الجيش السوري يصعد حملته في حمص.. وإحراق للبيوت والسيارات واستمرار الاعتقالات

«حالة حرب» في حمص تسبق جمعة «أحفاد خالد»

تاريخ الإضافة السبت 23 تموز 2011 - 5:06 ص    عدد الزيارات 2963    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

«حالة حرب» في حمص تسبق جمعة «أحفاد خالد»
تقارير عن انشقاق ضباط وجنود في الكلية الحربية.. والحملات الأمنية لم تمنع خروج مظاهرات * مداهمات في ريف دمشق
باريس: ميشال أبو نجم لندن - دمشق: «الشرق الأوسط»
عشية استعداد السوريين للخروج في مظاهرات توقع الناشطون أن تكون الأكبر، اليوم الجمعة وأطلق عليها «أحفاد خالد»، صعد الجيش السوري من حملته الأمنية في حمص، وأكد ناشطون أن الحملة «هي الأشرس» حتى الآن. وتحدث رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط» عن إحراق للبيوت والسيارات والمحلات التجارية، إضافة إلى استمرار حملة الاعتقالات الواسعة وأنباء عن سقوط عدد من القتلى. مؤكدا أن سكان بعض الأحياء «يشعرون بالرعب».
وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم الريحاوي إن شخصين قتلا أمس في حمص برصاص قوات الأمن. ووصفت مصادر الوضع في المدينة بأنه أشبه بـ«حالة حرب»، بحيث لا يتمكن السكان من مغادرة منازلهم.
وتردد أمس خبر انشقاق عدد من الضباط والجنود في الكلية الحربية في حمص، بحسب ما أكد ناشطون على صفحات «فيس بوك». وتأتي هذه التطورات، في الوقت الذي استمرت حملات المداهمة والاعتقال العشوائي في دوما بريف دمشق، مع قطع تام للاتصالات. أما في حرستا في ريف دمشق، فقد استمرت أيضا التعزيزات العسكرية والأمنية. ولم تمنع الحملات الأمنية السوريين من الخروج في مظاهرات متفرقة أمس، من بينها مظاهرة لنحو 500 طالب وطالبة في وسط دمشق دعما لحمص التي تشهد تطورات دامية منذ يوم السبت الماضي.
وقال ناشطون على صفحة الثورة السورية على «فيس بوك»، أنه تم اختيار اسم «جمعة أحفاد خالد» لأن مدينة حمص عرفت بـ«مدينة ابن الوليد» أي الصحابي خالد بن الوليد.
من جهة أخرى، ردت باريس بشكل غير مباشر على التحذيرات التي أطلقها وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أول من أمس، والتي حذر فيها مباشرة سفيري الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا من أن بلاده ستفرض حظرا على تنقلاتهما على الأراضي السورية، وقالت مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط» «نريد أن يعامل سفيرنا في دمشق كما تعامل السفيرة السورية في باريس لا أكثر ولا أقل».
 
الانتفاضة السورية تدخل اليوم أسبوعها الـ19 بجمعة «أحفاد خالد»
أيام الجمعة تقلق النظام وتحفز المعارضة.. وأكثرها دموية في شهر أبريل
إسطنبول: «الشرق الأوسط»
تحولت أيام «الجمعة» إلى كابوس يقض مضاجع رجال الأمن والسياسة في سوريا. إنه سباق عض أصابع أليم بين النظام المتمسك ببقائه، والمنتفضين ضده الذين يتخذون من ظهيرة كل يوم جمعة نقطة لانطلاق تحركاتهم التي دخلت اليوم أسبوعها الـ19.
صبيحة كل يوم جمعة، يراهن النظام على تناقص الأعداد، ويراهن المنتفضون على ازديادها، في انتظار أن يتعب أحدهما فتكون للآخر الكلمة الفصل، وتسير الأمور في المسار الذي يريده، فتجري الرياح بما تشتهي سفنه. وهذا الصباح، لن يكون مختلفا عما سبقه.. إنه صباح جمعة «أحفاد خالد». بعد أسبوع دام عاشته مدينة حمص التي وصفها زوارها بأنها تحولت إلى مدينة أشباح، يراهن الناشطون السوريون على مظاهرات اليوم «جمعة أحفاد خالد» لنصرة مدينة حمص التي تشهد أحداثا بالغة الخطورة؛ إذ باتت على شفير نزاع طائفي.
وفي حين يؤكد الناشطون السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي على ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية ونبذ الطائفية، تسجل حوادث على الأرض تؤكد وجود من يدفع بقوة نحو اقتتال طائفي. وقد اختار الناشطون اسم «جمعة أحفاد خالد» لأن مدينة حمص عرفت بـ«مدينة ابن الوليد» أي الصحابي خالد بن الوليد، الملقب بـ«سيف الله المسلول»، ويعتز أبناء حمص بأنهم أحفاده. ويتبركون بضريحه الموجود في جامع «سيدي خالد» كما يلفظها أهالي حمص، في منطقة الخالدية المنسوبة له، وهي المنطقة التي انطلقت منها أول مظاهرات في المدينة وتخضع لوجود أمني مكثف. وفي الأسبوع الأخير كانت الخالدية هدفا لأعمال العنف مع باقي الأحياء الملتهبة.
النظام يأمل، والمنتفضون يأملون.. وما بعد صلاة الجمعة يتحدد مسار الأمور، فتخرج المظاهرات ويسقط القتلى، ثم ينطلق المشيعون في اليوم التالي، فيسقط القتلى ليخرج المشيعون في اليوم الثالث، ثم تهدأ الأمور بعض الشيء في انتظار يوم جمعة جديد.
يوم الجمعة الأول، كان في 18 مارس (آذار) الماضي، وقد حمل اسم «جمعة الكرامة» بعد أن انتفض أهل درعا على ما اعتبروه مسا بكرامتهم من قبل أجهزة الأمن، وكانت حصيلته 4 قتلى. أما الأسبوع اللاحق، فقد حمل اسم «جمعة العزة» في الـ25 من الشهر نفسه، وكانت حصيلته 36 قتيلا. حمل شهر أبريل (نيسان) الكثير من الضحايا؛ ففي يوم 1 منه وفي يوم «جمعة الشهداء» سقط 15 قتيلا، لتأتي «جمعة الصمود» وتذهب معها أرواح 11 شخصا، تلتها «جمعة الإصرار» في 15 أبريل التي كانت حصيلتها 15 قتيلا، ليرتفع الرقم بشكل ملحوظ في «الجمعة العظيمة» التي سماها الناشطون «أسبوع الآلام» وكذلك لتزامنها مع هذه المناسبة عند الطوائف المسيحية في 22 أبريل، التي سقط فيها 100 قتيل في رقم قياسي غير مسبوق في المظاهرات السورية، ومعظم هؤلاء سقطوا في درعا. أما «جمعة الغضب» التي تلتها في 29 أبريل، فقد سقط فيها 62 قتيلا.
ولم يكن شهر مايو (أيار) بأقل وطأة؛ ففي أول أسابيعه في السادس منه رفع المتظاهرون شعار «جمعة التحدي» التي كلفتهم 30 قتيلا، لتأتي جمعة «حرائر سوريا» في 13 مايو التي كانت محاولة من المتظاهرين لدفع النساء إلى المشاركة، وكانت حصيلتها 6 قتلى، ليعود الرقم إلى الارتفاع في «جمعة آزادي» أي الحرية باللغة الكردية، التي خاطب من خلالها منظمو التحركات أكراد سوريا في 20 مايو، ليسقط 40 قتيلا في مظاهراتها. ثم أتت جمعة «حماة الديار» في 27 منه محاولة لمخاطبة الجيش السوري بإبقائه على الحياد على الأقل، فكانت حصيلته 8 قتلى بينهم الطفل حمزة الخطيب، مما دفع بالمتظاهرين إلى تخصيص يوم الجمعة التالي في 3 يونيو (حزيران) باسم جمعة «أطفال الحرية» الذي سقط فيه رقم كبير من الضحايا بلغ 72 قتيلا. وفي الـ10 من الشهر نفسه كانت جمعة «العشائر» التي سميت كذلك لجذب انتباه العشائر السورية، فكانت حصيلتها 37 قتيلا. ثم أتت جمعة «صالح العلي» في 17 يونيو لتحمل معها 25 قتيلا، فجمعة «سقوط الشرعية» التي راح ضحيتها 14 قتيلا.
وأتى شهر يوليو (تموز) ليستهل في أول أيامه بجمعة «ارحل» التي سقط فيها 25 قتيلا، تلتها جمعة «لا للحوار» التي تزامنت مع دعوات النظام للحوار مع المعارضة، فكان ضحيتها 16 قتيلا.. أما جمعة «أسرى الحرية» في 15 يوليو فقط سقط ضحيتها 20 قتيلا.
اختار من يديرون المواقع الإلكترونية التي تنطق باسم المتظاهرين، وبعد تصويت على الاسم، لليوم، اسم «جمعة أحفاد خالد» وشعار «من أجل وحدتنا الوطنية».. والرهان اليوم، ككل يوم جمعة، هو كم سيتظاهرون، وكم سيقتلون.
 
الجيش السوري يصعد حملته في حمص.. وإحراق للبيوت والسيارات واستمرار الاعتقالات
المرصد السوري لحقوق الإنسان يصف العملية بـ«الأشرس» حتى الآن.. وأنباء عن انشقاق عدد كبير من ضباط الكلية الحربية في المدينة
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
صعد الجيش السوري من حملته العسكرية في حمص، عشية جمعة «أحفاد خالد»، وقتل شخصان برصاص قوات الأمن في المدينة، أمس، بحسب ما أكد ناشطون. وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط» أن العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري في حمص «هي الأشرس» حتى الآن، وتحدث عن إحراق للبيوت والسيارات والمحلات التجارية، إضافة إلى استمرار حملة الاعتقالات الواسعة وأنباء عن سقوط عدد من القتلى.
وفي الوقت نفسه، استمرت حملات المداهمة والاعتقال العشوائي في دوما بريف دمشق، مع قطع تام للاتصالات. وفي حرستا في ريف دمشق، استمرت أيضا التعزيزات العسكرية والأمنية. ولم تمنع الحملات الأمنية السوريين من الخروج في مظاهرات متفرقة أمس، دعما لحمص التي تشهد تطورات دامية منذ يوم السبت الماضي.
ولفت أمس خبر انشقاق عدد من الضباط والجنود في الكلية الحربية في حمص، بحسب ما أكد ناشطون على صفحات «فيس بوك». وذكرت صفحة الثورة السورية أن «عددا كبيرا من الضباط والجنود» في الكلية الحربية في حمص انشقوا. وأضافت لاحقا أنه يسمع انفجارات وإطلاق رصاص كثيف جدا عند الكلية الحربية، مجهولة المصدر، «ويرجح أنها بسبب انشقاق لعناصر من الجيش».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «مدينة حمص تتعرض منذ صباح الخميس لعملية أمنية شرسة جدا. الحواجز العسكرية منصوبة في كل شوارع المدينة». وأضاف البيان أن باب السباع تعرض «لإطلاق نار كثيف جدا مما أدى لاحتراق أحد المنازل والأوضاع الإنسانية باتت مزرية وانقطعت الاتصالات في عدد كبير من أحياء المدينة».
وأشار عبد الرحمن إلى أن «الجيش وقوات الأمن اقتحموا منازل وقاموا باعتقالات في حمص. ويسمع إطلاق نار كثيف منذ الفجر (أمس)» في هذه المدينة التي تشكل ثالث أكبر المدن السورية، حيث قتل عشرات المدنيين في الأيام الماضية. وأضاف أن «غالبية الشوارع مقفرة بسبب العمليات العسكرية. وتمت رؤية دبابات في محيط قلعة حمص كما تم إقفال مداخل بعض الأحياء». وتابع «الجيش أقام حواجز في كل الطرق. وسائل الاتصال قطعت في غالبية الأحياء. الوضع الإنساني يرثى له». وأكد أن سكان بعض الأحياء خصوصا في باب الدريب حيث تم سماع دوي انفجارات «يشعرون بالرعب».
وقال نشطاء وسكان في حمص لوكالة «رويترز»، إن الجيش السوري صعد حملته العسكرية في المدينة التي أصبحت نقطة ساخنة للاحتجاجات. وقال مقيمون إن إطلاق نار ودوي انفجارات سمعا في حي باب السباع القديم في حمص بوسط سوريا. وقال مقيم في حمص طلب الإشارة إليه باسم أحمد «هناك ضحايا واعتقل كثيرون. إننا نشعر بخوف شديد». وذكر مقيم في حي آخر بالمدينة أن مستشفيات محلية تدعو إلى التبرع بالدم بعدما استقبلت حالات إصابة من باب السباع.
وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم الريحاوي لوكالة الصحافة الفرنسية إن شخصين قتلا أمس في حمص برصاص قوات الأمن الذين كانوا ينفذون مع الجيش عمليات أمنية. وأضاف الريحاوي «ثمة إطلاق نار كثيف في أحياء الخالدية وبابا عمرو ونزهة التي تطوقها قوات الأمن. وقد قتل مدنيان برصاص الأمن».
وذكر ناشط في حمص أن الجيش اقتحم منازل في حي باب السباع. وقال ساكن لـ«رويترز» عبر الهاتف إن الجيش أطلق النار على مصلين في حي الخالدية بشرق حمص أثناء خروجهم من مسجد خالد بن الوليد في الساعات الأولى من صباح أمس.
وتصاعد التوتر بين الأغلبية السنية في البلاد وأفراد الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد في حمص، مما أثار مخاوف من أن تأخذ حركة سلمية تنادي بالديمقراطية منحى خطرا صوب الصراع الطائفي. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الاثنين الماضي، إن إعادة جثث مشوهة لثلاثة من العلويين إلى أقاربهم أسفرت عن نشوب قتال بين سكان مسلحين في حمص هذا الأسبوع. وذكر نشطاء وسكان أن عدد القتلى في حمص منذ مطلع الأسبوع ارتفع إلى 33 على الأقل. ومن الصعب معرفة ما إذا كان القتلى سقطوا برصاص القوات الحكومية أو في قتال بين السكان. ودخلت القوات والدبابات السورية حمص الواقعة على بعد 165 كيلومترا شمال دمشق أول مرة قبل شهرين واحتلت الميدان الرئيسي بالمدينة بعد احتجاجات كبيرة تطالب بالحريات السياسية.
ومنذ بداية الأسبوع الماضي والمدينة تعيش حالة أشبه بالإضراب العام، بينما تتجول الدبابات في الأحياء، وعناصر الأمن والشبيحة يتولون أمر فض المظاهرات التي لم تهدأ بالقصف والرصاص الحي، مع حملة اعتقالات موسعة. وقالت مصادر محلية إن العملية العسكرية التي يشنها النظام على المدينة استمرت طلية ليل أول من أمس، وفجر الخميس تمركزت الدبابات والمدرعات في ساحة باب الدريب، كما سمع صوت قصف في حي باب السباع. ووصفت المصادر الوضع في مدينة حمص بأنه أشبه بـ«حالة حرب»، حيث لا يتمكن السكان من مغادرة منازلهم. وأضافت المصادر أن حي العدوية تعرض لحملة أمنية عنيفة، مصحوبة بقصف مدفعي وكذلك أحياء المريجة والفاخورة والقصور، وتمت مهاجمة مسجد في المريجة.
ولم يمنع القمع الشديد الذي ظهر في حمص، من خروج المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام ونصرة حمص. ففي مدينة دمشق، وفي تطور لافت، خرج في المدينة القديمة نحو 500 شاب وشابة من طلاب جامعات ومثقفين، فيما يعرف بمظاهرة «طيارة» أي تكون سريعة، هتفوا «شدي حيلك يا بلد الحرية عم تنولد» و«بدنا حرية إعلام» و«بدنا نحكي وع المكشوف حرامية ما بدنا نشوف» و«الشعب السوري واحد».
وقال شهود إن جمهورا من مؤيدي النظام، بالتعاون مع الشبيحة، هجموا على المتظاهرين وراحوا «يضربونهم بأي شيء حتى بالكراسي»، كون المنطقة تلك من المناطق السياحية التي تنتشر فيها المقاهي. وتم اعتقال عدد من المشاركين منهم خزامي درويش، وربا حسن، ووفاء صالح ورهف عيسى موسى ونوال شاهين وأليس مفرج والدكتور عمر عبد الدين وعقبة عمود وخلدون البطل مصور فوتوغرافي.
وشكلت هذه المظاهرة مفاجأة في أوساط المثقفين، إذ خرجت دون سابق إنذار، وفي مكان لم تخرج فيه سابقا أي مظاهرات. كما أن التنوع الديني والمناطقي للمشاركين يضم كل الأطياف السورية. واعتبر أحد الناشطين «هذه المظاهرة الطيارة ردا بليغا على من يدفع باتجاه الاقتتال الأهلي»، بينما أحال المصور الفنان عمر البحرة كل من يقول إن للمظاهرات في سوريا «طابعا دينيا طائفيا إلى أسماء المشاركين في مظاهرة القيميرية».
كما خرجت مظاهرة في حي الميدان ليل الأربعاء، وقامت قوات الأمن بتفريقهم بإطلاق نار في الهواء. وخرجت مظاهرات أخرى في كل من كفر سوسة والقابون وركن الدين، وهتف المتظاهرون بإسقاط النظام في بلدات كناكر وعربين والكسوة بريف دمشق.
وفي محافظة دير الزور (شرق) خرجت عدة مظاهرات في مدينة دير الزور التي تشهد اعتصاما أمام جامع عثمان، أما في البوكمال فقد رفض المعتصمون طلب الجيش الذي يحاصر المدينة تسليم الضباط المنشقين الذين لجأوا إلى الأهالي في وقت سابق هذا الأسبوع. وكان وجهاء البوكمال وزعماء العشائر قد دخلوا في مفاوضات مع قادة عسكريين لتسليم قطع الأسلحة التي صودرت من مخفر للشرطة وجهات حكومية وإنهاء المظاهر المسلحة وتوقيع المطلوبين على تعهد بعدم المشاركة في أعمال عنف مقابل عدم دخول الجيش إلى المدينة.
وفي محافظة السويداء، خرجت مظاهرات في مدينة الشهباء لنصرة حمص يوم أول من أمس، كما أصدر محامو محافظة السويداء بيان استنكار «لتفشي ظاهرة البلطجية أو الشبيحة»، وقال البيان الناطق باسم محامي فرع نقابة المحامين في السويداء: «أمام السلوك الإجرامي واللاأخلاقي للشبيحة والمتمثل بالتعرض لحياة الأفراد من شرائح المجتمع كافة، بالضرب والشتم بأقذع العبارات، وأمام تطاولهم بالاعتداء على الأملاك الخاصة، من محلات تجارية ومكاتب وعيادات أطباء وصالات فنون وصالات أفراح.. ونظرا للاستهداف المتكرر للمحامين، الذي كان آخره الاعتداء الواقع على كل من الزملاء؛ أيمن شهاب الدين وعلاء صيموعة ومهند بركة، المتمثل بالتعرض لهم في الطرقات والاعتداء عليهم بالضرب واستخدام الأدوات المؤذية والقاتلة، من حجارة وسكاكين وعصي وجنازير، على مرأى ومسمع من الجهات الأمنية والضابطة العدلية، وقيامهم بتوجيه الشتائم للمحامين، ووصفهم بصفات العمالة والخيانة (باعتبارهم محامين) مما يشير جليا، إلى استهداف المحامي، بصفته هذه». وتابع البيان: «أمام كل هذه السلوكيات لهؤلاء الخارجيين على القانون، نعلن احتجاجنا واستنكارنا واستهجاننا لما يتعرض له المواطنون الآمنون، وأملاكهم، في هذه المحافظة، ولما تعرض له زملاؤنا المحامون». ودعا المحامون الموقعون على البيان، الذي يكتسب أهميته لصدوره عن نقابة مهنية رسمية، تخضع بشكل ما إلى حزب البعث الحاكم، «جميع أفراد الضابطة العدلية، وعلى رأسهم السيد المحامي العام والسيد محافظ السويداء والسيد أمين فرع الحزب إلى تحمل مسؤولياتهم الكاملة والمطلقة، في هذا الصدد، ووضع حد لهذه الظاهرة الإجرامية، التي تحصل على مرأى من الجميع».
 
نجاتي طيارة.. ناشط نقل للعالم أخبار الاحتجاجات في حمص ويقبع الآن في السجن
تصدر شاشات التلفزة ووكالات الأنباء العالمية حتى اعتقاله قبل أكثر من شهر
بيروت: ليال أبو رحال
ليست هذه هي المرة الأولى التي تعتقل فيها قوات الأمن السورية، الباحث والناشط الحقوقي السوري نجاتي طيارة على خلفية مواقفه السياسية ونشاطه الحقوقي. فقبل توقيفه في 12 من شهر مايو (أيار) الماضي، تم اعتقاله في عام 2001، بعد أن لعب دورا بارزا في الحركة المطالبة بإطلاق الحريات السياسية المعروفة باسم «ربيع دمشق» والتي تم القضاء عليها بعد عام من وصول الرئيس السوري بشار الأسد إلى السلطة.
ومع بداية الاحتجاجات الشعبية في سوريا منتصف مارس (آذار) الماضي، برز اسم نجاتي طيارة كواحد من أبرز مصادر المعلومات حول أخبار التحركات وتحديدا في مدينة حمص. وتمكن بسرعة قياسية من تصدر الشاشات العربية ووكالات الأنباء العالمية التي واكبت ما يحصل في الشارع السوري. واعتمد في جمع معلوماته على حركته المكوكية في الشارع وعلاقاته الطيبة مع أهالي المدينة الذين يعرفونه جيدا من خلال مقالاته الصحافية ونشاطاته على أكثر من مستوى.
وعلى الرغم من صدور مراسيم العفو الرئاسية بحق عدد من المعتقلين، فإنها لم تشمل طيارة، البالغ من العمر 57 عاما. وكان طيارة، وهو موظف متقاعد من السلك التربوي، قد وجه له القضاء السوري تهمة «إذاعة أنباء كاذبة على المحطات الفضائية التلفزيونية وإضعاف الشعور القومي». وفي محضر التحقيق الأولي معه والذي تم نشر نسخة عنه على صفحة أنشئت خصيصا له على شبكة «فيس بوك» بعنوان: «نطالب بالإفراج عن نجاتي طيارة، الناشط بمجال حقوق الإنسان»، يعرف طيارة عن نفسه ويشرح نشاطه مع بدء التظاهرات بالقول: «أنا موظف متقاعد، مواليد 1954، ومقيم في حمص، ناشط في مجال حقوق الإنسان في سوريا، ومنذ بعض الأشهر بدأت بعض المحطات الفضائية العربية والأجنبية بالاتصال هاتفيا بي للاستفسار عن المظاهرات وما يحدث في سوريا». ويضيف «كنت أتحدث معهم بصفة باحث وأدليت بمعلومات عن الأوضاع في سوريا والمظاهرات التي حصلت وآفاق حل الأزمة في سوريا». وتابع يقول «مصادر معلوماتي التي أدليت بها للمحطات الفضائية كانت من صدى الشارع السوري والمتظاهرين والجنازات وبيانات العزاء (أوراق النعوة)...».
ويكشف المحققون أنه تم إحضار طيارة إليهم مع «جهازي هاتف خلوي بضمنهما أرقام ورسائل مرسلة إلى القنوات الفضائية التي تقوم بالتحريض وإثارة الفتنة في القطر وثلاث فلاشات لإذاعته أنباء كاذبة على المحطات الفضائية التلفزيونية العربية والأجنبية وإضعافه الشعور القومي»، لافتين إلى أنه «تم إفراغ الفلاشات التي بحوزته وتبين لنا بأنها تحتوي على الوثائق التالية: مقالات وبيانات سياسية تتناول الأوضاع في سوريا وآرائه الشخصية السلبية...».
وكان الناشط الحقوقي، الذي انتقد بشدة الحملة العسكرية في الأحياء السكنية لسحق المظاهرات المطالبة بالديمقراطية في مدينة حمص، قد تحدث أمام المتظاهرين في إحدى مظاهرات المدينة. وفي مقطع فيديو منشور على موقع «يوتيوب»، يخاطب طيارة المتظاهرين مطالبا إياهم بالحفاظ على قوة حركتهم. ويقول: «ها أنتم تأتون أحرارا بالروح، لدينا عمل طويل وما زلنا في أول الطريق يا شباب، نضالنا من أجل الحرية ما زال طويلا». ويتابع: «اتركوا مساحة للعقل... نحن معكم... لا تنفعلوا... كما قامت مصر وتونس أنتم تقومون، هذه قيامتكم.. اصمدوا وحققوا مطالبكم واحدة واحدة».
وأفادت مجموعة أخرى على شبكة «فيس بوك» باسم «كلنا نجاتي طيارة» أنه على الرغم من أن قاضي الإحالة بمدينة حمص قد وقع في 19 يونيو (حزيران) الماضي قرر إخلاء سبيل طيارة وأسقط عنه كل التهم المزعومة، فإن قاضي التحقيق رفض منحه حريته، وطعن بقرار قاضي الإحالة «ماضيا في غيه وغي النظام السوري في احتجاز حرية الشرفاء من أبناء الشعب السوري». وكانت الصفحة أفادت لدى إحالة طيارة في 15 مايو الماضي إلى القضاء السوري بأن «الاتهامات الموجهة إليه هي في نظرهم قطعا النيل من هيبة الدولة أو نشر أنباء من شأنها أن توهن الشعور القومي كما اعتدنا، أما ذنبه في نظرنا فهو حبه لوطنه وشعبه».
وفي حين لا يزال طيارة معتقلا من دون أن ينفع إقدامه على الإضراب عن الطعام في الإفراج عنه، تنقل مجموعة «كلنا نجاتي طيارة» عنه قوله «لا يهمني إن اعتقلت، أو حتى استشهدت بعد الآن، أشكركم يا شباب لأنكم جعلتموني أتذوق طعم الحرية بعد ستين سنة من حياتي».
 
باريس: نريد أن يعامل سفيرنا في دمشق كما تعامل سفيرة سوريا عندنا
الخارجية الفرنسية ترى أن تهديدات المعلم تعكس نهج النظام السوري في «الهروب إلى الأمام»
باريس: ميشال أبو نجم
ردت باريس بشكل غير مباشر على التحذيرات التي أطلقها وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أول من أمس، والتي حذر فيها مباشرة سفيري الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا من أن بلاده ستفرض حظرا على تنقلاتهما على الأراضي السورية وتحصرها بـ25 كلم في حال تكررت حادثة حماه وقاما بزيارة للمدن السورية من غير إذن مسبق من وزارة الخارجية السورية. وقال ناطق باسم الخارجية الفرنسية ردا على سؤال في المؤتمر الصحافي الإلكتروني إن «تنقل السفراء في البلد المعتمدين فيه يشكل بطبيعة الحال جزءا من مهمتهم»، مضيفا أنه «من الطبيعي أن تحترم فرنسا تماما معاهدة فيينا التي تنظم العلاقات الدبلوماسية» بين الدول. وبحسب باريس، فإن سفيرة سوريا لديها «حرة في تنقلاتها في بلادنا».
غير أن الخارجية الفرنسية اعتبرت أن «تهديدات» المعلم «تبرز مجددا عملية الهروب إلى الأمام (التي يعتمدها) النظام السوري وعزلته وانغلاقه بالنسبة للأسرة الدولية». وذكرت الخارجية بمضمون البيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي بتاريخ 12 الحالي وكذلك ببيان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بتاريخ 18 يوليو (تموز) اللذين يتضمنان تذكيرا للسلطات السورية حول «ضرورة» التزامها واجب حماية السفارات الموجودة على أراضيها وكذلك توفير أمن الجسم الدبلوماسي تنفيذا لاتفاقية فيينا.
لكن باريس بقيت «غامضة» إزاء النقطة التي أثارها المعلم حول حاجة السفير المعتمد للضوء الأخضر من وزارة الخارجية السورية للتنقل على الأراضي السورية ومرت عليها بتأكيد التزامها معاهدة فيينا.
وقالت مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن فرنسا تطبق الاتفاقية المشار إليها «وفق الفهم العام المتعارف عليه دوليا» وإنها «لا تعتبر أنها خالفتها لا نصا ولا روحا». وبحسب هذه المصادر، فإن الاتفاقية تتيح للسفير المعتمد أن يتنقل بكل حرية، مضيفة: «انظروا كيف تتحرك سفيرة سوريا على أراضينا؟ هل نطلب منها أن تقدم طلبا في حال رغبت بزيارة مدينة نيس (الشاطئ المتوسطي) أو دوفيل (المحيط الأطلسي) أو أي مكان آخر على الأراضي الفرنسية؟». وأردفت المصادر الفرنسية: «نحن نريد أن يعامل سفيرنا في دمشق كما تعامل السفيرة السورية في باريس لا أكثر ولا أقل».
وتتهم فرنسا الجانب السوري بالاحترام «الانتقائي» لمعاهدة فيينا وتتساءل: «هل تعتبر السلطات السورية أنها طبقت معاهدة فيينا عندما سمحت أو أوحت بمظاهرات كان غرضها اقتحام السفارة الفرنسية في دمشق وعندما تقاعست عن تطبيق واجباتها والتزاماتها؟».
وترى باريس أن مهمة السفير المعتمد هي تزويد حكومته بالمعلومات وبانطباعاته مع احترام أنظمة البلد المرعية، وأن سفيرها في دمشق «لم يتجاوز هذه المهمة». وتساءلت المصادر الفرنسية: «ما هي البلدان التي تفرض في الوقت الحاضر قيودا على تحرك السفراء المعتمدين لديها؟ ربما هناك بلد أو اثنان في العالم بينهما كوريا الشمالية وبالتالي هل تريد سوريا أن تتشبه بكوريا الشمالية أو ببلدان شيوعية سابقة؟».
وبأي حال، ترفض باريس قبول الدعاية السورية التي تركز على «الغرض السياسي» لزيارة مدينة حماه التي زادت في توتير العلاقات بين دمشق من جهة وباريس وواشنطن من جهة أخرى. وكانت هذه الزيارة التي حصلت قبل أسبوعين السبب المباشر الذي عرض السفارتين الفرنسية والأميركية لمظاهرات ومحاولات اقتحام لهما من قبل متظاهرين سوريين.
والتزمت باريس منذ بداية الأحداث في سوريا موقفا متشددا وكان وزير خارجيتها آلان جوبيه أول من اعتبر أن الرئيس السوري «فقد شرعيته» وأن قدرته على إجراء إصلاحات حقيقية في بلاده «شبه معدومة». ودفعت باريس الاتحاد الأوروبي لاتخاذ عقوبات بحق كبار المسؤولين السوريين وهي تدفع باتجاه سلة جديدة من العقوبات ربما طالت هذه المرة القطاع النفطي والغازي.
وتعتبر باريس أن حرص السلطات السورية على منع الصحافة والدبلوماسيين من التحرك سببه رغبتها في «إخفاء ما يجري واتساع عمليات القمع» الجارية هناك منذ نحو 4 أشهر.
 
وقائع اعتقال المثقفين والفنانين.. ترويها إحدى المعتقلات
قالت: خيرونا بين فك المظاهرة والاعتقال.. فاخترنا الاعتقال للهروب من إذلال الشبيحة
لندن: «الشرق الأوسط»
«لا الأحلام ولا الأماني يمكن تحقيقها في ظل خانقي الأنفاس» قناعة خرجت بها الناشطة دانا بقدونس بعد تجربة اعتقالها مع المثقفين والفنانين، واستهلت بها شهادة كتبتها في مدونة سورية أنشئت أول من أمس. شهادة تسجل وقائع اعتقال المثقفين والفنانين الذين خرجوا في مظاهرة في حي الميدان في 13 من الشهر الجاري.
تقول دانا «خرجت مع مجموعة من أصحابي وأحبابي نطلب هواء نقيا لا تشوبه شائبة». وتعدد أسماء الذين التقتهم أمام جامع الحسن، من بينهم مي سكاف وريما فليحان. تقول: «منّا السني والعلوي والمسيحي والدرزي والشركسي والكردي، لكننا صوت واحد وقلب واحد سلمي ينشد الحرية». وتضيف دانا «رغم قلة عددنا الذي لم يكتمل بعد، جاء ما يزيد عن مائتي عنصر أمن ليأكدوا لنا أنه لا يحق للسوري أن يرفع رأسه أبدا.. إلا إذا نافق وحاد عن الحق».
تقول إن موعد المظاهرة كان في الساعة السادسة مساء، وكانت الساعة السادسة إلا ثلثا حين احتدم «نقاشنا مع عناصر الأمن الذين خيرونا بين الاعتقال وفك التجمع». تضيف: «في تلك الأثناء واجهتنا سلاحف النينجا من شبيحة النظام وهي تهتف لأبو حافظ (والله سوريا بشار وبس).. وجدنا أنفسنا نصرخ (الله سوريا حرية وبس)، و(واحد واحد واحد الشعب السوري واحد). بدأ الشبيحة يستهزئون بالممثلة مي سكاف والكاتبة ريما فليحان وغيرهما ممن سبق أن وقعن على بيان مساعدة أطفال درعا.. وصاروا ينعتونهن بـ(يا تبعات الحليب) مع كلام بذيء جدا رغم وجود الأمن».
راح البعض من المثقفين يصرخون وهم يقولون للأمن «واجبكم أن تحمونا من هؤلاء.. نحن سلميون». تتابع دانا: «أنا والكاتبة يم مشهدي، وتجنبا لصفاقة ورذالة الشبيحة، طلبنا أن يعتقلونا. ورحنا نصرخ ونسأل أين الباصات؟! الاعتقال والسجن أهون ألف مرة من رؤية أبناء جلدتنا بهذه الأخلاق». وتضيف: «تم سوقنا إلى الباصات بالعنف وجرى ضرب الشباب، وأصيب أحمد ملص برأسه نتيجة الضرب بالهراوات. أما مي التي بدا واضحا أنهم كانوا يتجنبون اعتقالها ربما خشية إثارة الرأي العام والبلبلة فقد لحقت بنا إلى الباصات». بعدها تتابع دانا «أخذنا إلى مقر الأمن الجنائي في منطقة باب مصلى. كبش الفداء كان الصحافي أياد شربجي الذي قال إنه المسؤول عن تنظيم المظاهرة لدى الرد على سؤال أحدهم، من المسؤول عن التجمع؟ ومع أننا أجبنا كلنا أننا مسؤولين، فإن أياد أصر على تحمل المسؤولية وحده، فأخذ إلى غرفة التحقيق وكنّا نسمع صوت الصفعات التي يتلقاها على وجهه وقد فاق عددها العشرين صفعة. ساشا أيوب لم تحتمل سماع الصوت فوقفت لتتلقى على الفور، لكمة على وجهها من الشرطي».
وتابعت دانا تروي: «أخذت هوياتنا وأغراضنا وسط نظرات الازدراء والاحتقار لنودع في النظارة؛ الشباب في غرفة والبنات في غرفة أخرى. كنا عشر صبايا في زنزانة صغيرة جدا - غرفة تحقيق مزودة بكاميرات مراقبة - إلى درجة أنها لا تتسع كي ننام جميعنا، فإذا نام تسع منا بقيت العاشرة واقفة. فضلا عن كسر خاطرنا كسر النوم على البلاط أضلاعنا. بينما الصراصير تسرح حولنا.. إنهم صراصير النظام.. مساكين لم نقدر على غيرهم ففعصناهم بالصرماية. خضعنا للتفتيش من قبل أم علي التي تم جلبها على عجل من منزلها بعد منتصف الليل كرمى لنا». وتضيف: «الطعام كان خبزا وحلاوة مساء اليوم الأول، ومن أكل حلاوة قال إن طعمها مثل طعم الجص».
تشير دانا إلى أنها أضربت عن الطعام مع بعض رفاقها منذ لحظة اعتقالهم، والآخرون أضربوا بعد «أكلهم حلاوة». تكمل سردها للتفاصيل وتقول «ضاع الزمن ولم نعد نميز الليل من النهار، وكنا نبحث عن أي شيء نتحدث به كي نتسلى، وإحدى المرات ضحكنا بصوت عالٍ، وعلى الفور جاء عناصر الأمن وراحوا يشتموننا، وتم نقلنا إلى زنزانة أخرى أصغر وأكثر ظلمة..».
وتقول إنه تم التحقيق معهم يوم الخميس، «الواحدة تلو الأخرى لمدة يوم كامل». وتضيف: «التحقيق مع النساء لم يستخدم فيه العنف، أما الشباب وكما علمنا لاحقا فقد تعرضوا للضرب، ولدى عودة الشباب إلى زنزانتهم التي تجاور زنزانتنا، أبلغناهم بإضرابنا عن الطعام، فقرروا الإضراب أيضا حتى نعلم مصيرنا أو حتى يأتي الرائد ليتحدث معنا، الذي حضر مساء الخميس وتعهد بإخراجنا للمحاكمة يوم السبت صباحا.. تحدث بلطف غير متوقع طالبا منّا فك الإضراب». وتتابع تروي: «اختلفنا بالرأي حول فك الإضراب، مما أخاف الذين اعتقلونا خاصة أنه يوجد معنا الصبية نهلة ذات وزن 40 كيلو التي تمسكت بالإضراب رغم التعب والإعياء الشديدين. انتهينا إلى التصويت على موضوع الإضراب وكانت النتيجة 13 شخصا مع الاستمرار و15 شخصا مع التوقف عن الإضراب».
وذكرت أن المحامية المعتقلة معهم، مجدولين حسن، علقت موجهة كلامها للرائد «رأيتم كيف أن الديمقراطية حل لكل شيء.. الآن نحن نعطيكم درسا بالديمقراطية». وتابعت تقول إن «الرائد الذي ارتاح لفك الإضراب عن الطعام سأل إذا كان ينقصنا شيء أو أي طلبات، لم نطلب سوى فرشات بدل البلاط. صباح يوم السبت استلمنا أغراضنا وخرجنا مقيدين بالسلاسل ليقلنا الباص إلى المحكمة». وتضيف: «أحد عناصر الأمن زف إلينا بشرى اقتيادنا إلى سجن عدرا وقال هناك سترتاحون وتستحمون على راحتكم».
وتروي أنه في الباص، وهم مكبلو الأيدي، غنوا النشيد الوطني «في الوقت الذي كانت تنهال علينا الشتائم والكلمات النابية مع التهديد أننا لن نذهب إلى المحكمة بل إلى السجن». وتقول: «في المحكمة بصمنا على أوراق كثيرة قبل أن يزج بنا في سجن القصر العدلي وكان كبيرا جدا، فرحنا باتساعه بالبداية، ولكن فرحتنا لم تكتمل، فقد أودع معنا فتيات التشرد والدعارة مرة أخرى وكان بينهن فتاة (16 عاما) حامل ومتهمة بالتشرد، كانت تشتمنا بكلام بذيء جدا، وكأنها كانت مدفوعة لذلك دفعا إذ كانت تعلم أننا متظاهرات من أجل الحرية، وكلما تحدثنا مع بعضنا وسمعت صوتنا كانت تصرخ وتطلب منا أن نخرس، إلا أن مي سكاف وريما فليحان كانتا تعملان على تهدئتها باللطف وسؤالها عن مشكلتها. حتى تمكنتا من تهدئتها». وتذكر أنه بعد ذلك أخلى القاضي سبيلهم، على أن يخضعوا للمحاكمة بعد شهر.
وتختم دانا قصة وقائع اعتقالها الأول بوصف مشاعرها عند الخروج من القصر العدلي: «شعوري لا يوصف، لن أنسى تلك اللحظة. كنت من الدفعة الأولى التي خرجت.. حرصنا على أن لا نغادر حتى يخرج الجميع جلسنا في الشارع وأحبابنا حولنا، وبسبب كثرة العدد طلب منا عناصر الأمن المغادرة فورا كي لا يتحول التجمع إلى مظاهرة فذهبنا إلى مقهى خلف القصر العدلي لننتظر رفاقنا. في هذه الأثناء هاجمنا (الشبيحة).. ثم حاصرونا ولم نعد نستطيع الخروج. استغرق ذلك ساعة قبل أن نتمكن من الهرب والركض وكنا نضرب بالبيض والحجارة».
وتضيف: «لم يصب أحد منا بأذى باستثناء اثنين من الأصدقاء، وقد تعرضا للضرب لأنهما كانا يحمياننا. تفرقنا على مجموعات أنا وريما فليحان وشاب وصبية ركبنا تاكسي على عجل وكنّا منفعلين جدا ونحن نتحدث عن الشبيحة. سائق التاكسي الذي سمعنا أقفل النوافذ ونزل من السيارة وذهب مسرعا كي يبلغ عنا، وبدورنا هربنا بسرعة البرق واختبأنا في أحد الأبنية القريبة نحو النصف ساعة قبل أن نتمكن من الوصول إلى بيوتنا».
 
«شباب الطائفة العلوية»: النظام يسعى جاهدا لإثارة فتنة طائفية
قال إن اتهام الطائفة العلوية بولائها المطلق للنظام يصب في خدمة النظام
لندن: «الشرق الأوسط»
تداول الناشطون السوريون على موقع «فيس بوك» بيانا قيل إنه صادر عن مجموعة تسمي نفسها «شباب الطائفة العلوية»، يتعلق بالأحداث الأخيرة في مدينة حمص. ويتهم البيان النظام بمحاولة «حرف مسار الانتفاضة السورية عن سلميتها ووطنيتها باختراع رواية العصابات المسلحة واتهام المتظاهرين بإثارة الفتنة الطائفية والعمل لصالح أجندات خارجية»، بهدف إيجاد مبرر لممارساته القمعية الموجهة ضد المظاهرات والمناطق والمدن المنتفضة التي تتسع دائرتها يوما بعد يوم.
وأكد البيان أن «الانتفاضة السورية رفضت على مدى أربعة أشهر الانقياد وراء أي توجه يحرف مسار الانتفاضة عن سلميتها ووطنيتها»، مضيفا أن النظام «اليوم يسعى جاهدا لإثارة فتنة طائفية تكون مخرجا له من أزمته الراهنة داخليا وخارجيا، وأيضا بعض التيارات والشخصيات ذات التوجه الطائفي لا تزال تحاول استغلال اللحظة الراهنة لإيجاد موقع لها حين تسنح لها الفرصة للحديث باسم الثورة وتقرير ماهيتها بما ينسجم مع آيديولوجيتها الطائفية».
وقال البيان إن «الشارع المنتفض والملتحم والموحد استطاع بحسه الوطني العالي نبذ أي جهة حاولت تشويه صفة هذا الحراك الشعبي السلمي الوطني»، ورفض أن «يكون لهذا الحراك أي صبغة دينية أو طائفية أو عرقية». وأكد البيان أن «شباب الطائفة العلوية» يرفضون التعبير عن أنفسهم بهذا الوصف، «لكن حساسية المرحلة وضرورة تسمية الأشياء بمسمياتها اقتضت أن يصدر البيان تحت هذا المسمى». وأعلنت المجموعة رفضها «الشديد لأي سلوك أو تحريض يقوم على أساس مناطقي أو ديني أو طائفي»، وأكدت على «رفض العنف أيا كان مصدره»، محملة «النظام وأدواته من الزعران والشبيحة من كل الطوائف المسؤولية الكاملة عما جرى في مدينة حمص من قتل وتخريب وتحريض على الكراهية».
وقال البيان إن «الاستبداد لا دين له ولا طائفة، فهو تحالف قوى ومصالح تنتمي إلى مختلف مكونات المجتمع». واعتبر «اتهام الطائفة العلوية بولائها المطلق للنظام يصب في خدمة النظام الذي يحاول تجيير الطائفة لمصلحته عبر تخويفها من التغيير، في وقت يعلم الجميع كم من التضحيات التي قدمها ويقدمها الآلاف من أبناء الطائفة في صفوف المعارضة طيلة عقود قارعوا فيها الاستبداد وذاقوا من التعذيب والتشرد والاعتقال الكثير». ودعا البيان السوريين جميعهم إلى «الوقوف معا في وجه محاولات النظام لإثارة النعرات الطائفية في ما بين أبناء الشعب الواحد، ورفع صوت العقل».

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 162,412,668

عدد الزوار: 7,246,272

المتواجدون الآن: 124