حمص «منكوبة».. والأمن يراوغ بـ«المهلة العربية» لمعاقبة سكانها

إخوان سوريا يقبلون تدخلا تركيا.. ومباحثات لتشكيل «لجنة اتصال»..المعارضون السوريون يتظاهرون اليوم في «جمعة طرد السفراء»

تاريخ الإضافة السبت 19 تشرين الثاني 2011 - 5:31 ص    عدد الزيارات 2613    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

إخوان سوريا يقبلون تدخلا تركيا.. ومباحثات لتشكيل «لجنة اتصال»
واشنطن: نرفض حديث روسيا عن حرب أهلية * ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تعد لقرار في مجلس الأمن.. وباريس تدرس حماية المدنيين * الصدر يؤيد الثوار ويطلب بقاء الأسد * استمرار القتل.. ومظاهرات اليوم في جمعة «طرد السفراء» * المغرب يسحب سفيره
باريس: ميشال أبو نجم لندن - بيروت: «الشرق الأوسط»
بدأت الأزمة السورية تسير على خطى الأزمة الليبية، مع بروز دعوات فرنسية لحماية المدنيين وإبداء انفتاحها لأي حل يضمن ذلك، في وقت بدأ فيه الحديث عن تشكيل «مجموعة اتصال» دولية لتنسيق السياسات تجاه سوريا على غرار ما حدث مع ليبيا.
وذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس، أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عرض خلال لقائه مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في لندن قبل يومين، إقامة «مجموعة اتصال» لتنسيق السياسات الغربية والعربية تجاه الأزمة في سوريا. وإزاء الدعوات لإقامة منطقة عازلة على الحدود السورية - التركية لتوفير الحماية للمدنيين السوريين، بدت باريس أمس «منفتحة»، إذ قالت الخارجية الفرنسية إن «كل التدابير الآيلة إلى توفير الحماية للمدنيين جديرة أن تدرس بعناية».
إلى ذلك، قال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، المحظورة في سوريا، محمد رياض شقفة في مؤتمر صحافي بإسطنبول أمس، إن الشعب السوري سيقبل تدخلا عسكريا تركيا، لحمايته من قوات أمن الرئيس السوري بشار الأسد. وجاء ذلك في وقت قالت فيه دول أوروبية عدة، أمس، إنها حصلت على دعم عربي كبير للعمل على استصدار قرار من الأمم المتحدة يدين انتهاكات سوريا لحقوق الإنسان. وقال مسؤولون ألمان إن دبلوماسيين من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، سيتقدمون بمشروع قرار في اجتماع جمعية حقوق الإنسان بالمنظمة الدولية للتصويت عليه الثلاثاء المقبل.  من جهة اخرى رفضت الولايات المتحدة الحديث عن بداية حرب أهلية في سوريا الأمر الذي صرح به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس. وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن تصريحات لافروف التي اتهمت المعارضة السورية بجر البلاد إلى «حرب أهلية» هي نتيجة «تقييم خاطئ».
وفي سوريا، أكد ناشطون ومصادر في المعارضة السورية سقوط 12 قتيلا على الأقل أمس، بينهم طفل في الثامنة من عمره، عشية التداعي لمظاهرات في جمعة «طرد السفراء» السوريين من عواصم العالم.
من جهته اعلن مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري في العراق أمس تاييده لثوار سوريا لكنه دعاهم الى ابقاء الرئيس الاسد, محذرا في بيان مما سماه فراغ السلطة في سوريا. من جهة اخرى قرر المغرب أمس سحب سفيره من سوريا احتجاجا على الاعتداءات التي تعرضت لها السفارة المغربية في دمشق.
دمشق تدرس اقتراح إرسال مراقبين.. ومقتل 12 شخصا في عمليات عسكرية
شريط مصور يوضح حفر خنادق في محيط مدينة حمص
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
أكد ناشطون ومصادر في المعارضة السورية سقوط 12 قتيلا على الأقل أمس، بينهم طفل في الثامنة من عمره، في وقت شن فيه منشقون عن الجيش السوري هجوما على مقر منظمة شبيبة الثورة في مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب، بعد يوم من هجوم مماثل شنه ما يسمى «الجيش السوري الحر» على مقر المخابرات الجوية، في منطقة «حرستا» في محافظة «ريف دمشق»، في وقت مبكر من فجر الأربعاء. وشنت قوات الأمن السورية حملة اعتقالات أمس، شملت العشرات من سكان حرستا، في أعقاب الهجوم على مقر المخابرات الجوية. وقالت لجان التنسيق المحلية للثورة السورية إن 12 قتيلا سقطوا أمس، بينهم أربعة من العناصر المنشقة عن الجيش، قتلوا في معارك بالقرب من مدينة حماه، بالإضافة إلى مقتل ثمانية مدنيين برصاص قوات الأمن، من بين هؤلاء القتلى ثلاثة في إدلب، واثنان في حمص، واثنان أحدهما طفل في الثامنة من عمره، في دير الزور، بالإضافة إلى قتيل واحد في حماه.
وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان الجامعة العربية بعد اجتماعها في الرباط، إمهال سوريا ثلاثة أيام للرد على طلب إرسال مراقبين من الجامعة العربية إلى دمشق، والذي قال السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى إنه «قيد الدراسة»، مشيرا إلى أن حكومته تنظر إلى الأمور «بتجرد». وقال «ما فيه مصلحة لسوريا ننظر إليه بعين إيجابية». أما ما سماه «عمليات الاستفزاز» فينظر إليها «على أنها استكمال للهجوم الأميركي - الإسرائيلي على سوريا». وجزم مصطفى بعدم فك الارتباط بين النظام السوري وإيران، وفي حديث لقناة «المنار» اللبنانية التابعة لحزب الله قال مصطفى «لطالما كان المطلوب هو فصل العلاقة بين سوريا والمقاومة وإيران، وهذا لم يحصل، ولن نضحي بعلاقتنا مع الأطراف الشريفة في المنطقة». كما هاجم مصطفى دولة قطر ووصفها بأنها «ليست إلا أداة، وهي رأس الحربة في المخطط، ولا نريد أن نعطيها أكبر من حجمها»، مؤكدا على قناعته بـ«أننا نعيش في الزمن العربي الرديء». وقال إنه شخصيا «مؤمن بأنها فترة انتكاسة لن تطول، والأمور ستعود إلى نصابها الصحيح».
وميدانيا، بث ناشطون مقطع فيديو يوضح قيام قوات الجيش السوري بحفر خنادق في محيط مدينة حمص، عند تحويلة طريق دمشق طرطوس، جرى تصويره يوم أول من أمس، وقالوا إن تلك الخنادق يمكن أن تكون لعدة أغراض، أحدها إخفاء الدبابات في حال وافق النظام السوري على دخول المراقبين، كما يمكن أن تكون لحماية الدبابات من هجمات «الجيش الحر». كما أكدت مصادر محلية في مدينة حمص أن قوات الجيش تقوم بحفر خنادق داخل المدينة لا سيما في محيط القلعة القريبة من حي باب السباع.
وقالت مصادر الجناح الإلكتروني في «الجيش السوري الحر»، إن «سرية كاملة من الجيش السوري انشقت يوم أمس في مدينة جسر الشغور في محافظة إدلب، وجرت اشتباكات عنيفة بين الجنود المنشقين وقوات الجيش والأمن والشبيحة، أسفرت عن سقوط عدد كبير من قوات النظام». وفي معرة النعمان، أكدت مصادر في «الجيش الحر» أنه تدخل في مدينة معرة النعمان في إدلب يوم أمس لحماية المدنيين، حيث قام بمهاجمة مقر فرع شبيبة الثورة التابعة للحزب الحاكم والذي تتمركز فيه قوات الأمن والجيش، وسمعت أصوات انفجارات وإطلاق رصاص في المدينة.
كما أعلنت كتيبة «الشهيد أحمد خلف» المنشقة، حصول اشتباك مع قوات الأمن في مدينة صيدا في محافظة درعا، وأن نحو 15 عنصر من الأمن قتلوا منهم وجرح عدد آخر. كما قالت الكتيبة إنها قامت بتأمين مجموعة من المنشقين الذين انضموا إلى الكتيبة. وفي مدينة درعا قالت مصادر محلية إن قوات الأمن قامت بتخريب أكثر من 25 محلا ونهب محتوياتها، ردا على مشاركة أصحابها في الإضراب العام. من جانب آخر، قامت قوات الأمن بفرض حصار على المدارس لمنع خروج أي مظاهرات مع انتشار كثيف للقوى الأمنية والشبيحة لمراقبة خروج الطلاب من المدارس بشكل تدريجي لمنع أي تجمع لهم.
وفي ريف دمشق، قال ناشطون إن الوضع متوتر هناك. وفي مدينة عربين استمر انقطاع الاتصالات الجوالة والأرضية والإنترنت عن المدينة منذ يومين لمرات متعددة ولمدد متفاوتة تصل إلى 8 ساعات أحيانا. وكانت عربين قد شهدت انفجارات منذ يومين بين منتصف الليل والفجر، ولا تزال قوات الأمن والجيش تنتشر في المدينة واضعة عددا كبيرا من الحواجز. وفي مدينة كفر بطنا سمعت بعد ظهر يوم أمس أصوات انفجارات عنيفة هزت المنطقة، وأضواء قوية في سمائها.
وفي مدينة حمص، قالت مصادر محلية إن قوات الأمن في حاجز دوار القاهرة ألقت قنبلة مسمارية باتجاه حي الخالدية، أسفرت عن سقوط عدد من الجرحى، وتم منع سيارات الهلال الأحمر من دخول الحي، وتم استهداف سيارة تابعة له. كما قامت قوات الأمن والجيش باقتحام المنطقة الصناعية على طريق حمص حماه، وجرت عمليات مداهمة وتفتيش لكل المحلات هناك بحثا عن مطلوبين وسيارات مصابة بطلقات نارية، وترافقت الحملة التي استمرت ثلاث ساعات بعد ظهر يوم أمس مع إطلاق نار كثيف.
وقال ناشطون إن تعزيزات عسكرية جديدة وصلت أمس إلى منطقة الحولة، وتمركزت في مؤسسة المياه في بلدة تلدو التي تحولت إلى ثكنة عسكرية، وتضمنت التعزيزات مدرعتين و7 دبابات و100 جندي يرتدون لباس الشرطة العسكرية وعددا من ناقلات الجند مع 9 سيارات «بيك أب» مثبت عليها رشاشات 500. وفي مدينة دير الزور، قال ناشطون إن شبيحة الأمن العسكري صدموا شابا عند مدرسة حسان العطرة في حي القصور، وبعد سقوطه على الأرض نزلوا من السيارة وانهالوا عليه بالضرب، وعند تجمع الأهالي لتخليص الشاب قامت قوات الأمن بإطلاق النار عليهم. كما أعلن في دير الزور عن استشهاد هشام بدري الأحمد في حي الجورة.
وفي محافظة الحسكة، قامت قوات الأمن مدعومة بالشبيحة بمداهمة قرية جرنك القريبة من مدينة القامشلي بأكثر من عشرين سيارة، وقد دهس ثلاثة أطفال، اثنان منهم في حالة خطرة، واعتقال العشرات. وقالت مصادر محلية في القامشلي إن 10 دبابات و5 قطع مدفعية ثقيلة تمركزت على طريق حلب القامشلي في منطقة عين عيسى. وفي السويداء، قام شباب صباح أمس بصبغ صورة للرئيس موجودة أمام نقابة الأطباء في السويداء باللون الأحمر رمزا للدم السوري المراق على أيدي قوات الأمن وتضامنا مع أطباء سوريا الأحرار. وتشهد مدينة السويداء حيث تتركز الطائفة الدرزية تشديدا أمنيا كبيرا لمنع انضمامها إلى الحركة الاحتجاجية بقوة، كما تجري ملاحقة الناشطين من أبناء محافظة السويداء من الدروز واعتقالهم وتعريضهم لأشد أنواع التعذيب والإهانات.
المعارضون السوريون يتظاهرون اليوم في «جمعة طرد السفراء»
العبدة لـ «الشرق الأوسط»: السفارات السورية تحولت لأوكار أمنية لاختطاف المعارضين
بيروت: بولا أسطيح
مواكبة لمواقف جامعة الدول العربية الأخيرة التي أوصت من القاهرة بسحب السفراء العرب من دمشق، وسعيا للانتقال للمرحلة التطبيقية في ما يخص فرض عقوبات دبلوماسية على سوريا، دعت المعارضة السورية والمجلس الوطني السوريين للخروج اليوم في مظاهرات لدعوة الدول إلى طرد السفراء السوريين منها للمساهمة أكثر فأكثر في عزل النظام السوري عربيا ودوليا.
واعتبر عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني أنس العبدة أن «السفارات السورية لدى كثير من الدول تحولت (أوكارا أمنية) للتجسس على الناشطين وممارسة ضغوط عليهم من خلال أهاليهم الموجودين في الداخل السوري» لافتا إلى أنه «تم توثيق 115 حالة في هذا السياق في لندن». وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، أشار العبدة إلى أن «السفارة السورية في بيروت تنظم عمليات اختطاف للمعارضين السوريين من خلال سيارات دبلوماسية وبالتنسيق مع جهات محددة محسوبة على النظام السوري كحزب الله وغيره»، كاشفا أنه «يتم استخدام منظمات فلسطينية محسوبة على سوريا لتنفيذ هذه العمليات».
وقال: «السفارات السورية تمارس دورا في غاية السلبية، وبالتالي، فإن طرد السفير سيقلص من العمل الدبلوماسي لهذه السفارات»، معتبرا أن «طرد السفراء السوريين وسحب السفراء من دمشق حد أدنى وأقل ما هو متوقع ومطلوب من الدول العربية المدعوة لتطبيق القرارات التي اتخذتها في إطار جامعة الدول العربية».
وإذ أثنى العبدة على تسمية اليوم «جمعة طرد السفراء»، معتبرا أنها جاءت في وقتها تماما، لفت إلى أنها «موجهة مباشرة لجامعة الدول العربية لتفعيل قراراتها، خاصة للدول العربية التي كانت قد صوتت مع القرارات المتخذة»، وأضاف: «الدول العربية تعطي اليوم مهلة نهائية للنظام السوري على الرغم من أنه أثبت لها أكثر من مرة أنه غير جاد في تطبيق المبادرة العربية وفي حماية البعثات الدبلوماسية»، لافتا إلى «وجوب التركيز على العقوبات الدبلوماسية كونها تساهم أكثر فأكثر في عزل النظام عن المحيطين العربي والدولي». وقد تم اعتماد تسمية «طرد السفراء» تسمية رسمية لليوم الجمعة، بعد حصولها على أكبر عدد من أصوات المشاركين في عملية التصويت على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011». وقد فازت هذه التسمية وبفارق كبير في الأصوات عن باقي التسميات التي لم تلق ترحيب الناشطين، ومنها: «جمعة بداية النهاية» و«جمعة أيها العالم تخل عن السفاح»، و«جمعة الدولة المدنية»، و«جمعة لا تمهلوا القتلة»، و«جمعة فجر الانتصار».. وغيرها، مع الإشارة إلى أن التسميات لا تزال تخضع لعملية استفتاء شعبي بغض النظر عن أي قرار لقيادات المعارضة بهذا الشأن.
وقد رد الناشطون على قرار الجامعة العربية بإرسال مراقبين إلى سوريا بتذكيرها بأن هذا المطلب طرحته المعارضة وحتى خصصت تسمية خاصة به قبل شهرين ونصف. وقالوا: «نحيطكم علما بأننا قد طالبنا بإدخال مراقبين دوليين، لكن قبل شهرين ونصف، لكن طلبنا لم يلقَ آذانا صاغية في ذلك الوقت، ومنذ ذلك الحين وحتى اللحظة، سقط أكثر من 1286 شهيدا. فلماذا لا تستمعوا لمطالبنا منذ البداية؟ ولماذا احتاج الأمر إلى سقوط أكثر من 1286 شهيدا حتى تتحركوا؟!».
وفي حين اعترض كثيرون على التسمية المعتمدة، داعين لتسميات تواكب التطورات، شدد أحد الناشطين على «فيس بوك» في الصفحة الخاصة بـ«الثورة السورية»، على وجوب تخصيص تسمية لـ«الجيش الحر»، «لإعطاء شرعية شعبية له وعدم تصويره من قبل الإعلام الدولي على أن عناصره عبارة عن مسلحين أو مخربين هدفهم الإرهاب».
إجراءات أمنية مشددة في ريف دمشق بعد عملية حرستا
ناشط لـ «الشرق الأوسط»: النظام لا يمكنه السيطرة على المدينة
بيروت: «الشرق الأوسط»
تزايدت بشكل كبير الإجراءات العسكرية في معظم مناطق ريف دمشق بعد العملية النوعية التي نفذها الجيش السوري الحر في منطقة حرستا التابعة لمحافظة ريف دمشق، حيث استهدفت قواته مجمعا كبيرا للمخابرات الجوية، واشتبكت مع عناصر الحراسة موقعة قتلى وجرحى. فتمت إضافة حواجز أمنية، وشدد الحصار على مدن كثيرة تعاني منذ أشهر من انتشار الدبابات في شوارعها.
وقامت عناصر الجيش والأمن الموالية للأسد، وفقا لناشط ميداني يقيم في المدينة بتطويق معظم المقار الأمنية المنتشرة في المحافظة، خشية تعرضها لهجوم مماثل من قبل عناصر الجيش السوري الحر الذين يوجدون بكثرة في مدن ريف دمشق.
وأشار الناشط المعارض لـ«الشرق الأوسط» إلى أن اشتباكات عنيفة وقعت يوم أمس بين عناصر منشقين رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين والقوات النظامية الموالية للأسد، وقال: «الاشتباكات تحدث بشكل متقطع في معظم مدن ريف دمشق، لكنها تركزت منذ يوم أمس في محيط مدينة دوما التي تعد بؤرة حامية للاحتجاجات ضد نظام الأسد». كما يؤكد الناشط الذي تربطه علاقة تنسيق جيدة مع الكثير من عناصر الجيش السوري الحر الموجودين في المدينة «أن الجيش المنشق سيواصل عملياته ضد مراكز أجهزة الأمن التابعة للأسد، طالما أن القمع مستمر والاعتقالات والتعذيب في تزايد».
المدينة التي تحيط العاصمة السورية دمشق بشكل دائري من جميع الجهات، وتبلغ مساحتها نحو 18.018 كيلومتر مربع، ليست المرة الأولى التي تشهد اشتباكات عسكرية. فقد كانت قد تعرضت الشهر الماضي لحملة أمنية عنيفة من قبل قوات الأمن والجيش الموالين للأسد بهدف البحث عن جنود منشقين رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين وانضموا إليهم. فعاشت مناطق سقبا وحمورية وكفربطنا وجسرين ومديرة ومسرابا وشرق حرستا ودوما وعربين والكسوة وفقا لناشطين معارضين أياما صعبة، حيث انتشر القناصة على أسطح الأبنية وتم تثبيت الرشاشات الثقيلة على سيارات الجيش والأمن، فيما منع الأهالي والموظفون والطلاب من الخروج إلى أعمالهم ومدارسهم وسط عملية تمشيط كاملة للأراضي والبيوت واعتقالات عشوائية طالت عشرات الشبان من أهالي هذه المناطق.
وعن هذه الحملة الشرسة التي تعرضت لها المدينة، يقول الناشط المعارض «إن أكثر من 40 ألف عنصر من الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري تتبع للنظام الحاكم هاجموا ريف دمشق واشتبكوا مع الجيش السوري الحر في عدة مناطق من الغوطة الشرقية، وسط حملة اعتقالات عشوائية طالت عوائل بأكملها ومداهمة مزارع وبيوت وإغلاق كامل للمحال التجارية وحرق للممتلكات وإرهاب للنساء والأطفال مع قطع كامل للاتصالات عن المناطق المحاصرة». وأضاف «تخلل العملية العسكرية حدوث انشقاق كبير بين الجيش والأمن بمدينة عربين بريف دمشق وفي مدن أخرى تتبع للمحافظة، وجرت اشتباكات شديدة بين الطرفين».
ويقول أحد منظمي مظاهرات ريف دمشق «إن المدينة تعاني من انخفاض الزخم الاحتجاجي بعد الضربة العسكرية الشرسة التي تعرضت لها على يد عصابات الأسد إضافة إلى العدد الهائل من الشباب الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم داخل سجون الأسد، جاءت عملية الجيش السوري الحر لتعيد الثقة والأمل للمتظاهرين الممنوعين من الخروج في أي مظاهرة بسبب الحصار العسكري المفروض على معظم مناطق المحافظة». وأضاف: «النظام السوري لا يمكنه السيطرة على مناطق مدينة ريف دمشق، السكان هنا تربطهم علاقات قرابة فإذا استشهد أحد المتظاهرين في مدينة ما، من المحافظة، سيخرج جميع الأهالي للتظاهر انتقاما له»، كما أشار الناشط المعارض إلى أن «الحملات العسكرية التي تشنها آلة الحرب التابعة لنظام الأسد كانت تخفف من وتيرة الاحتجاجات الشعبية، لكن من الآن وصاعدا سيتم الرد على أي حملة اعتقالات أو اقتحامات تقوم بها ميليشيات الأسد بعملية مضادة من قبل الجيش السوري الحر، هذا الأمر سيحدث توازنا على الأرض وسيسمح بخروج المظاهرات من جديد، فالناس في ريف دمشق مصرون على إسقاط نظام الأسد، مهما كلف الأمر من تضحيات مادية وبشرية»، حسب الناشط السوري.
وقد كان ضباط منشقون عن الجيش السوري الموالي للأسد أعلنوا عن تشكيل الجيش السوري الحر، الذي يضم جنودا رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين في التاسع والعشرين من شهر يوليو (تموز) الماضي، مؤكدين في بيانهم التأسيسي أنه «سيتمّ التعامل مع قوات الأمن التي تقوم بقتل المدنيين ومحاصرة المدن على أنها أهداف مشروعة حيث سيقومون باستهدافها في جميع أنحاء الأراضي السورية من دون استثناء». ويطالب الكثير من الناشطين السوريين المجلس الوطني السوري المعارض برئاسة برهان غليون بفتح قنوات تنسيق مع الجيش السوري الحر والاعتماد عليه في المرحلة المقبلة.
ناطق باسم «العمال الكردستاني» لـ «الشرق الأوسط»: لسنا مستعدين لحمل السلاح دفاعا عن النظام السوري
مبددا مخاوف تركيا من استخدامهم ورقة ضغط ضدها
أربيل: شيرزاد شيخاني
أكد مسؤول في المكتب الإعلامي لحزب العمال الكردستاني أن «الحزب ليس أداة بيد أي دولة في العالم حتى يحمل السلاح من أجلها، وهو حزب يتمتع باستقلالية كاملة في قراراته، وولاؤه الوحيد هو للشعب الكردي، ويسعى من خلال نضاله الدؤوب إلى تحقيق مطالب شعبه القومية، ولذلك، فإن سلاحه هو للدفاع عن قضيته القومية المشروعة، وليس للتأجير دفاعا عن الأنظمة القمعية والاستبدادية مثل النظام السوري بقيادة بشار الأسد».
وجاء ذلك، ردا من قيادة حزب العمال الكردستاني على المخاوف التي تثيرها تركيا منذ فترة بعد أن دخلت بقوة إلى خضم الأحداث السورية وتقوم بلعب دور كبير في توجيه مساراتها، حول احتمال قيام نظام الرئيس السوري بشار الأسد باستخدام ورقة حزب العمال الكردستاني ضد تركيا في حال تطورت الأحداث في المنطقة إلى ما لا يرضيه.
ففي اتصال مع كاروان آزادي الناطق الإعلامي باسم حزب العمال الكردستاني الذي يتخذ من جبال قنديل مقرا لقيادته، مع «الشرق الأوسط» بدد المخاوف التركية، وأكد أنه «ليس لها أساس من الصحة مطلقا، وهي لا تتجاوز محاولة أخرى من القيادة التركية لرمي التهم جزافا على حزبنا، الذي يناضل من أجل قضية شعب مظلوم ومقموع داخل تركيا، ولا علاقة له بما تتعرض له الأنظمة الديكتاتورية والاستبدادية في المنطقة».
ونفى المتحدث نفيا قاطعا استعداد حزبه لحمل السلاح دفاعا عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقال: «لن ندافع عن هذا النظام الدموي المستبد تحت أي ظرف كان، ونضم صوتنا إلى بقية الأصوات الآتية من أنحاء العالم التي تدعو النظام السوري إلى التوقف عن قتل المدنيين والتخلي عن أساليب القمع والعنف، وأن يفتح الطريق أمام الشعب للتعبير عن إرادته الحرة بطريقة سلمية».
وأضاف: «ما عدا موقف الحزب المعلن مرارا وهو دعم النضال الشعبي في أي مكان بالعالم للتعبير عن الإرادة الحرة للشعوب وتطلعها إلى الديمقراطية والسلام، لا يعنينا مصير الأنظمة الديكتاتورية القمعية في المنطقة». وأضاف: «كان أردوغان رئيس وزراء تركيا يرتبط إلى فترة قريبة بصداقة حميمة مع الرئيس السوري بشار الأسد، وكان التعاون الثنائي بين البلدين على أعلى المستويات في جميع مجالاته، وهناك العشرات من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تربط البلدين، بما يدلل على عمق العلاقة بينهما، وقام نظام بشار الأسد وخلال سنوات طويلة باعتقال العشرات من أعضاء ومؤيدي حزب العمال الكردستاني وسلمهم إلى يد السلطات التركية، وكانت هناك اتفاقات أمنية وتفاهمات عديدة بين البلدين بالسعي نحو القضاء المبرم على حزبنا، أضف إلى كل ذلك، أن شعبنا الكردي داخل سوريا قد عانى مثل بقية المكونات السورية الأخرى من ممارسات النظام البعثي الديكتاتوري القمعي الذي اعتقل وسجن الآلاف من أنصارنا وأعضاء حزبنا في مختلف مراحل نضاله القومي، واستشهد كثيرون منهم تحت تعذيب أجهزة الأمن السورية المقيتة، فكيف يمكن وهذا النظام يتجه نحو السقوط الحتمي أن نحمل السلاح دفاعا عنه؟».
وتابع يقول: «هذه ليست من أخلاقيات حزب يناضل من أجل قضية قومية مشروعة تقرها المواثيق والقوانين الدولية. نحن لسنا عصابات مأجورة حتى نستخدم سلاحنا للدفاع عن الأنظمة الديكتاتورية المستبدة التي تمعن في قتل شعوبها، وبذلك، فإن الاتهامات التركية ضدنا لا أساس لها من الصحة مطلقا ولا معنى لها تماما».
مراقب الإخوان المسلمين: نقبل تدخلا عسكريا تركيا لحماية المدنيين في سوريا
دعا المجتمع الدولي لعزل النظام السوري عبر طرد سفرائه
لندن: «الشرق الأوسط»
قال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في سوريا محمد رياض شقفة أمس، إن الشعب السوري سيقبل تدخلا عسكريا تركيا، وليس غربيا، لحمايته من قوات أمن الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال شقفة الذي يعيش في المنفى بالسعودية، في مؤتمر صحافي بإسطنبول، بحسب وكالة «رويترز»، إن المجتمع الدولي يجب أن يعزل حكومة الأسد لتشجيع الناس على المضي في سعيهم لإنهاء أكثر من أربعة عقود من حكم عائلة الأسد.
وذكر شقفة أنه إذا رفض نظام الأسد وقف قمعه العنيف، فإنه يمكن الدعوة لتدخل عسكري أجنبي ويفضل أن يكون تركيا لحماية الشعب السوري. وقال شقفة: «لو أن المجتمع الدولي عزل هذا النظام.. لو أنه سحب السفراء وطرد سفراء النظام، سيشعر أنه معزول من كل العالم ثم يتكفل الشعب السوري بإكمال الطريق لإسقاط النظام.. هذا هو المطلوب»، وأضاف: «إذا كان المجتمع الدولي يتلكأ في ذلك، فالمطلوب من الدولة التركية كجارة أكثر من الدول الأخرى أن تكون أكثر جدية في معالجة ذلك إذا اضطرت، نتيجة تعنت النظام، إلى حماية جوية.. فالشعب يقبل التدخل التركي ولا يريد تدخلا غربيا».
وذكر شقفة أن أعضاء مجلس المعارضة سيجتمعون مع مسؤولين بريطانيين قريبا. وقال: «خلال أيام سيلتقي وفد من المجلس الوطني السوري برئيس وزراء بريطانيا.. الآن الأمور تتقدم. أبلغونا أنهم سيعترفون قريبا بالمجلس الوطني السوري كممثل للمعارضة السورية وللشعب السوري». وعبر شقفة عن إعجابه بالتقدم الذي أحرزته الديمقراطية التركية منذ أن شق حزب العدالة والتنمية طريقه إلى السلطة قبل أكثر من عشر سنوات بعد أن حقق فوزا ساحقا في الانتخابات. وقال إن جماعة الإخوان المسلمين لن تسعى لفرض دولة دينية في سوريا إذا شاركوا في أي حكومة. وقال: «نحن وشعبنا معجبون بالتجربة التركية. إذا وصلنا إلى الحكم، لن نقصي أحدا. سنتعامل مع الجميع وسننشئ قوانين.. تركز على الحرية والعدالة والمساواة». وأضاف: «هذه كلها مأخوذة من مبادئ الدين الإسلامي. نستفيد من تعاليم الدين الإسلامي لإنشاء القوانين وتحقيق الحرية، لكن ليست دولة دينية». وتشرف حكومة «العدالة والتنمية» التي جاء زعماؤها من حزب إسلامي محظور، على فترة من الرخاء الذي لم يسبق له مثيل في تركيا، وأدخلت كذلك إصلاحات قلصت احتمالات حدوث انقلابات عسكرية لازمت تركيا في الماضي، دون اتخاذ أي خطوة صريحة تقلص علمانية الدولة.
وكانت علاقات قوية تربط تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي بالأسد، لكن أنقرة أصبحت ترى أنه لا يمكن الوثوق بالحكومة السورية. ويتجاهل الأسد حتى الآن دعوات متكررة وجهها له رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لوقف العنف وتنفيذ إصلاحات سياسية عاجلة يطالب بها المحتجون.
وتفكر أنقرة في فرض عقوبات اقتصادية تستهدف حكومة الأسد دون أن تضر بالشعب السوري، وتعمل مع حكومات عربية لزيادة الضغط على دمشق لوقف الهجمات.
ولجأ الآلاف من السوريين وبينهم ضباط جيش دخلوا في صراع مسلح مع قوات الأسد، إلى تركيا، واجتمعت المعارضة السورية بانتظام في تركيا لتشكيل المجلس الوطني السوري. والمجلس الوطني السوري هو جماعة المعارضة الرئيسية ويضم شخصيات من المعارضين في المنفى ونشطاء وأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين. وبعد أن تعرضت بعثات دبلوماسية تركية لهجمات مطلع الأسبوع استضاف وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو ممثلين عن المعارضة السورية على مأدبة عشاء يوم الأحد الماضي.
ونفى مسؤولون أتراك مرارا تكهنات لوسائل إعلام بأن إحدى الخطط الطارئة التي يجري الترتيب لها هي فرض منطقة عازلة داخل الأراضي السورية لحماية المدنيين ولتسهيل الأمر على أفراد الجيش السوري حتى ينشقوا.
ونفى مسؤولون أتراك أمس تقريرا أوردته صحيفة «صباح» التي تعتبر مقربة من الحكومة، وجاء فيه أن ممثلين للمعارضة السورية طلبوا من تركيا وضع خطط لفرض منطقة حظر جوي لكيلومترات قليلة داخل الأراضي السورية وتوسيعها شيئا فشيئا لتضم مدينة حلب.
وقالت الصحيفة إن تركيا أخبرت المعارضة السورية بأنه يجب تنفيذ ثلاثة شروط؛ وهي أن تكون منطقة الحظر الجوي بتفويض من الأمم المتحدة وأن تبادر جامعة الدول العربية بدعم الأمر، وأن تلعب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دور الضامنين.
حمص «منكوبة».. والأمن يراوغ بـ«المهلة العربية» لمعاقبة سكانها
ناشطون لـ «الشرق الأوسط» : نقص كامل في مقومات العيش.. والقتل مستمر
طرابلس (شمال لبنان): صهيب أيوب
تعيش مدينة حمص السورية يومياتها بوتيرة «أسوأ» من ذي قبل، بحسب ناشطين ميدانيين التقت بهم «الشرق الأوسط» في مدينة طرابلس في شمال لبنان، معتبرين المبادرة العربية بمثابة «مهلة للنظام لإبادة سكان حمص وتجويعهم ومعاقبتهم»، مطالبين بـ«إغاثة سريعة لأهالي حمص». يؤكد الناشطون لـ«الشرق الأوسط» أن «وجود عناصر الأمن ازداد رغم كل ما أشيع من أن القوات الأمنية قد خرجت من الأحياء»، مشيرين في الوقت نفسه إلى «سياسة جديدة يتبعها نظام الأسد، حيث يقومون بإخفاء الدبابات في حفر كي لا يكتشفها خبراء اللجنة العربية المقبلون لمعاينة الوضع السوري، إضافة إلى قيام قوات الأمن بوضع غرف إسمنتية جاهزة توحي بأنها غرف تابعة لوزارات خدماتية، وهي في الأصل غرف تستخدم كحواجز أمنية لاعتقال الناشطين ولإرهاب الناس».
يوضح رامي أن «الأحياء في حمص لا تزال محاصرة ووضعها الإنساني في قمة السوء، حيث يتعرض السكان في أحياء باب السباع وباب عمرو والخالدية وباب الدريب لأبشع عمليات التصفيات والقتل والترهيب والقنص والتعذيب، وذلك لمعاقبتهم على صمودهم في وجه الحصار بكثير من العزيمة والإرادة». رامي الذي ذهب إلى سوريا لتجديد جواز سفره لكونه طالبا في جامعة لبنانية، لساعات حيث زار بعض المناطق في الوعر وباب عمرو وباب السباع والتقى بعائلته بعد شهور من عدم قدرته على رؤيتهم، يشير إلى «مشاهد بشعة ودمار كامل في الأحياء، حيث تحولت حمص إلى مدينة أشباح»، قائلا إنه عاد «والكآبة بادية على وجهه لهول ما رأى من دمار وخوف في عيون الناس المختبئين في بيوتهم خوفا من القتل والقنص من قوات الأمن والشبيحة التابعين للنظام»، مشددا على أن الوضع المعيشي للسكان «تعيس للغاية حيث تحولت البيوت إلى أماكن تأوي أشخاصا نصف أموات بسبب النقص الكبير في الطعام ومواد التغذية والماء وفقدان الغاز والمازوت وغياب التدفئة حيث البرد قارس في معظم أحياء حمص في هذه الفترة من الشتاء».
ويؤكد جاد الحر، كما يسمي نفسه، من حي الوعر في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «الحي يعيش حالة رعب مقلقة»، مشيرا إلى قيام قوات الأمن بـ«منع دخول الغاز والمازوت إلى سكانه، وهي حال معظم الأحياء في حمص المعاقبة من النظام لتمردها وعدم رضوخها لترهيبه»، موضحا أن «سعر قارورة الغاز ارتفع إلى 800 ليرة سورية للقارورة الواحدة بعد أن كان سعرها 250 ليرة مع بدل خدمة التوصيل»، مؤكدا أن «بلدة تابعة للنظام تدعى المزرعة تحتكر أسعار الغاز وتبيعه كما يحلو لها للأهالي الذين استبدلوا بالغاز الحطب».
من جهته، يؤكد ماجد (اسم مستعار) أن قوات الأمن تمطر حي باب السباع بالرصاص طوال الليل. كما يحاصر الحي بأعداد كبيرة من الدبابات إضافة إلى دبابات أخرى موجودة مسبقا عند الحواجز الثابتة. وأشار ماجد إلى أنه سمع صباح أمس إطلاق نار في حي الوعر وسمع تحليق طيران لم يتم تحديد نوعه، كما استمر القصف على حي باب عمرو، وسمعت أصوات الرصاص من الأحياء المجاورة، واستمر دخول التعزيزات إلى حمص حيث شوهدت أكثر من ثلاثين دبابة تدخل المدينة. وأكد أنه تم استقدام أكثر من عشرين حافلة وعدد من ناقلات الجند شوهدت آتية من دمشق باتجاه حمص. واستمرت قوات الأمن والجيش بحفر حفر كبيرة عند مدخل حمص الغربي باتجاه الجنوب. ويستمر في فترة المساء إطلاق الرصاص في أغلب مناطق حمص، ويحاصر حي كرم الزيتون بعدد من الحافلات التابعة للأمن والشبيحة. وتتمركز أعداد من الآليات اللافتة للنظر على غير العدد المعتاد في محيط حي دير بعلبة ويعتقد أنها ستداهم الحي ليلا حيث فتحت النار على سكانه عشوائيا.
ولفت ناشط آخر إلى أن «الرستن قضت ليلة كاملة على أصوات الانفجارات وإطلاق الرصاص مما جعلها مدينة خالية. وفرض فيها حظر للتجوال من الساعة 5 عصرا، وترافق ذلك مع عمليات تمشيط للحي (الفوقاني) وعمليات اعتقال طالت العديد من الشباب». وأشار إلى أن الرستن «تغفو على أصوات الرصاص لتنتفض بلدة (القريتين) القريبة منها من أجل مساندتها، حيث خرجت صباح أمس مظاهرة طلابية من أحرار وحرائر»، مؤكدا أن «الحصار لا يزال مستمرا على أغلب قرى حمص والتفتيش يتطور على حواجزها لسرقة الناس ومحتوياتهم»، وأوضح أن «الكهرباء والاتصالات مقطوعة عن قرى شمال حمص من دير بعلبة إلى تلبيسة، التي سمع فيها إطلاق نار حيث يعتقد أن حملة مداهمات كثيفة قد تحصل فيها ليلا».
وأكد الناشط أنه «بعد خروج مظاهرات صباح أمس في جامعة القلمون، دخلت قطعان الشبيحة إلى الجامعة واقتحمت الكليات والمباني الدراسية، كما اقتحمت الوحدات السكنية بما فيها سكن الطالبات، وقد تم اعتقال عدد من الطلاب وضربهم وشتمهم بأبشع الشتائم، وإلى الآن الاعتقالات لا تزال مستمرة».
وقد روى أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط» قصة أحد الموقوفين حيث قال «إن الموقوف سأله عنصر الأمن: ما اسمك؟ فأجاب، فقام العنصر بضربه وركله ثم سانده أكثر من خمسة عناصر آخرين حتى فقد الوعي ليجد نفسه في أحد أقبية الأمن العفنة. هناك ضرب من غير أن يسأل عشرة أيام، ثم علق على أحد الأبواب من يده يومين كاملين من بعدها ثم نادى عليه (اخرج أنت لست مطلوبا لفرعنا)».
إلى ذلك، أصدر «مجلس الثورة في حمص» بيانا أكد فيه أن «حمص ذاقت من المآسي ألوانا مختلفة، وعاشت ولا تزال أياما عصيبة يندى لها جبين كل إنسان على وجه هذا العالم. اقتحمت أحياؤها وهدمت محلاتها وبيوتها واعتقل أبناؤها، حتى لم يبق بيت في حمص إلا وفيه جريح أو معتقل أو شهيد. حتى من خرج أهله خارج سوريا وتركوه فلم يسلم أهله من أن تنهب محتوياتهم وتسرق أموالهم». وأضاف البيان: «لقد قدمت حمص ما يقارب الألف وخمسمائة شهيد ومثلهم من المفقودين وثلاثة أضعافهم من المعتقلين في سجون النظام تحت التعذيب مهددين بالموت، واليوم يدفع النظام بالمزيد من التعزيزات الأمنية وتعزيزات الجيش فوق التعزيزات التي خنقت أهل حمص واستنفدت كل ما لديهم من حرية، يدفع بتعزيزات من الجيش الذي دفعنا لتمويله قوت أبنائنا وتخلينا عن حقوق كثيرة مقابل تمويله لحمايتنا من غدر الزمن وتحرير أرضنا المسلوبة في الجولان الحبيب». وأشار المجلس في البيان إلى أنه «في حمص اليوم نخشى على أنفسنا من بطش هذا النظام بعدما خبرنا من تجبره وعدوانيته. وبعد أن رأينا بأم أعيننا ما نقل للعالم جزء منه عبر ما نقلناه من صور وما خفي أعظم، والجالس تحت قصف النظام ورصاصه وعذابه ليس كمن يشاهد. اليوم يعاقب النظام الناس بمختلف أنواع العقوبات المباشرة وغير المباشرة، حيث فقدان مواد المازوت والغاز وانقطاع أغلب اليوم للكهرباء في المناطق الثائرة، وحتى مياه الشرب لم تسلم من بطش النظام، حيث تقطع وقت الحصار». ووجه المجلس «نداء استغاثة إلى العالم بأسره بكل ألوانه، طامعين بقلوبهم الطيبة وضمائرهم السليمة، وبرابط الأخوة الذي يجمع كل إنسان بأخ له في جزء من هذا العالم، وكلنا أمل بأن تلبوا النداء».
الصدر يعلن تأييده للثورة السورية مع الدعوة إلى بقاء الأسد
دعا للتوجه لتحرير الجولان
بغداد: حمزة مصطفى
في الوقت الذي لا يزال فيه الجدل مستمرا بين الكتل والقوى السياسية في العراق حيال الموقف الذي اتخذته الحكومة العراقية من قرار الجامعة العربية بشأن الأحداث في سوريا، فقد حذر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس الخميس مما سماه فراغ السلطة في سوريا. وقال الصدر في بيان صدر عن مكتبه وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه وذلك في سياق إجابته عن سؤال لأحد أتباعه عن الأوضاع الراهنة في سوريا «أحبتي الثوار في سوريا الحبيبة والشقيقة والجارة كونوا على يقين بأني مؤمن كل الإيمان بقضيتكم فأنتم من لكم لا لغيركم تقرير المصير»، داعيا إياهم في الوقت نفسه إلى «الالتفات إلى بعض الأمور التي تجعل الفارق كبيرا بينكم وبين بقية الثورات العظيمة في تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن». وأضاف الصدر أن «من هذه الفوارق بعض أراضيكم ما زالت محتلة فعليكم تحريرها أو مطالبة الحكومة بتحريرها ولا بد من تحرير الجولان ونحن معكم». وأوضح البيان أن «جاركم العراق ما زال محتلا وزج سوريا في حروب أهلية لا يتورع عنها الكثيرون يعني صيرورة سوريا لقمة سائغة بفك الأميركي الغاشم». وأشار إلى أن «سوريا تضم فسيفساء رائعة من الكثير من العقائد والأديان والأعراق ليس مثلها مثل تونس أو ليبيا أو حتى مصر والبحرين، وبقاء فراغ السلطة خطر على سوريا لسقوطها في هاوية الإرهاب والتشرذم». وبشأن الموقف من الرئيس السوري بشار الأسد، قال الصدر إن «بشار الأسد ليس كمثل من سقط قبله أو سيسقط كونه معارضا للوجود الأميركي والإسرائيلي ومواقفه واضحة». وأكد تأييده للمظاهرات السورية قائلا «نؤيد مظاهراتكم لإبداء رأيكم لإزالة ما يقع عليكم من حيف من بعض المحسوبين على الحكومة أو غيرهم»، مستدركا بالقول «لكن هناك الجموع الغفيرة التي رأيها لصالح بقاء الحكومة وهذا يستدعي منكم كشعب أن تتحاوروا وتتركوا الصدام، وهذه نصيحة شخص قد جرب تلك الأمور في العراق».
وكانت الجامعة العربية قد أعلنت في الثاني عشر من الشهر الحالي تعليق عضوية سوريا في الجامعة حتى تنفيذ الخطة العربية لحل الأزمة، فضلا عن سحب السفراء العرب من دمشق، داعية أطراف المعارضة السورية إلى الاجتماع في مقرها خلال ثلاثة أيام للاتفاق على رؤية موحدة، في حين امتنع العراق عن التصويت على القرار وعارضه لبنان واليمن وسوريا. وفيما أعلن العراق امتناعه عن التصويت داخل مقر الجامعة العربية فإن ما صدر عن مجلس الوزراء العراقي بعد يومين من قرار الجامعة العربية يعد رفضا للقرار. وكان الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ قد أبلغ «الشرق الأوسط» أن «بغداد لن تتخذ خطوات تصعيدية ضد سوريا كما أن العراق لن يسحب سفيره من دمشق». وفيما اعتبر التحالف الوطني الذي يضم «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي والتيار الصدري والمجلس الأعلى الإسلامي أن الموقف العراقي كان ينبغي أن يذهب إلى أبعد من مجرد الامتناع بل رفض القرار، فإن كلا من التحالف الكردستاني الذي يضم الحزبين الكرديين الرئيسيين (الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني والديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني) والقائمة العراقية بزعامة إياد علاوي طالبا بأن يكون القرار العراقي منسجما مع الإجماع العربي في معاقبة سوريا. لكن وزير الخارجية العراقية هوشيار زيباري أكد من جانبه أن امتناع العراق عن التصويت على عزل سوريا لم يكن سهلا كما يتصوره البعض، مبينا أن الجامعة اتخذت للمرة الأولى سلسلة إجراءات عقابية ضد دولة مؤسسة فيها.
أشتون تدعو من موسكو إلى تنحي الأسد.. وروسيا ترحب بمراقبين وترفض التدخل الأجنبي
دول أوروبية تسعى لاستصدار قرار من الأمم المتحدة حول سوريا بعد حصولها على دعم عربي
موسكو: سامي عمارة لندن: «الشرق الأوسط»
قالت دول أوروبية عدة أمس إنها حصلت على دعم عربي كبير للعمل على استصدار قرار من الأمم المتحدة يدين انتهاكات الحكومة السورية لحقوق الإنسان. وقال مسؤولون ألمان إن دبلوماسيين من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، سيتقدمون بمشروع قرار في اجتماع جمعية حقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت عليه الثلاثاء المقبل. ويمكن أن يزيد استصدار القرار الضغوط لدفع مجلس الأمن الدولي إلى القيام بتحرك كامل بشأن الأزمة السورية.
من جهتها، ذكرت صحيفة الـ«غارديان» البريطانية، أمس، أن العاهل الأردني الملك عبد الله عرض خلال لقائه مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في لندن قبل يومين، إقامة «مجموعة اتصال» لتنسيق السياسات الغربية والعربية تجاه الأزمة في سوريا. وكانت روسيا والصين صوتتا الشهر الماضي ضد قرار من مجلس الأمن يدين حملة القمع التي تشنها قوات الرئيس السوري بشار الأسد والتي قالت الأمم المتحدة إنها تسببت حتى الآن في مقتل 3500 شخص.
وقال المتحدث باسم البعثة الألمانية إن سفراء كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا التقوا بالسفراء العرب في مقر الأمم المتحدة أول من أمس، بعد أن أمهلت الجامعة العربية الأسد ثلاثة أيام لإنهاء حملة القمع الدموية.
وأضاف المتحدث أن السفراء لقوا «دعما قويا لطرح مشروع قرار، حتى أن بعض الوفود العربية أعربت عن نيتها المشاركة في تقديم مشروع القرار». ولم يكشف عن أسماء تلك الدول، إلا أن دبلوماسيين آخرين قالوا إن الأردن والكويت وليبيا وقطر والمغرب والسعودية من أقوى المرشحين للمشاركة في تبني مشروع القرار.
وصرح سفير ألمانيا في الأمم المتحدة بيتر ويتغ بأن «العالم العربي بعث برسالة واضحة جدا وهي أن انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة يجب أن تتوقف وكذلك معاناة الشعب السوري». وأضاف: «نحن نقدر هذا الدعم العربي القوي لطرح قرار في الجمعية العامة ونأمل أن يظهر للأسد مدى عزلته». لكنه قال إنه لا يزال على مجلس الأمن أن يصدر إدانة للأسد. وتابع «لا يوجد لبس في هذا: لا بديل عن قيام المجلس بتحرك. ما زلنا نرى أن هناك ضرورة لكي يقوم المجلس بمسؤولياته ونتوقع من أعضاء المجلس أن لا يتجاهلوا الأصوات القوية الآتية من المنطقة بسهولة».
وبعد تصويت كل من روسيا والصين ضد قرار إدانة سوريا، قالت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة إنها ستسعى في الوقت المناسب للعودة إلى مجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 عضوا. وذكر دبلوماسي غربي أن القيام بعمل في الأمم المتحدة «سيتطلب الكثير من الجهد لتحقيقه، ولكننا لا نزال مصممين» على ذلك. وتعتبر الدول الأوروبية أن وجود دور عربي قوي مهم لدفع مجلس الأمن إلى التحرك. وكانت الصين وروسيا استخدمتا الفيتو على مشروع قرار إدانة سوريا في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) فيما امتنعت كل من البرازيل والهند وجنوب أفريقيا ولبنان عن التصويت.
ولا تزال روسيا والصين تصران على الدفاع عن النظام السوري، رغم تعبيرهما عن قلقهما من العنف المتزايد في سوريا. وتحاول بلدان أوروبية إقناع روسيا بتغيير موقفها من الأزمة السورية، وقد قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون في مؤتمر صحافي في موسكو أمس، بأنه حان الوقت لأن يتنحى الأسد من منصبه, ويتعين على العالم مواصلة الضغط على الحكومة السورية لوقف العنف. وأضافت اشتون بعد محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن «مستقبل سوريا يعتمد الآن على قدرتنا جميعا على مواصلة الضغط عليهم حتى يروا أن هناك حاجة لوقف هذا العنف والإنصات إلى الشعب وإيجاد سبيل للمضي قدما». وأضافت: «يحدوني أمل أن نقوم بخطوة مهمة في هذا الاتجاه خلال الأيام المقبلة». ولكن لافروف كرر معارضة روسيا للدعوات المطالبة بتنحي الأسد.
وفي ختام مباحثاته مع نظيره الهندي سامانهالي كريشنا في موسكو أمس، أعرب لافروف عن قلق بلاده تجاه تطورات الأحداث في سوريا فيما حذر من مغبة التدخل الأجنبي في شؤون البلدان الأخرى، مؤكدا يقين بلاده من أن نوايا التدخل الخارجي «عملية خطيرة وغير مثمرة». ودعا لافروف كل الأطراف السورية إلى وقف العنف، وإن لمح إلى إدانة ضمنية لقوى المعارضة، حيث أشار إلى أن الجهات الحكومية ليست المصدر الوحيد لأعمال العنف في سوريا، وأن هناك الكثير من الأسلحة التي يجري تهريبها من بلدان الجوار. وناشد الجامعة العربية توجيه رسالة إلى الأطراف المعنية هناك تطالبها بوقف العنف فيما وصف عمليات مهاجمة مقار المؤسسات الحكومية والرسمية بأنها أشبه بـ«الحرب الأهلية». وأعلن لافروف تأييد موسكو للتسوية السلمية والسياسية من خلال الحوار الوطني والبحث عن سبل المصالحة، مشيرا إلى أن مقر جامعة الدول العربية هو المكان الأمثل لإجراء هذا الحوار. وأضاف أن موسكو تؤيد فكرة إرسال الجامعة العربية لبعثة مراقبين محايدين إلى سوريا، مشيرا إلى ضرورة السماح لممثلي وسائل الإعلام الأجنبية بالعمل في حرية داخل الأراضي السورية. وكان الوزير الروسي التقى في موسكو وفد المجلس الوطني السوري لأول مرة منذ الإعلان عن تشكيله حيث خلص الجانبان إلى ضرورة بدء الحوار مع الحكومة السورية، وهو ما قبله الوفد السوري وإن أكد رفضه للحوار مع الرئيس الأسد بسبب عدم استعدادهم للجلوس إلى جانب «من قتل شعبه وأراق دماء الألوف من أبنائه»، على حد قول برهان غليون رئيس وفد المجلس الوطني السوري.
من جانبه أكد قسطنطين كوساتشوف، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما الروسي، في حديث خاص لقناة «روسيا اليوم» الناطقة بالإنجليزية، أن بعض الدول تنتهج نهجا خاطئا فيما يتعلق بسوريا، مشيرا إلى أنها تواصل رسائلها الخاطئة إلى الشعب السوري التي تدفعه فيها إلى الابتعاد عن إقامة الحوار للوصول إلى الحل.
المغرب يتهم السلطات السورية بتنظيم المظاهرات ضد السفارات ويقرر سحب سفيره من دمشق
أردوغان: سوريا لا تستأثر بالاهتمام الذي استأثرت به ليبيا لأنها لا تمتلك كميات كافية من النفط
طنجة: لحسن مقنع
اتهم المغرب السلطات السورية بتنظيم المظاهرات ضد السفارة المغربية في دمشق، وقال الطيب الفاسي الفهري وزير الخارجية المغربي، إن ما يزيد على 150 شخصا اقتحموا السفارة المغربية، وقال إن ما حدث «كان أمرا مدبرا».
وكانت الرباط أعلنت أن الملك محمد السادس قرر سحب السفير المغربي من سوريا «احتجاجا على الاعتداءات التي تعرضت لها السفارة المغربية وسفارات عربية وأجنبية من طرف متظاهرين موالين للنظام».
وقال الفاسي الفهري، خلال افتتاحه الليلة قبل الماضية، منتدى «ميدايز لبلدان الجنوب» في طنجة، إن العاهل المغربي قرر استدعاء سفيره في دمشق بسبب استمرار وتجدد الاعتداءات على السفارات العربية والأجنبية رغم الاعتذار الرسمي السوري. ووصف الفهري المظاهرات التي استهدفت سفارات الدول الأجنبية، في دمشق بأنها غير مقبولة، مشيرا إلى كونها مدبرة وغير عفوية.
وفي خضم حديثه عن الربيع العربي، فضل الفاسي الحديث عن فصول ربيع عربية بصيغة الجمع، نظرا لاختلاف الأوضاع والمسارات، كما نفى وجود تسلسل تفاعلي. وأشار إلى أن «توفر التعددية السياسية وشرعية السلطة والقدرة على الاستشراف والاستماع مكنت بعض البلدان العربية من تحقيق انتقال هادئ، فيما عرفت بلدان أخرى ثورات صاخبة. ففي تونس ومصر وسوريا واليمن، حيث عجزت السلطة عن تلقي رسائل شعوبها، وتطلعاتها المشروعة للعيش الكريم والعدالة الاجتماعية، واستمرت الأنظمة في الاعتقاد بأن الاستقرار هو عدم حدوث أي شيء، لم يكن من مخرج من الأزمة إلا بالثورة». وقال الفاسي الفهري «سمعنا الحديث عن مؤامرات أجنبية وعن مخاطر جهادية كذرائع لعدم التنازل». وأضاف أن «نظام بشار الأسد، كسابقيه، لا يريد الاستماع، لا للنداء الداخلي، ولا للمجهودات الخارجية، خاصة المجهودات التي بذلتها الجامعة العربية. فقد قدمنا في إطار الجامعة العربية، وفي سياق سعينا للمحافظة على مصداقيتها وتعزيز دورها في توقع وحل النزاعات، مخططا تم قبوله لكن لم ينفذ».
وأشار الفاسي الفهري إلى أن الأنظمة التي عجزت عن التجدد والتي لم تعط لشعوبها خيارا آخر غير خيار النظام نفسه لم تترك بديلا سوى الثورة. ودعا الفاسي الفهري إلى العمل على إنجاح هذه الثورات. وقال «على الرغم من بعض القلق سواء في الشمال أو الجنوب، ورغم اللون الذي يخرج من صناديق الاقتراع، علينا أن نناضل جميعا من أجل أن تنجلي الأزمة في هذه البلدان عن بلوغ الأهداف التي من أجلها قامت فيها الثورة». وأضاف الفاسي الفهري أن غضبة الشباب ليست مقتصرة على العالم العربي، مشيرا إلى استلهام احتجاجات الشباب في إسبانيا والبرتغال وأميركا لما حدث في ساحة التحرير بالقاهرة، وقال «هناك أيضا تذمر وغضب، وإحساس الشباب بأنهم لم يعودوا يجدون أنفسهم في الأحزاب الحكومية».
كما أشار الفاسي إلى استمرار المحنة الفلسطينية رغم الاستنكار العالمي لاستمرار الاعتداءات الإسرائيلية ورفضها الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وقال «لا يمكن أن نتحدث عن تشجيع الثورات التحررية لباقي الشعوب ونرفضها للشعب الفلسطيني المكافح».
وعبر الفاسي الفهري عن امتعاضه من الأوضاع الأفريقية، وقال إنه ليس فخورا بكون العائلة الأفريقية لم تواكب التحولات التي تعرفها المنطقة، خاصة في ليبيا التي نجحت فيها الثورة بفضل جهود الدول العربية والدعم التركي في مجلس الأمن، مؤكدا أنه لا يحصر العائلة الأفريقية في إطار الاتحاد الأفريقي وحده، وأشار إلى سقوط ساحل العاج في فخ الصراع بين المسيحيين والمسلمين، واستمرار الحرب والاقتتال في السودان رغم الانفصال. كما عبر عن قلق المغرب من توسع نفوذ «القاعدة في المغرب الإسلامي» وعصابات تهريب الكوكايين والمخدرات وتداخل مصالحهما في المنطقة الممتدة من موريتانيا على الساحل الأطلسي حتى البحر الأحمر شرقا. وجدد دعوة المغرب للتعاون الدولي من أجل مواجهة هذا الخطر الداهم. وقال «من دون سلام لا استقرار سواء في الشمال أو الجنوب». ودعا الاتحاد الأوروبي لإرساء أسس علاقة جديدة مع المنطقة.
ودعا أحمد داوود أوغلو وزير خارجية تركيا، الذي شارك في افتتاح منتدى ميدايز لبلدان الجنوب، إلى إقامة نظام عالمي ثقافي واقتصادي جديد، يقوم على قيم الإدماج والمشاركة. وقال إن الأنظمة العالمية المتعاقبة مند القرن السابع عشر كلها ارتبطت بالحروب، وتنظيم مؤتمرات وضعت أسسها. واستغرب أوغلو عدم تنظيم أي مؤتمر حول النظام العالمي الجديد مند سقوط الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة. وقال «إننا نسمع عن إصلاح الأمم المتحدة لكن أي شيء من هذا لم يحدث». وأشار إلى أن العالم لا يزال يسير من طرف مؤسسات تعكس ميزان القوى لمرحلة ما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وحول الربيع العربي قال أوغلو إن الثورات العربية قد تأخرت كثيرا إذ كان يجب أن تقع مباشرة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
أما مورغان تسفانجيراي، رئيس حكومة زيمبابوي، فيرى أن تحقيق الديمقراطية لن يكون سهلا في أفريقيا، خاصة بسبب عدم احترام نتائج الانتخابات وتشبث الزعامات التاريخية بالسلطة. وتحدث تسفانجيراي عن التاريخ المؤلم لأفريقيا خلال الفترة الاستعمارية، وكيف سيطرت زعامات حركات التحرر الوطني على السلطة وحولتها إلى شأن خاص.
من جهته، انتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس المجموعة الدولية التي لم تتصد بالحزم الكافي لقمع المعارضة في سوريا، مؤكدا أن ذلك ما كان ليحصل لو كانت سوريا تنتج مزيدا من النفط. وقال أردوغان في منتدى إقليمي في اسطنبول «يبدو أن سوريا لم تحصل من المجموعة الدولية على الاهتمام والحرص اللذين تستحقهما لأنها ليست غنية بالقدر الكافي بموارد الطاقة». وأكد أن سوريا لا تستأثر بالاهتمام الذي استأثرت به ليبيا «لأنها لا تمتلك كميات كافية من النفط»، واتهم القوى العظمى الدولية التي لم يسمها بإظهار «شهيتها» لليبيا، لكنها لزمت الصمت حيال «المجازر» في سوريا.
باريس: ندرس بعناية كل التدابير لحماية المدنيين السوريين
جوبيه يزور 4 عواصم خليجية بعد تركيا
باريس: ميشال أبو نجم
لم تعد تركيا التي وصلها مساء أمس المحطة الوحيدة لوزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في تنقله الراهن إذ أضاف إليها في اللحظات الأخيرة جولة موسعة على 4 بلدان خليجية هي تباعا: الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر والكويت بحيث تمتد الزيارة من 19 إلى 22 الحالي. وكما في تركيا، فإن جوبيه سيتناول في العواصم الأربع، بشكل أساسي، الملف السوري وتتماته بعد قرارات الجامعة العربية التي جددت باريس أمس، على لسان الناطق باسمها، دعمها لها.
وقال برنار فاليرو، الناطق باسم الخارجية الفرنسية، في المؤتمر الصحافي الإلكتروني أمس، إن باريس «تدعم وبشكل كامل ومنذ الأساس، جهود الجامعة العربية لوقف القمع في سوريا»، كما أنها «ترحب بحس المسؤولية» الذي برهنت عنه الجامعة في اجتماعها في الرباط و«تساند من غير تحفظ» القرارات التي اتخذتها.
وتراهن باريس على التغيرات المتوقعة التي ستفضي إليها قرارات الجامعة إن بشأن تجميد عضوية سوريا في صفوفها أو فرض عقوبات اقتصادية عليها أو إرسال مراقبين إلى أراضيها في مهلة لا تتجاور الـ72 ساعة في حال قبلت سوريا العرض العربي.
ووصف جوبيه في حديث إذاعي صباح أمس قرارات الجامعة بأنها تشكل «نقطة تحول» في مسار الأزمة السورية، وفي المواقف العربية منها، منوها بالتعاون القائم بين باريس والعواصم العربية في الأمم المتحدة لاستصدار قرار يدين سوريا بسبب استمرار القمع.
وإزاء الدعوات لإقامة منطقة عازلة على الحدود السورية - التركية لتوفير الحماية للمدنيين السوريين، بدت باريس أمس «منفتحة»، إذ قالت الخارجية إن «كل التدابير الآيلة إلى توفير الحماية للمدنيين السوريين ضحايا قمع النظام الهمجي منذ شهور جديرة أن تدرس بعناية»، مضيفة أن جوبيه «سيتدارس مع المسؤولين الأتراك كل السبل الممكنة للتحرك» لوضع حد لقمع السلطة في سوريا.
غير أن باريس لم تحزم بعد أمرها لجهة الاعتراف بالمجلس الوطني السوري الذي ترى فيه الممثل الأفضل للمعارضة وهي بذلك تلتزم الموقف نفسه الذي التزمت به الجامعة العربية وكذلك تركيا. وحتى الآن، ورغم تأكيدات باريس أنها «تدعم وتساند» المعارضة السورية، فإنها تضع «شروطها» للاعتراف بالمجلس المذكور وأولها أن يعمد المجلس إلى «تنظيم» صفوفه وإلى «بلورة برنامج حكم» وفق ما قاله الوزير الفرنسي لـ«الشرق الأوسط» في مقابلة سابقة.
وتربط مصادر سياسية واسعة الاطلاع بين امتناع باريس حتى الآن عن الاعتراف رسميا بالمعارضة وبين رغبتها في عدم قطع «شعرة معاوية» بينها وبين النظام السوري رغم استدعاء سفيرها في دمشق. وحتى الآن، لم تكشف الخارجية الفرنسية عن المهلة التي سيمضيها أريك شوفالييه في باريس وعما إذا كان سيعود إلى دمشق ومتى. غير أن وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن مسؤولين في الخارجية قولهم إن شوفالييه استدعي «للتشاور» وإن إقامته الباريسية «مؤقتة». وسبق للولايات المتحدة أن فعلت الشيء نفسه وبعد أن سحبت سفيرها «لدواع أمنية» أكدت أنه سيعود لمنصبه.
وسيكون الملف الإيراني على جدول مباحثات جوبيه في أنقرة وأبوظبي والرياض والدوحة والكويت بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية الذي يفصل البراهين التي تدل على «عسكرة» البرنامج النووي الإيراني. وفي هذا السياق، كشف مصدر فرنسي رسمي رفيع المستوى عن أن باريس «لا تريد إعادة ملف إيران إلى مجلس الأمن الدولي في الوقت الحاضر بسبب معارضة روسيا لأي قرار يفرض عقوبات جديدة على إيران»، وأن باريس «تفضل العمل في إطار الاتحاد الأوروبي وفي الإطار الثنائي» لتشديد العقوبات على طهران التي ترى فيها الوسيلة الأنجع لتفادي تفجر منطقة الخليج وربما ما هو أبعد منها إذا تم اللجوء إلى الخيار العسكري. وتحذر فرنسا من ضرب استقرار المنطقة وتهديد أمنها في حال عمدت إسرائيل، وحدها أو بدعم أميركي، إلى قصف المنشآت النووية الإيرانية.
وقالت مصدر رسمي فرنسي إن «ما هو متوافر في الوقت الحاضر لا يدفع إلى تقديم فرضية الضربة العسكرية عما كانت عليه قبل أشهر». غير أن لجوبيه، إضافة إلى المواضيع العامة، «مهمة خاصة» في أبوظبي حيث تتواتر الإشارات إلى ابتعاد فرص التوقيع على عقد بيع الإمارات 60 طائرة من طراز «رافال» وفتح باب المنافسة مجددا مع طائرة «تايفون» المقاتلة الأوروبية ومع مقاتلات أميركية.
وأكدت الخارجية أمس خبر تكليف الرئيس نيكولا ساركوزي لوزير خارجيته مهمة الإشراف على هذا الملف وسحبه من وزير الدفاع جيرار لونغيه. ومشكلة «رافال» التي يقتنيها سلاحا الجو والبحر الفرنسيان أنها لم تجد بعد زبونا خارجيا. غير أن باريس قررت، على ما يبدو، أن تعمد إلى استخدام ورقة ضغط سياسية - عسكرية على الإمارات. وجاء على لسان الناطق باسم الخارجية أمس أن باريس اختارت «توثيق علاقاتها مع دول الخليج التي هي من زمن بعيد حليفة وصديقة لفرنسا الأمر الذي برز على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية وأيضا الدفاعية والأمنية ما يدل عليه إقامة قاعدة عسكرية في أبوظبي» عام 2009. وهذا يدل وفق باريس على «التزامها بأمن المنطقة».
وبحسب باريس، فإن الرئيس ساركوزي قد «عهد لجوبيه مهمة الإشراف على تطوير الشراكة الاستراتيجية» بين فرنسا والإمارات وهي «تشمل بطبيعة الحال المناقشات الجارية بخصوص مشروع بيع (رافال)»، ما يعني ضمنا أن فرنسا تربط بين التزامها تطوير الشراكة واختيار أبوظبي للطائرة الفرنسية المقاتلة وتفضيلها على الطائرات المنافسة الأوروبية والأميركية.
ووفقا للمصادر المطلعة، فإن أبوظبي تشكو من أمرين: الثمن الباهظ الذي تطالب به شركة «داسو» للطيران، و«مراوغتها» في عدم الاستجابة لشروط سلاح الجو الإماراتي لجهة قوة محرك المقاتلات والرادار المحمول المنوي تجهيزها به. وبعد أن كانت «داسو»، «احتكرت» التفاوض مع الإمارات، عمدت الأخيرة إلى فتح باب المنافسة مجددا.
وإذا أفلتت الصفقة من باريس، تكون المرة الثانية التي تخسر فيها عقدا ضخما مع الإمارات بعد خسارتها عقدا نوويا بقيمة 20 مليار دولار قبل عامين، وهو الذي فازت به شركة كورية على حساب شركتي «أريفا» و«كهرباء فرنسا».
الداخلية السورية تحذر مواطنيها المؤيدين من انتهاك السفارات
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
بعد يومين على قيام جموع من مؤيدي النظام بمهاجمة عدد من السفارات العربية والأجنبية، حذرت وزارة الداخلية السورية المواطنين السوريين من «انتهاك حرمة المباني الدبلوماسية أو محاولة الدخول أو إحداث أي ضرر بهذه البعثات» وهددت باتخاذ «الإجراءات القانونية المناسبة بحق أي فاعل بما في ذلك توقيفه وتقديمه إلى القضاء».
وقالت الوزارة في بيان صدر عنها أمس إنها «طلبت من كافة قيادات الشرطة والمعنيين بأمن البعثات اتخاذ كافة إجراءات الحيطة ومنع وصول أي من المواطنين أو غيرهم إلى مقرات أو محيط البعثات الدبلوماسية أو الأبنية التابعة لتلك البعثات المعتمدة في القطر العربي السوري».  وكان مؤيدون للنظام السوري قد خرجوا خلال اليومين الماضيين في مسيرات لتأييد الرئيس بشار الأسد، وتعبيرا عن غضبهم من قرارات الجامعة العربية قاموا بمهاجمة وتكسير عدة سفارات وقنصليات عربية وأجنبية منها سفارات كل من: قطر والإمارات والسعودية والمغرب وقنصليات تركيا وفرنسا في حلب واللاذقية.
من جانبها استنكرت الجبهة الوطنية التقدمية (تحالف أحزاب السلطة المنضوية تحت الحزب الحاكم) قرار الجامعة العربية بتعليق مشاركة سوريا في اجتماعاتها واعتبرت أنه «فتح الطريق واسعا أمام تفكيك العمل العربي المشترك إضافة لفتح الباب أمام التدخل الخارجي».
وقالت الجبهة في بيان لها أمس «إنها ليست المرة الأولى التي تواجه فيها سوريا تحديات خطيرة، لكنها الأخطر كونها مطبوخة في مطابخ الصهيونية والأميركية والغرب» وأشارت إلى واتهمت دولا عربية بقطع الطريق على دول أخرى بذلت جهدا لعقد قمة عربية طارئة دعت إليها السلطة السورية. ورأت الجبهة أن كل ما يجري «مؤامرة كبرى» على سوريا وأن هذه المؤامرة «محكوم عليها بالإخفاق» بفضل وعي الشعب السوري الذي خرج «بكل أطيافه إلى ساحات الوطن رفضا للقرار وللمؤامرة التي تحاك ضد بلده».
عضو المجلس الوطني: الكل اقتنع بأن العرب نفضوا أيديهم من النظام السوري
أسامة المنجد: نوعية التعامل معنا اختلفت منذ إعلان المبادرة العربية
نادية التركي
قال أسامة المنجد، المعارض السوري عضو المجلس الوطني السوري ومستشار أمانته العامة، إن نوعية التعامل مع المجلس الوطني السوري اختلفت منذ إعلان المبادرة العربية بتجميد عضوية سوريا فيها، وتجلى ذلك حتى في المستوى الذي يتم به الاستقبال الرسمي لأعضائه. وأعاد المنجد هذا إلى أن «الكل اقتنع بأن العرب نفضوا أيديهم من النظام السوري». كما أكد المنجد لـ«الشرق الأوسط» أن المبادرة الأخيرة لبت مطالب المجلس. وبين أن هدف المجلس الانطلاق من المنظومة العربية والعمل في فلك الدول العربية «إيمانا منا بحرص الأشقاء العرب على مستقبل وسلامة الشعب السوري».
وطالب مستشار الأمانة العامة أبناء الطوائف، وخاصة العلويين منهم، بأن يكونوا واضحين في موقفهم المتعلق بالابتعاد عن الأسد.
وذكر الجيش بأن واجبه العسكري هو حماية السوريين. وأضاف «ليس لكم عذر وسيحاسب كل من يطلق الرصاص وليس له العذر لاحقا في أنه كان يتبع أوامر عسكرية»، ودعاهم لأن يحموا السوريين، لا أن يقفوا موقف الداعم للنظام.
ولأصحاب رؤوس الأعمال «الواهمين» بأن النظام قد يستمر، قال المنجد إن «كل من قتل سوريا سيحاسب سواء أكان أطلق الرصاص أو أصدر أمرا بإطلاقه أو مول الطلقة، ولكم عبرة في الثورات العربية والتاريخ».
وحول مطالب المجلس قال «نحن لن نطالب بتدخل عسكري وإنما نطالب بحماية المدنيين». وعن استمرارية الأسد أكد المنجد أن الجميع لهم نفس القناعة وأن هذا النظام غير قادر على إصلاح أي جزء من جزئياته، ولو سحب النظام جيوشه سينهار أوتوماتيكيا، وأوضح «الآن رغم وجود آلة القتل، السوريون يخرجون يوميا بالآلاف». كما توقع عضو المجلس أن يرى تصعيدا في الموقف التركي قريبا. وذكر أن أوغلو أكد لهم أن تركيا جاهزة للتعامل مع المجلس الوطني كممثل للشعب السوري.
والتقت «الشرق الأوسط» عضو في المجلس الوطني ومستشار الأمانة العامة في لندن وكان لنا معه حوار هذا نصه:
* ما رأيكم في المبادرة التي قامت بها الجامعة العربية مؤخرا، وقرارها بتجميد عضوية سوريا فيها؟
- بوعوده بالالتزام بالمبادرة العربية من قبل كان النظام يحاول توفير مزيد من الوقت، ظنا منه أنه يستطيع ذلك، لكن الكل يرى أن أيام النظام في سوريا الآن معدودة، ومبادرة الجامعة العربية الأخيرة لبت مطالبنا على الرغم من وجود عدة تحديات منها تحفظات بعض الدول العربية. كما أننا سبق أن طلبنا كذلك سحب السفراء والإبقاء فقط على ممثليات دبلوماسية في سوريا، لكن يبقى هذا الأمر خاصا بقرارات كل دولة وما ترتئيه.
* ما هي أهم الملفات التي ستتحاورون حولها مع الجامعة العربية مع بدء حواركم مع أعضائها؟
- البعد العربي لسوريا المستقبل مهم جدا، فهدفنا الانطلاق من المنظومة العربية والعمل في فلك الدول العربية بداية، إيمانا منا بحرص الأشقاء العرب على مستقبل وسلامة الشعب السوري.
ومن نقاط حوارنا مع دول الجامعة العربية أن تستعمل مالها من حظوة وأدوات للضغط، وحتى روسيا والصين كانتا تبرران موقفيها بأن دول الجوار لا تشتكي والآن وبعد أن أصبح لديها موقف موحد ولم يعد يوجد عذر، والصينيون أقرب إلى تغيير مواقفهم.
* كيف تقيمون موقف الملك الأردني الذي دعا الأسد للرحيل؟
- الأردن بلد يستشعر خطورة الأزمة مثله مثل كل دول الجوار، والملف السوري أصبح ملفا قوميا في الوقت الحالي، وكانت نصيحة الملك لبشار بأن يتنحى لأنه يرى الجهود العربية التي يعتبر موقفه دعما لها، والمواقف الدولية أيضا، وأصبح موضوع تنحي الأسد تحصيل حاصل، وإن بقي في الحكم فلن يسبب شيئا غير الدمار.
* قامت تركيا بعدة خطوات حول المسألة السورية، هل تنتظرون أن تلعب دورا أكبر في المستقبل القريب؟
- تركيا كانت على أهبة الاستعداد لإعلان عقوبات مالية وأقرت بذلك سابقا، لكنها تريثت إلى أن تتخذ الجامعة العربية موقفا حازما، ونتوقع أن نرى تصعيدا في الموقف التركي قريبا. وخلال اجتماعي في نيويورك مع أردوغان وكذلك خلال اجتماعات المجلس الوطني مع أوغلو في تركيا أيضا، أكدوا أنه سيتم اتخاذ قرارات، كما أكد أوغلو أن تركيا جاهزة للتعامل مع المجلس الوطني كممثل للشعب السوري.
* الموقف الدولي من المعارضة بعد قرار جامعة الدول العربية؟
- اختلفت نوعية التعامل مع المجلس الوطني السوري، والمستوى الذي يتم به الاستقبال الرسمي لأعضائه بعد قرار الجامعة، لأن الكل اقتنع بأن العرب نفضوا أيديهم من النظام السوري.
* ماذا تتوقعون من إيران الحليف الأقوى لسوريا، هل ستقف مكتوفة الأيدي وتسمح بسقوط الأسد بسهولة؟
- دعم إيران هو معنوي ودبلوماسي للنظام السوري والإيرانيون يعلمون بأن سوريا لن تقوم على علاقات طائفية، وأن الشعب السوري يسعى لإقامة نظام مبني على الديمقراطية والمدنية والتعددية، وإيران تحسب خياراتها وهي تتعامل مع النظام، وفي نفس الوقت تعد العدة لما بعده وقد اجتمعت ببعض أطياف المعارضة.
* ما رأيكم في من يقولون إن الأسد ما زال يحظى بشعبية في سوريا وأن الدليل على ذلك آلاف المؤيدين في الشوارع؟
- شاهدنا الآلاف في الساحة الخضراء في ليبيا، كما شاهدنا آلاف المؤيدين لابن علي قبل سقوطه، وكذلك مبارك في مصر، وأغلب من نراهم في الشوارع السورية هم موظفو قطاع عام أو خاص يهددهم أرباب العمل بفقدان أعمالهم. ونتذكر جيدا تسشاوسيسكو كان أكثر من 100 ألف يهتفون باسمه قبل 24 ساعة من سقوطه. فإننا حين نرى الجماهير في الشوارع فهذا لا يعني أنهم يعبرون عن رغبة حقيقية في بقائه.
* ما هي أهم الأعمال التي قام بها المجلس الوطني السوري حتى الآن؟
- قمنا بعدة أمور أهمها بناء مؤسسات المجلس المالية والسياسية، والتي بدأناها منذ الإعلان عنه، والأمانة تعقد مؤتمراتها بشكل مستمر، ونقوم باستكمال تمثيلياتنا في الخارج وكانت تمثيلياتنا قد بدأت بالعمل في كل من واشنطن وباريس ولندن والخليج تركيا والقاهرة، ونبذل جهودا كبيرة من أجل استكمال علاقاتنا الدولية.
* ما هو برنامجكم السياسي الذي تعملون على تحقيقه من خلال اتصالاتكم واجتماعاتكم مؤخرا؟
- نعمل حول عدة ملفات أولها وضع خريطة الطريق لشكل التغيير إعدادا لمرحلة ما بعد الأسد، كما يتضمن برنامجنا حماية الأقليات، وحول شكل العقوبات وتفاصيل العقوبات التي من الممكن أن تساهم في انهيار النظام السوري بشكل أسرع، وقمنا كذلك بتقديم ملفات كثيرة، ووضع برنامج من شأنه أن يؤدي إلى الاعتراف بنا، كما نبحث الخطوات التالية والسيناريوهات المحتملة للتغيير، ولا يمكن أن نتحرك والنظام يقتل المدنيين العزل، لا بد من إعداد سيناريوهات الحقيقة. ولدينا فريق يعمل على المرحلة الانتقالية في أكثر من 12 حقلا من حقول الحكومة ويعد خبراء محليون بالتعاون مع خبرات عالمية لتطبيق برنامج إصلاحي بأسرع وقت وترتيب الأولويات، وليس التركيز على سيناريو السقوط حاليا بقدر ما هو ما الإعداد لمرحلة ما بعد الأسد.
* هل يمكن أن تتحول المعارضة السورية إلى حركات مسلحة لمواجهة جيش النظام؟
- نحن نرفض أن يحمل مدنيون السلاح ولكن نوجه تحية لأبناء الجيش الذين انشقوا عن النظام، ونشد على يد أبناء الجيش وندعوهم لأن يتخلوا وينشقوا عنه، ويجب أن يكون هناك تمييز بين المنشقين من الأمن أو الجيش الذين يرافقون المتظاهرين ويشكلون حواجز دفاعية عنهم. وقد شاهدنا العقوبات الاقتصادية والمالية على ونعتقد أنها خطة ناجعة حاليا، وفرض حظر صادرات البترول التي تمثل 30% إلى جانب تراجع السياحة إلى مستوى الصفر وهي التي تمثل 27% من الاقتصاد. هذا يساعد على تقصير عمر النظام ونعمل على تحقيق المزيد في هذا الاتجاه.
* هل الخلافات بين عناصر المعارضة السورية من الممكن أن تؤدي إلى انشقاقات في المستقبل؟
- الكتلة الأكبر التي تحظى بتأييد الشارع هي المجلس الوطني السوري، والتنسيقيات التي هي جزء من المجلس، وهناك أطراف أخرى لا تجد نفسها نقول لهم علينا تجاوز أطروحاتنا الشخصية، ويد المجلس مفتوحة للجميع، الكل مدعو للحوار. وخلافاتنا ليست مع المعارضة، بل مع الطغمة المستبدة، كما نؤكد أن الأجندة واحدة بالنسبة لمختلف أطياف المعارضة رغم الاختلافات التنظيمية، والمطلب هو إسقاط الأسد ثم بناء دولة تعددية ديمقراطية، والكل متفق حول تصور دولة حداثية، ومحاور الخلاف لا ترقى لانشقاقات، وإنما هي مرحلة ترتيب أوراق، لكن نقول إن المجلس الوطني اكتسب شرعيته من الأرض ومن ثقة الشارع به، ونعمل ضمن هذه الثقة ونعلم أننا في مرحلة اختبار لمدى جدية المجلس، وهذا ما يشكل حافزا دائما في عملنا.
* تحدث الإعلام الغربي هذا الأسبوع عن المشهد السوري، وعن إمكانية تكرار المشهد الليبي في سوريا إذا ما واصل الأسد عمله بنفس الطريقة، هل من الممكن أن نرى ما حدث في ليبيا يتكرر في سوريا؟
- هناك العشرات من الفوارق، فليبيا كانت متجانسة عرقيا وطائفيا، لكن في سوريا لدينا طوائف وأقليات، جغرافيا ليبيا تفصلها صحراء شاسعة عن جيرانها، لكن بالنسبة لسوريا الأمر مختلف، الجيش السوري ترتيبه 16 في العالم، وهذا ما يختلف كثيرا عن تركيبة الجيش في ليبيا، والانتشار أفقي للسكان في ليبيا، لكن في سوريا وطريقة توزع السكان البؤرية وصعوبة الوصول لعدة مناطق، وصعب في سوريا. واقتصاديا في ليبيا تتوفر لهم السيولة، وهذا مختلف أيضا عن الوضع في سوريا.
كما في سوريا يوجد التنوع السياسي، وعموما هناك فوارق كثيرة. ونحن لن نطالب بتدخل عسكري وإنما نطالب بحماية المدنيين، ولا يمكن أن يكون هذا الجمود في قرار سياسي، ما نراه الآن هو أفضل خيار الحفاظ على سلمية الثورة ونسعى فقط لحماية المدنيين وهناك شواهد عن أدوار لعبتها الأمم المتحدة في هذا المجال، وخير مثال ما حدث في كوسوفو سنة 1998.
* إذا ما قرر النظام الالتزام بالمبادرة العربية الأولى، وأمر جيوشه بالتوقف عن قتل المتظاهرين، ونفذ الإصلاحات التي أكد وليد المعلم مؤخرا أنهم يعملون على إنجازها، هل لديه فرصة في البقاء؟
- انتهى هذا الكلام منذ شهور، ولو غير ما غير، الجميع لهم نفس القناعة بأن هذا النظام غير قادر على إصلاح أي جزء من جزئياته، ولو سحب النظام جيوشه سينهار أوتوماتيكيا، والآن رغم وجود آلة القتل فالسوريون يخرجون يوميا بالآلاف، وإن انسحب فسيخرج ملايين المطالبين بإسقاطه للشوارع وفي كل المدن.
* ما هي رسالتكم في المجلس الوطني للسوريين في الداخل؟
- لدينا ثلاث رسائل نحرص على إيصالها الأولى لأبناء الطوائف الذين نقول لهم إن معركتنا في سوريا ليست طائفية هي وإياكم ضد نظام يحتجزكم كرهينة ضد الشعب، المسألة الطائفية أكذوبة، نحن شركاء لكم، حرمة دمكم من دمنا ومصير أبنائكم من أبنائنا، وخاصة العلويين، نتمنى أن يكونوا واضحين في موقفهم المتعلق بالابتعاد عن الأسد.
والثانية للجيش ونقول لهم أنتم أقسمتم على الحفاظ على الوطن ولم تقسموا على حماية أسرة، واجبكم العسكري هو حماية السوريين، وليس لكم عذر، وسيحاسب كل من يطلق الرصاص، وليس له العذر لاحقا في أنه كان يتبع أوامر عسكرية، وندعوهم لأن يحموا السوريين، لا أن يقفوا موقف الداعم للنظام. ولأصحاب رؤوس الأعمال الواهمين بأن النظام قد يستمر، نقول إن كل من قتل سوريا سيحاسب سواء أكان أطلق الرصاص أو أصدر أمرا بإطلاقه أو مول الطلقة، ولكم عبرة في الثورات العربية والتاريخ، ونريد منكم اتخاذ موقف تاريخي وهناك فرص عظيمة، فنصف السكان تحت العشرين وهناك استثمارات خارجية وهناك آفاق كبيرة وأدعوهم إلى مرحلة جديدة.

تطورات موقف جامعة الدول العربية إزاء الثورة السورية
صمتت على العنف أكثر من شهرين.. ولم تتحدث عن تنحي الأسد
القاهرة: «الشرق الأوسط» *
باستثناء قرار جامعة الدول العربية السبت الماضي، بتعليق عضوية سوريا في الجامعة، جاءت مواقف الجامعة العربية، كما وصفها مراقبون، «باهتة» تجاه الثورة السورية، وأعمال العنف التي يرتكبها نظام الرئيس بشار الأسد والتي خلفت أكثر من أربعة آلاف قتيل، وفقا لمنظمات حقوقية سورية. وقال مراقبون إنه قبل مطالبة الجامعة باتخاذ موقف، لا بد من معالجة أوجه القصور في ميثاق الجامعة بما يسمح لها بوجود الآليات المناسبة لاتخاذ قرارات سياسية قوية لحماية أمن وسلامة الدول العربية وشعوبها.
وخلال ثمانية أشهر، هي عمر الثورة السورية، لم تتحدث أي بيانات للجامعة أو أمينها العام السابق والحالي، عن الاستجابة لمطالب السوريين بتغيير النظام أو تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، واتخذت مواقف الجامعة العربية تجاه الثورة السورية مسارا عاما بدأ بالصمت التام لمدة شهرين تقريبا، على الرغم من دعوات السوريين بضرورة التدخل لوقف القمع، ثم دعت لإجراء إصلاحات في النظام والتوقف عن العنف ضد المتظاهرين، وتوفير الحوار الوطني، قبل أن تحدث خرقا كبيرا بصدور قرارها الحاسم بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية.
وفي ما يلي رصد لمواقف الجامعة تجاه ما يحدث في سوريا منذ اندلاع الثورة في منتصف مارس (آذار) الماضي، وحتى الآن:
* 5 مايو (أيار): اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية العرب بالجامعة العربية للبت في تعيين أمين عام جديد للجامعة خلفا لعمرو موسى، ولم يتناول الاجتماع القضية السورية، على الرغم من اعتصام عشرات السوريين أمام الجامعة لحث الجامعة على اتخاذ قرار في مواجهة ما وصفوه بـ«قمع الشعب السوري».
* 13 يوليو (تموز): الأمين العام الجديد للجامعة العربية نبيل العربي يزور سوريا ويلتقي الرئيس بشار الأسد، وينقل إليه رسالة مفادها «ضرورة الإسراع نحو الإصلاح، ونقل إليه التجربة المصرية». وفي أعقاب الزيارة، قال العربي «لا يملك أحد أن يقضي بأن رئيس دولة فقد شرعيته.. هذا أمر يقرره الشعب»، وهو الأمر الذي أثار سخط المعارضة السورية واتهموا الجامعة العربية بمساندة نظام الأسد.
* 7 أغسطس (آب): العربي يصدر بيانا يعرب فيه عن قلقه المتزايد وانزعاجه الشديد من تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا وتصاعد أعمال العنف، ويعتبر أن الفرصة ما زالت سانحة لإنجاز الإصلاحات التي أعلن عنها الأسد استجابة لطموحات الشعب السوري.
* 27 أغسطس: اجتماع طارئ لوزراء الخارجية لمناقشة مجمل الأوضاع في الوطن العربي بعد الثورات العربية، وقد طالب الاجتماع الرئيس السوري بوقف القمع، كما قرر إرسال وفد وزاري عربي إلى دمشق.
* 10 سبتمبر (أيلول): العربي يقوم بزيارة ثانية إلى دمشق ويلتقي الرئيس السوري، وقال العربي عقب اللقاء «لقد نقلت للأسد أجواء مجلس وزراء الخارجية العرب والرغبة الأكيدة من قبل كل الدول العربية في ضرورة إيجاد مخرج لإنهاء الأزمة الراهنة، واتخاذ خطوات فورية».
* 14 سبتمبر: عقد اللقاء الأول بين العربي ووفد المعارضة السورية في مقر الجامعة بالقاهرة، وقد أوضح العربي أن وضع حقوق الإنسان في سوريا ليس شأنا داخليا فحسب، بل خارجيا أيضا.
* 15 سبتمبر: رئيس البرلمان العربي علي سالم الدقباسي ينتقد موقف الجامعة العربية من الأزمة السورية، ويؤكد أن المنظمات الدولية الأخرى اتخذت موقفا أكثر حزما من الجامعة.
* 20 سبتمبر: البرلمان العربي يوصي في ختام دورته العادية الثانية بتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية والمنظمات العربية المتخصصة، بموافقة 31 عضوا من أصل 55.
* 16 أكتوبر (تشرين الأول): مجلس الجامعة العربية يشكل لجنة وزارية برئاسة دولة قطر للعمل على إيجاد حل للأزمة السورية من خلال إجراء الاتصالات اللازمة مع الحكومة السورية وأطراف المعارضة بجميع أطيافها، والبدء بعقد حوار وطني شامل تحت رعاية الجامعة العربية خلال 15 يوما.
* 28 أكتوبر: اللجنة الوزارية العربية تعقد لقاء بالرئيس السوري بشار الأسد، وتصدر بعد يومين بيانا تعرب فيه عن امتعاضها من استمرار عمليات القتل في سوريا.
* 2 نوفمبر (تشرين الثاني): اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة يقر خطة عمل تنص على «وقف كافة أعمال العنف من أي مصدر كان حماية للمواطنين السوريين، الإفراج عن المعتقلين بسبب الأحداث الراهنة، إخلاء المدن والأحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة، فتح المجال أمام منظمات جامعة الدول العربية المعنية ووسائل الإعلام العربية والدولية للتنقل بحرية في جميع أنحاء سوريا للاطلاع على حقيقة الأوضاع».
* 9 نوفمبر: الأمين العام للجامعة العربية يدعو وفدا من المعارضة السورية في الداخل للحوار في الجامعة.
* 11 نوفمبر: العربي يقابل وفدا من المعارضة السورية برئاسة خليل الحاج صالح، والوفد يتقدم بمذكرة للجامعة تؤكد أن النظام السوري استغل تعقيدات الأوضاع العربية والإقليمية وماطل في الاستجابة للمطالب المشروعة للشعب السوري، وفرغ كل ما طرح عليه من مبادرات سياسية من مضامينها.
* 12 نوفمبر: الجامعة العربية تقعد اجتماعا على مستوى وزراء الخارجية العرب، وتقرر تعليق عضوية سوريا في الجامعة وتعليق مشاركة الوفود السورية في اجتماعاتها حتى قيامها بالتزاماتها كاملة، مع فرض عقوبات سياسية واقتصادية والمطالبة بسحب السفراء العرب من دمشق.
* 14 نوفمبر: سوريا تدعو إلى عقد قمة عربية طارئة لبحث أزمتها، والجامعة ترد بأن عقد القمة يتطلب موافقة 15 دولة عربية.
* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»
 
ميقاتي والأسد والأزمة السورية في لبنان
رضوان السيد
بالتأكيد، ليس موقف الحكومة اللبنانية من الثورة السورية، أمرا له الأولوية في المعالجة عشية اجتماع الجامعة العربية بالرباط، لكنني رأيت التعرض له، لأن استيلاء حزب الله على الحكومة في لبنان حول بلادنا إلى عائق كبير في وجه ثورة الشعب السوري، وزاد الطين بلة أن رئيس الحكومة القائمة نجيب ميقاتي ما يزال يحاول الضحك على العرب وعلى المجتمع الدولي بشأن هوية الحكومة وقرارها ووجهتها وأهدافها.
لقد كانت آخر إنجازات الحكومة العتيدة التي يترأسها ميقاتي، ذهاب وزير خارجيتها إلى اجتماع الجامعة العربية بالقاهرة ليكون إلى جانب يمن علي عبد الله صالح، ثاني المعترضين على قرار الجامعة بشأن التعامل مع النظام السوري القامع لشعبه، والخارج على إجماع العرب. وقد تفلسف الوزير اللبناني بعد الاعتراض، وتبعه كل شعوبيي لبنان وأقلياته بثلاثة أشكال: أن العزل السياسي غير جائز لأنه مقدمة للتدويل والتدخل الخارجي، أو أن سوريا قلب العرب والعروبة، وإذا حوصرت من العرب فينبغي الوقوف مع القلب وإهمال الأطراف، أو لقد كنا ساكتين على العرب والعروبة بسبب سوريا الأسد، وما دام العرب يريدون إخراج النظام في سوريا من العروبة فنحن نعلن خروجنا مع نظام الأسد من العروبة وعليها! وهذه كلها إجابات طريفة وظريفة ومفزعة في كشف الهويات والمصالح التي تختبئ أو كانت تختبئ تحت عباءة النظام الأسدي، المختبئ بدوره تحت عباءة البعث العربي - إنما الأطرف ولا شك مواقف الرئيس نجيب ميقاتي المتناقضة مما قام به وزير الخارجية اللبناني في الجامعة العربية. فبعد ساعات صرح ميقاتي بأن للبنان خصوصية سوف يتفهمها العرب، بل إنهم تفهموها، وفي اليوم التالي دافع أمام مجلس الوزراء عن موقف وزير الخارجية، وقال إنه تشاور معه ومع رئيس الجمهورية في ذلك، ثم في اليوم نفسه واليوم الثالث تحدث إلى نائب وزير الخارجية السعودي، وجميع سفراء مجلس التعاون الخليجي وقال لهم جميعا إن وزير الخارجية اللبناني ما أخبره شيئا، وما استشاره في الموقف الذي ينبغي اتخاذه!
إن هذا «النموذج» من تصرفات ميقاتي ما عاد استثناء، ولا اقتصر على حالة الجامعة، بل إنه صار - بل كان وظل - عملا دائما ومقصودا وميز شخصيته وسلوكه السياسي خلال ما يزيد على العقد ونصف العقد من السنين. فلا ثابت في سلوك الرئيس ميقاتي السياسي غير الولاء للنظام السوري وللرئيس بشار الأسد بسبب علاقته الخاصة به منذ أواسط التسعينات من القرن الماضي. وما كان ذلك عيبا، بل مدعاة للفخر لدى ميقاتي وأنصاره وآخرين في لبنان إلى أن حدث أمران: المشاركة في الانقلاب على حكومة سعد الحريري، والاستمرار في الوقوف مع النظام السوري على مدى ثمانية أشهر وهو يقتل شعبه، ويعلن بكل اللغات والأصوات ومن لبنان بالذات خروجه على العروبة والإسلام. وفي المسألة الأولى، مسألة المشاركة في الانقلاب، كان المطلوب عزل المسلمين من السلطة في لبنان من خلال عزل تيارهم السياسي الرئيسي لتزداد السيطرة الحزبية السورية والإيرانية والعونية، ويصبح لبنان عضوا في التحالف الذي تحدث عنه الإيرانيون وتحدث عنه الأمين العام لحزب الله: إيران والعراق وسوريا ولبنان! وما كان ميقاتي غافلا عن ذلك، ولا عن «دفتر الشروط» الذي أملي عليه، وتقبله برحابة باعتبار أن صديقه الرئيس الأسد طلب منه ومن شقيقه ذلك. وها هو يتستر الآن بدعوى ضرورة ألا يخضع النظام السوري للعزل السياسي، فإذا كان العزل السياسي شريرا إلى هذا الحد، فلماذا قمت به تجاه بني قومك وتجاه الدولة في لبنان؟ لماذا مكنت أهل الشعوبيات المعاصرة، والأقليات المتحالفة على اغتصاب السلطة والقرار في سوريا ولبنان، من الاستتار بستارتك الشفافة على أي حال للقيام بكل هذه الأعمال ضد اللبنانيين والسوريين وسائر العرب؟!
منذ أن شكل الرئيس ميقاتي حكومته، دأب حزب الله ودأب الجنرال عون، ودأب الرئيس نبيه بري، على الاعتداء على الدولة اللبنانية وسياساتها الخارجية، كما دأبوا على الاعتداء على صلاحيات رئيس الحكومة في الأمور العامة وفي التفاصيل، ودأبوا على دعم النظام السوري باضطهاد اللاجئين والمعارضين السوريين بلبنان، وملاحقتهم وخطفهم وتسليمهم لسوريا، وما تزال تلفزيونات لبنان وصحفه في الأغلب الأعم مشغولة بهناء النظام السوري، وكيفية قضائه على المعارضين الإرهابيين والمتآمرين. وفي وجه ذلك كله، يحاول ميقاتي أن يصمت عندما يكون الصمت ممكنا، أو التبرير عندما لا يكون الصمت ممكنا، أو الدفاع عما ارتكبه أحد الأشاوس إذا طلب السوريون النظاميون أو حزب الله ذلك. فقد خرج قبل أيام على التلفزيون ببدعة مفادها أن الأمين العام لحزب الله ما سد كل الأبواب في وجه تمويل المحكمة الدولية، بينما كان نصر الله يقول قبل يومين على حديثه إنه لا يقبل على الإطلاق الدفع للمحكمة لأنها مسيسة وإسرائيلية وأميركية، وإذا شاء ميقاتي أن يدفع فمن جيبه، أو من التبرعات الخارجية! وعندما تدخلت الأجهزة الأمنية اللبنانية لمساعدة المخابرات السورية في القبض على معارضين وتسليمهم - ومن دون استشارة ميقاتي طبعا! – ما قال الرجل كلمة واحدة على الرغم من لجوء النواب إلى اللجان النيابية وتصاعد الصرخات والاحتجاجات، والاعتداء من جانب الأمن السوري والجيش على المناطق الشمالية والشرقية من لبنان التي يقطنها السنة؛ إنما دأب على القول علنا وفي المجالس الخاصة، نحن لا نستطيع أن نفعل شيئا، والأفضل للبنان البقاء على الحياد! لكنك يا رجل ما بذلت أي جهد للبقاء على الحياة، بل بذلت جهودا للتلاؤم مع رغبات النظام في سوريا ومع رغبات المسيطرين في حكومتك. وحتى في التواصل مع الأوروبيين والأميركيين والعرب، وأنت تعلم مدى التأثيرات السلبية على النظام المالي في لبنان نتيجة مداخلات البعض بالجوار والداخل، لكنه الارتباط الوثيق بالرئيس الأسد ونظامه، والخضوع الكامل لرغبات حزب الله وحلفائه!
ولا بد من كلمة عن الوضع في لبنان في ظل الثورة السورية، وبما يتجاوز ميقاتي ودعواه في الحفاظ على هيبة رئاسة الحكومة! ما بقي أحد في لبنان خارج قوى 14 آذار إلا وتجند لخدمة الرئيس الأسد ونظامه في وجه الشعب السوري. ويقال إن هناك من ساعد بالرجال والسلاح والتجهيزات. بيد أن ما نعرفه علنا أكثر دلالة. فالبطرك الراعي والبطرك لحام وبطرك الأرثوذكس وبطرك السريان وبطرك الأرمن، كلهم ربطوا مصير المسيحية في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين ببقاء الأسد، وأنذروا بتهدد مصير المسيحيين إذا زال! وتجاوز بعضهم ذلك (مثل لحام والراعي) إلى اتهام الإسلام السني بالتطرف والعداء للمسيحيين بعامة، أو اتهام كل المعارضين للرئيس الأسد بالخروج على العروبة. إذ بحسب لحام فإن الأسد ونظامه هما شرط العروبة وليس العكس. وهؤلاء قلة من كثرة من قادة الأقليات اللبنانية والسورية، صرحوا علنا بأنهم يعتبرون وجود الأسد ووجود حزب الله سندا لهم وحماية من الإسلام السني الأصولي الهاجم، ولا يعجبهم منه غير الرئيس ميقاتي وأمثاله من أهل «الإسلام الحضاري»! أما كيف عرفوا أن المسلمين السوريين أصوليون ومتوحشون وضد المسيحيين، فهذا علمه عند ربك!
لقد تبين أن النظام السوري يستند من ضمن ما يستند إليه على تحالف أقليات يمتد بين سوريا ولبنان والعراق. وقد دخل الرئيس ميقاتي باختياره على هذا التحالف وبشروط التحالف وليس بشروطه هو، ولذلك فإن الأمل الباقي والقريب أن يتحرر لبنان من ميقاتي وحكومته عندما تحرر سوريا من تحالف الأقليات والشعوبيات الكارهة للعرب والإسلام، ومن المؤسف ألا يحدث ذلك إلا بثمن باهظ دفعه اللبنانيون ويدفعه السوريون من دمائهم:
وللحرية الحمراء باب     بكل يد مضرجة يدق
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,125,105

عدد الزوار: 7,621,873

المتواجدون الآن: 0