جرحى «بابا عمرو» يتحدثون...اشتباكات على الحدود التركية.. وإعدام 44 عسكريا في مطار أبو الظهور وإلقاء جثثهم في بحيرة

الحرب تتواصل على حمص.. وإعدامات جماعية..المواجهات تستمر في أحياء حمص.. وتنتقل بين درعا وإدلب وريف دمشق

تاريخ الإضافة الإثنين 5 آذار 2012 - 4:26 ص    عدد الزيارات 2595    التعليقات 0    القسم عربية

        


النظام السوري يمنع دخول مساعدات الصليب الأحمر لبابا عمرو.. وقصف آلاف السكان الهاربين إلى حي جوبر > الاشتباكات تنتقل إلى درعا وريف دمشق
الحرب تتواصل على حمص.. وإعدامات جماعية
النظام السوري يمنع دخول مساعدات الصليب الأحمر لبابا عمرو.. وقصف آلاف السكان الهاربين إلى حي جوبر > الاشتباكات تنتقل إلى درعا وريف دمشق
بيروت: كارولين عاكوم وبولا أسطيح ويوسف دياب نيويورك ـ لندن: «الشرق الأوسط»
هيغ وأوغلو يدينان «جرائم الحرب التي ترتكبها دمشق» > نشطاء: إعدام 44 عسكريا حاولوا الانشقاق وإلقاء جثثهم في بحيرة > السعودية تدعو مجلس الأمن لتحمل المسؤولية الأخلاقية
* واصل النظام السوري عملياته العسكرية التي استهدفت حمص, وبعد ثلاثة أسابيع متتالية وأوقعت مئات القتلى في بابا عمرو، هرب الآلاف من سكانه إلى الأحياء المجاورة، ومنها حي جوبر (الملاصق للحي)، والإنشاءات والسور والبويضة التي انكفأ إليها «الجيش الحرّ»، كما انتقلت المواجهة الواسعة إلى مدينة القصير القريبة جدا من حمص.
وأكد الناشط في تنسيقية الثورة السورية في حمص أنس أبو علي أن «حي جوبر ينال القسط الأكبر من القصف لاعتقاد النظام أن القوّة الأكبر من الثوار تتحصن بداخله، لكن حقيقة الأمر أن الثوار و(الجيش الحرّ) الذين انسحبوا من بابا عمرو يتحصنون بأماكن سرية خارج الأحياء السكنية، ليتمكنوا من تنفيذ عملياتهم بحرية أكبر وحتى لا تتكبّد الأحياء تبعة وجودهم بداخلها».
ومن جهتها أعلنت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» أن الجيش يقوم بإعدامات جماعية وقالت إنه أعدم الليلة قبل الماضية 44 عسكريا في مطار أبو الظهور العسكري بإدلب بعد محاولتهم الانشقاق. وقالت الشبكة إن جثث القتلى ألقيت في بحيرة.
وفي درعا، حيث وقعت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومجموعات منشقة، أعلن عن مقتل ستة عناصر من القوات النظامية السورية على الأقل وجرح تسعة آخرين نقلتهم سيارات الإسعاف إلى مستشفى مدينة الحراك.
وفي ريف دمشق، نفذت عمليات مداهمة للأراضي الموجودة في منطقة «الشياح» للمرة الثانية وسرقة ما تبقى من محتوياتها، وسجّل انتشار أمني مكثف في أحياء عدة من المنطقة. إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، أمس، أن «رفض» السماح بدخول المساعدة الإنسانية المخصصة للمدنيين المتضررين من أعمال العنف في سوريا يدل على أن نظام بشار الأسد «أصبح مجرما».
ومن جانبه، أعلن وزير الخارجية التركي داود أوغلو، أمس، في تصريحات أدلى بها، أن بلاده تدافع مع المجتمع الدولي «عن القيم الدولية». واتهم النظام السوري بأنه «يرتكب كل يوم جريمة ضد الإنسانية» عبر استهداف شعبه. وقال متحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دمشق لـ«رويترز»: «إن السلطات السورية أعطت الإذن للقافلة بالدخول، لكن القوات الحكومية على الأرض منعت المنظمة من ادخال مساعداتها لبابا عمرو وأوقفت الشاحنات بسبب ما قالت إنها أحوال غير آمنة بما في ذلك وجود ألغام وشراك خداعية». ومن جانبها، أكدت المملكة العربية السعودية أن مجلس الأمن مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن يمارس دوره القانوني ويتحمل مسؤولياته الأخلاقية، وأن يبادر إلى الدعوة إلى وقف العنف واتخاذ كل الوسائل الكفيلة بإيقاف آلة القتل السورية.
 
اشتباكات على الحدود التركية.. وإعدام 44 عسكريا في مطار أبو الظهور وإلقاء جثثهم في بحيرة

المواجهات تستمر في أحياء حمص.. وتنتقل بين درعا وإدلب وريف دمشق

بيروت: كارولين عاكوم ويوسف دياب لندن: «الشرق الأوسط» ... أعلنت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» أن الجيش أعدم الليلة الماضية 44 عسكريا في مطار أبو الظهور العسكري بإدلب، بعد محاولتهم الانشقاق. وقالت الشبكة إن جثث القتلى ألقيت في بحيرة، مشيرة إلى فرار ستة جنود من مجموع خمسين كانوا يعتزمون الانشقاق. كما وقعت اشتباكات بين الجيش السوري النظامي ومنشقين عند الحدود السورية التركية، وأعلنت وكالة أنباء «الأناضول» التركية أن نحو ألفي جندي سوري مدعومين بـ15 دبابة هاجموا قرية عين البيضاء التي تبعد ثلاثة كيلومترات عن الحدود مع تركيا، وأضرموا النار في منازل فيها. وأشارت الوكالة إلى إصابة عدد من المعارضين السوريين في الاشتباكات، لافتة إلى أنهم دخلوا تركيا للعلاج. كما أعلن عدد من الناشطين، على مواقع الثورة السورية، أن الجيش السوري يقوم باعتقال الشباب من مواليد عامي 1992 و1993 لإجبارهم على الالتحاق بالجيش.
وفي وقت حطت فيه سلسلة التفجيرات التي تستهدف مناطق عدة منذ بدء الثورة السورية، صباح أمس في حي «دوار المصري» في مدينة درعا، حيث قتل ثلاثة مواطنين، انتقلت العمليات العسكرية التي استهدفت حي بابا عمرو في حمص على امتداد ثلاثة أسابيع متتالية وأوقعت مئات القتلى، إلى الأحياء المجاورة، حيث هرب الآلاف من سكان «بابا عمرو» بحسب عدد من الناشطين السوريين الذي أكدوا أن القصف استهدف الحي في ساعات الصباح الأولى. وانتقلت المواجهات إلى حي جوبر (الملاصق لبابا عمر)، والإنشاءات والسور والبويضة التي لجأ إليها «الجيش الحر»، كما انتقلت المواجهة الواسعة إلى مدينة القصير القريبة جدا من حمص.
وأعلن الناشط في تنسيقية الثورة السورية في حمص أنس أبو علي، أن «جبهة حمص لن تعرف الهدوء لأنها ستبقى رأس حربة كسر هذا النظام وإسقاطه». وأكد أنس لـ«الشرق الأوسط» أن «انسحاب الجيش الحر من بابا عمر لم يكن فعل هزيمة أو إعلان عجز، إنما جاء تلبية لنداءات وفتاوى المشايخ وعلماء الدين». وقال «في الساعات التي سبقت انسحاب الثوار أقدم الجيش النظامي ومخابرات (الرئيس السوري) بشار الأسد وشبيحته على اقتياد النساء والأطفال من حي الإنشاءات ووضعهم أمام الدبابات جاعلين منهم دروعا بشرية، وهددوا بقتلهم بشكل جماعي إن لم يسمح لهم بدخول بابا عمرو، وبعد مراجعة علماء الدين أفتوا الثوار بالانسحاب من هذا الحي، حفاظا على أرواح النساء والأطفال، لأن حياة أي طفل أو امرأة لا يعادلها شيء، وهو ما حصل بالفعل، إذ كان بإمكاننا أن نتصدى لهم لولا خوفنا على حياة الأبرياء».
وأكد أنس أن «معركة بابا عمر لم تنته ولن تنتهي إلا بإعلان سقوط نظام بشار الأسد». وأضاف «بعد أن يخرج من تبقى من المدنيين من بابا عمر تبدأ معركة الحسم التي ننتظرها، وعندها تكون الأرض مسرحا لعملياتنا النوعية التي سنلقن فيها قوات الأسد درسا لن تنساه أبدا»، مشددا على أن «معظم مناطق وأحياء حمص هي الآن خارج سيطرة الجيش النظامي، بدليل القصف العنيف الذي طال اليوم (أمس) أحياء دير بعلبة، الخالدية، جوبر، تلة السور، البويضة، القصير، وحي عشيرة الذي يسكنه عرب الفدعوس، باعتبار أن هذه المناطق هي الآن تحت سيطرة الجيش الحر والثوار»، مؤكدا أن «حي جوبر ينال القسط الأكبر من القصف لاعتقاد النظام أن القوة الأكبر من الثوار تتحصن بداخله، لكن حقيقة الأمر أن الثوار وأفراد الجيش الحر الذين انسحبوا من بابا عمرو يتحصنون بأماكن سرية خارج الأحياء السكنية، ليتمكنوا من تنفيذ عملياتهم بحرية أكبر وحتى لا تتكبد الأحياء تبعة وجودهم بداخلها»، موضحا أنه «لا صحة لمزاعم النظام السوري بأنه اعتقل 600 مقاتل سوري و120 آخرين من جنسيات عربية داخل بابا عمر، وهو يروج ذلك لرفع معنويات جنوده المنهارة».
وشدد الناشط في تنسيقية حمص على أن «دماء أبناء بابا عمرو لن تبرد، فبالأمس (أول من أمس) أقدمت قوات النظام على ذبح 12 شابا كالنعاج على مرأى من الناس، على حدود حي جوبر وهم ليسوا مقاتلين، لكن فقط لأن هوياتهم تفيد بأنهم من أبناء بابا عمر». وسأل «هل يمكن التعايش مع هذا النظام بعد كل هذه الفظاعات؟.. وأي حياة ننشدها وقد قتل المئات من أطفالنا ونسائنا وشيوخنا، ومن دون أن نعرف ما هي جريمتهم التي عوقبوا عليها؟».
وفي حين أعلنت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن انفجارا ناجما عن سيارة مفخخة يقودها انتحاري وقع أمس، اعتبر الناشطون السوريون أن الحادث هو من ضمن الحوادث الأمنية التي يفتعلها النظام ليعود في ما بعد ويتهم المعارضين والثوار السوريين بها، فيما حملت قيادة المنطقة الجنوبية في «الجيش السوري الحر» النظام المسؤولية عن التفجير. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل سبعة مواطنين بينهم ثلاثة قتلوا إثر انفجار عبوة ناسفة بسيارتهم بعد منتصف ليل الجمعة السبت قرب مدينة إدلب، واثنان إثر إطلاق رصاص من قبل حافلة أمنية قرب مدخل مدينة سراقب الشمالي بحسب الأهالي. كما قتل مواطن من بلدة كفرومة بإطلاق رصاص من حاجز على الطريق الدولي قرب مدينة معرة النعمان.
وفي حمص، أعلن المرصد عن العثور على جثامين لثلاثة مواطنين بينهم سيدة من قرية حالات التابعة لمدينة تلكلخ والواقعة على الحدود السورية اللبنانية. وبحسب الأهالي فإن المواطنين الثلاثة كانوا قد اختطفوا قبل أربعة أيام من القرية. وقال أحد الناشطين السوريين لـ«الشرق الأوسط» إن منطقة القصير تعرضت يوم أمس للقصف بالصواريخ والدبابات والمدفعية. وتتولى عمليات القصف الكتيبة 91 المتمركزة في مطار الضبعة، في المنطقة الموجودة شرق القصير. وأفاد الناشط بأن «الجيش الحر» بالتعاون مع الثوار نفذوا عملية على حاجز «الغيضة» الذي يتولاه عناصر من الجيش السوري النظامي والمخابرات، وحققوا من خلالها إصابات مباشرة.
وفي حماه، أكد ناشطون سماع سمع دوي انفجارات وإطلاق رصاص كثيف من جهة جسر المزارب ومشاع الأربعين، مع انتشار للقناصة على أسطح المباني. كما تم اقتحام حي الحميدية وسجل تطويق أمني لبلدتي «مشاع الأربعين» و«الفيحاء» قبل أن يتم اقتحام الأول بالآليات الثقيلة والمدرعات وإطلاق رصاص عشوائي وكثيف أدى إلى إصابة اثنين بجروح خطيرة. كما أكد ناشطون أن بلدات شيزر والكرامة والجديدة مطوقة ومحاصرة حصارا شديدا تجهيزا لاقتحامها، وهي تتعرض للقصف المتواصل ويوجد فيها الكثير من المنازل المهدمة والمحترقة، كما تقوم قوات الأمن بحرق السيارات الموجودة فيها. كما قامت قوات الأمن باقتحام «حي باب قبلي» و«ضاحية أبي الفداء» ونفذت فيهما حملة مداهمات وتفتيش للمنازل. وكانت قوات الأمن قد قامت ليلة أمس باقتحام بلدة «لخطاب»، حيث تم إطلاق القنابل الضوئية والرصاص بشكل عشوائي، كما تم إدخال مدرعتين إلى البلدة أثناء الليل واكتشف الأهالي وجودهما في الصباح بعد عودة الكهرباء.
وفي درعا، حيث وقعت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومجموعات منشقة، أعلن عن مقتل ستة عناصر من القوات النظامية السورية على الأقل وجرح تسعة آخرين نقلتهم سيارات الإسعاف إلى مستشفى مدينة الحراك.
وقد ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية، في اللاذقية، أن 26 سيارة أمن وحافلتين تابعتين للجيش اقتحمت قرية «الحمرات» ومنطقة «ناحية سلمى» وقراهما في اللاذقية، وقام العناصر بمداهمة المنازل وتكسير وتخريب ما فيها واعتقال عدد كبير من الشباب، كما تم إطلاق رصاص باتجاه بعض القرى من الحوامات، وحرق بعض الأراضي الزراعية في منطقة برج إسلام. وفي قرية المارونيات، قامت القوات الأمنية بعملية تمشيط للحقول والغابات المحيطة في المنطقة لمدة ساعتين.
وفي ريف دمشق، نفذت عمليات مداهمة للأراضي الموجودة في منطقة «الشياح» للمرة الثانية، وسُرق ما تبقى من محتوياتها، وسُجّل انتشار أمني مكثف في أحياء عدة من المنطقة. وبحسب إحصائيات المركز السوري لإحصاء الاحتجاجات، فقد سجلت مظاهرات جمعة« تسليح الجيش الحر» أول من أمس ارتفاعا نسبيا قياسا بمظاهرات جمعة «سننتفض لأجلك بابا عمرو»، حيث بلغ إجمالي عدد المظاهرات أمس في جميع المحافظات 662 مظاهرة، توزعت على 514 نقطة تظاهر. بينما بلغ عدد المظاهرات في جمعة «سننتفض لأجلك بابا عمرو» 643، توزعت على 490 نقطة تظاهر في كل المحافظات السورية.
ولاحظ المركز عبر رسم بياني للمظاهرات تزايدا في أعداد نقاط التظاهر في كل من دمشق وإدلب وحماه وحمص والحسكة واللاذقية، بينما شهدت محافظات ريف دمشق وحلب ودير الزور والرقة وطرطوس تراجعا في عدد نقاط التظاهر في جمعة «تسليح الجيش الحر» مقارنة بعددها في جمعة «سننتفض لأجلك بابا عمرو»، الأمر الذي يؤكد أن المحافظات التي يقوم فيها النظام بعمليات عسكرية موسعة وقمع شديد هي الأكثر تأييدا لخيار تسليح «الجيش الحر». كما تجدر الإشارة إلى أن النشاط الثوري في قلب العاصمة دمشق يغلب عليه الطابع الشبابي المدني السلمي، مستفيدا من حذر النظام في قمع الاحتجاج داخل دمشق، إذ ما زال يعتمد على قوات الأمن والشبيحة، وإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع، ولم يستعن بقوات الجيش بعد، ولم يقم باقتحامات ومداهمات عنيفة ومحاصرة وقصف الأحياء كتلك التي يقوم بها في مناطق أخرى كحمص وريف دمشق وإدلب وحماه.
إلى ذلك، حذر المستشار السياسي لـ«الجيش السوري الحر» بسام داده، ضباط «الجيش الحر» وعناصره من «انشقاقات مفبركة للبعض، بهدف السيطرة على مقدراته». وأعلن أن «النظام السوري يقوم بمحاولات مستميتة للنيل من الجيش الحر وقيادته وذلك من خلال خلق انشقاقات مفبركة لبعض الضباط وتهدف إلى السيطرة على مقدرات الجيش السوري الحر وقيادته».
وقال داده في بيان أصدره وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه «لقد قام النظام السوري بإرسال بعض الضباط المتعاونين معه، للانخراط في الجيش الحر للسيطرة على قيادته ولم ينجحوا والحمد لله في تحقيق الاختراق بفضل إخوتنا الضباط الشرفاء العاملين في الداخل الذين يمدوننا بمعلومات بالغة الأهمية، وسيصدر الجيش الحر بيانا عن هؤلاء القلة من الضباط الذين باعوا الشعب والوطن لإرضاء ساداتهم الذين يقتلون الشعب السوري ليلا نهارا». وأضاف «يعلن كذلك الجيش السوري الحر أنه لا علاقة له البتة بعميد مخابرات القوات الجوية حسام العواك، الذي يدعي زورا أنه قائد العمليات في الداخل السوري، ويجول على دول الخليج من دون تكليف من قيادة الجيش الحر، وما زال ارتباطه قائما بآصف شوكت مباشرة». وختم البيان «إننا ندعو كل أفراد وضباط الجيش السوري الحر الأبطال، لأن يكونوا حذرين من الأسلوب الخبيث لهذه العصابة الهمجية التي تحتل أرض سوريا بمساندة إيرانية لن تدوم إن شاء الله طويلا، والنصر قريب بعون الله».
 
هيغ يعتبر الأسد «مجرما»

الصين ترفض أي تدخل في سوريا بذريعة «قضايا إنسانية»

لندن: «الشرق الأوسط»..... اعتبر وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، أمس، أن «رفض» السماح بدخول المساعدة الإنسانية المخصصة للمدنيين المتضررين من أعمال العنف في سوريا، يدل على أن نظام بشار الأسد «أصبح مجرما».
وقال هيغ في مقابلة مع شبكة «سكاي نيوز» التلفزيونية البريطانية، إن «رفض المساعدة الإنسانية إضافة إلى عمليات القتل والتعذيب والقمع في سوريا، تدل على أن النظام أصبح مجرما». وأضاف «لقد أعربنا عن احتجاجنا مباشرة لدى السلطات السورية بشأن سلسلة من المشاكل بما فيها دخول المساعدة الإنسانية». وتابع «نحاول أيضا بحث الموضوع في مجلس الأمن الدولي. وهذا يعني العمل مع دول أخرى مثل روسيا والصين اللتين جمدتا مبادرات سابقة»، موضحا أنه تباحث الجمعة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف حول الموضوع، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. ومن جانبها، أكدت الصين رفضها أي تدخل في الشؤون السورية الداخلية «بذريعة قضايا إنسانية» وفق ما نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة عن وزارة الخارجية الصينية.
ونقلت الوكالة الرسمية عن مسؤول في الخارجية أن «الصين ترفض أي تدخل عسكري وأي ضغط لتغيير النظام في سوريا». وأضاف المسؤول: «نرفض أن يتدخل أي طرف في الشؤون الداخلية لسوريا بذريعة قضايا إنسانية». كما دعت الصين الحكومة السورية و«الأطراف المعنيين» الأخرى إلى وقف كل أعمال العنف والسعي إلى حل سلمي للأزمة في سوريا، وفق ما نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة عن الخارجية الصينية.
وحض مسؤول كبير في وزارة الخارجية في بيان «الحكومة السورية والأطراف المعنيين على وقف كل أعمال العنف فورا وفي شكل كامل وغير مشروط، وخصوصا العنف بحق المدنيين الأبرياء»، بحسب الوكالة الصينية الرسمية.
السعودية تدعو مجلس الأمن لممارسة دوره القانوني وتحمل مسؤولياته الأخلاقية تجاه سوريا

واشنطن ترحب بحذر بتصريحات روسية «معتدلة»

واشنطن: محمد علي صالح نيويورك: «الشرق الأوسط»... أكدت المملكة العربية السعودية أن مجلس الأمن مطالب اليوم أكثر من وقت مضى بأن يمارس دوره القانوني ويتحمل مسؤولياته الأخلاقية، وأن يبادر إلى الدعوة إلى وقف العنف واتخاذ كل الوسائل الكفيلة بإيقاف آلة القتل السورية عند حدها وإنقاذ المدنيين المحاصرين في حمص وحماه وجميع المدن السورية، وإيصال المساعدات الطبية والإنسانية إلى المدنيين المتضررين وتأييد مهمة المبعوث الدولي والعربي، كوفي أنان، والعمل على التوصل إلى حل سياسي يضمن للشعب السوري حقه في الحياة الكريمة والرخاء والأمن وينطلق من قواعد الوحدة الوطنية الشاملة التي تضم جميع أطياف الشعب السوري بمختلف انتماءاته السياسية والعرقية والطائفية والمذهبية، وفقا لخارطة الطريق التي وضعتها جامعة الدول العربية وأيدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونشر قوات عربية وأممية مشتركة لحفظ الأمن والسلام في سوريا.
جاء ذلك في كلمة السعودية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ألقاها السفير عبد الله بن يحيى المعلمي، المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك، أول من أمس، حيث أبدى ترحيب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي بتعيين كوفي أنان مبعوثا خاصا مشتركا للأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية، وترى أن اختياره بما له من سمعة عالمية وكفاءة متميزة ونزاهة فائقة إنما يعكس اهتمام المجتمع الدولي بتسخير كل الطاقات في سبيل التوصل إلى حل للأزمة السورية ونهاية لمعاناة الشعب السوري «الشقيق»، وفقا لمبادرة جامعة الدول العربية ولقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ 16 فبراير (شباط) 2012. وأشار السفير المعلمي إلى أن مجلس الأمن الدولي منذ أن أخفق في اتخاذ قرار بشأن الوضع في سوريا بسبب الممارسة المؤسفة لبعض أعضاء المجلس لحق النقض، والنظام السوري يعتبر أنه قد حصل على الضوء الأخضر لسحق المواطنين العزل في سوريا وإخماد ثورتهم، وهو يتصرف وكأنه يخوض سباقا مع الزمن لإنهاء مهمته قبل أن يعود المجتمع الدولي للتحرك، ولذلك شاهد الجميع تزايدا مستمرا في وتيرة الهجمات على المدنيين ووقوع المزيد من الضحايا كل يوم.
وأضاف: «مساء البارحة بالتحديد، شهدنا اقتحام القوات السورية لبابا عمرو وسقوط المجتمع الدولي في اختبار الضمير الحي وهو يشهد سربنتشيا جديدة وكأن هذا المجتمع لم يتعلم شيئا من دروس رواندا أو كوسوفا أو غزة».
وأكد المندوب السعودي أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على أتم استعداد لأن تكون في طليعة أي جهد مشترك يهدف إلى إنقاذ الشعب السوري وتدعيم قدرته على حماية نفسه من سلطة فقدت شرعيتها بمجرد أن استباحت دماء أبنائها، وأن دول مجلس التعاون تحمّل المجتمع الدولي عامة، ومجلس الأمن خاصة، والقوى التي مارست حق النقض على وجه التحديد، المسؤولية الأخلاقية عما يجري الآن في شوارع بابا عمرو ومنازلها، وأن التاريخ، والضمير، سوف يحاسبهم إن تخاذلوا عن الاستجابة لاستغاثات الشعب السوري وصيحات أبنائه المقهورين. إلى ذلك رحب مسؤولون أميركيون في حذر بتصريحات حول سوريا أدلى بها كل من رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، ووزير خارجيته سيرغي لافروف، واعتبروها «معتدلة» لأن فيها إشارات إلى أن روسيا لن تتدخل إذا تدخلت الدول الغربية والعربية عسكريا في سوريا من دون قرار من مجلس الأمن.
ومن دون التعليق مباشرة على التصريحات الروسية، قال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض: «بطبيعة الحال، نحن نضع اعتبارات لآراء القادة الروس. ولدينا علاقات هامة جدا مع روسيا، وسوف نواصل هذه العلاقة الهامة. ويستمر التشاور بصورة منتظمة مع المسؤولين الحكوميين الروس بشأن هذه المسألة بالذات (سوريا)».
سفير بكين في الرياض: الموقف الصيني لا يعني تأييدا أو احتضانا للنظام السوري وكانت لنا لقاءات مع المعارضة

أعرب لـ «الشرق الأوسط» عن قلق بلاده من تصعيد عمليات العنف والقتل

الرياض: هدى الصالح ... كشف مسؤول صيني لـ«الشرق الأوسط» عن قيام بلاده باتصالات مكثفة مع المعارضة السورية, من خلال لقاءات ثنائية مع المعارضة تمت في الصين, مشيرا إلى غياب تجمع المعارضة السورية وتوحد موقفها, حيث يرفض معظمها، على حد زعمه، أي «تدخل خارجي, مع دعم الإصلاح السياسي بعيدا عن العنف». وشدد لي تشينغ، السفير الصيني لدى السعودية، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» على حث الصين الحكومة السورية من خلال مبعوثيها على ضرورة وقف العنف فورا ضد المدنيين, والبدء بعملية السلام والإصلاح السياسي, ودعوتها للنظام السوري إلى التعاون مع الجامعة العربية, بغرض إيجاد حل عربي, وتقديم المساعدات الإنسانية بأسرع وقت.
وأوضح أن الموقف الصيني لا يعني تأييدا أو احتضانا للنظام السوري الحالي, أو تحيزا إلى جانبه, وإنما لتجنب تعقيد الأمور أكثر, وإيقاف نزف الدم, لفتح باب الحوار السياسي, منوها باستمرار الصين في البحث عن حلول مشتركة في محاولة للتخفيف من حالة التوتر, إلا أنه، في الوقت ذاته، يجب ألا تكون الضغوط على طرف واحد، حسبما أفاد, فالضغوط يجب أن تمارس على كل الأطراف.
ووصف الملف السوري بالمعقد والحساس, داعيا إلى الاتزان والعمل المشترك لتحقيق أهداف مشتركة بوقف العنف والدفع لحل سياسي, وأن يضم الحوار جميع الأطراف لتحقيق مصالحة وطنية, مشددا على ضرورة احترام السيادة السورية, ومعارضتهم تغيير النظام من الخارج إلى جانب التدخل العسكري فيها, وجهود من الجامعة العربية لتقديم المساعدات الإنسانية.
وأعرب السفير الصيني عن قلق بلاده من تصعيد عمليات العنف والقتل في سوريا, قائلا «ندعو جميع الأطراف إلى وقف العنف, وعدم تصعيد الوضع الأمني», منوها بالجهود الصينية التي تبذل في الوقت الراهن لوقف العنف بشكل فوري, مع مطالبته المجتمع الدولي بضرورة ممارسة الضغوط على جميع الأطراف في داخل سوريا وخارجها للتمكن من إيجاد حل سياسي.
وأضاف قائلا إن على الأطراف كافة إعطاء السلام فرصة، حيث «لا تزال هناك فرصة ومجال للجهود المشتركة للوصول إلى السلام, تجنبا لمزيد من نزف الدماء والتدخل العسكري في سوريا».
وحول مقترح الجامعة العربية إرسال قوات حفظ سلام عربية – أممية مشتركة، أوضح السفير الصيني أنه، حتى اللحظة، ليست هناك مشاورات إضافية بهذا الخصوص وخطوات ملموسة, منوها بأن دفع هذا المقترح بحاجة إلى المزيد من المشاورات وتوفر بعض الشروط من قبل الأمم المتحدة, أبرزها موافقة سوريا على مثل هذا المقترح أولا وأخيرا.
أما بخصوص الموقف الصيني من إدخال قوات حفظ السلام الأممية، فأكد أن الصين ستؤيد أي خطوة أو إجراء يدفع إلى تحسين الأوضاع بسوريا, مشددا، بحسب ما صرح به، على أن الصين «لا ترفض أو تؤيد» قوات حفظ السلام, وهي حاليا تدرس بجدية الفكرة والإجراءات المطروحة لذلك على الطاولة.
وحول تكرار التجربة اليمنية في سوريا بتسليم بشار الأسد السلطة لنائبه، فقال إن المصالحة الوطنية اليمنية التي آتت نتاج جهود عربية وخليجية جبارة، بالأخص من قبل السعودية، إنما كانت بسبب توافق كلا الطرفين, داعيا إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار اختلاف ظروف الدول الداخلية.
ورأى أنه في حال كان الهدف من تسليم السلطة بسوريا تخفيف حدة التوتر والعنف وإبداء خطوات إيجابية, أو المساهمة في التخفيف من عمليات العنف - فهو أمر مقبول, مؤكدا أنه كلما زاد نزف الدم فإن المسألة السورية ستزداد تعقيدا, آملا بذل المزيد من الجهود الداخلية بسوريا إلى جانب التعاون الدولي لدفع عملية السلام بتقديم النصائح لكل الأطراف. وأفاد لي تشينغ بتقديم الجامعة العربية للنظام السوري نصائح متعددة، كان من بينها تفويض صلاحياته لنائب له، إلا أن لبشار الأسد، بحسب ما ذكر, حرية الاختيار من بين هذه النصائح أو عدمه, وليس فرض تغيير النظام بالقوة. وبرر السفير الصيني موقف بلاده في الاجتماع الأخير الخاص الذي يمثل حقوق الإنسان, بأن حماية حقوق الإنسان للشعب السوري لن تكون إلا من خلال وقف العنف، وبالأخص ضد المدنيين, الأمر الذي سيساعد وحده في عودة الاستقرار, معتبرا ذلك شرط مسبقا وأساسيا لضمان تحقيق حقوق الإنسان للسوريين, إلا أن سياسة فرض الضغط على طرف معين، بحسبه, غير مفيدة في التخفيض من حدة التوتر, أو تحقيق حماية حقوق الإنسان, مطالبا مجلس حقوق الإنسان بضرورة العمل بصورة عادلة وموضوعية, لا أن تكون اختيارية «منحازة».
وحول الصفقات البينية (الصينية – السورية) بشأن التسلح, فأفاد بأن التبادل العسكري بين الدولتين بدأ منذ سنوات كثيرة, وتأتي منسجمة مع القواعد الدولية, في إطار الدفاع عن سيادة الدولة السورية ووحدتها وليس ضد الشعب, مشيرا إلى أنه إن كانت هذه الصفقات لا تزال موجودة مع الجانب السوري فهي ضئيلة جدا.
وأضاف أن الصين ستقف دون تسليح الحكومة والمعارضة, أو ما يشجع وقوع أي فوضى داخلية، قائلا «الصين لن تدعم ذلك», مستشهدا بالتصريح الروسي الأخير من أن روسيا لن تقدم أي سلاح للحكومة السورية في حال وقوع حرب داخلية.
وفي ما يتعلق بتقديم المساعدات الإنسانية الصينية إلى الأهالي في سوريا، أكد عدم وجود قرار صيني محدد في هذا الشأن, منوها باتخاذ بلاده القرار تبعا لمدى تطور الأوضاع وحسب الحاجة لذلك.
الاتحاد الأوروبي يعترف بالمجلس الوطني «ممثلا شرعيا للسوريين».. ويدعو المعارضة للتوحد

مستعد لتقديم المساعدة وإقامة شراكة جديدة مع سوريا «بمجرد أن يبدأ التحول الديمقراطي فيها»

جريدة الشرق الاوسط... بروكسل: عبد الله مصطفى .... أيد زعماء الاتحاد الأوروبي أول من أمس، القرار الذي اتخذه وزراء خارجية الاتحاد الأسبوع الماضي بالاعتراف بالمجلس الوطني السوري، باعتباره الممثل الشرعي للسوريين.
وكرس البيان الختامي للقمة الأوروبية عدة فقرات للحديث عن سوريا، شدد فيها على ضرورة الاستمرار في خيار العقوبات طالما استمرت عمليات القمع، كما شدد على دعم مخطط الجامعة العربية ودعم المعارضة. وقال قادة الدول الـ27 الأعضاء بالاتحاد الأوروبي في بيان بختام قمتهم، إن «الاتحاد الأوروبي يؤيد المعارضة السورية في نضالها من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية ويعترف بالمجلس الوطني السوري باعتباره الممثل الشرعي للسوريين». ودعا البيان جميع أعضاء المعارضة السورية إلى التوحد في نضالهم السلمي من أجل سوريا جديدة يتمتع جميع مواطنيها بحقوق متساوية، مطالبا جميع التيارات في سوريا بالترويج لعملية تهدف إلى التوصل لحل سياسي للأزمة. وناقش زعماء الاتحاد الأوروبي الوضع في سوريا ودعوا جميع أعضاء مجلس الأمن في الأمم المتحدة، ولا سيما روسيا والصين، إلى العمل معا في محاولة لوقف العنف.
كما شدد الاتحاد الأوروبي على مسؤولية السلطات السورية بشأن أمن الرعايا الأجانب في سوريا بما في ذلك الصحافيون وتسهيل إجلاء الجرحى والمصابين. وجدد البيان دعم الاتحاد الأوروبي للجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية لإنهاء العنف في سوريا وتعيين السكرتير العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان كمبعوث خاص ومشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا. كما أعرب زعماء الاتحاد الأوروبي عن دعمهم لإطلاق مجموعة «أصدقاء الشعب السوري» ونتائج اجتماعها الأول في تونس مؤخرا. ودعا زعماء الاتحاد الأوروبي «(الرئيس السوري) الأسد إلى التنحي لإفساح المجال لانتقال سلمي في سوريا»، مؤكدين أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتقديم المساعدة وإقامة شراكة جديدة مع سوريا «بمجرد أن يبدأ التحول الديمقراطي فيها».
وكان الاتحاد الأوروبي على مستوى وزراء خارجية دول الاتحاد اعترف بالمجلس الوطني السوري كمحاور «شرعي» ولم يعترف به كمحاور وحيد.
من جانبها، صرحت وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون، بأنه «من المشجع سماع وجهة نظر المجلس الوطني السوري والاعتراف به كمحاور شرعي، لكن محاورين آخرين قدموا إلينا في بروكسل وسنتابع الحوار». وكان مؤتمر «مجموعة أصدقاء سوريا» دعا في بيانه الختامي إلى الاعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض ممثلا شرعيا للسوريين الذين يسعون إلى التحول الديمقراطي، كما طالب المشاركون فيه بوقف فوري للعنف وتنفيذ قرارات الجامعة العربية والسماح بتوصيل مساعدات إنسانية، إضافة إلى فرض قيود على السلطات السورية تتضمن حظر النفط ومنع سفر مسؤولين وتجميد أرصدتهم.
في الوقت نفسه، حاول التكتل الأوروبي الموحد الرد على اتهامات وجهت إليه بالتقصير في الملف السوري، وهو الأمر الذي تناوله البيان الختامي للقمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل. واستطلعت «الشرق الأوسط» آراء رؤساء الكتل النيابية في البرلمان الأوروبي، بشأن التعامل الأوروبي مع الملف السوري بعد الاعتراف من جانب قادة دول الاتحاد بالمجلس الوطني السوري، وقال غي فيرهوفستاد زعيم كتلة الليبراليين، إن المجتمع الدولي بما فيه أوروبا لا يفعلون كل المطلوب منهم، ويجب على المجتمع الدولي أن يركز على إنهاء الوضع الدرامي وخاصة ما يجري في حمص وغيرها، وأضاف أن العقوبات وحدها ليست كافية ولا بد من تحقيق الأمن وتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين، وتابع «أعتقد أن تركيا يمكن أن تلعب دورا حيويا في هذا الصدد».
من ناحيته، قال هانس سلوبودان رئيس الكتلة الاشتراكية، إن المهم الآن هو ممارسة ضغوط على روسيا والصين حتى تتحقق الجهود الرامية لوقف العنف وقتل المدنيين، وأضاف «إذا كانت روسيا والصين لديهما اهتمام بسلامة واستقرار سوريا فعليهما الضغط على نظام بشار وبعدها نقنع المعارضة بعدم اللجوء إلى السلاح ونبدأ في البحث عن حل سياسي»، وشدد على أن إيران لها دور كبير في ملف سوريا، وتساند النظام وتؤيد بقاءه في الحكم، «وإذا كانت مهتمة بوقف حمام الدم فعليها أن تعمل من أجل هذا، وإلا فستكون بذلك لا تخدم مصلحة الشعب السوري ولا تعمل من أجل أمنه واستقراره».
إلى ذلك، أعلن رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، أن زعماء ورؤساء حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد طالبوا بإعداد ملفات «توثق الانتهاكات» التي يقوم بها النظام السوري، تمهيدا لتقديم المسؤولين عن هذه الأعمال إلى العدالة الدولية، ولفت إلى أن أوروبا تريد أن تقول للنظام السوري إنه لا إفلات من العقاب، واعتبر أن «الحديث عن الأزمة السورية على مستوى القمة يؤكد من جديد على وحدة الصوت والعمل الأوروبيين تجاه ما يجري»، ورفض فان رومبوي أي حديث عن ضعف الموقف الأوروبي تجاه الأزمة في سوريا، مشيرا إلى أن التكتل الأوروبي الموحد «يبذل كل جهده سواء في إطار مجلس الأمن أو في إطار التعاون مع الجامعة العربية»، مطالبا بعدم التقليل من شأن العمل الأوروبي لإيجاد حل للأزمة السورية، وأوضح فان رومبوي أن الاتحاد الأوروبي «ثابت» على موقفه تجاه سوريا، داعيا الدول الكبرى أن تراجع مواقفها تجاه ما وصفه بـ«الوضع المرعب» في هذا البلد.
 
 
النهار..عمان - عمر عساف

سوريا تقسّم الأردنيين وتعطّل الحراك الشعبي الإصلاحي

الروابط الديموغرافية والعلاقات الاقتصادية تفرض نفسها

ما انقسم الأردنيون، منذ أيلول 1970 في صراع الدولة مع فصائل المقاومة الفلسطينية، كما انقسموا حيال الموقف من الملف السوري الحالي.
هذا الانقسام برز بداية بين النخب السياسية والقوى الحزبية التي كانت تشارك في تسيير التحركات الشعبية الأسبوعية، لينسحب بعد ذلك على مجمل الشارع الأردني، بمن فيه أولئك الذين لا تستهويهم السياسة ولا ألاعيبها.

 

ارتباط وثيق
وربما كان قرب سوريا من الأردن واتصالها بها في مختلف نواحي الحياة، وخصوصاً الديموغرافية، سبباً رئيساً في تأجيج حال الانقسام.
فديموغرافياً، تنتسب عائلات وأسر، وحتى قبائل بدوية، إلى سوريا، ولا تكاد تخلو مدينة  من أسر شامية (نسبة إلى دمشق الشام) وسورية، وخصوصاً في مدن الشمال (إربد والمفرق والرمثا وجرش) والوسط (عمان والزرقاء والأزرق والرصيفة والسلط) وحتى في الجنوب (معان).
هذا إلى علاقات النسب والمصاهرة الكثيفة وغير المتوقفة منذ آماد بعيدة. كما أن العائلات الشامية، ومنذ ثلاثينات القرن الماضي، تهيمن على الحركة التجارية في عمان والزرقاء وإربد، وفي كبريات المدن التجارية في المملكة. كما يعتمد الاقتصاد الأردني بصورة أساسية على سوريا، خصوصاً في مجالي التبادل التجاري الذي تميل كفته لمصلحة سوريا، إلى تجارة الترانزيت مع لبنان وتركيا وأوروبا ووسط آسيا، التي تمر جميعها عبر الأراضي السورية.

لماذا الانقسام؟
في بدايات الأزمة، ومع نشوب أحداث درعا التي أوقدت نار الثورة السورية، انبرى عدد من البعثيين (الجناح السوري) والقوميين، وبحدة، لمهاجمة ما سموه "المؤامرة" على سوريا، وهاجموا "الغرب الاستعماري المرتبط بالصهيونية" وكل من يقف ضد دمشق، بصفته شريكا في المؤامرة التي "تهدف إلى فرط تيار الممانعة العربية".  آنذاك، لم تكن المعارضة السورية في الخارج قد تبلورت، ولا دول الجامعة العربية تحركت. وكانت الأنظار مشدودة إلى تطورات الأوضاع في مصر، وليبيا التي بدأ التدخل الدولي في أزمتها يتبلور بدخول حلف شمال الأطلسي الصراع لإسقاط نظام معمر القذافي ودعم الثوار.
وهذا التدخل الأجنبي، مضافاً إلى تطور الأحداث في سوريا، أوجد رد فعل عند الأوساط السياسية لاحقاً.
المعطيات السياسية كانت مختلفة في سوريا عنها في باقي دول "الربيع العربي" ومتأخرة عنها بعض الشيء، ومع ذلك، برز الصراع  أردنياً بين التيار المؤيد للنظام السوري، وجلّه من اليسار، وتحديداً  حزب البعث التقدمي (السوري)، والحركة الإسلامية، التي لم يكن موقفها الرسمي المناهض لنظام بشار الأسد قد أعلن صراحة بعد.
عداء الإسلاميين للنظام السوري قديم، وهو ارتبط بالموقف من فتك النظام أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد مطلع ثمانينات القرن الماضي بجماعة "الإخوان المسلمين" السورية وتنكيله بهم، ولم يشفع لدمشق احتضانها للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس". اللافت، أن الأحزاب الأردنية كلها اتفقت على دعم الثورتين المصرية والتونسية، واختلفتا على الموقف مما يحدث في ليبيا وسوريا.
هذا الصراع أثر على الحراك الشعبي الإصلاحي في الشارع، وبدأ الانقسام بمقاطعة مؤيدي النظام السوري للنشاطات التي يدعو إليها الإسلاميون. وظهرت تجلياته في اللجنة التنسيقية العليا لأحزاب المعارضة الأردنية، التي انقسمت على نفسها، ليقف الإسلاميون وحيدين داخل اللجنة.
وفرّخت التنسيقية العليا لجنة أخرى من خمسة أحزاب، لكنها لم تنسحب من العليا، حفاظاً على "وحدة المعارضة"، ولو إسماً.
الحراك الإصلاحي انقسم بحدة، وإن حاول الإسلاميون استقطاب بقية مكونات الحراك إليهم، فهم تحالفوا مع التجمع الشعبي للإصلاح (47 تجمعا ومبادرة شعبية) في الموقف الذي أعلنته صراحة بأنها "مع الثورة السورية وضد التدخل الأجنبي بأي شكل". وهي أضافت هذا الشعار ضمن شعارات الحراك. كما أقامت نشاطات داعمة للثورة السورية ومناهضة لنظام الأسد.
وفي الوقت عينه أبقت الحركة الإسلامية تحالفها مع الجبهة الوطنية للإصلاح التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق أحمد عبيدات، وتضم كذلك الأحزاب المؤيدة للنظام السوري.
غير أن هذه الجبهة "عوّمت" موقفها من الملف السوري، وقصرت نشاطها على الهم المحلي الداخلي، وصار مؤيدو دمشق المنضوون تحت لوائها  ينظمون فعاليات مؤيدة لسوريا منفردين.
هذا كله أثر سلباً على الحراك الشعبي وأضعفه، وصب في مصلحة السلطات الأردنية التي كانت تصارع الحراك بشكل غير معلن، وإن كانت تؤكد دوما أنها لا تعاديه.

الشارع الأردني
دخول الشارع الأردني على الخط برز بإعلان قبيلة السرحان (القريبة أراضيها من الحدود) في آب الماضي أنها ستمنع أي حراك مناهض لدمشق على أراضيها، في رسالة إلى الإسلاميين الذين كانوا ينوون إقامة مهرجان خطابي ضد نظام الأسد.
هذا الموقف، الذي لقي رفضاً من بعض أبناء القبيلة، ومن فعاليات شعبية أخرى، تطور في الشارع ليصل إلى حد إقامة اعتصامات مؤيدة ومناهضة لنظام الأسد أمام السفارة السورية في عمان، وامتد إلى مجالس الأفراح والعزاء في مختلف المدن الأردنية، وانتقل إلى الإعلام الذي رصد هذا الانقسام في الشارع.
الشارع منقسم بين من يخشى مؤامرة لتقسيم سوريا وإضعافها في ظل كلام عن ان هناك دولا عربية تنفذ أجندة خارجية وتقود حملة تمهيدا للتدخل الأجنبي. وهم يرون أن المعارضة السورية الخارجية منغمسة بالعمالة لدوائر الاستعمار.
في المقابل، هناك من يصف النظام السوري بـ"الدموي والديكتاتوري"، ويرون أنه هو من أفسح في المجال بدمويته وإجرامه بحق شعبه، للتدخل الخارجي، ويطالبون برحيله، فيما آثار الأزمة السورية تترجم على الأرض بدخول نحو 80 ألف سوري الأراضي الأردنية، هرباً من العنف، وإقامة آلاف منهم في مخيمات للاجئين.
وبينما الأردنيون منقسمون، يتخذ النظام موقفاً لا يحسد عليه، بين الضغوط العربية والأجنبية، لتبنّي مواقف أشد حسماً ضد دمشق، وفي مقدمها الاستعداد لجعل الأرض الأردنية قاعدة للتدخل، وتخوف من أن يكشف احتلال سوريا، ومن ثم تقسيمها،  ظهرها لإسرائيل، ويعيد تجربة تقسيم العراق.

 

 
الزهار: نصحنا النظام السوري بإعطاء مساحات واسعة للشعب

قال إن انعقاد المكتب السياسي خارج سوريا لا دلالات سياسية له

غزة: «الشرق الأوسط»... نفى عضو المكتب السياسي لحركة حماس، محمود الزهار، أمس، أن تكون حركته قد قطعت علاقاتها مع النظام السوري، لكنها نصحته، على حد تعبيره، بإعطاء مساحات واسعة للشعب. وقال الزهار، في رده على أسئلة لوكالة الصحافة الفرنسية على هامش لقاء تأسيسي لمنتدى طبي في غزة: «موقفنا من سوريا هو نفسه بالنسبة للثورات العربية الأخرى.. نصحنا النظام السوري بأن يحل هذه الإشكالية بإعطاء المساحات الواسعة للشعب السوري حتى تقوى سوريا وتستطيع أن تحرر أرضها المحتلة في الجولان وأن تدعم برنامج المقاومة وتستمر في هذا البرنامج».
وتابع الزهار، وهو ثاني مسؤول في حماس يتحدث في الموضوع السوري بشكل أكثر وضوحا: «هذا المشروع الأمني السوري هو الذي أدى إلى هذه الحالة، نحن لا نستطيع أن ندخل طرفا ضد طرف آخر.. هناك نصف مليون فلسطيني يعيشون بكامل الحرية في سوريا، فلماذا نحملهم هذا الموقف؟».
وأضاف الزهار: «موقفنا من الثورة في مصر وتونس وليبيا وفي غيرها ثابت.. هو الموقف نفسه في سوريا.. لا نتدخل بالشأن الداخلي، لكن ننصح ونقدم النصيحة الخالصة، لكن إذا أخذتنا الأمور في اتجاهات مختلفة نحن نتوقف؛ لأن برنامجنا ليس الدخول في الصراع العربي الداخلي ولا الإقليمي.. صراعنا الأساسي موجه ضد الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين».
ويتعارض موقف الزهار هذا مع الموقف المعلن لرئيس حكومة حماس المقالة إسماعيل هنية الذي وجه من القاهرة في 24 فبراير (شباط) الماضي تحية إلى الشعب السوري «البطل» الذي يسعى نحو «الحرية والديمقراطية».
وفي رده على سؤال حول ما إذا قطعت حماس علاقتها كليا مع النظام السوري بعد خروج رئيس المكتب السياسي خالد مشعل منها مؤخرا، تساءل الزهار: «من الذي قال إننا قطعنا العلاقات؟ لماذا يحاول هؤلاء أن يخرجونا عن دائرة الحياد التي اتسمنا بها في القضايا كلها؟ هذه محاولات للإيقاع بيننا وبين سوريا». وأضاف: «نحن نتمنى لسوريا أن تتعافى وأن يأخذ شعبها حقه وأن يقوى النظام الذي يمثل الشارع السوري الذي يستطيع أن يحرر أرضه ويساعد في تحرير فلسطين بالتالي. نحن لسنا طرفا للدخول في أي من المحاور، لا القطرية ولا المنطقة كلها».
وذكر الزهار في رده على سؤال حول مغادرة حماس لسوريا ونقل مقر مكتبها السياسي منها، أن «جلسات المكتب السياسي للحركة كانت تعقد خارج سوريا حتى في فترة كانت الأوضاع فيها عادية في سوريا، وآخر اللقاءات عقدت في سوريا لأن بعض البلاد كانت تغلق الأبواب أمامنا، وعندما فتحت الأبواب صار من حقنا أن نجري اللقاءات فيها، هذا ليس له دلالات سياسية».
وحول ما إذا غادر مشعل وأعضاء المكتب السياسي سوريا بلا رجعة، قال الزهار: «من قال لك هذا؟ فعماد العلمي (عضو المكتب السياسي الذي عاد لغزة الشهر الماضي) بعد أن جاء لغزة ذهب إلى سوريا. غزة عندما فتحت كل من خرج منها قد عاد الآن إليها.. ومصر الآن كل من يستطيع أن يذهب إليها يذهب، والسعودية الآن فيها ناس (أعضاء من حماس) وفي سوريا والإمارات ودول إسلامية هناك ناس تعيش، وبالتالي القول إن هناك هجرة مقصودة ذات دلالات سياسية من سوريا لأماكن أخرى غير صحيح، فعندما توافرت أماكن أخرى تحركنا إليها».
ورفض الزهار الخوض في التوقعات بشأن مصير الأوضاع في سوريا بقوله: «نحن نصنع مواقف، ومواقفنا نعبر عنها، أما متى وكيف ستحل (الأمور بسوريا)، فهذه قضية يتكلم فيها المحلل السياسي».
وشدد الزهار على أن الربيع العربي «يخدم القضية الفلسطينية بالتأكيد؛ لأن الأنظمة التي كانت لها علاقة طيبة ومتعاونة مع العدو الإسرائيلي تغيرت ورأي الشارع العربي كله مع القضية الفلسطينية». وأشار إلى «تفاعل الأزهر» بمصر الجمعة قبل الماضي مع القضية الفلسطينية عندما ألقى هنية كلمة في الجامع الأزهر بالقاهرة، مبينا أن «كل الأنظمة التي كانت تحول دون أن يعبر الموقف الشعبي العربي عن رأيه تجاه القضية الفلسطينية انتهت، وبقيت حكومات تتشكل وبرلمانات تتشكل ورئاسة تأتي وتأخذ دورها.. المستقبل لنا ولا مستقبل لعدونا».
وأكد الزهار التزام حركته بالمصالحة الفلسطينية، خاصة باتفاق الدوحة الخاص بتشكيل حكومة توافق انتقالية. ودعا إلى «تحصين» اتفاق المصالحة، مستدركا أنه «إذا تم تعيين (الرئيس محمود عباس) أبو مازن رئيسا للوزراء ورفض الاحتلال تشكيل لجان الانتخابات واستمر في الاعتقالات هل ستصبح حكومة أبو مازن حكومة أبدية؟ هل هذا ما تم الاتفاق عليه؟».
 
داود أوغلو يدعو «المجلس الوطني» إلى ضم أطياف المعارضة والطوائف

اتهم النظام السوري بأنه «يرتكب كل يوم جريمة ضد الإنسانية»

جريدة الشرق الاوسط... بيروت: ثائر عباس ... كشف وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو عن أن قوافل من المساعدات التركية أصبحت على الحدود مع سوريا، وسيتم إدخالها لمساعدة المتضررين من الأحداث التي تشهدها سوريا. وأبلغ الوزير التركي أعضاء المجلس الوطني السوري الذين التقاهم على مدى 4 ساعات ليل أول من أمس، وفقا لمحضر اللقاء الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، أن بلاده «مستعدة لتقديم كافة أنواع الدعم»، من دون أن يوضح الطريقة التي سيتم بها إدخال هذه المساعدات.
وغاب عن اللقاء «البحث العسكري»، فلم يقترح أعضاء المجلس «إنشاء منطقة عازلة»، ولم يؤشر الأتراك إلى نية بالتدخل العسكري في سوريا، فكرر داود أوغلو معارضته فكرة التدخل الخارجي وشدد على ضرورة عدم تقسيم سوريا على أساس عرقي وطائفي، مقترحا قيام بلاده بمسعى لتقريب وجهات النظر بين العسكر المنشقين والمجلس الوطني، مشددا على ضرورة توحيد جهود المعارضة السورية وضمها تحت سقف المجلس الذي لمح إلى أنه سيكون الممثل الوحيد للشعب السوري على طاولة مؤتمر إسطنبول لأصدقاء الشعب السوري الذي لم يتم تحديد موعد دقيق له، وإن كانت ترددت معلومات عن أنه سيكون في العشرين من الشهر الحالي.
في المقابل، قالت مصادر تركية إنه وجه رسائل مهمة خلال اللقاء. وقال داود أوغلو مخاطبا المجلس الوطني السوري برئاسة برهان غليون، «كونوا شاملين، ولا تمارسوا التمييز الديني والعرقي. إن بابنا سيبقى مفتوحا للشعب السوري». وشرح داود أوغلو تفصيليا نظرة تركيا إزاء الشأن السوري قائلا «إن سوريا مهمة جدا بالنسبة لتركيا، لا يمكن اتباع سياسة مبنية على أساس ديني أو عرقي في سوريا. ينبغي على المجلس الوطني أن يمثل جميع الطوائف والأديان، وعدم ممارسة التمييز ضد أحد». وأضاف أوغلو أن «دعم تركيا سيستمر للسوريين اللاجئين إلى هطاي هروبا من إدارة الأسد. سيبقى بابنا مفتوحا للشعب السوري». وتضمن اللقاء تبادل وجهات النظر بشأن اجتماع أصدقاء سوريا الذي سيعقد في مدينة إسطنبول. وأكدت المعارضة ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية للشعب السوري.
وأعلن داود أوغلو أمس في تصريحات أدلى بها أن بلاده تدافع مع المجتمع الدولي «عن القيم الدولية»، مضيفا: «في الوقت الذي تتواصل فيه مثل هذه الفظائع (في سوريا)، فإن منع دخول المساعدة الدولية (المخصصة للمدنيين المتضررين من أعمال العنف) ورفض دخول مسؤولي الأمم المتحدة يشكلان جريمة أخرى»، كما نقلت عنه وكالة أنباء «الأناضول». واتهم النظام السوري بأنه «يرتكب كل يوم جريمة ضد الإنسانية» عبر استهداف شعبه. وأضاف: «المسؤولية التي تقع على عاتق المجتمع الدولي هي توجيه أكثر الرسائل حزما إلى القيادة السورية والقول إن (هذه الوحشية يجب أن لا تستمر)».
وبالعودة إلى اجتماع داود أوغلو مع المجلس الوطني، فقد علمت «الشرق الأوسط» أن الأخير تحدث في بداية اللقاء عن ضرورة «توسيع المجلس الوطني واستيعابه لكافة أشكال الطيف السوري وكافة قوى المعارضة»، كاشفا عن وجود توجه لأن يكون المجلس «هو الممثل الوحيد للمعارضة في مؤتمر إسطنبول خلافا لمؤتمر تونس». وشدد على ضرورة «ترتيب البيت الداخلي للمعارضة، وتوثيق العلاقة بين المجلس التنفيذي وبقية أعضاء المجلس»، كما شدد على «ضرورة تواصل المجلس مع كافة الأطياف السورية من علويين ومسيحيين ودروز»، وعلى دور المجلس في تطمين الأقليات، وعلى أهمية بقاء سوريا موحدة ومنع تفتيتها أو تقسيمها.. «لا نريد تقسيم سوريا إلى أقليات وطوائف، فسورية يجب أن تكون لجميع السوريين»، وأمل أن يأتي اجتماع إسطنبول بعد أسبوعين ليكون المجلس الوطني ممثلا وحيدا للشعب السوري.
وشدد داود أوغلو أيضا على أهمية التنسيق بين المجلس و«الجيش الحر»، داعيا المجلس إلى التنسيق مع «الجنرالات الثلاثة»؛ العقيد رياش الأسعد والعميدين مصطفى الشيخ وفايز عمرو، منوها بضرورة أن يكون هناك ناطق واحد باسم «الجيش الحر». وأعلن عن نيته استضافة اجتماعات بين الطرفين لتوحيد الرؤية والمنهج. كما دعا إلى تقوية الروابط بين المجلس و«الجيش الحر» والكتائب داخل سوريا، واصفا الثورة السورية بأنها «أصعب وأروع ثورة في المنطقة».
النظام السوري يمنع الصليب الأحمر من إدخال المساعدات إلى بابا عمرو

جريدة الشرق الاوسط.. بيروت: كارولين عاكوم ... أكد صالح الدباكة، الناطق الرسمي باسم بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لـ«الشرق الأوسط» أن اللجنة حصلت على تصريح رسمي بالدخول إلى بابا عمرو منذ الخميس الماضي، لكنها لغاية اليوم لم تتمكن من القيام بمهمتها التي تنفذها بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري، لافتا إلى أن اللجنة لا تزال تقوم بالمحادثات والمفاوضات مع الحكومة السورية بغية إيصال المساعدات إلى المدنيين في بابا عمرو وإجلاء المصابين.
وفي حين أشار الدباكة إلى أن المهام الإنسانية في سوريا تتوزع بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، لفت إلى أن الهلال الأحمر هو الذي دخل بابا عمرو في مرات سابقة، وكان آخرها الاثنين الماضي، وقد ونجح لغاية الآن في إجلاء 30 مصابا، بينهم 7 في حالات خطرة، 6 منهم لا يزالون يعالجون في مستشفى الأمين، بعدما توفي أحدهم. كما تمكن منذ 21 فبراير (شباط) الماضي من إيصال 4 قافلات من المساعدات الإنسانية.
وفي حين يؤكد بعض المعارضين السوريين أن سبب عدم السماح للصليب الأحمر بالدخول إلى بابا عمرو يعود إلى الألغام والمتفجرات المزروعة في الطرقات والمنازل، أكد أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط» أن قوات النظام عمدت إلى إفراغ سيارات الإسعاف من الأدوية والمساعدات الطبية التي كانت في داخلها، ومنعت الصليب الأحمر والهلال الأحمر من إرسالها إلى المدنيين في بابا عمرو. كذلك قال ناشطون سوريون لـ«رويترز» بأنه قد يكون منع قوات النظام الصليب الأحمر من دخول بابا عمرو كي لا يتمكنوا من مشاهدة مذبحة يزعم أن معارضين نفذوها.
وقال متحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دمشق لـ«رويترز» إن السلطات السورية أعطت الإذن للقافلة بالدخول لكن القوات الحكومية على الأرض أوقفت الشاحنات بسبب ما قالت: إنها أحوال غير آمنة بما في ذلك وجود ألغام وشراك خداعية.
وكان جاكوب كيلينبرغر، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قال: «من غير المقبول ألا يكون السكان الذين يحتاجون منذ أسابيع عدة إلى مساعدات عاجلة قد تلقوا بعد أي مساعدة. وسنبقى هذه الليلة في حمص على أمل الدخول إلى بابا عمرو في القريب العاجل»، لافتا إلى أن عددا كبيرا من العائلات من بابا عمرو سيقوم الصليب الأحمر بتقديم المساعدة لهم بأسرع وقت.
وأضاف كيلينبرغر: «نكرر النداء الذي وجهناه قبل عدة أيام بوقف القتال لمدة ساعتين يوميا من أجل السماح بتقديم المساعدات الإنسانية. وكانت الأوضاع الإنسانية في غاية الخطورة آنذاك وقد أصبحت الآن أسوأ حالا».
في المقابل، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول إعلامي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر قوله إن «فريقا من اللجنة الدولية للصليب الأحمر تمكن من دخول حي بابا عمرو في حمص ليل أول من أمس الجمعة من دون المساعدات التي لم تسمح السلطات بإدخالها». وأوضح المسؤول «دخلنا يوم الجمعة حي بابا عمرو لكن السلطات لم تسمح بدخول المساعدات وقمنا بزيارة المشافي والشقق وتلمسنا الأوضاع والاحتياجات».
جرحى «بابا عمرو» يتحدثون لـ «الشرق الأوسط» عن درب الآلام للوصول إلى لبنان، 108 جرحى نقلوا إلى طرابلس الشهر الماضي

طرابلس (شمال لبنان): سوسن الأبطح..كان «المستشفى الحكومي» في طرابلس بعد ظهر أمس يتأهب لاستقبال ثلاثة جرحى سوريين، وصلوا إلى الحدود اللبنانية، لينضموا إلى 33 جريحا سبقوهم في الأيام الماضية وبدأوا بتلقي العلاج.
«لا نعرف بعد من أي مدينة الجرحى الجدد ولا نوع إصاباتهم» يقول لنا مصطفى أحد الشبان السوريين الذين يستقبلون المصابين ويعتنون بهم. ويشرح لنا مصطفى أن عدد الجرحى الذين ينقلون إلى لبنان ارتفع بشكل قياسي في الشهر الأخير، وبلغ عددهم في شهر فبراير (شباط) وحده 108 جرحى، غالبيتهم الساحقة أدخلوا إلى مستشفيات طرابلس.
لم يصل أي جريح سوري من بابا عمرو إلى لبنان منذ يوم الأحد الماضي «الطريق الذي كنا نسلكه لكسر الحصار اكتشفه الجيش السوري، وبات من ساعتها الخروج مستحيلا»، يقول أحمد (اسم مستعار) الذي يعاني من شظية اخترقت رقبته واستقرت على مقربة من النخاع الشوكي منذ نحو تسعة أيام ولا تزال في مكانها لحساسية العملية وتمهل الأطباء في إجرائها.
الطابق الثالث من المستشفى الحكومي في طرابلس، خصص للجرحى السوريين غالبيتهم الساحقة من بابا عمرو، أصيب أكثرهم بشظايا ورصاص في الأطراف. نداء (اسم مستعار) يتمشى في الممر، بصحبة المصل الذي يجره معه، فهو هنا منذ عشرة أيام. تبدو إصابته في الصدر طفيفة، لكن ما إن نسأله عن إصابته حتى يرفع البيجاما عن ساعده المبتورة «وقع صاروخ على مبعدة مترين مني» يكمل نداء «وأصبت في يدي التي بقيت معلقة، كما أصيب ثلاثة آخرون من حولي. أسعفت نفسي والجريح الذي كنت أحمله. كان طفلا عمره سنة، لم يحتمل الإصابة الثانية وتوفي على الفور». يكمل نداء: «وصلت إلى المستشفى الميداني في بابا عمرو سلمتهم الطفل وفقدت الوعي، ولأن الإصابة بالغة نقلوني إلى لبنان». يتحدث نداء عن درب الآلام من بابا عمرو إلى الحدود اللبنانية: «كنت أغيب وأستفيق من شدة الألم، مشينا في البساتين والوعر ما يزيد على 4 كيلومترات وأنا أحمل يدي. استخدمنا الحمير والبغال والسيارات، قبل أن نصل الحدود اللبنانية». يشرح نداء: «كل المحاولات للاحتفاظ بيدي باءت بالفشل بعد وصولي إلى لبنان، النزف والالتهاب الشديدين اضطرا الأطباء لبتر يدي منذ عدة أيام».
مصطفى يحدثنا عن «ثلاث حالات بتر للأطراف في الأيام الأخيرة في هذا الطابق. وهناك جروح بليغة وخطيرة. أكثر ما يعاني منه الجرحى هي حالات الالتهابات الشديدة، بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها المصابون بالبرد والعراء قبل وصولهم إلى هنا وهو ما يستغرق أياما».
أحمد الذي يصر على التحدث، رغم الشظية الموجودة في رقبته، لأنه يحتاج «للفضفضة» كما يقول: «يشرح لنا أن «المحظوظين فقط من المصابين هم من ينجحون في الوصول إلى لبنان». أصيب كما يروي بشظايا قذيفة وقعت بقربه وهو يساعد في نقل جثة امرأة فقدت جزأها السفلي. ويكمل أحمد: «حالتي كانت مستعصية وهم في المستشفى الميداني لا يملكون حتى جهاز أشعة متطور يمكنه الكشف عن نوعية الإصابة. كنا سبعة جرحى نقلونا معا. إصاباتنا بليغة لذلك وضعونا في باص صغير، وتناوب عدة سائقين على القيادة، كل يقود الباص في منطقته ليسلمنا بعد ذلك لسائق آخر. فكلٌ أدرى بالمنطقة التي يعيش فيها. لكن الانتقال والانتظار، بينما يتم تأمين الطريق كان يستغرق ساعات طوال. قضينا يومين في الباص حتى أمكن توصيلنا للحدود وتسليمنا للصليب الأحمر».
يضحك (علي) الذي يرفض الكشف عن اسمه الحقيقي هو الآخر ويقول: «أهلنا هناك سيتعرضون للتنكيل في حال كشفنا عن أسمائنا». وعلي أحد الجرحى السبعة الذين كانوا آخر من أسعفهم الحظ بالخروج من بابا عمرو قبل انكشاف أمر الطريق السري الذي كانوا يسلكونه. أصيب في رجله برصاص متفجر، ثبت له جهاز في رجله الآن، بانتظار إمكانية تجبير الكسور العديدة التي فتتت العظام. إلى جانبه شاب آخر من تلكلخ، يقول لنا مصطفى إن «حالة هذا الشاب حرجه. يبدو في عشريناته لا يقوى على الكلام ويبقى ساهما لا يريد التحدث بشيء».
الجرحى يصلون بثيابهم التي يرتدونها ولا شيء آخر معهم - يروي مصطفى - الذي يجوب بنا في الغرف. «ننسق مع الصليب الأحمر باستمرار، لمعرفة إذا ما كان ثمة من جرحى تمكنوا من عبور الحدود لإبلاغ المستشفى». ويضيف مصطفى: «يصل الجريح خائفا، مذعورا، لا يعرف إن كان قد بلغ بالفعل محطة الأمان. نحاول أن نشرح له بأنه لم يعد مهددا بشيء. كلهم تركوا أهلهم هناك، يصلون بلا ثياب، أو بيجاما أو ملابس داخلية أو حتى نقود. نحاول أن نوفر لهم ما يحتاجونه، فهم بلا عائلة وفي ظروف صحية صعبة، إضافة إلى قلقهم على من تركوهم خلفهم».
لبنان: ارتفاع عدد النازحين السوريين إلى 7085... بيروت: «الشرق الأوسط»
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان في تقريرها الأسبوعي أن «عدد النازحين السوريين المسجلين حاليا لديها ولدى (الهيئة العليا للإغاثة) في شمال لبنان بلغ 7085 نازحا، بزيادة 142 نازحا عن الأسبوع الماضي»، لافتة إلى أنّه «تم نقل 52 جريحا سوريا إلى مستشفيات الشمال للمعالجة، كما أن ثلاثة من الجرحى وافتهم المنيّة أحدهم أثناء نقله إلى المستشفى واثنان آخران خلال معالجتهما». وذكر التقرير أن المفوضية وشركاءها العاملين على إغاثة النازحين السوريين «بدأوا بتوزيع المساعدات الشهرية من الأغذية والمواد العينية، حيث استفاد منها 425 أسرة سورية (الأفراد 2,120) حتى الآن، كما تم توزيع قسائم الوقود 3,792 للسوريين النازحين و2,198 للأسر اللبنانيّة المضيفة».
كما أوضح التقرير أنّه وضمن المشاريع ذات الأثر السريع «تم افتتاح مكتبة عامة في قرية عيدمون، وإعادة تأهيل الحديقة العامة في قرية العماير وتدشين نادٍ للسينما في قرية العوادة في وادي خالد»، لافتا إلى أنّ «هذه المشاريع وُضعت بالتعاون الوثيق مع المجتمعات المحلية وتهدف إلى توفير الخدمات الضرورية والأنشطة لكل من المجتمعات المضيفة والأسر السورية النازحة».
القصير بلدة محاصرة من دون إمدادات تنتظر هجوم قوات النظام

عجوز: اضطررت لإحراق أحذيتي من أجل التدفئة

لندن: «الشرق الأوسط» ... في تقرير ميداني تصف «رويترز» حالة بلدة سورية تحت الحصار وتقول: عندما يتوقف القتال في بلدة القصير السورية يسود إحساس بأن البلدة خالية من البشر، وتشق دراجة نارية غريبة الصمت محدثة ضجيجا أثناء عبورها، رجال جالسون أمام المتاجر يتبادلون الهمسات. طفلة تضحك وتختبئ في زقاق.
ولكن عندما يبدأ إطلاق نيران المدفعية والبنادق يسيطر ضجيج الحرب على البلدة، ويطوي الرجال مقاعدهم والأطفال يختبئون في داخل البيوت. ويتصاعد دخان أسود في السماء. وتفرض الدبابات والقوات السورية حصارا على هذه البلدة التي يقطنها نحو 40 ألفا لما يقرب من 6 أشهر مما قطع الإمدادات العادية للغذاء والوقود، ويجري تهريب الدواء من لبنان المجاور الذي تبعد حدوده 12 كيلومترا إلى الجنوب من البلدة حسب رويترز. وتعطي القصير لمحة عن تحول حركة احتجاج على حكم الرئيس السوري بشار الأسد بدأت سلمية ثم أصبحت أكثر عنفا وطائفية وتكلفة بالنسبة للأوضاع الإنسانية.
وأصبح الخبز، وهو سلعة أساسية في سوريا، أكثر شحا في بلدة القصير. وبات وصول زيت التدفئة الذي تشتد الحاجة إليه لدرء برد الشتاء أكثر صعوبة والمكاتب الحكومية مغلقة مما يصيب الحياة في البلدة بالشلل حيث يعمل كثيرون موظفين لدى الحكومة، وقال رجل أعمال معروف في البلدة عرف نفسه باسم الدكتور عباس: في القصير اليوم يمكنك القول بأن الغني والفقير أصبحا سواء، يأكلون الطعام نفسه ويرتدون الملابس ذاتها، واستطرد الرجل الذي كان يجلس في غرفة تقليدية لاستقبال الضيوف: لا توجد بنوك ولا رواتب، لا مستشفيات لا مدارس، كل شيء متوقف.
ويصعب على السكان الوصول إلى وسط بلدة القصير، ويحتل مئات الجنود المستشفى الرئيسي، واحتل قناصة أسطح مباني المدارس القريبة يطلقون الرصاص على أي شخص يقترب، وتطوق البلدة نقاط تفتيش تحرسها دبابات. وكل صباح يصطف الناس خارج المخبز الوحيد الذي لا يزال مفتوحا ويتجمعون تحت سقف خرساني هربا من برد الشتاء القارس.
قال ميكانيكي سيارات عمره 25 عاما: إن اسمه وائل وهو يشير إلى أطفال يضعون على رؤوسهم قبعات سميكة من الصوف ودسوا أياديهم في معاطفهم: لا يمكنك العيش في تلك السترات، ماذا يفعل هؤلاء الصغار، واستطرد قائلا: بشار الأسد أخذ البنزين والديزل ووضعهما في الدبابات، لم يصل أي منهما إلى الناس، وقاطعه رجل عجوز وصرخ قائلا: اضطررت إلى إحراق أحذيتي في الموقد لتدفئة أطفالي، والمتاجر أغلقت أبوابها. فلم يعد هناك الكثير لتبيعه، وقليل من الناس لديهم نقود لينفقوها.
وقال أبو علي، وهو صاحب متجر: إن الحصار الذي فرضه الجيش منعه من الوصول إلى الموردين المحليين مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، فسعر كيلو الأرز بلغ 75 ليرة سورية بعد أن كان 50 ليرة، وارتفعت أسعار السلع والبضائع بدءا من العدس حتى حفاضات الأطفال بمعدلات مماثلة، وقال وهو يقف في متجره المعتم الذي توجد على أرففه علب البسكويت والتونة المعلبة وأكياس المعكرونة: كل شيء يصنع هنا حولنا. وفي الخارج علت بسمة حزينة وجه نجار عجوز عند سؤاله عن أحوال عمله وقال وهو يصب كوبا من القهوة الغامقة لضيفه: لا يوجد عمل... نعيش ساعة بساعة.
وتعتمد القصير في غياب الشرطة والمستشفيات والمدارس وأي علامة أخرى على الحكومة الرسمية أكثر فأكثر على أناس مثل عباس رجل الأعمال الذي يترأس عادة الاجتماعات المحلية لبحث كيفية الحفاظ على سبل الحياة في البلدة، ويعمل عباس أيضا على إصلاح العلاقات بين الطوائف التي يوجد فيها كبقية الأنحاء في سوريا أقلية من العلويين والمسيحيين يعيشون وسط أغلبية من السنة.
ويعتقد كثير من السنة أن هاتين الأقليتين استفادتا من حكم حزب البعث الذي يتزعمه الأسد، ويقول السكان إن العلاقات بين السنة والمسيحيين مستقرة إلى الآن، بينما القليل من المئات من العلويين منغلقون غالبا على أنفسهم.
«إنهم ينتظرون الموت في حمص.. والله وحده يعلم ما سيحدث عندما لا تكون هناك كاميرات»

المصور البريطاني كونروي يروي تجربته في حمص ويشبه الوضع برواندا وسربرينيتسا ويقول إنه ذبح منهجي بحت للمدنيين

لندن: «الشرق الأوسط».. وصف المصور البريطاني الذي يعمل لصحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، والذي أصيب في حمص في حي بابا عمرو مع الصحافيين الغربيين الآخرين وجرى تهريبه بواسطة النشطاء السوريين ما يحدث هناك بأنه مجزرة وليس حربا، وقال في لقاء تلفزيوني مع شبكة «سكاي نيوز» البريطانية من المستشفى في بريطانيا حيث يعالج من إصابته، كما قال في مقابلة أخرى مع برنامج «نيوز نايت» في «بي بي سي»: إن التاريخ سيحكم على قصف النظام السوري محافظة حمص على أنه مذبحة تضاهى بما حدث في رواندا أو سربرينيتسا.
وقال بول كونروي (47 عاما) لبرنامج «نيوز نايت» الذي تذيعه هيئة الإذاعة إنه شهد بعينيه «عملية ذبح منهجية للمدنيين». ونقل تقرير أورده الموقع الإلكتروني لـ«بي بي سي» عن كونروي أنه على الرغم من خبرته الصحافية في مناطق الحروب فإنه لم يشهد «أي شيء بهذا المستوى». كان كونروي قد تم تهريبه إلى لبنان بمساعدة معارضين سوريين. وأضاف: «ليست هناك أهداف عسكرية، إنه ذبح منهجي بحت للمدنيين. إن الهدف الوحيد لإطلاق تلك القذائف هو القضاء على الناس والمباني في بابا عمرو».
وقال المصور البريطاني في اللقاء مع «سكاي نيوز» حول حالته الآن: «أشعر بتحسن كبير، لقد تم وضع كل شيء في الاعتبار، فقد قاموا بعمل ثقبين كبيرين في قدمي، ثم قاموا ليلة الأمس بإخراج شظية بطول 3 بوصات من ظهري، لم أكن أعلم بوجودها في ذاك المكان، لكن سارت الأمور على ما يرام. وتلقيت العلاج كما ينبغي وأنا في خير حال». وبشأن الظروف والوضع في حمص وقت وجوده هناك وكيف ساءت الأمور، قال: لقد وصلنا إلى حمص في المساء، وعادة ما تكون الأوضاع هادئة في الليل بشكل عام؛ حيث إن الليل هو الوقت الوحيد المناسب للقيام بأي شيء. عادة ما يشن الهجوم كل صباح في الساعة 6:30 لأسباب نفسية ومعنوية، وفي الساعة 6 بدأ القصف. لقد عملت في الكثير من مناطق الحرب، ولكني لم أرَ ولم أوجد أبدا في مكان يتعرض للقصف بهذه الصورة؛ فهو قصف منهجي. لقد كنت أعمل في الماضي في سلاح المدفعية؛ لذا أستطيع تمييز نمط القصف. إنهم يتنقلون بأسلوب منهجي في الأحياء ومعهم الذخائر التي تستخدم في ساحات الحرب. لقد تم استخدام هذا الأسلوب في مساحة تصل إلى عدة كيلومترات مربعة. والشيء العصي على الفهم هو كيف يمكنهم إطلاق هذا الوابل من النيران. نحن صحافيون ونفهم مثل هذه الأمور ورأينا ذلك من قبل، لكن هناك رجالا ونساء وأطفالا يرتعدون خوفا في منازلهم. لقد تجاوز الأمر مرحلة الصدمة من القصف. ولا توجد أهداف للقصف في حي بابا عمرو؛ فهم يطلقون القذائف بشكل عشوائي. ويوجد الجيش السوري الحر هناك فقط لجلب الخبز والتصدي للهجوم البري. لقد ازدادت كثافة القصف الأسبوع الماضي؛ حيث لم يمر يوم من دون أن يعاني الحي القصف. وتحاول القوات الحكومية دفع الناس إلى داخل الحي، وهي محاولة لارتكاب مجزرة. مجرد التفكير في أن هذا هو فقط ما تراه يثير الرعب داخل النفوس.
الله وحده يعلم ماذا يحدث عندما لا تكون هناك كاميرات في هذا المكان - كما هو الحال الآن. لقد فات الأوان على أي كلام من الممكن أن يقال. لقد انتهى وقت الحديث تماما. تحدث الآن أعمال قتل ومجازر على نطاق واسع. مع الأسف لقد كانوا يأتون إلي ويسألونني: «أين المساعدة؟».
لقد أتى إلي الناس بنصف جسد طفل وقالوا لي: «أنقذوا أطفالنا، أين العون؟»، لكني لم أجد الجواب. لا أعلم كيف نستطيع الانتظار ومشاهدة هذه الأحداث المؤسفة. هذه ليست حربا بل مجزرة. إنها مجزرة تتم بعشوائية للرجال والنساء والأطفال.
* ماذا عن الوضع الإنساني في ما يخص الطاقة والطعام وغيرهما من الأشياء؟
- لا توجد طاقة أو مياه. لا توجد مياه في المستشفيات، والطعام هناك شحيح جدا، وما تبقى للأكل هو البسكويت فقط. إن الوضع هناك أشبه بكارثة؛ حيث تتساقط الثلوج هناك الآن ولا يستطيع هؤلاء الناس إشعال النار؛ حيث إن القوات موجودة هناك على الأرض. إنه فشل ذريع. ستمر الأعوام المقبلة، ونفنى في يوم ما. كيف نترك هذا يحدث تحت أسماعنا وأبصارنا؟ تكمن المشكلة الكبرى الآن في أن مدينة حمص كانت منظمة بطريقة جيدة في ما يخص وسائل الإعلام. لقد كان باستطاعتنا دخول المدينة وإخراج بعض المقاطع المصورة التي نشرت على الـ«يوتيوب» عنها. وما إن سقطت حمص لم أستطع التواصل مع مدينة حماه، التي تقع على مرمى حجر من حمص. ولم يستطع حتى الجيش السوري الحر إجراء اتصالات.
* في رأيك، ما الشيء الذي يريد مواطنو حمص أن تقوله نيابة عنهم؟
- لا أود أن أتوجه بالكلام لشخص ما، من فضلكم انسوا أمر الجغرافيا السياسية، انسوا أمر الاجتماعات، انسوا أمر تلك الأشياء كلها، وقوموا بعمل شيء ما؛ لأنه بينما أتحدث إليك الآن، هناك أناس يموتون هناك. يود المواطنون هناك أن يقولوا: من فضلكم أمدونا بالعون؛ لأنهم بحاجة إليه. يتجاوز هذا الأمر نطاق الاجتماعات، هم يريدون حدوث شيء على الأرض.
* هل لديك أي معلومات عن عدد الناس الذين قتلوا أو أصيبوا في حمص أو أولئك الذين يحتاجون العون من المجتمع الدولي؟
- لا يزال هناك آلاف الأشخاص في حمص. ويعتقد الناس أن السوريين قد فروا جميعهم من حمص، لكن ذلك غير صحيح. إنهم يعيشون وسط حطام المواقع التي يتم قصفها. وهناك سرير واحد لكل 6 أطفال، وهناك غرف مليئة بالأشخاص الذين ينتظرون الموت، إنهم ينتظرون الموت، ولا يرون أي عون أو مدد في الطريق. هم فقط ينتظرون اللحظة التي يقتحم فيها الجنود الأماكن التي يوجدون فيها ليقتلوهم. هذه ليست أوهاما، لقد كنا هناك وكانوا يقدمون لنا تقارير يومية لما يحدث. لقد مكثنا 5 أيام في غرفة في بناية ما؛ حيث كان يتم قصف تلك البناية بصورة مباشرة. خرجت إلى الشارع فوجدت أن الشارع قد اختفى. إنها تشبه غروزني في الشيشان. لقد كان هناك ناس في المنازل كلها.
* ماذا تريد أن تقول كتأبين لزميلتك ماري كولفن التي لقيت حتفها للأسف هناك؟
- لقد كانت إنسانة مميزة، وكان العمل معها فقط فرصة كبيرة لي. كانت تتسم بالعناد وواحدة من أكثر الناس الذين عرفتهم شجاعة. وتقتضي مني الأمانة القول إنه لم يكن بمقدورنا اختيار طريقة موتنا، لكن ماري قضت وهي تقوم بشيء كانت متحمسة له تماما. لقد كانت تواجه واحدا من أخطر المواقف في العالم حاليا، وكل ما كانت تبتغيه هو أن تقول الحقيقة. لقد كانت مرعوبة، ولهذا السبب أشعر بأنني لا أريد التحدث عن نفسي.
عندما يمضي الزمن، سوف ننظر للوراء ونشعر بالخزي لأننا جلسنا نتفرج على هذه المذابح وهي تتكرر، مثلما كان الوضع في سربرينيتسا ورواندا. لم يفت الأوان بعد، لكننا بحاجة إلى شخص ما يسارع بعمل شيء ما، وإلا فلتنسوا هذا الأمر؛ لأننا سوف نتحدث عن مجزرة غير مسبوقة. وختم المصور المقابلة مع «سكاي نيوز» قائلا: افعلوا شيئا ما.
 
الصحافية الفرنسية المصابة: النشطاء السوريون خاطروا بأنفسهم وفعلوا كل شيء من أجلنا

الصحافيان إديت بوفييه وويليام دانييلز يرويان تفاصيل الأيام التسعة المرعبة: القوات السورية استهدفت الصحافيين بشكل مباشر

باريس - لندن: «الشرق الأوسط»... سلمت جثتا الصحافية الأميركية ماري كولفن والمصور الفرنسي ريمي أوشليك أمس إلى سفارتي فرنسا وبولندا التي تمثل المصالح الأميركية في سوريا.
ووفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد صعد السفير الفرنسي في دمشق، إريك شوفالييه، إلى سيارة الإسعاف التي كانت تنقل جثة ريمي أوشليك، فيما رافقت سيارة للسفارة البولندية سيارة الإسعاف الثانية التي كانت تنقل جثة ماري كولفن.
وتوجهت سيارتا الإسعاف إلى المستشفى الفرنسي في حي القصاع، حيث سيتم حفظ الجثمانين بانتظار ترتيب نقلهما جوا إلى باريس.
وأبدت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري التي تسلمت الجثمانين من السلطات السورية ونقلتهما بسياراتها الجمعة، «استعدادها لنقل الجثمانين إلى المطار أو إلى أي جهة يرغب المسؤولون فيها» فور انتهاء الإجراءات اللازمة، بحسب رئيس المنظمة عبد الرحمن العطار.
وقد قتل الصحافيان في 22 فبراير (شباط) في قصف على شقة حولها الناشطون إلى مركز صحافي مرتجل في بابا عمرو، معقل التمرد في مدينة حمص الذي قصفه الجيش السوري طوال أسابيع.
في غضون ذلك قال الصحافيان إديت بوفييه وويليام دانييلز، بعد فرارهما من حي بابا عمرو في حمص المحاصرة، إن القوات السورية استهدفت الصحافيين «بشكل مباشر» في المدينة.
ونقلت صحيفة «لوفيغارو» عن الصحافيين بعد عودتهما إلى باريس الجمعة قولهما: «وقعت خمسة انفجارات متتالية على الأقل وبفاصل زمني قصير. كان لدينا بالفعل شعور بأننا مستهدفون بشكل مباشر».
وأدى القصف الذي حدث في 22 فبراير في منطقة بابا عمرو في حمص إلى مقتل مراسلة «صنداي تايمز» ماري كولفن والمصور الفرنسي ريمي أوشليك، وجرح بوفييه والمصور البريطاني بول كونروي.
وأصيبت بوفييه بعدة كسور في ساقها من قصف على مركز صحافي أعد في بابا عمرو.
وقام ناشطون بتهريب بوفييه (31 عاما) ودانييلز (34 عاما) من سوريا إلى بيروت. وقد عبر أقرباء الصحافيين والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن شكره لهؤلاء الناشطين عند وصولهما إلى قاعدة جوية قرب باريس.
وقدم الصحافيان في حديثهما لصحيفة «لوفيغارو» التي يعملان لحسابها، عرضا لوقائع الأيام التسعة التي أمضياها في حمص بين 21 فبراير والأول من مارس (آذار).
وقالا، كما نقلت عنهما الصحيفة، إن «الناشطين السوريين معتادون على عمليات القصف وأدركوا الخطر فورا. قالوا لنا عليكم مغادرة المكان فورا».
وكانت ماري كولفن وريمي أوشليك أول الخارجين، لكن صاروخا سقط أمام مركز الصحافة.
ونقلت الصحيفة عن بوفييه ودانييلز أن «الانفجار كان رهيبا. كانت ماري كولفن وريمي أوشليك عند النقطة التي سقط فيها الصاروخ تقريبا. وقد قتلا على الفور».
وعندها باتت بوفييه عاجزة عن تحريك قدميها جراء إصابتها بالقصف. وقالت «صرخت» فقام مسلحو الجيش السوري الحر بنقل الصحافيين إلى مستشفى ميداني، ثم إلى منزل في حي بابا عمرو.
وأعقب ذلك محاولات عدة لإجلاء الصحافيين من جانب اللجنة الدولية للصليب الأحمر قبل أن يحاول متمردو الجيش السوري الحر تهريب الصحافيين الغربيين.
وعلق الصحافيان الجريحان لأيام حتى بعد أن تمكن الجيش السوري الحر من نقل الصحافي البريطاني كونروي وزميله الإسباني خافيير إسبينوزا إلى خارج البلاد وإدخالهما إلى لبنان.
وقالت بوفييه «لم نعرف أي شيء.. هل كان الطريق مغلقا؟ هل كانت القوات السورية مقبلة؟ كنت أريد الهرب فعلا قبل أن أتذكر في كل مرة أنني لا أستطيع التحرك». ولم يكشف الصحافيان عن الطريق الذي سلكاه بعد ذلك، لكنهما قالا إنهما كانا بحماية سكان في المنطقة «على الرغم من المخاطر».
وتحدى منقذو الصحافيين أيضا المطر والثلوج في الطرق الجبلية الوعرة واستبدلوا الآليات عدة مرات. وقالت بوفييه: «لقد عرضوا أنفسهم للخطر فعلا وفعلوا كل شيء من أجلنا».
وقد وصلا إلى لبنان، الخميس على ما يبدو، يوم سقوط حي بابا عمرو بأيدي الجيش السوري، وأعيدا إلى فرنسا في اليوم التالي، بينما تعرف سفيرا فرنسا وبولندا على جثتي أوشليك وكولفن.
وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أعلن الجمعة أن فرنسا ستغلق سفارتها في دمشق؛ تعبيرا عن تنديدها بـ«فضيحة» قمع الحركة الاحتجاجية، داعيا إلى محاسبة السلطات السورية أمام محاكم دولية.
وأشاد ساركوزي بدانييلز لبقائه مع بوفييه في بابا عمرو.
ومن جهته أشاد دانييلز عند وصوله إلى باريس بأهل حمص، وقال إن «بابا عمرو دعمنا وعاملنا كملوك. كنا في أحد المنازل الأكثر حماية. هؤلاء الناس أبطال ويتم قتلهم». وأضاف أن «الذين أنقذوا حياتنا ماتوا بالتأكيد مع أنني لا أعرف بدقة.. كان كابوسا استمر تسعة أيام».
ونقلت بوفييه بعد ذلك بسيارة إسعاف وبمواكبة من الشرطة إلى المستشفى العسكري.
وقبل وصول الصحافيين إلى فرنسا أعلنت النيابة العامة في باريس أن القضاء الفرنسي فتح تحقيقا الجمعة لكشف ملابسات مقتل المصور الصحافي الفرنسي ريمي أوشليك، ومحاولة قتل الصحافية الفرنسية إديت بوفييه.
وأضاف المصدر نفسه أن من الأهداف الأولى للتحقيق الأولي جمع المعلومات التي تتيح رسميا التعرف على جثمان أوشليك تمهيدا لنقله إلى فرنسا. وكانت إديت بوفييه وويليام دانييلز هما آخر صحافيين خرجا من حي بابا عمرو سالمين بعد تسعة أيام، ووصلا إلى فرنسا يوم الجمعة بعد رحلة عصيبة وخطيرة. وجد المراسلان الصحافيان في سوريا مجموعة من مراسلي الحروب في تلك المدينة المحاصرة. وكانت مراسلة صحيفة «صنداي تايمز»، ماري كولفن، التي كانت تضع رقعة سوداء على إحدى عينيها، بعد أن أصيبت خلال عملها كمراسلة في سريلانكا، هي أول من يصل إلى الخطوط الأمامية وآخر من يبتعد عنها في أغلب الأحيان. وقررت ماري عدم مغادرة حمص على الرغم من الأخبار التي كانت تشير إلى اقتحام القوات الموالية للنظام المدينة. وكان يصاحبها بول كونروي، المصور الفوتوغرافي، وكذلك خافيير إسبينوزا، مراسل صحيفة «إل موندو» الإسبانية اليومية، الذي ظل يعمل في المناطق الساخنة في أفريقيا والشرق الأوسط لعشر سنوات. وعندما بدأ القصف المدفعي شعروا بأنهم أصيبوا إصابة مباشرة، على حد قول ويليام وإديت. وأدرك النشطاء السوريون الخطر على الفور، فأخبروهم بضرورة مغادرتهم المكان الذي يوجدون فيه. وكانت ماري كولفن وريمي أوشليك أول من يهرع إلى الشارع الضيق، في الوقت الذي سقطت فيه قذيفة أمام المبنى الصغير الذي كانوا به، لذا كانت ماري وأوشليك أكثر من تأثر بهذا الانفجار الهائل فقضيا على الفور. وأدركت إديت وسط الركام والحطام الناجم عن الانفجار عدم قدرتها على تحريك ساقها، بينما تمكن ويليام من حملها إلى ركن بعيد وراء الثلاجة قبل أن يختبئوا في الحمام إلى أن هدأت آثار الانفجار في الخارج. وساعدهم ناشط شاب بإحضار سيارة من الجيش السوري الحر نقلتهم إلى مستشفى ميداني صغير في إحدى الشقق التي كانت تستقبل يوميا، ضمن من تستقبل من الجرحى، ضحايا مدنيين من رجال ونساء وأطفال أصيبوا جراء القصف المدفعي المتكرر.
وقالت إديت بحسب صحيفة «إل موندو»: «لقد اكتشفوا وجود كسر في عظام الفخذ وأخبروني بضرورة مغادرة المكان فورا، وفي تلك اللحظة بدأت رحلة الهروب الكبير».
ومكث الصحافيون الأربعة في منزل آمن في حي بابا عمرو بجوار المستشفى، وكانت المباني المحيطة به في مناطق محمية نسبيا من القصف المستمر. وفي الوقت الذي تحرر فيه كل من إسبينوزا ودانييلز، كان كونروي مصابا، لكن هذا لم يعوقه عن السير، بينما كانت إصابة إديت هي الأكثر خطورة، حتى إن الأطباء لم يحبذوا نقلها خشية إصابتها بجلطة في ساقها. في الوقت ذاته كانت هناك خطورة في نقلها إلى وسط المدينة، حيث يعني ذلك موتها المحقق، فالحي محاصر والشوارع مقطوعة والقناصة والدبابات في كل مكان. وكانت نقطة الاتصال الوحيدة عبارة عن منطقة طولها 3 كم كانت تمثل خط الإمداد الباقي، الذي كان الصحافيون قد دخلوا منه إلى الحي بالأساس. وكان الأمل هو نقلها عن طريق الصليب الأحمر الدولي إلى دمشق. ولم يكن متاحا للصحافيين الاتصال بالعالم الخارجي إلا على فترات متقطعة بين الحين والآخر من خلال برنامج «سكايب»، وهذا لم يكن كافيا لإنجاز أي شيء. وكانت نيران القناصة لا تتوقف إلا خلال فترات راحتهم وكان السكان يمكثون في منازلهم إلى أن تأتي ساعات الليل ليتمكنوا من الخروج إلى الشوارع. وتروي إديت، بحسب ما ذكرت صحيفة «إل موندو»، كيف كانوا يقولون عند القصف إن بشار يلقي عليهم التحية.
وكانت المرة الأولى التي تمكن فيها إسبينوزا وويليام من مشاهدة جثة ماري وأوشليك عندما هدأت النيران فجأة. وتلقى الثوار السوريون التعازي في وفاة كل من ماري وأوشليك، وساعدوا في دفن الجثتين. وعاد الصحافيون إلى ملجئهم، ليجدوا عددا من سيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر السوري في الشارع، لكن لم يكن هناك أي أحد من الصليب الأحمر الدولي. وقال الطبيب السوري إنه لم يأت من أجلهم، بل من أجل السوريين المصابين، لكنه عرض توصيلهم بممثل الصليب الأحمر الذي يبعد مقره 500 متر عن المكان الموجودين فيه. وأخبرهم بإمكانية نقلهم عبر سيارة الإسعاف التابعة للهلال الأحمر، لكنه أكد ضرورة توضيحهم سبب وجودهم في حمص للسلطات حتى يستطيعوا الوصول إلى المستشفى في حمص.
في هذه الأثناء، تمكن ويليام من الاتصال من خلال جهاز الراديو في سيارة الإسعاف برئيسة الصليب الأحمر في سوريا، وسألها عن سبب عدم مجيء الصليب الأحمر الدولي إليهم، وأخبرتهم بأنها تتفاوض مع السلطات وتأمل الحصول على إذن بالذهاب إليهم ونقلهم.
على الجانب الآخر كانت تصرفات الهلال الأحمر السوري تثير الريبة في نفوس الصحافيين.
وأرخى الليل ستاره على الحي ولم يأت الصليب الأحمر الدولي، وغادرت سيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر السوري، وفي تلك الليلة كان القصف بجوار المبنى الذي كانوا يقيمون فيه، وسألتهم السفارة الفرنسية، حسبما جاء في صحيفة «إل موندو»، عن سبب عدم ركوبهم في سيارة الإسعاف، وأخبروهم بأن سيارات الإسعاف ستعود إلى الحي في اليوم التالي. وعلى الرغم من خوف المراسلين من الاعتقال على أيدي السلطات السورية في دمشق، فإنهم قرروا الذهاب في سيارة الإسعاف عندما تأتي. واستعدوا لذلك بإتلاف صفحات دفاترهم وبطاقات الذاكرة في الهواتف الجوالة المسجلة عليها أرقام الهواتف، خشية أن يساء استغلالها أو تتم مساومتهم عليها. وأكد الصحافيون عدم منع الجيش السوري الحر سيارات الإسعاف من التجول بحرية، وكذلك قبولهم أي عرض بوقف إطلاق النار، حتى وإن لم يكونوا مصدر إطلاق النار في المدينة على أي حال. وكان المقطع المصور هو الشيء الوحيد الذي تردد الصحافيون في القيام به، على حد قول إديت، لكنهم كانوا يخشون أن يدعي النظام احتجازهم رهائن ويشوه سمعتهم بزعم أنهم إرهابيون. ولم تعد سيارات الإسعاف، وزاد التوتر في الحي مساء يوم الأحد، حيث وصلت الفرقة الرابعة مدرعات التي يتولى قيادتها ماهر الأسد. وعمل السوريون على إخلاء الحي من كل الجرحى، وطلب الصحافيون أن يكونوا ضمن هؤلاء، وحرصوا على اغتنام هذه الفرصة الأخيرة، فحُمل كل من ويليام وإديت على النقالة، وتم تضميد جراحهم. وتم نقل المصابين في سيارة إلى مدخل النفق.
وكانت عملية نقل إديت هي الأصعب، لذا كانت آخر من تمر عبر النفق، الذي كان يمتلئ عن آخره بالجرحى والهاربين الذين كانوا يتقدمون ببطء وسط انهيار أجزاء من النفق. وكان كل من بول كونروي وخافيير إسبينوزا في المقدمة، بينما كان يتناوب أربعة متطوعين على حمل النقالة التي تحمل إديت كل 30 مترا. وعندما اقتربوا من نهاية النفق، ساد الذعر بسبب انهيار المخرج بفعل القصف المدفعي من الجيش السوري. وكان من حسن حظ بول أنه وصل قبل حدوث هذا، ووجد إسبينوزا نفسه وحيدا وسط مجموعة صغيرة. وعلق كل من إديت وويليام تحت الأرض وسط فوضى عارمة وظلام دامس ودخان، لكن لم يفقدا الأمل في الهروب.
حاول ويليام جذب النقالة، لكنه أدرك عدم قدرته على ذلك وحده، ناهيك عن ضيق الفتحة التي لا تسمح له بحمل النقالة على ظهره والخروج بها من النفق. وفجأة سمعا محرك دراجة بخارية كانت هي طوق النجاة بالنسبة إليهما. ونقلت أكثر من دراجة بخارية الجرحى العالقين داخل النفق بعد جهد جهيد. وفي أثناء هذه المحاولات أصيبت إديت بجرح في رأسها. ذهل بعض النشطاء السوريين عند خروج إديت من بين التراب ووجهها مخضب بالدماء، بينما تطلب منهم سيجارة قبل أن يحملها أحد السوريين على ظهره ويضعها داخل السيارة.
عندما نقلت إلى المستشفى ذهل الأطباء لدى رؤيتها، حيث سألوها عن سبب وجودها هنا، مؤكدين أن هذه هي أيامها الأخيرة على الأرض، كما جاء في صحيفة «إل موندو». ورأى الأطباء ضرورة إجراء عملية جراحية لها، وعندما أفاقت في الصباح أخبرها الثوار السوريون بأن فرصتها الوحيدة في النجاة هي الذهاب إلى حمص عبر طريق سري، ورأت إديت ضرورة ذلك من الناحية النفسية والبدنية. وكانت تلك العملية محفوفة بالمخاطر، حيث تعين عليهم في البداية الهروب من حصار الجيش السوري لحمص، ثم عبور عدد من الجسور وحقول ألغام على طول الحدود مع لبنان.
كيف يتأتى لهم ذلك وقد علم النظام السوري بوجودهم، فضلا عن صعوبة اجتياز نقاط التفتيش، حيث باتت وجوههم معروفة للجميع لإذاعتها على شاشات التلفزيون ولا يمكن لهم تغطيتها. كذلك أثار خبر وصول بول كونروي إلى لبنان قلق السوريين من احتمال تعرضهم لعملية مطاردة واسعة النطاق. ووجدت إديت وويليام الترحاب في منازل سوريين رفضوا الكشف عن أسمائهم. وكانوا في ذلك الوقت على بعد بضعة أميال من الحدود اللبنانية. وأشاد الصحافيان بمساعدة السوريين لهما على الهروب من سوريا والوصول إلى الحدود اللبنانية مساء الخميس عبر الممرات الجبلية. وكان أول أمر قامت به إديت لدى وصولها، بحسب ما جاء في صحيفة «إل موندو»، هو طمأنة والديها بأنها في أمان دون أن تخبرهما أين كانت.
العاهل الأردني: سوريا علامة الاستفهام الكبرى حاليا.. ومن المستحيل التنبؤ بكيفية تطور وضعها

تحدث في مقابلة مع مجلة تركية عن مجمل قضايا المنطقة

جريدة الشرق الاوسط... عمان: محمد الدعمة.. قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إن سوريا أصبحت علامة الاستفهام الكبرى في هذه اللحظة، ومن المستحيل التنبؤ بكيفية تطور الوضع فيها أو إجراء تقييم واف وشامل لنتائج هذه التطورات على إيران وحزب الله وحماس والعراق وكل اللاعبين الآخرين ودول الشرق الأوسط. وأضاف الملك عبد الله الثاني في حديث أدلى به لمجلة «تي بي كيو» التركية ووزعه الديوان الملكي الأردني، أمس، أن «الشيء الوحيد المؤكد هو أن الأزمة في سوريا تزيد من أعباء ومسؤوليات جيرانها، وتحديدا تركيا والأردن، بما في ذلك الأزمة الإنسانية المتوقعة بكل جوانبها».
وأكد ثقته في عودة مصر للعب دورها التقليدي عربيا وإقليميا ودوليا، موضحا أن «مصر منشغلة (الآن) بوضعها الداخلي وما تشهده من مرحلة انتقالية.. وهذا يعني أن على دول أخرى، ومنها الأردن، أن تزيد من حجم إسهامها، خصوصا في دفع عملية السلام قدما والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وهدفهم المشروع لتأسيس الدولة الفلسطينية التي تعيش بجوار إسرائيل آمنة». وأضاف: «لقد كانت مصر، كدولة قوية، داعما كبيرا للدبلوماسية العربية والتنسيق العربي - العربي.. ونحن واثقون من أنها مسألة وقت قبل أن تعود مصر للعب دورها التقليدي إقليميا ودوليا».
وردا على سؤال حول تأثير الانتفاضات العربية على التوازنات «الجيوسياسية» في المنطقة والتغيرات في المواقف التركية على التوازنات الجديدة، قال الملك عبد الله الثاني: «لقد كانت تركيا دائما أحد اللاعبين الأساسيين.. وبدأت تكثف من ظهورها الإقليمي قبل الربيع العربي بفترة طويلة.. والفضل في ذلك يعود إلى مواقفها الإيجابية وسياساتها التي تصدر في الوقت المناسب.. ولكن من المبكر توقع التوازنات الجيوسياسية الجديدة، لأن التغيرات الإقليمية لا تزال متوالية من حولنا». وأضاف: «من الواضح أن الانتفاضات العربية قد زادت من عزلة إسرائيل، وهذا ما أثبتته فورا حادثة اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة العام الماضي».
وفي تعليق على الظروف المحيطة بجهود السلام، أوضح العاهل الأردني أن «عملية السلام ستظل بالنسبة إلينا أولوية وقضية مركزية»، مؤكدا أن «تحقيق السلام الدائم الذي يؤدي إلى استعادة حقوق الفلسطينيين المشروعة ليس هدفا سياسيا إقليميا فحسب، بل أيضا مصلحة وطنية بالنسبة للأردن»، محذرا من أن فرصة السلام القائمة حاليا «تتلاشى بسرعة، والخيارات تنفد منا جميعا، فلسطينيين وإسرائيليين ومجتمع دولي». وأوضح أن «هذا هو السبب الذي جعلنا نضاعف جهودنا، واستطعنا في وقت سابق من هذا العام أن نجمع المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين في عمان لأول مرة خلال 16 شهرا»، مؤكدا أنها كانت مجرد مباحثات استكشافية، معتبرا أنه «لا يوجد صراع تم التوصل إلى حل له من دون المفاوضات».
وردا على سؤال حول موقع الأردن في خضم المتغيرات إقليميا، قال العاهل الأردني: «إننا نحاول إن نكون مبادرين إيجابيين لا مجرد مستجيبين للتطورات، ونسعى كي نؤثر في مسار التغيير بما يخدم السلام والاستقرار ويدفع باتجاه التعاون الإقليمي الأوسع، وأن نخلص للمبدأ الراسخ لدينا والمتمثل بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى».
وقال الملك عبد الله الثاني عن سبب إعادة الأردن فتح علاقات مع حماس في هذه المرحلة، وعما إذا كانت سياسة الأردن ستشهد تغيرا نحو الجماعات الإسلامية في ضوء «الربيع العربي»: «كان الأردن دوما في مقدمة الساعين إلى حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.. وهذا يشتمل من ناحيتنا على الحديث مع كل الفصائل الفلسطينية.. وحماس جزء من النسيج السياسي الفلسطيني». وأضاف: «لقد كان لدينا مع حماس تحديدا اتصالات منذ زمن طويل على الأرض من خلال المستشفى الميداني الأردني في غزة»، مؤكدا أن حماس لن تعيد فتح مكاتبها في الأردن وليس هناك تغيير في هذا السياسة.
وأشار العاهل الأردني إلى أن لقاءه مع خالد مشعل وولي عهد قطر في عمان نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي جاء في إطار دعم الأردن لجهود السلام والمصالحة الفلسطينية وجهود السلطة الوطنية الفلسطينية لتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني، وقال «لقد أكدت موقف الأردن من أن المفاوضات، بدعم من المجتمع الدولي، هي الوسيلة الوحيدة لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني.. ولذا فلا تغيير في هذه الاستراتيجية أيضا».
وردا على سؤال حول القلق حيال تأثير إيران في المنطقة لا سيما في العراق وما إذا كان يمكن أن تشهد المنطقة صراعا طائفيا أوسع، قال الملك عبد الله الثاني إن «إحياء عملية السلام عنصر أساسي لنزع فتيل أي مواجهة مع إيران»، داعيا إلى إعادة التركيز على حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي يوفر مادة دسمة لأي كيان يريد كسب التأييد العاطفي من مليار مسلم. وأضاف: «إن الأردن يظل من ناحيته حاسما في موقفه، ذلك أنه في الوقت الذي يجب على إيران أن تظهر نية حقيقية في تنفيذ التزاماتها الدولية.. فإن أي عمل عسكري ضدها قد يفاقم حالة انعدام الاستقرار في الشرق الأوسط، ويكون له نتائج سلبية على الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل»، مؤكدا أن المنطقة لا تحتاج إلى أزمة جديدة في هذه المرحلة.
واعتبر الملك عبد الله الثاني العراق جارا مهما جدا، مشيرا إلى أن الأردن يراقب الوضع فيه عن كثب بعد الانسحاب الأميركي، مشددا على أن المصالحة وبناء الدولة أمران أساسيان بالنسبة للعراق في هذه المرحلة. وأبدى استعداده «لدعم أي حوار أو مساع جماعية لتحقيق الاستقرار والأمن والنمو الاقتصادي والرفاه العام للشعب العراقي».
وحول تراجع العلاقات التركية - الإسرائيلية وتأثيره على فرص الحل السلمي للمسألة الفلسطينية - الإسرائيلية، قال العاهل الأردني: «قبل عدة سنوات قال لي الرئيس (الأميركي بيل) كلينتون إن الإسرائيليين لن يفاوضوا إلا من موقف قوة.. والإسرائيليون الآن ليسوا في موقف قوة.. فهم، كما تذكر التقارير، مختلفون مع الولايات المتحدة حول إيران، وأضروا بعلاقاتهم مع تركيا، ويواجهون مشاعر استياء شعبية متنامية وعزلة بين جيرانهم العرب، بما فيها الدول المعتدلة جدا». وتابع: «لكن أمام الحكومة الإسرائيلية خيار، فبإمكانها أن ترى في هذا الإقليم المتغير سببا مقنعا للانخراط في مفاوضات سلام ذات معنى لحل جميع قضايا الوضع النهائي وتحقيق حل الدولتين، وبإمكانها أن تلزم موقف العناد بناء على حجة زائفة؛ وهي أن التغيرات الإقليمية تعيق المفاوضات السلمية»، منبها إلى أن الموقف الأخير يمكن أن ينطوي على آثار خطيرة بالنسبة لإسرائيل ومكانها المستقبلي في المنطقة في أعقاب «الربيع العربي».
وأكد العاهل الأردني أن «الربيع العربي» دعوة للكرامة والعدل والحرية، ولا رجعة عن المطامح الشرعية للشعوب وحقها في أن يكون لها رأي أكبر في كيفية حكم وتنظيم مجتمعاتها، معتبرا أن هذا الربيع جعل الحياة أفضل بالنسبة للكثير من العرب، «وسنشهد في نهاية المطاف ظهور مجتمعات مدنية فاعلة ومنخرطة في الشأن العام، والمزيد من التعددية والديمقراطية والعدل والمساواة في العالم العربي».
ما يحدث بسوريا مجزرة وليس حربا!
طارق الحميد
جريدة الشرق الاوسط... تحدث المصور الصحافي التابع لصحيفة «صنداي تايمز» البريطانية بول كونروي من على سريره بأحد المستشفيات البريطانية حديثا مذهلا عن الأوضاع في حمص، وذلك بعد أن أنقذته كتيبة «الفاروق» التابعة للثوار السوريين. ونسف كونروي كل ما يقال عن أن حربا أهلية تدور بسوريا حين قال إن ما يحدث هناك «مجزرة.. وليس حربا».
حديث المصور البريطاني محزن، ومرعب، خصوصا وهو خبير بتصوير الحروب والأزمات، فقد روى في مقابلته مع محطة «سكاي» التلفزيونية البريطانية تفاصيل مذهلة، إلى حد أنه كان يقول للمذيعة إنه لا بد أن يتحرك العالم لفعل شيء، مضيفا «انسوا الحديث عن الجغرافيا السياسية، انسوا المؤتمرات، ليس وقتها الآن، علينا فعل شيء لإنقاذ الناس هناك». كلام واضح، من رجل طريح الفراش، منهك جسده بالإصابات، وبالتأكيد أنه يفضح جرائم النظام الأسدي، الذي استشعر بدوره الخطر، بل قل الضربة، التي سيسددها الصحافيون الناجون من حمص لنظام الطاغية، حيث سيقومون بفضحه، وتحريك الضمير العالمي، وتحديدا الأوروبي، ضده، ولذا بادر نظام الطاغية بإصدار بيان في وقت متأخر من مساء الجمعة، يعبر فيه عن الحزن العميق لمقتل الصحافية الأميركية، وهو النظام الذي لم يشعر بلحظة شفقة وهو يقتل قرابة عشرة آلاف سوري! فقد أدرك نظام الطاغية، وكما قلت قبل أيام، أنه قد وقع في الفخ.
وكان واضحا أن نظام الطاغية قد شعر بالقلق والارتباك، والدليل أن سفير الطاغية لدى الأمم المتحدة كان يطالب أول اليوم بمحاسبة الصحافيين الغربيين بحجة أنهم دخلوا سوريا بلا إذن، مثله مثل محطة حزب الله التي طالبت بالأمر نفسه، بينما عاد نظام الطاغية ليصدر بيانا لاحقا يعبر فيه عن حزنه لمقتل الصحافية الأميركية!
ولذا فإن روايات الصحافيين الناجين ليس من شأنها إرباك نظام طاغية دمشق، أو إفاقة الضمير العالمي وحسب، بل من شأنها أيضا دحض الرواية الأميركية السخيفة عن وجود «القاعدة» بسوريا، فإنقاذ المصور البريطاني والصحافية الفرنسية على أيدي كتيبة «الفاروق»، التي تكبدت وفاة ثلاثة عشر من عناصرها على يد قوات الأسد التي كانت تريد قتل الصحافيين أثناء تهريبهم من حمص إلى لبنان، كشف زيف ذلك، فـ«القاعدة» التي قطعت رأس الصحافي الأميركي دانيال بيرل بأفغانستان لا يمكن أن تسمح بتهريب فرنسية وبريطاني إلى لبنان! ولذا فإن شهادات المصور الصحافي، وبالتأكيد ما سيصدر عن الصحافية الفرنسية، سيكونان بمثابة الصفعة لنظام الأسد، وكشف لجرائمه بسوريا أمام المجتمع الدولي، وكيف لا والسيد كونروي قال لمحطة «سكاي»: «الآن وقد خرجت الكاميرات من حمص.. الله وحده يعلم ما الذي سيحدث هناك»، مضيفا أنه «في يوم من الأيام سنسأل أنفسنا ونحن نشعر بالخزي: كيف سمحنا لتلك المجزرة أن تحدث أمام أعيننا؟». وهذا السؤال يجب أن نسأله لأنفسنا اليوم، وليس غدا، فما يحدث بسوريا مجزرة، وليس حربا، وعار على العالم أن يسمح بحدوثها!

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,948,840

عدد الزوار: 7,651,865

المتواجدون الآن: 0