تقارير....نبرات التشاؤم البرلمانية العراقية تستبق مساعي حلحلة الأزمة السياسية..الجيش الإسرائيلي ينشر تفاصيل خطته لحرب محتملة مع مصر.....سوريا: كل يوم عاشوراء.. كل شبر كربلاء....من النقمة إلى الثورة.. وبالعكس

"حزب الله" والفشل التاريخي الاستراتيجي الذريع...حزب الله... هل يقترب من خط النهاية؟

تاريخ الإضافة الإثنين 27 آب 2012 - 7:45 ص    عدد الزيارات 2245    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

"حزب الله" والفشل التاريخي الاستراتيجي الذريع
 
جريدة المستقبل...دلال البزري
 
تفسيران يلوحان لإعطاء شيء من المعنى لما حصل يوم الاربعاء الأسود الماضي، عندما حلّ على لبنان شبح السلاح والأقنعة والخطف وقطع الطرق بقيادة عشيرة آل المقداد، والتي يُفترض انها من صميم البيئة الحاضنة لـ"حزب الله":
التفسير الأول يقول ان هذه الزوبعة إنما هي من صنع الأيادي الحزبلهية؛ ولها من التراث بما يكفي في تقاليد الحزب "الشعبية"؛ مثل هجوم "الأهالي" على القوات الدولية في الجنوب، أو هجوم متظاهري "شباب الضاحية" على الجيش في مار مخائيل من أجل الكهرباء، أو "الهجمة" النسائية على محقّق دولي في عيادة طب نسائي في الضاحية الجنوبية، أو "غزوة كشافة حزب الله" لبيروت الغربية من "أمل" وحزب "قومي" في 7 أيار 2008... وغيرها مما يستحق التدوين من ضمن حوليات تاريخ هذا الحزب بعلاقته مع "الأهل".
اذا كان هذا التفسير صحيحاً، فهذا يعني ان شيئا لم يتغير من حولنا وبالقرب منا، وبأن الحزب على الدرجة السابقة نفسها من الإعتداد بسطوته، بما يسمح له بالدفاع عن كل هذه "الانجازات" الأهلية؛ بالخطب الرنانة والتصريحات العنترية، التي أقنعت القاصي والداني بـ"إنتصاره التاريخي الاستراتيجي الإلهي" على اسرائيل في تموز 2006.
والحال، أن حسن نصر الله نفسه تملص من قيادة أركان هذا الشبح العشائري، اذ قال ان لا حزبه ولا "أمل" كانوا مسيطرين على "مجلسه العسكري"، ورمى الكرة، (لأول مرة؟) في ملعب غيره: "يجب ان تتصرفوا على هذا الأساس"، "على الكل تحمل مسؤولياته". (من هم هؤلاء "الغير"؟ أو أولئك "الكل"؟ الدولة على الأرجح، التي دُمّرت بسلاح الحزب نفسه، وصار الآن مطلوب منها ان تستفيق...).
التفسير الثاني القائل بانفلات الأمر من أيادي الحزب، هو، جزئياً، الأقرب إلى الواقع، من غير إعفاء الحزب من مسؤولياته المباشرة وغير المباشرة عن هذا الانفلات. لماذا؟ ولماذا جزئياً؟
جزئياً أولا: لأن كل الممارسات وكل المعاني التي خرج بها أبطال يوم الاربعاء الأسود، أي عشيرة آل المقداد، هي من صميم التنشئة السياسية للحزب: كلها تشي برفض صميمي للقوانين والأعراف الناظمة لحياة المجتمع والناس، من خطف وتخويف وعرض سلاح وقطع طرق وحرق دواليب، وتهديد بالمزيد.... الذين نطقوا كلاًما على الشاشات شرحاً وإنذراً وتخويفاً وعروضاً، كانوا يستخدمون المفردات نفسها، السلاح نفسه، الأقنعة المخيفة نفسها... واللوم نفسه على الأطراف السياسية الخصمة، المحلية والاقليمية، وعلى الدولة ورئيسها ورئيس وزرائها، اللذين لم "يهتما" بالمخطوفين اللبنانيين في سوريا (إبن المقداد والأحد عشر زائراً، المخطوفين كلهم في سوريا).
كل هذا عهدناه: خروج عن منطق الدولة، نخرها من الداخل والخارج، وكسر لهيبتها القصوى، القائمة على احتكارها للسلاح... ثم بعد ذلك اعتماد وضعية المواطن المظلوم السائل عن دولة تحفظ حقوقه، تدافع عنه، تحميه الخ.
جزئياً أيضاً: لأن العلاقة التي أقامها الحزب مع العائلات والعشائر، كانت ملتبسة على الدوام. يضمها الحزب إلى بيئته الحاضنة، رغبة بالتوسع والجماهيرية وسط أبناء الطائفة الشيعية، ولكنه يحفظ لها "حقوقها" كعصبية قوية، تقوم على العدد والتضامن بين أفرادها؛ وذلك خوفاً من خسارة أصواتها انتخابياً. تتربى هذه الكتل "الأهلية"، ذات الاستعدادات السوسيولوجية على خرق القانون والدولة، تتعزز شوكتها بذلك، وتكون مهيأة في لحظة قدر على التفلت من سلطة الحزب، العاجز، في هذه اللحظة عن تلبية حاجاتها، وهي هنا استعادة مخطوف، فتخرج بعديدها ورجالها عن سلطتة الحزب فضلا سلطة عن الدولة، ويكون يوم الأربعاء الاسود، وما يتبقى منه فصولا.
على منوال مشابه، تقوم علاقة الحزب بالدولة وأطرها: قمصانه السود في العاصمة بثوا ذعراً لا يقل سواداً، منذ ما يقارب العامين، فتمكن من "الإمساك" بالحكومة والسيطرة على مكوناتها من وزراء، بحلف أو تفاهم، لم ينجح أحدهما يوما، لا في حل المشكلات المستعصية ولا باتخاذ الموقف الصارم من أي إجراء يتم التصويت عليه. لا مع حلفاء اللحظة ولا حلفاء "وثيقة التفاهم" تمكن الحزب من السير بما يلزم للبلاد.
الحكومة التي "أنجزها" الحزب باتت مثل صراعات امعاءات دقيقة مع بعضها البعض. صراعات مزمنة تفوح منها رائحة العفن. ونتيجتها ان لا لبنان ولا الطائفة الشيعية التي يعتد الحزب بحمايتها، ينعمان بالحدّ الأدنى من العيش الكريم: لا كهرباء تمكن الحزب من تحقيقها، ولا أمن ولا أخلاق ولا حد أدنى من نظام، أو استقرار في معقله؛ بل انه، بمواقفه وتحياته وتنصلاته، عرّض الشيعة للخطر من جهة، أو للطرد من مكان رزقهم من جهة اخرى...
لكن المسؤولية لا تقع على الحزب بمفرده: نظام المحاصصة، الناظم لتوزيع خيرات الدولة لم يوجده الحزب. انه النظام المعمول به في حياتنا السياسية. الحزب وقع في شركه عندما تمردت عليه تكتلات أهلية "حليفة"، عشيرة آل المقداد في حالة أربعائنا الاسود؛ أو ربما "سايرها" عندما ظهرت إرهاصات تمردها، واعتقدت، في مكابرتها العنيدة، انها قد تمر كما مرت تمردات الاهل السابقة. لكنها تفلتت، ولم يعد هناك لا "غطاء" ولا كابح... وبدت المدينة مثل لقمة سائغة في فم وحش غير واضح المعالم.
ولكن، ما الذي منح هذه الكتلة العشائرية كل هذه القوة الضاربة؟ للمفارقة، انها استمدت فائض قوتها من دماء السوريين الثائرين على نظامهم منذ ما يقارب السنتين، هؤلاء الذين استطاعوا أن يهزوا العرش الأسدي، وأن يهددوا كل الخيوط الاقليمية التي أقامت عروشها الرديفة على انقاض عيش السوريين وكرامتهم. استمدت فائض قوتها من فراغ في القوة أحدثه تآكل النظام. قوة حزب الله من قوة البعث، وأي تهديد لهذا الأخير هو تهديد لحزب الله؛ يفرغ من قوته ليعطيه لقوة أخرى جديدة، كانت صاخبة ومشاكسة، ولكنها غير خارجة عن سلطة الحزب المطلقة، وقد بنى هذه الأخيرة على أساس أنها "إلى الأبد" (من يتذكر صراخ أحدهم في اعتصام حزبه الالهي في الوسط التجاري لمدينة بيروت عام 2006 ، من ان حزب الله، هو أيضا، "إلى الأبد"؟).
ولأن الحزب ربح البلد أيام كان البعث يعد نفسه بالخلود، فان أي مسّ بأسباب هذا الخلود، سوف يكون مسا بقوة من قام عليه. هكذا ظهر آل المقداد في تنظيمهم لفلتان المدينة: يملؤون فراغا في القوة، أحدثه الزلزال السوري.
هذا التغير لا ينحصر بحزب الله. إنه يطال أيضاً الأطراف الاخرى، الخصمة. وصعود السلفيين في الوسط السني، في صيدا وطرابلس، والثقل الجديد للاخوان المسلمين اللبنانيين ("الجماعة الاسلامية") في الوسط نفسه، خير دليل: ليس فقط على ضعف أصاب الزعامة السنية التي قامت ركائزها على التوازن القديم، أو لأن التياران الاسلاميان، السلفي، وبدرجة أقل، الإخواني، صعدا بعد 7 ايار، ضمن عملية محاكاة أصولية سنية لأصولية شيعية مزدهرة... كما تماهت الأصوليتان معاً، الشيعية والسنية، مع الأصولية اليهودية، تبريراً لمزجهما بين الدين والدولة. ليس هذا فحسب؛ إنما أيضا لأن أجنحة الأصولية السنية باتت ترفرف في السماء العربية بعد الثورات، بعدما حلّقت عقودا قبلها في السماء الإسلامية الشيعية. تلك هي لحظة القدر التي يكابر حزب الله ولا يريد النظر إليها.
خير دليل على التعامي عن هذا الواقع خطاب حسن نصر الله الأخير، الذي برأ نفسه فيه من مسؤولية تهمة انفلات الاربعاء الاسود. من دون التفوه بكلمة واحدة عن المجازر التي يرتكبها حليفه يومياً بحق الشعب السوري، على بُعد أقل من مئة كيلومتر، ولا عن تلك المجزرة التي حاول تصديرها عبر أبرز مثرثريه حول "المؤامرات الأميركية الصهيونية"، ميشال سماحة. فهو غير معني إلا بـ"شهداء" النظام، من امثال شوكت وراجحة والتركماني والشعار.
كل هذا لا يعرفه "سيد المقاومة". هو يقوم بما يعرف: تهديد الاسرائيليين بالقتل. اذا هاجمتنا اسرائيل، يصرخ ويقسم... آلاف القتلى... فيما اسرائيل تعد العدة لشن حرب ضد ايران، لا توافق عليها لا الولايات المتحدة ولا ما يقارب نصف الاسرائيليين ونصف طبقتهم السياسية، فضلا عن قيادات أركان عليا في جيشهم. ومع ذلك تتحضر اسرائيل لكل الاحتمالات: ملاجئ، ستر واقية من الغاز السام، تدريبات مدنية على مواجهة الاخطار، مناورات عسكرية.... هل هيأ نصر الله وحزبه شيئا من هذا القبيل؟ ليس لبقية اللبنانيين الذين لن يؤثروا على زعامته، ولكن للشيعة بالذات؟ هل يتصور مثلا ان يُقتل عشرات الآلاف من الاسرائيليين من دون أن يُخدش لبناني؟ وإلى ما هنالك من تساؤلات، تبدو احيانا ساذجة لشدة ما تكررت في سرنا طويلا...
وفي اليوم الثاني بعد الخطاب، تكون مقدمة نشرة قناة "المنار" الحزبلهية، شماتة بـ"العدو"، الذي "خاف" من تهديدات نصر الله بالموت... يا فرحتنا بخوف "العدو" منا! كأننا لم نتعلم بعد ان خوف اسرائيل منا يفتح لنا أبواب جهنم على مصراعيه.
أما بعد لائحة الفشل غير المكتملة هذه، يصحّ الآن على الحزب، أو ربما بعض اعضائه الذين لم يسترخوا على نعيم الامتيازات والاعفاءات والتجاوزات، أن يتوقفوا عن المكابرة، أن يصحوا على ما يدور حولهم، أن يراجعوا رؤاهم... قبل أن ينجرفوا، ومعهم لبنان الى أيام سوداء، ليس الأربعاء منها إلا بروفةً لطيفةً.
 
سوريا: كل يوم عاشوراء.. كل شبر كربلاء
(الى أحفاد الإمام الحسين في لبنان: سماحة السيّدين هاني فحص ومحمد حسن الأمين)
جريدة المستقبل...هوشنك أوسي()
"الشعب السوري مابينذل"، هذا أول الشعارات التي رددها المتظاهرون السوريون في مطلع ربيع ثورتهم على "طاغية الشام"، على حدّ تعبير الزعيم اللبناني وليد جنبلاط.
رفض الذلّ والمهانة وهدر الكرامة وهتك الاعراض، والسعي نحو التحرر والانعتاق من جبروت الاستبداد وأذرع اخطبوطه الأمنيّة في سورية، كان ولا يزال لسان حال السوريين، رغم كل ما عانوه من ظلم وطغمة واجرام وإبادة وخنق ونحر وإحراق وتدمير ونهب وسلب للبلاد والعباد. وهذا ما يجعل الثورة السوريّة أنبل ثورات شعوب المنطقة وأشجعها. ذلك ان النظام الذي يواجهه السوريون، هو حتى أبشع من النظام الذي يواجهه الفلسطينيون، وابشع من نظام صدّام حسين الذي استخدم السلاح الكيمياوي ضدّ شعبه، وابشع من النظام الذي واجهه الامام الحسين، عليه السلام. وحين ردد السوريون شعارهم السالف الذكر، فقد كان قدوتهم في ذلك الإمام الحسين، في كربلاء، وهو تحت الحصار والتهديد بالموت، مع صحبه وعياله القلائل، مواجهاً اعتى عتاة الشرّ والإجرام آنئذ، فقال في خطبة عاشوراء: "ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلة والذلة، وهيهات له ذلك منّي، هيهات منا الذلة. أَبى الله ذلك لنا ولرسوله والمؤمنون، وحجور طهرت، وجدود طابت، وأُنوف حميّة، ونفوس أبيّة أن يؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام". وعليه، خيار الشعب السوري في ثورته على نظام الأسد هو خيار الامام الحسين ضد الظلم والعدوان، الرافض للاستسلام للمهانة والذلّ. ولكن ثمّة من في لبنان والعراق وايران، لا يكتفي بدعوة الشعب السوري للاستسلام والاذعان لـ"يزيد العصر"، وفي الوقت عينه، يعلن هؤلاء؛ انهم من شيعة الامام علي بن أبي طالب، وبل يدعمون ويساندون نظام يزيد - الأسد بالعدّة والعتيد، ويسفكون دماء السوريين! يكفي الردّ عليهم، بما ردّ الحسين على أفراد من جيش الكوفة، الذين طلبوا الانصياع لحكم يزيد لكي ينعم بالسلامة قائلاً: "لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا إقرار العبيد" (مقتل الحسين للمقرّم: 280، تاريخ الطبري 323:4).
لم يعد خافياً لكل ذي ضميرٍ حيّ؛ أن سورية، في كل لحظة عاشوراء، وكل شبر من ترابها تحوّل الى كربلاء، نتيجة الحصار والذبح والتعذيب والتجويع والتدمير والأرض المحروقة الممارس عليها، وإزهاق أرواح النساء والشيوخ والاطفال والشباب، والتمثيل بجثثهم، على أيدي نظام الأسد وجلاوزته من شبّيحة وأمن وجيش!. ان ما يحدث في سورية، ينقطع له قلب التاريخ، ويهزّ أركان الوجود وأقطاره، فما بالكم من إيلامه ذوي القلوب الرقيقة والعقول الراحجة من أقطاب الفكر الشيعي، ورجالاته الأصلاء في لبنان. وعلى خطى نصرة الحسين في كربلاء ومشايعته ومبايعته إماماً وليّاً، مظلوماً شهيداً، أصدر سماحة السيّدين هاني فحص ومحمد حسن الأمين بيانهما "التاريخي"، معلنين فيه تضامنهما مع الثورة السورية والشعب السوري. وقالا فيه: "تواصلاً مع موروثنا الشيعي في مقارعة الظالمين، أياً كانوا، ونصرة المظلوم أياً واينما كان، والتزاماً منا بموجبات موقعنا الديني المنتقص من دون ان ينقص، بالقوة والجمهرة والكلام التعبوي اليومي والزبائنية السياسية والعلاقة الريعية". وأشارا الى دورهما الفكري الشيعي الاسلامي العربي والتنويري "الذي لا ينكره الا مكابر او غوغائي ووقوفهما الى جانب المقاومين للاحتلال الصهيوني لفلسطين ولبنان، والاحتلالات الوطنية، التي استخدمت فلسطين والعروبة والممانعة ضد شعوبها فقط". ودعا الأمين وفحص الشيعة في البيان "إلى الانسجام مع أنفسهم في تأييد الانتفاضات العربية والاطمئنان إليها والخوف العقلاني الاخوي عليها.. وبخاصة الانتفاضة السورية المحقة والمنتصرة باذن الله والمطالبة بالاستمرار وعدم الالتفات الى الدعوات المشبوهة بالتنازل من أجل تسوية جائرة في حق الشعب السوري ومناضليه وشهدائه مع ما يجب ويلزم ويحسن ويليق بنا وبالشعب السوري الشاهد الشهيد من الغضب والحزن والوجع والدعم والرجاء والدعاء، أن يتوقف هذا الفتك الذريع بالوطن السوري والمواطن السوري". مؤكدين أن "من أهم ضمانات سلام مستقبلنا في لبنان ان تكون سوريا مستقرة وحرة تحكمها دولة ديموقراطية تعددية وجامعة وعصرية". وتابع فحص والامين: "إننا نفصح بلا غموض أو عدوانية عن موقفنا المناصر غير المتردد للانتفاضة السورية، كما ناصرنا الثورة الفلسطينية والإيرانية والمصرية والتونسية واليمنية والليبية وتعاطفنا مع التيار الاصلاحي والحركة الشعبية المعارضة في ايران وحركة المطالبة الاصلاحية في البحرين وموريتانيا والسودان". وأبدى الأمين وفحص "استعدادهما لمناصرة أي حركة شعبية ضد أي نظام لا يسارع إلى الاصلاح العميق تفادياً للثورة عليه واسقاطه"، معتبرين ان "الباطل الذي كان دائما زهوقاً قد زهق، اما احقاق الحق فطريقه طويل ومعقد ومتعرج، وفيه كمائن ومطبات كثيرة، ويحتاج إلى صبر وحكمة ويقظة وحراسة لدم الشهداء، حتى لا يسطو عليه خفافيش الليل وقطعان الكواسر.. ويحتاج الى شفافية وحوار وود ونقد. ولن نبخل بالود الخالص والنقد المخلص، آتين الى الحق والحقيقة والنضال والشهادة من ذاكرتنا الإسلامية النقية ومن رجائنا بالله ومن كربلاء الشهادة التي تجمع الموحدين وتبرأ الى الله من الظالمين".
الحقّ أنه لخطابٌ كربلائيٌّ أصيل، لا يصدر إلاّ من حفيدين حقيقيين لسيّد شباب الجنّة، أبا عبدالله الحسين. انه الخطاب الخالص المخلص للإرث الحسيني الكربلائي في المقاومة ومقارعة الظلم والظالم، أيّاً كان، وأين كان. وهو ليس بجديد عن هذين العالمين الإسلاميين الجليلين، بل أتى تتمّة لمواقف وتصريحات سابقة، مؤيّدة للثورة السوريّة، وناقدة لكلّ توجّه لبناني، مؤيّد وداعم للنظام السوري.
بيان السيّدين فحص والأمين، هو لسان حال قطاعات واسعة من النخب الثقافيّة والدينيّة الشيعيّة اللبنانيّة والعراقيّة، غير التابعة للسلطة الإيرانية. ولا يتسع هنا المقام لذكر عشرات الأدباء والشعراء والمثقفين والساسة اللبنانيين والعراقيين ممن يدعمون الثورة السوريّة، وينتقدون موقف ايران ودكاكينها السياسيّة في لبنان والعراق. ولعمري أنه لو كان سماحة السيّد محمد حسين فضل الله وسماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين على قيد الحياة، لكانا الى جانب الأمين وفحص في بيانهما التاريخي السالف الذكر. ذلك أنه أقلّ ما يقال في هذا البيان، انه اصطفاف مع المظلوم كائناً من كان، ضدّ الظالم الذي ربما يمتّ بآصرة بالمذهب او الطائفة، وعدم ترجيح العصبيّة المذهبيّة والطائفيّة على مناصرة المظلوم ضدّ الظالم. هذا البيان، كان له وقع البلسم والمرهم لجراح السوريين، وسط ما يقترفه حزب الله وباقي الزواريب السياسيّة (السوريّة - الايرانيّة) في لبنان والعراق من جور وظلم بحقّ الثورة السوريّة، ونصرتهم لنظام القتل والاجرام الاسدي. هذا البيان، هو بمثابة انشقاق عمّن يريد زجّ الطائفة الشيعيّة الكريمة في هذه الحرب القذرة والدنيئة ضد الشعب السوري وثورته على طغمة الآسد وشبّيحته. انه بيان العقل والروح الشيعي الأصيل، الذي لن ينساه الشعب السوري، بكل مكوّناته الدينيّة المذهبيّة والقوميّة والعرقيّة. وسيكون مادّة للدراسة والتحليل، كوثيقة دالّة عن عمق تنويري - ثقافي معرفي، وحساسيّة وطنيّة ديموقراطيّة، وبُعد تاريخي حضاري، لدى فحص والامين تأكيداً على المواقف الحازمة والحاسمة في مواجهة الدوغما العقيديّة التي تدفع بالمحازبين نحو التورّط في الحروب الظالمة. انه نداء العقل والروح لكل من تورّط في سفك دماء السوريين، بأن يعود الى صواب كربلاء الحسين، وألاّ يكون مع الظالم، لأن الأخير من قومه أو دينه أو مذهبه أو طائفته!. انه بيان العقلانيّة الدينيّة، في أرقى أشكال حساسيّتها وتنبّهها لمخاطر التحزّب الأعمى للدين او المذهب او الطائفة. لذا، لا غرابة في اعتبار الدوغمائيين والطائفيين لفحص والامين على انهما "خائنان" و"مارقان"، لكونهما شقّا عصا الطاعة لايران وحزب الله اللبناني، المنخرطين في قمع الثورة السوريّة الى جانب نظام الأسد.
نشرت صحيفة "الحياة" لكاتب هذه الأسطر، مقالاً بعنوان: "آن للسيّد السيستاني أن يخرج عن صمته" (الثلاثاء 20/03/2912). وكان المقال، نداء موجّهاً لسماحة السيّد علي السيستاني، كي يعلن عن موقف حيال المجازر الوحشيّة التي يرتكبها نظام الأسد بحق ابناء الشعب السوري، وان يبدي موقفه من التورّط الايراني وحزب الله اللبنانيّ وبعض الاحزاب العراقيّة الايرانيّة في هذه ارتكاب هذه المذابح الى جانب نظام الأسد. إلاّ ان السيستاني لا زال على صمته!. والى جانب استمرار هذا الصمت المريب، يظهر مدى نبل وعظمة وسموّ صرخة فحص الأمين في بيانهما.
قصارى الكلام: إذا كانت وثيقة فحص الأمين بيان دعم للثورة السوريّة، فيه في الوقت عينه، بيان تنديد وشجب وإدانة لكل من يدعم نظام الأسد. وعليه، هكذا يكون الاخلاص لنهج الحسين، عبر إدانة المعايير المزدوجة بأن يكون المرء مع ثورة المظلومين في مكان ما، وضدّ هذه الثورة في مكان آخر، لكون الظالم المستبدّ هنا، من نفس طينة الملّة او الطائفة او الحزب. بيان الأمين فحص، أكّد ان حزب الوطن، أكبر وأعظم وأسمى من حزب الدين والملّة والطائفة. وأن حزب الإنسان المظلوم، كائناً من كان، هو الأكثر قوّةً من حزب البنادق والسلاح والصواريخ. كما أكّد البيان؛ ألاّ مكان للشيعة إلاّ في محيطهم الوطني الديموقراطي، بعيداً من المحاور السياسيّة الطائفيّة، اللاوطنيّة.
 
() كاتب كردي سوري

 

 

حزب الله... هل يقترب من خط النهاية؟

المستقبل...إياد العبدالله()
 
بالنسبة للشعوب العربية، كانت ظاهرة حزب الله هي إحدى أهم التظاهرات الثورية التي ولدت في المنطقة العربية. فالحزب منضبط، ويظهر حساسية خاصة تجاه كل ما هو أخلاقي، تتركز أيديولوجيته على نصرة المظلوم ومناهضة الظالم، وليس أظلم من إسرائيل، العدو الوحيد له! ستهتز صورة حزب الله بعد حادثة اغتيال رفيق الحريري التي ستكون بداية دخول الحزب في كواليس السياسة اللبنانية بشكل علني. سيتزعم حزب الله أحد معسكرين سيرسم الصراع بينهما خطوط السياسة اللبنانية في السنوات الأخيرة، وسيبرر انحيازه هذا بما هو متاح في قاموس الممانعة، من مفردات المؤامرة والصمود والوطن والمقاومة. المفردات ذاتها سيستند إليها في توضيح موقفه الداعم لسوريا المتهمة آنذاك بجريمة اغتيال رفيق الحريري. ستتعدل الصورة في حرب تموز 2006 بفضل الصمود في وجه آلة الحرب الإسرائيلية، لتهتز بعدها، وخصوصاً بعد اجتياح بيروت أيار 2008 التي ستكون إحدى خطايا حزب الله.
قبل قيام الثورات العربية، كانت الهيمنة ظاهرة لفريق حزب الله على لبنان، والذي ظهر أحد تجلياته في إسقاط حكومة الحريري، إلا أن منغصات كانت تقض مضجع حزب الله، وكان عليه أن يعد العدة لمواجهتها. كان منها ما يتعلق بالمحكمة الدولية في قضية اغتيال الحريري، والتي تسربت بعض الأنباء أنها ستوجه الاتهام لبعض عناصر حزب الله. موقف هذا الأخير كان واضحاً، عدم التسليم بهذا الاتهام ورفض كل ما يتعلق به لاحقاً، مع تهديدات مبطنة لفرقاء لبنانيين ممن قد يمهد بعض السبل أمام هذا الاتهام، فمن اجتاح بيروت مرة يستطيع أن يفعلها مرة ثانية. ومنها ما يتعلق بالملف النووي الإيراني. فرضت عقوبات على إيران، وانتظرت إسرائيل أن تأتي هذه العقوبات بنتائج مرجوة لها، وإلا فإنها قد تتحرك لضرب المنشآت النووية الإيرانية. وفي حال حصل هذا فلا مفر لحزب الله من المشاركة، أو ربما توجه إسرائيل ضربة استباقية لحزب الله بغية إضعاف إمكانية الرد الإيراني من على حدودها. حزب الله كان يستعد لهذا الأمر، ولكن الأمر الذي يقلقه هو نظرة اللبنانيين هذه المرة إلى هذه الحرب التي ستحصل على أراضيهم كرمى لإيران.
الأمر الذي لم يحسب حزب الله حسابه هو الثورات العربية. ومع ذلك كان من السهل عليه في بداية الأمر دعم تحرك الشعوب العربية في كل من تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن. بالنسبة لنظام حسني مبارك في مصر، ثمة خصومة تجمع بين الحزب وبينه، كانت آخر تظاهراتها في اتهام حزب الله لنظام حسني مبارك في تسهيل العدوان الإسرائيلي على غزة مطالباً ملايين المصريين النزول إلى الشارع احتجاجاً. أما نظام القذافي فثمة عداء عتيق بينهما يعود سببه إلى حادثة اختفاء الإمام موسى الصدر، وكان من المفارقات احتفال إعلام حزب الله مع الليبيين يوم سقوط القذافي متغاضياً عن دور الناتو في دعم هذه الثورة، بل ومتغاضياً عن حزن الجيران الحلفاء، النظام السوري، الذي كان طوال الثورة الليبية في الخندق المعادي لها.
الوقوف إلى جانب النظام السوري هو ما ميز موقف حزب الله، الذي عبر عنه من خلال أمينه العام وإعلامه. يبرر حسن نصرالله هذا الموقف بأمرين الأول يتعلق بموقف سوريا الممانع والمقاوم، والثاني بالرغبة "الصادقة" للقيادة السورية في الاصلاح. في شرح موقفه يكرر حزب الله ذات المفردات التي تتعلق بالمؤامرة التي تستهدف سوريا نتيجة موقفها الممانع ودعمها للمقاومة، وأنه إذا نجحت قوى الاستكبار بتغيير الأسد فستكون ضربة لثقافة المقاومة وواقعها واستراتيجياتها! يسيء نصرالله للسوريين في كلامه هذا، إذ يظهرون وكأنهم حشد لا قيم له ولا اعتبار للقضايا الوطنية والأخلاقية، ويبدو مفهوم الوطن غريباً عنهم، بل ومقحم عليهم من خارجهم، من النظام "الوطني"، الذي يشكل سداً أمام انجرافهم إلى أحضان العدو الإسرائيلي.
يحضر الاصلاح وكأنه مشروع جوهري للنظام في عهده الجديد. بل واستطاع أن يسير فيه إلى الأمام خطوات لا بأس بها، خصوصاً في الآونة الأخيرة! وفي واقع الأمر أن مقارنة صغيرة بين سلوك النظام في هذه الآونة وسلوكه قبل الثورة كفيل بنقض حكايات نصرالله الذي لا يشرح لنا عن مبرر كل هذا العنف من قبل نظام الإصلاح هذا في مواجهة التظاهرات السلمية في بداية الثورة.
ينطلق حزب الله في موقفه من الثورة السورية من معطيات تخص وجوده ذاته، الذي ربطه ببقاء هذا الخط الممتد من طهران إلى غزة، قبل أن تغادره حركة حماس. بعد تحرير جنوب لبنان ارتبط حضور حزب الله في الحياة السياسية بالأدوار التي يلعبها في تعزيز محور "الممانعة"، وأي ضعف قد ينال من هذا المحور سينعكس بالضرورة على قوة حزب الله وشرعية وجوده. ومن هنا كانت مصالح هذا المحور مقدمة على أي اعتبارات وطنية لبنانية، وأساساً لسياسات داخلية يعتمدها حزب الله. لقد كانت "سوريا الأسد" هي البوابة الرئيسية التي يتدفق منها كل أنواع الدعم المالي والعسكري والاستخباراتي والسياسي. فقدان هذه البوابة، يعني اختناق حزب الله وانحسار نفوذه في لبنان. وإذا كتبت له الحياة وقتها، فإنه بكل بساطة لن يكون حزب الله الذي كانه في الماضي السعيد، بل ينبغي أن يعدل من سياساته وأيديولوجيته وشكل حضوره بدءاً من الحياة السياسية اللبنانية وصولاً إلى ما يمس تعاطيه مع القضايا، الإقليمية والعربية، وهي أمور خاضعة في هذا الوقت لمعايير تصب في صالح التحالف القائم بينه وبين إيران ونظام الأسد. إن نظام حكم جديد في سوريا، غالباً ما ستكون أولوياته ونظرته في التعاطي مع القضايا، التي تمس سوريا ودورها، مختلفة عما كان في عهد نظام الأسد، الذي ربط تعاطيه مع القضايا، ذاتها بما يخدم وجوده ومصالحه، ومعه مصالح الحلفاء. وهو أمر يقلق حزب الله بكل تأكيد. فهل نجاح الثورة السورية ينطوي على احتمال بداية النهاية لحزب الله؟ على الأقل كما عرفناه سابقاً؟ ربما.
() كاتب سوري
 
من النقمة إلى الثورة.. وبالعكس
المستقبل...عمر قدور
السوريون غاضبون؛ غاضبون بسبب عجزهم حتى الآن عن إسقاط النظام. غاضبون بسبب تخلي العالم عنهم. غاضبون بسبب متاجرة الآخرين بآلامهم... في الواقع ثمة أسباب لغضب السوريين يصعب إحصاؤها، وقد يكون الشعور بالغضب، ومن ثم بالنقمة، أكثر المشاعر التي تنتابهم، بل ربما باتت هذه المشاعر أكثر ما يوحدهم وجدانياً. يتسارع الغضب كل يوم إضافي، بالتوازي مع طيران النظام ومدرعاته، اللذين لا يتوقفان عن قصف بيوت السوريين ومصادر عيشهم، ولا تتوقف أصوات الانفجارات عن قصف إنسانيتهم، لا لحظات سلوى عابرة تخفف عنهم، ولا آمال كاذبة بخلاص قريب جداً.
خلال سنة ونصف تحمل السوريون ما يصعب تحمله، وما لا ينبغي تحمله وفق أي معيار إنساني، المحك هنا ليس في عدد القتلى الذي جاوز الخمسة والعشرين ألفاً، فلو ضحى هؤلاء بأرواحهم خلال زمن قصير وانتصرت الثورة لهان الأمر، ولو كان هؤلاء من المقاتلين الذين وضعوا حياتهم فداء للثورة بملء رغبتهم لخفف ذلك من مصاب فقدهم. لكن غالبية الذين قتلوا من المدنيين الأبرياء، الذين لم يقترفوا سوى ذنب التوق إلى الحرية أو التعاطف مع الثورة، وربما كان البعض منهم بريئاً حتى من شبهة الثورة. هكذا استُبيح الدم السوري، بل استُبيح كل ما يخصه، على الهوية وحسب، إذ يكفي أن يقطن السوري في منطقة ثائرة ليكون مشروع قتيل أو نازح أو معتقل.
من الغضب المكبوت طوال عقود أتت الثورة، وجاءت وحشية النظام في التعامل مع الثورة لتولّد النقمة، فضلاً عن نكئها الجراح القديمة التي تناساها أصحابها. حافظ السوريون على نبل غضبهم لأشهر مديدة من القتل بدم بارد، لكن النظام أبى إلا أن يوقعهم في موضع النقمة، وهكذا كان، ولن يكون معيباً الاعتراف بأن الآلاف التحقوا بالثورة بداعي النقمة أولاً، وبأن النظام زرع آلافاً من الثارات في آلاف البيوت السورية. لم يعد لازماً للسوري أن يقتنع بالثورة لينخرط فيها، يكفيه أن النظام قتل أخاه أو أخته، أو العديد من أفراد عائلته، يكفيه أنه رأى بعينه عشرات الجثث للذين قضوا تحت قصف أخطأه هذه المرة، ويكفيه معرفة ما آل إليه بيته من خراب بعد نزوحه، بعد أن قامت قطعان الشبيحة بسلب ما طاب لها من موجودات وحرق تلك التي لا تتناسب مع أذواقها، أو حتى حرق الجدران العزلاء لمجرد التلذذ بمشهد الانتقام.
قتل، اعتقال، اغتصاب، تشريد ونهب ممتلكات؛ بات على الثورة أن تحمل إرث هذه الممارسات الفظيعة، وإذا تكفلت انطلاقتها الأولى بكسر حاجز الخوف لدى قسم من السوريين فإن ممارسات النظام ستتكفل بكسره لدى قسم كبير مما سمي سابقاً "الفئة الصامتة"، ذلك حين لم يبقَ لهذا القسم ما يخسره حقاً. ليس بوسع أي جهة الآن تقرير حجم الدمار المادي والنفسي الذي لحق بالسوريين حتى الآن، والذي يتفاقم كل يوم. فطوال سنة ونصف تعايشوا مع أخبار ثورتهم التي يتناوبها الأمل والدم معاً. وبينما يحيك الأمل منظومة أخلاقية وحقوقية طالما تطلّعوا إليها، تجبرهم أصناف القمع الوحشي على التضحية بأبسط مبادئ العيش. بين هذين الحدين الأقصيين تتمزق نفوس الكثيرين منهم، وكلما امتلكتْ مناعةً ضد سوية من القمع أقدم النظام على زيادته بما يفوق القدرة على التحمل، ذلك إن تجاهلنا الأذى النفسي الذي تضمره المناعة ضد العنف في هذه الحالات.
لم يكن ما سبق بلا أثر على مسار الثورة ذاتها، فمن المحتم أن ممارسات النظام دفعت بأعداد كبيرة من الناقمين إلى صفوف الثورة، ومن المتوقع والمبرر إنسانياً أيضاً أن هؤلاء يستعجلون القصاص من جلاديهم بأي ثمن ومهما كانت النتائج. قد يكون من الترف الفكري في مثل حالتنا التمييز بين الغضب اللازم والضروري لكل ثورة وبين النقمة التي لا تعني تمثلاً ثورياً للغضب بقدر ما تكتفي منه بالعنف الثوري، وفي مثل حالتنا قد يصبح العنف المنضبط ضرورة لاستمرار الثورة ذاتها، وضمن الحد الذي لا تؤثر فيه انفعالات النقمة، بل يضمن وبشكل حاسم المصلحة الكلية للثورة والغايات الأساسية لها.
من ناقم إلى ثائر؛ يتعين على السوري قطع هذه المسافة نفسياً ومعرفياً، على رغم أن مجمل الظروف تدفعه إلى الحد الأول والبقاء عنده، وليس مستبعداً أن بعض الثوار قد تغلبت عوامل النقمة لديهم بفعل الظروف المشار إليها فنكصوا عن بعضٍ من مراميهم الثورية، وليس مستبعداً في المقابل أن بعضاً ممن انضووا في الثورة بسبب نقمتهم قد صقلتهم التجربة ووسّعت من آفاقهم النفسية والمعرفية. هنا أيضاً تغيب الحدود الصارمة، إذ قد تتناوب عوامل النقمة والثورة ضمن النفس الواحدة، وقد تولد مجزرة جديدة من النظام ردود أفعال ناقمة تؤخذ بظرفيتها فقط، وقد تبقى النفس في تقلقل دائم، إلا أن تكرار المجازر ينبغي ألا يستولد استمراراً للنقمة، على الرغم من صعوبة الإقامة في الغضب ولجم العنف الأعمى الذي قد يكون كامناً فيه.
لا شك في أن الحل الحاسم والنهائي هو سقوط النظام، وكلما أتيح ذلك سريعاً وفر على السوريين المزيد من التضحيات والمكابدة النفسية، وقد نغالي ونجافي الواقع إذ نطالبهم بما يفوق قدراتهم، إذ من المرجح أن يؤدي طول أمد الثورة إلى تفشي بعض النوازع السلبية هنا أو هناك، ومن المؤكد أن يؤدي انتشارها الواسع إلى فقدان بعض عناصر الانسجام المعرفية، وحتى المعنوية والأخلاقية. إلا أن الواقعية تقتضي أيضاً ألا تتذرع الثورة بالصعوبات لتبرير ممارسات تتنافى مع طبيعتها، وألا تسمح للمعوقات بأن تنتقص من سويتها الأخلاقية الكلية. مع كل وافد جديد تكتسب الثورة قوة إضافية، ولكن من الضروري الانتباه إلى أن العداء للطغيان قد يوحّد الناقمين المختلفين من دون أن يعني ذلك اتفاقاً على إسقاط منظومة الطغيان برموزها الثقافية والأخلاقية.
حتى الآن نجا السوريون من الفخاخ الأكثر دماراً التي حاول النظام استدراجهم إليها، وتغلبت لديهم عوامل الردع الذاتي فلم ينفلت العنف في ظل الغياب القسري أو المتعمد للدولة، وعلى رغم أن النظام شجع منذ بداية الثورة وأوجد البيئة المناسبة لشتى أصناف الانحرافات. صمد السوريون حتى الآن بحسهم الأخلاقي والوطني أولاً، هذا لا يعني أن صمودهم سيبقى مطلقاً، ولا يعني أيضاً أنه صمود خارج الوعي بدرجاته المختلفة؛ وعي يستمر الإصرار أو التدرب عليه يومياً، وربما يأخذ هذا شكل التعزيز النفسي كما تنصح به الإرشادات السلوكية المبتذلة، فنرى حجماً ضخماً من الكتابات على الصفحات الافتراضية التي تؤكد على التمييز بين الغضب والنقمة؛ كتابات لا تتوجه إلى الآخرين بقدر ما هي أولاً نوع من التمرين النفسي لأصحابها الذين يكررون لأنفسهم المرة تلو الأخرى أنهم سيبقون على النقيض من الطغاة.

 

 

الجيش الإسرائيلي ينشر تفاصيل خطته لحرب محتملة مع مصر
المستقبل...القدس المحتلة ـ حسن مواسي
نشرت مجلة "يسرائيل ديفينس" التي تصدرها وزارة الأمن الإسرائيلية، تفاصيل خطة "عوز" التي أعدتها الوزارة لمواجهة احتمال نشوب حرب على الجبهة الجنوبية، وتحديداً مع جمهورية مصر العربية بعد تولي الرئيس محمد مرسي منصبه كأول رئيس لمصر من جماعة الإخوان المسلمين.
وتضمنت الخطة التي وضعتها الوزارة على تفاصيل كاملة ومفصلة لمواجهة مصر عسكريا والتي تضمن أيضا نشر صواريخ "ساعر 5" لشل قناة السويس 20 عاماً، إلى جانب شراء أسراب إضافية من مقاتلات اف 35 وتطوير طائرات راكض السماء وبناء منصات صواريخ "الرمح السحري".
وبينت مجلة وزارة الدفاع الإسرائيلية "يسرائيل ديفينس" الخطة المفصلة لاستعدادات الجيش للمواجهة العسكرية مع مصر، في حال نشوبها، مشيرة الى ان العلاقات بين اسرائيل ومصر تسير في شكل تصادمي بعد 30 عاماً من السلام الهادئ، وأن لعبة البوكر بينهما ستنتهي بخسائر كبيرة في حال إعلان الحرب من كلا الطرفين.
وأوضحت المجلة أن دخول الدبابات المصرية بشكل كبير الى شمال سيناء، دون التنسيق المسبق مع القيادة العسكرية ، شكلت الخطوة الأولى نحو المسار التصادمي بين البلدين. وأوضحت في تفاصيل الاستعدادات العسكرية لمواجهة مصر، ان الجيش الإسرائيلي بدأ بالفعل تدريب عدد كبير من قواته على المواجهة الحربية على عدة جبهات، وأخذ بتأهيل مقاتليه نفسياً في مواجهة مصر، حال نشوب الحرب.
وكشفت المجلة العسكرية عن تفاصيل خطة الجيش الجديدة والتي أطلق عليها اسم خطة "عوز"، والتي وافقت عليها هيئة الأركان العامة، مشيرة إلى أن تلك الخطة ستحدث تغيراً ثورياً لموازين القوة خلال السنوات الخمس المقبلة.
ووفقا للخطة فقد بدأ الجيش بالفعل، تأسيس تشكيلات مقاتلة متعددة المهام العسكرية، عقب الأحداث المأسوية الأخيرة في مصر، كما وافقت وزارة الدفاع والجيش على الاستمرار في إنتاج الدبابات من طراز ميركافا 4 ومدرعة ميركافا ذات القدرات العالية في التجسس وجمع المعلومات، بعد أن كان قد تم تخفيض إنتاجها لتوفير الميزانية.
وجاء في خطة الحرب أنه سوف يستمر إنتاج الميركافا 4 حتى العام 2022 على الأقل، وحتى ذلك الحين ستؤتى الخطة ثمارها من خلال تطوير وإنتاج المدرعات والمركبات القتالية المستقبلية بالتعاون مع الهند، حيث ستتمتع بخزانات وقود كبيرة للغاية ستكون مختلفة تماماً عن نظرائها في العالم، حيث يقوم على تطويرها العميد احتياط يوآش بن ديدي. وفي سياق خطة الحرب المستقبلية ضد مصر سيقوم سلاح الجو بالاتفاق على صفقة جديدة لشراء أسراب طائرات قتالية.

 

 

نبرات التشاؤم البرلمانية العراقية تستبق مساعي حلحلة الأزمة السياسية
بغداد - «الراي»
رغم التوقعات المرجحة لقرب انفراج الأزمة العراقية، بالاستناد إلى تحركات مكوكية جال فيها سياسيون رفيعو المستوى على مقرات نظرائهم، واللقاءات التي جمعت اخيرا رئيس الجمهورية جلال طالباني بزعامات سياسية في برلين حيث يخضع للعلاج، إلا ان هناك من قلل من أهمية الجهود المبذولة في هذا الإطار نتيجة الأجواء المشحونة السائدة بين الفرقاء.
عدد من الساسة الذين شاركوا في اجتماعات ثنائية مع نظرائهم من كتل أخرى بهدف حلحلة الأزمة السياسية، أبدوا عدم تفاؤلهم تجاه نتائج «القمة السياسية» التي يحضر لها طالباني منذ أشهر، ويتوقع أن يلتئم فيها شمل أطراف النزاع الداخلي على طاولة الحوار مطلع الشهر المقبل بعد عودته من رحلته العلاجية التي قضاها في مستشفى الماني.
«نبرات التشاؤم» صدحت بها حناجر نواب ينتمون لكتل مختلفة، أبرزها جاءت على لسان النائب علي شبر، عن كتلة «التحالف الوطني»، أكبر فصيل برلماني، حيث استبعد نجاح مبادرة «فخامة الرئيس» ومساعيه لحلحلة الأزمة التي عصفت بجذور العلاقة التاريخية التي كانت تربط القوى الشيعية والكردية تحديدا.
وقال شبر، إن «طالباني ليس بيده عصا سحرية، ولن يستطيع حل الأزمة السياسية بشكل كامل»، محملا الكتل السياسية مسؤولية «الأوضاع المتأزمة» الذي تعيشها البلاد على مختلف الصعد منذ نهاية العام المنصرم موعد نشوب الأزمة.
النائب الملتحي ذو التوجهات الإسلامية، كشف عن السبب الذي دفع الكتل السياسية للموافقة على حضور الاجتماع المرتقب والجلوس على طاولة حوار واحدة، هو «إدراكها أن جمهورها بدأ يرفضها نتيجة ابتعادها عن تطلعاته»، داعيا القوى السياسية إلى المشاركة في عملية الإصلاح المنتظرة للخروج بحلول للازمة الراهنة وإنجاح التجربة السياسية القائمة في البلاد.
وقبل ثمانية أشهر من الآن، بدأ طالباني حملة لقاءات مكثفة مع مختلف القوى السياسية لعقد قمة «زعاماتية» يعقبها اجتماع عام تشارك فيه كافة تلك القوى، في محاولة أراد منها فك شيفرة التعقيد التي أحاطت المشهد السياسي منذ ديسمبر الماضي، لكنه فشل في ذلك حتى الآن، رغم مرور أشهر طويلة نسبيا على مبادرته القديمة - المتجددة.
ارتفاع حدة التشاؤم حيال «القمة العتيدة» والتوقع المُسبق لفشلها، لم يقتصر على طرف سياسي من دون آخر، بل شمل معظم الأطراف وهو ما تكشفه تصريحات النواب المنتمين لكتل برلمانية مختلفة التوجهات.
إذ قال النائب حمزة الكرطاني عن ائتلاف «العراقية» النيابي بزعامة إياد علاوي، إن «الأزمة الحالية بين الكتل السياسية شائكة ومعقدة وأن الرئيس طالباني لن يتمكن من حلها»، عازيا أسباب استمرار الأزمة إلى «انعدام الثقة بين الفرقاء وغياب النوايا الصادقة لجهة التوصل إلى حلول جذرية للمشكلات القائمة».
كلام النائب الكرطاني، ماثله إلى حد كبير حديث مقتضب جاء على لسان زميله عن «التحالف الكردستاني» محمود عثمان الذي أكد، ان «عمق الخلافات بين الكتل النيابية وتفشي أجواء عدم الثقة والمشاحنات السياسية بين الفرقاء فاقمت الأزمة»، مؤكدا «وجود أطراف لا ترغب في حل المشاكل العالقة». دون ان يكشف مسمى تلك الأطراف.
الحقائق الكامنة خلف الكواليس «التي تمثلها النزاعات المستمرة بين الساسة وكتلهم المتخاصمة» وما يرافقها من مؤشرات ماثلة على أرض الواقع «التي تعّبر عنها تصريحات النواب»، تشير إلى ان الجهود الحثيثة التي بذلها طالباني طيلة أشهر ماضية، وما رافقها من مبادرات ولقاءات تمهيدية بهدف حلحلة الأزمة السياسية، ستذهب سدى دون تحقيق المبتغى.
ورغم هذه الرؤية التشاؤمية، التي لم يشأ البعض من النواب البوح بها علنا وفضل الحديث عنها في السر، إلا إن علامات التفاؤل لجهة الوصول إلى حلول توافقية بين الأطراف المتخاصمة اقتصرت على الرئيس طالباني.
إذ أكد رجل العراق الأول من مشفاه العلاجي «وجود احتمالات للتوصل إلى انفراج في الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد»، مشيرا إلى أنه «سيواصل جهوده لتقريب وجهات النظر حال عودته إلى أرض الوطن قريبا».
وأوضح طالباني في بيان، عقب لقائه في مقر إقامته بالمانيا الأمين العام «للحزب الإسلامي» ورئيس كتلة «الوسط» البرلمانية إياد السامرائي، ان اللقاءات والاتصالات التي يجريها «تبشر باحتمالات التوصل إلى انفراج في الأزمة بغية الوصول إلى حلول توافقية».
«الكردستاني»: غارات تركية على مناطق في شمال العراق
السليمانية (العراق) - ا ف ب - أعلن حزب «العمال الكرستاني» المتمرد، امس، عن قيام طائرات حربية تركية بتنفيذ غارات استهدفت منطقتين داخل الاراضي العراقية عند الحدود مع تركيا.
وقال الناطق باسم الحزب هفال روز، ان «طائرات حربية تركية شنت غارات ضد قريتي سليه وسركل التابعتين لقضاء رانية في محافظة السليمانية». واضاف ان «القصف الذي نفذته 4 طائرات مقاتلة لم يسفر عن اي خسائر بشرية، الا انه تسبب بمقتل مئات المواشي وآلاف من دجاج الحقول».
واوضح ان «القصف بعد منتصف ليل امس (الجمعة) واستمر لعشرين دقيقة».
ويواجه الجيش التركي منذ الصيف تصعيدا في اعمال العنف التي يقوم بها انفصاليو الحزب الكردي، وتشن تركيا في المقابل هجوما جويا وبريا على المتمردين الاكراد في شمال شرق البلاد كما في شمال العراق

 


المصدر: مصادر مختلفة

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 162,374,181

عدد الزوار: 7,244,208

المتواجدون الآن: 126