تقارير..الحل اليمني أو الانقلاب العسكري بموافقة موسكو...سيناء الخاصرة الأمنية الرخوة لمصر

آخر الإنجازات: لبنان خالٍ من الأمن والأجانب والمصطافين!؟...لبنان الكيان يفقد وظيفته.....لماذا تأخرت الحرب الأهلية؟

تاريخ الإضافة الأحد 19 آب 2012 - 5:13 ص    عدد الزيارات 2139    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

آخر الإنجازات: لبنان خالٍ من الأمن والأجانب والمصطافين!؟
جريدة الجمهورية...جورج شاهين
 
في الأيام القليلة الماضية ظهر جليّاً أنّ كلّ الإنجازات الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تحقّقت في الفترة الأخيرة قد تبخّرت في ساعات، فعندما وضعت العشائر مناطق لبنانية واسعة تحت سلطتها قياساً على حجم "بنك أهدافها" غابت الدولة عن السمع وعن الأرض معاً، وحضر الملثّمون المسلّحون على الشاشات. وبدأ لبنان يفرغ من المصطافين والمغتربين والأمن. فما الذي حصل؟
لا يختلف لبنانيان على القول إنّ البلاد عاشت في الأيام القليلة الماضية ساعات من الخوف والهلع لا يمكن اعتبارها إلّا من "البروفات" التي يمكن أن تتجدّد في أيّ لحظة سياسية أو أمنية حاسمة، فليس هناك من اقتنع بأنّ ما شهدته البلاد من هذه الحالات الشاذة كان من فعل "الجناح العسكري لآل المقداد" وحسب.
 
وعلى رغم اعتراف الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله بأنّ كلّ ما جرى في الأيام القليلة الماضية كان خارج سيطرة الثنائية الشيعية لأمل وحزب الله، فإنّ هناك من لم يقتنع بذلك ولا يريد أن يقتنع. وذلك بالاستناد الى الحملة المنظّمة التي تولّاها قادة الشاشات وأبطالها في أكثر من مناسبة وموقع وصولاً إلى طاولة الحوار والمنابر والمحاضر التي نشرت.
 
وعلى رغم الربط الذي يُجمع عليه المسؤولون في ما حصل، وردّه في جزء كبير منه الى "الأداء السياسي والإعلامي السيّئ" في لبنان، الذي دفع بالمواطنين الى الشوارع بشكل استحالت، لا بل تعطّلت فيه كلّ المحاولات للجمِه واستعادة السيطرة على الوضع من جديد. فقد بات مُلحّاً الوقوف عند بعض المظاهر التي تدعم هذا الرأي وتبرّره.
 
شاشات لمشاهير المجهولين
 
ومن هنا يشارك كثيرون السيّد نصر الله رأيه في الأداء الإعلامي. فشاشات التلفزيون التي أعلنت سباقاً غير مسؤول لم تخصّص يوماً ساعات من البثّ المباشر لمجموعات وأشخاص من مشاهير مجهولي الهويّة قبل اليوم، مسلّحون وملثّمون لا يعيرون المواقع الرئاسية والحكومية والنيابية والحزبية، ولا علاقات لبنان الإقليمية والدولية أيّة أهمّية، لا بل يسخرون منها، ويوزّعون التهديدات والشتائم الى القادة العرب والأجانب ويحرّضون الناس على المشاركة في أعمال الشغب من دون أيّ وازع أو مسؤولية، والمؤسف أنّ معظم الشاشات باتت تتسابق لكسب ودّهم وعطفهم في ظاهرة لم يشهدها لبنان من قبل.
 
لقد كانت في ما مضى شاشات التلفزيون وأثير الإذاعات حكراً على ظهور كبار السياسيين والقادة والمحلّلين السياسيين الذين يستحقّون اللقب، ومَن بيَدهم القدرة على تحمّل مسؤولية ما يقولون وما يجاهرون به أمام الناس، وفي حال العكس كانت دقائقهم وثوانيهم بعشرات الآلاف من الدولارات للإعلانات التي تروّج للمنتجات التجارية.
 
يتهّمون يحكمون ويحاكمون!
 
على هذه الخلفيات، قيل الكثير الكثير، وبات للبنانيّين قادة جدد في الإعلام والسياسة وجلّهم من المسلّحين ايضاً، ومن الطامحين الى مواقع السياسيّين عبر قيادة مجموعات مسلّحة وملثّمة وإرهابية، تتّهم، تحكم وتحاكم، على خلفيّات مذهبية وطائفية ومناطقية، وتعيث في البلاد فساداً وتزرع الرعب في أوساط الناس والمقيمين على الأراضي اللبنانية من عرب وأجانب، من دون أن يتحمّلوا أية مسؤولية امام أيّة هيئات أو مؤسّسات أو مرجعيات في ما يمكن ان تؤدي اليه مواقفهم وما تعكسه من ضرر على لبنان واللبنانيين وعلاقات لبنان الإقليمية والدولية.
 
والأخطر من ذلك، بات هناك من بين اللبنانيين من ينتظرون طلّاتهم التلفزيونية بكلّ شغف وينتظرون تعابيرهم التي ذاع صيتها فيردّدونها على كلّ شفة ولسان وعبر المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي. ولم يعد خافياً على كثيرين تردّد كبار المسؤولين عن الظهور الإعلامي بعدما تحوّلوا بنظر هؤلاء " القادة الجدد" الى مجموعة من الخونة والفاشلين لا يكترثون لمواقعهم ولا لمواقفهم، فاستأثروا بالشاشات لساعات وساعات غير عابئين بأعصاب الناس وعواطف المفجوعين والمصابين النفسية والإنسانية وقدراتهم على ضبط النفس وتبيان الخبر من الرواية أو الشائعة، فكيف إذا كان هنالك من هم متخصّصون في بثّ الشائعات وفبركتها يورّطون المسؤولين والمرجعيات بمواقف وتسريبات لا تمتّ بصلة لا إلى مواقعهم ولا إلى قراراتهم ولا توجّهاتهم، وليس هناك من يكلّف النفس العودة إلى المراجع المعنية للتثبت من خبر أو رواية أو واقعة.
 
ومن هنا يقترح المُطّلعون على الكثير من الحقائق وما يدور في الكواليس من مقالب ومؤامرات، أن يُفتح دفتر الحساب مع كلّ من يخلّ بالأمن الإعلامي والسياسي أو يشجّع على أعمال الشغب.
 
... وعلى الأداء السياسي مسؤولية
 
ومن دون أن يكون الإعلام مسؤولاً وحيداً عمّا حصل، فلفتة سريعة الى الأداء السياسي تكفي للتخفيف من وطأة التهمة الموجّهة الى الإعلاميّين، وهو أمر يقود الى تحميل المسؤولية الى كلّ من لا ينفّذ القرارات التي يتّخذها أو يشارك فيها. فقبل عمليات الخطف والخطف المضاد وظهور المجالس العسكرية للعشائر، هل التزم اللبنانيون كافة بقرارات النأي بالنفس التي هلّلوا لها في شكلها وتوقيتها ومضمونها؟
 
وهل التزم قادة الأحزاب والأقطاب اللبنانيون جميعهم بما يضمن تجنيب لبنان تداعيات الأحداث الدائرة في سوريا بعد موجة الربيع العربي الواسعة التي اجتاحت دولاً وأنظمة؟ وهل بلغ اللبنانيّون درجة الرشد التي يحتاجها لبنان ويستحقّها اللبنانيّون، أم أنّهم يحنّون إلى عهد الوصاية ويريدون أن يعيد التاريخ نفسه بالسرعة القصوى؟
 
 
لماذا تأخرت الحرب الأهلية؟
               
جريدة السفير..نصري الصايغ
الحرب الأهلية اللبنانية تأخرت. كانت متوقعة من زمن، وباتت منتظرة، ومستغرب جداً انها لم تبدأ بعد... شغل اللبنانيين الشاغل، البحث عنها خلف أو بعد حدوث أمر جلل. يوضبون أيامهم على خوف منها، كأن تباغتهم على غفلة. ويخططون لأيامهم القادمة كأنها مستقبلهم... ولسان حالهم: «لا مفر منها».
لكنها لم تقع بعد.
علامات قدومها كثيرة ومتعددة ومتنوعة. أسباب اندلاعها مقروءة ومفصلة ومثبتة بتصريحات سياسية وتعليقات صحافية وتحذيرات «مسؤولة» وتوقعات أصحاب الشأن، داخليا وإقليميا ودولياً. لا شيء يشي باستبعادها. جاذبيتها قوية. ستدخل من البوابة السورية، تطبيقا لـ«وحدة المسارين» بين دمشق وبيروت، وتحديداً في الضراء لا في السراء. ومن المؤكد أن الجاهزية اللبنانية لاستنساخ الحرب الأهلية السورية الدائرة، عالية الكفاءة والنبرة: فريق 14 آذار، في حلف دولي اقليمي سوري، لإسقاط النظام، بكل ما أوتي من دعم وتأييد وتسليح وإعلام وتطييف وتوظيف، ولإسقاط حلفاء النظام في لبنان... وفريق 8 آذار، ما زال على صراط «الممانعة» يدافع عن نظام الأسد، كحلقة من منظومة استراتيجية، إذا سقط، اختل التوازن لمصلحة «حلف الاعتدال والتنازل»، خارج لبنان وداخله. ولن يمر هذا التغير الاستراتيجي سلمياً أبداً. فهو بحاجة إلى شكل من أشكال الحروب الأهلية... وهي قيد التشكل.
ومع ذلك، فإن الحرب الأهلية لم تقع بعد.
لا موانع ولا سدود مانعة... الانزلاق سريع الانحدار. لا ضوابط للفلتان، ولا أحد بمقدوره أن يحمي السلم الأهلي الهش.
الطوائف المركزية (وليست طوائف الأطراف الضعيفة) أو بالتحديد، الطائفتان المتمذهبتان، سنة وشيعة، تعيشان على حافة الهاوية. عكار، ريف دمشقي، تتعامل مع سوريا النظام، كحاضنة للثورة، ويتعامل معها النظام كأنها أرض معادية. طرابلس، عاصمة من العواصم المحررة من النفوذ السوري، وحلفائه في لبنان. طرابلس «تحررت» سنياً... صيدا بإمرة الشيخ الأسير، تمرن على الحرب الأهلية الكلامية... العدة التحريضية لها أصداؤها سنياً... بعض السنة ضد صوت الأسير وصورته، ومع قلب الأسير وعقله... والتشنج بلغ أقصاه... عنجر وجوارها، بلغت الرشد السني سياسياً من زمان... وهكذا دواليك.
في المقابل، عدة الحرب الأهلية متوفرة من مناطق السيطرة الشيعية... أحياء «تحررت» من حسابات «حزب الله» الاستراتيجية، وتتجرأ على ما لا يستطيعه «حزب»، لحكمة سياسية... يرفع يده، كما يقال، ويترك الأمور لعواهن الشارع. يخرج آل المقداد، وغدا آخرون، وتزدهر المناطق المحتضنة حزبيا، بالعشائر والقبائل والافخاذ، ويصير لكل عشيرة، ذراع عسكرية وأخرى أمنية واخرى اعلامية واخرى ديبلوماسية... وإنما، تحت خيمة «الحزب» أو تحت عباءة «أمل»، أو ما بينهما من مساحات أفرغت طوعاً.
وبرغم هذا الاصطفاف الساحق، لم تندلع الحرب الأهلية بعد. ثمة علامات لا شك في كونها من علامات الأزمنة الدموية: الدولة اللبنانية بلغت حتفها إلا قليلا. لا دولة في لبنان من زمان أكلتها الطوائف وزعاماتها ورجال دينها وزبانيتها... (تجتاحني رغبة في صفع كل من يدعي ان في لبنان دولة). مزرعة لبنان الكبير، صارت مزارع، بعضها قيد الاقامة الجبرية تحت سلطة زعامات دكتاتورية شمولية، مؤيدة ومثبتة في مواقعها بقوة طائفية ساحقة، وبعضها القليل، لا يزال مشاعاً أو مشتركاً في ما بين هذه الزعامات.
لا دولة تحمي اللبنانيين، يعني، ان السلطة فيها راهنا في حالة اهتراء متزايد. ضعفها مثبت في تغيب قوى الأمن والجيش عن حماية الناس. أي فريق مدعوم، أي عشيرة مدعومة، أي سلفية مدعومة، أقوى من الجيش اللبناني الذي لا يحظى بأي دعم سياسي، اللهم، إلا كلاميا. قوى الأمن، مشكوك في ولائها المذهبي، ما بين سنة وشيعة. (المسيحيون خارج الملعب. ليسوا بديلاً عن أصيل) القضاء مشلول اليد. لا يعيد لصاحب حق حقه. هو قضاء لا يأمر ولا يحكم باسم الشعب اللبناني، لانه مأمور باسم الطوائف المركزية.
أمن وحقوق بالتراضي... والظلم سيد الاحكام. وبرغم هذا الفلتان، فإن الحرب الأهلية لم تقع.
من علامات الفتنة القادمة، انتشار السلاح. لقد تعسكر الشعب اللبناني. لكل فريق عسكره الخاص. الميليشيات مزدهرة. تظهر في عراضات تلفزيونية، ولا يرف للدولة جفن... تنام ملء جفونها على شوارد الطوائف، وتتركهم للخصام المجاني.
لا اتفاق على شيء، ولا حوار البتة. ومع ذلك، فإن الحرب الأهلية لم تقع. العنف يزداد، ولم تقع. أفلتت الأمور في عكار مراراً ولم تقع، طرابلس تغلي، ولم تقع. الأسير يجول ويصول ويطول، ولم تقع. تهريب صفائح من دمشق لتفجير السلم الأهلي، ولم تقع، آل المقداد يعلنون قيام «جمهوريتهم» ولا... «يا محلى الكحل في عينك» ومع ذلك، فالحرب الأهلية لم تقع.
عنصر جديد دخل المشهد، لعله إذا استمر في أدائه، قد يدخل لبنان في الحرب الأهلية. انه الخطف والخطف المضاد. فماذا لو أقدم سنة على خطف شيعة أو أقدم شيعة على خطف سنة أو دروز أو...؟ ماذا لو اندلع الخطف والخطف المضاد؟ (خطف السوريين كاد يشعل طرابلس. هكذا قيل. نجا لبنان حتى الآن).
ماذا لو لم يعد المخطوفون من سوريا؟
ماذا لو استمرت القوى الاقليمية في دفع القوى المحلية لتفجير البلاد؟
ماذا لو اقتنع أحد بفضائل جهنم ونصائح الحلفاء المأزومين؟
ان اللبنانيين يعيشون الحرب الأهلية من دون ان تقع. ولعله من المفيد القول، ان الحرب الأهلية إذا وقعت، فلن تغير في المشهد السياسي الرسمي شيئا. فالحرب الاهلية اللبنانية، اندلعت بأسباب أقل من الأسباب المعلنة أعلاه. فانهارت الدولة، وفرغت السلطة وتأصلت الميليشيات، وذبح الناس على الهوية، وتهجرت عائلات وطوائف، وتدخلت دول وجيوش، وتموّلت أحزاب وتعسكرت، وقامت مشاريع سياسية ومشاريع مضادة، وأسفرت الحرب بعد 15 عاماً على اتفاق بين المتحاربين، أو من تبقى منهم، على إقامة نظام لبناني، هو هذا النظام الذي لم يعد فيه حجر سياسي فوق حجر سياسي.
الحرب الأهلية القادمة، إذا وقعت، فلن يكون لها تأثير أسوأ، الأسوأ هو أمامنا اليوم. وهو الأسوأ غداً. لا يحلمن أحد، بأن لبنان ما بعد الحرب الأهلية القادمة، سيكون أفضل. ولن يقضي سنة على شيعة أو العكس. سيتدمرون معاً، وسيبقون معاً بعد الدمار المشترك.
لا أفق للحرب الأهلية. هي حرب لا تخدم طرفاً داخليا، ولا تنقذ طرفاً خارجياً.
لا ضرورة لحرب أهلية دموية. فهذه الحرب الأهلية السياسية المحتضنة لعنف بمستوى متدن ومنضبط (حتى الآن) قد تكون البديل عن المعارك العسكرية المؤلمة.
إنما... إنما... الخوف كل الخوف، إذا أقدم فريق على خوض معركة «عليَّ وعلى أعدائي».
سؤال: من ينجو من هذه المذبحة؟ أي قضية مقدسة تبقى؟ أي اسرائيل ستشعر بالنشوة ولذة الانتصار؟
سؤال آخر: هل يبقى لبنان؟ أم سترث جثته محنطات الطوائف؟
 
لبنان الكيان يفقد وظيفته
(تحيـة إلى قناة «اليسارية» ضحية «أيار» المقيم.. والآتي)
جريدة السفير..خالد حدادة
لم يعد جديداً القول إن منطقتنا تعيش مرحلة انتقالية صعبة، ولم يعد مجال تردد بالنسبة لنا، أن نَصِفَ هذه المرحلة الانتقالية، بأنها ممر إجباري للمنطقة وشعوبها، من حالة الموت السياسي المقترن من جهة بالتخلي والخيانة الوطنية، والمترافق مع الجوع والفقر برغم آلاف المليارات المتدفقة من النفط والمحمي بأنظمة القمع والأمن كشكل وحيد للممارسة السياسية، هذه الحالة الانتقالية هي ممر إجباري من هذه الحالة إلى حالة أخرى لا تتحدد معالمها إلا بنتيجة الصراع بين بقايا السائد وبين مشاريع جديدة، أو منقحة تعبر عن مصالح الفئات الاجتماعية المختلفة وهو صراع سيأخذ أبعاداً قاسية.
إن أخطر وأوضح هذه المشاريع، طبعاً، هو المشروع الأميركي الذي لا يمكن وصفه إلا كما وصفناه منذ سنوات، أي «سايكس بيكو» الجديد، والمستهدف إعادة تنظيم المنطقة على قاعدة التفتيت أساساً والمنطلق من تأكد الحاجة إلى النفط العربي، هذا النفط الذي ولد اكتشافه «سايكس- بيكو» الأول ووعد بلفور وتقسيم العالم العربي، وخلق الممالك والإمارات والعائلات الضامنة للسيطرة على النفط.
يطرح الأميركي اليوم عجز هذا النظام عن تحقيق الأهداف الأساسية وبالتالي الحاجة إلى نسخة أميركية جديدة عنه، تطرح نفسها، حامية المصالح النيوليبرالية العالمية وتحديداً لمصالح الرأسمال في الولايات المتحدة، ومن جهة أخرى، تطور النظرة إلى دور العدو الإسرائيلي باتجاه سيادة منطق التطبيع في المنطقة، وإعطائه دوراً سياسياً واقتصادياً مكملاً لدوره العسكري الذي ساد في المرحلة الأولى وليس أفضل من عائلات النفط، من قاعدة لتوسيع هذا الدور، على قاعدة ابتزاز الالتحاق، بالمحافظة على حكم العائلات، وفي كل الأحوال، لا حاجة للابتزاز، فهذه العائلات كانت وهي الآن أكثر استعداداً لهذا الدور.
والى هذا المشروع، يطرح الإسلام السياسي نفسه، كمشروع غير معاد للمشروع الأول، وفي أحيان كثيرة يبالغ بطرح مبادرات التطمين للمشروع الأول، وإن قدم نفسه، كبديل لما كان سائداً، وليس مستغرباً هذا الموقف لما يمثله هذا «الإسلام» من موقع طبقي ممثل للبرجوازية «الكومبرادورية» وكبار الملاكين في العالم العربي، مدافعاً عن حقوقهم في الدنيا، محدداً حق الفقراء المؤجل في الآخرة، وما يقتضيه هذا الموقف من قمع مقنع للحريات واعتداء على حقوق المواطنين وخاصة المرأة ودورها، وخاصة ما يرافق هذا الموقف من تطمينات لأميركا، حول العلاقة مع العدو واستمرار سياسة التطبيع معه...
[[[
على المستوى الدولي، وفي مواجهة المشروع الأميركي، تبين المرحلة الانتقالية، أن منطقتنا هي الساحة الرئيسية لصدام النظام العالمي الذي أصبح قديماً (القطبية الواحدة) مع طموحات قوى دولية سياسية واقتصادية لتغيير هذا النظام واستبداله بنظام متعدد القطبية (بغض النظر عن طبيعة الأنظمة السياسية وتقاطعاتها).
وإن كنا، لسنا في وارد، تكرار المواقف والتوصيف، للحالة في سوريا، لا بد من التأكيد على الأقل، أن هذا الصدام العالمي، بين المشروعين، هو الذي يميز المرحلة الراهنة من الأزمة السورية.
في هذا السياق، لا بد من التوجه مجددا إلى القوى الديموقراطية السورية، سواء تلك المنخرطة قديماً أو حديثاً في إطار النظام أو خاصة تلك المعارضة الديموقراطية في الخارج والداخل، لا المعارضة الديموقراطية في الداخل استطاعت (أقله حتى الآن) أن تبرز نهجاً بديلاً للنظام على المستويات كافة (باستثناء بعض الإجراءات الاقتصادية التي يفترضها بكل حال واقع الحصار الاقتصادي على سوريا). ولا المعارضة الديموقراطية في الخارج، استطاعت تقديم نهج بديل للمجموعات السياسية والعسكرية المرتبطة بالمشروع الأميركي، فأصبح الطرفان (الديموقراطيان)، في موقع التبعية - المتصارعة لطرفي الصراع الأساسي، ما يبرر الدعوة اليوم لهذه القوى بأن تبادر قبل فوات الأوان، الى التمايز والاستقلالية التي تنطلق من تحديد توجهاتها حول سوريا بعد انتهاء الأزمة، وما هي سوريا التي نريدها، وماذا فعلنا باتجاه شعار الدولة المدنية الديموقراطية.
إن الدعوة الدائمة للحوار، هي دعوة إيجابية من قبل القوى الديموقراطية في سوريا (معارضة ونظاماً)، ولكن أليس من الأجدى أن تبادر هذه القوى الى تنظيم «حوارها» من أجل إنتاج مشروعها المستقل، قبل أن يسبقها الحوار المفروض والمستند إلى التوازنات الإقليمية والدولية الذي سيجعل منها ومن طموحاتها هامشية، في تقرير مصير سوريا المقبلة، في الوقت الذي بات فيه التدمير هو السائد وباتت الحرب الأهلية واقعاً وباتت الوحدة الوطنية مهددة.
[[[
في ظل هذا المناخ الإقليمي المحموم، يتبدى احتمال أن يكون لبنان، ككيان وطني، هو في مقدم الكيانات الوطنية التي فقدت وظيفتها السياسية والاقتصادية التي لم تستطع برجوازيتها الحاكمة خلال السنوات الستين السابقة وبفعل نظامها الطائفي، تطوير هذه الوظيفة وتكريس هذا الكيان الوطني وتحديد خصائصه ومعايير الانتماء له.
والأخطر، هو أن إعادة النظر في تحديد وبناء الوظيفة، تجري اليوم في بيئة إقليمية غير مساعدة وفي وضع داخلي، لم تتبلور فيه قوة دافعة باتجاه الحفاظ على الوطن وعدم دخوله في دوامة التفتيت والتمزق.
ولم تبقَ أي قيمة أو مؤسسة خارج هذا الصراع والتفتيت المتشكل تحت العباءة المذهبية، بعد أن استنفدت العباءة الطائفية مهماتها، فالمقاومة والسيادة والاستقلال كلها مفاهيم تشكل ساحات للصراع.
والأمن ومؤسساته لم يعد موحداً، والقضاء لم يعد ملاذاً مستقلاً وموثوقاً من قبل اللبنانيين، وهذه على سبيل المثال وليس الحصر.
والأخطر أن المؤسسات الرئيسية في الدولة باتت مشلولة بحكم هذا الصراع وخلفياته الإقليمية ــ الدولية، ولم تعد رئاسة الجمهورية ولا الحكومة ولا مجلس النواب في موقع القادر على تشكيل أطر توحيدية وحاضنة لأي تواصل وطني.
المثال الأخير، الأبرز على هذا الموضوع هو ما يتم استعراضه، تحت تسمية «قضية الوزير ميشال سماحة» والتي هي بحد ذاتها قضية خطيرة، ولعل أخطر ما فيها الكلام الذي لا يخجل فيه السياسيون اللبنانيون، عن تحول البلد (وهو دائماً كذلك) إلى ساحة صراع لأجهزة المخابرات الإقليمية والدولية التي تكاد اليوم أن تصبح ممسكة بمسار الأمن والقضاء والسياسة في بلدنا بالكامل.
مثال آخر، هو الحديث عن موضوع المقاومة، ومن طرفي الصراع بالذات.
المقاومة هي القيمة الكبرى التي ميزت الحركة الشعبية اللبنانية منذ تصديها الأول في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، حتى انطلاق المقاومة في العام 1982... هذه القيمة أصبحت بفعل مواقف طرفي آذار جزءاً من حوار الطرشان الوطني، الذي لن ينتج إلا إضعافاً لموقع المقاومة الشعبية وضرورتها، وأخطر ما في الأمر، ان القوى المعادية للمقاومة التي وضعت النظام اللبناني تاريخياً في موقع العداء هذا... تستفيد اليوم من التمزق الداخلي بين وظيفة المقاومة وبنيتها المذهبية المستندة الى النظام الطائفي نفسه، وتطرح نفسها بموافقة «المقاومة» جزءاً من الحوار حول السياسة الدفاعية.
هذا الواقع الخطير، يضاف اليه ما شهدناه في اليومين الماضيين، تحت عنوان «دولة العشائر»، ولو أن القضية الانسانية المطروحة محقة بالكامل، يؤشر كله إلى دخول لبنان في المرحلة الخطيرة الدالة باتجاه «أيار» جديد، لن يكون هذه المرة شبيهاً لأيار الماضي، لأننا هذه المرة لن نجد «دوحة» مؤهلة للعمل وهي طرف في النزاع ولا «سين سين» جاهزة للرعاية وهي الآن «سينات» متناحرة.
وفي هذا الاتجاه، وبرغم صعوبة الظروف وضيق حيز الاستقلالية والحركة أمام القوى الديموقراطية، لا بديل لها إلا التلاقي باتجاه «حوارها» الخاص وتجمعها في مؤتمر وطني، يبلور مشروعها الموحد لطرفي المعادلة، أي السلم الأهلي والتغيير الديموقراطي، فإذا أردنا إنقاذ البلد من شرور الحروب الأهلية الجاهزة، فلا طريق إلا في تغيير النظام المولد والحاضن لها.
بتعبير آخر، نعم نحن بحاجة إلى تعديل الثلاثية الشهيرة الجيش والشعب والمقاومة، باتجاه ثنائية أخرى المقاومة والتغيير الديموقراطي، ثنائية يحتاجها الجيش لحماية دوره الوطني ويحتاجها الشعب من أجل توحده، ويحتاجها الوطن من أجل إنقاذه.
([) الأمين العام لـ«الحزب الشيوعي اللبناني»
 
سيناء الخاصرة الأمنية الرخوة لمصر
جريدة المستقبل..عبير بشير
ما زالت أصداء المجزرة البشعة للجنود المصريين، والتي وقعت على بعد أمتار من الحدود المصرية - الفلسطينية، يتردد صداها على طول قطاع غزة وعرضه. حجم الجريمة وبشاعتها 16 جنديا مصريا قتلوا بدم بارد -، وتوقيتها موعد الإفطار في شهر رمضان -، وظروف الجريمة تزامنا مع التسهيلات المصرية لعبور وحركة الفلسطينيين - كل ذلك أثار مشاعر المواطنين الغزيين واستيائهم الشديد من هذه المجزرة، على مختلف مشاربهم وإنتماءاتهم السياسية وطبقاتهم الاجتماعية - من سائق التاكسي وصاحب البسطة..... حتى السياسي والمسؤول.
ليس فقط بسبب خطورة هذه العملية وكارثيتها على ملف العلاقات المصرية الفلسطينية التاريخية بشكل عام، وعلى أوضاع القطاع بشكل خاص. وليس فقط لأنها تفتح بابا للوقيعة بين الشعبين الشقيقين المصري والفلسطيني بل لأن هناك عاطفة قوية ومتجذرة تربط الفلسطينيين بجيش مصر الوطني، الذي طالما خاض حروبا باسلة من أجل القضية الفلسطينية العادلة.
يدرك الجميع أن إسرائيل هي المستفيد الأول والأخير من هذه العملية، بغض النظر عن الجهة المخططة والمنفذة لها. ولكن بعض المحللين يذهبون للقول - يشطحون بأن جهات متنفذة داخل حماس من دون قيادات الصف الأول، هي التي غطت وساندت هذا الاعتداء، وخصوصا بعد الزيارة الأخيرة لإسماعيل هنية لمصر ولقائه الرئيس محمد مرسي والتي عاد منها بخفي حنين وكانت نتائجها دون التوقعات الحمساوية بكثير، رغم كل التلميع الإعلامي لها من قبل حماس. فلم ينجح هنية بانتزاع اعتراف من مرسي بدولة غزة، ولم ينجح بفتح معبر رفح أمام الحركة التجارية مع مصر بدلا من الأنفاق، ولم ينجح.......
ويستند هؤلاء في هذا التحليل إلى دراسة قام بها مركز الأهرام الإستراتيجي، ارتكزت على التصريحات الإعلامية لقيادات حماس في الآونة الأخيرة: بأن العلاقة الحالية مع مصر الجديدة قائمة على توازن الحاجات، فمصر بحاجة إلى الأمن ومن يحفظ حدودها الشرقية، وغزة بحاجة إلى معبر تجاري دائم، وكأن حماس تلوح بالورقة الأمنية مع مصر مقابل تسهيلات تجارية واسعة معها.
ولكن هذا الكلام يجانب المنطق والصواب، وفيه الكثير من الفانتازيا التحليلية، لأن إقدام حماس على تمرير مثل هذه الجريمة، إنما هو انتحار سياسي وأخلاقي لها، ولا نعتقد بأن حركة حماس تقدم عليه وخصوصا مع بداية عهد الرئيس الإخواني مرسي والتي من مصلحة حماس إنجاحه، وليس إفشاله وإعطائهم فرصة لخصومه لضرب عهده والمزاودة عليه، بسبب موقفه الداعم لرفع الحصار عن القطاع.
صحيح أن حماس التقطت الفرصة، وأخذ مسؤولوها يعلقون على شاشات الفضائيات، بانهم لن يسمحوا بغلق الأنفاق طالما ان ليس هناك معبر تجاري رسمي مع مصر. كما عرض "هنية" على القاهرة ترتيبات أمنية وإستخباراتيه ولوجستية دائمة بين حكومته والحكومة المصرية لضبط الحدود.
ولكن الواقعة برمتها هي سواد وجه لحركة حماس، وتحديدا لأنها تزامنت مع الزيارات المكوكية لقادتها إلى العاصمة المصرية، ومع الانقتاح المصري على غزة والتسهيلات في حركة الفلسطينيين. والأهم من ذلك أن هجوم رفح أثبت بالدليل القاطع ما تتداوله التقارير الإعلامية ومواقع الفيسوك - والتي دأبت حكومة حماس على نفيها بأن أنفاق غزة أصبحت أنفاقا للموت ولتهريب الأشخاص والأسلحة والممنوعات، ولخروج ودخول الجماعات المسلحة من والى مصر، وبأن هناك تعاونا وثيقا بين الجماعات الجهادية في غزة وتلك في سيناء يتم عبر الأنفاق . ويمكن تلخيص الموقف بما قاله د. شعث : بأن عملية رفح الدموية، ضربت مشروع حماس بإقامة إمارة إسلامية في عقر داره.
حركة فتح من جهتها، لم تفوت الفرصة الثمينة وأدلت بدلوها في بازار المزايدات الحزبية. فقد جاء على لسان أكثر من مسؤول لها بأن حماس وإن لم يكن لها يد في عملية رفح مباشرة، ولكن الهجوم هو نتاج وامتداد طبيعي للانقسام والانقلاب في غزة، ولكن هذه هي المرة الأولى التي تصل فيها آثاره التدميرية بهذا الشكل إلى خارج حدود القطاع. فقطاع غزة أصبح مجتمعا معزولا بفعل الانقلاب وبيئة مواتية لتفريخ الجماعات الجهادية، كما أن الأنفاق عملت على تكريس الانقسام بدلا من اللجوء إلى خيار المصالحة لتأمين معيشة المواطنين.
وبعيدا عن الكلام الحزبي، وبموقف وطني مسؤول، فإن السلطة الفلسطينية ترى بأن الدولة الفلسطينية بدون غزة مستحيلة وهذا ليس كلاما عاطفيا أو وجدانيا بقدر ما هو تحليلي. فقد صرح رئيس الوزراء سلام فياض بأن قطاع غزة بات يتسم بسمات الكيان القائم بذاته، وهذا لا يخدم حل الدولتين. ويفند "فياض" هذا الرأي بالقول : ان مؤيدي حل الدولتين من اليمين واليسار في إسرائيل يستندون على البعد الديمغرافي، نتيجة بان التقديرات تشير بأنه في العام 2012 سيصبح عدد الفلسطينيين أكثر من اليهود في فلسطين التاريخية، وهذا لا يخدم المصلحة الإسرائيلية.
ولكن بقاء الوضع على ما هو عليه من انفصال غزة عن الوطن الأم، سيخرج نحو المليون والسبعمائة ألف نسمة من المعادلة الديمغرافية، وسيضعف حجم المنادين بخيار الدولتين من اليمين واليسار الإسرائيلي.
وعلى الخط نفسه يتحدث د. نبيل شعث بأن التخلي عن غزة هو تماما مثل التخلي عن القدس.
أما بالنسبة لمصر، التي شعرت بحجم الجريمة وحجم الجرح والإهانة، فقد بادرت قواتها المسلحة إلى تدشين حملة أمنية هي الأضخم منذ حرب أكتوبر تضم أسطولا من المدرعات وناقلات الجند والدبابات بهدف تطهير جزيرة سيناء من الجماعات المسلحة، وإلى ردم المئات من الأنفاق على طول الحدود مع غزة. المتحدث باسم الرئاسة المصرية، اعتبر بأن العملية العسكرية المستمرة في سيناء، وهدم الأنفاق، تتعلق بالسيادة المصرية الكاملة.
الآن المصريون يتحدثون بصوت واحد: بأن على الفلسطينيين أن يساعدوا أنفسهم قبل أن يطلبوا المساعدة من أحد. وان مفتاح الحل لرفع الحصار عن القطاع، ليس بدفع القطاع نحو مصر أو بالإبقاء على الأنفاق مفتوحة، ولكن الحل بكلمة واحدة جامعة وهي - المصالحة الوطنية الفلسطينية -.
 
الحل اليمني أو الانقلاب العسكري بموافقة موسكو
جريدة المستقبل..أسعد حيدر
عاد الحل اليمني للأزمة في سوريا، يطفو على السطح. رغم كل التحفظات العلنية حوله، والامتناع عن الخوض في تفاصيله. لكن من الواضح أن البحث في وضع الأزمة السورية على مسار هذا الحل يُدرس بجدية، خصوصاً من موسكو. الروس فقدوا الثقة بنجاح الحل الأمني الأسدي. انتهاء شهر رمضان المبارك، من دون إنجازات عسكرية أسدية، رفع منسوب فقدان الثقة وحتى الأمل بإمكانية إنقاذ النظام الأسدي. موسكو كانت قد أعطت الأسد ضوءاً أخضر لاستخدام كل قوته النارية لتحقيق انتصارات واضحة حتى يمكن التفاوض على الحل من موقع قوة. حتى الطيران الحربي، بما فيه استخدام طائرات ميغ 23 الى جانب القصف المركز والشامل لسلاح الهليكوبتر لم يقلب الموازين. السوريون اعتادوا على دفع ضريبة الدم ولن يتراجعوا، والعالم، خصوصاً واشنطن، لم يعد بإمكانه تجاهل مفاعيل هذا القصف الجوي لنظام ضد شعبه.
لا شك، أن تفجير دمشق الذي قتل فيه أربعة من نجوم آلة القتل السورية في مقدمهم آصف شوكت وتمدد العمليات العسكرية الى قلب دمشق وحلب يساهم في دفع موسكو للبحث عن خيارات جديدة.
تراجع النظام الأسدي عسكرياً واقتصادياً وحاجته الكاملة للمساندة في القطاعين لمواجهة نمو قوة المعارضة المسلحة رغم الحظر الغربي والعربي المفروض على تسلحها، يزيد من ضيق دائرة الخيارات أمام الباحثين عن حل لا يكون في صلبه خروج بشار الأسد من السلطة.
أيضاً، وهو مهم جداً، الكلام المتزايد عن إصابة ماهر الأسد وعطبه وصولاً الى تسريبات من مصادر مطلعة من قلب النظام الأسدي بأن ماهر الأسد توفي قبل أيام بعد معاناة طويلة من السمّ أولاً ومن جراحه ثانياً يدفع أكثر فأكثر للبحث عن حل سياسي. الذين يقولون إن ماهر الأسد قُتل، يضيفون أنه يجب العثور على حل فيه الكثير من المخيلة السياسية في فترة لا تزيد عن أسابيع قليلة، لأن كل يوم قتال جديد يهدد المنطقة كلها وفي مقدمها لبنان.
أي "حل يمني" لسوريا، لا يمكن أن يترك لبشار الأسد حق البقاء في دمشق كما حصل لعلي عبدالله صالح. الوضع مختلف جداً. الإجرام الذي نفّذه الأسد في سوريا يتجاوز بكثير ما فعله صالح. السؤال هل يقبل الأسد مغادرة سوريا الى روسيا أو فنزويلا أو إيران؟.
علاقة موسكو مع سوريا تاريخية، أما مع عائلة الأسد فمرحلية. بين استمرار علاقاتها مع دمشق بطريقة من الطرق، وخسارتها الكاملة لدمشق مع سقوط الأسد لا شك أن موسكو تفضّل الحل الأول. من الضروري أن البحث عن حل سياسي يتطلب التفاهم مع واشنطن. المشكلة أن الإدارة الأوبامية لا تبدو مستعجلة على الحل. كلما طالت الأزمة كسبت. سوريا تزداد ضعفاً، وتضطر لاحقاً لتقديم "واجب الطاعة". أيضاً تزداد خسارة موسكو وتخف قدرتها على التفاوض من موقع القوة.
المكاسب التي يمكن أن تحققها واشنطن كلما طالت الأزمة السورية يقابلها وقوع مخاطر متزايدة، قد لا يمكن ضبط تردداتها في الوقت المناسب. من ذلك أن الأسد المدعوم من إيران بقوة لأن سقوطه يشكل خسارة استراتيجية للنظام الإيراني، سيصعّد أكثر فأكثر سورياً، وسيعمل أكثر فأكثر على رمي "كرات النار" في كل الاتجاهات. لبنان هو الهدف الأول لأنه الحلقة الأضعف، ولأن الأسد يملك فيه وجوداً وقوى تعتبر مصيرها من مصيره. ما قام به ميشال سماحة يشكل مثالاً صارخاً على هذا المنحى وهذا التوجه. إقدام سياسي مخضرم مثل سماحة على السقوط في حفرة التفجير والقتل تلبية لطلب مباشر من الأسد يؤكد مدى استخفاف الأسد بلبنان ومن يؤيدونه. من الواضح أن الأسد كوالده يرى في اللبنانيين الملتزمين به أدوات وليس حلفاء. الحليف تتم المحافظة عليه أما الأداة فإنها تنتهي مع انتهاء دورها والحاجة إليها. أيضاً الأسد قذف الى تركيا "كرة النار" الكردية، وإلى العراق "كرة النار" المذهبية. حتى الفلسطينيين لم يسلموا من ناره، وقد سبق أن نالهم منه ومن والده الكثير من لهيب القتل والتهجير والدفع نحو الانقسام وحروب الاخوة.
هذا الاندفاع الأسدي نحو تفجير كل الدوائر المحيطة به قد تخيف مؤقتاً دوائر القرار، لكن من المؤكد أنها ستجد نفسها مدفوعة للبحث في كل الوسائل المتاحة للتخلص من النظام الأسدي، لأن كل يوم يبقى فيه يصبح أكثر دموية وخطراً على الداخل والخارج معاً.
كلما أسرعت موسكو في الدفع نحو حل يمني أو غير ذلك من الحلول التي تتطلب مخيلة سياسية لا تنقصها، كان أفضل. ما يؤكد أن حلاً روسياً على مثال الحل اليمني، يبدو مقبولاً أن واشنطن شددت أمس على وجوب بقاء الجيش السوري موحداً. مثل هذا الخيار يفتح الباب أمام موسكو للعثور على صيغة الحل خصوصاً وأنها الأكثر معرفة بالتفاصيل الدقيقة لتركيبة الجيش السوري. من مصلحة موسكو بقاء الجيش السوري موحداً لأن حضورها ودورها في سوريا على علاقة وثيقة وتاريخية مع الجيش السوري. في النهاية إذا كان الحل اليمني غير ممكن، فإن موسكو قادرة على الدفع باتجاه انقلاب عسكري يضمن للجميع خصوصاً العلويين موقعاً لهم في سوريا بلا الأسد.
هل تتّعظ موسكو فتخرج سوريا والمنطقة من دائرة النار فتربح بعد أن خسرت، أم تماطل لتخسر أكثر فأكثر؟.

المصدر: مصادر مختلفة

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 172,238,660

عدد الزوار: 7,666,997

المتواجدون الآن: 0