تقارير..تداعيات اغتيال وسام الحسن على الساحة الإسلامية... هل يمد نصرالله يده إلى الحريري في هذه اللحظة؟..رسائل جنبلاط بعد اغتيال الحسن: لا تَخافوا... ولا تُخَوِّفوني!...القوة الصينية على محكّ نزاعات الشرق الأوسط....مستقبل التحالف الإيراني ـ السوري

إيران تبحث عن موطئ قدم في أفغانستان...طهران تستخدم المشاريع الخيرية لملء الفراغ الأميركي في كابول....ضمن التحقيق في واقعة مقتل مواطن بريطاني من أصل عراقي في فرنسا..تفاصيل مثيرة عن علاقة بين صدام حسين وعائلة الحلي....قد يضطر للتخلي عن الرئيس السوري كي لا يخسر دمشق...الخلافات الداخلية تهدد تماسك حزب الله في دعم الأسد

تاريخ الإضافة الثلاثاء 30 تشرين الأول 2012 - 5:58 ص    عدد الزيارات 3111    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

إيران تبحث عن موطئ قدم في أفغانستان...طهران تستخدم المشاريع الخيرية لملء الفراغ الأميركي في كابول
موقع إيلاف...لميس فرحات   
تستعد إيران لملء الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الأميركي من أفغانستان في نهاية عام 2014، وفقاً لما يقوله العديد من المسؤولين الأميركيين والأفغان، الذين يتخوفون من أن طهران تتحرك بنشاط وتموّل مشاريع إغاثة وتوسع نشاطها الاستخباراتي.
لميس فرحات: على الرغم من أن الإنفاق الإيراني في أفغانستان لا يقارن بالمليارات التي تغدقها الولايات المتحدة، إلا أن قدرة طهران على تنفيذ مشاريع تعمل من خلالها مع المواطنين الأفغان مباشرة تعطيها أفضلية، قد تمكّنها من استخدامها كورقة ضغط، إذا ما قررت الولايات المتحدة أن تضرب المنشآت النووية الإيرانية في مرحلة ما.
ويعتبر بعض المسؤولين الأفغان أن إيران أشد خطراً من التهديد التقليدي، الذي يمثله إرث طالبان والقاعدة على أفغانستان، إذ يلاحظون أن النفوذ الإيراني يزداد في المنطقة، وأن طهران قادرة بإشارة واحدة منها على أن تحشد عشرين ألف أفغاني، الأمر الذي يعتبر أشد خطورة من الانتحاريين القادمين من باكستان.
الأموال التي تتدفق كمساعدات إلى أفغانستان ليست المشكلة، فالقضية الأساس هي المكان الذي تنتهي فيه هذه الأموال ولأي هدف تستخدم.
تلقى عدد من المسؤولين البارزين في الحكومة الأفغانية دعماً كبيراً من إيران طيلة الأعوام الماضية، كما إن الرئيس حامد كرزاي أقرّ بنفسه منذ عامين بتلقي مكتبه مساعدات مالية من طهران تصل قيمتها إلى مليون دولار أميركي.
الأموال الإيرانية تتدفق إلى مؤسسة الرئاسة الأفغانية، لكن ما يقلق المسؤولين الأميركيين والأفغان هو أن المساعدات والأموال الأميركية تكون موثقة وأكثر تنظيماً، بينما الأموال الإيرانية تتحرك كالأشباح، ولا يعرف طريقها، وإلى أين ينتهي بها المطاف؟.
تستغل إيران نقاط القوة المتوافرة لديها في غرب أفغانستان، حيث ينطق الكثير من الأفغانيين باللغة الفارسية، وينتمون إلى الطائفة الشيعية، إلى جانب وجود عدد لا يستهان به من الأفغانيين الذين يعملون في إيران. كما تعدّ إيران المورد الرئيس للطاقة الكهربائية في غرب أفغانستان.
السؤال الرئيس هو سبب تركيز إيران على أفغانستان، والدافع وراء سعي إيران إلى الحصول على موطئ قدم هناك؟. وعلى الرغم من الغموض الذي يلفّ الملف الإيراني في أفغانستان، والتوجّس الذي يشعر به عدد من المسؤولين الأفغان والأميركيين، إلا أن لإيران قليلاً من الحق في أن تكون مهتمة بالشأن الأفغاني.
السبب الرئيس الذي يجعل ايران مهتمة بالشأن الأفغانستاني هي الحرب التي تشنها لمكافحة المخدرات، فملف المخدرات يؤرّق إيران، حيث تدخل عبر الحدود الأفغانية-الإيرانية كميات كبيرة من الأفيون الأفغاني، والسلطات الإيرانية تواجه مشكلة حقيقية في هذا الصدد.
إلى جانب ذلك، أدت العقوبات الغربية التي ضربت الاقتصاد الإيراني إلى دفع طهران لردود فعل عديدة، منها توجيه رسالة جدية إلى الولايات المتحدة، مفادها بأن الضغوط التي تمارس عليها ستؤدي إلى ضربات مواجهة ضد أميركا، إنما بعيدة عنها، وأفغانستان واحدة منها.
وتسعى طهران من وراء محاولتها الدخول إلى أفغانستان إلى كسر عزلتها الدولية، لا سيما في ظل انشغال سوريا، التي تعد حليفتها الرئيسة في الشرق الأوسط بمجريات الثورة والحركة المعارضة، ووضع حزب الله في موقف دفاعي على خلفية القتال الدائر في سوريا.
يشار إلى أن الأداة الأساسية التي تستطيع إيران من خلالها بسط نفوذها في أفغانستان تتمثل في لجنة الإمام الخميني للمساعدات الإنسانية، التي تنخرط بشكل مباشر مع الفقراء في أفغانستان، من خلال تقديم المساعدات الاقتصادية ومحاولة جمع معلومات استخباراتية، وفقاً لمسؤولين أفغان وغربيين.
 
 
ضمن التحقيق في واقعة مقتل مواطن بريطاني من أصل عراقي في فرنسا..تفاصيل مثيرة عن علاقة بين صدام حسين وعائلة الحلي
موقع إيلاف...أشرف أبو جلالة           
كشفت المخابرات الألمانية، التي تشارك عناصر منها في التحقيقات الدولية التي لا تزال جارية بخصوص واقعة مقتل رجل الأعمال البريطاني من أصل عراقي سعد الحلي وزوجته وحماته وامرأة أخرى بالرصاص في سيارتهم في منطقة جبال الألب، حيث كانوا في عطلة، عن أن الحلي ربما كان لديه جزء من ثروة الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، وهو الجزء الذي قيل إن قيمته تقدر بملايين الجنيهات الإسترلينية.
أشرف أبوجلالة من القاهرة: رغم حالة الحيرة التي تهيمن على الشرطة والمحققين منذ وقوع الحادثة يوم 5 من شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، وعجزهم عن التوصل إلى دافع يقف وراء ارتكاب تلك المذبحة، إلا أن مسؤولين استخباراتيين متواجدين في برلين كشفوا عن أدلة تبين أن الحلي ربما أتيحت له إمكانية الوصول إلى أموال تخصّ الرئيس العراقي الراحل.
وهو ما زاد من احتمالية وقوف قوى شريرة وراء استهداف الحلي كوسيلة لكسب الحصول على جزء من الثروة الهائلة التي أخفاها صدام حول العالم، لاسيما في سويسرا.
أشارت في هذا السياق صحيفة التلغراف البريطانية إلى أن أفراد شرطة متخصصين قاموا في الأسبوع الماضي باستجواب مصرفيين يتواجدون في جنيف بشأن الأصول التي يمتلكها الحلي، في الوقت الذي طُلِب فيه تسلم سجلات مالية في بلدان منها الولايات المتحدة.
وعُرِف من قبل أن الحلي كان على خلاف مع شقيقه الأكبر، زيد، 53 عاماً، بسبب وصية أبيهما، كاظم، الذي توفي قبل حوالى عام في إسبانيا. ومازال يعتقد حتى الآن أن مصدر المال المتنازع عليه هو صفقات كاظم الخاصة بالعقارات ومصالح تجارية أخرى.
بيد أن عناصر تابعة للمخابرات الألمانية أخبرت نظراءها في قسم مكافحة الإرهاب في فرنسا بأن الأموال المودعة في حساب يخصّ سعد في جنيف قد جاءت في الأساس من صدام.
ومضت الصحيفة تقول إن كاظم، الذي كان يعمل في أحد المصانع، قد ترك بغداد في أواخر سبعينات القرن الماضي برفقة زوجته وابنيه، بعدما وقع ضحية لحزب البعث الخاص بالرئيس صدام حسين. ثم استقرت الأسرة بعدها في بيمليكو، وسط لندن، بالتزامن مع صدور قرارات بتجميد أية حسابات فيها أموال منحها صدام لكاظم.
لكن المعنى الضمني الواضح هو أن كاظم ربما لم يقع ضحية لصدام على الإطلاق، وتم استخدامه في حقيقة الأمر لإخراج الأموال من العراق بالنيابة عن صدام، الذي كان يتحضر دائماً بالخطط التي يمكنه الارتكاز إليها في حالة تمت الإطاحة به من الحكم.
وتم إعدام صدام في كانون الأول/ ديسمبر عام 2006، بعد فترة قصيرة من الكشف عن قيامه بسحب حوالى 620 مليون إسترليني من المصرف المركزي العراقي عام 2003 وإخفائه المبلغ في أماكن متفرقة حول العالم. وأضيفت الأصول إلى ملايين مودعة بالفعل في حسابات في بلدان أخرى، في الأساس عن طريق عراقيين انتقلوا إلى العيش في الخارج.
وإن تبيّن أن سعد الحلي كان طرفاً في تلك المعلومات السرّية، والتي منها بالتأكيد مكان الملايين المخبأة، فسيتضح حينها أنه كان مستهدفاً. وورد في تقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية ما يفيد بأن النزاع الذي نشب بين الشقيقين سعد وزيد، والذي برز أثناء التحقيقات، تركز لذلك على هذا الميراث، وليس على ميراث أبيهم فقط.
تابع التقرير "اكتشف محامون سويسريون أن سعد الحلي كان يمتلك حساباً مصرفياً فيه مليون يورو، من دون الإشارة إلى العلاقة بين تلك الأموال والعراق، موطن أسرته الأصلي".
واعترف إيمانويل لودوت، محام فرنسي شارك في الدفاع عن صدام حسين عقب اعتقاله، بأن النظام العراقي المخلوع مازال يمتلك أموالاً في حسابات مصرفية سويسرية، رغم أنه أكد أن النظرية التي تتحدث عن وجود "ثروة خفية" هي مجرد خيال.
إلى ذلك، أشار تقرير نشرته صحيفة الغارديان، إلى أن صدام حسين سبق له أن أودع 840 ألف إسترليني في حساب مصرفي في سويسرا يخصّ كاظم، والد سعد وزيد، الذي كان مقرّباً من حزب البعث، قبل أن يسافر بعدها إلى بريطانيا في السبعينات.
ونوهت الصحيفة بما ذكرته لوموند نقلاً عن مصدر من الشرطة الفرنسية بأن وكالة الاستخبارات الألمانية "بي إن دي" هي التي تعقبت تلك الأموال التي أودعها صدام. فيما قالت الوكالة من جانبها إنها لا تصدر أية تعليقات بخصوص العمليات التي تقوم بها.
 
قد يضطر للتخلي عن الرئيس السوري كي لا يخسر دمشق...الخلافات الداخلية تهدد تماسك حزب الله في دعم الأسد
موقع إيلاف...لميس فرحات  
لطالما اعتمد حزب الله على المساعدة من سوريا لتعزيز موقعه كقوة سياسية في لبنان، كما كان يعتمد دائماً على الأسرة الحاكمة في دمشق في حروبه ومعاركه.
لميس فرحات: هذه المعادلة انقلبت اليوم، إذ إن الأسد اليوم يحتاج أكثر من أي وقت مضى دعم حزب الله، وذلك بتوفير الدعم اللوجستي والمعنوي، وحتى إرسال مقاتلين لتعزيز صفوف قوات الأسد في حربها ضد الثورة.
مع دخول الثورة السورية ما يقرب عامها الثاني، تزداد الشكوك في لبنان إزاء قدرة الأسد على البقاء في الحكم، لا سيما وأن ثمة آراء سرية بدأت تنتشر داخل صفوف حزب الله حول ما إذا كان الوقت قد حان لوقف دعم الأسد. لكن بالنسبة إلى الكثيرين في جنوب بيروت، حيث يدير حزب الله المستشفيات والمدارس ومرافق أخرى، ويدفع المعاشات إلى أسر القتلى، فإن هذا الأمر غير وارد.
يعتمد حزب الله في التدريب والأسلحة على سوريا وإيران، مما أدى إلى نشوء ارتباط وثيق بين دمشق وطهران وضاحية بيروت الجنوبية، لا يبدو حتى الآن قابلاً للكسر.
تراجع حدة خطاب نصرالله وتخوف من التصادم مع السنة
ينظر الكثير من المؤيدين لحزب الله إلى الرئيس السوري بشار الأسد على أنه الضحية، وليس الديكتاتور. لكنّ هناك شرخًا في النظر إلى الأزمة السورية بين القاعدة الشعبية والمقاتلين في حزب الله، إذ يتزايد قلق أفراد الحزب من تأثير الاستمرار في دعم نظام الاسد على وضع ومستقبل الحزب وشيعة لبنان عموماً.
الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي أعرب في بداية الأزمة السورية علناً عن تأييده لنظام الأسد، لم يعد يفعل ذلك في خطاباته الأخيرة. كما إن بعض أعضاء حزب الله، ومنهم رجال الدين، يخشون من أن دعم الأسد يمكن أن يجرّهم إلى صدام مع المسلمين السنَّة.
تقول مصادر مقرّبة من دوائر القيادة في حزب الله إن الحزب وإيران يدركان أنهما على طريق الصدام مع السنَّة في حال لم يتم ردم الهوة بينهما. كما إن حزب الله والشيعة عموماً يدركان أن مستقبلهما مرتبط بسوريا، وإذا كان الأمر يتطلب التضحية بالأسد، فالأفضل التضحية به بدلاً من سوريا.
حزب الله يخسر التوافق الداخلي والتأييد الشعبي
الدليل الأبرز على الخلاف الداخلي، الذي يدور في حزب الله بشأن سوريا، هو إلغاء المؤتمر العام للحزب، الذي يعقد كل ثلاث سنوات، فيما تبدو أنها المرة الأولى التي يلغى فيها هذا المؤتمر. ومع أن التبرير هو أن ذلك يشكل خطراً أمنياً، إلا أن الكثير من المراقبين يرون أن المؤتمر ألغي نتيجة الخلافات، وبسبب خشية من الأمين العام من ألا يتمكن من إحداث توافق حول الموضوع.
أحداث التفجير وأعمال العنف في لبنان زادت من هذا الانقسام داخل حزب الله بشأن الموقف من النظام السوري. كما إن الحزب الذي كان يحظى بشعبية غير مسبوقة في العالم العربي، بسبب محاربته إسرائيل، بدأ يخسر هذا التأييد الشعبي نتيجة موقفه الداعم للنظام السوري.
صعوبة التوفيق بين دعم سوريا والمهام الحكومية
إلى جانب مصلحته في بقاء الأسد في الحكم، يحاول حزب الله منذ أشهر السير على خط رفيع ودقيق للغاية، وذلك بتحقيق التوازن بين دعمه للحكومة السورية وبين مسؤولياته كقوة سياسية مهيمنة في لبنان. لكن التوترات المتزايدة داخل لبنان تسلط الضوء على العقبات التي تحول دون نجاحه في كلا الاتجاهين.
أكثر من أي وقت في السنوات الأخيرة، يواجه حزب الله تدقيقاً ومراقبة وثيقة لتصرفاته في الداخل اللبناني، حتى من بعض المؤيدين له والسياسيين الذين يعتبرون من حلفائه، لا سيما بسبب العلامات المتزايدة على انخراطه العسكري في الصراع السوري، الذي يعتبر محل خلاف وانقسام في لبنان.
اتهامات تطال حزب الله وحلفاءه بالتورّط في اغتيالات لبنان
شهد حزب الله أعنف انتقاد في أعقاب اغتيال رئيس فرع المعلومات في الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن بسيارة مفخخة في 19 أكتوبر/تشرين الأول 19 الجاري.
وعلى الرغم من أن الحزب نفى المزاعم، التي تشير إلى تورّطه في أي دور في الهجوم، أدى حادث الاغتيال إلى توجيه دعوات حادة وصريحة من منافسيه إلى إسقاط الحكومة اللبنانية الحالية، التي يملك حزب الله وحلفاؤه حصة الغالبية فيها.
بعض حلفاء الحزب السياسيين، بما في ذلك الزعيم الدرزي رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، بدأوا بالتردد في دعمهم لحزب الله، وتحدث بعض رجال الدين الشيعة اللبنانيين في الأسابيع الأخيرة عن دعم المعارضة السورية، الأمر الذي يعتبر مخالفاً ومناقضاً تماماً لسياسة ونهج حزب الله.
المنافسة السياسية قد تبعد حزب الله عن السلطة
في الوقت نفسه، بدأ معظم منافسي حزب الله السياسيين في لبنان بالعمل على إسقاط الحكومة، لا سيما الكتلة السياسية ذات الغالبية السنية، التي ما زالت ناقمة ومتألمة لاغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري بسيارة مفخخة في العام 2005.
يشار إلى أن التكتلات النيابية المعارضة لحزب الله اتهمت الحزب والرئيس الأسد مباشرة بأنهم وراء الاغتيال الذي استهدف الحريري والحسن.
وتعهدت هذه المجموعة بالإطاحة بالحكومة، التي يقودها رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، الأمر الذي يمكن أن يضعف قوة حزب الله السياسية بشكل كبير في حال تم النجاح في هذا المسعى.
 
 
رسائل جنبلاط بعد اغتيال الحسن: لا تَخافوا... ولا تُخَوِّفوني!
الجمهورية... طوني عيسى
النائب وليد جنبلاط يراجِع... فيتراجَع. لقد اكتشف أن الأيام لا تمرّ سريعاً، وأن الظروف لم تنضج لـ«تصحيح التموضع». فسارع إلى طمأنة الذين يعنيهم الأمر: ما زلتُ هنا في الوسطيّة. لن أذهب بعيداً... فلا تذهبوا بعيداً!
في آب الفائت، بعد توقيف الوزير السابق ميشال سماحة، قام اللواء الشهيد وسام الحسن مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، بزيارة بيت الدين حيث أطلعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان على المعلومات التي يملكها فرع المعلومات. وكان لافتاً أنهما انتقلا بعد ذلك إلى المختارة. فجنبلاط هو القيادي الوحيد الذي حظي بزيارتهما. وقوبلت الزيارة بانتقادات من قوى 8 آذار.
 
وتردّد أن اللواء الحسن حذّر جنبلاط من مخاطر أمنية تحيط به، ودعاه إلى التزام الحيطة. ولذلك، يلازم رئيس التقدمي دارته في المختارة في شكل شبه تام. وهو لم يغادرها في الفترة الأخيرة إلّا لعيادة والدته السيدة مي شكيب إرسلان، التي دخلت مستشفى الجامعة الأميركية على أثر وعكة صحيّة ألمَّت بها. وهو أيضاً نصح نجله تيمور بالانتقال إلى باريس منذ فترة.
 
بعد اغتيال الحسن، التقط جنبلاط ببوصلته المعروفة اتجاه المرحلة. وأدرك أن المخاطرة اليوم بإعادة التموضع قد يكون ثمنها غالياً. وأساساً كان رئيس التقدمي قد انتقل إلى هذه الغالبية قبل عامين تحت التهديد. وعلى رغم موقفه العنيف ضد النظام في سوريا، فإن جنبلاط بقي يحمي رأسه من خلال التزامه البقاء في الحكومة، وعدم انخراطه مع فريق 14 آذار في الحملة على السلاح.
 
حتى اليوم، بدا جنبلاط مرتاحاً في الاختباء خلف وسطيّة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي... انتظاراً للظروف التي تتيح له "تصحيح التموضع". وجاء اغتيال اللواء الحسن ليثبت له أن لا غطاء لأحد، وأن التغيير في قواعد اللعبة ما زال غير آمن، وأن البقاء في الوسطية هو الأضمن، وأن الثمن الذي يمكن أن يدفعه مقابل أي مغامرة ليس من النوع العادي.
 
بالنسبة إلى فريق 8 آذار، إن سقوط هذه الغالبية وحكومتها يعني الهزيمة، أي إن اللعبة هنا هي لعبة حياة أو موت. ولا يمكن هذا الفريق أن يتحمَّل سقوط الغالبية أيّاً كانت الدوافع، وهو يتوقع من جنبلاط أن يحافظ على موقعه المتوازن داخل الغالبية، كما الرئيس سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي. ومن هنا أيضاً، يستحيل على ميقاتي الاستقالة إلّا بإرادة القوى التي جاءت به إلى السراي. واغتيال الحسن هو رسالة تعني كثيرين.
 
الدوران بين تناقضَيْن
 
لذلك، تعمَّد جنبلاط عبر "المؤسسة اللبنانية للإرسال" أن يثير إشكالاً مع الرئيس سعد الحريري، وأن يبرهن للمعنيين أن لا اتفاقات تحت الطاولة معه في اجتماع باريس الأخير، وأنه ملتزم الصف الوسطي. فالمشكلة مع الحريري، ولو إعلامياً، تريح القوى المعنية في 8 آذار وتطمئنها إلى أن مسيرة التقارب بينه وبين فريق 14 آذار قد توقفت. وفي ذلك، أراد جنبلاط أن يوجِّه رسالة واضحة إلى البعض: لا تخافوا... ولا تُخوِّفوني!
 
في ذلك، يربح جنبلاط سلامته الشخصية، ولا يخسر شيئاً في المقابل، في المفهوم البراغماتي. فالواضح أن نهاية الأزمة في سوريا ليست قريبة، وأن "الستاتيكو" في لبنان لن يتغيَّر قبلها. وأما الانتخابات النيابية، التي قد تفرض على جنبلاط أن يُنوِّع تحالفاته بين 8 آذار و14 آذار، فهي مجهولة المصير. وإلى أن تظهر ملامحها، ستكون أمور كثيرة قد تبلورت أو تغيَّرت في لبنان وسوريا.
 
في عبارة أخرى، ما زال جنبلاط في الإقامة الجبرية داخل سجن الغالبية، ولو كان أركان حزبه يتعمّدون إنكار التأثير الأمني على تموضعه السياسي. وفي المدى المنظور، هو لن يغامر. لقد عاد عملياً إلى البدايات، إلى خريف 2010... إلّا في الانفتاح على نظام الرئيس بشّار الأسد.
 
وسيكون جنبلاط أمام تحدّي العيش مع المرحلة ضمن المعادلة الصعبة الآتية: عداوة شرسة ومكشوفة مع النظام، مقابل مرونة ومراعاة مفتوحة لحلفاء هذا النظام الأقوياء في لبنان.
 
إنها معادلة تثير الدوار حتى لمحترفي الدوران، كالنائب جنبلاط. فكيف سيعالجها؟ هل بالعودة أيضاً إلى كامل الوضعية التي فُرِضت عليه قبل عامين؟ وهل هو قادر على القيام بها، أم يترك الأمور مفتوحة للعبة الخيارات الحزبية، والتي بدأت تظهر ملامحها في الاجتماع الذي عقدته جمعية المرشدين في الحزب الاشتراكي، منتصف هذا الشهر، والتي تكرِّس نمطاً جديداً من هرمية القرار في الحزب؟
 
مع جنبلاط، غالباً ما يكون هناك مجال للمفاجآت. ومسيرة السنوات الأخيرة تثبت ذلك. والمحور الحقيقي الذي ينتمي إليه جنبلاط هو محور جنبلاط نفسه... ولا أحد سواه!
 
 
القوة الصينية على محكّ نزاعات الشرق الأوسط
الجمهورية... خطار أبو دياب
"عندما تستيقظ الصين يرتجف العالم"، هذه المعادلة التي توقعها نابليون الأول، تبدو في طور التحقق من ناحية الصعود الاقتصادي المدوي للصين الشعبية. لكن هذا الاهتزاز في أسس العلاقات الدولية الذي ارتسم إثر الاعتراف الأميركي ببكين في بداية سبعينيات القرن الماضي (التعبير لـ شو آن لاي حسبما ورد في كتاب هنري كيسينجر عن الصين، نيويورك، 2011)، لم يحصل عملياً إلا في السنوات الأخيرة مع انتقال تدريجي للصين من دور القوة الصامتة إلى القوة المؤثرة بعد نجاح ارتباطها بالاقتصاد العالمي.
 
الصين، أي التنين الأصفر، لم تعد إذاً القوة الناعمة Soft Power كما وصفها البروفسور جوزف ناي في عام 1990. و"القوة الناعمة" تعني قدرة دولة ما على تحقيق أهدافها من خلال عناصر مقنعة وجذابة، وليس عبر الإلزام أو التعسف. ووسائل القوة الناعمة هي الثقافة والاقتصاد والقيم السياسية والسياسات الخارجية.
 
لتحقيق النجاح في السياسة العالمية ولمواكبة صعودها، ركزت بكين منذ نهاية الحرب الباردة على المرونة والنهوض غير الصدامي. لكن بعد استضافة الألعاب الأولمبية في عام 2008 وبروز تداعيات الأزمة الاقتصادية الدولية، كشّر التنين الأصفر عن أنيابه في أكثر من مكان خصوصاً في محيطه القريب، لكنه تفادى الاقتراب كثيراً من لهيب الشرق الأوسط.
 
ترتكز الاستراتيجية الصينية على ما تسميه الادبيات الرسنية بالمنطق الدفاعي بوجه توسّع الإمبريالية الأميركية، ولم يقلص التشابك الاقتصادي بين القطبين الخصمين مسافات التنافس السياسي والامني في منطقة آسيا ـ المحيط الهادئ التي أصبحت أولوية أميركية بامتياز.
 
ويلاحظ المراقب أنه في خضمّ تشكّل النظام الدولي المتعدد الاقطاب، تفرض الصين نفسها، ليس لأنها تمثل خمس الإنسانية فحسب، بل لأن هذا العملاق الآسيوي نجح حيث فشل غريمه الاتحاد السوفياتي المنحلّ، إذ إن تطوير نموذجه الاقتصادي أتاح له نموّاً بالغ السرعة وقدرة تنافسية غير محدودة. وهذه الوقائع الجديدة لم تدفع بالصين الشعبية للبروز كقوة عظمى، بل فضلت لعب دور القوة الصاعدة على قاعدة المساواة مع الآخرين.
 
وهذا يعني عدم النوم على حرير الغطرسة وفق براغماتية مفرطة تعطي الأولوية للمصلحة الاقتصادية الملموسة على حساب الايديولوجيا. ويسمي الصينيون هذا المنهج بالتفتيش عن التناغم في عودة لجذور الكونفوشيوسية.
 
بيد أن عناصر الضعف لا تزال موجودة في إمبراطورية الوسط الناهضة. من ناحية التركيبة السكانية أخذت الصين تشيخ ويزداد تحرك سكانها نحو المدن، ما سينعكس على توازنها الاقتصادي. أما الحاجة إلى المواد الأولية والنفط فستزيدان التحديات، ناهيك عن تعاظم مطالب الأقليات والقوميات في التيبيت وغيرها. ولا يمكن إدارة البلاد الشاسعة بشكل سلطوي حصري، من دون الحد الأدنى من الحريات السياسية والدينية.
 
لكن الحزب الشيوعي الصيني الذي بدأ تحوّله منذ أواخر السبعينيات، سيكون له موعد مع انطلاقة جديدة في الاسابيع القادمة على ابواب المؤتمر الثامن عشر، لنرى كيف ستصمد التجربة أمام إلحاح الاصلاح وطرح العديد من الاصوات الرسمية لتبنّي نموذج سنغافورة الصغيرة، أي الديموقراطية المحدودة من خلال تعددية حزبية تحت السيطرة.
 
في الأشهر الأخيرة برز الدور الصيني من المحيط الجيوسياسي الصغير: الخلاف مع اليابان، النزاعات حول بحر الصين والمواقف من كوريا الشمالية أو باكستان، إلى القارة الافريقية والشرق الأوسط. إلّا أن الكلام عن ساعة الصين ولحظتها التاريخية يبقى مرتبطاً بتحمّل هذا العملاق لمسؤولياته في موازاة تأمين حاجاته الاقتصادية ولعب دور أكثر نشاطاً في العالم.
 
مع ازدياد حاجة الصين للطاقة سيتوسّع دورها العالمي، ولن يقتصر، كما اليوم، على الاقتصاد والمحيط الأقرب. لكن لا قيادة أو زعامة لدولة عظمى أو كبرى أو متوسطة من دون الاضطلاع بمسؤولياتها الأخلاقية والسياسية في معالجة الازمات والحوكمة. ومن ينظر إلى أدوار الصين يفاجأ بمنسوب كبير من السلبية والحذر.
 
في مسارح الشرق الأوسط، كلمة السر المشتركة للمواقف الصينية هي الحذر لحماية المنفعة الاقتصادية. في الملف السوري يبرز الانحياز بشكل مطلق لموسكو. تتبع بكين خط الحياد في المسألة الفلسطينية، خصوصاً مع تنامي شرائها التكنولوجيا المتقدمة من إسرائيل. وفي السودان، سرعان ما تخلّت عن الخرطوم لتراعي مصالحها النفطية في جنوب السودان.
 
أما بالنسبة لإيران فتلعب الصين على حافة الهاوية، إذ تنخرط في اعمال مجموعة "الخمسة + واحد" لمعالجة الملف النووي الايراني، لكنها لا تزال أحد أهم مشتري النفط الإيراني القلائل مستفيدة من خفض أسعاره بعد العقوبات الاميركية والاوروبية.
 
وفي الاسبوع الماضي غضبت طهران عند قيام الحكومة الصينية بوَضع يدها على الأموال الإيرانية في شانغهاي ومكاو وهونغ كونغ كضمان للواردات الإيرانية من الصين.
 
هذه الامثلة تبيّن لنا ان الصين تتمهل ولا تستعجل لعب ادوار كبيرة في ساحات ملتهبة، وما يهمها في الطليعة هو استمرار تدفق الطاقة إليها، مستفيدة من صراعات الآخرين كي تعزز مواقعها.
 
إلّا أن هذا النهج، غير المتناغم وغير المتماسك، يعوزه الرؤية الشاملة، فمن دون تأدية ادوار ايجابية في حل الازمات في غرب آسيا، ستكون دروب الطاقة نحو الصين مهددة ودورها العالمي الأشمل قيد الدرس.
 
مستقبل التحالف الإيراني ـ السوري
جريدة السفير...مصطفى اللباد
يمر التحالف الإيراني - السوري الآن بمرحلة حاسمة في تاريخه الممتد لأكثر من ثلاثين عاماً، وذلك بعد اندلاع الانتفاضة الشعبية في سوريا بمواجهة النظام في ربيع 2011. قلبت الانتفاضة السورية الموازين الإقليمية، حتى قبل أن تستطيع إسقاط النظام، نظراً للأهمية المركزية للجغرافيا السورية في المشرق العربي. لم يعد التحالف الإيراني - السوري شأناً إقليمياً حصراً، إذ ان تصريحات بعض قادة المعارضة السورية بخصوص علاقات سوريا المستقبلية مع إيران جعلت هذه العلاقات في بؤرة الحراك السوري المحلي. يتجلى المأزق الإيراني في عدة مظاهر: أولها أن إيران دمغت ثورات «الربيع العربي» بوصفها «ثورات إسلامية» تستلهم الثورة الإيرانية، في محاولة لجني مكاسب سياسية من سقوط خصومها في تونس ومصر. ومع امتداد «الربيع العربي» إلى سوريا فقد أصبحت إيران واقعة في أسر خطابها السياسي والأيديولوجي، لأنها السند الإقليمي والأساسي لنظام دمشق الذي يقمع شعبه. ويتمثل ثاني الأسباب المؤسسة للمأزق الإيراني في هيمنة الطابع الطائفي على التعاطي الإعلامي العربي والدولي للحراك الدائر في سوريا، وتصويره باعتباره حراكاً بين أغلبية شعبية سنية في مواجهة أقلية علوية حاكمة، وليس صراعاً بين معارضة من كل الطوائف في مواجهة نظام تتمثل فيه كل الطوائف. هنا يراد لإيران أن تدخل في مواجهة مع شرائح عربية واسعة على قاعدة طائفية، وهو ما يمكن أن يفقد إيران موقعها المعنوي وصورتها التي تود الحفاظ عليها في المنطقة. أما ثالث الأسباب الدافعة للأزمة الإيرانية في سوريا فيتمثل في أهمية سوريا الجيو-سياسية، ومحورية موقعها الجغرافي في إسناد ورفع المشروع الإقليمي الإيراني في المنطقة.
ومع استمرار الأزمة السورية وبالتبعية المأزق الإيراني؛ فما زال لطهران أوراق هامة في أي من السيناريوهات المحتملة للأزمة، وبشكل يفوق ما هو شائع إعلامياً من خسارة إيرانية صافية في كل السيناريوهات. تستهدف الأطراف الإقليمية المناوئة للنظام السوري إيران في الواقع بدعمها لفصائل المعارضة ـ السلمية منها والمسلحة - ومنع إيران من تمديد حضورها الإقليمي، بحيث يرسم سقوط النظام السوري فصلاً جديداً من الانكفاء الإيراني عن التمدد. ويعني ذلك أن إيران تخوض مباراة صفرية مع خصومها الإقليميين على سوريا، وهي مباراة لا تسمح بتفاهمات أو تنازلات متبادلة، بل بخروج طرف رابح بكل النقاط وآخر خاسر لكل النقاط. ولما كان الوضع كذلك، يتوقع أن تستمر إيران في دعمها للنظام السوري حتى النهاية، خصوصاً في ظل عدم التوافق على مبادرات إقليمية لتسوية سياسية في سوريا، وبضمنها المبادرة المصرية.
تتباين سيناريوهات الأزمة السورية وترتهن بعوامل متداخلة منها توازنات القوى المحلية والإقليمية والدولية، وكل هذه العوامل تعقد الحسابات بما يجعل الخروج بتوقعات عن مستقبل سوريا أمراً معقداً. ومع ذلك تبدو في اللحظة الراهنة سيناريوهات أربعة متباينة للأزمة السورية:
1- بقاء النظام السوري من دون تغيير: يصعب تصور تحقيق هذا السيناريو، لأن ميكانيزمات السيطرة التي مارسها النظام السوري على معارضيه وأحزابهم وجمعياتهم الأهلية، لم تعد تؤدي دورها، والدليل على ذلك يتمثل في التصميم الواضح لقطاعات شعبية سورية على الثورة. وبالتوازي مع التصميم الشعبي، يظهر دعم إقليمي غير مسبوق، سياسياً ولوجستياً وعسكرياً، لبعض فصائل المعارضة السورية من دول الجوار الإقليمي: تركيا والسعودية وقطر. وفق هذا المقتضى لا يمكن للنظام السوري البقاء من دون تغيير، في ظل تنامي المقاطعة الدولية عليه. وإذ لا يمكن تقدير الشهور لبقاء النظام كما تفعل بعض التحليلات المتحمسة والمؤدلجة، وغني عن البيان أن هذا السيناريو سيكون الأفضل لإيران.
2- مرحلة انتقالية بمشاركة النظام: إذا لم تتبلور إرادة دولية للضغط أكثر على النظام، مع استمرار السيادة الجوية لقوات الجيش النظامي ودخولها في المعارك، وإحجام تركيا عن إدخال مواد قتالية أكثر تطوراً إلى الفصائل المتحالفة معها في سوريا (لخشيتها من دعم النظام للمسلحين الأكراد على جانبي الحدود التركية - السورية بالنوعية ذاتها من الأسلحة)، فلا يمكن توقع تغيير جذري في معادلات السلطة في سوريا. ويترتب على ذلك أن يعيد النظام السوري وفقاً لهذا السيناريو، تجديد نفسه على غرار «النموذج اليمني»، أي خروج الرئيس بضمانات سلامته وأسرته مع بقاء جوهر وأساس النظام. يبدو هذا الخيار ممكناً في حال توافق إقليمي - دولي بخصوص الأزمة السورية بين الأطراف المساندة للنظام: إيران ومن خلفها روسيا والصين، مع تركيا والسعودية وقطر ومن خلفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. يتوقع ألا يغير هذا السيناريو - في حال حدوثه - من حسابات إيران في الموضوع السوري، لأن بقاء النظام سيسمح لإيران بالخروج من أزمتها بأقل الخسائر، وسيجعل النظام السوري أكثر تصميماً على مواجهة خصومه الإقليميين والدوليين.
3- تراجع النظام إلى الساحل السوري واستحكامه هناك: ما زالت الآلة العسكرية للنظام في منأى عن انشقاقات مؤلمة لقطاعات ووحدات، وبشكل يغير من الموازين الداخلية. حتى الآن اقتصرت الانشقاقات على رتب صغيرة وبعض الرتب الكبيرة في الجيش السوري، وتراجعت في الشهور الأخيرة عمليات الانشقاق بوضوح، بالتالي ظلت مخازن الأسلحة والذخيرة بيد النظام حتى الآن. وإذا افترضنا أن تركيا ستتخلى عن حذرها التقليدي في تسليح المعارضة السورية بالصواريخ المضادة للطائرات بسبب تخوفها من الأكراد، وبافتراض أن هذه الأسلحة ستسقط طائرات ومروحيات النظام وتفقده القدرة على السيطرة على مناطق واسعة خارج العاصمة، وإذا افترضنا أيضاً أن هجمات المعارضة السورية ستشتد في دمشق، بحيث لا تعود آمنة للنظام (وكلها تبقى محض افتراضات)، فمن المتوقع ساعتها أن ينتقل النظام بأسلحته التقليدية والكيماوية إلى الساحل السوري عند اللاذقية وبانياس وطوطوس. ستسمح سيطرة النظام على الساحل واستحكامه فيه ببقاء الصراع في سوريا لفترات زمنية أبعد مما يتوقع كثيرون، ولكنها ستفتح الباب أمام تداعيات تقسيمية على سوريا ولبنان المجاور لها. لا يمكن استبعاد هذا السيناريو الكارثي من قائمة الاحتمالات، خصوصاً أن الفراغ المتولد في المشرق العربي بعد احتلال العراق عام 2003، وعجز النظام السوري في العقد الأخير عن فهم التعقيد الذي تقوم عليه توازنات سوريا الجيو-سياسية، عبر تحالفها الحصري مع إيران من دون ظهير عربي ودون القدرة على موازنة القوى الإقليمية غير العربية بعضها ببعض (على العكس من تجربة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد)، قد مهد الأرضية لتخيل سيناريو كهذا. في حال حدوث ذلك، سنكون أمام حالة من تقسيم سوريا بين القوى الإقليمية غير العربية، وهي نتيجة لا تجعل إيران خاسرة تماماً مما يجري في سوريا.
4- سقوط النظام المترافق مع فوضى شاملة: بافتراض سقوط النظام السوري على وقع تصاعد العمليات العسكرية ضده، وهو أمر لا يمكن أن يتم دون إسناد دولي ومواكبة إقليمية، وبافتراض تكرار سيناريو مشابه لحالة العراق 2003 أو ليبيا 2011 (وهو أمر غير مؤكد دون صفقات دولية وإقليمية كبرى)، فمن المرجح جداً أن تدخل سوريا مرحلة من الفوضى الشاملة. حتى نتحرى الدقة الآن تتجمع عناصر محفزة للفوضى: «جيوش حرة» بقيادات مختلفة وليس «جيش حر واحدا»، كل منها يرتبط بجهات إقليمية مختلفة وبشعارات أيديولوجية متباينة، بالتوازي مع سيطرة فعلية لمقاتلين أكراد على مناطق واسعة في شمال سوريا بتأييد من النظام لكبح تركيا عن التدخل، معطوفة على ثارات طائفية في سوريا يجري العمل إعلامياً على تغذيتها، فضلاً عن وجود عشائر سورية ممتدة على أجزاء كبيرة من الخريطة السورية ستعمد إلى تسليح نفسها بكل الوسائل (مثال العراق حاضر وناجز). في هذه الحالة ستمتد الفوضى إلى دول الجوار السوري ومنها إلى إسرائيل. وفي هذه الحالة لن تكون إيران خاسرة لكل أوراقها في سوريا، لأن تشتيت انتباه إسرائيل على حدودها والتحكم بوتيرة العمليات العسكرية عليها، سيفتح الباب واسعاً أمام إيران للمشاركة في توجيه الأحداث في سوريا وما حولها.
تملك إيران في السيناريوهات الأربعة أوراقاً لا يستهان بها، بحيث يصعب تصور خروجها خاسرة وفقاً لمعادلة صفرية. تدعم إيران النظام السوري حماية لمصالحها الإقليمية، فيما تفعل تركيا العكس توخياً للأهداف ذاتها، أما السعودية وقطر فتريدان توجيه ضربة قاصمة لإيران عبر إسقاط النظام في سوريا، وهو النظام الذي دعمتاه في السنوات الأخيرة مالياً وسياسياً أملاً في جذبه بعيداً عن تحالفه مع إيران. ولما لم تفلح هذه المحاولات نظراً لسيطرة إيران على مفاصل القرار السوري، جرى ويجري العمل على رفع سقف الانتفاضة الشعبية السورية بما يتجاوز تحقيق أهداف الانتفاضة الشعبية السورية في الحرية والديموقراطية، ليعاد صياغتها في مطابخ الجوار الإقليمي لتخرج على الشكل التالي: تحجيم الدور الإيراني في المنطقة، وتغيير المعادلات السياسية والطائفية في كامل المشرق العربي، وكل ذلك على ظهر السوريين وبدمهم. يدفع الشعب السوري ثمن حريته مرتين، الأولى في مواجهة نظام يستخدم كل ما في وسعه من دمار لقمع انتفاضته الشعبية، والثانية في مواجهة قوى إقليمية تتباكى على مظلومية الشعب السوري وتتضامن مع شعارات الديموقراطية التي لا تطبقها في بلادها بأي شكل، وتستخدم انتفاضة السوريين لتحقيق مآرب سياسية وإقليمية؛ لا تتفق بالضرورة مع المصالح العليا للشعب السوري.
رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية-القاهرة.

 

 

تداعيات اغتيال وسام الحسن على الساحة الإسلامية... هل يمد نصرالله يده إلى الحريري في هذه اللحظة؟

جريدة السفير..قاسم قصير
تركت عملية اغتيال رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء الشهيد وسام الحسن تداعياتها السلبية على الساحة الاسلامية مباشرة، لتصل معها العلاقات بين القوى الإسلامية اللبنانية، الى أسوأ مراحلها منذ سنوات طويلة، بسبب توقف الاجتماعات الثنائية بين هذه القوى وتجميد «اللقاء التشاوري الاسلامي» الذي كان يضم عددا من القوى الإسلامية اللبنانية والفلسطينية.
واذا كانت للحسن رمزيته السياسية والأمنية المعروفة، لدى محور لبناني وعربي وحتى دولي، فإن ما ينبغي التوقف عنده، معنى القضاء جسديا على هذا الضابط، على مسافة حوالي السنيتن من انقطاع خطوط التواصل السياسي بين قيادة «حزب الله» والرئيس سعد الحريري، بعد استقالة وزراء فريق الثامن من آذار من حكومة الحريري في اللحظة التي كان يدخل فيها الى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما.
لقد شكل وسام الحسن عمليا، منذ انقطاع الحوار القيادي المباشر بين «حزب الله» و«التيار الأزرق»، صلة الوصل الوحيدة، اذ تحولت اللقاءات الدورية التي كانت تعقد بينه وبين «حزب الله» ممثلا بمسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا، في مكتب المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وبحضوره، الى مساحة لحوار سياسي و«أمني» كان كفيلا بمعالجة قضايا صغيرة وكبيرة، من دون إغفال النقطة الأبرز، والتي كان يلح عليها الشهيد الحسن، وهي إعادة صياغة العلاقات السنية الشيعية، وتحديدا بين المكوّنين الأساسيين أي «المستقبل» و«حزب الله».
وفي التداعيات المباشرة لاغتيال الحسن، كان الهجوم الذي تعرض له مكتب «حركة التوحيد الإسلامي» في منطقة ابي سمراء في طرابلس من قبل مجموعات إسلامية مسلحة، وهو الأمر الذي أدى الى مقتل المسؤول الثقافي في «إذاعة التوحيد» الشيخ الدكتور عبد الرزاق الاسمر، ومن ثم تسليم أمن مقر «حركة التوحيد» الى الجيش اللبناني، وهي الحادثة التي مرت مرورا عابرا بسبب تركيز العدسات الإعلامية على تداعيات اغتيال الحسن، وخاصة ما شهدته العاصمة بيروت في اليومين اللذين أعقبا الجريمة.
وكانت مصادر إسلامية قد أشارت قبيل حادثة اغتيال الحسن الى مخاطر ما تواجهه الساحة الإسلامية في لبنان والمنطقة من تداعيات الأزمة السورية، خاصة بعد توجيه بعض الجهات المحلية والاقليمية والدولية أصابع الاتهام الى «حزب الله» بالمشاركة في القتال في سوريا، ما أدى الى تجميد اللقاءات الثنائية بين «الجماعة الإسلامية» و«حزب الله»، إضافة الى برودة الأجواء بين «حزب الله» وحركة «حماس».
كما ان أداء تنظيم «الإخوان المسلمين» في مصر والرسالة التي أرسلها الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي الى رئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريز، أثارت الكثير من الشكوك حول حقيقة موقف «الإخوان» من القضية الفلسطينية، ويضاف الى ذلك الحملة التي بدأها الازهر الشريف في مصر ضد الشيعة والتشيع من خلال قيام مجلة الازهر بإعادة نشر وتوزيع كتابين قديمين ضد المذهب الشيعي وعقد سلسلة لقاءات وندوات تندد بالشيعة والتشيع من دون العودة الى علماء الشيعة أو الاستماع الى وجهة نظرهم برغم كل اللقاءات الايجابية التي عقدت خلال السنة والنصف الماضية بين وفود شيعية وشيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب، ما أثار الاستياء والعتب لدى القيادات الشيعية المعنية.
وقد أثارت كل هذه الأجواء المخاوف من اتجاه الاوضاع في لبنان والمنطقة نحو المزيد من التوتر السني - الشيعي، وفيما حمّلت قوى إسلامية سنية ايران و«حزب الله» المسؤولية عن تدهور الاوضاع بسبب الموقف من الوضع السوري، فإن قيادات شيعية لبنانية تعتبر أن ما يجري أبعد من الخلاف حول الملف السوري وان جوهر الاستهداف متصل بتبني قضية المقاومة في لبنان وفلسطين، وتسأل: كيف يمكن تفسير التناغم الذي كان قائما بين كل أنظمة المنطقة والنظام الشاهنشاهي في ايران، عندما كان يشكل ركيزة استراتيجية في السياسة الأميركية والأطلسية والاسرائيلية في المنطقة، ولماذا فتح ملف التوتر السني الشيعي عندما أمسكت ايران بعلم فلسطين بعد أن تخلى عنه أصحابه؟
والملاحظ أنه مع وقوع جريمة الحسن، أقدمت بعض القوى الاسلامية في الشمال على استهداف كل القوى الإسلامية الحليفة لـ«حزب الله»، وهي العملية التي يحلو للبعض تسميتها بأنها عبارة عن «7 أيار الطرابلسي»، في إشارة واضحة الى وجود عقلية استئصالية تستهدف كل من يخالف بعض المجموعات الإسلامية وجهة نظرها حتى لو كان مسلما سنيا.
ودعت الاوساط الاسلامية الى تكثيف الجهود لإعادة التواصل والحوار سواء بين القوى الاسلامية اللبنانية والفلسطينية أو على صعيد العلاقة بين الاخوان المسلمين وايران، وان يتم التوصل لرؤية موحدة تجاه الازمة السورية وكيفية حلها مع تقديم التضحيات المناسبة من الطرفين، وان يعاد توجيه البوصلة نحو العدو الصهيوني والابتعاد عن لغة المساومات والتنازلات لان الحريق اذا اندلع «سيأكل الاخضر واليابس» على حد تعبير الموفد الدولي الاخضر الابراهيمي.
وقالت الأوساط الاسلامية ان بعض ردود الفعل على اغتيال الحسن، بيّنت الافتقار الى خطة سياسية للتعامل مع هذا الحدث وغيره. وأضافت أن المطلوب اليوم من «حزب الله» وتحديدا من أمينه العام السيد حسن نصرالله أن يبادر الى مد اليد الى سعد الحريري وجمهوره، من أجل تثبيت معادلة لطالما سعى اليها الشهيد الحسن، أي استمرار التواصل مع الحزب.

المصدر: مصادر مختلفة

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,869,261

عدد الزوار: 7,648,300

المتواجدون الآن: 0