أخبار سوريا..القضاء الفرنسي يُحاكم 3 مسؤولين سوريين بتهمة التواطؤ في «جرائم ضد الإنسانية»..غارة أميركية تقتل قيادياً «داعشياً» في شمال غربي سورية..إسرائيل تواصل التصعيد بسورية وإيران تشيّع قياديين ..طهران تشيّع قتيلي «الحرس» في سوريا بتأكيد تمسكها بنفوذها ودورها فيها..إسرائيل في سوريا: «مَهمّة» ترميم الردع..استخبارات العدو تشعل الضوء الأحمر: ردعنا يتآكل!..الإيرانيون ما عادوا خائفين: «عمليات ما دون الحرب» فقدت صلاحيتها..مشاورات «التطبيع» بين أنقرة ودمشق تنطلق في موسكو..أنقرة - دمشق: تطبيعٌ متعثّر..تخوف في دمشق من «تسونامي أسعار» يطيح قوة الناس الشرائية..

تاريخ الإضافة الأربعاء 5 نيسان 2023 - 3:12 ص    عدد الزيارات 750    التعليقات 0    القسم عربية

        


علي مملوك وجميل حسن وعبدالسلام محمود...

القضاء الفرنسي يُحاكم 3 مسؤولين سوريين بتهمة التواطؤ في «جرائم ضد الإنسانية»

الراي....باريس - أ ف ب - أمر قاضيا تحقيق فرنسيان، أمس، ببدء أول محاكمة في قضايا «جرائم ضد الإنسانية» ارتكبت في سورية بحق ثلاثة مسؤولين رفيعي المستوى في النظام، سيحاكمون غيابياً على الأرجح، بتهمة قتل مواطنين سوريين - فرنسيين، هما مازن دباغ ونجله باتريك، اللذان اعتقلا العام 2013. وفي أمر توجيه الاتهام الذي وقع الأربعاء الماضي، واطلعت عليه «فرانس برس»، طلب القاضيان في المحكمة القضائية في باريس محاكمة بتهمة التواطؤ لارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجناية حرب بحق علي مملوك وجميل حسن وعبدالسلام محمود، أمام محكمة الجنايات. واعتبر الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان والمركز السوري للإعلام ورابطة حقوق الانسان، أطراف الحق المدني في هذا الملف، في بيان أن «هذا القرار يفتح الطريق، للمرة الأولى في فرنسا، لمحاكمة كبار المسؤولين في آلة القمع السورية». واللواء مملوك هو المدير السابق للمخابرات العامة وأصبح في 2012 رئيسا لمكتب الأمن الوطني، أعلى هيئة استخبارات في سورية. أما اللواء حسن فهو رئيس إدارة المخابرات الجوية وكان يتولى هذا المنصب حين اختفى دباغ ونجله، فيما اللواء محمود هو المكلف التحقيق في إدارة المخابرات الجوية في سجن المزة العسكري في دمشق. وهناك مذكرات توقيف دولية صادرة بحقهم، وستتم محاكمتهم غيابياً. وكانت النيابة فتحت تحقيقاً أولياً في 2015، ثم تم فتح تحقيق قضائي في حالات اختفاء قسري وأعمال تعذيب تشكل جرائم ضد الإنسانية في اكتوبر بعد إشارة من شقيق وعم المفقودين عبيدة دباغ. وفي اتصال مع «فرانس برس»، قال عبيدة دباغ «هذا تتويج لنضال استمر عشر سنوات»، معتبراً ان ذلك يوجه للنظام «اشارة الى أنه في أحد الأيام سينتهي الإفلات من العقاب». ورأت كليمانس بيكتارت، محامية الاتحاد الدولي لحقوق الانسان والمركز السوري للإعلام وعائلة دباغ، أنه «من الضروري أن تصنف هذه المحاكمة التي تندرج في إطار معركة طويلة ضد الإفلات من العقاب، جرائم النظام وأن تحكم، حتى غيابيا، على كبار مسؤوليه». وباتريك دباغ كان طالباً في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في دمشق من مواليد 1993 ووالده كان مستشاراً تربوياً رئيسياً في المدرسة الفرنسية في دمشق من مواليد 1956، وقد اعتقلا في نوفمبر 2013 من قبل ضباط قالوا إنهم ينتمون الى جهاز المخابرات الجوية. وبحسب صهر مازن دباغ، والذي اعتقل في الوقت نفسه معه لكن تم الإفراج عنه بعد يومين، فإن الرجلين نقلا الى سجن المزة، حيث تشير تقارير الى عمليات تعذيب تحصل داخل هذا السجن. ثم لم تظهر أي علامة على أنهما لا يزالان على قيد الحياة الى حين إعلان النظام وفاتهما في اغسطس 2018. وبحسب شهادتي الوفاة، فإن باتريك توفي في 21 يناير 2014 ومازن في 25 نوفمبر 2017.

- «تعذيب حتى الموت»

«ضربات بقضبان حديد على باطن القدمين، صدمات كهربائية، اقتلاع أظافر»... خلال التحقيقات، هكذا روى شهود عدة بينهم منشقون من الجيش السوري او معتقلون سابقون في المزة، للمحققين الفرنسيين و«اللجنة الدولية للعدالة والمساءلة» (CIJA) وهي منظمة غير حكومية، تفاصيل عمليات التعذيب في هذا السجن. وبحسب أمر القاضيين، «يبدو أن من المؤكد بشكل كاف» أن باتريك ومازن دباغ «تعرضا على غرار آلاف المعتقلين لدى المخابرات الجوية، لتعذيب شديد لدرجة أنهما توفيا». من جانب آخر، تمت مصادرة منزل مازن دباغ وطرد زوجته وابنته في يوليو 2016. تم نقل ملكية المنزل الى «الجمهورية العربية السورية» التي قامت بتأجيره «إلى مدير المخابرات الجوية لقاء مبلغ يصل الى 30 يورو سنوياً» بحسب القضاة الذين اعتبروا أن هذه الوقائع تشكل تواطؤاً في جريمة حرب. والنظام السوري مستهدف بتحركات قضائية عدة أطلقت في أوروبا خصوصا في ألمانيا. وقال مازن درويش، مدير المركز السوري للإعلام في البيان، إنه «بعد ثلاث محاكمات أدت الى ثلاث إدانات في ألمانيا، حان الوقت لكي تظهر فرنسا رغبتها في المساهمة في المعركة ضد الإفلات من العقاب عن جرائم ارتكبت في سورية بحق سكان مدنيين».

باريس: بدء أول محاكمة لمسؤولين سوريين في قضايا جرائم ضد الإنسانية

باريس: «الشرق الأوسط».. أمر قاضيا تحقيق فرنسيان، الثلاثاء، ببدء أول محاكمة في قضايا «جرائم ضد الإنسانية» ارتكبت في سوريا، بحق ثلاثة مسؤولين كبار في النظام السوري، سيحاكمون غيابياً على الأرجح، بتهمة قتل مواطنين سوريين - فرنسيين هما مازن دباغ ونجله باتريك كانا اعتقلا عام 2013. وفي أمر توجيه الاتهام الذي وقّع الأربعاء الماضي، واطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية، طلب القاضيان في المحكمة القضائية في باريس، محاكمة بتهمة «التواطؤ لارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجناية حرب في حق: علي مملوك وجميل حسن وعبد السلام محمود أمام محكمة الجنايات». واعتبر «الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان»، و«المركز السوري للإعلام»، و«رابطة حقوق الإنسان»، أطراف الحق المدني في هذا الملف، في بيان، أن «هذا القرار يفتح الطريق، للمرة الأولى في فرنسا، لمحاكمة كبار المسؤولين في آلة القمع السورية». واللواء علي مملوك هو المدير السابق للمخابرات العامة السورية، وأصبح في 2012 رئيساً لمكتب الأمن الوطني السوري، أعلى هيئة استخبارات في سوريا. أما اللواء جميل حسن فهو رئيس إدارة المخابرات الجوية السوريّة، وكان يتولى هذا المنصب حين اختفى دباغ ونجله، فيما اللواء عبد السلام محمود هو المكلف بالتحقيق في إدارة المخابرات الجوية في سجن المزة العسكري في دمشق. وهناك مذكرات توقيف دولية صادرة بحقهم، وستتم محاكمتهم غيابياً. وكانت النيابة فتحت تحقيقاً أولياً في 2015، ثم تم فتح تحقيق قضائي في حالات اختفاء قسري وأعمال تعذيب تشكل جرائم ضد الإنسانية في أكتوبر (تشرين الأول)، بعد إشارة من شقيق وعم المفقودين عبيدة دباغ. في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية، رحب عبيدة دباغ بهذا التقدم، وقال: «هذا تتويج لنضال استمر عشر سنوات»، معتبراً أن ذلك يوجه للنظام «إشارة إلى أنه في أحد الأيام سينتهي الإفلات من العقاب». ورأت كليمانس بيكتارت محامية «الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان» و«المركز السوري للإعلام» وعائلة دباغ، أنه «من الضروري أن تصنف هذه المحاكمة التي تندرج في إطار معركة طويلة ضد الإفلات من العقاب، جرائم النظام وأن تحكم، حتى غيابياً، على كبار مسؤوليه». وباتريك دباغ كان طالباً في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في دمشق من مواليد 1993 ووالده كان مستشاراً تربوياً رئيسياً في المدرسة الفرنسية في دمشق من مواليد 1956، وقد اعتقلا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 من قبل ضباط قالوا إنهم ينتمون إلى جهاز المخابرات الجوية السورية. وبحسب صهر مازن دباغ، والذي اعتقل في الوقت نفسه معه لكن تم الإفراج عنه بعد يومين، فإن الرجلين نقلا إلى سجن المزة، حيث تشير تقارير إلى عمليات تعذيب تحصل داخل هذا السجن. ثم لم تظهر أي علامة على أنهما لا يزالان على قيد الحياة إلى حين إعلان النظام وفاتهما في أغسطس (آب) 2018. وبحسب شهادتي الوفاة، فإن باتريك توفي في 21 يناير (كانون الثاني) 2014 ومازن في 25 نوفمبر 2017. «ضرباتٌ بقضبان حديد على باطن القدمين، صدمات كهربائية، اقتلاع أظافر خلال التحقيقات»، هكذا روى شهود بينهم منشقون من الجيش السوري أو معتقلون سابقون في المزة، للمحققين الفرنسيين و«اللجنة الدولية للعدالة والمساءلة»(CIJA) وهي منظمة غير حكومية، تفاصيل عمليات التعذيب في هذا السجن. وبحسب أمر القاضيين، «يبدو أنه من المؤكد بشكل كاف» أن باتريك ومازن دباغ «تعرضا على غرار آلاف المعتقلين لدى المخابرات الجوية، لتعذيب شديد لدرجة أنهما توفيا». وفي يوليو (تموز) 2016، تمت مصادرة منزل مازن دباغ وطرد زوجته وابنته منه، ونقلت ملكيته إلى «الجمهورية العربية السورية» التي قامت بتأجيره «إلى مدير المخابرات الجوية لقاء مبلغ يصل إلى 30 يورو سنوياً» بحسب القضاة الذين اعتبروا أن هذه الوقائع تشكل «تواطؤاً في جريمة حرب». وقال مازن درويش، مدير «المركز السوري للإعلام» في بيان، إنه «بعد 3 محاكمات أدت إلى 3 إدانات في ألمانيا، حان الوقت لكي تظهر فرنسا رغبتها في المساهمة في المعركة ضد الإفلات من العقاب عن جرائم ارتكبت في سوريا بحق سكان مدنيين».

كان مسؤولاً عن التخطيط لهجمات في أوروبا

غارة أميركية تقتل قيادياً «داعشياً» في شمال غربي سورية

الراي... بيروت - أ ف ب - قتل قيادي بارز في تنظيم «داعش»، مسؤول عن التخطيط لهجمات في أوروبا، في ضربة شنتها القوات الأميركية في شمال غربي سورية، وفق ما أعلنت القيادة الوسطى في الجيش الأميركي (سنتكوم)، أمس. ومنذ خسارة التنظيم المتطرف آخر معاقله في شرق سورية عام 2019، تلاحق واشنطن التي تقود التحالف الدولي ضده في سورية والعراق المجاور، قادته وتحركاتهم عبر استهدافات وعمليات إنزال للحؤول دون معاودته نشاطه. وقال قائد القيادة الوسطى مايكل كوريلا في بيان إن القوات الأميركية «شنّت ضربة أحادية الجانب في شمال غربي سورية، أسفرت عن مقتل خالد اياد أحمد الجبوري، القيادي البارز» في التنظيم الإثنين. وأوضح أن الجبوري كان «مسؤولاً عن التخطيط لهجمات لتنظيم الدولة الإسلامية في أوروبا وتطوير قيادة شبكة» التنظيم. ولم تسفر الضربة الأميركية عن مقتل أو إصابة مدنيين، وفق «سنتكوم». وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، استهدفت مسيّرة أميركية الجبوري، وهو عراقي الجنسية، بينما كان يتحدث عبر الهاتف قرب منزله في ريف إدلب الشمالي. وقتل الجبوري، وفق المرصد، بعد عشرة أيام من وصوله الى المنطقة وتعريفه عن نفسه بأنه سوري يتحدّر من محافظة دير الزور (شرق). وتابع كوريلا ان مقتل الجبوري «سيعطل موقتاً قدرة التنظيم على التخطيط لهجمات خارجية». ورغم الضربات التي تستهدف بشكل متكرر قادته وتحركات عناصره في سورية والعراق، اعتبر كوريلا أن التنظيم «لا يزال قادراً على قيادة عمليات في المنطقة، مع رغبة بضرب مناطق خارج الشرق الأوسط». وشدد على أن التنظيم «ما زال يمثل تهديداً للمنطقة وخارجها».

- هجمات دامية

وقال المحلل في شؤون المنظمات الجهادية داميان فيري لـ «فرانس برس»، إن الاسم الحقيقي للجبوري هو خليل عبدالله الخليف، وكان ناشطاً في محافظة دير الزور شرق سورية. وأشار إلى أنه وإن كان مقتله يُشكّل «ضربة» للتنظيم إلا أنه سيتم تعيين خلف له. واعتبر أنه «ليس هناك أي منطقة آمنة لقياديي تنظيم الدولة الإسلامية في سورية» عدا عن البادية حيث لا يزال يتوارى عناصره. وسيطر التنظيم منذ صيف العام 2014 على مساحات واسعة في سورية والعراق المجاور، أعلن عليها «الخلافة الإسلامية» قبل أن يُطرد منها تدريجاً. وتبنّى في أوج نفوذه وتحديداً بين العامين 2015 و2016 شنّ هجمات دامية في مدن أوروبية عدة، أبرزها باريس ونيس وبروكسيل وبرشلونة وبرلين، أسفرت عن مقتل مئات المدنيين. في مارس 2019، أعلنت «قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، التي يشكل الأكراد عمودها الفقري، هزيمة التنظيم بعد السيطرة على آخر معاقله في بلدة الباغوز (شرق) بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. ومنذ ذلك الحين، تلاحق القوات الأميركية والتحالف الدولي قياديي التنظيم. وتشنّ بين الحين والآخر غارات وعمليات دهم أو إنزال جوي ضد عناصر يشتبه بانتمائهم إلى التنظيم في سورية خصوصاً في محافظة إدلب التي تسيطر «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) مع فصائل أخرى أقل نفوذاً على نصف مساحتها تقريباً. ونجحت القوات الأميركية في تصفية قادة أو اعتقالهم في عمليات عدة، قُتل في أبرزها زعيما تنظيم «الدولة الإسلامية» أبوبكر البغدادي في أكتوبر 2019 ثم أبو إبراهيم القرشي في فبراير 2022 في محافظة إدلب. وفي نهاية نوفمبر، أعلن التنظيم المتطرف مقتل زعيمه أبي الحسن الهاشمي القرشي في معارك لم يحدد تاريخها، وتبين لاحقاً أنها جرت في محافظة درعا جنوباً، وشارك فيها مقاتلون محليون بمساندة قوات النظام السوري. وتنتشر القوات الأميركية التي تقود التحالف ضد التنظيم في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال سورية وشمال شرقها، وفي قواعد في محافظة دير الزور (شرق) والرقة (شمال). ورغم الضربات التي تستهدف قادته وتحرّكاته ومواقعه، لا يزال التنظيم قادراً على شن هجمات وتنفيذ اعتداءات متفرقة خصوصاً في شرق سورية وشمال شرقها وفي البادية السورية مترامية الأطراف. وجاء إعلان واشنطن فيما قتل مدنيان الليل قبل الماضي، جراء ضربة صاروخية إسرائيلية استهدفت دمشق وجنوب سورية، وفق ما أفادت «وكالة سانا للأنباء»، في هجوم هو الرابع في أقل من أسبوع. وتشهد سورية منذ العام 2011 نزاعاً دامياً متشعب الأطراف، تسبب منذ اندلاعه بمقتل أكثر من نصف مليون شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

إسرائيل تواصل التصعيد بسورية وإيران تشيّع قياديين

اجتماع موسكو الرباعي يبحث تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة...

وباريس تبدأ محاكمة مسؤولين سوريين

الجريدة... رفعت إسرائيل وتيرة ضرباتها في سورية، مستهدفة مواقع متفرقة ونقاطاً عسكرية إيرانية، خصوصاً في العاصمة دمشق، في وقت أعادت الولايات المتحدة تموضع حاملة طائراتها، وقربتها أكثر إلى المنطقة لردع الحرس الثوري. في رابع هجوم من نوعه منذ الخميس الماضي والسابع خلال شهر، استهدفت صواريخ إسرائيلية ليل الثلاثاء - الأربعاء العاصمة السورية دمشق، تزامنا مع ضربة شنتها القوات الأميركية، قتلت قياديا في تنظيم داعش مسؤولا عن هجمات في أوروبا. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله: «نفذ العدو الإسرائيلي عدوانا جويا برشقات من الصواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل، مستهدفا بعض النقاط في محيط دمشق والمنطقة الجنوبية»، مضيفاً: «تصدت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت معظمها، وأدى العدوان إلى استشهاد مدنيين اثنين ووقوع بعض الخسائر المادية». وأفاد المرصد السوري بأن «الصواريخ الإسرائيلية استهدفت منطقة مطار دمشق الدولي، والمجمع الإيراني قرب منطقة السيدة زينب، ومنطقة المعامل بالكسوة، فيما انطلقت صواريخ الدفاعات الجوية السورية للتصدي للصواريخ». وقال المرصد: «استهدف صاروخ إسرائيلي نقطة رادار تل الصحن التابعة لقوات النظام شرقي قرية لهويا بريف السويداء، كما سقط صاروخ في معمل للزجاج بمنطقة الكسوة بريف دمشق، ما أدى إلى استشهاد سوريين اثنين على الأقل وعدد غير معروف من المقاتلين الموالين لإيران»، مشيراً إلى أن الدفاعات الجوية السورية اعترضت صاروخين على الأقل. والأحد، قُتل مسلحان من الجماعات الموالية لإيران في غارات اسرائيلية بسورية، واستهدفت غارات جوية دمشق لليلتين متتاليتين، الخميس والجمعة، نسبها الجيش السوري إلى الدولة العبرية. وأدت غارة الخميس إلى إصابة جنديين سوريين، حسب وزارة الدفاع السورية. والجمعة، قتلت غارة القياديين بالحرس الثوري الإيراني ميلاد حيدري ومقداد مهقاني، الذي توفي الأحد متأثرا بإصابته في الضربة ذاتها. وشيع آلاف الإيرانيين أمس ضابطي الحرس الثوري في إحدى ساحات طهران. وقال الناطق باسم الحرس رمضان شريف: «سنثأر لدماء الشهيدين حيدري ومهقاني». وقالت والدة حيدري متوجهة الى الحشود «سيروا على خطاه». «سنتكوم» و«داعش» في هذه الأثناء، أعلنت القيادة الأميركية الوسطى «سنتكوم»، أمس، استهدافها قياديا بارزا في تنظيم داعش شمال غرب سورية، مؤكدة أن مقتله «سيعطل مؤقتا قدرة التنظيم على التخطيط لهجمات خارجية». وأوضح قائد القيادة الوسطى مايكل كوريلا، في بيان، أن القوات الأميركية «شنت يوم الاثنين ضربة أحادية الجانب، أسفرت عن مقتل القيادي البارز خالد إياد أحمد الجبوري، المسؤول عن تطوير شبكة قيادة تنظيم داعش والتخطيط لهجمات في أوروبا». وبحسب المرصد، فقد استهدفت مسيّرة أميركية الجبوري، وهو عراقي الجنسية، بينما كان يتحدث عبر الهاتف قرب منزله في ريف إدلب الشمالي. وقتل الجبوري وفق المرصد بعد عشرة أيام من وصوله الى المنطقة، وتعريفه عن نفسه بأنه سوري يتحدر من محافظة دير الزور (شرق). ورغم الضربات التي تستهدف بشكل متكرر قادته وتحركات عناصره في سورية والعراق، اعتبر كوريلا أن «داعش لا يزال قادراً على قيادة عمليات في المنطقة، مع رغبة في ضرب مناطق خارج الشرق الأوسط»، مشددا على أن التنظيم «ما زال يمثل تهديدا للمنطقة وخارجها». إعادة تموضع ووسط تصاعد التوتر مع إيران، أعادت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أمس الأول، تموضع حاملة الطائرات جورج إتش. دبليو بوش الهجومية «كإجراء احترازي»، بعد هجمات الحرس الثوري على قواتها المنتشرة في سورية. وقالت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون» صابرينا سينغ، للصحافيين، «لقد رأينا هجمات متزايدة من مجموعات تابعة للحرس الثوري الإيراني تستهدف أعضاء خدمتنا في جميع أنحاء سورية، وكإجراء احترازي قمنا بتحريك الناقلة لتكون أقرب قليلا» إلى سورية. لكنها أوضحت أن حاملة الطائرات لا تزال في منطقة اختصاص القيادة الأوروبية - الأميركية، بينما تقع سورية في المنطقة التابع اختصاصها للقيادة المركزية، مضيفة: «كانت إعادة التموضع بالطبع ردا على ما رأيناه من هجمات متزايدة على أفراد خدمتنا في المنطقة». سياسياً، بدأ أمس الاجتماع الرباعي لمعاوني وزراء خارجية سورية وروسيا وإيران وتركيا، لبحث تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق. ووفق وكالة سانا سيركز معاون وزير الخارجية أيمن سوسان على ثلاث نقاط رئيسية هي ضرورة إنهاء الوجود التركي غير الشرعي على الأراضي السورية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله. وذكر مصدر في وزارة الخارجية الروسية أمس الأول أن سلسلة من المشاورات عقدت في موسكو، استعدادا لاجتماع وزراء خارجية الدول الأربع. في غضون ذلك، بحث الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في اتصال هاتفي مع نظيره السوري بشار الأسد، أمس الأول، سبل تعزيز العلاقات بمختلف المجالات، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. ووفق الرئاسة الجزائرية، فإن «الأسد اطلع تبون على وضع سورية وما يدور حولها من أحداث، وشكره على وقوف الجزائر إلى جانب سورية في محنة الزلزال الذي ضربها منذ أسابيع». وفي فرنسا، أمر قاضيا تحقيق أمس بمحاكمة ثلاثة مسؤولين كبار في النظام السوري أمام محكمة الجنايات بتهمة التواطؤ في قتل مواطنين سوريين - فرنسيين هما مازن دباغ ونجله باتريك اللذان اعتقلا في 2013. وطلب القاضيان محاكمة بتهمة التواطؤ لارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجناية حرب في حق رئيس مكتب الأمن القومي علي مملوك، ومدير المخابرات الجوية جميل حسن، ورئيس فرع التحقيق في المخابرات الجوية عبدالسلام محمود، الصادرة بحقهم مذكرات توقيف دولية.

طهران تشيّع قتيلي «الحرس» في سوريا بتأكيد تمسكها بنفوذها ودورها فيها

طهران - نيويورك: «الشرق الأوسط».. شارك آلاف الإيرانيين، الثلاثاء، في تشييع ضابطين في «الحرس الثوري» قتلا في غارة إسرائيلية 31 مارس (آذار) الماضي على دمشق، وسط تهديدات بالرد على قتلهما، فيما أعلن مسؤولان في النظام، من طهران ونيويورك، نية التمسك بالنفوذ والدور والوجود الإيراني في سوريا. ورددت الحشود، الثلاثاء، شعار «فلتسقط إسرائيل» خلال مراسم التشييع في إحدى ساحات طهران، بعد أربعة أيام على الضربة التي أسفرت عن مقتل ميلاد حيدري ومقداد مهقاني. وقال الناطق باسم «الحرس الثوري» رمضان شريف، «سنثأر لدماء الشهيدين». وقالت والدة حيدري متوجهة إلى الحشود، «سيروا على خطاه». وكان الناطق باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، حذر الأحد من أن طهران «تحتفظ بحق الرد... في الوقت والمكان المناسبين». وقتل الضابطان في دمشق، التي تعرضت الخميس والجمعة لغارات جوية ليلية (...)، ونادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ الغارات، لكنها تكرر أنها ستواصل تصديها لما تصفه بمحاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا. لكن وكالة «تسنيم» المحسوبة على «الحرس الثوري» نقلت الثلاثاء عن مسؤول في وزارة الدفاع قوله إن طهران «ملتزمة بمساعدة سوريا في مجال الدفاع الجوي». وأضاف مساعد الشؤون الدولية بوزارة الدفاع حمزة قلندري: «نعد أنفسنا ملزمين في مساعدة الدول الصديقة مثل سوريا في مجال تمكين الدفاع الجوي ومواجهة الأهداف الجوية». وقال: «في الماضي، كانت سوريا حقاً بلداً أعزل ضد الضربات الجوية للكيان الصهيوني، ولكن الآن يتم صد قدر كبير من الضربات الجوية، من قبل الحكومة السورية». في السياق ذاته، حذر مندوب إيران لدى الأمم المتحدة أمیر إیرواني، الثلاثاء، أيضاً، من اتخاذ إجراءات «حازمة» للحفاظ على مصالح طهران وقواتها في سوريا تجاه أي «تهديد» من قبل الولايات المتحدة أو غيرها. ونقلت وكالة «إسنا» عن إیرواني قوله في رسالة إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، إن الوجود الإيراني في سوريا «مشروع تماماً». وأوضحت الوكالة أن الرسالة جاءت رداً على «مزاعم واشنطن التي لا أساس لها ضد إيران في سوريا». وقال إیرواني، «طهران تدين بشدة الاتهامات الأميركية الباطلة في سوريا، والهجمات العسكرية غير المشروعة التي شنتها القوات الأميركية على البنی التحتية المدنية في سوريا 23 مارس».

الجيش الأميركي يقتل قيادياً «داعشياً» بارزاً في ريف إدلب..

إسرائيل تواصل قصفها الصاروخي لمواقع النظام السوري والميليشيات الإيرانية

واشنطن - دمشق: «الشرق الأوسط».. أعلن الجيش الأميركي، الثلاثاء، أنه قتل قيادياً عراقياً بارزاً من تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا، كان مسؤولاً عن التخطيط لهجمات في أوروبا. وأعلنت القيادة الوسطى في الجيش الأميركي (سنتكوم)، في بيان، إن خالد عيد أحمد الجبوري، قُتل الاثنين، في ضربة أحادية الجانب بشمال غربي سوريا. وأوضح أن الجبوري كان مسؤولاً عن التخطيط لهجمات (داعش) في أوروبا، وعن تطوير قيادة شبكة التنظيم. وقال الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، «لا يزال (داعش) قادراً على قيادة عمليات في المنطقة، مع رغبة بضرب مناطق خارج الشرق الأوسط». وأشار إلى أنه ليست هناك مؤشرات على وقوع إصابات بين المدنيين نتيجة للضربة. وجاء في البيان أن «مقتل خالد عيد أحمد الجبوري سيعطل، بصورة مؤقتة، قدرة التنظيم على التخطيط لشن هجمات خارجية». وحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فقد استهدفت مسيّرة أميركية، الجبوري، بينما كان يتحدث عبر الهاتف قرب منزله في ريف إدلب الشمالي، وذلك بعد عشرة أيام من وصوله إلى المنطقة، وتعريفه عن نفسه بأنه سوري يتحدّر من محافظة دير الزور (شرق). وكان التنظيم سيطر منذ صيف عام 2014 على مساحات واسعة في سوريا والعراق المجاور، أعلن عليها «الخلافة الإسلامية» قبل أن يُطرد منها تدريجياً. وتبنّى في أوج نفوذه، تحديداً بين العامين 2015 و2016، شنّ هجمات دامية في مدن أوروبية عدة، أبرزها في باريس ونيس وبروكسل وبرشلونة وبرلين، أسفرت عن مقتل مئات المدنيين. وفي مارس (آذار) 2019، أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي يشكل الأكراد عمودها الفقري، هزيمة التنظيم بعد السيطرة على آخر معاقله في بلدة الباغوز (شرق) بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. ومنذ ذلك الحين، تلاحق القوات الأميركية والتحالف الدولي قياديي التنظيم الإرهابي. وتشنّ بين الحين والآخر غارات وعمليات دهم أو إنزالاً جوياً ضد عناصر يشتبه بانتمائهم إلى التنظيم في سوريا، خصوصاً في محافظة إدلب التي تسيطر «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) مع فصائل أخرى أقل نفوذاً على نصف مساحتها تقريباً. ونجحت القوات الأميركية في تصفية قادة أو اعتقالهم في عمليات عدة، قُتل في أبرزها زعيما «داعش»، «أبو بكر البغدادي» في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 ثم «أبو إبراهيم القرشي» في فبراير (شباط) 2022 في محافظة إدلب. وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلن التنظيم المتطرف مقتل زعيمه «أبي الحسن الهاشمي القرشي» في معارك لم يحدد تاريخها، وتبين لاحقاً أنها جرت في محافظة درعا جنوباً، وشارك فيها مقاتلون محليون. وتنتشر القوات الأميركية التي تقود التحالف ضد التنظيم في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال سوريا وشمال شرقها، وفي قواعد في محافظة دير الزور (شرق) والرقة (شمال). ورغم الضربات التي تستهدف قادته وتحرّكاته ومواقعه، لا يزال التنظيم قادراً على شن هجمات وتنفيذ اعتداءات متفرقة، خصوصاً في شرق سوريا وشمال شرقها وفي البادية السورية المترامية الأطراف. وجاء إعلان واشنطن، فيما قتل مدنيان ليل الاثنين - الثلاثاء جراء ضربة صاروخية إسرائيلية استهدفت دمشق وجنوب البلاد، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا)، في هجوم هو الرابع من نوعه في أقل من أسبوع. ونقلت الوكالة السورية عن مصدر عسكري قوله: «إن العدو الإسرائيلي نفذ عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل مستهدفاً بعض النقاط في محيط دمشق والمنطقة الجنوبية (...) وتصدت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت معظمها». وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل اثنين، مضيفاً: «نفذت إسرائيل رشقات من الصواريخ استهدفت مناطق عسكرية للميليشيات الإيرانية، ومراكز الدفاع الجوي التابعة للنظام في مناطق عدة». وتابع: «استهدف صاروخ إسرائيلي نقطة رادار تل الصحن التابعة لقوات النظام شرق قرية لهويا بريف السويداء، كما سقط صاروخ في معمل للزجاج بمنطقة الكسوة بريف دمشق، ما أدى إلى مقتل مواطنين اثنين على الأقل». وأشار إلى أن الدفاعات الجوية السورية «تمكنت من إسقاط صاروخين على الأقل». والأحد الماضي قُتل مسلحان من الميليشيات الموالية لإيران في غارات إسرائيلية، وفق المرصد، في حين أفادت «سانا» عن جرح خمسة جنود سوريين. وشنت إسرائيل غارات في وقت مبكر الأحد قرب مدينة حمص، بعد استهداف العاصمة السورية الخميس وصباح الجمعة. كما انفجرت سيارة مفخخة في دمشق الأحد، لكن لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا، ولم يعلن أي طرف مسؤوليته.

إسرائيل في سوريا: «مَهمّة» ترميم الردع

إسرائيل في سوريا: «حفلة انتقام» لا ترمّم الردع

الاخبار..حسين الأمين ... قبل أيام، وصلت إلى مكاتب النخبة السياسية والأمنية في تل أبيب، عبر البريد الأمني، وثيقة رسمية صادرة عن قسم الأبحاث في «شعبة الاستخبارات العسكرية» في الجيش (أمان)، تضمّنت تحذيراً عاجلاً من «تدهور الوضع الاستراتيجي» للكيان. لم ينقص عديد الجيش الإسرائيلي، ولم تتراجع تكنولوجيته وتقنيّته الهائلة، ولا فرغت مخازن ذخائره أو أكل ما فيها الصدأ، ولا أصاب خللٌ تقني منظومة «القبّة الحديدية» لديه، والتي ارتفع الطلب عليها بشكل هائل بعد الحرب الأوكرانية. «التدهور» في مكان آخر تماماً، وتحديداً في ما تُسمّى «البيئة الاستراتيجية» للكيان، والتي تأثّرت بالعديد من العوامل الداخلية الذاتية، والخارجية الإقليمية، والخارجية الدولية. إذ بعدما اشتعلت كلّ أضواء التحذير على المستوى الخارجي، استفحلت الأزمة السياسية داخل إسرائيل، وتسرّبت إلى قلب المؤسسة الأمنية، من رأسها وزير الأمن، ونزولاً نحو قيادة الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، وصولاً إلى المستوى التشغيلي، حيث ضربت «جيش الاحتياطيين»، وهؤلاء عمود أساسي في خيمة «أمن إسرائيل»، كما تسرّبت - ولو بالنزر القليل - إلى الجنود النظاميين، ما أنذر بأعلى مستوى من المخاطر.

إيران تقود «الحملة»

منتصف الشهر الماضي تقريباً، انفجرت عبوّة ناسفة عند مفترق بلدة مجدّو في شمال فلسطين. مرّت أيام، هاجت وماجت فيها إسرائيل، حتى اضطرّت المؤسسة الأمنية إلى كسر حظر النشر الذي فرضته، وراحت تسرّب بعض تفاصيل «الحدث الأمني الكبير». لكن إلى الآن، ومع اقتراب مرور شهر على الواقعة، لم تكشف بعد الأجهزة الأمنية عن حقيقتها تماماً، سواءً لناحية كيفية تسلّل منفّذها، وما إن كان تلقّى أيّ مساعدة من داخل الأراضي المحتلة، ومن يقف خلفه بالضبط؟... إلخ. إلّا أن السؤال الأكبر على طاولة القيادة الإسرائيلية يظلّ: كيف يكون الردّ على عملية مجدّو، بلحاظ الفرص والمخاطر، والظروف المحيطة؟ لا يُعتقد أن اغتيال المقاوم في «الجهاد الإسلامي»، علي رمزي الأسود، في سوريا بعد أيام قليلة من الحادثة، أغلق معه حسابها، بل ربّما يكون الاغتيال دفعة على الحساب، وردّاً فورياً يهدف إلى توجيه رسائل حاسمة حول استعداد العدو لتفعيل سياسة الاغتيالات خارج فلسطين. في اليوم الثاني من الشهر الجاري، أعلن العدو إسقاط مسيّرة عبرت الحدود من سوريا باتجاه أجواء فلسطين المحتلة. تمكّنت الطائرة من اختراق الحدود، والوصول إلى فوق بحيرة طبريا في الشمال الفلسطيني، على رغم الاستنفار العالي لدى العدو، وتحديداً تجاه سوريا، وفي ظلّ مناورة لسلاح الجو في المنطقة الشمالية في الوقت نفسه. عقب الحدث، بقيت طائرات العدو الحربية والاستطلاعية والمروحية، تحلّق في أجواء المنطقة الحدودية مع لبنان وسوريا، من دون توقّف، نحو يوم كامل. وبعد يوم واحد، أعلن العدو إسقاط مسيّرة كانت تحلّق في أجواء قطاع غزة، خوفاً من تجاوزها الحدود، وإمكانية أن تكون مفخّخة. لكن الطائرات الحربية ووجهت بعدد من صواريخ الدفاع الجوي، المحمولة على الأكتاف، لتضطرّ إلى الارتفاع والمناورة خوفاً من الصواريخ. لاحقاً، أكّدت تقارير إعلامية إسرائيلية، نقلاً عن مصادر أمنية، أن «حماس» أعدّت ما يشبه «الكمين» لطائرات العدو، واستدرجتها إليه.

بدا للعدو أن لا مفرّ من التصعيد في وجه «محور المقاومة» المتوثّب

قبل كلّ ذلك وخلاله وبعده، لم تتوقّف عمليات مجموعات المقاومة داخل الأراضي المحتلة، والتي يعتقد العدو أن تشغيلها في غالبه يتمّ من قطاع غزة، وأن تمويلها يأتي من إيران. وإذ يبدو هذا المسار متطوّراً ومتسارعاً؛ إذ بحسب رئيس «الشاباك»، رونين بار، جرى منذ بداية العام حتى يوم أمس، «إحباط أكثر من 200 عملية، وتكبّدنا 15 قتيلاً (إسرائيلياً)» - وهذه أرقام لا تشبه سوى أرقام الانتفاضة الثانية -، فإن العدو يرى أن كلّ ما يجري على المستوى الأمني، مسؤولة عنه قوى «محور المقاومة»، بقيادة طهران. وهذا ما صرّح به رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أمس، عندما اعتبر أن «إيران مسؤولة عن 95% من التهديدات الأمنية التي تواجه إسرائيل». والنتيجة هي: أعداء إسرائيل متوثّبون، ويلمسون ضعف الموقف الإسرائيلي.

علامات «تدهور الوضع الاستراتيجي»

جرت هذه التطوّرات الأمنية، على وقع تغيّرات عميقة، بعضها سريع وآخر يسير ببطء، في البيئة الاستراتيجية للكيان. بداية، يتأكّد للجميع، يوماً بعد يوم، تراجع الحضور الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، لمصلحة الحرب الدائرة في أوكرانيا، والتوتّرات الكبيرة في آسيا، حيث التأزّم يزداد مع الصين وكوريا الشمالية. ولعلّ من أوضح المؤشّرات إلى ذلك، سحب الأميركيين طائراتهم المتطوّرة من المنطقة، وتحديداً من دول الخليج، ونقلها إلى أوروبا واستبدال طائرات أقدم وأقلّ كفاءة بها. ويُضاف إلى ما تَقدّم، التوتّر المتزايد بين واشنطن وتل أبيب، والذي يثير قلقاً كبيراً لدى دول المنطقة التي طبّعت مع إسرائيل، أو تلك التي تمتلك نوعاً من العلاقات معها، على اعتبار أن دافعها الرئيس إلى ذلك كان التقرّب إلى الولايات المتحدة من خلالها. إلّا أن ما يحدث اليوم، هو توجّه تلك الدول نحو التقرّب من إيران، والبحث عن تسويات «محلّية» على مستوى الإقليم، مثلما حدث في اتفاق استئناف العلاقات بين إيران والسعودية، ثمّ بين الأولى والبحرين ومصر، ثمّ تعيين سفير إيراني في أبو ظبي أمس، للمرة الأولى منذ 8 سنوات، في وقت يستقبل الرئيس السوري، بشار الأسد، المسؤولين العرب ويزورهم، ويتلقّى دعوة للعودة إلى «جامعة الدول العربية»، بينما هو يحتفظ بعلاقات ممتازة مع إيران، ولا يزال يرى العدو في قيادته حلقة أساسية من حلقات «محور المقاومة». وفوق كلّ ما سبق، لم تنفع النداءات الإسرائيلية المتتالية، إلى دول الغرب والولايات المتحدة، لإظهار خيارات «خشنة» في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، بل آخر ما حصلت عليه إسرائيل في هذا السياق، هو رسالة من الإدارة الأميركية إلى الحكومة الإسرائيلية، تُعلم فيها الأولى الأخيرة دراستها عقد اتفاق «جزئي» مع إيران، حول أجزاء من مشروعها النووي، وأن طهران لم توافق بعد على ذلك العرض. أمّا أخطر ما في المشهد، فهو الأزمة السياسية المستفحلة داخل الكيان، والتي وصلت إلى ذروتها مع إقالة وزير الأمن، يوآف غالانت، من منصبه، ثمّ العودة عن الإقالة بسبب «الأوضاع الأمنية».

سوريا: الساحة الممكنة

أمام كلّ ما تَقدّم، بدا للعدو أن لا مفرّ من التصعيد في وجه «محور المقاومة» المتوثّب، بهدف إيصال رسائل قوة وردع، وحصد مكاسب تكتيكية، فيما لم يجد أمامه لإيصال هذه الرسائل سوى الساحة السورية، حيث تفلّت العدو منذ مدّة طويلة من أي قواعد اشتباك حازمة، سوى تلك المتعلّقة بـ«حزب الله» وأفراده. وعلى هذا الأساس، شنّ، خلال أسبوع، ما يشبه الحملة الجوّية على مواقع ومرافق عسكرية ومدنية، يزعم أنها تخصّ قوى في «المحور»، أو الجيش السوري، ما أدّى إلى سقوط عدد من الشهداء، بينهم إيرانيان. لكن مستوىً جديداً من التحدّي فرضته الطائرة المسيرّة الأخيرة التي دخلت من سوريا إلى فلسطين المحتلة، حيث تثبّت العدو أكثر من أن قيادة «محور المقاومة» غير مردوعة، وأنها تنوي تعديل ميزان الردع في سوريا، ضمن سياق تصاعدي أكبر تنخرط فيه كلّ قوى «المحور».

استخبارات العدو تشعل الضوء الأحمر: ردعنا يتآكل!

الاخبار...علي حيدر ... لم يَعُد الحديث عن تراجع خطير في «الوضع الاستراتيجي» لإسرائيل مجرّد وجهة نظر، أو توصيف يتبنّاه «محور المقاومة» لما آل إليه الكيان بفعل المتغيّرات الإقليمية والدولية والداخلية أيضاً، وإنّما بات رائجاً على ألسنة كبار قادة العدو. وفي آخر تجلّيات ذلك، وجّهت الاستخبارات العسكرية، «أمان»، إنذاراً استثنائيّاً من مفاعيل هذا التراجع، إلى القيادَتين السياسية والأمنية، وعلى رأسها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس «مجلس الأمن القومي» تساحي هنغبي. وكانت الأجهزة الأمنية كافة توالت توصياتها إلى القيادة السياسية، بضرورة كبْح المسار الانحداري الذي تسارعت وتيرته في الأشهر الأخيرة، نتيجة احتدام الصراع الداخلي الذي أضرّ بأحد أهمّ مقوّمات المكانة الاستراتيجية لإسرائيل. وعلى رغم أنه لا يُسمح عادةً لوسائل الإعلام بنشر التفاصيل المتّصلة بقضيّة حسّاسة كهذه، إلّا بشكل مدروس وانتقائي، إلّا أن صحيفة «إسرائيل اليوم» صدّرت صفحتها الأولى، أمس، بعنوان «الاستخبارات تُحذِّر: الردع يتآكل». والواقع أنه بالنظر إلى المقوّمات والمبادئ التي يقوم عليها الوضع الاستراتيجي لإسرائيل، وبمقارنتها بالوقائع التي استجدّت في بيئتَيها الداخلية والخارجية، يتّضح أن هذا التآكل حقيقة واقعة. إذ تستند مكانة الكيان، كما سبق أن حدّدها رئيس الاستخبارات السابق اللواء تامير هايمن، إلى أربعة مداميك رئيسة، عسكري واقتصادي وسياسي (دولي وإقليمي ومحلّي) واجتماعي. ويعني ذلك أن أيّ خلل جوهري في أيٍّ من هذه المداميك، من شأنه أن يحدّ من إيجابيّات البقيّة، وفي سيناريوات أكثر خطورة، أن يتسبّب بتسريع وتيرة تخلخلها. ومن منظور شامل يتجاوز اللحظة السياسية والأمنية، يتبيّن أن المسار الانحداري يكاد يطاول أغلب الأسس المذكورة، وإنْ بنسب متباينة. في السنوات الماضية، اعتادت التقديرات الإسرائيلية تأكيد ثبات الوضع الاستراتيجي لإسرائيل، ووصفه بـ«الجيّد» مقارنة مع أعدائها. إلّا أن ما دفع الاستخبارات العسكرية إلى رفْع الصوت عالياً، هو ما اعتبرته تراجعاً خطيراً في هذا الوضع نتيجة تضافر عدّة أسباب، أهمّها «رصْد أعداء إسرائيل ضعفها نتيجة التمزّق الداخلي» الذي تفاقم على خلفية المواقف المتعارضة من التشريعات القضائية. وما لم تنقله التقارير الإعلامية الإسرائيلية، والذي يمكن أن يكون قد ورد أيضاً في وثيقة الاستخبارات، تكفّل بتجلية جانب منه رئيس شعبة التخطيط في جيش العدو، اللواء يعقوب بينغو، بمشاركة ضابطَين رفيعَين آخرَين، في مجلة «معرخوت» التابعة للجيش، مطلع السنة الجارية. إذ ذكّر بأن «من العناصر المهمّة في قدرة إسرائيل على تنفيذ استراتيجيتها في العقود الأولى من وجودها، هو تماسك المجتمع الإسرائيلي ومناعته واستعداده لتحمُّل العبء الضروري لمصلحة الردّ الأمني»، فيما اليوم أصبحت «الدولة» تواجِه «العديد من التحدّيات التي ستجعل من الصعب عليها الحفاظ على تماسكها وعلى عنصر القوّة الناشئ عن طبيعة العلاقة بين المجتمع الإسرائيلي وجيشه، وهذه التحدّيات هي: تغيير ديموغرافي يؤدّي بدوره إلى تغيير في الروح والقيم («القبائل الأربع»)؛ تآكل التماسك الاجتماعي والدولتي؛ - صعوبة الحفاظ على نموذج جيش الشعب؛ بدائل توظيف جيّدة من ناحية اجتماعية واقتصادية بالقياس إلى الخدمة في الجيش الإسرائيلي والمنظومة الأمنية؛ إضعاف المكانة العامة للجيش الإسرائيلي والمنظومة الأمنية في المنظومة السياسية والعامّة؛ وتحدّي التغييرات في البيئة التكنولوجية والإعلامية والقدرة القيادية لكبار القادة»، مع الإشارة إلى أن هذا التقدير كُتب قبل تفاقم الصراع الداخلي الذي تشهده إسرائيل راهناً.

توالت توصيات الأجهزة الأمنية كافة إلى القيادة السياسية، بضرورة كبْح المسار الانحداري

وحول تمدُّد هذه الانقسامات وعمقها، نبّه رئيس الاستخبارات العسكرية، «أمان»، اللواء أهارون حليفا، أوّل من أمس، إلى أن أصداء الخلافات الداخلية «وصلت إلى أبواب أمان والجيش الإسرائيلي، وإلى عتبة دورة الضباط». وعن تأثير ذلك في القدرة على مواجهة التهديدات الخارجية، أشار حليفا إلى أن «كثرة التهديدات والساحات تَفرض علينا الحفاظ على التكتُّل داخل الجيش»، معتبراً أن هذه المسألة «حيوية جدّاً. وفقط هكذا يستطيع الجيش الإسرائيلي الحفاظ على مِنعته، ومواصلة تحقيق غايته كقوّة لحماية دولة إسرائيل». على أن مشكلة إسرائيل الإضافية هي أن المتغيّرات التي تشهدها بيئتاها الداخلية والخارجية مرصودة من جانب أعدائها. وفي هذا السياق، توقّفت وثيقة الاستخبارات عند دلالات الاجتماعات التي عقدها الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصرالله، مع مسؤولي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، بهدف تنسيق المواقف؛ والتوجّه الإيراني لتنفيذ هجمات في إسرائيل؛ وأيضاً عمليّة مجدو التي وقعت في الـ13 من آذار الماضي. وفي سياق متصل، اعتبرت صحيفة «هآرتس» أن الهجمات المتتالية في سوريا، في الأيام الأخيرة، «هي محاولة من قِبَل إسرائيل لاستعادة الردع وإعادة ترسيخ توازن رعب مقابل إيران وحزب الله، يمنعهما من شنّ هجمات داخل إسرائيل». وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل مسكونة بالرعب من أن تكون عمليّة مجدو جزءاً من معادلة أشدّ خطورة، وبداية لمسار جديد على وقْع المتغيّرات السياسية والأمنية التي تشهدها البيئة الاستراتيجية لإسرائيل. من جهة أخرى، أوردت وثيقة «أمان» سبباً إضافياً للتراجع الخطير الذي أصاب الوضع الاستراتيجي لإسرائيل، يتمثّل في التباعد بينها وبين الولايات المتحدة. وحذّرت من أن إيران هي المستفيدة من ذلك، انطلاقاً من قناعة لدى الأخيرة بأنه ليس في إمكان إسرائيل خوض معركة ضدّها أو مهاجمة مشروعها النووي، من دون دعمٍ أميركي. وتجلّت بعض نتائج هذا المستجدّ في الانزياح الذي يُظهره أصدقاء الكيان، لا سيما في الخليج، والذي تجلّى في استئناف السعودية والبحرين علاقاتهما مع إيران، بعدما كانتا تقرّبتا في الماضي من إسرائيل بسبب علاقتها الوثيقة مع الولايات المتحدة. على أن أكثر ما تخشاه الاستخبارات، يظلّ تآكل الردع، وتبعاً له تآكل قوّة إسرائيل السياسية والأمنية، والذي يَظهر أنه سيتعمّق في ضوء المسارات المتسارعة في الساحتَين الداخلية والخارجية، ومن أبرزها: الانتقال من الأحادية الأميركية إلى التعدديّة القطبية التي يستفيد منها أعداء إسرائيل، وتعاظُم قدرات «محور المقاومة» وتعزيز مكانته الإقليمية والسياسية، والتطوّر التكنولوجي المتسارع لدى إيران وقوى المحور، والذي يقلّص الهوة النوعية مع جيش العدو، في متغيّر تحوّل إلى همّ لدى الجيش منذ بداية ولاية أفيف كوخافي، في عام 2019. وممّا يزيد الصورة «قتامةً»، التصدّعات العميقة التي تتطوّر داخل المجتمع الإسرائيلي حول صورة الدولة وطابعها، والتي «تشكّل طلقة تشجيع» لأعدائها، بحسب ما حذر منه رئيس «الشاباك»، رونين بار.

الإيرانيون ما عادوا خائفين: «عمليات ما دون الحرب» فقدت صلاحيتها

الاخبار..وليد شرارة .. لا يتردّد عاموس يادلين، الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، في الإقرار بأن تآكل الردع الإسرائيلي في مقابل إيران و»حزب الله»، كان من بين أبرز القضايا التي أراد مناقشتها مع المسؤولين الأميركيين عندما سافر إلى الولايات المتحدة منذ أسبوع ونيف، وفقاً لمقاله على موقع «القناة الـ12» الإسرائيلية. يأتي كلام يادلين في سياق تصاعد ملحوظ في الاعتداءات الإسرائيلية ضدّ سوريا خلال الأسابيع الماضية، والتي استهدفت بمعظمها، بحسب المزاعم الصهيونية، مواقع لـ«الحرس الثوري الإيراني والمجموعات الموالية له». وقد رأى نوعام أمير، معلّق الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة «ماكور ريشون»، أن «العدد المرتفع للهجمات التي تشنّها إسرائيل في سوريا، مرتبط بالتزايد النوعي لكمّيات السلاح المهرّب من إيران إليها. ويدلّ النقص في الاحتياطات الأمنية المتَّخذة لحماية المستشارين الإيرانيين المرسَلين إلى هذا البلد، ما يسهّل استهدافهم عبر ضربات جوية أو عمليات اغتيال، على أن الإيرانيين ما عادوا خائفين. السؤال هو ماذا يريدون؟». أمير مقتنع بأن مجمل التطوّرات في الآونة الأخيرة، من عملية مجدو إلى الطائرة المسيّرة التي تمّ إسقاطها في الجليل الأعلى المحتلّ، مروراً بما ذكره عن النشاط الإيراني في سوريا، تثبت أن طهران وحلفاءها يسعون لاستدراج تل أبيب إلى حرب انطلاقاً من تقدير للموقف يعتبر أن الأخيرة في موقع ضعف راهناً. الهجمات والغارات التي قامت بها إسرائيل، بنظره، غايتها إفهام أعدائها بأنها على أتمّ الجاهزية للمجابهة، على عكس ما يعتقدون. ما يتعامى عنه عمداً نوعام أمير، ومعه قطاع معتبَر من المسؤولين والمحلّلين والمعلّقين الإسرائيليين، هو أن استراتيجية «عمليات ما دون الحرب»، وعلى الرغم من أنها اعتُمدت منذ 2014، وشهدت أخيراً ارتفاعاً في وتيرتها، قد فشلت في تحقيق هدفها الأساسي، وهو وقف نقل القدرات العسكرية النوعية من إيران إلى حلفائها، أو تطويرها محلّياً بالتعاون معهم. لكن عاموس يادلين هو من بين أقلّية تعترف بذلك، وتجده سبباً رئيساً لـ«تآكل الردع». فاستمرار مراكمة القدرات من قِبل أطراف محور المقاومة، في ظلّ المتغيّرات الجيوسياسية الكبرى التي تتوالى في العالم وفي الإقليم، وما ينجم عنها من تعديلات على الأجندة الاستراتيجية للولايات المتحدة، هو التحدّي الأخطر بالنسبة لإسرائيل أكثر من أيّ مرحلة سابقة.

المناورات العسكرية المشتركة الأميركية - الإسرائيلية، لم تتوقّف منذ نهاية 2022

المناورات العسكرية المشتركة الأميركية - الإسرائيلية، وبعضها ضخم بكلّ ما للكلمة من معنى، لم تتوقّف منذ نهاية 2022. ففي الـ30 من تشرين الثاني الماضي، بدأ الجانبان مناورات جوية على مدى أيام عدّة، تشمل طلعات جوية بعيدة المدى تحاكي هجوماً على المنشآت النووية الإيرانية. وفي الـ24 من كانون الثاني من هذا العام، انطلقت مناورة عسكرية بين الجيش الإسرائيلي وبين القيادة المركزية للجيش الأميركي، وُصفت بأنها «الأهمّ على الإطلاق»، بمشاركة أسلحة استراتيجية وآلاف الجنود. تلت ذلك، في الـ12 من آذار الماضي، مناورات «الراية الحمراء» بين سلاحَي الجو الأميركي والإسرائيلي، في قاعدة «نيليس» الجوية جنوب نيفادا. حرص الطرفان، في كلّ مرّة، على التأكيد، مباشرة أو مداورة، أن هذه المناورات هي «رسالة موجَّهة إلى إيران». استعراضات القوة بغية حمل إيران على عدم رفع معدلات تخفيضها لليورانيوم، لم تُجدِ نفعاً في الماضي. إذ أعلنت طهران، على لسان كمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية، في مقابلة أجراها مع «الجزيرة»، امتلاكها القدرات الفنية لصناعة قنبلة نووية، وامتناعها عن ذلك بسبب فتوى مرشد الجمهورية الإسلامية بحرمة السلاح النووي. إيران، على رغم الضغوط القصوى والحروب الهجينة وسياسة التهويل المستمرّ، أضحت بالفعل «دولة - عتبة». المنطق نفسه ينسحب على خيارها تطوير قدراتها، وقدرات حلفائها، العسكرية والصاروخية، وفي ميدان المسيرات. الخلاصة التي يصل إليها نوعام أمير، في مقاله المذكور سالفاً، وهو أن «الإيرانيين ما عادوا خائفين»، صحيح. فإسرائيل لا تستطيع الشروع بحرب كبرى، ومتعدّدة الجبهات مع محور المقاومة، من دون مشاركة أميركية مباشرة وواسعة النطاق. من المستبعد جدّاً، إن لم يكن من المستحيل، أن تقدم الولايات المتحدة على اتّخاذ مثل هذا القرار في ظلّ حربها بالوكالة مع روسيا في أوكرانيا، والمفتوحة على شتّى الاحتمالات، بما فيها اتّساع نطاقها واضطرار الأصيل للحلول في مكان الوكيل. المواجهة الاستراتيجية المحتدمة بينها وبين الصين، وما تتطلّبه من تعبئة للموارد والإمكانيات، ومن تفرّغ متزايد لنخبها العسكرية والسياسية على حساب الملفّات الدولية الأخرى، هو معطى آخر لا يمكن تجاهله. الردع الاستراتيجي يتآكل لأن الحقائق تُظهر أن إسرائيل لا تملك خيار الذهاب إلى الحرب مع فشل «عمليات ما دون الحرب». التحوّلات في البيئة الإقليمية، والتي تلعب فيها الصين وروسيا دوراً محورياً، هي أيضاً من بين المستجدات السلبية جدّاً بالنسبة لإسرائيل ومخطّطاتها. فالمصالحات التي تجرى في المنطقة بين دول الخليج وإيران، وبين هذه الدول نفسها إضافة إلى تركيا، من جهة، وسوريا من جهة أخرى، تعني في الحدّ الأدنى نهاية لمشروع التحالف الخليجي - الإسرائيلي الموجَّه ضدّ محور المقاومة، مع ما يترتّب على ذلك من منعٍ لإسرائيل من استخدام أراضي هذه الدول أو أجوائها للعدوان على إيران. لكن التطوّر في العلاقات بين هذه الأطراف بمجملها قد لا يقف عند الحدّ الأدنى، بل ربّما يتعدّاه ليفسح في المجال أمام إعادة بناء منظومة إقليمية تحفظ مصالحهم وأمنهم في سياق دولي متحوّل. لقد فشلت «عمليات ما دون الحرب» في تحقيق غاياتها عندما كانت الظروف الدولية أكثر ملاءمة لها - دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، وعدم تورّط الأخيرة في نزاعات كبرى كما هي الحال اليوم -، وكذلك تلك الإقليمية لناحية الحماسة الخليجية لحلف مع إسرائيل. هي بكل تأكيد باتت فاقدة الصلاحية تماماً في الظروف الحالية.

مشاورات «التطبيع» بين أنقرة ودمشق تنطلق في موسكو

مصادر روسية قللت من أهمية تشدد النظام السوري: للاستهلاك المحلي

الشرق الاوسط..موسكو: رائد جبر.. سيطر الترقب (الثلاثاء)، على مسار المحادثات الرباعية التي انطلقت في العاصمة الروسية، بحضور نواب وزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران وتركيا. ومع التكتم الذي أحاط بمجريات جولة المشاورات التي جرت خلف أبواب مغلقة، فإن التصريحات الإعلامية المتشددة التي أطلقها الجانب السوري أوحت بتعثر الجهود المبذولة لدفع مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة، في حين أعربت أوساط روسية عن ارتياح لعقد الاجتماع، ورأت أنه سوف «يشكل خطوة تمهيدية مهمة» لترتيب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية «في أسرع وقت». وانطلقت أعمال الاجتماع الرباعي من دون الكشف عن أجندة الحوار والتفاصيل المتعلقة بمواقف الأطراف المشاركة. ورغم أن الوفد السوري تعمد استباق الجلسات المغلقة بتجديد الإعلان عن شروط دمشق للتطبيع مع أنقرة، فإن أوساطاً دبلوماسية روسية قلّلت من أهمية «التشدد السوري»، وأكدت أن المطلوب من الاجتماع على مستوى نواب الوزراء، ليس الخروج ببيانات علنية أو الإعلان عن توافقات، بل التحضير لـ«اجتماع وزاري سوف يُعقد قريباً ويضع الأساس لتوافقات تمهّد لقمة يحضرها قادة البلدان الأربعة». وكانت وسائل إعلام روسية قد نقلت عن وكالة أنباء «سانا» الحكومية السورية، أن رئيس الوفد الحكومي أيمن سوسان، يسعى للتركيز خلال المحادثات على ثلاث نقاط رئيسية هي: «ضرورة إنهاء الوجود التركي غير الشرعي على الأراضي السورية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية، ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله». والتزمت وفود روسيا وتركيا وإيران الصمت على المستوى الرسمي حيال تلك التصريحات. وفي وقت لاحق، نشرت قناة «آر تي» الحكومية الروسية كلمة رئيس الوفد السوري أمام الاجتماع، من دون أن تتطرق إلى مداخلات الأطراف الأخرى. ووفقاً للقناة، فقد أكد سوسان أمام الحاضرين أن «إعلان تركيا رسمياً سحب قواتها من الأراضي السورية كافة، والبدء فعلياً بالانسحاب، هو المدخل لإعادة التواصل بين الجانبين». وزاد أن «إعادة الأوضاع في شمال شرقي وشمال غربي سوريا إلى ما كانت عليه، تتطلب ظروفاً تتحقق بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها، وبانسحاب القوات غير الشرعية ومكافحة الإرهاب وإعادة بسط سلطة الدولة السورية على كل أراضيها». وأوضح سوسان أن «وجود أي خطر إرهابي، يفرض عملياً وقانونياً التعاون والتنسيق مع الدولة المعنية لمواجهة ذلك، وقد عبّرت سوريا عن استعدادها لمثل هذا التعاون ما دام أنه يتم في إطار احترام سيادتها ووحدة أراضيها». وأشار إلى أن بلاده «لم ترَ حتى الآن أي مؤشرات إيجابية، بخصوص انسحاب القوات التركية من سوريا، أو محاربة الإرهاب والقضاء عليه في شمال غربي سوريا وبالأخص في منطقة إدلب». وقال رئيس الوفد السوري إن دمشق «تعاملت بإيجابية وانفتاح مع جهود الأصدقاء الروس والإيرانيين الرامية إلى إعادة التواصل بين سوريا وتركيا، ولكن الوصول إلى هذا الهدف له ظروف ومتطلبات موضوعية يجب توفرها». وأضاف أن «سوريا تعرضت لحرب إرهابية غير مسبوقة بتخطيط ودعم كامل وغير محدود من بعض الدول الغربية والإقليمية والعربية، حيث جاء الإرهابيون الأجانب إليها من أكثر من مائة دولة، حسب تقارير الأمم المتحدة، وللأسف كان ذلك عبر دول الجوار». ورغم أن هذه التصريحات أوحت بتعثر جهود الوساطة التي تقوم بها موسكو لإنجاح مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة، فإن مصدراً دبلوماسياً روسياً تحدثت إليه «الشرق الأوسط» قال إن تكرار الشروط التي أعلنتها القيادة السورية «لا يعني عدم التزام دمشق بنجاح مسار التطبيع الذي تدعمه موسكو بقوة». مشيراً إلى أن إنجاز عقد الاجتماع «يشكل بحد ذاته خطوة مهمة، لأن هذا الاجتماع ليس مطلوباً منه الخروج بتوافقات بل الترتيب لأجندة لقاء الوزراء فقط». وقال المصدر إن الموقف الروسي «واضح وينطلق من أن مجموعة آستانة لن تسمح بحدوث خلل في نظام التهدئة أو التراجع عن نظام وقف الاقتتال الذي يسود كامل الأراضي السورية، وطرح أي شروط مسبقة حالياً يعني العودة إلى الحرب الأهلية في الشمال السوري، بما في ذلك الصدام مع الأكراد، وسيكون الشمال السوري بمثابة الشرارة التي ستفجّر الأوضاع في الجنوب السوري، ومناطق أخرى في سوريا، وستكون نتائج ذلك وخيمة على سوريا وشعبها». وأضاف الدبلوماسي الروسي أن طرح أي شروط مسبقة «مرفوض من حيث المبدأ، ومن أي طرف يشارك في المبادرة لتسوية العلاقة بين سوريا وتركيا (...) وقد تم حسم هذه القضية على أن تناقَش كل القضايا خلال الاجتماعات وعلى المستويات كافة». ورأى أن «المهم أنهم حضروا إلى الاجتماع الرباعي لنواب وزراء الخارجية، وهذا بعد أن فهم الرئيس السوري بشار الأسد، بعد لقائه الرئيس فلاديمير بوتين أخيراً في موسكو، أن روسيا موقفها حازم بخصوص التسوية التركية - السورية، وأيضاً بشأن دور تركيا المهم للمساعدة في إطلاق التسوية الداخلية السورية بمشاركة جميع السوريين». وزاد أن تركيا من جانبها «لم تعلن عن شروط مسبقة للتفاوض على إطلاق مسار التطبيع وتسوية الملفات المعلقة». وأضاف: «تركيا تتعامل مع المبادرة وقضية تسوية العلاقات مع سوريا وإعادتها لعلاقات جوار عادية بمسؤولية عالية جداً، وهي تتفهم كل المناورات الإعلامية التي تصدر من أي طرف». ملاحظاً أن التصريحات المتشددة التي تصدر أحياناً «لن تؤثر على السير في هدف اللقاء الرباعي للتحضير للقاء الوزراء، بل الهدف منها أن تستخدم للاستهلاك المحلي الداخلي السوري فقط». وأعرب المصدر الروسي عن قناعة بأن «تسوية العلاقات السورية - التركية سوف تتم، ولقاء الوزراء سيكون قريباً، وبعده ترتيب اللقاء على مستوى الرؤساء».

لا دخان أبيض من موسكو | أنقرة - دمشق: تطبيعٌ متعثّر

الاخبار..علاء حلبي .... لم يَخرج اللقاء الرباعي الذي عُقد على مستوى نواب وزراء خارجية كلّ من سوريا وتركيا وروسيا وإيران، بأيّ جديد يُذكر، وسط إصرار سوري واضح على التمسُّك بثلاثة بنود رئيسة تعدّها دمشق «ثوابت أساسية» لأيّ انفتاح محتمل على الجارة الشمالية، تتضمن: جدولاً معلناً لانسحاب القوات التركية من الشمال السوري، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب. غير أن هذه المطالب قوبلت، دائماً، بمماطلة تركية مقرونة بوعود شفهية بانسحاب مشروطٍ بمتغيّرات دولية، ما يعني تالياً تعثّر جولة المفاوضات الأولى ضمن الإطار الرباعي، على رغم استعجال موسكو في إعلان بدء التحضير للقاء سيجري، في وقتٍ لاحق، على مستوى وزراء الخارجية..... بعد تأجيل اللقاء الذي كان مقرّراً في شباط الماضي، نتيجة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا بدايةً، ورفْض الأخيرة الانخراط في المسار قبل أن تتحدّد أرضية واضحة تفضي إلى انسحاب القوات التركية من المناطق التي تنتشر فيها شمال البلاد، عُقد اللقاء الرباعي على مستوى نواب وزراء خارجية كلّ من سوريا وتركيا وروسيا وإيران؛ علماً أنه كان من المفترض أن يجري على مستوى وزراء الخارجية، قبل أن يخفّض مستوى التمثيل، كخطوة أولى يمكن أن تمهّد للقاءات على مستويات أعلى، غير أن مخرجات اللقاء لا تُظهر أيّ تقدُّم يُعتدُّ به. المسار الذي أعلنت دمشق سابقاً رفضه، من دون وضع أجندة واضحة له، يمثّل انسحاب القوات التركية هدفها النهائي، عادت للانخراط فيه بفعل ضغوط إيرانية وروسية، وعلى أُسس «واضحة ومعلَنة» تدور جميعها في فلك تحويل الوعود الشفهية التركية بسحب القوات، إلى جدول أعمال مكتوب وواضح، على أن تلعب كلّ من طهران وموسكو دور الضامن لتنفيذه، وذلك بالتوازي مع الاتفاق على تنفيذ خطوات مشتركة من شأنها حلّ أزمة اللاجئين، والتعاون في مجال ضبط الحدود. وتلك نقاط تشي تصريحات نائب وزير الخارجية السوري، أيمن سوسان، الذي رأَس وفد بلاده، بأنه لا محلّ لها على أرض الواقع، بعد عقْد ثلاثة اجتماعات على مدى يومَين (اجتماعان سوري - روسي وسوري - إيراني، وثالث رباعي). وإذ أشار سوسان، في الكلمة التي ألقاها خلال الاجتماع الرباعي، إلى أن «التوصيف القانوني للوجود العسكري غير الشرعي على الأراضي السورية سواء في شمال شرقي سوريا (قواعد التحالف الذي تقوده واشنطن)، أو في شمال غربها (القواعد التركية)، ومِن قِبَل أيٍّ كان، واضح للغاية (...) ينتهك أحكام القانون الدولي، ويخالف مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، كما يتعارض مع علاقات حسن الجوار والمبادئ الناظمة للعلاقات السلمية بين الدول، ومع كلّ قرارات مجلس الأمن ذات الصلّة بسوريا»، فهو فتح الباب أيضاً أمام تعاون كبير مع الجارة الشمالية، لا سيما في مسألتَي المخاطر الأمنية واللاجئين. وأوضح أن «وجود أيّ خطر إرهابي يَفرض عمليّاً وقانونيّاً التعاون والتنسيق مع الدولة المعنيّة لمواجهته (...) يمكن التعاون في موضوع عودة اللاجئين السوريين من تركيا إلى أماكن إقامتهم الأصلية في سوريا، وهذا الأمر يتطلّب العمل على توفير المتطلّبات والبيئة اللازمة لذلك، بما فيها تحقيق الأمن والاستقرار عبر بسْط سلطة الدولة على أراضيها وتهيئة البنى التحتية والتمويل اللازم، والجانب السوري مستعدّ لاتخاذ الإجراءات التي تقع على عاتقه بناءً على ذلك». وفي كلمته، أعاد رئيس الوفد السوري التذكير بوعود تركية سابقة بسحب قوّاتها من الأراضي السورية، والتزامها بحلحلة ملفّ إدلب، وهو ما لم تفِ به، قائلاً: «لم نرَ حتى الآن أيّ مؤشرات إيجابية بخصوص انسحاب القوات التركية من سوريا، أو بخصوص محاربة الإرهاب والقضاء عليه في شمال غربي سوريا، وبالأخصّ في منطقة إدلب، وإعادة بسط سلطة الدولة على هذه المنطقة، لا بل إن تركيا لم تلتزم حتى بالتفاهمات التي تمّ التوصل إليها في إطار أستانا أو مع الجانب الروسي»، فاتحاً الباب أمام تعاون جدّي تكون هذه المرة موسكو وطهران شريكتين فيه، ضمن خطّة تتضمّن انسحاباً دقيقاً للقوات التركية من إدلب، واستعادة الجيش السوري السيطرة عليها بشكل سلس.

بدأت «هيئة تحرير الشام» إشعال الشمال السوري بمعارك على جبهات عدّة

الاجتماع الذي جاء بعد يوم من عقْد الوفد السوري لقاءات ثنائية مع الجانبَين الروسي والإيراني، أعادت خلالهما دمشق التشديد على ثبات مواقفها، تحوّل بمجمله إلى طاولة لطرْح الأفكار، حيث قام كلّ وفد بتقديم ما لديه، على أن يتمّ تحديد موعد للقاء آخر، أَعلنت الخارجية الروسية أنه سيكون على مستوى وزراء الخارجية، موضحةً أن المشاركين في الاجتماع الرباعي عرضوا مواقفهم بصورة مباشرة وصريحة واتّفقوا على مواصلة الاتصالات، وأن المشاورات بحثت مسائل الإعداد للقاء بين وزراء خارجية هذه الدول. وتضع المخرجات الضئيلة للاجتماع، وتمسُّك دمشق بثوابتها، الانتقال إلى خطوة لاحقة أكبر على عاتق أنقرة، التي باتت بحاجة ماسة إلى هذا الانفتاح لتعزيز حظوظ الرئيس رجب طيب إردوغان في الفوز، لا سيما وأن الملفّ السوري يلعب دوراً حاسماً فيها. وبطبيعة الحال، تدرك الحكومة التركية هذه النقطة، إذ أعلنت في مرّات عدة سابقة نيّتها سحْب قوّاتها من سوريا، وهو ما لا تنظر إليه دمشق بتفاؤل نتيجة تجارب سابقة غيّرت أنقرة خلالها مواقفها ونكثت بعهودها، ما يفسر أيضاً إصرار الحكومة السورية على الخروج ببيان مكتوب تضمنه إيران وروسيا، ويتضمّن تنفيذ التعهّدات، ويمنع حكومة «حزب العدالة والتنمية» من الالتفاف عليها، كما يضمن أن تكون هذه التعهّدات صادرة عن الدولة التركية، أيّاً كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية. اللقاء الذي جاء بدفع روسي واضح، يهدف، بمحصلته، إلى تحقيق قفزة على طريق حلّ الأزمة السورية، وفق المسار الروسي، وبوساطة إيرانية، يمكن النظر إليه على أنه خطوة أولى صغيرة، نجحت فيها موسكو وطهران في رفع مستوى التواصل بين سوريا وتركيا، من المستوى الأمني والعسكري إلى المستوى السياسي، على أمل أن تحقّق قفزات أوسع في المرحلة المقبلة. ويحتاج ما تقدَّم إلى مباحثات دقيقة بين الأطراف الأربعة، نتيجة تغوّل الدور التركي في الحرب السورية طيلة السنوات الـ12 الماضية وتشعّبه، بشكل يعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب. ويعني هذا، في حال التوافق على مسألة إدلب والشمال السوري، الانتقال إلى مرحلة لاحقة يشكّل فيها التخلّص من الوجود الأميركي هدفاً مشتركاً للأطراف الأربعة. ميدانياً، وبينما كانت الوفود الأربعة تعقد جلستها المطوّلة في موسكو، بدأت «هيئة تحرير الشام»، التي تستشعر ارتفاع الخطر مع كل خطوة تقرّب وجهات النظر السورية - التركية، إشعال الشمال السوري بمعارك على جبهات عدّة، آخرها إعزاز التي تَشهد اشتباكات عنيفة بين فصائل تابعة لـ«الجيش الوطني»، وأخرى بايعت زعيم «الهيئة»، أبي محمد الجولاني، تضمّ كتائب تابعة لـ«فريق ملهم التطوعي» الذي يتمتّع بعلاقات قوية مع رجل «القاعدة» السابق. ويؤكد هذا المسار مواصلة «تحرير الشام» تنفيذ مخطّطها لقضم الشمال، وصولاً إلى معبر «باب السلامة» مع تركيا في إعزاز، والمعابر التي تصل مواقع سيطرة الفصائل في ريف حلب مع مناطق سيطرة «قسد»، وأبرزها معبر «الحمران» في جرابلس، حيث تشهد مواقع سيطرة الفصائل في ريفَي حلب الشرقي والشمالي حالة استنفار كبيرة، وسط معارك تزداد كثافتها بشكل يومي قد تنتهي بفرض «الجولاني» نفسه «أميراً» على ريف حلب، تمهيداً لأيّ تطوّرات قد تجبره على التخلّي عن إدلب.

حَراك أميركي «احترازيّ» في سوريا: واشنطن تترقّب اشتداد المقاومة

الاخبار...أيهم مرعي ... الحسكة | لا تزال تداعيات تصعيد «المقاومة الشعبية» المدعومة من إيران في سوريا، هجماتها ضدّ القواعد الأميركية غير الشرعية هناك، ونجاحها أخيراً في إيقاع خسائر بشرية تمثّلت في مقتل أميركي وإصابة 6 آخرين، تلقي بثقلها على التحرّكات الأميركية في هذا البلد، في ظلّ اتّخاذ تدابير استثنائية يُراد منها منع تكرار الهجمات على تلك القواعد. والظاهر أن العمليات الثلاث الأخيرة، والتي وقعت خلال اليومَين الأوّلين من شهر رمضان، دفعت الأميركيين إلى التعاطي بجدّية أكبر مع التهديد الذي باتت تشكّله «المقاومة الشعبية»، والتي أعلنت عن نفسها رسمياً، من خلال تبنّي «لواء الغالبون» الهجوم على قاعدة مطار رميلان في الحسكة، والذي ولّد إرباكاً وتخوّفاً أميركيَّيْن غير مسبوقَين، فضحهما حجم التدابير التي أُعلن البدء بتطبيقها بعد العملية. وما كان زاد الوضع إثارةً للحرج، تعطّلُ الدفاعات الجوّية الأميركية خلال الهجمات، وتمكّن المسيّرات والصواريخ من تجاوزها، فضلاً عن التحليق المستمرّ للطائرات الروسية في أجواء قاعدة التنف، من دون أيّ رادع. وفي ظلّ توجّسها من تكرار القصف على قواعدها، أرسلت الولايات المتحدة ثلاث دفعات من التعزيزات العسكرية إلى مواقع في الحسكة ودير الزور، عبر 46 آلية وشاحنة متنوّعة وصلت إلى «العمر» و«كونوكو» و«الشدادي». كما لم تَغِب الطائرات المسيّرة عن أجواء المنطقة التي تفصل مساحة سيطرة «قسد» عن معاقل الحكومة السورية في دير الزور، في محاولة لرصد وتعقّب أيّ نشاط «مشبوه»، بالإضافة إلى تسيير دوريات جوّية عبر عدّة مروحيات في أجواء الحسكة ودير الزور للغرض نفسه.

الولايات المتحدة نشرت دفعة جديدة من بطّاريات ومعدّات الدفاع الجوّي في قواعدها

وفي هذا المجال، تؤكد مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، أن «الولايات المتحدة نقلت دفعة جديدة من بطّاريات ومعدّات الدفاع الجوّي، وتلك المتخصّصة بالتعامل مع المسيّرات، وقامت بنشرها في قواعدها في كلّ من دير الزور والحسكة»، كاشفةً أن «هذه المنظومات هي الثانية من نوعها التي تُنشر في تلك القواعد، بعد فشل منظومة تمّ نشرها سابقاً في التعامل والكشف عن الصواريخ والمسيّرات التي استهدفت خراب الجير وكونوكو والعمر، منذ نحو عشرة أيام». واعتبرت المصادر أن «ادّعاء واشنطن عدم اكتمال منظومة الدفاع الجوّي في سوريا قبل الهجمات الأخيرة غير دقيق»، مرجّحةً «نجاح صواريخ المقاومة في اختراق النظام الذي نصبه الأميركيون قبل هجوم خراب الجير، وهو ما دفعهم إلى استقدام أنظمة أكثر تطوّراً في محاولة لمنع أيّ هجمات جديدة». ولم تكتفِ الولايات المتحدة بذلك، بل أعلنت وزارة الدفاع الأميركية حزمة من الإجراءات تمّ اتّخاذها في الشرق الأوسط، بهدف حماية الوجود الأميركي في سوريا، من بينها، بحسب المتحدّث باسم «البنتاغون» فيل فينتورا، «نشر سرب من طائرات A -10 الهجومية في المنطقة». وأوضح فينتورا، في بيان، أن «موعد إرسال الطائرات إلى المنطقة تمّ تقديمه جرّاء الهجمات في سوريا»، مضيفاً أن «المجموعة الهجومية الخاصة بحاملة الطائرات جورج دبليو بوش، ستبقى في البحر الأبيض المتوسط تحت إشراف القيادة الأوروبية للقوات المسلّحة الأميركية، لكنها ستدعم القوات الأميركية المنتشرة في الشرق الأوسط في حال حدوث أيّ تطوّرات أو تنفيذ عمليات مفاجئة». وتشي تلك المعطيات بأن الأميركيين يخشون من تصعيد كبير ضدّهم في سوريا، في حال نجحت الجهود الروسية - الإيرانية المشتركة في إتمام المصالحة بين دمشق وأنقرة، والتي ستؤدّي حتماً إلى تضافر جهود الأطراف الأربعة لحمل واشنطن على سحب قواتها، في ظلّ اتّفاقهم على أن ذلك الوجود غير شرعي وغير مبرَّر. وفي هذا السياق، زار قائد القوّات الروسية العاملة في سوريا، القاعدة الروسية في مدينة القامشلي، والتقى عدداً من الضبّاط الروس والسوريين، وسط معلومات عن لقائه أيضاً عدداً من قيادات «قسد». وتسعى موسكو، من خلال الزيارات المتكرّرة لمسؤوليها إلى هذه المنطقة، إلى تأكيد رغبتها في تعزيز نفوذها في شمال شرق البلاد، ومواصلة الوساطة بين أنقرة و«الإدارة الذاتية»، في محاولة لتقريبهما وإنهاء خلافاتهما. كما أنها تسعى إلى دفع «قسد» إلى اتّخاذ خطوات إيجابية تجاه دمشق، يما ينزع الذرائع التركية في استمرار احتلال مناطق واسعة من الشمال، ويعجّل من خطوات التقارب السوري - التركي، وصولاً إلى مصالحة شاملة بين البلدَين.

تخوف في دمشق من «تسونامي أسعار» يطيح قوة الناس الشرائية

بعد تخفيض «البنك المركزي» سعر صرف الليرة السورية بنسبة 44 %

دمشق: «الشرق الأوسط».. يسيطر القلق على معظم سكان دمشق المنهكين من الفقر، بسبب الخوف من حدوث موجة ارتفاع قياسية جديدة في عموم الأسعار تقضي على ما تبقى لديهم من قوة شرائية، وذلك بعد التخفيض الرسمي الجديد لسعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي بنسبة 44 في المائة. وبات الإعلان عن تخفيض سعر صرف الليرة أمام الدولار حديث الناس أمام الأفران وفي الأسواق وأماكن العمل، وسط إجماع على أن الأوضاع المعيشية لن تتحسن وأنها ذاهبة إلى الأسوأ. ويقول رجل وهو يتبادل الحديث مع مصطفين في طابور أمام الفرن: «الدرس حفظناه؛ حتماً سترتفع الأسعار، والله يستر ويعين الناس. لم يرتفع الدولار يوماً وبقيت الأسعار على حالها. في كل مرة ترفع الأسعار أكثر بكثير من مقدار ارتفاع الدولار»، في حين يرجح شاب، يبدو من خلال حديثه أنه على درجة كبيرة من التعليم، أن يكون ارتفاع الأسعار في هذه المرة على شكل «تسونامي يقضي على ما تبقى لدى الناس من قوة شرائية». ويصدر «مصرف (سورية) المركزي» يومياً نشرتي أسعار مختلفتين؛ الأولى تدعى «نشرة الحوالات والصرافة»، والثانية تسمى «نشرة المصارف». وبينما يعيش أكثر من 90 في السوريين تحت خط الفقر، ولا يتجاوز المرتب الشهري لموظف الحكومة من الدرجة الأولى 150 ألف ليرة، رفع «المركزي» الأحد سعر صرف الدولار في «نشرة المصارف» إلى 6532 ليرة، بدلاً من 4522 ليرة؛ أي بنحو 44 في المائة. وأشار إلى أن سعر تسليم الحوالات للشخصيات الاعتبارية أصبح بـ6500 ليرة سورية. وتُعتمد أسعار «نشرة المصارف» أيضاً في تحديد سعر تصريف الدولار للقادمين إلى سوريا عبر الحدود أو عبر المطارات، حيث يُلزم السوري بتصريف 100 دولار إلى الليرة السورية، لقاء الدخول إلى بلده. كما رفع «المركزي» سعر صرف «دولار الحوالات»، 50 ليرة، ليصبح بـ7250 ليرة، وذلك وفق «نشرة الحوالات والصرافة»، علماً بأن سعر صرف الليرة أمام الدولار قبل الحرب التي دخلت منتصف مارس (آذار) الماضي عامها الثاني عشر، كان بين 45 و50 ليرة سورية. وبعدما حافظ سعر الصرف في السوق السوداء بدمشق الأحد على 7500 ليرة للدولار، ذكرت تطبيقات إلكترونية غير رسمية تراقب السوق السوداء، أن سعر الصرف تدهور الاثنين إلى 7625. ويرى خبير اقتصادي، تحدث لـ«الشرق الأوسط» وفضل عدم الإفصاح عن اسمه، أن الحكومة «تريد السيطرة على سوق الصرف؛ لأنها بحاجة إلى عملة صعبة لتمويل مستورداتها، ولكن السوق تظهر فشلها في ذلك، فكلما رفعت هي سعر صرف الدولار يرتفع أكثر في السوق الموازية». وعدّ الخبير أن ما يحصل «سينعكس حتماً بشكل سلبي على الحياة المعيشية للناس المنهكة أصلاً من الفقر». وقال: «ما حصل هو خفض رسمي لقوة الناس الشرائية، فالأسعار سترتفع مع انخفاض سعر الصرف، وقوة الناس الشرائية ستتراجع»، وأضاف: «من كان مرتبه الشهري يكفيه ليومين، فربما حالياً مع الوضع المتوقع، لن يكفيه حتى ليوم واحد».



السابق

أخبار لبنان..التحركات مستمرة حيال الملف اللبناني..ووزير قطري يستكمل لقاءاته..لبنان أمام امتحان الخيارات..والرياض ستحكم على المشاريع لا الأسماء..واشنطن تعاقب شقيقين لبنانيين يستوردان النفط..فرنجية لا يخجل من صداقته معهما..اتهام رجليْ الأعمال ريمون وتيدي رحمة بأعمال فساد..فرنجية يعدّ برنامجه «الرئاسي» وإعلان ترشيحه ينتظر «الظروف الملائمة»..«الوطني الحر» يدفع لتفاهم مع «القوات» انطلاقاً من رفضهما فرنجية..تَراجُع دور باريس لمصلحة «تعريب» الحل؟..عقوبات المحروقات تحرُق فرنجية..و"القطري" يغادر بأجوبة عن 3 أسئلة..لائحة بكركي تتوسّع إلى 16 اسماً: قطر تعود إلى ترشيح قائد الجيش..أطراف «اللقاء الخماسي» الأربعة: تسوية متكاملة لا مقايضة..

التالي

أخبار العراق..بغداد وأربيل تتفقان على تصدير النفط ..السفيرة الأميركية في بغداد تذكّر العراقيين بـ«مس بيل» البريطانية..كسرت الرقم القياسي في تحركاتها وشاركت شيوخ عشائر مائدة الإفطار..

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,838,394

عدد الزوار: 7,769,490

المتواجدون الآن: 0