أخبار لبنان..تحوُّل في حاكمية المركزي: إنتهى زمن القروض بين الدولة والمصرف..قرية الغجر الحدودية في قلب التوترات الإسرائيلية - اللبنانية..ضجيج جميل يهب اليوم من جنوب..الجنوب..أميركا تعلن مطالبها: «نيو يونيفل» بلا تنسيق مع الجيش..«حزب الله» يتخوف من احتمال صدامات بين «اليونيفيل» و«الأهالي».."التفافا على شروط صندوق النقد".. قادة لبنان يراهنون على سبل لإنعاش الاقتصاد..

تاريخ الإضافة الخميس 24 آب 2023 - 5:14 ص    عدد الزيارات 949    التعليقات 0    القسم محلية

        


تحوُّل في حاكمية المركزي: إنتهى زمن القروض بين الدولة والمصرف..

المعارضة تتفكَّك واللامركزية ترفع أسهم فرنجية.. واستشهاد ضابطين بتحطم مروحية

اللواء...اليوم 24 آب، سيدخل تاريخ تحوّل لبنان الى بلد نفطي، اذ ستبدأ منصة الحفر في البلوك رقم 9 عمليات الحفر المفترض ان تستمر ما لا يقل عن 100 يوم، لتبيُّن الخيط الابيض من الاسود، في ما خص تأكيد النفط والغاز، والامكانيات الممكنة لاستخراجه في غضون السنوات القليلة المقبلة. بالتزامن كان الحاكم بالإنابة لمصرف لبنان وسيم منصوري يجمع المجلس المركزي في اجتماعه الاسبوعي، للبحث في الوضع المالي واحتمالاته، في ضوء الضغوطات المحدقة، والطلبات المتعددة على العملة الصعبة، مع تشدّد الحاكم الجديد بعدم المسّ تحت اي اعتبار، بالاحتياطي الالزامي لدى المركزي، وذلك لأول مرة بعد مغادرة الحاكم السابق رياض سلامة. وفي المعلومات ان منصوري سيعقد مؤتمراً صحفياً عند الحادية عشرة من قبل ظهر غد في مقر المصرف، يتحدث فيه عن كيفية تعامل المركزي مع عدد من المستحقات الملحة.. ومنها رواتب العاملين في القطاع العام «بالفريش» دولار. وسيتناول منصوري طريقة عمل المصرف لجهة الشفافية واعطاء ارقام دقيقة، فضلاً عن الموجودات الخارجية لدى «المركزي». وكان منصوري اكد انه على استعداد للتعاون مع الاجهزة القضائية، وتزويدها بكل ما تحتاج اليه، فضلاً عن توفير ما يلزم لجهة رفع السرية، او ما تحتاج اليه الاجهزة الامنية. وحسب معلومات «اللواء» سيتناول منصوري الوضع النقدي العام للمصرف المركزي والعلاقة بين المصرف و الدولة، لكنه سيؤكد موقفه بعدم تمويل الدولة من الاحتياطي الإلزامي. والتقى منصوري امس، النواب مارك ضو و وضاح الصادق وميشال الدويهي بحضور نائبي الحاكم بشير يقظان وسليم شاهين، وتمحور اللقاء حسب بيان للنواب «حول سياسات مصرف لبنان الحالية التي تهدف إلى الاستقرار المالي وحفظ أموال المودعين وما تبقى من احتياطي لدى مصرف لبنان. وتمت مناقشة الخطوات اللازمة لتنفيذ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وضرورة تفعيل المحاسبة خاصة بعد تقرير «ألفاريز ومارسال» حيث أيّد النواب استقلالية مصرف لبنان والتقيّد بقانون النقد والتسليف وضرورة عدم إقراض الحكومة أو أي من مؤسسات الدولة». وفي البيان ايضاً: واقى النواب رداً ايجابياً على مطلبهم من قبل الحاكم بالانابة ونواب الحاكم، الذين أشاروا الى استعدادهم للطلب مباشرة من «ألفاريز ومارسال» استكمال التدقيق الجنائي، وتقديم كافة المعلومات التي ذكر انها منقوصة في التقرير، كما التعاون الكامل بما فيه مقابلة موظفين من المصرف المركزي. وأبلغ ممثلو مصرف لبنان النواب انهم أوقفوا العقد والدفعات للشركة الفرنسية التي استأجرت الشقة باسم والدة ابنة رياض سلامة، وسيتخذوا الإجراءات اللازمة للادعاء على الشركة لتحصيل التسديدات غير المبرّرة التي أعطيت لها. اضاف: اعترض النواب على طلب عقد الإقراض بقيمة مليار و200 مليون الذي تقدم به ممثلو مصرف لبنان من لجنة الإدارة والعدل، حيث أكد الحاكم بالانابة ان «العرض لم يعد قائماً والتوجّه حالياً الى رفض أي عقود للقروض ما بين الدولة اللبنانية ومصرف لبنان». وسط الاستعصاء السياسي، وانقطاع اواصر الاتصال والحوار بين المكونات اللبنانية، وهواجس الاعتكاف لدى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، تفاقمت المشكلات الحياتية والصحية، وحتى الغذائية. وكشف النقاب عن فساد في الغذاء، عبر ادخال ما اسماه «مافيات منظمة عبر شركات واشخاص ادخال ادوية زراعية سامة الى الاسواق، يديرها شخص سوري»، داعياً الرئيس ميقاتي لعقد اجتماع طارئ مع وزراء الصحة والبيئة والزراعة والعدل لرفع الضرر عن المواطن، كاشفاً عن عزمه تقديم إخبار للنيابة العامة التمييزية، داعياً القضاء الى التدخل بسرعة، مع عودة المخاوف من موجة جديدة من موجات انفلات فايروس كورونا، بعد الذي اعلنه وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال فراس الابيض عن الاصابات بالمتحور الجديد للفايروس، داعياً الى «الحيطة والحذر».

انتهاء تمويل سفر أبو حبيب

انتهت الاشكالات المالية التي اخّرت سفر وزيرالخاريجة عبد الله بوحبيب الى نيويورك لمواكبة الاتصالات الجارية بين اعضاء مجلس الامن الدولي بشأن التجديد لقوات اليونيفيل نهاية هذا الشهر، وغادر الوزيربيروت عصر امس، وسط اجواء اوساطه مفادها انه سيقوم بواجبه وبدوره مع الدول المعنية بهدف إدخال التعديلات التي يطلبها لبنان على قرار التجديد اياً تكن الاجواء الدولية المُسرّبة حول الموضوع. وحول الموضوع ذاته، أصدر المكتب الإعلامي في وزارة المالية بياناً «توضيحاً للّغط الحاصل حول تمويل سفر وزير الخارجية والوفد المرافق إلى نيويورك»، قالت فيه: ان التأخير الذي حصل لا تتحمل مسؤوليته وزارة المالية، لأن هذا التأخير في تأمين كلفة التغطية ناتج عن اغفال في لحظ الاعتماد المتوجب العمل على إعداده من قبل الجهات الإدارية في وزارة الخارجية وحتى عن متابعة معاملاتها، التي على اساسها يتسنى لوزارة المالية صرف المبلغ المطلوب، علما أن مديرية المالية العامة قد وقعت قرارا أجازت فيه لمديرية الخزينة دفع سلفة طارئة قدرها مليار ليرة لبنانية في 18 تموز 2023 وهي سلفة قادرة على تغطية كلفة السفر البالغة 9.092 دولار أميركي.

تمويل النفقات الأخرى؟

وبقيت الاشكالات المالية الاخرى العالقة حول نفقات الدولة لتشغيل الكهرباء والتعليم الرسمي قبيل انطلاق العام الدراسي ودفع الرواتب والمستحقات بالدولار، وحيث تفيد معلومات «اللواء» ان مصرف لبنان المركزي على موقفه بعدم المسّ بالاحتياطي ولتنفق الحكومة من ايراداتها، وهو يعتبر انه لم يكن من داعٍ لإستيراد باخرتين من شركة خاصة (كورال) لزوم الكهرباء فالخزانات مليئة والجباية تحسنت كثيرا في مؤسسة كهرباء باعترافها حيث اعلت أنها للمرة الاولى حققت توازنا بين النفقات والجبايات ويمكنها تسديد نفقاتها من مواردها.

التدقيق الجنائي يتفاعل

وفي الاطار المالي ايضا، افيد انّ النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر تنحى عن ملف التدقيق الجنائي الذي حوله القاضي غسان عويدات رافضاً تسلمه والتحقيق مع رياض سلامة لوجود خصومة بينهما. وسيتم تحويل ملف التدقيق الجنائي الى القاضي رجا حاموش. ودعا رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان اللجنة الى جلسة تعقد العاشرة والنصف قبل ظهر الإثنين المقبل، وتخصص لمناقشة التقرير الأولي للتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان الذي أنجزته شركة الفاريز ومارسال. وكان كنعان وجّه كتابين لوزير المال في حزيران وتموز الماضيين، للحصول على التقرير والمستندات المرتبطة به لعرضه على لجنة المال للمناقشة واتخاذ القرارات المناسبة. واعلن عضو مجموعة نواب «التغيير» النائب ابراهيم منيمنة عبر منصة «اكس»، انه تقدّم امس والنائبين ياسين ياسين وفراس حمدان، بطلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، واعطائها بعض صلاحيات قضاة التحقيق حول موضوع التجاوزات التي حصلت في مصرف لبنان بعد نشر تقرير التدقيق الجنائي من قبل شركة «الفاريز آند مارسيل». ويعقد تكتل الجمهورية القوية مؤتمراً صحافياً عند الثانية عشرة ظهراليوم الخميس في مجلس النواب. يتناول فيه الخطوات القانونية والإجراءات العملية التي ينوي التكتل اتخاذها انطلاقاً من المعطيات والوقائع الواردة في تقرير التدقيق الجنائي، وسيسلّط المؤتمر الضوء على العناوين الأساسية في التقرير وخريطة طريق متابعتها قانونيا وقضائياً.

فياض يعلن المسح بالبلوك 8

بإنتظار بدء شركة توتال الحفر في البلوك رقم 9 اليوم، يعقد وزير الطاقة والمياه الدكتور وليد فياض مؤتمرا صحافيا في الثانية عشرة من ظهر اليوم الخميس ايضافي مبنى الوزارة في كورنيش النهر في بيروت، يعلن فيه منح رخصة استطلاع للقيام بمسح زلزالي ثلاثي الأبعاد في الرقعة رقم 8 في المياه البحرية اللبنانية وذلك تأكيدا لسيادة لبنان على هذه المياه بعد انجاز الترسيم الحدودي.

رئاسيات

على صعيد الاستحقاق الرئاسي، لازال انتظار انهاء الكتل النيابية اجوبتها على مراسلة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان سيد الموقف، على ان تتسلمها السفارة الفرنسية نهاية هذا الشهر، فتخضع للجوجلة الفرنسية ويحملها لودريان الى مجموعة الدول الخمس لتبني عليها المبادرة اوالخطوة المقبلة التي ستقوده مجددا الى بيروت. ووضعت كتلة التنمية والتحرير جوابها على رسالة لودريان، مشيرة الى ان لا تغيير في المواصفات التي اعلنها الرئيس بري ، لجهة الحيثية المسيحية والوطنية، والايمان بالحوار والتواصل بين المكونات مع احترام الطائف والدستور. ورصدت مصادر سياسية على هامش الاتصالات الجارية لملاقاة موعد عودة الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان الشهر المقبل، تباينا بين بعض مكونات المعارضة ولاسيما منهم النواب التغييرين، في كيفية مقاربة هذه المهمة، استنادا إلى ماورد في البيان الصادر عنها الاسبوع الماضي، والذي يوصف من قبل بعضهم، بالتعاطي السلبي اومايشبه باقفال الباب امامها نهائيا، وهو ما يضر بمصلحة المعارضة ويضعف موقفها، بينما يتطلب الامر الانفتاح والتعاطي الايجابي وإبلاغ موقف المعارضة وجها لوجه للموفد الفرنسي. ولاحظت المصادر ان هذا التباين انعكس بقوة على وحدة وتضامن المعارضة فيما بينها، وقد يؤدي في حال استمراره إلى تقلص عدد مكونات المعارضة إلى مادون الثلاثين نائبا، في المواجهة الحاصلة، لانتخاب رئيس الجمهورية، وخلل في موازين القوى السياسية، لصالح الثنائي الشيعي وحلفائهما، اذا توصلت الاتصالات والمساعي المبذولة لإعادة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إلى بيت طاعة التحالف مع حليفه الوحيد حزب الله، تحت عناوين الاستجابة لما يمكن من مطالبه المغلفة بطابع الاصلاح المزيف، ويفتح الطريق لانتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، لاسيما وان الاتصالات الجارية سجلت تواصلا للعديد من النواب المعترضين على موقف المعارضة المغلق، مع الديبلوماسية الفرنسية مباشرة اوبالواسطة بعيدا عن الاعلام، لتوضيح مواقفهم، وإبداء نيتهم بالتعاطي المنفتح مع مهمة لودريان واظهار الرغبة بتسهيل هذه المهمة. وفي المقابل نشطت الاتصالات والمشاورات بين نواب وشخصيات من الثنائي الشيعي ونواب مستقلين، لاقناعهم بالتعاطي الايجابي وباتخاذ مواقف مؤيدة لانتخاب فرنجية للرئاسة، ما يدفع عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية قدما إلى الأمام. واعتبرت المصادر ان التحدي الذي يواجه مكونات المعارضة، هو الحفاظ على تضامنها ووحدتها الذي ظهرت فيه بمواجهة مرشح الثنائي الشيعي فرنجية او رفضها لعقد جلسات تشريعية لمجلس النواب مؤخرا، وعدم الانجرار لمغريات وهمية، ان كان من الجانب الفرنسي او الثنائي الشيعي، الذي يجهد لشرذمة واضعاف المعارضة لتمهيد الطريق لانتخاب فرنجية للرئاسة، مع العلم ان صعوبات وعقبات محلية واقليمية ودولية لم تتخذ حتى تاريخه. وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن أي تقدم في الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر لا يزال يسير في خطى بطيئة ولا يمكن أن يخرج بالنتيجة سريعا لاسيما أن نقاط البحث بين الفريقين لا تقتصر على الملف الرئاسي وأشارت إلى أن ما قاله رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في رفض فرض رئيس ماروني على التيار خارج عن تمثيله وقناعاته يعني أن أي مقايضة في الاستحقاق الرئاسي لم تنضج بعد. ولفتت إلى أن ما من اتفاق بينهما بعد على المرشح الرئاسي وفي الأصل لم تصل المفاوضات بينهما إلى هذه التقطة وأكدت أن النائب باسيل متمسك بمبدأ اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة انما لا تزال تشكل محور رفض الحزب، مشيرة إلى أنه عندما يحين موعد التفاهم بينهما فإن الأمور تبقى قابلة للحل. وفي السياق، كشف رئيس «تيار الكرامة» وعضو تكتل «التوافق الوطني» النائب فيصل كرامي ان الرسالة الفرنسية وصلته، وان مشكلة عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية هي مشكلة سياسية وليست مشكلة برلمانية. وقرأتها مرة ومرتين، وإني ارى ان لودريان اخطأ في المضمون حول السؤالين اللذين طلب جواباً مكتوباً عليهما، والسؤالان يتعلقان بمواصفات ومهام رئيس الجمهورية العتيد، لذلك علينا ان نوضح للسيد لودريان بأن لا احد في لبنان يمكنه ان يحدد لرئيس الجمهورية مهمات بشكل مسبق. ورحب كرامي بالحوار الجاري بين حزب الله والتيار الوطني الحر واستطرد قائلاً:»لكني اقول بكل صراحة بأن اي شيء ينتج عن تفاهم الحزب والتيار هو غير ملزم إلّا لهما، وبالتالي لا قيمة قانونية لأي تفاهمات تتعلق بشكل ومسارات وسياسات الدولة اللبنانية، خصوصا اذا كانت تخالف اتفاق الطائف والدستور اللبناني، اقول ذلك بوضوح ومحبة خصوصا ان الطرفين تربطنا بهما علاقات جيدة. وأعلن عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبدالله ان «تكتل اللقاء الديموقراطي لم يحسم قراره بعد حول الرد على الاسئلة الفرنسية»، موضحاً ان «القرار يعود لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط الذي تسلم الرسالة، وبعد انتهاء المشاورات داخل التكتل .وفي موقف جديد، قال رئيس حزب الوطنيين الاحرار وعضو كتلة الجمهورية القوية النائب كميل شمعون: لمسنا في اللقاء بيننا وبين النائب طوني فرنجية تأييده للامركزية الادارية التي نعول عليها كمشروع ممكن ان يشكل حلا للازمة اللبنانيية. وانا كنت قد اعلنت سابقا عن استعدادي لانتخاب المرشح فرنجية للرئاسة في حال التزامه بالدستور وبتطبيق اللامركزية الادارية والمالية. حتى اننا مع التيار الوطني الحر اذا ما دفع حزب الله الى القبول باللامركزية الموسعة.

سقوط طوافة و3 شهداء للجيش

الى ذلك، سقطت امس طوافة تابعة للجيش اللبناني، في منطقة حمانا اثناء مهمة تدريبية، واستشهد من جراء ذلك النقيب جوزف حنا، والملازم اول ريشار صعب، واصيب الرتيب محمد صيدح بجروح.

وسط تهديدات بـ «العصر الحجري»

قرية الغجر الحدودية في قلب التوترات الإسرائيلية - اللبنانية

الراي....تجد قرية الغجر الحدودية الواقعة بين لبنان ومرتفعات الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل، نفسها في قلب التوترات القائمة بين البلدين العدوين. وأتى التوتر الأخير عندما توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت والأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله بإعادة كل من البلدين إلى «العصر الحجري» في حال شهدت الحدود تصعيداً. في القرية الهادئة التي تنتشر فيها الزهور الجميلة، تفصل بين الطرفين حدود غير مرئية. يقول توفيق حسين خطيب البالغ 79 عاماً، وهو يقف قرب مسجد القرية إن الخط الأزرق «في الهواء» في إشارة إلى خط ترسيم الحدود الذي وضعته الأمم المتحدة بين لبنان وإسرائيل في العام 2000. ويضيف الرجل السبعيني «القرية مفتوحة ولا يوجد حدود ولا أي شيء». لكن قبل تصريحات الخطيب بأسابيع أقامت إسرائيل سياجاً من الأسلاك الشائكة على الجانب اللبناني من الخط الأزرق ما أثار توتراً. وجاءت الخطوة الإسرائيلية بعد تبادل لإطلاق النار عبر الحدود في أبريل، هو الأخطر منذ الحرب الأخيرة بين القوات الإسرائيلية و«حزب الله» في العام 2006. وأتى ذلك بالتزامن مع سلسلة من الحوادث التي أثارت مخاوف من احتمال انزلاق الجانبين نحو التصعيد. وقد يترتب عن أي سوء تقدير من أحد الجانبين عواقب وخيمة. فقد قتل خلال حرب العام 2006 التي استمرت شهرا بين الحزب والدولة العبرية، 1200 لبناني معظمهم من المدنيين وقضى في الجانب الإسرائيلي 160 شخصاً معظمهم من الجنود. وأثار بناء السياج غضب بيروت التي اعتبرته «ضماً» للجزء الشمالي للقرية. في السادس من يوليو، أطلق صاروخ مضاد للدروع من الأراضي اللبنانية في اتجاه السياج الجديد، فردت إسرائيل بقصف مدفعي.

- «أجواء استنفار»

ورغم الجو المشحون، تشدد نهلة سعيد وهي من سكان الغجر على أن الوضع الآن «آمن هنا، إسرائيل آمنة». وتؤكد سعيد البالغة 63 عاماً، وهي تجلس في الظل أمام أحد المنازل «لا أعلم ما سيحصل في المستقبل لكن أعلم أني أعيش جيداً وبسعادة». وتفيد بلدية القرية بأن عدد سكان البلدة نحو 3 آلاف شخص حصلوا على الجنسية الإسرائيلية بعد سنوات من احتلال الدولة العبرية لمرتفعات الجولان في حرب العام 1967. ويرى الناطق باسم القرية بلال الخطيب أن لأهلها «الحق في أن نبني جداراً حول البيت الخاص بنا»، مضيفاً «لم نتعد على أحد ولم نأخذ أراضي أحد، نحن أصحاب حق». ويؤكد لوكالة فرانس برس من مكتبه أن «المجلس بنى الجدار لوقف تجريف التربة وحماية المنازل من الانجراف ووصول الحيوانات البرية وساعدها في السيطرة على الحرائق عندما تشتعل». تحت أشعة الشمس الحارقة، تقوم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بدوريات في الجانب الشمالي من السياج الجديد الذي يبلغ ارتفاعه أمتاراً عدة ويطل على منازل لبنانية في بلدة الوزاني. على جانبي الخط الأرزق، بشير مسؤولون محليون لوكالة فرانس برس إلى صكوك ملكية وخرائط لإثبات ملكيتهم للأرض المتنازع عليها. ويؤكد رئيس بلدية الوزاني أحمد المحمد إنه «تأقلم مع أجواء الاستنفار». ويضيف لمراسل «فرانس برس» في جنوب لبنان «في السنوات الأخيرة، كان هناك قصف إسرائيلي تسبب بخسائر بشرية ومادية ونفوق الماشية». ويتابع «لكن الناس لا يغادرون القرية لأنهم مضطرون إلى الارتباط بمصدر رزقهم» القائم على الزراعة وتربية المواشي. تعتبر السلطات اللبنانية التوسع العمراني لقرية الغجر شمالاً في العقود الأخيرة، باتجاه خراج بلدة الماري المجاورة، تعدياً على أراضيها. على مشارف الوزاني، يمتطي الراعي عماد المحمد حصاناً بينما يصطحب القطيع الذي يملكه إلى المرعى. ويشير إلى المنازل الواقعة خلف السياج الإسرائيلي، قائلاً «حين تُستعاد الأراضي اللبنانية المحاذية للغجر، ستزداد مساحة المراعي وسأسوق الأغنام إليها» في إشارة الى الجزء الشمالي من الغجر.

- السلام قبل أي شيء

وتجرى اجتماعات وساطة بين الجانبين في شأن السياج الجديد برعاية الأمم المتحدة. وقال المتحدث باسم قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل) أندريا تينينتي «على الرغم من كل التوتر في المنطقة، لايزال هناك التزام من الأطراف، أو ربما لا رغبة في التصعيد». وأشار إلى أن «إسرائيل ملزمة الانسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر» بموجب الاتفاقات الدولية التي يدعمها البلدان. وأكد أن اللبنانيين ملزمون أيضاً إزالة خيمة كانوا نصبوها شمال شرق القرية عند «الخط الأزرق» في وقت سابق من العام الجاري. ورأى مسؤول أمني إسرائيلي، فضل عدم الكشف عن هويته، أن «جيش (حزب الله) الإرهابي المارق» كان وراء نصب الخيمة وأن الأمم المتحدة تتوسط لحل الإشكال. وأضاف «لا أحد يريد التصعيد، لذا فهو (نصر الله) يحاول أن يبقي الأمور تحت السيطرة. ونحن أيضا». في هذا الإطار، أشار المسؤول إلى استخدام القوات الإسرائيلية أسلحة غير فتاكة لابعاد عناصر من «حزب الله» اقتربوا من الحدود على بعد 40 كيلومتراً جنوب غرب القرية ما أدى إلى إصابة ثلاثة منهم. ويختم توفيق حسين خطيب قائلاً «السلام قبل أي شيء، كل شخص يأخذ حقه»....

ضجيج جميل يهب اليوم من جنوب.. الجنوب

لبنان: رياض سلامة «المطارد» بالملفات والإشاعات... أمام «ثلاثاء مصيري»

| بيروت - «الراي» |.... لن يحجب «الضجيج الجميل» من البلوك رقم 9 مع فرحة شمس اليوم ببدء عمليات التنقيب عن «الذهب الأسود» في بحر لبنان، ملفات تلهو بها بيروت كالبحث عن «الرئيس الضائع» وانتظار العصا غير السحرية للمبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان أو فك لغز حاكم البنك المركزي السابق رياض سلامة «المتواري» خلف طوفان من الإشاعات عن مكانه ومصيره وأسراره و«ضحاياه»، أو الموعد «المؤجل» لارتطام تتطاير شظاياه السباقة من كل مكان وفي كل اتجاه. وإذا كان لبنان، «يده على قلبه» في انتظار نتائج 76 يوماً من الحفر في البلوك جنوب الجنوب لمعرفة حجم ثروته الموعودة من النفط والغاز، فإن لا حبس أنفاس في انتظار مهمة لودريان في سبتمبر وسعيه إلى دفع الأطراف اللبنانية للتوافق على رئيس ما، فالتقاطعات المحلية والإقليمية تشي بأنه من الصعب تصاعد الدخان الأبيض من المأزق الرئاسي في أمد منظور. أما ملف رياض سلامة فسيكون يوم الثلاثاء في 29 الجاري أمام منعطف فاصل، بعدما تعدّت التباساته الموضوع القضائي البحت، وهو موعد مثوله أمام الهيئة الاتهامية في بيروت، حيث تشخص عيون الداخل والخارج على استنباط الإجابات الحاسمة عن سؤال «الجائزة الكبرى»، أين هو؟ وماذا يخطط؟ وكيف سيتصرف «المطلوب والمعاقب» محلياً وأوروبياً وأميركياً؟ ...... ووفقاً لمصادر مواكبة ومعنية، ستظل الروايات المتعددة مشوبة بالشك مع استمرار غياب «البطل» عن مسرح الأحداث ويومياتها. بل هي تزداد غموضاً مع توالي المقاربات المتدفقة، وفي شكل استثنائي لافت، في سياق المطالعات والمعلومات، والمترافقة مع إشاعات تبدأ بتحديد أمكنة الإقامة ولا تنتهي بتجوال غير محدد لذاكرة الكترونية (فلاش ميموري) مذخرّة بوثائق وبيانات و«فضائح» تطول مسؤولين كباراً ومستفيدين من أموال عامة. أما في التقديرات التحليلية التي لا تخلو في مجملها من علامات الصدمة، فإن مداخلات مصرفيين وقانونيين ومداولات صالوناتهم المغلقة، تجمع على ان «دوار الهوس» الرئاسي أصاب سلامة في مراحل متعددة، والأرجح انه قاده إلى ارتكابات ومخالفات برزت خصوصاً في فترات استحواذه على إدارة الجزء الوافر من المالية العامة وديونها، ولاسيما مع تكرار ظاهرة تفشي الفراغ في السلطات الدستورية. ويروي صديق مقرّب (سابقاً) من سلامة، «لاحظت منتصف العام 2017 أعراض هذا الدوار الرئاسي، وصارحته فوراً بهواجسي. حينذاك أوكلته السلطة بتدبير السيولة المطلوبة لتغطية فوارق سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام، ولم تأخذ مطلقاً باقتراحه تقسيط المتوجبات المالية على خمس سنوات. قلت له بالحرف، حان وقت قلب الطاولة والخروج بمسؤولية احترافية وبآمان. أترك لهم المنصب وليقرروا بأنفسهم ارتكاب هذا الانحراف المالي الخطير ويحملوا تبعاته. وما من حاجة لذكر رده المفعم بالعتب على قدر الغضب». ويهزأ البعض من هذه المصادر من نظرية الاحتماء بـ «الفلاش ميموري». فمن الناحية التقنية البحت، لا يعوز سلامة العلم والخبرة في معرفة خبايا التوثيق الإلكتروني الآمن في فضاءات «كلاود» والمواقع والعناوين البريدية المغلقة وسواها. وفي الرصد الميداني المتواصل من المصادر المعنية، فان المطالعة القضائية الأحدث، والصادرة عن المدعي العام التمييزي غسان عويدات، حدّدت فعلياً ثلاثة مسارات لمتابعة السير بالملف وبموجبات الاستجابة لمحتويات وخلاصات تقرير التدقيق الجنائي المنجز من شركة «الفاريز أند مارسال»، وعبر مرجعيات المدعي العام المالي، والنيابة العامة الاستئنافية، وهيئة التحقيق الخاصة. واذ تحفل المهمات بعوائق قضائية في أساسها، وترتبط خصوصاً بشرط الموافقة المسبقة للشركة الدولية على استخدام تقريرها، فان التدقيق بذاته، وفقاً للمصادر، يطول فترة محدّدة للسنوات بين 2015 و2020، ولا يقتصر في شواهده وإشاراته على وصف مخالفات الحاكم وحده، لاسيما في الصرف المنسوب إلى قرارات السلطات السياسية وتغطية الاحتياجات المالية لمؤسسات عامة أو انسجاماً مع سياسات مالية تقضي بتحصين الاستقرار النقدي. ووفقاً للتقديرات، فإن الاتهامات التي تواجه سلامة، والتي توثق المخالفات القانونية في إدارة المرفق (البنك المركزي) وسلطاته والاستفادة من المال العام أو استغلال النفوذ في الحد الأدنى، قد لا تحتاج إلى إثباتات من مندرجات التقرير، طالما ان صلاحيات هيئة الحاكمية الجديدة ومعها هيئة التحقيق الخاصة المنشأة في البنك المركزي، تخولها الاستحصال على كامل الوثائق ذات الصلة بالملف والمودعة في أجهزة الإدارات المعنية في المؤسسة عينها في الدرجة الأولى، وتالياً لدى المصارف المشاركة أو المشتبه بتمريرها عمليات خاصة بالحاكم السابق. وما هو أبعد من ملف سلامة بذاته يفترض أن يصيب كيان الدولة بكامله وبمرجعيات القرار التنفيذي الآمر بالصرف والتغطيات التشريعية عبر الموازنات السنوية. وتبرز في هذا السياق «نماذج» التحويلات إلى مؤسسة الكهرباء بنحو 18 مليار دولار، والى وزارة الطاقة (الوصيّة) بنحو 6 مليارات دولار، وبالمثل للقطاع العام بنحو 8 مليارات دولار، وتمويل الدعم المقرر من السلطة التنفيذية بنحو 7 مليارات دولار. وفي القطاع غير الحكومي، فان نموذج «العمولات»المشتبه بها التي حصلت عليها شركة«فوري»وصاحب الحق الاقتصادي«المتهم»فيها رجا سلامة (شقيق الحاكم)، ناتجة عن عمليات هندسة مالية بلغت كلفتها الإجمالية نحو 115 تريليون ليرة، وعلاوات ناهزت 30 تريليون ليرة. وقد شاركت فيها المصارف المحلية العاملة في هذه العمليات. كما ان وزارة المال فرضت ضريبة استثنائية على أرباح هذه العمليات. مع الإشارة إلى أنه لم يكن هناك قيود على حاكم مصرف لبنان في تنفيذ هذه الهندسات، ولم تخضع إلى رقابة لاحقة ولا إلى دراسة جدوى. بذلك فهي تحفل بالشبهات أيضاً. ووضع التقرير الموسع الذي نشرته «فاينانشال تايمز» قبل أيام، رسماً مطابقاً يلخص هذه الانحرافات المالية والنقدية المشهودة. اذ نقلت عن مكتب المدعي العام الأميركي في المنطقة الجنوبية من نيويورك الذي فتح بدوره تحقيقاً إضافياً بملفات الحاكم السابق للمركزي، إن«صعود سلامة وسقوطه يعكسان حالة بلاده، التي عانت لعقود من الغطرسة والخداع والفساد، وهي الآن غارقة في ما وصفه البنك الدولي بأنه أحد أسوأ الكساد الاقتصادي في العالم، بتدبير من النخبة في البلاد التي إستولت على الدولة منذ فترة طويلة وعاشت على مردودها الإقتصادي». واستطراداً، فإنه بعد عام 2019 "انهار كل شيء وكان له تأثير مدمر. بعد عقد من عدم الاستقرار الإقليمي، لم يعد هناك ما يكفي من الدولارات لإبقاء النظام قائماً». وانخفضت الليرة إلى أدنى مستوياتها التاريخية، وفرضت البنوك إجراءات عقابية على عمليات سحب العملاء، بتشجيع من حكومة خاملة وسيئة الحظ. كما تقلّص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 40 في المئة والتضخم في الوقت الحالي يتكوّن من ثلاثة أرقام. وتركز الغضب العام على سلامة، حيث حمله العديد من اللبنانيين المسؤولية الشخصية عن القضاء على مدخراتهم والسماح للمصارف بإغلاقها.

أميركا تعلن مطالبها: «نيو يونيفل» بلا تنسيق مع الجيش

الاخبار..آمال خليل ... بعد تأجيل ليومين، التحق وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب فجر أمس بالوفد اللبناني الرسمي إلى مجلس الأمن الدولي، لمواكبة النقاش حول قرار التمديد لليونيفل المرتقب في 31 آب الجاري. ويسعى الوفد الدبلوماسي - العسكري إلى التنسيق مع أعضاء المجلس، ولا سيما الدول الكبرى، للتوصّل إلى صيغة تناسب لبنان لناحية صلاحيات القوات الدولية. قبل موعد صدور قرار التمديد لليونيفل المعزّزة بشهرين فقط، تنبّه لبنان إلى ضرورة تتبّع الحراك الدبلوماسي والعسكري والسياسي للولايات المتحدة وفرنسا وحلفائهما في صوغ أجندة جديدة لمهمة قوات حفظ السلام على الحدود مع العدو. تأخّر لبنان كما فعل قبل عام عندما أدّى العام الماضي دور المتلقّي لقرار التمديد الذي تضمّن تعديلاً منح القوات الدولية «حرية الحركة لجنودها وآلياتها من دون مواكبة أو إذن الجيش». ويبدو أن «لبنان الرسمي» لا يزال أسير السياسات نفسها التي تقوم على إرضاء الدول الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة. وأظهرت اتصالات اليومين الماضيين، قبل سفر بو حبيب أنه، كما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ليسا متفائلين بإمكانية إدخال تعديلات على المسوّدة الفرنسية، وأن أكثر ما يطمحان إليه هو إيراد إشارة، ولو خجولة، إلى أهمية التنسيق بين القوات الدولية والجيش اللبناني. لكنّ ميقاتي وبو حبيب وقوى كثيرة في الدولة وأحزاباً سياسية حليفة لأميركا، يعتقدون بأنه لا يمكن للبنان إقناع الغرب بتغيير موقفه، وهو ما أدّى إلى حصول نوع من الشرخ، حتى داخل الفريق الدبلوماسي - العسكري المواكب، إذ يعتقد أعضاء في الوفد أنه يمكن للبنان العمل بقوة مستفيداً من دعم روسي وصيني لتحقيق الهدف. وكشفت الاتصالات نفسها عن مستوى أرفع من الضغوط الأميركية المباشرة على المسؤولين في لبنان، وهو انعكاس لموقف الإدارة الأميركية الذي عبّرت عنه صراحة، الإثنين الماضي، مندوبة واشنطن في مجلس الأمن ليندا توماس غرينفيلد، حيث قدّمت مداخلة في اجتماع مجلس الأمن المخصّص لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط. وحرصت على إيراد فقرات خاصة بالوضع في جنوب لبنان. وقالت غرينفيلد إن بلادها «تشعر بقلق عميق إزاء أعمال حزب الله الاستفزازية على طول الخط الأزرق، والتي تمثل تهديداً متزايداً للسلام والأمن في لبنان، فضلاً عن أمن إسرائيل». ولفتت إلى أن المناقشات التي تجري بين الدول المعنية بالتجديد لليونيفل يجب أن تتناول أنشطة منظّمة «أخضر بلا حدود» التي «تشكل الدعم والغطاء لعمليات حزب الله على طول الخط الأزرق». وفي إعلان مسبق عن مشروع التمديد المرتقب، قالت غرينفيلد: «إننا ملتزمون بتمديد بعثة اليونيفل، بحيث تكون قوية بما يمكّنها من أن تؤدي واجباتها بشكل مستقل عن القوات المسلحة اللبنانية». هكذا ربطت أميركا التمديد لليونيفل بتطوير استقلالية عملها. «فلا إعادة للأمور إلى الوراء ولا تمديد بلا حرية حركة». وعليه، فإن مندوبة أميركا ضربت مساعي لبنان لتعديل بند «حرية الحركة» الذي أُقر العام الماضي. لا بل أضافت إليها بند «الواجبات الوطنية الذي سيصوّب على أداء الجيش اللبناني الذي تتهمه أميركا وإسرائيل وحلفاؤهما بأنه لا يقوم بواجباته على الحدود لملاحقة أنشطة حزب الله». التجديد لليونيفل طبقاً لمصالح إسرائيل سبقه قبل أسبوعين، فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على «أخضر بلا حدود». في حين تشير مصادر مواكبة إلى أن قرار التجديد «قد يُستتبع بقرار للمجموعة الأوروبية يوعز إلى وحدات اليونيفل التابعة لها، ولا سيما فرنسا التي لديها ما يزيد على 900 عسكري، باتخاذ الإجراءات المناسبة لتنفيذ مهمتها وحفظ أمن جنودها وأمن المدنيين».

في المقابل، ما هي خطة لبنان الرسمي للمواجهة؟

لبنانياً، الإرباك واضح، خصوصاً بعد «فيلم» عدم توفّر تمويل سفر الوزير بو حبيب إلى نيويورك قبل يومين، علماً أن ميقاتي سبق بو حبيب في التهرب من الوفد عبر سحب موفده زياد ميقاتي، قبل أن يطلب منه السفر مع بو حبيب بطلب من المرجعيات السياسية في لبنان، خصوصاً الرئيس نبيه بري وحزب الله.

ميقاتي: التمديد بات أمراً واقعاً من دون الأخذ بملاحظات لبنان ولا داعيَ لمجابهة أميركا وفرنسا

وقد أفصح ميقاتي للمقرّبين منه بأن مشروع التمديد لليونيفل «بات أمراً واقعاً من دون الأخذ بملاحظات لبنان للتعديل ومنها حرية الحركة. فما من داعٍ لمجابهة أميركا وفرنسا». أما الذرائع الواهية التي ساقها بو حبيب في العلن لاعتذاره عن عدم السفر إلى مجلس الأمن، فلم تخف تعرّضه لضغوط أميركية مباشرة، خصوصاً بعد إعلان وزارة المالية أمس أنها كانت قد صرفت المخصّصات اللازمة للسفر منذ 19 تموز الماضي، وأن قراراً وقّعه الوزير بصرف سلفة بقيمة مليار ليرة لبنانية نقداً ليتسنّى لوزارة الخارجية التصرف بها. لكنّ أياً من المسؤولين في وزارة الخارجية لم يكلّف نفسه عناء تسلم الأموال. علماً أن الآلية المعتمدة في الآونة الأخيرة لتغطية نفقات المهمات الخارجية للدبلوماسيين تنص على أن الوزير كما سائر الدبلوماسيين، «يشتري تذكرة السفر على نفقته ثم يستردّها لاحقاً أو تصرف الإدارة مباشرة ثمنها من ميزانيتها. ومنذ أكثر من عشر سنوات، توقّفت شركة طيران الشرق الأوسط عن إعطاء التذاكر مباشرة للخارجية على أن تسدد الوزارة ثمنها لاحقاً» بحسب مصدر دبلوماسي. أما عن تغطية نفقات إقامة بو حبيب في نيويورك، فإنها «تُسدد من ميزانية البعثة البنانية في مجلس الأمن في نيويورك أو يجري تحويل عاجل من موازنة سفارة أخرى لصالحها بقرار من وزير الخارجية نفسه على أن تتم لاحقاً التسوية الإدارية والمالية المطلوبة من ضمن موازنة الوزارة». وكان بو حبيب قد أفصح للمقرّبين منه بأن أحد أسباب عدوله عن السفر إلى مجلس الأمن، تبلّغه من رئيسة بعثة لبنان بالوكالة في مجلس الأمن جان مراد بأنّه لن يحظى بمواكبة أمنية خلال مدة إقامته. علماً أن الدولة المستضيفة لمجلس الأمن وفق الأعراف المتّبعة، أي أميركا، غير ملزمة بالمواكبة الأمنية للضيف خارج حرم مباني الأمم المتحدة، عندما لا يكون رئيس دولة أو رئيس حكومة، إلا إذا كانت له خصوصية أمنية. وكان بو حبيب قد تردّد مرات عدة في حسم أمره لناحية المشاركة في الوفد اللبناني قبل أن يُعتمَد في النهاية برنامج زيارة مختصرٌ يمتد لأربعة أيام فقط، بعدما كانت مهمة الوفد تقضي بأن يمضي في مجلس الأمن من 22 آب الجاري إلى 1 أيلول المقبل!.

بو حبيب إلى نيويورك اليوم بعد تسديد "المالية" التكاليف

نداء الوطن...بعد أيام على إعلان وزارة الخارجية والمغتربين، أنّ الوزير عبدالله بو حبيب سيسافر الى نيويورك أمس، أرجئت الرحلة فجأة. وكانت مقررة من أجل متابعة بو حبيب جلسة مجلس الأمن في نهاية الجاري، والمخصصة لتمديد ولاية «اليونيفيل». ودارت تكهنات حول إرجاء الرحلة، وحاول بو حبيب التخفيف من وطأة الخبر بالقول إنّ «الأسباب تقنية وادارية»، لكن تبيّن أنّ المسألة تتعلق بعدم صرف وزارة المال سلفة تغطية نفقات الرحلة وهي تبلغ 10 آلاف دولار أميركي. وفي ساعة متأخرة من مساء أمس، ظهر «الدخان الأبيض» من «مدخنة» وزارة المال، ما سمح بتمويل كلفة سفر بو حبيب اليوم الى نيويورك، ومعه وفد من مكتبه يضم شخصَين. وفي الوقائع، وفق معلومات «نداء الوطن»، أنّ مصادر ديبلوماسية استغربت كيف أن وزير الخارجية، لم يؤمّن بدل اعتمادات سفره والوفد المرافق بعدما تم تحديد موعد السفر، وكان هو، كما وزارة المالية، على علم مسبق بأن بدل المهمات الخاصة الذي يصرف قد استنفد، ولم يعد هناك من تمويل يكفي لتغطية نفقات رحلات وزير الخارجية. وتغطية مهمات كهذه، تلزمها صيغة قانونية غير منصوص عنها في ميزانية الوزارة، ولا يمكن تخريج كلفة الرحلة الجديدة حسابياً من الموازنات المخصصة للبعثات. وقالت المصادر إنها ليست المرة الأولى يحصل فيها ما حصل أمس، لكن في مرات سابقة، كانت تغطى نفقات السفر من خلال تقديمات ومساعدات من أصدقاء. وأسفت المصادر لما حصل في وقت كان يجب ان يستعد لبنان لخوض معركة التجديد لمهمات «اليونيفيل»». وذكرت مصادر وزارة الخارجية، أن الوزارة سبق أن تقدمت بطلب سلفة لتغطية نفقات رحلة نيويورك، لكن السلفة لم تصرف في الموعد المحدد، ولفتت الى أن بو حبيب «سبق أن وفّر نفقات رحلات عمل من جيبه الخاص، ولكنه لم يسترجعها، وهو ما لم يعد ممكناً هذه المرة». وفي المعلومات أيضاً، أن شركة طيران الشرق الأوسط التي تملكها الدولة أوقفت صرف تذاكر سفر لأي من الوزارات أو المسؤولين إلا بعد تسديد الثمن.

قلق في لبنان من إطلاق يد القوات الدولية في الجنوب

«حزب الله» يتخوف من احتمال صدامات بين «اليونيفيل» و«الأهالي»

الشرق الاوسط...بيروت: يوسف دياب.. يخوض لبنان معركة دبلوماسية صعبة وغير متكافئة في الأمم المتحدة، مرتبطة بتعديل مهمة قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، التي تسعى دول نافذة إلى توسيع مهامها وإطلاق يدها بالتحرّك في منطقة عملياتها من دون التنسيق مع الجيش اللبناني، وهو ما يثير قلق «حزب الله» المتوجّس من دورها، وهو ما يضع القوات الدولية في مواجهة المدنيين في جنوب لبنان الذين يمثلون البيئة الحاضنة للحزب، وينذر بتكرار حوادث الاصطدام معها. لا تمتلك الدولة اللبنانية القدرة على مواجهة هذه المعركة، بالنظر للضغط الذي تمارسه إسرائيل على دول القرار، غير أن وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب غادر بيروت إلى نيويورك لحضور جلسة مجلس الأمن الدولي لإجراء لقاءات واتصالات، ليأتي قرار التجديد لليونيفيل منسجماً مع الإرادة اللبنانية، وأوضح مصدر مطلع في الخارجية اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»، أن بو حبيب «سيجدد موقف الحكومة المتمسك بوجود القوات الدولية للحفاظ على الأمن والاستقرار في جنوب لبنان، وأهمية أن تمارس دورها بالتعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني، من دون أي توسيع في صلاحياتها». وأشار المصدر إلى أن لبنان «يطمح لتمديد مهام (اليونيفيل) وفق الصيغة التي كانت معتمدة قبل شهر أغسطس (آب) 2022، وألا تتفرد دورياتها بأي عمل ميداني دون التفاهم المسبق مع الجيش اللبناني، لتجنّب توترات محتملة في منطقة عملها». كلّ المؤشرات تدلّ على أن دول القرار في مجلس الأمن، وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، مصرّة على إطلاق يد قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان، لتعزيز حضورها ودورها في المنطقة الواقعة جنوبي نهر الليطاني، لجهة مراقبة دور «حزب الله» وانتشار مواقعه العسكرية ومقاتليه، بما ينسجم مع مضمون القرار 1701 الذين يمنع أي وجود مسلّح في هذه المنطقة لغير الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية. وتوقّع سفير لبنان الأسبق في واشنطن رياض طبّارة، أن تكون «مهمة وزير الخارجية صعبة وربما معقّدة». وأشار إلى أن «الأجواء التي تسبق جلسة التمديد لليونيفيل، توحي بأن دول القرار متمسّكة بإعطاء صلاحيات واسعة للقوات الدولية للقيام بدوريات وعمليات مداهمة من دون التنسيق مع الجيش اللبناني، وأقلّه تثبيت القرار الذي صدر العام الماضي عند التجديد لها قبل سنة». وأكد طبارة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الأمم المتحدة «تجد في عملية التنسيق مع الجيش إضعافاً لدور قواتها في جنوب لبنان، بحيث إن كل تنسيق يسبق مهمتها، يصل إلى (حزب الله) الذي يرتب أوضاعه على الأرض قبل وصول القوات الدولية»، معتبراً أن «الصلاحية التي فوضها مجلس الأمن إلى «اليونيفيل»، العام الماضي، لم تستعملها القوات الدولية التي آثرت مسألة التنسيق مع الجيش حتى لا تصل إلى احتكاك وتصادم مع جمهور «حزب الله»، لكن الحزب يخشى أن يأتي وقت تستخدم فيه القوات الدولية هذه الصلاحية من دون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني». وجاءت حادثة قتل الجندي الآيرلندي وجرح ثلاثة من رفاقه في منطقة العقيبة (جنوب لبنان) في 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لتعزز مخاوف الدول المشاركة في قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) من تكرارها، ما وضع توسيع صلاحيات هذه القوات شرطاً مسبقاً قبل التجديد لها، وأوضح السفير طبّارة أن «لبنان يريد حذف البند المتعلّق بإعطاء حرية التحرك للقوات الدولية، وإعادة القرار إلى ما كان عليه قبل أغسطس 2022؛ لأن (حزب الله) قلق من إطلاق يد هذه القوات، وتفويضها بعمليات مداهمة واستكشاف حتى لا يتكرر الصدام بينها وبين الأهالي كما حصل في مرات سابقة». محاولة وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، إلغاء البند المتعلّق بتعزيز مهام «اليونيفيل»، وتسهيل انتقال دورياتها داخل البلدات الجنوبية التي تشكّل حساسيّة لدى «حزب الله»، يقابله سعي دول عظمى إلى توسيع هامش هذا التحرّك بطلب من إسرائيل، إلا أن السفير طبارة رأى أن «نجاح وزير الخارجية يتوقّف على الاتصالات التي تسبق وصوله إلى نيويورك». وشدد على أن لبنان «يمكنه أن يصل إلى النتيجة التي يريدها حتى من دون حضور وزير الخارجية شخصياً جلسة التمديد لليونيفيل، باعتبار أن سفارة لبنان في الأمم المتحدة قادرة على القيام بهذا الدور». ورجّح طبّارة أن يكون قرار التجديد لليونيفيل «اتخذ وفق الشروط التي وضعتها الدول الكبرى، وأن حضور الوزير أو غيابه قد لا يغيّر في الواقع شيئاً». وسبقت الإعلان عن مغادرة وزير الخارجية إلى نيويورك، معلومات تحدثت عن تعثّر سفره لتمثيل لبنان في جلسة التمديد لليونيفيل، بسبب عدم تأمين تكاليف السفر جرّاء الأزمة المالية، وهو ما أثار استياء جهات سياسية، عدَّتْ ذلك محاولة إضعاف للدور اللبناني، وسأل عضو كتلة «التنمية والتحرير» (التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) النائب قاسم هاشم المعنيين، عن مدى صحّة أخبار إلغاء زيارة وزير الخارجية عبد الله بو حبيب لمواكبة قرار التجديد لقوات «اليونيفيل»، حيث للبنان ملاحظات وتعديلات إضافة لمواجهة الأفكار المسمومة التي تسعى إسرائيل لتمريرها خدمة لمصالحها، وفي وقت لا يرى لبنان أي مصلحة بأي خلل بقواعد عمل قوات اليونيفيل مع شطب تعديل تجديد عام 2022». وقال هاشم، في بيان، إن «متابعة المناخات المحيطة بعملية التجديد تحتاج إلى متابعة دقيقة وعلى أعلى المستويات، ولا يجوز الغياب عن اجتماعات نيويورك تحت أي ذريعة». وأضاف: «إذا صدق موضوع عدم تأمين اعتماد للسفر فماذا بقي أو سيبقى البكاء عليه؟ وعلى المعنيين معالجة المسألة بأقصى سرعة حفاظاً على مصلحة البلد وسمعته بعد كل الذي يحصل، فكيف إذا وصلت الأمور إلى هذا الدرك ومعانيه وارتداداته؟».

لبنان: انفجار قنبلة قرب إحدى مدارس «أونروا» بمخيم «عين الحلوة»

بيروت: «الشرق الأوسط».. سُمع دوي انفجار، فجر اليوم (الأربعاء)، داخل مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء اللبنانية. وتبيّن أنه ناجم عن إلقاء قنبلة يدوية انفجرت بالقرب من مدرسة السموع التابعة لوكالة «أونروا»، في الشارع الفوقاني داخل المخيم ولم يُفَد عن وقوع إصابات.

"التفافا على شروط صندوق النقد".. قادة لبنان يراهنون على سبل لإنعاش الاقتصاد

أسوشيتد برس.. الكثير من سكان لبنان الفقراء يفقدون الأمل

بعد أربع سنوات من الانهيار الاقتصادي، تسعى النخب السياسية في لبنان، التي تتقن فن البقاء في السلطة، إلى تحقيق انتعاش عبر سبل تتجنب الإصلاحات الصارمة التي يطالب بها صندوق النقد الدولي. ويقول خبراء اقتصاديون ومسؤولون سابقون شاركوا في وضع خطة الإصلاح التي وافق عليها صندوق النقد الدولي عام 2020، إن القيادة السياسية وشركاءها في القطاع المصرفي ينفذون عمدا "خطة ظل" للقضاء على الاتفاق، وإلقاء عبء إنقاذ النظام المالي على عاتق رجل الشارع اللبناني الذي انزلق بالفعل إلى هاوية الفقر بسبب الأزمة، بحسب أسوشيتد برس. ولن يجبر تنفيذ إصلاحات صندوق النقد الدولي، التي تشمل عمليات تدقيق حسابات مصرف لبنان (البنك المركزي) والمصارف الأخرى التي كانت سرية منذ فترة طويلة، النخب السياسية على تحمل الكثير من تكلفة إصلاح الانهيار المالي فحسب، بل يقول خبراء إنه سيهدد أيضا شبكات الفساد والمحسوبية والهدر التي سمحت لهم بحلب خيرات البلاد لسنوات. وقال آلان بيفاني، المدير العام السابق بوزارة المالية ومهندس خطة الإنعاش، لأسوشيتد برس: "لم أكن أتخيل أبدا أن هؤلاء الناس سيظلون يتصرفون بهذا القدر من البرود وعدم الإحساس بالمسؤولية رغم حجم الكارثة". ويراهن عدد متزايد من السياسيين الآن على أن انتعاش قطاع السياحة، وتحويلات المغتربين اللبنانيين، ومشروعات استخراج الغاز الطبيعي، سوف تنعش الاقتصاد دون القيام بإصلاحات تتطلب تضحيات كبيرة منهم. وألقي باللوم على نطاق واسع في الانهيار المالي على القيادة السياسية التي احتفظت بالسلطة لعقود، جنبا إلى جنب مع كبار المسؤولين المصرفيين وحاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة. ويخضع سلامة، الذي أدار المصرف لمدة 30 عاما حتى يوليو الماضي، لتحقيق في مزاعم غسل أموال واختلاس، وقد فرضت عليه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا عقوبات قبل أسبوعين. لسنوات وقبل اندلاع الأزمة، قام مصرف لبنان بتنفيذ ما يقول البنك الدولي إنه "مخطط بونزي" (أي هرمي) لإبقاء الاقتصاد واقفا على قدميه. فأغرى مصرف لبنان البنوك التجارية بإقراضه الدولار بأسعار فائدة مرتفعة بحيث تستمر لديه السيولة المالية. ثم قامت البنوك بجذب العملاء لإيداع مدخراتهم بالدولار بأسعار فائدة أعلى، ما أدى إلى تحقيقها الكثير من الأرباح. وفي أواخر عام 2019، انهار المخطط عندما تباطأ تدفق الدولارات، ما أثار حالة من الذعر والتهافت على البنوك. ومنعت البنوك السحب بالدولار، وسمحت للمودعين بالسحب بالعملة المحلية فقط وبسعر أدنى كثيرا من سعر السوق الواقعي، فتبخرت مدخرات الكثيرين بالفعل. بلغ التضخم في لبنان معدلا هائلا، ووصل سعر عملته، الليرة، الذي كان 1500 مقابل الدولار لمدة ربع قرن، الآن إلى حوالي 90 ألف ليرة في السوق السوداء. وبسبب نقص التمويل أصبحت إمدادات الكهرباء الحكومية الآن شبه معدومة، وباتت المدارس والمستشفيات العامة، بالكاد تستطيع تحمل تكاليف الإضاءة ويستجدي المسؤولون بها مساعدات إنسانية، وكأن البلاد في حالة حرب. وقال سامي زغيب، الخبير الاقتصادي في مؤسسة مبادرة سياسات الغد، ومقرها بيروت: "قبل الأزمة كانوا يمتصون الهواء من رئتي المجتمع، والآن بعدما مات المجتمع، أصبحوا يفترسون الجثة". وأصبح دخل العاملين في القطاع العام ومعاشات المتقاعدين بالليرة، وهم يشكلون معا قطاعا كبيرا من السكان، عديم القيمة تقريبا. ومن أجل البقاء، يبحث اللبنانيون عن الدولارات، التي يرسلها في الأغلب أقاربهم في الخارج. ويطلب معظم الجهات الآن السداد بالدولار لكل شيء، بدءا من متاجر البقالة والصيدليات وحتى المستشفيات الخاصة وشراء مولدات الكهرباء الخاصة. جانيت فارس (62 عاما)، عاطلة عن العمل وتعتمد على مساعدات مالية من إخوتها الذين يعانون بدورهم، نادرا ما تقود سيارتها، من طراز عام 1995، لأن الوقود بات باهظ الثمن. وقالت للوكالة: "كلها أكاذيب. لا أستطيع حتى إصلاح الصنبور"، ووصفت حكام البلاد بـ "المافيا". بعد نحو عامين من المحادثات توصل لبنان إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي، في أبريل من عام 2022، بشأن حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار. لكن الحصول عليها يعتمد على إعادة هيكلة مالية وإصلاحات كبرى لمكافحة الفساد. من شأن خطة صندوق النقد الدولي أن تضع الكثير من عبء تعويض خسائر النظام المالي على عاتق المساهمين في البنوك التجارية، ومنهم العديد من العائلات السياسية اللبنانية البارزة وشركاء من القطاع الخاص. وبعد عمليات تدقيق واسعة سيتعين على العديد من المصارف بيع أصولها أو الاندماج مع مصارف أخرى. وفي الوقت ذاته، سيتمكن صغار المودعين من استرداد معظم أموالهم. كما ستساهم خطة الصندوق بفتح الباب أمام حزمة الإنقاذ ومليارات الدولارات من الاستثمارات والقروض الدولية التي تشتد الحاجة إليها لإعادة بناء قطاعات الإنتاج. وبدون الاتفاق والإصلاحات المرتبطة به لن يحصل لبنان على أي استثمارات، وسيصبح "معتمدا على مساعدات المجتمع الدولي"، بحسب تحذير رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في لبنان، إرنستو ريغو، في يونيو. وصرح وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، أمين سلام، في مقابلة مع أسوشيتد برس مؤخرا بأن عددا متزايدا من مسؤولي الحكومة يعتقد أن لبنان يمكنه الاستغناء عن خطة صندوق النقد الدولي أو تحسين موقفه التفاوضي "من خلال القليل من التدابير والحسابات" في النظام المالي. وأضاف سلام أن المسؤولين الذين التقاهم مؤخرا من دول الخليج التي كانت تضخ المليارات في لبنان أبلغوه أنهم يتفقون مع هذا الرأي. ويراهن سلام ومسؤولون آخرون على التحويلات المالية من المغتربين التي تشكل الآن نحو 40 في المئة من الاقتصاد، كما تستقبل البلاد أعدادا قياسية من السائحين هذا الصيف، الذين ينفقون عملة صعبة على الشواطئ نهارا، قبل أن يستمروا في الإنفاق أثناء قضاء سهراتهم في النوادي الليلية حتى شروق الشمس. وفي الوقت ذاته تعمل المصارف التجارية، التي نجت من إعادة الهيكلة، على تعويض خسائرها على حساب صغار المودعين، الذين يضطرون إلى سحب دولاراتهم المحتجزة بالليرة بمعدل 15 ألف ليرة، أي سُدس قيمتها السوقية الحالية. بدأ لبنان مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي، في مايو عام 2020، لكن بيفاني وصفها بأنها كانت "مزحة" نظرا للانقسامات في الجانب اللبناني. وقللت الأحزاب الحاكمة والبنوك التجارية والبنك المركزي من أهمية الأزمة، زاعمة أن تقديرات الخسائر المالية البالغة 70 مليار دولار، مبالغ فيها. ويقول الوزراء والمستشارون الإصلاحيون الذين يروجون لخطة التعافي التي يدعمها صندوق النقد الدولي إنهم واجهوا مقاومة وعداء. وقال أحد كبار المسؤولين الحكوميين السابقين إنه تلقى تهديدات إلي جانب مسؤولين آخرين، بسبب دعوتهم لإصلاحات صارمة. وتحدث المسؤول لأسوشيتد برس شريطة إخفاء هويته خشية من الانتقام. وقال بيفاني إن حاكم مصرف لبنان، الذي كان ضمن فريق التفاوض، تجاهل في كثير من الأحيان طلبات إرسال معلومات مهمة حول الوضع المالي وتضاؤل الاحتياطيات الأجنبية. كما لم يتعاون مع التدقيق الجنائي في المعاملات المالية المشكوك فيها لمصرف لبنان. في غضون ذلك اقترحت المصارف خطة تضع معظم العبء المالي على عاتق الحكومة، فدعت إلى بيع أصول الدولة، أو بعبارة أخرى خطة إنقاذ حكومية. وتوقفت المحادثات خلال أسابيع، ما دفع بيفاني ومستشار وزير المالية، هنري شاول، إلى الاستقالة، في أواخر يونيو من عام 2020. وقال شاول في بيان استقالته: "لن أشهد على هذا التقاعس الضار". وأرجأت الحكومة المحادثات، ويتولى ملف التفاوض نائب رئيس الوزراء، سعادة الشامي، وهو خبير اقتصادي إصلاحي أمضى نحو 20 عاما في صندوق النقد الدولي، لكنه يكاد لا يحظى بأي دعم سياسي. وقال العديد من أعضاء البرلمان لأسوشيتد برس إن لجنة المال والموازنة بمجلس النواب تجاهلت تشريعات الإصلاح، وإنها، بدلا من ذلك، ركزت في الغالب على إنشاء صندوق ثروة سيادي لعائدات النفط والغاز المأمولة، على الرغم من أن التنقيب في حقل غاز بحري لم يبدأ بعد. خارج أماكن الحياة الليلية الصاخبة والفنادق الفاخرة، يفقد الكثير من سكان لبنان الفقراء الأمل. فيقول فارس عن النخبة الحاكمة في البلاد للوكالة: "إنهم يعيشون في قصورهم، ولا يرون الفقراء الذين بالكاد يستطيعون الحصول على طعام".



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..أنباء عن وقوع انفجار وتصاعد دخان في حي الأعمال بموسكو..انفجارات قرب الكرملين.. ومطارات موسكو تعلق الرحلات.. مهام غير معروفة للجنرال الروسي سوروفيكين..أوكرانيا تتقدّم على الجبهة الجنوبية..ميدفيديف: روسيا قد تضم المنطقتين الانفصاليتين في جورجيا..دهم 200 مركز تجنيد للجيش الأوكراني في إطار تحقيق مرتبط بالفساد..مفاوضات أوكرانية - فرنسية لتزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى..بريطانيا: روسيا خسرت قاذفة «تو22- إم 3 باكفاير» بعيدة المدى..ترامب إلى سجن فولتون غداً • كفالة 200 ألف دولار للإفراج عنه..وزيرة التجارة الأميركية تزور بكين الأسبوع المقبل..

التالي

أخبار سوريا..«للصبر حدود»..السويداء تهتف ضد الإجراءات الاقتصادية..والفساد..مشايخ الدروز ينضمون للحراك ضد الأسد..ودعوات لطرد إيران وروسيا من سورية..ومستشارة الأسد تصف المحتجين بالمرتزقة.. شيخ عقل الدروز يدعو إلى «وقفة لا رجعة عنها»..مظاهرات درعا تندد بتدهور الحالة المعيشية والاقتصادية وتطالب بالتغيير..المندوبة الأميركية: الصراع في سوريا ينشر الاضطراب والنظام يسهل تهريب المخدرات..قائد القيادة المركزية الأميركية يتفقد مخيمي «الهول» و«روج»..

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,858,712

عدد الزوار: 7,648,083

المتواجدون الآن: 0