أخبار لبنان..نصر الله يطلب وخامنئي يمنحه 3 مليارات دولار وصواريخ بالستية..المرشد الإيراني رداً على رسالة من الأمين العام لـ «حزب الله»: لا تفكروا في التكاليف المادية..وزير الدفاع الإسرائيلي: مستعدون لمحاربة «حزب الله»..إذا اضطررنا لذلك..تطور يلهب الجبهة مجدداً ويضع على المحكّ مهمة «الخيط الرفيع» لهوكشتاين لـ«تفاهُم انتقالي»..«إنزال» إسرائيلي خلْف خطوط الديبلوماسية باغتيال قائد «وحدة عزيز» في «حزب الله»..هوكشتاين ولودريان لورقة تنزع الفتيل الجنوبي..وموفدان للراعي إلى المجلس الشيعي لتنقية العلاقات..هل «يُرحَّل» انتخاب الرئيس أشهُراً أو إلى العام المقبل؟..مزارعو لبنان يخشون تلوث حقولهم بالفوسفور الأبيض الإسرائيلي..

تاريخ الإضافة الخميس 4 تموز 2024 - 4:04 ص    عدد الزيارات 319    التعليقات 0    القسم محلية

        


نصر الله يطلب وخامنئي يمنحه 3 مليارات دولار وصواريخ بالستية..

المرشد الإيراني رداً على رسالة من الأمين العام لـ «حزب الله»: لا تفكروا في التكاليف المادية

• الحزب طلب من طهران صواريخ برؤوس تزن طنين ومسيّرات شبحية ودفاعات جوية

• «الحرس» سلّم لحليفه اللبناني خلال الأشهر الأخيرة أسلحة توازي 5 أضعاف ما تلقاه منذ 2006

الجريدة...طهران - فرزاد قاسمي ... في حين قال كمال خرازي، مستشار السياسة الخارجية للمرشد الإيراني علي خامنئي لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، إن إيران ستدعم «حزب الله» اللبناني «بكل السبل»، في حال شنّت إسرائيل حرباً شاملة ضده، كشف مصدر في مكتب خامنئي لـ «الجريدة»، أن الأمين العام للحزب حسن نصرالله وجّه رسالة خاصة للمرشد طلب فيها تمويلاً مالياً إضافياً وأسلحة نوعية ثقيلة من ضمنها صواريخ بالستية. وانعقد اجتماع الأسبوع الماضي لـ «محور المقاومة»، الذي يضم عملياً إيران وأحزاباً موالية لها أو متحالفة معها في العراق وسورية ولبنان واليمن وفلسطين، لبحث التطورات في لبنان، شارك فيه رئيس المكتب التنفيذي لـ «حزب الله» هاشم صفي الدين ممثلاً عن نصرالله. ولم يكشف المصدر إذا كان صفي الدين، الذي تجمعه صلة قرابة مع نصرالله، هو مَن حمل الرسالة العاجلة، لكنه أكد أن الأمين العام للحزب برر مطالبه الجديدة بأن حزبه يحتاج إلى إيجاد توازن ردع مع إسرائيل، وأن يكون قادراً على استهداف أي منشآت حيوية إسرائيلية، إذا قامت تل أبيب بتنفيذ تهديداتها بشن هجوم واسع على جنوب لبنان قد يشمل منشآت حيوية لبنانية. اقرأ أيضا إسرائيل تغتال قيادياً عسكرياً في «حزب الله» 03-07-2024 | 15:17 وتزامناً مع تعليق ألمانيا جميع الرحلات الليلية لطيرانها فوق لبنان حتى انتهاء يوليو الجاري، ذكرت صحيفة «بيلد» الألمانية، أمس الأول، نقلاً عن مصادر، أن إسرائيل قد تشن عملية عسكرية ضد «حزب الله» بجنوب لبنان في النصف الثاني من الشهر الجاري. وفي حين تسبب القصف الإسرائيلي في أضرار اقتصادية هائلة في جنوب لبنان وخلق «منطقة ميتة» بعمق 5 كيلومترات على الحدود غير قابلة للحياة حسب تقرير لـ «فايننشال تايمز»، قال المصدر الإيراني لـ «الجريدة»، إن نصرالله أشار أيضاً في رسالته إلى أن حزبه يحتاج إلى تمويل مالي إضافي لتغطية تكلفة الخسائر التي يتحملها سكان المنطقة الحدودية، وتأمين متطلبات عشرات الآلاف الذين نزحوا من الشريط الحدودي، وكذلك توفير الدعم لعائلات قتلى الحزب ومصابيه. ولا يعلن الحزب عدد إصاباته، لكن الإحصاءات تفيد بمقتل 356 من عناصره على الأقل منذ 8 أكتوبر 2023، حسبما يفيد إحصاء أجرته وكالة «الأناضول» استناداً إلى إعلانات سابقة للحزب. وذكر المصدر لـ «الجريدة»، أن خامنئي وافق على جميع مطالب نصرالله، وأمر بدفع ثلاثة مليارات دولار من الأموال الخاصة للمرشد لحزب الله، وأكد في رده على نصرالله أنه إذا ما واجه الحزب ولبنان أي عدوان من إسرائيل فإنه يجب على الحزب واللبنانيين ألا يفكروا في التكاليف المادية التي ستعمل طهران على تغطيتها كلها، وعليهم أن يهتموا بالدفاع عن أنفسهم فقط. وأوصى خامنئي كذلك «مؤسسة الشهيد» الإيرانية بالمساهمة في تأمين معيشة عائلات قتلى «حزب الله»، كما أمر بتقديم كل ما يحتاج إليه الحزب من أسلحة جديدة بشكل عاجل. وبحسب معلومات «الجريدة»، كان خامنئي قد أمر بتسليم أسلحة إيرانية متطورة للحزب، وقال المصدر إن الحرس الثوري سلّم إليه خلال الأشهر القليلة الماضية أسلحة تُقدر كميتها بخمسة أضعاف كل ما تم تسليمه للحزب خلال فترة ما بعد حرب عام 2006. ورغم تسلُّم الحزب لأسلحة نوعية من الترسانة الخاصة بالقوات المسلحة الإيرانية، فإن نصرالله أوضح في رسالته أن ما يحتاجه حزبه هو صواريخ بالستية تحمل رؤوساً يزيد وزنها على الطنين، وصواريخ فرط صوتية، ومسيّرات مشابهة لطائرات الشبح إيرانية الصنع لا تكشفها الرادارات، وأنظمة دفاعات جوية متوسطة وبعيدة المدى. ويعتبر نصرالله أن هذه الأسلحة هي الوحيدة التي يمكنها ثني إسرائيل عن مهاجمة لبنان، لأنه بمجرد أن يمتلكها الحزب سيعرف الإسرائيليون والأميركيون أنه إذا استهدفت تل أبيب أي منشآت في لبنان فإن الحزب سيكون قادراً نظرياً على استهداف منشآت مشابهة داخل إسرائيل. من الجدير ذكره، أنه خلال الاجتماع الأخير غير المباشر الذي جرى بين الإيرانيين والأميركيين، وانفردت «الجريدة» بالكشف عن تفاصيله، طالب الجانب الأميركي من طهران وقف إمداد «حزب الله» بالأسلحة الثقيلة أسوة بما قامت به إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بوقفها بعض شحنات القنابل شديدة التدمير لتل أبيب، وذلك لثني الطرفين عن الذهاب إلى حرب واسعة قد تحرق المنطقة. وبحسب معلومات «الجريدة» فإن ممثلي إيران في الاجتماع أبلغوا واشنطن أن الحزب بات لديه القدرة على إرساء معادلة الرد بالمثل، وأنه سيكون قادراً على استهداف تل أبيب إذا قصفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت، واستهداف مطار بن غوريون إذا استُهدِف مطار رفيق الحريري الدولي.

وزير الدفاع الإسرائيلي: مستعدون لمحاربة «حزب الله»..إذا اضطررنا لذلك..

الجريدة... رويترز ...قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت اليوم الأربعاء إن القوات الإسرائيلية ستكون مستعدة لاتخاذ أي إجراء ضروري ضد جماعة «حزب الله» اللبنانية مع أن من الأفضل التوصل إلى اتفاق عبر التفاوض. أضاف غالانت في بيان أصدره مكتبه «نحن نضرب حزب الله بشدة كل يوم وسنصل أيضاً إلى حالة الاستعداد الكامل للقيام بأي إجراء مطلوب في لبنان أو التوصل إلى اتفاق من مركز قوة، نفضل التوصل لاتفاق لكن إذا أجبرنا الواقع فسنعرف كيف نقاتل»...

تطور يلهب الجبهة مجدداً ويضع على المحكّ مهمة «الخيط الرفيع» لهوكشتاين لـ«تفاهُم انتقالي»

«إنزال» إسرائيلي خلْف خطوط الديبلوماسية باغتيال قائد «وحدة عزيز» في «حزب الله»

«حزب الله» استهدف المواقع الإسرائيلية في الجولان بعشرات الصواريخ

الراي.. | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- بعد اغتيال 3 من قادته... «حزب الله» أمام اختبار لجْم إسرائيل عن المضي في «حرب الاغتيالات»

- غالانت يهدّد باجتياح بري يصل إلى الليطاني وجدار الصوت يبلغ الضاحية الجنوبية

- «حزب الله» دكّ بعشرات الصواريخ مواقع إسرائيلية في الشمال والجولان

- قاسم عن فرضية «الحرب الذكية»: على إسرائيل ألّا تتوقع قتالاً محدوداً إذا شنّت عملية ولو محدودة

- طهران: لبنان سيكون حتماً جحيماً بلا عودة للصهاينة

- ماكرون ينبّه نتنياهو إلى «الضرورة المطلقة لمنع اشتعال» الوضع

- ميقاتي: خيار لبنان لايزال السلام لكننا شعب لن يرضى بالاعتداءات على سيادته وكرامته الوطنية وعلى أبنائه المدنيين

شكّل اغتيالُ إسرائيل أمس قائد «وحدة عزيز» في «حزب الله» محمد نعمة ناصر «الحاج أبو نعمة» ما يشبه «الإنزالَ» خلْف خطوط المحاولات الديبلوماسية الأميركية – الفرنسية التي كان يتمّ في باريس تقويمها ورفْع مستوى التنسيق فيها من خلال محادثات آموس هوكشتاين موفد الرئيس جو بايدن مع جان – ايف لودريان مبعوث الرئيس ايمانويل ماكرون ومسؤولين آخَرين في الاليزيه عن الملف اللبناني. وباغتيال إسرائيل ناصر في منطقة الحوش، وهو ثالث أرْفع قيادي في «حزب الله» يتم استهدافه منذ يناير الماضي، بعد وسام طويل المسؤول في قوة الرضوان، ثم سامي طالب عبدالله قائد «وحدة نصر» (قبل نحو 20 يوماً وكان مسؤولاً عن المنطقة الوسطى من الجنوب)، تكون تل أبيب وجّهتْ إشاراتٍ حمّالة أوجه حيال ما يُخشى أن يكون أحد ملامح «المرحلة التالية» من الحرب مع الحزب التي يُعمل على تحديد الإطار الذي سيَحْكُمها في ملاقاةِ المرحلة الثالثة من الحرب على غزة التي تتهيأ إسرائيل لإعلانها بخلفيةٍ غير خفية هي تعطيل صاعق انفجار جبهة الشمال وتفادي وضْعها أمام سيناريو غير مسبوق هو «التجرّع» من الكأس السامة نفسها التي تتوعّد بسكْبها فوق «بلاد الأرز»، وإن كان ميزانُ التدمير المتبادَل يميل بطبيعة الحال لمصلحتها. وفي حين بَدأ «حزب الله» يعدّ العدة لردٍّ يُوازي اغتيال ناصر (وكان معه في السيارة نجله وعنصر من الحزب سقطا أيضاً) الذي كان مسؤولاً عن القطاع الغربي في جنوب لبنان، فإنّ أسئلةً تطايرتْ سريعاً حيال نقطتين:

- الأولى إذا كان الحزب، العاجز حتى الساعة عن إحداث توازن ردعٍ مع إسرائيل على قاعدة «القائد بالقائد»، سيلجأ إلى «جرعةٍ أعلى» من العمليات تتجاوز ما قام به غداة استهداف طالب لمحاولة وَقْف الاغتيالات المتسلسلة لقادةٍ فيه، علماً أن عَصْفَ الردّ حينها وما تلاه على مدار أيام من المواجهات الأعتى كان دَفَعَ واشنطن إلى تحريك «خلية الطوارئ» الديبلوماسية المعنية بالجبهة اللبنانية – الإسرائيلية بقيادة هوكشتاين وتفعيل مساعيها لخفْض التصعيد وإبقائه تحت السيطرة ريثما تكون غزة دخلتْ في كنف «الحرب المخفَّفة». وهو زار بيروت وتل أبيب قبل 16 يوماً تحت هذا العنوان.

- والثانية عن سبب مضيّ تل أبيب في ضرْب «بنك الأهداف» البشري ذات الصلة بحزب الله والذي راكمتْ «إحداثياته» على مرّ الأعوام وتالياً في إطلاق إشارة تصعيدٍ في الوقت الذي تتكثّف مساعي إيجاد أرضيةٍ لإعداد «مسرح نار» انتقاليّ على الجبهة اللبنانية يُلاقي التحوّل الذي تقف على أعتابه حرب غزة، وذلك بانتظار بلوغ نهائيات في ما خص اليوم التالي سياسياً وأمنياً في القطاع واستطراداً على جبهة الجنوب. علماً أن تل أبيب عمدت بعد اغتيال ناصر، الذي توازي رتبته العسكرية «عقيد» - كما مسؤول وحدة نصر – إلى تكثيف استخدام «سلاح» جدار الصوت الذي خرقتْه على دفعتين في أجواء بيروت والضاحية الجنوبية والشوف وإقليم الخروب وخلدة بعد تحليقٍ لطيرانها الحربي على علو مخفوض، في رسالةِ ترويع للبنانيين وبأن كل الفضاء اللبناني «في متناولها» رغم كشف حزب الله عن منظومة دفاعه الجوي والتهديدات المشفّرة التي حملها شريطان لمسيّرة «الهدهد» عن منطقة حيفا وما بعد حيفا.

وإذ تشير معطياتٌ إلى أن «حزب الله»، الذي مازال يواجه ثغراً في منظومة الحماية الأمنية لكوادره، سيتولّى «إيلام» إسرائيل في ردّه على اغتيالٍ يَعتبر أنه لم يَخرج عن قواعد الاشتباك السابقة، وسط إشارة أوساط قريبة منه إلى أن لكل قائدٍ «بديلاً جاهزاً» ومن «الجيل الشاب الأكثر ابتكاراً في الإستراتيجيات العسكرية» وأنه لا يَستبعد المزيد من عمليات الاستهداف «متى تسنّى للعدو ذلك»، فإنّ أوساطاً سياسية قرأتْ في اندفاعةِ إسرائيل بعد مرحلةٍ من انحسار المواجهات جنوباً، محاولةً لزيادة الضغط على الحزب للتعجيل في بلوغ تَفاهُم يتصل بالجبهة اللبنانية وربما إدراج الاغتيالات كأحد عناصر «المقايضة» على حدودِ هذا «التفاهم الانتقاليّ»، خصوصاً بعدما تعمّد الحزب إبقاء موقفه من كيفية تصرّفه ما أن تعلن تل أبيب رسمياً المرحلة الثالثة من حرب غزة في خانة «الغموض البنّاء» تاركاً لهذه المرحلة أن تبدأ وأن تعلن «حماس» أولاً الموقف منها لـ «يُبنى على الشيء مقتضاه».

حتى الليطاني!

وفيما كان «حزب الله» يرشق شمال إسرائيل والجولان المحتل بعشرات الصواريخ في ردٍّ أولي على اغتيال ناصر، عبّر وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت على طريقته عن «الضغط» الذي تسعى إليه بلاده حيث هدّد بعيد «عملية صور» باجتياحٍ بري للبنان قد يصل إلى نهر الليطاني، معتبراً أن «الدبابة التي خرجت من المعركة في رفح يمكنها الوصول حتى الليطاني. ونوجه ضربات شديدة لحزب الله يومياً، وسنصل إلى جهوزية كاملة وإلى موقع قوة في أي عملية عسكرية أو تسوية. ونحن نفضل تسوية، لكن إذا أملى الواقع علينا الحرب فإننا جاهزون للقتال».

قاسم و«الحرب الذكية»

وكان نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم بلْور بوضوح الموقف الغامض للحزب بإزاء الخطوة التالية له بعد المرحلة الجديدة من حرب غزة كما من «الخطة ب» الإسرائيلية التي تقوم على «حربٍ ذكية» تحدثت «الراي» عن سيناريوهاتها في اليومين الماضيين وتقوم على استهداف ترسانة الحزب ومَرافقه وتحيّد المدنيين والبنى التحتية للدولة اللبنانية والتي تَعتقد تل أبيب أنها لا تستدرج «الصدام المريع» بل تسرّع في الحلّ «الجاهز» وتفرضه على الساخن. وقد أبلغ قاسم إلى «أسوشييتد برس» أنه ينبغي لإسرائيل أن «لا تتوقع قتالاً محدوداً إذا شنّت عملية ولو محدودة على لبنان لا ترقى إلى حرب شاملة، ويمكنها أن تقرر ما تريد: حرباً محدودة، حرباً شاملة، حرباً جزئية، لكن عليها أن تتوقع أنَّ ردَّنا ومقاومتنا لن تكون ضمن سقف وقواعد اشتباك تحددها هي، وإذا شنّت الحرب، فهذا يعني أنها لا تتحكّم بمداها أو بمَن يدخل فيها». وأكد أنَّ «الطريق الوحيد المؤكد لوقف إطلاق النار على الحدود اللبنانية هو وقف إطلاق النار الكامل في غزة»، مشيراً إلى «أنَّ مشاركة حزب الله في إسناد غزة كان بمثابة جبهة دعم للشعب الفلسطيني الصامد ومقاومته الباسلة، وإذا توقفت الحرب فإن هذا الدعم العسكري لن يكون موجوداً». وتابع: «إذا قلصت إسرائيل من عملياتها العسكرية من دون اتفاق رسمي لوقف إطلاق النار والانسحاب الكامل من غزة، فإن الآثار المترتبة على الصراع الحدودي بين لبنان إسرائيل ستكون أقل وضوحاً. وإذا كان ما يحدث في غزة مزيجاً بين وقف إطلاق النار وعدم وقف إطلاق النار، والحرب وعدم الحرب، فلا يمكننا الإجابة كيف سيكون ردّ فعلنا الآن، لأننا لا نعرف شكله ونتائجه وآثاره».

لا عودة للصهاينة!

وفي حين لاقت طهران «المناخ الردعي» من «حزب الله» بإعلان المشرف على وزارة الخارجية الإيرانية علي باقري «ان لبنان سيكون حتماً جحيماً بلا عودة للصهاينة. في لبنان، لعبتْ المقاومة، باعتبارها فاعلاً مؤثراً في المجال العملياتي والميداني والديبلوماسي، دوراً أوجد الردع اللازم»، فإن هذه الأجواء عزّزت الانشغال بمهمة هوكشتاين في باريس حيث خلصت لقاءاته الى تأكيد التنسيق في ما خص هدف خفض التصعيد في جنوب لبنان وكيفية العبور الى التهدئة المستدامة.

هوكشتاين

وإذ جاءت محادثات هوكشتاين، غداة اتصال هاتفي بين ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد فيه الأول «الضرورة المطلقة لمنع اشتعال» الوضع بين تل أبيب وحزب الله «وهو ما من شأنه أن يلحق ضرراً بمصالح كل من لبنان وإسرائيل، وأن يشكل تطوراً خطيراً بشكل خاص على الاستقرار الإقليمي»، كشفت تقارير في بيروت تفاصيل ما حمله الموفد الأميركي في زيارته الأخيرة لبيروت منطلقاً من أن إسرائيل «تواجه أزمة كبيرة بسبب نزوح 100 ألف مستوطن، ولا أحد يمكنه منعها من القيام بأي عمل عسكري ضد لبنان، رغم أننا نرفض ذلك». وبحسب صحيفة «الأخبار» فإن هوكشتاين سأل الرئيس نبيه بري «ماذا لو قَبِل حزب الله بأن يعود، عندما تتوقف العمليات الكبيرة في غزة، إلى القتال الذي بدأه يوم 8 أكتوبر. أي أن يحصر المواجهة في مزارع شبعا المحتلة. وعندها يكون هناك وقف لإطلاق النار على طول الحدود، بما يسمح للنازحين اللبنانيين بالعودة إلى منازلهم وللمستوطنين بالعودة إلى قراهم في شمال إسرائيل، وبعدها نبحث في الترتيبات المناسبة لإدارة الوضع في الجنوب»، مؤكداً أن «الولايات المتحدة معنية بالمساعدة على تنشيط الاقتصاد المحلي في الجنوب وهي مستعدّة للدعم في حال تجاوب الحزب وأوقف إطلاق النار».

ميقاتي

وفي موازاة ذلك، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي «أنّ الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان وما يشهده من قتل متعمد لأهله وتدمير للبلدات واحراق للمزروعات، ليس فقط محل ادانة واستنكار من قبلنا بل هو عدوان تدميري وإرهابي موصوف ينبغي على المجتمع الدولي أن يضع حداً لتماديه وإجرامه». وقال ميقاتي خلال كلمةٍ له ضمن فعالية «لبنان الدور والموقع بين الانتهاكات الإسرائيلية والمواثيق الدولية» إن «ما يشهده جنوب لبنان حالياً من أحداث، وإن اعتُبِرَتْ في العمق صدىً للمآسي في قطاع غزة، ليست في حقيقتِها سوى نتيجةٍ لتفاقم اعتداءات إسرائيل على السيادة الوطنية وخرقها المستمر والمتمادي للقرار الدولي رقم 1701». وأضاف: «لقد بادرتُ شخصياً منذ اندلاع أحداث غزة إلى إطلاق النداءات العلنية للحفاظ على الهدوء ولضبط النفس على الحدود الجنوبية، ووجَّهْتُ التحذيراتِ، من تمدد الحرب التدميرية في غزة إلى جنوب لبنان، ومنه إلى المنطقة». وتابع «إن خيارنا في لبنان كان ولايزال هو السلام، وثقافتنا هي ثقافة سلام مبنيةٌ على الحق والعدالة وعلى القانون الدولي لا سيما القرار 1701، لكننا شعب ما رَضِي، ولن يرضى بالاعتداءات على سيادته وعلى كرامته الوطنية وسلامة أراضيه، وعلى المدنيين من أبنائه، وبخاصة الأطفال والنساء»....

رداً على اغتيال أحد قيادييه

«حزب الله» يعلن قصف مقرين عسكريين إسرائيليين بـ 100 صاروخ كاتيوشا

أعلن حزب الله، في بيان، اليوم الأربعاء، قصف مقرين عسكريين اسرائيليين في الجولان السوري المحتلّ «بمئة صاروخ كاتيوشا»، رداً على مقتل قياديّ في الحزب في غارة اسرائيلية بجنوب لبنان في وقت سابق. وقال الحزب إن عناصره قصفوا «مقر قيادة فرقة الجولان 210 في ثكنة نفح ومقر الدفاع الجوي والصاروخي في ثكنة كيلع بمئة صاروخ كاتيوشا»، «في إطار الرد على الاعتداء والاغتيال الذي نفذه العدو في منطقة الحوش في مدينة صور»...

«تصعيد قاتل» في الجنوب بالتزامن مع تقدُّم مفاوضات غزة

هوكشتاين ولودريان لورقة تنزع الفتيل الجنوبي.. وموفدان للراعي إلى المجلس الشيعي لتنقية العلاقات

اللواء....فجّرت اسرائيل الوضع الميداني في الجنوب، فبعد استهداف القيادي في حزب الله نعمة محمد ناصر، واغتياله على طريق الحوش في صور، مع احد مرافقيه، رد حزب الله بعشرات الصواريخ على كريات شمونة والجولان السوري ومستعمرات اخرى، بما لا يقل عن 200 صاروخ، في وقت كان فيه الرئيس نجيب ميقاتي قال: ان خيار لبنان كان وما يزال السلام، واصفاً العدوان الاسرائيلي على الجنوب بأنه تدميري وارهابي وعلى المجتمع الدولي ان يضع حداً لتماديه واجرامه.. وقال امس ميقاتي خلال مشاركته في فعالية «لبنان الدور والموقع بين الانتهاكات الاسرائيلية والمواثيق الدولية في موفمبيك»: «شعبنا الذي ما رضي ولا يرضى بالاعتداءات على سيادته وكرامته الوطنية وسيادة اراضيه، وعلى المدنيين من ابنائه وخصوصاً الاطفال والنساء»، موضحاً: «نحن معنيون من منطلقات عروبية ووطنية وانسانية، بحرب الابادة الفعلية الجارية في حق الفلسطينيين ولا سيما في غزة».

التنسيق الفرنسي - الأميركي

وأمس، اجتمع الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، وبحثا الوضع في لبنان، بشقه الحدودي (الحرب بين اسرائيل وحزب الله) وشقه السياسي (الملف الرئاسي المعلق البحث فيه). وحسب المعلومات التي افرج عنها فإن الوسيطين اتفقا على استمرار التنسيق وتبادل المعلومات حول الوضع في لبنان. وقالت المعلومات ان هوكشتاين ولودريان اتفقا على مواصلة بذل الجهود للحؤول دون توسع الحرب على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية، واعداد ورقة عمل مشتركة للانتقال الى لبنان، في ضوء تقدم المفاوضات على جبهة غزة لوقف النار، والتوصل الى صفقة تبادل. وصرح متحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي ان المحادثات كانت بناءة في الاليزيه وفي وزارتي الخارجية والدفاع، وتركزت حول آخر التطورات في الشرق الاوسط، والجهود المشتركة بين باريس وواشنطن لاستعادة الهدوء، وايجاد حل عبر الخط الازرق في الجنوب بالوسائل الدبلوماسية مع الاشارة الى ان هوكشتاين زار لبنان في 18 حزيران الماضي، والتقى الرئيس نجيب ميقاتي. ومن غلاف غزة، قال وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت ان جيش الاحتلال يوجه ضربات موجعة لحزب الله كل يوم، واعلن عن قرب الوصول الى جاهزية كاملة على الجبهة الشمالية، لتكون اسرائيل في موقف قوي، سواء لجهة عملية عسكرية او تسوية سياسية. الا ان المشرف على وزارة الخارجية الايرانية علي باقري قال صباحاً ان لبنان سيكون حتماً جحيماً بلا عودة للصهاينة.

تحريك الملف الرئاسي

رئاسياً، رجحت مصادر دبلوماسية عودة اللجنة الخماسية لاستئناف اجتماعاتها حول الملف الرئاسي، من زاوية الضغط الجاري من اجل انهاء الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» إن عودة النقاش في الملف الرئاسي لم تتحدد ولكن هناك معطيات تتحدث عن دخول اللجنة الخماسية على الخط في سياق تعديل بعض النقاط، وهذا يتبلور في الايام المقبلة خصوصا أن بعض سفراء اللجنة يسعون إلى عدم استئخار الملف وعدم انتظار المحادثات الخارجية التي تعقد بشأن ملفي غزة والجنوب. اما بشأن الحراك المحلي فإن المصادر نفسها تعتبر أن بعض الكتل أنجز ما لديه لجهة الجولات على القيادات والكتل النيابية وبالتالي لن تقدم على خطوات جديدة في انتظار ما قد برسو عليه خيار التشاور أو الحوار، معتبرة أن السجال الذي اندلع بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بجعل من الصعوبة بمكان التفكير في أي تواصل بينهما أو حتى اشراكهما في امر ما. وفي اطار متصل، استقبل سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري، في مقر إقامته في اليرزة، المدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري. وجرى خلال اللقاء البحث في أبرز التطورات السياسية الراهنة على الساحتين اللبنانية والإقليمية، بالإضافة إلى سبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين الشقيقين، وعدد من القضايا ذات الإهتمام المشترك.

تنقية العلاقات

وعلى خط تنقية العلاقات الروحية بين المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى وبكركي، زار النائب البطريركي المطران بولس مطر والوزير السابق وديع الخازن، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، موفدين من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وجرى التباحث في العلاقات بين المجلس والصرح وكذلك التطرق الى القضايا والشؤون الوطنية. ورحب الشيخ الخطيب بالوفد، مؤكداً ان «اللبنانيين اخوة وشركاء في الوطن، والتميُّز على المذهب للمواطنين لا يعطي تمايزاً في الحقوق والواجبات والتعصب والتطرف لا يبني وطناً.. مؤكداً ان المقاومة تدافع عن اللبنانيين وتحمي سيادة لبنان التي لا تتجزأ». ووصف المطران مطر اللقاء بأنه كان «أخوياً وجيد جداً»، موضحاً «تحدثنا عن القيم الجامعة بين اللبنانيين واهل الاديان، وتجمعنا الاخوة في الوطنية، وفي التاريخ والمستقبل». ولم يجرِ عن الاتفاق على موعد لقاء بين الشيخ الخطيب والبطريرك الراعي، مع الاشارة الى ان ما حدث «غيمة صيف وعبرت».

الوضع الميداني تصعيد بوجه الاغتيال

ميدانياً، ورداً على اغتيال القيادي العسكري في حزب الله ابو نعمة، اعلن حزب الله عن قصف ثكنة زرعيت بصواريخ بركان، ومقر الكتيبة التابعة لسلاح البر في ثكنة كيلع بصواريخ الكاتيوشا. كما اعلن حزب الله عن استهداف مقر قيادة اللواء 769 في ثكنة كريات شمونة الاسرائيلية بصواريخ «فلق» كما استهدف مقر قيادة فرقة الجولان 210 في ثكنة نفح ومقر الدفاع الجوي. كما استهدف حزب الله برده التجهيزات التجسسية في المالكية وموقع الرمثا، وكذلك مثلث الطيحات والسماقة.. وموقع الراهب، والتجهيزات الفنية في موقع بركة ريشا العسكري. ومساء امس، استهدف العدو الاسرائيلي اطراف بلدتي الجبين ووادي حامول، بالمدفعية، كما قصف بالطيران الحربي اطراف بلدة شيحين، وتعرضت ايضاً الاحياء السكنية لشبعا لقصف مدفعي معادٍ، اسفر عن اصابة مواطنة بجروح وسجلت غارة على بلدة حولا.

التهدئة بجنوب لبنان تنتظر لقاءات نتنياهو في واشنطن

هل «يُرحَّل» انتخاب الرئيس أشهُراً أو إلى العام المقبل؟

زيارة نتنياهو المقبلة لواشنطن ستحدد اتجاه الصراع في غزة وجنوب لبنان نحو التهدئة أو إلى حرب موسعة

الشرق الاوسط..بيروت: محمد شقير.. تتعامل الأوساط السياسية والدبلوماسية في لبنان مع شهر يوليو (تموز) الحالي على أنه المؤشر لتحديد المسار العام للمواجهة المشتعلة بين «حزب الله» وإسرائيل في جنوب لبنان، وما إذا كانت الجهود الدولية ستؤدي إلى نزع فتيل التفجير لمنع توسعة الحرب التي تتوقف على وقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية، كما تربطها بالخطاب الذي سيلقيه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، أمام الكونغرس الأميركي في 24 من الشهر الجاري خلال زيارته لواشنطن، التي تأتي في ظل استمرار اشتباكه السياسي مع الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي تفوّق عليه منافسه الرئاسي الرئيس السابق دونالد ترمب في المناظرة الأولى التي جرت بينهما، وهذا ما يدعوه إلى الاستقواء على الإدارة الأميركية الحالية، كونه من مؤيدي انتخاب ترمب لولاية رئاسية ثانية. فنتنياهو الذي يتحضّر حالياً لليوم التالي فور التوصل لوقف النار في غزة، سيحاول رفع سقوف شروطه لعودة التهدئة إلى القطاع في مواجهته للضغوط التي تمارَس عليه، وهي الشروط التي تلقى رفضاً من «حزب الله»، مع أنه أعلن على لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، استعداده لتوقف القتال في جنوب لبنان بعد وقف إطلاق النار في غزة.

«حزب الله»: غزة أولاً

وبكلام آخر، يربط «حزب الله»، كما تقول مصادره لـ«الشرق الأوسط»، وقف إطلاق النار في الجنوب بسريان مفعوله أولاً على غزة وبلا شروط تعطي لإسرائيل الحق بالتدخل عسكرياً متى تشاء، بذريعة أنها تطارد المجموعات الفلسطينية في القطاع ورفح، وبالتالي يرى الحزب أن الإطار العام لعودة الهدوء يكمن في وقف العمليات العسكرية بصورة نهائية. وتؤكد مصادر الحزب أنه لن يخضع لحملات التهويل والضغوط الإسرائيلية، ولن يسمح لتل أبيب بتحقيق ما تريده سياسياً بعد أن أخفقت في فرضه عسكرياً، رغم حجم الدمار الذي ألحقته بالقرى الأمامية وتحويل مساحاتها أرضاً محروقة يصعب العيش فيها. في المقابل، تجزم مصادر دبلوماسية غربية بأن تل أبيب ليست في وارد الموافقة على وقف إطلاق النار في جنوب لبنان والامتناع عن تبادل القصف الصاروخي على جانبي الحدود من دون التوصل إلى تسوية تعيد الهدوء إلى الجنوب والمستوطنات الإسرائيلية، وتضمن عودة المستوطنين إلى أماكن إقامتهم. وتؤكد هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن هناك ضرورة لخفض منسوب التصعيد العسكري بين الطرفين تمهيداً للبحث عن التسوية التي يتحرك الوسيط الأميركي آموس هوكستين لتسويقها في لقاءاته المتنقلة بين تل أبيب وبيروت، وتواصله من حين لآخر مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يتولى التفاوض بتفويضٍ من الحزب وبتسليم من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

سباق التهدئة والحرب

وتلفت المصادر الدبلوماسية إلى أنه لا يمكن التكهن منذ الآن بالمسار العام، الذي يتوقف على الجهود الدولية الرامية لترجيح الحل الدبلوماسي لإعادة الهدوء على امتداد الجبهة بين لبنان وإسرائيل على الخيار العسكري، ما لم يتم التأكد من النتائج المترتبة على زيارة نتنياهو لواشنطن، ليكون في وسع الجهة اللبنانية المعنية بالتفاوض، في إشارة إلى الرئيس بري، أن تبني على الشيء مقتضاه. وتنظر المصادر نفسها إلى اللقاءات التي يعقدها الوسيط الأميركي آموس هوكستين، في باريس، وتحديداً مع الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، على أنها تصب في خانة التحرك الفرنسي لدى إيران و«حزب الله» لإشراكهما في المساعي الناشطة لتهدئة الوضع في غزة، وامتداداً إلى جنوب لبنان، وتتعاطى مع التصعيد الإيراني في تحذيره تل أبيب من أنها ستواجه الجحيم في حال أقدمت على شن حرب واسعة على الحزب، من زاوية إصرار القيادة الإيرانية على رفع السقوف لتحسين شروط حلفائها في التفاوض، مستبعدةً انخراطها في الحرب واعتمادها على أذرعها في المنطقة، وهذا ما يحصل منذ أن دخل الحزب في مساندته لـ«حماس». ورأت المصادر نفسها أن الفرصة ما زالت قائمة لتغليب الحل الدبلوماسي على توسعة الحرب، وقالت إنها متوافرة على امتداد الشهر الحالي، ويمكن ألّا تتأمّن لاحقاً، لانشغال القوى الدولية المعنية باستقرار لبنان بهمومها الانتخابية، وسألت عن مدى استعداد إسرائيل والحزب للانخراط في تسوية تؤدي إلى ترسيم الحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل، بإزالة الخروق الإسرائيلية لعدد من النقاط الخاضعة للسيادة اللبنانية، وهذا ما يعمل عليه هوكستين.

انتخاب الرئيس مؤجَّل

لكنَّ المصادر الدبلوماسية تقلل من الآمال المعقودة لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، وتنقل عن أحد سفراء اللجنة «الخماسية» أنْ لا بصيص نور لإنهاء الشغور الرئاسي، وأن الاتصالات التي تولتها اللجنة لم تنجح في إحداث خرق، وأن المسؤولية تقع على عاتق بعض الكتل النيابية التي تمعن في تبادل الحملات التي كانت وراء وضع العصي في دواليبها. حتى إن هذه المصادر، وإن كانت تنفي وجود حظوظ لإعادة تحريك انتخاب الرئيس، فإنها تراهن، ولو من باب رفع العتب، على احتمال ضئيل لإحداث خرق فور التوصل إلى وقف للنار في الجنوب، وإلا سيدخل الشغور الرئاسي في إجازة قسرية تؤدي لترحيل انتخاب الرئيس لأشهر، إن لم يكن للعام المقبل، وهذا ما يقوله السفير، الذي فضل عدم ذكر اسمه، من دون أن يستبعد قيام أعضاء اللجنة، سفراء الولايات المتحدة ليزا جونسون، وفرنسا هيرفيه ماغرو، والسعودية وليد البخاري، ومصر علاء موسى، وقطر عبد الرحمن بن سعود آل ثاني، بالتداعي للتشاور لاتخاذ ما يرونه مناسباً في ضوء انسداد الأفق أمام إنجاز الاستحقاق.

هوكستين في باريس لتنسيق جهود خفض التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»

مصدر أوروبي يعرض لـ«الشرق الأوسط» أبعاد مهمة المبعوث الأميركي في فرنسا

الشرق الاوسط..باريس: ميشال أبونجم... في البيان المشترك، الذي صدر بنهاية زيارة الدولة، التي قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن إلى فرنسا، الشهر الماضي، ورد أن البلدين «يشدّدان، على وجه الخصوص، على الأهمية القصوى للحفاظ على الاستقرار في لبنان، والحد من التوترات على طول الخط الأزرق، وسيعملان معاً لتحقيق هذه الغاية، ويدعوان جميع الأطراف إلى التحلّي بأقصى درجات ضبط النفس والمسؤولية، امتثالاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم «1701». وفي هذا السياق، تشدّد فرنسا والولايات المتحدة على الضرورة المُلحّة لإنهاء الشغور الرئاسي المستمر منذ 18 شهراً في لبنان، والمضي دون مزيد من التأخير في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة، وتنفيذ الإصلاحات الضرورية لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد اللبناني، وإرساء أسس الانتعاش والنمو الاقتصادي الشامل في البلاد». وفي المؤتمر الصحافي المشترك مع بايدن، قال الرئيس إيمانويل ماكرون، إن باريس وواشنطن ستكثّفان جهودهما لتجنّب تفاقم الصراع في الشرق الأوسط، مع إعطاء الأولوية لتهدئة الوضع بين إسرائيل و«حزب الله». وأفاد الرئيس الفرنسي أن الطرفين وضعا آلية «تنسيق وثيقة» بخصوص المناقشات الجارية مع إسرائيل من جهة، ومع لبنان و«جميع الأطراف المعنية من الجهة الأخرى»، وهو ما سارعت إسرائيل إلى رفضه. وكانت لافتة إشارة ماكرون إلى أن الطرفين «سيعملان على أساس خريطة الطريق» التي طرحتها فرنسا قبل ستة أشهر لخفض التصعيد على الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية، وإيجاد السبيل لتنفيذ مضمون القرار الدولي «1701». كذلك أشار ماكرون إلى أن الطرفين سيسعيان إلى «مضاعفة الجهود من أجل منع حصول انفجار إقليمي»، انطلاقاً من الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية، وعمدت باريس إلى تعديل بعض فقراتها بناءً على طلب لبناني فيما لم تردّ إسرائيل عليها، أقلّه رسمياً. من هذا المنظور، يمكن فهم أهمية الزيارة التي يقوم بها المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكستين إلى باريس، للقاء المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان، الوزير السابق جان إيف لو دريان، ومستشارة ماكرون لشؤون الشرق الأوسط، السفيرة آن كلير لو جاندر، التي حلّت منذ عدة أشهر محل باتريك دوريل. وتجدر الإشارة إلى أن هوكستين تنقّل الشهر الماضي بين تل أبيب وبيروت، كما أن لودريان زار لبنان، مركّزاً في لقاءاته على ملف الفراغ الرئاسي الذي يقترب من عامه الثاني. ونقلت «رويترز» عن مسؤول أميركي قوله إن هوكستين سافر إلى باريس «لمناقشة الجهود الفرنسية والأميركية لاستعادة الهدوء في شمال إسرائيل ولبنان».

أبعاد زيارة المبعوث الأميركي

يقول مصدر أوروبي واسع الاطلاع في باريس، إن لزيارة هوكستين «مجموعة أبعاد»؛ أولها «السعي لترجمة توافق الرئيسين بايدن وماكرون بشأن إقامة آلية تنسيق للمناقشات مع إسرائيل ولبنان إلى واقع»، خصوصاً أنه لم يظهر لها أي أثر منذ الإعلان عنها. والمهم في ذلك، وفق المصدر المشار إليه، الدمج بين الخطتين الفرنسية والأميركية، والتحرك من خلال خريطة طريق موحّدة، خصوصاً أن «لا خلاف حقيقةً» بينهما في الهدف، بل فقط في «التدرج» الزمني. وترى باريس أن انتظار انتهاء الأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزة للبدء بمعالجة ملف التصعيد بين إسرائيل وحزب الله «أمر بالغ الخطورة»، بسبب التدهور الخطير للوضع الميداني، والخوف من خروجه عن السيطرة، بحيث لن يبقى «موضعياً»، ويمكن أن يفتح الباب لحرب «مفتوحة» قد تتحول إلى إقليمية. ويرى الطرفان أن محدّدات الحل «معروفة»، وأساسها التوصل إلى آليات تنفيذية لفقراته، وحصر الانتشار المسلّح في جنوب لبنان بالجيش اللبناني وقوات اليونيفيل الأممية. وترى باريس وواشنطن في القوة الدولية «عنصراً أساسياً في الحلّ (المطلوب)، ويجب الحفاظ على أمنها وحرية عملها». ويشير المصدر المذكور، في تفسير مسارعة باريس وواشنطن إلى تنسيق المواقف، اليوم، إلى التهديدات المتتالية الصادرة عن إيران باستعدادها للتدخل المباشر في حال مهاجمة إسرائيل لـ«حزب الله»، فضلاً عن مشاركة المنظمات المؤتمرة بأوامرها، سواء في العراق أو اليمن أو حتى سوريا. وتجدر الإشارة إلى أن وصول هوكستين إلى باريس جاء بعد وقت قصير من الاتصال الذي جرى بين الرئيس ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، حيث أعرب ماكرون مجدداً، وفق البيان الصادر عن الإليزيه، عن «قلقه البالغ إزاء تصاعد التوترات بين (حزب الله) وإسرائيل على طول الخط الأزرق، وشدّد على أن الأهمية المطلقة لمنع اشتعالٍ للوضع من شأنه أن يُلحق ضرراً بمصالح كلّ من لبنان وإسرائيل، وأن يشكّل تطوراً خطراً بشكل خاص على الاستقرار الإقليمي». كذلك، شدّد الرئيس الفرنسي على «الحاجة الملحّة لجميع الأطراف للمُضي قدماً وبسرعة نحو حلّ دبلوماسي، وذكّر بضرورة التحلّي بأكبر قدر من ضبط النفس». وتناول ماكرون ونتنياهو الجهود الدبلوماسية الجارية لخفض التصعيد.

نجاعة الوساطة المشتركة الأميركية ــ الفرنسية

أن يجد ماكرون الوقت الكافي للاتصال بنتنياهو، وإبداء الحرص على إبراز مخاوف بلاده من حرب واسعة ستكون بمثابة كارثة على لبنان، يعكس، حقيقةً، خطورة الوضع. وليست رسالة باريس وحيدة؛ إذ إن الأيام القليلة الماضية حفلت بالتحذيرات الدولية، ومنها تحذير صدر الأسبوع الماضي عن وزارة الخارجية الفرنسية، كما أن دولاً عديدة إما رحّلت رعاياها من لبنان، أو طلبت منهم عدم التوجه إليه. ليس سراً أن واشنطن دأبت على تحذير إسرائيل من مهاجمة لبنان، وهمّها الأول، وفق المصدر المشار إليه، «تجنّب اندلاع حرب إقليمية قد تجد نفسها مُساقة إليها للدفاع عن إسرائيل كما وعدت»، بحيث يتعين عليها التعامل مع حربين في وقت واحد، وذلك قبل أشهر قليلة على الاستحقاق الرئاسي في الولايات المتحدة. ورغم الضغوط التي تمارسها واشنطن على السلطات الإسرائيلية، فإن باريس تعي أن الأشهر المنقضية على حرب غزة «بيّنت أن نتنياهو لا يأخذ كثيراً بعين الاعتبار النصائح الأميركية، بفضل الدعم الذي يتلقّاه من قادة الحزب الجمهوري من جهة، ومن تحوّل الرأي العام الإسرائيلي لدعم الحرب على لبنان». وفي المقام الثالث، يضغط اليمين الديني الإسرائيلي المتطرف على نتنياهو لإطلاق حملة عسكرية على لبنان، وهو حريص على دعمه السياسي للبقاء في منصبه ومنع سقوط حكومته. حتى اليوم، يقوم الموقف الرسمي الإسرائيلي على القول إن إسرائيل تريد الهدوء على حدودها الشمالية، وهي تريد تحقيق هذا الهدف، إما عن طريق الدبلوماسية والمفاوضات، وللولايات المتحدة وفرنسا الدور الأكبر، وإما عن طريق القوة العسكرية. والأربعاء، قال وزير الدفاع يوآف غالانت، العائد مؤخراً من زيارة إلى واشنطن، في تصريح مكتوب صدر عن مكتبه: «نحن نضرب حزب الله بقوة كل يوم، وسنصل أيضاً إلى حالة من الاستعداد الكامل للقيام بأي عمل مطلوب في لبنان، أو التوصل إلى ترتيب من موقع قوة. نحن نفضّل التوصل إلى تسوية، ولكن إذا فرض علينا الواقع سنعرف كيف نقاتل». ويُفهم من كلام الأخير أن إسرائيل لم تصل بعد إلى مرحلة الجهوزية العسكرية، فضلاً عن أن حربها في غزة ما زالت قائمة، رغم دخولها «المرحلة الثالثة»، ولذا، فإن السؤال المطروح هو: هل ستنجح الوساطة الأميركية ــ الفرنسية في استغلال الفترة الفاصلة لتفكيك لغم الحرب الشاملة؟ أم أن الأمور سائرة إلى التصعيد مع وجود وساطة أو بدونها؟

التفاهم مع بكركي مكسب آخر للمقاومة

الاخبار..تقرير غسان سعود.. يسيء كثيرون تقدير أهمية طيّ لبنان صفحة الحرب الباردة السنية – الشيعية التي رسمت طوال نحو عقدين خطوط تماس في المدن والبلدات والمنازل. وإذا كان البعض لا يعرف مكانة حماس في الوجدان السني، ولا سيما بعد عملية السابع من أكتوبر التي أعقبت عقوداً من الهزائم السياسية والعسكرية، فلن يقدّر بالطبع أهمية «تشبيك» حزب الله مع حماس وكل من يقفون خلفها وأمامها في العالم الإسلامي، وتأثير ذلك على الاستقرار في لبنان وسوريا والمنطقة. وهؤلاء الـ«كثيرون» أنفسهم لا يصغون إلى ما يصدح به خطيب جامع محمد الأمين في وسط بيروت منذ شهرين عن وحدة الشهادة و«قدسيّة القضية»، ولا يتوقفون عند بيانات الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري عن «رصّ الصفوف» والابتعاد عن «المهاترات في ظل الحرب المتواصلة»، ولا يقدّرون مواقف نجيب ميقاتي ليس فقط بصفته الناطق الرسمي باسم الدولة في غياب رئيس الجمهورية، وإنما أيضاً بصفته الممثل الرسمي للطائفة السنية في النظام اللبناني. وهم أيضاً، رغم كل «محاضراتهم» عن الـ«أنتينات»، يديرون الأذن الصماء للبعد الجغرافي - العسكري - الأمني - السياسي لتموضع النائب السابق وليد جنبلاط إلى جانب المقاومة. كما أنهم، في جزرهم الجبلية، لا يعنيهم «الحوار الاستراتيجي» بين حزب الله ودول خليجية تعتبره شريكاً أساسياً في حماية استقرار المنطقة من البوابتين اللبنانية والعراقية، ولا يعنيهم أيضاً انتقال الأميركيين من «محاورة» الحزب على مستوى رأس الهرم الأميركي إلى الاعتراف بنفوذه كلاعب إقليمي إيضاً عبر طلب توسطه مع حماس. فيما سبق الأوروبيون (الفرنسيون سياسياً والألمان أمنياً) كل هؤلاء.مشهد كامل يفهمه البعض ولا يفهمه البعض الآخر، ولا سيما في الوسط المسيحي. لكن من يفهمونه ومن لا يفهمونه لا يعرفون كيف يتصرفون معه. فديناميكية حزب الله الأمنية والعسكرية والديبلوماسية والإعلامية التي تظهر نتائجها تدريجياً منذ السابع من أكتوبر لا تواكبها أية ديناميكية سياسية داخلية، سواء مع أقرب المقرّبين كالكتل السنية الحليفة للحزب (كرامي – البعريني – الجماعة)، أو الذين لم تشب مواقفهم شوائب تذكر منذ السابع من أكتوبر مثل جنبلاط. ولا يبذل الحزب أي جهد لـ«تصفير» مشاكل الداخل إن كان حلّها متعذراً، لتبدو ماكينته العسكرية والأمنية والديبلوماسية والإعلامية عملاقاً صخماً مقارنة بماكينته السياسية العادية، من دون أن يتضح ما إذا كان هناك قرار متعمّد بإطفائها. ربما يقول قائل هنا، ولا سيما في بيئة الحزب، إن الانشغال بإرضاء هذا أو استرضاء ذاك في ظل المتغيرات الإقليمية مضيعة للوقت، وخصوصاً أن المعركة في مكان آخر، فيما تطلب بعض القوى (وخصوصاً المسيحية) ما لا يمكن للحزب أن يعطيه لها اليوم من وقف إطلاق النار في لبنان بمعزل عن غزة (وهو ما توقفت الخارجية الأميركية نفسها عن المطالبة به) إلى انتخاب رئيس للجمهورية. إلا أن هذا التقدير الذي يأخذ مداه في الأوساط الشيعية لا يشبه حزب الله من قريب أو بعيد، ولا «البصيرة» و«التفكير الاستراتيجي». ففي كل مرحلة، كان هناك ما هو «غير مهمّ» و«مهمّ» و«أهمّ»، وفي كل مرحلة سبقت كان الحزب يسدّ الثغرات على المستويات الثلاثة، علماً أن الجهد السياسي المطلوب ليس كبيراً، ويمكن أن يقتصر على زيارة هنا أو إيعاز هناك، على غرار إيعاز الحزب لمسؤوليه منذ بداية الأزمة مع التيار الوطني الحر بعدم الرد على تصريحات مسؤولي التيار الوطني الحر حتى لا تزداد الأمور صعوبة حين يحين وقت الجلوس مجدداً حول الطاولة، عاجلاً أو آجلاً. لكن ترك الأمور تتدحرج سلباً، من التيار إلى البطريركية المارونية، مروراً بكثيرين من أصدقاء الحزب في البيئة المسيحية، من وزراء سابقين وفنانين وأبناء بيوتات سياسية، يثير علامات استفهام كثيرة لا أجوبة منطقية أو عقلانية لها. فتزامناً مع تقويل البطريرك بشارة الراعي ما لم يقصد قوله، بمعزل عن موقفه المعروف من الحرب والمقاومة، كان الحزب يواجه المعضلة نفسها جراء تقويل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أيضاً ما لم يقصد قوله، بمعزل عن موقف الحزب المعروف من الرقص والشرب. مع ذلك، لم يلاقِ أحد التوضيحات التي صدرت عن بكركي في منتصف الطريق، علماً أن أكثر من ثمانية أشهر مرّت على دعوة البطريرك لرعد للعشاء في بكركي، عبر النائب إبراهيم كنعان، من دون أن تلبّى بعد، وهي لا تزال قائمة رغم كل ما تخلّل هذه الأشهر الثمانية من توتر. وفي هذا السياق، يلفت أحد المطارنة الأساسيين إلى أن بعض مواقف البطريرك التي يمكن أن توصف بالسلبية بعد السابع من أكتوبر تبعتها عدة مواقف إيجابية، كان يمكن البناء عليها لتفعيل التواصل، إلا أن ذلك لم يحصل. فيما اللجان المشتركة التي يُفترض أن تستنفر لحل المشاكل حين تقع، يجمّدها الحزب فور حصول أيّ توتر سياسي أو إعلامي.

خلاف حزب الله مع كل الأحزاب المسيحية يبقى سياسياً، لكنه إذا شمل بكركي واليرزة يأخذ على الفور طابعاً مسيحياً – شيعياً

تجدر الإشارة هنا إلى أن من لا يعرفون البطريركية المارونية عن قرب (بمن فيهم الجمهور العوني) يتعاملون مع البطريرك الراعي بوصفه استمرارية سياسية للبطريرك نصر الله صفير. لكن من يعرفون البطريركية والراعي، يعلمون أنه هو من بادر إلى الذهاب إلى دمشق في ذروة الحرب عليها، وهو من «علّق» علاقاته مع «الأمّ الحنون» جراء الموقف الأوروبي في ملف النازحين السوريين ومحاصرة سوريا ورفض الأوروبيين الاعتراف بهزيمتهم في الشام، وهو من «أخّر» إصدار «وثيقة بكركي» حتى لا يصدر عن الصرح في لحظة الحرب وسقوط الشهداء موقف رسمي ضد فريق لبناني. والأهم من هذا كله، ما فعله الراعي على مستوى الإدارة الكنسية حين سلّم الأبرشيات الرئيسية المؤثرة والكبيرة لمطارنة أقلّ ما يقال عنهم إنهم غير معادين للمقاومة ولا مقرّبين من القوات اللبنانية، ما يسمح للصوت الآخر الداعي إلى الحوار والهدوء والتفاهم بالحفاظ على مشروعيته المسيحية رغم كل التخوين والتهويل القواتيين. وعليه، لا ينبغي أن تواجه دعوات الراعي إلى الحوار والنقاش أو حتى العشاء بهذه السلبية، وخصوصاً أن حزب الله وحركة أمل يطالبان بالحوار يومياً، ويعيبان على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رفضه الحوار... إلا إذا كان الحزب يعرف أشياء لا يعلنها. أيّ خلاف بين حزب الله وكلٍّ من القوات اللبنانية أو التيار الوطني الحر أو الكتائب، أو الثلاثة معاً، يمكن أن يبقى في إطار سياسي مهما تفاقم، لكن الخلاف مع هؤلاء وبكركي وقيادة الجيش في الوقت نفسه، يأخذ على الفور طابعاً مسيحياً - شيعياً، مع ما لذلك من انعكاسات سلبية في المدارس والمعاهد والمستشفيات والجامعات وأماكن العمل والبلدات المختلطة والقرى المتجاورة وغيرها من المساحات المشتركة. وهو ما يمكن التعايش معه أو تحمّل تبعاته لو كانت المعركة تفرض ذلك. لكن الأمر لا يتعدّى كونه ثُغَراً داخلية يسمح الحزب بتوسيعها، على نحو لا يفيد أحداً غير سمير جعجع. وهنا، ينبغي الأخذ في الحسبان أن الضرر الحاصل على المستوى المسيحي دفع بأبناء بيوتات سياسية صديقة للحزب، لا تخشى على شعبيتها من الموجات العابرة، إلى إصدار مواقف تضامنية مع بكركي. مع العلم أن الغموض الذي يحيط أداء الحزب على هذا المستوى وعدم وجود تفسيرات منطقية لدى المقرّبين منه تفاقم حيرة هؤلاء وتوصلهم إلى أفكار «مؤامراتية» غريبة. وفي حال كان هذا كله مؤقتاً وستعود الاتصالات السياسية لتأخذ مداها مستقبلاً كما هو متوقع، فإن ما يحصل يترك ندوباً مؤثرة، حتى ولو كان الحزب يعتبر أنه في موقع المعتدى عليه، إذ كان يفترض بالقوى السياسية والروحية أن تقدر تضحيات مجاهديه وتدعمه من دون «ولكن». إذ سيترسخ في الذاكرة الجماعية لهؤلاء أن الحزب في لحظة عزله شيء، وفي لحظة الاعتراف الإقليمي والدولي بقوته ونفوذه شيء آخر، فيما الحقيقة على الأرجح غير ذلك تماماً، لكن «عدم التواصل» لا يترك على الطاولة غير هذه الأفكار. وعليه، في حال كانت لدى الحزب نية بالمعالجة، لا بدّ من لحظ عاملين أساسيين عند إعداد خريطة طريق جديدة للعلاقة مع بكركي، وهما:

أولاً، رغم أن الأصدقاء المشتركين بين الحزب وبكركي شرحوا مراراً للبطريركية بأن المسؤول في حزب الله الذي يُكلّف بمتابعة ملفّ ما هو عادةً أهم من وزير أو نائب ومن الشخصيات المعروفة إعلامياً، لا تزال بكركي تتطلّع إلى تواصل أعلى من المستوى المعمول به منذ سنوات، يُشعر سيّد الصرح بأنه ليس مجرد شخصية دينية في «ملف رجال الدين المسيحيين».

ثانياً، تعامل البطريرك مع موقعه كأكثر من مجرد رئيس روحي لطائفة كبيرة، يفترض أن يشمل النقاش معه القضايا السياسية لا «شؤون الرعية» الروحية. أضف إلى ذلك أن رفع البطريرك الصوت مراراً بشأن القرى الحدودية المسيحية كان ولا يزال يمثل فرصة لعمل مشترك بين فعاليات البلدات الحدودية، برعاية بكركي والحزب والوزارات المعنية، يقطع الطريق على من يريدون توسيع الهوّة من جهة، ويعزّز دور المجالس البلدية وآباء الكنائس في تلك القرى من جهة أخرى.

من التيار إلى البطريركية المارونية، فالبطريركيات الأخرى التي لم يترجم الحزب العلاقات الإيجابية المفترضة معها، إلى أصدقاء الحزب المسيحيين الذين تقول مصادره إنها تعزّز منذ أشهر آليات التعاون معهم دون أن تظهر أيّ نتائج إيجابية لذلك، ومع انتقال وزراء سابقين ونواب حاليين وفنانين ومسؤولين سابقين في أحزاب صديقة للحزب من ضفة التأييد المطلق إلى ضفة الانتقاد اللاذع، لا ينبغي أن يترك الأمر للجمهور الافتراضي للحزب، بل أن يسارع الأخير إلى فهم الأسباب والمعالجة.

في الحرب يزداد التوتر والانفعال، وتزداد في المقابل أهمية الهدوء وتجنب المعارك الجانبية غير اللازمة التي يمكن تأجيلها أو حلّها حبياً. ولا شك في أن إضافة التفاهم الوطني (مع من يمكن التفاهم معهم) إلى التناغم الشيعي - السني - الدرزي الحاصل والمشهدين الإقليمي والدولي، هو مكسب آخر لحزب الله، وخسارة أخرى لكل من يواصل الرهان على توسيع الثّغَر الطائفية لإيجاد موطئ قدم لمشاريعه التصادمية في لبنان.

مزارعو لبنان يخشون تلوث حقولهم بالفوسفور الأبيض الإسرائيلي

الفسفور الأبيض الذي أطلقه الجيش الإسرائيلي لإنشاء حاجز من الدخان يظهر على الحدود الإسرائيلية اللبنانية في شمال إسرائيل نوفمبر

القليعة لبنان : «الشرق الأوسط».. وطئ المزارع اللبناني زكريا فرح حقوله، الواقعة على مشارف بلدة القليعة بجنوب البلاد، آخِر مرة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن ليس لزراعتها. فبينما كانت أصوات القصف تدوِّي على مسافة بعيدة، دسّ يديه بسرعة في التربة لجمع عيّنات يمكن أن تحدد مستقبل عائلته. وبعدما عبّأ التربة في أكياس، أرسل فرح (30 عاماً) ست عيّنات إلى مختبر في الجامعة الأميركية ببيروت؛ لفحصها بحثاً عن بقايا الفوسفور الأبيض، الناجم عن القصف الإسرائيلي؛ على أمل أن يعرف ما إذا كان بوسعه زراعة أرضه عندما تنتهي الأعمال القتالية، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء. وقال، لـ«رويترز»، في يونيو (حزيران) الماضي: «بدي أعرف شو عم طعمي ابني، شو عم طعمي مرتي، شو عم طعمي نفسي». وتابع: «خايفين على مستقبل أراضينا. شو فينا ناكل؟ شو فينا نشرب؟». وأضاف فرح، لـ«رويترز»، أنه يخشى أن تكون حقوله قد تسممت جراء استخدام الجيش الإسرائيلي الفوسفور الأبيض، منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما بدأ تبادل إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية، بالتزامن مع الحرب في قطاع غزة. وقال إن عشرات المزارعين في جنوب لبنان قلِقون مثله.

وقع 175 هجوماً إسرائيلياً على جنوب لبنان باستخدام الفوسفور الأبيض (رويترز)

ووفقاً للمجلس الوطني اللبناني للبحوث العلمية، وقع 175 هجوماً إسرائيلياً على جنوب لبنان باستخدام الفوسفور الأبيض منذ ذلك الحين، وأدى كثير منها إلى إشعال حرائق ألحقت الضرر بأكثر من 1480 فداناً من الأراضي الزراعية. وذخائر الفوسفور الأبيض ليست محظورة بوصفها سلاحاً كيميائياً، ويمكن استخدامها في الحروب لصنع سواتر من الدخان، أو تحديد الأهداف، أو إحراق المباني، ولكن نظراً لإمكانية تسببها في حروق خطيرة ونشوب حرائق، فإن الاتفاقيات الدولية تحظر استخدامها ضد الأهداف العسكرية الواقعة وسط المدنيين. ولبنان طرف في تلك البروتوكولات الدولية، لكن إسرائيل ليست كذلك.

أرسل فرح (30 عاماً) ست عينات إلى مختبر في الجامعة الأميركية ببيروت لفحصها بحثاً عن بقايا الفوسفور الأبيض الناجم عن القصف الإسرائيلي (رويترز)

وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في يونيو الماضي، إنها تحققت من استخدام الفوسفور الأبيض فيما لا يقل عن 17 بلدية، في جنوب لبنان، منذ أكتوبر 2023: «خمس منها استخدمت فيها الذخائر المتفجرة جواً بشكل غير قانوني فوق مناطق سكنية مأهولة». ورداً على أسئلة من «رويترز»، قال الجيش الإسرائيلي إن «قذائف الدخان الأساسية» التي استخدمها لا تحتوي على الفوسفور الأبيض. وأضاف أن قذائف الدخان، التي تحتوي على تلك المادة، يمكن استخدامها لصنع سواتر دخانية، وأنه «يستخدم فقط وسائل الحرب المشروعة». ووفقاً لتقرير أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في ديسمبر (كانون الأول) بشأن لبنان، فإن الفوسفور الأبيض سام جداً ويشكل «مخاطر مستمرة لا يمكن التنبؤ بها مع استمرار النيران التي يسببها وتصعب السيطرة عليها لوقت طويل، مما يسفر عن مخاطر جسيمة على صحة وسلامة الإنسان والبيئة».

منظمة «هيومن رايتس ووتش» في يونيو قالت إنها تحققت من استخدام الفوسفور الأبيض فيما لا يقل عن 17 بلدية بجنوب لبنان (رويترز)

وقال البرنامج إن جودة التربة في منطقة الصراع بجنوب لبنان تضررت من انتشار المعادن الثقيلة والمركبات السامة، بينما أدى «استخدام الفوسفور الأبيض إلى خفض خصوبة التربة أكثر وزيادة حموضتها».

علم التربة

يعتقد فرح ومزارعون آخرون أن كلاً منهم فقَدَ بالفعل دخلاً كان يمكن أن يصل إلى سبعة آلاف دولار؛ لأن القصف المستمر جعل زراعة أو حصاد القمح والتبغ والعدس وغيرها من المحاصيل في المواسم المعتادة أمراً بالغ الخطورة. وقال عدي أبو ساري، وهو مزارع من بلدة الضهيرة في جنوب لبنان، إن الفوسفور الأبيض أحرق أيضاً القش الذي جمعه من أجل الماشية، وأحرق كذلك أنابيب الري البلاستيكية في حقوله. وأضاف أبو ساري: «رح أضطر أرجع إلى الصفر، بس أول شي لازم أعرف إذا صالح للزراعة». وحتى يعرفوا ما إذا كان الفوسفور الأبيض قد ترك أثراً دائماً على تربتهم، يحفر المزارعون لأخذ عيّنات يرسلونها إلى رامي زريق، كيميائي التربة في الجامعة الأميركية ببيروت. طوَّر زريق بروتوكول بحث لجمع العينات وفحصها، أولاً يجري جمع تربة تبعد مسافات مختلفة عن موقع القصف، ومنها عينة «ضابطة» من موقع يبعد 500 متر، بحيث لا تكون قد تأثرت بشكل مباشر بالضربة. وفور وصولها إلى مختبره، تجري غربلة التربة وخلطها بالحمض، وتعريضها للحرارة والضغط العاليين.

الاتفاقيات الدولية تحظر استخدام الفسفور الأبيض ضد الأهداف العسكرية الواقعة وسط المدنيين (رويترز)

ويضاف محلول لإظهار تركيز الفوسفور، بحيث تمثل شدة اللون في النتيجة نسبة الفوسفور، وتجري بعد ذلك مقارنة تلك العينة بالعينة الضابطة، التي تمثل معياراً للفوسفور الموجود بشكل طبيعي في التربة. وقال زريق، لـ«رويترز»: «ما نبحث عنه هو ما يحدث للتربة والنباتات في المواقع التي تعرضت لقصف بالفوسفور الأبيض. هل يبقى الفوسفور؟ وبأي تركيزات؟ هل يختفي؟». وقالت مساعدته، طالبة الدكتوراه لين ديراني، لـ«رويترز»، إنها اختبرت، حتى الآن، عينات من أربع بلدات بهذه الطريقة، إلا أنهم بحاجة لمزيد من العينات؛ «للوصول إلى نتيجة حاسمة». لكن الوتيرة المستمرة للقصف الإسرائيلي على جنوب لبنان، وبالأخص الحقول الزراعية التي يُتهم مقاتلو «حزب الله» باستخدامها غطاء، جعلت المزارعين غير مستعدّين للمغامرة بالخروج إلى هناك لجمع مزيد من العينات. وبعضهم، مثل «أبو ساري»، غادر لبنان وينتظر في الخارج انتهاء الحرب. ويوثّق آخرون الأمر من خلال لقطات مصورة. وصور فريق جمعية «الجنوبيون الخضر»، الذي يضم مجموعة من علماء البيئة ومُحبي الطبيعة في جنوب لبنان، عدة وقائع للقصف أظهرت العلامات الواضحة لهجمات الفوسفور الأبيض، وهي عشرات الخيوط ذات اللون الأبيض وهي تنفجر من ذخائر فوق الأراضي الزراعية. وقال رئيس الجمعية، هشام يونس، لـ«رويترز»، إن «الكثافة المخيفة» للهجمات تصل إلى مستوى الإبادة البيئية؛ أي التدمير واسع النطاق للبيئة الطبيعية على أيدي البشر، عمداً أو عن طريق الإهمال. وأضاف يونس أنه نظراً للتأثيرات المحتملة على التربة ومخزون المياه، وحتى الأشجار القديمة، فإننا «عم نحكي عن إصابة عميقة للنظام الطبيعي.. التداعيات مضاعفة». وتعمل وزارتا البيئة والزراعة في لبنان مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتحديد حجم تلك التداعيات؛ على أمل استخدام أي وثائق أو نتائج مخبرية لرفع شكاوى إلى الأمم المتحدة. وقال وزير البيئة اللبناني، ناصر ياسين، لـ«رويترز»: «هذا عمل من أعمال الإبادة البيئية، وسنرفعه إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة». ورداً على أسئلة من «رويترز»، قال الجيش الإسرائيلي إن اتهامات الإبادة البيئية «لا أساس لها من الصحة على الإطلاق».



السابق

أخبار وتقارير..أوكرانيا تتّهم روسيا بالتخطيط لمحاولة انقلابية..بوتين يصل إلى كازاخستان للمشاركة في قمة «شنغهاي» للتعاون..أوستن يؤكد لأميروف قبيل انعقاد قمة «الناتو» التزام أميركا بدعم سيادة أوكرانيا وأمنها..بايدن يكشف سبب سوء أدائه في المناظرة أمام ترامب..4 سيناريوهات ديموقراطية في مواجهة ترامب..بدلاء بايدن.. المرشحين المحتملين..تقرير أميركي يتهم الصين بتوسيع قواعد التنصت في كوبا..انتخابات بريطانيا: حماسة لدى «المهاجرين» ومنافسة على الصوت المسلم..مقتل نحو 100 شخص خلال تدافع بتجمّع ديني هندوسي..فرنسا: ولادة عسيرة لجبهة ضد اليمين المتطرف في الجولة الثانية..الشرطة الدنماركية تعثر على نحو طن من المتفجرات في موقع وفاة عرضية..

التالي

أخبار فلسطين..والحرب على غزة..مقتل 5 فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائيلي في الضفة..عشائر غزة لا تريد المشاركة في خطة اليوم التالي الإسرائيلية..مقتل شخص وإصابة 2 في عملية طعن بمركز تسوق إسرائيلي..«القسام» و«سرايا القدس» توقعان خسائر كبيرة في صفوف الاحتلال..إسرائيل تدفع لانهيار السلطة الفلسطينية ونتنياهو يلتقي بايدن خلال زيارته لواشنطن..«حماس»: تبادلنا بعض الأفكار مع الوسطاء لوقف الحرب في غزة..«الموساد»: إسرائيل تدرس رد «حماس» على اقتراح وقف النار بغزة..إسرائيل تحوّل للفلسطينيين 116 مليون دولار من عائدات الضرائب المحتجزة..إسرائيل تصدّق على مصادرة 12.7 كم2 بالضفة الغربية..«سرايا القدس»: «بعض الأسرى الإسرائيليين حاولوا الانتحار»..معبر رفح: خطر المجاعة يصعّد المطالب الدولية بإعادة فتحه..تراجع التأييد لغالانت في الليكود..الأمم المتحدة: 9 من كل 10 أشخاص أجبروا على النزوح في غزة..

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,052,120

عدد الزوار: 7,619,654

المتواجدون الآن: 0