تقارير..العراق.. جيش لكل مسؤول، حمايات المسؤولين في العراق باتت قصة بلا بداية ولا نهاية

هل يُحسم قرار الحرب الإسرائيـــلية ضدّ إيران في 3 آذار؟..جنبلاط يستدرج «التسوية المذهبية» ليكون عَرّابها..تداعيات النزاع السياسي المرير تلد اقتصادًا متداعيًا في ليبيا

تاريخ الإضافة السبت 18 شباط 2012 - 6:39 ص    عدد الزيارات 2332    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

هل يُحسم قرار الحرب الإسرائيـــلية ضدّ إيران في 3 آذار؟
تتداول الدوائر الغربية ولاسيّما منها الأوروبّية معلومات عن حرب مقبلة يشنّها الجيش الإسرائيلي ضدّ إيران ومواقعها النوويّة المنتشرة في أنحاء متفرّقة من البلاد، إلّا أنّ توقيت الحملة العسكرية يتفاوت بين الربيع والخريف، وذلك نتيجة الغموض السائد داخل الطبقة السياسيّة الحاكمة في إسرائيل وأجهزة مخابراتها، ومن جرّاء التردّد داخل الإدارة الأميركية.
 جريدة الجمهورية...باريس جورج ساسين
ثمّة من يضرب أخماساً بأسداس على خلفية التقديرات الأمنية لبداية الحرب الإسرائيلية ضدّ إيران وتداعياتها المحتملة على قوس الأزمات، إذ تتكثّف الدراسات والتسريبات لإمرار رسائل مرمّزة إلى دول المنطقة والقوى الفاعلة فيها، لاستشراف ما سيجري من خلط محتمل للأوراق من جهة، وللتحوّط من احتمالات حرف "الربيع العربي" في هذا الاتّجاه أو ذاك، وزيادة عدم الاستقرار في المنطقة من جهة أخرى.
ويعلّق عدد من الدوائر الغربية المسؤولة على الاجتماع المقرّر في 3 آذار المقبل بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في "البيت الأبيض" للتأكّد من الاتّجاه الذي قد تسلكه الأمور. ومن الواضح أنّ الغلبة حتى الآن مكتوبة لهذا الأخير، وعليه ترجّح أوساط متابعة لهذا الملفّ أنّ الغارات الإسرائيلية على إيران هي مسألة مرتبطة فقط بالتوقيت بعدما أطلع وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا قبل أيّام زملاءَه في حلف شمال الأطلسي على آخر المعلومات المتوافرة لديه، مُبدياً اقتناعه بحصولها بين نيسان وحزيران.
في هذا السياق، بدأت عواصم أوروبّية ومنها باريس بالإشارة إلى معطيات متطابقة استخلصتها من جهات عسكرية وديبلوماسية تؤكّد "الخشية الحقيقية من هجوم عسكري تشنّه إسرائيل على إيران بعدما أعطى كلّ من نتانياهو ووزير دفاعه أيهود باراك موافقتهما، فيما بقي جهاز الموساد معارضاً الحرب". ويذهب وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إلى البوح لعدد من الصحافيّين قبل أيّام بالآتي: "يقال لنا أنّ النافذة ستكون متاحة في النصف الثاني من السنة بسبب الأحوال الجوّية، ولأنّ أوباما سيكون مشلولاً من جرّاء الانتخابات الرئاسية" الأميركية في تشرين الثاني المقبل. وأضاف: "إنّنا نقول للإسرائيليين إنّ سلوك طريق التدخّل العسكري ليس بالطريق الصحيح، وعليكم دعم الجهود التي نبذلها من أجل إخضاع إيران من جهة، والاستمرار في اقتراح الحوار على طهران كحَلّ من جهة أخرى".
إلى ذلك، كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد أكّد في خطاب ألقاه قبل أيّام في العشاء السنوي الذي يقيمه المجلس التمثيلي للمؤسّسات اليهودية في فرنسا: "حين يتحدّث أحمدي نجاد والسيّد خامنئي عن إزالة إسرائيل عن الخريطة، على إسرائيل أن تعلم بأنّها لن تكون لوحدها في هذه المعركة من أجل الأمن، لأنّ فرنسا لن تقبل إطلاقاً بتهديد أمن إسرائيل. فمن غير المقبول إطلاقاً إمتلاك إيران للسلاح النووي، والديبلوماسية الفرنسية، فرنسوا فييون وآلان جوبيه، قاما بدور محرّك لإقناع البلدان الأوروبّية الـ 27 بعدم شراء أيّ قطرة نفط من الإيرانيّين...نحن نريد مضاعفة العقوبات ضدّ إيران لتفادي مأساة النزاع العسكري الذي لن يحلّ شيئاً بل سيعقّد كلّ شيء... نحن نريد إفهام المسؤولين الإيرانيّين بأنّهم تخطّوا الخطّ الأحمر، وطمأنة القيادات الإسرائيلية لئلّا يرتكبوا المحظور، أي ما يتعذّر ترميمه وإصلاحه. مواطنيّ الأعزّاء، الحلّ ليس أبداً عسكريّاً، الحلّ سياسيّ وديبلوماسي ومن خلال العقوبات".
وأضاف ساركوزي: "تكلّمتم عن الربيع العربي، ونحن نشارككم كثيراً قلقكم، لكن في الوقت نفسه إنّ هؤلاء الشبّان الذين نزلوا إلى الشارع في تونس أو بنغازي لم يهتفوا بـ"الموت لليهود" أو "الموت لأميركا" أو "الموت للغرب" ... فاخترنا مساعدة هذه الديموقراطيات الفتيّة، وقرّرنا منحهم ثقتنا بحذر، فهذا الشرق الأوسط يتحرّك ويتغيّر. وسيسقط نظام بشّار الأسد يوماً، لأنّه لا يمكن ذبح شعبه من دون عقاب. في هذا اليوم، ستكون إيران أكثر وحدة وعزلة وضعفاً".
هذا الجوّ السائد في دوائر صنع القرار في باريس ليس غريباً عمّا تعيشه الإدارة الأميركية اليوم، ذلك أنّ أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون كانا يحضّان طوال الأشهر الأخيرة المسؤولين الإسرائيليين على ضبط النفس وعدم المبادرة بشنّ حرب ضدّ إيران، لافتَين إلى أنّ العقوبات الجديدة قد أعطت ثمارها، الأمر الذي انعكس على الحالة الاقتصادية والمالية للإيرانيّين. وهو ما كانت تطالب به الحكومة الإسرائيلية لثنيها عن توجيه الضربة لطهران. لكن يبدو أنّ تل أبيب أقلعت الآن عن استخدام مقولة: "اخنقوا إيران وإلّا سنضربها".
لكن ثمّة خبراء يتساءلون عن مصلحة أوباما في إعطاء ضوء أخضر أو أصفر لإسرائيل لتوجيه ضربتها، وهو الذي قرّر الظهور في عزّ حملته الرئاسية بأنّه لا يريد مزيداً من الحروب في المنطقة، إلّا أنّه من الممكن أن يترك للآخرين لعب هذا الدور في الواجهة، عملاً بسياسته التي انتهجها في ليبيا والقاضية بـ"إدارة المعركة من الموقع الخلفي"، ولعلّ اجتماع واشنطن في 3 آذار يعطي المؤشّر لما ستكون عليه الأشهر المقبلة بين الربيع والخريف، بعدما تابعنا ما يجري من حروب سرّية هنا وهناك بين إسرائيل وإيران.
 
جنبلاط يستدرج «التسوية المذهبية» ليكون عَرّابها
ببراعة سياسية، يُخرِج النائب وليد جنبلاط نفسه من عقدة الضعف التي تحكّمت به منذ ثلاث سنوات. وهو اليوم يطرح نفسه عرّاباً لتسوية بين الأقوياء... لا بدّ أنها آتية
جريدة الجمهورية..طوني عيسى
حتى أمسٍ قريب، كان جنبلاط يؤكد التمسّك بالطائف خياراً وحيداً، ويقول: "كَلّفَنا هذا الاتفاق 14 عاماً من الحروب، أي من العام 1975 إلى العام 1989. ولا نعلم كم يستغرق التوَصّل إلى اتفاق بديل منه". لكن جنبلاط بادر فجأة إلى طرح معاكس: "الطائف انتهى، والمطلوب طائف سنّي - شيعي".
هذا التبدّل في موقف جنبلاط من الطائف ليس معزولاً، إنه جزء من التحوّلات السياسية التي يعيشها الزعيم الدرزي، والتي دفعت به مجدّداً إلى خارج الحضن السوري، وإلى تموضع وَسطيّ في المعادلة الداخلية.
فجنبلاط لم يقطع الجسور المفتوحة مع "حزب الله"، فيما هو يرمّم جسوراً انقطعت لبعض الوقت مع تيار "المستقبل". وهكذا أصبح الدور الدرزي حلقة وُسطى يرضى عنها الطرفان المتصارعان، السنّي والشيعي. ومن خلالها، يمكن للطائفة الدرزية، الصغيرة حجماً، أن تضطلع بدور أساسي في "هندسة" التسوية الإجبارية الآتية إلى لبنان.
ثمة مَن يعتقد أن جنبلاط كان أكثر طموحاً خلال العام الفائت: لقد سعى إلى أن يكون عرّاب التسوية السورية الداخلية. فطائفته لها موقع مميّز في سوريا. وهو شخصياً يمتلك رصيداً من العلاقات الدولية، في آن معاً، مع موسكو وأنقرة والغرب ومعظم العرب. وهذا ما يتيح له دوراً تاريخياً في إنجاز تسوية تنقذ سوريا. وهو بدعواته النظام إلى الاستجابة للإصلاح، كان يأمل في تسوية على الطريقة اليمنية. لكن النظام أحبط المحاولات السياسية بالتعَنّت والقمع. فردّ جنبلاط بدعوة الدروز السوريين إلى عدم الانخراط في هذه المغامرة، وارتدّ إلى الملف اللبناني الداخلي على طريقة: "اللهم فاشهَدْ، إنني قد بَلّغت"!
"القمع الوَطني" يُبْطِل العقود
في الملف اللبناني، يرى جنبلاط أنه قادر فعلاً على رعاية التسوية التي لم تتحقّق في سوريا. وهو يعتقد أن العمل المطلوب أولاً هو مَنع انتقال الشرارة المذهبية إلى لبنان، خصوصاً إذا ما كُتب لسوريا الدخول في المجهول. وفي مرحلة لاحقة، يصبح ممكناً إنضاج تسوية لبنانية داخلية، تقوم أساساً على تسوية بين السنّة والشيعة.
وحتى اليوم، نجح جنبلاط في الحفاظ على ثقة "حزب الله". ولم تتأثّر هذه الثقة بابتعاده عن النظام السوري، وبتقاربه في الشكل والمضمون مع الرئيس سعد الحريري. وإذ يمدّ فريق 14 آذار يداً إلى "الشركاء" في "حزب الله"، ويأخذ الحريري على عاتقه "المسؤولية عن منع الفتنة بين السنّة والشيعة"، ويؤكد السيد حسن نصرالله رفض الفتنة، يشعر جنبلاط بأنّ "التسوية المذهبية" قد تكون أقرب من "الفتنة المذهبية" التي يدرك الجميع مخاطرها. لكن لحظة التسوية لم تنضج بعد.
هذا الدور الذي يطمح إليه جنبلاط، يبدو أيضاً صمّام الأمان له وللدروز. فمن خلاله، أبعَدَ عنه المخاوف الأمنية التي دفعته يوماً إلى أحضان النظام وحلفائه. ومن خلاله، يعود قوياً كـ"بَيضة قبّان" بين الأكثرية والأقلّية، ويحجز للدروز موقعاً مميّزاً في تسوية المتصارعين السنّة والشيعة. وإذا تمّت التسوية بين هذين الطرفين في لبنان، فإنها ستكون الأولى في المنطقة منذ انطلاق "الربيع العربي"، وقد تكون الوحيدة. ومن مصلحة الشيعة، قبل الآخرين، التقاط لحظة التسوية لحسابات إستراتيجية واضحة. ويرى كثيرون أنهم سيفعلون، وأن هناك إشارات إلى ذلك.
وسواء كانت سوريا مُقبلة على تغيير للنظام في المدى المنظور، أو على مرحلة طويلة من المغامرات المجهولة الآفاق قبل انكشاف الصورة، فإنّ سوريا الآتية لن تكون في أي حال هي نفسها سوريا القديمة. فالنظام كقوة توسعيّة تُحرِق الأوراق الإقليمية خدمة لاستمراره، وبينها لبنان، باتَ من الماضي. وقد يكون منطقياً أن ينشأ عَقد وطني جديد في لبنان، يختلف عن ذلك الذي فرضته معطيات سابقة. لكن التحدّي يكمن في الآتي: هل يُصاغ هذا العقد في ظل شعور الجميع بالحرية التي نادَت بها جماهير "الربيع العربي"؟
فتكرار "القمع الوَطني" يؤدي إلى ولادة صفقات ومُحاصصات مدمّرة، كتلك الجارية اليوم، ولا يُنتِج عقوداً وطنية دائمة، بل إنه يُبْطِل العقود القائمة ويُسقِطُها!
 
العراق.. جيش لكل مسؤول
حمايات المسؤولين في العراق باتت قصة بلا بداية ولا نهاية
جريدة الشرق الأوسط..بغداد: حمزة مصطفى
بعد مرور 9 سنوات على إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، وتشكل نظام جديد قوامه حركة المعارضة السابقة بمختلف قواها وتوجهاتها العرقية والطائفية والجهوية والحزبية.. تم إلغاء المؤسسة العسكرية السابقة واجتثاث أفرادها ويعدون بأكثر من مليون جندي وضابط وصف ضابط، بينما دخل عالم الخدمة الجديد أشكال وأنماط من الميليشيات والجماعات المسلحة والشركات الأمنية وفي سياقها تم تشكيل جيش جديد في ظل احتلال أجنبي أخذ على عاتقه كل المهمات الأمنية والسياسية طوال ثمانية أعوام.
وهنا فإن الدولة التي كانت مركزية بسلطة واحدة وجيش واحد باتت اليوم، وبصرف النظر عن فكرة الخطأ والصواب هنا أو هناك، دولا وسلطات وجيوشا تتداخل مع بعضها حينا وتتقاطع حينا آخر.
وفي ظل هذا التضخم في أعداد منتسبي الجيش وقوى الأمن الداخلي في العراق الجديد تضخمت هي الأخرى عناصر حمايات المسؤولين كبارهم وصغارهم حتى تحولت إلى جيش جرار قدر له أن يوضع الآن في دائرة الاتهام.
فبعد الحوار الذي أجرته «الشرق الأوسط» مع الناطق باسم عمليات بغداد الفريق قاسم عطا، الذي كشف فيه عن أن غالبية العمليات الإرهابية والإجرامية من اغتيالات وتفجيرات وسواها إنما تكون من قبل حمايات المسؤولين ومن خلال سيارات الدولة وهوياتها وأسلحتها. هذه المعلومة التي كان يجري الحديث عنها في السابق من باب التلميح باتت اليوم واحدة من مانشيتات الصحف والأخبار العاجلة لوكالات الأنباء، مثلما حصل لحوار «الشرق الأوسط» الذي تحول إلى مادة خبرية طازجة لعشرات وسائل الإعلام من صحف وفضائيات ووكالات أنباء ومواقع إنترنت.
رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، وهو أحد القياديين البارزين في القائمة العراقية، طالب بعد قضية الهاشمي وما أدت وما يمكن أن تؤدي إليه من إشكالات سياسية في غاية التعقيد، إلى إلغاء المظاهر المسلحة التي تشكلت «عنوة» خارج الدستور، فيما أكد ضرورة التخفيف من عسكرة المجتمع وانتشار المسلحين الذين «عاثوا» موتا في العراق. ما تشكل عنوة في عرف النجيفي خارج الدستور هو كل ما يندرج في باب الميليشيات ومنها الحمايات التي تحولت، ومثلما يقول عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي شوان محمد طه في حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن هذه الظاهرة أن «لدينا الآن جيشا جرارا من الحمايات يبلغ تعداد أفراده عشرات الآلاف وهو أمر مبالغ فيه جدا وبات يشكل خطورة بالغة على كل المستويات». ويمضي طه عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني وعضو لجنة الأمن والدفاع قائلا إن «الأسباب الموجبة التي أدت إلى إنشاء هذا الجيش من الحمايات أو الذي تطور إلى جيش فيما بعد هو طبيعة التشكيلة السياسية التي جاءت إلى السلطة بعد سقوط نظام صدام حسين والتي تنتمي إلى أعراق وقوميات وأديان ومذاهب وطوائف وكتل ومناطق مختلفة ومتباينة في كل شيء، الأمر الذي جعل مسألة المنظومة الأمنية في غاية الأهمية والخطورة معا من حيث تركيبة هذه المنظومة والأعداد التي يمكن أن تخصص للمسؤولين بالإضافة إلى الرواتب والامتيازات وغيرها من الاستحقاقات التي تترتب على ذلك». ويضيف طه أنه «بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من حمايات المسؤولين فإن هناك أكثر من 50 ألفا من رجال الشركات الأمنية وهذا بحد ذاته جيش كبير جدا يتنقل بالشارع عبر مواكب رسمية أو ينتشر في الأبنية والمؤسسات»، مشيرا إلى أن «كل ذلك إنما هو نتاج أزمة الثقة بين الكتل والمسؤولين السياسيين لأننا نعاني من ظاهرة خطيرة وهي اختراق المنظومة الأمنية من قبل العناصر الإرهابية والإجرامية، وهو ما يستوجب إعادة النظر بالمنظومة الأمنية بشكل شامل، لكن بسبب أزمة الثقة بين السياسيين فإنه حتى هذا الملف يبدو معطلا إلى حد كبير». وردا على سؤال بشأن الأسباب التي تجعل أعداد حمايات المسؤولين تتضخم يوما بعد آخر، قال طه إن «السبب الأبرز الذي يقف وراء ذلك هو عدم الاستقرار الأمني الذي يجعل من كل مسؤول لا يثق بأي عنصر حماية ما لم يجلبه هو سواء من أقربائه أو حزبه أو عشيرته أو منطقته أو مذهبه، وهو أمر باتت له مخاطر كثيرة، لا سيما على صعيد التسقيط السياسي، وهو ما يحصل الآن عندما يجري اتهام حمايات بعض كبار المسؤولين بعمليات إرهابية، مثلما يحصل لحمايات طارق الهاشمي، الأمر الذي نفاه الهاشمي، واعتبرت الاتهامات من قبل تصفية الحسابات السياسية، وهو ما يمكن أن يفتح الباب أمام سلسلة جديدة من الاتهامات التي من شأنها خلط الأوراق داخل المشهد السياسي». ويرى طه أن «البرلمان العراقي يناقش الآن قانونا جديدا للأسلحة، ومن شأن هذا القانون أن يحد من هذه الظواهر إلى حد كبير، لا سيما إذا تم وضع ضوابط صارمة بهذا الاتجاه بإجراءات وصيغ وأساليب مختلفة». وحول كيفية اختيار المسؤول لحماياته وأعدادهم، يقول عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية إن «الأمر يتوقف على طبيعة المنطقة والمسؤول، وبالتالي فإن العملية خاضعة للزيادة والنقصان فإذا كان المسؤول مثل الوزير أو عضو البرلمان ومن هو بدرجتهما يسكن داخل المنطقة الخضراء فإن من حقه اختيار 30 عنصرا لحمايته من الناس المقربين له، وهو يكون مسؤولا عنهم، أما إذا كان يسكن خارج المنطقة الخضراء فإن من حقه اختيار 50 عنصرا لحمايته على أن يشمل ذلك في الحالتين عناصر السكرتارية والسواق والعاملين في المكتب». أما بالنسبة لكبار المسؤولين، مثل رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو رئيس البرلمان ونوابهم فإنه وطبقا لما يراه طه فإن «أعداد حمايات هؤلاء تبلغ نحو 500 شخص لكل واحد، وهو ما يعادل في التركيبة العسكرية فوج حماية، وهو أمر مبالغ فيه جدا».
قبل أن نكمل الرؤية البرلمانية السياسية بشأن تضخم أعداد حمايات المسؤولين وهو ما جعل الشكوك تحوم حولهم بشأن العمليات الإرهابية من تفجيرات واغتيالات، فإن الدولة العراقية الحديثة التي تشكلت عام 1921 لم تعرف في تاريخها مثل هذه الأعداد من الحمايات، رغم اختلاف العهود من ملكية إلى جمهورية أو اختلاف الأنظمة السياسية التي حكمت البلاد. فحتى سبعينات القرن الماضي فإن المنظومة الأمنية، ومنها أسلوب حماية المسؤولين الكبار مركزية. وحين نقول المسؤولين الكبار، فإننا نقصد بذلك رئيس الجمهورية والوزراء، لأن المسؤولين الأدنى منهم درجة مثل المديرين العامين أو حتى كبار ضباط الجيش لم يكونوا في الغالب الأعم يتمتعون بامتيازات الحماية لا من حيث المناطق التي يسكنونها، حيث لا توجد آنذاك منطقة اسمها «المنطقة الخضراء» ولا من حيث ما بات يسمى المواكب الآن. فالمواكب في الماضي تقتصر على رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء وعلى سبيل المثال فإن أول رئيس وزراء في العهد الجمهوري في العراق عبد الكريم قاسم لم يكن عند محاولة اغتياله عام 1959 برفقته سوى سائق ومرافق واحد وبعد الحادث لم يزد فردا واحدا لحمايته. منذ منتصف السبعينات ومع بدء تمركز صدام حسين في السلطة فقد بدأ الناس يشاهدون ولأول مرة في الشارع سيارات ومدنيين ودراجات نارية، وهي بداية الديكتاتورية لصدام حسين، وهو أمر لم يكن مألوفا من قبل. ومع ذلك فإنه حتى في ظل هذه الديكتاتورية التي بدأت تتضخم على مستويات أخرى مع تعدد الأجهزة الأمنية والعسكرية الخاصة وهي كثيرة فعلا، إلا أنها لم يكن لها انعكاس واضح في الشارع، فضلا عن أنها محكومة بإطار مؤسساتي يجعل من عملية السيطرة عليها أمرا مفروغا منه. ما حصل بعد التغيير عام 2003 أمر بدا مختلفا ويثير الاهتمام والانتباه قبل أن يتحول فيما بعد إلى ظاهرة أخذت تثير الاشمئزاز في الشارع العراقي وهو ما يحصل الآن. فمنظر السيارات الحديثة والمصفحة التي تسير بسرعة جنونية في الشوارع وتحمل باجات وهويات خاصة ولها مسارب خاصة للحركة عند الاقتراب من السيطرات وكلها سيارات مظللة وبلا أرقام تحمل أناسا بوجوه مقنعة حينا ومبرقعة حينا آخر، بالإضافة إلى إطلاقها الأصوات التحذيرية المزمجرة والزاجرة للناس بهدف إخلاء الطريق أو الأمر بالتوقف الفوري لكل السيارات المدنية بما في ذلك سيارات الإسعاف التي قد تتعرض - حتى هذه السيارات التي يمكن أن تحمل مريضا على حافة الموت - لإطلاق نار عشوائي قد يؤدي إلى القتل بدم بارد بهدف حماية المسؤول. هذه المسائل المثيرة للقلق لا تزال الإجراءات الحكومية حيالها أقل مما هو مطلوب بكثير. وفي هذا السياق فقد أصدر رئيس الوزراء نوري المالكي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة أمرا ألزم فيه حمايات المسؤولين الالتزام بالضوابط. المالكي أصدر بيانا جاء فيه أن «على حمايات المسؤولين الالتزام بالضوابط والقوانين أثناء تنقلهم في الشوارع العامة»، مطالبا إياهم بـ«عدم قطع الطرق وإطلاق العيارات النارية، والسير بالاتجاه المعاكس». وأضاف المالكي أنه «سيتم تشكيل مفارز خاصة لرصد المخالفات المذكورة»، متوعدا بـ«محاسبة المقصرين منهم». المالكي نفسه كان قد اتهم في الثالث من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعض حمايات الشركاء بأنهم تحولوا إلى ملاذ آمن للمجرمين والقتلة باستخدام أسلحة وسيارات الدولة. كما أشار إلى أن بعض الشركاء يبحثون عن السلبيات وهي موجودة فإنه دعا جميع الشركاء إلى التزام بحدود الشراكة أو الاستقالة من الحكومة والتحول إلى معارضة. كما أصدرت الأمانة العامة لمجلس الوزراء أمرا لجميع أفراد الحمايات والمواكب الحكومية بعدم التجاوز على المواطنين أثناء سيرهم وعدم السير عكس الاتجاه إضافة إلى احترام رجال المرور ونقاط التفتيش المنتشرة في جميع المدن والمحافظات.
القيادي بائتلاف دولة القانون وعضو البرلمان العراقي إحسان العوادي يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن ظاهرة حمايات المسؤولين، إن «الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية وغيرها من المؤسسات المسؤولة لم تتعامل بحكمة مع هذه الظاهرة التي باتت لافتة للنظر والقلق معا، لا سيما مع بروز ظاهرة الاغتيالات والتصفيات التي يتم تنفيذها بواسطة هؤلاء بعد أن تم اختراقهم وتوظيفهم باتجاهات خارج نطاق ما يتوجب عليهم تأديته من مهمات». ويضيف العوادي قائلا إن «علينا الاعتراف الآن أننا حيال جيش قوامه أكثر من عشرة آلاف عنصر حماية في البرلمان فقط، والمصيبة أن هؤلاء كلهم مسلحون ولا يرتبطون بأية جهة حكومية رسمية وهو أمر في غاية الخطورة»، مشيرا إلى «أننا طالبنا رئيس البرلمان بإيجاد حل منطقي لهذه الظاهرة، خصوصا أن هذا الجيش غير مدرب وغير مؤهل ولا أحد يعرف من أين يأتون وإلى أين يذهبون وفوق هذا وذاك فإنهم يستنزفون أموالا ضخمة من الميزانية العامة للدولة». وأوضح العوادي أن «الكثير من المسؤولين يسكنون المنطقة الخضراء وهم لا يحتاجون هذا العدد الكبير من الحمايات ولكن بعضهم يخرج إلى الشارع مع حماياته من خلال أرتال من السيارات والحمايات بسيارات مظللة وتقوم بكل ما يمكن أن يؤدي إلى استفزاز الناس عبر ما يمكن تسميته بصناعة المزيد من الطواغيت الصغار». وأشار إلى أن «المصيبة لا تتوقف عند هذا الحد، حيث إن هذا الأمر فتح أبوابا مختلفة أمام شتى أنواع الفساد المالي والأخلاقي عبر ممارسات وأساليب مختلفة وهو ما يستدعي إعادة نظر جذرية في هذا الأمر». أما القيادي بالقائمة العراقية عصام العبيدي وهي القائمة التي تم توجيه المزيد من أصابع الاتهام إلى الكثير من قيادييها، وأبرزهم حتى الآن نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، بالإرهاب فقد أشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «موضوع الحمايات وما فيه من تضخم وإشكالات مختلفة ينطوي على جانب كبير من الصحة، حيث إن الكثير من المسؤولين، إن لم يكن أغلبيتهم، يختارون عناصر حماياتهم من دون ضوابط وطبقا لأمزجتهم الخاصة، وهو ما يجعل العملية تأخذ أبعادا خطيرة لا سيما مع ما هو موجود من تضادات داخل المشهد السياسي، حيث صار تغليب المصلحة الشخصية والحزبية هو الأصل بينما تم تغييب مصلحة الوطن والمواطن». ويضيف العبيدي قائلا إن «انعدام الثقة بين السياسيين ورجال الدولة أدى إلى عدم إيجاد مؤسسة وطنية تحمي المسؤولين وتخضع لمعايير مهنية وعلمية من حيث اختيار الحمايات وأعدادهم وتسليحهم وحدود تعاملهم مع الناس»، مشيرا إلى أن «أزمة الثقة بين السياسيين جعل كل واحد يتكفل باختيار عناصر حمايته مثلما يريد هو وبطريقة غير مؤسسية في وقت تركت فيه الحكومة الحبل على الغارب وكل ما نراها تقوم به هو توجيه التهم هنا أو هناك». وحول ما تقوم به الحكومة الآن من إجراءات بهدف وضع حد لسلوك الحمايات أو إخضاعهم للضوابط، استبعد العبيدي ذلك قائلا إن «الموضوع خرج من أيدي الحكومة لأن هناك في الشارع من هو أقوى منه أو يعتقد ذلك وبالتالي فإنه في حال تم تطبيق هذا الأمر فإن المستضعفين فقط هم من يشملون»، على حد قوله. في تطور جديد أعلن رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حسن السنيد (قيادي بارز في دولة القانون) أن لجنته اتفقت مع وزارة الداخلية إلى تخفيض أعداد حمايات المسؤولين إلى النصف. وفيما أشار إلى أن المسؤول الذي لديه 1000 عنصر حماية سيكون لديه 500 فإنه أكد أن عدد عناصر الحمايات الأمنية في المراكز العليا يبلغ حاليا 20 ألف عنصر أمني.
في أي عملية حسابية لأعداد عناصر الحماية الشخصية، أي أولئك الذين يختارهم المسؤول بنفسه أو الشركات الأمنية، نجد أنهم يشكلون عدة فرق عسكرية لأن كل المسؤولين في العراق اليوم بمن في ذلك بعض الموظفين الصغار أو الضباط الصغار لا يسيرون في الشارع إلا في مواكب. كما أن المواكب شملت عددا كبيرا من شيوخ العشائر ممن هم محسوبون على هذا الطرف السياسي أو ذاك. كما شملت المواكب أعدادا أخرى من قيادات سياسية ومهنية مثل منظمات المجتمع المدني وغالبيتها ليس لها وجود على أرض الواقع، ما عدا مكتب المسؤول وعناصر حماياته وموقعه الإلكتروني الذي يصدر من خلاله بيانات التأييد إذا كان مع السلطة أو الاستنكار إذا كان في صف معارضيها. مواكب الحمايات شملت أيضا بعض أقرباء المسؤولين مثل إخوانهم أو آبائهم أو أبنائهم أو زوجاتهم. وبالحسابات المادية فإنه في حال كان راتب كل عنصر حماية 500 ألف دينار في الشهر وهو رقم متواضع بالقياس إلى حالات أخرى، فإن مجموع المبالغ التي يتوجب على الميزانية العامة للدولة دفعها لهؤلاء تبلغ عدة مليارات من الدولارات الأميركية.
 
رغم استئناف إنتاج النفط ورفع العقوبات
تداعيات النزاع السياسي المرير تلد اقتصادًا متداعيًا في ليبيا
موقع إيلاف..أ. ف. ب.
بعد أربعة أشهر من نهاية النزاع، ما زال الوضع المالي في ليبيا "متداعيًا"، فيما لم ينتعش الاقتصاد مجددًا، رغم استئناف إنتاج النفط ورفع العقوبات الاقتصادية التي كان يفرضها المجتمع الدولي.
السلطات الجديدة ترث اقتصادًا تسوده الفوضى
طرابلس: ورثت السلطات الجديدة اقتصادًا تسوده الفوضى، ويستشري فيه الفساد، لأنه كان يخضع لنزوات الزعيم الراحل معمّر القذافي وعائلته وإدارة فوضوية لموارد النفط خلال أكثر من أربعين سنة. لكنها تمكنت من أن تعوّل على استئناف إنتاج المحروقات في "مهلة قياسية" بنحو 1.3 مليون برميل يوميًا في نهاية كانون الثاني/يناير مقابل بضعة آلاف في تموز/يوليو حسب شركة النفط الوطنية. وقد انخفض إجمالي الناتج الداخلي في 2011 بنحو 60% حسب بعض التقديرات.
ويتوقع صندوق النقد الدولي نموًا بنسبة 70% مع إنتاج من النفط الخام يناهز 1.35 مليون برميل يوميًا مقابل 1.77 مليون في 2010 و0.51 في 2011. وشكل رفع العقوبات، التي فرضتها الأمم المتحدة والدول الغربية على نظام القذافي، انتعاشة بالنسبة إلى الحكومة الانتقالية التي استفادت من مليارات الدولارات من الأموال التي حظرت عن النظام السابق.
لكن قلة السيولة ما زالت تصعب حياة الليبيين، وتثير "أزمة ثقة" في المصارف، حيث إن القسم الأكبر من العملة الليبية بات متداولاً خارج القطاع المصرفي. غير أن الناطق باسم المجلس الوطني الانتقالي محمد الحريزي لاحظ أخيرًا ارتفاعًا في احتياطي الدينار في المصارف الليبية، التي قال إنها ارتفعت من 500 مليون عند سقوط النظام إلى 1.5 مليار حاليًا.
لكن "رغم رفع العقوبات الدولية على البنك المركزي الليبي ما زال الوضع المالي في القطاع العام هشًا"، كما أعلن صندوق النقد الدولي في نهاية كانون الثاني/يناير.
وأعرب الصندوق عن قلقه لأن "الدولة تتموّل بالاقتراض لدى البنك المركزي، وتسحب ودائعه، لكن في المقابل تتشكل حصيلة البنك المركزي أساسًا من زيادة الاوراق النقدية المتداولة". ويتسبب طبع الأوراق النقدية في ارتفاع التضخم المرتفع أصلاً بنسبة 14% خلال 2011.
وأعلن الصندوق أنه "على المدى القصير تتمثل تحديات السلطات الأساسية في انضباط في الميزانية وإحياء النظام المصرفي مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي"، متوقعًا "على الأرجح ارتفاع نسبة البطالة، التي كانت تقدر بنحو 26% قبل النزاع. وليبيا مدعوة على المديين الطويل والمتوسط إلى تنويع اقتصادها القائم في تسعين بالمئة على المحروقات، وكذلك وضع حد للفساد في إدارة تنخرها البيروقراطية.
وقال رضا حسني باي أحد ابرز رجال الأعمال في ليبيا، ومقره بنغازي (شرق)، إن "وضع الاقتصاد الليبي هو كما كان في عهد القذافي، وربما أسوأ"، منتقدًا خصوصًا النظامين الجمركي والضرائبي. وأضاف إن "النظام الفاسد ما زال سائدًا كما كان، وفي غياب العدالة والمراقبة، يصعب وضع حد للممارسات القديمة".
كما يقتضي على السلطات الجديدة أيضًا استعادة الأمن ونزع الأسلحة المنتشرة في البلاد، وتشجيع الشركات واليد العاملة الأجنبية على العودة إلى ليبيا، حيث ما زالت الورشات الكبرى متوقفة.
لكن المسؤولين الليبيين يكررون بأن الحكومة كانت واضحة "لا عقود جديدة قبل انتخاب" المجلس التأسيسي في حزيران/يونيو المقبل، وذلك رغم نفاد صبر الشركات الأجنبية الراغبة في استخراج النفط، والتي تجهد من أجل الحصول على حصتها من العقود المربحة في إطار إعادة إعمار البلاد.
ويبدو أن باريس ولندن، اللتين كانتا في مقدمة العمليات العسكرية إلى جانب الثوار، في موقع جيد للفوز بعقود مهمة عدة. غير أن دبلوماسيًا غربيًا في طرابلس قال "لا شيء محسوم سلفًا في هذا البلد".

المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,280,514

عدد الزوار: 7,626,746

المتواجدون الآن: 0