الرئيس السوري هدد بتحريك حزب الله والشيعة في الخليج

بعد الفيتو الروسي ـ الصيني.. موسكو تدعو المعارضة السورية لزيارتها

تاريخ الإضافة الجمعة 7 تشرين الأول 2011 - 5:42 ص    عدد الزيارات 2874    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

بعد الفيتو الروسي ـ الصيني.. موسكو تدعو المعارضة السورية لزيارتها
دمشق تعتبره قرارا تاريخيا والمعارضة: يشجع اللجوء إلى العنف * أنقرة تبدأ مناوراتها.. وأردوغان يأسف لـ«الفيتو» ويتوعد بعقوبات حازمة * وكالة «فارس» الإيرانية: الأسد أبلغ أوغلو أنه بإمكانه إشعال المنطقة خلال 6 ساعات وتحريك حزب الله والشيعة * إغلاق المدارس في دوما واعتقال 500 شخص
دمشق - لندن - بيروت: «الشرق الأوسط» واشنطن: هبة القدسي
بعد يوم على استعمال روسيا والصين حق النقض في مجلس الأمن لمنع صدور قرار ضد النظام السوري، والذي تسبب في موجة غضب لدى واشنطن والدول الأوروبية، ولدى الناشطين والمعارضين السوريين على حد سواء، أعلنت موسكو أمس أنها ستستقبل وفدا من المعارضة السورية خلال الشهر الحالي. وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش، في تصريحات صحافية، أمس أن موسكو تنوي استقبال وفدين من المعارضة السورية «أحدهما يمثل معارضة الداخل الموجودة في دمشق والثاني يمثل المعارضة التي أسست ما سمي المجلس الوطني في إسطنبول». وفي وقت اعتبرت فيه مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد، بثينة شعبان، أن الأمم المتحدة شهدت «يوما تاريخيا»، حذرت المعارضة السورية من أن عجز مجلس الأمن عن استصدار قرار ضد النظام السوري يشجع على المزيد من العنف، حيث حذر المعارض السوري برهان غليون، من أن الفيتو «سيشجع» عمليات العنف التي قد تتحول حربا أهلية.
من جهتها، أعربت تركيا عن أسفها لعرقلة موسكو وبكين قرار مجلس الأمن، ووعد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بفرض «حزمة عقوبات حازمة» ضد النظام السوري. وجاء ذلك في وقت بدأ فيه الجيش التركي أمس مناورات في محافظة هاتاي، الواقعة على الحدود مع سوريا، التي لجأ إليها أكثر من سبعة آلاف سوري، كما أعلنت قيادة أركان الجيوش التركية. وجاء في بيان لقيادة الأركان، نشر على الإنترنت، أن تدريبات «التعبئة» هذه التي كانت مقررة مسبقا ستتواصل حتى 13 أكتوبر (تشرين الأول) في إسكندرون. وفي هذه الأثناء، قال ناشطون إن حملة مداهمات واسعة جرت أول من أمس في مدينتي الضمير ودوما في ريف دمشق، وبحسب ناشطين، فقد جرى اعتقال نحو 500 شخص في دوما وحدها خلال اليومين الماضيين. وأكدت لجان التنسيق المحلية في سوريا إغلاق الكثير من المدارس في دوما التي شهدت مظاهرات مسبقا. إلى ذلك، نقلت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، عن مسؤول عربي كبير، قالت إنه فضل عدم الكشف عن هويته، أن الرئيس السوري بشار الأسد أبلغ وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في زيارته الأخيرة لدمشق «بأن قوى عظمى كبيرة تدرك كل الإدراك أنه مع أول صاروخ يسقط فوق دمشق لأي سبب كان، فإنه بعد ست ساعات من سقوط هذا الصاروخ، سيشعل الشرق الأوسط، ويسقط أنظمته». وحذر من أن سوريا يمكنها أن تحرك حزب الله على جبهة إسرائيل، والشيعة في الخليج ليبدأوا عمليات فدائية ضد الغرب.
 
ناشطون سوريون يدعون لحرق العلمين الصيني والروسي ويحشدون لمظاهرات أمام سفارات البلدين
نجيب الغضبان لـ «الشرق الأوسط»: رموز النظام السوري هربوا أموالهم إلى روسيا.. وموسكو تدعم مصالحها مع الأسد
واشنطن: هبة القدسي بيروت: بولا أسطيح
عبر معارضون وناشطون سوريون عن استيائهم من استعمال روسيا والصين لحق النقض لوقف قرار ضد النظام السوري في مجلس الأمن، واعتبروا الخطوة ضوءا أخضر للرئيس بشار الأسد بقتل المزيد من الأبرياء.
ودعا ناشطون سوريون عبر شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، إلى مقاطعة البضائع الروسية والصينية وحرق علمي البلدين خلال مظاهرات يوم الجمعة المقبل، لاعتبارهم أن «الفيتو» الروسي والصيني بمثابة «ضوء أخضر للنظام لاستكمال مجازره».
وبالتزامن مع ذلك، دعا عدد من الناشطين للتظاهر في 14 من الشهر الحالي أمام السفارات الروسية في مختلف دول العالم للتعبير عن «الاستياء العارم من الموقف الروسي الرسمي الذي يعيق إدانة المجتمع الدولي للإبادة التي يرتكبها الأسد». وقد جاء في نص الدعوة: «فلنتظاهر من أجل سوريا وليس من أجل طلب تدخل عسكري ولا من أجل تغليب الغرب على روسيا والصين، لكن من أجل الضغط على الدول العمياء المتغطرسة التي تناصر الحليف قبل الحق».
من جهته، وصف الناشط السوري المعارض رضوان زيادة الفيتو الروسي والصيني وعجز المجتمع الدولي عن إصدار قرار لإدانة النظام السوري بأنه «وصمة عار» على جبين مجلس الأمن الدولي.
وقال زيادة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن التصويت بالفيتو من قبل روسيا والصين يرسل ضوءا أخضر للنظام السوري للاستمرار في قتل واعتقال المتظاهرين، ويرسل رسالة للشعب السوري أنه أعزل في مواجهة القمع الدموي الذي يقوم به النظام السوري. واتهم الناشط السوري جامعة الدول العربية بأنها لم تتخذ موقفا قويا ضد قمع النظام السوري، ولم تقم بالضغط على مجلس الأمن ليتخذ موقفا مشابها للتحرك الدولي لحماية المدنيين الليبيين.
وأوضح رضوان أن المجلس الوطني السوري سيجتمع خلال أيام للتحرك لانتخاب أعضاء المكتب التنفيذي الذي يضم 7 أعضاء يتناوبون رئاسة المجلس، ويضع المجلس خطة استراتيجية لحشد الجهود الدولية والعربية والحصول على التأييد لصالح المتظاهرين. وقال زيادة «إننا نضع أولوية أكبر لدور جامعة الدول العربية، ومجلس الأمن الدولي للعب الدور المحوري في دعم المجلس الوطني السوري، ولتأخذ الجامعة العربية موقفا أكثر حسما، وتقوم بفرض عقوبات على النظام السوري. وقال الناشط السوري وعضو المجلس الوطني المسؤول عن العلاقات الخارجية «إننا سنطالب بضرورة فرض حظر جوي في الحدود السورية التركية وإقامة منطقة عازلة، والسماح للجنود المنشقين عن النظام السوري بتنظيم أنفسهم والدفاع عن المدنيين»، مؤكدا أن «الموقف الدولي يدفع المتظاهرين لمزيد من حمل السلاح والدفاع عن أنفسهم». وقال «ما زالت المظاهرات تحافظ على سلميتها، لكن استمرار عمليات القتل والاغتصاب والاعتقال الجماعي وزيادة الانشقاقات داخل صفوف الجيش ستدفع المتظاهرين لحمل السلاح والدفاع عن أنفسهم».
وأوضح نجيب غضبان عضو المجلس الوطني السوري أن الفيتو الروسي في مجلس الأمن كان متوقعا، خاصة مع عدم حدوث أي تقدم في الموقف خلال اليومين الماضيين اللذين سبقا طرح القرار. وأكد الغضبان أن الموقف الروسي المعارض لقرار مجلس الأمن هو نوع من الإساءة للشعب السوري وعامل سلبي للمتظاهرين. وأشار المعارض السوري إلى أن المتظاهرين شنوا حملة لمقاطعة المنتجات والبضائع من كل من روسيا والصين، وقاموا بمظاهرات معارضة أمام السفارات الروسية والصينية في عدد من عواصم العالم وحملوا لافتات ضد الموقف الروسي والصيني.
وقال غضبان «إن الموقف الروسي محكوم بنظرة ضيقة لمصالحه مع النظام السوري، حيث قام رموز النظام السوري بتهريب أموالهم إلى روسيا، كما تحاول روسيا تصفية حساباتها مع القوى الغربية بعد اضطرارها للموافقة على قرار مجلس الأمن في القضية الليبية بعد توافق كل القوى الغربية والجامعة العربية على قرار فرض حظر جوي على ليبيا وحماية المدنيين». وأكد غضبان أنه سيلتقي مع مسؤولين في روسيا خلال الأيام المقبلة، موضحا أن أول لقاء للمعارضة السورية تم في روسيا منذ شهرين وخلال ذلك اللقاء ظهر انقسام روسي واضح حول الوضع في سوريا. وقال غضبان «كان الرئيس ميدفيديف أقرب للرؤية الغربية في إدانة النظام السوري، وقال لنا مستشار ميدفيديف كلاما مشجعا لدعم الشعب السوري، وفي المقابل يقود بوتين التيار المتشدد ضد أي تحركات لإدانة النظام السوري».
وقال الغضبان «إن المعارضة السورية تعتبر ما حدث في مجلس الأمن (جولة) خسرناها في حربنا ضد النظام لكننا لن نتوقف حتى نصل إلى قرار لإدانة القمع ضد المتظاهرين، وتحويل جرائم النظام السوري التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، إلى المحكمة الدولية ومحاكمة الأسد باعتباره مسؤولا عنها». وأشار الغضبان إلى اجتماعات مكثفة للمجلس الوطني السوري لوضع خارطة طريق للتواصل مع كافة القوى في الداخل والخارج وإعلان التشكيل الرسمي للمجلس التي يضم 7 قوى من بينها «الإخوان» والأكراد والمنظمة الآشورية التي يمثلها عبد الأحد ستيفو والقوى المستقلة التي يقودها الدكتور برهان غليون في باريس. وأكد أن المجلس اتفق على انتخاب 7 أشخاص من الأمانة العامة للمجلس لتشكيل اللجنة التنفيذية للمجلس ويتم تناوب منصب الرئاسة بينهم، وقال الغضبان «لدينا اتجاه بعدم ترسيخ شخص واحد في منصب رئاسة المجلس الوطني». وأعربت الناطقة باسم المجلس الوطني السوري، بسمة القضماني، عن أسفها البالغ لفشل مشروع قرار الإدانة في مجلس الأمن باستخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد القرار. وقالت القضماني لوكالة الأنباء الألمانية أمس «إننا ناسف كثيرا لفشل مشروع قرار الإدانة في مجلس الأمن باستخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ونعتبر أنه خطأ استراتيجي كبير جدا وخطأ سياسي تاريخي بسبب الرسالة التي يعطيها المجتمع الدولي». وأشارت إلى أن «هذا يفقد الشعب السوري الأمل، ونحن متخوفون من أن يصل بالشعب السوري إلى اليأس.. إننا لن نتوقف، بل سنستمر في محاولة إقناع الدول الرافضة للقرار».
من جهته، اعتبر برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري، الهيئة الرئيسية للمعارضة، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، أن الفيتو الروسي - الصيني في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار حول سوريا «سيشجع» أعمال العنف التي قد تتحول حربا أهلية. ودعا غليون إلى عقد «مؤتمر دولي حول سوريا مع القوى الكبرى والدول العربية وأيضا الروس الذين لا يزالون يتمسكون بموقفهم». وقال قبل أيام من توجهه إلى مصر وتونس للحصول على دعم الدول العربية: «نطلب من المجتمع الدولي أن يعرض علينا خطة لحماية المدنيين السوريين».
 
غضب أميركي وأوروبي من الفيتو الروسي والصيني.. وسوريا ترحب به وتصفه بـ«التاريخي»
مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: موسكو وبكين أرادتا «الانتقام» من الدول الغربية لما حصل في حالة ليبيا
واشنطن: مينا العريبي باريس: ميشال أبو نجم لندن: «الشرق الأوسط»
على الرغم من التوقعات بمنع روسيا والصين إصدار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدين النظام السوري، جاء «الفيتو» من العضوين الدائمين لدى مجلس الأمن ليؤكد على انقسام مجلس الأمن في التعامل مع الأزمة السورية. وبينما عبرت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عن الغضب والحيرة حول إسقاط مسودة القرار الذي يطالب النظام السوري بوقف استخدام العنف ضد المدنيين، رحبت سوريا بإفشال القرار.
واعتبرت مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد، بثينة شعبان، أمس، أن الأمم المتحدة شهدت «يوما تاريخيا» مع استخدام موسكو وبكين حق النقض لوقف مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى «إجراءات محددة الأهداف» ضد النظام السوري. واعتبرت وزارة الخارجية السورية أن ذلك «أعاد بعض الثقة باستعادة النظام العالمي قدرا من التوازن الذي افتقدته طويلا بفعل الهيمنة الأميركية والأوروبية». وأضافت الخارجية السورية في بيان أن دمشق «تشد على أيدي الدول التي مارست الفيتو لمنع استهدافها»، معتبرة ذلك «ردا للاعتبار لمفهوم التصويت والفيتو في مجلس الأمن».
وكانت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، واضحة جدا في انتقادها المباشر للموقف الروسي والصيني الداعم للحكومة السورية، والرافض للقرار الذي طرحته الدول الأوروبية الأعضاء في مجلس الأمن. وقالت رايس بعد التصويت إن «الولايات المتحدة غاضبة من الفشل الكلي لهذا المجلس لمعالجة تحد أخلاقي ضروري وتهديد متنام للسلم والأمن الإقليمي». وأضافت: «الولايات المتحدة تعتبر أن الوقت حان منذ زمن ليتحمل المجلس مسؤولياته ويفرض عقوبات شديدة ومستهدفة لفرض حظر أسلحة على نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، مثلما فعلنا داخليا».
وقالت رايس في تصريحات إعلامية بعد التصويت، مساء أول من أمس: «إنه يوم حزين، خاصة للشعب السوري، وأيضا لمجلس الأمن»، معتبرة أن «الشعب السوري الذي يسعى لتأمين حقوق الإنسان العالمية وتحقيق طموحه للحرية، تلقى صفعة من عدد من أعضاء مجلس الأمن اليوم». وعلى الرغم من الحيرة الأميركية والأوروبية حول الخطوات المقبلة لتشكيل ائتلاف دولي يندد بممارسات النظام السوري، قالت رايس: «لا أعتقد أن الدبلوماسية أو الضغط الدولي وصلا إلى طريق مسدود، فعلى الرغم من التصويت الذي رأيناه، غالبية أعضاء (مجلس الأمن) دعموا مشروع القرار والأغلبية كانوا سيدعمون قرارا يشمل عقوبات». ويذكر أن مسودة القرار التي طرحت للتصويت أول من أمس كانت مسودة معدلة، ولم تشمل أي عقوبات، حيث قررت فرنسا وبريطانيا وألمانيا والبرتغال المتقدمة بنص القرار إسقاط البند حول فرض عقوبات على سوريا في محاولة لإرضاء روسيا والصين ومنعهما من استخدام الفيتو. إلا أن هذا التعديل لم يكن كافيا واستخدمت روسيا والصين حق النقض احتجاجا على توجيه الانتقاد إلى النظام السوري من دون مطالبة المعارضة بعدم استخدام العنف كما رفضتا إدراج بند يطالب بالنظر في العقوبات بعد 15 يوما من إصدار القرار، في حال تمت الموافقة عليه. ولكن اعتبرت رايس أن قرار روسيا والصين «لم يكن بسبب نص القرار بل بجهد ما منهما للتضامن مع بعض الدول».
وأفادت مصادر أوروبية وأميركية لـ«الشرق الأوسط» بأن التصويت الروسي والصيني يعني أن الجهود في مجلس الأمن ستتباطأ حول سوريا، خاصة أن هناك رفضا أميركيا وأوروبيا لمسودة القرار الأخرى التي تقدمت بها روسيا حول الوضع السوري. وبينما من غير المرجح القرار الروسي للتصويت، لا تنوي واشنطن الكف عن العمل على بناء ائتلاف أقوى للضغط على النظام السوري. وأوضح مصدر أميركي مطلع على الملف السوري في واشنطن أن هناك جهودا الآن لبلورة موقف إقليمي أقوى تجاه سوريا، بعد أن كان الاهتمام في الأسابيع الأخيرة ينصب على إقناع موسكو وبكين بدعم قرار لدى مجلس الأمن. وأضاف المصدر، الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الكشف عن هويته، أن «هناك اهتماما كبيرا بما تقوم به تركيا بالإضافة إلى العودة الآن والنظر إلى ما يمكن أن تقوم به دول المنطقة لمساندة الشعب السوري».
وهناك خشية في واشنطن من اعتبار سوريا فشل مجلس الأمن بأنه انتصار سياسي والتصرف من دون محاسبة دولية. وهذا ما بدا من تصريحات ناطق رسمي باسم وزارة الخارجية والمغتربين السورية يوم أمس، قائلا «إن سوريا تقدر عاليا المشهد الذي عكسته مداولات مجلس الأمن بصدد مشروع القرار الذي استهدف التدخل في شؤونها الداخلية»، وأن سوريا «ترى فيه رسالة ثقة توجه من منبر مجلس الأمن إلى شعوب العالم التي تحولت المنظمات الدولية بنظرها طوال عقود مضت إلى أدوات خاضعة للهيمنة الاستعمارية تمارس عبرها الدول المهيمنة سياسة الإخضاع والسيطرة والإلحاق بحق الشعوب والمجتمعات الأخرى».
وأضاف الناطق شاكرا الدول التي وقفت ضد مشروع القرار أن «سوريا إذ تشد على أيدي الدول التي مارست الفيتو لمنع استهدافها من منبر مجلس الأمن تقدر مواقف الدول الممتنعة عن التصويت»، معتبرا ذلك «ردا للاعتبار لمفهوم التصويت والفيتو في مجلس الأمن بعد أن كان مجلس الأمن بنظر الشعوب مع تشريع احتلال العراق وحماية العدوان الإسرائيلي المستمر على شعب فلسطين والبلاد العربية مصدرا للقلق والرعب»، واصفا تلك القرارات بأنها كانت «تعد في الغرف السوداء لتمكين الدول المهيمنة من التحكم بمستقبل الشعوب وقهر إرادتها».
وقالت مصادر فرنسية، إن الغربيين «حققوا تقدما» عن طريق حمل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا ولبنان على الامتناع عن التصويت بينما كانت هذه الدول تعارض سابقا صدور قرار عن المجلس. غير أنهم «أخطأوا في حساباتهم» عندما اعتبروا أن الدينامية الناتجة عن توفير الأصوات التسعة في المجلس وتحييد الدول الأعضاء الأربع «ستكون كافية» لحمل موسكو وبكين على الامتناع بدورهما عن استخدام حق النقض وبالتالي تكرار ما حصل بخصوص ليبيا في موضوع التصويت على القرار 1973 الذي أتاح صدوره اللجوء إلى القوة والتدخل في ليبيا ثم إسقاط نظام القذافي. وتعتبر مصادر دبلوماسية فرنسية أن روسيا والصين أرادتا «الانتقام» من الدول الغربية لما حصل في حالة ليبيا، حيث رأت أن الغربيين «غرروا بهما» و«فسروا كما يريدون» القرار 1973. فضلا عن ذلك ورغم «التطمينات» الغربية، لا تزال هاتان الدولتان متخوفتين من أن يفضي التصويت على القرار إلى فتح الباب أمام تدخل عسكري غربي ضد النظام السوري، وهو ما لا تريدانه بأي حال بالنظر لمصالحهما الاستراتيجية والاقتصادية في سوريا وفي المنطقة بمجملها.
وعبر البيان الذي أصدره وزير الخارجية آلان جوبيه عن الخيبة الفرنسية مما جرى في مجلس الأمن، حيث اعتبر أنه «يوم حزين» للشعب السوري ولمجلس الأمن. وقال جوبيه إن فرنسا مع شريكاتها «حاولوا كل شيء من أجل اقتراح نص قوي على مجلس الأمن، ولكنه يستجيب في القوت عينه لمشاغل الجميع»، في إشارة إلى الليونة التي أدخلت على النص من أجل إرضاء روسيا والصين، وذلك عبر سحب الفقرة التي تتحدث عن عقوبات واستبدالها بـ«إجراءات هادفة». وأكد جوبيه أن بلاده ستستمر في دعم نضال السوريين المؤمنين بالديمقراطية بقوة ومع كافة الدول الراغبة في ذلك لأن نضالهم «عادل».
وأكدت المصادر الفرنسية أن باريس «مستمرة في العمل في إطار مجلس الأمن» رغم الفشل الأخير. غير أن عملها ليس محصورا في إطاره.
وترى أوساط واسعة الاطلاع في باريس أن ثمة طريقين إضافيين مفتوحين للعمل ضد النظام السوري ولحمله على تغيير نهجه ووقف القمع: أولهما فرض عقوبات جديدة تضاف إلى ما صدر حتى الآن عن الاتحاد الأوروبي الذي أصاب في سلته السابعة القطاع النفطي السوري ومنع الاستثمارات الجديدة فيه. وفي هذا الصدد، تدور مناقشات بين الأوروبيين لاستهداف القطاع المصرفي السوري بالتشاور والتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى مثل كندا وسويسرا وأستراليا وغيرها.
أما الطريق الثاني فيتمثل في الاعتراف بالمعارضة السورية التي ترى باريس أنها اجتازت خطوة حاسمة عندما نجحت في تجميع صفوفها مؤخرا في إسطنبول في إطار المجلس الوطني السوري. وما يمكن أن تقوم به الدول الغربية بالتنسيق مع تركيا والكثير من البلدان العربية هو الاعتراف بالمعارضة السورية ممثلة شرعية للشعب السوري، وهي الخطوة التي لم تجتزها بعد. وتتوقع هذه المصادر أن يتم الاعتراف بالمجلس «على دفعات» لأن الاعتراف به اليوم ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب السوري «مبكر» وله تبعات سياسية ودبلوماسية وقانونية كبيرة ليست الدول الغربية مستعدة بعد لها في الوقت الحاضر. وأهمية العنصر الثاني أنه «سلاح ردعي ثقيل» يعني اللجوء إليه قطع خط الرجعة نهائيا مع النظام السوري، ما يستدعي مشاورات وقرارات جماعية حتى يكون فاعلا. وفي أي حال، لم تفقد باريس كل أمل من تغير موقف موسكو وبكين، وهي تعتبر أن استمرار القمع وسقوط القتلى سيجعل موقف هاتين العاصمتين صعبا، خصوصا إذا ارتكبت أعمال عنف تزيد عن المستوى اليومي الحالي وتتسبب في عدد كبير من القتلى. أما بريطانيا، فقد عبرت أيضا عن استياء كبير من عرقلة قرار مجلس الأمن، واعتلى وزير الخارجية ويليام هيغ المنصة في مؤتمر حزب المحافظين في مانشستر وأكد مجددا تأييده مساندة بريطانيا لشعب سوريا. وأبدى هيغ إحباطه من قرار روسيا والصين استخدام حق النقض في مجلس الأمن.
وقال هيغ: «الليلة الماضية رفعنا نحن وحلفاؤنا الأوروبيون قرارا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو نظام الأسد لوقف العنف في سوريا بعد شهور من عمليات القتل والتعذيب والانتهاكات غير المقبولة بالمرة. قرار روسيا والصين استخدام حق النقض ضد القرار واتخاذ صف النظام الوحشي بدلا من الوقوف إلى جانب الشعب السوري يعد قرارا خاطئا تماما ومؤسفا. سنضاعف جهودنا للعمل مع دول أخرى لزيادة الضغوط على النظام أينما أمكننا ذلك، ونطمئن شعب سوريا بأننا لن ننساهم». وقال هيغ إن القرار الذي رفعته بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال لمجلس الأمن مصاغ بإحكام ومنطقي تماما، وإن الذين عطلوه ستثقل ضمائرهم الانتهاكات المروعة التي يرتكبها النظام السوري.
 
روسيا تعلن استقبال معارضين من المجلس الوطني الشهر الجاري.. وتؤكد: لسنا محامي الدفاع عن نظام الأسد
غداة نقضها قرارا حول سوريا في مجلس الأمن
موسكو - لندن: «الشرق الأوسط»
بعد يوم على استعمال روسيا حق النقض لعرقلة قرار ضد النظام السوري في مجلس الأمن، أعلنت موسكو أنها ستستقبل مندوبين من المعارضة السورية خلال الشهر الجاري، وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش، في تصريحات صحافية، أمس أن موسكو تنوي استقبال وفدين من المعارضة السورية «أحدهما يمثل معارضة الداخل الموجودة في دمشق والثاني يمثل المعارضة التي أسست ما سمي المجلس الوطني في إسطنبول». وأضاف أن لجنة التضامن مع بلدان آسيا وأفريقيا دعت هذين الوفدين إلى زيارة موسكو. وأكد لوكاشيفيتش أنه «سيتم استقبال مندوبين سوريين في وزارة الخارجية الروسية».
وتاتي هذه التصريحات غداة اجتماع لمجلس الأمن الدولي استخدمت فيه روسيا والصين حق النقض ضد مشروع قرار طرحته الدول الغربية يهدد النظام السوري «بإجراءات محددة الأهداف» بسبب قمع حركة الاحتجاجات الشعبية. واعتبر لوكاشيفيتش أن «الدعوات إلى تحويل ما حصل في ليبيا بعد قرارات لمجلس الأمن نموذجا للتحالف الغربي والحلف الأطلسي... للتعامل مع الأزمات أمر غير مقبول تماما بالنسبة إلى روسيا».
وحاولت موسكو أمس تبرير استعمالها لحق النقض لوقف صدور القرار ضد سوريا، وأكد لوكاشيفيتش أن روسيا تقف على الحياد في الصراع السوري الداخلي. ونفت روسيا أن تكون «محامية الدفاع» عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان «لسنا محامي الدفاع عن نظام الأسد... نعتبر استمرار العنف مرفوضا تماما وندين قمع المظاهرات السلمية». وأضافت: «لكن في الوقت نفسه لا يمكننا أن نتجاهل أن المعارضة المتطرفة تستغل أكثر فأكثر استياء جزء من السكان ولا تخفي نواياها المتطرفة بالانتقال إلى تكتيك الإرهاب المفتوح». وأشارت إلى أنها سوف تواصل دعوتها إلى النظام السوري وتناشده الإسراع في تنفيذ الإصلاحات والإفراج عن المدنيين المعتقلين والتحول نحو الحوار مع المعارضة السياسية وإتاحة الفرصة أمام أجهزة الإعلام العالمية لدخول سوريا وممارسة عملها إلى جانب ضرورة تنشيط التعاون مع جامعة الدول العربية. وقالت الخارجية في بيانها إن اعتراض روسيا على التصويت مع القرار يقوم على «رفضها لفلسفة تصعيد التوتر ولانحياز القرار إلى إدانة طرف واحد وهو دمشق، وتضمن التهديدات بفرض العقوبات على السلطات السورية»، الأمر الذي قالت إنه يتنافى مع مبدأ التسوية السلمية. وقالت الخارجية الروسية إن من صاغ القرار من البلدان الأوروبية «رفض تضمينه الدعوة التي اقترحتها روسيا إلى ضرورة أن تنأى المعارضة السورية بنفسها عن المتطرفين إلى جانب النص على عدم جواز التدخل العسكري الخارجي».
وقالت إن موسكو سبق وأعلنت أكثر من مرة أنها سوف تتصدى لكل المحاولات الرامية إلى جعل «السيناريو الليبي نموذجا يحتذى به، وهو ما يحاول الغرب الترويج له استعدادا للقيام بأي عمليات أمنية في المستقبل». وعادت موسكو إلى تأكيد موقفها من دعوة المعارضة إلى المشاركة في الحوار الوطني ونبذ سيناريوهات التدخل العسكري الخارجي، مؤكدة استعدادها لمواصلة العمل في مجلس الأمن الدولي لصياغة ما يساعد السوريين على بلوغ التسوية السياسية على أساس مشروع القرار المتوازن الذي صاغته روسيا بالتعاون مع الصين.
 
إغلاق مدارس في دوما لمنع الطلاب من التظاهر.. واعتقال 500 شخص
مقتل 9 أشخاص معظمهم تحت التعذيب.. وناشطون يصبغون مياه البحيرات في ساحات دمشق بالأحمر
دمشق ـ لندن: «الشرق الأوسط»
قال ناشطون إن حملة مداهمات واسعة جرت أول من أمس في مدينتي الضمير ودوما في ريف دمشق، وبحسب ناشطون، فقد جرى اعتقال نحو 500 شخص في دوما وحدها خلال اليومين الماضيين، إلا أن هذا لم يمنع استمرار خروج المظاهرات الطلابية الطيارة من المدارس في دوما وعدة مناطق في ريف دمشق وفي بعض أحياء دمشق.
وقالت لجان التنسيق المحلية في سوريا إن 9 قتلى مدنيين سقطوا أمس، 3 من حماه و2 من حمص و2 من إدلب وقتيل في كل من الحسكة والسويداء. وأكدت حصول حملة مداهمات واعتقال واسعة في مدينة دوما، وإغلاق الكثير من المدارس التي شهدت مظاهرات مسبقا منها ثانوية الحرية للبنين وانتشار أمني في محيطها.
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن شخصا قتل تحت التعذيب أمس في حي الخالدية في حمص، كانت أجهزة الأمن قد اعتقلته قبل 3 أيام، كما قتل مواطن آخر في حي القصور متأثرا بجراح أصيب بها مساء أمس خلال إطلاق رصاص من قبل قوات الأمن. كما أعلن عن مقتل شاب يبلغ من العمر 28 عاما في حمص، كان قد اعتقل قبل 4 أيام من قبل عناصر حاجز لشرطة المرور في حي القصور. وقال المرصد إن «أهله تلقوا اتصالا هاتفيا أمس من أجل تسلم سيارته من فرع المرور وسألوا عن ابنهم صاحب السيارة فطلبوا منهم تسلم جثمانه من المستشفى». وقال المرصد أيضا إن شخصا آخر قتل في قرية خربة الجوز في محافظة إدلب، بعد ساعات من الإفراج عنه وعلى جسده آثار التعذيب، بعد أن كانت السلطات السورية قد اعتقلته قبل يومين.
وخرجت مظاهرة في مدينة حرستا من مدرسة إسماعيل الريس تنادي بإعدام الرئيس وتؤيد المجلس الوطني. وفي منطقة كفرسوسة في دمشق، انطلقت مظاهرة طلابية من ثانوية عباس محمود العقاد تهتف بإسقاط النظام. وفي مدينة حمص، قالت مصادر محلية إن قوات الأمن والشبيحة اقتحمت حي كرم الزيتون من جهة بقالية الجولان يوم أمس، وسط إطلاق نار كثيف ترافق مع قطع للإنترنت عن الحي وجرت اعتقالات واسعة وشرسة مع تخريب للممتلكات.
وفي مدينة داعل في محافظة درعا، قال ناشطون إن إطلاقا كثيفا للنار جرى بعد ظهر يوم أمس قريبا من الدوار عند المقبرة الجنوبية، وقالوا: إن تبادلا لإطلاق النار بين الأمن والجيش المنشق أدى إلى إصابات لدى الجانبين. وقدر عدد الجنود المنشقين في داعل يوم أمس بـ30 جنديا، مع الإشارة إلى أن دبابة تابعة للجيش السوري دهست بالخطأ إحدى خيام الجيش عند الدوار أسفرت عن إصابة مجند. وفي مدينة درعا، خرجت بعد ظهر أمس مظاهرة كبيرة عند الجامع العمري لنصرة الرستن.
وفي الرستن بحمص، التي شهدت قتالا عنيفا استمر أياما بين جنود منشقين وقوات الأمن، قال ناشطون إن الكهرباء والمياه والاتصالات لا تزال مقطوعة وإن الفرن الآلي لا يزال مغلقا، وذلك على عكس ما قالته وسائل الإعلام السورية الرسمية بأن الحياة عادت إلى طبيعتها في الرستن. وأكد ناشطون أن الطريق الدولي عند الرستن ما زال مقطوعا، ولا تزال الرستن محاصرة حيث يمنع الدخول والخروج من المدينة. وفي قلب المدينة لا تزال الأحياء مقطعة الأوصال بالحواجز والمتاريس والدبابات متواجدة في الشوارع الرئيسية وتحيط بالمدينة من كافة الاتجاهات.
وقال ناشطون إن أعداد المعتقلين ترتفع وزادت عن 4 آلاف و500 معتقل، وإن عدة حالات وفيات سجلت بين الجرحى المتواجدين في البيوت، لعدم التمكن من علاجهم والذين يزيد عددهم وفق آخر إحصائية وصلت للناشطين عن 500 جريح. وذكر ناشطون أن الوضع الإنساني هناك ما زال صعبا، فهناك نقص في المواد التموينية ولا يسمح بإدخال أي مساعدات للمدينة (طبية أو غذائية). ووصفوا الرستن بالمدينة «المنكوبة» بعد تعرضها لـ«عملية عقاب جماعي ألحقت خسائر مادية كبيرة بالأهالي لمنعهم من التظاهر».
وفي مدينة حلب التي سبق وشهدت مظاهرات طلابية جامعية محدودة، خرجت يوم أمس مظاهرة طلابية بالقرب من دوار كلية الآداب في جامعة حلب وتابعت مسيرها باتجاه نزلة الفرقان حتى جامع سعد ثم تفرقت بعد وصول قوات الأمن والشبيحة، وهتف المتظاهرون لإسقاط النظام ومطالبين بالحرية وانتصروا للمدن المحاصرة وأعلنوا تأييد المجلس الوطني السوري. كما ندد المتظاهرون بقتل النظام لسارية حسون وتبرؤوا من عمليات الاغتيال المتتالية التي يقوم بها النظام لتشويه صورة المتظاهرين.
في طريقة جديدة ومبتكرة في الاحتجاج السلمي، قام ناشطون بصباغة مياه عدة بحيرات في دمشق باللون الأحمر، وفوجئ السكان ظهر يوم أمس بالمياه الحمراء المتدفقة من نوافير البحيرات في حي الميدان ساحة البطيخة، وفي ساحة باب مصلى وساحة السبع بحرات في مركز البلد. وقال الناشطون إن هذه العملية اسمها «الحرية لبحرات الشام» وإنها «تعبير عن حجم الجرائم التي يقترفها النظام وحزن على الشهداء».
وبث ناشطون سوريون على صفحة «تنسيقية الثورة السورية في حي الميدان وما حوله» على موقع «فيس بوك» صورا فوتوغرافية ومقاطع فيديو للبحيرات التي صارت مياهها حمراء وقالوا: إن «أبطال الميدان قاموا اليوم بتنفيذ عملية نوعية في مدينة دمشق احتجاجا على الدماء التي تراق في أنحاء وطننا الغالي». وذكر ناشطون آخرون أن السلطات المحلية سارعت إلى استبدال مياه البحيرات بسرعة، وشوهدت المضخات في الساحة المذكورة وهي تقوم بشفط المياه المصبوغة بالأحمر واستبدالها بأخرى نظيفة.
 
ندوة تضامنية مع «الثورة» السورية في مدينة صور تحت أنظار حزب الله
بيروت: ليال أبو رحال
بعد أيام على تنظيم لقاء داعم للنظام السوري في مدينة صور، جنوب لبنان، تحت عنوان «سوريا بخير»، تخلله كلمات لمسؤولين من حزب الله وحركة أمل وحزب البعث والسفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي، تصبّ في إطار «دعم سوريا في مواجهة المؤامرة التي تتعرض لها»، نظم أحد منتديات المدينة «منتدى صور الثقافي» لقاء تضامنيا مع الثورة السورية، أول من أمس، في «إطار التفاعل مع ربيع الثورات العربية»، هو اللقاء الأول من نوعه في منطقة يحكم كل من حزب الله وحركة أمل قبضتيهما عليها.
ويأتي تنظيم هذا اللقاء، وفق المنظمين، لتبديد الانطباع الذي ساد بعد اللقاء التضامني مع النظام السوري، وللقول بأن «تنظيم حزب الله وحركة أمل لقاء تضامن لا يعني أن المدينة بأكملها تدعم النظام»، وللتأكيد على أن «محاولة بعض القوى السياسية إدراج المدينة، تحديدا، والجنوب عموما، في سياق تأييد النظام السوري وكأنه ورقة سورية ليست في مكانها، لأن ثمة ناسا لديها رأي مغاير في هذا السياق». ومن المقرر أن يستكمل المنتدى في الفترة المقبلة سلسلة ندوات مماثلة تتناول موضوع الثورات العربية و«كيفية دعم خط الربيع العربي، الذي ينسجم مع المقاومة، التي يرتضيها أهل الجنوب ضد كل احتلال أو استبداد أو قمع لإرادة الشعوب».
وفي هذا الإطار، وصف علي الأمين، أحد منظمي اللقاء، في اتصال مع «الشرق الأوسط» تنظيم اللقاء في صور بأنه «بمثابة اختراق للقوى الشيعية المهيمنة جنوبا، بما يدحض الزعم بأن الجنوب كله في جبهة النظام السوري»، موضحا أن دعوته للمشاركة في الندوة الحوارية تأتي في أعقاب مقال نشره منذ أيام بعنوان «صور: سوريا ليست بخير»، انتقد فيه ما قال إنه «نظام من القيم الغريب العجيب يحاول البعض (بلف) الجنوبيين به، نظام قيم يجري ترويجه بما يخالف منطق التاريخ، إذ ثمة من يريد القول لنا إن شعوبا تعاني التعسف والظلم والاستبداد قادرة أن تنتصر على العدو، وإن مجتمعات تعيش في جمهورية الخوف قادرة أن تقول كلمتها وتحرر أرضها من الاحتلال».
وأعرب الأمين عن قناعته وعدد كبير من الجنوبيين بأن «المقاومة بجوهرها قائمة على التعبير عن كيان حر في مواجهة الظلم بأشكاله المختلفة، سواء أكان ناجما عن احتلال إسرائيلي أو عن استبداد نظام داخلي»، مشددا على أن «خيار المقاومة لا يمكن أن يكون إلا في جوهر الربيع العربي ودعم خيارات الشعوب وتطلعاتها». وأوضح أن «الجنوب الذي كان سباقا بدوره وتأثيره في تحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلي وقدم الكثير من الشهداء وشكل البيئة الحاضنة للمقاومة، لا يمكن أن يكون عنوانا مدرجا في مصلحة نظام فردي واستبدادي، وأن المقاومة لا يمكن أن تقع في خط الاستبداد، كما أنه لا يمكن للحرية أن تكون انتقائية».
ورأى الأمين أن «الربيع العربي كشف عقم الانقسام حول (الاعتدال) و(الممانعة) وهاهو يؤسس منطقا جديدا للتحالفات والانقسامات لتشكل محاور جديدة، لم تعد تقوم على فرز المؤيد للمقاومة الممانِعة والمختلف معها، أو فرز الحريصين على الاستقرار الداخلي عن المهددين له، بل يقوم على الفرز بين مؤيد وداعم للحرية والكرامة والإنسانية من جهة، وبين متنكر ومناهض لهذه الحقوق والقواعد ومنتهك لها من جهة أخرى».
 
سلفيون سوريون يعقدون لقاءات سرية مع أميركيين ومسيحيين لبنانيين
بهدف طمأنة الأقليات وشرح وجهة نظرهم للغرب
بيروت: سوسن الأبطح
يأخذ السلفيون السوريون مخاوف مسيحيي لبنان والغرب منهم بعين الاعتبار، ويعتبرون أن النظام القائم شوه صورتهم وأثار الذعر منهم، على غير وجه حق، مما انعكس سلبا على المواقف الدولية تجاه الثورة السورية. لذلك يقوم سلفيون سوريون معارضون فروا من سوريا إلى لبنان هربا من النظام، باتصالات حثيثة، في الوقت الحالي، مع قيادات وشخصيات مسيحية، ويعقدون لقاءات توصف بـ«السرية» يشرحون خلالها وجهة نظرهم، ويطرحون رؤيتهم لنظام جديد في سوريا يتبنى فكرة «دولة مدنية، ديمقراطية، تعددية»، بحسب ما أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط». وإذا كانت طمأنة المسيحيين من غربيين ولبنانيين تحولت إلى عنوان رئيسي لهذه التحركات التي تتم على نطاق ضيق ومحدود، فإن السلفيين السوريين لا يخفون أنهم يبحثون عن دور سياسي لهم، كما أنهم طلاب سلطة كما غيرهم من المواطنين السوريين، وهذا حقهم الديمقراطي، كما يقولون.
وقال المصدر المطلع «إن هذه اللقاءات شملت سياسيين سنة ومسيحيين بشكل خاص، لكن التركيز هو على لقاء القيادات المسيحية». ويشرح المصدر: «الأمر لا يتوقف على لقاء واحد مع كل جهة، بل ثمة جهات مسيحية عقد معها سلفيون سوريون ما يزيد على 5 لقاءات، ليصبح الأمر أشبه بحوارات مفتوحة تجري بين الطرفين». وتحدث المصدر عن «ارتياح مسيحي لما سمعوه من طروحات جديدة، في خطاب السلفيين، لم يعهدوها من قبل».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن «سياسيين مسيحيين لبنانيين ساعدوا السلفيين على عقد لقاءات مع أميركيين وأوروبيين لشرح وجهة نظرهم الجديدة، لحث الغربيين على اتخاذ موقف حاسم من النظام، دون خوف من بدائل إسلامية إقصائية تسعى للتفرد بالأقليات والاقتصاص منهم».
ويتحدث من يصفون أنفسهم بالسلفيين الجدد عن «رؤية سياسية جديدة لهم لا تقوم على التعصب»، معتبرين «أن الفكر الذي يقوم على نبذ الآخر والعداوة له قد ولى زمنه، وأن سقوط النظام الحالي من المفترض أن يكون فاتحة لعهد جديد في سوريا تحكمه صناديق الاقتراع وإرادة الناس».
وإذ يرفض المصدر المطلع نفي أو تأكيد اجتماع السلفيين بممثلين عن حزب الكتائب أو تسمية أي جهة بعينها التقوها، نظرا لدقة الموضوع، لكنه يقول: «إن مسلمين ومسيحيين يتعاونون لإنجاح هذه اللقاءات». ويضيف: «السلفيون يتفهمون مخاوف البطريريك الماروني بشارة الراعي، التي عبر عنها أثناء زيارته الأخيرة إلى باريس، كما أنهم استمعوا جيدا إلى ما قاله الرئيس أمين الجميل ونجله سامي الجميل في الإعلام حول «ضرورة طمأنة أصحاب الثورات للأقليات»، لذلك فإن تحركاتهم تصب في هذا الاتجاه تماما».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن لقاءات السلفيين السوريين شملت أيضا سلفيين لبنانيين، حيث دارت نقاشات بين الطرفين لم تتسم بـ«ود كبير». لكن «التنسيق مع سلفيي لبنان ليس الأولوية الآن»، بحسب ما قيل لنا، بقدر ما هو تعريف من لا يعرفون بأن «السلفية لا تعني بالضرورة الإقصائية ونبذ الآخر، وإنما العودة إلى مسار السلف الصالح ونهجه، وهذا يحتمل اجتهادات كثيرة».
ويعتبر السلفيون المعارضون الموجودون بشكل مؤقت في لبنان أنهم يمثلون شريحة تستحق أخذها بعين الاعتبار في محافظات كثيرة في سوريا، لذلك فهم يتكلمون وفي تقديرهم أن لهم وزنهم على الأرض. ويبدو أن الاتصالات لا تنقطع بينهم وبين «المجلس الوطني السوري» الذي تشكل حديثا في إسطنبول، لأنهم يعتبرون أنفسهم جزءا لا يتجزأ منه، كهيئة انتقالية بانتظار إسقاط النظام.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع أن لقاء السلفيين مع الأميركيين (الذين لم يكشف عن صفتهم الرسمية أو التمثيلية) انتهى برضا سلفي عما دار فيه. ويضيف المصدر «أن السلفيين شرحوا مواقفهم الجديدة، وتحدثوا عن رغبتهم في أن يشاركوا بالحياة السياسية السورية، كأحد مكونات المجتمع السوري. ولقوا في المقابل تفهما لطروحاتهم». ويضيف المصدر «أن السلفيين سمعوا من الأميركيين الذين اجتمعوا معهم، أن سوريا ذاهبة إلى سيناريو أقرب إلى ما حصل في ليبيا، إذا ما استمر الحال على ما هو عليه».
يشرح المصدر: «يطالب المجلس الوطني بحماية دولية للمدنيين، فيما يستمر النظام في قمع المتظاهرين وقتلهم، وترفض المعارضة في غالبيتها أي تدخل أجنبي مباشر على الأراضي السورية، لذلك فإن الخيار الباقي، بحسب ما قاله الأميركيون، هو حماية المدنيين من الجو وتسليح الثوار، خاصة المنشقين من الجيش السوري والذين باتوا يخوضون بأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة معارك ضارية مع الجيش النظامي». وعندما نصر على معرفة الرأي الأميركي بشكل دقيق خلال اللقاء يقول المصدر: «أكد الأميركيون أن النظام السوري بالنسبة لواشنطن قد انتهى، وأن الأيام القليلة المقبلة ستشهد تطورات يصفونها بالمهمة جدا دوليا»، وقالوا بوضوح «إن سوريا ذاهبة باتجاه السيناريو الليبي».
ويؤكد السلفيون السوريون المعارضون في لبنان أنهم شعروا بارتياح تجاه كلام السفيرة الأميركية مورا كونيللي أثناء زيارتها، منذ يومين، لوزير الدفاع اللبناني فايز غصن، حيث أكدت على «الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لدور الجيش اللبناني في حماية الأعضاء المنتسبين إلى المعارضة السورية المقيمين في لبنان». وهو ما قد يخفف الضغط عنهم خلال الأيام المقبلة.
وعما إذا كانت المعارضة متوافقة على تدخل خارجي على الطريقة الليبية وتسليح الثورة، يرد معارض سوري ناشط في لبنان، يتحفظ على ذكر اسمه: «الوضع الاقتصادي سيئ، والناس تعبت وطول أمد الثورة ليس لصالحنا بل لصالح النظام الذي يراهن على كلل الناس. كل اليافطات التي ترفع من قبل المتظاهرين تطالب بالحماية للمدنيين. وتشكيل المجلس الوطني الموحد، هو بادرة لطلب الحماية الدولية للمدنيين». ولا يشعر المعارضون، الذين تحدثنا معهم، بأنهم يورطون بلادهم في حرب خارجية بتدخل على الطريقة الليبية خاصة أن النظام نفسه – بحسب وجهة نظرهم - «بات يسعى لافتعال حرب خارجية أو إدخال البلاد في نزاعات طائفية ليمد بعمر وجوده في السلطة. وبالتالي فثمة حرب مفروضة عليهم لا بد أن يخوضوها».
 
تركيا تبدأ مناوراتها العسكرية على الحدود مع سوريا.. وتحضر لحربها الاقتصادية على نظام الأسد
خبير اقتصادي لـ«الشرق الأوسط»: 2.5 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام الحالي
بيروت: «الشرق الأوسط»
في وقت تستعد فيه لإعلان سلة عقوبات ضد النظام السوري، بدأ الجيش التركي أمس مناورات في محافظة هاتاي، الواقعة على الحدود مع سوريا، التي لجأ إليها أكثر من سبعة آلاف سوري هربا من قمع المظاهرات المناهضة للحكومة منذ ستة أشهر، كما أعلنت قيادة أركان الجيوش التركية. وجاء في بيان لقيادة الأركان نشر على الإنترنت أن تدريبات «التعبئة» هذه التي كانت مقررة مسبقا ستتواصل حتى 13 أكتوبر (تشرين الأول) في إسكندرون. وتتزامن هذه التدريبات العسكرية مع زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الأحد المقبل إلى مخيمات اللاجئين الواقعة في المحافظة. وتشارك في المناورات التي تنظم كل سنة في مواقع مختلفة في البلاد، كتيبة مشاة مؤللة ونحو 800 احتياطي.
والعلاقات بين أنقرة ودمشق التي كانت ودية سابقا، تدهورت إلى حد كبير منذ بدء حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. إلا أن العلاقات بين البلدين مرت في السابق بهزات كبيرة؛ ففي عام 1998، ظن السوريون أن حربا ضروسا ستقع بين البلدين وستطيح بالعلاقات الاقتصادية التي كانت قد بدأت بفي لنمو والاتساع، تزامنا مع مرحلة الانفتاح الاقتصادي التي انتهجها النظام السوري منتصف التسعينات. وبدأت مخاوفهم حين حشد الجيش التركي قواته على امتداد الحدود التركية - السورية، مهددا باجتياح الأراضي السورية ردا على دعم النظام الحاكم في دمشق حزب العمال الكردستاني.
لكن الأزمة بين البلدين الجارين في ذلك الحين لم تأخذ منحى عسكريا؛ إذ سارع الرئيس الراحل حافظ الأسد آنذاك إلى نزع فتيل الأزمة، فطرد عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، تمهيدا لتسليمه إلى الحكومة التركية. كما اضطر إلى التوقيع على اتفاقية أضنة التي تسمح للقوات التركية بالدخول إلى الأراضي السورية حتى عمق 15 كلم لتعقب الإرهابيين وفقا لبنود الاتفاقية.
فرض الوضع الجديد آنذاك هدوءا سياسيا ترك آثارا إيجابية في مجالات التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين. وخلق ارتياحا لدى النخب الاقتصادية السورية، خصوصا تلك التي تنتشر استثماراتها في مدينة حلب القريبة من الحدود التركية.
يعود تاريخ التبادل التجاري بين سوريا وتركيا، وفق أحد الخبراء الاقتصاديين، إلى حقبة الاحتلال العثماني، «حيث كان تبادلا بسيطا يرتبط بتنقلات الأفراد بين أراضي البلدين، ليترسخ بعد مرحلة الاستقلال بسبب استقرار عدد من الأتراك في سوريا وحصولهم على الجنسية السورية، وكذلك استقرار عدد من السوريين في تركيا. لكن وتيرة هذا التبادل البسيط انخفضت كثيرا في حقبة الاحتلال الفرنسي لسوريا، لينقطع كليا بعد اقتطاع لواء إسكندرون من الأراضي السورية ومنحه لتركيا بموجب اتفاقية سان ريمون».
ويلفت الخبير الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «مع تسلم الأسد الأب السلطة في عام 1970، شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين نموا بسيطا اقتصر على المواد الغذائية والسلع والمنتجات الاستهلاكية الأخرى. ومع النهضة الاقتصادية التي حققت في تركيا نموا ضخما، صار هذا التبادل محسوسا بشكل أكبر. بدأت سوريا باستيراد السيارات المجمعة من تركيا إضافة إلى استيراد المواد الأولية كالإسمنت والحديد، مقابل تصديرها منتجات تحويلية إلى الأراضي التركية كالفستق الحلبي والسمن البلدي الذي يستخدم في صناعة الحلويات، ليصل حجم التبادل في ذاك الحين إلى 200 مليون دولار سنويا».
ويوضح الخبير الاقتصادي أن «التبادل التجاري بين البلدين لم ينقطع حتى في فترة التسعينات التي شهدت أزمة حادة بين الجارين على خلفية دعم النظام السوري حزب العمال الكردستاني، لكن هذا التبادل أخذ منحى غير شرعي عبر معابر التهريب المنتشرة على امتداد الحدود السورية - التركية التي يقدر طولها بـ850 كلم. ومن هنا صعوبة معرفة حجم التبادل الاقتصادي الفعلي الذي يجري عبر هذه المعابر بطريقة غير شرعية».
تزامن وصول الأسد الابن إلى السلطة في سوريا في عام 2000 مع إحكام الإسلاميين قبضتهم على الحكم في الدولة ذات التقاليد الأتاتوركية، مما خلق مصلحة مشتركة لإرساء شبكة مصالح سياسية واقتصادية بين البلدين؛ إذ أراد الإسلاميون المنحدرون من حزب «العدالة والتنمية» تصفير المشكلات مع دول الجوار وبناء علاقات مميزة معها، بينما أراد النظام السوري اللعب على التناقض التركي - الإيراني في المنطقة في ظل الفراغ العربي، والاستفادة من هذا التناقض لترسيخ موقعه وتحقيق مكتسبات جديدة.
وشهد التبادل التجاري في هذه المرحلة تطورا لافتا على جميع الصعد؛ إذ يشير الخبير الاقتصادي المطلع عن كثب على هذا الملف، إلى أن «شركات تركية كثيرة بدأت الدخول إلى سوريا والتأسيس لأعمال استثمارية ومشاريع كبرى لا تستطيع الشركات السورية منافستها فيها». ووصل حجم هذه الأعمال الاستثمارية، وفق المصدر عينه، إلى ما يقارب 300 مليون دولار، خصوصا أن وجود مدن صناعية في مدن سورية عدة سهل عمل هذه الشركات، إضافة إلى القرارات التي اتخذتها الحكومة السورية بقصد تسهيل عمل الشركات التركية كالإعفاء من الضرائب.
ويشير الخبير الاقتصادي، في هذا السياق، إلى أن رقم التبادل التجاري بين سوريا وتركيا بشكل إجمالي وصل في العام الحالي إلى مليارين ونصف المليار دولار أميركي، وهو «رقم لم تبلغه سوريا في تعاونها الاقتصادي مع أي بلد آخر»، على حد تعبيره. إلا أن اشتعال الانتفاضة السورية، وتجاهل سوريا موقف الجار التركي منذ بداية الأزمة في 15 آذار (مارس) الماضي، ينذر ببداية حرب اقتصادية تظهر معالمها تدريجيا بين الطرفين. وفي حين يشن الإعلام المقرب من النظام السوري حملة على تركيا، مطالبا بمقاطعة بضائعها المنتشرة في السوق السورية، يتوعد رئيس الوزراء التركي بفرض عقوبات اقتصادية على النظام وإغلاق الأسواق التركية أمام البضائع السورية في حال استمر الأسد في نهجه القمعي.
 
وكالة «فارس» الإيرانية: الأسد أبلغ أوغلو أن بإمكانه إشعال الشرق الأوسط خلال 6 ساعات إذا قصفت دمشق
نقلت عن مسؤول عربي كبير قوله إن الرئيس السوري هدد بتحريك حزب الله والشيعة في الخليج
لندن: «الشرق الأوسط»
نقلت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، عن مسؤول عربي كبير، قالت إنه فضل عدم الكشف عن هويته، أن الرئيس السوري بشار الأسد أبلغ وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في زيارته الأخيرة لدمشق «بأن قوى عظمى كبيرة تدرك كل الإدراك أنه مع أول صاروخ يسقط فوق دمشق لأي سبب كان، فإنه بعد ست ساعات من سقوط هذا الصاروخ، سيشعل الشرق الأوسط، ويسقط أنظمته».
وأفادت وكالة أنباء «فارس» نقلا عن وكالة أنباء «النخيل»، أن «الرئيس السوري بشار الأسد صدم أوغلو خلال زيارته للعاصمة السورية دمشق قبل نحو شهرين، فالرسالة التركية للأسد، المستندة إلى ثقل وتفاهمات تركية سعودية أميركية، تضمنت التهديد بمواجهة عسكرية دولية على غرار ما كان يحدث وقتذاك في ليبيا لإنهاء حكم العقيد الليبي المتواري عن الأنظار معمر القذافي، إلا أن الأسد رد ببرود أعصاب شديد فاجأ ضيفه، حين سأل أوغلو: برأيك كدبلوماسي لماذا تتردد قوى دولية معروفة بعدائها لسوريا عن تكرار التجربة الليبية مع سوريا؟».
وأضافت «فارس»: «يروي المسؤول العربي الكبير الذي فضل عدم ذكر اسمه أن أوغلو لم يجب عن سؤال الأسد، لكنه قاطع الرئيس السوري سائلا إياه إن كان يعرف معلومات وأسرارا لا يعرفها هو كحامل رسالة للأمة التركية، فأجابه الأسد «إن قوى عظمى كبيرة تدرك كل الإدراك أنه مع أول صاروخ يسقط فوق دمشق لأي سبب كان، فإنه بعد ست ساعات من سقوط هذا الصاروخ، سأكون قد أشعلت الشرق الأوسط، وأسقطت أنظمة، وأشعلت الفوضى والحرائق قرب حقول النفط الخليجية، وأستطيع أن أغلق المضايق المائية العالمية.. لا تظن أنني أبالغ، دوائر القرار في بلدك وفي بلاد أخرى تدرك إن كنت أقول وأفعل أم أقول فقط». وتابعت أن الأسد رد بالقول «تعرف أميركا كيف ساعدناها على إسقاط نظام صدام حسين لأننا كنا نريد ذلك.. وتعرف إدارات أميركية أن سبب ورطتها في العراق الآن هو سوريا، وأننا نمزح معها فقط في العراق، ولو أردنا قتل الآلاف من جنودها لفعلنا بلا تردد، لكن السياسة السورية منذ القدم لا ترمي أوراقها دفعة واحدة على طاولة اللعب.. دمشق تلعب بمزاج عال».
وذكرت «فارس» أن أوغلو سأل الأسد «هل تريدني أن أنقل رسالة معينة لأنقرة؟»، فأجاب الأسد «الرسالة التي جئتني بها لم تكن من أنقرة، بل من عواصم كثيرة، وأريدك أن تنقل هذه الرسائل حرفية.. أنه إذا حصل أي جنون تجاه دمشق، فأنا لا أحتاج أكثر من ست ساعات لنقل مئات الصواريخ إلى هضاب الجولان، لإطلاقها على تل أبيب، وفي الوقت نفسه سنطلب من حزب الله اللبناني فتح قوة نيرانية على إسرائيل لا تتوقعها كل أجهزة الاستخبارات، كل هذا في الساعات الثلاث الأولى من الساعات الست، وفي الساعات الثلاث الأخرى ستتولى إيران ضرب بوارج أميركية ضخمة راسية في مياه الخليج، فيما سيتحرك الشيعة الخليجيون لضرب أهداف غربية كبرى، وقتل أميركيين وأوروبيين حول العالم، إذ سيتحول الشيعة في العالم العربي إلى مجموعة فدائيين انتحاريين صوب كل هدف يرونه سانحا، وسيخطفون طائرات شرق أوسطية».
 
«14 آذار» تطالب الحكومة بوضع حد للخروقات السورية للأراضي اللبنانية.. وترحب بالمجلس السوري الوطني
مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»: 10 جنود سوريين دخلوا بلدة حلواص لتخويف السكان
بيروت: يوسف دياب
بينما بقيت اختراقات الجيش السوري المتكررة للحدود الشمالية والشرقية للبنان، خاضعة للتأويل السياسي واستنتاج خلفياتها وأبعادها، جال أمس خبيران من مكتب الفريق الاستشاري الألماني - الدنماركي في لبنان على عدد من مراكز القوة الأمنية المشتركة لضبط ومراقبة الحدود الشمالية مع سوريا، يرافقهما ضباط من الجيش اللبناني، وقوى الأمن الداخلي والأمن العام. وشملت الزيارة مركز الأمن العام في العبودية المنشأ حديثا مباشرة عند نقطة العبور بين لبنان وسوريا في العبودية – الدبوسية، واطلع الوفد على «عمل القوة الأمنية المشتركة وحاجاتها وسبل تطوير عملها».
وفي جديد الخروقات، كشفت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» عن أن «دورية راجلة للجيش السوري قوامها عشرة جنود، انتقلت ظهر اليوم (أمس) من مركزها الكائن في بلدة هيت السورية، ودخلت الأراضي اللبنانية لنحو الكيلومترين، وتجولت قبالة بلدة حلواص الحدودية في جبل أكروم (شمال لبنان)، وعلى مسافة لا تزيد على الـ300 متر عن أطراف هذه البلدة، قبل أن ينسحبوا ويعودوا إلى مركزهم». واعتبرت أن «هؤلاء الجنود دخلوا فعليا إلى حلواص في خرق فاضح الهدف منه تخويف الناس». وأكدت المصادر أن «عدة أعيرة نارية أطلقت من المركز السوري في هيت باتجاه بلدة حلواص من دون أن تعرف الأسباب».
إلى ذلك أعلن مواطن لبناني من بلدة حلواص، رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، أن «الناس خائفة جدا من تصرفات الجنود السوريين الذين على ما يبدو يمارسون حربا نفسية مع أهالي البلدة وغيرها من القرى الحدودية». وقال: «نحن على أبواب موسم الزيتون والأهالي لا يتجرأون على الذهاب إلى الحقول لقطاف أرزاقهم، بدليل خطف مزارعين اثنين الأسبوع الماضي من داخل أرضهما لساعات من دون أي سبب». أضاف المواطن اللبناني: «إذا لم يتدخل الجيش اللبناني ويتوسّط مع الجيش السوري بناء على الصداقة التي تجمعهما، فلن نستطيع التحرك في أرضنا وهذا ما سيعقد الأمور ويزيد من نقمة الناس». ولفت إلى أنه «كل يوم يردنا إنذار بإمكان مداهمة الجيش السوري لبيوتنا، ما يضطرنا على تركها ونقل عائلاتنا إلى قرى أكثر أمنا، وهذا واقع يجب أن لا يستمر، ولا بد من تدخل الدولة اللبنانية».
أما على صعيد المواقف السياسية، فقد نددت الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار خلال اجتماعها الأسبوعي أمس، بـ«الخروق السورية المتكررة للحدود اللبنانية وإقدام الأمن السوري وملحقاته على عمليات أمنية وعسكرية داخل الحدود، سواء لملاحقة مواطنين سوريين أو للاعتداء على لبنانيين»، مطالبة «الدولة اللبنانية بأجهزتها ومؤسساتها بوضع حد لهذه الانتهاكات ومنع تكرارها تأكيدا على سيادة لبنان».
ورأت قوى «14 آذار»، في تشكيل المجلس الوطني السوري «محطة تحول كبير في مسار الثورة» الهادفة إلى إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد. وعبرت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» المناهضة لدمشق في بيان عن «ارتياحها الشديد لتشكيل المجلس الوطني السوري قبل أيام»، ورأت فيه «محطة تحول كبير في مسار الثورة السورية ضد نظام الاستبداد والمذابح الدموية». كما حيت قوى «14 آذار» «التضحيات الجسيمة التي يواصل الشعب السوري بذلها من أجل انتصار أهداف ثورته في الكرامة والحرية والديمقراطية»، معتبرة أن «البطء العربي والدولي إزاء جرائم النظام ضد الإنسانية لم يعد مقبولا».
واعتبر رئيس حزب الكتائب (رئيس الجمهورية الأسبق)، أمين الجميل، أن «توغل الجيش السوري عند الحدود اللبنانية، ودخوله على مدى كيلومترات في منطقة عرسال، وتعديه على الممتلكات وتفجيره مصنعا في البلدة، أمر خطير جدا»، معربا عن خشيته من أن يكون «ما حصل منحى جديدا للجيش السوري في لبنان». وقال: «ما حصل خرق خطير للسيادة اللبنانية، وإذا كنا لا نطالب الحكومة باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي في الوقت الحاضر؛ نظرا لمعطيات كثيرة، فإننا ندعو الدولة اللبنانية لاتخاذ موقف وتصارح الرأي العام اللبناني بما حصل وما هي الإجراءات التي اتخذتها»، مشددا على أن «المطلوب وأقله استدعاء السفير السوري (علي عبد الكريم علي) وسؤاله عن مغزى هذا التصرف».
بدوره أعلن النائب بطرس حرب (في تكتل 14 آذار) رفضه «دخول القوات السورية العسكرية إلى الأراضي اللبنانية بحجة ملاحقة معارضين للنظام السوري، وآخرها دخولها البارحة إلى محيط بلدة عرسال البقاعية وتدمير مستودع عائد إلى أحد المواطنين اللبنانيين». وقال في تصريح له: «إن أي خرق للحدود اللبنانية، من أي دولة، يشكل اعتداء على سيادة لبنان ودولته، واستباحة النظام السوري للأراضي اللبنانية، وخرق قواته للحدود اللبنانية من دون استئذان السلطة اللبنانية أو الحصول على موافقتها، يشكل اعتداء على سيادة لبنان لا يجوز السكوت عنه أو تجاهله». داعيا إلى «وضع حد لهذه الاعتداءات على سيادة لبنان، وذلك بأن تقوم الحكومة باستدعاء السفير السوري (علي عبد الكريم علي) فورا، وإبلاغه احتجاج لبنان على ما جرى وطلب عدم تكراره نهائيا».
 
سوريا والنفاق الروسي
طارق الحميد
مع مستشارة النظام الأسدي بثينة شعبان كل الحق عندما تقول إن اليوم الذي استخدمت فيه كل من روسيا والصين حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لوقف مشروع قرار يدعو إلى «إجراءات محددة الأهداف» ضد نظام بشار الأسد، «يوم تاريخي».
فهو يوم تاريخي بالطبع، لأن في هذا اليوم عرف السوريون، ومعهم العرب، أن النظام الديكتاتوري في سوريا، والذي يقتل مواطنيه، وينكل بهم أبشع تنكيل، ولا يتوانى عن استخدام الحيل، وتأجيج الطائفية، هو نظام يتمتع بحماية حقيقية من قبل كل من الصين وروسيا، وتحديدا الروس الذين يمارسون نفاقا سياسيا بكل معنى الكلمة.
وبالطبع ليس سرا أن الصين ترفض أي قرار ضد النظام الأسدي لأنها تخشى على نفسها غدا من أي سابقة، وكان من المتوقع أن تمتنع عن التصويت، لتلك الأسباب، ولديها سجل حافل بذلك، أو أنها تستخدم حق النقض من أجل حماية نفوذها التجاري. أما موسكو فلعبتها واضحة، بوضوح النفاق السياسي لديها، فالروس يعلمون أنه في حال سقوط نظام الأسد فإنهم سيفقدون آخر نظام عربي من الممكن استخدامه لابتزاز الأميركيين والأوروبيين في أي قضايا عالقة، أو مشاريع اقتصادية، حيث دائما ما كانت الأنظمة الديكتاتورية العربية منصة تقف عليها موسكو لتعزيز مواقفها التفاوضية في قضايا عدة. وسقوط النظام الأسدي يعني أنه لم يعد هناك نظام عربي تستفيد منه روسيا مثل ما استفادت في حقبة الحرب الباردة من مصر عبد الناصر، أو كما استفادت من فترة صدام حسين، وبعده معمر القذافي، وها هي اليوم تحاول عدم خسارة آخر أوراق الابتزاز في منطقتنا وهو النظام الأسدي.
وعندما نقول إن النفاق الروسي واضح وضوح الشمس فهذا ليس تجنيا، ففي نفس اليوم الذي استخدمت فيه روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لوقف مشروع القرار الخاص ضد النظام الأسدي، أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش أن بلاده تنوي «استقبال وفدين من المعارضة السورية في أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أحدهما يمثل معارضة الداخل الموجودة في دمشق، والثاني يمثل المعارضة التي أسست ما سمي المجلس الوطني في اسطنبول»! وما يجب أن نتنبه له هنا أن هذه الدعوة ليست لزيارة موسكو وحسب، بل وسيكون اللقاء في وزارة الخارجية الروسية نفسها. فإذا لم يكن هذا هو النفاق السياسي، والمتاجرة بآلام ومعاناة السوريين، فماذا يمكن لنا أن نسميه، أو نصفه؟
الواضح أمام الجميع اليوم أن الروس يريدون التأسيس لموضع قدم لهم في سوريا، وعلى الطريقة التالية: وهي استخدام الفيتو لمصلحة النظام الأسدي، وفي هذه الحالة يكسبونه إن صمد أمام الثورة السورية الشعبية. أو أنهم، أي الروس، سيكسبون الثوار السوريين من خلال الدعوة التي وجهت للمعارضة السورية في نفس يوم استخدام الفيتو بالأمم المتحدة!
هذا هو الأمر الواضح، وإلا كيف تدعم روسيا النظام الأسدي، وتبرر ذلك بقولها إن هناك جماعات إرهابية في سوريا، ثم تقوم بنفس اليوم بدعوة المعارضة لزيارة روسيا، علما أن موسكو تعتبر أن من بينهم إرهابيين؟ أمر لا يستقيم بكل تأكيد.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,308,594

عدد الزوار: 7,627,425

المتواجدون الآن: 0