تقارير ...طهران والرياض يتصدران مشهد الاختلال الأمني في اليمن ...التردد التركي

تقرير سياسي.... 62٪ من الإسرائيليين يؤيدون احتلال سيناء..عن "الرعب" الاقتصادي في اليمن: نفاد النفط وشحّ المياه.. وغياب البدائل

تاريخ الإضافة الجمعة 17 شباط 2012 - 6:55 ص    عدد الزيارات 2440    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

تقرير سياسي.... 62٪ من الإسرائيليين يؤيدون احتلال سيناء
جريدة اللواء..بقلم خالد الأصمعي
في الوقت الذي تؤكد فيه كل الأطراف المصرية احترامها معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، بداية من المجلس الأعلى للقوات المسلحه الذي اعلن في اول بيان بعد سقوط الرئيس المخلوع احترامه لكل المعاهدات الدولية التي وقعتها مصر، في إشارة واضحه الى «كامب ديفيد»، وكذلك الخطاب المصري للمرشحين المحتملين للرئاسة والناشطين السياسيين، والاحزاب وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة الذي حقق الأغلبية البرلمانية في الانتخابات الأخيرة، وحتى حزب النور السلفي المتشدد أعلن احترامه لمعاهدة السلام المصرية الاسرائيلية.
ولكن على الجانب الإسرائيلي منذ انتصار الثورة المصرية، أخذ موضوع شبه جزيرة سيناء يحتل حيزاً كبيراً من تصريحات وتحليلات الساسة والصحافيين الإسرائيليين، حيث يتخوف هؤلاء من الانفلات الأمني الحاصل في سيناء بعد الثورة، وأثر ذلك على المدن والمستوطنات الإسرائيلية.
وأشارت دراسة إسرائيلية، إلى أن سيناء تتحول بوتيرة سريعة إلى مركز لعدم الاستقرار، ونقطة انطلاق محتملة لما يسمي بالإرهاب، ومصدر للتوتر بين مصر وإسرائيل، وأن التطورات في سيناء يمكن أن تنهي حالة السلام الثنائي الهش بين مصر وإسرائيل، خصوصا ان سيناء تعتبر جزيرة غير مأهولة تقريبا ولا يمكن لسكانها أن يشكلوا خطرا حقيقيا على إسرائيل.
بينما أكد بعض المسؤولين المصريين أن إسرائيل هي من تحاول إثارة الفتن والمشاكل داخل سيناء، وتسعى من حين لآخر لزعزعة استقرار شبه جزيرة سيناء بمزاعم ليس لها أساس من الصحة، وإن قوات الأمن تحكم سيطرتها على حدود مصر الشرقية تماما وتبسط سيطرتها على كل الأراضي المصرية في سيناء.
والسؤال الكبير هل تصريحات المسؤولين الإسرائيليين مقدمة تمهيدية لعمل عسكري ستشنه إسرائيل على شبه جزيرة سيناء، وذلك بحجة أنها باتت تشكل خطرا على أمن إسرائيل؟
في الحقيقة تحظي فكرة إعادة احتلال سيناء بتأييد غالبية الإسرائيليين، فقد كشف استطلاع للرأي أجراه مركز موشيه ديان للدراسات السياسية والإستراتيجية أن 62% من الإسرائيليين عبروا عن رغبتهم في إعادة احتلال شبه جزيرة سيناء المصرية، بينما رفض 24% هذه الفكرة، فيما رفض 14% التصويت.
وأوضح الاستطلاع أن المؤيدون لفكرة إعادة احتلال سيناء يستندون إلى أن تلك الخطوة ستضمن الأمن للمدن الصهيونية الجنوبية، موضحين أن السبب الرئيسي في هجمات إيلات الأخيرة والتي قتل فيها أكثر من 12 شخصًا ترجع إلى عدم قدرة السلطات المصرية على السيطرة على الأوضاع بسيناء.
وأشار تقرير صدر عن معهد واشنطن إلى أن الأداء القوي للإسلاميين في الانتخابات البرلمانية المصرية يعد سببًا لقلق إسرائيل، لأن أي حكومة إسلامية في مصر قد تغض الطرف عن الجماعات الإرهابية في غزة وسيناء أو حتى ستقوم بتحريضها.
وتزامن ذلك مع تصريحات كان أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وقال فيها إن مصر على ما يبدو تواجه صعوبة في السيطرة على سيناء، وكان نتانياهو أشار إلى أن ما يحدث في سيناء هو أن ما تسمي بمنظمات الإرهاب العالمي يثيرون ضجيجا يتزايد هناك بسبب العلاقة ما بين سيناء وبين قطاع غزة وذكر أن حركة حماس تزداد قوة في الأراضي المصرية، قائلا إن الحركة قامت بنقل معظم نشاطاتها إلى مصر من دمشق بسبب حالة الغليان التي تشهدها سوريا.
ولا يفوتنا إلقاء الضوء على دعوة وجهها حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف، لإعادة احتلال شبه جزيرة سيناء، زاعما أنها جزء لا يتجزأ من الأراضي الإسرائيلية التي أوصت التوراة شعب إسرائيل باستيطانها.
ووزع الحزب بيانا بعنوان إعادة احتلال سيناء، اشتمل على كلمة ألقاها يسرائيل آريئيل حاخام مستوطنة يميت الإسرائيلية، طالب فيها بإعادة احتلال سيناء فورا، وزرعها بالمستوطنين اليهود، تنفيذا لأوامر التوراة، محذرا من تداعيات ثورة 25 يناير على الأوضاع السياسية والإستراتيجية لإسرائيل خلال السنوات العشر المقبلة، وقال إن السلام مع مصر ليس كنزا استراتيجيا، ولكنه شوكة في حلق إسرائيل، وها هي مصر بعد الثورة تقود اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس لتدمير إسرائيل، وتفتح معبر رفح أمام الفلسطينيين، وما زالت الأنفاق تنقل السلاح إلى حركة حماس في قطاع غزة، حسب زعمه.
وبعيداً عن هذه الدعاوى الرسمية والشعبية في اسرائيل نرى ان اكبر انتصار حققته اسرائيل على الارض في صراعها في المنطقة هو تحييد الموقف المصري، وان اسرائيل لو كانت تثق بقدرتها على اعادة احتلال شبه جزيرة سيناء لما ترددت للحظة واحده، فلم تصمت اخلاقاً منها او احتراماً للمعاهدات والمواثيق، ولكن لانها تعلم فقط ان سيناء خلفها جيش منظم ومدرب وقادر على توفير الحماية لأرضه، وحسبما ذكرت الصحافة العبرية حتى وان كان الجيش الإسرائيلي يملك تفوقاً نوعي، فانه امام تفوق كمي لا قبل له به، وان الشارع العربي الوحيد الذي رفض هزيمة 67 ولم يقبل بالتعايش معها هو الشارع المصري.
*كاتب من فلسطين.
 
 
 
جريدة النهار..صنعاء – أبو بكر عبدالله

طهران والرياض يتصدران مشهد الاختلال الأمني في اليمن 

 ومبعوث روسي يؤكد دعم موسكو لاتفاق التسوية

 تتصدر الرياض وطهران تفاعلات المشهد الأمني في شمال اليمن، حيث تدور مواجهات بين المسلحين الحوثيين والجماعات السلفية المسلحة والقبائل الحليفة، وكذلك الاضطرابات الأمنية في المحافظات الجنوبية وسط اتهامات عبر عنها إسلاميون اتهموا إيران بدعم المسلحين الحوثيين وفصائل متشددة في "الحراك الجنوبي" المطالب بـالانفصال لإفشال الانتخابات الرئاسية، فيما أجرى مبعوث للرئيس الروسي لقاءات مع مسؤولين يمنيين تناولت خطوات تنفيذ اتفاق التسوية الخليجي والدور الروسي في ضمان تنفيذه.
واحتدمت المواجهات بين الجماعات السلفية المسلحة والحوثيين الشيعة في محافظتي صعدة وحجة وسط بيانات أتهم فيها السلفيون إيران بمحاولة تهريب شحنات أسحله إلى الحوثيين الذين نشروا وثائق وصور لأسلحة ثقيلة بوصفها أدلة تثبت تورط النظام السعودي في تسليح المليشيا السلفية ورجال القبائل وإشعال حرب مذهبية في المحافظات الشمالية اليمنية.
واتهم عبد الملك الحوثي الرياض بشحن كميات من الأسلحة الثقيلة إلى محافظتي صعدة وحجة لدعم الجماعات السلفية القبائل المتحالفة معها ووزع صور لقذائف هاون أميركية الصنع قال أنها مخصصة لتسليح الجيش السعودي أرسلتها الرياض لتسليح الجماعات السلفية في صعدة وحجة.
ولم يوضح الحوثي كيف تم السيطرة عليها، لكنه قدمها كدليل على تورط الرياض في المواجهات التي تشهدها مناطق في محافظتي صعدة وحجة.
كذلك نشر الحوثي وثيقة صادرة عن اللواء الثاني حرس حدود التابع لقوات المنطقة العسكرية الشمالية الغربية التي يقودها اللواء على محسن الأحمر مذيلة بتوقيع العميد على عمر سعيد قائد اللواء الثاني حرس حدود وموجهة إلى قائد حرس الحدود في الجيش السعودي بمنطقة جازان اللواء عبد العزيز بن محمد الصبحي يطلب منه تنفيذ أوامر لقائد المنطقة العسكرية الجنوبية في المملكة "لاستقبال جرحى المواجهات الدائرة بين المتمردين الحوثيين وقبائل حجور في منطقة عاهم بمحافظة حجة اليمنية".
ولم يصدر أي بيان من مكتب اللواء على محسن الأحمر الذي كان أعلن الانشقاق عن نظام صالح والانضمام للثورة الشبابية وتبني مطالبها في اطاحة نظام صالح، لكن دوائر سياسية يمنية أكدت أن مشاركة القوات التي يقودها في هذه المواجهات تكشف علاقته بالجماعات السلفية التي انخرطت ضمن شبان الثورة المناهضين لنظام صالح استعداداً لخوض الانتخابات.
ونشرت وسائط إعلامية قريبة من اللواء الأحمر بيانات تتهم طهران بمحاولة تهريب شحنات أسلحة عبر البحر الأحمر إلى الحوثيين في محافظتي حجة وصعدة، وقالت إن سفينة شحن أوقفت في ميناء ميدي اليمني كانت تنقل شحنة أسلحة إيرانية للحوثيين.
ويسود توتر حاد مناطق المواجهات في صعدة وحجة بعد تدفق المئات من مسلحي الجماعات السلفية إلى هذه المناطق استجابة لدعوة مشائخ التيار السلفي لهؤلاء فيما سموه "حرب النصرة".
وحذرت دوائر سياسية يمنية من مخاطر تحول المحافظات الشمالية إلى ساحة حرب بين مسلحي الجماعات السلفية والمسلحين الحوثيين وقت تستعد فيه اليمن لانتخاب رئيس جديد خلفا للرئيس المنتهية ولايته علي عبدالله صالح والذي اتهمته تيارات سلفية متعدلة أخيراً بالسعي إلى اشعال حرب مذهبية في المحافظات الشمالية لليمن.
وفي المحافظات الجنوبية، أعلنت مكونات "الحراك الجنوبي" المطالب بالانفصال تصعيد تحركاتها السلمية المناهضة للانتخابات الرئاسية. وشهدت محافظات عدة تظاهرات مناهاضة للانتخابات وتحض على عدم المشاركة فيها، فيما شن مسلحون هجوما بالأسلحة الرشاشة على مركز انتخابي في مدينة الحوطة بمحافظة لحج الجنوبية من دون وقوع ضحايا.

 

دعم روسي
سياسياً، بحث القائم بأعمال رئيس الجمهورية المشير عبد ربه منصور هادي مع المبعوث الروسي سيرغي فرشيننين المستجدات السياسية على الساحتين اليمنية والإقليمية، وسلم المشير هادي رسالة من الرئيس الروسي أكد فيها دعم موسكو لتنفيذ اتفاق التسوية الخليجي وقرار مجلس الأمن وتنظيم الانتخابات الرئاسية واستكمال مهمات المرحلة الانتقالية.
وأكد المبعوث الروسي أن موسكو لا تزال عند موقفها هذا باعتبارها أحد الضامنين لتنفيذ اتفاق التسوية وصولا إلى مراحله النهائية بما يجنب اليمن شبح الحرب الأهلية.
ورحب المشير هادي بالدور الذي تلعبه روسيا مع المجتمع الدولي في سبيل أخراج اليمن من الظروف الصعبة الراهنة.
وكان مساعد وزير الخارجية الروسي أكد لدى وصوله صنعاء أنه سيبحث مع المسؤولين اليمنيين وقادة الأحزاب السياسية في الأوضاع في اليمن والعلاقات بين البلدين ولتأكيد دعم موسكو لحكومة الوفاق الوطني خطة التسوية السلمية الهادفة إلى الحفاظ على أمن واستقرار اليمن.

 

 

عن "الرعب" الاقتصادي في اليمن: نفاد النفط وشحّ المياه.. وغياب البدائل
جريدة السفير..دنيز يمين
تمطر المنظمات الدولية منذ أسابيع على اليمن بتقاريرها الإنسانية والاقتصادية المقلقة، مطلقة جرس الإنذار إزاء التدهور الكبير للمعيشة والتنمية في اليمن، ليس إثر الاحتجاجات الدامية التي شلّت البلاد في العام الأخير فحسب بل أيضاً جراء عقود من السياسات الخانقة.
تقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" إن اليمن ثاني دولة في العالم بعد أفغانستان، من حيث ارتفاع معدل سوء التغذية المزمن بين الأطفال، إذ تصل نسبة النمو المتعثر فيها إلى 58 في المئة فيما يعاني حوالى 30 في المئة من الأطفال في بعض المناطق من سوء التغذية الحاد، وهي نسبة تعادل ما يشهده جنوب الصومال حالياً. أما منظمة "اوكسفام" غير الحكومية في اليمن فتحذر بدورها من خطر نشوب أزمة إنسانية خطيرة في البلد الأكثر فقراً في المنطقة متخوفة من ارتفاع معدّل الوفيات في صفوف الأطفال... تحذيرات تضاف إلى ما أعلنه الشهر الماضي الأمين العام المساعد لشؤون المفاوضات في مجلس التعاون الخليجي عبدالعزيز العويشق عن "المؤشرات الخطيرة جداً" التي تنذر بانهيار الاقتصاد اليمني، وعلى رأسها بدء نفاد "الموارد الطبيعية (الماء -النفط)" في اليمن وارتفاع نسبة البطالة إلى 53 في المئة فيما يعيش الفرد بأقل من دولارين يومياً...
أرقام مرعبة تزيد من خطورة المرحلة السياسية الانتقالية التي يعيشها اليمنيون اليوم، والذين يستعدون في 21 شباط الحالي لانتخاب عبد ربه منصور هادي، نائب الرئيس المعزول علي عبدالله صالح، رئيساً للبلاد وفقاً لبنود الاتفاق الخليجي لنقل السلطة.. تراجع الإنتاج النفطي، انخفاض الاحتياط الأجنبي في البنك المركزي اليمني، نقص الوقود الذي شلّ الشركات المحلية إلى حدّ رفض البنوك ومحلات الصيرفة شراء الريال اليمني... كلها تحديات هائلة عدّدها تقرير شامل لـ"معهد الشرق الأوسط" عن "أزمة الاقتصاد اليمني"، في وقت يظهر الزعماء اليمنيون إصراراً على عدم المسارعة لمواجهتها، بل ان "النخبة اليمنية تحوّل صنعاء إلى بيروت 1975".
ينبع الخوف الكبير على الاقتصاد اليمني بحسب التقرير من تحديين أساسيين، الأول تراجع النفط مع انخفاض عائداته، والثاني، ندرة الموارد الطبيعية، خصوصاً المياه التي تُعدّ مفتاح الإنتاج الزراعي، ليُضاف إليهما انخفاض التحويلات المالية من السعودية بشكل رئيسي بعد إغلاق المملكة بابها في وجه العمّال اليمنيين لأسباب سياسية اكثر مما هي اقتصادية (اذ تتخوّف دول مجلس التعاون الخليجي حالياً من عمّال يمنيين يأتون من بيئة سياسية مختلفة، تعترف بالانتخابات وبفكرة الديموقراطية وحقوق الإنسان.. فضلاً عن استبعادها عمّالاً يمنيين تعتبرهم بلا كفاءة او تدريب).
وفيما يروي التقرير أن "اليمن ليس بالفقر الذي نخاله" إذ أن ديون اليمن لا تتعدى الـ6 مليارات دولار من جهة وان فقره لا يقارن بفقر موزمبيق او جنوب الصحراء الكبرى (إفريقيا السوداء) من جهة أخرى، كما أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد في اليمن أكبر مما هو عليه في بلدان مثل كينيا (760 دولاراً) وفيتنام (930 دولاراً) وباكستان (ألف دولار)، يشير في الوقت نفسه إلى أن الاقتصاد اليمني بحاجة ماسة إلى الانتعاش سريعاً بالخروج من دائرة "الاعتماد الدائم على النفط" والعثور على مصادر اقتصادية تنموية بديلة.
النفط اليمني.. ولعنته
لم يكن اليمن يوماً منتجاً كبيراً للنفط وفقاً للمعايير العالمية. في العام 1995، كان اليمن ينتج حوالى 350 ألف برميل نفط يومياً ليرتفع الإنتاج إلى 450 ألف برميل يومياً في العام 2001، قبل أن يبدأ انحدار الإنتاج التدريجي بعد ذلك. (السعودية قادرة على إنتاج 12 مليون برميل يومياً). كان اليمن محظوظاً، اذ في وقت بدأ انخفاض الإنتاج النفطي، ارتفعت أسعار النفط العالمية بشكل حاد، وخففت من التأثير الاقتصادي لتراجع الإنتاج اليمني. ففي حين كان إنتاج النفط في طور الانخفاض، واصلت العائدات صعودها. وفي السنوات القليلة الماضية، ارتبطت عائدات النفط اليمنية على نحو أوثق بسعر النفط المضطرب في الاقتصاد العالمي أكثر من ارتباطها بمستويات الإنتاج.. من هنا، ساهم النفط في تشكّل الاقتصاد اليمني بمساهمته المحدودة في الاقتصاد اليمني خلال التسعينيات، حيث شهد الإنتاج النفطي نمواً كبيراً بين عامي 2000 و2010 مكّنه من السيطرة على الصادرات وتأمين 75 في المئة من العائدات بشكل عام.
والآن، وفيما تزداد المخاوف من تعطيل الإنتاج النفطي في الشرق الأوسط في ظل ما تمرّ به المنطقة من اضطرابات، تعود أسعار الوقود إلى الارتفاع مرة أخرى، ليحمل التراجع النفطي آثاره السلبية على اليمن كما على غيره من البلدان العربية. لكن ما سبب "المعاناة النفطية" في اليمن؟
1- كان النمو في الاقتصاد اليمني أسرع على مستوى الاتصالات والنقل والتبادل التجاري، فيما لم تشهد القطاعات المنتجة للسلع الأساسية نمواً مماثلاً. أما الانخفاض الأخير في المجال النفطي (من ثلث الناتج المحلي الإجمالي إلى 10 في المئة من هذا الناتج) ففتح الباب واسعاً أمام سيطرة قطاعات الاتصالات والتجارة والنقل على الاقتصاد. في المقابل، انحسر دور القطاع الصناعي في الاقتصاد اليمني مع انخفاض مساهمته من نسبة 13 في المئة من الناتج المحلي في العام 1994 إلى 7 في المئة في العام 1999 والى 5 في المئة في السنوات الأخيرة... لذا، لم يستطع اليمن، باختباره الاعتماد على القطاعات الإنتاجية الأخرى (غير النفط)، النهوض اقتصادياً خصوصاً ان هذه القطاعات تأثرت بالاستثمارات الضئيلة وغياب عنصر المنافسة.
2- تؤثر السياسة اليمنية في التعاطي مع المداخيل النفطية بشكل كبير على هذا القطاع. فبدلاً من العمل على تعزيز قدرة هذا القطاع وتنظيمه اقتصادياً عن طريق الضرائب على المبيعات وغيرها من التدابير، يتم استنزاف العائدات النفطية التي تشكل 75 في المئة من العائدات العامة للبلاد في المكان الخطأ (حصلت محاولات منذ سنوات قليلة لتطوير جمع الضريبة على المبيعات غير أن المفاوضات مع القطاع الخاص لم تأت بحلول، وصولاً إلى الأزمة الراهنة التي شلّت هذه المساعي).
3- لطالما طلب صندوق النقد الدولي من اليمن تخفيف الدعم على الوقود غير أن عدم تلبية الحكومة اليمنية النداء ارتبط بحسابات سياسية داخلية: أولاً، لأن المعارضة اليمنية آنذاك استغلت الأمر لدواعٍ سياسية (لعب حزب التجمع اليمني للإصلاح- الإخوان المسلمين، دوراً سياسياً وشعبياً جدياً منذ العام 1997، يوم أتت الانتخابات بنوابه إلى البرلمان)، وسوّقت المعارضة لفكرة ضرب الحكومة لمصالح الناس في حال رفعها الدعم وأنها تبيع سيادتها لصندوق النقد. ثانياً، ساهم الدعم في حماية عمليات التهريب النفطية إلى إفريقيا، حيث كان الرئيس علي عبدالله صالح وقائد الفرقة الأولى مدرع علي محسن والعديد من شخصيات آل الأحمر، شركاء في تهريب "النفط المدعوم والمربح" إلى زبائن إفريقيين...
أزمة المياه
بالرغم من المناخ الممطر الذي يخيّم على اليمن لأوقات مختلفة من السنة، وذلك خلافاً لباقي البلدان في الجزيرة العربية، تزداد المياه ندرة. لا شك في أن السبب مرتبط بالزيادة في الكثافة السكانية اليمنية ومحدودية إمدادات المياه، فضلا عن عدم وجود أنهار تأتي بالمياه من مناطق مختلفة كالنيل في مصر او دجلة والفرات في العراق او من الهند او باكستان. كذلك، ليس لليمن، على عكس دول مجلس التعاون الخليجي، الثروة الكافية للاستثمار في محطات تحلية المياه.. أكثر من ذلك، يكفي ان الزراعة اليمنية تستهلك 90 في المئة من المياه، خصوصاً ان حوالى 50 في المئة من الأراضي الزراعية "مطرية" (للذرة والحبوب) والأخرى تقوم على الرّي (للقات كمنتج زراعي أساسي في اليمن، اذ يغطي زرعه 10 في المئة من الأراضي الزراعية اليمنية ككل، كما يشكل 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي).
تحذير خبراء من أن صنعاء قد تصبح أول مدينة في العالم تنضب منها المياه في غضون عشر سنوات، ليس تحذيراً مبالغاً فيه، خصوصاً ان الطبيعة لا تعوّض المياه التي تسحب من الآبار الجوفية بسرعة تواكب معدلات الاستهلاك المتزايدة للسكان البالغ عددهم 23 مليون نسمة ويتوقع أن يزيدوا إلى الضعف خلال 20 عاماً. وفيما يقرّ مدير مصادر المياه في المؤسسة المحلية في صنعاء المهندس خالد زيد الخربي بأن المؤسسة لا تستطيع إمداد أكثر من نصف سكان المدينة باحتياجاتهم من المياه قائلاً "نعاني من أزمة توفير مصادر مياه لأكثر من 60 في المئة من أمانة العاصمة لا تغطيها المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي"، يرى خبير المياه في الوكالة الألمانية للتعاون الدولي في اليمن أنور سحولي أن "المسؤولين اليمنيين لا يدركون فداحة المشكلة بعد. هم أمام مشاكل أخرى الآن.. سياسية وعسكرية.. لا يعلمون أن الحروب المستقبلية في العالم هي حروب المياه"...
تعثّر البدائل
أول الخيارات التي قد توضع على طاولة البحث اليمنية لإيجاد بديل عن النفط والمياه، هو الغاز. ربما هو الخيار الذي بات الأكثر شعبية في العالم ككل مع تحوّل الصراع الدولي إلى صراع حول الطاقة ومصادرها، إلا ان حصة اليمن في هذا المجال لا تبدو مطمئنة. في حال استثمار اليمن مشروع الغاز الأكبر في البلاد (مشروع "الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال" في بلحاف جنوب غربي مدينة المكلا) جيداً، وذلك بتأمين إمدادات من حقول مأرب إلى الأسواق، فمن شأن ذلك إنعاش الاقتصاد اليمني بمليار دولار سنوياً، فضلاً عن 100 مليون دولار كمتوسط ​​للإيرادات الضريبية السنوية للحكومة على مدى السنوات الخمس والعشرين المقبلة. وفيما قد تذهب معظم العائدات من الغاز إلى مستثمرين أجانب، من شأن مشروع كهذا ان يمنح الحكومة اولاً نسبة من أرباح المستثمرين، وثانياً عائدات ضريبية تصاعدية.
.. لن ينجح الاعتماد على هذا البديل او على غيره من دون إرادة سياسية. كما يصعب تنفيذ خطط الحل من دون جسم يمني متخصص وإدارة بيروقراطية ومشروع مؤسساتي يحمي العائدات التي من الممكن توافرها لا بل استخدامها في المكان المناسب. المرحلة الانتقالية اليمنية مخاض معيشي قبل أن يكون سياسياً: اليمن يختبر "الخلل الاقتصادي" نتيجة تحوّله القسري من بلد يعتمد على النفط إلى بلد يبحث عن البديل. فهل تؤمن السلطة (القديمة -الجديدة) احتياجات وطنية كانت اساس الخروج الثوري الى الشارع؟


 

 

 
جريدة النهار..هشام ملحم

التردد التركي

 

تحولت تركيا خلال عقد من الزمن قوة اقليمية ذات طموحات سياسية كبيرة، يدعمها اقتصاد مزدهر، وقيادة تحظى بشرعية جذرتها ثلاث انتخابات حرة. لكن السياسة الاقليمية لتركيا المبنية على عدم وجود أي مشاكل مع جيرانها، والتي بدت لوهلة انها ناجحة، سرعان ما انهارت، بعد تأزم العلاقات مع اسرائيل، وبعد قمع النظام السوري الانتفاضة الشعبية، وبروز الخلافات مع حكومة نوري المالكي في العراق والذي تعتبره انقرة طائفيا، وازدياد التوتر مع ايران بسبب نفوذها المتزايد في العراق ودعمها للنظام السوري.
زيارة وزير خارجية تركيا، أحمد داود اوغلو لواشنطن، اظهرت في الوقت ذاته الاهمية التي تعلقها واشنطن على الدور التركي الصاعد في المنطقة، وكذلك الخيارات التركية المحدودة حيال سوريا وايران، وتردد رئيس الوزراء الطيب رجب اردوغان في تنفيذ مطالب تركيا وتهديداتها للنظام السوري والتي راوحت بين اقامة مناطق عازلة وفرض عقوبات قاسية وغيرها من الاجراءات التي تعجل في اطاحة الرئيس الاسد.
ويبدو ان المبادرة التي وعد بها اردوغان في شأن سوريا هي "المبادرة الانسانية" التي تحدث عنها داود اوغلو في واشنطن، والتعاون في مؤتمر "اصدقاء سوريا" في تونس لزيادة عزلة نظام الاسد، وليس الاضطلاع بدور اكبر يشمل توفير الدعم المادي (التسليحي) واللوجستي للمعارضة السورية الذي كان يأمل فيه البعض. جاء داود اوغلو الى واشنطن ليطلع من الاميركيين على الحد الاقصى الذي يمكن ان يذهبوا اليه في المواجهة مع النظام السوري. وما سمعه هو تأكيد التمسك بالمساعي والحلول الديبلوماسية للنزاع في سوريا. المفارقة اللافتة، هي انه بعد القرار الاخير لجامعة الدول العربية، والدعوات الضمنية الى تسليح المعارضة، تبدو الدول العربية متقدمة انقرة وواشنطن في موقفها المناوئ للنظام السوري.
تركيا مترددة في القيام بدور قيادي فعلي للتخلص من نظام الاسد، لانها قلقة من رد الفعل السوري – الايراني والذي يمكن ان يشمل استخدام "الورقة الكردية" ضدها، وخائفة من ان "ترث" عبء الازمة السورية وحدها في غياب ضمانات اميركية قوية ودور داعم لحلف شمال الاطلسي، وراغبة في عدم تأزيم علاقاتها اكثر مع ايران. داود اوغلو ابلغ كلينتون ان تركيا تريد ان تساهم في معاودة المفاوضات بين طهران ومجموعة خمسة زائد واحد في شأن البرنامج النووي الايراني، وانها تعارض بقوة اي اجراء عسكري ضد ايران، وانها ستواصل استيراد النفط من ايران (اكثر من 50 بالمئة من حاجات تركيا) وتتمنى ألا تفرض واشنطن عقوبات على "البنك الشعبي" Hulkbank الذي تستخدمه تركيا في المعاملات مع المصرف المركزي الايراني الذي استهدفته العقوبات الاميركية. تركيا، الدولة الصاعدة، هي ايضا تركيا الدولة المترددة.

 

جريدة النهار..في الصحافة العالميّة

 

 

الأزمة السورية والمشكلة النووية الإيرانية


 

"يديعوت أحرونوت": الطريق تمر في موسكو

كتب أفرايم هليفي:
"الصراع الدائر في سوريا هو صراع متعدد المستوى. ففي الأساس هو صراع داخلي بين الأقلية العلوية والغالبية السنية، لكنه على المستوى الإقليمي هو صراع بين الدول السنية بزعامة مصر والسعودية والشيعية بقيادة إيران وبالتعاون مع شيعة العراق والبحرين وشرق السعودية، من أجل السيطرة على الشرق الأوسط. أما على الصعيد الدولي فهو صراع بين الغرب من جهة وروسيا والصين للسيطرة على مناطق حيوية في الشرق الأوسط. وأما إسرائيل، فقد تبدو ظاهراً خارج هذا الصراع، إلا أنها في عين العاصفة لأن إيران تحتل مكاناً بارزاً في جميع المعارك الدائرة حالياً والطريقة التي سينتهي بها الصراع في سوريا سيحسم مصير طموحاتها النووية. لقد تحولت سوريا نقطة ضعف طهران، وفي حال سقوط الأسد ومجيء نظام معاد لإيران، فإن هذا سيغير موازين القوى في المنطقة وسيوجه ضربة شديدة الى إيران قد تدفعها الى التخلي عن برنامجها النووي".

 

"النيويورك تايمس": الدول المساعدة

جاء في افتتاحية الصحيفة أمس:
"تعتبر الصين والهند وروسيا قائدة العالم، فلماذا والحال هذه تقدم المساعدة لنظامين خطرين مثل سوريا وإيران لمواصلة نهجهما المدمر؟... لقد تفاقمت حدة العنف في سوريا منذ استخدمت روسيا والصين الفيتو في الأمم المتحدة ضد الخطة التي اقترحتها الجامعة العربية من أجل انتقال سلمي للسلطة في سوريا. أما الهند، فقد اتخذت الموقف الصحيح بتصويتها مع القرار. لو اتخذ مجلس الأمن قراره لكان أظهر التضامن الدولي ضد بشار الأسد والنخب التي لا تزال تدعم بقاءه في الحكم".

 

"الواشنطن بوست": عدم الثقة بإيران

كتبت الصحيفة في افتتاحيتها أمس:
"لا نزال نعتقد أن قيام إسرائيل أو الولايات المتحدة بعمل عسكري ضد إيران ليس ضرورياً أو حكيماً. إذ تتفق التقديرات الإسرائيلية والأميركية على أن إيران تبني قدرتها النووية، لكنها لم تتخذ قراراً حاسماً بصنع القنبلة. في هذه الأثناء تزداد الضغوط التي تمارس على زعاماتها سواء عبر العقوبات، او اعمال التخريب، أو تجريدها من حلفاء مثل سوريا، أو عبر تزايد مشاعرالاستياء الداخلي. وحتى الآن قد يشكل هذا أفضل استراتيجية يمكن أن تدفع النظام الى التخلي عن مشروعه النووي، أو تتسبب بسقوطه".

 

 

العقل الإسلامي بين الانفتاح والانغلاق

جريدة النهار..بقلم السيد يسين - القاهرة

 

يمكن القول ان الخطاب الاخواني خرج من أزمته التقليدية التي صاحبته عشرات السنين، وخصوصاً في ظل الحلم باسترداد الفردوس المفقود، أي نظام الخلافة... لكن ماذا عن التيار السلفي؟

يمر العقل السلفي - إن صح التعبير- بأزمة لا شك فيها، أبرز مؤشراتها التشدد الديني وفق تأويلات دينية غير صحيحة، والتركيز على التحريم بلا أساس في مجال السلوك الاجتماعي وضد القيم الليبرالية المنفتحة.
وهذه الأزمة فرع من الأزمة العامة التي يمر بها العقل الديني التقليدي، سواء تمثل في أفكار الإخوان المسلمين التي تعد بشكل عام معتدلة ووسطية، أم في أفكار الجماعات الإسلامية الجهادية التي سبق لها أن اعتبرت العنف والإرهاب وسيلة لها لقلب النظم السياسية العربية العلمانية الراهنة قبل أن تمارس نقدها الذاتي.
وقد سبق لنا أن عرضنا بالتفصيل لأزمة المشروع الإسلامي المعاصر بكل جوانبها (راجع كتابنا "الكونية والأصولية وما بعد الحداثة". القاهرة، 1996، الجزء الأول "نقد العقل التقليدى"، الجزء الثانى، "أزمة المشروع الإسلامي المعاصر"). ونقصد بهذا المشروع الحركة الإسلامية التي ظهرت في ربوع الوطن العربي منذ أكثر من ثمانين عاماً، وربما كانت جماعة الإخوان المسلمين التي أنشأها الشيخ حسن البنا رحمه الله هي رائدة هذه الحركة، بحكم انتشارها في عديد من البلاد العربية. والأزمة التي نتحدث عنها لا تتعلق فقط بالسلوك العملي لأنصار هذا المشروع الذي جعلهم يصطدمون بالسلطة في عديد من البلاد العربية، بل هي أزمة تتعلق بالمنطلقات النظرية لهذا المشروع وبرؤيته للعالم وبنظره الى نفسه وفي اتجاهه إزاء الغير. وأبرز هذه المنطلقات هو السعي الى إنشاء دولة دينية تطبق شريعة الله، تحقيقاً لشعارهم الشهير "الإسلام دين ودولة"، لكي تحل محل الدولة العلمانية التي تفصل بين الدين والدولة.
غير أنه لابد من أن نشير الى أنه حدثت تحولات بالغة الأهمية في خطاب تيار الإسلام السياسي الذي كان لا يقبل الحزبية ولا الأحزاب ولا الديموقراطية، على أساس أنها بدعة دخيلة لأن الشورى وليس غيرها هي النظام الأمثل.
وقد عبرت عن هذا التحول مذكرة مهمة أصدرتها جماعة الإخوان المسلمين في آذار 1994 بعنوان "موجز عن الشورى في الإسلام وتعدد الأحزاب في المجتمع المسلم". وهذه المذكرة المهمة عكست رغبة شديدة في الاقتراب من قيم التعددية السياسية والتركيز على أن الأمة - وفق الصياغة الليبرالية الشهيرة - هي مصدر السلطات.
كان هذا عام 1994، وتشاء تطورات الأحداث التاريخية الكبرى في مصر وخصوصاً قيام ثورة 25 يناير، أن تؤدي الى أن تتصدر جماعة الإخوان المسلمين مجلس الشعب، بعد أن حصلت على عدد كبير من المقاعد ويليها حزب "النور السلفي".
وهكذا وُضعت جماعة الإخوان المسلمين في محك الاختبار التاريخي لكي نعرف صدق المنطلقات النظرية الجديدة التي أصبحوا يعلنون عنها.
وقد يكون في خطاب الدكتور المرسي رئيس "حزب الحرية والعدالة"، وكذلك في خطاب الدكتور الكتاتني رئيس مجلس الشعب، ترجمة واضحة لهذه المنطلقات من حيث الحرص على قيم الديموقراطية، وأبرزها احترام التعددية، وانتهاج أسلوب التوافق السياسي مع كل التيارات السياسية.
وقد لفتت نظري في المقال المهم الذي نُشر في الأهرام بتاريخ 13 شباط 2012 للدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين بعنوان "مصر بين الأمس واليوم" فقرة بالغة الأهمية جاء فيها بالنص: "إننا نسعى لبناء الدولة الديموقراطية الحديثة القائمة على أسس المواطنة ومبادئها وسيادة القانون والحرية والمساواة والتعددية بكل أشكالها وأنواعها، والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وشيوع قيم الحرية والعدالة والمساواة بين جميع أبناء الأمة بلا تمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين، وصياغة دستور جديد للبلاد ويلبي متطلباتنا نحو نهضة حقيقية لعشرات بل مئات السنين، بصورة توافقية بين جميع أبناء البلاد، فالدساتير توضع بالتوافق لا بالأغلبية". وليس عندي شك في أن هذه الأفكار جميعاً تعبر عن تحول عميق ومحمود في الخطاب الإخواني الذي كان يرفض الديموقراطية من قبل ويفضل عليها الشورى، كما أنه كان يرفض التعددية الحزبية، ويتشبث بإقامة الدولة الدينية على أساس أن الإسلام دين ودولة.
وهكذا يمكن القول أن الخطاب الإخواني خرج من أزمته التقليدية التي صاحبته عشرات السنين، وخصوصاً في ظل الحلم باسترداد الفردوس المفقود وأعني نظام الخلافة، كما سبق للشيخ يوسف القرضاوي أن عبر عن ذلك عام 1994، حين قرر أن اختيار خليفة واحد يحكم الأمة الإسلامية من مشارق الأرض الى مغاربها هو ما ينبغي أن يسعى المسلمون الى تحقيقه، وهذا ما جعلني أدخل معه في حوار على صفحات جريدة "الأهرام"، على أساس أن حلم الخلافة يتجاهل حقائق النظام العالمي، والواقع المحلي في عديد من البلاد الإسلامية.
وأياً ما كان الأمر فإن جماعة الإخوان المسلمين بتوجهاتها الجديدة خطت خطوات واسعة في مجال تحديث خطابها التقليدي، لكي يصبح أكثر توافقاً مع الاعتبارات الديموقراطية.
ولكن تبقى لنا مشكلة التيار السلفي، الذي رغم تمدده وانتشاره في السنوات الأخيرة، لم يتعرض من قبل للاختبار السياسي في إطار ديموقراطي.
وها هو حزب "النور" المعبر عنه والذي حصل على المكانة الثانية في الانتخابات يظهر للعلن، ويكشف عن نسق فكري ديني مغلق، يعتمد أساساً على القياس الخاطئ والتأويل المنحرف للآيات القرآنية.
ومما لا شك فيه أن الرأي العام في مصر قد إنزعج انزعاجا شديداً من تصريحات متعددة أدلى بها بعض قادة التيار السلفي، سواء في ما يتعلق برغبتهم في إقامة جهاز يتولى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قياساً على التجربة السعودية، أو في ما يتعلق بعقلية التحريم التي يتبناها.
وتبدو أزمة العقل السلفي في أنه يعتمد على الماضي باعتباره المرجعية العليا له، وهذا الماضي يتمثل في إعادة إنتاج تفسيرات تقليدية ومتشددة للنصوص الدينية، ويسعى لتطبيقها في المجتمع اليوم، بالرغم من اختلاف الظروف بين ماضي المجتمعات الإسلامية وحاضرها.
وقد غاب عن دعاة الخطاب السلفي أنهم لن يستطيعوا  - حتى لو أرادوا - أن يفرضوا معاييرهم الأخلاقية المتشددة على الشعب المصري، من خلال تحريم عديد من أساليب الحياة في مصر.
وعليهم - بعد أن خرجوا من كهوفهم الماضوية العميقة- وتعرضوا للشمس، وأصبحوا يمارسون السياسة في البرلمان، أن يدركوا أننا نعيش عصر الديموقراطية وحقوق الإنسان، وأن المجتمع المصري يمتلك تراثاً ليبرالياً راسخاً، ولن يسمح لأي فصيل ديني سلفي أن يفرض قيمة على جموع الشعب.

 

 


المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,289,269

عدد الزوار: 7,626,982

المتواجدون الآن: 0