المعارضة اليمنية وواشنطن ترفضان طلب صالح ضمانات لتوقيع المبادرة

«مجلس السياسات» العراقي المقترح: بين تكريس الـ «سي باية» وإعادة صوغ عقد تأسيسي

تاريخ الإضافة السبت 22 تشرين الأول 2011 - 6:47 ص    عدد الزيارات 2748    التعليقات 0    القسم عربية

        


«مجلس السياسات» العراقي المقترح: بين تكريس الـ «سي باية» وإعادة صوغ عقد تأسيسي
الجمعة, 21 أكتوبر 2011
بغداد – مشرق عباس

على رغم ان طرح تشكيل «مجلس السياسات الإستراتيجية» في العراق لم يكن حلاًّ سحرياً للمشكلات التي تتراكم في هذا البلد، إلاّ انه نجح منذ إدراجه باقتراح أميركي في ورقة «اتفاق أربيل»، في إثارة اشد التراشقات السياسية عنفاً خلال عام مضى، ما استدعى لمرتين اعلان زعيم «القائمة العراقية» اياد علاوي التخلي عن رئاسته.

وكان الحديث المستمر عن المجلس يندرج في ثلاثة اتجاهات، احدها يتبناه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ويعتقد ان هذا المجلس غير دستوري ولا حاجة اليه وهدفه الابقاء على حضور زعيم «القائمة العراقية» اياد علاوي في صميم المشهد السياسي ليس إلاّ، والآخر تعتنقه كتلة علاوي، ويرى ان المجلس هو بمثابة مطبخ لصوغ القرار السياسي والاقتصادي، وانه سيكون بمثابة صمام أمان للخلافات.

ويحاول طيف ثالث مكون في الغالب من حلفاء المالكي في التحالف الوطني والتحالف الكردستاني، النظرَ الى المجلس المقترح باعتباره أداة للحدّ من صلاحيات رئيس الوزراء التي صاغها واضعو الدستور انفسهم.

لكن الاطراف المختلفة لم تستدع الى اليوم فكرة المجلس في نطاق حل الخلل التأسيسي الذي يشكل منبعاً غنياً ودائماً للأزمات على المدى البعيد.

مقاربة جريئة

كان نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي أشار في مقال نشرته صحيفته «العدالة» اخيراً الى سؤال مفاده «هل للعراق عقد تأسيسي؟».

التساؤل اللافت الذي طرحه السياسي المخضرم من داخل الحلقات الضيقة للتوافقات العراقية منذ العام 2003، استبقه بالتأكيد على ان العراق يقوم في الاساس على ثلاثة مرتكزات اجتماعية «السنة والشيعة والأكراد»، وان «غياب او تغييب ايِّ مرتكز سيعني عراق المشاكل والتجزئة والتناحر».

عبد المهدي مضى في القول أيضاً: «نحن أمام عناصر حياة وموت ليس كل ما فيها شاعري وجميل ونبيل، بل فيها الكثير من الدماء والمآسي والفواجع والآلام التي تصنع حقائق جديدة لن تتصورها دورة الأجيال، لكنها بدورة التاريخ حقيقة تفرض نفسها بكل الأبعاد، فنحن نتاج التاريخ رضينا او تذمرنا، ونساهم في إنتاج التاريخ المقبل».

محاولة عبد المهدي الجريئة للبحث في حقيقة العقد التاسيسي لعراق ما بعد 2003 ليست جديدة، وكانت طرحت مراراً عبر كتّاب ومفكرين، كإشكالية تمنع التوصل الى حلول للوضع العراقي على المدى البعيد، وكان السياسيون في حينها يلجأون الى «الشعاراتية» في مواجهة منطق غياب العقد التأسيسي، إلاّ ان عبد المهدي ضمَّنها اعترافاً يصدر للمرة الاولى عن مسؤول من داخل ما يسمى «منظومة الاحزاب الاسلامية الشيعية»، مفاده ان الدستور العراقي باعتباره وثيقة من وثائق العقد التأسيسي قاطعته «جماعة كبيرة» و»لا يمكننا الكلام عن ان الدستور قد بلغ مرتبة العقد التأسيسي»، لأن «التعديلات عليه لم تكتمل»، والقوانين الدستورية المرتبطة به والمكملة له لم يتم صوغها.

ويحدد عبد المهدي اساس الاختلاف العراقي بـ «استمرار الاختلاف حول مفهوم الدولة... فالكرد يرونه استحقاقاً قومياً، والسنة استحقاقاً تاريخياً، والشيعة استحقاقاً للأغلبية، ناهيك عن الآخرين»، وأيضاً «الامتدادات الإقليمية المساعدة او المعرقلة لكل من الجماعات الثلاث، ما يجعل مصادر القوة والضعف خارجية وليست داخلية فقط».

تلك المقاربة التحليلية للعقدة العراقية تشكل مدخلاً نموذجياً لبحث منطلقات «مجلس السياسات» الذي كثر الجدل حول من يقوده، وقربه او بُعده من النص الدستوري، في مقابل اهمال إمكان تحول المجلس الى فرصة تاريخية لإعادة ابرام العقد التأسيسي العراقي الغائب.

الخطأ المنهجي الذي ارتكب في معرض طرح فكرة «مجلس السياسات»، أنه أدرج منذ البداية في نطاق تشكيل الحكومة، وفُهم على نطاق واسع بأنه «حصة» مكون معين (المكون السني)، وأيضاً باعتباره تحت قيادة حصرية يمثلها اياد علاوي (الشيعي العلماني).

كما ان طرح فكرة المجلس المقترح لجهة اعتباره من ادوات تعويض «القائمة العراقية» عن خسارة منصب رئاسة الحكومة، كان الزاوية الهشة التي تدفقت منها الطعون، فسهل على رئيس الوزراء نوري المالكي ان يصف المجلس بأنه «غير دستوري، والعراق لايحتاج اليه».

والحقيقة ان المجلس لم يرد له ذكر في الدستور، كما ان نصوصه التي صاغتها «القائمة العراقية» تتقاطع في بعض ملامحها مع صلاحيات دستورية واضحة للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، لكن الإقرار بعدم دستورية المجلس لا يعني إقراراً بالضرورة بعدم حاجة العراق اليه.

وبالعودة الى مقال السيد عادل عبد المهدي، فإنه في معرض كشفه الصريح عن المرض العراقي المزمن، أعاد تكريس نظرية «الخيمة ذات الأعمدة الثلاثة» التي اثبتت كما نزعم «عقمها» طوال السنوات الماضية.

استخدم عبد المهدي من باب المقاربة المصطلح الفارسي «سي باية» او «القاعدة الثلاثية الارتكاز»، في إشارة الى ان جوهر العقد التأسيسي العراقي المقترح يجب ان يستند الى تطمينات كافية للمكونات الثلاثة (السنة والشيعة والاكراد).

ومن باب اعادة تقويم المشكلة العراقية في اطار فكرة «المجلس السياسي»، فإن العراق الذي يبحث عن عقده التأسيسي لا بد أن يعيد صوغ تعريف مصطلح «المكون» من جهة، وتحديد ما اذا كان يتجه الى دولة مكونات او «دولة مواطَنة».

وإعادة الصوغ هذه تحتمل ثلاثة مستويات من العلاقات «المكوناتية» المتمايزة تتداخل في تعريف الدولة: الاولى شكل العلاقة المستقبلية بين العرب والاكراد في العراق، والثانية تتطرق الى العلاقة المستقبلية بين السنة والشيعة داخل المكون العربي نفسه بالدرجة الاساس، فيما تعيد الثالثة الاعتبار لعلاقة المكونات الاقل حجماً بالدولة.

إقليم كردستان وإعادة تقويم العلاقة

لم تنجح الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها في بداية القرن الماضي في إرساء تعريف واضح للعلاقة بين عرب العراق وأكراده، ويمكن القول بعد نحو قرن من الممانعة الكردية للسلطة المركزية في بغداد، إن فلسفة الدولة العراقية بمختلف تشكيلاتها لم تلحظ الخصوصية الكردية بصورة مسؤولة، كما ان الفهم العام لتلك الخصوصية استمر، باعتباره نتاجاً لرؤية عثمانية في الاقاليم التي حكمها الباب العالي تغاضت عن الخصوصيات القومية المحلية.

بعد حرب 2003 جرى تداول واسع لمصطلح «وضع اقليم كردستان الخاص»، بالإشارة إلى أن الإقليم كان يعيش وضعاً شبه مستقل منذ العام 1991.

لكن «الوضع الخاص» استمر منذ ذلك الحين، وحتى بعد كتابة الدستور العراقي، بعيداً من الترجمة القانونية والثقافية الواضحة.

فهم الاميركيون العراق استناداً الى نظرية «المكونات الثلاثة» المتمايزة، ومضوا الى تأصيل ذلك الفهم، سواء عبر الدستور او ترتيبات الحكم، وأهملوا حقيقة أن أكراد العراق كانوا يعرفون على الدوام موقفهم من الدولة استناداً الى رؤية ثنائية تجمعهم بـ «العرب» بالاستناد الى المنطلق «القومي»، لا بالسنّة من جهة والشيعة من جهة اخرى، على رغم انهم مارسوا هذا التمييز سياسياً خلال السنوات الماضية.

اما عرب العراق، الذين لم تسمح لهم ثقافة السلطة السائدة لعقود طويلة في فهم الخصوصية الكردية، فإنهم قبلوا  التسوية الثلاثية تكريساً لمصالح آنية تخص مرة رغبة الشيعة في تحقيق اعتراف من الاطراف العراقية الاخرى بحكم دائم ومفروغ منه لهم، ومرة اخرى إحساس السّنة بأن فشل تلك النظرية يمكن ان يعيد عجلة الزمن الى وراء.

وكنتيجة، فإن «العقد التأسيسي» العراقي الذي كان من المفترض ان يقوم مرة بين عرب العراق أنفسهم، ومرة اخرى بينهم وبين اكراد العراق، وثالثة مع المكونات الاصغر، غاب لصالح ترتيبات سياسية ومن ثم دستورية اقرت التمايز الثلاثي عبر آليات واحدة.

وكان تعريف العراق دستورياً بأنه بلد اتحادي يسود فيه النظام الفيديرالي من دون توضيح نوع هذا الاتحاد وأطرافه، أولى المعضلات التأسيسية التي ما زالت نتائجها سارية حتى اليوم. فهل الاتحاد هو بين عرب العراق وأكراده؟ أم بين الأكراد والسنة والشيعة؟ أم أنه اتحاد بين محافظات او أحياء او حارات؟

وعلى رغم ان كبار السياسيين العراقيين لايتجرأون على طرح تلك المشكلة الدستورية على طاولة النقاش للبحث عن حل جذري لها، لانها تتطلب اصلاحاً دستورياً جذرياً، إلا أنهم يتحدثون في مجالسهم الخاصة عن رؤية مفادها «ان ما ينطبق على اقليم كردستان معترف به وتستحقه التجربة الكردية، لكن يفترض ان لا يشمل بالضرورة باقي أنحاء العراق».

وتلك الرؤية لا يسندها الدستور بالطبع، فهو يعامل اقليم كردستان معاملة اي محافظة يمكن ان تتحول الى اقليم في العراق خلال الفترة المقبلة. وربما ذلك من بين أهم الاسباب التي تجعل الخلاف على صيغة ادارة الثروات والقوات المسلحة في العراق مستمراً الى اشعار آخر وفي تفاقم.

ان دعوات السياسيين والمثقفين الاكراد الى انشاء الدولة الكردية على رغم ان بعض السياسيين العرب ينظرون اليها باعتبارها «آليات ضغط على بغداد»، تمتلك جذوراً عميقة، وتعكس احساساً ثقافياً وشعبياً كردياً واضحاً بالتمايز الثقافي والتاريخي، ومن الخطأ التعامل معها باعتبارها دعوات مرحلية او انتقالية، او انها ردود فعل على العلاقة المضطربة مع بغداد فقط.

وعلى ذلك، فإن إعادة تعريف العلاقة بين الجزء العربي من العراق والجزء الكردي تتطلب حسب المختصين في الشأن القانوني إبرام عقد تأسيسي يتمكن من ضبط التفاهمات والاختلافات على المدى البعيد. كتب القيادي في «الاتحاد الوطني الكردستاني» ازاد جندياني قبل ايام مقالاً بعنوان «من المسؤول عن فقدان الفيديرالية؟» تعليقاً على طروحات الدولة الكردية والخلافات مع بغداد قال فيه إن «الكرد جربوا (دولة التآخي الكردي مع الآخرين) من خلال المئة سنة الماضية على الأقل، ولكنهم لم يحصلوا على الدولة وعلى مملكة الشراكة مع «إخوتهم»، بل تعرضوا تحت شعار «تآخي الكرد مع الطرف الآخر» الى قتل جماعي ومسح هويتهم القومية» وخلص الى القول: «في النهاية، ان الذي يصب في مصلحة التعايش المشترك في العراق هو ان نقول لكم (العرب) بصراحة ومن دون مواربة، إن الكرد ساخطون، وإنهم يشكون في نواياكم، وبالمقابل يعتبرونكم تهديداً لمستقبلهم، لذا فإن الكرة الآن في ملعبكم، وعليكم انتم ان تبددوا لدى الكرد هذه الشكوك والمخاطر التي قد يتعرضون لها».

ذلك القلق الكردي الذي يتم التقليل من نتائجه في بغداد، قد يكون العامل الاكثر إلحاحاً على مستوى مستقبل العراق، ومعالجته تكمن فقط من خلال اعادة صوغ توصيف واضح الملامح للعلاقة بين الشق العربي والشق الكردي من العراق يحفظ حقوق الجانبين القومية ويؤسس لحلول شاملة.

لكن البدء في مرحلة التوصيف كجزء من المهمة التأسيسية لن يكون ممكناً من دون آليات قد يكون «مجلس السياسات» في مقدمها.

مجلس السياسات والخلاف المذهبي

اعاد رئيس البرلمان العراقي اسامة النجيفي في مقابلة مع تلفزيون «بي بي سي» اخيراً تحذيره من نتائج «تهميش السنة في العراق» واتجاههم نحو تشكيل الأقاليم، لكن بصيغة مخففة عما كان طرحه قبل شهور في واشنطن عبر قناة «الحرة» واستخدم خلاله مصطلح «انفصال السنة».

النجيفي اكد أن «السنة في البلاد محبطون ويشعرون أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، ما سيدفع بالعديد منهم إلى المطالبة بإنشاء أقاليم جغرافية وغير طائفية، لأنهم يدعمون وحدة العراق»، وأشار الى تاثير «الصراع والاحتقان بين إيران والسعودية على زيادة الاحتقان الطائفي في العراق».

والواضح ان السنة في العراق بدأوا منذ فترة ليست بعيدة التفكير في تعريف مختلف للعراق عن التعريفات التقليدية التي انتجت منذ بداية تأسيس الدولة الحديثة. وهم بذلك يظهرون انفتاحاً اكبر على الخيارات المطروحة لإعادة التأسيس.

فعلى المستوى النظري، إن دولة المواطَنة لا دولة المكونات هي الضمانة الاكيدة لاستمرار وحدة العراق وتماسكه، لكن الوصول الى دولة المواطنة يتطلب ارضية تأسيسية صلبة لا يوفرها الدستور العراقي بصياغاته الحالية، مثلما لا توفرها سياقات العمل السياسي التي تتوجه لتكريس مفهوم دولة المكونات تطبيقياً.

و «سنة العراق» عندما دافعوا تحت ضغط الشعور بالتهميش، عن فكرة «مجلس السياسات»، سوَّقوا المشروع باعتباره آلية لتحقيق التوازن في الحكم، فيما جاءت الصياغات المقترحة للمجلس لتظهره كـ «مجلس حكم» لا «مجلساً لضبط الصراع».

زعيم «العراقية» اياد علاوي كان اعتبر في مقابلة، أن فكرة مجلس السياسات تطبق عملياً عبر اجتماعات قادة الكتل، وذلك بدوره يحيل المجلس الى كونه «مجلساً للحل والعقد» وليس «للتأسيس» ايضاً.

لكن الامر لا ينتهي عند هذا الحد، فشيعة العراق العرب الذين يمثلون نصف عدد سكانه تقريباً لديهم هم ايضاً «احتجاجاتهم» حول ظروف تعايشهم مع الاطراف الاخرى.

الشيعة يرون عبر منابرهم السياسية ان ما يحدث في العراق منذ سبعة أعوام هو محاولات مستمرة من الاطراف الاخرى لتقويض حقهم في الحكم.

ولا جديد في القول ان العامل التاريخي والدستور يتدخلان بقوة لفرض انماط تفكير «مكوناتية» ستدعم هذا الجدل وتطيل عمره لمراحل مقبلة، ما يجعل الامل بتغيير تكفله الانتخابات المقبلة ضعيفاً.

وبالعودة الى نظرية «سي باية» التي طرحها عبد المهدي، فإن إصرار السنة والشيعة والأكراد على حد سواء على ان العراق يقوم في نطاق علاقة بين هذه المكونات الثلاثة، هو جزء من المشكلة لا الحل، فما هو دور المكونات والطوائف الاصغر في هذا التصنيف؟

ويبدو التساؤل مبرراً عن المعيار الذي يستخدمه ممثلو الاطراف الثلاثة في توصيف مصطلح «المكون»، في ما اذا كان المعيار الذي فضل هذه المكونات على المكونات الاصغر الاخرى هو معيار عددي (عدد السكان) او ثقافي او اقتصادي او تاريخي سياسي.

وبالنظر الى ان نمط العلاقة بين الجزء الكردي والجزء العربي من العراق يفرض شكلاً محدداً من الآليات التنظيمية المتفق عليها لتحتضن تمايزات اللغة والقومية والجغرافيا والتاريخ والثقافة والمشروع السياسي، فإن العلاقة بين اطراف الجزء العربي من جهة وأطراف الجزء الكردي من جهة اخرى تحتاج بالضرورة الى آليات  تنظيمية مختلفة تحتضن بدورها تمايزات مختلفة.

المضي الى دولة المواطنة يسبقه اولاً انهاء نظرية «سي باية» لتحل محلها نظرية تدعي ان العراق دولة تمثل اتحاداً اختيارياً بين عرب العراق واكراده، وذلك الاتحاد يحتاج الى تعريف دقيق يرفع التداخل بين مصطلحي «الفيديرالية» و»الكونفيديرالية» ليتفق على احدهما، ومن ثم يعيد وصف شقّي الاتحاد باعتبارهما طرفين يجمعهما دستور واحد يضمن التعددية السياسية ويعترف بالخصوصيات الدينية والمذهبية والقومية.

ان الاعتراف العام بوجود خلل كبير في ادارة الدولة العراقية اليوم عبر فشلها المتواصل في اداء دورها الامني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي والخدماتي والاعلامي تجاه مواطنيها، يتطلب اعترافاً مباشراً بالمسؤولية التضامنية بين الاطراف والطوائف والمكونات في هذا الفشل، وأن ذلك يستدعي بالضرورة اعترافاً بالحاجة إلى إعادة تعريف الدولة عبر عقد دستوري جديد.
 

 

بغداد: حزب طالباني قلق من غموض آفاق الحل
الجمعة, 21 أكتوبر 2011
السليمانية – «الحياة»

وأصدر الحزب امس بياناً لخص فيه اجتماعاً لهيئته القيادية جاء فيه ان «الظروف حساسة ودقيقة على صعيد كردستان والعراق والمنطقة.

مازالت الملفات العالقة بين إقليم كردستان وبغداد على حالها، كما أن العديد من الاستحقاقات الدستورية لشعب كردستان لم تدخل حيز التنفيذ بعد».

وزاد: «مازالت الحكومة مشغولة بالأزمات المستمرة منذ تشكيل الوزارة التي تتجه نحو التعقيد يوماً بعد يوم، وآفاق الحل تتجه اكثر نحو الغموض، كما أن محاولات معالجتها تبتعد عن النجاح، حيث ان التباعد بين بعض القوى العراقية يظهر بصورة أوضح وتتضاءل الثقة في ما بينها»، في إشارة الى الخلافات التي تعصف بالقوى التي تشكل الحكومة، وأبرزها «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي و «العراقية» بزعامة اياد علاوي.

ووصف البيان الأوضاع في العراق والعلاقات بين قواه السياسية بـ «الخطيرة»، وقال إن «الخطر في أن يأخذ هذا التباعد الواسع بين القوى العراقية منحى طائفياً خطيراً بتأثير من نزاعات ومنافسات إقليمية».

ورأى بيان حزب طالباني أنه «في حال عدم اتفاق الاطراف العراقية على تشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية، فإن الابواب تفتح امام احتمال تشكيل حكومة غالبية، لا تخفى تداعياتها ومخاطرها على أحد، لذا رأى الاجتماع ضرورة دعوة الاطراف السياسية المختلفة في العراق الى العمل على ايجاد طريقة للتعاون بغية حل المشاكل العالقة (...) وقرر العمل على تعزيز التحالفات وتوسيعها بالتشاور مع الحزب الديموقراطي الكردستاني الحليف والاطراف الكردستانية الأخرى».

ورأى أن «الالتزام باتفاقية أربيل والاتفاقات بين التحالف الكردستاني ودولة القانون وتنفيذ الاتفاقات أهم مسألة آنية بالنسبة إلينا».

وعن انسحاب القوات الاميركية، أشار البيان الى «التداعيات السلبية الناجمة عن فشل أو تأخر تدريب وإعداد القوات العراقية وحدوث فراغات أمنية، لا سيما إذا لم تصل الأطراف العراقية لذلك الحين الى اتفاق حول المشاكل التي تقف عائقاً أمام حكومة الشراكة، وكذلك إذا بقيت المشاكل بين الإقليم وبغداد عالقة».

ولم يعلق البيان بشكل صريح على التكهنات بتغيير رئيس حكومة إقليم كردستان بناء على اتفاق مع «الحزب الديموقراطي الكردستاني» برئاسة مسعود بارزاني، لكنه وصف «التشكيلة الوزارية السادسة التي شكلها الاتحاد الوطني والحزب الديموقراطي ويرأسها الدكتور برهم صالح بالناجحة، لا سيما لناحية تنفيذ المشاريع وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين وصياغة أسس جديدة للعدالة الاجتماعية واتخاذ قرارات لبناء البنية التحتية الاقتصادية، ولذلك فقد جدد الاجتماع تأييده المتواصل لهذه التشكيلة الوزارية»، في اشارة ضمنية الى تمسك حزب طالباني بحكومة صالح خلال العامين المقبلين.

وعن الاوضاع في سورية، أشار بيان «الاتحاد الكردستاني» الى دعمه «المطالب الديموقراطية المشروعة وأن يحافظ الشعب الكردي في سورية وقواه السياسية على مطالبه وحقوقه المشروعة في إطار النضال السلمي المدني».

 

قيادي سابق في «جيش المهدي»: عودة الصدر سببها خلافات داخل تياره
الجمعة, 21 أكتوبر 2011
بغداد - عبدالواحد طعمة

أكد قيادي سابق في «جيش المهدي» ان عودة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الى النجف، الاثنين الماضي، جاءت في ظل اجواء ملبدة داخل الحوزة العلمية بسبب افتتاح مكتب المرجع الديني القادم من ايران آية الله محمود الشاهرودي، الاسبوع الماضي، اضافة الى مشاكل داخل التيار مثل تعيين قائد جديد للواء «اليوم الموعود»، الجناح المسلح للتيار وتنفيذ خطة موضوعة لاعادة هيكلية هيئات قيادية جديدة.

وقال الشيخ ابو محمد الساعدي، وهو قيادي سابق في «جيش المهدي» في تصريح الى»الحياة» ان «عودة السيد مقتدى الصدر هذا الاسبوع لها دلالات كثيرة كونها تأتي في ظل توتر داخل حوزة النجف بعد افتتاح مكتب اية الله محمود الشاهرودي».

وكان الصدر وصل الاثنين الماضي برفقة مساعده عون الموسوي الى منزله في حي الحنانة وسط النجف، قادماً من قم، حيث يقيم فيها منذ سنوات.

وأشار الساعدي الى ان»الشاهرودي واحد من اثنين اوصى بهما الصدر الثاني (اي والد مقتدى محمد محمد صادق الصدر) مع اية الله كاظم الحائري لقيادة مرجعية اتباعه لكن الاول له اعتبار اكبر وأرجحية في العلوم الدينية».

وأضاف: «خلال الشهور الماضية حصل الشاهرودي على تأييد عدد من المراجع في النجف مثل اية الله محمد اليعقوبي الذي يعد احد طلبة الصدر الثاني». وأضاف: «كون المرجع الشاهرودي يؤمن بولاية الفقيه المتمثلة بآية الله علي خامني في ايران يثير قلق الصدر وكل المراجع الكبار في النجف.

ولد الشاهرودي في النجف، وتتلمذ على يد آية الله محمّد باقر الصدر والامام ابي القاسم الخوئي والامام الخميني. وأُعتقل في سبعينات القرن الماضي وبعد الافراج عنه غادر إلى إيران، بإيعاز من محمد باقر الصدر، ليكون وكيله العام وممثله لدى الخميني، واختير هناك رئيساً للسلطة القضائية وعضواً في مجمع تشخيص مصلحة النظام ثم عضواً في مجلس صيانة الدستور.

ولفت الساعدي الى وجود «مشاكل داخل التيار الصدري في حاجة الى حل مثل تعيين قائد جديد للواء اليوم الموعود (الجناح المسلح للتيار) وتنفيذ خطة لاعادة هيكلية هيئات قيادية على مستوى مكتب مرجعية والده. وكان من المفترض ان يعلن التغييرات في تنظيمه خلال احياء ذكرى وفاة والده السيد محمد محمد صادق الصدر التي مرت قبل نحو اسبوع الا ان عوامل فنية أخرت الإعلان. وتتمثل خطة اعادة هيكلة مكتب الصدر في تشكيل مكتبين رئيسيين في النجف، احدهما شرعي والآخر اداري، على ان يتم تشكيل ثلاثة مكاتب مركزية اخرى في بغداد والبصرة وسامراء او بلد او تلعفر تكون مسؤولة عن ادارة شؤون التيار التنظيمية في جنوب العراق ووسطه وشماله».

وزاد انه «سيتم تغيير الهيئة السياسية للتيار، استعداداً لمواجهة تحديات المرحلة الحالية والاستحقاقات المترتبة عليها من بينها الانسحاب الاميركي من العراق».

وكان الصدر اعلن قبل ايام شروطاً للموافقة على ابقاء مدربين اميركيين منها «ان يكون التدريب بعقد جديد غير مباشر مع الاميركيين» وان يكون «بعد طلب التعويضات من الجيش المحتل».

 

واشنطن: «فيلق القدس» زاد نشاطه وربما يخطط لمؤامرات دولية جديدة
الجمعة, 21 أكتوبر 2011
 

واشنطن - رويترز - قال مسؤولون اميركيون إن الولايات المتحدة تعتقد بأن قوة «فيلق القدس»، الذراع السرية لعمليات «الحرس الثوري» الايراني، أصبحت أكثر نشاطاً في الخارج، وانها ربما تكون تخطط لمزيد من المؤامرات الدولية بعد كشف مخطط أعدته لاغتيال السفير السعودي في واشنطن.

وأدى كشف المخطط الى زيادة التوتر بين الولايات المتحدة وايران، كما جدد تركيز واشنطن على «فيلق القدس» الذي يعتقد انه رعى هجمات على أهداف أميركية في الشرق الاوسط لكن لم يحدث ذلك قط داخل الولايات المتحدة.

وقال مسؤول اميركي كبير «لقد أصبحوا أكثر عدوانية... ليس في العراق فحسب، بل في العالم بأسره». وطلب المسؤول ومسؤولون آخرون تحدثوا الى وكالة «رويترز» عدم الكشف عن هوياتهم لأنه غير مصرح لهم بالإدلاء بتصريحات علنية، وأيضاً بسبب حساسية القضية.

وذكر مسؤولون اميركيون ان «فيلق القدس» الذي يعتقد ان نفوذه يتنامى في ايران ينشط أيضاً في لبنان ومنطقة الخليج وسورية ومناطق أخرى.

ورفض المسؤولون الاميركيون تقديم اي تفاصيل عن الأدلة على ان «فيلق القدس» ربما يخطط لمؤامرات اخرى. لكن اثنين من المسؤولين على الاقل أكدا ان ذلك يستند الى ما هو أكثر من التوقعات والتحليل.

وقال مسؤول ثان كبير «تلك ليست مجرد مؤامرات يتطلع ويحلم بها فيلق القدس. لكن في الواقع هناك تخطيط نشط يدور حولها». لكن المسؤولين الاثنين قللا من خطر هجوم وشيك.

وأرجع مسؤول ثالث التهور الذي اتسمت به مؤامرة اغتيال السفير السعودي عادل الجبير الى ان قوة القدس «ربما تكون منخرطة في عمليات أخرى».

وقال مصدر حكومي اوروبي انه بعد كشف واشنطن عن المؤامرة المزعومة بدأ المحققون المختصون بمكافحة الارهاب في بريطانيا بحث امكان ان تكون مؤامرات أخرى جارية بعد التخطيط لها في ايران.

لكن المصدر قال انه وزملاءه لا يعرفون بأي مؤامرات ايرانية راهنة مثل تلك التي قال الاميركيون انهم أحبطوها.

وعبر مسؤولون اميركيون عن اعتقادهم بأن «فيلق القدس» وسع نفوذه في السنوات الاخيرة وانه بات يتمتع بهيمنة أكبر على السياسة الخارجية الايرانية.

وقاد الجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» جهود بلاده لتوسيع نفوذها في الشرق الاوسط، بما في ذلك دعم فصائل عراقية تعارض الوجود الاميركي. وأعرب مسؤولون اميركيون عن اعتقادهم بأن سليماني على صلة بمؤامرة اغتيال السفير السعودي.

وقال المسؤول الاول انه خلال السنوات القليلة الماضية تدخلت قوة القدس بقيادة سليماني في مزيد من الاماكن.

وفي جدة (أ ف ب)، أبدى الأمين العام لـ «منظمة التعاون الاسلامي» اكمل الدين احسان اوغلو امس عن «بالغ قلقه ازاء المؤامرة المزعومة» لاغتيال السفير السعودي، كما عبر عن «قلقه البالغ ازاء حالة التوتر المتصاعد بين دولتين مهمتين من اعضاء المنظمة» في اشارة الى السعودية وايران، «بسبب المؤامرة المزعومة بالتخطيط لاغتيال» السفير الجبير.

وشدد اوغلو على ان «تلك المزاعم، ان صحت، تعتبر خطيرة ويجب ادانتها»، وطالب بـ «اجراء تحقيق مناسب في هذا الخصوص». وأكد متابعة «هذه المسألة عن كثب» مشيراً الى استعداد الامانة العامة للمنظمة «لتقديم مساعدتها».

وفي القاهرة (الحياة)، وصف رئيس البرلمان العربي علي سالم الدقباسي السياسة الإيرانية تجاه الدول العربية بـ «الاستفزازية»، وقال في بيان إنه «لا يستغرب مؤامرة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، لأنه سبقها ضبط شبكة تجسسية إيرانية في الكويت»، مؤكداً حق الرياض في اتخاذ كل التدابير والإجراءات التي تحفظ أمنها وسلامتها.

 

المعارضة اليمنية وواشنطن ترفضان طلب صالح ضمانات لتوقيع المبادرة
الجمعة, 21 أكتوبر 2011
صنعاء - فيصل مكرم

وتزامن هذا التوتر الأمني الذي ادى الى سقوط عدد غير محدد من القتلى والجرحى نقلوا الى المستشفيات، مع رفض المعارضة اليمنية والولايات المتحدة طلب الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الحصول على ضمانات من دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتطبيق المبادرة الخليجية في حال توقيعها.

وكانت قوات من الأمن المركزي والشرطة العسكرية وشرطة النجدة تمركزت قبل يومين في عدد من المباني الحكومية التي كانت تخضع لحراسة من طلاب الكليات العسكرية بموجب اتفاق توصل إليه عدد من الوسطاء برعاية نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي، وتضمن انسحاب مسلحي القبائل التابعين لشيخ مشايخ حاشد صادق الأحمر من المباني والمقرات الحكومية التي سيطروا عليها في أواخر أيار (مايو) الماضي.

وعلمت «الحياة» من مصادر متطابقة أن القوات الحكومية رفضت الانسحاب مجدداً من تلك المنشآت واشترطت إلغاء النقاط والمتاريس التي استحدثها مسلحو الأحمر في الحصبة وانسحابهم من تلك المواقع، ما يهدد بحصول مواجهات جديدة.

ورفضت أحزاب المعارضة المنضوية في تكتل «اللقاء المشترك» امس اشتراط الرئيس صالح ضمانات خليجية وأوروبية وأميركية لتوقيع المبادرة الخليجية، وأكد الناطق الرسمي باسمها محمد قحطان انه «لا مناص من التصعيد الثوري السلمي حتى إسقاط نظام صالح الذي يحاول جر المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) إلى مربع العداء مع الشعب، ونحن نقول إن الثورة ليست ضد المؤتمر الشعبي ولكنها ضد صالح وعائلته».

وأضاف قحطان في تصريح أن «كلام صالح عن الضمانات يعني بكل تأكيد رفضاً للتنحي، ورفضاً لنقل السلطة إلى نائبه، وفي الوقت نفسه إعلاناً للحرب»، واعتبر أن «الضمانات موجودة في المبادرة الخليجية» التي تنص على منح الرئيس والمقربين منه حصانة من أي ملاحقة بعد تخليه عن السلطة، مؤكداً أن «صالح لن يسلم السلطة طوعاً، لا الآن ولا في 2013 ولا حتى في 2020».

وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر رفض أيضاً طلب صالح، وقال «لا نعتقد أن أي ضمان إضافي أمر ضروري. نطالب ببساطة بأن يفي الرئيس صالح بوعده لجهة توقيع» المبادرة. وأضاف أن «المشكلة الفعلية تكمن في الرئيس صالح ورفضه المستمر لتوقيع الاتفاق».

 

 

إقبال كبير في أول أيام تصويت التونسيين في الخارج
الجمعة, 21 أكتوبر 2011
 

باريس - أ ف ب - بدأ التونسيون المقيمون في الخارج التصويت أمس في انتخابات المجلس التأسيسي، قبل ثلاثة أيام من بدء الاقتراع في تونس، في أول انتخابات حرة تجرى في هذا البلد بعد 23 عاماً من الحكم المطلق للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وينتخب التونسيون المقيمون في الخارج 18 عضواً من أصل 217 سيتكون منهم المجلس الوطني التأسيسي، ومن المقرر أن تستمر عملية الاقتراع في الخارج حتى غد السبت. وتم تخصيص أكثر من 400 مركز اقتراع، غالبيتها في القنصليات أو السفارات في ست دوائر انتخابية: اثنتان لفرنسا وواحدة لإيطاليا وواحدة لألمانيا وواحدة لأميركا الشمالية وواحدة للدول العربية.

وستقوم الجالية التونسية في فرنسا وحدها بانتخاب 10 من أصل المقاعد الـ18 المخصصة للتونسيين في الخارج. وقال رئيس اللجنة الإقليمية المستقلة للانتخابات في منطقة شمال فرنسا علي بن عامر إن «الاقتراع بدأ في باريس. هناك مشاركة كبيرة وعلى الأقل 200 شخص أمام القنصلية».

وأقبل التونسيون المقيمون في فرنسا بكثافة أمس على مكاتب الاقتراع. واصطف عدد كبير من التونسيين مع فتح مكاتب الاقتراع في قنصليتي باريس ومرسيليا (جنوب) وتسبب تدفقهم في باريس إلى تأخير بداية الاقتراع عشر دقائق. وأمام القنصلية العامة في باريس، وقف شبان وكهول وأمهات مع أبنائهن الرضع في طابور امتد لأكثر من 200 متر. وقال بن عامر: «قبل فتح مكاتب الاقتراع كنت أتساءل كيف ستكون الأمور. وحين رأيت الحشد أمام القنصلية سألت نفسي هل سيكون بإمكاننا التعامل مع كل هذا الحشد». وأضاف: «قبل عام لم يكن أحد يتوقع هذا. لقد أعددنا للانتقال الديموقراطي طوال أشهر والآن انطلق. اليوم يتحقق الفصل الثاني من الثورة».

وبدا الوضع مشابهاً في قنصلية مرسيليا. وقالت رئيسة اللجنة الانتخابية في جنوب فرنسا ليلى الرياحي: «لم نكن نتوقع هذا الإقبال. نحن بصدد إضافة مكتب انتخاب رابع».وقال المعارض التاريخي رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كمال الجندوبي الذي صوت في باريس: «إنه أكثر من مؤشر جيد وكل الوفود التي التقيناها قالت لنا إن التونسيين المقيمين في الخارج يصوتون قليلاً إجمالاً. لكننا نشعر أن تصويت التونسيين في الخارج ربما سيكون استثنائياً. سيصوتون بكثافة على الأرجح».

وفي تأثر باد، قام الجندوبي بواجبه الانتخابي، مؤكداً أن الانتخابات تشكل «ثأر الشعب من الديكتاتورية». وقال: «أحاول السيطرة على مشاعري». وفاضت عيناه بالدموع وهو يدخل مقر القنصلية التونسية في باريس، وأضاف: «كنت أحلم بهذا اليوم ولم أكن أتصور حدوثه لكن الآن أنا أعيشه. حين كنا نأتي هنا (إلى القنصلية) قبل أشهر وسنوات غير بعيدة كانوا يرفضوننا بكل بساطة. لم تكن هذه دارنا... واليوم أعتقد أننا إزاء تونس جديدة ونحن ندخل داراً جديدة».

وتابع: «بفضل هؤلاء الناس (الذين يصوتون في فرنسا) وبفضل التونسيين المقيمين في تونس، سنعيد بناء الدار. وأول خطوة هي التصويت والطريق لا يزال طويلاً لكننا مصممون وأنه ليوم فخر كبير». ورأى أن كل هذه الجماهير التي تصوت تثبت «الرغبة في القطع الجذري مع الماضي والرغبة في فتح صفحة جديدة. وهذه الرغبة كانت تخالجنا منذ سنوات بعيدة وكنا نحبسها وهي تبرز اليوم في أشكال متعددة من التعبير الحر ومن خلال التصويت، إننا إزاء رغبة استثنائية وطاقة استثنائية».

وأكد أن «الناس يعرفون لماذا يصوتون. إنهم يريدون شيئاً مختلفاً، وتونس مختلفة. إنهم لا يريدون رؤية أي بن علي في تونس وفساد عهده. لم يعودوا يريدون رؤية هذا النظام الذي حرمنا من الحرية وعذبنا. هناك آلاف من الأسر التي تعاني في تونس لكنها اليوم فخورة لأنها في شكل ما أخذت ثأرها من الديكتاتورية والطغيان».

وسيتم فرز الأصوات غداً السبت على أن تعلن النتائج بعد انتهاء التصويت الأحد في تونس. ويقدر عدد الناخبين بأكثر من 7 ملايين شخص، منهم 900 ألف تقريباً في الخارج وغالبيتهم تقيم في فرنسا. وفي الخارج كما في تونس، تعتبر المشاركة أحد أكبر العوامل غير المحسومة في هذه الانتخابات الأولى التي تتم في أجواء حرة بعد عقدين من حكم بن علي كانت خلالهما النتائج معروفة مسبقاً بسبب التزوير. وتتنافس قرابة 1500 قائمة (من أحزاب ومستقلين) في الانتخابات التي تتم بموجب نظام  نسبي يفوز فيه الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات. وتم اختيار هذا النظام لتفادي هيمنة تنظيم واحد ولضمان تمثيل كل الأطياف. وبعد أكثر من خمسين عاماً من حكم الحزب الواحد، من المتوقع أن يهيمن على الخريطة السياسية في تونس ما بعد الثورة نحو عشر تشكيلات من أصل أكثر من مئة حزب معترف به ويخوض الانتخابات.

ويعتبر «حزب النهضة» الذي تعرض لقمع شديد خلال عهد بن علي من الأوفر حظاً في الانتخابات. ويقول الحزب الذي يأخذ عليه منتقدوه ازدواجية خطابه الذي يبدو مطمئناً في العلن بينما هو متطرف في المساجد، إنه قريب من الحزب الإسلامي المحافظ الحاكم في تركيا. وسيتعين على المجلس التأسيسي خصوصاً أن يعد دستوراً جديداً كما سيعين جهازاً تنفيذياً موقتاً يتولى الحكم حتى الانتخابات المقبلة.
 


المصدر: جريدة الحياة

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,976,438

عدد الزوار: 7,653,347

المتواجدون الآن: 0