أي دور إقليمي جديد لمصر؟..ملف سبتة ومليلية من جديد....انتعاش «الخط الإخواني» السوري ترقّباً للانتخابات الأميركية...مخاطر أخونة الثورة!....أوباما في بازار طهران..وزير الدفاع العراقي يبحث مع نظيره الايراني آفاق التعاون في المجالات العسكرية والأمنية

الأردن: ترحيل الانتخابات إلى العام المقبل واجتماعات أمنية لمواجهة تظاهرات الجمعة

تاريخ الإضافة الجمعة 5 تشرين الأول 2012 - 5:25 ص    عدد الزيارات 2382    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

الأردن: ترحيل الانتخابات إلى العام المقبل واجتماعات أمنية لمواجهة تظاهرات الجمعة
الحياة...عمان - تامر الصمادي
حسم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس موعد إجراء الانتخابات النيابية التي كانت مقررة قبل نهاية السنة بترحيلها إلى العام المقبل. بموازاة ذلك، شككت المعارضة الإسلامية، المكون السياسي الأبرز في البلاد، بإجراء الانتخابات مع استمرار حال «الانسداد السياسي»، في وقت علمت «الحياة» أن اجتماعات رسمية عقدت خلال الـ 48 ساعة الماضية على أعلى المستويات، وغلب عليها الطابع الأمني، لبحث كيفية التعامل مع تظاهرات «الإخوان» وحلفائهم بعد غد الجمعة. وتحدثت مصادر رسمية رفيعة لـ «الحياة»، عن حال من القلق سيطرت على هذه الاجتماعات، من دون الاتفاق على سيناريو موحد، في خصوص شكل التعامل مع المتظاهرين. وأعلن المجتمعون حالاً من «الطوارئ» غير المعلنة، وأوقفت الإجازات لكبار المسؤولين وأفراد الأمن في العاصمة والمدن المجاورة.
وكان الملك عبدالله قال في تصريحات خلال مشاركته في أعمال القمة الثالثة لدول أميركا الجنوبية والدول العربية (أسبا) في العاصمة البيروفية ليما: «سننتخب برلماناً جديداً مع بداية العام المقبل». ونقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية (بترا): «إننا في طور بناء نظام للأحزاب السياسية سيشكل عماد الحكومات البرلمانية».
وحسمت تصريحات الملك جدلاً دائراً في العاصمة الأردنية عن موعد إجراء الانتخابات، مع بروز انقسام حاد داخل مؤسسات الحكم في شأن الموعد المذكور. وعلمت «الحياة» من مصادر رسمية أن تمديد فترة التسجيل للانتخابات، أدى عملياً إلى تأجيل هذا الاستحقاق الدستوري عن موعده المحدد سابقاً قبل نهاية السنة.
وكانت الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات أعلنت تمديد فترة التسجيل للانتخابات مدة 15 يوماً إضافية، بهدف رفع نسب المشاركة، خصوصاً في عمان ومدن «الكثافة الفلسطينية» التي شهدت إقبالاً ضئيلاً على التسجيل. ووصل عدد المسجلين في العاصمة نحو نصف مليون من أصل مليوني ونصف المليون مواطن حتى يوم أمس.
وفيما تواصل الحكومة الأردنية الحديث عن انتخابات «مهمة» و «تاريخية»، اتهمت جماعة «الإخوان المسلمين» السلطات بعدم «الجدية» في التوجه نحو إجراء انتخابات «حرة» و «نزيهة». وأكد الرجل الثاني في الجماعة زكي بني ارشيد في تصريحات بدت لافتة، ان «الانتخابات لن تجري في موعدها أبداً». وأضاف: «لن تستطيع الدولة إجراء الانتخابات في ظل المقاطعة الشعبية الواسعة... عليها أن تعدل قانون الانتخاب قبل كل شيء». وزاد: «مستعدون لرسم علاقتنا مع الدولة كما ترسم الأشكال الهندسية، لكن الذهاب إلى الانتخابات في ظل هذه الأجواء يمثل انتحاراً سياسياً».
وغير بعيد من ملف الانتخابات، ينتظر الأردنيون بقلق ما ستسفر عنه مسيرات الجمعة، إذ تصر «الإخوان» وحلفاؤها على تنفيذ أضخم تظاهرات معارضة منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية قبل نحو عامين.
في المقابل، استمر الحشد والتصعيد المتبادل بين مؤسسات الدولة والجماعة أمس، مع إعلان قوى شعبية وعشائرية كما أطلقت على نفسها، تنظيم تظاهرات مؤيدة للنظام في الزمان والمكان ذاتهما. وخلال الاجتماعات الأمنية المذكورة، تبنى تيار رسمي خيار قمع التظاهرات المعارضة بالقوة، بينما حذر تيار آخر من مغبة الانجرار إلى قمعها. وتبنى تيار ثالث خيار اللجوء إلى تقطيع شوارع العاصمة وتحويلها إلى ثكنات أمنية للتضييق على تظاهرات الإسلاميين وعرقلة الوصول إليها.
لكن مصدراً أمنياً رفيعاً أكد لـ «الحياة» أن قرار التعامل مع التظاهرات المرتقبة سيكون محكوماً بتطورات الميدان، فيما قال الناطق باسم الحكومة الأردنية الوزير سميح المعايطة لـ «الحياة» إن «قوات الأمن ستعمل على حماية التظاهرات المعارضة». وأضاف أن «حق التعبير مصان ووظيفة الدولة حماية حق الناس كالمعتاد». وتابع: «على الإخوان أن يعيدوا اندماجهم عبر المشاركة بالانتخابات»، مطالباً «حكماء الجماعة» بمراجعة مواقفها.
ولم تنجح «تطمينات» المعايطة في محو حال القلق والخوف لدى الأردنيين الذين استيقظوا أمس على بيانات لحراكات مؤيدة للحكومة تحذر «من إصرار متظاهرين مناوئين للإخوان على حمل الأسلحة النارية والبيضاء». وناشد أحد البيانات المشاركين «عدم حمل الأسلحة داخل المسيرة أو إطلاق العيارات النارية»، وقال: «وصلتنا معلومات أن أشخاصاً كثر سيحملون الأسلحة الجمعة».
وفي تطور جديد، اعتقلت الأجهزة الأمنية 15 عضواً من التيار السلفي الجهادي المعروف بقربه من تنظيم «القاعدة» أمس. وأرجع القيادي في التيار سعد الحنيطي هذه الاعتقالات إلى الخوف من مشاركتهم في تظاهرات الجمعة.
 
وزير الدفاع العراقي يبحث مع نظيره الايراني آفاق التعاون في المجالات العسكرية والأمنية
بغداد- يو بي أي- بحث وزير الدفاع العراقي بالوكالة سعدون الدليمي مع نظيره الايراني احمد وحيدي آفاق العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات العسكرية والأمنية وسبل تطويرها .
وذكر بيان صادر عن وزارة الدفاع ان الجانبين بحثا تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين سابقا وحسم جميع القضايا العالقة.
ولفت البيان الى ان زيارة وزير الدفاع الايراني جاءت بناء على دعوة رسمية من نظيره العراقي الذي كان باستقباله لدى وصوله مطاربغداد اليوم .
وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي استقبل وحيدي بعد ظهراليوم وبحث معه قضايا التعاون الثنائي والوضع بالمنطقة.
وذكر بيان حكومي ان المالكي اكد على ضرورة التعاون الثنائي بين البلدين لتثبيت الأمن والإستقرار في المنطقة ومكافحة الإرهاب.

 

تورط مصارف عراقية بتهريب عشرات الملايين من الدولارات الى إيران وسوريا.... وحيدي ينقل الى المالكي رغبة طهران في صوغ تحالف استراتيجي لمرحلة ما بعد الأسد

المستقبل...بغداد ـ علي البغدادي
تمثل زيارة وزير الدفاع الايراني احمد وحيدي الى العراق والاولى من نوعها لوزير دفاع ايراني منذ سقوط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في العام 2003، علامة فارقة في المرحلة الراهنة التي تمر بها منطقة الشرق الاوسط على خلفية ترنح نظام بشار الاسد الحليف الاستراتيجي الوثيق امام الضربات المتلاحقة للثورة السورية المشتعلة منذ 18 شهرا.
وتكمن اهمية لقاء المالكي ووحيدي بمحاولة طهران تدارك اي انتكاسة لنفوذها بالمنطقة عبر صوغ تحالف اقليمي جديد لمواجهة اي تداعيات محتملة لسقوط الاسد وخاصة مع تصاعد الضغوط الدولية على حلفاء ايران القليلين في المنطقة لضمان التزامهم العقوبات المفروضة عليها وخاصة مع اكتشاف تورط مصارف عراقية عدة بتهريب مبالغ ضخمة من العملات الاجنبية وفي مقدمها الدولار الاميركي لتامين السيولة المالية لحكومة احمدي نجاد.
وبالعودة الى زيارة المسؤول الايراني الى بغداد، فقد شدد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي على ضرورة التعاون بين العراق وايران لتثبيت الامن والاستقرار ومكافحة الارهاب في المنطقة.
وقال المالكي في بيان له على هامش استقباله امس وزير الدفاع الايراني احمد وحيدي إن "العراق يسعى الى علاقات جيدة مع الدول كافة لا سيما الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، مؤكدا "ضرورة التعاون الثنائي بين البلدين لتثبيت الأمن والإستقرار في المنطقة ومكافحة الإرهاب".
وشدد رئيس الوزراء العراقي على أن "ما تشهده المنطقة يتطلب المزيد من التفاهم والتنسيق بما يحمي بلدانها من التحديات التي تواجهها".
وأكد وزير الدفاع الإيراني احمد وحيدي إستعداد الجانب الإيراني للتعاون مع العراق في المجالات كافة بما يخدم الأمن والإستقرار في المنطقة.
في سياق متصل، كشف مصدر مطلع ان "وحيدي شدد عل ضرورة دخول الإتفاقيات الدفاعية والأمنية الموقعة بين طهران وبغداد حيز التنفيذ"، مبينا ان "وحيدي نقل رغبة طهران في اقامة تحالف امني وعسكري استراتيجي لمواجهة التهديدات التي تتعرض لها ايران وغموض المستقبل في سوريا"، مشيرا الى ان "وجهات نظر المالكي ووحيدي كانت متطابقة بشأن حل الازمة في سوريا سلميا وعدم السماح لاي تدخل اجنبي لاسقاط الرئيس السوري بشار الاسد".
وأشار المصدر الى ان "وحيدي ناقش قضية تفتيش الطائرات الايرانية المارة عبر الاجواء العراقية باتجاه سوريا واعتماد آليات معينة للتفتيش فضلا عن بحث تطورات الملف النووي الايراني".
وتعد زيارة وحيدي هي الاولى من نوعها لوزير دفاع ايراني الى العراق منذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003 . فعلى الرغم من زيارة العديد من المسؤولين الايرانيين وعلى رأسهم الرئيس الايراني احمد نجاد للعراق في العام 2007 الا أن المسؤولين العسكريين الايرانيين لم يقدموا على زيارة البلاد باستثناء الحديث عن زيارات مسؤول ملف العراق في الحرس الثوري وقائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني.
وتأتي زيارة وحيدي بعد يوم واحد من اعلان الحكومة العراقية عن السماح لطائرة شحن إيرانية بالتوجه إلى سوريا بعد تفتيشها في مطار بغداد الدولي والتأكد من عدم نقلها اسلحة إلى دمشق.
وفي الشأن ذاته، اعتبر القيادي الكردي محمود عثمان أن طلب الولايات المتحدة من العراق تفتيش الطائرات الإيرانية المتجهة إلى سوريا يهدف إلى الضغط عليه لتغيير موقفه من الأزمة التي تشهدها.
وقال عثمان في تصريح صحافي إن "الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأخرى التي تتهم العراق بتسهيل نقل الأسلحة من إيران إلى سوريا لا تهدف إلى إيقاف تلك الشحنات"، مستدركاً أنها "تسعى إلى الضغط على العراق ليتبنى موقفاً مشابهاً للموقف الأميركي بشأن سوريا".
وأوضح عثمان أن "الإدارة الأميركية وبعض الدول الأخرى غير مقتنعة بالقرار العراقي القاضي بتفتيش الطائرات الإيرانية، فهي تعتقد أن هذا الإجراء تم بالاتفاق مع إيران"، متوقعاً في الوقت نفسه "استمرار الضغط الأميركي على العراق حتى تغيير موقفه تجاه سوريا".
الى ذلك، كشف مصدر سياسي مطلع عن تورط مصارف عراقية غير حكومية في عمليات تهريب الاموال وخاصة الدولار الاميركي الى ايران وسوريا عبر الامارات العربية المتحدة وفقا لتحقيق اجرته لجنة نيابية خاصة.
وقال المصدر في تصريح لـ "المستقبل" ان "اللجنة التحقيقية الخاصة التي شكلها البرلمان العراقي بهدف متابعة نشاطات البنك المركزي العراقي اكتشفت تورط مصرفي الشمال والشرق الاوسط (وهما مصرفان غير حكوميين) في عمليات غسيل وتهريب الاموال وبكميات ضخمة تصل الى عشرات الملايين من الدولارات الى دولة الامارات العربية المتحدة ونقلها الى ايران وسوريا"، مضيفا ان "الشكوك تحوم حول مصرف آخر بالتورط بهذه الاعمال غير الشرعية" لم يفصح عنه.
ولفت المصدر الى ان "اللجنة التي يترأسها النائب الاول لرئيس البرلمان العراقي قصي السهيل وعضوية رئيس اللجنة المالية حيدر العبادي ورئيس اللجنة الاقتصادية احمد العلواني ورئيس ديوان الرقابة المالية عبد الباسط تركي اكدت وجود تقصير واضح في البنك المركزي لمنع تهريب العملة الاجنبية الى الخارج".
من جانب آخر، نقلت مصادر اعلامية عراقية عن مطلعين على القطاع المصرفي تأكيدهم تحول مدينة السليمانية ،( كبرى مدن اقليم كردستان) الى اكبر المواقع لتجميع العملة الصعبة وإعادة شحنها الى إيران التي تواجه عقوبات اقتصادية دولية.
وقال مصدر مطلع في تصريح صحافي ان "مكاتب الصيرفة العراقية توصلت الى منفذ جديد لتهريب العملة الى ايران وسوريا"، مضيفا ان "مكاتب الصيرفة البعيدة عن رقابة البنك المركزي والجهات المختصة في مدينة السليمانية التي تحاذي ايران وجدت المكان الافضل لممارسة عملها بتجميع العملة الصعبة من السوق العراقية ومن ثم تحويلها الى ايران ".
واشار الى ان "وجود العملة الصعبة في السوق العراقية بكميات كبيرة وافتقاد الرقابة الصارمة على عمل المصارف ومكاتب الصيرفة التي تحصل على كميات كبيرة من العملة الصعبة عن طريق مشاركتها بمزاد البنك المركزي"، منوها الى ان "الكثير من هذه المصارف فتحت فروعا لها في السليمانية ما يمكنها من تحويل العملة اليها كخطوة اولى ومن ثم تهريبها الى ايران، لا سيما وان للسليمانية اكثر من منفذ حدودي رسمي وغير رسمي مع ايران".
وكشف المصدر ان "غالبية المصارف هي عبارة عن شركات مساهمة بين رجال اعمال اكراد واشخاص مقربين من السلطة سهلت لها عملية نقل العملة من بغداد اليها اضافة الى ان التقارب الواضح بين ايران وحزب الاتحاد الوطني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال الطالباني والذي يسيطر على محافظة السليمانية والاحزاب العراقية المقربة منها فسح المجال كثيرا لتحول المدينة الى منفذ امن لتبييض العملة".
وكان رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي النائب احمد العلواني اعلن اخيرا عن تشكيل لجنة نيابية للتحقيق في الخروق التي حدثت في عمل البنك المركزي كتهريب العملات الصعبة وغسيل الاموال، متهما شخصيات سياسية متنفذة في الحكومة العراقية بالعمل كغطاء لبعض البنوك العراقية لتساعدها على تهريب العملات الصعبة الى الخارج.
 
"واشنطن بوست": دور "حزب الله" في سوريا يثير المخاوف من انتشار القتال في المنطقة
المستقبل...
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أمس أن إعلان مسؤول أمني لبناني مصرع قيادي بحزب الله ومقاتلين آخرين من الجماعة في سوريا يعد تطورا قد يفاقم من حالة التوتر المتصاعدة بالفعل حيال دور الجماعة اللبنانية المسلحة في الحرب الأهلية السورية.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير أوردته على موقعها الالكتروني، أن سمعة "حزب الله" وشهرته تعرضت للتشويه إثر دعمه المستمر لنظام بشار الأسد، إلا أن أي إشارة تفيد بأن مقاتلي الجماعة يشاركون في القتال الدائر في سوريا يثير المخاوف من أن الصراع قد يمتد ليتحول إلى قتال واسع النطاق يجتاح المنطقة بأكملها.
وتابعت الصحيفة أن "حزب الله" وقف إلى جانب الأسد منذ بداية الانتفاضة منذ ما يزيد عن عام ونصف رغم أنها أيدت ثورة مصر وتونس وليبيا.
وأشارت الصحيفة إلى إن عملية الإطاحة بنظام الأسد بمثابة سيناريو أليم لجماعة "حزب الله" لأن أي نظام جديد بقيادة الأغلبية السنية في سوريا قد يتخذ جانب العداء لهذه الجماعة الشيعية. وذكرت الصحيفة أن إيران لا تزال الراعي المهم لجماعة "حزب الله"، إلا أن سوريا طريق الإمداد الحيوى لها. ومن دون ذلك، سيكافح وسيعاني "حزب الله "من أجل الحصول على أموال وأسلحة.
وتابعت الصحيفة أن الانتفاضة السورية تركت الأسد في حالة عزلة دولية رهيبة، لكن هناك من يدعمونه مثل إيران وروسيا، ففي اجتماع قادة العالم بالامم المتحدة الأسبوع الماضي ألقت عشرات الدول مسؤولية الصراع والقتال الدائر في سوريا على نظام الأسد، حيث أكد نشطاء على مقتل مالا يقل عن 30 ألف سوري.
ومضت الصحيفة في تقريرها انه ليس واضحا حتى الآن ملابسات مقتل مقاتلي "حزب الله" في سوريا أو ما إذا كانوا يقاتلون إلى جانب الجيش السوري أم لا..
 
 أي دور إقليمي جديد لمصر؟
الحياة...بول سالم *
خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة التي مضت على انتخابه لرئاسة مصر في 30 حزيران (يونيو)، أدخل محمد مرسي تعديلات على سياسة مصر الخارجية، إقليمياً ودولياً. وفي حين كانت محطته الخارجية الأولى هي المملكة العربية السعودية، إلا أن مرسي زار أيضاً إيران وسعى إلى إدراجها في إدارة الشؤون الإقليمية. وبينما هو يرغب في أن تبقى مصر على علاقات وثيقة مع الغرب، كانت أول زيارة دولية له إلى الصين. ثم إن مرسي وضع مصر في طليعة الجهود الديبلوماسية لمعالجة الأزمة السورية، ولفت انتباه الولايات المتحدة إلى أن التزامات مصر بموجب معاهدة السلام ترتبط بالتزامات أميركية لم يتم الوفاء بها لتحقيق العدالة والحكم الذاتي للفلسطينيين.
لكن، هل إن محاولة مرسي شق طريق وسط بين المحاور الإقليمية والدولية قابلة للحياة والاستمرار؟ وهل يمكنه إحياء دور مصر كدولة قائدة في السياسة العربية والشرق أوسطية؟
لا ينبغي أن تكون تحرّكات مرسي المبكّرة بوصفه رئيساً مستغربة. فأي رئيس جديد، سواء كان من جماعة الإخوان المسلمين أو من قطاعات أخرى من الثورة المصرية الأخيرة، سيرغب في تمييز نفسه عن سياسات نظام مبارك.
على الصعيد الإقليمي، كان مبارك، كما هو معروف، قد أبرم تحالفاً كاملاً مع المملكة العربية السعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة في ما أُطلق عليه تسمية «تحالف المعتدلين» ضد إيران و «محورالمقاومة» الذي سعت ايران إلى إقامته. كما نسج علاقات دافئة مع بنيامين نتانياهو والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، في الوقت الذي واصل فيه حصار غزة.
وعلى الصعيد الدولي، اختار مبارك عقد تحالف مطلق مع الولايات المتحدة، على رغم أنه لا يبدو أن ذلك قد ساعده كثيراً في ساعته الحرجة. ولذا فإن كون مرسي يرغب في النأي بنفسه عن سياسات مبارك أمر متوقع.
ويحرص مرسي أيضاً على أن يحقق لنفسه مكانة رفيعة في الشؤون الخارجية لدعم رئاسته داخلياً. إذ إن تحقيق تقدم بشأن التحديات الداخلية في مصر، بخاصة تلك المتعلقة بالنمو الاقتصادي وتأمين فرص العمل، سيكون بطيئاً جداً. وسيكون هناك الكثير من خيبات الأمل السياسية والاقتصادية على الطريق. ولذا، فإن استعادة الهيبة المصرية إقليمياً ودولياً، والتي فُقدت إلى حدّ كبير في ظل حكم مبارك، ستساعد مرسي في الأشهر والسنوات الصعبة المقبلة.
بيد أن سياسة مصر الخارجية تقوم أيضاً على عدد من الثوابت، لعل أهمها أن هذه السياسة لا بدّ من أن تخدم حاجتها الاقتصادية الماسّة للاستثمار الخارجي والتجارة الدولية والمساعدات والنمو الاقتصادي وإيجاد فرص العمل. ويشعر الإخوان المسلمون بهذه الحاجة في شكل أكثر حدّة من النظام السابق، لأنهم على اتصال مباشر مع الفقراء والعاطلين من العمل، وهم يدركون أن نجاح التيار الإسلامي في تركيا في قطف ثمار النجاح السياسي، تم من خلال تحقيق نمو اقتصادي مرتفع ومستدام. كما يدرك الرئيس مرسي أنه إذا ما أرادت مصر حث الخطى نحو النمو الاقتصادي، فلا بدّ من أن تكون علاقاتها جيدة، ليس فقط مع الدول النفطية الغنيّة في الخليج العربي، بل أيضاً مع الاقتصادات الإقليمية الأخرى مثل تركيا وإيران، وليس فقط مع الولايات المتحدة والغرب، بل أيضاً مع قوى اقتصادية صاعدة أخرى مثل الصين والهند وروسيا والبرازيل (دول البريكس). ولكي تستفيد مصر من الاقتصاد الإقليمي والعالمي المتنّوع، فينبغي أن تكون لها مقاربة أكثر شمولية في مجال العلاقات الإقليمية والدولية.
ثمّة ثابت آخر هو الأمن القومي المصري. إذ يشعر مرسي بالقلق، مثلما كان مبارك، إزاء التهديدات التي يتعرّض لها الأمن في شبه جزيرة سيناء، وقد أوضح لحركة «حماس» أن العمل مع الحركة لتحسين الوضع في غزة يتطلّب موافقتها على إغلاق أنفاق التهريب عبر الحدود المصرية مع غزة، وتعاونها في القضاء على عمليات التهريب والشبكات الإرهابية في سيناء.
وتحتاج مصر- مرسي أيضاً للحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل، لأنها لا تستطيع تحمّل البديل. وهي بحاجة إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع جيرانها الأفارقة إلى الجنوب بغية الإبقاء على تدفق المياه الحيويّة أسفل حوض النيل. وخلافاً للمملكة العربية السعودية أو إيران أو حتى قطر، التي لديها إيرادات هائلة من الطاقة تمنحها خيارات واسعة في السياسة الخارجية، فإن مصر دولة كبيرة لديها هامش ضئيل جداً للمناورة، ولا يمكن سياستها الخارجية أن تنجرف بعيداً من الاحتياجات الاقتصادية والأمنية الملحّة.
بيد أن لمصر مصلحة - لدواع أمنية واقتصادية على حدّ سواء – في وجود شرق أوسط مستقرّ. وقد قدّر مرسي بصورة صحيحة أن سياسة الانقسام والمحاور المتصارعة لم تجلب إلى المنطقة سوى عدم الاستقرار. فمبادرته مع اللاعبين الكبار - تركيا وإيران والمملكة العربية السعودية ومصر - للمساعدة في حلّ الأزمة السورية، جعلته في وضع متميّز. قد لا تحقّق المبادرة نجاحاً في أهدافها المباشرة، لكن مرسي محقّ في اقتراحه بضرورة أن تكون العلاقات التركية - العربية - الإيرانية قائمة على التواصل ومحاولة التعاون، وليس على العزلة والمواجهة المستمرّة. وهو محقّ أيضاً في تأكيده ضرورة أن يتحمّل قادة المنطقة المسؤولية الرئيسة عن الشؤون الإقليمية وعدم الاعتماد على اللاعبين الخارجيين لإدارة شؤونهم.
السؤال المهم هو إلى أي مدى يمكن أن يصل مرسي بدور مصر الجديد. فهو يرغب في أن تكون لبلاده علاقات جيدة مع دول الخليج العربية وكذلك إيران، لكن المملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج قد تمتعض من ذلك، ولديها وسائل ضغط اقتصادية ثقيلة اذا ما ارادت استعمالها. ثم إن مرسي يرغب في إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وكذلك الصين وروسيا. لكن، ماذا لو ضغطت الولايات المتحدة على القاهرة لاختيار أحد الجانبين، كما حدث في عهد إدارة جورج بوش الابن؟
إن مصر اليوم ليست مصر عبدالناصر. في الخمسينات من القرن الماضي كانت مصر هي البلد الأكثر تقدّماً اقتصادياً وعسكرياً والأكثر نفوذاً في العالم العربي، واليوم هي واحدة من أشدّ البلدان العربية فقراً، ولا تملك قدرات مالية أو عسكرية - ولا حتى إعلامية - لفرض نفوذها في المنطقة.
الرئيس مرسي حريص على الاستفادة من الشعبية والشرعية الجديدة لمصر ما بعد الثورة، وكذلك من نفوذ جماعة الإخوان المسلمين، لتحقيق مزيد من الاستقلالية لسياسة مصر الخارجية، وإعادة بناء دور مصر القيادي في المنطقة. ولا شكّ في ان العالم العربي في حاجة إلى مصر اليوم للمساعدة في حلّ الصراعات الإقليمية، وبناء الاستقرار الإقليمي، وكذلك لتمثّل التزاماً بالنظام الديموقراطي في العالم العربي في مواجهة قوى في المنطقة ما زالت تؤيد الاستبداد أو العودة إلى ما قبل العصر الحديث.
يتعيّن على دول المنطقة التجاوب مع مصر في محاولاتها بناء تعاون إقليمي، مهمّتها الأولى هي العمل معاً لوقف أعمال القتل في سورية، والدفع باتجاه عملية انتقال سياسي لمرحلة ما بعد الأسد. لكن حتى لو لم يحالفها النجاح في سورية، ينبغي أن تكون عودة مصر إلى تبنّي سياسة خارجية مستقلّة موضع ترحيب. مصر هي قلب العالم العربي. وإذا ما نجحت في بناء مجتمع مستقرّ وديموقراطي ومزدهر، فستكون لها آثار إيجابية عميقة على بقية العالم العربي. واذا ما استأنفت دورها القيادي في المنطقة في هذا السياق، فسيكون لنفوذها تأثير إيجابي وطويل الامد.
 * مدير مركز  كارنيغي  للشرق الأوسط، بيروت.
 
ملف سبتة ومليلية من جديد
الحياة...محمد الأشهب
يوم اقتنع المغاربة والإسبان أن المفاوضات أيسر طريق لإنهاء النفوذ العسكري والإداري لمدريد في الصحراء، كان الجنرال فرانكو يترنح على فراش الموت، بينما الأمير الشاب خوان كارلوس يتهيأ لاعتلاء العرش. ولم يكن أمام نخب إسبانيا الجديدة من بديل غير القطع مع الحكم العسكري. ورأى رئيس الوزراء ارباس نافارو أن لا بد من البحث في حل يجنب البلدين الجارين مخاطر مواجهة عسكرية محتملة تهيمن في الأفق.
أيقن المغاربة وقتذاك أن من غير الوارد أن يطلق الجنود الإسبان النار على مدنيين عزل يزحفون في اتجاه الصحراء. وجاء الرد بأن المسيرة الخضراء استنفدت أغراضها لتبدأ جولات مفاوضات توجت بإبرام اتفاق مدريد من دون أن تسيل قطرة دم واحدة.
وبقدر ما استفاد المغاربة من فترة الانتقال السياسي في إسبانيا بقدر ما امتنعوا عن إحراج جارتهم في شبه الجزيرة الإيبيرية، ولم يطرحوا ملف المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية كشرط يسبق أي حوار أو اتفاق. ولم يحدث إلى اليوم أن سجلوا خلافهم السيادي مع إسبانيا كوثيقة رسمية في المحافل الدولية، باستثناء التصريحات الديبلوماسية التي تعنى بتسجيل المواقف، من جهة لأنهم يرهنون الحل بحسم الخلاف بين مدريد ولندن على صخرة جبل طارق، ومن جهة ثانية لأن عامل الزمن كفيل بنفض الغبار عن قضية لا ينال منها التقادم.
في مناسبة الاجتماع الرفيع المستوى بين مسؤولي البلدين، لن يكون الملف معروضاً في جدول الأعمال إلا بالقدر الذي يقتضيه إلغاء العتب، في حال إثارة قضايا الجزر غير المأهولة المتناثرة في الضفة الجنوبية للبحر المتوسط بمحاذاة المدينتين المحتلتين، فالإسبان وزعماء الحزب الشعبي تحديداً، يدركون أن اللون الأحمر الذي يذكي هواة مصارعة الثيران في الملاعب الإسبانية يتحول إلى خط أحمر عند زيارة أي مسؤول إسباني إلى سبتة ومليلية، ما يعتبره المغاربة استفزازاً للمشاعر وانتهاكاً لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار.
الإسبان مهتمون بتداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية، ويبحثون عن مخارج لتصريفها عبر التقشف والإذعان لشروط الاتحاد الأوروبي والتخلص من الأعباء الإضافية. وما من شك في أنهم سيحظون بدعم مغربي، حتى وإن كان رمزياً، أقربه إقرار صيغة متجانسة لتجديد اتفاق الصيد الساحلي الذي يفيد منه أسطول الصيد الإسباني. وكما دلت التجربة، فإن الأزمة الاقتصادية تهدد بانشطار المجتمع بين الشمال الغني والهوامش الفقيرة، وتجديد الاتفاق يمكن أن يهدئ من مخاوف صيادي الأندلس.
وأبعد من رمزية هذا التوجه، أنه يؤكد أن الامتداد الأوروبي لا يكتمل من دون قيام تعاون متكافئ بين بلدان جنوب البحر المتوسط التي تشكل المتنفس الطبيعي لجيولوجيا المصالح والمنافع. فقد تردد مرات أن المغرب مثل شجرة جذورها في أفريقيا وأغصانها تطل على مشارف أوروبا. وها أن القاعدة الذهبية لحتمية التعاون تملي على شريك أوروبي أن يتجه جنوباً لإسعاف نبضات قلبه بهواء غير ملوث.
لا يهم إن كان حجم التعاون يميل في هذا الاتجاه أو ذاك، فالأهم أن المغرب وإسبانيا يمكن أن ينصهرا في دينامية تفاهم يزيل العقبات. ولعل في حرصهما على مد جسور الثقة واستيعاب الصدمات الصغيرة ما يفيد بأن تعاوناً أشمل من دون خلفيات سياسية أو حساسيات غير مرغوب فيها، يمكن أن يتعزز في الاتجاه الصحيح في حال إبداء رغبة مشتركة في إنهاء ملف المدينتين المحتلتين. وطالما أن العلاقات بين الجارين تنحو في مسار مشجع، على رغم استمرار الاحتلال الإسباني لمناطق مغربية، فإنها مشجعة لأن تتطور على إيقاع متجدد، يوم تخلو من مشاكل تعتبر من بقايا الحقبة الاستعمارية. والإسبان لا يمكن أن يخالوا أنفسهم آخرَ من يذعن لمنطق نهاية الاستعمار.
لم تعد المدينتان المحتلتان كما كانتا في السابق، فالتركيبة السكانية نفسها تأثرت بعد إقبال الأجيال الجديدة من الإسبان على الإقامة هناك. وكلفة الدفاع عن المدينتين لم تعد توازي الضرورات الإستراتيجية، بخاصة منذ انهيار المعسكر الشرقي. يضاف إلى ذلك أن دمج المدينتين في فضاء شينغن يشجع الهجرة غير الشرعية. ولا تزال أفواج من المهاجرين الأفارقة تتربص فرصة العبور إلى الضفة الأخرى من المعابر. ولا يبدو أن السياج الحديد الذي أقامته السلطات الإسبانية وزودته بالمعدات التقنية وأجهزة الرادار سمح لها بالتقاط الأنفاس.
الفرصة سانحة، إن لم يكن اليوم ففي أجندة المفاوضات. لا بد أن يأتي زمن تقتنع فيه إسبانيا أن الجلاء عن المدينتين في ضوء حفظ مصالحها الاقتصادية والتجارية، أفضل من الإبقاء على أعباء عسكرية ومالية يمكن صرفها في رهان آخر، فثمة فرضية ترى أن بناء الثقة يكون راجحاً مع المتشددين أكثر. وفي كل فترة انفتح فيها باب الحكم أمام الحزب الشعبي الإسباني، كان ملف المدينتين يطفو على السطح، ومن نتائجه أن البلدين عجزا عن ترسيم حدودهما المائية، كون ذلك لن يتم من دون الحسم في مستقبل المدينتين. بيد أن الإشارة وإن كانت لا تخلو من صراعات داخلية، فإنها تعني أن بعض الملفات يمكن إنزالها من الرف حين تشير إليها الأصابع من قريب أو بعيد.
 
انتعاش «الخط الإخواني» السوري ترقّباً للانتخابات الأميركية
عبدالوهاب بدرخان
أظهرت معركة حلب، عملياً، عجز النظام عن الحسم، بل غيّرت طبيعة الأزمة. صحيح أن لديه تفوّقاً نارياً على قوات المعارضة، لكن الخسائر المتوقعة تجبره على تجنيب القوات التي يستطيع الوثوق بها حرب شوارع مكلفة. والحسم في حلب يتطلّب بالضرورة أن يُستَبق بتأمين دمشق وريفها، وهو الآخر صعب المنال. فبعد شهرين من القتال في حلب، وما تخلله من اقتحامات وقصف مدفعي وصاروخي وغارات جوية، ظلّت خطوط التماس كما كانت متصَوّرة مسبقاً، أي أن قوات النظام توجد واقعياً في الجانب الجنوبي - الغربي للمدينة حول المواقع العسكرية وفي ما يتاخمها من أحياء غير سُنّية وأخرى سكنية للبورجوازية الحلبية غير المنخرطة في المعارضة. أما الجزء الأكبر من المدينة فيقع تحت سيطرة قوات «الجيش الحر» والمجموعات المناصرة لها. وثمة سجال بين الطرفين يتبادلان فيه شوارع وأبنية ومواقع لا تغيّر مسار المعركة.
تبدو حلب سورية في 2012 كما لو أنها بيروت أواخر 1975، تحديداً مع استهداف الأسواق، عصب التجارة والاقتصاد، مع فارق الميزة التاريخية الفريدة لأسواق حلب التي أحجم حتى المغول عن التعرّض لها. من الواضح أن النظام لم يعد يعتبر حلب «عاصمته» الاقتصادية. فعلى رغم تأخرها أكثر من عام في الثورة عليه، إلا أن انقلابها ضدّه أفقده اليد العليا في المواجهة، وأسقط عنه غطاء «الدولة» الوهمي ليظهره بوجهه الميليشيوي الحقيقي. انتظرته المدينة طويلاً علّه يفلح في الخروج من النفق الذي اندفع ودفع البلاد اليه، ولم تتخيّل أنه سيكون على هذا القدر من التهور والغباء واللامسؤولية وحتى اللاوطنية، وكان أن راح يقفل تباعاً شوارعها فمدارسها وجامعاتها فمصانعها وشركاتها الى أن أقفل أسواقها، وها هو يحرقها ويدمّر آثارها وسياحتها. كان النظام جرّب كل أنواع الإجرام في مختلف المدن والمناطق قبل أن تبدأ معارك دمشق ثم حلب. كان خرّب درعا وحمص وحماه وإدلب ودير الزور وأريافها. كان تحسّب منذ زمن لدمشق وخصّص مدفعية الحرس الجمهوري في قاسيون لدكّها متى حانت لحظته، فالعاصمة كانت دائماً في وعيه ولا وعيه مدينة مفقودة. ومع ذلك، تبقى حلب الأكثر ايلاماً، فهي التي تصنع الفارق في مصيره وتقرّب لحظة الوداع بينه وبين السلطة. لذا فهو لم يكتفِ بما أنزله بها من خسائر، وإنما يريد لعقابه لها أن يكون منهجياً مديداً.
وطالما أن الأزمة صارت دولية والقوى الخارجية تمنحه الفرص والترخيص فلماذا لا يمعن في القتل والتخريب. لم يعد ممكناً حصر الأحياء التي سوّاها بالأرض في الكثير من المدن والبلدات، بما في ذلك بعض دمشق، ويسعى الى تكرار ذلك في حلب، على سبيل الوداع والطلاق البائن. فسورية لم تعد بلده ولم يعد رئيسها أو مسؤولاً عنها. انه مكلّف فقط بتدميرها وإعادتها عقوداً كثيرة الى الوراء. انه يقاتل في انتظار أن تنجلي المساومة الخارجية لتحين لحظة المساومة الداخلية. فكلّ ما يعنيه من الاستمرار في القتال هو هذه المساومة لتحسين شروط الرحيل وتأمين حصة لأنصاره ومعارضيه الموالين في أي صيغة سياسية مستقبلية، وعدا أنه وضع هؤلاء في بؤرة النار فإنه لم يدرك أن كل يوم زائد يمضيه في السلطة يقوده الى أسوأ السيناريوات، وسيكون محظوظاً اذا تُرك وأعوانه المجرمون يتوارون بدل أن يمثُلوا أمام المحكمة الجنائية الدولية لتقتصّ منهم لقاء ما ارتكبوا من جرائم ضد الانسانية.
ولأن لحظة حلب - دمشق تقترب، حتى لو طال انتظارها وثقلت كلفتها الدموية، فإنها تؤشر الى مرحلة تنقضي لتبدأ ما يفترض أن تكون المرحلة النهائية، وهي الأصعب على الاطلاق، وربما الأكثر كلفة بشرية وإنسانية. ويبدو أن العرض الذي قدّمه المجتمع الدولي، بمناسبة الجمعية العامة للأمم المتحدة، لأسوأ ما يمكن أن يكون عليه العجز وخيبة الأمل، قد أطلق حراكاً اقليمياً في اتجاه خطوات حاسمة لحصر خريطة المعارضة سياسياً وبالأخص عسكرياً. وبما أن السر الشائع هو أن الجميع، الروس مثل العرب والاوروبيين، ينتظرون ما بعد الانتخابات الاميركية، فإن زائري نيويورك لم يسمعوا من الاميركيين ما يفيد بأن «ما بعد» الانتخابات سيختلف جذرياً وفعلياً عمّا قبلها. والسبب أن معطيات الأزمة لم تتغير على النحو الذي يتيح تدخلاً مجدياً ومتسارعاً. اذ إن مندوبي الاستخبارات على الأرض نقلوا صورة مثيرة للاهتمام عن تقدّم القدرات القتالية لدى مجموعات المعارضة والوضع العسكري في مختلف المناطق، لكنهم سجّلوا مخاوف من التشرذم وتعدد «الجيوش الحرّة» وضعف التنسيق أو انعدامه في ما بينها، وكذلك إحباطها مشاريع توحيدها، فضلاً عن فوضى التسليح وتهريبه وخطوط الإمداد وتنافس المصادر التي توفر الأسلحة وإيثارها جهات أو مناطق بعينها. وفي المقابل، استنتج الاستخباريون أن الخريطة السياسية للمعارضة لا تقلّ اضطراباً وتشتتاً، وأعطوا تقويماً سلبياً لـ «المجلس الوطني السوري» وصلاته الضعيفة بالداخل، لكنهم أوصوا بالحفاظ عليه باعتباره إطاراً يتمتع بشيء من التعددية وقد راكم خبرة يمكن تطويرها، بشرط مواصلة الجهد الذي بدأ في كنف الجامعة العربية أوائل تموز (يوليو) الماضي لبلورة معارضة ذات رؤية موحدة. أكثر من ذلك، أشعل الاستخباريون الضوء الأحمر في ما يتعلّق بنشاط الجماعات الجهادية التي يصنّفونها ارهابية وتبين لهم أنها استقرّت في بعض القرى ولا صلة بينها وبين «تنسيقيات الثورة» التي ترتاب بأن النظام تعمّد نشرها لتكون «دليله» في وصم معارضيه بـ «الارهابيين».
ليس مؤكداً بعد اذا كان هذا المزاج الاميركي المتغامض هو ما ترجمته القاهرة «الإخوانية» باستضافة لقاء هو الأول من نوعه وضمّ خمساً وعشرين حزباً وجماعة، بينها «اخوان» سورية في طبيعة الحال، توحّدت للمرة الأولى في تاريخها في ما سمّي «التجمع السوري للإصلاح». وعلى رغم التنوع الفكري لهذه الهيئات، إلا أن الخبراء يعتبرون خطّها العام «إخوانياً»، ولذا لم يكن السلفيون في عدادها، لكن غيابهم عُزي الى عدم وجود جماعات منظمة ومعروفة للسلف في سورية. تزامن ذلك مع الاعلان عن تأسيس «القيادة المشتركة للمجالس العسكرية في سورية»، وما أمكن فهمه أن الاثنين يتحركان على خط اسلامي، ففي حين كانت المباركة المصرية - التركية لـ «التجمع» بادية، ظلت الرعاية التي تحظى بها «القيادة» غير واضحة وإنْ نُسبت الى دول خليجية. وتأتي ولادة «التجمع للإصلاح» عشية المؤتمر الموسع لـ «المجلس الوطني» في الدوحة الذي سيشهد توسيعاً لعضوية هيئته العامة من 250 الى نحو 450 عضواً. أما «القيادة المشتركة» فتبدو نائية بنفسها عن القيادة الحالية لـ «الجيش الحر» (العقيد رياض الاسعد)، ولعلها أُنشئت بعد تباطؤ جهود قيادة «الجيش الوطني» (العميد محمد الحاج علي) في توحيد القوى العسكرية للمعارضة.
الأكيد أن الملاحظات الاميركية واستحقاق ما بعد الانتخابات دقّ ما يشبه النفير لدى مجموعة «أصدقاء شعب سورية» التي أدركت أن واشنطن لا تزال تعمل على «القناة الروسية» لبناء خطة تنحية لبشار الأسد، لكنها لا تستطيع تسريع جهودها ما لم يكن هناك «بديل» متكامل وموثوق بالتزاماته لدى المعارضة، عسكرياً وسياسياً. فهل دارت الأحداث دورتها في الأزمة السورية لتعود الى الخط «الإخواني»، كما في تونس ومصر والى حدٍ ما في ليبيا من خلال انتخاب رئيس الوزراء الجديد؟ وهل كان شرط «إخوان» مصر للتدخل أن يقبل «اخوان» سورية بهذه الصيغة التوحيدية في «التجمع السوري للاصلاح»؟ وهل جرى تلزيم توحيد العسكر وتسليحهم للخليجيين بالتنسيق مع تركيا (والاردن) وبإشراف اميركي وأوروبي سيتضح لاحقاً؟ أسئلة يثيرها توزيع الأدوار في الحراك الاقليمي الراهن مع ما يرافقه من امتعاض هنا واستياء هناك ورضا هنالك.
 * كاتب وصحافي لبناني
 
مخاطر أخونة الثورة!
الحياة..هوشنك أوسي *
مع بدايات الثورة السوريّة، كان يمكن التماس الاعذار للمظاهر الاسلاميّة التي رافقتها على انها عابرة، ونتاج قمع فظيع مارسه ويمارسه النظام السوري على المجتمع طيلة أربعة عقود، إذ لم يبقِ النظام متنفّساً للتجمّع والتظاهر إلا الجوامع والمساجد. وكنّا نقلل من الانتقادات الموجّهة للثورة السوريّة المتعلّقة بسطوة وهيمنة جماعة الاخوان المسلمين. كل ذلك تحت يافطة: فليأتِ الإخوان وليذهب نظام الاسد الى الجحيم. واتضح أننا كنّا، كعلمانيين وليبراليين وديموقراطيّين ويساريين معارضين لنظام الاسد، على خطأ كبير وفادح بأن جعلنا أنفسنا المَعبر الذي ساهم في تمرير الأجندة الإخوانيّة أو ما يمكن تسميته بـ «أخونة الثورة السوريّة» حيث قطع الاخوان المسلمون شوطاً كبيراً ومهمّاً في تنفيذ تلك الأجندة وتكريسها على ارض الواقع!
هذا الخطأ الكارثي فتح المجال أمام الجماعة للدفع بالثورة نحو منزلق أخطر هو الطائفيّة، عبر ممارسات الجناح «الإخوانجي» في الجيش الحرّ. وحاليّاً، تسعى جماعة الاخوان، وعبر حضورها العسكري المتنامي في الجيش الحرّ، الى جر الثورة نحو مستنقعات القومجيّة والعنصريّة ايضاً، عبر الاعلان عن كتائب عسكريّة باسم الديكتاتور العراقي السابق صدّام حسين. فقد أعلن الجيش الحرّ عن تشكيل كتيبتين باسم «الشهيد صدام حسين» في أدلب ودير الزور، في تحدّ سافر واستفزاز صارخ لمشاعر الكرد عموماً والكرد السوريين خصوصاً. وهذا الموقف لا تتحمّل مسؤوليّته جماعة الاخوان وحدها، بل كل التيّارات والقوى والشخصيّات العلمانيّة المعارضة للنظام. ومن شأن هذه السلوكيّات المدانة والمقلقة ليس للكردّ فقط، بل لكل السوريين، ان تدفع الجماهير نحو الانكماش والتراجع عن دعم الثورة. ثم ان كون اسماء كتائب الجيش الحرّ مأخوذة من القاموس الاسلامي (أسماء الصحابة...) فهذا مسلك مفخخ يشرعن لجماعة الاخوان اتهام كل من ينتقد سلوكها، بأنه ضدّ الاسلام والرسول والصحابة! وقطعاً، هذا الاتهام زائف ومعيب ومخيف.
لكن تاريخ سورية يزخر بالابطال العظام الذين يمكن اطلاق اسمائهم على كتائب الجيش الحرّ، بدلاً من الإتيان بأسماء من التراث الاسلامي، ناهيك عن اسم صدّام حسين. فماذا مثلاً لو أطلق العراقيون على صحواتهم او فصائلهم العسكريّة اسم حافظ الأسد او بشّار أو باسل الأسد؟!
تسمية كتائب الجيش الحرّ باسم صدام حسين، لاقت غضباً واستهجاناً كرديّاً عارماً، كما قوّى حجج ومبررات بعض الاطراف الكرديّة التي تحاول التشكيك بالثورة السوريّة، بسبب نفوذ الاخوان والجماعات الاسلاميّة المتطرّفة فيها.
وما هو مفروغ منه ان الاخوان، وعبر تصريحاتهم السياسيّة (البيانونيالشقفة) النافية للحضور الديموغرافي الكرديّ الغالب في المناطق الكرديّة، علاوة على اطلاق اسم صدام، يبيّتون النوايا لقلب نظام الحكم من علمانيطائفي فاشل الى اسلامي – قوموي صارم! وهم يتصرفون كأنهم يعارضون حتّى أيّة عمليّة سلميّة بين تركيا وأكرادها، لئلا ينعكس الامر على داخل سورية، فيعتاشون على ديمومة الصراع والعنف في تركيا.
وهذا جميعاً لم يعد يقلق الكرد وحسب بل كل مكوّنات الشعب السوري، ومنهم السنّة، ناهيك عن إقلاقه العالم كلّه، وخدمته للنظام السوريّ، كما لو كان هناك تحالف ضمنّي، لتشويه وتحريف الثورة، بين نظام الأسد وجماعة الاخوان السوريّين.
 * كاتب كردي سوري
 
أوباما في بازار طهران
زهير قصيباتي
لم يُغلق البازار في طهران احتجاجاً على دفق شلالات الدم في سورية، ولا على ما يكابده النظام السوري من دون جدوى، لتحقيق «الحسم» الذي يستميت من أجله...
ولم يُغلق البازار تضامناً مع «محور الممانعة» الذي بات على الخط الأول للزلازل، من دمشق الى بغداد فطهران. ولم يحتجّ كذلك على ارتدادات تمويل معركة النظام السوري، وتداعياته على اقتصاد دولة تعتبر ذاتها «دولة عظمى»، لا ينقصها سوى كشف أنياب نووية.
هي «حرب» على الريال الإيراني، أغلقت متاجر طهران، ومَنْ لا تعنيهم هواجس حرب القوة الأميركية «الناعمة»، ولا تحدي نجاد «المؤامرة» النفسية، اصطدموا بفرق مكافحة الشغب. وبعيداً من التكهنات الإسرائيلية بـ «ربيع إيراني»، بدا إغلاق البازار بشرى سارة للرئيس باراك أوباما، إذ يرفع حظوظه في ولاية ثانية بعد انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر)، هو الذي لم يتراجع في مواجهة ابتزازٍ مارسه نتانياهو. أصر الأول على أن العقوبات بدأت تعضّ النظام الإيراني، فلتفعل فعلها الذي يغني عن الخيار العسكري وثمنه الباهظ.
والحال أن نهج تشديد العقوبات لخنق الاقتصاد الإيراني، وتجفيف منابع تمويل أذرع النظام في الخارج، قد يكون الإنجاز الوحيد لإدارة أوباما في السياسة الخارجية. وواضح أن الثورة السورية التي فاجأت الجميع بمن فيهم الأميركيون، منحت أوباما الفرصة الذهبية لالتقاط «لحظة تاريخية»، تتيح لإدارته كل الظروف المواتية لتفكيك «محور الممانعة» من دون إطلاق رصاصة أميركية، أو إرسال «المارينز» الى بحر العرب وسواحل سورية.
أسنان الإدارة في العقوبات، وأنياب العقوبات تلتهم العملة الإيرانية، فتؤجج صراعاً بين الرئيس المترنح محمود أحمدي نجاد، وخصمه رئيس البرلمان علي لاريجاني... يتراشقان بالاتهامات، ينزل الشباب إلى الشارع غاضبين للمرة الأولى منذ موت «الحركة الخضراء». وأما «الربيع الإيراني» الذي قد لا ينتظر الانهيار الكامل للريال، أو إفلاس «الدولة العظمى» المستبعد ما دامت طهران تستغل العراق قناة رديفة للحصول على العملة الصعبة... هذا الربيع قد يكون للمرشد علي خامنئي الوجه الآخر للعاصفة التي كان الرئيس بشار الأسد استبعدها لأن السوريين «ملتفون حول قيادتهم»!
تموّل طهران برنامجها النووي، ومعركة إنقاذ النظام السوري، وإنعاش أصابعها على البحر المتوسط لتبقى على تماس مع إسرائيل. كثيرون من الإيرانيين باتوا بعيدين عن فرص العمل، وخط التماس مع احتياجاتهم المعيشية. سيعتبر نجاد أن صدامات المتظاهرين مع الشرطة في طهران جزء من «المؤامرة الكونية»، وأن أعداء بلاده يتسللون إلى عقول الإيرانيين عبر «فايسبوك» و «تويتر». يطمئنه خامنئي معترفاً بـ «عقبات خطيرة»، ومعوّلاً على «صمود الشباب أمام الضغوط»... لعله يستعير من القيادة السورية رهانها على ما تسميه «صمود السوريين»، لكنه يزايد في اختيار نعوتٍ للغرب فيشبّهه بـ «ديدان تمتص دماء الشعب»!
ما لا يدركه المرشد هو ذاته ما عجز حلفاؤه عن الاعتراف به، ومثلما أثبتت شعارات «مقاومة الصهيونية» تهافُتها فيما الديكتاتوريات تتدرج في البطش بشعوبها، والصهيونية نائمة على حرير أعداء أغبياء... لا يمكن خامنئي إقناع الشبان المتظاهرين في طهران بأن «ديدان الغرب» هي التي التهمت عملتهم.
قنابل الشرطة مسيلةٌ للدموع في طهران، تطمينات وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي في بغداد حول التعاون في الأمن الإقليمي، مجرد دخان لإخفاء أزمة بين الحليفين، بسبب تفتيش طائرة إيرانية عبرت أجواء العراق إلى سورية. وقد لا يكون مبالغة ترجيح إصرار إيراني على جر بغداد علناً إلى الصراع على سورية، من خلال طلب وحيدي تطبيق الاتفاقات الدفاعية والأمنية الإيرانية- العراقية.
وإذ يجد نوري المالكي نفسه بين فكي كماشة، إيراني وأميركي، فالسؤال هو كم تصمد حكمة المرشد أمام «ديدان» الغرب وحرب العقوبات «النفسية»، قبل أن يصبح المالكي في موقع «حزب الله» الحائر إزاء مصير النظام السوري.
إيران ليست سورية، لكن الربيع وخريفه عابران للحدود، والذين انتظرهم نجاد في الخليج ومضيق هرمز ما زالوا يراهنون على أنياب الحظر النفطي.
 

المصدر: جريدة الحياة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,542,429

عدد الزوار: 7,637,036

المتواجدون الآن: 0