جعجع لـ «الراي»: «حزب الله» لن يسلّم سلاحه في إطار عملية سياسية

«حرب حشيشة» في البقاع اللبناني

تاريخ الإضافة الأحد 5 آب 2012 - 8:21 ص    عدد الزيارات 2241    التعليقات 0    القسم محلية

        


 

«حرب حشيشة» في البقاع اللبناني
 بيروت - «الراي»
... على طريقة «سباق البدَل»، تُسلّم الأزمة في بيروت أزمة أخرى، واضعةً البلاد في «حلقة مفرغة» يدور فيها بانتظار اتضاح الخيط الابيض من الاسود في الأزمة السورية التي تسير في خط تصاعُدي والتي يتردد صداها بقوة في لبنان سياسياً وأمنياً.
وفيما كانت بيروت «فرحة» بـ «إنجاز» فك اعتصام المياومين في «مؤسسة كهرباء لبنان» بعد 97 يوماً، استحوذ فيها على يوميات اللبنانيين بعدما دارت على تخومه «حرب شرسة» بين «محوريْن» في فريق «8 آذار» هما رئيس البرلمان نبيه بري وزعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون، دهمها ملف أمني أطلّ برأسه من «حقول الحشيشة» في البقاع لا سيما في منطقة اليمّونة التي تشهد مواجهات بين الجيش والقوى الامنية (اصيب اربعة منهم) وبين اصحاب حقول «الممنوعات» الذين يتحدّون «الدولة» بالقذائف والرصاص راسمين «خط نار» لمنعها من تلف «مورد رزقهم» قبل تأمين «البدائل».
وواصلت القوى الامنية عملية تلف الحشيشة في اليمونة فيما أشعل الاهالي الاطارات على مداخل البلدة وفي داخلها احتجاجا على العملية، فيما قطع أهالي دار الواسعة طريق البلدة لمساندة أهالي اليمونة في تحركهم لمنع الآليات الزراعية من تلف الحشيشة.
وكانت مواجهات عنيفة اندلعت الجمعة بين القوة الأمنية المكلفة إتلاف حقول الحشيشة في بعلبك ــ الهرمل ومزارعي الحشيشة في اليمونة وسط قرار حازم للاخيرين بعد السماح «بقطع أرزاقنا» وإصرار القوى الامنية على إتلاف حقول الزراعات الممنوعة «مهما كلّف الأمر».
وبدأت شرارة المواجهات مع استهداف قوة من مكتب المخدرات المركزي وقطعات قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني بانفجار عبوة ناسفة زرعت إلى جانب الطريق العام في محلة «العيارة» بالقرب من بلدة المشيتية، وإطلاق ثلاث قذائف صاروخية نوع «بي 7» من مسلحين انتشروا في الجرود الحرجية المطلة على الطريق، الأمر الذي أسفر عن إصابة أحد ضباط الجيش اللبناني برتبة رائد في رقبته وعطب آلية عسكرية مجنزرة للجيش، فيما كان مسلحون يستقلون سيارتين نوع «جيب شيروكي» يستهدفون مبنى مخفر درك بعلبك ومفرزة بعلبك القضائية، حيث أطلقوا النار عليهما من أسلحة خفيفة وأخرى متوسطة ما أدى إلى إصابة عنصرين عند المدخل هما المعاون الأول في قوى الأمن الداخلي أ. أ الذي أصيب بطلق ناري في رقبته، والرقيب م. ر الذي اصيب أيضاً في ساقيه وخاصرته.

 

 

 

جعجع لـ «الراي»: «حزب الله» لن يسلّم سلاحه في إطار عملية سياسية
بيروت - من وسام ابو حرفوش وليندا عازار
ماذا يقول رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع العائد من اجازة لعشرة ايام كانت بمثابة «خلوة»، ابتعد فيها عن المشاغل اليومية وانكب خلالها بـ «عمق» على ملفات غالباً ما تحتاج الى مقاربات من النوع الذي لا يتلاءم مع صخب «كل يوم وكل ساعة» في لبنان.
ماذا يقول جعجع عن سورية ومصير النظام فيها، وعن خيارات «حزب الله» في حال «انكشاف ظهره الاستراتيجي» بسقوط نظام الرئيس بشار الاسد؟ اي مقاربة للحوار في شأن الاستراتيجية الدفاعية ومصير سلاح «حزب الله»، ولواقع الحكومة الحالية وخيارات «14 آذار» حيال «اسقاطها» في ظل الحرص الدولي على بقائها؟
هل يملك جعجع معلومات في شأن محاولة اغتياله قبل نحو اربعة اشهر، وماذا عن التهديدات الامنية التي تحوط شخصيات «14 آذار»؟ وكيف ينظر الى مستقبل لبنان في ضوء المتغيرات في المنطقة، ولا سيما في سورية؟
كل هذه العناوين شكلت محور حديث خاص اجرته «الراي» مع «الحكيم»، اللقب الذي يطلقه «القواتيون» على جعجع، القطب البارز في «14 آذار»، و»الغائب» عن طاولة الحوار بقرار تمايز فيه عن حلفائه.
وفي ما يأتي نص الحوار:
• خلص الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في إطلالته الاخيرة في موقفه من الحوار الى ان «من الافتراء والكذب القول اننا لم نقدم استراتيجية دفاعية»، مذكراً بما طرحه العام 2006 على طاولة الحوار من استراتيجية تقوم على «جيش قوي ومقاومة قوية وتنسيق بينهما»، لماذا تصرون على ان «حزب الله» لم يقدم استراتيجيته ولا يريد استراتيجية دفاعية؟
ـ ما طرحه السيد نصرالله في الـ 2006 يقوم على ان الواقع الحالي (آنذاك) هو الافضل، في حين اننا ذهبنا الى الحوار حينها لأننا نعتبر ان هذا الواقع هو خراب للبنان، واذا كان يعتبر ان هذه هي استراتيجيته فلماذا اتى الى طاولة الحوار. وينبغي التذكير في هذا المجال بان البند المطروح على طاولة الحوار لم يكن عنوانه في الـ 2006 استراتيجية دفاعية، بل سلاح المقاومة. وكان طرحنا بإزائه انه بعدما بدأ قيام الدولة في لبنان، هناك تنظيمات عسكرية وأمنية لـ «حزب الله» خارج الشرعية، ولا يمكن قيام الدولة في ظل استمرار وجودها، وتالياً لا بد من وضع سلاح «حزب الله» ضمن الدولة كي تستقيم الامور.
إنطلاقاً من هذه النقطة ذهبنا الى الحوار في الـ 2006، وتالياً فإن كلام السيد نصرالله الاخير هو كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء، وكأنه يقول لنا ان الوضع الحالي لسلاحة هو الافضل، مما يعني انه لا يريد الحوار. وبما ان «حزب الله» ما زال متمسكاً بهذه النظرية فهذا يجعلني أعتبر انه مضيعة للوقت الذهاب في اي حوار مع «حزب الله»، لأن الحوار ليس مع رئيس الجمهورية، الذي لا نختلف معه. ومن هنا فإن ما قدّمه السيد نصرالله ليس إستراتيجية دفاعيّة بل دعوة للإبقاء على الامر الواقع وفق صيغة مقاومة قوية وجيش قوي وتنسيق بينهما و«يا عين على هذه النظرية»، فهذا ما يخرب البلد ونريد تغييره، وتالياً القول انه قدم استراتيجية دفاعية فيه افتئات.
• أرفق السيد نصرالله موقفه بالدعوة الى استراتيجية تحرير في موازاة استراتيجية الدفاع، كيف تفسرون هذا الموقف؟
ـ اولاً هناك خطأ في المبدأ بهذا القول، فالجيش الاسرائيلي لم يترك حرباً الا وخاضها مع دول عربية ولا يزال اسمه «جيش الدفاع الاسرائيلي» وليس جيش الهجوم، اي انه عندما يحكى عن استراتيجية دفاعية، هذا يعني ضمناً اننا نتحدث عن استراتيجية دفاع وتحرير و... و... هم يضيّعوننا بالتعابير لأنهم يريدون تمييع الموضوع الاساسي المطروح على طاولة الحوار. فكلما قلنا ان المشكلة هي في وجود تنظيم مسلح خارج الدولة ويجب وضعه تحت سلطتها يذهبون الى مواضيع اخرى، وفي المرة الاولى سموها استراتيجية دفاعية والآن يسمونها استراتيجية تحرير.
واذا ارادوا الكلام عن استراتيجية التحرير التي تعني عملياً مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة، فقد طرحنا هذه الاستراتيجية مئة مرة وهي واضحة للجميع وبسيطة جداً. ففي العام 2000 اتخذت الحكومة الاسرائيلية قراراً واضحاً ابلغته الى الامم المتحدة ودول العالم بأنها ستطبق القرار 425 وانسحبت تبعاً لذلك من الاراضي اللبنانية التي تقع تحت أحكام هذا القرار، وتالياً فإن كل الاراضي التي تُعتبر لبنانية في خرائط مجلس الامن انسحبت منها اسرائيل.
اما فيما يتعلق بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا فهي غير مشمولة بالقرار 425 بل بالقرار 242، ولذا تملصت اسرائيل في حينه من الانسحاب منها. والطريقة التي كان يفترض اتباعها لتحريرها من اسرائيل هي ان توقّع الحكومتان اللبنانية والسورية خريطة تسمى محضراً مشتركاً تعلنان فيه ان مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ارض لبنانية، وتالياً تقع حكماً تحت احكام القرار 425. ولكن عوض ان يحصل ذلك وضع (المدير العام للأمن العام حينها) جميل السيد بالتعاون مع المخابرات السورية خريطة لا تشمل هذه الاراضي كي تبقى بمثابة مسمار جحا تبريراً لاستمرار وجود سلاح «حزب الله» كأداة استراتيجية على مستوى المنطقة، لا علاقة لها بمصالح لبنان.
واذا كان السيد نصرالله يريد ان يعرف استراتيجيتنا لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا فالأمر سهل جداً، فليتمّ توقيع محضر مشترك بين الحكومتين اللبنانية والسورية، الامر الذي كانوا بذلوا جهدهم كي لا يحصل، وإيداعه لدى مجلس الامن ليتم وضع هذه الاراضي تحت احكام القرار 425، وتالياً ستكون اسرائيل ملزمة الانسحاب منها، وهذا كلام سمعه منا السيد نصرالله مئات المرات.
• السيد نصرالله يسأل عن كيفية تسليم السلاح لدولة لا يمكنها فك اعتصام او حل مشكلة مياومين؟ اليس هذا السؤال مبرراً؟
ـ... لكن هذه الدولة نفسها هي دولة مَن؟ هي دولتهم الآن. فالحكومة الحالية ليست حتى حكومة وحدة وطنية، بل حكومتهم بالتحديد، وتالياً هم الذين يشلون الدولة. وليسموا لنا اعتصاماً او طريقاً قطع من فريق غيرهم! وإذا كان تلف المخدرات هذه الايام يقابَل بإطلاق قذائف على الجيش والقوى الامنية من دون ان يتم توقيف احد على قاعدة انهم «مقاومة»، فهذا نموذج من «دولتهم». فمَن ارسى ثقافة قطع الطرق وحرق الدواليب غيرهم؟ وهل يتجرأ احد على ملاحقة اي منتمٍ لـ «حزب الله» في ارتكابٍ ما دون ان يتم تصوير الامر كأنه اعتداء على المقاومة؟ وتالياً عندما نستلم نحن السلطة سنريهم اي دولة يجب ان تكون، اي الدولة التي تمنع قطع الطرق وحرق الدواليب. وأستغرب هذا الكلام ممن يمنعون قيام الدولة وفعلوا كل ما في وسعهم لإضعافها عبر ممارساتهم ووجودهم ككيان مسلح خارجها وقمعهم لإداراتها، فهل من قاضٍ يستطيع ان يصدر حكماً بحق احد من «حزب الله»؟
وآخر مثال على ذلك ما حصل في ملف محاولة اغتيال النائب بطرس حرب، اذ تبين وجود اوراق ثبوتية تعود لشخص يدعى محمود حايك في مكان الجريمة، ربما يكون حايك بريئاً مئة في المئة من هذا الملف، لكن اقله ان يحضر للتحقيق معه وهو الامر الذي لم يحصل لإنتمائه لـ «حزب الله»، وتالياً يسألون مَن شلّ الدولة؟ اقول للسيد حسن (نصرالله) انتم من قام بشلها، وكلامكم مردود فانتم تشلون الدولة هذه المرة من الجهتين، من جهة ممارساتكم على الارض ومن جهة وجودكم في الحكومة.
• هل نفهم تالياً انك ما زلت على اقتناعك بلا جدوى طاولة الحوار، الامر الذي يتناقض مع موقف حلفائك في 14 آذار الذين ظهروا وكأنهم في حال تخبط بمقاربتهم موضوع الحوار، فمن اشتراط سقوط الحكومة، ثم دخولها كانهم «مخفورون» الى الحوار، فتعليق مشاركتهم فيه ربطاً بشروط منها تسليم «داتا الاتصالات»، وهل تنصحهم بالعودة الى الحوار ام بالاقتداء بموقفك؟
ـ اولاً لا يمكن ان أسمح لنفسي بأن أكون في موقع تقديم النصائح لحلفائي، فنحن على تواصل دائم وكل يوم نتشاور حول موضوع الحوار وسائر الامور والملفات. ونحن نملك تقديرات مشتركة في ما خص جدوى الحوار لكن المقاربات مختلفة. اي هناك بعض الاطراف الذين يفضلون التصرّف على طريقة الـ politically correct اي انه بما ان رئيس الجمهورية هو الداعي الى الحوار فلنقم بتلبية الدعوة اياً كان رأينا، بمعنى ان المقاربة الشكلية تختلف.
وبالنسبة لي، يبقى الحفاظ على جوهر الامور أهمّ من الحفاظ على شكلها، ولا أرى جدوى من الذهاب الى حوار فيما انت مدرك تماماً ان مَن يجلس معك لتحاوره يكذب عليك وكل هدفه تحميلك تبعات وضعيّة سيئة هو مَن اوصل البلد اليها، من دون اغفال عدم اقتناعي بالجلوس الى الطاولة فيما يتم كل فترة استهداف شخصية من 14 آذار. وفي نهاية المطاف اذا لم تقف لتقول لخصمك انك لا تريد التحاور معه في هذه المرحلة لهذه الاسباب، يتمادى في التجرؤ عليك. من هنا أؤكد اننا وحلفاؤنا متفقون تماماً على جوهر ما يحصل على طاولة الحوار، ولكن البعض يفضّل رغم كل ذلك الحفاظ على شكل الامور.
اما في ما خصّ ما طرحناه بعد محاولة اغتيال النائب بطرس حرب، فالامر لا يتصل بشروط بل بأمور بديهية جرى الحديث عنها مع رئيس الجمهورية. ففي موضوع داتا الاتصالات، هل يجوز بعد محاولتيْ اغتيال حتى الآن، عدم اعطاء «الداتا»؟ ووفق اي منطق تكون هذه الداتا مع شركات تجارية ويطلع عليها أصغر موظف ولكن ان تنقلها الى الاجهزة الامنية الشرعية والرسمية يصبح ذلك مساً بالخصوصيات؟ ما هذا العهر والفجور! ليعودوا وتحت الضغط ويسلّموا الداتا.
وفي موضوع آخر هناك نحو 40 او 50 شخصية من 14 آذار مهدّدين، ويجب تأمين حماية لهؤلاء وفق ترتيبات أمنية معيّنة وشبكة امان واضحة.
والنقطة الثالثة تم وضعها لإظهار مدى عدم جدية «حزب الله» في الحوار، وهو ما حصل. فنحن نتحدّث عن أمر محدّد وواضح يناقَش على طاولة الحوار وهو كيفية ايجاد افضل وأسهل طريقة لحلّ التنظيم المسلح لـ «حزب الله» وإدخال سلاحه في الدولة وليس الذهاب في نظريات «خنفشارية» عن الاستراتيجيات الالهية. وتبينّ ان «حزب الله» ليس في هذا الوارد.
• ونتيحة مداولات 14 آذار، ما القرار الذي سيتخذه حلفاؤكم بالنسبة الى الحوار؟
ـ كل يوم يتمّ عرض الموقف مجدداً على مستوى 14 آذار ككلّ، ونحن كـ «قوات لبنانية» ارتحنا وريّحنا منذ البداية، اما باقي افرقاء 14 آذار فنتداول معهم في هذا الشأن، وقبل جلسة الحوار الجديدة بيومين او ثلاثة او اربعة يتم اتخاذ الموقف الأنسب، وربما يذهب جزء من الجزء الذي شارك، وربما لا يحضر احد، وسنرى كيف تجري الامور.
• تشبه مقاربة 14 آذار ملف الحوار مقاربتها موضوع الحكومة، اي الكلام عن اسقاطها او الدعوة لاستقالتها في ظل رسائل دولية بعدم جواز المس بإستقرار لبنان ولا الـ «ستاتيكو» الذي تشكل مرتكزه هذه الحكومة... كيف ستحسمون هذا الملف؟
ـ صحيح، هذا رأي المجموعة الدولية. ولكن بكلّ صراحة ووضوح لنا رأينا المختلف تماماً. فأيّ استقرار تحافظ عليه هذه الحكومة؟ وايّ استقرار في ظل محاولتيْ اغتيال في غضون ثلاثة اشهر وما حصل في عكار وما يجري على الحدود مع سورية وقطع الطرق وغيره؟ من جهة اخرى، هل ما يقال لنا هو إما تبقى هذه الحكومة او يخرب لبنان؟ وطبعاً هذا الكلام المقصود فيه انه اذا ذهبت الحكومة الحالية يغضب «حزب الله» ويمكن ان يقوم بشيء في البلد، وهذا ما يقصدونه، ولكن كل هذا المنطق لا نسير به ولا نأخذه في الاعتبار. وما نراعيه هو امر بسيط، وهنا لم نعد نتحدث من منطلق خصومة سياسية، فالخصومة واضحة وأكيدة مع «حزب الله» وحلفائه، بل انطلاقاً من نتائج معينة. فهذه الحكومة مضى على وجودها عام ونيف، ولا توجد موبقة إلا وقامت بها، وليست هناك ثغرة إلا ووقعتْ فيها، ولا يوجد خطأ ممكن إلا وارتكبه وزير... وحتى الشيء الذي ينظر اليه الغرب على انه ايجابي هو غاية في السلبية وأقصد طريقة تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، الذي يجب الا يكون مجرّد تأمين تمويل بالمواربة او على طريقة العمل الخيري، فالمهمّ هو موقف الحكومة من المحكمة الدولية وتسهيل عملها. وتالياً ثمة واقع يفرض نفسه كل يوم ويذهب في اتجاه تغيير الحكومة.
• ولكن الغرب «معجب» بسياسة النأي بالنفس التي اتبعتها الحكومة حيال الاحداث في سورية، ولديه خشية من انفجار الوضع في لبنان فيما الاولوية الدولية هي للأزمة السورية؟
ـ ومَن وضع معادلة إما الحكومة الحالية او انفجار الوضع؟ في رأيي ان «حزب الله» طرح هذه المعادلة وأخافهم بها كي يتخذوا هذا الموقف.
• ولكن كيف ستصل 14 آذار الى إسقاط الحكومة على المستوى التنفيذي، علماً ان هذا الشعار الذي ترفعونه يستحيل تحقيقه بالآليات الدستورية في ظل موقف النائب وليد جنبلاط الرافض لاسقاط الحكومة، ويبقى خيار الضغط على الارض الذي لا يلوح أي افق له؟
ـ 14 آذار في موقع المعارضة السياسية فقط.
• اي انكم ستنتظرون الحكومة لتسقط من تلقاء نفسها؟
ـ لن نحرق دواليب ولن نقطع طرقاً. وسنواصل المعارضة السياسية وتعرية كل ما تقوم به هذه الحكومة في محاولة لتصحيح مسارها ولو بالحد الادنى، وتركيز الضوء على عيوبها.
• ولكن اذا لم تسقط الحكومة وفرضت الوقائع الدولية والاقليمية استمرار «الستاتيكو» في لبنان حتى انتخابات 2013 النيابية، هل ستقبلون خوض الانتخابات في ظل الحكومة الحالية؟
ـ اولاً الحكومة ساقطة بأدائها، واذا استمرت حتى الانتخابات النيابية ماذا يحصل؟
• هل تقبلون خوض الانتخابات في ظلّ وجودها؟
ــ نخوض مئة انتخابات ايضاً. مع انه يجب ألا يحصل ذلك، ولخوض انتخابات يجب ان تأتي حكومة تقنيّة تهتم بالامور المعيشية والتفاصيل التقنية التي لها علاقة بحياة المواطنين، ولكن هذه مطلبية سياسية ولن نخرب البلد كي نحققها، وسنبقى نضغط في هذا الاتجاه، واذا حصل ما نطالب به يكون حصل، والا يكون حسابنا والناس مع الحكومة في صناديق الاقتراع.
• ولكن موقف 14 آذار قبل فترة كان اشتراط حكومة انقاذ حيادية تشرف على الانتخابات؟
ـ وهذا الموقف لم يتغيّر.
• ولكن تقول انه اذا بقيت الحكومة الحالية لا مشكلة في خوض الانتخابات النيابية المقبلة في ظلها؟
ـ ليست قضية لا مشكلة في ذلك، بل انه حتى لو بقيت فسنخوض الانتخابات.
• ثمة سؤال يُطرح، كيف يمكن «14 اذار» ان تخوض انتخابات وغالبية قادتها في ما يشبه «الاقامة الجبرية» في ظل محاولات الاغتيال المتجدّدة وهل هذا يشكل خطراً على الاستحقاق الانتخابي في ذاته؟
ـ لا اوافق بداية على توصيف «الاقامة الجبرية»، فقادة 14 آذار يتخذون كل الاحتياطات اللازمة، وهذا امر مطلوب، من دون ان يؤثر ذلك على فاعلية عملنا. واكبر دليل على ذلك انتخابات الكورة الفرعية التي فزنا بها وخضناها متكيّفين مع مناخ التهديدات الامنية، فعوض ان نقيم المهرجانات الانتخابية في المناطق، أجريناها هنا (في معراب). وتالياً يمكن الحديث عن عملية اعادة انتشار لطريقة عملنا لا اكثر ولا اقل، لم تؤثر ولن تؤثر على إنتاجيتنا.
• بعد الحديث عن محاولة اغتيال للنائب انطوان زهرا أمْلت انتقاله الى معراب اولاً ثم الى الخارج والتقارير عن تهديدات لشخصيات اخرى، هل هناك تحذيرات جديدة تبلغتموها جدياً في ما خص الاغتيالات؟
ـ لم نتبلّغ معطيات عملانية جدية، ولكن الاجواء هي نفسها، وتحليلاتنا السياسية تذهب في هذا الاتجاه، وتحليلات الأجهزة الامنية الشرعية تذهب في هذا الاتجاه ايضاً. ولكن لا احد لديه ايّ ادلة لا على محاولات الاغتيال التي حصلت او ستحصل، أتعلمون لماذا؟ لان الاجهزة الامنية ممنوعة من العمل في الاماكن التي تتحضّر فيها هذه العمليات. لم تقع جريمة في لبنان منذ العام 2005 الا وتمّ اكتشافها باستثناء الجرائم التي لها علاقة بقادة 14 آذار، والاستنتاج ان السبب يعود الى ان هذه العمليات تتحضّر في الاماكن او لدى الجهات التي ممنوع على الاجهزة الأمنية ان تعمل عليها.
• كيف قرأتم ترحيل لبنان 14 سورياً الى بلادهم الامر الذي أثار موجة من الردود والسجالات وقوبل بارتياح من السفير السوري في بيروت؟
ـ مقاربتي لهذا الموضوع انسانية بالدرجة الاولى. ولنفترض ان كل ما ورد في بيان جهاز الامن العام حول هؤلاء السوريين صحيح، وان كل ما قاله المسؤولون السياسيون دفاعاً عن «الأمن العام» صحيح، فانا أعتبر ان ما جرى في هذا الاطار ليس مجرد خطأ بل خطيئة. ففي بلد يعيش وضعاً مثل سورية، اياً كان ما ارتكبه هؤلاء، لو افترضنا انهم ارتكبوه، هل يجوز إعادتهم الى تلك الوضعية في حين ان السوريين ينزحون الى البلدان المجاورة؟ هذا من الناحية الانسانية، من دون اغفال المعاهدات والاتفاقات الدولية في ما خص الدول التي تشهد اضطرابات وثورات، فهل يمكن ترحيل اشخاص الى دولة تعيش ثورة ويسقط فيها كل يوم عشرات الضحايا؟ وهنا لا أحمّل المسؤولية لجهاز الامن العام، فهو ادارة رسمية على غرار الجيش وقوى الامن، ولكن أضع المسؤولية على المسؤولين السياسيين فكيف يعقل ان يدافعوا عن قرار قالوا انهم اتخذوه، اي قرار هذا؟ وأكرر انه لو كان هؤلاء السوريون ارتكبوا جرماً كان ينبغي وضعهم في السجون اللبنانية بانتظار استتباب الوضع في سورية. وتالياً أبعد من التفاصيل والسياسة، فان ما جرى في هذا الاطار خطيئة كبرى ارتكبتها الحكومة والادارة السياسية الحالية، والوحيد الذي يحاول تدارُك الامر هو رئيس الجمهورية الذي طلب فتح تحقيق رسمي في الموضوع. وفي اي حال وبغض النظر عما اذا كان هؤلاء السوريون معارضين ام لا، فان ما حدث غير مقبول انسانياً قبل اي شيء آخر، ونواب 14 آذار سيقدّمون سؤالاً للحكومة في هذا الخصوص يمكن تحويله الى استجواب، فما جرى هو وصمة عار على جبين الاكثرية في هذه الحكومة.
• إنتقلتْ المعركة في سورية الى المربع الاخير في دمشق وحلب، لا سيما بعد مقتل القادة الامنيين الاربعة... هل تعتبر ان العدّ العكسي لسقوط الرئيس بشار الاسد قد بدأ، أم انه قد يلجأ الى «السلاح الاحتياطي» كالتقسيم مثلاً؟
ـ أعتقد ان الوقت فات على هذا النوع من الخيارات، وأرى ان سورية دخلت فعلاً في ربع الساعة الاخير قبل سقوط النظام، وربما يمتدّ هذا الربع الساعة الى ثلاثة او اربعة او خمسة أشهر. وما يشاع عن امكان تقسيم سورية لا آخذه حتى الآن على محمل الجدّ، فاذا خسر الاسد معركة دمشق لا يعتقدنّ احد انه سيكون بوسعه ان يرتدّ الى خط دفاع ثانٍ، وعندما يخسر معركة دمشق سيخسر كل شيء. ولو كان لأيّ محاولة تقسيم ان تنجح، كان ينبغي من اللحظة الاولى استجماع كل القوى في المنطقة التي يراد الانكفاء اليها في اطار خطة التقسيم. اما الآن، فالأوان فات، ومَن ضرب ضرب ومَن هرب هرب.
• في ضوء قتالٍ على المكشوف بين محورين يرميان بثقلهما في ساحة الصراع السورية، هل من شأن هذا الامر ان يسرّع او يؤخر في حسم الامور، وهل يمكن الرهان على حظوظ ما باقية لإنقاذ النظام السوري؟
ـ لا أرى امكانية لإنقاذ النظام السوري، وانطلاقاً من هنا، كل محور يرمي بثقله. وهل يمكن اغفال اهمية ما كُشف عن تفويض الرئيس باراك اوباما الـ CIA بتقديم الدعم للمعارضة السورية قبل اشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية؟ هذا يمكن اعتباره بداية دعم عسكري للثورة في سورية.
• سبق ان نصحتَ «حزب الله» بوضع سلاحه على الطاولة ما دام يساوي «الملايين» وقبل ان يساوي «الملاليم» مع سقوط النظام في سورية... هل في مواقف الحزب ما يوحي بأنه قد يأخذ بنصيحتكم؟ وهل دعوة السيد نصرالله الى مؤتمر تأسيسي يمكن ان تشكل إطاراً لمقايضة بهذا المعنى؟
ـ أرى ان كل ما يقوم به «حزب الله» في هذه المرحلة هو عملية شراء للوقت بانتظار اتضاح مآل الأزمة السورية ليعاود في ضوء المعطيات الجديدة إكمال ما كان يقوم به أصلاً. والمشكلة ان ما يتحكّم بسلوك «حزب الله» السياسي خلفية ايديولوجية واضحة المعالم، وهو ما يجعلني مقتنعاً بأنه لن يساوم على سلاحه او على تركيبته العسكرية ولا على اي شيء، وذلك انطلاقاً من ايمانه العميق بالايديولوجيّة التي يعتمدها. اضافة الى ذلك، لا يتوهمن احد بان قرار الحزب ملك لقيادته، فقراره يرتبط بآليةٍ الجزء الأهمّ منها في طهران والجزء الاقل اهمية هنا. ومن هنا اعتقادي ان «حزب الله» ماضٍ في سلوكه وماضٍ في الحرب الكونية بين الجمهورية الاسلامية وبين بقية العالم الى ساعة القيامة.
• تعتقد في حال سقط النظام السوري ان «حزب الله» سيمضي في السياق عينه؟
ـ طبعاً.
• اذاً كيف سيتمّ التعاطي معه ما دمتم تعتقدون ان لسلاحه وظيفة اقليمية واستراتيجية؟ وهل يكون الحلّ بضربة لايران او باتفاق اميركي ـ ايراني؟
ـ من غير الوارد حصول اتفاق اميركي ـ ايراني، وتالياً لا ادري كيف سيكون الحلّ في ضوء المعطيات القائمة، وما أعرفه انه في ظل هكذا معطيات غالباً ما تنتهي الامور الى كوارث.
• هل سيكون متعذراً ايجاد حل سياسي لسلاح «حزب الله» الا اذا ضُربت ايران؟
ـ الا اذا ضعفت كثيراً. وأعتقد ان «حزب الله» لن يتخلى عن سلاحه في اطار عملية سياسية.
• هل تخشى قيام «حزب الله» بعملية هروب الى الامام في لبنان للإمساك بالوضع في حال سقوط النظام السوري بغية جرّ الامور الى تفاوض ما حول دور ايراني في لبنان او المنطقة؟
ـ لا يملك هذه القدرة، وهناك لاعبون آخرون موجودون، وحتى اللاعبين القريبين منه «يأخذهم بالدرب». لا يمكنه ان يكون ضد العالم.
• اللاعبون القريبون من «حزب الله» كـ «التيار الوطني الحر» عبروا عن تململ في العلاقة معه حيال بعض الملفات المعيشية...
ـ الملفات «المصلحجية».
• هل تعتقد ان «التيار الحر» يستشعر بمتغيرات يحاول استباقها بالبحث عن جسر عبور الى حاضنة أخرى ربما مسيحية؟
ـ الامر ليس غريباً على الجنرال (ميشال) عون، فهو دائماً مع مبادئه، كيف تميل يميل هو، لا متعصّب ولا متزمّت، كيفما كانت القصة باستطاعته ان «يظبطها». قد يرى ان التطورات التي تحدث في سورية غير مؤاتية وان وضع «حزب الله» غير مؤات فيحاول السير في اتجاه آخر، وهذا ممكن كما فعل في السابق. كله ممكن، لكنني أعتقد ان المسألة عرض وطلب. فما دام «حزب الله» يؤمن ما يؤمنه للعماد عون، وما دام لا يوجد أحد آخر يقبل ان يقدّم له 10 في المئة مما يوفره له الحزب، فكيف سيتركه، مع ان الامر في رأيي وارد في اي وقت لو وُجد العرض والطلب الصحيحان، لكن هذا الامر غير متوافر ولن يتوافر.
• يبدو ان الامور تعود الى مجاريها بين «حزب الله» و«التيار الحر» بدليل التوصل الى حل لمشكلة المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان؟
ـ هي ترقيعات بترقيعات. «بتظبط من هنا، وبتفرط من هناك».
• كيف قرأتَ حل مشكلة المياومين ما دمتم كنتم معنيين بها؟
ـ في رأيي ان ملف المياومين وصل الى هنا نتيجة سوء إدارة الوزير المعني. نحن كنا معنيين بنواح مبدئية. ففي الوقت الذي بدا أحد الأطراف وكأنه يريد التسلط على الدولة، في حين ان الدولة لنا جميعاً وانهيارها ينعكس علينا كلنا، لم يكن في الامكان ان نقف متفرجين، فنحن موجودون في البرلمان وعلينا مسؤوليات في هذا المعنى.
وامام المشكلة التي حدثت وسوء ادارة الوزير المعني، كان الحل المنطقي وهو الذي اعتُمد حالياً، اي بدايةً يجب تحديد ملاك مؤسسة كهرباء لبنان والشواغر فيه والتي يمكنها استيعاب هذا النوع من الموظفين، على ان تكون الاولوية في ملء هذه الشواغر لهؤلاء المياومين. والذين لم تتح لهم الفرصة، يذهبون الى الشركات الخاصة او يتم التعويض عليهم. هذا هو الحل الذي كان ينبغي ان يتم اعتماده وهذا كان طرحنا في الجلسة الاخيرة لمجلس النواب والذي تقدم به النائب عن كتلتنا جورج عدوان، ولكن للاسف الرئيس نبيه بري لم يتمهل لاعتماد هذا الحل وظنّ ان اقتراح القانون يمكن ان ينال الاكثرية وجرى التصويت على الطريقة البِرية (على طريقة الرئيس بري) مما اضطرنا الى الاعتراض على هذا الامر.
ويجب ان لا يُفهم موقفنا على اننا نعتبر الوزير المعني بطلاً ويقوم بدوره على نحو صحيح. هذا الامر غير صحيح، كما ان ما حصل في البرلمان غير صحيح ايضاً. نحن قاربنا الموضوع انطلاقاً من مصلحة الدولة العليا. وعندما اقول مصلحة الدولة العليا، أعني مصلحة الناس. ومقاربتنا هي التي تجسدت في الحل الذي اعتُمد اخيراً. ولو جرى اعتماده في البداية، لكنا وفّرنا على البلد ازمة استمرت شهرين.
• تعودون من خلوة لعشرة ايام او اجازة؟
ـ كنتُ في استراحة.
• جرى الحديث عن خلوة، على غرار خلوات «دير القطارة»؟
ـ كان الامر مجرد اجازة وانكباب على الملفات في شكل عميق بعيداً عن الهموم اليومية.
• قيل عن استراتيجيات ستُرسم في هذه الخلوة؟
ـ في مكان ما نعم، بمعنى ان الابتعاد عن الانشغالات اليومية يجعل المرء يفكر في المسائل في شكل اكثر عمقاً، لكن هذا لا يعني انني في خلوة دراسية.

المصدر: جريدة الرأي

على الولايات المتحدة منع قيام حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله..

 الأربعاء 25 أيلول 2024 - 12:53 م

على الولايات المتحدة منع قيام حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله.. في الأسبوع الماضي، وبعد أحد عشر ش… تتمة »

عدد الزيارات: 171,802,903

عدد الزوار: 7,645,783

المتواجدون الآن: 0