فهو بلد كبير وخصب ينعم بالطاقة والموارد الأخرى، مع مزيج سكاني ديناميكي ولكن متقلب، من الشيعة والسنّة والأكراد. ومع الكاظمي، يتمتع العراق بزعيم مدعوم بقوة من الدول العربية المعتدلة مثل مصر والأردن والإمارات، لكنه يتحدث أيضاً مع إيران. مشكلة الكاظمي وأصدقائه الأميركيين هي أن العراق، في الوقت الحالي، لا يزال ضعيفاً بسبب الفساد والقتال السياسي والتدخل الإيراني. ويريد العراقيون دولة قوية تدار بشكل جيد. كان أداء الأحزاب السياسية الموالية لإيران سيئاً في انتخابات تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وعلى الورق، هناك الآن غالبية برلمانية لتحالف من الشيعة والسنة والأكراد لتشكيل حكومة جديدة، ربما مع بقاء الكاظمي كرئيس للوزراء. ولكن تأليف حكومة لا يزال مستحيلاً حتى الآن. وتدعي الفصائل الموالية لإيران التي حاولت اغتيال الكاظمي العام الماضي والتي تعتبره أداة للولايات المتحدة، بأن الانتخابات سرقت منها. في غضون ذلك، يعارض الزعيم الكردي مسرور البارزاني ولاية جديدة للرئيس برهم صالح، وهو كردي ولكن خصم سياسي. إنه مأزق جنوني. وحتى يتم تشكيل حكومة جديدة، يظل الكاظمي في السلطة، لكنه ضعيف نسبياً. ويعزز الفساد العراقي والتدخل الإيراني كل منهما الآخر. وعندما أصبح الكاظمي رئيساً للوزراء عام 2020، حاول تنظيف المنزل من خلال تعيين أقوى شرطي عراقي هو الفريق أحمد أبو رغيف لإدارة لجنة لمتابعة جرائم القتل والفساد التي تقوم بها الميليشيات. لكن تحت ضغط إيراني أمرت محكمة عراقية الشهر الماضي باعتقاله. ومع أن الكاظمي رفض تنفيذ الأمر، إلا أن ما حصل يبدو محبطاً. ويمكن أن يزداد الوضع سوءاً إذا انهارت المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، مما يجعل الكاظمي في وضع غير مستقر. وحذر مسؤول أميركي من أنه إذا انهارت المحادثات "فمن المرجح أن يكون العراق ضحية". وعندما سألت الكاظمي عن برنامجه إذا حصل على تفويض جديد كرئيس للوزراء، أجاب على الفور: "تعزيز سيادة العراق" حتى يتمكن من مقاومة المحاولات الخارجية للتلاعب بالبلد. وهدفه الثاني هو "فرض احتكار الدولة للسلاح" وهو ما ترجمته على أنه نزع سلاح الميليشيات. وتابع بمناقشة الإصلاح الاقتصادي والخصخصة. هذه هي الأهداف الصحيحة، وآمل أن يتمكن الكاظمي من تحقيقها. لكنه سيحتاج إلى مساعدة، وهذا يعيدنا إلى الولايات المتحدة التي كانت في آن، أفضل وأسوأ صديق للعراق في العقود الأخيرة. يشعر العراقيون بالقلق من أن مصلحة الولايات المتحدة وقوتها في الشرق الأوسط آخذة في الانحسار. نقل لي عراقي تحذير الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك: إذا كنت صديقاً للولايات المتحدة، فأنت تنام بلا غطاء. فإذا انفجرت المحادثات النووية مع إيران، ستشعر بالبرد هنا.

الحكيم يحذّر من «القفز على التوافقية» في العراق.. دعا إلى تشكيل حكومة أغلبية «متوازنة»..

بغداد: «الشرق الأوسط».... حذر رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم من مغبة القفز على مبدأ التوافقية في العراق والذهاب فوراً دون حساب تدرج المراحل إلى حكومة الأغلبية الوطنية. وقال الحكيم، خلال أمسية رمضانية مساء أول من أمس الخميس أمام عدد من وسائل الإعلام وحضرتها «الشرق الأوسط»، إن الانتخابات التي جرت في العاشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021 «خلقت حالة من عدم التوازن أدت إلى حدوث اختلال واضح في العملية السياسية ترتب عليها كل هذا الانسداد السياسي الذي تعانيه البلاد». وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بشأن الاعتراض على خيار الأغلبية الوطنية الآن في الوقت الذي كان هذا الخيار مطروحاً من قبل العديد من القوى السياسية في وقت سابق ومن بينها الحكيم نفسه وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري، قال الحكيم إنه «لا يوجد خلاف من حيث المبدأ على الذهاب إلى الأغلبية الوطنية، لكن ما جرى خلال الانتخابات وما ترتب عليها من نتائج ترتبت عليها نتائج تجعل من الذهاب إلى الأغلبية، دون أن تكون متوازنة، محفوفاً بالمخاطر حيث لا يمكن القفز من التوافقية التي سارت عليها العملية السياسية طوال الفترة الماضية إلى حكومة أغلبية وطنية أو سياسية». وأضاف الحكيم أن «الاختلال في النتائج تمت معالجته في البيتين السني والكردي بشكل سليم إلى حد كبير بينما بقي هذا الاختلال قائماً في البيت الشيعي مع أن النتائج التي حققتها قوى الإطار التنسيقي تكاد تكون متقاربة مع ما حققه التيار الصدري»، مبيناً أنه «في الوقت الذي حصل التيار الصدري على 73 مقعداً فإن قوى الإطار التنسيقي حصلت على 78 مقعداً في حين أن مجموع أصوات التيار الصدري في الانتخابات كانت 850 ألف صوت بينما مجموع الأصوات التي حصل عليها الإطار التنسيقي نحو مليونين ونصف المليون صوت وهوما يعادل ثلاثة أضعاف أصوات الكتلة الصدرية آخذين بنظر الاعتبارات أموراً أخرى مثل عدد المصوتين الكلي ونسبة كل طرف من عدد المصوتين». وأوضح الحكيم أن «تعامل كل من تحالف السيادة السني والحزب الديمقراطي الكردستاني مع شريكيهم في البيتين السني والكردي (كان) تعامل الند للند ولم يعملا على إقصائهم، (بعكس) ما حصل للإطار التنسيقي مع الكتلة الصدرية»، مشيراً إلى أنه «في الوقت الذي كانت مقاعد حزب تقدم بزعامة محمد الحلبوسي ضعف المقاعد التي حصل عليها زعيم تحالف عزم خميس الخنجر فإن الحلبوسي منح الخنجر نصف المقاعد الوزارية المخصصة للسنة فضلاً عن أنه جعله رئيساً لتحالف السيادة، والأمر نفسه ينطبق على الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، ففيما يتمسك بارزاني بمنصب رئيس الجمهورية لكنه منح كل حصة الكرد من المناصب الوزارية لشريكه الاتحاد الوطني». وفي معرض الحديث عن الكتلة الأكبر وإصرار الإطار التنسيقي على أن تكون شيعية ومن داخل البيت الشيعي بركنيه التيار والإطار، قال الحكيم إن «إصرارنا على ذلك لا ينطلق من بعد طائفي أو مذهبي وإنما هناك حقيقة اجتماعية لا بد من النظر إليها وهي أن الشيعة في العراق هم المكون الاجتماعي الأكبر وبالتالي فإن توزيعهم على التحالفات بدعوى الأغلبية الوطنية سوف يجعلهم أقلية بينما الأمر ليس كذلك على صعيد الواقع». ومن أجل الخروج من المأزق السياسي الراهن ودخول البلاد في حالة من الخرق الدستوري بسبب تجاوز المدد الدستورية، دعا الحكيم إلى «أهمية الانتقال من الحكم التوافقي في العراق إلى نوع من الأغلبية المتوازنة لأن القفز على المراحل لن يكون في صالح أحد وهو ما يتوجب على جميع الشركاء النظر إليه برؤية وطنية وواقعية». وحول الجدل المحتدم بشأن الأسماء المرشحة لمنصب رئيس الوزراء، أكد الحكيم أنه «لا توجد حتى الآن أسماء محددة لتولي المنصب قبل حسم مسألة الكتلة الأكبر». يذكر أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أعلن اعتكافاً سياسياً لمدة 40 يوماً مانحاً خلال هذه الفترة الفرصة لخصومه من قوى الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة الجديدة بدون التيار الصدري، مبيناً أنهم في حال نجحوا في تشكيل الحكومة فإنه سيذهب إلى المعارضة. لكن قوى الإطار التنسيقي أعلنت خلال هذه الفترة أكثر من مبادرة دعت خلالها الصدر إلى التفاهم مع الإطار كون الكتلة البرلمانية الأكبر لا بد أن تكون شيعية عبر التوافق بين التيار الصدري والإطار التنسيقي.



السابق

أخبار سوريا.. 30 قتيلاً وجريحاً من «داعش» في البادية السورية.. قوات الأسد تحاصر الأكراد في حلب.. و"قسد" ترد في الحسكة..وساطة روسية لفك الحصار عن أحياء كردية في حلب.. إسرائيل تستهدف ميليشيات إيران في ريف دمشق.. تركيا تحصن مواقعها شمال شرقي سوريا وتصعّد ضد «قسد»..

التالي

أخبار دول الخليج العربي.. واليمن.. المجلس الرئاسي اليمني يبحث أولويات المرحلة وبدء مسار جديد..الحكومة اليمنية تغلّب «السلام» رغم تصاعد خروق الهدنة..انقلابيو اليمن يشنون حملات لقمع التجار ومضاعفة أموال الزكاة.. الحوثيون يمنعون المبادرات الخيرية وتوزيع الصدقات على الفقراء.. البرلمان العربي يحذر من تلاعب الحوثيين بملف «صافر»..جينبينغ لمحمد بن سلمان: تعميق الشراكة الإستراتيجية بين الصين والسعودية.. السعودية تدين اقتحام المسجد الأقصى وإغلاق بواباته..قرقاش يكشف توجهات سياسة الإمارات الجديدة..

..Getting Past Libya’s Central Bank Standoff..

 الأربعاء 2 تشرين الأول 2024 - 6:21 ص

..Getting Past Libya’s Central Bank Standoff.. The long-running feud between Libya’s competing au… تتمة »

عدد الزيارات: 172,391,864

عدد الزوار: 7,679,177

المتواجدون الآن: 0