تقارير ...ماذا يريد المصريون من دستورهم الجديد؟...السوريون اللاجئون الى أنطاكيا: نريد أن نعود لنحزن... ونبني ما تهدم

الدور السوري في لبنان انتهى... وقريباً الإيراني...الاستقرار اللبناني بين فيلتمان ورحيمي...ضبط آسيا الوسطى يتطلب تفعيل دور روسيا والصين

تاريخ الإضافة السبت 5 أيار 2012 - 6:17 ص    عدد الزيارات 2701    التعليقات 0    القسم عربية

        


الاستقرار اللبناني بين فيلتمان ورحيمي
الحياة...وليد شقير

يمارس الجانبان الإيراني والأميركي عملية تبادل الضغوط على التركيبة الحاكمة في لبنان التي نشأت بعد فرط ما سمي باتفاق «س.س» أي السعودية وسورية قبل سنة وخمسة أشهر. وهي ضغوط ينتظر أن تستمر وتتزايد مع استمرار الأزمة السورية وتصاعدها. لكنها ضغوط تتم تحت سقف مصلحة كل من الدولتين بالحفاظ على حد أدنى من الاستقرار اللبناني، حتى إشعار آخر، لانشغالهما بما هو أهم على الصعيد الإقليمي، لا سيما التطورات الدموية في سورية، والمفاوضات بين الدول الكبرى وبين إيران حول ملفها النووي.

تحتاج واشنطن الى ضمان عدم إطباق طهران كلياً على القرار اللبناني. وتحتاج طهران الى تأكيد استمرار امتلاكها الورقة اللبنانية بعد الإنجاز الذي حققته بإقالة حكومة الرئيس سعد الحريري تحت عنوان: «الحفاظ على المقاومة قوية أهم من الوحدة الوطنية اللبنانية». (وهو تعبير استخدمه الإيرانيون في كانون الثاني/ يناير 2011).

تمكنت واشنطن وهي تمارس سياسة الانسحاب من العراق من أن تحد من خسائرها في لبنان من طريق ضغوطها على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حين اشترطت مع دول الغرب الأخرى تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتمديد للمحكمة، وعدم تسليم مقاليد السلطة ومفاتيحها لحلفاء إيران وسورية، في عدد من المؤسسات، وحين ضغطت من أجل التزام لبنان العقوبات على إيران وسورية ومن أجل السماح بإيواء النازحين السوريين واتخاذ لبنان الرسمي مواقف النأي بالنفس عن الأزمة السورية، بدل الوقوف المطلق مع النظام السوري.

أما طهران فقد استطاعت، مع حلفائها اللبنانيين، أن تحافظ على غطاء سياسي – طائفي للحكومة، وعلى إبعاد فريق أساسي عن التركيبة الحاكمة، عبر بقاء حكومة ميقاتي، في شكل يسمح لهؤلاء الحلفاء بأن يعززوا نفوذهم في مؤسسات الدولة اللبنانية السياسية والإدارية والأمنية، وفي الوزارات والدوائر التي لم تواجههم فيها عقبات أو عراقيل سواء لتقديم الخدمات ذات الأهداف الانتخابية، أم لتعزيز نفوذ «حزب الله» على الأرض... وساعد في ذلك الغياب السعودي الكامل عن لبنان بعد فرط معادلة «س.س».

ما الجديد في التزاحم الأميركي – الإيراني لمناسبة زيارة كل من نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي، ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان لبنان؟

لا يختلف تزامن الزيارتين عن سياق تبادل الضغوط في المرحلة السابقة، لكن الجانبين يتحركان في إطار يشهد تبدلات ولو غير حاسمة في الواقع الإقليمي، تفرض على كل منهما، في لبنان، تنبهاً الى دوره وموقعه، وما من شك في أن ما آلت إليه الأزمة السورية المرشحة للامتداد الزمني يدخل عنصراً في حسابات كل منهما.

وإذا كانت واشنطن تأمل من عقوباتها ودول الاتحاد الأوروبي واليابان وكندا وأستراليا، على إيران وسورية نتائج لمصلحة سياستها ضد النظامين فيهما، فإن من الطبيعي أن تسعى دمشق، ومعها طهران، الى محاولة اعتماد لبنان ميداناً للالتفاف على هذه العقوبات، بوجود حلفاء أقوياء لها يمسكون بزمام السلطة. بل إن دول الغرب رصدت حصول عمليات التفاف حصلت بأساليب، يختلط فيها الخاص بالعام.

ضغطت واشنطن خلال الشهرين الماضيين على المعادلة القائمة في لبنان لجهة وجوب الالتزام بالعقوبات وأوفدت لهذا الغرض نائب وزير الخارجية للاستخبارات المالية والإرهاب ديفيد كوهين وألحّت مع الاتحاد الأوروبي على حماية النازحين السوريين في لبنان.

وضغط حلفاء طهران ودمشق على فريق من المعادلة القائمة في لبنان كي يكف عن مراعاة الغرب (ميقاتي مثلاً) ومطالبه في خصوص الأزمة السورية وأبلغوا من يعنيهم الأمر نوعاً من التحذيرات. وليست الحملة على كل من رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي، والى حد ما، على رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط، من قبل هؤلاء الحلفاء بعيدة من هذا الضغط الإقليمي، ولو في ظل «تضخيم» الخلاف على رفع سقف الإنفاق، والتعيينات الإدارية، وقانون الانتخاب وتأهيل قطاع الكهرباء، وتحت عناوين «محلية»... ويقال ان هذا الضغط أدى غرضه مع البعض ولم ينجح مع البعض الآخر.

وفي الإطار الإقليمي أيضاً، يشكل لبنان منبراً لطهران، وهي تظهر ليونة في التفاوض على ملفها النووي، والإيجابية المتبادلة بينها وبين دول الغرب، كي تبعث بالرسائل الى من يعنيهم الأمر أن هذه الليونة يقابلها تمسك بأوراقها الإقليمية كافة، إذا كان الهدف الأميركي إضعافها لأهداف تفاوضية. وليس الحضور الإيراني القوي في بيروت معزولاً، في هذا السياق، عن تشددها حيال دول مجلس التعاون الخليجي في مسألة الجزر الثلاث، وتمسكها بالتركيبة الحاكمة في العراق، وصولاً الى اقتراح رحيمي التمهيد للوحدة الكاملة بين البلدين قبل 10 أيام... فالرسالة التي تريدها ايران من لبنان أنها لن تسمح باستضعافها إذا كانت الورقة السورية المحسوبة في خانتها ضعفت أو تعطلت جراء الاستنزاف الذي يصيب حليفها هناك على رغم بقائه في السلطة...

 

 

الدور السوري في لبنان انتهى... وقريباً الإيراني
جريدة الجمهورية... شارل جبور..
تعددت العناوين التي حملها كلّ من جيفري فيلتمان وجوزف ليبرمان في زيارتهما إلى لبنان، من ملف اللاجئين السوريين إلى تجنّب انعكاسات الأزمة السورية وما بينهما الالتزام بموعد الانتخابات وغيرها من الموضوعات، إلّا أنّ العنوان الأساس يبقى في إعادة الولايات المتحدة الأميركية التأكيد على أنّ لبنان ما زال أولوية أميركية، وأن لا مقايضة على حساب سيادته واستقلاله.
تأكيد ليبرمان أنّ ميقاتي «أثبت بأنه مستقل» يُحرجه حيال 8 آذار ويُحرج 14 آذار أمامه
الصراع بين النفوذين الأميركي والإيراني على الأرض اللبنانية ليس مسألة تفصيلية، والشعب اللبناني أعجز من مواجهة الهيمنة الإيرانية منفرداً، على غرار عجزه في مرحلة سابقة من مواجهة الهيمنة السورية، وبالتالي حاجته إلى الدعم الدولي ضرورية لسببين: رفع الغطاء عن أيّ تدخل في الشؤون اللبنانية، والحؤول دون تحويل لبنان إلى قاعدة إيرانية.
ولكن لا يفترض وضع النفوذين في المنزلة نفسها، لأنّ النفوذ الإيراني، مثل السوري، هدفه استتباع لبنان وإلغاء كلّ مقوّماته السيادية واستخدامه كورقة وساحة، فيما النفوذ الأميركي يريد إعادة الاعتبار لمشروع الدولة في لبنان وإرساء الاستقرار فيه، ليس تلبية فقط لمطلب جزء كبير من اللبنانيين، إنما لنزع ورقة استراتيجية من يد دمشق وطهران تساهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي وتنعكس سلباً على الخطة الأميركية الموضوعة للشرق الأوسط.
والمفاضلة بين هذا النفوذ أو ذاك، تتمّ على أساس المصلحة الوطنية المتمثلة في قيام الدولة اللبنانية، بمعنى أن الموقف من أيّ دولة يرتبط حصرا بسياساتها المعتمدة حيال لبنان، فلا يمكن التموضع مع إيران الداعمة لـ"حزب الله" ضد الدولة، أو الوقوف ضد أميركا الداعمة للدولة ضد التسيّب الميليشياوي. وأمّا معزوفة الدعم السوري - الإيراني لِما يُسمّى المقاومة في وجه إسرائيل، فهي ساقطة ومملّة وتنتمي إلى زمن انتهى.
وهذا الزمن ما كان لينتهي لولا جملة تطورات، منها: القرار الإسرائيلي بالانسحاب من لبنان، أحداث 11 أيلول 2001، إسقاط نظامي طالبان وصدام، إصدار القرار 1559، اغتيال الشهيد رفيق الحريري والانسحاب السوري من لبنان وصولاً إلى الثورات العربية التي عَرّت تماما ما يسمّى بمحور الممانعة الذي باتت صوَر قياداته تُحرق في شوارع العواصم العربية جنباً إلى جنب مع صوَر القادة الإسرائيليين.
فأهمية الثورات العربية بهذا المعنى أنها أظهرت بالملموس أنّ محور الممانعة وإسرائيل وجهان لعملة واحدة، هذه الخلاصة التي كانت قوى 14 آذار أوّل من أشار إليها في وثيقتها في الذكرى الثالثة على انطلاق انتفاضتها بكلامها عن التواطؤ الإيراني - الإسرائيلي.
ومن هنا، فإنّ مواجهة النفوذ الإيراني باتت عمليّاً مثلثة الأضلاع:
أوّلاً، مواجهة أميركية - دولية - إسرائيلية بُغية منع إيران من إنتاج القنبلة النووية، وهذه المواجهة بقدر ما لها علاقة بالخشية من استخدام هذا السلاح تحت عناوين جهادية ومشتقاتها، بقدر ما تهدف أيضا إلى حرمان طهران من التفوّق النوعي والمعنوي.
ثانياً، مواجهة عربية وإسلامية لاستعادة القرار العربي ومفتاح القضية الفلسطينية المسلوبَين من طهران، والحؤول دون تعميم النموذج اللبناني على كل الدول العربية من خلال زرع جاليات إيرانية تخطف القرار السياسي للدول العربية وتجعلها رهينة التوجّه الإيراني.
ثالثاً، مواجهة لبنانية 14 آذارية لاستعادة القرار الوطني، هذه المواجهة التي انتقلت بعد العام 2005 إلى مواجهة مباشرة مع طهران وتحوّلت في ظلّ الأزمة السورية إلى حصرية معها.
لم يسبق أن تجمّعت عناصر خارجية وداخلية مؤاتية للقضية اللبنانية على غرار اللحظة الحالية، إذ إنّ انتفاء التأثير السوري نتيجة الأزمة السورية لا بد أن يُفضي إلى تراجع النفوذ الإيراني بعد سقوط النظام السوري، خصوصاً أن أيّ صفقة محتملة، وهي مستبعدة، بين واشنطن وطهران على الملف النووي لا يمكن أن تتعدّى أفغانستان والعراق في ظلّ توجّه أميركي ثابت بإخراج نفوذ المحور الممانِع عن البحر الأبيض المتوسط.

 

السوريون اللاجئون الى أنطاكيا: نريد أن نعود لنحزن... ونبني ما تهدم

الحياة...أنطاكيا - زين نشار
 

«شهد» عمرها 5 سنوات، رسمت عمرها على أصابعها الصغيرة. تطلّ وتختفي خلف أعضاء لجنة إدارة مخيم التانوز في محافظة هاتاي جنوب تركيا. جاءت أمها بحثاً عنها لتجدها كالعادة منذ عام على باب المخيم حيث تفضل قضاء الوقت باستقبال زوار المخيم وتوديعهم، وعندما تسألها إن كانت تذهب إلى المدرسة تهزّ رأسها بعنف نافية... «مدرستي بالضيعة».

مع مرور ما يزيد عن العام على انطلاقة الانتفاضة واستمرار وتيرة العنف في المدن والبلدات السورية، يبدو عدد النازحين السوريين عبر الحدود السورية - التركية مرشحاً للارتفاع في شكل كبير إذ تشير آخر الإحصاءات إلى أن عدد الذين فروا إلى المخيمات التركية بلغ في نيسان (أبريل) 2012 ما يقارب الـ24000 نازح، جاء معظمهم من محافظة إدلب وريفها وبخاصة منطقتي جسر الشغور وجبل الزاوية اللتين شهدتا اقتحامات متكررة لأجهزة الأمن والجيش، هذا إضافة إلى نازحين من محافظتي اللاذقية وريف حلب. كما يوجد ما يقارب الـ4000 آلاف نازح غير مسجلين منتشرين ضمن شقق سكنية في مدينة أنطاكية ولا تشملهم المساعدات التي توفرها الحكومة التركية.

يتوزع النازحون على 7 مخيمات أقامتها الحكومة التركية على امتداد الحدود التركية - السورية ضمن إقليم هاتاي ويضم مخيم التانوز (600 نازح) ومخيم الريحانية (800 نازح) ومخيم يلداجي (2800 نازح) وهنالك مخيم بخشين، ومخيم كلس في إقليم غازي عنتاب وهو يعتبر الأحدث نسبياً ويوفر شروط معيشية أفضل، بحيث يضم 2060 وحدة سكنية مسبقة الصنع، عملت الحكومة التركية على نقل جزء كبير من النازحين إليها، ويؤوي حالياً ما يقارب 9500 نازح، ومخيم الإصلاحية والذي يعتبر الأسوأ ويضم 6000 نازح.

استقبلتنا مجموعة من السيدات في إحدى الخيم الصغيرة البيضاء المعدة لاحتواء عائلة من 6 أشخاص وجلسنا على الأرض. قالت إحداهن: «خلال فصل الشتاء كانت الأوضاع سيئة للغاية، الممرات بين الخيم أصبحت موحلة وانهارت الخيم على رؤوسنا بفعل الثلج وكثير من الأطفال أصيب بالمرض». أضافت «لكن الأحوال أفضل نسبياً الآن مع وجود الكهرباء والتدفئة». السيدات معظمهن خرجن مع عائلاتهن من جسر الشغور هرباً من الجيش الذي اجتاح بيوتهم. قالت السيدة «خرجنا بما علينا، لم نحمل سوى أوراقنا الشخصية، وصك ملكية منزل أو أرض وبعض الحلي الذهبية. في البداية كان النزوح ضمن مجموعات باتجاه الحدود حيث يتم نقل النساء والأطفال على دفعات حتى يتم تجميع أفراد العائلة كافة ومن ثم يتم الانتقال إلى الطرف الآخر من الحدود مشياً».

مريم أم لستة أطفال، زوجها مدرّس، اضطروا إلى الهروب لأن الأمن كان يبحث عنه لمشاركته في التظاهرات، تقول «جاءتنا الأخبار أن الجيش قد اقتحم منزلنا وحطم كل شيء» وتزيد «الأغراض ليست مشكلة، يمكن تعويضها، لكن الحمدالله لم يستولوا على المنزل، سمعنا عن عائلات أخرى، استولى الأمن على منازلها».

الحالة النفسية للنازحين في شكل عام جيدة، هناك شعور بالاعتزاز وبأنهم يشاركون في بناء مرحلة جديدة، معظم أحاديثهم تدور حول المستقبل وعن استكمال حياتهم بعد العودة وعن أن حياة المخيم هي مجرد فترة موقتة ستنتهي قريباً.

ولكن هذا التفاؤل يصطدم برتابة واقع الحياة داخل المخيم، الجميع من دون استثناء يشكو من الفراغ وعدم وجود أية نشاطات لتمضية الساعات الطويلة. في كثير من الأحيان تتطور النقاشات إلى حالات شجار للتنفيس، تضطر معه إدارة المخيم للتدخل.

حتى هذه اللحظة تتولى الحكومة التركية تأمين الاحتياجات الأساسية كافة للنازحين وترفض إشراك المنظمات غير الحكومية وهيئات الأمم المتحدة في إدارة شؤون المخيمات. النازحين بمعظهم يشعرون بالامتنان للحكومة التركية على جهودها في مساعدتهم ولكن ذلك لم يمنعهم من الإشارة إلى وجود تقصير في كثير من المجالات ورغبتهم في أن يتم إشراكهم في تحسين شروط الحياة.

السيدة صديقة حجازي، 45 عاماً، خرّيجة جامعة حلب ومدرّسة فيزياء وكيمياء تقول: «الجميع يدرك بأن هناك ثمناً للحرية وأن هذه الظروف موقتة وسنعود قريباً إلى منازلنا ولكن بانتظار أن يتحقق ذلك نريد أن نشرف على إدارة حياتنا. هناك لجنة منتخبة من قبلنا مفوضة بإدارة أمور المخيم مع الجانب التركي لكن الأمر لا يقتصر على الطعام والمأوى، معظمنا كان يعمل في سورية والآن نجلس طوال اليوم بانتظار موعد توزيع الوجبات».

رامي سليمان 34 عاماً، ناشط لجأ إلى تركيا منذ حزيران (يونيو) 2011 ويقيم في أنطاكية، يعمل بصورة وثيقة مع النازحين والجمعيات الأهلية التركية على تأسيس ورشات صغيرة للخياطة والتطريز في ثلاثة مخيمات على أن يتم تقسيم المردود المادي على العاملات ويُخصص جزء منه لصندوق مشترك يصرف لتحسين أوضاع اللاجئين في شكل عام.

ومع وجود أعداد كبيرة من الأطفال من مختلف الأعمار، تقول السيدة حجازي «لا بد من الاهتمام بتعليمهم بصورة جدية. ليس من المنصف أن يفقدوا عاماً دراسياً كاملاً بانتظار أن يسقط النظام ويعودوا إلى مدارسهم. هناك عدد لا بأس به من المعلمات للمواد كافة بيننا» وأشارت إلى جارتها وتابعت: «السيدة شفيقة مدرّسة ابتدائية من اللاذقية، يمكننا أن نقسم الأطفال بحسب فئاتهم العمرية و نشرف على تعليمهم إذا توافر لنا المكان ومستلزمات الدراسة. المدرسة التي أقامتها إدارة المخيم تهتم فقط بتعليم اللغة التركية والرياضيات ومواد أخرى كالموسيقى، الرسم والحاسوب ولكن الأطفال سرعان ما فقدوا اهتمامهم بها لأن لا أحد من أفراد عائلاتهم يتكلم التركية».

ولا تقتصر المشكلة على انقطاع الأطفال عن التعليم فحسب بل تمتد لتشمل الأولاد الأكبر سناً ممن كانوا يستعدون للتقدم إلى شهادة الثانوية العامة التي تؤهلهم لدخول الجامعة التي طالما حلموا بها والتي تبدو وكأنها تبخرت أو على الأقل تأجلت إلى أمد غير محدد. تقول فاطمة وهي صبية في السابعة عشرة من عمرها: «في تموز الماضي كان من المفترض أن أتقدم لامتحان الثانوية العامة، ولكنني لم أتمكن من ذلك لأننا اضطررنا للهرب من العنف، كنت أريد أن أدرس علم النفس».

حالياً فاطمة تمضي أيامها جالسة في خيمتها الصغيرة أو تمشي إلى أطراف المخيم الذي يبعد بضعة أمتار فقط عن الحدود.

لا يبدو أن حاجز اللغة يقف عائقاً خصوصاً في الأمور البسيطة واليومية، إلا أن الموضوع يتحول إلى ضرورة حيوية بالنسبة لكثيرين ممن اضطروا إلى الاستعانة بالخدمات الطبية التي تؤمنها إدارة المخيم، فعلى رغم تكفل الحكومة التركية بالتكاليف الطبية كافة للنازحين إلا أن عدم توافر أشخاص يتقنون اللغتين العربية والتركية وبعدد كاف في جميع المخيمات، يؤدي في كثير من الأحيان إلى سوء في التشخيص وبالتالي في وصف العلاج. وفي الوقت الحالي يقوم الكثير من الأطباء السوريين المقيمين في دول الاغتراب وعلى وجه الخصوص المقيمين في دول الخليج العربي بالتطوع للإشراف على بعض الحالات بحسب الاختصاص.

يجمع اللاجئون على أنه مـهمـا تحـسـنت شـروط الحـياة أو الـخدمات، إلا أن الـمـخيم محـطة موقتة بانتظار انتهاء الأزمة أو تحـسن الوضع الأمني بما يسمح لهم بالعودة إلى بيوتهم وقراهم، أبو محمد يـقول «نـريد أن نـعود لـنحـصي شـهداءنـا ونـحزن ومن ثم لنـبني ما تهدم ونكمل حياتنا من حيث توقفت».

 

 

ضبط آسيا الوسطى يتطلب تفعيل دور روسيا والصين
الحياة...الآستانة - باسل الحاج جاسم
 

عدم الاستقرار في الجوار الافغاني القريب، يمكن ان يؤدي الى المزيد من التدهور في اوضاع افغانستان المعقدة اساساً، خصوصاً ان اضطرابات آسيا الوسطى لا تجد الاهتمام الكافي من المجتمع الدولي، بسبب التركيز الاكبر على الحالة الامنية داخل افغانستان، وهذا الاهمال قد تترتب عليه تداعيات خطيرة.

فقد ساعدت اوزبكستان وقيرغيزستان وطاجيكستان، الولايات المتحدة الاميركية، وحلف شمال الاطلسي، عبر إقامة قواعد عسكرية للحلف على اراضيها، في الحرب التي قادتها الولايات المتحدة عام 2001 على ما اعتبرته الارهاب الدولي في افغانستان، كما تشكل طاجيكستان وقيرغيزستان، أساساً لمشروع الطاقة الاقليمي لمنطقة آسيا الوسطى وجنوب آسيا (وهو المشروع الذي تعارضه اوزبكستان)، كما انه المشروع نفسه الذي يؤمّن الطاقة الكهرمائية اللازمة للمساعدة في جهود تعزيز اقتصاد افغانستان.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» قبل فترة، ان القادة الغربيين اعتادوا على قبول التعامل مع الانظمة التي تؤيد اهدافهم في افغانستان، وتبدو مستقرة على الصعيد الداخلي، بدلاً من الضغط عليها من اجل التزام التوجه الديموقراطي، واعتبرت الصحيفة ان هذا التوجه خاطئ الى حد كبير، ففي قيرغيزستان تمت اطاحة الرئيس السابق اسكار اكاييف عام 2005 بعد انتخابات برلمانية مشكوك فيها، وكذلك اطيح الرئيس السابق كورمان بيك باكييف عام 2010 بعد انتخابات رئاسية مشكوك فيها أيضاً، وفي طاجيكستان حدثت احتجاجات خلال ربيع وصيف عام 2008 بسبب الاوضاع المعيشية، وهي اول احتجاجات منذ انتهاء الحرب الاهلية هناك عام 1997، اضافة الى زيادة تدفق المخدرات الافغانية الى روسيا وأوروبا عبر اراضي طاجيكستان.

ويمكن القول ان عوامل عدم الاستقرار السياسي موجودة مسبقاً في آسيا الوسطى، اذا ان الارتفاع الكبير في اسعار الوقود، والازمة المالية العالمية، تركا آثاراً سلبية كبيرة على الاوضاع الاقتصادية في المنطقة، وتعرضت آسيا الوسطى ايضاً لموجة جفاف، يضاف الى ذلك ارتفاع اسعار الغذاء والبذور بالنسبة الى المزارعين، الامر الذي تسبب في توقف بعضهم عن الزراعة ولا سيما في جنوب قيرغيزستان، خلال فصل الصيف، اضافة الى ازمة الغاز بين اوزبكستان وطاجيكستان، والخلافات الحدودية بين طاجيكستان وقيرغيزستان، وبين قيرغيزستان وأوزبكستان، وبين اوزبكستان وطاجيكستان، والتي ما زالت معلقة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، والاهم من كل ذلك الاضطرابات المتوقعة في آسيا الوسطى بسبب مصادر المياه، كما ان النزاع العرقي في جنوب قيرغيزستان بين الاوزبك والقيرغيز ينذر بإشعال المنطقة في اي لحظة، لا سيما بعد النزاع الدموي الذي اندلع في صيف عام 2010. كل ذلك ستكون له تداعيات اقليمية خطيرة اذا لم تتم معالجة المشكلات الموجودة حالياً.

وحذر فريق من الخبراء والناشطين في مجال حقوق الإنسان، من خطر تجدد الاشتباكات العرقية في جنوب قيرغيزستان، ونشرت منظمة «معهد علي ياشير نافوي»، وهي منظمة غير حكومية مسجلة في بروكسل، رسالة في 16 نيسان (أبريل) تحت عنوان «تصعيد الوضع في جنوب قيرغيزستان وتهديد القوميين بتكرار إشعال القضية الأوزبكية».

وذكر النشطاء أن السياسيين المعارضين في جنوب قيرغيزستان ينظمون التظاهرات (العام الماضي سجل قرابة 3000 تظاهرة)، وفي حال حدوث مواجهة بين الحكومة والمعارضة، ربما تتكرر الاشتباكات العرقية، كما حذروا من أن جماعات مسلحة غير رسمية تابعة لمحافظ مدينة أوش (حوالى 300 مسلح) بدأت بتدريبات قتالية قرب بحيرة بابانسك.

ودعا نشطاء حقوق الإنسان حكومات أوزبكستان ودول آسيا الوسطى، وروسيا والولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والأمم المتحدة الى مراقبة الوضع عن كثب في قيرغيزستان، والاستعداد لمنع حصول مواجهات عرقية.

الجدير ذكره أن قيرغيزستان ذات الخمسة ملايين نسمة تمتلك حدوداً طويلة مع أوزبكستان، وهي موطن تاريخي لعدد كبير من أبناء الجالية الأوزبكية في قيرغيزستان التي يقدر تعدادها بـ800 ألف نسمة، اي ما يشكل 15 في المئة من عدد سكان قيرغيزستان.

وحدث انقسام بين القيرغيز والأوزبك نتيجة أحداث العنف العرقية المأسوية في جنوب البلاد في حزيران (يونيو) عام 2010، ووفقاً للأرقام الرسمية فقد لقي 400 شخص حتفهم وجرح المئات وعانى الآلاف من خسائر في الممتلكات، ودمرت وحرقت مئات المنازل والمحال التجارية المملوكة من جنسيات مختلفة خلال أيام من الاشتباكات العرقية في مدينتي أوش وجلال آباد، والمناطق المحيطة بهما.

وذكرت وكالة أنباء موسكو الشهر الماضي، ان الخلاف بين طاجيكستان وأوزبكستان يهدد بزعزعة الاستقرار في آسيا الوسطى، حيث اتهمت طاجيكستان، وهي أفقر جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، جارتها أوزبكستان بمحاصرتها اقتصادياً وبأنها تحاول التسبب بكارثة إنسانية وتعمل على زعزعة استقرار البلاد، بينما رفض شوكت ميرزاييف، رئيس وزراء أوزبكستان هذه التصريحات، معتبراً أنها عارية من الصحة.

وذكرت صحيفة «تيليغراف» البريطانية أن هذه الفضيحة بين الدولتين السوفياتيتين السابقتين تأتي في الوقت الذي يقوم فيه حلف شمال الأطلسي (الناتو) ببناء علاقات جيدة مع دول آسيا الوسطى، حيث يخطط الحلف عام 2014 لسحب معظم المعدّات العسكرية الثقيلة من أفغانستان عبر دول آسيا الوسطى.

وفي بيان شديد اللهجة اتهمت طاجيكستان أوزبكستان بعرقلة خط سكك الحديد، وإيقاف إمدادات الغاز.

ويعتبر الماء أحد أهم الموارد الطبيعية في طاجيكستان، والذي يتدفق من أسفل مناطق جبال البامير إلى أوزبكستان حيث يستخدم لري حقول القطن، وفي المقابل تدير أوزبكستان شبكة من خطوط سكك الحديد وأنابيب الغاز المؤدية إلى طاجيكستان، ما يعطي أوزبكستان درجة أكبر في السيطرة الاقتصادية على جارتها الفقيرة.

وأزعج أوزبكستان في السنوات القليلة الماضية مشروع إيراني طاجيكي لبناء محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية، وهذا المشروع سيقلل اعتماد طاجيكستان على الكهرباء المستوردة من أوزبكستان، وفي الوقت نفسه سيقلل من تزويدها بالمياه الحيوية لري حقول القطن، إلا أن الحكومة الأوزبكية اعتبرت أن هذه الادعاءات «هراء»... ووفقاً لرئيس الوزراء الأوزبكي، فإن إيقاف إمدادات الغاز عن طاجيكستان تم وفقاً لالتزامات أوزبكستان بمعاهدة مع طاجيكستان، ولإبرام عقد جديد مع الصين.

وفي السياق ذاته عقد في الخامس من نيسان (أبريل)، مؤتمر صحافي في سفارة طاجيكستان في قيرغيزستان حول الوضع مع أوزبكستان، وتحدث عصام الدين سعيدوف، سفير طاجيكستان لدى قيرغيزستان، عن أن بلاده طلبت المساعدة من الدول المجاورة، لحل الوضع المتأزم مع أوزبكستان، وأشار إلى أن أوزبكستان تحاول زعزعة الوضع في طاجيكستان، مضيفاً أن ترك الوضع الحالي على ما هو عليه سيؤدي إلى مزيد من التدهور في الحالة التي يواجهها شعب طاجيكستان وتهدد بوقوع كارثة إنسانية في البلاد.

كما ان سفارة طاجيكستان في روسيا أصدرت قبل ايام، بياناً ذكرت فيه أن أوزبكستان تعمل على زعزعة استقرار طاجيكستان.

ويذكر ان النزاعات حول المياه والحدود تسببت في اندلاع معارك بين الاوزبك والقيرغيز جنوبي قيرغيزستان خلال عامي 1989-1990، وبين الطاجيك والقيرغيز على الحدود بين طاجيكستان وقيرغـيزستان مـع بدء انـهيـار الاتـحـاد الـسـوفـيـاتـي السابق، وحـتى الآن لا توجد رحلات جـويـة مـبـاشـرة بين اوزبكستان وطاجيـكسـتان، ولا تزال الـحـدود بـيـن الدولتين مغلقة الى حد كبير من جانب اوزبكستان.

ولا يمكن تجاهل حقيقة ان الاضطرابات في آسيا الوسطى، يمكن ان تكون لها تداعيات خطيرة على افغانستان، وأن اي تغيير في انظمة الحكم في طاجيكستان او اوزبكستان او قيرغيزستان، من المحتمل ان يؤدي الى عدم رغبة اي منها في التعاون مع حلف الناتو، كما ان ضعف الحكومات الحالية في هذه الدول يمكن ان يكون له تأثير سلبي في الجهود الدولية لمحاربة انتاج المخدرات الافغانية وتهريبها عبر اراضي دول آسيا الوسطى، ما يؤدي ايضاً الى ايجاد ملاذات آمنة للارهابيين في المنطقة.

يبقى القول ان منح روسيا والصين دوراً اكبر، في استراتيجية الولايات المتحدة الاميركية، وحلف الناتو في افغانستان، ولا سيما المتعلق منها بالتعاون مع دول آسيا الوسطى، قد يساعد على ايجاد حلول لمشاكل المنطقة.

 

 

ماذا يريد المصريون من دستورهم الجديد؟

جريدة السفير...محمد القزاز
يشغّل سمير المذياع في سيارة الأجرة التي يعمل عليها. يستمع إلى نشرة الأخبار، التي جاء فيها خبر عنوانه «المشير حسين طنطاوي والقوى السياسية يتفقون على تشكيل الجمعية التأسيسية من خارج البرلمان». يتنهد سمير، ويشعر بانفراجة نفسية.
في اليوم التالي يتكرر المشهد، لكن الخبر كان مختلفاً: «اللجنة التشريعية ترفض ما توصل إليه المشير مع القوى السياسية». ينظر السائق إلى راكبه الأنيق، منتظراً منه تعليقاً. «إيه الحكاية يا أستاذ؟»، يسأل السائق، ويضيف «أنت عاوز إيه من الدستور؟ أهم حاجة أكل عيش، لو الدستور ح يأكلني عيش.. موافق».
يترك الراكب الأنيق السائق أمام جامعة القاهرة حيث يعمل أستاذاً بها في إحدى الكليات. يفكر في ما قاله السائق. ينظر إلى مكان الحرس الجامعي التابع للداخلية وقد اختفى، فيتذكر كيف كان يضّيق عليه كتبة التقارير الأمنية. يشعر بالحرية ويتمنى دوامها. وفى أثناء سيره إلى كليته يجد تظاهرة للعاملين في الجامعة للمطالبة بتحسين الأجور ووضع حد أقصى لها.
هذه قصة تدور على مدار اليوم، وأبطالها سائق وراكب، طبيب وممرض، مهندس وعامل صيانة، فلاح وعامل... الكل يحلم بدستور يترجم الآمال التي رُفعت في ميدان التحرير إبان «ثورة 25 يناير»، والتي يلخصها شعار «عيش... حرية... عدالة اجتماعية».
يقول «واعظ الثورة» هاني حنا عزيز لـ«السفير» إن «ثمة ضرورة في أن تشارك كل فئات الشعب المصري في كتابة الدستور الجديد، وألا يقتصر الأمر على من يعتقد أنه غالبية تحت أي مسمى ، سواء غالبية برلمانية أو غالبية عددية». ويرى أن «الدساتير توضع بتوافق الجميع، لا سيما الأقليات، خاصة الأقليات الأكثر تهميشا، مثل النوبيين والشيعة والبهائيين وغيرهم... فهو فكرة توافقية بحتة، والهدف منها طمأنة جميع أطياف المجتمع الذي سيمثله هذا الدستور».
ويرى هاني عزيز أنه «كلما وُفق واضعو الدستور في تكريس مبادئ الحرية والعدالة والمساواة والحقوق المتبادلة بين المجتمع والفرد، وكلما عبر هذا الدستور عن آليات العبور للمستقبل، كان دستورا ناجحاً».
يتذكر هاني عزيز أيام الثورة قائلاً «كنت عضوا في اللجنة السباعية لصياغة قرارات الثورة، حيث وضعنا بندين حول الدستور: الأول، سقوط الدستور الحالي وتعديلاته. أما الثاني، فهو خاص بتشكيل الجمعية تأسيسية الأصلية (أصل كل السلطات) لوضع دستور جديد للبلاد يواكب أحدث الدساتير، ولكن جاء الاستفتاء الباطل للتعديلات الباطلة للدستور الساقط ليعيدنا إلى نقطة الصفر».
«العسكري» سبب الأزمة
من جهته، يقول مدير «الشبكة العربية لحقوق الإنسان» جمال عيد لـ«السفير» إن «ثمة تعمدا في جعل الارتباك هو شعار المرحلة، فالمجلس العسكري لا تعنيه الثورة، فما يهمّه ويعنيه هو المصالح الاقتصادية، وأنا لا أثق في دستور يوضع تحت حكم العسكر، فهو يحمى ولا يحكم».
ويرى عيد أن «دستور العام 1971 ليس كارثة بحد ذاته، بل إن مشكلته تكمن في التعديلات القمعية التي أدخلت عليها»، لافتاً إلى أنه «من الممكن وضع دستور مؤقت يراعي الخصوصية المصرية والدفاع عن الحقوق والحريات واحترام العقائد، لكن الأهم هو وجود دستور يعبر عن الناس كل الناس، حتى الذين لم يشاركوا في الثورة، ويكون معبرا عن هوية هذا الوطن».
عدم استبداد السلطات
ومن المؤكد أن الدستور يستند في أساسياته إلى مبدأ سيادة القانون على الجميع، سواء على الكبير أو الصغير، وفي حال تحقق ذلك تكون الدولة قد خطت نصف الطريق نحو الديموقراطية وحرية التعبير وإطلاق طاقات الإبداع مع احترام الهوية الدينية والعقائدية.
ويقول أستاذ القانون الدستوري جابر نصار لـ«السفير» إن «أي نظام دستوري لكي يكون ديموقراطيا وصحيحا لا بد أن تكون له قاعدتان أساسيتان، الأولى، هي تنظيم الفصل بين السلطات بصورة تضمن عدم استبداد سلطة بسلطة أخرى، أما الثانية فهي مبدأ التلازم بين السلطة والمسؤولية، بحيث تتقرر مسؤولية هذا الشخص أو ذاك انطلاقاً من المساءلة حتى لا تستبد هذه السلطة بممارسة سلطاتها، ولذلك فإن الهدف الأساسي من الدساتير هو حماية الحقوق والحريات من تغوّل المشرع العادي أو السلطة التشريعية على هذه الحقوق والحريات، وبناء على ذلك يجب أن يمنع الدستور السلطة التشريعية من تقييد الحرية، بل عليه أن يسمح لها بتنظيم هذه الحرية»، لافتاً إلى أن «تجارب الدول التي تحولت إلى النظام الديموقراطي في أوروبا الشرقية وجنوب أفريقيا والبرازيل اتبعت هاتين القاعدتين».
ويشدد نصار على أنه «حين نضع دستورنا يجب أن يكون نصه جيداً حتى نؤسس لواقع جيد، لأنه إذا كان النص سيئاً فسيؤدي إلى إنتاج واقع مستبد، كما هي الحال بالنسبة لدستور العام 1971، الذي لم تقيّد نصوصه السلطة الحاكمة». ويوضح أن «دستور العام 1971 كان ظاهره جيداً لكن نصوصه سيئة. وبعبارات أقل، يمكن القول إن هذا الدستور كان فاسداً في تصوراته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، إذ لم ينشأ في ظله نظام اقتصادي جيّد يحافظ على حقوق الشعب في ماله وشركاته، ولم يكن فيه نظام اجتماعي، إذ تهاوت في ظله الطبقة والوسطى، وتحول المجتمع إلى مجتمع طبقي: طبقة فاحشة الثراء وتتدرج في ثرائها، وطبقة مدقعة الفقر وتتدرج في فقرها... وبين هذا وذاك كانت الطبقة الوسطى».
البحث العلمي
أما أستاذة العلوم في جامعة القاهرة رشيقة الريدي فترى، في حديث إلى «السفير»، أن «حل مشكلات مصر يكمن في أن يزداد المجتمع غنى وثراءً»، معتبرة أن «الوحدة هي ركيزة ثراء مصر، وليس مجرد الحديث عن دستور أو قانون أو برلمان». وتشدد الريدي على أن «تقدم الدول يعتمد على البحث العلمي، وفنلندا مثال على ذلك»، مشيرة إلى أن «مصر تملك القدرة على الإتيان بالجديد، فتحسين البحث العلمي والاستفادة من منتجاته كفيل بتقدم البلد وارتقائه». وتختم «ولو استطعت لوضعت في الدستور مقولة معدلة لطه حسين، وهي: البحث العلمي كالماء والهواء».
الدساتير الجيدة هي تلك تضمن حقوق الشعب في الحفاظ على ثرواته الطبيعية، وتكرس حقه في الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وتسعى في الوقت ذاته للارتقاء بالمجتمع، وهو ما يتطلع إليه كل مصري بعد «ثورة 25 يناير»... فهل سيتحقق للمصري ما يريد في «دستور الثورة»؟

المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,326,811

عدد الزوار: 7,627,926

المتواجدون الآن: 1