تقارير ...طهران والرياض يتصدران مشهد الاختلال الأمني في اليمن ...التردد التركي
تقرير سياسي.... 62٪ من الإسرائيليين يؤيدون احتلال سيناء..عن "الرعب" الاقتصادي في اليمن: نفاد النفط وشحّ المياه.. وغياب البدائل
الجمعة 17 شباط 2012 - 6:55 ص 2440 0 عربية |
طهران والرياض يتصدران مشهد الاختلال الأمني في اليمن
ومبعوث روسي يؤكد دعم موسكو لاتفاق التسوية
تتصدر الرياض وطهران تفاعلات المشهد الأمني في شمال اليمن، حيث تدور مواجهات بين المسلحين الحوثيين والجماعات السلفية المسلحة والقبائل الحليفة، وكذلك الاضطرابات الأمنية في المحافظات الجنوبية وسط اتهامات عبر عنها إسلاميون اتهموا إيران بدعم المسلحين الحوثيين وفصائل متشددة في "الحراك الجنوبي" المطالب بـالانفصال لإفشال الانتخابات الرئاسية، فيما أجرى مبعوث للرئيس الروسي لقاءات مع مسؤولين يمنيين تناولت خطوات تنفيذ اتفاق التسوية الخليجي والدور الروسي في ضمان تنفيذه.
واحتدمت المواجهات بين الجماعات السلفية المسلحة والحوثيين الشيعة في محافظتي صعدة وحجة وسط بيانات أتهم فيها السلفيون إيران بمحاولة تهريب شحنات أسحله إلى الحوثيين الذين نشروا وثائق وصور لأسلحة ثقيلة بوصفها أدلة تثبت تورط النظام السعودي في تسليح المليشيا السلفية ورجال القبائل وإشعال حرب مذهبية في المحافظات الشمالية اليمنية.
واتهم عبد الملك الحوثي الرياض بشحن كميات من الأسلحة الثقيلة إلى محافظتي صعدة وحجة لدعم الجماعات السلفية القبائل المتحالفة معها ووزع صور لقذائف هاون أميركية الصنع قال أنها مخصصة لتسليح الجيش السعودي أرسلتها الرياض لتسليح الجماعات السلفية في صعدة وحجة.
ولم يوضح الحوثي كيف تم السيطرة عليها، لكنه قدمها كدليل على تورط الرياض في المواجهات التي تشهدها مناطق في محافظتي صعدة وحجة.
كذلك نشر الحوثي وثيقة صادرة عن اللواء الثاني حرس حدود التابع لقوات المنطقة العسكرية الشمالية الغربية التي يقودها اللواء على محسن الأحمر مذيلة بتوقيع العميد على عمر سعيد قائد اللواء الثاني حرس حدود وموجهة إلى قائد حرس الحدود في الجيش السعودي بمنطقة جازان اللواء عبد العزيز بن محمد الصبحي يطلب منه تنفيذ أوامر لقائد المنطقة العسكرية الجنوبية في المملكة "لاستقبال جرحى المواجهات الدائرة بين المتمردين الحوثيين وقبائل حجور في منطقة عاهم بمحافظة حجة اليمنية".
ولم يصدر أي بيان من مكتب اللواء على محسن الأحمر الذي كان أعلن الانشقاق عن نظام صالح والانضمام للثورة الشبابية وتبني مطالبها في اطاحة نظام صالح، لكن دوائر سياسية يمنية أكدت أن مشاركة القوات التي يقودها في هذه المواجهات تكشف علاقته بالجماعات السلفية التي انخرطت ضمن شبان الثورة المناهضين لنظام صالح استعداداً لخوض الانتخابات.
ونشرت وسائط إعلامية قريبة من اللواء الأحمر بيانات تتهم طهران بمحاولة تهريب شحنات أسلحة عبر البحر الأحمر إلى الحوثيين في محافظتي حجة وصعدة، وقالت إن سفينة شحن أوقفت في ميناء ميدي اليمني كانت تنقل شحنة أسلحة إيرانية للحوثيين.
ويسود توتر حاد مناطق المواجهات في صعدة وحجة بعد تدفق المئات من مسلحي الجماعات السلفية إلى هذه المناطق استجابة لدعوة مشائخ التيار السلفي لهؤلاء فيما سموه "حرب النصرة".
وحذرت دوائر سياسية يمنية من مخاطر تحول المحافظات الشمالية إلى ساحة حرب بين مسلحي الجماعات السلفية والمسلحين الحوثيين وقت تستعد فيه اليمن لانتخاب رئيس جديد خلفا للرئيس المنتهية ولايته علي عبدالله صالح والذي اتهمته تيارات سلفية متعدلة أخيراً بالسعي إلى اشعال حرب مذهبية في المحافظات الشمالية لليمن.
وفي المحافظات الجنوبية، أعلنت مكونات "الحراك الجنوبي" المطالب بالانفصال تصعيد تحركاتها السلمية المناهضة للانتخابات الرئاسية. وشهدت محافظات عدة تظاهرات مناهاضة للانتخابات وتحض على عدم المشاركة فيها، فيما شن مسلحون هجوما بالأسلحة الرشاشة على مركز انتخابي في مدينة الحوطة بمحافظة لحج الجنوبية من دون وقوع ضحايا.
وأكد المبعوث الروسي أن موسكو لا تزال عند موقفها هذا باعتبارها أحد الضامنين لتنفيذ اتفاق التسوية وصولا إلى مراحله النهائية بما يجنب اليمن شبح الحرب الأهلية.
ورحب المشير هادي بالدور الذي تلعبه روسيا مع المجتمع الدولي في سبيل أخراج اليمن من الظروف الصعبة الراهنة.
وكان مساعد وزير الخارجية الروسي أكد لدى وصوله صنعاء أنه سيبحث مع المسؤولين اليمنيين وقادة الأحزاب السياسية في الأوضاع في اليمن والعلاقات بين البلدين ولتأكيد دعم موسكو لحكومة الوفاق الوطني خطة التسوية السلمية الهادفة إلى الحفاظ على أمن واستقرار اليمن.
التردد التركي
تحولت تركيا خلال عقد من الزمن قوة اقليمية ذات طموحات سياسية كبيرة، يدعمها اقتصاد مزدهر، وقيادة تحظى بشرعية جذرتها ثلاث انتخابات حرة. لكن السياسة الاقليمية لتركيا المبنية على عدم وجود أي مشاكل مع جيرانها، والتي بدت لوهلة انها ناجحة، سرعان ما انهارت، بعد تأزم العلاقات مع اسرائيل، وبعد قمع النظام السوري الانتفاضة الشعبية، وبروز الخلافات مع حكومة نوري المالكي في العراق والذي تعتبره انقرة طائفيا، وازدياد التوتر مع ايران بسبب نفوذها المتزايد في العراق ودعمها للنظام السوري.
زيارة وزير خارجية تركيا، أحمد داود اوغلو لواشنطن، اظهرت في الوقت ذاته الاهمية التي تعلقها واشنطن على الدور التركي الصاعد في المنطقة، وكذلك الخيارات التركية المحدودة حيال سوريا وايران، وتردد رئيس الوزراء الطيب رجب اردوغان في تنفيذ مطالب تركيا وتهديداتها للنظام السوري والتي راوحت بين اقامة مناطق عازلة وفرض عقوبات قاسية وغيرها من الاجراءات التي تعجل في اطاحة الرئيس الاسد.
ويبدو ان المبادرة التي وعد بها اردوغان في شأن سوريا هي "المبادرة الانسانية" التي تحدث عنها داود اوغلو في واشنطن، والتعاون في مؤتمر "اصدقاء سوريا" في تونس لزيادة عزلة نظام الاسد، وليس الاضطلاع بدور اكبر يشمل توفير الدعم المادي (التسليحي) واللوجستي للمعارضة السورية الذي كان يأمل فيه البعض. جاء داود اوغلو الى واشنطن ليطلع من الاميركيين على الحد الاقصى الذي يمكن ان يذهبوا اليه في المواجهة مع النظام السوري. وما سمعه هو تأكيد التمسك بالمساعي والحلول الديبلوماسية للنزاع في سوريا. المفارقة اللافتة، هي انه بعد القرار الاخير لجامعة الدول العربية، والدعوات الضمنية الى تسليح المعارضة، تبدو الدول العربية متقدمة انقرة وواشنطن في موقفها المناوئ للنظام السوري.
تركيا مترددة في القيام بدور قيادي فعلي للتخلص من نظام الاسد، لانها قلقة من رد الفعل السوري – الايراني والذي يمكن ان يشمل استخدام "الورقة الكردية" ضدها، وخائفة من ان "ترث" عبء الازمة السورية وحدها في غياب ضمانات اميركية قوية ودور داعم لحلف شمال الاطلسي، وراغبة في عدم تأزيم علاقاتها اكثر مع ايران. داود اوغلو ابلغ كلينتون ان تركيا تريد ان تساهم في معاودة المفاوضات بين طهران ومجموعة خمسة زائد واحد في شأن البرنامج النووي الايراني، وانها تعارض بقوة اي اجراء عسكري ضد ايران، وانها ستواصل استيراد النفط من ايران (اكثر من 50 بالمئة من حاجات تركيا) وتتمنى ألا تفرض واشنطن عقوبات على "البنك الشعبي" Hulkbank الذي تستخدمه تركيا في المعاملات مع المصرف المركزي الايراني الذي استهدفته العقوبات الاميركية. تركيا، الدولة الصاعدة، هي ايضا تركيا الدولة المترددة.
جريدة النهار..في الصحافة العالميّة
كتب أفرايم هليفي:
"الصراع الدائر في سوريا هو صراع متعدد المستوى. ففي الأساس هو صراع داخلي بين الأقلية العلوية والغالبية السنية، لكنه على المستوى الإقليمي هو صراع بين الدول السنية بزعامة مصر والسعودية والشيعية بقيادة إيران وبالتعاون مع شيعة العراق والبحرين وشرق السعودية، من أجل السيطرة على الشرق الأوسط. أما على الصعيد الدولي فهو صراع بين الغرب من جهة وروسيا والصين للسيطرة على مناطق حيوية في الشرق الأوسط. وأما إسرائيل، فقد تبدو ظاهراً خارج هذا الصراع، إلا أنها في عين العاصفة لأن إيران تحتل مكاناً بارزاً في جميع المعارك الدائرة حالياً والطريقة التي سينتهي بها الصراع في سوريا سيحسم مصير طموحاتها النووية. لقد تحولت سوريا نقطة ضعف طهران، وفي حال سقوط الأسد ومجيء نظام معاد لإيران، فإن هذا سيغير موازين القوى في المنطقة وسيوجه ضربة شديدة الى إيران قد تدفعها الى التخلي عن برنامجها النووي".
جاء في افتتاحية الصحيفة أمس:
"تعتبر الصين والهند وروسيا قائدة العالم، فلماذا والحال هذه تقدم المساعدة لنظامين خطرين مثل سوريا وإيران لمواصلة نهجهما المدمر؟... لقد تفاقمت حدة العنف في سوريا منذ استخدمت روسيا والصين الفيتو في الأمم المتحدة ضد الخطة التي اقترحتها الجامعة العربية من أجل انتقال سلمي للسلطة في سوريا. أما الهند، فقد اتخذت الموقف الصحيح بتصويتها مع القرار. لو اتخذ مجلس الأمن قراره لكان أظهر التضامن الدولي ضد بشار الأسد والنخب التي لا تزال تدعم بقاءه في الحكم".
كتبت الصحيفة في افتتاحيتها أمس:
"لا نزال نعتقد أن قيام إسرائيل أو الولايات المتحدة بعمل عسكري ضد إيران ليس ضرورياً أو حكيماً. إذ تتفق التقديرات الإسرائيلية والأميركية على أن إيران تبني قدرتها النووية، لكنها لم تتخذ قراراً حاسماً بصنع القنبلة. في هذه الأثناء تزداد الضغوط التي تمارس على زعاماتها سواء عبر العقوبات، او اعمال التخريب، أو تجريدها من حلفاء مثل سوريا، أو عبر تزايد مشاعرالاستياء الداخلي. وحتى الآن قد يشكل هذا أفضل استراتيجية يمكن أن تدفع النظام الى التخلي عن مشروعه النووي، أو تتسبب بسقوطه".
العقل الإسلامي بين الانفتاح والانغلاق
جريدة النهار..بقلم السيد يسين - القاهرة
يمكن القول ان الخطاب الاخواني خرج من أزمته التقليدية التي صاحبته عشرات السنين، وخصوصاً في ظل الحلم باسترداد الفردوس المفقود، أي نظام الخلافة... لكن ماذا عن التيار السلفي؟
يمر العقل السلفي - إن صح التعبير- بأزمة لا شك فيها، أبرز مؤشراتها التشدد الديني وفق تأويلات دينية غير صحيحة، والتركيز على التحريم بلا أساس في مجال السلوك الاجتماعي وضد القيم الليبرالية المنفتحة.
وهذه الأزمة فرع من الأزمة العامة التي يمر بها العقل الديني التقليدي، سواء تمثل في أفكار الإخوان المسلمين التي تعد بشكل عام معتدلة ووسطية، أم في أفكار الجماعات الإسلامية الجهادية التي سبق لها أن اعتبرت العنف والإرهاب وسيلة لها لقلب النظم السياسية العربية العلمانية الراهنة قبل أن تمارس نقدها الذاتي.
وقد سبق لنا أن عرضنا بالتفصيل لأزمة المشروع الإسلامي المعاصر بكل جوانبها (راجع كتابنا "الكونية والأصولية وما بعد الحداثة". القاهرة، 1996، الجزء الأول "نقد العقل التقليدى"، الجزء الثانى، "أزمة المشروع الإسلامي المعاصر"). ونقصد بهذا المشروع الحركة الإسلامية التي ظهرت في ربوع الوطن العربي منذ أكثر من ثمانين عاماً، وربما كانت جماعة الإخوان المسلمين التي أنشأها الشيخ حسن البنا رحمه الله هي رائدة هذه الحركة، بحكم انتشارها في عديد من البلاد العربية. والأزمة التي نتحدث عنها لا تتعلق فقط بالسلوك العملي لأنصار هذا المشروع الذي جعلهم يصطدمون بالسلطة في عديد من البلاد العربية، بل هي أزمة تتعلق بالمنطلقات النظرية لهذا المشروع وبرؤيته للعالم وبنظره الى نفسه وفي اتجاهه إزاء الغير. وأبرز هذه المنطلقات هو السعي الى إنشاء دولة دينية تطبق شريعة الله، تحقيقاً لشعارهم الشهير "الإسلام دين ودولة"، لكي تحل محل الدولة العلمانية التي تفصل بين الدين والدولة.
غير أنه لابد من أن نشير الى أنه حدثت تحولات بالغة الأهمية في خطاب تيار الإسلام السياسي الذي كان لا يقبل الحزبية ولا الأحزاب ولا الديموقراطية، على أساس أنها بدعة دخيلة لأن الشورى وليس غيرها هي النظام الأمثل.
وقد عبرت عن هذا التحول مذكرة مهمة أصدرتها جماعة الإخوان المسلمين في آذار 1994 بعنوان "موجز عن الشورى في الإسلام وتعدد الأحزاب في المجتمع المسلم". وهذه المذكرة المهمة عكست رغبة شديدة في الاقتراب من قيم التعددية السياسية والتركيز على أن الأمة - وفق الصياغة الليبرالية الشهيرة - هي مصدر السلطات.
كان هذا عام 1994، وتشاء تطورات الأحداث التاريخية الكبرى في مصر وخصوصاً قيام ثورة 25 يناير، أن تؤدي الى أن تتصدر جماعة الإخوان المسلمين مجلس الشعب، بعد أن حصلت على عدد كبير من المقاعد ويليها حزب "النور السلفي".
وهكذا وُضعت جماعة الإخوان المسلمين في محك الاختبار التاريخي لكي نعرف صدق المنطلقات النظرية الجديدة التي أصبحوا يعلنون عنها.
وقد يكون في خطاب الدكتور المرسي رئيس "حزب الحرية والعدالة"، وكذلك في خطاب الدكتور الكتاتني رئيس مجلس الشعب، ترجمة واضحة لهذه المنطلقات من حيث الحرص على قيم الديموقراطية، وأبرزها احترام التعددية، وانتهاج أسلوب التوافق السياسي مع كل التيارات السياسية.
وقد لفتت نظري في المقال المهم الذي نُشر في الأهرام بتاريخ 13 شباط 2012 للدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين بعنوان "مصر بين الأمس واليوم" فقرة بالغة الأهمية جاء فيها بالنص: "إننا نسعى لبناء الدولة الديموقراطية الحديثة القائمة على أسس المواطنة ومبادئها وسيادة القانون والحرية والمساواة والتعددية بكل أشكالها وأنواعها، والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وشيوع قيم الحرية والعدالة والمساواة بين جميع أبناء الأمة بلا تمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين، وصياغة دستور جديد للبلاد ويلبي متطلباتنا نحو نهضة حقيقية لعشرات بل مئات السنين، بصورة توافقية بين جميع أبناء البلاد، فالدساتير توضع بالتوافق لا بالأغلبية". وليس عندي شك في أن هذه الأفكار جميعاً تعبر عن تحول عميق ومحمود في الخطاب الإخواني الذي كان يرفض الديموقراطية من قبل ويفضل عليها الشورى، كما أنه كان يرفض التعددية الحزبية، ويتشبث بإقامة الدولة الدينية على أساس أن الإسلام دين ودولة.
وهكذا يمكن القول أن الخطاب الإخواني خرج من أزمته التقليدية التي صاحبته عشرات السنين، وخصوصاً في ظل الحلم باسترداد الفردوس المفقود وأعني نظام الخلافة، كما سبق للشيخ يوسف القرضاوي أن عبر عن ذلك عام 1994، حين قرر أن اختيار خليفة واحد يحكم الأمة الإسلامية من مشارق الأرض الى مغاربها هو ما ينبغي أن يسعى المسلمون الى تحقيقه، وهذا ما جعلني أدخل معه في حوار على صفحات جريدة "الأهرام"، على أساس أن حلم الخلافة يتجاهل حقائق النظام العالمي، والواقع المحلي في عديد من البلاد الإسلامية.
وأياً ما كان الأمر فإن جماعة الإخوان المسلمين بتوجهاتها الجديدة خطت خطوات واسعة في مجال تحديث خطابها التقليدي، لكي يصبح أكثر توافقاً مع الاعتبارات الديموقراطية.
ولكن تبقى لنا مشكلة التيار السلفي، الذي رغم تمدده وانتشاره في السنوات الأخيرة، لم يتعرض من قبل للاختبار السياسي في إطار ديموقراطي.
وها هو حزب "النور" المعبر عنه والذي حصل على المكانة الثانية في الانتخابات يظهر للعلن، ويكشف عن نسق فكري ديني مغلق، يعتمد أساساً على القياس الخاطئ والتأويل المنحرف للآيات القرآنية.
ومما لا شك فيه أن الرأي العام في مصر قد إنزعج انزعاجا شديداً من تصريحات متعددة أدلى بها بعض قادة التيار السلفي، سواء في ما يتعلق برغبتهم في إقامة جهاز يتولى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قياساً على التجربة السعودية، أو في ما يتعلق بعقلية التحريم التي يتبناها.
وتبدو أزمة العقل السلفي في أنه يعتمد على الماضي باعتباره المرجعية العليا له، وهذا الماضي يتمثل في إعادة إنتاج تفسيرات تقليدية ومتشددة للنصوص الدينية، ويسعى لتطبيقها في المجتمع اليوم، بالرغم من اختلاف الظروف بين ماضي المجتمعات الإسلامية وحاضرها.
وقد غاب عن دعاة الخطاب السلفي أنهم لن يستطيعوا - حتى لو أرادوا - أن يفرضوا معاييرهم الأخلاقية المتشددة على الشعب المصري، من خلال تحريم عديد من أساليب الحياة في مصر.
وعليهم - بعد أن خرجوا من كهوفهم الماضوية العميقة- وتعرضوا للشمس، وأصبحوا يمارسون السياسة في البرلمان، أن يدركوا أننا نعيش عصر الديموقراطية وحقوق الإنسان، وأن المجتمع المصري يمتلك تراثاً ليبرالياً راسخاً، ولن يسمح لأي فصيل ديني سلفي أن يفرض قيمة على جموع الشعب.
المصدر: مصادر مختلفة