مسؤول إيراني: الأزمة السورية نزاع إيراني ـ أميركي لتقرير مصير الشرق الأوسط، رضائي: سوريا والعراق وإيران وأفغانستان يشكلون حزاما من الذهب

مسؤول إيراني: نشهد الآن نهائي المباراة في سوريا..تواصل كشف المجازر في ريف دمشق.. وأكثر من 40 قتيلا بمدينة التل، توالي القصف على أحياء جنوب العاصمة واشتباكات عنيفة شرق البلاد

تاريخ الإضافة الإثنين 20 آب 2012 - 4:27 ص    عدد الزيارات 2177    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

مسؤول إيراني: نشهد الآن نهائي المباراة في سوريا
الإبراهيمي: إذا لم يدعموني فلن تكون هناك مهمة > بيان «مكتب» الشرع يزيد الشكوك.. وقصف جوي في دمشق وحلب > تواصل كشف المجازر في ريف دمشق
جريدة الشرق الاوسط... بيروت: ليال أبو رحال لندن: «الشرق الأوسط»
أكد مسؤول إيراني كبير، أمس، أن الولايات المتحدة وإيران تخوضان صراعا في سوريا، ستقرر نتيجته إن كان الشرق الأوسط سيخضع للتيار الإسلامي أو للنفوذ الأميركي، وذلك حسبما نقلت وكالة «مهر» للأنباء. ونقلت الوكالة عن أمين سر مجلس تشخيص مصلحة النظام والرئيس السابق للحرس الجمهوري، محسن رضائي، قوله: «اليوم نحن نشهد نهائي (المباراة) في سوريا».
وفي غضون ذلك، قال الدبلوماسي الجزائري, والوسيط الدولي الجديد بشأن سوريا، إنه يحتاج على نحو عاجل إلى معرفة الدعم الذي يمكن أن تقدمه له الأمم المتحدة. وفي مقابلة منفصلة مع قناة تلفزيون «فرنسا 24»، قال الإبراهيمي إنه سيجتمع قريبا مع مجلس الأمن. وقال: «سنبحث ذلك بجدية شديدة. إنهم يطلبون مني أن أقوم بهذه المهمة، وإذا لم يدعموني فإنه ليس هناك مهمة».
الى ذلك زاد بيان مكتب نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الشكوك حول انشقاقه، ففي الوقت الذي لم يظهر فيه شخصيا ليؤكد خبر انشقاقه أو يدحضه، كان لافتا إصدار مكتبه بيانا رحب فيه بتعيين الأخضر الإبراهيمي مبعوثا إلى سوريا، مؤيدا «تمسكه بالحصول على موقف موحد من مجلس الأمن لإنجاز مهمته الصعبة من دون عوائق». وميدانيا، تواصل كشف المجازر في ريف دمشق، وقال سكان في مدينة التل بريف دمشق إن قوات النظام ولدى اقتحامها المدينة يومي الخميس والجمعة الماضيين، ارتكبت مجزرة، حيث تم العثور أمس على أكثر من أربعين جثة لأشخاص قضوا جراء القصف الهمجي على المدينة من منطقة واحدة فقط، ولا يزال البحث جاريا عن مفقودين.
في تلك الأثناء، استمر القصف الجوي على أحياء دمشق الجنوبية. وفي حلب التي تشهد عمليات عسكرية منذ أسابيع، تعرضت أحياء الفردوس والسكري وبستان الزهرا والكلاسة والإذاعة للقصف، بينما دارت اشتباكات بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين في محيط ساحة سعد الله الجابري ومحيط الملعب البلدي.
 
مسؤول إيراني: الأزمة السورية نزاع إيراني ـ أميركي لتقرير مصير الشرق الأوسط، رضائي: سوريا والعراق وإيران وأفغانستان يشكلون حزاما من الذهب

لندن: «الشرق الأوسط» ... أكد مسؤول إيراني كبير أمس أن الولايات المتحدة وإيران تخوضان صراعا في سوريا، ستقرر نتيجته إن كان الشرق الأوسط سيخضع للتيار الإسلامي أو للنفوذ الأميركي، على ما نقلت وكالة «مهر» للأنباء.
ونقلت الوكالة عن أمين سر مجلس تشخيص مصلحة النظام والرئيس السابق لحرس الجمهورية، محسن رضائي، قوله: «اليوم نحن نشهد نهائي (المباراة) في سوريا».
وتابع رضائي «إن وقعت تلك البلاد بين أيدي الأميركيين، فإن حركة الصحوة الإسلامية ستتحول إلى حركة أميركية، لكن إن حافظت سوريا على سياستها فإن الصحوة الإسلامية ستتجذر في الإسلام».
ويطلق المسؤولون الإيرانيون تسمية «الصحوة الإسلامية» على حركات الثورة في الدول العربية التي يصفها الغرب بعبارة «الربيع العربي».
وأضاف رضائي: «إذا بقيت سوريا مستقلة ولم تقع بين أيدي الأميركيين والمحتلين (الغربيين)، فإن الصحوة الإسلامية في المنطقة ستتجه إلى الإسلام»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوضح أن «سوريا والعراق وإيران وأفغانستان يشكلون حزاما من الذهب في الشرق الأوسط، والولايات المتحدة تسعى بجميع الوسائل إلى امتلاك القرار في دول هذا الحزام».
من جهة أخرى، حذر رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، حسن فيروز آبادي، الغرب من دعم «القاعدة» في سوريا.
وقال إن «الولايات المتحدة وبريطانيا والصهاينة يستخدمون (القاعدة) والجماعات التكفيرية لشن الحرب الأهلية في سوريا (..)، لكن عليهم أن يعلموا أنه يوما ما سيصبحون أنفسهم هدفا لتلك الجماعات»، على ما نقل موقع «سيبانيوز» التابع لحرس الثورة.
واعتبر أن الغربيين يكررون في سوريا الأخطاء التي ارتكبوها في أفغانستان.
وقال «إن الغربيين يستخدمون (في سوريا) القوات التي استخدموها في السابق لما زعموا أنه محاربة الشيوعية (في أفغانستان)، وهذه القوات ستنقلب ضدهم»، في إشارة إلى الجهاديين الذين شكلوا «القاعدة» لاحقا، وتابع «إنهم مخطئون في عملهم هذا».
 
تواصل كشف المجازر في ريف دمشق.. وأكثر من 40 قتيلا بمدينة التل، توالي القصف على أحياء جنوب العاصمة واشتباكات عنيفة شرق البلاد

لندن: «الشرق الأوسط» .... قال سكان في مدينة التل بريف دمشق إن قوات النظام ولدى اقتحامها المدينة يومي الخميس والجمعة الماضيين، ارتكبت مجزرة، حيث تم العثور أمس السبت على أكثر من أربعين جثة لأشخاص قضوا جراء القصف الهمجي على المدينة من منطقة واحدة فقط، ولا يزال البحث جاريا عن مفقودين، بحسب ناشطين بثوا صورا للجثث التي تم تجميعها في مكان واحد ليصار إلى دفنها. ووجهت نداءات للأهالي ممن يمكنهم دخول المدينة الذهاب إلى هناك للتعرف على هوية القتلى بغية توثيقها وإبلاغ ذويهم.
جاء ذلك بعد ساعات قليلة من الإعلان عن اكتشاف نحو ست عشرة جثة لشباب من أهالي دوما عثر عليها ليل الجمعة - السبت وقد قتلت ذبحا بأدوات حادة عند أحد الحواجز، وبث ناشطون صورا لتلك الجثث وتظهر عليها آثار القتل بالأدوات الحادة. وجاءت مجزرة دوما بعد ساعات من إعلان العثور على 65 جثة مجهولة الهوية في قطنا وثلاث جثث أخرى مجهولة الهوية في منطقة البساتين بين داريا ومعضمية الشام يوم الخميس.
في تلك الأثناء، استمر القصف على أحياء دمشق الجنوبية؛ التضامن والقدم والعسالي وسبينة، وقريبا من حي كفرسوسة، فيما شهد مخيم اليرموك الفلسطيني حركة نزوح كبيرة للأهالي بعد ورود أنباء عن نية قوات النظام اقتحام المخيم وسط حالة تأهب أمني كبير في غالبية أحياء العاصمة لا سيما البرامكة في الوسط التجاري، والميدان ونهر عيشة، حيث جرى نشر عدد من القناصة في محيط ساحة الأشمر في حي الميدان وبالقرب من السكة في حي نهر عيشة. ولم يمنع ذلك خروج مظاهرة طيارة في منطقة الفحامة الواقعة بين البرامكة والميدان، وألقى المتظاهرون مناشير تندد بمجازر النظام بعد أن قطعوا الطريق هناك، بينما حلق طيران مروحي فوق مشروع دمر طوال أمس.
وفي ريف دمشق، استمر القصف الكثيف على مدينة المعضمية، في حين وقعت اشتباكات عنيفة على أوتوستراد دمشق - حمص بالقرب من مدينة قارة في القلمون. كما تتعرض الأراضي الواقعة بين جرمانا والمليحة في ريف المدينة للقصف بالحوامات من قبل قوات النظام.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن نحو 91 شخصا قتلوا بنيران قوت النظام أمس معظمهم في ريف دمشق، وذلك غداة مقتل 129 شخصا في مناطق مختلفة من سوريا أول من أمس الجمعة.
هذا، واستمرت قوات النظام في القصف الجوي على مدينة أعزاز في محافظة حلب (شمال) قرب الحدود التركية. وكانت أعزاز التي سيطر عليها الجيش السوري الحر قبل أسابيع وقد خلت تماما من أي وجود لقوات النظام، تعرضت الأربعاء الماضي لقصف جوي أسفر عن مقتل 40 مدنيا نصفهم نساء وأطفال، إضافة إلى جرح العشرات.
وقالت مصادر في الجيش الحر في جبل الزاوية إن قوات النظام الموجودة في طرف جبل الزاوية تقوم بقصف الجبل بالهاون والمدافع ويتركز القصف على محيط قرية ابديتا بمعدل قذيفة كل ربع ساعة.
وفي حلب، كبرى مدن شمال سوريا التي تشهد عمليات عسكرية منذ أسابيع، تعرضت أحياء الفردوس والسكري وبستان الزهرا والكلاسة والإذاعة للقصف، فيما دارت اشتباكات بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين في محيط ساحة سعد الله الجابري ومحيط الملعب البلدي.
وحول الأوضاع الميدانية في ريف حلب، قال مصدر في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» إن «كتائب الجيش الحر ما زالوا مرابطين في حي صلاح الدين يتصدون لكتائب الأسد رغم قلة والعتاد وهم موجودون لغاية دوار صلاح الدين نقطة التماس الأساسية في الحي» وإن قوات النظام ورغم ما حشدته من جنود وعتاد وآليات، فإنها لم تتمكن من التقدم داخل الحي سوى في شوارع انسحب منها الجيش الحر لنقص الذخيرة. وفي حي سيف الدولة، وقعت اشتباكات عنيفة من جانب «الكرة الأرضية» لدى محاولة قوات النظام التقدم فيها، وأعادت الكرة من جهة نادي الضباط (مفرق العلوم)، وبعد اشتباكات عنيفة، تمكنت من التقدم لغاية منتصف الشارع الخلفي للمعهد التجاري.
وفي الأعظمية لا تزال الاشتباكات مستمرة بين قوات النظام والجيش الحر. وفي حي السبع بحرات تصدى الجيش الحر لقوات النظام وحال دون تقدمها نحو باب الحديد وباب النصر. وفي دوار الجندول، جرت اشتباكات عنيفة هناك لمنع سيطرة قوات النظام على الدوار، وسط استمرار القصف العنيف بالمدفعية والطيران على الأحياء التي سيطر عليها الجيش الحر. وأكدت المصادر أن الجيش الحر ما زال يسيطر على أكثر من 60% من حلب؛ منها 4 أحياء بكاملها مثل أحياء الجندول، والهلك، وبستان الباشا، وعين التل، بينما استعادت قوات النظام السيطرة على شارعين في صلاح الدين وشارعين في سيف الدولة.
وفي حمص (وسط) تعرض حي الخالدية للقصف من قبل القوات السورية مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 7 بجراح بعضهم بحالة خطرة، كما قتل مواطن إثر إصابته برصاص قناصة في شارع الستين. وفي ريف حمص، قتل شخصان وجرح آخرون إثر القصف الذي تعرضت له منطقة الحولة من قبل القوات السورية. وقال ناشطون في حمص إن الحملة العسكرية متواصلة على حمص وريفها لليوم الرابع والسبعين من قبل جيش النظام وقوات الأمن بكل أنواع الأسلحة الثقيلة من دبابات و«هاون» ومدفعية ثقيلة وراجمات صواريخ، ويتم «القصف من القرى الموالية للنظام ومن الكلية الحربية والحواجز المنتشرة في الأحياء وحول المدن المحاصرة». وأمس تركز القصف العنيف على القصير - الرستن - تلبيسة - الخالدية - جورة الشياح - القصور - حمص القديمة - بابا عمرو - جوبر - السلطانية - السعن - حوش حجو - تلكلخ - الحولة - الغنطو، وأسفر عن مقتل ستة أشخاص على الأقل بينهم طفلان وعشرات الجرحى. وذلك في ظل أوضاع إنسانية سيئة جدا، فهناك نقص حاد في المواد الغذائية الرئيسية وموارد الطاقة، خاصة الغاز والبنزين والمازوت، كما تعيش المنطقة أوضاعا صحية سيئة بسبب القصف المستمر وعدم قدرة المشافي الميدانية على سد احتياجات الإسعاف والعلاج، مع استمرار قطع التيار الكهربائي ومياه الشرب لأسابيع.
وفي شرق البلاد، اقتحمت قوات النظام مدينة البوكمال بعد تعرضها للقصف العنيف فجر أمس، وقال ناشطون في تنسيقية الميادين إن قوات النظام اقتحمت مدينة الميادين من محوري دوار النادي – دوار الطيبة بأكثر من 20 دبابة-BMB التي قصفت في طريقها إلى الميادين المحاريم - طريق الطيبة الهجانة، ومن ثم تمركزت الدبابات في حارات البوحميد حيث تتم محاصرتها من قبل مقاتلي الجيش الحر، وأشارت التنسيقية إلى أن الجيش الحر تمكن من تدمير دبابتين في اشتباكات عنيفة لا تزال مستمرة هناك، حيث سقط ثلاثة من مقاتلي الجيش الحر. كما قتل مدني في مدينة دير الزور إثر إصابته برصاص قناصة. كما تعرضت قريتا الحسينية والصالحية لقصف عنيف أسفر عن تدمير عدد من المنازل.
 
دمار وأكوام قمامة في حلب.. وكل الأحياء تحمل آثار المعارك.. في ظل الاشتباكات بين القوات السورية والثوار

حلب: «الشرق الأوسط» .. تحمل كل أحياء أكبر مدينة سوريا آثار المعارك: مبان دمرتها قذائف قوات النظام وسيارات متفحمة فجرها الثوار وأراض تتناثر فيها أكوام القمامة، بينما لم يتمكن أي من الطرفين من فرض سيطرته الكاملة بعد قرابة شهر من حروب الشوارع المميتة.
يمكن أن يأتي الدمار والمأساة في لحظة، ففي يوم الجمعة، أسقطت طائرة قتالية تابعة لقوات النظام الثلاثة طوابق العليا من مبنى سكني مؤلف من خمسة طوابق وأودت بحياة أم وأب وأبنائهما الثلاثة. ووسط الأنقاض، تم العثور على جثة زوجين حديثي الزواج كانا قد جاءا للسكن هنا ليلة زفافهما قبل شهرين.
تقدم المقاتلون الثوار ببطء وسط الأنقاض وأحدثوا ثقوبا في الجدران أثناء بحثهم في المبنى عن محمد عزو وزوجته علا وأي شخص آخر يحتمل وجوده هناك، وفي الشارع، كان والد العريس يتطلع إلى المبنى ويلطم خديه.
تحدث منير عزو، 70 عاما، باكيا قائلا «لقد سقط الطابق العلوي والطابقان الواقعان أسفله فوق رؤوسنا».
لقد أحال الدمار، الذي رصدته «أسوشييتد برس» أثناء زيارة للمدينة أول من أمس، حلب، المدينة التي يبلغ تعداد سكانها نحو 4 ملايين نسمة، التي كانت على مدار معظم فترة الثورة الممتدة منذ 17 شهرا، بمثابة مركز دعم لنظام الرئيس بشار الأسد. هذا وقد غادر المدينة عشرات الآلاف، قد يصل عددهم إلى 200 ألف شخص بحسب أحد تقديرات الأمم المتحدة.
تتحول قوات الأسد إلى استخدام المروحيات الهجومية والطائرات المقاتلة النفاثة لقمع الثوار، الذين ظلوا صامدين على مدار أسابيع من القتال والصدام يوميا مع القوات الحكومية. انتقل الثوار إلى المدينة الشهر الماضي بعد إجلاء الجيش من معظم المدن بين المدينة والحدود التركية نحو الشمال، مما أدى إلى «تحرير» الأحياء من شمال غربي المدينة إلى ركنها الجنوبي الغربي، وكثير منها مناطق يهيمن عليها المسلمون السنة الذين يدعمون الثورة.
ويقول الثوار الآن إنهم يسيطرون على أكثر من نصف المدينة. غير أنه لم يشاهد إلا عددا قليلا جدا من المقاتلين في عدد من أحياء المعارضة يوم الجمعة، مما يشير إلى أن «سيطرة» الثوار ضعيفة على أفضل تقدير. ما زال الجيش يسيطر على معظم وسط المدينة والشمال الغربي، كما تنتشر مروحياتها وطائراتها القتالية في السماء، مما يجبر السكان على تجنب المناطق المفتوحة أو البقاء في منازلهم.
تركز قتال يوم الجمعة في الركن الجنوبي الغربي من المدينة وبالقرب من مطارها، على بعد 15 كيلومترا (تسعة أميال) جنوب شرقي مركز المدينة التاريخي. وصرحت وكالة الأنباء الرسمية في سوريا بأن «جماعات إرهابية مسلحة» – المصطلح الذي يستخدمه النظام في الإشارة إلى الثوار – قد تم إجلاؤها من جانبي المطار. ولم يحدد التقرير ما إذا كان المطار المقصود هو المطار الدولي أم المطار العسكري المجاور.
تبدو كثير من الأحياء خاوية، حتى يوم الجمعة وقت أداء المسلمين الصلاة في رمضان. تمتلئ شاحنات صغيرة بمراتب وغسالات وحقائب ملابس على الطريق السريع شمال المدينة، مع نزوح المزيد من الأسر، إما إلى قرى أكثر أمانا أو إلى الحدود التركية، على بعد 40 كيلومترا (24 ميلا). في معظم الأماكن، تكون بضع متاجر فقط مفتوحة. كان صالون حلاقة واحد فقط مفتوحا في أحد الشوارع الرئيسية؛ فيما كانت أبواب بقية المتاجر موصدة.
يقول محمود بكور، الذي يجلس بصحبة 12 من الثوار أمام طاولة بلاستيكية أسفل معبر على الطريق السريع في حي الشعار: «هؤلاء الذين لا يزالون هنا هم ممن لا يملكون الأموال الكافية لدفع أجرة الانتقال وليس لديهم سوى قليل من الطعام ليأخذوه معهم». ويضيف: «لقد فوضوا أمرهم إلى الله».
وتباهى بكور بأن قبضة الثوار قوية، مستخدما المصطلحات الإسلامية الشائعة بين مقاتلي حلب في وصف المعركة.
يقول: «نحن نحارب العالم بالكلمات، وردد عبارة التوحيد في الإسلام: لا إله إلا الله». وأضاف مقاتل آخر: «لدينا قدر محدود جدا من الذخيرة». يواجه رجال بكور قليلا من التحديات المباشرة على الأرض، لكن ليس بوسعهم القيام بأي شيء لحماية المنطقة من الهجمات بالطائرات والمدفعية من قبل قوات النظام. وقبل ذلك بيوم واحد، انفجرت قذيفة مدفعية، مما تسبب في نشر الشظايا على الأشخاص الذين كانوا يقفون في انتظار دورهم في مخبز قاضي عسكر، وأدى إلى مقتل 35 شخصا وإصابة أكثر من 50 آخرين، حسبما أكد المسعفون.
وعلى الرغم من ذلك، عاد الزبائن مرة أخرى يوم الجمعة، مصطفين في طوابير تمتد لأكثر من 100 متر على كلتا النافذتين في المخبز. يقول حسين الأعرج، 34 عاما، إنه ظل ينتظر بصحبة ابنتيه، 9 و6 سنوات، لأكثر من ساعة، مؤكدا أنه جاء، مثل كثيرين، من أحياء أخرى بسبب إغلاق المخبر الموجود في الحي التابع له ونقص الإمدادات.
ويتم نقل معظم القتلى أو الجرحى في المنطقة في نهاية المطاف إلى عيادة «دار الشفاء»، وهي عيادة خاصة تعمل الآن مستشفى ميدانيا للثوار. اقتربت شاحنة من باب المستشفى يوم الجمعة وهرع أحد المقاتلين إلى داخل المستشفي ضاغطا براحة يديه على جبينه لوقف النزيف. قام الثوار بنقل رجل آخر كانت فخذه غارقة في الدماء، وملابسه ممزقة إلى المستشفى على ظهر عربة خشبية.
يقول يونس، وهو طبيب اكتفى بذكر اسمه الأول فقط حرصا على سلامته، إن المستشفى قد استقبلت أكثر من 50 قتيلا و100 جريح في اليوم السابق، وهو رقم أعلى من المعتاد ويرجع بصورة جزئية إلى الانفجار الذي وقع في المخبز. يضيف يونس أن يوم الجمعة كان يبدو أنه سيكون يوما «عاديا»، وهو ما يعني نحو 8 قتلى و12 جريجا تقريبا. وجاء جمال محمود، أحد المصابين الذي يبلغ من العمر 50 عاما، إلى المستشفى عقب إصابته بشظية جراء القصف الشديد، مما تسبب بتمزيق قطعة من ذراعه بحجم ثمرة الجوز. يقول جمال إنه عاش طيلة حياته في المدينة وإنه لن يفر منها أبدا، مضيفا: «النظام هو من يحتاج إلى المغادرة وليس نحن».
وعلى رصيف الشارع المقابل، جلس أحد الرجال يبكي بجانب 4 جثث ملفوفة في بطاطين مخططة لأم وثلاثة أولاد لقوا نحبهم في نفس الغارة الجوية التي قتل فيها العروسان، قبل أن تصل جثة والدهم إلى المستشفى بعد وقت قصير.
تحمل مدينة حلب قيمة رمزية واستراتيجيه كبيرة، حيث إنها هي المدينة الرئيسية في شمالي سوريا، فضلا عن قربها من المناطق الزراعية الشمالية، حيث يقوم الثوار بتنظيم وجلب الإمدادات من تركيا. سعى الثوار لإحكام سيطرتهم على وسط المدينة، حتى يتسنى لهم تقويض المزاعم الحكومية بأن جيش النظام يستطيع سحق قوات الثوار بسهولة.
 
أنباء عن مناوشات بين الجيشين السوري والأردني، إصابة أردني بنيران القوات السورية على الحدود بين البلدين

جريدة الشرق الاوسط.. عمان: محمد الدعمه ... قال مصدر مطلع إن تبادلا بسيطا لإطلاق النار وقع بين الجيشين الأردني والسوري على المنطقة الحدودية للبلدين في وقت متأخر من مساء أول من أمس. وذكر أن هذه المناوشات جاءت في أعقاب اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري الحر والجيش السوري النظامي بالمنطقة المقابلة لقرية «الشجرة» الأردنية الواقعة في «الرمثا»، مما جعل المنطقة الأردنية تحت مرمى نيران الجيش السوري.
وأضاف المصدر أن إطلاق الأعيرة النارية بشكل عشوائي بدأ من الجيش السوري، مما دفع أفرادا من الجيش الأردني للرد عليهم، كاشفا عن إصابة أحد المواطنين الأردنيين، واسمه منذر نبهان، في بلدة الشجرة الواقعة بالقرب من المنطقة الحدودية إثر عيار ناري طائش. ولفت المصدر إلى أن المواطن المصاب توقع بحسب ادعائه أن الرصاصة التي أصابته في ظهره أمام منزله كانت نتيجة لتبادل إطلاق الأعيرة النارية على المنطقة الحدودية. وقال أحد أعضاء الجيش الحر في مدينة درعا فضل عدم الإفصاح عن اسمه لوكالة «عمون» الأردنية بأن اشتباكات عنيفة وقعت بين الجيشين السوري الحر والنظامي السوري استخدم فيها الأخير عددا كبيرا من القنابل لقصف المدينة إضافة إلى الصواريخ.
وفي سياق متصل، نفى وزير الإعلام الأردني سميح المعايطة، لـ«الشرق الأوسط»، وقوع أي اشتباكات بين الجيش الأردني والجيش النظامي السوري، مؤكدا أن الاشتباكات وقعت بين الجيش السوري الحر والجيش السوري النظامي في منطقة درعا بالقرب من الشريط الحدودي، مشيرا إلى أن تداخل الحدود في المنطقة الشمالية يجعل من السهل على القذائف والمقذوفات أن تسقط في الأردنية.
كما نفت مصادر عسكرية أردنية الأنباء التي تحدثت عن مصرع جندي أردني وإصابة آخر بجروح خطيرة نقل على أثرها إلى المدينة الطبية في اشتباك وقع مساء الخميس الماضي بين الجيشين الأردني والسوري. وقالت المصادر، التي طلبت عدم ذكر اسمها، إن الجندي لقي مصرعه في حادث سير على الحدود الشمالية وليس في اشتباكات عسكرية، فيما أصيب جندي آخر في الحادث.
وعلى الصعيد الإنساني، أعلن ممثل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالأردن أندرو هاربر أن 1080 لاجئا سوريا عبروا الحدود الأردنية - السورية فجر أول من أمس (الجمعة) هربا من العنف في بلادهم، وتم نقلهم إلى مخيم «الزعتري» بمحافظة المفرق (75 كيلومترا شمال شرقي عمان).
وقال هاربر إن 90 في المائة من هؤلاء الفارين من محافظة درعا السورية، فيما شكل الأطفال أقل من أربعة أعوام 20 في المائة منهم، ونحو 60 في المائة لمن هم تحت 18 عاما، مشيرا إلى أن عدد السوريين المقيمين في مخيم الزعتري للاجئين السوريين بالأردن ارتفع إلى 8500 حتى أول من أمس. وأشاد هاربر بالتبرع السخي من السعودية والمتمثل في توفير 2400 وحدة سكنية جاهزة (كرفانات) للأسر السورية، لافتا إلى أن هذا هو بالضبط ما طلبته المفوضية والحكومة الأردنية والهيئة الخيرية الهاشمية نظرا لأن الأولوية في المرحلة الحالية هي نقل اللاجئين من الخيام إلى بيوت مؤقتة. كما أشاد بالتزامات الإمارات بمساعدة اللاجئين السوريين لا سيما أنها وفرت مستشفى ميدانيا وسيارات إسعاف إضافة إلى 100 بيت جاهز ومساعدات أخرى، لكنه أكد أنهم يتطلعون للمزيد من المساعدات من الدول العربية والمجتمع الدولي.
وبدوره، قال نائب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) بالأردن ميكيل سيرفاداي إن العمل جار بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم الأردنية لتسجيل الطلبة السوريين من مختلف الفئات العمرية في المدارس، ونأمل أن نستطيع الانتهاء من الإجراءات قبيل بدء الموسم الدراسي المقبل والذي سيبدأ بعد أسبوعين، مشيرا إلى أن المنظمة ستتكفل بنقل الطلبة من المخيم للمدارس والعودة. وأضاف أنه من التحديات التي ستواجهها المنظمة إدراج الطلبة الجدد القادمين بشكل يومي للأردن نتيجة ارتفاع العنف في بلادهم، لافتا إلى أنه «تم تقييم 12 مدرسة في محافظة المفرق لنتمكن من تسجيلهم فيها».
وتقول السلطات الأردنية إن أكثر من 150 ألف لاجئ سوري يقيمون فوق أراضيها منذ اندلاع الأحداث في بلادهم منتصف مارس (آذار) 2011، منهم 42 ألفا و500 لاجئ مسجلون لدى المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وعلى صعيد ذي صلة، قالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأردنية صباح الرافعي إن الحكومة الصينية قررت تقديم دفعة من مواد المساعدات الإنسانية الطارئة بمبلغ 2.3 مليون دولار أميركي لإغاثة السوريين في الأردن. وأضافت الرافعي في بيان صحافي أمس (السبت) أن المساعدات تأتي انطلاقا من الالتزامات الإنسانية الدولية وانعكاسا للصداقة القائمة بين الصين والأردن، وأعربت عن تقديرها للدعم الصيني.
 
الإبراهيمي: الوضع في سوريا رهيب ومرعب للغاية، رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال غاي يتهم طرفي النزاع بالفشل في حماية المدنيين

واشنطن: محمد علي الصالح لندن: «الشرق الأوسط» ... قال الدبلوماسي الجزائري الذي سيصبح الوسيط الدولي الجديد بشأن سوريا إنه يحتاج على نحو عاجل إلى معرفة الدعم الذي يمكن أن تقدمه له الأمم المتحدة، وقال إنه من السابق لأوانه قول إن كان الرئيس بشار الأسد يجب أن يتنحى.
وأدلى الأخضر الإبراهيمي، وهو دبلوماسي مخضرم، بهذه التصريحات بعد يوم من تأكيد الأمم المتحدة أنه سيخلف كوفي أنان كوسيط دولي. وأوضح الإبراهيمي أنه يدرك جيدا مشكلة مجلس الأمن، وأنه لذلك سيحتاج إلى أن يستوضح على نحو عاجل مدى التأييد الذي ستمنحه إياه الأمم المتحدة لضمان حصول مهمته على فرصة أفضل للنجاح. وقال الإبراهيمي لوكالة «رويترز» في مقابلة عبر الهاتف من باريس أمس: «عندما أذهب إلى نيويورك سأطلب الكثير من الأشياء، كيف ننظم أنفسنا ومن الذي سنتحدث معه ونوع الخطة التي سنضعها». وأضاف: «سنبدأ مناقشة كل هذه الأمور ونوع التأييد الذي سأحصل عليه ونوع التأييد الذي سأحتاج إليه للقيام بهذه المهمة».
ويتولى الإبراهيمي هذه المهمة، التي وصفها دبلوماسي فرنسي رفيع بأنها مهمة مستحيلة، في وقت يحتدم فيه القتال بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة دون أن يلوح في الأفق أي مؤشر على وقف وشيك لإطلاق النار.
وقال الإبراهيمي إنه سيتوجه إلى نيويورك الأسبوع القادم ليقبل رسميا مهمته وسيتوجه في وقت لاحق إلى القاهرة ليجتمع مع نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية. وسلم بأن المشكلات التي واجهها أنان دفعته إلى التروي. وقال: «عانيت كثيرا قبل تولي مثل هذه المهمة وكنت أبحثها مع الأمم المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة وكيف يرون ذلك وكيف سأعمل في هذا السياق».
وفي مقابلة منفصلة مع قناة تلفزيون «فرنسا 24» قال الإبراهيمي إنه سيجتمع قريبا مع مجلس الأمن. وقال: «سنبحث بجدية شديدة كيف يمكنهم المساعدة». وأضاف: «إنهم يطلبون مني أن أقوم بهذه المهمة، وإذا لم يدعموني فإنه ليس هناك مهمة. إنهم منقسمون لكنهم بالتأكيد يمكنهم أن يتحدوا على شيء مثل هذا، وآمل أن يفعلوا ذلك».
وقال وهو يصف الوضع في سوريا بأنه «مرعب تماما» إنه سيبذل قصارى جهده لإيجاد سبيل لإنهاء الصراع. وأضاف: «الوضع في سوريا رهيب والوضع مرعب للغاية. وأنتم ترون ذلك على شاشات التلفزيون كل يوم. القرى والمدن تسوى بالأرض من خلال القصف». وتابع قائلا: «لم يكن بوسعي أن أرفض في مثل هذا الموقف حيث مئات وآلاف وربما ملايين يعانون... بغض النظر عن مدى صعوبة الموقف».
غير أنه رفض أن يستدرج بشأن إن كان يعتقد أن الرئيس بشار الأسد يجب أن يتنحى، في تناقض مع أنان الذي قال إنه من الواضح أن الزعيم السوري «يجب أن يتخلى عن منصبه». وقال الإبراهيمي عندما سئل إن كان سيطالب الأسد بالاستقالة: «من المبكر جدا بالنسبة لي أن أقول هذا، إنني لا أعرف بدرجة كافية ما يحدث».
ولم يجرِ أي محادثات مع الأسد، لكنه قال إنه سيجتمع معه ومع زعماء المعارضة في أقرب وقت مناسب. وقال: «هذا مبدأ أساسي آخر، لا ترفض أبدا أن تتحدث إلى أي شخص، وإذا كان من أجل شيء فمن أجل فهم الموقف».
وسيكون اللقب الجديد للإبراهيمي هو الممثل الخاص المشترك لسوريا، وقال دبلوماسيون إن تغيير اللقب يستهدف تمييز مهمته عن أنان.
وفي ردود الفعل، رحبت دمشق أمس بتعيين الإبراهيمي. وقال نائب رئيس الجمهورية السوري فاروق الشرع في بيان أصدره مكتبه إنه «يرحب بتعيين الأخضر الإبراهيمي ويؤيد تمسكه بالحصول على موقف موحد من مجلس الأمن لإنجاز مهمته الصعبة من دون عوائق».
كما رحبت واشنطن بتعيين الإبراهيمي وقالت وزارة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في بيان إن الولايات المتحدة «مستعدة لدعم» الإبراهيمي لتحقيق «تطلعات مشروعة بتشكيل حكومة تمثل الشعب» السوري.
ورحبت كل من روسيا والصين، حليفتا دمشق، أمس بتعيين الإبراهيمي. وأعلنت وزارة الخارجية الصينية في بيان أن «الصين ستدعم وتتعاون إيجابيا مع جهود الإبراهيمي في الوساطة السياسية». وأضاف البيان أن بكين تأمل أن يحاول الإبراهيمي التوصل إلى «حل سلمي عادل ومناسب» للنزاع في سوريا يبدأ بوقف لإطلاق النار من جميع الأطراف «في أسرع وقت ممكن». وعبرت عن أملها في أن «يلتزم حل المسائل السورية سياسيا». وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان ترحيبها بتعيين الإبراهيمي «نتوقع أن يستند الأخضر الإبراهيمي في عمله على أساس (خارطة الطريق) للتسوية في سوريا وهي خطة السلام التي أعدها كوفي أنان وبيان اللقاء الذي أصدرته في يونيو (حزيران) مجموعة العمل حول سوريا في جنيف وكذلك القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي». كما أعلنت بريطانيا أول من أمس عن «تأييدها التام» لتعيين الإبراهيمي. وصرح اليستير بيرت مساعد وزير الخارجية أن بريطانيا «تؤيد تماما» تعيين الإبراهيمي، مؤكدا أنه صاحب «خبرة واسعة» ستكون مفيدة له في سعيه للتوصل إلى حل سياسي ينهي العنف في سوريا.
ومن جهتها أشادت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون أمس بتعيين الدبلوماسي الجزائري وسيطا دوليا في النزاع السوري، متعهدة بدعمه لإنجاز «العمل الضخم الذي ينتظره».
وفي غضون ذلك اتهم رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال بابكر غاي أمس طرفي النزاع في البلاد بأنهما فشلا في حماية المدنيين الذين يقتلون بالعشرات يوميا كما يقول ناشطون.
 
لافروف: روسيا ترفض فكرة فرض حظر جوي فوق سوريا.... شدد على أن رحيل الأسد مسألة يقررها الشعب السوري
موسكو: سامي عمارة... جددت موسكو رفضها لفكرة فرض حظر جوي فوق سوريا. وقال سيرغي لافروف في حديث أدلى به لقناة «سكاي نيوز عربية» إن موسكو ترفض هذه الفكرة لأنها تعتبرها «انتهاكا للسيادة»، وهو ما سبق وأكده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حين أشار إلى تجاهل التحذيرات الروسية حول التدخل العسكري الخارجي معيدا إلى الأذهان التفاف البلدان الغربية حول القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي حول ليبيا. وأضاف لافروف اتهام بلاده لقوى خارجية بالضلوع في استمرار الصراع في سوريا مشيرا إلى أن البعض يبحث عن ذرائع لإضفاء الشرعية على التحركات العسكرية. وأشار الوزير الروسي إلى ضرورة التوصل إلى حلول سياسية للأزمة السورية من خلال جلوس الأطراف الداخلية حول مائدة المفاوضات «للتوصل إلى حلول تستند إلى احترام الأعراف الدولية ووحدة الأراضي السورية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول» على حد قوله. وأكد صعوبة إقناع الرئيس الأسد بسحب قواته من جانب واحد، موضحا أنه «يتعرض لضغوط من كل الأطراف». وفي هذا الصدد أدان لافروف ما وصفها بـ«الانتهاكات» من جانب النظام وقوى المعارضة على حد سواء. وحول تسليح روسيا للنظام السوري قال لافروف إن بلاده لم تبرم مع دمشق أي اتفاقيات أو صفقات أسلحة جديدة. وفيما دعا إلى عدم تخريب البيان الذي جرى التوصل إليه في اجتماع مجموعة الاتصال في جنيف حول الملف السوري واعتبره أنه «أهم إجماع تم تحقيقه بمشاركة الدول الغربية وروسيا والصين وتركيا وعدد من الدول العربية»، قال لافروف «أعتقد أن التصريحات التي نسمعها من واشنطن وبعض العواصم الأخرى، التي تتحدث عن وفاة اتفاقات جنيف، ليست مسؤولة»، مضيفا: «ينبغي أن لا ندفن بيان جنيف حيا». وحول لجوء كل من روسيا والصين إلى استخدام حق «الفيتو» ضد عدد من قرارات مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن قال لافروف: «إن الفيتو الروسي والصيني ضد مشاريع قرارات ضد سوريا جاء للدفاع عن مبادئ الأمم المتحدة، ومنها احترام وحدة وسيادة الأراضي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان وتطبيق قرارات مجلس الأمن»، مؤكدا أن بلاده تتحرك وفق مبادئ القانون الدولي، ومنوها إلى أن ميثاق الأمم المتحدة لا يتضمن مصطلح «ثورة». وفيما يتعلق باحتمالات رحيل الأسد قال لافروف «إنها مسألة يحلها السوريون بأنفسهم.. كما هو الحال في أي دولة حيث يقرر الشعب مصير رئيسه». وأضاف قائلا «يجب سؤال الشعب السوري.. وكما قلت سابقا، النظام ارتكب الكثير من الأخطاء، لكن أحد الأسباب التي عقدت النزاع، الذي بدأ بعيدا عن القوة ومن ثم استعملت القوة والمواجهات المسلحة، تكمن فيما يلي: أن من طالب منذ البداية برحيل الأسد تجاهل مصالح قسم من الشعب السوري، الذي، ولنعترف بذلك، رأى ويرى بأن الأسد ضمان لحقوقه وأمنه في الدولة السورية». وأشار لافروف إلى أن سوريا تتكون من خليط طائفي وعرقي معقد. واستطرد لافروف ليشير إلى أن «الأقلية التي تجمعت خلف ظهر الأسد على أمل أن يدافع عن حقوقها هي أيضا جزء من الشعب السوري».
 
اعتداءات تطال عمالا سوريين في لبنان وانقرة مهتمة بتحرير اثنين من مواطنيها، مصادر بري لـ «الشرق الأوسط»: تلقينا تأكيدا فرنسيا بأن المخطوفين الـ11 أحياء والعمل جارٍ لإطلاق سراحهم

بيروت: ليال أبو رحال ... كشفت مصادر مقربة من رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس أكد للرئيس بري أمس أن المخطوفين اللبنانيين الأحد عشر لا يزالون أحياء»، واضعا بذلك «حدا للتأويلات والتباين في المعلومات بشأن مصيرهم».
وأوضحت مصادر بري أن «التحرك الفرنسي في قضية المخطوفين جاء بعد طلب من الرئيس بري خلال استقباله فابيوس في بيروت يوم الخميس الفائت، وتجاوب المسؤول الفرنسي مع الأمر وأخذ المبادرة بعدما حصل اتفاق على إثارة الموضوع، حيث هناك إمكانية للضغط، خصوصا أنه كان مزمعا وصوله إلى إسطنبول بعد لبنان». وأشارت إلى أن «للأتراك إمكانية للمساعدة، وكان فابيوس متجاوبا وطمأن الرئيس بري أمس بأن المخطوفين جميعهم أحياء، والعمل جارٍ للوصول إلى نتيجة وإطلاق سراحهم».
وكان المكتب الإعلامي للرئيس بري قد وزع أمس بيانا ذكر فيه أن الأخير «تلقى رسالة من فابيوس طمأنه فيها بأن جميع المخطوفين اللبنانيين الـ11 أحياء وبخير، وهو ما أكده وزير الخارجية أحمد داود أوغلو». وأوضحت مصادر الرئيس بري أن أوغلو خلال اتصاله بالرئيس بري أثار قضية المخطوفين التركيين اللذين خطفا في بيروت في اليومين الأخيرين من قبل عشيرة آل المقدار، ردا على خطف كتيبة من الجيش السوري الحر للمواطن اللبناني في دمشق حسان المقداد. وأشارت المصادر عينها إلى أن «أوغلو طلب من الرئيس بري العمل للمساعدة على تحريرهما». وفي سياق متصل، أكد السفير التركي لدى لبنان أنان أوزيليدز أن بلاده «لم تنسَ قضية المخطوفين اللبنانيين الـ11 في سوريا، وهي تبذل كل جهودها للمساهمة في تحرير المخطوفين اللبنانيين الـ11 والموجودين في سوريا»، موضحا خلال لقائه وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور: «إننا نريد إطلاق سراح مواطنينا»، مشددا على أن «هذين الملفين يجب أن لا يؤثرا بطريقة سلبية على العلاقات التركية اللبنانية». في سياق متصل أعلن رئيس الجمهورية اللبناني ميشال سليمان أنه تلقى اتصالا من فابيوس يطمئنه فيه أن المخطوفين اللبنانيين بخير، وأن الاتصالات مكثفة لإنهاء هذه القضية قريبا، معتبرا أنه على الرئيس السوري بشار الأسد الاتصال به لتوضيح ما تم توجيهه من تهم إلى مسؤولين سوريين في قضية الوزير السابق ميشال سماحة، لأنه اتصل به عندما كان هناك اتهام سوري لشخصيات لبنانية في مسائل أمنية تتعلق بسوريا.
وشجب المسؤولون اللبنانيون عملية التعرض لعمال سوريين في لبنان غداة تكرار حوادث خطف عدد منهم وسلبهم أموالهم. وقال رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي: «نتفهم حال الغضب والانفعال حيال خطف مواطنين لبنانيين أعزاء في سوريا، ونتعاطف بشدة مع ذويهم ونحترم معاناتهم، إلا أننا في المقابل لا نرى ما يبرر أو يجيز ارتكاب التجاوزات الفاضحة لسلطة الدولة والقانون التي حصلت، لا سيما أعمال الخطف والإخلال بالأمن وتهديد سلامة العابرين على الطرق، وكأن مثل هذه الممارسات المرفوضة يمكن أن تعيد مخطوفا إلى أهله، أو تردع خاطفيه عن استغلال هذه المأساة الإنسانية التي ترفضها الأديان السمحة والقيم الأخلاقية ولا يقبل بها أحد». وشدد ميقاتي على أن «الحكومة ستعمل على إطلاق المخطوفين السوريين والأتراك بالتزامن مع استمرار متابعة قضية المخطوفين اللبنانيين الأحد عشر من خلال مواصلة كل المساعي مع الدول الشقيقة والصديقة للإفراج عنهم وعودتهم سالمين إلى وطنهم»، داعيا الأهالي إلى «الصبر والهدوء وعدم الإقدام على ردود فعل لا تخدم مصلحة أبنائهم المخطوفين ولا مصلحة وطنهم ولا علاقاته مع الدول الشقيقة والصديقة، لا سيما تلك التي تستضيف إخوتهم اللبنانيين وتفتح لهم أبوابها وتوفر لهم فرص العمل والعيش الكريم».
وكان أربعة مسلحين يستقلون سيارة رباعية الدفع أقدموا صباح أمس على خطف 3 سوريين من داخل مخمر للموز على طريق المطار، ثم فروا بهم إلى الشوارع الداخلية، قبل أن يعاد إطلاق سراحهم بعد الظهر بعد سلبهم ما يحملون من أموال نقدية، وتابعت القوى الأمنية الاستقصاءات لمعرفة الفاعلين. وتكررت أمس ظاهرة سلب عمال سوريين، فأقدم 4 ركاب مسلحين داخل أحد الباصات في الضاحية الجنوبية على سلب عامل سوري محفظته وأنزلوه من الباب الخلفي عنوة، وفروا في اتجاه الأحياء الداخلية.
كما ادعى سائق تاكسي سوري أن ثلاثة ركاب في محطة شارل الحلو طلبوا إيصالهم إلى محلة الجديدة في قضاء المتن، ولدى دخوله إلى منطقة الرويسات في طريق فرعية أنزلوه من سيارته نوع «هيونداي سوناتا» لوحة عمومية تحمل الرقم 603042 دمشق بيضاء وصفراء، وأشبعوه ضربا وفروا إلى جهة مجهولة.
وفي بلدة عين حالا في قضاء عالية، أقدم مجهولان على التعرض بالضرب ليلا على عامل سوري، ما أدى إلى إصابته بكسور وجروح استدعت نقله إلى المستشفى للمعالجة.
 
المعارضة السورية لا تعول على تعيين الإبراهيمي مبعوثا أمميا إلى دمشق، رمضان لـ «الشرق الأوسط»: نخشى أن يتحمل وزر مهمة لا يتأمن لها الإجماع الدولي الكافي

بيروت: ليال أبو رحال .. لا تعول المعارضة السورية كثيرا على تعيين الدبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الإبراهيمي مبعوثا أمميا إلى دمشق، خلفا للمبعوث السابق كوفي أنان، مشددة على أن عناصر نجاح مهمته بغض النظر عن النقطة التي سيبدأ منها غير متوفرة في ظل عدم وجود إجماع داخل مجلس الأمن الدولي على وقف القتل في مرحلة أولى.
وقال عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري الدكتور أحمد رمضان لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارضة السورية ترى في الأخضر الإبراهيمي شخصية مخضرمة في المجالين السياسي والدبلوماسي وهو محل تقديرنا على المستويين الوطني والعربي ولا توجد أي مشكلة بين كمجلس وطني وبينه»، معربا في الوقت عينه «إننا نعتبر أن المهمة التي سيتصدى لها تحتاج إلى آلية مختلفة عن السابق، لأن الأشهر التي انقضت من عمر المبادرات السابقة لم تحقق أي نتائج على الأرض، بل ازداد معها القتل وعمليات تدمير استخدم فيها النظام كل الأسلحة».
ورأى رمضان أن «المبادرات لم تحقق المرجو منها لا بل إن النظام استخدمها لتغطية جرائمه، ونحن نخشى أن يتحمّل الإبراهيمي وزر عملية لا يتأمن لها الإجماع الكافي في مجلس الأمن وقوة الدفع اللازمة داخل المجموعة الدولية»، معتبرا أنه «ليس من المهم إذا كان سيبدأ عمله من حيث انتهى أنان أم من الصفر لأنه فعليا لم يتحقق شيئا طوال الأشهر الفائتة». وشدد على أن «عناصر النجاح لأي مبادرة غير متوفّرة ما لم يتمكّن مجلس الأمن من تأمين الإجماع بين أعضائه كل ومن أن يفرض على النظام السوري وقف القتل»، لافتا إلى أن «النظام السوري يستمر في ممارسة سياسة القتل بغطاء سياسي كاف من روسيا والصين».
من ناحيته، حمل عضو المجلس الوطني السوري أديب الشيشكلي على التباين الحاصل في مواقف الدول بشأن النقطة التي ينبغي أن يبدأ الإبراهيمي عمله منها، «مع احترامنا وتقديرنا لشخصه وباعه الدبلوماسي الطويل». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يشكل تعيين الإبراهيمي المحاولة الدولية الثالثة لوقف القتل في سوريا بعد المحاولتين السابقتين مع كل من رئيس بعثة المراقبين العرب أحمد الدابي وبعده المبعوث الأممي السابق كوفي أنان»، مشيرا إلى أن «القتل لم يتوقف ومحاولات المجتمع الدولي لإيجاد حل للازمة السورية لا تزال هزيلة».
 
إبراهيم المرعي لـ «الشرق الأوسط»: الجيش الحر يريد السلاح.. والمدنيون يريدون الخبز، بعد زيارة ميدانية لإدلب.. عضو المكتب الإعلامي بالمجلس الوطني: النظام بإجرامه أعاد التآخي للسوريين بعد أن فرقهم 40 عاما

نادية التركي ... أكد الدكتور إبراهيم المرعي مدير قناة «بردا» المعارضة للنظام السوري، عضو المكتب الإعلامي بالمجلس الوطني، بعد عودته من زيارة قام بها لسوريا، وتحديدا لقريته في ريف معرة النعمان، أن مطالب الجيش الحر الأساسية على الأرض هي السلاح، ومطالب المدنيين هي الخبز ومتطلبات الحياة الأساسية وأولوياتهم المساعدات الإنسانية، كما أوضح أن إدلب محررة كليا من وجود القوات النظامية على الأرض، وأن النظام يقوم بالقصف بالدبابات أو المدفعية كلما سنحت له الفرصة، لكن قصف الطائرات يتم «من شروق الشمس إلى غروبها». لأن الطائرات تخشى من المضادات.. و«لأنهم لا يتمتعون بنظام طيران ذكي، فهم يقصفون عشوائيا، وليست لديهم دقة في تحديد الهدف. مما يجعل عدد القتلى في صفوف المدنين كبيرا جدا».
وعن الأسلحة في صفوف الجيش الحر بإدلب، قال المرعي: «أنا لم أر أسلحة ثقيلة. أكثر ما رأيته هو فقط (آر بي جي). كان هناك ما يسمى (14 ونصف) وهو السلاح المضاد للطائرات»، وعن مصادر السلاح، قال: «هناك بعض الناس يشترون السلاح حتى من الجيش الأسدي.. هم تجار سلاح ليسترزقوا منه.. الجزء الآخر يتم تهريبه عبر مهربين للسلاح وبيعه»، وأضاف: «أغلبها كسبها الثوار من القوات النظامية. أنا رأيت ثلاث دبابات وناقلة جند، و(آر بي جي) وقناصات لا تعد ولا تحصى.. كلها تم اكتسابها من قوى النظام».
كما أشاد المرعي بروح التآخي بين السوريين في «محنتهم» وقال: «التآخي عاد للسوريين بعد أن فرقهم النظام.. أنا كنت أعلم أن الأخ كان يخشى أخاه.. الابن يخشى والده، والأب يخشى ابنه.. كان النظام يفرق الناس، وقتل الشخصية السورية والإخلاص والأخوة فيها، وقد أعاد هذا النظام بإجرامه هذه الأخوة.. أنا وجدت التكاتف والتكافل والتعاطف الاجتماعي، ولم أره في حياتي في مكان آخر.. الناس يحضن بعضهم بعضا، من غير تعارف، وكل من يطرق الباب مرحب بهم ولا يسألونهم من أنتم.. البيوت كانت مفتوحة للجميع».
«الشرق الأوسط» التقت الدكتور إبراهيم المرعي بلندن، وكان لها معه حوار حول تفاصيل الزيارة وحياة الناس في إدلب وكفرنبل.. هذا نصه:
* لماذا اخترتم دخول سوريا في هذا الوقت بالذات؟
- ..بعد غياب 24 عاما عن الوطن قسريا وليس اختياريا، فقد تم تهجيرنا قسريا عام 1980 بعد مجازر حافظ الأسد، ومنذ ذلك الوقت لم أر بلدي، ورأيت أن الوقت مناسب، وأردت العودة لرؤية الوضع ميدانيا وتقديم بعض المساعدات، ومنذ دخولي، غمرني الشعور بالفخر والحرية، فقد كنت أتحرك بحرية، وكنت عندما أمر على حاجز للجيش الحر أشعر بالثبات وبالافتخار وبأني إنسان آخر، بعدما كنا في سوريا يقتلنا الخوف عندما نرى حاجزا أمنيا أو حتى شرطيا، لأننا كنا نعلم مسبقا أنه غالبا سوف يبتزنا أو يفتعل مشكلا ليتقاضى المال ليتركنا.
* دخلتم من تركيا عبر الحدود البرية، ما مدى سيطرة النظام على الوضع في المناطق الحدودية مع تركيا؟
-لا توجد أية قوة تذكر.
* هل يمكن القول إن إدلب من الجانب الذي يربطها بتركيا محررة تماما؟
- هي محررة تماما.. الأرض محررة.. توجد عصابات للنظام داخل حواجز وسواتر عالية جدا محصنة، لا يستطيعون الخروج منها أبدا إلا عندما يتأكدوا تماما أن الجيش الحر غادر المكان. بقيت 4 أيام بكفرنبل بمحافظة إدلب وكانت معارك طاحنة دارت مع هذه القوى، وكانت لهم عبارة عن ثكنة عسكرية داخل أكياس من الرمل، وعندما كان الجيش الحر يحيط بهذه الحواجز والعصابات الأسدية، لا تستطيع الخروج لأنها محاطة بقوة من الثوار.. الحركة عبر الأرض تتحرر. أنا عندما ذهبت إلى قريتنا، وإلى بيتنا طلبت من الآخرين أن يتكتموا على وصولي كي لا أسبب لهم الأذى، فتفاجأوا لطلبي وقالوا: ممن نخاف، نحن أصبحنا نخيف؟ وافتعلوا عزيمة أعلنوا فيها عن قدومي وكل المنطقة عرفت بقدومي.
* في ريف المعرة، وفي كفرنبل التي تعتبر من المناطق الساخنة، كيف يعيش عناصر الجيش الحر يومهم؟
- أنا بدأت منذ الحدود مع فرق معينة.. عدد عناصر الفرقة من 20 إلى 30 شخصا.. هم عبارة عن كتائب أو مجاميع كبيرة، لكن مقسمة إلى مجموعات.. ليس هناك مكان مثل ثكنات عسكرية أو شيء من هذا القبيل. هم عندما ينتهون من عملهم اليومي، كل يذهب إلى بيته مساء. وهم يعملون بأسلوب منظم وعملهم مقسم إلى مجموعات: مجموعة تحرص المدنيين، ومجموعة تقوم بدوريات في المدينة كي لا تكون هناك إشكالات، لأنه قد يوجد بعض الموالين للنظام بالداخل، وقد يصطنعون المشكلات وقد يؤذون الآخرين، ومجموعة دورها تفقد حاجيات الناس اليومية.. ومرة وعندما كنت جالسا ببيت أحد الأشخاص وبينما كنا نتناقش في مشكلات الخبز وشحه، أتى مجموعة من شباب الجيش الحر على دراجات نارية وسألوا أهل البيت إن كانوا في حاجة إلى شيء أو إلى الخبز لأنه هو المفقود في تلك المناطق في تلك الأيام، حيث إن مدينة كفرنبل هجرت بأكملها إلى قريتنا، وهذه الناس بحاجة إلى إطعام.. وبعد أن سلموا أهل البيت الخبز، قام أحد الأشخاص لدفع المال، لكن العناصر رفضوا وقالوا لا إنه ليس للبيع إنما لمن يؤوون الناس للتضامن.
وإدلب متميزة بأن الناس لا تجوع هناك مثلما قد يحدث في المدن، فطبيعة المنطقة الزراعية أن الناس تأكل من أرضها.. من رزقها.. العنب والتين والبطيخ والشمام، والخيار.. متوفرة، لكن المشكلة الوحيدة في الخبز.
وهناك بعض الناس يخزنون الدقيق، لكن العملية واجهت صعوبات، حيث مع الحر الشديد في شهر رمضان الناس لا تتحمل الحر لتخبز.. يحاولون شراء الخبز إن كان موجودا، طبعا بأسعار باهظة جدا.
* ألا توجد مخابز تعمل في المنطقة؟
- هناك مخبز واحد في إدلب يزود 15 إلى 20 قرية، لكل قرية مائة ربطة خبز فقط، وهذا غير كاف، لكن ما لفت انتباهي وأنا بين الناس أن هناك تآخيا وروحا متبادلة.. التآخي عاد للسوريين بعد أن فرقهم النظام. أنا كنت أعلم أن الأخ كان يخشى أخاه.. الابن يخشى والده والأب يخشى ابنه، كان النظام فرق الناس وقتل الشخصية السورية والإخلاص والأخوة فيها، وقد أعاد هذا النظام بإجرامه هذه الأخوة. أنا وجدت التكاتف والتكافل والتعاطف الاجتماعي.. لم أره في حياتي في مكان آخر، الناس يحضن بعضهم بعضا من دون تعارف، وكل من يطرق الباب مرحب بهم ولا يسألونهم من أنتم.. يقدمون لهم الطعام.. نحن من أهل كفرنبل أو من منطقة أخرى نحن مهجرون.. البيوت كانت مفتوحة للجميع.
* رغم أن المجتمع القروي محافظ، فإنه كان يفتح بيته لمن لا يعرفهم؟
- نعم لأن من يأتي هو محافظ أيضا.. الناس يدخلون النساء داخل الغرف وفي الباحة في ساحات الديار ينام الرجال والشباب، هذا لم نره منذ 40 سنة.
والجزء الآخر من الثوار هم الذين يذهبون للقتال.. يتنادون عند بداية أي قصف، وأيضا يلعب المدنيون هنا دورا، فعندما يسمعون أي قصف في منطقة يعلمون كل العناصر في مختلف المناطق. عند مرور دبابة أو ظهور طائرة، أو إيفاد عسكريين لدعم الحواجز يتصلون بعضهم ببعض ويخبرون الثوار.
* هل يلعبون دور جهاز الاستخبارات؟
- بالضبط هم يلعبون دور جهاز استخباري، وهم رجال كبار، ونساء يقومون بإعلام الثوار بأي تحرك للقوات النظامية يشاهدونه أو يعلمون بتوجهه نحو نقطة ما.
* هل تم تنبيههم من طرف الثوار بضرورة إخبارهم، وهل زودوهم بأجهزة تواصل؟
- لا بل في الحقيقة أنه لا يخلوا بيت من عنصر من عناصر الجيش الحر الذي يقوم بالقتال، فتتصل عائلته به هاتفيا وهو من يتواصل عبر اللاسلكي مع زملائه.
* ما الأسلحة التي يمتلكها الثوار بإدلب حسبما شاهدتم، هل يمتلكون أسلحة ثقيلة؟
- أنا لم أر أسلحة ثقيلة.. أكثر ما رأيته هو فقط «آر بي جي».. كان هناك ما يسمى «14 ونصف»، وهو السلاح المضاد للطائرات.. هو في الحقيقة لإخافة الطائرات، وعلمنا منذ يومين أنه أسقطت طائرة في دير الزور بـ«14 ونصف» هذا، لكن ما علمناه أنه غير متوفر بكثرة في كل المناطق.
في إدلب كنت أسمع إطلاق «14 ونصف» لأنه كانت تأتي طائرات لكن لم أره بأم عيني، ما يملكونه مجرد «آر بي جي» وكلاشينات ورشاشات.. فقط أسلحة خفيفة ذات طلقة عادية.
* من أين تصل هذه الأسلحة حسب من تحدثتم معهم ميدانيا؟
- هناك بعض الناس تشتري السلاح حتى من الجيش الأسدي، هم تجار سلاح، ليسترزقوا منه. الجزء الآخر يتم تهريبه عبر مهربين للسلاح وبيعه.
* من تركيا؟
- أنا لم أر سلاحا يهرب من تركيا، ولكن قد يكون من العراق ومن دول بالجوار. الأكثر مثلا بعد اقتحام حاجز كفرنبل هي أسلحة كسبها الثوار من القوات النظامية. أنا رأيت ثلاث دبابات وناقلة جند و«آر بي جي» وقناصات لا تعد ولا تحصى.. كلها تم اكتسابها من قوى النظام.
* هل حدثك الثوار أنهم يحاولون أحيانا التفاوض مع القوات النظامية وإقناعهم بالانشقاق؟
- سأعطيك مثالا على ذلك؛ في اليوم الأول الذي دخلت فيه كفرنبل، عبر التقاط موجات اللاسلكي سمع الثوار العقيد السلوم الذي تم القبض عليه بعد معركة كفرنبل يخاطب قيادة.. سمعت القائد سلوم وهو قائد حاجز كفرنبل يخاطب القيادة العسكرية قائلا: «لم يبق سوى أنا و17 جنديا ونريد تعزيزات، وإن لم تمدون بالسلاح سأخرج اليوم وأرفع الراية البيضاء وأسلم الحاجز للثوار. وبعد أن سمع الثوار هذا، ماذا فعلوا؟ هناك عملاء للوساطة بين الحاجز والثوار.. أتوا بهم وأرسلوهم إلى الضابط، إلى العقيد السلوم.. قالوا له: نعطيك الأمان أنت ومن معك واخرج من منطقتنا سالما ونعاهدكم بأن لا نؤذيكم. فقال: والسلاح؟ ردوا: تترك السلاح وتخرج أنت ومن معك فقط. فرفض.. في الجولة الثانية من المفاوضات قالوا يمكن أن تترك ومن معك ودباباتك وعربات الجند وتترك الذخيرة.. قال: لا، كيف أحمي؟ نفسي أريد الذخيرة. قالوا له نحن لا نغدر كما تغدرون. فرفض فقالوا عليك إذن أن تبقى في مكانك ولن يشفع لك شيء بعد هذه اللحظة. وانتهت المفاوضات وستخرج رغما عن أنفك. وفي اليوم التالي رأيناه منساقا مثل الخروف، وطبعا قتل الثوار عناصر من مجموعته وقبضوا على البقية، وتم اعتراض الإمدادات التي كانت عبارة عن 170 جنديا ودبابات، وتم اعتراضهم وقتل 100 جندي منهم وحرقت الدبابات والآليات وأسر 70 جنديا كان فيهم جرحى. وأخذهم الثوار إلى المستشفى في كفرنبل لعلاجهم.
في اليوم الأخير سيق من بقي حيا وعرضت صور العقيد السلوم ومن معه على «يوتيوب» وهم أسرى، وقامت زوجته وأهله بالمناشدة.
* هل ينام الناس مطمئنون ليلا، أم إن الخوف من القصف يجعل القلق موجودا دائما؟
- بالطبع القصف بالدبابة أو المدفعية ممكن في أي وقت، لكن بالليل لا تقصف الطائرات، لأنها تخشى القدوم ليلا ويتم قصفها من عناصر الجيش الحر.. تأتي فقط من شروق الشمس إلى غروبها.
* لماذا لا تقصف ليلا؟
- هي تخشى من المضادات، وأتوقع أن سلاحهم هو من السلاح الغبي وليس من السلاح الذكي الذي يمكنه تحديد الرؤية في الليل، ولذلك ولأنهم لا يتمتعون بنظام طيران ذكي، فهم يقصفون عشوائيا وليست لديهم دقة في تحديد الهدف. وهذا ما يجعل عدد القتلى في صفوف المدنين كبيرا جدا لأن قوات النظام عاجزة عن تحديد واستهداف مواقع الثوار، لذلك يرمون بالصواريخ والقنابل فوق المدنيين ليبعثوا الرعب في الناس ويشيعوا الفوضى. أنا رأيت الأشلاء والجثث والأيدي المقطعة.. رأيتها بأم عيني عندما يقومون بقصف المدنيين.. ليس لديهم أي منظار ليلي مثلا لتحديد الهدف، لذلك تحدث المجازر التي يذهب ضحيتها مئات الناس.
وهناك نوع آخر من الجيش الحر.. أنا ذهبت لمعرة حرمة في ريف معرة النعمان.. قالوا إنهم قاموا بإنشاء بمركز أمني صنعه الثوار.. ولديهم سيارات ويقومون بدوريات.. طلبت أن أرى سجلاتهم، فأتوا بسجلات فيها ملفات المشتكي والمشتكى منه والقاضي.
* هل هذا بخصوص المشكلات المدنية العادية التي من المفترض أن تتابعها الدولة؟ هل صنعوا دولتهم داخل الدولة؟
- لا وجود للدولة إطلاقا، وهم يصنعون مجتمعهم ويحاولون المحافظة عليه ويسيرون حياتهم بشكل نظامي ويقولون إن الخلافات منذ أن ذهب آل الأسد عن منطقتنا قد خفت، لا توجد خلافات أو مشكلات، أصبح الناس أكثر تضامنا. ولكن وفي حال وجود مشكلات يستدعون مركز الشرطة ومحامين.. بنو دولتهم المدنية.
* هل تعود الناس بسوريا الآن على النمط الجديد للحياة؟ وكيف تقيمون معنويات الناس في كفرنبل، هل هي مرتفعة أم يعيشون الذعر والقلق؟
- منذ دخولي سوريا، دخلت قرية اسمها أطما يسيطر عليها الثوار، وهناك فيها مركز أمني أصبح مثل المحطة لنقل الجرحى والأسرى، ذهبنا للمركز الأمني ننتظر سيارة لتنقلنا إلى المعرة، فما رأيت إلا سيارتين محملتين بالجرحى، كان الناس عبارة عن أشلاء؛ فيهم من بترت رجله وآخر يداه، وهناك من خرجت أمعاؤه.. يعني مشاهد لا يتحملها إنسان.. أطفال متعلقون بأمهاتهم.. الأمهات مرتعبات، مشاهد الرعب ما زالت موجودة. القتل ليس بالشيء الهين. الناس تعودوا على مظاهر الدمار، ولم تعد تخيفهم، لكن قتل الناس هو المرعب.
رأيتهم محملين في صناديق السيارات، في الحافلات، بعضهم فوق بعض، أعداد هائلة.. العشرات من الجرحى كانوا يأتون بهم للخروج لتركيا لعمليات العلاج. عندما تعمقت بالداخل وتحدثت للناس وسألتهم: هل تخافون؟ قالوا: لا، نحن لا نخشى، ولكن يتم إطلاق عيار ناري.. تم تحرير دبابة.. وصول شهيد يلاقى بالابتهاج، والذي يأتي ابنه شهيدا لا يحزن، قد ترى الدموع لكن الأب والأم يدفعان أبناءهما للقتال. ولكن ما يدمي القلوب عندما ترى المدنيين بعد قصفهم.. نساء وأطفال.. جثث مرمية بالشوارع.. هنا الناس ترتعب عندما تأتي طائرة، وقد رأيت هذا.
* وهل تحلق الطائرات على علو منخفض؟
- لا، تحلق على علو جد مرتفع، فكانت تبدو بحجم كف اليد، لأنهم يخافون من إسقاطها.. هي ترمي عشوائيا، وعندما تأتي الطائرة كان المدنيون يقومون بالتشهد، ويحضرون نفسهم للموت، الناس تستعد للموت في كل لحظة، وعندما يدور قتال بين طائرة والثوار، يصعد الناس فوق الأسطح على أمل أن يروا الطائرة وهي تسقط، أو دخانا أسود يعني تفجير دبابة أو مدرعة... ويقومون بالزغاريد والتهليل.
* لدى زيارتكم عدة مناطق في إدلب كانت شهدت مواجهات، هل رأيتم مظاهر للحياة العادية هناك، أم إن مشاهد الدمار هي الغالبة؟
- مررت بمناطق رأيت فيها شوارع مغلقة بأكملها.. مدمرة.. سويت بالأرض، الأتارب في ريف حلب مثلا؛ الشوارع مدمرة بأكملها خاصة منطقة السوق والمحلات التجارية، سويت بالأرض.. سألت أين السكان؟ قالوا: نزحوا. رأيت في الجزء الآخر من الأتارب اصطفاف نحو 1000 شخص، وعندما سألت عن السبب قالوا إنهم ينتظرون الخبز.. هناك مخبز أتى ببعض الدقيق والوقود.
مررت بقرى أخرى كانت عبارة عن مناطق أشباح لا يوجد بها أي إنسان. قلت أين ذهبوا؟ لا علامة للحياة، أجابوني بأنه تم تهجيرهم بالكامل.. نصفهم اعتقلوا ونصفهم هربوا.. وآخرون ماتوا. ولكن عشرات القرى ماتت الحياة فيها، ومن بقوا فيها يعيشون حياة بسيطة جدا.. فقط يعيشون يأكلون ويشربون، ولكن لا عمل.
* كيف يبدأ التظاهر، هل يتم التنسيق له مع محافظات أو مناطق أخرى؟
- لا، يتم التنسيق له بشكل تلقائي.. قد تخف في رمضان بسبب الحر.. لا يوجد كهرباء، ومع ذروة الحر، دخلت صلاة الجمعة.. أعلنوا عن وجودي، وفي باحة المسجد تجمهر الناس.. التقوا من المسجد.. وخلال دقائق بدأت بشكل حضاري سلمي.
* كم مساحة المنطقة المحررة؟
- أنا سرت 240 كلم إلى منطقتي ولم أرى حاجزا نظاميا واحدا.. هي محررة تماما، قد يكون ما يسمونه حواجز طيارة تنزل في منطقة ما لساعات ثم تنتقل.. يأتون بدبابة لحماية الطائرات لساعات ويهربون، وغالبا عندما يحس بهم الثوار ينتهون.
الثوار في إدلب متمركزون في مناطق حساسة.. يعلمون أن الدبابات وحاملات الجند تمر منها لتعزيز قواتها في حلب فيتمركزون فيها ويقومون بتدميرها، ورأيت عشرات الدبابات والمدرعات مدمرة على الطرقات. هم يمنعون الإمداد العسكري للجيش الأسدي في حلب.
* هل هناك تعاون أو تنسيق بين المناطق.. مثلا بين الثوار في إدلب وحلب؟
- في الغالب، كل منطقة تعمل على تحصين نفسها.. التعاون ليس كبيرا بين مدن وأخرى، ولكن سألت عن كثير من الناس كنت أريد مقابلتهم، قالوا إنهم ذهبوا إلى حلب.. هناك نداءات من الجيش الحر في حلب طلبوا العون من إخوانهم في إدلب وفي محافظات أخرى، فذهب جزء كبير منهم إلى حلب وبقيت مجموعات للحفاظ على الأمن في إدلب، ولمنع دخول الجيش.
وهناك عيون تعمل لدى النظام وتمدهم بأسماء الذين يقاتلون وينشطون إعلاميا. لذلك هناك تنسيق بسيط، لكن ليست هناك إلى حد الآن قيادة مركزية تستدعي هذا أو ذاك.. كل منطقة تحتفظ بعناصرها لحمايتها.
* بصفتكم عضوا بالمكتب الإعلامي في المجلس الوطني، تواردت معلومات عن أن الناس في الداخل بدأوا يفقدون ثقتهم في المجلس الوطني الذي من المفترض أنه الممثل الشرعي لهم، لأن جهوده الدبلوماسية لم تمنع الأذى عنهم... الناس في الداخل ما رأيهم؟
- سألت عن المجلس الوطني بصفتي عضوا فيه.. الثوار أغلبهم لا يعترفون بالمجلس الوطني.. المقاتلون يقولون إن المجلس لا يدعمنا عسكريا.. قالوا نريد من يدعمنا بالسلاح، هناك جزء من المدنيين يقولون نعم نحن نحترم المجلس الوطني، لكن إذا كان حتى الخبز لا يصلنا من المجلس الوطني فما حاجتنا إليه؟ الأداء السياسي ضعيف جدا. أطفالنا ونساؤنا يجوعون.. هناك بعض المناطق تقول نعم وصلتنا بعض المساعدات من المكتب الإغاثي للمجلس الوطني، لكن الأغلبية لا.. هم يريدون متطلبات الحياة الأساسية وأولوياتهم مساعدات إنسانية.
 
الشرع بعد حجاب ومناف!

عبد الرحمن الراشد... جريدة الشرق الاوسط.. إن تمكن فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري، من عبور الحدود الفاصلة إلى الجارة الأردن يكون ذلك صدمة جديدة توجه للنظام، ومع هذا لن تسقطه. الشرع من درعا، المنطقة التي بدأت الثورة على بشار الأسد بعد اعتقال أطفال وتعذيبهم بقسوة لأنهم كتبوا على حائط عبارات معادية. ودرعا ممر مهم للمنشقين وتهريب السلاح، لكونها تقع جنوب العاصمة، على بعد نحو ساعة بالسيارة، وهي بوابة الحدود مع الأردن، ولهذا استهدفتها قوات الأسد بالقصف والقتل بلا توقف منذ سبعة عشر شهرا، وفشلت في إخماد انتفاضتها.
الشرع أهميته أنه جزء من النظام، يعرف أسراره العليا لعقود طويلة، بخلاف رياض حجاب رئيس الحكومة الذي انشق هو الآخر فقط بعد أربعين يوما من تكليفه بالوظيفة.
أما الذي يوجع النظام بشكل مباشر فهو انشقاقات القيادات العسكرية والأمنية، كما حدث مع بضعة قادة خلال الشهرين الماضيين، وكان آخرهم يعرب الشرع، ابن عم فاروق الشرع، أحد مسؤولي الأمن في دمشق، وقبله مناف طلاس. وأهمية القادة والضباط المنشقين في دعمهم للجيش الحر وقدرتهم على دعم الثوار.. فتفجير المقر العام لقيادة الأركان الأسبوع الماضي، وقبله انفجار مبنى الأمن القومي، يبدو أنهما نتيجة اختراق بفعل الانشقاقات العسكرية والتواصل مع العاملين في هذا القطاع.
وكما نرى فإن انشقاق رجل بوزن الشرع، نائب رئيس الجمهورية، وتكليف الأخضر الإبراهيمي مبعوثا دوليا للبحث في إنهاء نظام الأسد سلميا، حدثان مهمان، إنما لن يغيرا شيئا في دمشق، بسبب موقف روسيا المتحمس لحماية النظام على كل الأصعدة. الذي يغير الوضع، ويسقط النظام، وينهي المأساة هو الاهتمام بالشق العسكري؛ دعم الجيش الحر والمقاتلين بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية.. فقد أنجزت الثورة السورية مراحل التغيير الأساسية، أولاها كانت التأكيد على أن إسقاط النظام هو رغبة غالبية الشعب السوري، وكسب التأييد الدولي، ثم التحول إلى المواجهة المسلحة بسبب عنف النظام. ومن المؤكد أن غالبية كبار المسؤولين في النظام راغبون في الفرار، وأن الكثير من أفراد القوات الأمنية والعسكرية أيضا راغبون في الانشقاق، لكن لن يكون الأمر سهلا عليهم.
فقد النظام عشرات من رؤوسه من وزراء وقادة أمنيين وعسكريين وبقي الرأس العنيد، بشار الأسد، الذي أثبت أنه من الشراسة والوحشية بما لم نعرف مثله في تاريخنا الحديث. ما فعله في الأشهر الماضية من جرائم متعمدة ضد المدنيين، تجاوز في بشاعته ما فعله أبوه حافظ الأسد، وتجاوز أقسى ديكتاتوريي المنطقة مثل صدام حسين ومعمر القذافي.
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 172,229,751

عدد الزوار: 7,666,600

المتواجدون الآن: 0