لقاء تشاوري غربي ـ عربي ـ تركي في باريس يمهد لقيام «مجموعة اتصال» حول سوريا...تزايد الجماعات المسلحة ينذر بحرب أهلية في سوريا...إحراق صور ميقاتي في مظاهرة بطرابلس تطالب بإسقاط النظام السوري

سوريا: جمعة دامية.. والنظام يطالب بتعديل اتفاقية المراقبين...مقتل 18 شخصا على الأقل في جمعة «طرد السفراء».. وبؤر جديدة تنضم للمظاهرات

تاريخ الإضافة الأحد 20 تشرين الثاني 2011 - 4:50 ص    عدد الزيارات 2982    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

سوريا: جمعة دامية.. والنظام يطالب بتعديل اتفاقية المراقبين
المعارضة تجتمع في القاهرة برعاية الجامعة لإعلان رؤية موحدة للمستقبل.. واجتماع تشاوري غربي ـ عربي ـ تركي في باريس يمهد لقيام مجموعة اتصال دولية * مظاهرات حاشدة و18 قتيلا على الأقل.. والمحتجون يحيون الجيش السوري الحر > كلينتون: أيام الأسد معدودة
القاهرة: خالد محمود باريس:ميشال أبو نجم بيروت: ليال أبو رحال
في وقت أعلن فيه الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، أنه تلقى رسالة من وزير الخارجية السوري وليد المعلم، تتضمن بعض المقترحات والتعديلات الخاصة بمهمة بعثة الجامعة العربية، وهي قيد الدراسة، استمر القتل واستهداف المدنيين بسوريا في جمعة «طرد السفراء». وقد قتل أمس برصاص الأمن 18 شخصا على الأقل، بحسب لجان التنسيق المحلية، وكان لافتا في مظاهرات أمس ارتفاع حرارة الأغاني الثورية المتحدية لشراسة النظام، وتحية «الجيش الحر» باعتبار أنه يقوم بحماية المتظاهرين والمدنيين العزل. فهتف المتظاهرون من حوران إلى جبل الزاوية مرورا بحمص وحماه ووصولا إلى دير الزور «الله يحمي الجيش الحر».
وفي القاهرة، أفادت مصادر بأن التعديلات التي طالبت بها سوريا تتعلق بالمركز القانوني ومهمة بعثة مراقبي الجامعة وبعض المناطق التي سيدخلها المراقبون العرب في سوريا. وأشارت المصادر إلى أن المواقع التي حددتها مذكرة الجامعة العربية واعتبرتها بؤرا للتوتر تخشى سوريا تحمل المسؤولية الأمنية بها حال دخول المراقبين لهذه المناطق، بحجة أن الشبيحة يسيطرون عليها وكذلك الجماعات المسلحة، إضافة إلى أعداد البعثة نفسها والشخصيات التي ستذهب.
وأكد يوسف الأحمد، سفير سوريا في القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، عبر الهاتف من دمشق لـ«الشرق الأوسط»: «أرسلنا إلى الأمانة العامة للجامعة العربية فحوى هذه التعديلات وننتظر ردا ونحن في حوار مع الأمانة العامة للجامعة. وبعدها سيكون بمقدورنا فور تلقي ردها إعلانها».
ومن المقرر أن تستضيف القاهرة الأسبوع المقبل مؤتمرا برعاية الجامعة العربية، يضم أطياف المعارضة السورية كافة، بناء على اتفاق تم في الاجتماع الأخير الذي عقده ممثلو المجلس الوطني السوري مع العربي، على أن تصدر عنه رؤية المعارضة الموحدة للمرحلة الانتقالية ورؤيتها لسوريا المستقبل ومبادئها الدستورية. من جهة أخرى، عقد في باريس أمس اجتماعا على مستوى مسؤولي الشرق الأوسط في وزارات الخارجية، وهو الأول من نوعه لبحث الأزمة السورية، حرصت فرنسا على إبقائه بعيدا عن الأضواء، إذ لم تؤكد رسميا حصوله ولم تنفه. وقالت مصادر دبلوماسية أجنبية في باريس، أن الاجتماع بمثابة توطئة لإقامة «مجموعة اتصال» حول سوريا تضم الدول المعنية والراغبة في العمل معا. وضم اجتماع باريس ممثلين عن فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وتركيا وعدد من الدول العربية، وغاب عن الاجتماع ممثلون عن الدولتين المتبقيتين في مجلس الأمن الدولي وهما روسيا والصين.
ودعت فرنسا وتركيا أمس إلى تشديد العقوبات ضد النظام السوري, إذ صعدت تركيا انتقادها لسوريا وقالت إنها تعد لعقوبات ستستهدفها لكنها لم تقدم مزيدا من التفاصيل. وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي آلان جوبيه في أنقرة، إن هناك حاجة إلى تصعيد الضغوط على سوريا لوقف إراقة الدماء. وأضاف «القضية الأهم الآن هي زيادة الضغط .. سيدعم هذا خطة الجامعة العربية». في غضون ذلك, قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، إنها «لم تعد تعتقد أن الرئيس السوري بشار الأسد إصلاحي، وإن أيامه أصبحت معدودة، لأنه ليس قادرا على مواجهة التنامي المؤسف للمعارضة المسلحة».
مقتل 18 شخصا على الأقل في جمعة «طرد السفراء».. وبؤر جديدة تنضم للمظاهرات
اعتقال مراسل «سانا» في دير الزور بعد تقديم استقالته اعتراضا على العنف ضد المدنيين
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
تستمر السلطات السورية بمواجهة المتظاهرين المدنيين بالرصاص والقنابل، وقد قتل أمس برصاص الأمن 18 شخصا على الأقل، بحسب لجان التنسيق المحلية، في جمعة «طرد السفراء»، وذلك قبل يوم من انتهاء مهلة الأيام الثلاثة التي أعطتها الجامعة العربية للنظام السوري كي يوقع على بروتوكول لإرسال 500 مراقب إلى سوريا.
وخرجت مظاهرات في عموم البلاد وطالب المتظاهرون بتعليق الرئيس الأسد بعد تعليق مشاركة النظام في اجتماعات الجامعة العربية، في الوقت الذي حاول فيه النظام تسيير مسيرات تأييد تنطلق من المساجد التي درج المتظاهرون على الخروج منها كل يوم جمعة كجامع الحسن في دمشق، إلا أنها محاولة باءت بالفشل، حيث اكتفى المؤيدون يرافقهم الشبيحة بمسيرات سيارة جابت غالبية شوارع العاصمة ومسيرات أخرى سريعة في الساحات العامة بسبب الأمطار وضعف المشاركة في يوم العطلة، حيث لم يتمكن النظام من تحشيد الموظفين والطلاب كما جرت العادة في المسيرات التي كان ينظمها وسط الأسبوع.
وأعلن التلفزيون السوري عن سقوط ثلاثة من رجال الأمن لدى تفكيكهم عبوة ناسفة، في حي القصور بحماة الذي يشهد كثافة مرورية، وإصابة اثنين من عناصر حفظ النظام بالقرب من الجامع العمري في درعا. وقالت «سانا» إن «الجهات المختصة ألقت القبض على 10 إرهابيين مطلوبين داخل قبو مهجور في معرة النعمان». ونفت «سانا» ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن خروج مظاهرات في أحياء القابون والقدم عسالي في مدينة دمشق كما نفت الأنباء حول إطلاق نار على المواطنين. وأيضا نفت ما يقال حول اقتحام جامع الغزي في مدينة جبلة. وفي محافظة دير الزور، أعلن ناشطون أمس أن السلطات السورية قامت باعتقال مدير مكتب وكالة الأنباء الرسمية (سانا) في دير الزور بعد استقالته احتجاجا على ممارسات النظام بحق المدنيين. وذكرت لجان التنسيق المحلية في بيان تلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة عنه أنه «تم اعتقال مدير وكالة (سانا) في دير الزور علاء الخضر بعد استقالته من منصبه احتجاجا على ممارسات النظام بحق المدنيين». وأضافت اللجان أن الخضر «قام بوضع لاصق على فمه وتعليق لافتة على صدره كتب عليها: أنا صحافي سوري». من جهتها، سارعت «سانا» إلى التعليق على نبأ الاعتقال وذكرت أنها «تنفي اعتقال مدير مكتبها بدير الزور» مؤكدة أن «مدير مكتبها بدير الزور هي الصحافية لمياء الرداوي وليس علاء الخضر».
ولفتت الوكالة النظر إلى أن «الخضر انتقل من الوكالة منذ خمسة أشهر للعمل في جامعة الفرات في دير الزور وليس له أي علاقة بمكتبها في دير الزور». من جانب آخر بث ناشطون مقاطع فيديو لمظاهرات عمت البلاد في جمعة «طرد السفراء»، كما سجلت نقاط تظاهر جديدة في ريف حمص القريبة من منطقة القلمون في الشهر التاسع من انتفاضة السوريين، كمنطقة حسياء الواقعة بين دمشق وحمص، ومدينة يبرود في محافظة ريف دمشق والتي شهدت أحداثا عنيفة ليل الخميس على خلفية قمع قوات الأمن لمظاهرات خرجت هناك، وجرت بعدها حملة اعتقالات واسعة. وكذلك عادت المظاهرات لمنطقة الدار الكبيرة وقرية جندر القريبة من حسياء والتي خرجت فيها مظاهرة كبيرة يوم أمس، وفي منطقة تل الشور التي تعد من أهم مناطق التظاهر في محيط حمص وتعرض لقمع شديد وحملات أمنية وعسكرية عنيفة لقربها من منطقة بابا عمرو التي تعرضت للقصف والرصاص والحصار والوجود الكثيف لقوات الأمن. وعلى الرغم من ذلك خرجت فيها يوم أمس مظاهرة كبيرة. كما شهدت مدينة تدمر وسط البداية السورية مظاهرة كبيرة، والقرى القريبة منها كالسخنة والقريتين وغيرها من القرى التي خرجت يوم أمس لتشكر الجامعة العربية وتطالب بطرد السفراء، وهتفوا أنهم يريدون بعد تعليق العضوية تعليق بشار الأسد، في إشارة إلى مطالبتهم بإعدام الرئيس.
وفي مدينة حمص المنكوبة بحسب وصف سكانها، خرجت المظاهرات في غالبية الأحياء في الشوارع الفرعية إلا أن قوات الأمن والجيش أطلقوا النار على الأحياء والمنازل مما أسفر عن إصابة العديد بجراح وقتل طفل في حي الخالدية. وسمعت عدة انفجارات في باب السباع وباب الدريب والمناطق المحيطة.
وفي مدينة القصير جرح شخص على الأقل في إطلاق نار لتفريق المتظاهرين. وفي مدينة الرستن الرازحة تحت حصار عسكري وأمني شديد حذرت قوات الأمن الأهالي من الخروج من المنازل عبر مكبرات الصوت وهددت بإطلاق النار عليهم في حال المخالفة. وقال ناشطون إن قناصة تمركزوا على الأبنية الحكومية والأبنية المرتفعة، بينما راحت الآليات العسكرية تجوب الشوارع ولا يزال الحظر مستمرا. وفي دمشق، خرجت عدة مظاهرات في حي كفر سوسه والقدم والحجر الأسود والميدان وبرزة والقابون، وذلك في ظل حملة اعتقالات واسعة تشنها قوات الأمن في تلك المناطق منذ عدة أيام. وقال ناشطون إن قناصة جرى نشرهم في حي كفرسوسة على الأبنية المحيطة بفرع أمن الدولة. كما لوحظ يوم أمس وجود أمني كثيف جدا في دوار كفرسوسة وفي محيط مسجد عبد الكريم الرفاعي حيث لوحظ وجود 6 سيارات نجدة حمراء اللون بالإضافة إلى عشرات من الشبيحة وقوات حفظ النظام المنتشرة على أطراف مسجد الرفاعي وفي الأزقة المؤدية إلى المسجد.
وجرت مواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين في الغواص قرب حارة قويق بعد هجوم الأمن على المظاهرة، كما خرج المتظاهرون من جامع زين العابدين وفوجئوا بالعدد الكبير للأمن والشبيحة في الخارج فمكثوا صامتين وساروا باتجاه حي الزاهرة، وجرت محاصرتهم من قبل الشبيحة والأمن وجرى اعتقال عدد من الشباب، رغم أن المتظاهرين حافظوا على صمتهم.
وفي منطقة الشاغور خرجت مظاهرة من جامع المصطفى في المنطقة الصناعية قرب كراج السيدة زينب بعد صلاة الجمعة وهتفت لحمص ودرعا ونادت بإسقاط السفاح قبل وصول قوات الأمن والقيام بحملة اعتقالات. وقال مصلون في الجامع إن خطبة إمام الجامع كانت طويلة جدا ومؤيدة للنظام حيث تحدثت عن المؤامرة ووصف الخطيب المتظاهرين بالخوارج، وما إن انتهى حتى انطلق التكبير وانطلقت المظاهرة ضد النظام وضد كل ما قاله إمام الجامع الذي لجأ إلى الميكروفون للتشويش على صوت المتظاهرين الذين واجهوا قوات الأمن وقد احتلت محيط الجامع وجرى اعتقال نحو خمسة شباب في صفوف المتظاهرين الذين نثروا منشورات كثيرة.
وفي ريف دمشق قال ناشطون إن حالة حصار فرضت على مدينة الكسوة مع منع الدخول والخروج، وانتشرت قوات الأمن في الشوارع وحول المساجد كما كانت هناك سيارات دفع رباعي تحمل رشاشات ثقيلة تتجول في المدينة وانتشر بعض القناصة على أسطح المباني العالية المطلة على المساجد.
وفي حوران انتفضت غالبية القرى يوم أمس، ففي مدينة درعا خرجت مظاهرة بجانب الجامع العمري، خلال تشييع أحد القتلى وتم إطلاق النار لتفريق المتظاهرين بشكل عشوائي، أسفر عن عدد من القتلى. وفي اللاذقية على الساحل السوري، قال ناشطون إن قوات الأمن والشبيحة باللباس المدني ومدججين بالعتاد الكامل قبل خروج المصلين قامت بمحاصرة الجوامع. كما وجدت كاميرا «الدنيا» بحماية الشبيحة من الخلف لتصوير الحياة الطبيعية في حي الطابيات. ولوحظ وجود عسكريين برتب عالية مثل عقيد ورائد عند بعض الحواجز الأمنية في المدينة، كما راحت سيارات الأمن والسيارات المدنية للشبيحة تجوب الأحياء المنتفضة مع إشهار الأسلحة. وفي محافظة ادلب خرجت مظاهرات في غالبية مدن وبلدات المحافظة، وفي مدينتي معرة النعمان وكفر نبل تم فرض حصار أمني مشدد وجرى قطع الاتصالات بالكامل بعد يوم شهد مظاهرات مميزة في شعاراتها كما جرت العادة. وفي حلب خرجت مظاهرات في المناطق التي اعتادت على التظاهر كل يوم جمعة مثل تل رفعت وعندان وصلاح الدين وعين عرب. وقال ناشطون إن المتظاهرين في تل رفعت قبضوا على عشرة عناصر من الأمن بينهم رائد وثلاثة أشخاص من لبنان - يُعتقد أنهم من عناصر حزب الله - وأن التفاوض جار مع الأهالي لإطلاق سراحهم.
المتظاهرون السوريون حيوا الجيش السوري الحر وهتفوا لحمايته
رفعوا صور «شهدائهم» وقللوا من اللافتات
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
بإصرار متزايد خرج السوريون يوم أمس بعد صلاة الجمعة في مظاهرات اختاروا أن يكون اسمها «جمعة طرد السفراء» رغم الأمطار الغزيرة ليوجهوا رسائلهم إلى كل دول العالم لطرد سفراء النظام السوري، «لأنهم ارتضوا أن يكونوا ممثلين للنظام لا للشعب» بحسب اللافتات التي رفعت يوم أمس، متحدية قوات الأمن والجيش والتي بذلت الأسبوع الماضي قصارى جهدها في حملة اعتقالات واسعة للحد من خروج المظاهرات المناهضة للنظام.
وكان لافتا في مظاهرات يوم أمس قلة اللافتات، لصالح رفع صور «الشهداء» في غالبية المظاهرات مع ارتفاع حرارة الأغاني الثورية المتحدية لشراسة النظام، وتحية «الجيش الحر» باعتبار أنه يقوم بحماية المتظاهرين والمدنيين العزل. فهتف المتظاهرون من حوران إلى جبل الزاوية مرورا بحمص وحماه ووصولا إلى دير الزور «الله يحمي الجيش الحر». وردا على الأصوات الرافضة للتدخل الخارجي والتي اتهمت المتظاهرين بالخيانة لاستدعائهم تدخل الناتو رفع أهالي كفرنبل في محافظة إدلب لافتة كتبوا عليها «نريد تدخل الناتو عسكريا لنتخلص من الأسد.. طلبنا دفع البلاء الأكبر بالبلاء الأصغر». كما رفعوا كاريكاتيرا ينذرون فيه الأسد بأن لا جدوى من سياسة كسب الوقت لأن الطريق أمامه مسدود ويصور الأسد وهو يمشي على طريق معبد بالمهل وينتهي بجدار.
وبينما انتقد متظاهرون في إحدى قرى حوران الجامعة العربية التي لا تزال تمنح المهل ورفع المتظاهرون لافتة كتبوا عليها «بشار الأسد أنت الحلقة الأضعف». وفي بصر الحرير رفعوا لافتة واحدة كبيرة حمراء اللون كتب عليها باللون الأصفر الإعلاني «أغيثونا» فقط لا غير. ولافتة أخرى تتوعد الأسد بالقول: «نكرهك.. الحسم قريب».
وفي غالبية المظاهرات شدت حناجر المتظاهرين بأغان سورية تراثية حوروا كلماتها مع إضافات جديدة أعطت للمظاهرات زخما جديدا «قولوا الله وعلوا الصوت نحن لا نهاب الموت.. قولوا الله وعلوا الصوت شباب ما تهاب الموت». وفي تذكير بمصير معمر القذافي ردد المتظاهرون في حمص «زنقة زنقة دار دار بدنا رأسك يا بشار.. شارع شارع دار دار سوريا كلها أحرار». وفي جبل الزاوية غنوا «قرب يومك يا بشار.. يا بشار ما نك منا خود كلابك وارحل عنا» و« يا لله ويا جبار تخلصنا من بشار الغدار» و«السوري إيده يرفع بشار ما عم يسمع»، مع تكرار الأغنية الشهيرة منذ أول أيام الانتفاضة «سوريا بدها حرية ومكتوب على أعلامنا الله يلعن إعلامنا» في استنكار لدعايات وسائل الإعلام المحلية التي يتهمونها بالكذب.
ناشطون يؤكدون إلقاء قنابل مسمارية على المتظاهرين في معرة النعمان.. انتقاما
بعد يوم من استهداف الجيش السوري الحر لمقر حكومي في المدينة
بيروت: «الشرق الأوسط»
بعد أسبوع من تصاعد الاشتباكات بين المنشقين عن الجيش السوري والقوات النظامية، واستهداف الجيش السوري الحر فجر أول من أمس لمركز حكومي في مدينة معرة النعمان، جنوب إدلب، كانت تتمركز فيه عناصر الأمن السوري، جاء رد الفعل عنيفا من قبل النظام السوري ضد سكان المدينة الذين خرجوا يوم جمعة «طرد السفراء» في مظاهرات تطالب بإسقاط نظام الأسد من معظم المساجد والأحياء. فقامت القوات العسكرية الموالية للنظام والمتمركزة في المدينة بإلقاء قنابل مسمارية على المتظاهرين، الأمر الذي تسبب في الكثير من الإصابات الخطيرة وحالات موت فوري لم يحدد عددها بدقة.
وقال شاهد كان يشارك في المظاهرات التي خرجت من المدينة، في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «كنا نتوقع أن يقوم الأمن والشبيحة الذين ينتشرون منذ فترة طويلة في شوارع المدينة بالتعرض لنا بطريقة عنيفة، لكننا لم نتوقع أن يطلقوا قنابل مسمارية علينا». وأضاف «أعتقد أنهم فقدوا صوابهم بعد العملية التي نفذها الجيش السوري الحر، كتيبة أبي العلاء المعري، ضد مركز الشبيبة الكائن في أحد أحياء البلدة». وقد كانت تنسيقية مدينة إدلب لدعم الثورة السورية قد أعلنت على صفحتها على موقع «فيس بوك» قيام الجيش السوري الحر الذي يضم عناصر منشقة، بعملية عسكرية استهدفت مركزا حكوميا في مدينة معرة النعمان تابعا لحزب البعث، تتمركز في داخله عناصر من المخابرات السورية الموالية للأسد، فحدثت اشتباكات عنيفة بين الطرفين دفعت عناصر الأمن المتمركزة داخل المقر إلى استخدام درع بشري مكونا من 20 مدني قاموا بتكبيل أيديهم وأرجلهم ورميهم في منطقة المواجهات، من بينهم أربعة أطفال. مما اضطر قوات الجيش السوري الحر إلى الانسحاب حفاظا على أرواح المدنيين وفقا لتنسيقية مدينة إدلب.
وتعد هذه العملية التي قام بتنفيذها عناصر من الجيش السوري الحر ضد قوات الأمن السوري هي الثانية من نوعها بعد عملية حرستا في ريف دمشق التي استهدفت مجمعا كبيرا للمخابرات الجوية. ويرى الكثير من المراقبين أن هذه العمليات ستتصاعد من الآن فصاعدا ضد الأجهزة الأمنية التي ترتكب ممارسات قمعية شرسة ضد حركة الاحتجاج الواسعة المندلعة ضد حكم عائلة الأسد.
وتبعد بلدة معرة النعمان عن مدينة حلب 84 كم، وعن مدينة حماه 60 كم، وتعلو عن سطح البحر 496 م، الأمر الذي يعطيها أهمية استراتيجية، حيث تتركز في تلك المدينة حركة تجارية نشطة لوجود تجارة منتجات الماشية من ألبان وأصواف، والمحاصيل العطرية خاصة الكمون الذي تشتهر به تلك المنطقة. وكانت البلدة الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها 76035 نسمة قد دخلت مشهد الثورة السورية بعد حركة الانشقاقات الواسعة في صفوف الجيش السوري، فالتجأ عدد من الجنود المنشقين إليها، مما دفع الأمن والجيش المواليين للأسد إلى اقتحامها عدة مرات وتنفيذ حملات اعتقال واسعة ضد أهلها بحثا عن المنشقين، الأمر الذي أدى إلى نزوح المئات من سكان المدينة إلى القرى المحيطة. ويشير شاهد العيان الناجي من رصاص الأمن السوري الذي استهدف مظاهرات جمعة «طرد السفراء» في المدينة إلى أن «المناطق المحيطة بمدينة جسر الشغور تعد بيئة حاضنة لجميع المنشقين عن الجيش السوري الموالي للأسد». ويضيف «رغم العمليات العسكرية العنيفة التي شنت من قبل آلة الحرب الأسدية ضد مدينة المعرة وخان شيخون وسنجار وكفرنبل، والانتشار الواسع لمدرعات الجيش السوري على أطراف المدن وفي داخلها، فإن حركة الاحتجاج لن تتوقف في هذه المنطقة، خاصة مع تزايد الانشقاقات في الجيش وتنفيذ المنشقين لعمليات عسكرية ضد الأمن».
حلب في قبضة الشبيحة.. وأهلها يرون الجيش للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة
معارض حلبي لـ «الشرق الأوسط»: نخرج في المظاهرة فنجد أنفسنا محاطين بآلاف الشبيحة يحملون العصي الكهربائية والسكاكين
بيروت: سوسن الأبطح
فوجئ سكان حلب صباح أول من أمس بدخول كتيبة كاملة للجيش إلى منطقة «الراموسة» على مشارف المدينة، تضم نحو 600 جندي، و18 مركبة مصفحة إضافة إلى 3 ناقلات جند. وقال أحد السكان لـ«الشرق الأوسط» في اتصال معه «إن حلب لم تعتد بعد هذه المظاهر، رغم أن ثمة مظاهرات متفرقة تحدث فيها. وهي المرة الأولى منذ بدء الثورة التي يدخل فيها الجيش السوري حلب، بعد أن كان أمنها متروكا للأمن والمخابرات والشبيحة».
وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن حلب التي بقيت تحت أجنحة النظام، بدأت تتحرك مع انتهاء عيد الأضحى، حيث أحرق محتجون مركزا للأمن في منطقة «المرجة» وأخرجوا المعتقلين فيه، وما يزال مغلقا إلى اليوم، وعادوا وهاجموا منذ يومين مركزا صغيرا للأمن في منطقة «الفردوس». وتخرج مظاهرات لا سيما كل يوم جمعة في نحو ست مناطق منها «الصاخور»، و«صلاح الدين»، و«سيف الدولة». فيما باتت مناطق عشائرية وصعبة المراس مثل «المرجة» و«النيرب» تخرج فيها مظاهرات يومية.
وإذ يصعب تأكيد العلاقة بين التطورات الأمنية التي تشهدها حلب لا سيما في الأسبوع الأخير، والمشروع الذي تسربت أخباره حول رغبة عربية - دولية، في تحويل حلب إلى جزء من المنطقة العازلة، إلا أن المصادر تقول إنها لا ترى علاقة بين الموضوعين، وإنما هناك احتقان بقي ممسوكا في حلب ويبدو أنه بدأ يطفو على السطح. والمنطقتان الأساسيتان اللتان تشهدان تمردا الآن أي «المرجة» و«النيرب» معروفتان بالعشائر ووجود السلاح، والروح القبلية. والمفارقة أن المنطقتين اللتين اعتمد النظام على أهاليهما لتحويلهم إلى شبيحة، ثار المعارضون بينهم مما يعني أن ثمة انقساما أهليا كبيرا فيهما، بين من يوالي النظام ومن يعاديه، والسلاح متوفر بيد الطرفين. وكذلك تنطلق مظاهرات متواترة في مناطق فقيرة في ريف حلب مثل عندان وتل رفعت وإعزاز وكذلك ترمانين ومارع ومنغ.
ويجمع حلبيون تحدثنا معهم، على خصوصية المدينة، وتركيبتها المعقدة، وعلى أن ثمة أسبابا موضوعية جعلتها لغاية الآن، بعيدة عن تفجر كالذي تشهده حمص أو شهدته حماه. ويقول تاجر حلبي لـ«الشرق الأوسط» رفض ذكر اسمه: «حلب مدينة متمردة أصلا، وهي معقل تجار المخدرات ومهربي السلاح، ومحكومين أخرجوا بعد العفو عنهم، وفيها قبائل وعشائر وتحكمها العصبيات، لذلك فإن النظام يتحاشى بشكل كبير تفجير الوضع في حلب. وهو يسترضي رؤساء العشائر ويداهن تجار الممنوعات الذي يعملون أصلا بغطاء من الدولة. موظفو الدولة والبعثيون لا يشكلون أكثر من 30% من السكان، بينما يرتبط الموالون الآخرون بمصالح من نوع آخر مع نافذين في السلطة». ويضيف التاجر الحلبي الذي يزور لبنان: «حتى التجار الشرفاء يجب أن يسترضوا النظام كي يسيروا أعمالهم».
سبب آخر للهدوء النسبي الحلبي هو «القبضة الأمنية الشديدة» بحسب ما يقول معارض حلبي يدعى حسين عبد الرحيم شارك في المظاهرات، وقبض عليه الشبيحة قبل أن يهرب إلى لبنان منذ أيام ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نخرج في المظاهرة.. نحو 300 شخص، فنجد أننا محاطون بآلاف الشبيحة يحملون العصي ويضربوننا بالحجارة، ومعهم سكاكين، وعصي كهربائية. رغم وجود كلاشينكوفات بيد بعض الشبيحة، فإن إطلاق الرصاص نادر جدا في حلب، بعكس الريف الذي يمكن أن يشهد إطلاق نار. فقد يطعن المتظاهر أو يضرب ويجرح في حلب، لكن النظام لا يرغب بإيقاع قتلى تفاديا لغضب العشائر، التي إن فقدت شخصا قد تقيم الدنيا ولا تقعدها. أضخم مظاهرة في حلب يمكن أن تصل في أحسن الأحوال إلى ثلاثة آلاف شخص، ولا يمكنها أن تصمد أكثر من نصف ساعة في وجه الشبيحة، حتى لو كانت منظمة وأعادت تجميع نفسها عدة مرات».
ويروي حسين عبد الرحيم «قررت في إحدى المرات الخروج مع الشباب في مظاهرة، لكنني حين وصلت ورأيت عدد الشبيحة، خفت ولم أهتف وبقيت واقفا، أحاول أن أحفظ أرقام سيارات الشبيحة لأخبر شباب الثورة عنها كي يتم استهدافها، إحراقها أو حتى تعريتها من عجلاتها».
لقاء تشاوري غربي ـ عربي ـ تركي في باريس يمهد لقيام «مجموعة اتصال» حول سوريا
باريس تعول على دور كبير لتركيا بالتوازي مع دور الجامعة العربية
باريس: ميشال أبو نجم
حرصت باريس على إبقاء الاجتماع الذي استضافته أمس خارجيتها حول سوريا بعيدا عن الأضواء، فلا هي أكدت رسميا حصوله ولا هي نفته. لكن الاجتماع حصل على مستوى منخفض وتحديدا على مستوى مسؤولي الشرق الأوسط في وزارات الخارجية، وهو الأول من نوعه. والأرجح، كما تقول مصادر دبلوماسية أجنبية في باريس، أن يكون توطئة لإقامة «مجموعة اتصال» حول سوريا تضم الدول المعنية والراغبة في العمل معا. وضم اجتماع باريس ممثلين عن فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا وتركيا وعدد من الدول العربية، وفي غياب ممثلين عن الدولتين المتبقيتين في مجلس الأمن الدولي وهما روسيا والصين.
وفي لقاء عدد محدود من ممثلي الصحافة قبل ثلاثة أيام مع مسؤول كبير في الخارجية الفرنسية، قال الأخير إن فرنسا «تريد أن تلعب دورا رياديا» في الموضوع السوري. غير أنها في هذه المرحلة «لا تريد أن تظهر في المقدمة وتفضل أن تحتل الدول العربية هذا الموقع». وهذا الاعتبار هو الذي يفسر على الأرجح رغبة باريس في التعتيم على الاجتماع الذي دعت إليه واستضافته. ورغم تكرار السؤال على الناطق باسم الخارجية، فإن الجواب كان دائما نفسه وقوامه أن هناك «الكثير من الاجتماعات والمشاورات» وأن باريس «تشارك فيها» أكانت هنا أو في مكان آخر.
والحقيقة أن باريس تلعب دورا يتخطى بكثير مجرد المشاركة. فالموضوع السوري حمله رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون إلى موسكو التي كان فيها أمس في إطار زيارة رسمية سعى خلالها لدفع المسؤولين الروس إلى «تطوير» موقفهم من التطورات الحاصلة في سوريا ودفعهم إلى التخلي عن التهديد باستخدام الفيتو ضد أي قرار يتناول سوريا في مجلس الأمن الدولي. وتقول المصادر الفرنسية إن «العقبة الحقيقية» هي روسيا بينما الصين «خرجت من الصورة» وبدأت بـ«تغيير خطابها» من القمع المتواصل في سوريا. كذلك في الدول الناشئة التي وقفت على الحياد (البرازيل، الهند، جنوب أفريقيا) في مجلس الأمن المرة الماضية، أصبحت «أكثر تقبلا» لقرار يدين سوريا في مجلس الأمن بعد أن كانت ترفض سابقا مجرد الخوض فيه.
ويبدو أن الدور الأول في الموضوع السوري يعود لوزير الخارجية ألان جوبيه الذي يستخدم إزاء المسؤولين في دمشق لغة بالغة التشدد بعد أن كان أول من اعتبر الرئيس الأسد فاقد الشرعية وأول من دعا إلى تنحيه عن السلطة ومن قال إن نظامه قد «انتهى». ومن أنقرة التي انتقل منها إلى العواصم الخليجية بادئا بأبوظبي، قال جوبيه إن «الوقت قد فات» من أجل أن يعمد الرئيس الأسد إلى إطلاق إصلاحات حقيقية، مشككا في إمكانية قبوله للمبادرة العربية. ورأى الوزير الفرنسي أن «اللحظة قد حانت» لتوحيد الجهود في التعاطي مع الملف السوري بكل تشعباته. وسيكون هذا الملف على رأس المواضيع التي سيبحثها جوبيه مع المسؤولين الخليجيين في أبوظبي والرياض والدوحة والكويت بعد أن كان أشبعها بحثا مع المسؤولين الأتراك.
وليس سرا أن باريس تعول على دور كبير لتركيا بالتوازي مع الدور الذي تلحظه للجامعة العربية مجتمعة أو للدول الرئيسية فيها. وسيبرز ذلك بداية الأسبوع المقبل في مجلس الأمن الدولي حيث ستقدم الدول الغربية بالتشارك مع عدد من الدول العربية مشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين سوريا والقمع وانتهاكات حقوق الإنسان المتواصلة فيها وربما أدخلت عليه فقرة تدعو إلى توفير الحماية للمدنيين وهو ما تطلبه المعارضة وتتبناه غالبية الدول العربية.
وقالت الخارجية إن جوبيه بحث مع الأتراك «كافة الوسائل والطرق» التي يمكن أن تحقق هذا الهدف. غير أن باريس تحذر من أمرين شدد عليهما الوزير جوبيه في مؤتمره الصحافي المشترك أمس مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو: الأول التحذير من «عسكرة» الحركة الاحتجاجية السورية، والثاني رفض أي تدخل بأي شكل كان من غير غطاء من مجلس الأمن الدولي أو «من غير سند قانوني شرعي» وفق ما قاله الناطق باسم الخارجية برنار فاليرو.
ويترك هذا التعبير الباب مفتوحا أمام العديد من التفسيرات التي سينكب عليها القانونيون لمعرفة ما إذا كان «حق التدخل لحماية المدنيين» يفترض حكما قرارا من مجلس الأمن أم يمكن توفير هذا السند بطرق أخرى.
وتعتبر باريس أن تصويتا مكثفا لصالح مشروع القرار في الجمعية العامة «سيكون له مضمون سياسي واضح» و«سيشكل ورقة ضغط قوية على روسيا وعلى الدول الأخرى الممانعة». وتتوقع المصادر الفرنسية أن يحظى بدعم شبه شامل من الدول العربية.
هكذا تكتمل صورة الحراك الفرنسي السياسي والدبلوماسي الفرنسي إزاء الموضوع السوري. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول رفض الكشف عن هويته أن باريس «أخذت المبادرة» على كل المستويات: دعم المعارضة السورية والإعراب عن الاستعداد للاعتراف بها شرط أن تنظم صفوفها وتبلور برنامجا سياسيا للمرحلة اللاحقة، والدفع المتواصل باتجاه فرض عقوبات تصاعدية على النظام السوري وأركانه والهيئات والشخصيات الداعمة له، واستمرار الضغط في مجلس الأمن والتوجه إلى الجمعية العامة فضلا عن التحرك في إطار مجلس حقوق الإنسان في جنيف والتنسيق مع البلدان العربية وتركيا وكذلك الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يعكسه لقاء باريس أمس. وعلى الصعيد الثنائي، تشير المصادر الفرنسية إلى أن باريس هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي استدعت سفيرها في دمشق «للتشاور» بعد تكرار الاعتداءات على ممثلياتها الدبلوماسية والقنصلية لا بل التعرض مباشرة لسفيرها أريك شوفاليه أكثر من مرة.
فرنسا وتركيا تدعوان لتشديد العقوبات ضد الأسد.. وموسكو تناشد «ضبط النفس والحذر» في التعاطي مع الملف السوري

أوغلو يتحدث عن عقوبات اقتصادية ضد سوريا إذا لم تنفذ الخطة العربية.. وجوبيه يرفض تدخلا عسكريا خارج تفويض دولي

دعت فرنسا وتركيا أمس إلى تشديد العقوبات ضد النظام السوري، في وقت ناشدت فيه روسيا «ضبط النفس والحذر» في التعاطي مع الملف السوري.
وصعدت تركيا انتقادها لسوريا وقالت إنها تعد لعقوبات ستستهدف الحكومة السورية لكنها لم تقدم مزيدا من التفاصيل. وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي آلان جوبيه في العاصمة التركية، إن هناك حاجة إلى تصعيد الضغوط على سوريا لوقف إراقة الدماء. وأضاف «القضية الأهم الآن هي زيادة الضغط على سوريا لوقف أعمال القتل. سيدعم هذا خطة الجامعة العربية. إذا لم تنفذ سوريا هذه الخطة فستكون هناك حاجة لاتخاذ بعض الإجراءات خاصة العقوبات الاقتصادية».
من جهته، قال جوبيه إنه يعارض التدخل في سوريا من جانب واحد وإن أي تدخل يجب أن يتم بتفويض من الأمم المتحدة، وحذر من كارثة إذا انزلقت سوريا إلى حرب أهلية. وأبدى جوبيه تشككه في أن ترد سوريا بشكل إيجابي على خطة سلام مقترحة للجامعة العربية ودعا إلى فرض عقوبات أكثر صرامة على دمشق. وقال إن فرنسا مستعدة للعمل مع المعارضة السورية. وردا على سؤال حول ما إذا كانت فرنسا تتوقع شكلا من أشكال التدخل التركي في سوريا قال جوبيه إنه يعارض أي تحرك من جانب واحد.
وأضاف «نحن ضد التدخل من جانب واحد.. إذا نفذ تدخل يجب أن تتخذ الأمم المتحدة القرار. وهذا هو رأي فرنسا دائما».
وقالت فرنسا إنها على اتصال بجماعات المعارضة السورية، وقال جوبيه إن باريس مستعدة للعمل مع المعارضة لكنه دعاها فيما يبدو إلى عدم استخدام المنشقين عن الجيش لشن هجمات ستؤدي إلى نشوب حرب أهلية في سوريا. وقال جوبيه: «نوجه دعوة إلى المعارضة السورية.. وهي تجنب الحرب الأهلية.. نأمل ألا يتم تعبئة الجيش، فهذه ستكون كارثة». وأضاف: «ندافع عن موقفنا الذي تبنيناه منذ البداية وهو الوقوف ضد العنف لكن حان الوقت لتوحيد جهودنا وفرض عقوبات أكثر صرامة. نحن بحاجة إلى دراسة هذا في الجمعية العامة للأمم المتحدة».
وفي إطار التحركات الفرنسية المكثفة لزيادة الضغوط على النظام السوري، التقى رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو أمس، وندد بتزايد القمع في سوريا، معتبرا أن الرئيس السوري لا يزال «يتجاهل» نداءات الأسرة الدولية، وقال فيون «نعتبر أن الوضع يتردى أكثر فأكثر، والأسد صم أذنيه بمواجهة الدعوات من جانب الأسرة الدولية ولم يف بوعود الإصلاح وما زالت أعمال القتل مستمرة». وتابع «نعتقد أنه لا غنى عن زيادة الضغوط الدولية وتقدمنا بمسودة قرار أمام الأمم المتحدة نأمل بأن تجد دعما واسعا قدر الإمكان». إلا أن بوتين دعا إلى إبداء «ضبط النفس والحذر» بالنسبة إلى الوضع في سوريا، وقال: «نحن ندعو إلى ضبط النفس والحذر، هذا هو موقفنا» إزاء سوريا، وذلك خلال مؤتمر صحافي في موسكو بعد يوم من تحذير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من حرب أهلية في سوريا. واتهمت روسيا المعارضة السورية بتأجيج الاضطرابات في البلاد، وهو الموقف الذي أثار حفيظة الغرب الذي يريد أن تنضم موسكو إلى الضغوط الدولية بشكل مباشر ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وكان دبلوماسيون من كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا قد تقدموا أول من أمس بمسودة قرار لدى لجنة حقوق الإنسان التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة تدين انتهاكات حقوق الإنسان من جانب الحكومة السورية للتصويت عليها الثلاثاء المقبل، بحسب توقعات المسؤولين.
ومن شأن تمرير مسودة هذا القرار زيادة الضغوط على مجلس الأمن الدولي للتحرك إزاء الأزمة السورية. وكانت روسيا والصين قد استخدمتا «الفيتو» الشهر الماضي ضد مشروع قرار بمجلس الأمن يدين حملة القمع التي تقوم بها القوات السورية. وجاءت دعوة بوتين لضبط النفس بعد أن سأله صحافي إذا ما كانت روسيا ستدعم قرارا في الأمم المتحدة يدين النظام السوري، ولم يكن واضحا ما إذا كان رد بوتين يتعلق مباشرة بذلك. غير أن بوتين أكد أن روسيا مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي. وقال بوتين «لا ننوي تجاهل رأي شركائنا وسنتعاون مع الجميع».
وبعد أن حذر وزير الخارجية الروسي أول من أمس من أن العمليات التي يشنها «الجيش السوري الحر» ضد القوات النظامية تقرب سوريا من حرب أهلية، اعتبر المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أمس أن تلك الهجمات ليست سوى نتيجة لـ«الإصرار الأعمى والوحشي» للرئيس بشار الأسد على قمع شعبه. وأضاف المتحدث الفرنسي في مؤتمر صحافي «ما يحدث، وبالتحديد هذا النوع من الأوضاع، ليس سوى نتيجة لهذا الإصرار الأعمى والوحشي لبشار الأسد على قمع شعبه منذ أشهر». وتابع فاليرو «يجب ألا نتعجب في مثل هذه الظروف من أن نصبح في مواجهة أوضاع من هذا النوع، من ثم فالضرورة ملحة لكي يتجند الجميع في المجتمع الدولي لكي يتوقف كل ذلك».
وكانت المعارضة السورية أفادت بأن منشقين عن الجيش هاجموا الأربعاء مركزا للاستخبارات الجوية قرب دمشق، في هجوم هو الأول من نوعه منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية الواسعة ضد نظام الأسد قبل ثمانية أشهر. وأدانت الولايات المتحدة هذا العمل معتبرة أن أعمال العنف تصب في مصلحة النظام. وردا على سؤال حول تنامي ظاهرة الانشقاق عن الجيش السوري قال فاليرو إنه يأمل بأن يشكل هذا الأمر «مصدر قلق للنظام»، معتبرا أنه «يكشف عن أنه باتت هناك ثغرات في السلسلة التراتبية للجيش، لأن هناك عسكريين في سوريا أصبحوا يرفضون تنفيذ الأوامر الوحشية التي تعطى لهم». وتابع فاليرو «كلما زاد عدد المنشقين ضعفت قدرة نظام دمشق على القمع»، مضيفا أن «حركة التأكل داخل الجهاز العسكري السوري تتواصل، وكلما تواصلت ضاق الخناق على النظام».
وخلص فاليرو إلى القول بأن «كل شيء يشير إلى أننا نعبر باتجاه مراحل جديدة، في الداخل مع انشقاقات داخل الجهاز القمعي، وفي الخارج مع تزايد عدد الدول التي بدأت تتحرك جديا مثل تركيا والجامعة العربية».
واشنطن تفتح تحقيقا في قانونية بيع شركة أميركية تكنولوجيا مراقبة للنظام السوري

عضو في مجلس الشيوخ: من غير المقبول بيع معدات أميركية الصنع تساعد في استمرار أعمال العنف في سوريا
 
واشنطن: ساري هورويتز وسامنثا أسوكان*
فتحت وزارة التجارة الأميركية تحقيقا لتحديد ما إذا كانت تكنولوجيا طورتها شركة في كاليفورنيا، قد ساعدت الشرطة السورية في عملية مراقبة المعارضين خلال العمليات الأمنية الدامية هناك، بحسب ما قال مسؤولون أميركيون أول من أمس.
ويحاول مسؤولون في وزارة التجارة تحديد ما إذا كانت شركة «بلو كوت سيستيمز أوف سانيفيل» في ولاية كاليفورنيا على علم مسبق باستخدام الحكومة السورية للمعدات والبرامج التي تنتجها، على حد قول عدد من المسؤولين الأميركيين الذين رفضوا ذكر أسمائهم لاستمرار التحقيقات. ولم يرد أي من مسؤولي الشركة على مكالمات هاتفية ورسائل بالبريد الإلكتروني يوم الخميس بغرض التعليق على هذا الأمر.
وصرحت الشركة في وقت سابق بأنها لم تبع معدات أو برامج إلى النظام السوري، لكنها أقرّت بأن منتجاتها تستخدم هناك في سوريا ويمكن الحصول عليها من خلال طرف ثالث. ويُحظر بيع الكثير من السلع لسوريا في إطار العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على سوريا. وتحاول التحقيقات تحديد هوية الطرف الذي أدخل تكنولوجيا «بلو كوت» إلى سوريا. وجاء في بيان صحافي للشركة خلال الشهر الحالي: «تتابع شركة (بلو كوت) أعمال العنف في سوريا ويؤسفها معاناة البشر وخسائر الأرواح بسبب الأعمال التي يرتكبها النظام القمعي. لا نريد أن يستخدم النظام السوري أو أي نظام في دولة أخرى فرضت الولايات المتحدة عليها الحصار التجاري منتجاتنا». وليست تكنولوجيا «بلو كوت» لأغراض المراقبة، بحسب الشركة، لكن يمكن أن تستغلها السلطات لمراقبة الاتصالات الإلكترونية وحجب بعض المواقع الإلكترونية وبعض مواقع التواصل الاجتماعي.
وحثّ أعضاء مجلس الشيوخ أول من أمس إدارة أوباما على فتح تحقيقات في أمر تزويد شركة «بلو كوت» وشركة أخرى مقرّها في كاليفورنيا لدمشق بـ«وسائل للقمع». وجاء في خطاب من مارك كيرك، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري، وروبرت كيسي، العضو الديمقراطي عن ولاية بنسلفانيا، وكريستوفر كونز، العضو الديمقراطي عن ولاية ديلاوير: «من غير المقبول بيع معدات أميركية الصنع ربما تساعد في استمرار أعمال العنف وينبغي أن يتم التحقيق في هذا الأمر في أقرب وقت ممكن».
وتتحمل وزارة التجارة مسؤولية مراقبة صادرات أجهزة المراقبة. ورفض يوجين كوتيلي، المتحدث باسم وزارة التجارة، التعليق على التحقيقات، وقال: «لا يمكن مناقشة أي أمور تتعلق بالتحقيقات الجارية». وإذا تبين لوزارة لتجارة أن شركة «بلو كوت» خالفت شروط التصريح، يمكن أن تفرض عليها غرامة مالية تصل إلى مليون دولار بحسب دانييل مينوتيللو، محام مقيم في سيليكون فالي متخصص في قانون التصدير والتكنولوجيا. ومن المحتمل أن تُفرض على الشركة عقوبات مدنية أو يُتخذ ضدها إجراءات أخرى. ووكلت الشركة الشهر الماضي شركة «ماكديرموت ويل أند إميري إل إل بي» للمحاماة للدفاع عنها في هذه القضية بعد ورود تقارير إخبارية عن استخدام هذه التكنولوجيا التي تنتجها الشركة في سوريا.
ويحارب الرئيس السوري بشار الأسد انتفاضة بدأت خلال ما يسمى بالربيع العربي والتي أصبحت عنيفة خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث بلغ عدد القتلى منذ اندلاع الاحتجاجات 3.500 بحسب تقديرات الأمم المتحدة. وخلال الأسبوع الحالي جمّدت جامعة الدول العربية عضوية سوريا بسبب عدم التزامها بالمبادرة العربية التي تضمنت تعهدًا لوقف استخدام العنف ضد المحتجين. وكشفت تقارير إخبارية أن الأنظمة الاستبدادية استخدمت تكنولوجيا أميركية وغربية لمراقبة معارضين ومراقبين. وكان هناك وسطاء ينقلون هذه التكنولوجيا في بعض الحالات. ويجب على الشركات الأميركية، التي ترغب في تصدير أجهزة «مفيدة في اختراق الاتصالات السلكية أو الإلكترونية أو الشفهية سرًا»، أن تقدم طلبًا للحصول على تصريح من وزارة التجارة بحسب لوائح إدارة التصدير.
وفرض الرئيس السابق جورج بوش الابن عقوبات على سوريا عام 2004 تقضي بمنع أي معاملات بينها وبين الشركات الأميركية، وبات من الضروري حصول أي شركة على تصريح لبيع أي منتج إلى دول مفروض عليها عقوبات من قبل الولايات المتحدة. وقال جيفري فيلتمان، مساعد زير الخارجية، في جلسة بالكونغرس في 9 نوفمبر (تشرين الثاني)، إن شركة «بلو كوت» لم تحصل على تصريح لتصدير التكنولوجيا التي تنتجها إلى سوريا. ودعا أعضاء مجلس الشيوخ، الذين طلبوا من إدارة أوباما من قبل فتح تحقيقات مع شركة «بول كوت»، إلى فتح تحقيق مع شركة أخرى مقرها كاليفورنيا وهي شركة «نت آب». وأورد موقع «بلومبيرغ نيوز» الإخباري أن المعدات التي تنتجها شركة «نت آب» تستخدم في مشروع سوري لمراقبة الإنترنت هدفه اختراق كل حسابات البريد الإلكتروني في سوريا. وأصدرت شركة «نت آب»، التي تعمل في مجال أنظمة إدارة البيانات والتخزين، بيانًا الشهر الحالي تشير فيه إلى أنها «لا توافق على استخدام منتجاتها في سوريا» ولديها أنظمة تمنع إساءة استغلالها. وجاء في البيان: «إذا كان قد تم التحايل على القيود التي نفرضها دون علمنا، فنحن ندين استخدام النظام السوري لمنتجاتنا في قمع شعبه».
* خدمة «واشنطن بوست» خاصة بـ«الشرق الأوسط»
سوريا تطلب إدخال تعديلات على خطة المراقبة العربية.. والعربي: الرسالة قيد الدراسة
 
كلينتون: الأسد لم يعد إصلاحيا وأيامه معدودة
 
القاهرة: خالد محمود واشنطن: هبة القدسي
أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، أنه تلقى رسالة من وزير الخارجية السوري وليد المعلم، تتضمن بعض المقترحات والتعديلات الخاصة بمهمة بعثة الجامعة العربية. وقام العربي بتعميم الطلب السوري على الدول العربية، مؤكدا أن المطالب السورية قيد الدراسة. وأفادت مصادر بأن التعديلات التي طالبت بها سوريا تتعلق بالمركز القانوني ومهمة بعثة مراقبي الجامعة وبعض المناطق التي سيدخلها المراقبون العرب في سوريا. وأشارت المصادر إلى أن المواقع التي حددتها مذكرة الجامعة العربية واعتبرتها بؤرا للتوتر تخشى سوريا تحمل المسؤولية الأمنية بها حول دخول المراقبين لهذه المناطق، بحجة أن الشبيحة يسيطرون عليها وكذلك الجماعات المسلحة، إضافة إلى أعداد البعثة نفسها والشخصيات التي ستذهب. وأكد يوسف الأحمد، سفير سوريا في القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، لـ«الشرق الأوسط»، أن بلاده طلبت بالفعل إجراء تعديلات على خطة لإرسال مراقبين من الجامعة. وفي أول تعليق رسمي سوري على هذا البيان، قال الأحمد: «نعم طلبنا إدراج تعديلات على خطة الجامعة العربية». لكنه رفض في المقابل الكشف عن تفاصيل هذه التعديلات. وأضاف الأحمد الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة السورية دمشق التي يزورها حاليا: «أرسلنا إلى الأمانة العامة للجامعة العربية بفحوى هذه التعديلات وننتظر ردا ونحن في حوار مع الأمانة العامة للجامعة. وبعدها سيكون بمقدورنا فور تلقي ردها إعلانها».
وجاء ذلك في وقت قالت فيه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، إنها «لم تعد تعتقد أن الرئيس السوري بشار الأسد إصلاحي، وإن أيامه أصبحت معدودة، لأنه ليس قادرا على مواجهة التنامي المؤسف للمعارضة المسلحة، والذي من الواضح أنه ربما قاد إلى هروب القياديين من جيشه». وأضافت كلينتون «على الأرجح الوقت تأخر جدا لكي يقوم بتغيير المسار، لكن هناك حاجة للتغيير في رأس هذه الحكومة وحاجة للدخول في حوار حقيقي والبدء في مسار الإصلاح».
وأشارت كلينتون لشبكة «سي بي إس نيوز» أمس إلى أنها كانت تعتقد أن الأسد يرغب في الإصلاح، وأن «الكثير من أعضاء الكونغرس في الحزبين الجمهوري والديمقراطي الذين زاروا سوريا في الشهور الأخيرة قالوا إنهم يعتقدون أنه يريد القيام بإصلاحات، لكن عندما حدث الربيع العربي وطالب الناس بحقوقهم وحريتهم تعامل معهم الأسد بعنف شديد». وأوضحت أنه كان لديها أمل في أن يحقق الأسد إصلاحات وترى اتفاقا بين سوريا وإسرائيل، وهو أمر عمل عدد كبير من الناس على تحقيقه لمدة ثلاثين عاما.
وحول دور الولايات المتحدة في إحداث التغيير في سوريا، دون أن تأخذ خطوات عسكرية كما حدث في ليبيا، قالت كلينتون: «هذا مهم بالنسبة لنا ودبلوماسيتنا هي ألا نفعل شيئا في هذا الشأن، وأدركنا من البداية أننا لسنا الصوت الذي يستمع له السوريون، وليس لنا علاقات قوية معهم». وأشارت وزيرة الخارجية الأميركية إلى أن من الصعب على سوريا تجاهل أصوات الجامعة العربية وتركيا. وقالت «لقد شجعنا سوريا مع الآخرين أن تتفاوض بشكل حقيقي وأن تحمي المتظاهرين السلميين، لكنهم تجاهلونا جميعا».
وعلقت الجامعة عضوية سوريا مؤخرا، كما وضعت خطة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني لتشكيل فريق لتقصي الحقائق يتألف من 500 عضو يضم عسكريين. وقالت دمشق إنها ترحب ببعثة تدعمها الجامعة أيا ما كان تشكيلها، وكان وزراء الخارجية العرب قد وافقوا في اجتماعهم الاستثنائي الذي عقد بالعاصمة المغربية الرباط على مشروع بروتوكول بشأن مهمة بعثة مراقبي جامعة الدول العربية إلى دمشق للتحقق من تنفيذ بنود الخطة العربية لحل الأزمة وتوفير الحماية للمدنيين السوريين.
وجاء في مشروع البروتوكول أن مجلس الجامعة منح الحكومة السورية مهلة 3 أيام من أجل التوقيع على هذا البروتوكول، وأكد المجلس أنه بعد توقيع الحكومة السورية على هذا البروتوكول وبعد وقف جميع أعمال العنف والقتل يتم إرسال بعثة مراقبي الجامعة فورا إلى سوريا، ويتولى الأمين العام لجامعة الدول العربية تسمية رئيس بعثة مراقبي الجامعة وكذا القيام بإجراء الاتصالات اللازمة مع الحكومة السورية للتوقيع على البروتوكول.
وشدد المجلس على ضرورة إعلان الحكومة السورية موافقتها على تنفيذ كامل بنود خطة العمل العربية التي اعتمدها المجلس في الثاني من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وطالب المجلس سوريا بالاعتذار رسميا عما صدر من مندوبها الدائم تجاه مجلس الجامعة من «عبارات نابية وغير دبلوماسية» في اجتماع القاهرة كما أدان المجلس الاعتداءات التي تعرضت لها البعثات الدبلوماسية والقنصلية العربية والأجنبية في دمشق. وطالب المجلس الحكومة السورية بتوفير الحماية اللازمة لكافة البعثات ومقراتها الموجودة على أراضيها طبقا للاتفاقيات الدولية المرعية والتزاماتها في هذا الشأن. وقرر مجلس الجامعة العربية إبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الوضع. وكانت معلومات قد سربت تفيد بأن التعديلات تتعلق بالمركز القانوني ومهمة بعثة مراقبي الجامعة وبعض المناطق التي سيدخلها المراقبون. وأشارت المصادر إلى أن المواقع التي حددتها مذكرة الجامعة العربية واعتبرتها بؤرا للتوتر، تخشى سوريا تحمل المسؤولية الأمنية بها بحجة أن الشبيحة يسيطرون عليها، وكذلك الجماعات المسلحة، إضافة إلى أعداد البعثة نفسها والشخصيات التي ستذهب، لأن دمشق تريد «دولا محايدة»، ومن ثم هناك مراجعة للعدد وللتركيبة التي وضعتها الجامعة، وهي 3 شخصيات من كل دولة. ورغم هذه التسريبات فإن التفاصيل كثيرة وقد تستغرق وقتا في الرد.
مؤتمر موسع للمعارضة السورية في القاهرة الأسبوع المقبل برعاية الجامعة العربية

أنس العبدة لـ «الشرق الأوسط» : الاتفاق على رؤيتنا للمرحلة الانتقالية ولسوريا المستقبل أسهل من أن نتوحد في جسم واحد

بيروت: ليال أبو رحال
من المقرر أن تستضيف القاهرة خلال الأسبوع المقبل مؤتمرا برعاية جامعة الدول العربية، يضم أطياف المعارضة السورية كافة، بناء على اتفاق تم في الاجتماع الأخير الذي عقده ممثلو المجلس الوطني السوري مع الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، على أن تصدر عنه رؤية المعارضة الموحدة للمرحلة الانتقالية ورؤيتها لسوريا المستقبل ومبادئها الدستورية.
وتعكف لجنة تحضيرية منبثقة عن المكتب التنفيذي للمجلس الوطني في الوقت الراهن على التحضير لهذا المؤتمر، وتأخذ أمرين على عاتقها، وفق ما علمته «الشرق الأوسط» من مصادر المجلس الوطني، أولهما الاتصال بمختلف مكونات المعارضة السورية، وكان اجتماع عقد أول من أمس بين المعارض السوري البارز ميشال كيلو ورئيس المجلس الوطني برهان غليون، وثانيهما وضع مسودتين للورقتين اللتين ستصدران عن المؤتمر (رؤية المعارضة للمرحلة الانتقالية ولسوريا المستقبل)، بالتنسيق مع خبراء وقانونيين، على أن تضع اللجنة غدا العربي في صورة ما توصلت إليه تمهيدا لتحديد موعد المؤتمر الموسع الأسبوع المقبل ومن سيحضره.
وفي هذا الإطار، أوضح عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني أنس العبدة لـ«الشرق الأوسط»، أن المؤتمر المنوي عقده «سيحضره ما بين ستين ومائة شخصية، تمثل أطياف المعارضة السورية كلها، إضافة إلى شخصيات وطنية ومستقلة، بحيث نجمع أكبر طيف وطني ممكن من أجل وضع الصياغة النهائية لورقتي العمل، اللتين لا تقتصران على الجانب السياسي فحسب بل تطالان الجوانب الثقافية والفكرية أيضا».
وتأتي هذه المحاولة لجمع مختلف مكونات المعارضة السورية بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على اندلاع الانتفاضة السورية، وبعد بروز تباين في المواقف حول إشكاليات وعناوين عدة على غرار «إسقاط النظام» و«التدخل الدولي» و«عسكرة» الثورة و«الحماية الدولية للمدنيين». «أن يأتي هذا المؤتمر متأخرا خير من أن يطول أكثر»، يقول العبدة، الذي يصف «هذه الخطوة بالمهمة جدا، والتي تحمل في طياتها رسالة إلى الداخل السوري بالدرجة الأولى، لتطمين الكتلة السورية الصامتة التي لم تنضم بعد إلى الثورة في الشارع السوري».
ولا ينكر العبدة أنه «بات من الضروري جدا في الوقت الراهن أن يقدم المجلس الوطني هاتين الورقتين، متوجها في آن معا، إلى الداخل السوري وإلى المجتمع العربي والإقليمي، وكذلك المجتمع الدولي، خصوصا بعد تعبير العديد من الدول والجهات عن قلقها حيال رؤية المعارضة للمستقبل ولنظام الحكم وبنيان الدولة». ويشدد في هذا السياق على أن «المرتكزات الأساسية لسوريا المستقبل هي دولة مدنية ديمقراطية تعددية، لا تمييز بين مواطنيها على أي أساس كان، وهي تحترم حقوق الأقليات وتضمن أن تلعب دورا أساسيا في العمل الوطني ضمن مبادئ المواطنة العامة».
ولدى الحديث عن مكونات المعارضة السورية، يبدو لافتا إصرار العبدة على أن «المعارضة السورية هي جزء من الثورة وليست الثورة، كما أنها ليست من يقود هذه الثورة»، معربا عن قناعته بأن «الطرفين الأساسيين في القضية السورية اليوم هما النظام والثورة، التي انبثق منها المجلس الوطني وهو يجسد اليوم وجهها السياسي». ويضيف «لا يدعي المجلس الوطني تمثيل المعارضة بكل أطيافها، لكنه في الوقت عينه يمثل الثورة».
ومن هذه الإشكالية، ينطلق العبدة للإشارة إلى أنه قد يكون «من الأسهل»، في ظل التباين القائم في وجهات النظر بين المجلس الوطني وبعض الجهات المعارضة غير الممثلة فيه، أن «نتوحد على رؤية من أن نتوحد في جسم معارض واحد». ويؤكد أن «الأهم في هذه اللحظة هو أن نتفق على رؤية واحدة تأتي متطابقة مع حراك الثورة السورية ميدانيا، بهدف إعطاء هذه الثورة بعدا سياسيا وفكريا وثقافيا، لتنتفي بذلك حجة أنه ليس للثورة وجه سياسي وفكري».
وانطلاقا مما سبق، يبدو اتفاق كل مكونات المعارضة السورية، على اختلاف وجهات نظرها، على رؤية سياسية موحدة في الأيام القليلة المقبلة بمثابة القاعدة أو الركيزة التي سيتم الانطلاق منها من أجل التوصل إلى ثوابت وقواسم مشتركة تكون المدخل للتوحد في المستقبل، من دون أن يكون لذلك وفق العبدة «أي ارتباط بالتمثيل السياسي».
نائب مراقب «الإخوان» لـ «الشرق الأوسط»: تصريحات شقفة كانت ضمن حديث عن التدخل الدولي ولم يقصد التدخل العسكري

بعد إعلان عام الإخوان المسلمين القبول بتدخل تركي لحماية المدنيين

بيروت: كارولين عاكوم
أثار تصريح المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا محمد رياض شقفة أول من أمس، حول قبول الشعب السوري بتدخل تركي لحماية المدنيين السوريين، جملة تساؤلات حول احتمال لجوء تركيا إلى هذا الخيار لحل الأزمة السورية ولوضع حد لعمليات القتل المستمرة التي يقوم بها النظام السوري لمواجهة المظاهرات الشعبية. وفي حين أشار شقفة إلى أن قبوله تدخلا تركيا في سوريا ولكن ليس غربيا، أكد فاروق طيفور، نائب المراقب العام للإخوان المسلمين والناطق باسمهم في المجلس الوطني السوري، «أن تصريحات شقفة أتت في سياق الحديث عن السيناريوهات المحتملة لحل الأزمة السورية إذا لم ينفذ النظام السوري القرارات العربية، ولم يقصد بها تدخلا عسكريا»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ما قاله شقفة حول القبول بتدخل تركي أتى في سياق الكلام عن التدخل الدولي لحل الأزمة السورية، ولفت خلالها إلى أننا نسعى إلى أن يكون الحل عربيا، لكن إذا لم يتوقف النظام السوري عن القتل فلن يكون عندها لدينا مانع من تدخل وحظر جوي تركي من دون أن يعني ذلك تدخلا عسكريا». وعن رأي المجلس الوطني في هذا الاقتراح، قال: «تفاهمنا مع المجلس الوطني لا يزال ينطلق من مبدأ أساسي وهو حماية المدنيين بالدرجة الأولى، مع العلم بأنه وفي ظل الحراك الدولي المستمر حول البحث عن إطار السيناريوهات المحتملة التي يمكن اللجوء إليها لإسقاط الأسد قد يكون هذا الخيار أحد السيناريوهات المطروحة، لكن بالتأكيد ذلك لن يتم من دون غطاء عربي ودولي يقضي بتكليف تركيا أو أي جهة معينة تولي هذه المهمة».
وعما يقوله البعض من أن أي تدخل تركي سيشكل تمهيدا لتدخل دولي، يقول طيفور «قد يكون الأمر كذلك، لكن بهدف البحث عن طرق وأساليب مختلفة لإيقاف القتل في سوريا، لكن الوقت لم يحن بعد للتكلم عن تدخل عسكري».
وحول ما يتعلق بما ذكرته صحيفة «صباح التركية» من أن المجلس الوطني السوري ومن بينهم «الإخوان المسلمون»، طلب من تركيا فرض منطقة حظر جوي على طول حدوده في الجانب السوري لحماية المدنيين، أكد طيفور «لم نطلب ذلك من تركيا، لكن التطرق إلى هذا الطرح جاء خلال اجتماع أعضاء المجلس مع وزير الخارجية التركي في إطار استعراض السيناريوهات المحتملة لمواجهة النظام السوري».
من جهته، أكد عضو الأمانة العامة في المجلس الوطني السوري الدكتور وائل مرزا لـ«الشرق الأوسط»، أن المجلس الوطني تواصل مع قيادة الإخوان المسلمين وقد تم التأكيد من قبلهم بأن الاقتراح الذي أعلنه أول من أمس المراقب العام للإخوان المسلمين محمد رياض شفقة، حول طلب التدخل التركي في الأزمة السورية، يرتبط فقط بطلب الحماية الدولية للمدنيين التي لطالما طالب ولا يزال يطالب بها المجلس الوطني السوري، وأنهم ملتزمون بهذا الاتفاق. وأضاف: «وقد أكدوا لنا أن هذا الاقتراح ليس مطالبة بتدخل عسكري منفرد إنما تدخل تركي تحت مظلة الجامعة العربية لحماية المدنيين، وهذا ما أكده لنا أيضا وزير الخارجية التركي رجب طيب أردوغان، ونحن بالتالي على اتفاق مع تركيا من أن أي تدخل لن يكون من قبل دولة منفردة وأي خطوة باتجاه حماية المواطنين أو ما يتعلق بإقامة منطقة عازلة سيتم انطلاقا من قرارات جامعة الدول العربية، والتنسيق العربي التركي لا يزال مستمرا في هذا الإطار بعد عدم تطبيق النظام السوري للمبادرة العربية».
فيليبو غراندي: نتمنى أن تنصت الحكومة السورية لنداء الأمين العام للأمم المتحدة وتوقف العنف

المفوض العام لـ«الأونروا»: هناك تمييز ضد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

لندن: نادية التركي
أعرب فيليبو غراندي المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عن قلقه إزاء أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «نتمنى أن تنصت الحكومة السورية لنداء الأمين العام للأمم المتحدة وتوقف العنف». وأضاف «نحن قلقون على لاجئينا». وأوضح غراندي أن الأوضاع المتدهورة في سوريا قد أثرت على الجميع بمن فيهم اللاجئون الفلسطينيون فيها والذين يبلغ عددهم نحو 460 ألف لاجئ، لكنه أشار إلى أنهم ليسوا مستهدفين بشكل شخصي ويحاولون البقاء بعيدا عن الأماكن التي تجري فيها أعمال العنف، وأضاف «تحدثنا في الماضي وبالخصوص في الصيف الماضي عن بعض الحالات في درعا وحماه لكن لم يتأثر اللاجئون كثيرا إلى حد الآن». وبين غراندي أنه ومع عدم الاستقرار كان على الوكالة إغلاق بعض المراكز الصحية والمدارس وقال «طبعا هذا ليس جيدا بالنسبة للأطفال». وأضاف المفوض العام «نحن قلقون إذا ما تم تصعيد وتطورت الأوضاع سيصبح الأمر خطيرا والكل قلقون».
وعن الربيع العربي قال فيليبو غراندي «إنه أثر بالتأكيد على الجميع بشكل جيد والناس الآن يحاولون استغلال مجال الحرية الذي وفر لهم ويحاولون التعبير عن رغبتهم في حياة أفضل، والحرية كانت الرسالة الأساسية التي قدمها الربيع العربي». معتبرا أنه فتح مجالا أمام الناس للبحث عن حياة أفضل وتحقيق تقدم في مجال حقوق الإنسان، كما أحدث نوعا من الحيوية بالنسبة للاجئين الذين حرك ما حدث في العالم العربي طموحهم وهم الآن في حاجة لمن يستمع إليهم الآن وهي أمنية قرابة 5 ملايين لاجئ فلسطيني.
وعن دور «الأونروا» في حل بعض المسائل والتحاور بين الفلسطينيين والإسرائيليين قال غراندي «مهمتنا ليست سياسية لكننا حول مناطق مثل غزة والقدس نتناقش مع الإسرائيليين حسب الحالات، ولم نكن سعداء بما حدث في غزة لكن حصلت تطورات إيجابية، ونحاول أحيانا بشكل خاص أو معلن التفاوض حول مختلف المسائل».
والتقت «الشرق الأوسط» غراندي في لندن على هامش زيارة عقد خلالها ندوات حول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين وخاصة وضعهم والمشكلات التي يواجهونها في لبنان، مركزا على المشكلات الصحية التي أفردها بمحاضرة بمعهد الدراسات الشرقية والأفريقية.
وأوضح المفوض أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يمرون بظروف صعبة وقال «أرى أنه يتم التمييز ضدهم في لبنان، حيث لا حق لهم في العمل ولا في الامتلاك ويواجهون صعوبة كبيرة للتمتع بمختلف الخدمات». وأضاف «حياتهم صعبة خاصة من في المخيمات وطلباتنا من اللبنانيين هي أن يسمحوا للاجئين بمجال أوسع».
وعن أهم أعمالهم قال غراندي «نحاول دعم مجال التعليم والصحة في مختلف دول الشرق الأوسط ونقوم بالبحث عن مصادر التمويل، والآن مهمتنا أصعب خاصة مع الأزمات المالية في أوروبا وأميركا، وخططنا للأعوام القريبة القادمة هي تحسين نوعية الخدمات خاصة في مجال التعليم. حيث نعمل على تحديث وسائل التعليم وتطوير الخدمات الصحية، هذه أهم خططنا».
إيران: قرار الجامعة العربية تعليق عضوية سوريا خطأ تاريخي
 
مندوب سوريا لدى الوكالة الذرية: هناك إجحاف في التعامل مع الملف
 
فيينا: بثينة عبد الرحمن لندن: «الشرق الأوسط»
أعلن مسؤول إيراني أمس كما نقلت عنه وكالة أنباء الأناضول التركية، أن قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا هو «خطأ تاريخي» وسيؤدي إلى حرب أهلية في هذا البلد. وقال علاء الدين بوروجردي رئيس اللجنة البرلمانية الإيرانية للشؤون الخارجية إن «النهج الذي سلكته الجامعة العربية يهدف إلى إلحاق هزيمة بسوريا من الداخل والتسبب بحرب أهلية». وأضاف في مؤتمر صحافي في السفارة الإيرانية في أنقرة «كان ذلك خطأ تاريخيا بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية».
واعتبر أن الحل الأفضل لوضع حد للاضطرابات التي تشهدها سوريا راهنا يكمن في أن يواصل الرئيس بشار الأسد الإصلاحات.
إلى ذلك، عبر المندوب السوري لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، السفير بسام الصباغ، عما وصفه بخيبة أمل عميقة بشأن ما وصلت إليه الوكالة من استنتاجات، وما تضمنه تقرير مدير عام الوكالة أن موقع دير الزور الذي هدمته إسرائيل كان على الأغلب موقعا لمفاعل نووي تحت الإنشاء، مؤكدا أن هذا التقييم بني على حقائق غير قاطعة، وعلى معلومات استخباراتية واحتمالات وافتراضات غير صحيحة وغير موثقة مما يعد سابقة خطيرة في الطريقة التي تعمل بها الوكالة.
وجاء ذلك في معرض بيان ألقاه السفير السوري، صباح أمس، أمام جلسة مغلقة لمجلس حكام الوكالة بمقرها بالعاصمة النمساوية فيينا، وكانت «الشرق الأوسط» قد استمعت لتسجيل كامل لبيان السفير السوري الذي أبدى أسفه لما وصفه بتجاهل الوكالة لليد التي مدتها لها سوريا مبدية رغبة أكيدة في التعاون، مشيرا إلى أن الوكالة استعجلت رغم اعتراض كثير من دولها الأعضاء بالمضي قدما في اتخاذ قرار صدر من اجتماع حكامها يونيو (حزيران) الماضي شكا سوريا لمجلس الأمن، مضيفا أن الأمر لم يقتصر على ذلك بل رفع مدير عام الوكالة تقريرا لهذا المجلس يدين سوريا ويصف اجتماعا عقده الطرفان بدمشق يومي 25 و26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعدم تحقيق أي تقدم وذلك رغم ما وصل له الطرفان من محضر تضمن صيغة مشتركة بشأن خطة عمل لحلحلة ما يختص بموقع دير الزور، مبينا أن رئيس وفد الوكالة نائب المدير العام رئيس قسم الضمانات قد أكد بدمشق بعد أن اطلع على بيانات ومعلومات سورية موثقة اقتناعه أن الوكالة ستعيد النظر في تقييمها السابق وفي طلبها زيارة 3 مواقع أخرى ظلت الوكالة تؤكد أنها ذات صلة بموقع دير الزور ولذلك تتطلب زيارتها، مكررا أن هكذا تصرفات تعتبر إجحافا بحق التعاون الجاد الذي تبديه سوريا.
إلى ذلك جدد المندوب السوري عزم حكومته على الالتزام السوري القانوني باتفاق الضمانات معبرا عن رغبة بلاده في التعاون، مطالبا بضرورة الفصل بين ما هو قانوني وما هو طوعي، مكررا القول إن موقع دير الزور كان موقعا عسكريا لا علاقة له بأي أنشطة نووية. وذكر مجلس الحكام أن وجود بند باسم «الملف النووي السوري» ما كان سيكون أمامهم لولا اعتداء إسرائيلي على سيادة الأراضي السورية مما شكل انتهاكا للقانون الدولي، منددا بما وصفه بـ«ضغوط سياسية» تمارسها بعض دول المجلس لاستصدار قرارات لا تستند على تقييم قاطع سعيا للخروج بالأمر خارج أروقة الوكالة رغبة في الاستفادة مما وصفه بمؤامرات تحاك في الوقت الراهن ضد سوريا خدمة لأجندة سياسية تخص تلك الدول.
تزايد الجماعات المسلحة ينذر بحرب أهلية في سوريا

ناشط من إدلب: الهجوم على مقر معرة النعمان تم بعد تلقي إشارات من جنود داخل المبنى

بيروت: ندى بكري
لليوم الثاني على التوالي، شن منشقون عن الجيش السوري هجوما على رموز مراكز القوى في حكومة الرئيس بشار الأسد واستهدفوا مكاتب الشباب في حزب البعث (الحاكم) يوم الخميس الماضي. ويأتي هذا الهجوم في أعقاب إطلاق قذائف صاروخية على قاعدة للمخابرات العسكرية يوم الأربعاء الماضي.
وقد دفعت هذه الهجمات، علاوة على العلاقات المتوترة بين الطوائف الدينية في سوريا وتزايد الضغوط الدولية وحملة القمع الشرسة التي يقوم بها النظام السوري، دفعت روسيا التي تعد الحليف الأقرب لسوريا لتصرح بأن البلاد قد أصبحت على وشك الانجراف إلى حرب أهلية. وقد تكون تلك الهجمات رمزية أكثر من كونها هجمات فعالة ومؤثرة، ولكنها تعكس قوة المنشقين الذين يتزايد عددهم باستمرار، في الوقت الذي تتوارد فيه أنباء عن شن هجمات على منشآت حكومية - في مدينة درعا الجنوبية ومدينة حمص على سبيل المثال - منذ اندلاع الاحتجاجات السورية.
ولا تعد هذه الهجمات قوية بالمقارنة بسلسلة الهجمات الدموية التي وقعت في سوريا في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي حين قام مسلحون باقتحام مكتب مدرسة المدفعية بحلب، مما أسفر عن مقتل 32 طالبا. ولم يتضح ما إذا كان الهجوم الأخير على المكاتب التابعة لحزب البعث قد أدى إلى وقوع ضحايا أم لا، ولكن الاختيار الجريء للأهداف التي يتم الهجوم عليها يعكس قوة المنشقين عن الجيش في مواجهة الحملة الشعواء التي يشنها النظام السوري والتي أدت، حسب تصريحات الأمم المتحدة، إلى مقتل أكثر من 3500 شخص. ومن جهتها، لم تعلن الحكومة السورية عن أي تفاصيل عن تلك الهجمات.
ومع ذلك، فشل المنشقون - الذين قد يصل عددهم إلى الآلاف - في تقويض وحدة الجيش السوري حتى الآن. ويرى محللون أن عدد المنشقين سيزداد بصورة كبيرة بعد أن تخلى حلفاء النظام السوري عنه، بما في ذلك جامعة الدول العربية التي علقت عضوية سوريا.
وقال حسين شبكشي، وهو كاتب عمود في جريدة «الشرق الأوسط» اللندنية: «إنها دفعة كبيرة لمن يريد أن يقف ضد النظام، سواء على الصعيد العسكري أو على المستوى المدني. لقد انتهى هذا النظام، وسوف تؤدي هذه الخطوة إلى مزيد من الانشقاقات والاحتجاجات المدنية، وربما حتى التدخل العسكري، كما ستسمح للمجتمع الدولي باتخاذ مزيد من الإجراءات مثل فرض منطقة حظر الطيران فوق سوريا».
في الواقع، لا يوجد هناك معارضة موحدة تقود الأحداث في سوريا. وقد أعرب العديد من القادة الذين يطالبون بإسقاط الحكومة عن قلقهم من أن تؤدي تلك الهجمات إلى اندلاع حرب أهلية، على غرار ما حدث في لبنان والعراق.
وقال فايز سارة، وهو معارض بارز في دمشق: «أنا ضد الاقتتال الداخلي، حيث لا يجب أن يقتل أبناء الشعب الواحد بعضهم البعض، ولذا يجب التوقف عن العمليات التي تستهدف القوات الحكومية».
وقد واصلت حصيلة القتلى ارتفاعها يوم الخميس الماضي، حيث أعلنت لجان التنسيق المحلية، وهي جماعة معارضة، عن مقتل ما لا يقل عن 19 شخصا في مختلف أنحاء سوريا، بما في ذلك أربعة منشقين عن الجيش وسبعة مدنيين واثنان ممن لم يبلغوا سن الرشد بعد.
من جهته، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأنه يتعين على المجتمع الدولي أن يدعو جميع الأطراف في سوريا إلى التوقف عن إراقة الدماء، وأضاف: «يتم تهريب المزيد والمزيد من الأسلحة من الدول المجاورة. لقد رأيت تقريرا متلفزا اليوم حول قيام ما يسمى بـ(الجيش السوري الحر) بتنظيم هجوم على المبنى الحكومي التابع للقوات المسلحة السورية، في مشهد يشبه تماما ما يحدث في الحروب الأهلية».
وفي تركيا، التي كانت حليفا لسوريا وتحولت الآن إلى معارض قوي، ندد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بعدم اتخاذ عمل فعال ضد الحكومة السورية، متسائلا عما إذا كانت الجهات الدولية تتجاهل إراقة الدماء في سوريا لأنها لا تملك موارد ثمينة! وقال أردوغان في خطاب متلفز في قمة منظمة التعاون الاقتصادي للبحر الأسود في إسطنبول: «ربما لن نرى ردود الأفعال تجاه ما يحدث في سوريا بنفس الصورة التي كانت تحدث مع ليبيا، لأن سوريا ليس لديها الكثير من البترول. ومع ذلك، أود أن تعلموا أن أولئك الذين يقتلون في سوريا هم بشر مثل الذين قتلوا في ليبيا».
وفي الأمم المتحدة، كانت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تقوم بتوزيع مشروع قرار للجمعية العامة بالموافقة على خطة السلام التي طرحتها جامعة الدول العربية والتي تدعو سوريا إلى وقف جميع أعمال العنف وسحب القوات المسلحة من المناطق المدنية، وهو ما يفرض مزيدا من العزلة الدولية والعربية على النظام السوري. وأصدر الوفد الألماني بيانا يقول فيه إن عدة دول عربية قد أعربت عن رغبتها في المساعدة في هذا الإطار.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو جهة معارضة تعمل من المنفى، إن المقاتلين المسلحين يعتقد أنهم أعضاء في «الجيش السوري الحر» الذي قد شن هجوما بقذائف صاروخية على مبنى يضم مكاتب الشباب التابعة لحزب البعث في مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب في شمال غربي البلاد. وأضاف المرصد أنه قد وقعت اشتباكات بين المقاتلين وقوات الأمن الذين كانوا خارج المبنى.
وقال أبو مؤيد، وهو ناشط من إدلب قال إنه كان على اتصال بالمقاتلين، إنه قد تم شن الهجوم بعد تلقي إشارات من جنود داخل المبنى، وأضاف: «شارك في الهجوم نحو 250 مقاتلا. وبعد الهجوم، انشق 60 جنديا من الجنود الذين كانوا داخل المبنى وتركوا المدينة». ولم يكن هناك أي وسيلة للتحقق من هذه الرواية. ويعد الهجوم على قاعدة الاستخبارات العسكرية في ضاحية حرستا في دمشق واحدا من الهجمات التي أعلن «الجيش السوري الحر» مسؤوليته عنها يوم الأربعاء. وفي الوقت نفسه، قالت لجان التنسيق المحلية إن الهجوم كان على الأرجح عملا انتقاميا من جانب المحتجين الذين تم اعتقالهم واستجوابهم هناك. وقالت مجموعة أخرى إنه لم يتم سوى إطلاق قذيفتين فقط على المبنى ولا يوجد هناك أي أضرار واضحة. وقال عمر إدليبي، وهو ناشط في لجان التنسيق المحلية، إن اثني عشر جنديا على الأقل قد غادروا مواقعهم في مدينة حماه يوم الخميس. يذكر أن مجلس الأمن قد فشل في شهر أكتوبر (تشرين الأول) في تمرير قرار يدين أعمال العنف بسبب استخدام كل من روسيا والصين حق النقض. وحتى القرار الذي ستتخذه الجمعية العامة للأمم المتحدة لدعم مطالب الجامعة العربية سيكون غير ملزم. ومع ذلك، سيعكس هذا القرار الرأي العام العالمي، لأنه سيتم التصويت عليه من جميع الدول الأعضاء البالغ عددهم 193 دولة. وفي بيان له، قال بيتر ويتنج، وهو ممثل ألمانيا لدى الأمم المتحدة: «إننا نأمل بأن يظهر هذا القرار للأسد مدى العزلة التي يعاني منها».
* خدمة «نيويورك تايمز»
إحراق صور ميقاتي في مظاهرة بطرابلس تطالب بإسقاط النظام السوري
 
المشاركون في المسيرة رددوا هتافات «جاي دورك حزب الله»
 
بيروت: يوسف دياب
نظّمت هيئة «علماء الصحوة الإسلامية» في مدينة طرابلس (شمال لبنان)، مظاهرة تضامنا مع الشعب السوري، انطلقت من مسجد حمزة في منطقة القبّة بعد صلاة الجمعة، وضمّت ما يزيد على 500 شخص، لبنانيين وسوريين، جال خلالها المتظاهرون في شوارع المنطقة، مطالبين بتدخل الجامعة العربية بشكل فاعل لوقف القتل في سوريا، وإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بسحب السفراء العرب والأجانب من سوريا، وأعلام سوريا في عهد الاستقلال (أخضر وأبيض وأسود مع ثلاثة نجوم حمراء) ورايات «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وأطلقوا هتافات منددة بالحكومة اللبنانية وحزب الله، مثل «جاي دورك حزب الله»، و«الشعب يريد إسقاط نجيب (ميقاتي)». وأقدم بعض المتظاهرين على إحراق صورة لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي.
وبعد استكمال المسيرة تجمّع المتظاهرون في ساحة «ابن سينا»، وألقى رئيس «هيئة علماء الصحوة الإسلامية» الشيخ زكريا المصري، خطابا ركّز فيه على أهمية دور الجامعة العربية وموقفها الحازم ضدّ النظام السوري الذي من شأنه أن يوقف نهر الدم الجاري في سوريا». وشدد على ضرورة «تثبيت تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية وعدم إعطاء (الرئيس السوري) بشار الأسد ونظامه الفرصة تلو الأخرى، لأن هذا النظام لا يؤمن بالحوار وهو لن يوقف مسلسل القتل والمجازر والمذابح التي يرتكبها بحق شعبه». وناشد كل الدول العربية «تطويق هذا النظام الديكتاتوري والتحالف مع الحلف الأطلسي من أجل التخلص منه ومن إجرامه». وشنّ الشيخ المصري هجوما عنيفا على حزب الله متهما إياه بـ«العمل على إلحاق لبنان بالمشروع الفارسي الكبير الذي يمتد من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان وفلسطين»، معتبرا أن «حزب الله هو من يسعى إلى خلق الفتنة وشق العالم الإسلامي».
إلى ذلك، أكد الشيخ المصري في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «المظاهرة التي نُظمت (أمس)، هي من ضمن المظاهرات الأسبوعية التي تقيمها الهيئة (علماء الصحوة الإسلامية) وستستمر إلى حين إسقاط نظام الأسد ونيل الشعب السوري المقهور حقه في الحرية والحياة الآمنة والكريمة». وردا على سؤال أعلن أن «منظمي المظاهرة لا يتبنون إحراق صورة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي»، متهما من سماهم «أشخاصا مندسين من أعوان حزب الله وجماعة النظام السوري، دخلوا على الخط وعمدوا إلى إحراق هذه الصورة في محاولة منهم لخلق فتنة بين أبناء طرابلس عموما وأبناء الطائفة السنية خصوصا». لكنه دعا ميقاتي إلى «الاستقالة والتخلّص من أعباء وتبعات حكومة حزب الله وعدم حمل أوزارها». وخاطب ميقاتي قائلا له «أنت منا ولنا، وعليك أن تحذر عناد وخداع حلفاء سوريا في لبنان، فهؤلاء قد يعرضون لبنان لضربة أطلسية برفضهم تسليم قتلة الرئيس رفيق الحريري إلى العدالة الدولية، ورفضهم تمويل المحكمة الدولية، ولذلك أنت أمام خيارين إما مواجهتهم وإما الاستقالة».
إلى ذلك، قال السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، بعد لقائه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، إن «الأوراق السورية أقوى وإن هذه الضغوط الدولية ستتهاوى أمام الوحدة الوطنية السورية وأمام السياسة المتوازنة المسؤولة التي تواجه كل هذه التحديات». وأوضح أن «الإصلاحات التي يقودها الرئيس الأسد، رغم كل الضجيج الإعلامي وكل محاولات تزوير الحقائق، تصل إلى نتائج إيجابية على الأرض وأن الالتفاف الشعبي الواسع هو رد على هذه الضغوط وعلى محاولة الإملاءات الخارجية، وخصوصا بعد اقتراب موعد الانسحاب الأميركي من العراق الذي يشكل هزيمة لهذه السياسة ولهذه الرهانات». وقال: «إن النتائج إن شاء الله مطمئنة وكبيرة والحصانة السورية على الأرض تزداد وتقوى والحوار الذي دعا إليه الرئيس الأسد يلقى الصدى الواسع والتجاوب الكبير عبر الاندفاعة الشعبية الواسعة التي تكبر كل يوم في كل المدن السورية وأيضا في المغتربات السورية التي تؤكد ولاءها للوطن وتمسكها بالسيادة وبنهج المقاومة والحفاظ على الحقوق والكرامة والدفاع عن حق الأمة كلها في استعادة الأرض». ورأى أن «العالم بقواه الحية والكبيرة في الصين وروسيا والهند والبرازيل وكل أميركا الجنوبية وإيران، وأيضا الشارع العربي والإسلامي هو نصير سوريا وسياستها ويجب أن نقرأ أيضا الوجه الآخر للعقوبات الاقتصادية لأن الذي يهدد والذي يحاصر هو أيضا عرضة للحصار».
 
ناشطون سوريون أسرى شققهم في لبنان.. خوفا من الملاحقات الأمنية
 
اتهموا حزب الله بملاحقتهم وتسليمهم للسلطات السورية
 
طرابلس (شمال لبنان): صهيب أيوب
يؤكد معظم الناشطين السوريين الساكنين في شقق صغيرة في طرابلس وعكار في شمال لبنان أن «عملهم صار على قدر أكبر من الأهمية في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر فيها سوريا»، مشددين على «ضرورة متابعة الوضع بشكل مكثف لأن العمل صار يحتاج إلى جهود أكبر للوصول إلى إسقاط النظام». لا يخرجون من بيوتهم إلا في حالات نادرة لشراء أغراض ما أو لتأمين وضع بعض الجرحى. يحاولون بالتنسيق في ما بينهم «متابعة وضع النازحين في شمال لبنان حيث يعيشون في خوف وضمن ظروف معيشية وإنسانية سيئة للغاية»، وفق خالد (اسم مستعار). خالد يتنقل بشكل يومي بين عكار وطرابلس لـ«التنسيق بين الناشطين في الشمال لمتابعة المساعدات للأهالي الهاربين من بطش القوات الأمنية السورية، حيث يصل عددهم إلى 10 آلاف شخص رغم أن هيئة الإغاثة تؤكد على أن عددهم يصل إلى 3 آلاف فقط» بحسب خالد.
يتخفى هؤلاء الناشطون وراء أسماء وهمية، ويتحركون بشكل حذر في لبنان، «لأن معظمنا معرض للقتل والاختطاف» وفق جمال (اسم مستعار) أحد الناشطين من منطقة القصير الحدودية.
جمال الذي هرب إلى لبنان منذ 3 أشهر، يقطن في شقة في طرابلس مع عدد من الناشطين، يقول: «لا ننام إلا ساعات قليلة ونحن نتابع كل شيء»، مضيفا: «نتواصل مع الناشطين في المناطق السورية ونستقصي حول تفاصيل ما يجري ونزود الإعلام بالأرقام والمعلومات»، مشددا على أن «عمل الناشطين في لبنان لا غطاء سياسيا أو أمنيا أو إنسانيا له. نمشي على بركة الله ونحن نواصل جهودنا حتى نسقط نظام المجرم بشار الأسد».
يتابع الناشطون بشكل يومي مجريات الوضع السوري بكل تفاصيله. يوزعون مهامهم بشكل جدي. لا تبقى في غرفهم سوى علب السجائر وفناجين القهوة. هي «عدة» العمل اليومية، يوضح رامي (اسم مستعار) أحد الناشطين الميدانيين لدعم الانتفاضة السورية من لبنان أن «الجهود تتكامل بين الناشطين، كل من خلال مهمته لمساعدة النازحين السوريين الموجودين في لبنان من جهة، عبر تأمين حاجاتهم ومساعدتهم لتلقي العلاج، خصوصا أن بعضهم جرحى هربوا إلى لبنان لإتمام علاجهم، وتأمين الدعم للثوار في الداخل السوري من جهة أخرى»، مشيرا إلى أن «عمل التنسيقيات الميدانية في لبنان هي من أجل إيجاد ربط مباشر بين ناشطي الداخل والخارج لتحقيق أهداف الانتفاضة».
عبيدة (اسم مستعار) ناشط سياسي يعمل ضمن «مجلس الثورة في محافظة حمص» يشير إلى أن «تحرك الناشطين في لبنان هو الأخطر هذه الأيام، خصوصا بعد أن تعرض معظمهم لملاحقات أمنية ومحاولات اغتيال من قبل مؤيدين للنظام السوري»، مؤكدا أن «معظم الناشطين يسكنون في طرابلس وعكار لمعرفتهم أن هذه المنطقة تؤيد الشعب السوري وترفض معاملة النظام القاسية بحقهم». ويشدد على أن «الناشطين لا يستطيعون التحرك في بيروت بسبب انتشار عملاء خلايا حزب الله الأمنية التي تعمل على اصطياد الناشطين وتسليمهم للقوى الأمنية ليصار إلى قتلهم وتعذيبهم في سوريا».
 
سوريا والصدر العاري!

طارق الحميد
يقول الزعيم «الشيعي» العراقي مقتدى الصدر في رسالة وجهها إلى «الثوار في سوريا الحبيبة» بأنه «كونوا على يقين بأني مؤمن كل الإيمان بقضيتكم»، لكن هناك «فارقا كبيرا» بين ما يحدث بسوريا و«الثورات العظيمة في تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن»!
وهذا ليس كل شيء، فوقاحة الصدر بلغت حد دعوته السوريين للإبقاء على الأسد لأنه «معارض للوجود الأميركي، والإسرائيلي، ومواقفه واضحة، ليس كمثل من سقط من قبله، أو سيسقط»! مضيفا، أي الصدر، في خطابه «الإدانة» للسوريين، بأن «بعض أراضيكم ما زالت محتلة»، وعليه فإنه مطلوب الحذر من سقوط سوريا «في هاوية الإرهاب والتشرذم في حال حدوث فراغ في السلطة». ويقول الزعيم «الشيعي» للثوار السوريين «نحن نؤيد مظاهراتكم لإبداء رأيكم، لكن هناك الجموع الغفيرة التي رأيها لصالح بقاء الحكومة وهذا يستدعي منكم كشعب أن تتحاوروا وتتركوا الصدام»!
فإذا لم تكن تصريحات الصدر هي العري السياسي، والطائفي، بعينه فماذا عسانا أن نسميها؟ فهذا زعيم شيعي قيل إنه حصل على أعلى المراتب العلمية من إيران، وأصبح يفقه، ولا ندري في ماذا، يؤيد الأسد البعثي ضد شعبه فقط بدافع الطائفية، لا غير، وهو، أي الصدر، ابن أسرة شيعية تفخر بعدائها للبعث، ومنذ زمان نظام صدام حسين، ويسخر كل إمكاناته اليوم لمعاداة نصف العراقيين، أي السنة، بحجة أنهم بعثيون، فهل من تطرف أكثر من هذا؟ أمر محبط، ومخز بالطبع، لكن العزاء لمنطقتنا، وخصوصا العقلاء فيها، أن «رب ضارة نافعة»، حيث انفضح زيف هؤلاء الطائفيين من أمثال الصدر، وحسن نصر الله، الذين لا يختلفون أبدا عن أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري، وأبو مصعب الزرقاوي، حيث لا فرق بينهم، فكلهم طائفيون، وتجار دم ودين، وأبعد ما يكونون عن العلم والمعرفة والتقى، وإن تلحفوا بالتقية، الشيعية منها والسنية.
فالصدر لا يخجل من دعوة السوريين لقبول بشار الأسد رغم أن نظامه، وقبله نظام أبيه، قد قتلا آلاف السوريين، والله يعلم دقة العدد بالطبع، بل إن الصدر يدعو السوريين للحوار مع الأسد، ويذكرهم أن جزءا من أراضيهم محتل، وكان حريا بالصدر أن يسأل نظام الأسد نفسه لماذا ظلت أراضيه محتلة دون إطلاق رصاصة واحدة لتحريرها طوال عقود من الزمان! بل وعلينا نحن كعرب أن نتساءل لماذا يدافع الصدر، وحسن نصر الله، عن الأسد في نفس الوقت الذي يدافع عنه الإسرائيليون، وآخرهم رئيس الطاقم السياسي الأمني بوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد، وكذلك الروس تجار حروب منطقتنا الفاشلة؟
كما أن على العرب، وقبل أي أحد آخر، أن يطرحوا على أنفسهم أولا، ثم على الأميركيين، سؤالا جادا جدا، وهو: هل العراق يسير بالطريق الصحيح؟ وهل الانسحاب الأميركي المتسرع من هناك أمر منطقي، خصوصا أن العراق قد سلم، وبشكل واضح، لحفنة من الطائفيين الذين ما هم إلا دمى بيد إيران؟ لا بد من طرح هذا السؤال، ليس لقمع الشيعة، بل لتجنب شرور إرهابييهم، وطائفييهم، ولتجنيب منطقتنا حقبة أخرى من التخلف، والحروب.
 
 
 
 
 
 
 
 
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,093,416

عدد الزوار: 7,620,235

المتواجدون الآن: 0