تقارير..هل سوريا مهددة بخطر الاستنقاع؟.....بعد الاطاحة بمحمد مرسي، فرصة ثانية لأوباما.....كيري أمامه فرصة مع الإسرائيليين والفلسطينيين

الأزمة السورية تضع «الجيش اللبناني» في موقف صعب ...تخوف «إخوان الجزائر» من تغول السلطة ضدهم بعد عزل مرسي في مصر.... هولاند: تونس ستظهر من جديد قدرتها على تجاوز كل العراقيل ...واشنطن تتردد بشأن مفاوضات طالبان.... تريد منها التفاوض مع حكومة كرزاي أيضا

تاريخ الإضافة السبت 6 تموز 2013 - 8:17 ص    عدد الزيارات 2113    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

تخوف «إخوان الجزائر» من تغول السلطة ضدهم بعد عزل مرسي في مصر.... «مجتمع السلم» و«النهضة» و«التغيير» متشائمون من مستقبل الديمقراطية في العالم العربي

جريدة الشرق الاوسط.... الجزائر: بوعلام غمراسة ..... أبدت أحزاب التيار الإسلامي بالجزائر، المحسوبة على تنظيم الإخوان المسلمين، مخاوف على مستقبلها في حال وصلت إلى السلطة، بالتعبير عن بالغ استيائها مما أجمعت على تسميته «انقلابا على الشرعية الدستورية في مصر»، بعد تدخل الجيش لنزع الرئيس محمد مرسي.
وقال عبد الرزاق مقري رئيس «حركة مجتمع السلم»، وهي أكبر الأحزاب الإسلامية وأكثرها تمثيلا لفكر الإخوان، إنه «يندد بالانقلاب العسكري الذي لا يوجد له مبرر شرعي ولا سياسي ولا قانوني دستوري». وأوضح في بيان أمس، أن عزل الرئيس محمد مرسي من طرف الجيش «محاولة للرجوع إلى العهد القديم بدعم من بعض القوى الإقليمية والدولية التي تريد ضرب النموذج الديمقراطي الجديد، الذي تمثله الحركات الإسلامية وقوى التحرر والانعتاق في المنطقة العربية من خلال استغلال الاحتياجات الاجتماعية المشروعة للشعب المصري، الذي لا يمكن أن تلبى في سنة واحدة».
وذكر مقري أن اعتقال قيادات في حزب الحرية والعدالة ومن جماعة الإخوان المسلمين، «وتلفيق التهم الكاذبة ضدهم دليل على سوء نية الانقلابيين. كما أن غلق القنوات الفضائية (المقرَبة من الإخوان) ومنع الرأي الآخر انتكاسة للحريات وحقوق الإنسان. وكل هذه الإجراءات هي نقض مباشر للنهج الديمقراطي وهو أمر سيشكل خطرا كبيرا على استقرار المنطقة كلها، إذ سيجعل أعدادا كبيرة من الشباب تتخلى عن الإيمان بإمكانية التغيير بواسطة العمل السياسي، مما يغذي التطرف ويعيد للواجهة مسلسل العنف الذي بدأ في التراجع منذ انطلاق العملية الديمقراطية بالوطن العربي».
ودعا مقري أنصار الرئيس المخلوع محمد مرسي، إلى «عدم الخضوع للاستفزاز وأن يحافظوا على استقرار مصر وأمنها، وأن لا يبددوا رصيدهم وشعبيتهم وتاريخهم وأن يثقوا في الله وفي مستقبل عربي سيكون لصالح الحق والعدل لا محالة».
وأفاد عبد المجيد مناصرة رئيس «جبهة التغيير»، المرتبطة فكريا بالإخوان أيضا، في بيان أمس، أن عزل مرسي وتعطيل العمل بالدستور الذي جاء عن طريق الاستفتاء «هو انقلاب على الشرعية الدستورية وتعد على العملية الديمقراطية لا يمكن قبوله، في بلد ثار شعبه منذ أكثر من سنتين ضد الاستبداد والفساد وأسقط نظاما ديكتاتوريا». مشيرا إلى أن الأحداث الأخيرة في مصر «كشفت زيف دعاوى الديمقراطية التي تتغنى بها القوى الدولية. كما كشفت خلطا كبيرا في مفهوم الديمقراطية والشرعية لدى التيارات السياسية والفكرية في الأقطار العربية».
وقال مناصرة إن «الانقسام الشعبي الحاصل في مصر، يحتاج إلى حلول سياسية تعتمد الحوار والديمقراطية وإيثار المصلحة الوطنية واحترام الحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان، ولا تقبل بالتدخل العسكري ولا بالتدخل الأجنبي». وأضاف: «كل الشعوب تنظر إلى التجربة الثورية الديمقراطية في مصر بالتقدير، وعلى كل الأطراف في مصر أن تحمي ثورتها من الانحراف بحجة التصحيح وعدم تمكين موجات الثورات المضادة من تحقيق أهدافها، المتمثلة في إعادة الأنظمة الفاسدة بوجوه جديدة».
أما أمين عام حركة النهضة الإسلامية فاتح ربيعي، فقال في بيان إن التجربة الديمقراطية في مصر «تعرضت لعملية إجهاض منظمة، بتحالف فلول النظام السابق مع أطراف علمانية داخلية، وقوى إقليمية وعربية تنظر إلى التجربة بعين الريبة، كونها تهدد مصالحها غير المشروعة في مصر والمنطقة العربية». وحذر من «عواقب وخيمة ستطال شظاياها الأمة العربية بأسرها، لما تمثله مصر من موقع وتأثير». وأضاف: «إن إجهاض التجربة الديمقراطية يعد تمكينا للفكر المؤمن بالتغيير عن طريق القوة، وتأصيلا له وانتكاسة حقيقية للفكر المؤمن بالتغيير عن طريق صناديق الاقتراع، والعمل السياسي السلمي». وتابع: «أثبتت الأحداث في مصر أن الجيوش العربية مرتبطة بالأقليات العلمانية المتطرفة، ولو أدى إلى هدم الشرعية في حال اختيار الشعب لغيرهم».
وتعكس مواقف الإسلاميين الجزائريين المرتبطين بالإخوان في مصر، حيال الأحداث، خوفا من أن يلقوا نفس المصير، بحسب متتبعين. فانتخابات الرئاسة المرتقبة ربيع العام المقبل يحضر لها الإسلاميون أملا في الوصول إلى السلطة، ويرون أن الذي حصل في مصر قد يدفع النظام في الجزائر إلى «التغول» عليهم ويحرمهم من حلم طالما راودهم.
 
هولاند: تونس ستظهر من جديد قدرتها على تجاوز كل العراقيل ومصادر من حركة النهضة تؤكد أن الرئيس الفرنسي لم يرفض مقابلة الغنوشي

جريدة الشرق الاوسط.... تونس: المنجي السعيداني .... اعترف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمام المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) بحجم التحديات التي تعوق الانتقال الديمقراطي في تونس، وقال في كلمة ألقاها أمس تحت قبة المجلس إن تونس تستعد لإنجاز دستور جديد ينظم السلطات وإن فرنسا وبقية دول العالم في انتظار تكريس دولة القانون والسماح لجميع التونسيين بالمشاركة في الحياة العامة في إشارة إلى قانون تحصين الثورة (قانون العزل السياسي) واتهام رابطات الثورة بتعطيل مشاركة المعارضين للحكومة في الحياة السياسية.
وإلى جانب الدستور، قال هولاند إن تونس بصدد الإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة وعبر عن ثقته في عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، قائلا: إنه متأكد على الرغم من كل المصاعب من أن تونس ستبين من جديد قدرتها على تجاوز كل العراقيل، وأضاف أنها كانت رائدة ولها تقاليد دستورية منذ القرن 19 في إشارة إلى دستور عهد الأمان الصادر سنة 1864.
وقال إن تونس لقنت درسا للعالم من خلال الثورة التي أنجزتها وأظهرت لكل الناس أنه لا يمكن التقدم دون حرية، وحيا بالمناسبة روح محمد البوعزيزي مؤجج ثورات الربيع العربي. وفي تقييمه للثورات العربية، قال هولاند إن الثورة قد تعرف صعوبات على غرار ما يحصل الآن في ليبيا وقد تفضي إلى مواجهات أهلية كما يحصل حاليا في سوريا وقد تذهب نحو الاستقرار وتجاوز العراقيل والمصاعب مثلما تعرفه تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس.
وفي مجال العمل السياسي المستقبلي، قال هولاند إن فرنسا على استعداد للعمل مع كل ممثلي الشعب التونسي المنتخبين بصفة ديمقراطية. وأضاف أن فرنسا تعرف أن الإسلام والديمقراطية يمكن أن يتعايشا وأن الهوية التونسية تتغذى من مصادر عدة.
وبشأن الصعوبات التي تعترض المسار الديمقراطي في تونس، قال هولاند إن حجم التحديات كبير للغاية وأشار إلى أن فرنسا تعرف جيدا معنى الثورة وتدرك صعوبة تكريس كل الانتظارات وعلى بينة من أن الثورة مطالبة بالارتقاء إلى مستوى الطموحات. وأضاف أن فرنسا تتفهم المطالب المختلفة في تونس وتعلم جيدا ما خلفه النظام السابق من إرث معقد زادته الأزمة الاقتصادية في أوروبا المزيد من التعقيد، هذا بالإضافة إلى انعدام الأمن في كامل منطقة المغرب العربي ووجود تهديدات إرهابية متنوعة فضلا عن انتشار العنف الداخلي الذي يمارسه «من لا يقبل بالثورة التونسية». واستشهد هولاند في باب العنف الداخلي بحادثة اغتيال شكري بلعيد الرجل الذي قال عنه إنه «اغتيل بسبب أفكاره»، وتمنى أن تسلط السلطات التونسية المزيد من الضوء على عملية اغتياله وأن تقبض على قتلته وتقدمهم إلى المحاكمة القضائية.
ولم ينف هولاند وجود «جروح وسوء تفاهم» بين تونس وفرنسا وأعلن أمام أعضاء المجلس التأسيسي التونسي التزام فرنسا بفتح كل الأرشيف الفرنسي دون استثناء أمام عائلة الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد التي تتهم منظمة «اليد الحمراء» الموالية للاستعمار الفرنسي باغتياله يوم 5 ديسمبر (كانون الأول) من سنة 1952.
وفي مجال التعاون الاقتصادي، قال هولاند إن تونس وفرنسا في حاجة لبعضهما البعض وإن فرنسا على استعداد لدعم الاقتصاد التونسي في جميع المجالات وهي ستواصل حسب تعبيره «حشد كل أعضاء الاتحاد الأوروبي لدعم التجربة الديمقراطية في تونس والحصول على مرتبة الشريك المميز خدمة للروابط المشتركة بين الضفتين».
وبشأن الإطاحة بنظام مرسي في مصر، دعا فرنسوا هولاند إلى عودة الديمقراطية إلى البلاد ونعت عملية الانتقال الديمقراطي هناك بـ«العملية الهشة» وهو ما جعلها على حد قوله تؤول إلى الإخفاق.
وتعد فرنسا أول شريك اقتصادي لتونس وقدر حجم المبادلات التجارية سنة 2012 بحوالي 13,4 مليار دينار تونسي (نحو 7 ملايين يورو) وتمثل فرنسا أول مزود للسوق التونسية وأهم مستورد للبضائع التونسية. وتنشط في تونس قرابة 1200 شركة فرنسية.
وأمضت فرنسا خلال زيارة الرئيس فرنسوا هولاند لتونس 18 اتفاقية ثنائية شملت ميادين الفلاحة والسياحة والتعليم العالي والصناعات الغذائية والإدارة، كما تطرقت إلى تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودعمها بقروض صغرى والنقل البحري والنقل الحديدي والصناعات الميكانيكية إلى جانب مشاريع الماء الصالح للشرب والطاقات المتجددة. وقال هولاند في ندوة صحافية مشتركة مع الرئيس التونسي المنصف المرزوقي إن فرنسا ستخصص مبلغ 500 مليون يورو (نحو ألف مليون دينار تونسي) لمساعدة تونس في مشاريع اقتصادية وتنموية وذلك خلال سنتي 2013 و2014، هذا بالإضافة إلى منح تونس قرض بمبلغ 60 مليون يورو لدعم السياسات التنموية في المناطق الفقيرة.
من ناحية أخرى، نفى زبير الشهودي مدير مكتب الشيخ راشد الغنوشي، خبر رفض الرئيس الفرنسي لقاء رئيس حركة النهضة. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات حركة النهضة لم تطلب لقاء خاصا مع الرئيس الفرنسي باعتباره في ضيافة الرئيس المرزوقي، كما أن الجانب الفرنسي لم يطلب ترتيب لقاء بين الرجلين. وأشار الشهودي إلى عدم برمجة لقاء بين الرجلين ضمن زيارة هولاند إلى تونس، وقال إن الغنوشي حضر مأدبة العشاء التي أقيمت بقصر قرطاج على شرف الرئيس الفرنسي بحضور رؤساء الأحزاب ومن بينهم راشد الغنوشي.
وكان عدد من وسائل الإعلام في تونس قد تداول خبر رفض فرنسوا هولاند مقابلة رئيس حركة النهضة، وهو ما تم نفيه بصفة قطعية.
 
واشنطن تتردد بشأن مفاوضات طالبان.... تريد منها التفاوض مع حكومة كرزاي أيضا

جريدة الشرق الاوسط.... واشنطن: محمد علي صالح ..... رغم أن مكتب طالبان في الدوحة يظل مفتوحا، ولا تريد الولايات المتحدة من حكومة قطر أن تلغي اتفاقها مع طالبان بفتح المكتب، قال مسؤولون أميركيون إنهم يميلون نحو رأي الرئيس الأفغاني حميد كرزاي بأن تفاوضه طالبان. لكن ليس بالضرورة قبل أن تفاوض طالبان الأميركيين.
وأمس، قال جيمس كنيننغهام، سفير أميركا في أفغانستان: «نعرف أن حكومة أفغانستان تريد التفاوض مع طالبان كما نريد نحن. لكن، طالبان هي التي ستحدد إذن ستفاوض مجلس السلام الأعلى (الذي شكله كرزاي للتفاوض من طالبان)». وأضاف: «هذا موضوع يهم الأفغان في المرتبة الأولى، موضوع السلام، والاستقرار، والتصالح».
وقال السيناتور لندسي غراهام، جمهوري من ولاية ساوث كارولينا: «تجعل فكرة أن طالبان هي التي ستحدد من تفاوض طالبان قوية جدا». هذه إشارة إلى أن الولايات المتحدة، أن لم تكن حكومة كرزاي، هي التي يجب أن تقود العملية. وخاصة مع قرب انسحاب القوات الأميركية، وقوات حلف الناتو، من أفغانستان.
وكانت الخارجية الأميركية قالت، بعد عودة جيمس دوبنز، كبير المفاوضين الأميركيين مع منظمة طالبان الأفغانية، إلى واشنطن أن المفاوضات «مجمدة». وقالت: إن الخطوة التالية هي اتفاق «بين الأفغان أنفسهم، لأن هذه، في نهاية المطاف، عملية أفغانية».
وقال باتريك فينتريل، متحدث باسم الخارجية: «أنا لا أملك كرة زجاجية سحرية» ليحدد تاريخ بداية المفاوضات. وأضاف: «نريد من الأفغان أن يجلسوا حول مائدة واحدة مع الأفغان».
وعلق فينتريل على انتقادات الرئيس الأفغاني حميد كرزاي للولايات المتحدة بسبب ما سماه كرزاي «استعجال» التفاوض مع طالبان، وقال فينتريل: «الولايات المتحدة تريد أفغانستان موحدة وديمقراطية ومستقرة. الولايات المتحدة تريد من الأفغان أنفسهم أن يتفقوا على ذلك، ثم أن ينفذوا ما يتفقون عليه».
وكان كرزاي قال: إنه يعترض على المفاوضات الأميركية الطالبانية في الدوحة حتى تبدأ مفاوضات سلام بين الحكومة الأفغانية وطالبان. وكان علق المفاوضات احتجاجا على ظروف افتتاح مكتب سياسي لطالبان في الدوحة. وقال: «المفاوضات حول اتفاق ثنائي (مع الولايات المتحدة)، والتي علقت ردا على افتتاح مكتب طالبان في قطر، يمكن أن تستأنف حين تبدأ المشاورات بين طالبان والمجلس الأعلى للسلام (الذي شكله كرزاي)».
لكن، قال المتحدث باسم طالبان، محمد نعيم، لوكالة الصحافة الفرنسية مع افتتاح المكتب في الدوحة، إن مفاوضات طالبان مع كرزاي «ليست مقررة حتى الآن». لكنه لمح إلى أن الأمور قد تتغير تبعا للظروف.
وكان كرزاي أشار إلى أن مصير المفاوضات بين واشنطن وكابل مرتبط، أيضا، مع «لويا جيرغا»، الجمعية التي تضم زعماء القبائل وممثلي المجتمع الأفغاني، والتي يريد كرزاي إشراكها في الموضوع. وشدد كرزاي، في مؤتمر صحافي في كابل، على أن «الشعب سيقبل (هذا الاتفاق) أو يرفضه».
 
الأزمة السورية تضع «الجيش اللبناني» في موقف صعب ... ينتشر في نقاط التوتر المتنقلة.. وزيادة عديده وتسليحه أبرز احتياجاته

جريدة الشرق الاوسط... بيروت: نذير رضا ... يأتي إعلان الإدارة الأميركية عن نيتها زيادة مساعداتها العسكرية للجيش اللبناني في لحظة حاسمة بالنسبة للجيش الذي يخوض معارك داخلية بغية الحفاظ على الاستقرار في عدة مناطق لبنانية، فضلا عن مواجهته تحديات أمنية وسياسية، أبرزها منعه تمدد «نار» الأزمة السورية إلى لبنان، والرد على الاتهامات الموجهة ضده بالكيل بمكيالين تجاه المسلحين، ففي حين اتخذ إجراءات قاسية ضد المسلحين السنة، يتغاضى عن انتقال مسلحي حزب الله باتجاه سوريا وسلاحه الظاهر في لبنان.
ولم يكن الجيش اللبناني يوما موضع تشكيك من أطراف لبنانية، قبل اندلاع الأزمة السورية. ففي العقد الماضي، خاض الجيش اللبناني حربا ضروسا ضد إسلاميين متشددين في شمال لبنان، متسلحا بتأييد كبير من أكثر الأحزاب السياسية السنية نفوذا على الساحة اللبنانية. وفي عام 2000، دعم رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري الجيش في حربه ضد متشددين في سير الضنية في الشمال. وفي عام 2007، خاض حربا ضد جماعة «فتح الإسلام» المتشددة في مخيم نهر البارد في شمال لبنان في عام 2007، مدعوما بتأييد رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، وزعيم تيار المستقبل سعد الحريري.
لكن الأحداث الماضية قبل أسبوعين في عبرا، وضعت الجيش محل اتهام. وإثر مداهماته وفرضه إجراءات أمنية في صيدا، اتهم الجيش بتنفيذ حملة اعتقالات عشوائية بحق أبناء المدينة، و«شباب السنة»، فضلا عن مطالبته بتوضيح ملابسات مشاركة حزب الله الميدانية في العملية. ورفع مفتي صيدا الشيخ سليم سوسان مطالبته بوقف الاعتقالات، بحضور رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة الذي سلم، والنائبة بهية الحريري، مذكرة إلى رئيس الجمهورية تتضمن إيضاحات حول مشاركة الحزب ووقف الاعتقالات، خصوصا بعد مقتل معتقل من صيدا، كان سلم نفسه للجيش حيا.
وبينما بدت مطالبة تيار المستقبل بالتوضيح هادئة، بدت لهجة الإسلاميين صدامية. وعبر عن هذا الموقف الداعية الشيخ سالم الرافعي، الذي قال: «إننا نشعر بأن الطائفة السنية مهمشة ويريدون إذلال شبابها»، متهما «الجيش بأنه تواطأ مع حزب الله لقتل الشباب» في عبرا. ورأى أن «ما جرى في عبرا تنفيذ لمخطط إيران». لكن وزير الدفاع اللبناني أوضح أن «القرارات تؤخذ شورى بين قيادة الجيش وحكومة تصريف الأعمال». وقال: «إن لبنان بحاجة إلى تفاهم سياسي لتدارك خطورة تفشي ظاهرتي الإرهاب والتطرف»، لافتا إلى أن «الأيام الآتية صعبة على لبنان». وأعرب غصن عن قلقه من «حملة التشكيك التي تطال الجيش اللبناني»، مؤكدا أن «الجيش جامع لا يحسب على طرف ولا يسمح بأي تدخل يمس أمن البلد».
التحدي الأبرز الذي يواجهه الجيش اللبناني في هذا الوقت، هو منع تمدد نار الأزمة السورية إلى الأراضي اللبنانية. ويقول رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية الدكتور هشام جابر لـ«الشرق الأوسط» إن «الإخلال بالوضع الأمني في لبنان ونقل الأزمة السورية إليه، يعمل الجيش على منعه»، مشيرا إلى أن «المؤسسة مكلفة بحفظ الاستقرار، بعيدا عن التجاذب السياسي، فضلا عن أنها تمثل الوطن بأكمله».
ويضم الجيش اللبناني نحو 40 ألف ضابطا وعنصرا، يتوزعون على ألوية وأفواج مقاتلة، ووحدات لوجيستية. وتترأس مراكزه القيادية، شخصيات عسكرية تأخذ بعين الاعتبار المحاصصة الطائفية، بحيث يترأس قيادة الجيش أعلى الضباط الموارنة رتبة، في حين يترأس قيادة الأركان أعلى الضباط الدروز رتبة. كما يقود مديرية المخابرات، ضابط من الطائفة المارونية. ويحل في موقع نائب قائد الأركان في الجيش، 4 ضباط يتولون مناصب نائب قائد الأركان للعمليات، والدعم اللوجيستي، والتجهيز، والكثير. ويتوزع هؤلاء على أربع طوائف، 2 منهم مسلمان، هما السنة والشيعة، و2 مسيحيان. أما قيادة المناطق العسكرية الخمسة في لبنان، وهي قيادة منطقة بيروت، وجبل لبنان، والشمال، والبقاع والجنوب، فيجري توزيعهم باحترام التوازن الطائفي.
ويأخذ الجيش بعين الاعتبار التوزيع الطائفي في ضم الضباط إليه، مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، في حين كسرت هذه القاعدة في ضم الأفراد والرتباء. وتبلغ النسبة التقديرية للمسلمين داخل المؤسسة العسكرية نحو 65 في المائة من عديده، يتوزعون بين السنة والشيعة والدروز، في حين تبلغ نسبة المسيحيين نحو 35 في المائة. ويقول جابر، وهو عميد متقاعد من الجيش اللبناني، إن انكسار التوازن الذي يعتمد المناصفة بين العديد، يعود إلى إحجام المسيحيين عن الانضمام بأعداد كبيرة إلى المؤسسة العسكرية، مقابل رغبة كثيفة بالانضمام من قبل المسلمين «ما يجعل التطويع في الجيش يتم بالقطارة بهدف حفظ التوازن الطائفي داخل المؤسسة»، على الرغم من أن الجيش «يحتاج إلى عدد كبير من المتطوعين». وبحسب جابر، فإن النقص بالعديد، يعد مشكلة حقيقية في الجيش، إلى جانب التسليح، خصوصا بعد إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية قبل سنوات، والتي كانت ترفد المؤسسة بمجندين يتراوح عددهم بين 5 و8 آلاف مجند سنويا.
وتحولت مهام الجيش، خلال العامين الآخرين، إلى مهام أمنية داخل الشارع اللبناني، بحيث بات «ضابط أمن واستقرار في الداخل»، إذ تنفذ وحداته انتشارا كثيفا في نقاط التوتر المتنقلة في شوارع رئيسة في بيروت، فضلا عن جهوزيتها في المناطق الحدودية مع سوريا، إضافة إلى تمركزها في مدينة صيدا التي شهدت اشتباكات قبل أسبوعين مع مسلحين تابعين للشيخ أحمد الأسير، وتنفيذ الجيش انتشارا واسعا في طرابلس التي شهدت أكثر من 25 جولة عنف بين محوري باب التبانة وجبل محسن.
وتعد هذه المهام مرهقة إلى حد كبير بالنسبة للجيش، بتركيبته الحالية إذا ما استمرت فترة زمنية أطول. ويوضح رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية الدكتور هشام جابر، أن «الدخول إلى الزواريب الضيقة لملاحقة المسلحين، ليست من مهام الجيش، بل من اختصاص قوى الأمن الداخلي»، مشيرا إلى أن الجيش اللبناني «يستطيع حل المشكلات الأمنية وليس من مهامه حل المشكلات السياسية التي تؤدي إلى التوترات الأمنية، كون حلها من اختصاص الحكومة».
ويقوم الجيش بمهام قوى الأمن التي يبلغ عديدها 27 ألف ضابط وعسكري، وهو رقم لا يعول عليه في لبنان لتعدد مهامها، من حراسة الشخصيات إلى الأدلة الجنائية، وصولا إلى ملاحقة المجرمين والمخلين بالأمن، على الرغم من أن الحراسة تستهلك، بحسب خبراء، عددا كبيرا من أفراد ورتب القوى الأمنية، نظرا للمخاطر المترتبة على الشخصيات السياسية.
وتواجه المؤسسة العسكرية مشكلة التسليح، وقد أعلن وزير الدفاع اللبناني في حكومة تصريف الأعمال فايز غصن، أن بعض الأسلحة التي ضبطت مع مسلحين لبنانيين، تفوق بتطورها ما يمتلكه الجيش اللبناني، في إشارة إلى مسلحين قاتلوا في اشتباكات صيدا الأخيرة، فضلا عن تسليح حزب الله. وتوقف تسليح الجيش اللبناني، منذ عام 1985 حين عقد الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل صفقة تسليح للجيش مع الولايات المتحدة الأميركية، رفدت الجيش حينها بدبابات وناقلات جند مجنزرة ومدفعية، فضلا عن أسلحة فردية ورشاشات متوسطة. ويقول جابر إن الجيش اللبناني «جيش كلاسيكي، يحتاج إلى خطة تسليح شاملة، تتضمن أسلحة برية متطورة، وسلاح جو وسلاح بحرية». ويضيف: «منذ 30 عاما، لم يسلم الجيش اللبناني أكثر من قطع مدفعية خفيفة، وآليات عسكرية برية حصل عليها من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى سلاح فرنسي مضاد للدروع».
ويشير جابر إلى أن «سلاح الجو اللبناني ضعيف جدا، حيث يملك عددا لا يذكر بمن الطائرات المروحية التي تستخدم كناقلات جند وطائرات استطلاع، أما سلاح البحرية، فهو قديم جدا، ولم يجدد إلا بزوارق عسكرية بريطانية في التسعينات». ويشير إلى أن احتياجات التسليح للجيش، تناهز الـ5 مليارات دولار، كونه يحتاج إلى أسلحة برية متطورة، ومنظومات دفاع جوي لحماية سلاح البر.
ولا يعرف عن الجيش اللبناني، منذ توحيده في عام 1991، أي انقسام مناطقي أو طائفي. وتتشكل التشكيلات الميدانية للجيش بين المناطق اللبنانية بأكملها، في حين يحظر الجيش على عناصره وضباطه تناول أي حديث سياسي أو طائفي، ويمنعون من المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية. ويقول جابر إن «التوجيه المعنوي الجيش، هو وطني بعيد عن الطائفية والسياسة»، لافتا إلى أن عديده يخضعون لرقابة مستمرة، منعا لأي تجاوز أو انحياز»، مؤكدا أن «الأخطاء الفردية يحاسب عليها الجيش». وعلى الرغم من ذلك، خضع الجيش لاختبارين كبيرين خلال العامين الماضيين، حيث اتهم بالانحياز لصالح فريق لبناني ضد آخر، كما اتهم بأنه مخترق من قبل حزب الله. الاختبار الأول، ظهرت معالمه بعد حادثة مقتلين شيخين سنيين على حاجز للجيش في منطقة الكويخات في عكار، شمال لبنان، قبل عام ونيف، والاختبار الثاني، جاء إثر عملية عسكرية قام بها الجيش في عبرا شرق صيدا في جنوب لبنان، سيطر خلالها على مربع الشيخ أحمد الأسير الأمني.
ويرفض جابر، «كابن المؤسسة العسكرية»، الاتهامات بحق الجيش، قائلا إن «القائد الأعلى للجيش هو رئيس الجمهورية، ولا أعتقد أنه على علاقة ممتازة مع حزب الله في هذه المرحلة»، كما أن «قائد الجيش العماد جان قهوجي «ليس من مدرسة الحزب العسكرية ولا طائفته»، كذلك «قائد الأركان ليس من فريق حزب الله السياسي». ويرى أن الجيش «يحافظ على كفاءته القتالية وهيبته ومعنويات مقاتليه»، معربا عن اعتقاده أنه «ما دامت الأوضاع في سوريا كما هي، فإننا نتوقع أن تترجم أحداث عسكرية متنقلة في لبنان، وخصوصا أن هناك انقساما سياسيا حادا في لبنان على خلفية الأزمة السورية».
 
 
هل سوريا مهددة بخطر الاستنقاع؟
المستقبل...فايز سارة
تبدو صورة سوريا اليوم، وكأنها قد اصبحت ميدانا للقتل والتدمير ليس الا. فالخبر الرئيس وربما اغلب الاخبار الفرعية السورية، تتعلق بعدد الذين سقطوا في هذه المنطقة او تلك على يد قوات الامن والجيش والشبيحة، او ممن قتلوا بواسطة الهجمات المدفعية والصاروخية، التي تنطلق من معسكرات الجيش على المدن والقرى، او بواسطة الصواريخ والقنابل الكيماوية، التي تطلقها طائرات النظام ضد التجمعات المدنية واحياناً على التشكيلات العسكرية المناهضة للنظام، كما ان بين الاخبار الرئيسة، اخبار تتكرر عن اكتشاف مجازر ومقابر جماعية لضحايا في ظروف غامضة غالباً ما كانت قوات الامن والجيش والشبيحة خلفها، وعن عمليات قتل تحت التعذيب للمعتقلين في مقار الاجهزة الامنية وداخل الثكنات العسكرية لجيش النظام وفي بعض المشافي!.
ورغم ان الاساس فيما يحصل في سوريا من قتل ودمار، يقع في مجريات الحل الامني العسكري الدموي الذي تبناه النظام في مواجهة ثورة السوريين، فان بعض القتل والدمار، يقع في نتائج سياسة النظام وممارساته. حيث لجأ سوريون للدفاع عن انفسهم في مواجهة القتل، كما هو حال الجيش السوري الحر الذي يتوزع منتسبوه مابين منشقين عن اجهزة النظام وجيشه او من المتطوعين الذين عانوا من سياسات النظام، وثمة مسار اخر في القتل والدمار الحاصل في سوريا، ترتكبه بعض الجماعات المتطرفة، ومثلها عصابات قتل واجرام، تشكلت على هوامش الفوضى التي اشاعها النظام، وهي تجد لها سنداً فيه ودعماً من اجهزته.
والصورة العامة، ان سوريا اصبحت مسرحاً كبيراً لعمليات قتل ودمار متواصلة ومتصاعدة، بل هي مرشحة لانتشار اكبر وزيادة في عدد الضحايا، واتخاذها اشكالاً اكثر دموية وبشاعة، خاصة في ظل مجموعة من العوامل ابرزها:
العامل الاول، ويمثله غياب أي أفق سياسي، يعالج الوضع السوري ويخرجه من دوار القتل والدمار، و الامر في هذا قائم في المستويات المحلية والاقليمية والدولية، حيث ان كل الاطراف ليس لديها برنامج او خطة طريق سياسية تؤدي الى حل. وحتى في الحالات التي يجري فيها كلام عن مشروع حل على نحو مايقال في موضوع جنيف وجنيف 2 وغيرهما، فالامر لا يتعدى الكلام، بل ذلك المسار مشكوك فيه، ولايملك المشرفون عليه بفعل معطيات الفترة الماضية اي مصداقية للذهاب الى المشروع بجدية، بل ان الارادة السياسية لا تتوفر لدى الدول القائمة على الفكرة ومنها روسيا والولايات المتحدة.
والعامل الثاني، يبدو فيما كرسته نتائج الصراع المسلح على الارض. ففي الواقع السوري ومع بداية تسلح وعسكرة الثورة، تبلور في الواقع خطان، خط يمثله الوجود الامني- العسكري للنظام بما فيه من اجهزة ومؤسسات في طرف، والجيش السوري الحر في طرف آخر، وكان عجز الثورة عن توحيد القوى والتشكيلات العسكرية في اطار الجيش السوري الحر بين عوامل ادت الى تغييرات جوهرية في انقسام خريطة الصراع في سوريا الى خطين. وإنْ حافظ خط النظام على وحدته، فان الخط الثاني شهد تطورات سلبية، كان الأبرز فيها ليس الفشل في توحيد قوى الجيش الحر وجعله في اطار مؤسسة وطنية سورية، بل خلق كيانات عسكرية وشبه عسكرية مختلفة الاهداف والبرامج، بل متناقضة في كثير من الاحيان، ومنها تشكيل جماعات متطرفة، ترفع شعارات "الدولة الاسلامية" و"دولة الخلافة"، وهي لم تكن أبداً في إطار الشعارات التي رفعتها الثورة، ولا كان اصحابها منضوين في صفوف الثورة ولا في فعالياتها، انما تطور الامر سلباً مع بروز صراعات بين القوى المناهضة للنظام، وداخل تلك القوى على مكاسب وتفاصيل لا قيمة جدية لها.
والعامل الثالث في هذا السياق يظهر في التدهور العام الذي تشهده البلاد، ولا سيما في تزايد ظاهرة التجاذبات ما قبل الوطنية ومنها القومية والدينية والطائفية والمناطقية، وهي التي يمكن ان تعزز ظهور انقسامات حادة في الجماعة الوطنية، كما يظهر تردي الاحوال الاقتصادية والاجتماعية في سياق هذا العامل، خاصة في ضوء الفقر المريع الذي أصاب معظم السوريين، ان لم نقل كلهم نتيجة قتل وإعطاب معيليهم وتدمير ممتلكاتهم ومورد عيشهم، واستنفاذ مدخراتهم ومصادر دعمهم العائلي والاجتماعي.
والعامل الرابع، تمثله التدخلات الخارجية المتزايدة في سوريا وازمتها، وهي تدخلات بدأت مع مساعي النظام تعزيز شبكة تحالفاته من جهة، والعمل لكسب مؤيدين له في المجالين الاقليمي والدولي من جهة اخرى، ثم امتدت الظاهرة المرضية الى صفوف المعارضة، التي سارت في الركاب ذاته، ولو انها عجزت عن تأمين سند لها يوازي ما يجده النظام من دعم حلفائه ومؤيديه على قلتهم، وقد ادت التدخلات الخارجية وتزايدها الى إشاعة مزيد من الفوضى وبينها فوضى المصالح والادوات، ولكل منها تعبيرات هيكلية يتم دعمها بالمال والسلاح، وهذا ما تتشارك فيه في الداخل السوري دول وهيئات ومنظمات وعصابات وجمعيات ذات طابع "ديني" او"انساني"، وفي هذا السياق يمكن ادراج التدخلات الروسية والايرانية، وتدخل حزب الله ومنظمات بينها القاعدة وجمعيات سلفية، وهي ليست المثال الوحيد لكنها الاكثر تأثيراً في واقع القتل والدمار السوري بفعل تدخلها المباشر باشكاله المتعددة ولاسيما بشكله المسلح عبر القوات والاسلحة والذخائر.
ان العوامل الأربعة وعوامل أخرى، مالم يحدث فيها تغييرات جوهرية في جانبين أولها جهود سورية جدية تبذلها قوى المعارضة والحراك المدني لتغيير معادلات القوة في الداخل، وجهود تبذلها قوى خارجية من مصلحتها نهاية الصراع في سوريا، فان الواقع سوف يكرس البلاد مسرحا لقتل ودمار يتواصل ليس بفعل دوافع داخلية فحسب، وانما ايضاً بسبب منازعات وصراعات اقليمية ودولية، تحول سوريا الى مستنقع، يسعى كل طرف منها الى إغراق آخرين في رواسبه الآسنة.
 
 
بعد الاطاحة بمحمد مرسي، فرصة ثانية لأوباما
روبرت ساتلوف
روبرت ساتلوف هو المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
جاء عزل الجيش المصري للرئيس محمد مرسي ليمنح إدارة أوباما فرصة هي الأكثر ندرة في السياسة الخارجية: إنها فرصة ثانية. ووضع الأمور في نصابها سوف يتطلب فهم الجوانب التي أخطأت فيها الولايات المتحدة في المرة الأولى.
يرى البعض أن الخطأ الجوهري الذي ارتكبه الرئيس أوباما في سياسته تجاه مصر هو سحب الدعم الأمريكي من الرئيس المصري السابق حسني مبارك -- الذي شغل منصبه لفترة طويلة -- في شباط/فبراير 2011، عندما ملأ آلاف المصريين "ميدان التحرير" للمرة الأولى مطالبين بالتغيير. ووفقاً لوجهة النظر هذه، كان على الولايات المتحدة أن تقف إلى جانب مبارك، المعارض الصارم لـ جماعة «الإخوان المسلمين»، الذي قاتل جنوده إلى جانب القوات الأمريكية في حرب الخليج الفارسي والذي ظل محافظاً على سلام مصر مع إسرائيل رغم عزلته في العالم العربي.
ومع ذلك، فوجهة النظر هذه خاطئة. لقد كانت صحة مبارك العليلة تعني أن حكمه أوشك على الانتهاء، وهي حقيقة رفض مواجهتها، وبدلاً من ذلك أحاط نفسه بالمتملقين وتصرف كما لو كان فرعوناً عصرياً. وبالنسبة للمصالح الأمريكية فقد أصبح مبارك يشكل عبئاً ثقيلاً، وكان هناك بديل منطقي.
ففي مطلع 2011، كان الجيش هو ذلك البديل المنطقي. ورغم خطاب أوباما المحلق بأن نشطاء "ميدان التحرير" هم ورثة مهاتما غاندي و مارتن لوثر كينغ، إلا أن السياسة الأمريكية كانت تقوم من الناحية الفعلية على حماية المصالح الأمريكية في مصر من خلال دعم نقل السلطة من جنرال في سلاح الجو يبلغ من العمر 82 عاماً إلى جنرال يبلغ من العمر 75 عاماً هو قائد "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" المشير محمد حسين طنطاوي. لقد كان الجيش المصري، المؤسسة الأكثر شعبية في البلاد، قادراً على أن يسبح عبر العواصف السياسية وأن يجد قبطاناً مدنياً يقود دفة سفينة الدولة إلى بر الأمان -- أو هكذا اعتقدنا.
وعند النظر إلى ما مضى، نرى أن خطأ الولايات المتحدة الأكبر كان الثقة المفرطة التي وضعتها في الجنرالات. فعندما انتقل البيت الأبيض إلى قضية ليبيا وغيرها من المواضيع، ترك من الناحية الفعلية سياسته تجاه مصر تسير بقوة الدفع التلقائي، حيث منح الجنرالات حرية تقدير سرعة ومحتوى "عملية التحول الديمقراطي".لقد كان الجميع يعلمون أن المصلحة الحقيقية للجنرالات هي ابتكار نظام سياسي يحافظ على سلطتهم وثروتهم. لكنهم كانوا "رجالنا" -- [أي جنرالات تثق بهم واشنطن]، رجال فهموا التقاطعات بين حتميات الأمن الإقليمي الأمريكية والمصرية -- بحفاظهم على معاهدة السلام مع إسرائيل -- وزعموا أنهم يُقدرون الحاجة إلى عملية سياسية تحظى بالشعبية ومشاركة الجميع والشرعية.
وقد كانت تلك السياسة منطقية. ونظراً لأن أحداً لم يتخيل نطاق عدم الكفاءة السياسية للجنرالات، فإنها كانت تنطوي على أخطاء مأساوية.
لقد كانت جماعة «الإخوان المسلمين» لاعبة هامشية في التحولات المثيرة في "ميدان التحرير"، وهي معروفة كحركة أيديولوجية إسلامية سرية تعمل في الخفاء. وخلال 18 شهر فقط، استطاع الرجل المهيمن والقوي محمد حسين طنطاوي الإشراف على عملية سياسية تمكن من خلالها «الإخوان» هندسة طريقة منهجية للسيطرة على النظام السياسي في مصر. وربما سمح طنطاوي بذلك اعتقاداً منه بأنه وجد لاعباً سياسياً داخلياً لتأمين المصالح المؤسسية للجنرالات، لكن سرعان ما انكشفت الحقيقة. فاستيلاء «الإخوان» على السلطة -- جزئياً من خلال صناديق الاقتراع، وبوصرة جزئية من خلال وسائل غير دستورية -- كان كاملاً إلى حد بعيد إلى درجة أن إحدى الخطوات الأولى التي اتخذها رئيسها المنتخب حديثاً هي الإطاحة بطنطاوي في آب/أغسطس 2012. وفي منطقة تعج بالسياسيين غير الأكفاء، كان طنطاوي مميزاً.
وطوال هذه الفترة، رأت الولايات المتحدة الجنرالات يرتكبون الخطأ تلو الآخر -- بما في ذلك العجز عن صياغة دستور ومباركة قانون الانتخابات الذي صمم لصالح الإسلاميين وأتاح نافذة لممارسة العنف ضد المسيحيين، لكن صناع السياسة لم يفعلوا شيئاً أكثر من توجيه الأسئلة. وعلى الملأ، غالباً ما كانت الولايات المتحدة تعزز المبادئ الحقة -- التعددية والحرية الدينية والإصلاح الاقتصادي، أما على انفراد فقد كانت واشنطن تذعن للجنرالات على الدوام. وحتى عندما أخذت العملية منحنى مناهضاً للولايات المتحدة في أواخر 2011، مع اعتقال ومحاكمة موظفين أمريكيين من المؤسسات الداعمة للديمقراطية والممولة من قبل الحكومة الأمريكية، التزمت واشنطن الصمت على نحو يبعث على الحرج.
وبذلك، تحدد نمط العلاقات الأمريكية مع جماعة «الإخوان» وممثلها في القصر الرئاسي، مرسي. فعلى غرار ما حدث مع الجنرالات، وعدت «الجماعة» بتدابير لحفظ الاستقرار، بما في ذلك السلام الفاتر مع إسرائيل. وكل ما طالبت به هو أن تُترك وشأنها. وفي الوقت الذي علا فيه الشعار الأمريكي الجديد "بناء الوطن من الداخل"، كان العرض من الممثلين الذين انتُخبوا حديثاً من قبل الشعب المصري مغرياً.
ربما تكون الإدارة قد تحدثت عن الإصلاح الاقتصادي، لكن المبعوثين الأمريكيين ذهبوا إلى القاهرة يحملون شيكات، كما لو أن المال سيستمر في التدفق بغض النظر عن السياسات الاقتصادية الشعبوية السيئة التي انتهجها «الإخوان». لقد تحدثت الإدارة الأمريكية عن الحقوق المدنية والتسامح، لكنها لم تفعل شيئاً عندما تعرض الصحفيون والنشطاء والمواطنون العاديون للسجن بتهم الإساءة للإسلام أو إهانة الرئيس. ولا يوجد رد أبلغ على التراجع الأمريكي في دعم المجتمع المدني -- والذي عكسه خنوع واشنطن في مواجهة محاكمة نشطاء أمريكيين داعمين للديمقراطية -- من خروج ملايين المصريين إلى الشوارع في الأيام الأخيرة لاسترداد دولتهم.
ولا ينبغي أن يفرح أحد بخلع قائد منتخب من قبل جيش في بلد ما، لكن هذا ليس انقلاباً بالمعنى التقليدي ولا يستحق تعليق المساعدات الأمريكية وفقاً لما ينص عليه القانون الأمريكي. وفي الواقع أن الجيش منع بشكل مؤكد وقوع حمامات دم كانت ستترك جروحاً في مصر على مدار عقود. إن اللافعل وعدم التدخل كان سيرقى إلى مرتبة العمل الإجرامي.
لكن مع عودة الجيش إلى الساحة، فسيكون من الأعمال الإجرامية كذلك أن تكرر الإدارة الأمريكية أخطاء الحلقة الماضية من الحكم العسكري، عندما تمت التضحية بكل شيء على مذبح الاستقرار. إن الفارس الأبيض الجديد الجنرال عبد الفتاح السيسي ليس أكثر ديمقراطية من طنطاوي، لكنه ربما يكون أكثر دهاء وحنكة. وتحتاج واشنطن أيضاً أن تكون أكثر حنكة ودهاء.
لقد قال أوباما مراراً وتكراراً إن الولايات المتحدة ترفض الخيار الزائف بين الديمقراطية أو الاستقرار؛ وهذا أكثر ما ينطبق على الوضع في مصر حالياً. ففي عالم ما بعد مرسي، يجب على واشنطن أن تضع سياسة يكون فيها دعمها لمصر مشروطاً ليس فقط باستمرار اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل لكن أيضاً باستمرار التحرك نحو بناء حكومة ديمقراطية تعددية تنتهج سياسات اقتصادية سليمة. وهذا يعني من الناحية العملية التعاطي بشكل أوسع نطاقاً مع كافة الأطياف السياسية المصرية، وليس فقط مع الحزب الحاكم؛ وتقديم دفاع لفظي قوي عن الأقليات (المسيحيون والبهائيون والشيعة)؛ وإعادة الاستثمار في برامج المجتمع المدني التي تساعد المصريين على ترجمة أنشطتهم في الشوارع إلى منظمة سياسية؛ وقيادة تجمع منضبط لـ "أصدقاء مصر" يَعِد بتقديم مساعدات مالية هائلة لكن فقط من أجل اتقاء تأثير التخفيضات المتأخرة في نظام الإعانات المتضخمة.
ومع تلطيخ سمعة الولايات المتحدة جراء التصور السائد بخنوعها لجماعة «الإخوان»، فستكون المرحلة التالية من العلاقات الأمريكية- المصرية عاصفة. لقد تضاءل نفوذ واشنطن لكنه لا يزال قائماً. إن مصر دولة ذات أهمية؛ فدعونا نتعامل مع الأمر بشكل صائب هذه المرة.
 
كيري أمامه فرصة مع الإسرائيليين والفلسطينيين
ديفيد ماكوفسكي
ديفيد ماكوفسكي هو زميل زيغلر المميز ومدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن.
في جولته الأخيرة من المحادثات التي بلغت ذروتها في مطلع هذا الأسبوع، أمضى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري نحو عشرين ساعة في اجتماعات منفصلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وعقب ذلك، أعلن أنه تم إحراز "تقدم حقيقي" وأن الطرفين قاب قوسين أو أدنى من إطلاق مفاوضات الوضع النهائي.
توقعات منخفضة
زار كيري الشرق الأوسط خمس مرات على مدى الأشهر القليلة الماضية، إلا أن التوقعات لعملية السلام ما زالت منخفضة طوال جميع الزيارات ويرجع ذلك لعدة عوامل:
·     رغم أن العديد من استطلاعات الرأي تشير بوضوح إلى أن الإسرائيليين والفلسطينيين يفضلون حل الدولتين، إلا أن كل جانب أقنع الآخر بأنه غير راغب في ذلك، ومن ثم يستحيل إحراز تقدم في الوقت الراهن. على سبيل المثال، في استطلاع للرأي صدر مؤخراً بصورة مشتركة من قبل "معهد هاري ترومان للنهوض بالسلام" في الجامعة العبرية و"المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية" الذي مركزه في رام الله، قال 68 في المائة من الإسرائيليين و69 في المائة من الفلسطينيين إن احتمالات أقامة دولة فلسطينية مستقلة مجاورة لإسرائيل خلال السنوات الخمس المقبلة منخفضة أو غير قائمة. ويرى كلا الجانبين أن الإخفاقات الدبلوماسية السابقة تؤيد رؤيتهم التحليلية هذه، مما يخلق تشككاً عميقاً بشأن احتمالات التقدم.
·     شاب التردد مواقف نتنياهو وعباس. في اجتماع لحزب الليكود هذا الأسبوع صرح نتنياهو أنه لم يكن يرغب في أن يفصح علانية عن تنازلات لأن ذلك من شأنه فقط أن يُضعف موقف إسرائيل التفاوضي. وعلى مستوى أساسي آخر، فإن كلا القائدين يكره المخاطرة؛ فكلاهما لا يرغب في أن يسبق الجمهور أو أن يوصف بأنه حالم. وهم مقتنعون كذلك بأن أي تقدم سوف يحشد العناصر المتشددة ضمن نظامهما السياسي لاتخاذ إجراءات ضدهما. ويبدو أنهما يفضلان حتى الآن عدم إثارة النقاد الساكنين.
·     أسلوب كيري يُضعف التوقعات. غالباً ما تواجه تصريحات وزير الخارجية الأمريكي بشأن عملية السلام عدم قبول شعبي ويُنظر إليها على أنها كلمات معسولة لسياسي مخضرم، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى أنه لا يكشف عن تفاصيل مشجعة قد تدعم مزاعمه. فقد استخدم كيري أسلوباً يشبه أسلوب "القبضة المغلقة" في اجتماعاته مع كبار الشخصيات عندما كان يشغل منصب رئيس "لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ" الأمريكي، حيث كان يؤمن بأن ذلك عاملاً رئيسياً لتجنب التعقيدات التي قد تعيق التوصل إلى انفراجات دبلوماسية.
·     هناك أعباء ثقيلة على مرحلة ما قبل المفاوضات. على عكس التصورات العامة فإن جوهر المعضلة لا يتعلق بترتيب اجتماع بين نتنياهو وعباس -- حيث يمكن القيام بذلك بكل سهولة في ظل الظروف الطبيعية. ومع ذلك، ففي السياق الإسرائيلي الفلسطيني، تمثل مرحلة ما قبل المفاوضات أهمية كبيرة. ويرى عباس، سواء كان محقاً بذلك أم لا، أن إسرائيل تحتاج إلى محادثات مباشرة أكثر من حاجته هو، استناداً إلى ما يتكرر (من قبل الإسرائيليين وغيرهم) عن "رفع الغطاء الشرعي" والعزلة الدولية التي تشهدها البلاد. كما أنه سعى إلى استخدام حالة عدم التوازن هذه كعامل تأثير، للحصول على ضمانات من إسرائيل حول حدود الأرض حتى قبل بدء المحادثات -- ويشمل ذلك تحديداً التزام بالعودة إلى حدود ما قبل عام 1967. وقد وقع المسؤولون الأمريكيون في شراك هذه المسألة في الماضي؛ فيما قاومت إسرائيل تلك الالتزامات قبل محادثات أنابوليس عام 2007 ومحادثات أيلول/سبتمبر 2010 في واشنطن.
تلميحات حول إحراز تقدم
رغم كل هذه العقبات إلا أن انخفاض سقف التوقعات لم يفسد مهمة كيري. فلم يكن عباس أو نتنياهو يرغب في أن يوجه إليه اللوم حال فشل المهمة، حيث يرى كلاهما أن تلك النتيجة من شأنها فقط أن تعمل على تعقيد العلاقات مع واشنطن، أما بالنسبة لنتنياهو، فإن معنى ذلك تنفير بعض شرائح جمهوره. إن عباس يعلم أنه لو استمر في سياسة التعامل بازدراء مع إدارة أوباما فإن الولايات المتحدة سوف تتحرك على الأرجح تجاه حل أزمات أخرى، وسوف يستمر الجمود. كما أنه يُدرك أن حالة الجمود المستمرة من شأنها أن تدفع الجمهور باتجاه تبني تطرف «حماس»، ولن يصبح نهجه غير القائم على العنف قادراً على تحقيق أي تقدم بعد ذلك. ومن جانبه، دافع نتنياهو عن فكرة السلام مع الفلسطينيين خلال خطاب ألقاه الأسبوع الماضي في قبر مؤسس الصهيونية، ثيودور هرتزل، حيث قال "لا نريد دولة ثنائية القومية".
وفيما يتعلق بلقاء كيري، يشير تقرير نشرته صحيفة "معاريف" اليومية الإسرائيلية أن نتنياهو أعرب عن رغبته في الحصول على موافقة مجلس الوزراء الأمني على منع توسيع المستوطنات إلى خارج الحدود الأمنية للضفة الغربية؛ كما أنه راغب في وضع قيود غير محددة على التجمعات الاستيطانية المجاورة إلى حدود ما قبل 1967. ويتركز حوالي 80 في المائة من المستوطنين الإسرائيليين في تكتلات استيطانية تمثل 5 في المائة من أرض الضفة الغربية، بينما تتوزع نسبة الـ 20 في المائة المتبقية من المستوطنين على الـ 95 في المائة المتبقية من الأراضي.
وقد زعم المقال الوارد في صحيفة "معاريف" أن إسرائيل وافقت على الإفراج عن نحو 60 من بين السجناء الـ 123 الذين أدينوا قبل اتفاقات أوسلو لعام 1993. وهذه المسألة معقدة لأن العديد من هؤلاء السجناء جرى اعتقالهم في اتهامات بالقتل. وحال الإفراج عنهم، فإن العفو سوف يتم على ثلاث مراحل، وبعد بدء المفاوضات فقط. لقد قال نتنياهو في السابق إنه لا يرغب في الإفراج عن سجناء قبل بدء المفاوضات لأنه لا يريد أن "يدفع ثمناً" مقابل التحادث مع الفلسطينيين. وحال الإفراج عن السجناء مسبقاً، فقد ينتابه هو ومسؤولون آخرون القلق من أن يفتقر الفلسطينيون إلى أي حافز لمواصلة المحادثات.
وفي مقابل هذه التنازلات، ذكرت التقارير أن نتنياهو يريد من عباس التخلي عن مطلبه بأن تلتزم إسرائيل مسبقاً ببدء المفاوضات على أساس حدود ما قبل 1967 وتبادل الأراضي. ووفقاً لصحيفة " معاريف"، إن عباس على استعداد للقيام بذلك لكنه يرغب في الإفراج عن جميع السجناء الـ 123 دفعة واحدة من أجل إحداث تأثير أكبر في صفوف الجمهور الفلسطيني، لا سيما وأن إسرائيل أفرجت عن أكثر من 1000 سجين من «حماس» في عام 2011 مقابل الجندي المخطوف جلعاد شاليط.
 وإيجازاً، في حالة التوصل إلى اتفاق للدخول في محادثات الوضع النهائي، فسوف يحتم ذلك على إسرائيل أن تقدم تنازلات حول المستوطنات والسجناء، وإسقاط عباس لشروطه المسبقة بشأن الأراضي.
وقد أثمرت زيارة كيري عن مؤشرات أخرى مثيرة للاهتمام أيضاً. على سبيل المثال، أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية فجأة هذا الأسبوع أنها سوف تقمع مرتكبي العنف ضد الفلسطينيين الأبرياء. وفي غضون ذلك، ترك كيري خلفه في المنطقة جوناثان شوارتز، مستشار قانوني بوزارة الخارجية الأمريكية الذي يمتلك أفضل ذاكرة مؤسسية في الحكومة الأمريكية بشأن المفاوضات بين العرب وإسرائيل ويجري عادة إيفاده عندما تصل المحادثات إلى مرحلة صياغة الاتفاقات.
وعلى نطاق أوسع، يرى كيري أن مهمته الحالية تمثل جزءً من معضلة فلسطينية إسرائيلية أوسع نطاقاً. ففي أيار/مايو، على سبيل المثال، أسندت واشنطن إلى الرجل الثاني في القيادة المركزية الأمريكية حول الشرق الأوسط سابقاً الجنرال جون ألين مهمة مناقشة المخاوف الأمنية الإسرائيلية كجزء من أي اتفاق للوضع النهائي. ومنذ ذلك الحين، ذكرت التقارير أنه عقد ثلاث جولات من الاجتماعات على الأقل مع الإسرائيليين. كما أن كيري أقنع وفد جامعة الدول العربية بتجديد التزامه بمبادرة السلام العربية؛ وقد ناقشوا على وجه التحديد احتمالات تطبيع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل بعد أن تترك الضفة الغربية، مع الإشارة إلى أن إسرائيل تستطيع الاحتفاظ ببعض المستوطنات طالما أنها تعوض ما تضمه من أراضي من خلال مقايضات الأراضي. وأخيراً وليس آخراً، أعلن كيري عن برنامج للتنمية الاقتصادية بقيمة 4 مليار دولار للضفة الغربية.
المهمة والمنطقة
يتابع كيري مساعيه في القضية الإسرائيلية الفلسطينية ليس لأنه يرى أن اتفاق السلام ربما يعمل على إحداث نقلة في منطقة الشرق الأوسط، لكن لأنه يخشى من أن اندلاع العنف قد تكون له آثار مدوية في منطقة عاصفة بالفعل. ولكل من الإسرائيليين والفلسطينيين أسبابهم التكتيكية المختلفة للتقليل من أهمية مهمة كيري. بيد أنه لو صدقت التقارير، فإن أمامه على الأقل فرصة لجمع الطرفين على طاولة المفاوضات بعد سنوات من الجمود، وهذا يقوم في المقام الأول على تجنب مبدأ الفوز بكل شيء أو لا شيء وإيجاد تنازلات. وفي حالة عدم ظهور انفراجة، لا يستطيع أي شخص أن يتهم كيري بعدم إعطاء أولوية لهذه القضية.
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,849,381

عدد الزوار: 7,647,823

المتواجدون الآن: 0