ناشطون ميدانيون: الثورة السورية في خطر والتسلح ضرورة لنجاحها

سوريا تقترب من نهاية الطريق العربي..الجامعة العربية تمنح الأسد 3 أيام لقبول إدخال مراقبين.. وإلا فالعقوبات الاقتصادية

تاريخ الإضافة الجمعة 18 تشرين الثاني 2011 - 4:18 ص    عدد الزيارات 2968    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

سوريا تقترب من نهاية الطريق العربي
الوزراء العرب يرسلون مذكرة إلى دمشق لقبول مراقبين بينهم فنيون وعسكريون خلال 3 أيام.. وعقوبات اقتصادية إذا لم يتوقف القتل فورا > طالبوا باعتذار عن بذاءة مندوبها في الجامعة
الرباط: لطيفة العروسني لندن - بيروت - القاهرة: «الشرق الأوسط»
فيما بدا أنه نهاية طريق الدبلوماسية العربية للنظام السوري منحت الجامعة العربية دمشق 3 أيام للموافقة على إدخال مراقبين عسكريين وفنيين، لحماية المدنيين، محذرة من أن فشل النظام في التعاون سيؤدي إلى فرض عقوبات اقتصادية عليه «لا تضر بالشعب السوري». وطالبت الجامعة دمشق بالاعتذار عن بذاءة مندوبها في اجتماع الجامعة العربية في القاهرة.
وقال الشيخ حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني، رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع للجامعة العربية في الرباط، ردا على سؤال حول ما إذا كان هذا الاقتراح آخر محاولة للعمل الدبلوماسي «لا أريد أن أتكلم عن فرصة أخيرة حتى لا يظن أحد أننا نوجه إنذارات، لكني أعتقد أننا قاربنا على نهاية الطريق، ونأمل من الله ومن إخواننا في سوريا أن يتعاونوا معنا لننهي هذه المأساة». وتابع يقول «كلنا حريصون على سوريا ونريد التوصل إلى حل عربي لتجنب التدخل الأجنبي، كما نريد تخفيف المعاناة على الشعب السوري وتوقيف القتل، بدل تضييع الوقت».
وأوضح وزير الخارجية القطري أن بعثة المراقبين إلى سوريا قد تضم أعضاء من دول إسلامية أو دول صديقة.
من جانبه، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، إن دور بعثة المراقبة «هو السعي إلى توفير الحماية للمدنيين السوريين»، وقال إن البعثة المؤلفة من 30 إلى 50 عسكريا وفنيا، ستزور نحو 16 منطقة في سوريا اعتبرت، بالتنسيق مع المعارضة، أكثر المناطق التي تعرف توترا حادا وعنيفا. وكان المنتدى الرابع للتعاون العربي - التركي الذي عقد أمس في الرباط، قد دعا إلى «اتخاذ الإجراءات العاجلة لضمان حماية المدنيين في سوريا»، داعيا إلى حل للأزمة في هذا البلد «من دون أي تدخل أجنبي». ودعا وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى تكثيف الجهود من أجل حقن الدماء في سوريا، مؤكدا على ضرورة «اتخاذ قرارات وخطوات في هذا الاتجاه. وقال الوزير التركي إن «الثمن الذي ستدفعه الحكومة السورية إذا لم تف بالوعود التي قطعتها في الجامعة العربية هو العزلة في العالم العربي أيضا».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية مطلعة أنه من المرتقب أن يعقد مسؤولون رفيعو المستوى من دول عربية وأوروبية، بالإضافة إلى تركيا والولايات المتحدة، اجتماعا حول مستقبل سوريا يوم غد في باريس، على أن يتطرق إلى الخطوات المقبلة للتعامل مع التطورات في سوريا ورسم تصورات لمستقبل سوريا والمرحلة التي تلي سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي بات الكثيرون يعتبرونه مسألة وقت. وأكدت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الاجتماع سيضم مسؤولين رفيعي المستوى من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بالإضافة إلى دول عربية رئيسية منها السعودية وقطر والأردن، مع مشاركة تركية.
وفي موازاة التصعيد العربي، تصاعد التوتر في سوريا أمس، واستمرت حلقات الاعتداء على السفارات العربية في دمشق، وتم الاعتداء أمس على سفارتي المغرب والإمارات العربية. ميدانيا، كثف «الجيش السوري الحر» عملياته ضد القوات النظامية، مقابل انتشار مظاهر أمنية مسلحة بكثافة في شوارع وسط العاصمة دمشق. وقتل أمس 21 شخصا على الأقل بين مدنيين وعسكريين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. ونفذ الجيش السوري الحر هجمات في عدة مناطق في ريف دمشق على عدة أهداف أمنية ولأول مرة في توقيت واحد، ووقعت اشتباكات عنيفة في الرستن الواقعة بين مدينتي حمص وحماه وسط البلاد، تلتها أنباء عن إرسال تعزيزات عسكرية إلى حماه يوم أمس. وقامت فجر أمس مجموعة من العناصر المنشقة التابعة لـ«الجيش الحر» بمهاجمة مجمع كبير للمخابرات الجوية في مدينة حرستا القريبة من العاصمة السورية دمشق، واشتبكت مع عناصر موالية للأسد كانت تقوم بحراسة المجمع فأردت عددا منهم بين قتيل وجريح.
 
الجامعة العربية تمنح الأسد 3 أيام لقبول إدخال مراقبين.. وإلا فالعقوبات الاقتصادية
وزير الخارجية القطري: أعتقد أننا قاربنا على نهاية الطريق.. ونأمل من إخواننا في سوريا أن يتعاونوا معنا
الرباط: لطيفة العروسني القاهرة: سوسن أبو حسين
قرر وزراء خارجية الدول العربية إرسال بعثة مراقبة إلى سوريا، وأعطوا الحكومة السورية مهلة ثلاثة أيام للتوقيع على بروتوكول خاص بحماية المدنيين ووقف العنف، والموافقة على إرسال بعثة المراقبين العرب المكونة مما بين 30 و50 مراقبا عسكريا وفنيا، قبل البدء ببحث فرض عقوبات اقتصادية.
وقال الشيخ حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني، رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع للجامعة العربية في الرباط «إن لم تكن هناك إجراءات فعالة وفورا لوقف القتل فالجامعة العربية ستتخذ إجراءات، وسنكلف المجلس الاقتصادي والاجتماعي بإعداد عقوبات»، وذلك ردا على سؤال حول ما إذا كانت الجامعة ستفرض عقوبات على دمشق إن لم تلتزم بمهلة الأيام الثلاثة لتوقيع بروتوكول لإرسال مراقبين عرب إلى سوريا. وأضاف «لن نتبنى أي عقوبات اقتصادية تمس بالشعب السوري».
وسئل وزير الخارجية القطري إن كان هذا الاقتراح آخر محاولة للعمل الدبلوماسي، فقال للصحافيين إنه لا يريد الحديث عن محاولة أخيرة لأنه لا يريد لهذا الاقتراح أن يبدو كإنذار. وأضاف «لا أريد أن أتكلم عن فرصة أخيرة حتى لا يظن أحد أننا نوجه إنذارات، لكني أعتقد أننا قاربنا على نهاية الطريق، ونأمل من الله ومن إخواننا في سوريا أن يتعاونوا معنا لننهي هذه المأساة». وتابع يقول «كلنا حريصون على سوريا، ونريد التوصل إلى حل عربي لتجنب التدخل الأجنبي، كما نريد تخفيف المعاناة على الشعب السوري وتوقيف القتل، بدل تضييع الوقت».
وأوضح وزير الخارجية القطري أن بعثة المراقبين قد تضم أعضاء من دول إسلامية أو دول صديقة. أما بخصوص طلب سوريا عقد قمة عربية، فقال الشيخ حمد إن «الظروف غير مهيأة لعقدها».
من جانبه، قال الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، إن دور بعثة المراقبة «هو السعي إلى توفير الحماية للمدنيين السوريين»، وفضل عدم إعطاء تفاصيل إضافية إلى حين موافقة وتوقيع الحكومة السورية على البروتوكول في الأيام المقبلة، والذي ينظم الجانب التنظيمي والقانوني. وأضاف أن بعثة المراقبة ستزور نحو 16 منطقة في سوريا اعتبرت بالتنسيق مع المعارضة أنها أكثر المناطق التي تعرف توترا حادا وعنيفا. وردا على سؤال حول إمكانية مد المعارضة السورية بالأسلحة، قال العربي إنه لا أحد من المعارضة طلب ذلك، مؤكدا أن هذا الأمر يخرج عن نطاق الجامعة العربية.
وكان وزراء الخارجية العرب قرروا السبت تعليق مشاركة سوريا في الجامعة العربية وفرض عقوبات سياسية واقتصادية على الحكومة السورية، ودعوا إلى سحب سفراء الدول العربية من دمشق، لكنهم تركوا لكل دولة عضو في الجامعة حرية اتخاذ هذا الإجراء من عدمه.
وأكدت مصادر مقربة من اجتماع وزراء الخارجية العرب، أن الوزراء ركزوا على وثيقة المراقبين التي وضعتها الأمانة العام للجامعة العربية مستندة في تفاصيلها إلى رد من الأمم المتحدة بشأن الآلية المناسبة للمراقبين الدوليين. وأوضحت المصادر أن الاجتماع ركز على عمل هذه اللجنة التي قد تساعد على حماية المدنيين وتعطي إنذارا أخيرا لحكومة الأسد. وأضافت المصادر أن الاجتماع أدان تعرض البعثات الدبلوماسية للاعتداء، وطالب الحكومة السورية بحمايتها وفق اتفاقية فيينا، مع استمرار الاتصال مع المعارضة السورية في إطار قرارات الجامعة العربية.
ووصف المراقبون ما انتهى إليه اجتماع الرباط بأنه لم يخرج بمواقف تصعيدية كما كان يتوقع البعض حتى تتجاوب سوريا مع مهمة المراقبين وحتى لا تتهم الدول العربية والجامعة بأنها تضيق الخناق على سوريا وتعجل بالتدخل الخارجي. وأفادت المصادر أيضا بأن اجتماع المنتدى العربي التركي كان مناسبة لتشديد اللهجة ضد النظام السوري، ولذا ذهب الاجتماع الوزاري العربي للتهدئة كي يعكس في إجراءاته إمكانية بناء الثقة ووقف عمليات العنف في المدن السورية. ولم تستبعد المصادر حدوث ترتيبات عربية تركية كبدائل قاسية ضد نظام الأسد في حال بقي على موقفه من المبادرات العربية.
 
المنتدى العربي ـ التركي يدعو لإجراءات تحمي المدنيين السوريين
وزير الخارجية السعودي يشيد بدور أنقرة.. وأوغلو يهدد الأسد بـ«العزلة العربية»
الرباط: لطيفة العروسني
دعا المنتدى الرابع للتعاون العربي - التركي الذي عقد أمس في العاصمة المغربية إلى «اتخاذ الإجراءات العاجلة لضمان حماية المدنيين في سوريا»، داعيا إلى حل للأزمة في هذا البلد «من دون أي تدخل أجنبي».
وأصدر المنتدى الذي غابت عنه سوريا بيانا أكد «ضرورة وقف إراقة الدماء وتجنيب المواطنين السوريين المزيد من أعمال العنف والقتل، الأمر الذي يتطلب اتخاذ الإجراءات العاجلة لضمان حماية المدنيين»، كما شدد على أهمية «استقرار ووحدة سوريا وضرورة إيجاد حل للأزمة دون أي تدخل أجنبي».
ودعا وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى تكثيف الجهود من أجل حقن الدماء بسوريا، مؤكدا ضرورة «اتخاذ قرارات وخطوات في هذا الاتجاه». واعتبر داود أوغلو أن «الأمر يتعلق بمهمة إنسانية يجب القيام بها لحقن الدماء وضمان السلم والاستقرار بهذا البلد»، ورحب بقرار تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، مشيدا بالدور الكبير الذي تقوم به الجامعة لاتخاذ «موقف فعال» في التطورات التي تعرفها المنطقة. وأعرب الوزير التركي عن أسفه لكون «النظام السوري لم يفِ بالتعهدات التي قطعها»، داعيا إياه إلى «قراءة الرسائل التي وجهتها جامعة الدول العربية بإيجابية والاستجابة لمطالب الشعب السوري». كما صرح للمراسلين بأن «الثمن الذي ستدفعه الحكومة السورية لأنها لم تفِ بالوعود التي قطعتها في الجامعة العربية هو العزلة في العالم العربي أيضا». وأضاف أحمد داود أوغلو كما جاء في ترجمة رسمية في أنقرة أن «الوقت ليس في مصلحة النظام» و«لا يمكن لأي حكومة أن تربح المعركة ضد شعبها». وكانت الترجمة المغربية لكلام أوغلو قد تحدثت عن «ثمن باهظ» ستدفعه دمشق، قبل أن يصار إلى اعتماد الترجمة الرسمية التركية التي تلوح بـ«العزلة العربية».
ودعا وزير الخارجية التركي أيضا «الحكومة السورية إلى أن تقرأ جيدا الرسائل التي وجهتها الجامعة العربية لوقف العنف فورا ضد شعبها وفتح الطريق لعملية تغيير محتومة».
من جانبه دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إلى «وقف إراقة الدماء في سوريا وتوفير الحماية للمدنيين». وقال العربي «إن الجامعة تعمل، منذ اندلاع الأزمة في سوريا، على حقن دماء السوريين وتوفير الحماية اللازمة للسكان المدنيين في هذا البلد». وذكر أن مجلس وزراء الجامعة العربية اتخذ منذ بضعة أيام قرارا مهما ينص على ضرورة توفير الحماية للمواطنين السوريين «لأنه يتعين على الجميع اتخاذ ما يلزم بكل وضوح لوقف نزيف الدم المستمر في سوريا الشقيقة منذ 8 أشهر». وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، قال العربي إنه «حان الوقت لترك الوهم الذي يطلق عليه عملية السلام والعمل بكل قوة على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية»، مشيرا إلى أن «مفاوضات السلام فشلت على مدى عقدين في تحقيق السلام المنشود». أما رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، فاعتبر أن «ما يجري في سوريا أمر محزن لنا جميعا». وقال: «نحن لا نقبل أن يقتل الناس في هذا البلد لذا دعونا إلى تجنب المزيد من العنف والقتل، وكان قرار الجامعة العربية القاضي بتعليق عضوية سوريا صعبا علينا، بيد أنه أتى انطلاقا من مسؤوليتنا تجاه هذا البلد».
وأشاد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، بالدور التركي. وقال: إنه «في تنامي الدور الإقليمي والدولي التركي ما يساعد على تحقيق التوازن الاستراتيجي، ويمكن استثماره في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في إطار التعاون العربي الوثيق ليعود بالنفع على كلا الطرفين». وأضاف الفيصل أن «هذا اللقاء يأتي في سياق تطبعه التطورات الكبرى التي تشهدها المنطقة مما يتطلب تعاونا أكبر»، معتبرا أن التطورات التي شهدها العالم العربي «تستدعي اعتماد إطار جديد للتعاون بهدف الحفاظ على السلام والاستقرار، بعيدا عن أي تدخل أجنبي». وأكد أن حرمان الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ستكون له انعكاسات على أمن المنطقة وسيساهم في تغذية التطرف، مشيرا إلى أنه يمكن الاستفادة من الدور الاستراتيجي الذي تضطلع به تركيا في إطار عربي - تركي لتحقيق التنمية المستديمة بالمنطقة. وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس وجه رسالة إلى منتدى التعاون التركي - العربي، رأى فيها أن «العالم العربي، بجناحيه الغربي والشرقي، يوجد اليوم عند منعطف تاريخي حاسم لا يستحمل منطق الانتظارية والجمود المنافي لروح العصر والانسياق الواهم لشعارات عقيمة وبالية عفا عليها الزمن».
وتتضمن مبادرة الرباط «من أجل شراكة عربية - تركية شاملة ومستديمة» عدة إجراءات لتعزيز التعاون بين الطرفين في 3 مجالات هي: المجال السياسي والأمني، والمجال الاقتصادي، والمجال الثقافي والتربوي والعلمي.
 
نظام الأسد يواصل «حرب السفارات».. رغم اعتذارات المعلم
«شبيحة» يهاجمون سفارتي المغرب والإمارات
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
في تكرار لمسلسل مهاجمة السفارات الأجنبية والعربية في دمشق، هاجم متظاهرون موالون لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، عددا من مقار السفارات العربية في العاصمة دمشق أمس، في وقت يجتمع فيه وزراء عرب في الرباط، لاتخاذ قرارات مهمة تتعلق بالأزمة السورية، من بينها تجميد عضوية هذا البلد الذي يشن جيشه حملة عسكرية منظمة ضد أبناء شعبه المطالبين بتغيير نظام الرئيس بشار الأسد. ووسط حملة غضب واستنكار دولي عمدت فرنسا أمس إلى سحب سفيرها من دمشق، وأغلقت قنصليتيها في حلب واللاذقية احتجاجا على مهاجمة مصالح لها في سوريا.
ولم تقنع الاعتذارات التي يوجهها وزير الخارجية السوري وليد المعلم، إلى الدول التي تتم مهاجمة سفاراتها، مسؤولي تلك الدول، إذ تتكرر تلك الاعتداءات عقب كل اعتذار، مما أدى بجهات دولية من بينها مجلس الأمن إلى الطلب من السلطات السورية القيام بدورها في حماية بعثاتها الدبلوماسية بموجب المواثيق والمعاهدات الدولية وتحمل مسؤولية الاعتداءات.
وحسب مصادر متعددة، فإن سفارتي المغرب والإمارات، تعرضتا للهجوم أمس، فيما سارعت فرنسا باستدعاء سفيرها، من دمشق، مهددة بإجراءات ومشروع قرار في مجلس الأمن. كما اشارت قناة العربية الى وقوع هجمات على سفارتي السعودية وقطر امس، ولم يتم التاكد من هذا الخبر.
ويجيء هذا الهجوم بعد قيام متظاهرين موالين لنظام الرئيس الأسد بنهب محتويات السفارة السعودية في دمشق السبت احتجاجا على قرار الجامعة العربية تجميد عضوية سوريا. وهاجم مئات المتظاهرين أيضا سفارات فرنسا وقطر وتركيا التي ردت بعقوبات ضد النظام السوري. وعقب تلك الهجمات أدان مجلس الأمن وبأقسى العبارات، الهجمات. وأعرب المجلس، الذي عادة ما ينقسم حول سوريا والقمع الدامي للتظاهرات، عن «قلقه العميق في شأن تكرار تلك الهجمات» وطلب من السلطات السورية «حماية البعثات الدبلوماسية وموظفيها» و«احترام واجباتها الدولية».
وأعلن السفير المغربي في دمشق أمس أن عشرات المتظاهرين هاجموا سفارة المملكة المغربية، حيث تستضيف المملكة في الرباط اليوم اجتماعا وزاريا عربيا مخصصا لبحث الأزمة السورية وذلك على هامش أعمال «منتدى تركيا - البلدان العربية». وقال السفير محمد الخصاصي إن «ما بين 100 و150 شخصا تظاهروا أمام مبنى السفارة (ظهر أمس) احتجاجا على اجتماع الرباط وقاموا بتصرفات غير مسؤولة كالاعتداء على العلم المغربي وإلقاء الحجارة والبيض على السفارة».
وذكر السفير المغربي أنه قابل وفدا من المتظاهرين واستمع إلى احتجاجهم وشرح لهم حيثيات اجتماع الرباط «كما سبق وشرحناها للمسؤولين في وزارة الخارجية». وأوضح السفير أن «اجتماع الرباط جاء على هامش أعمال (منتدى تركيا - البلدان العربية) المقرر عقده منذ عدة أسابيع، إلا أن الاجتماع اتخذ بعدا جديدا، خاصة أنه جاء مباشرة بعد قرار الجامعة بشأن تعليق عضوية سوريا، فتظاهر المحتجون». وشدد السفير أمام المتظاهرين على «احترام سيادة المملكة ورموزها وبخاصة العلم الوطني» مؤكدا أن «المملكة لا تقبل أي مزايدة عليها فيما يتعلق بمواقفها العربية والقومية والدولية». وأكد السفير على أن «العلاقات الثنائية بين البلدين جيدة ومستمرة»، لافتا إلى أن «المملكة عضو في الجامعة العربية وملزمة بالقرارات الصادرة عنها».
وندد وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري أمس بالهجوم، وأكد أن «هذا لا يسهل التواصل والحوار وحضور السفارات في هذا الوضع الراهن». وقال الوزير المغربي في مؤتمر صحافي في ختام المنتدى التركي - العربي «أندد بكل ما يحدث داخل وخارج السفارات في دمشق»، مضيفا أن «مرافق السفارة المغربية في دمشق» تعرضت هذا الصباح لهجوم «من العديد من الأشخاص.. وهذا لا يسهل التواصل والحوار وحضور السفارات في الوضع الراهن».
وسئل الفاسي الفهري عما إذا كان يعني بهذا أن المغرب سيسحب سفيره في دمشق، فقال «نتمنى أن نبقى وسأعطيكم جوابا واضحا بعد اجتماع وزراء الخارجية» العرب (في وقت لاحق أمس).
وقال شهود عيان إن أنصارا للرئيس بشار الأسد ألقوا الحجارة أمس على سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة وكتبوا شعارات على جدرانها. وقال اثنان من السكان يقيمان قرب المبنى إن بعض الشعارات تتهم السفارة «بالعمالة لإسرائيل». وتقع السفارة في حي أبو رمانة الراقي وهو من أكثر مناطق العاصمة أمنا قرب منزل الأسد ومكتبه.
وكانت الولايات المتحدة قد سحبت سفيرها مؤقتا الشهر الماضي إثر مخاوف أمنية على حياته، لكنها وعدت بإعادته، كما قامت عدة دول غربية وعربية من بينها قطر بالعمل نفسه.
وفي موقف غاضب، أعلن مسؤول تركي لـ«الشرق الأوسط»، أول من أمس، أن العلاقات بين القيادة التركية والنظام السوري وصلت إلى نقطة «اللا عودة»، بعد قيام المحتجين السوريين الموالين للنظام، بالاعتداء على السفارة التركية في دمشق وحرق العلم التركي. وأتى إحراق العلم التركي ودوسه، من قبل المتظاهرين المؤيدين للنظام السوري السبت الماضي، ليرفع من «النبرة» التركية حيال النظام، وصولا إلى حد مخاطبة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الرئيس السوري بشار الأسد مؤنبا إياه على الخطوة السورية التي «مست مشاعر الأتراك عامة»، وهي نبرة استتبعت بتصريحات ومعلومات عن عقوبات اقتصادية وسياسية تركية ستبدأ بالظهور تباعا خلال الأيام القليلة المقبلة، كان أبرزها الإعلان عن وقف التنقيب المشترك عن النفط مع سوريا وتلويح بقطع إمدادات الكهرباء وفق ما أعلن وزير الطاقة التركي تانر يلدز الذي قال: إن تركيا ربما تراجع إمداد سوريا بالكهرباء إذا لم تغير دمشق نهجها الحالي.
وقال مسؤول تركي لـ«الشرق الأوسط» إن الرسالة السورية الرسمية التي أرسلت إلى أنقرة عبر محاولة اقتحام السفارة التركية ومقرات البعثات الدبلوماسية في حلب واللاذقية قد وصلت «وسنتعامل معها بكل شدة». وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه أن «السفارة التركية هي جزء من أراضي الدولة، ونحن نعتبر أنه تم الاعتداء على أرضنا». وأشار إلى أن العلم التركي له مكانة خاصة لدى الأتراك عامة، فالنشء يتربون على احترامه، ولا يمكن أن نقبل أن «تمتد أياد قذرة إلى العلم التركي ويمر الأمر من دون عقاب».
 
اجتماع دولي في باريس غدا لسوريا ما بعد الأسد
دول عربية عدة تشارك.. والمنسق الأميركي يقوم بجولة أوروبية
لندن - واشنطن: «الشرق الأوسط»
قالت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إنه من المرتقب أن يعقد مسؤولون رفيعو المستوى من دول عربية وأوروبية بالإضافة إلى تركيا والولايات المتحدة اجتماعا حول مستقبل سوريا يوم غد، على أن يتطرق إلى الخطوات المقبلة للتعامل مع التطورات في سوريا ورسم تصورات لمستقبل سوريا والمرحلة التي تلي سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي بات الكثيرون يعتبرونه مسألة وقت. وبينما حرصت باريس على عدم تأكيد نبأ عقد الاجتماع، حيث تواصلت المشاورات بين الدول المعنية، أكدت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الاجتماع سيضم مسؤولين رفيعي المستوى من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بالإضافة إلى دول عربية رئيسية منها السعودية وقطر والأردن مع مشاركة تركية. وأضافت مصادر عدة أن عقد المؤتمر ومضمونه سيعتمد بشكل كبير على نتائج اجتماع الرباط لوزراء خارجية دول الجامعة العربية ووزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو المنعقد يوم أمس، وما يخرج به من اتفاق على الخطوات المقبلة للتعامل مع الأزمة في سوريا.
ويعتبر اجتماع باريس المزمع عقده غدا رسالة سياسية واضحة لنظام الأسد بأن عدم وقف العمليات العسكرية واستهداف المدنيين يدفع باتجاه عزلة جدية للنظام السوري والعمل على المرحلة السياسية المقبلة للبلاد. ومن غير المتوقع مشاركة المعارضة السورية في الاجتماع الدولي، رغم استمرار المشاورات مع عدد من أبرز عناصر المعارضة السورية في الفترة الراهنة، وتم الاتفاق على عدم ضم المجلس الانتقالي السوري أو غيره من العناصر المعارضة إلى اجتماع باريس بسبب عدم اقتناع أطراف عدة مشاركة في الاجتماع بأن المعارضة باتت تشكل شريحة كافية من الشعب السوري.
وبينما أكدت مصادر أوروبية وأميركية العمل على عقد الاجتماع وأهميته في تحديد موقف الدول المتفقة على نهج أهمية وقف إراقة الدماء في سوريا، امتنعت باريس عن تأكيد خبر استضافتها له.
ويقوم المنسق الأميركي الخاص لسوريا فريد هوف بجولة أوروبية هذا الأسبوع لبحث التطورات في دمشق والخطوات المقبلة فيها. وبعد أن بات من الواضح أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لن يتحرك في الوقت الراهن باتجاه إصدار قرار أو اتخاذ خطوات ملموسة لردع النظام السوري، يعمل هوف على التنسيق مع الدول المنسجمة مع الموقف الأميركي، مثل دول مجلس التعاون والأردن وتركيا، على وضع تصور حول التعامل مع الأزمة السورية. وتأتي جولة هوف الأوروبية تزامنا مع إعلان الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة ضد النظام السوري.
جوبيه في أنقرة اليوم وفرنسا تراهن على دور تركي «متعاظم» في الملف السوري
باريس تستدعي سفيرها من دمشق بعد الاعتداء على مصالحها القنصلية
باريس: ميشال أبو نجم
أعلنت باريس أمس عن استدعاء سفيرها في دمشق عقب الاعتداءات التي تعرضت لها مصالحها القنصلية في مدينتي حلب واللاذقية بداية هذا الأسبوع وذلك بعد أن أعلن مجلس الجامعة العربية في القاهرة عن تعليق عضوية سوريا في الجامعة والعزم على اتخاذ عقوبات اقتصادية وسياسية بحق سوريا ودعوة القوات المسلحة السورية إلى التوقف عن قتل المتظاهرين.
وقال وزير الخارجية في كلمته أمام البرلمان بعد ظهر أمس إن «أعمال العنف الجديدة التي حدثت في سوريا دفعتني إلى إغلاق فروعنا القنصلية في حلب واللاذقية ومعاهدنا الثقافية وإلى استدعاء سفيرنا إلى باريس». غير أن جوبيه لم يوضح ما إذا كان استدعاء السفير أريك شوفاليه هو للتشاور أم للمحافظة على أمنه الشخصي أو فقط للاحتجاج على ما تعرضت له المصالح الدبلوماسية والقنصلية وكذلك شخص السفير من مضايقات واعتداءات.
وكانت باريس أصدرت بيانا شديد اللهجة تدين فيه الاعتداء وتذكر فيه السلطات السورية بواجباتها لجهة حماية سفارتها ومؤسساتها بموجب ما تنص عليه معاهدة فيينا. ولم تنفع الاعتذارات التي قدمتها سفيرة سوريا في باريس لمياء شكور التي استدعيت إلى الخارجية يوم الاثنين ولا تلك التي أعرب عنها وزير الخارجية وليد المعلم نفسه في مؤتمره الصحافي.
وتعكس الخطوة الفرنسية تدهور العلاقات المنتظم بين باريس ودمشق منذ اندلاع أحداث سوريا. وبعد مرحلة التطبيع المتسارع التي سارت عليها الحكومة السورية إزاء سوريا منذ وصول الرئيس ساركوزي إلى السلطة ربيع عام 2007 وزيارات الرئيسين المتبادلة وسعي باريس للعب دور الوسيط بين سوريا وإسرائيل في موضوع مفاوضات السلام، فإن المواقف الفرنسية المنددة بالقمع وبعنف النظام وترت الأجواء سريعا. وكان الوزير جوبيه أول من اعتبر أن الرئيس الأسد فقد شرعيته وأن عليه الرحيل وتنبأ بسقوطه ولكن ليس في القريب العاجل، وقادت باريس التيار المتشدد في مجلس الأمن الساعي إلى إدانة سوريا وفرض عزلة سياسية ودبلوماسية عليها، فضلا عن العقوبات المالية والاقتصادية. ومع انسداد أفق مجلس الأمن بسبب الفيتو المزدوج الروسي والصيني، ركزت باريس ومعها الاتحاد الأوروبي على العقوبات الأوروبية التي صدر آخرها في اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين الاثنين الماضي في بروكسل.
وفي سياق متصل، سيحتل الملف السوري مساحة أساسية من المحادثات التي سيجريها الوزير جوبيه اليوم وغدا في إسطنبول وأنقرة مع المسؤولين الأتراك في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها لتركيا. ويلتقي جوبيه كبار المسؤولين الأتراك من رئيس الجمهورية عبد الله غول، إلى رئيس الحكومة أردوغان فوزير الخارجية أحمد داود أوغلو وأعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي.
وتعول باريس على تركيا في الجهود الدبلوماسية التي تقودها لتصعيد الضغوط السياسية والاقتصادية على النظام السوري. واستبقت الخارجية الزيارة بالإعلان عن أنها عازمة على «العمل بشكل وثيق مع تركيا من أجل تصعيد الضغوط على النظام السوري»، معربة في الوقت نفسه عن «تقديرها للقرار القوي» الذي اتخذته أنقرة والقاضي بالبدء بتنفيذ عقوبات اقتصادية بحق دمشق أولها وقف التعاون المشترك في القطاع النفطي والتهديد بقطع إمدادات الكهرباء التركية، وصولا، ربما، إلى خفض منسوب المياه التي تصل إلى سوريا.
وتراهن باريس على دور «متعاظم» لأنقرة في الموضوع السوري. وإذا كانت باريس تطالب، رسميا، بوقف القمع والعنف وإطلاق سجناء الرأي والسماح بالمظاهرات السلمية، وهو ما يتوافق مع المطالب العربية والتركية، إلا أنها ذهبت أبعد من ذلك حيث تعتبر أن النظام السوري فقد شرعيته وبالتالي عليه أن يرحل. وفي هذا السياق، فإن أكثر من جهة في العاصمة الفرنسية تعتبر أن باريس «تلحظ» دورا تركيا أساسيا لتحقيق هذا الغرض يساوي أو ربما يفوق الدور العربي.
وتقدر مصادر رسمية عالية المستوى في باريس أن حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم والذي ينتمي إليه رئيسا الجمهورية والوزراء «يعمل وفق استراتيجية تغيير النظام في سوريا». كما أنها ترجح دفعه باتجاه قيام «نظام شبيه بالنظام السياسي التركي» حيث ثمة «قرابة آيديولوجية» بين الحزب المذكور وحزب الإخوان المسلمين في سوريا. وتؤوي تركيا كثيرا من وجهاء الحزب المذكور كما أنها احتضنت قيام المجلس الوطني السوري الذي يضم في صفوفه «الإخوان المسلمين».
وتراقب باريس عن كثب تطور الموقف العربي من سوريا الذي ترى فيه «العنصر الوحيد» المتوفر اليوم من أجل إحداث تغيير ما في المعادلة التي قامت في سوريا بين نظام لا يتردد في القمع والقتل والصراع من أجل البقاء ومعارضة عازمة على عدم التراجع، فضلا عن ذلك، فإنها تعتبر أن تحول الموقف العربي من شأنه حفز المعارضين في مجلس الأمن على تعديل مواقفهم من غير أن يعني ذلك الذهاب نحو تدخل عسكري جديد في حوض المتوسط. وأعربت المصادر الفرنسية عن ترحيبها بخطوة الجامعة العربية الساعية للم شمل المعارضة السورية الموزعة بين داخل وخارج وبين قابل ورافض لبقاء النظام أو للحوار معه ما يصعب عملية الاعتراف بها.
غير أن المصادر الفرنسية التي تؤكد أن النظام السوري قد «انتهى»، لكنها تستبعد ذهابه سريعا بسبب ما يعتبره الوزير جوبيه «تمسكا» شرسا بالسلطة.
 
دمشق: دول عربية سعت لحضورنا اجتماعي الرباط.. وقررنا المشاركة ثم ألغيناها تأكيدا لما نشرته «الشرق الأوسط»
لندن: «الشرق الأوسط»
تأكيدا لما نشرته «الشرق الأوسط» أمس عن معركة دبلوماسية جرت في الساعات الأخيرة عشية الاجتماعات العربية التي جرت أمس في الرباط لحضور وليد المعلم هذه الاجتماعات رغم قرار تعليق أنشطة سوريا في الاجتماعات العربية بسبب القمع الدموي هناك قال التلفزيون الرسمي السوري في خبر عاجل نقلا عن وزارة الخارجية السورية إن «قرار سوريا في المشاركة في اجتماعي الرباط كان تلبية لرغبة بعض الدول العربية الشقيقة لكنه في ضوء التصريحات التي أبلغنا بها من مسؤولين في المغرب قررت سوريا عدم المشاركة».
وأوضحت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أنه بعد قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية «عملت بعض الدول العربية الشقيقة على طرح حلول لإعادة المصداقية والشرعية إلى طريقة عمل الجامعة العربية ودورها كما أكدت على الأهمية البالغة لحضور سوريا الاجتماع الخاص بالتعاون العربي - التركي والاجتماع الوزاري لمجلس الجامعة العربية في الرباط».
وأضافت «سانا» نقلا عن مصدر مسؤول في الخارجية السورية «نتيجة لذلك قررت سوريا المشاركة في هذين الاجتماعين تلبية لرغبة هذه الدول العربية وإيمانا منها في تعزيز العمل العربي المشترك بعيدا عن ردود الفعل ورغم معرفتها بما يحاك ضدها من الضغوط التي تمت ممارستها على الدول التي سعت إلى استصدار هذا القرار المشين».
وأوضح المصدر أنه «في ضوء التصريحات التي صدرت عن مسؤولين في المغرب والتي تم إبلاغنا بها رسميا فقد قررت سوريا عدم المشاركة في هذين الاجتماعين». ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» ونشرت في عدد أمس فإن اليمن والجزائر ولبنان قادوا جهودا اعترضت عليها دول مجلس التعاون لحضور وليد المعلم اجتماعات الرباط أمس.
 
الناطق باسم «المجلس العسكري» لـ «الشرق الأوسط»: هاجمنا المبنى الإداري وحرصنا على تجنب السجناء
«الجيش الحر» يهاجم مقر الاستخبارات الجوية السورية في حرستا
لندن: «الشرق الأوسط»
يبدو أن طبيعة الصراع سوف تأخذ منحى جديدا بين «الجيش السوري الحر» الذي يضم عناصر منشقة رفضت إطلاق النار على المتظاهرين والجيش النظامي الموالي للأسد في الأيام المقبلة، حيث قامت فجر أمس مجموعة من العناصر المنشقة التابعة لـ«الجيش الحر» بمهاجمة مجمع كبير للمخابرات الجوية في مدينة حرستا القريبة من العاصمة السورية دمشق واشتبكت مع عناصر موالية للأسد كانت تقوم بحراسة المجمع فأردت عددا منهم بين قتيل وجريح.
وأكد الناطق الرسمي باسم «المجلس العسكري» الذي أنشأه «الجيش الحر»، الرائد ماهر رحمون لـ«الشرق الأوسط» أن وحدة من «الجيش الحر» هاجمت المبنى الإداري في فرع المخابرات الجوية الخاص بالمنطقة الجنوبية من جهات عدة. موضحا أن المهاجمين أطلقوا قذائف صاروخية على المبنى من مسافة 300 متر وانسحبوا من دون أية خسائر في الأرواح لدى المهاجمين، مشيرا إلى أن سيارات إسعاف كثيرة هرعت إلى مكان الهجوم مما يؤشر إلى وجود إصابات في صفوف عناصر الاستخبارات. وشدد رحمون على أن «العملية تمت بالتنسيق مع عملاء في الداخل وبعد رصد دقيق لـ15 يوما تجنبا لإصابة مدنيين من السجناء».
وفي حين أكدت الهيئة العامة للثورة السورية خبر الهجوم، شرحت مصادر النشطاء السوريين لوسائل الإعلام تفاصيل ما حدث، فقالوا إن «المنشقين هاجموا مجمعا للاستخبارات على أطراف دمشق في ساعة مبكرة اليوم (أمس) الأربعاء، في أول هجوم يعلن عنه على منشأة أمنية كبيرة منذ بدء الانتفاضة على الرئيس بشار الأسد».
وأضافت مصادر النشطاء أن أعضاء «جيش سوريا الحر» أطلقوا قذائف «آر بي جيه»، ونيران مدافع رشاشة، على مجمع كبير لاستخبارات القوات الجوية يقع على الطرف الشمالي للعاصمة على طريق دمشق - حلب البري السريع، في نحو الساعة الثانية والنصف صباحا. وأعقب ذلك نشوب معركة بالأسلحة النارية وحلقت مروحيات فوق المنطقة. وقالت المصادر إنه لم ترد على الفور أنباء عن وقوع إصابات، وإن المنطقة التي وقع فيها القتال ما زال يصعب الوصول إليها.
وتعد إدارة المخابرات الجوية في سوريا التي يرأسها العميد جميل حسن، واحدة من أكثر الأجهزة الأمنية شراسة في مواجهة حركة الاحتجاج الواسعة ضد الرئيس بشار الأسد؛ إذا يشير ناشطون معارضون إلى أن معظم الجثث التي تفارق الحياة تحت التعذيب تسلم إلى ذويهم من إحدى مفارز هذه الإدارة. وهذا ما حدث، وفقا للمعارضين، مع الناشط غياث مطر؛ حيث قامت المخابرات الجوية باقتلاع حنجرته وتسليمه إلى أهله جثة هامدة.
ويلفت أحد المعارضين السوريين إلى أن عمليات «الجيش السوري الحر» ضد مقر المخابرات الجوية فجر أمس تأتي بعد سلسلة تحذيرات وجهتها قيادة هذا الجيش لأركان النظام السوري طالبين الإفراج عن جميع المعتقلين في السجون الأسدية وإيقاف عمليات القمع ضد المحتجين المطالبين بإسقاط نظام بشار الأسد، وإلا سيتم استهداف الأجهزة الأمنية المعنية بشكل رئيسي بتنفيذ عمليات القمع والتنكيل.
ويرى المعارض السوري المقيم في بيروت أن «هذه العمليات ستتصاعد ضد الأجهزة الأمنية كافة، خاصة تلك التي تقوم بملاحقة المنشقين وتصفيتهم وهي المخابرات الجوية والاستخبارات العسكرية». ويضيف: «كلما تم استهداف الأمن والمخابرات، سيضعف النظام السوري أكثر، لان الأجهزة الأمنية هي العصب الرئيسي لهذا النظام بعد الجيش الذي تتسع حركة الانشقاق في صفوفه بشكل كبير».
وتنتشر مقار جهاز المخابرات الجوية في جميع المدن السورية؛ حيث تتدخل عناصر هذا الجهاز في معظم القضايا الحياتية للمواطنين، وكثيرا ما يستدعي الناس لأسباب مدنية صرفة، وفقا للناشطين. ومنذ فترة طويلة تم استحداث سرايا مكافحة الإرهاب المولجة بمتابعة الإرهابيين واعتقالهم، ليتم إلحاقها بهذا الجهاز، الأمر الذي جعل المخابرات الجوية أكثر الأجهزة الأمنية السورية شراسة في التعامل مع المواطنين السوريين.
وقد تم تأسيس إدارة المخابرات الجوية في أوائل السبعينات برعاية من الرئيس حافظ الأسد وكانت تتبع قيادة القوات الجوية وتقيم مفارز صغيرة في المطارات، قبل أن يتم إعطاؤها صفة مستقلة لتمارس مثل بقية الأجهزة الأمنية سطوة على جميع مناحي الحياة في المجتمع السوري.
 
تصاعد التوتر في سوريا.. وناشطون يحذرون من «تنكر» الأمن والشبيحة بلباس «حفظ النظام» تمهيدا لزيارة المراقبين
مقتل 21 شخصا في أنحاء البلاد واستمرار المظاهرات المطالبة برحيل الأسد
لندن: «الشرق الأوسط»
مع تصاعد الضغوط العربية والدولية ضد النظام السوري، تصاعد التوتر في سوريا تمثل بتكثيف «الجيش السوري الحر» لعملياته ضد القوات النظامية، مقابل انتشار مظاهر أمنية مسلحة بكثافة في شوارع وسط العاصمة دمشق.
وقتل أمس 21 شخصا على الأقل بين مدنيين وعسكريين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد إن خمسة مدنيين قتلوا أمس بإطلاق رصاص في مدينة حمص فيما توفي ثلاثة آخرون متأثرين بجروح أصيبوا بها. كذلك تحدث المرصد عن وفاة مدني في منطقة الحولة في محافظة حمص متأثرا بجروحه. وكان أفاد المرصد أن «أربعة مواطنين سوريين هم ثلاثة منشقين ومدني استشهدوا صباح الأربعاء إثر كمين نصبته لهم قوات عسكرية نظامية في بلدة كفرزيتا بريف حماه». وأضاف أن ثمانية جنود من الجيش النظامي السوري قتلوا في الكمين.
ويستمر النظام السوري بتسيير المسيرات الشعبية في شوارع المدن للتعبير عن الغضب من قرارات الجامعة العربية، حيث شوهدت مسيرات للمؤيدين وسط العاصمة تطلق هتافات مناوئة للجامعة العربية والزعماء العرب، وذلك بالتزامن مع مرور الذكرى الأربعين للحركة التصحيحية التي استولى فيها الرئيس حافظ الأسد على السلطة في سوريا عام 1971. وفي الوقت ذاته تصاعدت حركة المظاهرات الاحتجاجية مع الشعور باقتراب الخلاص من النظام وغلب على الهتافات المطالبة بإعدام الرئيس.
وانطلقت مسيرات تأييد في غالبية أحياء دمشق أمس، قبل أن تتجمع في ساحة السبع بحرات وأمام مجلس الشعب في منطقة الصالحية، لتعود وتتفرق إلى مجموعات توجهت إلى مقرات بعض السفارات العربية والأجنبية، حيث هوجمت أمس سفارات المغرب ودولة الإمارات العربية وقطر. وكانت الجموع تردد في الشوارع «طز فيكي حرية» و«معليش شو فيها بشار ونصر الله حاميها». كما سيّر النظام مسيرات إلى مدينة القرداحة لقراءة الفاتحة على قبر الرئيس حافظ الأسد في الذكرى الأربعين للحركة التصحيحية ذكرى انقلاب حافظ الأسد على رفاقه في حزب البعث والذي كرسه رئيسا لسوريا لأكثر من ثلاثة عقود ليرثها بعد ابنه بشار الأسد.
وفي المقابل، نفذ الجيش السوري الحر هجمات في عدة مناطق في ريف دمشق على عدة أهداف أمنية ولأول مرة في توقيت واحد، وقعت اشتباكات عنيفة في الرستن الواقعة بين مدينتي حمص وحماه وسط البلاد، تلتها أنباء عن إرسال تعزيزات عسكرية إلى حماه يوم أمس.
وحذر ناشطون في دمشق أمس، من أن القيادة العسكرية السورية قامت بإنشاء وحدة عسكرية جديدة تابعة لحفظ النظام، وأنها تقوم «بنقل عناصر المخابرات إلى هذه الوحدة مع مسح كل الأدلة التي تثبت أن هؤلاء الأشخاص لهم علاقة بأجهزة المخابرات السورية». وأضاف الناشطون أنه «يتم تسليم هؤلاء بطاقات جديدة تثبت أنهم يتبعون لوحدة حفظ النظام في وزارة الداخلية كعناصر شرطة». وقال الناشطون إنهم علموا أنه «خلال أيام عطلة عيد الأضحى جرى نقل نحو 500 عنصر أمن لوحدة جديدة». ولفتوا إلى أنه يتم «تجنيد الشبيحة ضمن هذه الوحدة، مع الإشارة إلى أنه يتم أيضا سحب الأسلحة النارية الكبيرة الحجم مثل الكلاشينكوف واستبدالها بأسلحة رشاشة صغيرة الحجم تشبه السلاح الإسرائيلي (الأوزي) لأن هذا السلاح يتم إخفاؤه بسهولة بحيث لا يبقى بيدهم سوى الهراوة».
وقال ناشطون إن هذه الإجراءات تتم «استعدادا لاحتمال دخول مراقبين عرب أو دوليين، لإثبات عدم وجود مظاهر مسلحة في الشارع». وسبق أن قالت عدة مصادر محلية متطابقة إن النظام السوري بدأ بطلاء المدرعات والآليات العسكرية باللون الأزرق على أنها تابعة لقوات حفظ النظام في وزارة الداخلية. وكان أول ظهور للمدرعات الزرقاء في حمص في حي بابا عمرو خلال أيام العيد. وقال ناشطون أيضا إنه «يتم حفر أنفاق في محيط مدينة حمص لإخفاء الدبابات والآليات الثقيلة التي لم يتم طلاؤها»، وأشاروا إلى أنه يوجد ضمن مطار المزة العسكري قرب دمشق 3000 معتقل، وعلى الأرجح سيستخدمون دروعا بشرية لحماية المطار من القصف في حال حصل الحظر الجوي أو التدخل الدولي.
وتحدث ناشطون عن توجه الفوج 85 كاملا إلى حماه أمس، علما أنه يضم ثلاث مدرعات شيلكا وكتيبة مشاة محمولة وكتيبتين من القوات الخاصة ومجموعة من محطات إلكترونية حديثة مهمتها التشويش ومراقبة الاتصالات، إضافة إلى مجموعة من باصات تقل قوات أمن وشبيحة.
وكان سكان دمشق وريف دمشق قد سمعوا في مدينتي حرستا ودوما وحيي القابون وركن الدين وبرزة أصوات انفجارات في وقت متأخر من ليل أول من أمس. وقال بيان صادر عن «الجيش الحر» وزعه ناشطون على مواقع الإنترنت إن «الجيش السوري الحر» قام بتنفيذ «عمليات نوعية» في أغلب مناطق دمشق وذلك «لإفساد خطة يعدها النظام ضد أهلنا وشعبنا ولأجل أن يلحظ النظام أن الجيش السوري الحر قادر على ضربه بأي مكان وبأي وقت». وقال البيان إنه تم ضرب «فرع المخابرات الجوية الخاص بالمنطقة الجنوبية بجانب جسر حرستا ونفذ في داخله ومحيطه انفجارات قوية هزت أركان الفرع». كما جرى اشتباك بين الجيش السوري الحر والجيش السوري في حي القابون واشتباك آخر مع الجيش والشبيحة في دوما، وألحقت خسائر بقوات الأمن والشبيحة عند دوار البلدية في دوما، واشتباكات مع الحواجز في عربين وحمورية وسقبا بالإضافة إلى اشتباك في عش الورور على طريق المستشفى.
وقالت مصادر من الناشطين لـ«الشرق الأوسط» إن العمليات التي نفذت أمس في محيط مدينة دمشق «تهدف إلى تخفيف الضغط عن حمص وادلب وحماه ودرعا، وإن استهداف فرع المخابرات الجوية تحديدا لأنه الفرع الذي يتضمن وحدات الاغتيال الخاصة وعناصرها من الطائفة العلوية الموالية للرئيس شخصيا، كما أن هذا الفرع هو الأكثر قمعية ودموية واستهدافه هو مس بأحد أهم أعصاب النظام الأمنية». وقالت مصادر محلية إن عربات ومركبات محترقة كانت في محيط الفرع في وقت مبكر من يوم أمس، كما أفاد ناشطون بأنهم سمعوا صوت انفجار كبير من مطار المزة العسكري بعد ظهر أمس. كما جرت بعد ظهر أمس اشتباكات قرب منطقة الدباغات بين عناصر من الأمن والشبيحة وجنود منشقين في منطقة عين ترما في ريف دمشق.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر في الجيش الحر، أن هناك نحو تسع كتائب تابعة له وهم من الجنود المنشقين في ريف دمشق، وأنهم يحصلون على السلاح إما شراء من السوق السوداء في سوريا، أو عبر الاستيلاء على سلاح الجنود الذين تتم مهاجمتهم. ويميز السكان بين إطلاق النار الصادر من القوات النظامية ونظيره الصادر من قوات الجيش الحر أو الثوار، ويقولون إن إطلاق النار الصادر عن القوات النظامية والأمن والشبيحة عادة يكون عشوائيا وكثيفا، أما الآخر فهو مقنن ومحدد، ومرد ذلك أن جيش النظام تتوفر لديه ذخيرة بكثرة فيما الجيش الآخر يحصل على السلاح والذخيرة بصعوبة كبيرة.
إلى ذلك، استمرت المظاهرات المنادية بإسقاط الأسد في أنحاء سوريا، وخرجت أمس مظاهرة حاشدة على الاتوستراد الدولي في حي الميدان في العاصمة دمشق وقامت قوات الأمن بإحراق الإطارات وإطلاق النار لتفريق المتظاهرين أسفرت عن عدة إصابات، كما تم اعتقال عدد من المتظاهرين، في حين حلق طيران مروحي فوق الحي.
وفي بلدة كفرومة في محافظة أدلب تحدثت مصادر حقوقية عن سقوط عدد من الجرحى بسبب إطلاق النار المباشر على المنازل، وقد وصل عدد الجرحى إلى 15 شخصا، منهم 6 نساء من عائلة الرحمون تم إسعافهن إلى مستشفى كفرنبل، وجرى اعتقال بعض الجرحى. كما تجاوز عدد المعتقلين أكثر من 30 معتقلا بالإضافة إلى خمسة مفقودين.
وفي بلدة القريتين، قال ناشطون إن ثلاثة طلاب تم اعتقالهم على خلفية مشاركتهم في مظاهرة خرجت أمس، وقد تعرضوا للضرب الشديد بأمر من مدير الناحية، ودعت تنسيقية القريتين ومهين إلى اعتصام في ساحة الحرية حتى الإفراج عنهم.
وفي بانياس خرجت مظاهرة طلابية في قرية البيضة، وفي الرقة انطلقت مظاهرة في كلية الآداب والتربية. وفي درعا جابهت قوات الأمن مظاهرة حاشدة انطلقت داخل مدرسة الغريبة للبنات، وبعد قيام الإدارة بمنع الأمن من دخول المدرسة، قفز عناصر الأمن من على الأسوار وحاصروا الطالبات. كما خرجت مظاهرات طلابية في بلدة غباغب في درعا من كافة المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية.
وفي ريف دمشق خرجت مظاهرة طلابية من ثانوية بنات داريا العامة وثانوية الغوطة للبنين في شارع الثورة. وفي مدينة المعضمية بريف دمشق، خرجت مظاهرات من عدة مدارس، وتم بعدها قطع التيار الكهربائي مع شن حملة اعتقالات واسعة.
وفي حماه شهدت غالبية الأحياء مظاهرات، وسط إرسال تعزيزات أمنية وعسكرية إلى المدينة. وفي منطقة القلمون، شهدت جامعة القلمون الخاصة أحداث قمع عنيف على خلفية خروج مظاهرة طلابية داخل حرم الجامعة بعد يوم على خروج مظاهرات مماثلة في جامعات خاصة أخرى. وقال ناشطون إن قوات الأمن اقتحمت جامعة القلمون وشنت حملة اعتقالات واسعة. وقال ناشطون إن الأمن السوري منع الهلال الأحمر من دخول جامعة القلمون لإسعاف الجرحى.
 
ناشطون ميدانيون: الثورة السورية في خطر والتسلح ضرورة لنجاحها
قالوا لـ «الشرق الأوسط»: لولا السلاح الآتي من لبنان لما بقيت الثورة في حمص
طرابلس (شمال لبنان): سوسن الأبطح
الحدود اللبنانية - السورية هي الأخطر اليوم على النظام السوري، فمنها يتسرب السلاح والناشطون الذين يتنقلون بين البلدين، بعكس الحدود التركية التي بات نقل السلاح عبرها صعبا، وكذلك الحدود العراقية التي صارت شبه ممنوعة على المعارضين. هذا ما شرحه ناشطون سوريون ميدانيون لـ«الشرق الأوسط»، حيث قال أحدهم بأنه «يدخل إلى سوريا بين الحين والآخر ثم يعود إلى لبنان». وقال الناشط الميداني الذي رفض الكشف عن اسمه «إن الأمر ليس سهلا لكن بالرشوة كل شيء يصبح ممكنا بما في ذلك دخول مدن سورية محاصرة». ويضيف الناشط: «صحيح أن التعاون بين الأجهزة الأمنية اللبنانية والجيش السوري هو على أعلى مستوياته، لكن الحدود بين البلدين وعرة ومملوءة بالأشجار ومتداخلة بحيث إن ضبطها بالكامل يقارب المستحيل، على عكس الحدود السورية الصحراوية مع العراق، المكشوفة والعارية التي باتت خطرة على الثوار».
وأعرب الناشطون السوريون الميدانيون الذين التقيناهم عن فرحهم الشديد بقرارات جامعة الدول العربية الحازمة. ويقولون بأن أعضاءها «شربوا أخيرا حليب السباع، وبدأوا يسيرون في الطريق الصحيح».
لكن ناشطا ميدانيا تمكن من الذهاب إلى حمص وإدلب وصولا إلى القامشلي وعاد إلى لبنان مؤخرا يعلق بالقول: «الثورة السورية في خطر، وليس بمستبعد أن يتمكن النظام من قمعها في حال لم يؤخذ قرار دولي بتسليح الثوار». ويشرح الناشط الذي جال في أكثر من محافظة والتقى بمعارضين للتنسيق معهم: «يمكنني القول: إن النظام تمكن بالفعل من قمع الثوار في دير الزور وحتى درعا وحماه في ما الحسكة هادئة بالكامل. هؤلاء بشر، وليسوا ملائكة، حين ينزل 10 آلاف شخص إلى الشارع ويطلق عليهم الأمن النار بالرشاشات بشكل عشوائي، فهؤلاء سيعودون إلى بيوتهم، ولن يتمكنوا من الصمود». ويضيف الناشط «تتركز حرارة الثورة الآن بشكل جدي في 3 أماكن فقط، هي حمص حيث تدور معارك مسلحة حقيقية بين الثوار والنظام، بسبب قرب حمص من الحدود اللبنانية، وتمكن الثوار من تهريب السلاح. وهذا سر صمود حمص. وريف دمشق الذي يمكن نقل السلاح إليه من لبنان، وريف إدلب حيث ينقل بعض السلاح من تركيا، لكنه قليل نسبيا». ويضيف الناشط: «ما عدا ذلك، ما تسمعون عنه هو تحركات محدودة يقوم بها بعض الثوار بين الحين والآخر، لكن النظام يمسك بالفعل برقاب الناس حيث يشح السلاح، ويحكم قبضته، ومن يقول بأن جذوة الثورة لا تزال كما كانت يكذب على نفسه وعلى الناس».
ورغم أن بعض المعارضين المقيمين في لبنان الذين سألناهم، يعترفون بخمود جذوة الثورة في محافظات كانت مشتعلة سابقا مثل دير الزور ومدينة حماه، لكنهم يقللون من أهمية الأمر، معتبرين أنها «نار تحت رماد، وأن الثوار يعدون أنفسهم لجولات مقبلة ستكون أشرس». هذا لا يطمئن الناشط الذي عاين الميدان بأم العين ويقول: إن الثوار الذين نسق معهم خلال جولته السورية «لا يرون مخرجا لحياتهم دون قرار بتسليحهم، فخسارة الثورة تعني موتهم المحقق أو في أحسن الأحوال اعتقالهم وتعذيبهم، لأن النظام لن يسامح من عمل ضده، كما أنهم غير متفائلين بتحقيق نصر على (أرمادا) مسلحة وهم عزل أو أشبه». ويضيف: «كل من يرفض التسليح هو خائن وموال للنظام، لأننا لا نرى أي مخرج ممكن غير هذا، ومن يرفض تسليحنا فليخبرنا عن البديل».
يشرح النشطاء الذين خبروا الميدان أن الحدود التركية أغلقت عمليا في وجوههم رغم كل ما يقال سياسيا عن الموقف التركي المتشدد والغاضب من نظام بشار الأسد. فسوريا هددت بتسليح «حزب العمال الكردستاني» في تركيا في حال سلحت تركيا المعارضين السوريين أو تساهلت في تهريب السلاح إليهم، وهو ما جعل أي تهريب للسلاح من تركيا أمرا شديد الصعوبة في الوقت الراهن. فالنظام في تركيا لا يريد أن يتورط مع 15 مليون كردي موجودين على أرضه، وهو يعمل ألف حساب قبل أن يقوم بأي خطوة عملية، لمساعدة الثوار. ويشرح أحدهم «نحن نعرف جيدا لبنان ومناطقه وقراه، وهو امتدادنا العربي والجغرافي، ونتحدث لغة الناس، في ما المناطق التركية نجهلها ونجهل لغة أهلها». أما الحدود العراقية فيصفونها بأنها «معادية» لهم، ويعتبرون النظام العراقي حليفا للنظام السوري. ويشرح أحد المعارضين أنه «بعد تشديد الحصار العربي والدولي على النظام، صار تحركه محصورا بريا باتجاه العراق وصولا إلى إيران شرقا، وباتجاه لبنان وحلفائه من حزب الله غربا. وبالتالي ليس للمعارضين سوى المنفذ اللبناني، رغم كل التضييق الذي يمارس على المعارضة، وحالات الاعتقال». وحين نشكك في وجود اعتقالات لعدم وجود إثباتات على ذلك. يخرج لنا أحد المعارضين الناشطين بطاقة بيضاء مختومة من الأمن العام اللبناني ويقول: «لقد كنت موقوفا لمدة أسبوع، صحيح أنني لم أضرب لكنني شتمت وأهنت، ووضعت في مكان لا يليق حتى بالحيوانات، وتم التحقيق معي، ولما لم يصلوا إلى شيء، أفرجوا عني على أن أغادر الأراضي اللبنانية خلال 48 ساعة».
وبالفعل فإن البطاقة رسمية ومختومة وموقعة من ضابط مسؤول، تعطي الناشط مدة يومين فقط لمغادرة لبنان. لكن المعارض السوري يقول بأنه يقوم باتصالات مع جهات لبنانية لحل مشكلته، ولا يزال خارجا عن القانون في الوقت الراهن.
لا ينكر الناشطون الميدانيون، الذين يعتبر مجرد ذكر أسمائهم هو تهديد مباشر لهم، أن أموالا تصل للمعارضة لشراء السلاح، لكنها تبرعات فردية ولا تزال غير كافية. والمشكلة الأساسية التي يواجهها الثوار، كما شرحوا لنا، حتى حين تتوفر جهة مثل المجلس الانتقالي الليبي مستعدة لتوفير السلاح لهم، فإنها تحتاج لمسار واضح، ولجهة محددة بمقدورها التعامل معها، وهي لا يمكن أن تكون إلا المجلس الوطني السوري. و«معضلتنا الآن، أن المجلس الوطني لم يعترف به بعد، ولم يتخذ موقفا مع تسليح الثوار». يعرب الناشطون الميدانيون عن حزنهم «لأن أموالا يتم التبرع بها لتسليحهم، تذهب نهبا، وتضيع لأنها تصل إلى أيدي وصوليين وانتهازيين. بهذا المعنى فإن من يتبرع ليس متأكدا من أن أمواله ستذهب للتسليح، والثوار تتم سرقة أموالهم قبل وصولها إليهم». وحين نسأل: لكن ما هي الوسيلة لدخول الأسلحة التي تطالبون بها إلى سوريا ما دامت كل الحدود شبه مغلقة أمامكم؟ عندها لا يتردد الثوار الناشطون ميدانيا في القول: «الآن لا توجد غير الحدود اللبنانية، إلا إذا حدثت تطورات من نوع آخر».
ويختم أحدهم: «في المرحلة الأولى كنا نريد أن نثبت للعالم أننا ثوار مخلصون ولسنا عملاء مدسوسين. في المرحلة الثانية كانت مهمتنا أن نؤكد بأن ثورتنا سلمية، أما الآن في هذه المرحلة فنريد أن نقنع الجميع بأن السلمية لم تعد ممكنة مع هذا النظام، وعلى برهان غليون أن يقتنع بذلك وأن لا يرضخ للضغوطات التي تمارس عليه».
 
مغتربون سوريون يسعون لإطلاق «قافلة الحرية إلى سوريا» لكسر الحصار الإعلامي ودعم الشعب السوري
أحد المنظمين لـ «الشرق الأوسط»: نتواصل مع تركيا والأردن للانطلاق منهما
بيروت: ليال أبو رحال
تنكبّ مجموعة من الناشطين السوريين في بلاد الاغتراب على الإعداد لتسيير موكب يضم إعلاميين وحقوقيين وممثلي منظمات دولية ولجان طبية تحت عنوان «قافلة الحرية»، على أن تنطلق من الأراضي التركية والأردنية باتجاه الداخل السوري، وذلك في مبادرة تهدف لكسر الحصار الذي يفرضه النظام السوري على وسائل الإعلام ولدعم الشعب السوري في معاناته المستمرة منذ بداية الانتفاضة السورية، منتصف شهر مارس (آذار) الفائت.
وفيما كشف أحد منظمي المشروع لـ«الشرق الأوسط» عن أن «الجهد يتركز حاليا على التواصل مع السلطات التركية والأردنية، من أجل الحصول على إذن رسمي، باعتبار أن البلدين سيشكلان نقطة انطلاق للقافلة باتجاه سوريا»، دعا القيمون على المشروع، في رسالة خاصة يتم تناقلها عبر البريد الإلكتروني وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، السوريين «المغتربين والمبعدين في كل أصقاع العالم للعمل على تنفيذ الاعتصام على الحدود والدخول إلى سوريا إذا أمكن الأمر مع الطواقم الإعلامية والحقوقية والطبية لخرق الحصار المفروض على بلدنا الحبيب ومشاركة إخوتنا هذه الثورة العظيمة وتوثيق عذاباتهم وآلامهم المريرة التي تكبدوها ولا يزالون على أرض الواقع».
ويهدف القيميون على هذا المشروع، الذي لا يزال قيد الإنشاء، وفق ما ورد في مجموعة أنشئت حديثا على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بعنوان «قافلة الحرية إلى سوريا»، وتضم ناشطين سوريين بأسمائهم الحقيقية باعتبار أنهم يقيمون في الخارج، إلى الحشد لـ«تأييد ثورة شعب عريق واحتجاجا على القمع والوحشية وكبت الحريات التي يجابه بها النظام الحاكم في سوريا هذا الشعب الأعزل إلا من الإيمان والعزيمة».
ولا تنحصر الدعوة للمشاركة في «قافلة الحرية إلى سوريا» على السوريين فحسب، إذ يراهن مطلقو المشروع على تأمين حشد كبير، من خلال التواصل مع أكبر عدد من وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان واللجان الطبية وشخصيات سياسية وأدبية وفنية من كافة أنحاء العالم من سوريين وعرب وأجانب. وورد في رسالة الدعوة أن «المشاركة مفتوحة لكل من يستطيع ذلك ولا حرج لمن يرفضها أو يشعر بأنها مجازفة، ومع ذلك فإن من لديه مخاوف بإمكانه البقاء معتصما على الحدود».
وكتب أحد الناشطين السوريين على حائط مجموعة «قافلة الحرية» على «فيس بوك»: «نحن أمام شجرة معمرة من الظلم والطغيان عمرها أربعون عاما.. ربما فأس صغير كحملتنا ليست كفيلة بإسقاط النظام.. ولكن أكثر من فأس ومن أكثر من جهة كفيلة بإضعاف هذه الشجرة حتى تميل شيئا فشيئا وتقع.. أنا لي كل الفخر أن أحمل فأسا وألقي بضربتي».
واستبق القيمون على المشروع تخوف الناشطين السوريين من المشاركة في القافلة بالإشارة إلى أن «أغلبنا بات مطلوبا للأمن السوري وبيننا شباب وناشطون مطلوبون منذ زمن بعيد، ولكن بالأساس من يود المشاركة في مثل هذه القافلة سيكون مطلوبا، وبالتالي فإن امتناع البعض عن عدم المشاركة بحجة أنه مطلوب ليس مبررا مقبولا»، مذكرين بأن «المتظاهرين في سوريا لم ينتظروا موافقة السلطات السورية وجلهم بات مطلوبا لأمن النظام ومخابراته». تجدر الإشارة إلى أن 419 ناشطا أعلنوا حتى أمس نيتهم المشاركة في «قافلة الحرية»، وفق ما ورد على الصفحة الخاصة بالمجموعة على «فيس بوك» في حين أن أكثر من 2700 شخص تمّت دعوتهم لم يجيبوا بعد.
السوريون يعالجون بالمنازل في شمال لبنان «خوفا من الأمن»
إحدى النازحات لـ «الشرق الأوسط»: نعيش في حياة كالسجن
عكار (شمال لبنان): صهيب أيوب
تزامنت زيارة وفد من قوى «14 آذار» إلى الحدود اللبنانية - السورية مع قرار مجلس الجامعة العربية الذي قضى بسحب عضوية سوريا من الجامعة، فكان رد الفعل الشعبي هناك مختلفا، إذ أعلن النائب أحمد فتفت (تيار المستقبل) بعيد انتهاء المؤتمر الصحافي الذي عقد في منطقة البقيعة قرب المعبر الحدودي، بعد أن وصلته رسالة عبر هاتفه الجوال عن «قرار الجامعة»، مؤكدا «بدء العد العكسي لنظام بشار الأسد»، فما كان من الحضور إلا أن صفق بحرارة. المشهد لم يختلف أثناء زيارة الوفد بين البلدات الحدودية. تنتهي كل جولة بتمنيات مكررة: «اجلبوا معكم الحكومة كي تنقذنا من هذه الحياة القاسية».
عاش الوفد في نهار واحد تجربة مختلفة. رأوا حرمان المنطقة بأم العين، شاهدوا الدراجات النارية (الوسيلة الوحيدة في تنقل الأشخاص هناك) التي تملأ الطرق الترابية المليئة بالحفر وأمعنوا النظر ولو سريعا في مشاهد الفقر الموزع بوفرة بين البيوت المتهالكة والصغيرة، واستطاعت كاميرات الإعلاميين أن تلتقط وللمرة الأولى ربما، صورا للأطفال والأولاد الذين يتجمعون في أكوام التراب وبين الحارات الصغيرة بأعداد كبيرة ويطلون من خلف الأبواب والنوافذ وهم يهللون لموكب السيارات الضخم التي تجاوز عددها الأربعين، مع حماية معززة ومواكبة وفرتها القوى الأمنية للوفد طوال الجولة، وذهابا وإيابا إلى العاصمة بيروت.
جال أفراد الوفد من النواب والسياسيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان والإعلاميين في القرى والبلدات الصغيرة المحرومة والبعيدة عن الخدمات، حيث يختلط الفقر بجو من شظف العيش وهم ينظرون بتعجب وذهول إلى واقع الحرمان الذي تعيشه هذه المنطقة اللبنانية الحزينة، حيث علق أحد النواب سائلا: «هل هذه منطقة لبنانية حقا؟».
السكان المحليون ارتضوا استقبال الأهالي كـ«ضيوف وليسوا كنازحين أو هاربين» بحسب علي بدوي مختار بلدة الرامة في وادي خالد. أكد بدوي لـ«الشرق الأوسط»، أن «النازحين هم ضيوف عندنا. نحن عشائر وقبائل ولا نقبل أن يأتي إلينا ضيوف ولا يكرمون». وأوضح: «نحن نعتبر النازحين أهلا لنا والرغيف ينقسم بين أولادنا وأولادهم». وأشار إلى أن «الحكومة اللبنانية تركت هؤلاء يعيشون القسوة بعد أن منعت الوسائل الإعلامية من زيارتهم وتقصي حقيقة ظروفهم التعيسة». وأكد أن «الأهالي يعانون ظروفا معيشية صعبة بعد أن صارت المعونات التي تقدم إليهم ضئيلة وشحيحة».
يعيش سكان وادي خالد حياتهم متناقضة، فبعضهم يحمل الجنسيتين اللبنانية والسورية، وأراضيهم مترابطة على الحدود بين البلدين. يشترون أغراضهم ويستهلكونها من الداخل السوري. أما اليوم فالوضع تغير. لم يعد الداخل السوري يوحي بـ«التخفيف عن الأهالي ثقل الفقر. صارت سوريا جحيما بالنسبة إلينا» وفق أحد السكان الذي رفض ذكر اسمه، والذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «سوريا تعيش ربيعها بالدم وسكانها مظلومون ونحن لا نقبل هذا القتل المكثف للناس ونسكت. استقبلنا الأهالي في بيوتنا بعد أن لجأوا إليها هربا من آلة القتل المدمرة التي يمسك بها نظام الأسد»، مضيفا: «نحن فتحنا لهم بيوتنا ومدارسنا رغم الفقر الذي نعانيه لنؤويهم من الخوف والدمار الذي يعيشونه يوما بعد يوم في سوريا».
حط الوفد في بداية زيارته في بيت متواضع في بلدة «القنبر»، حيث تستقبل عائلات القرية في غرفه بعضا من الجرحى الهاربين من «ملاحقة الأمنيين التابعين لنظام الأسد في لبنان الساعين إلى تصفيتهم»، على ما يقول النائب معين المرعبي لـ«الشرق الأوسط». وأضاف المرعبي، إن: «هذا البيت هو نموذج من نماذج كثيرة موزعة في قرى عكارية أخرى سعت عائلاتها إلى استقبال الجرحى ومساعدتهم على الشفاء بعد أن حاولت مجموعات تابعة للنظام السوري ملاحقتهم وقتلهم في المستشفيات، حيث يعالجون بشكل سريع». أحد الجرحى أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «العلاج هنا شبه بدائي، حيث لا يستطيع أي شخص أن يتلقى علاجه خارج البيوت وبين الأهالي بسبب الخوف من أن يتم سحبهم إلى سوريا من خلال بعض الأشخاص التابعين لأحزاب لبنانية موالية للأسد في لبنان». وأشار الجريح الذي أصيب في رجله بعد مظاهرة خرج فيها في منطقة القصير الحدودية إلى أن «الجرحى يعانون معاناة إضافية أكثر من غيرهم من النازحين فهم ملاحقون أمنيا ومستهدفون من القوات السورية وبعض الحزبيين في لبنان الذين يستقصون عنهم».
تتوزع في وادي خالد العائلات السورية النازحة في بيوت ومدارس القرى الحدودية، حيث أخذت الزيارة طابعا «إنسانيا»، وفق فارس سعيد، منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار». لم يرفض سعيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» التأكيد على أن للزيارة «هدفا سياسيا». إذا أعلن عن «بداية خطوات جدية لقوى المعارضة اللبنانية لدفع الحكومة إلى القيام بتحرك ميداني واضح لمساعدة النازحين». يتفق معه النائب أنطوان زهرا (القوات اللبنانية) الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الزيارة هي لتوجيه رسالة إلى الحكومة الحالية للضغط عليها لفك الحصار الإعلامي عن المنطقة وللبدء بمساعدة النازحين وتغيير وضعهم المأساوي.
لم تغير الزيارة من معاناة النازحين الذين أصروا على عدم التقاط صور لهم. إذ أكدت السيدة هيام غازي من سراقب قرب حماه لـ«الشرق الأوسط»، أنها تتمنى لو تثمر هذه الزيارة في تغيير واقع النازحين المر»، موضحة أن «حياتنا أشبه بالجحيم هنا في المدارس، نشعر بأننا في سجن». مثلها مثل جارتها التي تسكن في غرفة مجاورة لها في مدرسة الرامة الرسمية التي تحولت إلى غرف إيواء للعائلات. تشير الجارة الأربعينية التي أخفت وجهها وراء قماشة زهرية إلى «حالة الخوف التي نعيشها لحظة بلحظة، إضافة إلى المعاناة اليومية»، مؤكدة أن: «الغرف تنقصها التدفئة والمازوت غائب، لا سيما أن الطقس بارد في هذه الأيام الشتائية». وتشير وطفة خلف من تلكلخ إلى أن «المساعدات توقفت منذ فترة ونعاني من نقص بالأغطية وننام في بعض الغرف على البلاط البارد، حيث لا شيء يسعفنا على الأمل»، موضحة «إننا نعيش أقل من نازحين وكأننا هاربون ونستحق العذاب».
 
جنرال إسرائيلي: سقوط الأسد قد يؤدي إلى إقامة إمبراطورية إسلامية
دعا لتحسين العلاقات مع تركيا وإعادة الحياة للمفاوضات مع الفلسطينيين
تل أبيب: «الشرق الأوسط»
حذر رئيس الطاقم السياسي الأمني في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، من سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. وقال، خلال لقاء قصير مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، إن هذا السقوط سيقود لتشكيل إمبراطورية إسلامية في الشرق الأوسط بقيادة الإخوان المسلمين. وقال جلعاد، وهو أحد المعروفين بدعوته الدائمة إلى استئناف مفاوضات السلام مع سوريا، إن «تشكيل إمبراطورية لـ(الإخوان) يهدد إسرائيل بالخطر، وذلك لأن هذا تنظيم يسير وفقا لآيديولوجية معلنة تدعو إلى محو إسرائيل من الوجود». وأضاف أن هدف الإخوان المسلمين هو إقامة إمبراطورية إسلامية تحيط بإسرائيل من كل جانب، الأردن وسوريا ومصر. ودعا جلعاد إلى مجابهة مخطط الإمبراطورية الإسلامية عن طريق تحسين العلاقات الإسرائيلية مع تركيا وإعادة الحياة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين وإقامة جسور مع دول عربية تجابه المخطط النووي الإيراني. والمعروف أن إسرائيل الرسمية لم تصدر موقفا واحدا من الأحداث السورية طيلة الفترة منذ اندلاع المظاهرات فيها ضد النظام. ولكن نقاشا ملتهبا دار وما زال يدور فيها حول الموضوع، في صلبه: ما هو الأفضل لإسرائيل. وقد انقسم المتناقشون إلى عدة فرق تدور مواقفها على محورين قطبيين، من قطب الشعور بأن نظاما ديكتاتوريا لكن مستقر في سوريا هو الأفضل، وحتى القطب الآخر بأن ذهاب الأسد أفضل، كونه سيضعف التيار المتطرف في إيران وحزب الله اللبناني. وقد أعرب وزير الدفاع، إيهود باراك، في حينه عن تأييده لذهاب الأسد، ولكنه لم يعد على هذا الموقف لاحقا لأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب إليه ألا يعبر عن موقف واضح من الموضوع السوري.
وقد عزت بعض الأوساط هذا الطلب من نتنياهو إلى كونه يبين أن إسرائيل لا تريد الأسد، «بينما نحن لا نتدخل في شؤون الغير». بينما عزته أوساط أخرى إلى «التفاهم الذي حصل بين دمشق وتل أبيب قبل أربعة أشهر، وفيه التزمت سوريا بألا تسمح للاجئين الفلسطينيين فيها بمواصلة (مسيرات العودة) نحو الحدود مع إسرائيل، التي سارت في ذكرى يوم النكبة»، في مايو (أيار) الماضي، والتي نجح خلالها عشرات اللاجئين في اختراق الحدود ووصل أحدهم إلى مدينة يافا في قلب إسرائيل. وقد نفذ الالتزام فعلا، ومن يومها لم يقترب أي لاجئ فلسطيني في سوريا إلى الحدود مع إسرائيل.
 
الحكومة اللبنانية تبرر اعتراضها على قرار تجميد عضوية سوريا بحماية السلم الأهلي
قوى 8 آذار تحذّر من تدهور الاستقرار اللبناني على خلفية التطورات السورية
بيروت: بولا أسطيح لندن: «الشرق الأوسط»
أكد مجلس الوزراء اللبناني أن القرار الذي اتخذه لبنان في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، بشأن رفض تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية «يهدف إلى حماية الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي». وأكد بيان صادر عن المجلس، بعد اجتماعه مساء أول من أمس، نقلا عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أن «القرار الذي اتخذه لبنان أخيرا في اجتماع وزراء الخارجية العرب في شأن سوريا يهدف أولا وأخيرا إلى حماية الاستقرار الداخلي في لبنان». وأضاف أن «المداولات الداهمة التي حصلت على عجل أفضت إلى الموقف اللبناني الذي انطلق من الحرص على استقرار لبنان وعلى سلمه الأهلي، وليس من أي خلفية أخرى». وتابع ميقاتي، بحسب بيان مجلس الوزراء، أن «لبنان سيبقى متفاعلا مع محيطه العربي وجزءا من العالم العربي. والموقف اللبناني انطلق من اعتبارات ووقائع تاريخية وجغرافية تراعي الخصوصية اللبنانية ويتفهمها الإخوة العرب».
وأشار إلى أن الموقف مرده الأساسي «التحفظ ليس على الدعوة إلى وقف العنف والمطالبة بالحوار سبيلا وحيدا للحل، بل على موضوع تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، لأن السياسة اللبنانية (...) هي ضد العزل الذي يعاقب الناس ويقطع سبل الحوار».
وكان لبنان إحدى ثلاث دول عربية مع اليمن وسوريا، صوتت ضد قرار تعليق عضوية دمشق في الجامعة العربية الذي اتخذ خلال اجتماع في القاهرة الأسبوع الماضي بغالبية 18 صوتا. وأجرى ميقاتي خلال الأيام الماضية سلسلة استقبالات لسفراء أجانب، أوضح خلالها الأسباب التي أملت الموقف اللبناني.
ودانت قوى 14 آذار المعارضة في بيان أمس موقف الحكومة «المتضامن مع نظام الأسد ضد شعبه» معتبرة هذا الموقف «مشينا، ويصيب لبنان في عزته وكرامته». وطالبت رئيس الحكومة بالاستقالة «حفاظا على مصالح الشعب اللبناني وصونا للعلاقات بين الشعبين اللبناني والسوري». وأكد البيان دعم المعارضة اللبنانية «لربيع سوريا» و«تضامنها وتضامن اللبنانيين مع إخوتهم اللاجئين السوريين» في لبنان.
من جهة أخرى تصاعد التوتر داخل لبنان على خلفية تطور الأحداث في سوريا، وخاصة بعد القرارات الأخيرة لجامعة الدول العربية التي رفضتها قوى 8 آذار الحاكمة، ملمّحة إلى إمكانية تدهور الأمور في المرحلة المقبلة لبنانيا لارتباط الاستقرار السوري بالاستقرار اللبناني. وتتلاقى المعلومات الأمنية التي كان قد كشفها في وقت سابق وزير الداخلية مروان شربل، عن إمكانية دخول طابور خامس لإشعال الفتنة لبنانيا، مع الموقف الأخير لرئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي أعرب عن تخوفه من حرب أهلية في لبنان إذا «فرطت الأوضاع» في سوريا، كلام وصفته قوى 14 آذار بـ«التهويلي». وتتجه الأنظار إلى عاصمة الشمال طرابلس بعد أحاديث لعدد من نواب تيار المستقبل وآخرهم النائب خالد زهرمان عن أن «هناك مجموعات في طرابلس يتم تسليحها وتدريبها وتحضيرها ربما لاستعمالها لتفجير الوضع في طرابلس عندما يصبح النظام السوري في مأزق».
وفي هذا الإطار، ردّ نائب الأمين العام للحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد «الاتهامات التي ساقها زهرمان لحلفاء سوريا لمطلقها»، معتبرا أن «ما تم الحديث عنه هو وباختصار مشروع تيار المستقبل وقوى 14 آذار»، متوجها إليهم بالقول: «ضبّوا مجموعاتكم بالأول قبل أن تتحدثوا عنّا..». وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، ذكّر عيد أن «زعيم تيار المستقبل سعد الحريري هو من تحدث منذ أيام عن مشروع لإسقاط الحكومة»، وقال: «من يعمل على مشروع تخريبي مماثل هو وبالتأكيد من يعدّ مجموعاته لخيار الشارع وبالتالي للتسلّح». واعتبر عيد أن «قوى 14 آذار تشارك ومباشرة في المؤامرة الكبرى على محور الممانعة والتي تجلت وبوقاحة في قرارات جامعة الدول العربية بالأمس»، وأضاف: «نحن نؤكد مرة جديدة أن أمننا بيد الجيش اللبناني ولكن إذا قرر الجلوس على جنب فلا شك أننا سنكون بصدد إشكال كبير».
وتحدث عيد عن «أوراق كثيرة غير مكشوفة سيلعبها القيمون على خط الممانعة حين يحين الوقت للتصدي لمشروع التقسيم الذي تدفع باتجاهه كل من أميركا وإسرائيل»، وهو ما كان قد لمّح إليه في وقت سابق رئيس كتلة حزب البعث العربي الاشتراكي النائب عاصم قانصو حين كشف أن «هناك سيناريو مواجهة بات جاهزا لأي احتمال».
بالمقابل، تحدث مؤسس التيار السلفي في لبنان، داعي الإسلام الشهال عن «أخبار مؤكدة تفيد عن تدريب وتسليح حلفاء حزب الله وسوريا وإيران في طرابلس»، متوقعا أن «تصيب النظام السوري الهستيريا متى شعر بالضيق والخطر الشديد فيقوم بتفجير الوضع أينما حلا له». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذا الأمر لن يتم لأنّهم يعلمون تماما أنّهم إن أقدموا على خطوة جنونية مماثلة فسيكونون يغامرون فهم ضعفاء في هذه المرحلة مع ترنّح النظام السوري».
وعمّن سيتصدى لهؤلاء في حال قرروا إشعال المدينة، قال الشهال: «لا تدريبات أو عمليات تسليح في صفوفنا لأننا لا نمتلك أجندات خارجية كما يفعلون.. ولكننا إن شعرنا بخطر ما فسنستنفر حينها للمواجهة». وجدّد الشهال استنكاره «لانحياز عدد من ضباط الجيش اللبناني لفريق لبناني على حساب باقي الفرقاء»، معتبرا أن «قسما منهم لديه وفاء لمن هم خارج المؤسسة العسكرية»، وأضاف: «نوجّه النداء تلو النداء لقيادة الجيش لتكون حيادية وعلى مسافة واحدة من الجميع».
 
عون وبري وإنقاذ الأسد
عبد الرحمن الراشد
لا ألوم كل رفاق بشار الأسد وحلفائه وهم يبحثون عن مخرج له من أزمته الخطيرة، فقد أدركوا جميعا أن السيل الهادر في سوريا سيجرف النظام. نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني والحليف الدائم للأسد، دعا العاهل السعودي إلى مساعدة بشار الأسد قائلا إنه الوحيد القادر على إنقاذ الوضع في سوريا!.. وردد هذه الاستغاثة الجنرال المتقاعد ميشال عون، الذي ميز نفسه عن بقية القيادات اللبنانية بهجومه الصريح والمتكرر ضد سنة لبنان من دون أن يفرق بين الخلاف السياسي مع تيار المستقبل ومخاطر الإساءة لطائفة بأكملها.
لماذا هذه الاستفاقة المتأخرة، وكيف يمكن لأي كان أن يصحح أخطاء عشر سنوات ارتكبها الأسد واستكملت بثمانية أشهر مروعة من القتل والتنكيل والاستهزاء بكل النداءات المخلصة؟
بري وعون يعرفان جيدا كيف أن زعيمهما الأسد هو الذي أدار ظهره لكل النصائح المخلصة والمحاولات الصادقة من الرياض لدفع النظام السوري خارج طريق الشر، في لبنان والعلاقة مع إيران، وحتى داخل سوريا، لكن المكابرة أعمت أعين القيادة السورية التي تبنت سياسة الميليشيات والبلطجة بالاغتيال والتخويف والمفاخرة بالعلاقة مع طهران.
لا نعرف أحدا صبر وكظم غيظه مثل الملك عبد الله، حتى منذ ما قبل اغتيال الحريري، بمحاولات التوسط والمصالحة، ثم الأحداث العنيفة التي أتت على اغتيال قيادات لبنانية باستخدام حزب الله.
كان المشروع السعودي هو نقل نظام بشار داخليا من الفقر، ومساعدته على تطوير اقتصاده ودولته، وإخراجه من حلفه مع نظام طهران. إنما قاتل الله الجهل والغرور.
لا أدري كيف لأي كان أن يساعد النظام السوري اليوم في محنته الخطيرة.
في تصوري، بشار الأسد وحده قادر على إنقاذ بشار الأسد ونظامه. أولا، عليه أن يكف عن القتل والسجن. عليه أن يستيقظ وأن يصبح - ولو للحظة - واقعيا، فيدرك أن نظامه انتهى. لم يعد هناك مجال للتنظير والتحليل والتخطيط. العمل الجيد الوحيد الذي بقي له أن يفعله هو أن يدفن نظامه حتى يشفع له مستقبلا.. أن ينقل الحكم إلى نظام جديد، يقرر فيه السوريون من يختارون بأنفسهم وبترتيب وإشراف ورقابة دولية.. وبذلك يحمي بلاده من الانهيار، ويبعد الجماعات التي تريد استغلال انهيار الأسد لزرع الفوضى والحرب الأهلية مثل إيران، ويؤمن للأقليات المتهمة كل الحماية الضرورية من تبعات السقوط الخطيرة، وأخيرا قد يحظى هو نفسه بخروج آمن.
الذي أعنيه أن الفرصة الوحيدة المتبقية للأسد أن يكون شريكا في ترتيبات جنازة نظام الأسد. يستطيع أن يجعل الخاتمة بيده لا بيد خصومه والقوى الإقليمية والدولية. ولا أقولها سخرية أو شماتة بل أعنيها، فالخناق يضيق وسيضيق حتى ينهار كما انهار نظام القذافي، بل أسوأ، لأن الدمار سيكون أوسع وأكثر دموية. فإن قبل أن يكون طرفا في تسليم السلطة، بل والترتيب لها شكليا، هنا يمكن أن يجد تعاطفا خارجيا يسمح له بالهجرة إلى موسكو أو طهران، ويفتح عيادته الطبية، المهنة التي يقول المفتي الحسون إنه طالما اشتاق إليها.
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,959,442

عدد الزوار: 7,652,196

المتواجدون الآن: 0