من الشرقية السعودية إلى الأشرفية اللبنانية...مصادر فرنسية رسمية: لا تحول سياسيا في سوريا من غير تغير في ميزان القوى العسكرية

النظام يقصف معرة النعمان بالقنابل العنقودية.. والجيش الحر يسيطر على أحياء جديدة في حلب... مظاهرات في مختلف المناطق تلوم السياسات الأميركية...التوترات داخل الطائفة العلوية تزيد من التحديات التي يواجهها الأسد... الغارات الجوية تدفن طفلا كان يلعب على دراجته الهوائية تحت الركام... لم تترك منه سوى رجلين صغيرتين مشوهتين في شكل رهيب

تاريخ الإضافة الأحد 21 تشرين الأول 2012 - 6:22 ص    عدد الزيارات 2265    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

النظام يقصف معرة النعمان بالقنابل العنقودية.. والجيش الحر يسيطر على أحياء جديدة في حلب... مظاهرات في مختلف المناطق تلوم السياسات الأميركية

بيروت: بولا أسطيح .... أعلن مقاتلون في الجيش الحر في مدينة حلب سيطرتهم على حي سليمان الحلبي، في وقت تتواصل فيه الاشتباكات والقصف العنيف في أحياء المدينة وعدة مناطق في البلاد، أشدها في الغوطة الشرقية في ريف دمشق ودرعا ومنطقة القصير في ريف حمص، حيث ألقى الطيران الحربي التابع لقوات النظام قنابل عنقودية على مدينة معرة النعمان التي يسيطر عليها الثوار، وعلى مدينة القصير.
وتأتي هذه التطورات في وقت خرجت فيه مظاهرات يوم أمس (الجمعة)، تحت اسم «أميركا.. ألم يشبع حقدك من دمنا؟!».
وقالت مصادر في الجيش الحر بحلب إن كتائب الجيش الحر شنت هجوما متزامنا على أحياء سليمان الحلبي والعرقوب والميدان، وسيطرت على الأول بشكل كامل وعلى أجزاء كبيرة من حي الميدان، ولا تزال الاشتباكات دائرة في حي العرقوب بين الجيشين النظامي والحر.
واصلت القوات النظامية السورية يوم أمس (الجمعة) محاولاتها للسيطرة على مدينة معرة النعمان الشمالية فقصفت بالبراميل المتفجرة والصواريخ كما بالقنابل العنقودية مناطق سكنية مما أدى لمقتل أكثر من 100 شخص بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أهداف الضربة الجوية شملت معسكرات للمتمردين قرب وادي ضيف، وهي تشكل مخزنا كبيرا للمعدات الثقيلة والوقود.
وأضاف المرصد أن «المقاتلات ألقت قنابل استهدفت معسكرات المتمردين قرب قاعدة وادي الضيف»، مركزة قوة نيرانها على قرى تلمانس معشمشة.
وعرض الجيش السوري الحر بقايا إحدى القنابل العنقودية وكذلك عشرات القنابل الأخرى، التي لم ينفجر بعضها والتي ألقيت على المدينة التي تتعرض منذ نحو عشرة أيام لعمليات قصف مكثفة متهمين النظام السوري بإسقاطها على مناطق سكنية وعلى الخطوط الأمامية، بالإضافة لعشرات القنابل الصغيرة التي لم تنفجر.
وتحمل القنابل كتابات تشير إلى احتمال أن تكون القنبلة صنعت في روسيا. وقال مصدر قيادي في الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط» أن استخدام النظام لهذا النوع من القنابل المحرمة دوليا لا يقتصر على معرة النعمان، بل طال حلب وحمص وغيرها من المناطق السورية لافتا إلى أن خطورة هذه القنابل تكمن في أن بعضها لا ينفجر فور إلقائه، لا بل عند لمسها مما قد يرفع من إمكانية إصابة أطفال ونساء. وأوضح المصدر أن انفجارات هائلة تسمع في منطقة معرة النعمان نتيجة إلقاء براميل متفجرة قد تتخطى زنتها زنة رأس حربة صواريخ «سكود». وأضاف: «نحن نسيطر 100 في المائة على الأرض في معرة النعمان لكن النظام يقصفنا من الجو وبالمدفعية في ظل صمت المجتمع الدولي المريب وغير المسبوق».
وتتهم «هيومان رايتس واتش» سوريا باستخدام قنابل عنقودية. لكن الجيش السوري نفى هذه التهمة مشددا على أنه لا يملك هذا النوع من القنابل. ولم تصدق سوريا على معاهدة دولية تحرم استخدام القنابل العنقودية التي يمكن أن تحمل نحو 650 قنبلة صغيرة.
وتقول منظمات غير حكومية إن 40 في المائة من القنابل لا تنفجر، و98 في المائة من الإصابات تقع في صفوف المدنيين وكثير منهم أطفال ظنوا القنابل ألعابا.
وينقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن عناصر في الجيش الحر قولهم إنهم شنوا هجوما أخيرا على وادي الضيف المحاصرة بنحو 2500 من الثوار. هذا وأفيد عن مقتل نحو 49 شخصا بينهم 23 طفلا في هجوم للمقاتلات على مناطق سكنية بمعرة النعمان، وفقا لشهادات منقذين.
ودمرت الهجمات منزلين ومسجدا كان كثير من النساء والأطفال يتخذونه ملجأ. ولا تزال كثير من الجثث عالقة تحت أنقاض المسجد، بحسب ناجين ومسعفين. وراحت طفلة عمرها تسعة أشهر ضحية للهجوم.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع اشتباكات عنيفة صباح أمس بين الجيشين النظامي والحر في حي الصاخور بمحافظة حلب، الذي يتعرض لقصف عنيف من القوات النظامية التي تحاول السيطرة على الحي. وفي حلب أيضا تعرضت الأحياء الشرقية للمدينة للقصف من قبل القوات النظامية. كما تعرض حي الميدان للقصف بقذائف الهاون من قبل مقاتلي الجيش الحر.
وبموازاة ذلك، يحاصر مقاتلو الجيش الحر مقر اللواء الرابع والستين في بلدة الأتارب غرب المدينة. بعدما تمكنوا من إغلاق الطرق المؤدية للقاعدة العسكرية.
وفي إدلب، شن الطيران الحربي، أمس، غارات على مواقع مقاتلي الجيش الحر الذين شنوا أمس هجوما على قاعدة عسكرية استراتيجية في شمال غربي سوريا. كما أغارت الطائرات على مشارف معسكر وادي الضيف في قريتي تلمنس ومعرشمشة. حيث تدور اشتباكات شرسة هناك في هجوم على معسكر وادي الضيف، حيث يتحصن فيه نحو 250 جنديا من قوات النظام منذ أيام، ويضم المعسكر أيضا دبابات ومخازن للمحروقات.
وقال ناشطون إن الطيران الحربي قصف بلدة معرشورين، وأسفر القصف عن سقوط عدد من القتلى وعشرات الجرحى نتيجة تدمير عدة منازل جراء القصف. وفي حي الفردوس، في مدينة حلب، سقط عدد من الجرحى نتيجة قصف من قوات النظام استهدف مظاهرة خرجت هناك، وفي حي الصاخور سقط عدة جرحى نتيجة قصف مدفعي من قبل قوات النظام على فرن الذرة في الحي، وخرجت مظاهرات عدة في أحياء حلب وريفها ومحافظة إدلب في سرمين وسرمدا وكفرنبل وبنش وكفرعروق وأريحا وبث ناشطون مقاطع فيديو لتلك المظاهرات، وهتف المتظاهرون في مدينة بنش «يا أميركا إسمعينا.. انت ما بتهمينا.. نصرك ربي يكفينا.. شوفوا الشعب شو بريد؟ الشعب يريد نصرك يا الله».
 
الغارات الجوية تدفن طفلا كان يلعب على دراجته الهوائية تحت الركام... لم تترك منه سوى رجلين صغيرتين مشوهتين في شكل رهيب

لندن: «الشرق الأوسط» ... عاد الطفل لتوه إلى معرة النعمان، المدينة الاستراتيجية في شمال غربي سوريا التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون، لأن والديه اعتقدا أن الخطر تجاوزها. كان يلهو على دراجته الهوائية حين دفنته تحت الركام قذيفة ألقتها طائرة حربية.
وما زال الجزء الأعلى من جسده تحت الركام، ولا ترى منه سوى رجلين صغيرتين مشوهتين في شكل رهيب وتغطيهما الحجارة، وقدمين مكتنزتين ما زالتا على دواستي دراجة هوائية للأطفال.
وسحبت من تحت الأنقاض جثة بلا رأس لهذا الطفل، وحملها بأطراف أيديهم أقارب كواهم الحزن. في مواجهة رهبة ما رأوا، كانوا يتضرعون إلى الله.
كما أدى القصف أيضا إلى تمزيق جسد طفل آخر كان يلهو في الحي نفسه. حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وعلى بعد أمتار من مكان سقوط القذيفة، تخرج امرأة متألمة من نافذة منزلها الواقع في الطبقة الأرضية. هي مصابة بدوار وما زالت في ملابس النوم، لكن نجاتها من الغارة أعجوبة في ذاتها، بعد أن هوى المبنى كقصر من أوراق اللعب، لكن صالون منزلها صمد.
وأخذت هذه الغارة المفاجئة على حين غرة، عددا قليلا من السكان الذين ما زالوا في معرة النعمان التي هجرها غالبية قاطنيها الـ125 ألفا بسبب الغارات المتكررة التي تتعرض لها المدينة وأطرافها منذ تصاعد الاشتباكات الشهر الحالي.
ووقعت المجزرة أول من أمس في جنوب غربي المدينة الذي بقي نسبيا في منأى عن القصف. وقد دفع هذا الاعتقاد الخاطئ أهل الطفل الذين لجأوا إلى بلدة كفر نبل القريبة منذ عشرة أيام، للعودة إلى معرة النعمان الأربعاء.
ودمرت القذائف في شكل كامل مبنى من أربعة طوابق، في حين تسببت في دمار جزئي لمبنى مجاور ومسجد لجأت إليه نساء وأطفال، معتقدين أنهم سيتمتعون بالأمان في دار العبادة هذه. وأدت هذه الغارات إلى حصيلة دموية: 44 قتيلا من بينهم 23 طفلا، بحسب ما أفاد المسعفون.
وفي أروقة مستشفى ميداني أقيم في إحدى مدارس المدينة، رأى صحافي وكالة الصحافة الفرنسية 32 جثة بينهما ستة لأطفال وضعت داخل أكفان بيضاء، إضافة إلى أكياس من البلاستيك كتب عليها «أشلاء».
وأضاف طبيب يعمل في المستشفى: «لم ينج من الغارة حتى الآن سوى ثلاثة أشخاص، بينهم طفل في الثانية من عمره، بقي على قيد الحياة بين ذراعي والده الذي توفي».
أما الضحايا الآخرون الذين فقدوا بعض أطرافهم، فانتشلوا من تحت الأنقاض ووضعوا فوق أغطية على الأرض، قبل أن ينقلوا في شاحنات «بيك آب» صغيرة.
صرخ الناس متوجهين إلى الصحافيين: «انظروا ماذا يفعل هؤلاء الكلاب بنا!»، و«اذهب إلى الجحيم يا بشار لأنك تقتل الأطفال!»، وناجوا ربهم «أن يمنحنا القوة لنتغلب على هؤلاء الحثالة!».
كما أسند السكان عددا من الجرحى المضرجة وجوهم بالدماء من أكتافهم، ونقلوهم إلى مستشفى مجاور أقيم في الطبقة السفلية لأحد المباني الرسمية في الحي.
وباتت هذه المنشأة الطارئة التي تضم نحو 12 طبيبا و20 سريرا وغرفتي عمليات ميدانيتين، هدفا منتظما للقصف المدفعي والغارات الجوية التي تنفذها طائرات النظام.
وكانت طائرات حربية مقاتلة حلقت فوق معرة النعمان طوال فترة ما قبل الظهر، منفذة طلعات على علو منخفض لإلقاء عشرة قذائف على الأقل على المدينة وأطرافها الشرقية، حيث أطلق المقاتلون المعارضون أول من أمس هجوما حاسما عليه بعد أيام من حصار هذا المعسكر الأكبر في المنطقة، الذي ما زال تحت سيطرة القوات النظامية.
وسيطر المقاتلون المعارضون على مدينة معرة النعمان الاستراتيجية في محافظة إدلب، إضافة إلى جزء من الطريق السريع بين دمشق وحلب (شمال) بالقرب منها، مما مكنهم من إعاقة إمدادات القوات النظامية.
 
التوترات داخل الطائفة العلوية تزيد من التحديات التي يواجهها الأسد... لم يكن دعمها الراسخ للنظام موضع شك على الإطلاق

بيروت: ليز سلي ... تمثل الإشارات الدالة على وجود حالة من الاستياء في أوساط الأقلية العلوية في سوريا تحديا جديدا للجهود التي يبذلها الرئيس السوري بشار الأسد للاحتفاظ بالسلطة في مواجهة الثورة المسلحة الآخذة في الاتساع، الأمر الذي يلقي بظلال من الشك حول ولاء الطائفة التي ينتمي إليها الأسد في الصراع الذي يجتاح البلاد حاليا.
لطالما اعتمد الأسد بشكل متزايد على الطائفة العلوية القوية، التي يبلغ تعدادها 2.5 مليون نسمة، لدعمه في مواجهة الأغلبية السنية التي انضمت إلى الثورة، مما أدى إلى إضافة بعض الأبعاد الطائفية إلى الثورة السورية التي انطلقت في مسعى عفوي للبحث عن المزيد من الحريات، مستوحى من الثورات التي اجتاحت العالم العربي.
وبدورها، احتشدت الطائفة العلوية خلف قيادة الأسد، مدفوعة ببعض المخاوف بشأن سوريا المستقبل التي لن يحكموها والتي سيلعب فيها المسلمون السنة الدور الرئيسي حال انتصار الثوار.
أما الآن، فهناك بعض الإشارات القادمة من معقل الطائفة العلوية في المنطقة الساحلية شمال سوريا، والتي تؤكد على وجود مؤامرات وتوترات في داخل عائلة الأسد نفسها، حيث جرى تبادل لإطلاق النار بين بعض أفراد أسرة الأسد الكبيرة في بلدة القرداحة، التي ينتمي إليها أسلاف الرئيس، في أواخر الشهر الماضي، بينما يعد قيام قوات النظام باعتقال أحد الناشطين العلويين البارزين بمثابة الإشارة إلى وجود حالة من عدم الارتياح داخل إحدى الشرائح السكانية التي لم يكن دعمها الراسخ للأسد موضع شك على الإطلاق.
لا توجد أي مؤشرات تدل على أن العلويين على وشك التحول للانضمام إلى المعارضة المفتتة، والتي لم تقم ببذل الكثير من الجهود لحثهم على تبني مثل هذه الخطوة. وفي الحقيقة، التزم الكثير من العلويين، الذين رحبوا في البداية بمطالب الإصلاح السياسي في البلاد، بالصمت لفترة طويلة، أو حتى احتشدوا خلف نظام الأسد بمجرد أن قام الثوار بحمل السلاح، وبدأ المتطرفون السنة في لعب دور أكثر بروزا، وذلك وفقا لبعض الناشطين العلويين وسكان منطقة اللاذقية، حيث تتركز الأقلية العلوية.
وباعتبارهم أعضاء في طائفة غامضة منبثقة عن المذهب الشيعي، تحمل العلويون قرونا من الاضطهاد تحت الحكم السني، قبل أن يتمكن حافظ الأسد، والد بشار الأسد، من الاستيلاء على الحكم في عام 1970 والدفع بهم بين صفوف النخبة في البلاد. ويخشى الكثير من العلويين من أن يتم تصنيفهم كمواطنين من الدرجة الثانية مرة أخرى، أو حتى مواجهة الأسوأ، وهو القتل على أيدي السنة انتقاما من قيام قوات الشرطة التي يهيمن عليها العلويون بإراقة دمائهم على مدار أشهر طويلة.
توحي علامات التوتر الموجودة داخل الأقلية العلوية، على الأقل، بأن الضغوط التي استمرت خلال الثورة السورية، التي دخلت شهرها الـ19، قد تركت بصمات واضحة على تماسك العلويين.
يقول هلال خشان، وهو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت «يعد العلويون أمرا حاسما في مسألة بقاء الأسد، حيث إنه لن يتمكن من البقاء ليوم واحد من دون دعمهم الكامل، وبالتالي فإن وجود مثل هذه التوترات داخل الطائفة العلوية لهو أمر شديد الأهمية في الحقيقة»، مضيفا «معظم العلويين مستاءون من النظام، ويشعرون بأن الأسد يجر طائفتهم نحو صراع لن يتمكنوا من الانتصار فيه في نهاية المطاف».
لم تتضح بعد كل الملابسات الخاصة بما حدث في القرداحة خلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث تختلف الروايات حول ما إن كان هذا الصراع قد نشب بسبب خصومات سياسية أو شخصية، لكن الجميع يتفقون على وجود تبادل لإطلاق النار بين اثنين من أفراد عائلة الأسد في أحد المقاهي في بلدة القرداحة الجبلية، التي ولد فيها حافظ الأسد ودفن فيها جثمانه في مقبرة رخامية عظيمة.
تشير الروايات إلى قيام محمد الأسد، الرجل القوي في هذه المنطقة، بسحب مسدسه بعدما تعرض للإهانة من قبل أحد أقرباء الأسد الآخرين، وهو صخر عثمان، مما نتج عنه إصابة الرجلين في تبادل لإطلاق النار، فضلا عن إصابة ستة أشخاص آخرين.
يقول الباحث السوري جوشوا لانديس، الذي يحتفظ بعلاقات وثيقة مع الطائفة العلوية من خلال زوجته التي تنتمي إلى الطائفة نفسها، إن معركة الأسلحة النارية حدثت بسبب إهانة عثمان لمحمد الأسد، المعروف محليا باسم «شيخ الجبل»، نظرا للدور الذي يلعبه باعتباره كبير عائلة الأسد في المدينة. ووصفت رسالة بريد إلكتروني من أحد أقرباء الأسد كيفية تدخل الرئيس بشار الأسد في هذا النزاع لتهدئة الأمور واستعادة النظام، حسبما يؤكد لانديس، وهو أستاذ العلوم السياسية بجامعة أوكلاهوما الأميركية.
يقول محمد الصالح، وهو ناشط علوي في سوريا، إن تبادل إطلاق النيران كان بسبب تجارة التهريب المربحة في مجال السجائر والأسلحة وغيرها من الأشياء المحظورة التي ازدهرت بين العشائر العلوية التي تقطن المناطق الساحلية تحت حكم عائلة الأسد، مضيفا أن محاولات تحميل هذا الحادث معاني إضافية هي «محض هراء».
تأججت الشكوك حول ما إن كان هذا الصراع يعكس وجود خلافات سياسية أعمق داخل الطائفة العلوية نظرا لحقيقة أن تبادل إطلاق النار قد وقع داخل مقهى مملوك لأحد أفراد عائلة الخيّر الشهيرة، التي لطالما كانت منافسا لعائلة الأسد، فضلا عن أن أحد المصابين ينتمي أيضا لعائلة الخيّر، ومجيء هذه المعركة بعد بضعة أيام من إلقاء القبض على عبد العزيز الخيّر، وهو عضو بارز في العائلة وأحد المنشقين عن النظام.
وتم اعتقال عبد العزيز الخيّر في دمشق لدى عودته من رحلة إلى روسيا ثم الصين باعتباره ممثلا لـ«هيئة التنسيق الوطنية» المعارضة، وهي الهيئة التي تتخذ من دمشق مقرا لها والتي يبدي النظام تسامحا كبيرا معها نظرا للموقف المعتدل نسبيا الذي تتبناه.
وجاء هذا الاعتقال وسط تكهنات واسعة انتشرت في العاصمة السورية دمشق بأن عبد العزيز الخيّر يجري إعداده من جانب موسكو للقيام بدور محتمل في الحكومة المستقبلية، وذلك وفقا لأحد المحللين الذي تحدث من دمشق شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه يخشى على سلامته. يقول النشطاء، الذين يعتقدون أن تبادل إطلاق النار يعد مؤشرا على ظهور انقسامات سياسية داخل الأسرة العلوية الحاكمة، إن عثمان كان في اجتماع مع ممثلين من عائلة الخيّر للبحث في الرد الأنسب على اعتقال عبد العزيز الخيّر عندما دخل محمد الأسد إلى المقهى لتفريقهم.
ويقول لانديس إن شبح نشوب عداء دموي بين أفراد الطائفة العلوية يبدو مستبعدا تماما، وهو ما يعود في الأساس إلى التحديات الوجودية الهائلة التي تواجهها الطائفة بحيث تدرك معظم الأسر العلوية جيدا أنه يتعين عليهم البقاء مع بعضهم بعضا، مؤكدا أن حدوث انقسام داخل العائلة الحاكمة سوف يمثل «تحولا جذريا وجديدا من نوعه» في الثورة السورية. ويضيف لانديس «لا أعتقد بحدوث مثل هذا الأمر، ولكن من الواضح وجود تحركات ما في القرداحة ليست في صالح الأسد، فهناك الكثير من التوترات».
وفي الواقع، فإن افتراضات ولاء العلويين للنظام السوري تخفي حقيقة أكثر تعقيدا، حيث إن المنافسات العائلية التقليدية باتت متشابكة إلى حد بعيد مع حالة من الإحباط العميقة المنتشرة بين الكثير من أفراد الطائفة الذين لديهم بعض الشكوك بشأن الطريق الذي يقودهم إليه بشار الأسد، وذلك وفقا لبعض العلويين الذين يقطنون المنطقة الساحلية والنشطاء المنفيين.
وفي القرى العلوية الموالية للنظام، يستمر تدفق الكثير من التوابيت بصورة يومية، والتي تحتوي على جثث الرجال العلويين الذين يلقون حتفهم في الصراع مع الثوار. ويعد منظر النساء المتشحات بالسواد مشهدا مألوفا في الشوارع المزينة بصور الأسد. ولم تقم الحكومة بإصدار إحصائيات بأعداد الضحايا بين صفوف قوات الأمن، ولكن في حال صدق الأرقام المتداولة حاليا على نطاق واسع، والتي تؤكد وفاة 10.000 علوي، فسوف يعني هذا أن المواطنين العلويين الموالين للنظام يلقون حتفهم بمعدل أكبر من السنة.
تقول إحدى القصص، التي ربما تكون ملفقة ولكن يتم سردها كثيرا بصورة كافية لتجد بعض الآذان المصغية، إنه عندما شاهدت إحدى الأمهات جثة ابنها الثالث والأخير الذي يلقى حتفه أثناء محاربة الثوار، قالت للضابط «هل تريدون قتلنا جميعا حتى يبقى رجل واحد؟».
تتزايد الشكاوى الخاصة باستغلال النظام الحاكم في سوريا لمخاوف الطائفة العلوية في حماية الأسد وعائلته بصورة مستمرة في الوقت الذي يشهد ارتفاع أعداد القتلى، وذلك وفقا لأحد الأطباء العلويين من اللاذقية، والذي تحدث أثناء وجوده في بيروت شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه يخشى على سلامته. ويضيف هذا الطبيب «الأسد لا يمثل العلويين، إنه يستغلهم في الحقيقة. وإذا كان العلويون مستعدين للموت من أجل الأسد، فهذا يرجع إلى شعورهم بالخوف على أنفسهم، وليس بسبب حبهم له».
لم تستفد الكثير من المجتمعات العلوية الفقيرة من صعود عائلة الأسد، فضلا عن أنهم كانوا يشكلون تاريخيا أحد العناصر المهمة في صفوف المعارضة لحكم الأسد، وفقا لما صرح به أحد النشطاء من اللاذقية، والذي قضى عقدا كاملا في السجن في فترة التسعينات من القرن الماضي ولم يرغب في الكشف عن هويته. ولكن جرى تجنيد هؤلاء الأشخاص بصورة كبيرة في الأجهزة الأمنية بعد اندلاع الثورة، وتم دفعهم إلى الخطوط الأمامية عقب حدوث الكثير من الانشقاقات في صفوف الجنود السنة، مما يلقي بظلال من الشك حول مصداقية الوحدات السنية، حسبما يؤكد بعض الخبراء العسكريين. وفضلا عن ذلك، يتزايد اعتماد الجيش على الشبيحة، وهم مجموعة من الجنود غير النظاميين الذي ينتمي معظمهم للطائفة العلوية، حيث قام الجيش بتنظيمهم في صورة ميليشيات محلية.
يتم تجنيد السنة أيضا في مجموعات الشبيحة في المناطق ذات الأغلبية السنية، مثل حلب ودرعا ودير الزور، مما يتسبب في حدوث التباس في التفسيرات البسيطة التي تصف الصراع بالطائفي الذي يدور بين العلويين والسنة، حسبما يؤكد الناشطون.
ويتم إلقاء اللائمة في العديد من المجازر واسعة النطاق التي يتم ارتكابها ضد المدنيين، مثل تلك المجازر التي جرت في قريتي الحولة والقبير خلال الصيف الحالي، على قوات الشبيحة العلوية. وعلى الرغم من أنه لا توجد هناك أي سجلات تفيد بقيام الثوار بارتكاب مجازر انتقامية ضد المدنيين العلويين، تقول «مجموعة الأزمات الدولية»، في تقرير حديث لها «إن خطر حدوث أعمال انتقامية على نطاق واسع.. هو أمر مخيف حقا».
ويؤكد خشان أنه من المرجح أن تتسبب هذه المخاوف في استمرار ارتباط العلويين بالأسد، حيث ينظرون إلى هذا الصراع على أنه صراع من أجل وجودهم. ويضيف خشان «لقد تركهم من دون أي خيارات أخرى سوى البقاء إلى جانبه، لقد نجح في ربط مصير العلويين بمصير نظامه».
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»
 
الإبراهيمي في دمشق.. وتركيا توجه نداء رسميا لوقف إطلاق النار في عيد الأضحى... المقدسي: نحن نريد التهدئة ليس كرمى لعيون أحد بل للوصول إلى حل عبر الحوار

بيروت: بولا أسطيح عمان: محمد الدعمه... بالتزامن مع وصول الموفد الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي، يوم أمس، إلى دمشق للبحث مع السلطات السورية في وقف لإطلاق النار خلال عيد الأضحى، دعا وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، كل الأطراف المتنازعة في سوريا إلى ضرورة تقديم الدعم لمبادرة وقف إطلاق النار التي تساندها تركيا في فترة عيد الأضحى، متمنيا إطالة أمد هذه الفترة لوقف نزف مزيد من دماء الأبرياء على أثر القصف الجوي والمدفعي لقوات النظام السوري.
وقال أوغلو «إنني أوجه هذا النداء رسميا باسم تركيا»، مضيفا أنه سيجري اتصالات مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي «ومن الممكن الإعلان المشترك عن عملية وقف إطلاق النار بعد أن أجرى العربي اتصالاته مع الدول العربية التي أعربت عن تقديم دعمها لهذه المبادرة، إضافة إلى إعلان الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ووزير خارجيته علي أكبر صالحي موافقتهما ودعمهما لهذه المبادرة».
وأكد أوغلو أنه عقد استشارات ثلاثية مع مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الأخضر الإبراهيمي ونبيل العربي في إسطنبول حول هذه المبادرة وتم التوصل لاتفاق مبدئي، منوها بأن الإبراهيمي توصل هو الآخر لاتفاق مع الأمم المتحدة. وقال أوغلو إن موقف بلاده واضح من الأحداث الجارية في سوريا «ولو أتيحت لنا الفرصة من الممكن أن نكرس كل الجهود على مدار الساعة لهم لعدم إراقة دمائهم على أيادي النظام السوري»، مضيفا أن «تركيا ستقدم مزيدا من المساعدات الإنسانية لأشقائنا السوريين بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك».
وردّ الناطق باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي على تصريحات أوغلو، معتبرا أن «هناك تناقضا بين تصريحات الحكومة التركية وما تقوم به»، مضيفا «نحن نريد التهدئة، ليس كرمى لعيون أحد بل لأننا نريد تهدئة الوضع للوصول إلى حل عبر الحوار». وتمنى مقدسي «النجاح للمبعوث الأممي - العربي الأخضر الإبراهيمي، لأن نجاح هذا الرجل نجاح لسوريا».
وتنتظر قيادة الجيش السوري الحر أن تُطرح عليها رسميا مبادرة الإبراهيمي لوقف إطلاق النار، في ظل تأكيد نائب قائد الجيش الحر العقيد مالك الكردي أنه لا شيء رسميا عُرض عليهم حتى الساعة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كي نعطي موقفا من المبادرة ننتظر أن نرى ماذا ستكون تفاصيلها، علما بأننا نتمنى على الإبراهيمي أن يطرح وقفا دائما لإطلاق النار وليس فقط وقفا للقتل خلال فترة عيد الأضحى».
واعتبر الكردي أن «الكلمة اليوم في هذا الموضوع هي للطرف الأقوى والذي يمتلك الترسانة العسكرية التي تفتك بالبشر والحجر وبالتالي للنظام، فهل سيلتزم بالهدنة وهو من خرق كل عمليات وقف إطلاق النار في وقت سابق؟» وأضاف «نحن بشكل عام نرحّب بأي مسعى يضع حدا لعمليات القتل، لكننا كذلك نتطلع إلى أن تكون هذه المساعي جدية وتترافق مع ضمانات».
وكان الإبراهيمي وصل ظهر يوم أمس إلى مطار دمشق، حيث كان في استقباله نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد. وقال خالد المصري، المتحدث باسم الأمم المتحدة في دمشق، إن الإبراهيمي وصل إلى دمشق يوم الجمعة، وإنه سيجتمع مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم صباح السبت. لكنه لم يقل ما إذا كان الإبراهيمي سيلتقي مع الرئيس السوري أم لا.
وقال الإبراهيمي للصحافيين لدى وصوله إنه سيبحث مع المسؤولين السوريين وقف إطلاق النار والمسألة السورية بشكل عام. وأضاف أنه سيبحث المسألة السورية مع الحكومة والأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني.
وكان المتحدث باسم الإبراهيمي أحمد فوزي قال إن الموفد الدولي سيلتقي الأسد في وقت «قريب جدا جدا»، لكن «ليس السبت». وكان الإبراهيمي اعتبر الخميس ومن عمّان أن اقتراحه وقفا لإطلاق النار في عيد الأضحى الذي يبدأ في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، قد يشكل منطلقا لعملية سياسية تضع حدا للنزاع السوري المستمر منذ 20 شهرا.
وأعلن الإبراهيمي أنه «في حال تم وقف القتال وتنفيذ هدنة أعتقد أننا سنستطيع أن نبني عليه هدنة حقيقية لوقف إطلاق النار ولعملية سياسية تساعد السوريين على حل مشاكلهم وإعادة بناء سوريا الجديدة التي يتطلع إليها شعبها».
كما بحث رئيس الوزراء السوري المنشق الدكتور رياض حجاب، خلال لقائه في عمّان مع المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، آخر مستجدات الأوضاع في سوريا وتطورها على الصعيد الداخلي والدولي. وقال المكتب الإعلامي للدكتور رياض حجاب بالعاصمة الأردنية، في بيان صحافي أمس الجمعة، إن الإبراهيمي الذي زار الأردن وضع حجاب في نتائج جولته الدولية والعربية وآخر ما وصلت إليه جهوده الرامية إلى وقف آلة القتل في سوريا. كما بحث الطرفان جميع الجهود والسبل المؤدية إلى تجنيب سوريا وشعبها مزيدا من الويلات وسفك الدماء.
على صعيد آخر، ذكر المكتب الإعلامي أن الدكتور حجاب التقى مؤخرا الضباط السوريين المنشقين عن النظام السوري في الأردن وأطلعهم على نتائج جولته الأخيرة في عدد من الدول الصديقة للشعب السوري، شارحا المواقف الدولية من الأزمة السورية، ومستعرضا معهم العمل الثوري بشقيه السياسي والعسكري.
وطلب الدكتور حجاب منهم تكثيف جهودهم من خلال اتصالاتهم المباشرة مع الداخل، للإسراع بالعمل على توحيد تشكيلات الجيش السوري الحر في جسم عسكري موحد، وهو ما من شأنه التسريع بإسقاط النظام السوري ووضع الخطط اللازمة لمرحلة ما بعد زوال النظام.
وفي نهاية لقائه، كلف الدكتور حجاب العميد الطيار أسعد الزعبي بمهام رئيس لجنة إدارة شؤون العسكريين المنشقين الموجودين في الأردن خلفا للواء محمد الحاج علي، كما كلف العميد فايز المجاريش بمهام نائب رئيس اللجنة، وخمسة عمداء آخرين أعضاء فيها.
يشار إلى أن عدد الضباط والعسكريين المنشقين الموجودين في الأردن أكثر من ثلاثة آلاف عسكري من مختلف الرتب، حيث يقيم الأردن مخيما خاصا في منطقة منشية العليان القريبة من مدينة المفرق شمال شرقي عمان.
وكان حجاب قد ظهر في أول نشاط سياسي في السادس من الشهر الحالي عندما التقى وزير الخارجية الأردني ناصر جودة في عمان، حيث جرى بحث تطورات الأوضاع على الساحة السورية، حيث أكد حجاب عمق وتميز العلاقات التي تربط الشعبين الأردني والسوري، وأهمية الدور الأردني في خدمة أمته، معبرا عن تقديره للملك عبد الله الثاني وحكمته وسعيه للوصول إلى حل سياسي يحقن الدماء ويلبي الطموحات المشروعة للشعب السوري.
 
مصادر فرنسية رسمية: لا تحول سياسيا في سوريا من غير تغير في ميزان القوى العسكرية

باريس: ميشال أبو نجم .... ربطت باريس بين ظهور تباشير لتحول سياسي في سوريا وبين حدوث تغيير على الصعيد الميداني، واعتبرت أنه ليس في سوريا اليوم طرف يمكن أن يكون «مهتما» باستكشاف الحلول السياسية التي يسعى إليها المبعوث العربي - الدولي طالما أن الوضع الميداني الذي يراوح مكانه «ما زال على حاله».
وقالت مصادر رسمية فرنسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن الرئيس السوري بشار الأسد «يشعر اليوم أن وضعه مريح أكثر مما كان عليه في الأشهر والأسابيع الماضية» إذ رغم المكاسب الميدانية التي حققها الجيش السوري الحر والمعارضة المسلحة ما زالت قواته قادرة على القتال والصمود، الأمر الذي يدفع من كان يراهن على سقوطه السريع إلى إعادة النظر بمواقفه وتحليلاته.
ويستنتج من هذه الرؤية أن النظام السوري، رغم التصريحات والكلام العلني، لن يكون مهتما بالاستجابة لمقترح الأخضر الإبراهيمي، المبعوث العربي - الدولي، بترتيب هدنة بمناسبة عيد الأضحى يمكن البناء عليها للبحث عن حل سياسي.
وقالت الخارجية الفرنسية أمس إن «الشروط» الضرورية لهدنة كهذه «غير متوافرة» في الوقت الحاضر معتبرة أن القصف الجوي والبري الذي قامت به قوات النظام على مدينة معرة النعمان أول من أمس والذي أوقع 49 قتيلا بينهم 23 طفلا، يبين أن «شروط إعلان وقف إطلاق النار ووضعه موضع التنفيذ واحترام بنوده غير متوافرة». رغم ذلك، اعتبر الناطق باسم الخارجية فيليب لاليو، بلغة دبلوماسية، أن ما يسعى إليه الإبراهيمي «هدف نبيل» آملا في حصول «تعديل في الموقف» يتيح تحقيقه.
وأدانت باريس بقوة عمليات القصف على معرة النعمان التي رأت أنها تظهر «وحشية القمع الأعمى الذي يمارسه النظام ضد شعبه» داعية إلى أن «يحاسب النظام» على ما يرتكبه من جرائم.
وتعتبر باريس أن «مفتاح التحول» في سوريا يكمن في تمكين المعارضة المسلحة من الحصول على الأسلحة التي تحتاج إليها من مضادات جوية وأسلحة فعالة ضد المدرعات. وحتى الآن، تلتزم فرنسا علنا بعدم تقديم السلاح إلى المعارضة، مكتفية بالدعم السياسي والإنساني وبتوفير المعدات غير القاتلة مثل وسائل الاتصال وأجهزة الرؤية الليلية. لكن باريس تعرف أن عددا من البلدان العربية كانت راغبة في تقديم الأسلحة التي تطلبها المعارضة وتصر على الحصول عليها، لكن الجانب الأميركي رفض أية مبادرة من هذا النوع قبل حصول الانتخابات الرئاسية أوائل الشهر المقبل، رغبة منه في منع تحول الأزمة السورية إلى مادة للجدل الانتخابي الداخلي.
بموازاة التحفظات الأميركية، ترى فرنسا أن الجانب التركي ورغم تصريحات عالية السقف التي تصدر عن المسؤولين الأتراك، فإن أنقره «لا تريد أن تجر إلى النزاع» كما أن الحلف الأطلسي لا يريد بدوره الانجرار. والدليل على ذلك أن تركيا دعت مجلس الحلف إلى الاجتماع في المرتين الأخيرتين تحت البند الرابع الذي ينص على «التشاور» بين أعضاء الحلف وليس تحت البند الخامس الذي يفعل التضامن مع أي عضو من الحلف الذي يعتبر أنه تعرض لاعتداء على سيادته.
 
من الشرقية السعودية إلى الأشرفية اللبنانية

عبد الرحمن الراشد.... ردد المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي محذرا: الأزمة السورية لن تبقى داخل سوريا. وبالأمس تردد صداه، حيث وقع انفجار في حي الأشرفية، منطقة مكتظة سكانيا في بيروت. لا نحتاج إلى تخمين بأنه من عمل النظام السوري وأتباعه، بل واثقون من ذلك. وقبله بيوم أمسك حرس الحدود السعودي بمتسللين من الحرس الثوري وصلوا إلى اليابسة في المنطقة الشرقية السعودية مسلحين بأسلحة وتجهيزات تدلل على عمليات تخريب مبيتة، ثم لاحق الحرس السعودي القارب وقبض على من فيه.
حتى قبل أن يحذرنا الإبراهيمي كنا متوجسين من النظامين الإيراني والسوري، مدركين أنهما ينويان تصدير الأزمة إلى الخارج ضمن سياسة التهديد والابتزاز التي ألفناها منهما. من وقت بداية الأزمة منذ عشرين شهرا، ونحن نتوقع تفجيرات وأعمالا عدوانية تمثل الورقة الأخيرة من أجل فك الحصار عن النظام السوري المخنوق جراء الحرب الشعبية ضده، والتي فشل في إطفائها أو وقف امتدادها.
سوريا وإيران اشتهرتا في العالم بعمليات التخريب على مدى ثلاثين عاما، في لبنان الثمانينات، عمليات خطف وتفجير واغتيال. وكانت إيران وراء أول تفجير في السعودية، في الخبر في التسعينات. وفي السنوات العشر الماضية كانت سوريا وراء آلاف التفجيرات في العراق ووراء عشرات الانفجارات والاغتيالات في لبنان.
وكما فشل مشروع الاستيلاء على حكم لبنان بالعمليات الإرهابية، فإن بشار الأسد والحرس الثوري الإيراني سيفشلان في وقف التغيير التاريخي في سوريا. يعتقد النظامان، السوري والإيراني، أن تنفيذ عمليات تفجير في السعودية ولبنان وربما دول أخرى في محيط سوريا والمنطقة سيفرض حلا وسينقذ الأسد، لكن مهما كان ثمن حملة الترويع والإرهاب فإن النظام السوري ساقط، ومصير الأسد في يد شعبه السوري لن يؤثر عليه ما يحدث خارج حدوده.
على دول المنطقة الاستعداد للمعركة التي حذر منها الإبراهيمي، قد نشهد المزيد من الإرهاب والتخريب، وكما تم التصدي لعمليات التخريب الإيرانية في الكويت والسعودية من قبل، وأفشلت سياسة الابتزاز الإيرانية، فإننا نستعد لجولة جديدة لا خيار فيها سوى مواجهة النظامين الشريرين.
وخير وسيلة للجم العنف وإنهاء حلم إيران بإنقاذ نظام الأسد يتعين على دول المنطقة، السعودية من بينها، الإسراع في دعم الثورة السورية وتمكين الثوار السوريين من القضاء على هذا النظام السيئ، مصدر الخراب في المنطقة.
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط

A Gaza Ceasefire..

 الأحد 9 حزيران 2024 - 6:33 م

A Gaza Ceasefire... The ceasefire deal the U.S. has tabled represents the best – and perhaps last… تتمة »

عدد الزيارات: 160,891,015

عدد الزوار: 7,180,866

المتواجدون الآن: 108