صفقة «إكسون موبيل» للتنقيب عن النفط تهدد بإشعال حرب عربية – كردية، المالكي حذر الشركة الأميركية من العمل في منطقة متنازع عليها....طالباني.. يداوي العملية السياسية في العراق وهو عليل، كان من أبرز ضحايا صدام لكنه رفض توقيع أمر إعدامه

صحة طالباني تربك المشهد السياسي في العراق.. وتضعه أمام المجهول، برهم صالح أبرز المرشحين لخلافته في الرئاسة.. و4 قياديين بينهم زوجته مرشحون لزعامة حزبه

تاريخ الإضافة الخميس 20 كانون الأول 2012 - 6:20 ص    عدد الزيارات 2627    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

«غيبوبة» طالباني تربك المشهد السياسي في العراق، أدخل المستشفى بعد لقائه المالكي.. وبرهم صالح أبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية
جريدة الشرق الاوسط.... أربيل: شيرزاد شيخاني بغداد: حمزة مصطفى
أكدت مصادر مقربة من الرئيس العراقي جلال طالباني، الذي أدخل المستشفى مساء أول من أمس إثر إصابته بجلطة دماغية بعد نهار مرهق طويل كان من ثمراته اللقاء برئيس الوزراء نوري المالكي بعد قطيعة استمرت أكثر من شهرين، اكدت أن الرئيس في حالة غيبوبة».
وجاء في بيان رئاسي: «بذل الرئيس جلال طالباني خلال الآونة الأخيرة جهودا مكثفة بهدف تحقيق الوفاق والاستقرار في البلاد. وبفعل الإرهاق والتعب، تعرض إلى طارئ صحي نقل على أثره إلى المستشفى في بغداد، حيث يقوم برعايته كادر طبي متخصص». واتصلت «الشرق الأوسط» بقيادي مقرب من طالباني للاستفسار عن صحته، فأكد أن «الرئيس دخل مرحلة الغيبوبة، وليست هناك أية إشارة مؤكدة من أطبائه لحد الآن حول ما إذا كان سيفيق منها أم لا».
وتثير حالة طالباني الصحية ارتباكا في المشهد السياسي العراقي، خاصة ما يتعلق بخلافته في منصبيه؛ الرسمي، والحزبي أمينا عاما للاتحاد الوطني الكردستاني. وبحسب قيادي في الحزب تحدث لـ«الشرق الأوسط» مشترطا عدم ذكر اسمه، فإنه «لا مشكلة في خليفته بموقع رئاسة العراق، فالدكتور برهم صالح سيكون هو الشخص الأكثر تأهلا وحظا لاحتلال ذلك الموقع».
 
صحة طالباني تربك المشهد السياسي في العراق.. وتضعه أمام المجهول، برهم صالح أبرز المرشحين لخلافته في الرئاسة.. و4 قياديين بينهم زوجته مرشحون لزعامة حزبه

جريدة الشرق الاوسط.... أربيل: شيرزاد شيخاني بغداد: حمزة مصطفى .... تضاربت التقارير، أمس، حول صحة الرئيس العراقي جلال طالباني منذ أن أعلن عن دخوله مستشفى مدينة الطب في بغداد مساء أول من أول من أمس بعد نهار تعب طويل كان من ثمراته اللقاء برئيس الوزراء نوري المالكي بعد قطيعة استمرت أكثر من شهرين. ومع تكرار الإعلان من قبل مصادر إعلامية مرة وطبية مرة أخرى عن وفاته سريريا فقد نفت رئاسة الجمهورية مثل هذه الأنباء، مؤكدة أن حالته التي كانت «حرجة للغاية» طوال الليل ومع ساعات الصباح بدأت بـ«التحسن التدريجي».
ففي بيان رئاسي صدر عن مكتبه جاء فيه: «بذل الرئيس جلال طالباني خلال الآونة الأخيرة جهودا مكثفة بهدف تحقيق الوفاق والاستقرار في البلاد. وبفعل الإرهاق والتعب تعرض فخامته إلى طارئ صحي نقل على أثره مساء الاثنين 17 ديسمبر (كانون الأول) 2012 إلى المستشفى في بغداد، حيث يقوم برعايته كادر طبي متخصص».
وفي آخر نشاط له كرئيس للجمهورية التقى طالباني مساء أول من أمس رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بعد ترقب طويل، للتباحث معه حول سبل تفكيك الأزمة السياسية التي تعصف بالعراق منذ أكثر من سنة، واتفقا على تهدئة الأوضاع والبحث عن آلية تفعيل المبادرات والجهود السلمية لاحتواء تداعيات الأزمة ميدانيا، تمهيدا لجلوس الأطراف المعنية بها على طاولة الحوار لحسمها وإنهائها، وطلب الرئيس العراقي من المالكي المبادرة بتوجيه دعوة رسمية إلى الوفد الكردي للعودة إلى بغداد لاستئناف المفاوضات وتطبيع الأوضاع في المناطق المتنازعة، قبل الدخول في مؤتمر حوار شامل لحل الأزمة السياسية العامة بالعراق.
واتصلت «الشرق الأوسط» بقيادي مقرب من طالباني للاستفسار عن صحته فأكد بحدود الساعة الثانية ظهرا أن الرئيس دخل مرحلة الغيبوبة، وليست هناك أي إشارة مؤكدة من أطبائه حتى الآن ما إذا كان سيفيق منها أم لا، مشبها حالته الصحية بما أصاب بها رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون الذي طالت فترة غيبوبته وقال: «الحالة هي نفسها، ولا ندري هل سيطول الأمر لأيام أو شهور أو حتى لسنوات».
لكن وزيرا كرديا يرافق الرئيس طالباني في المستشفى أكد مساء أمس أن «حالة الرئيس مستقرة، ومنذ ساعتين تسير نحو التحسن». وقال الدكتور خير الله بابكر حسن وزير التجارة العراقي الذي يرافق طالباني بمستشفى مدينة الطب ببغداد إن طاقما طبيا من أكفأ أطباء العراق يشرف على مراقبة وضع الرئيس إضافة إلى فريقه الطبي الخاص، وهناك فريق طبي ألماني يتوجه حاليا إلى العراق للمشاركة في معالجة الرئيس، مضيفا أن «الفحوصات أجريت له بالأشعة تظهر استقرار حالته الصحية، وأن جميع أعضائه تعمل بصورة اعتيادية، وأنه استعاد وعيه، ولكن الأطباء أعطوه دواء ليستريح حاليا». وقال إن «الفريق الطبي ينتظر 48 ساعة أخرى من المراقبة لكي يقدموا تقريرهم النهائي عن الوضع الصحي للرئيس».
من جهته، أكد قيادي كردي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمه، أن «وضع الرئيس مستقر نسبيا، لكنه قلق بالتأكيد»، مشيرا إلى أن «هناك فريقا طبيا متخصصا يشرف عليه في وقت تمت فيه تهيئة فريق طبي ألماني وهو جاهز لإمكانية نقله إما إلى أربيل أو ألمانيا لاستكمال العلاج لكن هذا يتوقف على قرار الأطباء فقط».
هذا في ما يتعلق بصحة الرئيس الذي كان أجرى عدة عمليات جراحية وفحوصات في ألمانيا استمرت لثلاثة أشهر عاد بعدها بمنتصف شهر سبتمبر (أيلول) الماضي ليستأنف نشاطه السياسي متفاجئا بتطورات الأزمة السياسية ودخولها معتركا صعبا تطلبت منه بذل جهود كبيرة بعد رحلة علاجه.
أما في الجانب السياسي وخاصة ما يتعلق بخلافته في منصبيه، الرسمي في العراق كرئيس للجمهورية ومنصبه الحزبي في كردستان كأمين عام الاتحاد الوطني، فرغم أن هذه المسألة أثيرت أكثر من مرة في أوقات سابقة، لكنها عادت الآن لتطرح نفسها مرة أخرى على صعيد الحدث المفاجئ وخاصة من قبل الأوساط السياسية، فيما عدا قيادة الاتحاد الوطني التي ما زالت بادية عليها عدم الاستعداد أو الاكتراث لما ستؤول إليه أوضاع الحزب في حال فراغ موقع طالباني. وبحسب مصدر قيادي في الاتحاد فإن «جميع قيادات الحزب ترددت وما زالت تتردد من طرح هذه المسألة على طالباني، خشية إغضابه أو إزعاجه رغم أن للعمر أحكاما وأن الموت سنة الحياة». وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إنه لا مشكلة في خليفته بموقع رئاسة العراق، فالدكتور برهم صالح سيكون هو الشخص الأكثر تأهلا وحظا لاحتلال ذلك الموقع، بحكم علاقاته الجيدة مع الأطراف العراقية كافة، ودبلوماسيته وخبرته كرجل دولة، وكونه وجها مقبولا دوليا وإقليميا، ويستطيع برهم أن يكمل الولاية الحالية للرئيس طالباني وهي من حصة الاتحاد الوطني إذا لا قدر الله توفي الرئيس أو عجز عن أداء مهامه الرسمية حسبما يقتضي الدستور.. ولكن المشكلة في زعامة الحزب.
وسألته «الشرق الأوسط» لماذا لم يستعد الحزب لتعيين خليفة للأمين العام وقد تقدم به العمر، وكانت هناك فرصة لذلك في المؤتمر الأخير الذي انعقد عام 2010؟ فأجاب: «هذه مشكلة مزمنة داخل الاتحاد الوطني، في السابق كان هناك نوشيروان مصطفى نائبا لطالباني.. وكان هو الشخص المؤهل لتسلم موقع طالباني في حال حدوث أي طارئ، ولكنه خرج من الاتحاد وتركه من دون خليفة مقبول». وتابع: «الوضع معقد كثيرا، فالخلافة تتأرجح بين ثلاثة أو أربعة أشخاص بقيادة الحزب، هناك نائبا الأمين العام، الأول دكتور برهم صالح الذي سيحاول المرشحون الآخرون وتكتلاتهم الحزبية قدر الإمكان إبعاده عن المنافسة بإرساله إلى بغداد ليحتل موقع طالباني في رئاسة العراق، أي التخلص منه كي لا ينافسهم، وهناك كوسرت رسول وهو رجل مريض، ولو لم يكن مريضا لكان أجدر المرشحين لخلافة طالباني، وهناك أيضا حرم الرئيس السيدة هيرو إبراهيم التي تحتل اليوم عضوية المكتب السياسي، لذلك لا أحد يدري إلى من تتوجه الأنظار لإنقاذ الاتحاد الوطني من هذه المحنة التي ستؤثر بشكل كبير على الحزب، وأتوقع أن تزداد فرص السيد كوسرت لاحتلال موقع الزعامة لأنه قدم الكثير لهذا الحزب».
وعلى صعيد المشهد السياسي العراقي لا أحد يعرف كيف يمكن أن تسير الأوضاع بعد طالباني. فعلى الرغم من وضوح الدستور العراقي في هذا الأمر في حال خلو منصب الرئاسة فإنه وبسبب ما تعانيه العملية السياسية من أمراض أهمها عدم وضوح حتى ما هو واضح وصريح فإنه ليس بوسع أحد أن يتكهن ماذا يمكن أن يحصل. فالفقرة ثالثا من المادة 72 من الدستور العراقي تنص على أن يحل نائب رئيس الجمهورية محل رئيس الجمهورية عند خلو منصبه لأي سبب كان وعلى مجلس النواب انتخاب رئيس جديد خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما من تاريخ الخلو. قد تستمد هذه الفقرة في الدستور العراقي أهميتها من إجرائيتها فقط لكن واقع الحال يبدو أمرا مختلفا. فالمنصب من حصة القومية الكردية ومن القومية الكردية هو من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني.
 
المتحدث باسم حكومة كردستان لـ «الشرق الأوسط»: نرحب بدعوة المالكي للحوار إذا وصلتنا، وكيل وزارة البيشمركة: قواتنا في خطوط التماس مع الجيش تصدت لطائرة تجسس

أربيل: «الشرق الأوسط» .... أعلن مصدر رفيع المستوى في وزارة البيشمركة بحكومة إقليم كردستان، أن قوات البيشمركة تصدت عصر أمس «لطائرة تجسس عراقية حلقت فوق مواقع البيشمركة في خطوط التماس بينها وبين الجيش العراقي في المناطق المتنازع عليها، بعد أن حاولت تصوير بعض المواقع العسكرية لانتشار البيشمركة بالمنطقة».
وقال أنور الحاج عثمان وكيل وزارة البيشمركة في تصريحات: «إن طائرة تجسس عراقية حلقت فوق مناطق انتشار قوات البيشمركة الكردية بمنطقة كلور القريبة من سلسلة جبال دوملان، فتصدت لها المضادات الجوية الكردية وأجبرتها على الفرار». وهذه هي المرة الثانية التي تتصدى فيها قوات البيشمركة لطائرات تجسس عراقية، حيث أطلقت النار باتجاه طائرة أخرى حلقت في بداية الأزمة العسكرية في المناطق المتنازع عليها في طوزخورماتو فوق أجواء المنطقة لتصوير مواقع البيشمركة.
في غضون ذلك أكد المتحدث الرسمي باسم حكومة إقليم كردستان سفين دزه يي «أن الأجواء في مناطق التماس هادئة حاليا، ولم تحدث أي تطورات ميدانية، ولا تحركات جديدة من قبل قوات الجيش أو قوات البيشمركة بانتظار استئناف المحادثات مع بغداد». وقال دزه يي في تصريح خص به «الشرق الأوسط»: «إن وقف الحملات الإعلامية ساهم كثيرا في تلطيف الأجواء ووقف التحركات العسكرية، فلدينا رغبة مؤكدة بالتهدئة وعدم الانجرار إلى تأزيم الوضع؛ لأننا نعتقد أن العراق عموما هو الذي سيتضرر من تداعيات أي مواجهات عسكرية قد تحدث، لا سمح الله، وما زلنا نعول على الحوار السلمي البناء لمعالجة الأزمة وما يتصل بها من تفرعات وتداعيات خطيرة على الوضع الداخلي». وبسؤاله عن مبادرة الرئيس العراقي جلال طالباني الذي دعا رئيس الوزراء العراقي في آخر لقاء لهما أول من أمس إلى إرسال دعوة لوفد كردستاني لزيارة بغداد واستئناف المفاوضات المتوقفة، قال المتحدث: «نحن نرحب بمبادرة فخامة الرئيس طالباني، كما نرحب بدعوة السيد رئيس الوزراء بهذا المضمون إذا وصلتنا، فنحن في الأساس ومنذ بداية الأزمة السياسية، وجميع الأزمات التي حدثت كنا ملتزمين بمبدأ الحوار والتفاوض السياسي من أجل حل القضايا، وخلال هذه الأزمة أكدنا مرارا أنها أزمة سياسية بامتياز ويجب أن تحل بإطارها السياسي، فلا المواجهة ولا القتال سيؤديان إلى نتيجة، بل الحوار هو السبيل الأمثل والوحيد لكي نتغلب على مشاكلنا وأزماتنا، والتهدئة الإعلامية الأخيرة كانت فرصة جيدة لإطلاق جولة أخرى من المفاوضات، ولكننا ننتظر دعوة الوفد الكردي إلى بغداد، عندها سنقرر ما يلزم إيمانا من ثوابتنا الأساسية بمبدأ الحوار والتلاقي».
وسألت «الشرق الأوسط» المتحدث عن موقف حكومة الإقليم من الضغوط التي تتعرض لها بعض وسائل الإعلام العربية في بغداد، وخاصة قرار الحكومة العراقية إغلاق قناة «البغدادية»، فأجاب: «نرى أن الضغط أو التهديد بالإغلاق بحق أي وسيلة إعلامية لن يجديا في هذه المرحلة، ولا يخدمان الوضع السياسي والأمني الحالي، وكان الأجدر الرجوع إلى الإجراءات القانونية بحق أي وسيلة إعلامية تخالف شروط المهنية والحيادية، وليس اتخاذ إجراءات قاسية كالغلق والطرد، فنحن بحكومة الإقليم لسنا مع إغلاق أي وسيلة إعلامية مقروءة أو معروضة على شرط أن تلتزم تلك الوسائل بدورها بمبدأ الحيادية والأخلاقية المهنية والحرفية، ولذلك نعلن من جهتنا كحكومة الإقليم أننا على استعداد لفتح أبوابنا أمام جميع القنوات ووسائل الإعلام إذا اختارت كردستان لتبث منها برامجها وتقاريرها، وسنقدم لها الدعم المطلوب بشرط الحفاظ على المعايير الإعلامية والصحافية المعتمدة، وسنضمن عندها الحرية الكاملة لتلك الوسائل لتقوم بدورها في أداء رسالتها الإعلامية».
 
صفقة «إكسون موبيل» للتنقيب عن النفط تهدد بإشعال حرب عربية – كردية، المالكي حذر الشركة الأميركية من العمل في منطقة متنازع عليها

الشرق الأوسط...بغداد: بين فان هوفيلين* .... مع حشدهم جيوشهم أعلى جانبي الحدود المتنازع عليها بين جنوب العراق وشماله، بدأ الزعماء في بغداد وإقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي يحذرون من أنهم قريبون من الدخول في حرب أهلية، يمكن أن يكون السبب في إشعالها شركة «إكسون موبيل».
ورغم أن الزعماء من كلا الجانبين يجرون مفاوضات من أجل الرجوع خطوة إلى الوراء بعيدا عن الحافة، فإنهم يقولون أيضا إن جيوشهم يمكن جرها بسهولة إلى معركة، وأحد الفخاخ الأكثر حساسية هي شركة «إكسون»، التي تستعد للتنقيب عن النفط في الأراضي المتنازع عليها التي تعتبر في صميم المواجهة العسكرية القائمة، ليصبح النزاعان السياسيان الأكثر قابلية للانفجار في العراق — وهما النزاع على الأرض والنزاع على النفط — على وشك الاشتعال.
ويقول سامي العسكري، وهو عضو في البرلمان ومقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي: «لقد كان رئيس الوزراء واضحا: إذا وضعت شركة (إكسون) إصبعا واحدا على هذه الأرض، فإنها ستواجه الجيش العراقي. نحن لا نريد الحرب، ولكننا سنذهب إلى الحرب، من أجل النفط ومن أجل السيادة العراقية».
ورفعت الجماعات العرقية الكبرى في العراق مزاعم متضاربة عن أحقيتها في هذه الأرض الممتدة عبر الجزء الشمالي من البلاد، بين إقليم كردستان وجنوب العراق. وهناك «خط سيطرة» غير رسمي ودائم التغير يقسم المناطق المتنازع عليها، وهو يرسم الحدود الجنوبية للأراضي الخاضعة للحكم الكردستاني.
وقد بدأت هذه الأزمة بعد معركة جرت وقائعها يوم 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في بلدة طوزخورماتو، التي يعتبر تنوعها السكاني والتوترات العرقية التي تشهدها علامة مميزة في جميع المناطق المتنازع عليها. واندلع القتال عندما حاولت قوة فيدرالية إلقاء القبض على بائع وقود كردي، فاستنجد الأخير بالجنود الأكراد المعروفين باسم البيشمركة، مما نتج عنه تبادل إطلاق نار بين القوات المتعادية. وسرعان ما أصدر المالكي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني أوامرهما بتحرك آلاف التعزيزات إلى خط السيطرة من أجل حمايته ضد أي اختراق محتمل. وقال بارزاني في كلمة وجهها إلى قواته المتمركزة على الخطوط الأمامية: «نحن لا نريد الحرب، ولكن إذا جاءت الحرب، فإن كل الشعب الكردي مستعد للقتال».
ويشعر الأكراد العراقيون بالخوف من ذكريات حملات التطهير العرقي الوحشية التي كان يطلقها صدام حسين ضدهم، وبعد سقوط نظامه، قاموا بالإشراف على إقامة استقلال حقيقي في شمال العراق، إلى أن أصبح إقليم كردستان حاليا يتسم بكثير من سمات الدولة المستقلة: حيث تقدم حكومة الإقليم جميع الخدمات العامة، وتدير قوات الشرطة والأمن الخاصة بها، وترفع علمها الرسمي. إلا أن كثيرا من جيران إقليم كردستان في جنوب العراق يشكون من أن الأكراد يتشبثون بأراض ليست من حقهم، وتقول السلطات في بغداد إنها اضطرت إلى تحريك آلاف الجنود من الجيش العراقي من أجل منع المزيد من التجاوزات الكردية. وذكر مسؤول عسكري رفيع في بغداد طلب عدم ذكر اسمه بسبب الحساسيات السياسية: «هذه الأزمة الأخيرة منحت مكاسب للأكراد. إنهم يسيطرون الآن على أراض لم تكن لديهم من قبل».
ويقول القادة العسكريون في بغداد وإقليم كردستان إن القتال قد يبدأ بسبب هفوة واحدة، وفي بعض المناطق القريبة من مدينة كركوك — التي يوجد بها حقل نفط هائل وتعتبر محور النزاعات على هذه الأراضي — لا يفصل الجيش العراقي عن قوات البيشمركة سوى أقل من ميل. وأوضح الضابط العسكري من بغداد أن الجيش العراقي سوف يفتح النار في حالة حدوث واحد من ثلاثة سيناريوهات: إذا كان البيشمركة هم البادئون بإطلاق النار، أو إذا تقدموا إلى ما وراء مواقعهم الحالية، أو إذا بدأت شركات النفط في العمل داخل المناطق المتنازع عليها. وتابع مؤكدا: «إذا فعلوا هذا، فإنه يعتبر إعلانا للحرب. سوف يكونون هم من بدأوا».
ولا تعتبر شركة «إكسون» هي الشركة الوحيدة التي أبرمت صفقات نفطية في المناطق العراقية المتنازع عليها، غير أن عقودها هي الأكثر إثارة للجدل نظرا لمكانة الشركة الكبيرة وموقع مربعات الاستكشاف الخاصة بها، حيث تقع في أقصى الحدود الجنوبية من التفسير الموسع الذي يتبناه إقليم كردستان العراق لأراضيه.
ولم تفعل إدارة الرئيس أوباما شيئا يذكر من أجل إثناء شركة «إكسون» عن إبرام تلك الصفقات، كما لم تتخذ أي إجراء من أجل منع الشركة من التنقيب العام المقبل، وذلك بحسب كثير من المسؤولين الأميركيين. وذكر واحد من هؤلاء المسؤولين، رفض الإفصاح عن اسمه بسبب حساسية الموقف، أن الولايات المتحدة ليست لديها سلطة «منع أناس لا يخالفون القانون الأميركي».
وفي المقابل، فإن العقود التي أبرمتها شركة «إكسون» مع إقليم كردستان تتضمن أطرا زمنية صارمة، حيث كشف مسؤول قريب من الشركة وعلى علم مباشر بخططها عن أنها ستشرع مع بداية عام 2013 في إجراء الدراسات المسحية وغيرها من الأعمال الميدانية في المربعات المتنازع عليها، وتنوي الشركة البدء في أعمال الحفر الاستكشافية الصيف المقبل. وذكر هذا المسؤول — الذي اشترط عدم ذكر اسمه بسبب الحساسيات السياسية — أن إدخال تغييرات على هذه الأطر الزمنية ينبغي التفاوض عليه مع إقليم كردستان. وامتنع متحدث باسم شركة «إكسون» عن التعليق على نوايا الشركة، غير أن عملاقة النفط لها سمعة كبيرة في الالتزام بما تنص عليه عقودها، وقبل البدء في أعمال الحفر، تتصاعد عمليات الاستكشاف من الأنشطة المبدئية البسيطة مثل مسح التربة إلى المشاريع الأكبر حجما مثل إنشاء الطرق والمعسكرات.
وبينما تقوم شركة «إكسون» بتكثيف هذه الأنشطة، فإن كلا من المالكي وبارزاني لديه عوامل سياسية تحفزه على عدم التراجع عن موقفه. ويؤكد مستشارو المالكي أن إقليم كردستان لديه ما يخسره أكثر من نشوب حرب أهلية، حيث إن ما جذب الشركات الأجنبية إلى الإقليم هو ما يتمتع به من حالة أمنية ممتازة، في حين أن الشركات التي استثمرت في جنوب العراق فعلت ذلك وهي تتوقع مخاطر اندلاع العنف. وأوضح العسكري، المقرب من المالكي: «نجاحهم كله مبني على افتراض أنها منطقة آمنة. ولكن بدلا من ذلك، فسوف تكون منطقة نزاع».
* خدمة: «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»
 
طالباني.. يداوي العملية السياسية في العراق وهو عليل، كان من أبرز ضحايا صدام لكنه رفض توقيع أمر إعدامه

بغداد: «الشرق الأوسط» ..... لا أحد في بغداد أو كردستان، لا خصوما ولا مؤيدين، يريد وفاة الرئيس جلال طالباني الذي يحمل على كاهله وبالذات ركبته التي يعاني من آلام مبرحة بسببها 79 عاما قضى أكثر من 60 عاما منها في العمل السياسي. فهذا الرجل الذي اشتهر بحب النكتة وروايتها كما اشتهر بحب شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري حتى صار أحد رواة شعره وجد نفسه أول رئيس جمهورية منتخب في العراق الديمقراطي بعد رحيل سلفه صدام حسين ونظامه عام 2003.
طالباني الذي لم يوقع على قرار إعدام خصمه اللدود صدام حسين (أعدم أواخر عام 2006) كان واحدا من أبرز ضحايا نظام البعث الذي استمر في السلطة لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن مرة بصفته كرديا ومرة بصفته طالباني نفسه السياسي المحنك الذي كانت أول مهمة له خارج كردستان مبعوثا إلى بغداد من قبل الزعيم الكردي التاريخي ملا مصطفى بارزاني إذ ذهب مع الوفد العراقي المفاوض مع جمال عبد الناصر دون تفويض من بارزاني الأب.
طالباني الذي كان يستثنيه صدام حسين دائما من قوانين العفو لم ينزل في القصر الرئاسي الخاص بصدام حسين مكتفيا بمنزل في حي الجادرية خارج المنطقة الخضراء يتخذه مسكنا ومكتبا.. فيه يلتقي السياسيين ويقيم الولائم ويروي النكات حتى على نفسه.
وعلى مدى أعوام ظل طالباني يسير على حبل مشدود قوامه خلافات تاريخية مرة بين المركز والإقليم أو العرب والأكراد أو حتى السنة والشيعة ومرة خلافات مستحدثة لأسباب تتعلق بمبدأ تداول السلطة في ظل عملية سياسية ظلت تعاني منذ ولادتها بعد عام 2003 من سلسلة من الأمراض المزمنة. ولم تجد هذه العملية من طبيب قادر على علاجها ولو بالمزيد من المسكنات التي تبدو مقبولة من الجميع سوى جلال طالباني مع أن الرجل يعاني بخلاف زملائه الأصحاء من السياسيين سلسلة من الأمراض. تلك الأمراض التي جعلته يمضي هذا العام وحده بضعة شهور في ألمانيا للعلاج بينما ظل يمضي خلال السنوات الماضية فترات علاج في مستشفى «مايو كلينك» في الولايات المتحدة الأميركية تعقبها فترات نقاهة تستمر لأسابيع.
مع ذلك وبسبب عجز الكتل والقادة السياسيين عن تخطي أزماتهم السياسية الحادة والمستمرة فإنهم يعمدون دائما إلى نقل خلافاتهم السياسية في غرف «العناية المركزة» إما في البرلمان أو الحكومة. اليوم دخل طالباني نفسه غرفة العناية المركزة بمستشفى مدينة الطب ببغداد بينما لم يتمكن رئيس وزرائه نوري المالكي ونائبه في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح من الدخول إليه في تلك الغرفة بقرار من الأطباء. أصبح الآن للأطباء سلطة منع المالكي من اختراق غرف المرضى الحصينة في وقت لا يزال فيه الجيش الاتحادي يقف في طوزخورماتو بمواجهة قوات البيشمركة.. هذه القوات التي ينتمي إليها طالباني قلبا وقالبا مع أنه خلع بخلاف حليفه مسعود بارزاني بزتها المميزة لينتمي إلى عالم السياسة من أوسع أبوابها بما في ذلك حصوله على منصب النائب الأول لمنظمة الاشتراكية الدولية.
وفي حال غاب طالباني عن المشهد السياسي فإن السؤال الصعب هو: من أين يأتي طبيب بمستوى طالباني يداوي «العملية السياسية» وهو عليل؟
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط


السابق

«حماس» تنتخب الأسبوع المقبل الرئيس الجديد لمكتبها السياسي....غارات جوية على مخيم اليرموك ونزوح مكثف للفلسطينيين..الكلام على تدويل سيناء إنذار بزجّ غزة في أتون صراع إقليمي...الدول الأوروبية الأعضاء في مجلس الأمن تعد لإدانة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي

التالي

مسار تصاعدي للنزوح ولبنان ينتظر المعونة وعون: لن تَخرَب إذا تأجلت الانتخابات

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,373,058

عدد الزوار: 7,630,230

المتواجدون الآن: 0