من «كهف المدرسة» الى «كهف الثورة»: طلاب اليمن نجحوا في امتحاناتهم
المعارضة اليمنية تشترط لبحث آلية التنفيذ توقيع الرئيس أو نائبه على المبادرة الخليجية
الثلاثاء 15 تشرين الثاني 2011 - 5:33 ص 2677 0 عربية |
اشترطت أحزاب المعارضة اليمنية في تكتل «اللقاء المشترك» توقيع الرئيس علي عبد الله صالح أو نائبه على المبادرة الخليجية، قبل الخوض في مسألة توقيع إتفاق على الآلية التنفيذية المزمّنة التي اقترحها المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بن عمر.
وكان بن عمر اعلن اول من امس ان الطرفين توافقا على معظم بنود الآلية، والباقي يمكن التوافق عليه خلال ساعات في حال إستأنف الطرفان المفاوضات، وتوافرت الإرادة السياسية.
ونقلت وكالة «رويترز» عن الدكتور ياسين سعيد نعمان رئيس تحالف المعارضة «ان الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة في اليمن هو توقيع الرئيس صالح على المبادرة الخليجية أو إعطاء صلاحية لنائبه بذلك». وتساءل نعمان «ما الداعي للتحدث عن آلية في حين أن الطرف الآخر لم يوقع على المبادرة بعد؟»، مضيفا «أنه يتعين أن يوقعوا أولا عليها ثم يمكن التحدث عن تطبيقها». ودعا إلى مزيد من الضغط على علي صالح للتوقيع على المبادرة الخليجية، معتبرا «أن الديبلوماسية لا تفعل شيئا سوى تشجيع قوات علي صالح على ارتكاب مزيد من المجازر ضد المحتجين المدنيين مثلما حدث في محافظة تعز يوم الجمعة الماضي».
جاءت هذه التصريحات في الوقت الذي يدور فيه الحديث في الأوساط السياسية عن قرب موعد التوقيع على آلية تنفيذ المبادرة الخليجية في الرياض، بعد ان يوقعها نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي في صنعاء. وتصب جهود بن عمر الموجود في صنعاء منذ الخميس الماضي في هذا الإتجاه، وسط توقعات بعودة قادة المعارضة الى صنعاء اليوم من جولة خارجية بدأت قبل أسابيع، للبحث في التفاصيل الاخيرة بشأن الاتفاق على الآلية التنفيذية والتوقيع في آن واحد على المبادرة والآلية التنفيذية كجزء لايتجزأ من المبادرة. وكان بن عمر طلب في وقت سابق من قيادة المعارضة العودة إلى صنعاء فوراً لاستكمال المشاورات في شأن التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومن ثم البدء فوراً في خطوات نقل السلطة سلمياً.
وفي هذا السياق قال نائب وزير الإعلام اليمني عبده محمد الجندي ان الرئيس وافق على أن يقوم نائبه بتشكيل حكومة التوافق الوطني برئاسة المعارضة، وأن تؤدي الحكومة المشكلة اليمين الدستورية أمام نائبه على اعتبار ذلك من ضمن صلاحيات الرئيس التي كلف بها النائب بموجب المبادرة الخليجية. وأكد الجندي «أن الحكومة اليمنية عازمة على تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 2014 كوحدة متكاملة غير قابلة للتجزئة. وعلى القيادات المعارضة العودة من رحلتها المكوكية لتنفيذ ذلك القرار».
عدن - ا ف ب، رويترز - قال مقيمون ومسؤولون محليون إن الجيش اليمني ومقاتلين قبليين قتلوا تسعة يشتبه بأنهم متشددون من تنظيم «القاعدة» ليل اول من امس. واوضح مسؤول ان خمسة متشددين، أحدهم سعودي، قتلوا في قصف واشتباكات على المشارف الشمالية لمدينة زنجبار. وقال المسؤول إن السعودي، ويدعى نايف القحطاني، كان عضوا بارزا في «جماعة أنصار الشريعة» المرتبطة بـ»القاعدة». وتوجه من محافظة مجاورة الى زنجبار للمشاركة في القتال.
وذكر مسؤول محلي أن أربعة متشددين قتلوا في جزء آخر من زنجبار في اشتباكات مع الجيش ورجال قبائل يقاتلون لاستعادة بلدات وأراض استولى عليها المقاتلون الإسلاميون في الشهور الماضية.
على صعيد آخر، اكد مصدر حكومي يمني في عدن ان وساطة قبلية تنشط حاليا للافراج عن الفرنسيين الثلاثة المختطفين في جنوب البلاد، والذين يعتقد بانهم محتجزون لدى «القاعدة».
وقال المصدر ان الثلاثة موجودون في محافظة شبوة الجنوبية، وليس في حضرموت حيث اختطفوا في 28 ايار (مايو) الماضي، مشيرا الى ان «مساعي حثيثة يقوم بها شيوخ عشائر في شبوة مع القاعدة من اجل اطلاق سراح الفرنسيين». وذكر المصدر ان هذه المساعي تتم «بناء على طلب احدى الشخصيات من دول مجلس التعاون الخليجي» من دون ان يكشف اسمه.
وبحسب المصدر، «تم تحديد مكان المخطوفين في شبوة» الا انه رفض كشف مطالب الخاطفين.
وبث موقع اخباري يمني في ايلول (سبتمبر) الماضي شريط فيديو يظهر فيه ثلاثة اشخاص قدموا على انهم الفرنسيون الثلاثة الذين خطفوا في سيؤون، كبرى مدن محافظة حضرموت، فيما اكدت المنظمة الانسانية التي يعمل فيها المخطوفون ان الشريط يعود فعلا اليهم.
وافادت مصادر قبلية في حضرموت في 27 تموز (يوليو) ان الفرنسيين الثلاثة محتجزون لدى عناصر من «القاعدة» طلبوا فدية بقيمة 12 مليون دولار. وكانت السلطات اليمنية اعلنت نهاية حزيران (يونيو) ان الاجهزة الامنية حددت مكان وجود الفرنسيين الثلاثة، مؤكدة انهم على قيد الحياة.
وكان الفرنسيون الثلاثة وهم امرأتان ورجل، يعملون مع منظمة «تريانغل جينيراسيون اومانيتير» الانسانية مع فريق من 17 يمنيا في سيئوون التي تبعد 600 كلم شرق صنعاء.
واختطف الثلاثة في 28 ايار (مايو). ويشهد اليمن عمليات خطف للاجانب تقوم بها عادة بعض العشائر للضغط على السلطات لطلب فدية او للمطالبة باطلاق سراح سجناء او لبناء طرق.
وخلال السنوات الـ15 الماضية تعرض اكثر من 200 اجنبي للخطف اطلق سراح غالبيتهم سالمين. لكن نشاط تنظيم «القاعدة» سجل في الفترة الاخيرة تزايدا كبيرا لاسيما في جنوب البلاد.
وكانت نتائج امتحانات الثانوية العامة المعلنة الاسبوع الماضي أثارت مجدداً التساؤل عن مدى مطابقة المؤشرات التي تعلنها السلطات اليمنية مع حقيقة ما يحصل على الارض، خصوصاً أن نتائج هذا العام جاءت غير بعيدة عن نتائج الاعوام الماضية. وكأن شيئاً لم يحدث وكأن العملية التعليمية مرت بسلام. وهو أمر يخالف تماماً الوقائع على الارض. فالمعلوم أن احتجاجات الشباب اليمني المطالبة بتنحي الرئيس اليمني وابنائه واقاربه عن الحكم والمستمرة منذ اكثر من 9 شهور صاحبتها فوضى أمنية وقتال واضراب كثير من المدرسين والتلاميذ ممن جمعهم شعار «لا دراسة ولا تدريس الا بسقوط الرئيس». كل هذا أدى الى شلل العملية التعليمية في عدد من المناطق وعدم انتظامها أو توقفها كلياً في مناطق أخرى خصوصاً تلك التي شهدت اعمال قتال شامل او محدود مثل ابين وتعز وصنعاء. ناهيك بسقوط مناطق بكاملها مثل محافظتي مأرب والجوف بيد «الثوار».
على رغم ذلك لم تشأ حكومة تصريف الاعمال ممثلة بوزارة التربية والتعليم ان تدير ظهرها لمنطق «كل شيء على ما يرام، كل شيء في أحسن حال» وهو منطق لطالما لازم عمل الحكومات المتعاقبة.
واستهجن تربويون استمرار الحكومة في تكييف نتائج الامتحانات وفقاً لرغبات سياسية. ويقول محمود وهو موجه مواد اجتماعية: «يبدو أن الحكومة لم تستنفد بعد إمكان التزويق واحابيل تقديم القرد في صورة غزال». موضحاً أنه وعلى رغم الثورة الناشبة ضد النظام إلا ان الوزارة لم تشأ أن تعترف بوجود قصور في العملية التعليمية لتقدم صورة واقعية لنتائج الامتحانات. ودرجت السلطات المختصة على ترفيع درجات الطلاب وتوزيع اوائل الشهادات العامة على المحافظات لاغراض سياسية حسب ما يقول تربويون.
وكان النظام التعليمي، سواء ذاك الذي طبق في الشمال ام في الجنوب عمل على تكريس الخضوع من طريق العمل بمنهجية الفرض والتلقين. ودأب على بلورة وعي يقوم على ثنائية الهجاء والمديح. ومنذ سنواته الأولى يشحن الطالب بمفاهيم ثقافة هجائية للاسرة «البائدة» التي حكمت شمال اليمن وللاستعمار البغيض الذي حكم جنوبه.
على هذه الشاكلة، أي توجيه الطالب نحو وجهة وحيدة هي الماضي، عملت اقنية التعليم والاعلام على تشكيل الخيال الوطني لدى الناشئة والشباب. ومقابل الاعداء الذين يأتون من الماضي يتم تغييب أخطاء الحاضر وتحل محلها صورة مضيئة لـ «القائد الرمز» أو «الحزب الطليعي» الذي يقود الشعب الى التحرر والرخاء. ويصد الأعداء المتربصين بالوطن والثورة.
وليس مستغرباً، والحال كذلك، أن يكتشف بعض شبان الثانويات والجامعة، أخيراً، وتحديداً في الساحات، أن مجموعة غير قليلة من ابناء الرئيس واخوته وأقاربه وابناء عشيرته يمسكون بمفاصل المؤسستين العسكرية والامنية ويديرون دفة الحكم. وثمة بين هولاء الشبان من يجد صعوبة في فهم وجود اسرة تحكم كما كانت الحال في الماضي. يقول طلال (19 سنة) ظننت ان المشكلة تكمن فقط في احمد نجل الرئيس.
ومن المرجح أن ملامح اللاعقلانية المتبدية اليوم في ساحات الاحتجاج هي نتاج للاعقلانية كرسها نظام التعليم على مدى نصف قرن. ولا تقتصر ظاهرة الببغاوية على الشباب الاصغر سناً بل تصل الى اساتذة الجامعات. وثمة بين الاكاديميين المناوئين للنظام من يكرر مفاهيم آتية من حقل الايديولوجيا مثل مفهوم سرقة الثورة. وحقيقة الامر أن ما يحصل من تكييف في نتائج الامتحانات هو عين ما تفعله الايديولوجيا بما هي صورة زائفة للواقع.
ويؤدي عدم ربط التلاميذ بواقعهم المعاش الى خلق أجيال تحركها الشعارات والعواطف. وسبق لوزارة التعليم أن أوقفت العمل في برنامج للتربية المدنية مولته مؤسسة دولية بالتعاون مع منظمة محلية غير حكومية واستهدف تضمين النشاط المدرسي حصصاً تساعد الطلاب على التفكير الذاتي وحل قضايا راهنة يعيشها مجتمعهم.
وتزداد الصورة قتامة حين نعلم أن بين مكونات المعارضة احزاب أسرية. وكانت التنشئة السياسية عززت البطريركية والاتباعية من خلال اعادة انتاج الطاعة وعبادة الرموز من قبيل «مؤسس الحزب» او «القيادة التاريخية».
ونظراً الى الحضور القوي للشبيبة الحزبية في ساحات الاحتجاج صارت تعبيرات رموز الثورة الشبابية اقرب الى الماضي اكثر منها الى المستقبل أو الى اللحظة الثورية الراهنة.
ومعلوم أن الجماعات السياسية بمختلف مشاربها ظلت تتبارى وتتسلل الى النظام التعليمي لتمرير أجندتها الايديولوجية والمذهبية وليس لغرض تحديث التعليم وعقلنته.
والحاصل أن التباين الذي تشهده ساحات الاحتجاج اليوم، وهو ضرب من التمترس وراء رموز الماضي اكثر منه انفتاح على المستقبل، يضيق من فرص تثوير التعليم حتى بعد اسقاط النظام. وثمة من يخشى أن تتحول الثورة الى كهف آخر من كهوف تأبيد اللاعقلانية.
اليمن: مظاهرات للمطالبة بمحاكمة صالح.. ووساطة قبلية للإفراج عن 3 فرنسيين
المصدر: جريدة الحياة