هل تقصي إسرائيل عباس بالمفاوضات المباشرة ؟

تاريخ الإضافة الأحد 5 أيلول 2010 - 7:34 ص    عدد الزيارات 3436    التعليقات 0    القسم عربية

        


الفلسطينيون يترقبون 26 أيلول لاختبار النيات
هل تقصي إسرائيل عباس بالمفاوضات المباشرة ؟

 أطلقت واشنطن مسار المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين على رغم الشكوك القوية لدى الجانبين  حيال فرص نجاحها والاعتقاد السائد بأنها ضئيلة جدا، الامر الذي يطرح  اسئلة اكثر مما يقدم اجابات عن مستقبل هذه العملية وجدوى اطلاقها، مع ان كلاما جديدا قيل في احتفال اطلاقها في  حضور دولي لافت لم يبدد شكوك احتمال فشلها لدى الجميع بمن فيهم الرئيس الاميركي باراك اوباما التي وصفها بأنها "فرصة تاريخية عظيمة".
وبناء على ذلك، يتساءل الكثير من المراقبين والفلسطينيين المعارضين لهذه المفاوضات عن جدوى موافقة منظمة التحرير الفلسطينية على المشاركة فيها، ويسألون اكثر، اذا كان اطلاقها يشكل نقطة بداية لمسار جديد او نقطة نهاية لمسار التسوية المتعثرة برمته. ذلك ان معاودة التفاوض على الاسس والنيات السابقة نفسها يعني اعطاء اسرائيل فرصة جديدة لفرض حلها للقضية الفلسطينية الذي لا يلبي حداً أدنى من طموحات الفلسطينيين في انهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967 ويحرم الفلسطينيين حق تقرير المصير، ويكرس وجود اسرائيل (الرافضة للسلام) في منطقة لاتزال الى اليوم خزانا مهما للمصالح الدولية.   اليست حادثة 11 ايلول 2001 الاكثر اثارة وتحديا للنظام الاقتصادي العالمي على صلة بالمنطقة والصراع عليها وفيها؟ الا تشير ازمة النظام المالي والاقتصادي العالمي من بين امور اخرى الى ان الولايات المتحدة لم يعد في مقدورها مواجهة هذه التحديات من دون تعاون دولي يتجاوز معادلات ادارة الصراعات ذات الصبغة "الابادية" من نمط الحربين العالميتين الاولى والثانية ووراءهما الحرب الباردة؟  
هذه  التساؤلات  قد لا تكون لها صلة بالمفاوضات وامكانات فشلها ونجاحها، لكن خطابات الرئيس الاميركي تشير الى ازمة خيارات قديمة، واكثر الى ازمة مسار جديد قد لا تكون له فرص حياة اذا لم يكن مشفوعا بارادة دولية تنظر بعين المصالح البعيدة والخالصة للولايات المتحدة ومعها دول الغرب التي يربط بعضها مستقبله بمستقبل دولة مثل اسرائيل. وقد عبّر رئيس الوزراء الاسباني سابقا خوسيه ماريا اسنار قبل اسابيع عن هذا الرابط بعمق عندما تحدث عن ضرورة تحرير اسرائيل من اي ضغوط دولية ووقوف الغرب الى جانبها كما كان  الوضع سابقا "لانها جزء عضوي من ثقافة الغرب ومصالحه وقيادته".
في المفاوضات المباشرة اليوم  وما يحيط بها ثمة مناخ دولي يؤيد "حل الدولتين" على انقاض احتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية الذي حصل عام 1967، لا بالتكيف مع هذا الاحتلال ونتائجه والموافقة على التصورات الاسرائيلية لحل النزاع مع الفلسطينيين من طريق اعطائهم ما لا تريد اسرائيل  الاحتفاظ به وهو السكان، مع رغبتها في الاحتفاظ بأكبر رقعة جغرافية من اراضي الضفة الغربية، فضلاً عن القدس بعد ضم الاحياء الاستيطانية الكبرى في محيطها (تصل حدودها الى قلب مدينتي رام الله وبيت لحم وتخوم مدينة اريحا والبحر الميت)، بذريعة تلبية حاجات اسرائيل الامنية (السيطرة على التلال وغور الاردن معا)، والواقع الديموغرافي (المستوطنات الكبرى) وما تختزنه من مياه جوفية تحت مستوطنة ارييل ومستوطنات منطقة بيت لحم والخليل، وطرق الوصول والربط بين هذه المستوطنات واسرائيل.
هذه التصورات هي المعادل لرفض اسرائيل انسحابا حتى حدود 4 حزيران 1967 وللموقف الحقيقي من حل الدولتين. فاذا ما فرضت اسرائيل تصورها اعلاه لحل الدولتين تكون قد قضت على اي امل وان يكن ضئيلا لفرص التوصل الى سلام مع الفلسطينيين، لانه حتى المعتدلين الفلسطينيين وابرزهم الرئيس محمود عباس لا يذهب الى مفاوضات من اجل التسليم بالتصور الاسرائيلي، فهو وافق على مفاوضات مباشرة لاقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة والقدس في محاولة قد تكون الاخيرة له في الحكم اذا ما فشلت.
لكن فشل المفاوضات لا يؤدي الى استقالة عباس فحسب، بل الى  اقصائه من طريق سد الابواب امامه وامام ومن يمثل، اذ لا يزال، على اعتداله، رافعا راية انهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية من طريق المفاوضات مع استبعاده اي سبيل آخر لتحقيق هذا الهدف.
واذا ما اقصي عباس بعملية خداع دولية من هذا النوع بعد اقصاء الرئيس الراحل ياسر عرفات بالسُّمُ، فلن تجد اسرائيل شريكا فلسطينيا لسلامها وخططها، وتكون هي نفسها فتحت خيارات جديدة امام الفلسطينيين والعرب والعالم.
لذلك، فان السؤال الاكثر اهمية وخطورة التي تقدمه المفاوضات المباشرة هو: هل تفتح اسرائيل مسارا جديدا في الصراع مع الفلسطينيين والعرب،  ام تغلق هذا الصراع بمسار تفاوضي حقيقي؟
 الاختبار الاول لهذا الامر هو يوم 26 ايلول الجاري، موعد انتهاء مدة تجميد الاستيطان الموقت، واليه يتطلع الفلسطينيون، من دون ان يعني ذلك ان تمديد التجميد  يساوي تخلي اسرائيل عن احلامها في السيطرة على اكبر مساحة من الضفة وترك السكان الفلسطينيين لمصيرهم من دون ارض، من دون وطن، وليسموا ذلك ما يريدون!

رام الله - من محمد هواش     


المصدر: جريدة النهار

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,966,137

عدد الزوار: 7,652,386

المتواجدون الآن: 0