إيران: نجاد يقيل متقي ويعين مسؤول الملف النووي قائما بأعمال وزارة الخارجية

تاريخ الإضافة الأربعاء 15 كانون الأول 2010 - 5:28 ص    عدد الزيارات 3049    التعليقات 0    القسم دولية

        


إيران: نجاد يقيل متقي ويعين مسؤول الملف النووي قائما بأعمال وزارة الخارجية

الخارجية الأميركية لـ: تركيزنا على السياسات وليس على الشخصيات * أوروبا تدعو طهران إلى استمرار التفاوض

 
الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خلال حديث جانبي مع وزير خارجيته منوشهر متقي في وقت سابق (أ.ب)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

واشنطن: مينا العريبي فيينا: بثينة عبد الرحمن طهران - لندن: «الشرق الأوسط»
بعد أشهر من خلافات ظلت تتصاعد يوما بعد يوم، قرر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وضع حد لما ظل يثار من جدل سرا، وجهرا، بإقالة وزير خارجيته منوشهر متقي، أثناء وجوده في السنغال في زيارة رسمية، ودفع إلى المنصب أحد حلفائه، المقربين علي أكبر صالحي، رئيس البرنامج النووي الإيراني، للمنصب بالإنابة، وهو الذي كان رشحه في السابق لتولي حقيبة الخارجية في عام 2005، لولا رفض المرشد الأعلى علي خامنئي.

وجاءت هذه الإقالة المفاجئة في الوقت الذي تدخل فيه إيران مرحلة جديدة من المفاوضات مع الدول الكبرى حول ملفها النووي، عبر قرارين صدرا عن الرئيس الإيراني يتضمنان شكرا لمتقي على العمل الذي قام به، وتعيين صالحي مكانه بالإنابة، الذي يجب أن يحظى بموافقة البرلمان. وبينما لم يصدر أي تفسير لهذه الإقالة التي تأتي بعد أيام من عودة المفاوضات بين إيران والقوى الست الكبرى حول الملف النووي الإيراني. إلا أن ردودا غربية دعت طهران إلى الاستمرار في التفاوض مع القوى الكبرى بشأن برنامجها النووي، على الرغم من إقالة متقي. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، إن التغيير لا يعنيها.. «تركيزنا ليس على الشخصيات بل على السياسات».

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) عن أحمدي نجاد قوله مخاطبا متقي في قرار الإقالة: «أشكر وأقدر لكم عملكم وخدماتكم التي أديتموها طوال فترة عملكم في وزارة الخارجية»، مضيفا: «آمل أن تنال جهودكم الجزاء من عند الله، وأن تنجحوا في باقي حياتكم في خدمة شعب أمتكم الإسلامية». ويزور متقي حاليا السنغال، حيث سلم الرئيس السنغالي عبد الله واد رسالة من أحمدي نجاد، بحسب ما نقلت الوكالة.

وجاء في قرار الرئيس الإيراني تعيين صالحي وزيرا للخارجية بالإنابة أنه «نظرا للالتزام والعلم والخبرة القيمة التي تتمتع بها، فإنه يتم تعيينك في منصب وزير الخارجية بالإنابة». وكان صالحي عين على رأس منظمة الطاقة الذرية في يوليو (تموز) 2009 برتبة نائب رئيس، مباشرة بعد إعادة انتخاب أحمدي نجاد رئيسا. وتسلم صالحي منصب سفير إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية طيلة أربع سنوات حتى يناير (كانون الثاني) 2004، وقد درس الفيزياء النووية في مؤسسة ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة (إم آي تي) ذائعة الصيت، وكان الغربيون ينظرون إليه على أن مواقفه معتدلة.

وركزت وسائل الإعلام كثيرا خلال الفترة الأخيرة على صالحي وهو يعلن تحقيق إنجازات في البرنامج النووي الإيراني، على الرغم من العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران. ويتخوف المجتمع الدولي من أن تكون إيران تستفيد من برنامجها النووي السلمي لتصنيع سلاح نووي. وكان صالحي أعلن عشية اجتماع جنيف في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) أن إيران باتت تتحكم للمرة الأولى في مراحل إنتاج الوقود النووي كاملة.

أما متقي فتسلم وزارة الخارجية في أغسطس (آب) 2005، وكان آخر ظهور دولي له خلال مشاركته في منتدى المنامة حول الأمن في الخليج في الثالث والرابع من ديسمبر. ووصف خلال وجوده في المنامة تصريح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال المنتدى نفسه، حول إمكان السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم بشروط معينة، بأنه «خطوة إلى الأمام».

والمعروف أن جميع المسؤولين الإيرانيين يكررون دائما أن مسألة تخصيب اليورانيوم في إيران ليست «قابلة للتفاوض».

وترى مصادر إيرانية أن إقالة متقي القريب من رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني المعارض لأحمدي نجاد حول الكثير من الملفات، إنما يعود على الأرجح إلى نزاعات سياسية داخل المعسكر المحافظ في السلطة. وأضافت أن متقي قد يكون عارض رغبة الرئيس الإيراني في قيام «دبلوماسية موازية» لوزارة الخارجية تسلم إلى مجموعة صغيرة من مستشاريه القريبين. ويقول محللون إن تغيير وزير الخارجية علامة على اشتداد الخلاف بين أحمدي نجاد ولاريجاني.

وأفاد التلفزيون الإيراني بأن صالحي رئيس هيئة الطاقة الذرية، سيكون قائما بأعمال وزير الخارجية. وقالت الوكالة الرسمية إن صالحي سيقوم بأعمال وزير الخارجية إلى جانب مهام منصبه الحالي. لكن مصدرا أبلغ وكالة أنباء فارس شبه الرسمية أن المسؤول النووي الرفيع محمد غنادي قد يحل محل صالحي رئيسا لهيئة الطاقة الذرية. وقال موقع على الإنترنت مؤيد للإصلاحيين إن متقي أقيل من منصبه لأنه كان ينتقد سياسة أحمدي نجاد الخارجية.

وقال موقع «مردومسلاري» «لم يتكيف متقي مع وجهات نظر الرئيس وسياسته الخارجية». وقال موقع «خبر أون لاين» القريب من الحكومة إن متقي «انتقد الرئيس بشدة لأنه أنشأ جهازا دبلوماسيا موازيا»، عن طريق تعيين ستة مستشارين لشؤون السياسة الخارجية. وسحقت حكومة أحمدي نجاد يدعمها الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي احتجاجات الشوارع عقب فوزه في انتخابات الرئاسة في يونيو (حزيران) 2009. وأدت الانتخابات إلى تعميق الخلافات بين المتشددين الذين يتولون الحكم والذين يرفض بعضهم تزايد قوة أحمدي نجاد اقتصاديا وسياسيا. وحث لاريجاني، وهو من أشد منتقدي سياسات أحمدي نجاد الاقتصادية، خامنئي ضمنيا على كبح جماح رئيس الدولة دون أي استجابة تذكر في ما يبدو. وحذر نواب بارزون من أنهم قد يتخذون إجراء قانونيا ضد الرئيس، بل وقد يحاسبونه بغرض عزله إذا واصل تجاهل الدستور. ويقول منتقدون إن أحمدي نجاد ينفق دولارات النفط دون موافقة البرلمان.

وامتنعت وزارة الخارجية الأميركية من التعليق مباشرة على إقالة متقي من منصبه، حيث قال ناطق باسم الوزارة لـ«الشرق الأوسط»: «تركيزنا ليس على الشخصيات بل على السياسات».

وأضاف: «لقد رأينا بالتقارير أن إيران عينت وزير خارجية مؤقتا، ليس لدينا تعليق محدد حول هذا التغيير في الموظفين».

وتشدد واشنطن على أهمية أن تتعاون إيران مع المجتمع الدولي لحل برنامجها النووي، من دون التعليق على وضع صالحي في منصب وزير الخارجية المؤقت. وقال المسؤول الأميركي: «نحث إيران على تبني سياسات بناءة في المنطقة والالتزام بتعهداتها الدولية في ما يخص برنامجها النووي»، مضيفا: «لو فعلت ذلك، فإننا والمجتمع الدولي الأوسع مستعدون لبناء روابط جديدة ومثمرة مع إيران».

من جهته، دعا وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي أمس، طهران إلى الاستمرار في التفاوض مع القوى الكبرى بشأن برنامجها النووي المثير للجدل، وذلك على الرغم من إقالة وزير خارجيتها منوشهر متقي. وقال الوزير الألماني الذي تشارك بلاده في مجموعة الدول الست (مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن) التي تفاوض إيران: «نأمل أن تتواصل المفاوضات التي بدأت لتوها في جنيف». وأضاف الوزير الألماني لدى وصوله للمشاركة مع نظرائه الأوروبيين في اجتماع ببروكسل، أن إقالة متقي يجب ألا تؤدي «إلى تعطيل أو تأخير هذه المباحثات». وتابع: «المباحثات بدأت ويجب أن تستمر مهما كان الظرف السياسي».

واستؤنفت المباحثات بين مجموعة الدول الست وإيران الأسبوع الماضي حول البرنامج النووي الإيراني بعد توقفها 14 شهرا. ومن المقرر أن يجتمع الطرفان مجددا في إسطنبول نهاية يناير (كانون الثاني). وكانت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) أعلنت أن الرئيس محمود أحمدي نجاد أقال متقي من دون أي تفسير للقرار. وعين الرئيس الإيراني رئيس البرنامج النووي الإيراني علي أكبر صالحي بالإنابة في منصب وزير الخارجية، في انتظار تعيين خلف لمتقي يتعين أن ينال ثقة البرلمان! بحسب الوكالة.

وفي فيينا قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن صالحي اكتسب أثناء فترة عمله مع زملائه من الدبلوماسيين، خبرات ودراية بالأمور الفنية والسياسية الخاصة بمجريات الأمور بتلك المنظمات، لا سيما العمل بالوكالة الذرية، مؤكدين أنه ظل يتمتع باحترام وتقدير الأوساط المختلفة، بما في ذلك ممثلو الدول الغربية، التي كانت قد بدأت في تشديد ضغوطها على إيران بعد الكشف عن البرنامج النووي الإيراني غير المعلن أواخر 2003.

وفي هذا السياق، أشار مصدر زامن الفترة التي عمل بها صالحي إلى قدراته اللغوية وإجادته للعربية والإنجليزية بطلاقة ولتواضعه وهدوئه وصوته المنخفض حتى في أحلك اللحظات، مسترجعا كيف كان صالحي يتنقل من عاصمة لأخرى بين دول الجوار النمساوية، التي غطاها كسفير غير مقيم، في فترة حرجة عانت فيها النمسا مقاطعة دولية، بسبب اشتراك حزب الحرية اليميني في الحكومة اليمينية التي تولت مقاليد السلطة، مضيفا أن تلك كانت فترة عمل شاقة لأي سفير دع عنك سفير إيران، الذي كان عليه ملاحقة مستجدات قضية الملف النووي الإيراني الذي بدأت تفاصيله وخفاياه تتكشف بعد 18 عاما من السرية.

الرئيس الإيراني يتحدى سلطة البرلمان.. وسياسيون يتخوفون من الاندفاع إلى الديكتاتورية

نواب طالبوا بمراجعة سلطات أحمدي نجاد.. وحذروا من اتخاذ إجراءات ضده بما فيها السعي لعزله

 
الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد يضع نظارة واقية لدى حضوره عرضا لليزر في طهران (أ.ب)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

طهران: توماس إيردبرنك*
قبل عامين، رفض البرلمان الإيراني الكثير من قرارات الرئيس محمود أحمدي نجاد وعزل أحد كبار وزرائه. ولكن اليوم، فإن الرئيس الطموح يتجاهل بشكل متكرر القوانين التي يقرها البرلمان ويقلص من سلطتها، مما دفع بعض السياسيين والمحللين للإعراب عن قلقهم من انزلاق البلاد نحو الديكتاتورية.

ووجود برلمان قوي يعتبر أمرا أساسيا في النظام السياسي في إيران، هذا النظام الذي يمزج بين الدين والديمقراطية ويقسم السلطات بين البرلمان والرئيس وعدد من مجالس العلماء. لكن أحمدي نجاد، الذي يستقوي بدعم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، يقول إنه يمارس فقط حقوقه التي كفلها له الدستور. ويقول أحمدي نجاد إن على البرلمان أن يتوقف عن وضع العقبات أمام تقدم إيران. وفي خطاب مفتوح كشف عنه مؤخرا، طالب عدد من كبار البرلمانيين بحل لهذا النزاع المتصاعد، وحذروا من أنهم قد يبدؤوا في اتخاذ عدد من الإجراءات ضد الرئيس، بما في ذلك السعي لعزله، إذا لم يتم مراجعة سلطاته.

ويشكو أعضاء البرلمان من أن أحمدي نجاد يرفض التوقيع على القرارات التي يقرها البرلمان والتي تكون ملزمة قانونا لحكومته. ويتهمونه بإنفاق مليارات الدولارات من دون الحصول على موافقة أعضاء البرلمان، 290 عضوا، وإعاقته لتمويلات ضخمة لبلدية طهران، التي على خلاف معه هو وحكومته. كما يقولون إن حكومته لم تقدم توضيحات تفصيلية عن ميزانية الدولة للعام المقبل، وتنفق مبالغ غير معروفة على عشرات الرحلات إلى محافظات إيران – وهي أمور مخالفة للدستور.

وقد كتب رئيس البرلمان، علي لاريجاني، وأربعة أعضاء بارزين آخرين قائلين إن دور البرلمان الرقابي والتشريعي، المنصوص عليه في دستور 1979، في خطر. ومن بين ما جاء في هذا الخطاب شديد اللهجة التحذير من أنه «إذا كانت الحكومة مصرة على الحد من سلطات البرلمان، فإن هذا سيكون بمثابة القضاء على النظام الجمهوري». وبعد ثورة 1979، دعمت الغالبية الساحقة من الإيرانيين استفتاء حوَّل إيران إلى جمهورية إسلامية يكون للمرشد الأعلى فيها القول الفصل في كل الشؤون السياسية والدينية. وتقع مسؤولية إدارة الشؤون اليومية للحكومة على عاتق البرلمان المنتخب عبر الانتخاب السري المباشر، ورئيس (أحمدي نجاد) ووزراء، وعدد من مجالس العلماء، ينتخب أعضاء بعضها ويعين أعضاء البعض الآخر، ومن المفترض أن يراقب ويشرف كل منها على الآخر بطريقة أو بأخرى.

ولكن منذ إعادة انتخاب أحمدي نجاد في انتخابات مثيرة للجدل عام 2009، فإن الصراعات بين هذه القوى تأججت وفي كل مرة كان الرئيس يخرج منتصرا. ورد أحمدي نجاد على رسالة البرلمانيين بتأكيده أنه الرجل الثاني في الجمهورية الإسلامية، بعد المرشد الأعلى علي خامنئي. وقال نجاد في مؤتمر صحافي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني): «كرئيس، فإنني أرأس السلطة التنفيذية، وآتي في المرتبة الثانية بعد المرشد الأعلى، وأنا مسؤول عن تنفيذ الدستور. إنهم يضيعون وقتنا بهذه الرسائل».

وهذه المعركة السياسية توضح الوجه المتغير للسياسة في إيران، التي كانت تقاد على مدى عقود بقيادة تضم الكثير من الفصائل المتنافسة. وفي خلال السنوات الأخيرة، تم وقف السياسيين الذين قادوا ثورة 1979 وأغلقت أحزابهم وأودع بعضهم السجون. لكن مع تمركز السلطة بشكل متزايد في يد أحمدي نجاد والمرشد الأعلى، فإن الرئيس ودائرة صغيرة من المقربين منه يتحركون في اتجاه إعادة تشكيل البلاد. إنهم يسعون إلى تعزيز مكانة إيران محليا وعلى الساحة الدولية وإعادة توزيع المساعدات المقدمة للفقراء وتوسيع نفوذهم على المدارس والجامعات ونقل ما لا يقل عن خمسة ملايين نسمة إلى خارج العاصمة طهران.

ويقول عماد أفروغ، العضو السابق في البرلمان الإيراني، الذي كان من أشد المؤيدين لأحمدي نجاد ولكن يختلف الآن مع سياساته إن حكومة نجاد تقول «إنها تحتاج إلى المزيد من السلطات وتريد إطلاق يدها لتنفيذ سياساتها». وأضاف أفروغ أن البرلمان أصبح عقبة بالنسبة للرئيس ووزرائه. لكنه حذر من محاولات تحجيم البرلمان قائلا: «لكن، إذا تم إضعاف البرلمان واتخذت القرارات من شخص، بشكل مخالف للدستور، فإن ذلك سوف يعني تحول إيران إلى الديكتاتورية». وفي نهاية فترة أحمدي نجاد الأولى، كان البرلمان مليئا بالسياسيين الذين كانوا من بين أشد المؤيدين له، لكن من المفارقات فقد بذلوا قصارى جهدهم للحد من سلطات الرئيس، مما اضطره إلى تغيير عدد من وزرائه كما تم استجواب الكثير من أعضاء الحكومة بصورة علنية. إن الذين كان يعارضون أحمدي نجاد في البرلمان كانوا يشاركونه رؤيته للكثير من السياسات العامة، لكنهم كانوا غير راضين عن الطريقة التي كان يستخدمها لإقرار هذه السياسات.

وفي عام 2008، عزل البرلمان علي كوردان، وزير التعليم وأحد المقربين من أحمدي نجاد، بعد أن اكتشف أن درجة التي قال إنه حصل عليها من جامعة أكسفورد لم تكن صحيحة، وأجبر وزراء آخرين على الاستقالة. وقد اتهم أحمدي نجاد البرلمان في ذلك الوقت بأنه يسعى «لتخريب» حكومته.

وبينما يخول الدستور البرلمان حق سحب الثقة من الرئيس لانتهاكه القوانين وتجاهل إشرافه، فإن البرلمان الحالي ضعيف للغاية ومنقسم سياسيا لدرجة تمنعه من القيام بمثل هذه الخطوة الراديكالية، وذلك وفقا لآراء بعض السياسيين والمحللين.

ولا يجرؤ سوى عدد قليل من أعضاء البرلمان على انتقاد الرئيس بصورة علنية، لأنهم بحاجة إلى دعم حكومته لمشاريع البنية التحتية في دوائرهم لمساعدتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2012، وحاجز آخر هو خامنئي الذي، بموجب الدستور، له القول الفصل في مسألة عزل الرئيس. وقد أعلن خامنئي في الكثير من خطبه دعمه لسياسات الحكومة، لذلك فمن المستبعد جدا أن يقرر قرار بهذا الشأن من البرلمان. وبدلا من ذلك فقد أمر بتشكيل لجنة خاصة لحل الخلافات بين البرلمان والرئيس. وقد حاول العضو البارز بالبرلمان علي مطهري على مدار أسابيع جمع 72 توقيعا لطلب استجواب الرئيس، وهي عقوبة قانونية دون العزل. وعندما كشفت وسائل الإعلام الموالية للحكومة عن بعض أسماء الموقعين المزعومة على هذا الطلب، نفى جميعهم بشدة توقيعهم عليها. وقد أكد مطهري أن الكشف عن هذه الأسماء كان خدعة من أحمدي نجاد وحكومته، وتعهد بالإبقاء على أسماء الموقعين سرية. وفي الوقت الراهن، وعلى الرغم من تحدي قرارات البرلمان لعدد كبير من المرات، فإن الرئيس ووزراءه لا يواجهون تهديدا جديدا.

ويقول عباس عبدي، المحلل السياسي، المعارض للحكومة: «نظرا للدعم غير المحدود الذي تقدمه مراكز القوى الأخرى لأحمدي نجاد، فإن يدي البرلمان مقيدتان. هذا هو سبب أن الحكومة قوية والبرلمان عاجز تماما وضعيف».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»

متقي يدفع ثمن معارضة نجاد

عمل في ظل خاتمي ونجاد ويوصف بالمعتدل

 
منوشهر متقي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

القاهرة: «الشرق الأوسط»
دفعت الخلافات بين وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي والرئيس محمود أحمدي نجاد إلى إقالة الأول أثناء توجهه لتسليم رسالة للرئيس السنغالي، وإلى الدفع برجل خبير في الشأن النووي، هو علي أكبر صالحي، للقيام بأعمال وزارة الخارجية الإيرانية، وذلك في وقت تستعد فيه البلاد لجولة مفاوضات مع الغرب بشأن برنامجها النووي المثير للجدل، وتشير المصادر إلى احتمال استمرار الخلاف بين المجموعة المساندة لمتقي ومجموعة نجاد، خاصة أن نوابا بمجلس الشورى الإيراني وعدوا بمساندة متقي حين بدأت بوادر خلافه مع نجاد قبل نحو 90 يوما.

وعين متقي وزيرا للخارجية عام 2005 خلفا لكامل خرازي، في ظروف مشابهة، كانت تحمل زخما وجدلا سياسيا داخليا في إيران. وبحسب مصادر إيرانية وتقارير أخرى يبدو أن خلافات بين متقي ونجاد هي السبب في الإقالة حيث كانت تقارير صحافية قالت في سبتمبر (أيلول) الماضي إن أحمدي نجاد يفكر في تغيير وزير خارجيته على خلفية نزاع نشب بينهما حول السياسة الخارجية، وتنديد متقي بتدخل نجاد في أعمال وزارته، وعدم الرجوع إليه في كثير من الإجراءات والخطوات التي تعتبر من صميم عمل الخارجية.

وكان متقي قد هدد في ذلك الوقت بالاستقالة من منصبه في حال استمرار الرئيس الإيراني في اتخاذ قرارات دون التنسيق مع وزارة الخارجية، حيث جاءت تلك التهديدات خلال اجتماع للحكومة الإيرانية، احتجاجا على التدخلات غير المقبولة من جانب نجاد في شؤون وزارته. وفي ذلك الوقت تضامن عدد كبير من أعضاء البرلمان الإيراني مع متقي في موقفه ضد نجاد بل هددوا بخطوات تصعيدية، حيث تفجرت الأزمة بين الرئيس ووزير خارجيته حينما تعارضت آراء هذا الأخير مع آراء نائب نجاد، حميد فقيه، بشأن مسؤولية تركيا عما يعرف بمذبحة الأرمن التي وقعت على أيدي الدولة العثمانية في مطلع القرن الماضي. وبحسب تقارير متفرقة اعتبر متقي تصريحات فقيه غير مسؤولة وتتسبب في توتر العلاقات الدبلوماسية بين طهران وأنقرة. وفي ذلك الوقت نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست أن يكون وزير خارجية بلاده استقال من منصبه، وقال لوكالة الإنباء الإيرانية الحكومية إن «الأنباء التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام الأجنبية حول استقالة وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي لا أساس لها من الصحة»، ووصف الأنباء التي ترددت قبل شهرين بأنها مستقاة من «مصادر خبرية تحاول إثارة الخلافات والفرقة بين المسؤولين الإيرانيين وبث الخلافات داخل الدول الإسلامية لإضعافها أمام تهديدات الكيان الصهيوني لكن من الأفضل لها أن تضع نهاية لهذا الأسلوب غير الأخلاقي». وفي مطلع هذا الشهر كشفت مصادر إعلامية غربية عن أن متقي أضاع فرصة للحوار مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أثناء مشاركتهما في مؤتمر أمني في البحرين. وكان هذا آخر ظهور دولي لمتقي في منتدى المنامة حول الأمن في الخليج يومي الثالث والرابع من الشهر الجاري.

وقالت تقارير إن الوزيرة كلينتون فشلت في التواصل الدبلوماسي مع الوفد الإيراني المشارك في المؤتمر على الرغم من أن كلمة كلينتون في المؤتمر كانت موجهة إلى وفد إيران بشكل مباشر. وأوضحت تقارير أخرى أن متقي لم يأبه للباب الذي واربته كلينتون لتجديد الحوار مع الإيرانيين والتمهيد للقاء دولي لاحق في جنيف، وأن متقي بدلا من هذا ظل ينظر إلى المائدة وإلى أطباق الطعام أمامه دون أن يلقي بالا لكلمة كلينتون. ونقلت تقارير عن كلينتون قولها للصحافيين على متن الطائرة أثناء عودتها لواشنطن الأسبوع الماضي: قمت لكي أغادر، وكان وزير الخارجية الإيراني (متقي) يجلس على بعد مقعدين مني ويصافح الناس، وعندما شاهدني توقف وبدأ يبتعد، وعندها قمت بالنداء عليه: «مرحبا أيها الوزير»، فأعرض بوجهه وأعطاني ظهره. وقالت مصادر إيرانية إن متقي وُوجه فيما بعد في طهران بمثل هذه الانتقادات ورد عليها بأنه لم يتعمد تجاهل الأميركيين المشاركين في المؤتمر.

وجاء قرار نجاد بإقالة متقي في وقت يقوم فيه الوزير بزيارة السنغال ليسلم رسالة من نجاد إلى نظيره السنغالي. وولد متقي عام 1953 بمدينة بندر غاز إحدى البلدات في محافظة جوليستان الشمالية، ذات الأهمية الخاصة إبان حكم الشاه رضا بهلوي، باعتبارها ممرا إلى الاتحاد السوفياتي السابق. وبعد انتهائه من دراسته الأولية، التحق بالجيش وعمل كمعلم بإحدى المدارس الحكومية في مدينة مشهد بإقليم خراسان. كما ارتحل إلى الهند لاستكمال دراسته في مجال علم الاجتماع، عقب إنهائه الخدمة الإلزامية بالجيش، وذلك قبيل سنوات قليلة من نشوب الثورة الإيرانية عام 1979، وتحصل على شهادة البكالوريوس من جامعة بانغلور في الهند.. ثم حصل على درجة الماجستير من جامعة طهران في مجال العلاقات الدولية. وبعد قيام الثورة الإيرانية، اختير متقي من قبل أهالي بلدته كنائب بالبرلمان. ثم رشحه أعضاء البرلمان كرئيس للجنة الأمن والعلاقات الخارجية نظرا لخبرته وموهبته السياسية. وعمل متقي أيضا كسفير لدى تركيا عام 1985، ثم عين سكرتيرا عاما للعلاقات الأوروبية بوزارة الخارجية الإيرانية عام 1989، ثم نائبا لوزير الخارجية للشؤون الدولية عام 1999، فنائبا لرئيس مؤسسة الثقافة والاتصالات الإسلامية عام 2001.


المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 172,215,639

عدد الزوار: 7,665,904

المتواجدون الآن: 0